928 - الحياة الآن سريعة ، الناس تجري ، تتسابق . الوقت لا يسمح للناس بالتأني ، بالتروي ، بالتعمق . والناس ليس لديها صبر ، ليس لديها اهتمام للوصول الى العمق ، فيأخذون من الحياة ضحالتها ، رغوتها الفرغة ، اتفه وأدنى ما بها . الصياد الماهر يدخل الى العمق ، يصطاد السمك الكبير ( لوقا 5 : 4 ) . الزارع الماهر يُلقي بذاره ُ في ارض ٍ لها عمق تُنبت شجدرا ً كبيرا ً . خرج الزارع ليزرع وليلقي بذاره ُ في الارض . سقط بعض ٌ على ارض لم تكن لها تربة كثيرة ، فنبت حالا ً إذ لم يكن له عمق ارض ، ولكن لما اشرقت الشمس احترق ، وإذ لم يكن له اصل ٌ جف . هكذا قال المسيح في مثاله ِ ليصور الانسان السطحي ، العاطفي ، الضحل . سريعا ً يتأثر بما يرى ويسمع ، ويجري مندفعا ً خلف عواطفه ِ الجامحة . وما ان تشتد حرارة الشمس وترتفع العقبات امامه حتى يتعثر ويسقط . أما الانسان المتعمق فهو كالبذرة التي سقطت على الارض الجيدة العميقة ، فأعطت ثمرا ً ، ثمرا ً كثيرا ً . جذورها اخترقت عمق الارض فنمت . هكذا الانسان صاحب الهدف ، يعرف الى اين يذهب ، ويذهب . الذي يعرف اعماق الحياة ، مقاصد الله لنا في الحياة . يسعى لما هو ابعد من الحاضر ، يتطلع الى المستقبل . لا يحيا حياة ً بلا عمق بل يصبو الى الحياة الاعمق . لا يطلب رغوة حياة سرعان ما تخبو ، بل يطلب حياة ً أبدية باقية لا تنتهي . لهؤلاء يقول المسيح : اطلبوا اولا ً ملكوت الله وبره ( متى 6 : 33 ) ، وكل ما عدا ذلك حياة ٌ وشهوات ٌ بلا عمق ارض . ادخل الى العمق ، ازرع في العمق ، تحصل على الغالي والثمين ، وتحصد الشهي الوفير .