يمنحنا الله رؤيته الدائمة:
"تقدمت فرأيت الرب أمامي في كل حين،
لأنه عن يميني كي لا أتزعزع" [8]
إن كان الله يهب مؤمنيه المعرفة ليتمتعوا بحبه ويسلكوا حسب مشيئته، فإن غاية هذه المعرفة العملية أن نراه هنا بالإيمان كعربون لرؤيته في الدهر الأتي بالعيان. نراه هنا في كل شيء، نهارًا وليلًا، ونحن سائرين وأيضًا ونحن جالسين، نراه في كل ما نصنعه وفي كل ما نحتمله من آلام.
رؤية الله أمامنا علامة قيادته لنا وإرشادنا كما كان يظهر كعمود نور في البرية يقود شعبه؛ ونراه عن يميننا أي سرّ قوتنا فلا نتزعزع.
* يوجه المسيحي كل عمل - صغيرًا كان أم عظيمًا - حسب مشيئة الله، متممًا إياه بكل حرص ودقة، ويحفظ أفكاره مثبتة في (الله) الواحد الذي وهبه العمل لكي يتممه، بهذه الكيفية يتم القول: "تقدمت فرأيت الرب أمامي في كل حين، لأنه عن يميني كي لا أتزعزع" .
تعبير "عن يمين" يشير إلى القوة، لهذا قيل عند صعود السيد المسيح أنه جلس على يمين الآب، أي يحمل قوة الآب، بكونه واحدًا معه، ولا يعني هذا أن للآب يمين ويسار بطريقة مادية مكانية.
* إذن الجلوس عن اليمين لا يعني أن الآب عن يساره
؛ لكن كل ما هو يمين في الآب وثمين فهو للابن القائل: "كل ما للآب هو لي" (يو 16: 15). من ثم إذ يجلس الابن عن اليمين يُرى الآب أيضًا عن اليمين، فإنه إذ صار (الابن) إنسانًا يقول: "رأيت الرب أمامي في كل حين، لأنه عن يميني كي لا أتزعزع". هذا أيضًا يكشف أن الابن في الآب، والآب في الابن، لأن الآب عن اليمين والابن أيضًا عن اليمين. وبينما يجلس الابن عن يمين الآب إذا بالآب في للابن.