|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إرميا يسأل الله: فَقَالَ لَهُمْ إِرْمِيَا النَّبِيُّ: «قَدْ سَمِعْتُ. هأَنَذَا أُصَلِّي إِلَى الرَّبِّ إِلهِكُمْ كَقَوْلِكُمْ، وَيَكُونُ أَنَّ كُلَّ الْكَلاَمِ الَّذِي يُجِيبُكُمُ الرَّبُّ أُخْبِرُكُمْ بِهِ. لاَ أَمْنَعُ عَنْكُمْ شَيْئًا» [4]. جاءت كلمات إرميا لهذا الشعب تكشف عن شخصيته العجيبة ومشاعره الرقيقة نحو شعب الله، إذ نلاحظ في هذه الإجابة: أ. يقول: "قد سمعت" [4]. لقد عانى الأمرين من الرؤساء والشعب، قضى عشرات السنوات يحذرهم، مقدمًا لهم مشورة الله أن يخضعوا لملك بابل، دون أن يسمعوا له ولإلهه، والآن إذ دخلوا في ضيقة وحملوا مظهر الطاعة لم يوبخهم بكلمة جارحة عن تصرفاتهم القديمة، ولم يغلق باب الرجاء أمامهم، بل بروح الاتضاع يقول: "قد سمعت!" انحنى بقلبه كما بأذنيه، بل وبكل كيانه ليسمع كلمات الشعب ويصغي إليهم! إنه ليس بالقائد الآمر الناهي، بل بالأب الذي ينصت لصوت أولاده لعله ينزع عنهم روح العصيان. ما أصعب أن ينحني الوالدان أو الكاهن أو القائد نحو الغير لينصت إليهم في طول أناة دون عتاب في الماضي أو تجريح بسبب أخطاءٍ سابقة! ب. يقول: "هأنذا أصلي إلى الرب"؛ هذا هو عمله الأول كنبي وكاهن! كأنه يقول مع صموئيل النبي: "أما أنا فحاشا لي أن أخطئ إلى الله وأكف عن الصلاة من أجلكم" (1 صم 12: 23)، حاسبًا التوقف عن الصلاة حتى من أجل المعاندين خطية موجهة ضد الله نفسه الطالب خلاصهم! ج. إن كانوا قد شعروا بالبُعد عن الله فقالوا لإرميا النبي: "الرب إلهك" [2]؛ يرد لهم الثقة فيقول لهم: "الرب إلهكم"؛ وكأنه يعاتبهم قائلًا: "لماذا لا تنسبون الرب إليكم، إنه إلهكم الذي يطلب مملكته فيكم؟!" القائد الحق لا يُكثر من كلمات التوبيخ بل يبعث في مخدوميه روح الرجاء في الرب، يربطهم به. د. مع لطفه ورقته في إجابته عليهم يؤكد أيضًا صراحته ووضوحه، فإنه لن يخفي عنهم شيئًا مما ينطق به الرب، حتى إن جاءت الإجابة ليست حسب هواهم! يحمل إرميا النبي الحب الحق والحزم. يتسع قلبه جدًا، ولا يجرح مشاعر أحدٍ، لكن ليس على حساب الوصية الإلهية. |
|