رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
صُلِبَ العالم لي وأنا للعالم حَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ ( غلاطية 6: 14 ) إن صليب المسيح لم يرفع خطايا المؤمن فقط، بل وفصَلَهُ عن العالم أيضًا. ونظرًا لذلك فللمؤمن الحق أن يعتبر العالم قد مات بالنسبة له، وهو مات للعالم. هذا هو مركز المؤمن بالنسبة إلى العالم، فليس للعالم علاقة معه، ولا علاقة له مع العالم. وهذا هو امتياز كل المؤمنين الحقيقيين. ويا له من امتياز خطير وذي شأن أيضًا! فقد ظهر حكم العالم على المسيح لمَّا صلبوه، حين اختاروا القاتل المُذنب المجرم ليُطلَق حرًا، وطلبوا المسيح ليُصلَب. فالمُذنب برأّوه، والبريء صلبوه بين لصين. وإذا سار المؤمن في أثر خطوات المسيح - أي إذا تشرَّب بمبادئه، وأظهر صفاته وروحه، فلا بد أن ينال من العالم ما ناله المسيح، فلا يُصبح مركزه بالنسبة إلى العالم معروفًا في نفسه كحقيقة بينه وبين الله فقط، بل يختبرها عمليًا في سلوكه وتصرفاته اليومية كمصلوب مع المسيح، حاملاً في الجسد إماتة الرب يسوع. على أن الصليب وإن كان قد فصل المسيحي عن العالم، فقد أدخله بقوة القيامة في نِسبة جديدة وعلاقة أفضل، لأنه إذا كان في الصليب ظهر رأي العالم في المسيح، ففي القيامة اتضح أيضًا رأي الله فيه. فالعالم صلَبه، ولكن «الله رفَّعَهُ». الإنسان وضعه في أدنى درجة، ولكن الله رَفَّعَهُ إلى أعلى مقام. وبما أن الله قد دعا المؤمن إلى شركته، لا سيما من جهة أفكاره عن ابنه، فله الحق أن يقلب ظهر المجن للعالم، ويعتبره مصلوبًا. فإذا كان المؤمن على صليب والعالم على صليب، فالهوة التي أُثبتت بينهما ما أوسعها. والبون شاسع ليس من حيث المبدأ فقط بل من جهة العمل أيضًا، بحيث أن المؤمن والعالم يجب أن يكونا على طرفي نقيض، ولا علاقة للواحد مع الآخر. وبمقدار ما يسمح المؤمن لنفسه أن يحتك بالعالم ويتودَّد إليه، بهذا المقدار يُحسَب خائنًا للمسيح مُتباعدًا عنه. فأين يجب أن يكون مركزنا إذن أيها القارئ المؤمن؟ هل مع العالم؟ بدون شك بالانفصال عنه تمامًا. فنحن أموات للعالم، أحياء لله مع المسيح. من الجهة الواحدة نحن مرفوضون مثله من العالم، ومن الجهة الأخرى نحن مقبولون مثله من الله. فالأرض نبذَتنا، ولكن السماء فتحت أبوابها لنا. وبالفرح الذي اختلج صدورنا بسبب هذا المركز الجديد نستخف بالألم الذي نُكابده من جراء ذلك الانفصال. حِينَ أَرى صليبَ مَنْ قضَى فحَازَ الانتصارْ رِبحِي أَرَى خَسَـارَةً وَكُلَّ مجدِ الكونِ عَارْ ! |
|