نبده عن حياة القديس ابونا ميخائيل ابراهيم
من كتاب مثل فى الرعاية لقداسة البابا شنوده الثالث
تحتفل الكنيسة يوم 26 مارس بدكرى نياحة ابونا ميخائيل ابراهيم .. فحينما كان علمانيا " قبل ان يكون كاهن " كان يهتم بيوم الرب " الاحد " ويحضر فيه القداس قبل ان يدهب الى عمله , وفى يوم سبت حضر اميرالاى مفتش من الوزارة ونبه لدى وصوله انه سيقوم بالتفتيش فى اليوم التالى " الاحد " الساعة 8 صباحا , وطلب من ضابط المباحث التنبيه على كاتب الضبط , وكاتب الادارة وكاتب الخفر " ميخائيل افندى " للاستعداد للتفتيش واحضار الدفاتر والسجلات فى يمام الساعة 8 صباحا .. وفى تمام الساعة الثامنة حضر الجميع فيما عدا ميخائيل افندى الدى لم يحضر ودهب للكنيسة .. وعندما سأل عنه المفتش وعلم انه فى الكنيسة بالرغم من التنبيه عليه ثار جدا وارسل شخص يستدعيه من الكنيسة , فعاد الشخص قائلا ان ميخائيل افندى يصلى ولايستطيع الحضور وارسل له ثانيا وثالثا ولم يحضر , وكان دلك بسبب له هياج اشد ...
فى حوالى العاشرة حضر ميخائيل افندى وكعادته كل احد قبل ان يصل الى مكتبه مر على المسيحيين خصوصا الدين تغيبوا عن الكنيسة سألهم عن عدم دهابهم ويوزع عليهم لقمة البركة .. فعل دلك بهدوء واطمئنان وسلام داخلى عجيب على الرغم من معرفته بوجود المفتش واستدعائه له عدة مرات .. ثم دخل مكتبه وهو يرشم نفسه كعادته بعلامة الصليب ثم حمل ملفاته ودهب بها الى المفتش ورفع يده بالتحية بصوته الهادىء .. واد بالمفتش يصرخ فيه " لقد ارسلت لك عدة مرات لمادا لم تجىء ؟ .. اجاب .. لقد كنت امام الملك الكبير ولم يسمح لى بالانصراف الا الان وسعادتك ماتزعلش نفسك اعمل تحقيق ووقع على الجزاء الدى تراه ..... فصرخ فيه المفتش " انت ياراجل تعرف ربنا لو كنت تعرف ربنا كنت تعطى مالقيصر لقيصر ومالله لله "... فأبتسم ميخائيل افندى قائلا " انت ياسعادة البيه عارف مالقيصر ومالله ؟ النهاردة يابيه بتاع ربنا مش بتاع قيصر ...
فهاج عليه المفتش قائلا " انت ازاى تكلمنى بالطريقة ديه ؟ ودخل بسرعة للمكتب المقابل وكان مكتب المأمور الدى كان سامعا لكل الحديث وامسك المفتش بالتليفون ليتصل بمدير المديرية ليعمل تحقيقا مع ميخائيل افندى لمجازته .. فما كان من المأمور بالرغم من انه اقل من رتبة الاميرالاى الا انه منعه من التكلم بالتليفون قائلا " لاتتصل بتليفون مكتبى لمجازاة ميخائيل افندى , وادا اردت الاتصال ادهب وتكلم من عند عامل التليفون " فرفض المفتش اد وجدها اهانة وطلب بسيارة تقله للدهاب للمدير فرفض المأمور اعطائه سيارة يستخدمها فى مجازة ميخائيل افندى قائلا " تستطيع ان تستأجر سيارة " وفى الحال اخد المأمور سيارة المركز ودهب لمقابلة مدير المديرية " المحافظ " وهو ثائر على الاهانات التى وجهها المفتش لميخائيل افندى وقال " انا اعطيت ميخائيل افندى ادن ان يحضر كل يوم احد الساعة العاشرة .. ياريت كل الناس مثل ميخائيل افندى فى امانته وطهارة سيرته ونقائه ..
وبعد قليل حضر المفتش وحدثت مشادة بينه وبين المأمور امام مدير المديرية .. فصل المدير فى الامر بأن قدم حلا وسطا وحتى يرضى المفتش وهو نقل ميخائيل افندى الى مركز اخر ولايجازى ..ولكن هدا التصرف لم يعجب المأمور وقدم تظلما لكى يبقى ميخائيل افندى الدى كانت سجلاته ادق السجلات وبسبب دقتها كان العمل منتظما بمركز بلبيس الا ان ميخائيل افندى - وكان صانع سلام - ان ترجى المأمور ليوافق على نقله وقال له " لااريد ان اكون سببا فى شجار او خصام بينكما " وتحت الحاجة وافق المأمور وصدر قرار بنقله الى ههيا .. وكان يقول للجميع " لابد ان الله له حكمة فى ارسالى الى ههيا وفعلا كان سبب بركة كبيرة لاهل ههيا وله معهم معجزات كثيرة .
حينما كان يدخل لتقديم اوراق مصلحية للسيد مأمور المركز كان يرشم علامة الصليب بوضوح قبل دخوله وحينما يسأله المأمور عن دلك كان يجيب ببساطة " لكى اجد نعمة فى عينيك ياسيادة المأمور " فيشجعه المأمور على شدة ايمانه بالهه .. واراد بعض الناس ان يشوا به لدى مأمور اخر فطلب منه عدم رشم الصليب اثناء دخوله وحاول ان يلقى عليه مسئوليات ضخمة لكى يقع فى اى خطأ فيجازيه ويتسبب فى نقله وتشريده .. لكن المأمور حينما عاد لمنزله مرض ابنه الوحيد مرضا شديدا ورأت زوجته فى منامها سيدة تلبس ثيابا بيضاء نورانية تقول لها " مالكم ومال ميخائيل ؟ فقامت الزوجة مدعورة لتسأل زوجها " من هو هدا الانسان الدى تظلمه ومالك به " فيستدعيه المأمور ليلا لكى يصلى على ابنه ويقوم الابن معافى .
بعد 6 اشهر من استلامه عمله الجديد فى ههيا مرض له ولدان وتوفيا فى يوم واحد وخرج الصندوقان خلف بعضهما .. ولكن ميخائيل افندى كان متعزيا ويقول " احمد الله ان لى ولدين فى السما ياريتنى احصلهم واكون معهم فى فردوس النعيم " .
جلس اليه مرة شخص غير مسيحى وكان يعمل صرافا واخد يبدى اعجابه به ثم قال له " اه ياميخائيل افندى , اه لو تيجى عندنا .." فسأله ومادا يعجبك فى شخصى ؟ وحالما سمع الرجل هدا السؤال حتى طفق بعدد فضائله وحسناته التى كان فعلا يتحلى بها فقال له ميخائيل افندى " انت عارف الحاجات دى انا جبتها منين ؟ فقال له منيين ؟ اجابه من عند المسيح بتاع النصارى " يوم مااسيبه تسيبنى " .
فى اسبوع الالام كانت لاتفوته ساعة من سواعى البصخة المقدسة يعيش فى عمله وبيته مع سيده فى الامه ساعة بساعة الى ان يأتى خميس العهد فيتناول من الاسرار المقدسة ويظل صائما صوما انقطاعيا الى ان يتناول فى قداس سبت الفرح وفجر يوم الاحد .. ويظل طوال الثلاث ايام نشيطا كما هو بالروح لدرجة انه كان يقضى طوال اليوم يوم جمعة الصلبوت راكعا على ركبتيه خلف ايقونة المصلوب ووجهه الى الهيكل .. فتحسبه قديسا راكعا تحت الصليب .. وبعد اتمام مراسيم التجنيز والدفن داخل الهيكل وتلاوة المزامير مع اخوته فيبدأ عم ميخائيل جوله جديدة مفتقدا اخوته الارامل واليتامى والمحتاجين بالبركات التى تكون قد وصلت اليه خلال الصوم المقدس .. يطرق ابواب اخوته فى ظلام الليل موزعا الخيرات ليسعد الجميع بقيامة الفادى .. وفى خدمته كشماس فى الهيكل كان من ساعة ارتداء ملابس الخدمة يمسك بيده اليمنى الصليب رافعا اياه فوق رأسه لا ينزله مطلقا عن هدا المستوى طوال خدمة القداس وكان لا يجلس مطلقا حتى اثناء تلاوة الرسائل او اثناء العظة بل يظل واقفا رافعا صليبة بأقصى مايستطيع .
ارسل مرة بدله الى المكوجى فتأخر فى ارجاعها ولما سأل عنها قال انها سرقت فسأله هل سرقت منك قبل ان تكويها ام بعد كيها ؟ فلما علم انها سرقت بعد كيها اعطاه اجرة الكى .. فدهل الرجل لانه كان يتنظر ان يطالبه برد البدلة او ثمنها ورفض قبول الاجرة لكن ميخائيل افندى قال له " انت تعبت وكويت البدلة وانا لا استحل لنفسى ان احرمك من اجرة تعبك " .
فى عطلة صيفية حضر اليه ابناه من مصر وعند محاسبتهما علم انهما لم يدفعا ثمن تداكر السفر فأخدهما الى محطة ههيا واشترى تدكرتين من ههيا الى مصر ومزقهما على الرصيف امام ولديه ليعرفا ان عدم دفع اجرة السفر خطية .
كان رجل صلاة وايمان وعطاء وحدث بعد ان سيم كاهنا انه طلب من شخص يعترف عنده " ابونا انسطاسى وقت ان كان علمانيا " ان يأخد طرد ويسلمه الى شخص معين وقال له " ان سألك من ارسله تقول له يسوع ولا تدكر اسم احد " وعندما دهب قال له الرجل " مفيش غير ابونا ميخائيل ابراهيم هو اللى بيعمل كده " وفتح الطرد امامه وكان به قمصان جديدة وفانلات جديدة وغيارات جديدة بكميات واعداد وفيرة .. ولما عاد الى ابينا القمص ميخائيل قال له معاتبا " ايه اللى خلاك تفضل لحد مايفتح الطرد ؟ الله يسامحك " .. لقد علم كل ماحدث بمفرده على الرغم من ان ابونا انسطاسى لم يحكى له شيئا .
حكى ابونا انسطاسى انه دهب لمنزل ابونا للآعتراف ولما حان دوره قال له ابونا ميخائيل " عندك استعداد تنتظر شوية علشان تتغدى معاى ؟ " فوافق وعلى مائدة الطعام كان امام ابونا نصيبه من الحمام " واحدة " ولم يكن يريد ان يأكلها وعندما كانوا يقولون له ياابونا لمادا لاتأكل كان يضحك قائلا " حاضر " وثم حضر معلم ضرير من الارياف فأجلسه ابونا بجواره وقال له اصل ام المرحوم ابراهيم " زوجه ابونا " كانت محمرة ديه علشان المعلم واحنا كنا لازم نستناه .. واعطى المعلم الحمامة واكتفى بقطعة جبنة وخبزة واحدة .
حكى الانبا بيمن اسقف ملوى المتنيح قائلا " كنت اسير معه مرة فى شارع شبرا ودلك قبل ان اترهبن وادا ببعض الاطفال يصيحون وراءنا بألفاظ نابية فنظرت اليهم الى الخلف بحدة كى انتهرهم فادا بأبونا ميخائيل يقول " ياابنى انت زعلان ليه ادا كنت انا فرحان ان ربنا استخدمنى لكى ينبسط هؤلاء الاطفال فتعجبت كيف انه حتى صراخ الاطفال وشتيمتهم حولها الى سرور قلبه .
وتوفى الدكتور ابراهيم ميخائيل الابن البكر لابونا ميخائيل وهو فى ريعان شبابه كان فى ال 30 من عمره عريسا لم يكتمل على زواجه عام واحد وولدت ابنته وهو اسير فى ارض العدو كضابط طبيب فى حرب عام 1956 , ولما عاد الى ارض الوطن فى المستشفى لم يكن يهم الاب وقد عرف ان ابنه يعانى من مرض خطير يسير به الى العالم الاخر الا ان يطمئن على مصيره الابدى فأسرع فى لهفة الى احد الاباء يستدعيه الى المستشفى ليستمع الى اعتراف ابنه حتى يأخد الاسرار المقدسة اليه ... فلما اتم هدا كله استراح ضميره وحينئد لم يكن عجبا ان نراه وقد سار خلف نعش ابنه متعزيا ... اشترك ابونا ميخائيل مع الاباء الكهنة فى الصلاة على جثمانه وبعد القيام بدفنه امر المشيعين ان ينتظروا قليلا حتى يرفع شكره لله وصلى قائلا " اشكرك يارب لانك اخدت وديعتك , الرب اعطى والرب اخد فليكن اسم الرب مباركا " .. كانت يوم الوفاه الجمعة ولم يتأخر ابونا عن القيام بالقداس فى يوم الاحد " يوم الثالث " ... وقد جاء القس يوحنا شنوده من بلدة قلوصنا بمحافظة المنيا للعزاء وعند مقابلته لابونا ميخائيل غلبته العاطفة فبكى ولم يتفوه بكلمة واحدة فما كان من ابونا ميخائيل الا ان اسكته قائلا " مش احنا اللى نعمل كده , لو ابنى انتدب فى بعثة علمية لامريكا مش كنت افرح .. افرح الان اكثر لما راح السما .. احنا الى نعزى الناس علشان كده لازم قلوبنا تكون مليانة من العزاء .. ولو ان منك نستمد البركة الا انى اتجرأ واقول لك عليك البركة تسكت وتبطل بكا " ...
+++ قال البابا شنودة فى مراسم الصلاة عليه " عندما طلبت منهم فى كنيسة مارمرقس بشبرا ان يدفن هنا فى الكاتدرائية اسفل الهيكل الكبير خلف ضريح مارمرقس .. فأن السبب الظاهرى الدى قلته لهم هو الاتى " :
" ان القمص ميخائيل رجل عام ليس ملكا لكنيسة واحدة وابناؤه فى كل موضع .. كل حى فى كل بلد ولايصح ان يقتصر على مكان معين فالافضل ان يدفن هنا فى مكان عام " ...
اما السبب الحقيقى الدى فى اعماقى فهو اننى كنت اريد ان يصير جسد هدا الرجل سندا لنا فى هدا الموضع ... نستمد منه البركة .... " وهنا بكى البابا .. وقام نيافة الانبا يؤانس اسقف الغربية يكمل الكلمة " ++++++ .
بركة وشفاعة وصلوات ابونا القديس ميخائيل ابراهيم تكون مع جميع اعضا ء ومشرفين المنتدى ويحل السلام والبركة فى منتدى القديس الانبا ابرام .
زيزى جاسبرجر
_________________
Sissy gaisberger