ﺇﻥ ﻣﻴﻼﺩ ﺭﺑﻨﺎ ﻳﺴﻮﻉ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ﻫﻮ ﺣﺪ ﻓﺎﺻﻞ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ... ﻭﻳُﻌﺘﺒﺮ ﺃﻋﻈﻢ ﺣﺪﺙ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﺭ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ...
ﻭﻧﺤﻦ ﻧﻘﻒ ﺃﻣﺎﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺠﺴﺪ ﺍﻹﻟﻬﻲ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺧﺎﺷﻌﻴﻦ ﻭﺧﺎﺿﻌﻴﻦ ﻭﺳﺎﺟﺪﻳﻦ ﻛﻤﺜﻞ ﺍﻟﺮﻋﺎﺓ ﻭﺍﻟﻤﺠﻮﺱ ... ﻭﻧﺘﺄﻣﻞ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﺍﻹﻟﻬﻲ ﺍﻟﻘﺪﻭﺱ ﻟﻨﺘﻌﻠﻢ ﻣﻨﻪ :
1- ﺗﻘﺪﻳﺲ ﺍﻟﺠﺴﺪ : ﻓﺤﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥ ﻳﺘﺠﺴﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﻣﺤﺘﺮﻡ ﻭﻣﻘﺪﺱ ﻭﻣﺒﺎﺭﻙ ﻓﻲ ﻧﻈﺮ ﺍﻟﻠﻪ، ﺑﺪﻟﻴﻞ ﺃﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻨﻜﻒ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﺪ ﺑﻪ ﻭﻳﺤﻞ ﻓﻴﻪ ﻭﻳﺘﺨﺬﻩ ﺟﺴﺪﺍً ﺧﺎﺻﺎً ﻟﻪ ... ﻭﻳﻀﺎﻑ ﻟﺬﻟﻚ ﺃﻥ ﺗﺠﺴﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺪ ﻋﻈّﻢ ﻛﺮﺍﻣﺔ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﻭﻗﺪﺍﺳﺘﻪ...
ﻭﻧﺤﻦ - ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ - ﻧﺤﺘﺮﻡ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﻭﻧﻘﺪﺳﻪ ﻛﺮﺍﻣﺔ ﻟﺘﺠﺴﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺇﺣﺘﺮﺍﻣﺎً ﻟﺠﺴﺪ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ .
2- ﺗﻘﺪﻳﺮ ﺍﻟﻄﻔﻮﻟﺔ : ﻓﻤﻦ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﻳﺴﻮﻉ ﻓﻲ ﺣﻀﻦ ﺃﻣﻪ، ﻭﻳﺘﺄﻣﻞ ﻣﻘﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﺮﺍﺀﺓ ﻭﺍﻟﻌﺬﻭﺑﺔ ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻨﻔﺘﺢ ﻗﻠﺒﻪ ﻟﻤﺤﺒﺔ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ... ﻭﻗﺪ ﺃﺣﺒﻬﻢ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ﻭﻗﺪّﺭﻫﻢ ﻗﺎﺋﻼً " ﺩﻋﻮﺍ ﺍﻷﻭﻻﺩ ﻳﺄﺗﻮﻥ ﺇﻟﻲًّ ﻭﻻ ﺗﻤﻨﻌﻮﻫﻢ ﻷﻥ ﻟﻤﺜﻞ ﻫﺆﻻﺀ ﻣﻠﻜﻮﺕ ﺍﻟﺴﻤﻮﺍﺕ " ) ﻣﺖ 14 : 19 )
ﻭﻗﺪ ﺃﻋﺘﺒﺮﻫﻢ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﻭﺍﻟﻤﻌﻴﺎﺭ ﻟﺪﺧﻮﻝ ﻣﻠﻜﻮﺕ ﺍﻟﺴﻤﻮﺍﺕ " ﺇﻥ ﻟﻢ ﺗﺮﺟﻌﻮﺍ ﻭﺗﺼﻴﺮﻭﺍ ﻣﺜﻞ ﺍﻷﻭﻻﺩ ﻓﻠﻦ ﺗﺪﺧﻠﻮﺍ ﻣﻠﻜﻮﺕ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ " ) ﻣﺖ 3 : 18 ( ، " ﻣﻦ ﻻ ﻳﻘﺒﻞ ﻣﻠﻜﻮﺕ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺜﻞ ﻭﻟﺪ ﻓﻠﻦ ﻳﺪﺧﻠﻪ " ) ﻣﺮ 15 : 10 ).
3- ﺍﻟﺮﻓﻖ ﺑﺎﻟﺤﻴﻮﺍﻥ : ﻟﻘﺪ ﺷﺎﺀ ﺭﺏ ﺍﻟﻤﺠﺪ ﺃﻥ ﻳﻮﻟﺪ ﻓﻲ ﻣﺬﻭﺩ ﻟﻠﺤﻴﻮﺍﻥ ... ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺬﺑﺎﺋﺢ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﺬﺑﻴﺢ ﺍﻷﻋﻈﻢ ... ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺪﺧﻞ ﻟﺘﺰﻭﺭ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ ﺳﺘﺴﻤﻊ ﺻﻮﺕ ﺍﻷﺑﻘﺎﺭ ﻭﺍﻷﻏﻨﺎﻡ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﺷﻲ ... ﻭﺗﺠﺪ ﺃﻥ ﻧﺒﺆﺓ ﺃﺷﻌﻴﺎﺀ ﻗﺪ ﺗﺤﻘﻘﺖ " ﺍﻟﺜﻮﺭ ﻳﻌﺮﻑ ﻗﺎﻧﻴﻪ ﻭﺍﻟﺤﻤﺎﺭ ﻣﻌﻠﻒ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﺃﻣﺎ ﺍﺳﺮﺍﺋﻴﻞ ﻓﻼ ﻳﻌﺮﻑ ﺷﻌﺒﻲ ﻻ ﻳﻔﻬﻢ " ) ﺍﺵ 3 : 1 )
ﻭﻛﺄﻧﻪ ﻳﻮﺟﻪ ﺫﻫﻨﻨﺎ ﺃﻧﻨﺎ ﻧﺘﻌﻠﻢ ﺃﻳﻀﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ... ﻓﻬﺬﺍ ﻧﺘﻌﻠﻢ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺼﺒﺮ، ﻭﺫﻟﻚ ﺍﻹﺟﺘﻬﺎﺩ، ﻭﺁﺧﺮ ﻧﺘﻌﻠﻢ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ... ﻭﻫﻜﺬﺍ ...
4- ﻛﺮﺍﻣﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ : ﺍﻟﻠﻪ ﺍﺭﺗﻀﻰ ﺃﻥ ﻳﺼﻴﺮ ﺇﻧﺴﺎﻧﺎً ... ﻓﺎﻹﻧﺴﺎﻥ ﺇﺫﺍً ﻣﺤﺘﺮﻡ ﻭﻣﺒﺎﺭﻙ ﺟﺪﺍً ... ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺟﻨﺲ ﻭﺁﺧﺮ، ﺃﻭ ﻟﻮﻥ ﻭﺁﺧﺮ، ﺃﻭ ﺑﻴﻦ ﻓﻘﻴﺮ ﻭﻏﻨﻲ، ﺃﻭ ﺫﻱ ﻣﺮﻛﺰ ﻣﺮﻣﻮﻕ ﻭﺁﺧﺮ ﻓﻲ ﻣﺮﻛﺰ ﺑﺴﻴﻂ ... ﺍﻟﻤﻬﻢ ﻫﻮ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ... ﻟﺬﻟﻚ ﻳﻌﻠﻤﻨﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺗﺠﺴﺪﻩ ﺃﻥ ﻧُﻘﺪّﺭ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ... ﺑِﻐَﺾّ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﺮﺗﻮﺵ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ ... ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻤﻌﻮﻕ ﺫﻫﻨﻴﺎً ﻭﺍﻟﻤﺸﻮﻩ ... ﻭﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻗﻠﻴﻞ ﺍﻟﺬﻛﺎﺀ ... ﻭﺍﻵﺧﺮ ﻗﻠﻴﻞ ﺍﻟﺤﻴﻠﺔ ... ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻧﻌﺮﻑ ﻭﻧُﻘﺪّﺭ ﻇﺮﻭﻑ ﻛﻞ ﺃﺣﺪ ... ﻭﻧﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺑﺈﺣﺘﺮﺍﻡ ﻭﺗﻘﺪﻳﺮ ﻭﺣﺐ .
5- ﻗﺒﻮﻝ ﺍﻵﺧﺮ : ﻟﻢ ﻳُﺴﺘﻌﻠﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻣﻴﻼﺩﻩ ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺑﻪ ﻓﻘﻂ ﺑﻞ ﺃﻳﻀﺎً ﻇﻬﺮ ﻟﻠﻤﺠﻮﺱ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﻧﺠﻢ ﻳﻘﻮﺩﻫﻢ ﺇﻟﻰ ﺣﻴﺚ ﻣﻴﻼﺩ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ... ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺠﻮﺱ ﻣﻦ ﻓﺌﺔ ﺍﻟﺤﻜﻤﺎﺀ ﺍﻟﻔﻬﻤﺎﺀ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ... ﻓﺄﺭﺍﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻳﻀﺎً ﺃﻥ ﻳﺸﺎﺭﻙ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﺒﺴﻄﺎﺀ ﻓﻈﻬﺮ ﻟﻠﺮﻋﺎﺓ ... ﺇﻥ ﺍﻵﺧﺮ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻇﺮﻭﻓﻪ ﻫﻮ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺇﻫﺘﻤﺎﻡ ﻭﺭﻋﺎﻳﺔ ﺍﻟﻠﻪ ... ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﻠﻤﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻘﺒﻞ ﺍﻵﺧﺮ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻇﺮﻭﻓﻪ، ﺣﺘﻰ ﺇﻥ ﺍﺧﺘﻠﻒ ﻣﻌﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ ... ﻧﺤﺐ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻭﻧﺘﻌﺎﻭﻥ ﻣﻊ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻤﻮﺍﻓﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻓﻜﺎﺭﻫﻢ ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺿﺪ ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻹﻧﺠﻴﻞ.
6- ﻣﻨﻬﺞ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ﻓﻲ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻋﻮﺍﺋﺪ ﺍﻟﺒﺸﺮ : ﻟﻘﺪ ﺃﺣﺪﺙ ﺍﻟﺮﺏ ﻳﺴﻮﻉ ﺗﻐﻴﻴﺮﺍً ﺟﺬﺭﻳﺎً ﻓﻲ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻭﺫﻟﻚ ﺩﻭﻥ ﻋﻨﻒ ﺃﻭ ﺻﻴﺎﺡ ﺃﻭ ﻗﺘﻞ ... ﻟﻘﺪ ﺳﻠﻚ ﺑﻜﻞ ﻭﺩﺍﻋﺔ ﻭﻫﺪﻭﺀ ﻭﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺑﻘﻮﺓ ﺃﻥ ﻳﻐﻴّﺮ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ، ﻗﻴﻞ ﻋﻨﻪ " ﻻ ﻳﺨﺎﺻﻢ ﻭﻻ ﻳﺼﻴﺢ ﻭﻻ ﻳﺴﻤﻊ ﺃﺣﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻮﺍﺭﻉ ﺻﻮﺗﻪ ﻗﺼﺒﺔ ﻣﺮﺿﻮﺿﺔ ﻻ ﻳﻘﺼﻒ ﻭﻓﺘﻴﻠﺔ ﻣﺪﺧﻨﺔ ﻻ ﻳﻄﻔﺊ ﺣﺘﻰ ﻳﺨﺮﺝ ﺍﻟﺤﻖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺼﺮﺓ ﻭﻋﻠﻰ ﺇﺳﻤﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﺭﺟﺎﺀ ﺍﻷﻣﻢ " ) ﻣﺖ 19-21: 12 )...
ﺇﻧﻪ ﻣﻨﻬﺞ ﻋﻤﻴﻖ ﻳﻌﻠﻤﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻮﻗﺪ ﺷﻤﻌﺔ ﺑﺪﻻً ﻣﻦ ﺃﻥ ﻧﻠﻌﻦ ﺍﻟﻈﻼﻡ، ﻭﺃﻥ ﻧﻌﻤﻞ ﻋﻤﻼً ﺇﻳﺠﺎﺑﻴﺎً ﻫﺎﺩﺋﺎً ﻋﻤﻴﻘﺎً ﺑﺪﻻً ﻣﻦ ﺃﻥ ﻧﻤﻸ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﺎﻟﺼﺨﺐ ﻭﺍﻟﺸﻜﺎﻭﻱ ﻭﺍﻟﺼﻴﺎﺡ.
ﻫﺬﺍ ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻧﺘﻌﻠﻤﻪ ﻣﻦ ﺭﺏ ﺍﻟﻤﺠﺪ ﻓﻲ ﺗﺠﺴﺪﻩ ﺍﻹﻟﻬﻲ ﻭﻣﻴﻼﺩﻩ ﺍﻟﻄﺎﻫﺮ.
ﻛﻞ ﻋﺎﻡ ﻭﺃﻧﺘﻢ ﻓﻲ ﻣﻞﺀ ﺑﺮﻛﺔ ﺇﻧﺠﻴﻞ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ