رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الكلمة (اللوغوس) Logos
*وقف فلاسفة اليونان قديما أمام الكون ورأوا جمال الطبيعة. ووجدوا أن الكون له نظامًا، وأن له قوانين منظمة لا يخطئها. فقالوا أن وراء هذا كله عقل أعظم. وأطلقوا على نظام العالم وقوانين الطبيعة وجمال الكون اسم "اللوغوس" أو "الكلمة"، لأنها تجسيد للعقل الأعظم. وقال الفلاسفة الرواقيون أن اللوغوس هو العقل الكوني. *وبهذا المفهوم ألقى بولس الرسول باللوم على الوثنيين الذين عبدوا الأوثان إذ أنه كان من الممكن لهم أن يدركوا الله ويؤمنوا به من خلال مصنوعاته (رو1: 18-20). فها هم الفلاسفة اليونانيين بتأملهم في الطبيعة أدركوا أن هناك قوة عظيمة أو عقل أعظم قد أوجدها أو خلقها، وهو ظاهر فيها. *وجاء بعد ذلك الفيلسوف اليهودي السكندري "فيلو" وكان مثقفا بالعلوم الفلسفية اليونانية. وفي نفس الوقت هو دارس يهودي متدين. وإستعار فيلو من الفلسفة اليونانية تعبير اللوغوس وإستعمله كتعبير عن قوة الله الخالقة، التي خلقت هذا الكون. *وقف اليهود أمام الآية "بكلمة الله صنعت السموات" (مز33)، وفهموا أن الكتاب حينما يقول "وقال الله ليكن نور فكان نور" (تك1: 3) أن كلمة الله ليست مجرد كلمة عادية بل لها قوة خالقة، هي كلمة خالقة. فحينما يقول الله (وقال الله ليكن كذا..) تخرج القوة الخالقة لتخلق. وهذا ما نقول عنه "الآب يريد والابن ينفذ". *فأتى فيلو الفيلسوف اليهودي السكندري وقال أن هذه القوة الخالقة سنسميها اللوغوس مستعيرا اللفظ من الفلسفة اليونانية، فعرف اليهود كلمة اللوغوس. *وجاء القديس يوحنا الإنجيلي ليخاطب كلًا من اليهود واليونانيين ليقول لهم:– 1) يا أيها اليونانيين أنتم تعرفون أن هناك عقل أعظم تقولون أنه اللوغوس، وقد أوجد هذا الكون. 2) ويا أيها اليهود أنتم تؤمنون أنه بكلمة الله اللوغوس خلق الله الكون. وأنا أقول لكم أن هناك عقلًا أعظم كان من البدء فعلًا، وأن هذا العقل الأعظم هو عند الله، ليس هو عقل أعظم بلا كيان، بل هو موجود داخل كيان إلهي هو الله. والله وعقله اللوغوس الخالق هما واحد وغير منفصلين وهكذا بدأ يوحنا إنجيله. في البدء كان الكلمة (اللوغوس)، وكان الكلمة (اللوغوس) عند الله. وكان الكلمة (اللوغوس) الله. *فهم الفلاسفة اليونانيين أن الكون بجماله ونظامه وقوانينه هو تجسيد للعقل الأعظم الذي قالوا عنه اللوغوس. وجاء القديس يوحنا ليستعير كلمة اللوغوس ويقول أن العقل الأعظم اللوغوس الذي عمل الكون هو عند الله. وأن الله هو الكلي الحكمة والكلي العلم. وأن العقل الإلهي يظهر ويتجلى في نظام الكون وجمال الطبيعة وفي قوانين الكون، وهي تنطق بعظمة "العقل الأعظم"، وتدل عليه وتتحدث عنه، لأن العقل الإلهي غير منظور، ولكنه يبدو منظورا في نظام العالم وقوانين الطبيعة. *لم يقف القديس يوحنا عند نفس الفكر الفلسفي اليوناني أن العالم في جماله ونظامه وقوانينه هو تجسيد للعقل الأعظم أو العقل الإلهي. بل لقد إستعار تعبير اللوغوس أو الكلمة للدلالة على تجسد الابن فصار العقل الإلهي منظورًا في المسيح المتجسد. *صار اللوغوس هو الكيان المنظور لعقل الإله غير المنظور(الإبن متجسدًا). فالكيان المنظور متجسدا في المسيح هو "اللوغوس أو الكلمة" لأن العقل غير منظور، ولكنه يصير منظورا ومتجسدا في الكلمة. *والمسيحية إستعارت اللفظ ليقرب للأذهان الفكرة. فالمسيح من حيث لاهوته هو عقل الله الذي به خلق العالمين (عب1: 2 + يو1: 3). إذًا الكلمة أو اللوغوس هو العقل ظاهرا أو متجسدا "عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد". |
|