06 - 02 - 2018, 05:37 PM | رقم المشاركة : ( 981 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
جسد الله ـ القديس يوحنا ذهبي الفم ماذا نقول عن جسد الله، الكائن فوق الكل، الذي بلا عيب، الطاهر والمتحد بالطبيعة الالهية، الجسد الذي به نحيا، والذي حطم ابواب الجحيم، وفتح لنا مقادس السماء من فوق، كيف نتناوله بدون هيبة ؟ ارجوكم ان تتقدموا بكل احتراس، بكل تقوي وخوف ونقاء نقترب منه. عندما تري الجسد امامك قل لنفسك: بسبب هذا الجسد لم اعد تراباً ورماداً ولم اعد سجيناً بل حراً، بسبب هذا الجسد اجد الرجاء في السماء، هذا الجسد الذي سُمِر بالمسامير وجُلِد كان أقوي من الموت، وعجز الموت عن أن يسود عليه، لأن هذا الجسد عندما صُلِب: احتجبت الشمس، واخفت اشعتها، وانشق حجاب الهيكل في لحظة، وتفتت الصخور، وارتعدت الارض، وتزلزلت. هذا الجسد الذي تخضب بالدم من طعنة الحربة نبعت منه ينابيع الخلاص: ينبوع الماء وينبوع الدم من اجل العالم كله، وفي مناسبة اخري جاءت المرأة نازفة الدم ولم تلمس الجسد، بل طرف او هدب ثوب الرب الذي كان يلبسه، وشفيت ! اسأل البحر الذي حمله علي ظهر امواجه عندما سار علي المياه ؟ بل اسأل الشيطان نفسه ماذا حدث لقوتك المدمرة، كيف صرت اسيراً ؟ وكيف ومن الذي أسرك في الصراع ؟ وسوف يجيب الشيطان اجابة واحدة: “جسد يسوع الذي مات علي الصليب”، بل اسأل الموت ماذا حدث لشوكتك ؟ ومن الذي نزع هذه الشوكة ؟ من غلبك وحول انتصارك الي هزيمة ؟ بل قطعك ارباً ؟ لقد صرت ايها الموت هُزءاً وضحكاً للأطفال والبنات، لأن هؤلاء لم يعد في قلوبهم خوف او رعب منك، ويجيب الموت بكلمة واحدة: “الجسد” … ولكن عندما صُلِب الرب، وقام الموتي، ودك الصليب سجن الجحيم، وحطم ابوابه النحاس فقام الموتي، صار هذا الجسد هو الذي يُعطي لنا، لكي نمسك به في ايدينا، ونأكله، ويكون مصدر حرارة المحبة. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ |
||||
06 - 02 - 2018, 05:37 PM | رقم المشاركة : ( 982 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
لا تصلي ضد من يضطهدك، بل من أجله بحب ! ـ القديس يوحنا ذهبي الفم
لا ينبغي أن نكون أولاد الآب السماوي بالنعمة فقط، لكن بأعمالنا أيضاً، ولا يوجد شئ يجعلنا متشبهين بالله بقدر أن نمنح غفراناً للأشرار ولكل الذين يسيئون الينا … ان الشمس تشرق علي الاشرار والابرار، لذلك أمرنا بأن نصلي جميعاً صلاة مشتركة: “أبانا” و “ليتقدس اسمك، كما في السماء كذلك علي الارض” و “خبزنا كفافنا أعطنا” و “اغفر لنا ذنوبنا” و “لا تدخلنا في تجربة” و “نجنا” ، هكذا أراد أن نستخدم صيغة الجمع حتي لا يكون لدينا ضد أخينا أي أثر للغضب، فكم يستحقون العقاب بعد كل هذا ليس فقط الذين لا يغفرون بل الذين يدعون الله لكي ينتقم من أعدائهم ! بينما الله يفعل كل شئ حتي لا يكون هناك خصام فيما بيننا ! المحبة هي أصل كل الصلاح، فان الرب يزيل كل ما يفسدها من أي جهة، لكي يلصقنا الواحد بالآخرين، لا يوجد أحد لا أب ولا أم ولا صديق قد أحبنا بالقدر الذي أحبنا به الله الذي خلقنا، وهذا واضح جداً من احساناته وأعماله، فلو حسبنا بالتفصيل مخالفاتنا وخطايانا ليوم واحد سوف ندرك مقدار المصاعب التي نستحق أن نعاني منها، سوف أترك المخالفات الخاصة التي يفعلها كل واحد ، ودعوني أذكر المخالفات المشتركة والتي تحدث الآن: مَن منكم لم يصلي برخاوة ؟! مَن منكم لم ينتابه اليأس ؟! مَن منكم لم يحب المجد الباطل ؟! مَن منكم لم يتكلم بسوء علي أخيه ؟! مَن منكم لم يسبب لأخيه شهوة ردية ؟! مَن منكم لم يضمر في نفسه شراً تجاه عدوه ؟! مَن منكم لم ينتفخ قلبه ؟! ان كنا ونحن موجودين في الكنيسة ولفترة زمنية قصيرة نرتكب أخطاء كثيرة فماذا يحدث بعدما نخرج من هنا ؟! فاذا هبت علينا أمواج كثيرة ونحن داخل الميناء فما بالكم عندما نبحر في بحر المتاعب أي السوق والأشغال العامة والاهتمامات العالمية، ؟ هل يصعب عليك أن تغفر للذي أخطأ اليك ؟! لا تحتاج أن تجوب البحار ولا أن تسافر أسفاراً طويلة ولا أن تتسلق قمم الجبال ولا أن تقترض نقوداً أو أن تعذب جسدك ! بل يكفي أن تريد أن تغفر له وسوف تُمحي كل خطاياك ! أي رجاء لك لتخلص ان كنت لا تغفر لعدوك ؟ بل بالاضافة الي ذلك تصلي الي الله ضده، وأنت تظهر كأنك تصلي ! بينما تصرخ صراخاً وحشياً، وتحول سهام الشرير ضدك ؟! لذلك فان بولس عندما يتحدث عن الصلاة لا يطلب شيئاً بقدر حفظ هذه الوصية: “رافعين أيادي طاهرة بدون غضب ولا جدال” (1تي 2: 7)، فاذا كنت في حاجة الي رحمة الله وتتمسك بغضبك بالرغم من أنك تعرف جيداً انك بموقفك هذا تطلق سهام الشرير علي ذاتك، متي تصير محباً وتطرد هذا السم الشرير ؟! ان لم تدرك حجم هذا الخطأ افحصه في علاقات البشر بعضهم لبعض، وعندئذ سوف تتحقق من مدي الحالة المهينة التي وصل اليها البشر ، علي سبيل المثال: عندما يأتي اليك شخص يطلب رحمتك جاثياً علي الأرض، وعندما انتهي من توسله هذا رأي عدوه قادماً، فنهض للتو وأخذ يضربه ويتوعده، ألا سوف تغضب بالأكثر ضده ؟ تأمل، ان نفس الأمر يحدث مع الله، وبينما أنت تتضرع الي الله تترك تضرعك وتضرب بكلامك عدوك وتحرض المُشَرِّع (الله) بأن يصب جام غضبه علي الذين يسيئون اليك، وكأنك لا تكتفي بمخالفة ناموس الله، بل تريد أن يفعل الله مثلك !! هل نسيت كل ما أعلنه لنا ؟ أتظن أن الله مثل الانسان ؟ ان الله الذي يعرف كل شئ ويريدنا أن نحفظ وصاياه بكل دقة، وأنت تبتعد كثيراً عن فعل الأمور الجديرة بأن تفعلها، فتجعله يتحول عنك ويمقتك، لأن ما تقوله يتطلب أقصي العقوبات. يوجد كثيرون يهذون الي هذه الدرجة، حتي انهم يلعنون ليس فقط أعداءهم بل أولادهم، ويتمنون لو كان في الامكان أن يأكلوا أجسادهم، لا تقل لي انك لم تغرس أسنانك في جسد الذي أساء اليك، لقد فعلت شيئاً سيئ جداً، وذلك عندما أعلنت رغبتك في أن يسقط فوقه غضب السماء ! لكي تسلمه للعقاب الأبدي وتدمره مع كل عائلته ! أليس هذا الأمر أسوأ من كل اللدغات ؟ أليس هو أكثر الماً من كل النبال ؟ ألم يعلمك المسيح بأن مثل هذه الأمور هي أسوأ من أفواه ملطخة بالدماء ؟ كيف بعد ذلك تقترب من الذبيحة ؟ كيف تتذوق دم الرب ؟ فعندما تصلي وتقول: اسحقه ودمر بيته ودمره من كل جهة، فأنت لم تختلف في شئ عن قاتل أو بالحري عن وحش مفترس ! ليتنا نوقف هذا المرض، وهذا الهوس، ودعونا نقدم محبة للذين اساءوا الينا، لكي نصير متشبهين بالهنا السماوي، وسوف نتوقف لو احضرنا في ذهننا خطايانا الخاصة، ولو فحصنا بدقة كل الأخطاء التي فعلناها في البيت وفي السوق وفي الكنيسة …. أنلعن اعدائنا في صلواتنا ؟! فمن اين ننال رجاء الخلاص ؟! هل من خطايانا التي نفعلها ؟! بالاضافة الي الهذيان الذي نقوله في الصلاة ؟! ليتنا نطرد السموم من داخلنا، ليتنا نحل عداوتنا ونصلي كما يليق بنا، دعونا ننال هدوء الملائكة بدلاً من ضوضاء الشياطين، ليتنا نلجم غضبنا أمام كل المظالم التي أصابتنا، طالما نحتفظ في ذهننا بالأجر الذي سوف ينتظرنا بعد تنفيذ الوصية، ليتنا نكبح الأمواج لكي نقضي الحياة الحاضرة بلا اضطراب حتي نصل الي الرب، لو كان هذا الأمر ثقيل ومخيف فدعونا نجعله خفيفاً ومحبوباً، وليتنا نفتح الأبواب البهية نحوه، وهذا الذي لم نحققه بالكف عن الخطايا سوف نحققه بأن نصير مسالمين تجاه هؤلاء الذين أذنبوا الينا، وهذا ليس ثقيلاً ولا صعباً، اذ باحساننا الي الأعداء نكون جديرين برحمته الجزيلة علينا، لأنه هكذا في هذه الحياة سوف يحبنا الجميع، والأكثر من الجميع الله، سوف يحبنا ويكللنا ويجعلنا مستحقين للخيرات العتيدة والتي جميعنا ننالها بنعمة ومحبة ربنا يسوع المسيح الذي له المجد والقوة الي الأبد. آمين. |
||||
06 - 02 - 2018, 05:37 PM | رقم المشاركة : ( 983 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
صلِّ من أجل أعدائك بحب ومغفرة ـ القديس يوحنا ذهبي الفم أرجو يا أحبائى أن نقتدى به، نعم نقتدى بالرب، ولنصلِ من أجل الأعداء. وإن كنت قد نصحتكم بفعل هذا الأمر بالأمس، إلاّ أنى أكرر النصح الآن، فطالما أنك عرفت مقدار عظمة هذه الفضيلة، اقتدِ بسيدك إذن لأنه وهو مصلوب صلى من أجل صالبيه. قد تتساءل: كيف يمكننى الاقتداء بالمسيح؟ أعلم أنك تستطيع ذلك إذ أردت ، فلو لم يكن بإمكانك أن تقتدى به لما قال “تعلموا منى لأنى وديع ومتواضع القلب” (مت29:11). وإن لم يكن فى مقدور الإنسان أن يقتدى به، لما قال بولس الرسول “تمثلوا بى كما أنا أيضًا بالمسيح” (1كو 29:11). وإن لم ترد أن تقتدى بالسيد ، اقتد بخادمه وأعنى استفانوس، الذى كان أول من استشهد، لقد اقتدى بالمسيح. إن الرب وهو مصلوب بين اللصين، قد تشفع إلى الآب من أجل صالبيه، هكذا أستفانوس خادمه الذى كان وسط الراجمين والحجارة تنهال عليه من الجميع فإنه احتمل الرجم ولم يبال بالأوجاع الناجمة عنه وقال “يارب لا تقم لهم هذه الخطية” (أع59:7). أرأيت كيف يتكلم الابن؟ أرأيت كيف يصلى الخادم؟ قال الابن “يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون” وقال خادمه أستفانوس “يارب لا تقم لهم هذه الخطية”. وأعلم أيضًا أنه لم يصلِّ وهو واقف، بل ركع على ركبتيه وصلى بحرارة وخشوع كثير. أتريد أن أُريك إنسانًا آخر صلى صلاة عظيمة من أجل أعدائه؟ أسمع بولس المُطوب يقول “من اليهود خمس مرات قبلت أربعين جلدة إلا واحدة، ثلاث مرات ضربت بالعصي، مرة رجمت، ثلاث مرات انكسرت بي السفينة، ليلا ونهارًا قضيت في العمق” (2كو24:11ـ25). ومع هذا قال “فإني كنت أود لو أكون أنا نفسي محرومًا من المسيح لأجل اخوتي أنسبائي حسب الجسد” (رو3:9). أتريد أن أريك أيضًا آخرين من العهد القديم لا من العهد الجديد، يفعلون نفس الأمر؟ ويستحقون كل تقدير إذا أن وصية محبة الأعداء لم تكن قد أُعطيت لهم بعد بل كانت عندهم وصية العين بالعين والسن بالسن، ومجازاة الشر بالشر، ولكنهم بلغوا قامة مسلك الرسل، فأسمع ما قاله موسى عندما كان اليهود مزمعين أن يرجموه “والآن إن غفرت خطيتهم وإلاّ فأمحنى من كتابك الذى كتبت” (خر32:32). أرأيت كيف أن كل واحد من هؤلاء الأبرار كان مهتم بخلاص الآخرين قبل خلاصه؟! ولنسأل أى واحد منهم، إن كنت لم تخطئ، فلماذا تريد أن تشترك معهم فى القصاص؟ وسوف تكون إجابته “لا أشعر مطلقًا بالسعادة عندما يتألم الآخرون”. وستجد آخرين فعلوا هكذا؟ وأنا أسوق هذه الأمثلة لكى نُصلح من أنفسنا ولكى نستأصل هذا المرض الخبيث والذى هو بغضة الأعداء، من داخلنا. فالسيد المسيح يقول “يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون”، ويقول أستفانوس “يارب لا تقم لهم هذه الخطية”، ويقول بولس الرسول “كنت أود لو أكون أنا نفسي محرومًا من المسيح لأجل اخوتي أنسبائي حسب الجسد”، ويقول موسى “والآن إن غفرت خطيتهم وإلاّ فأمحنى من كتابك الذى كتبت”. فقل لى، أى غفران سننال نحن إذا كان السيد وخدامه فى العهدين القديم والجديد، كلهم يحثوننا على الصلاة من أجل الأعداء، بينما نحن نفعل العكس ونصلى ضدهم؟ إن ما أرجوه هو ألاّ تهملوا هذا لأنه بمقدار ما تزداد النماذج التى يجب أن نقتدى بهم، بقدر ذلك يزداد عذابنا إن نحن لم نتمثل بهم. الصلاة من أجل الأعداء مرحلة أسمى من الصلاة من أجل الأحباء. لأن الثانية لا تكلفنا مثل الأولى: “فإن أحببتم الذين يحبونكم فأى فضل لكم؟” إذا صلينا من أجل الأحباء فلن نكون أفضل من الأمم والعشارين. أما إذا أحببنا الأعداء فإننا نصبح متشبهين بالله بقدر ما تسمح به طبيعتنا البشرية فإن الله “يشرق شمسه على الأشرار والصالحين ويمطر على الأبرار والظالمين” (مت45:5). فطالما لدينا أمثلة مما فعله المسيح وأيضًا خدامه، فلنتشبه بهم، ولنقتنى هذه الفضيلة، لنكون أهلاً لملكوت السموات، مستعدين دائمًا لنقترب بدالة أكثر وبضمير نقى تمامًا إلى المائدة المهيبة، ولنتمتع بما وعدنا به الرب من خيرات بنعمة ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح ومحبته للبشر، الذى له المجد والعزة مع الآب والروح القدس. الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور. آمين. |
||||
06 - 02 - 2018, 05:37 PM | رقم المشاركة : ( 984 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
ممتلكاتك ليست ملكك، لا تسرقها ! ـ القديس يوحنا ذهبي الفم
هذه أيضاً سرقة بالفعل، أن لا تشرك الآخرين في ممتلكاتك …. عندما لا نظهر الرحمة نُعاقب تماماً مثل الذين يسرقون، ذلك ان اموالنا هي ملك للرب، مهما كانت الوسيلة التي جمعناها بها، واذا نحن اعطيناها للمحتاج سوف تزداد خيراتنا بكثرة، وهذا هو السبب الذي من اجله سمح الله بأن تنال أكثر: لكي لا تضيع أموالك علي العاهرات والسُكر والاطعمة الشهية والملابس الغالية الثمن وكل باقي انواع التراخي والكسل، انما لكي توزعها علي المحتاجين …. فقد نلتم أكثر من الآخرين، ولكنكم لم تنالوا ذلك للصرف علي انفسكم، انما لكي تصيروا وكلاء أمناء لدي الآخرين أيضاً …. اذا أردت ان تُظهر الرقة واللطف، لا يجب ان تستفسر عن حياة الانسان الذي أمامك، انما فقط اعطه حاجته وخفف من فقره، الرجل الفقير له مطلب واحد فقط: ان تسد عوزه، فلا تطلب منه أكثر من ذلك ! بل وحتي لو كان أشر الناس جميعاً ولكنه يفتقر الي الغذاء الضروري أعطه ما يسد جوعه، المسيح ايضا أوصانا أن نفعل ذلك عندما قال: “لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ، وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ” (مت 45: 5) ان المتصدق هو ميناء للمحتاجين، ميناء لكل من انكسرت بهم السفينة، يشبع جوعهم ما اذا كانوا اشرارا او صالحين او مهما كانوا، فطالما كانوا في خطر فان الميناء يحميهم تحت مظلته. هكذا انتم ايضاً، عندما ترون علي الارض انساناً انكسرت به سفينة الفقر لا تدينوه ولا تطلبوا بيانات عن حياته انما حرروه من مصيبته. لماذا تتسببون في المشاكل لانفسكم ؟ الله اعفاكم من كل فضول استفسار. كم يكون تذمرنا اذا طلب الله اولاً ان نفحص حياة كل انسان بتدقيق، وان نتدخل في تصرفاته وأعماله، ثم بعد ذلك فقط نعطيه الصدقة ؟ الا ان الله أعفانا من كل هذا القلق والانزعاج. فلماذا تجلبون علي أنفسكم هموماً اضافية لا داعي لها؟ القاضي شئ، والمتصدق شئ آخر. ان الاحسان سُمي كذلك لاننا نقدمه حتي لغير المستحقين …. فنحن لا نقدم الاحسان لصفات الرجل انما للرجل ذاته. ونحن لا نظهر نحوه الرحمة بسبب فضيلته وانما بسبب مصيبته، وذلك لكي ننال نحن ايضاً من السيد الرب عظيم رحمته، ولكي نتمتع نحن ايضاً رغم عدم استحقاقنا باحسانات الرب. فاذا كنا سوف نفحص ونحقق في استحقاق العبد رفيقنا ونسأل بتدقيق فسوف يعمل الرب معنا نفس الشئ، اذا طلبنا بيانات من العبيد رفقائنا سوف نخسر نحن انفسنا الاحسان الآتي من فوق …. اننا عندما لا نشرك الفقراء في اموالنا فهذا معناه اننا نسرقهم … أشقي الناس جميعاً هو من يعيش في رخاء ولا يشرك أحد معه في خيراته ! |
||||
06 - 02 - 2018, 05:37 PM | رقم المشاركة : ( 985 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
اقتد بالمسيح وحِبّ من يعاديك ـ القديس يوحنا ذهبي الفم أرجو يا أحبائي أن نقتدي به، نعم نقتدي بالرب، ولنصلِ من أجل الأعداء. وإن كنت قد نصحتكم بفعل هذا الأمر بالأمس، إلاّ إني أكرر النصح الآن، فطالما أنك عرفت مقدار عظمة هذه الفضيلة، اقتدِ بسيدك إذن لأنه وهو مصلوب صلى من أجل صالبيه. قد تتساءل: كيف يمكنني الاقتداء بالمسيح؟ أعلم أنك تستطيع ذلك إذ أردت ، فلو لم يكن بإمكانك أن تقتدي به لما قال ” تعلموا منى لأني وديع ومتواضع القلب” (مت29:11). وإن لم يكن في مقدور الإنسان أن يقتدي به، لما قال بولس الرسول ” تمثلوا بي كما أنا أيضًا بالمسيح” (1كو 29:11). وإن لم ترد أن تقتدي بالسيد ، اقتد بخادمه وأعنى استفانوس، الذي كان أول من استشهد، لقد اقتدى بالمسيح. إن الرب وهو مصلوب بين اللصين، قد تشفع إلى الآب من أجل صالبيه، هكذا أستفانوس خادمه الذي كان وسط الراجمين والحجارة تنهال عليه من الجميع فإنه احتمل الرجم ولم يبال بالأوجاع الناجمة عنه وقال “يارب لا تقم لهم هذه الخطية” (أع59:7). أرأيت كيف يتكلم الابن؟ أرأيت كيف يصلى الخادم؟ قال الابن ” يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون” وقال خادمه أستفانوس ” يارب لا تقم لهم هذه الخطية”. وأعلم أيضًا أنه لم يصلِّ وهو واقف، بل ركع على ركبتيه وصلى بحرارة وخشوع كثير. أتريد أن أريك إنسانًا آخر صلى صلاة عظيمة من أجل أعدائه؟ أسمع بولس المُطوب يقول ” من اليهود خمس مرات قبلت أربعين جلدة إلا واحدة، ثلاث مرات ضربت بالعصي، مرة رجمت، ثلاث مرات انكسرت بي السفينة، ليلا ونهارًا قضيت في العمق” (2كو24:11ـ25). ومع هذا قال ” فإني كنت أود لو أكون أنا نفسي محرومًا من المسيح لأجل إخوتي أنسبائي حسب الجسد” (رو3:9). أتريد أن أريك أيضًا آخرين من العهد القديم لا من العهد الجديد، يفعلون نفس الأمر؟ ويستحقون كل تقدير إذا أن وصية محبة الأعداء لم تكن قد أُعطيت لهم بعد بل كانت عندهم وصية العين بالعين والسن بالسن، ومجازاة الشر بالشر، ولكنهم بلغوا قامة مسلك الرسل، فأسمع ما قاله موسى عندما كان اليهود مزمعين أن يرجموه ” والآن إن غفرت خطيتهم وإلاّ فأمحني من كتابك الذي كتبت” (خر32:32). أرأيت كيف أن كل واحد من هؤلاء الأبرار كان مهتم بخلاص الآخرين قبل خلاصه؟! ولنسأل أي واحد منهم، إن كنت لم تخطئ، فلماذا تريد أن تشترك معهم في القصاص؟ وسوف تكون إجابته ” لا أشعر مطلقًا بالسعادة عندما يتألم الآخرون”. وستجد آخرين فعلوا هكذا؟ وأنا أسوق هذه الأمثلة لكى نُصلح من أنفسنا ولكى نستأصل هذا المرض الخبيث والذي هو بغضة الأعداء، من داخلنا. فالسيد المسيح يقول ” يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون”، ويقول أستفانوس ” يارب لا تقم لهم هذه الخطية”، ويقول بولس الرسول ” كنت أود لو أكون أنا نفسي محرومًا من المسيح لأجل أخوتي أنسبائي حسب الجسد”، ويقول موسى ” والآن إن غفرت خطيتهم وإلاّ فأمحني من كتابك الذي كتبت”. فقل لي، أي غفران سننال نحن إذا كان السيد وخدامه في العهدين القديم والجديد، كلهم يحثوننا على الصلاة من أجل الأعداء، بينما نحن نفعل العكس ونصلى ضدهم؟ إن ما أرجوه هو ألاّ تهملوا هذا لأنه بمقدار ما تزداد النماذج التي يجب أن نقتدي بهم، بقدر ذلك يزداد عذابنا إن نحن لم نتمثل بهم. الصلاة من أجل الأعداء مرحلة أسمى من الصلاة من أجل الأحباء. لأن الثانية لا تكلفنا مثل الأولى: ” فإن أحببتم الذين يحبونكم فأي فضل لكم؟” إذا صلينا من أجل الأحباء فلن نكون أفضل من الأمم والعشارين. أما إذا أحببنا الأعداء فإننا نصبح متشبهين بالله بقدر ما تسمح به طبيعتنا البشرية فإن الله ” يشرق شمسه على الأشرار والصالحين ويمطر على الأبرار والظالمين” (مت45:5). فطالما لدينا أمثلة مما فعله المسيح وأيضًا خدامه، فلنتشبه بهم، ولنقتنى هذه الفضيلة، لنكون أهلاً لملكوت السموات، مستعدين دائمًا لنقترب بدالة أكثر وبضمير نقى تمامًا إلى المائدة المهيبة، ولنتمتع بما وعدنا به الرب من خيرات بنعمة ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح ومحبته للبشر، الذي له المجد والعزة مع الآب والروح القدس. الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور. آمين. |
||||
06 - 02 - 2018, 05:38 PM | رقم المشاركة : ( 986 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
كيف تم الفداء ؟ ـ القديس يوحنا ذهبي الفم
اليوم يجتاز الرب في الهاوية. اليوم يحطم الأبواب النحاسية ومتاريسها الحديدية. لاحظ الدقة، فهو لم يقل فتح الأبواب لكن “سحق الأبواب النحاسية” (مز107: 16)، لم يخلع المتاريس لكن سحقها لكي يُبطل السجن. من يستطيع أن يفعل شيئا أمام قوة المسيح؟ من يصحح ما قد دمره الله؟ فالملوك عندما يحررون المسجونين لا يفعلون ما فعله المسيح، لكن يعطون أوامرهم بعتق المسجونين ويبقون الأبواب والحراس، مظهرين هكذا إمكانية أن يستخدم هذا السجن مرة ثانية ليدخل إليه ـ إذا اقتضى الأمر ـ أولئك الذين تحرروا بأمر الملك أو آخرون بدلاً منهم. لكن المسيح لا يعمل بهذه الطريقة. إذ سحق الأبواب النحاسية قاصدًا أن يُبطل الموت. ودعاها “نحاسية” لكي يُظهر مدى صلابتها وعدم سهولة انحلال الموت. ولكي تعلم أن النحاس والحديد يشيران إلى الصلابة، اسمع ماذا يقول الله لشخص وقح: ” لمعرفتي أنك قاس وعضل من حديد عنقك وجبهتك نحاس” (إش48: 4). وعبّر هكذا لا لأنه له عضل من حديد أو جبهة من النحاس، لكن بسبب أنه أراد أن يشير إليه بأنه صارم ووقح وقاسي. هل تريد أن تعلم كم أن الموت قاسي ومؤلم وعديم الشفقة؟ إنه لم ينتصر عليه أحد وتحرر منه، حتى أتى رب الملائكة وانتصر عليه. حسنًا، لقد أخذ الرب أولاً الشيطان وحبسه وانتصر عليه. لذلك مكتوب ” وأعطيك ذخائر الظلمة وكنوز المخابئ” (إش45: 3). بالرغم من أنه أشار إلى مكان واحد (الظلمة)، إلاّ أن له أهمية مزدوجة. فتوجد أماكن مظلمة لكنها يمكن أن تصير منيرة إذا وضعنا فيها مصابيح. وأماكن الهاوية كانت مظلمة جداً ومؤلمة ولم تدخلها أشعة النور مطلقًا، لذلك توصف بأنها مظلمة وغير منظورة. كانت مظلمة حتى اللحظة التي نزل فيها لبر وأضاء الهاوية بنوره فجعلها سماء. لأنه حيث يوجد المسيح يتحول المكان إلى سماء. وحسنا سُمّي ما بهذا المكان بـ “ذخائر الظلمة”، لأنه يوجد به غنى وفير. إذ أن كل الجنس البشري الذي هو غنى الله (ذخائر) كان قد سُرق بواسطة الشيطان الذي خدع الإنسان الأول واستعبده للموت. وحقيقة كون الجنس البشري هو بمثابة غنى الله، قد أشار إليه بولس حين قال: ” لأن رباً واحداً للجميع غنياً لجميع الذين يدعون به” (رو10: 12). ومثل لص سرق المدينة ونهبها واختفي في كهف واضعًا فيه كل الأشياء الثمينة، فقبض عليه الملك ثم بعد ذلك سلّمه للعقاب ونقل كنوزه إلى المخازن الملوكية. هكذا فعل المسيح، إذ بموته سجن اللص وقيده أي الشيطان والموت، ونقل الكنوز، أعني الجنس البشري، إلى الخزائن الملوكية. هذا ما يعلنه بولس الرسول بقوله: ” الذي أنقذنا من سلطان الظلمة ونقلنا إلى ملكوت ابن محبته” (كو1: 13). والأهم هو أن ملك الملوك (المسيح) قد انشغل بهذا الحدث، في الوقت الذي فيه لا يقبل أي ملك آخر فعل هذا الأمر، بل يكتفي بإعطاء أمر إلى عبيده لكي يحرروا المسجونين. لكن ـ كما قلنا ـ لا يحدث هنا مثل هذا الأمر، بل جاء ملك الملوك نفسه إلى المسجونين، ولم يخجل سواء من السجن أو المسجونين. لأنه كان من المستحيل أن يخجل من خليقته. فسحق الأبواب وحلّ المتاريس وفرض سيادته على الهاوية. ونقل الطاغية أسيراً والقوي مقيداً. الموت نفسه ألقى أسلحته وأسرع مستسلمًا وأعلن طاعته إلى الملك |
||||
06 - 02 - 2018, 05:38 PM | رقم المشاركة : ( 987 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
لا تدعِ علي أعدائك وتطلب من الله هلاكهم ! ـ القديس يوحنا ذهبي الفم المستمع القاسي القلب، اذ له مثل هذا الآب السماوي، عليه أن لا يسلك سلوكاً ارضياً، لأن دعوته هي من السماء. لأننا لا ينبغي أن نكون أولاده بالنعمة فقط لكن بأعمالنا أيضاً، ولا شئ يجعلنا متشبهين بالله بقدر أن نمنح غفراناً للأشرار ولكل الذين يسيئون الينا … فكم يستحقون العقاب الذين بعد كل هذا ليس فقط لا يغفرون، بل يدعون الله لكي ينتقم من أعدائهم ! … المحبة هي أصل كل صلاح … ولكي نتخلص من خطايا كثيرة أعطانا الله طريقاً سريعاً وسهلاً، لا يجلب علينا أي متاعب (المغفرة)، فهل يصعب عليك أن تغفر للذي أخطأ اليك ؟! انك لا تحتاج أن تجوب البحار، ولا أن تسافر أسفاراً طويلة، ولا أن تتسلق قمم الجبال، ولا أن تقترض نقوداً، ولا أن تعذب جسدك، بل يكفي فقط أن تبغيها وسوف تُمحَي كل خطاياك. فأي رجاء لك لتخلص ان كنت لا تغفر لعدوك ! بل بالاضافة الي ذلك تصلي الي الله ضده ! لربما تظهر كأنك تصلي بينما انت في الحقيقة تصرخ بصراخ “وحشي” وتحول سهام الشرير الي نفسك ! … فكيف تكون في حاجة الي رحمة الله وتتمسك بغضبك ! بالرغم من انك تعرف جيداً أنك بموقفك هذا تصوب سهام الشرير (الشيطان) الي ذاتك ! متي تصير اذن محباً ؟! ومتي تطرد عنك هذا السم الشرير ؟! اذا يأتي اليك شخص يطلب رحمتك جاثياً علي الارض ثم وقتما انتهي من توسله هذا رأي عدوه قادم فنهض للتو وأخذ يضربه ويهدده ! ألن تغضب منه أكثر مما كنت ؟ … تأمل … فان نفس الأمر يحدث بينك وبين الله ! فبينما أنت تتضرع الي الله، اذ بك تترك تضرعك وتضرب بكلامك عدوك ! بل تفعل أكثر من هذا اذ انك تحرض المُشَرّع (الله) حتي يصب جام غضبه علي الذين يسيئون اليك ! وكأنك لا تكتفي بأن تخالف ناموس الله بل تريد أن يفعل الله نفس الأمر !! هل نسيت كل ما أعلنه لنا !! أتظن أن الله مثل الانسان ؟!! … لا تقل لي انك لم تغرس اسنانك في جسد الذي أساء اليك، فانك قد فعلت شيئاً سيئاً جداً، وذلك عندما أعلنت رغبتك في أن يسقط فوقه غضب السماء، لأنك تود أن تسلمه لعقاب أبدي ! وتود أن تدمره هو وكل عائلته ! اليس هذا الأمر هو اسوأ من كل اللدغات ؟! أليس هو أكثر الماً من كل النبال ؟! ألم يعلمك المسيح بأن مثل هذه الأمور هي أسوأ من الأفواه الملطخة بالدماء ؟! كيف بعد ذلك تريد أن تقترب من الذبيحة ؟! وكيف لك أن تتذوق دم الرب ؟! فانك عندما تصلي وتقول: “اسحقه ! دمر بيته ! دمره من كل جهة !”، فأنت لم تختلف في شئ عن أي “قاتل” ! ولا اختلفت بشئ عن أي “وحش مفترس” ! ليتنا نوقف هذا المرض وهذا الهوس ! ودعونا نقدم محبة للذين اساءوا الينا، لكي نصير متشبهين بالهنا السماوي … فان كنا نلعن أعدائنا في صلواتنا ! فمن أين ننال رجاء الخلاص ؟ هل سنناله من الخطايا التي نفعلها ؟!! بل ونضيف اليها هذا الهذيان الذي نقوله في الصلاة !! ليتنا نطرد السموم من داخلنا، ونصلي كما يليق بنا. دعونا ننال “هدوء الملائكة” بدلاً من “ضوضاء الشياطين”، ليتنا نلجم غضبنا أمام كل المظالم التي أصابتنا طالما نحتفظ في ذهننا بالأجر الذي سوف ينتظرنا بعد تنفيذ الوصية، ليتنا نكبح جماح الأمواج لكي نقضي الحياة الحاضرة بلا اضطراب حتي نصل الي الرب. ولو كان هذا الأمر نعده ثقيل ومخيف، فدعونا نجعله خفيفاً ومحبوباً، ليتنا نفتح كل الأبواب البهية المؤدية نحوه. حتي ان ما لم نحققه بالكف عن خطايانا يمكننا ان نحققه بأن نصير مسالمين تجاه هؤلاء الذيين يذنبون الينا، وهذا ليس ثقيلاً ولا صعباً، اذ باحساننا الي الأعداء نكون جديرين برحمته الجزيلة علينا. وبفعلنا هذا في هذه الحياة سوف يحبنا الجميع وسيحبنا الله أكثر من الجميع، سوف يحبنا ويكللنا ويجعلنا مستحقين للخيرات العتيدة والتي جميعنا ننالها بنعمة ومحبة ربنا يسوع المسيح الذي له المجد والقوة الي أبد الآبدين. آمين |
||||
06 - 02 - 2018, 05:38 PM | رقم المشاركة : ( 988 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
الكتاب المقدس ـ القديس يوحنا الدمشقي إنّه الله الواحد المنادى به في العهدين، القديم منهما والجديد، والمسبَّح والممجّد في ثالوثه هو المقصود في قول الرب: “لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ.” (مت 17:5) فإنّه هو نفسه الذي صنع خلاصنا الذي من أجله كان كلّ كتاب وكلّ سرّ, ويقول الربّ أيضاً: “فَتِّشُوا الْكُتُبَ … هِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي” (يو 5: 39) ويقول الرسول: “اَللهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيماً، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُقٍ كَثِيرَةٍ،. كَلَّمَنَا فِي هَذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ” (عب 1:1-2) فبالروح القدس إذاً قد تكلّم الناموس والأنبياء والإنجيليّون والرسل والرعاة والمعلّمون. إذاً فإنّ “كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحي بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ” (2تي 16:3) لذلك يحسن ويفيد جداً البحث في الكتب الإلهيّة، فمثل “شَجَرَةٍ مَغْرُوسَةٍ عِنْدَ مَجَارِيِِ الْمِيَاهِ” (مز 1: 3) هي النفس أيضاً المرتوية من الكتاب الإلهيّ، فتتغذّى و“تُعْطِي ثَمَرَهَا” (مز 1: 3) ناضجا ، أعني الإيمان المستقيم، وتزهو بأوراقها الدائمة الاخضرار, أعني بها أعمالها المرضية لله. ونحن إذا سرنا على هدىً من الكتاب المقدّس نخطو في طريق السيرة الفاضلة والاستنارة الصافية، فنجد فيها مدعاةً لكلّ فضيلة ونفوراً من كلّ رذيلة. وعليه إذا كنّا نحبّ معرفتها تكثر فينا هذه المعرفة. وبالاجتهاد والكدّ والنعمة التي يعطيناها الله يتّم إصلاح كلّ شيء، “لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْأَلُ يَأْخُذُ وَمَنْ يَطْلُبُ يَجِدُ وَمَنْ يَقْرَعُ يُفْتَحُ لَهُ” (لو 10:11) فلنقرع إذاً باب الكتب المقدّسة، الفردوس الأبهى الذكي الرائحة الفائقة العذوبة الجزيل الجمال والمطرب آذاننا بمختلف أنغام طيوره العقليّة اللابسة الله، النافذ إلى قلبنا فيعزّيه في حزنه ويريحه في غضبه ويملأه فرحاً لا يزول. وهو الذي يجعل ذهننا على متن الحمامة الإلهيّة المذهّب والبرّاق بجناحيها الساطعَي الضياء (مز 68: 13) سرّاً على الابن الوحيد وارث زارع الكرم (متّ 38:21) العقليّ، وبالابن تبلغ به إلى الآب “أَبِي الأَنْوَارِ” (يع 1: 17) . وهنا فلنقرعنّ بلا تباطؤ وبلجاجة كبرى وثبات. ولا نكفنّ عن أن نقرع. وهكذا يُفتَح لنا. وإذا قرأنا مرّة ومرّتين ولم نفهم ما نقرأه فلا نملّ من أن نقرع، بل فلنثبت ونتأمّل ونسأل، لأنّه قال: “اسْأَل أَبَاكَ فَيُخْبِرَكَ وَشُيُوخَكَ فَيَقُولُوا لكَ” (تث 7:32)“لَيْسَ الْعِلْمُ فِي الْجَمِيعِ” (1كو 7:8). لنغترفنّ إذاً من ينبوع الفردوس ماء جار صاف “يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ” (يو 14:4) لنتنعمّنّ من دون أن نرتوي من التنعّم، لأنّ النعمة في الكتب المقدّسة مجّانيّة. وإذا استطعنا أن نجني فائدة ما ممّا في خارج هذه الكتب فليس ذلك من المحاظير. ولنكن في ذلك صيارفة حاذقين نحتفظ لنا بالذهب المعروف والصافي ونرمي منه ما كان مغشوشاً. لنأخذنّ من الكلام أجوده ونلقِ إلى الكلاب آلهتهم الهزيلة وخرافاتهم الغريبة. فإنّنا لنستطيع أن نقتني منها قوّة ضدّهم |
||||
06 - 02 - 2018, 05:38 PM | رقم المشاركة : ( 989 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
موت المسيح ـ القديس يوحنا الدمشقي
إذاً فإنّ كلمة الله نفسه قد احتمل كل الآلام في جسده، بينما طبيعته الإلهية التي لا تتألم ظلّت وحدها عديمة التألّم. لأنّ المسيح الواحد المركَّب من لاهوت وناسوت، وهو في لاهوتٍ وناسوتٍ، قد تألّم. والذي فيه قابلُ التألُّم, لما كان طبعاً يتألّم, فقد تألّم. أما الذي فيه لا يتألّم فلم يشاركه الآلام. فإن النفس التي هي قابلةٌ الآلام عندما يُجرح الجسد، ولو كانت هي لا تُجرح، فهي تشارك الجسد أوجاعه وآلامه (1كو 12: 26) واعلم بأننا نقول إن الله يتألم في الجسد ولا نقول أبداً إن اللاهوت يتألّم في الجسد أو إنّ الإله يتألّم في الجسد. لأنه إذا كانت الشمس تضيءُ شجرةً وقطعت الفأس الشجرة تبقى الشمس دون ما شقوق ولا تألم، فكم بالأحرى يبقى لاهوت الكلمة المتحد بالجسد في الأقنوم دون ما تألم إذا تألم الجسد؟ وعلى نحو ما إذا صبَّ أحدهم ماءً على حديد محميّ فإن الذي هو من طبعه أن يتأثر بالماء, أعنى النار, ينطفئُ ويبقى الحديد سالماً، لأنه ليس من طبع الحديد أن يتأثر بالماء، فكم بالأحرى عندما يتألّم الجسد، فإن اللاهوت وحده الذي لا ينفعل ولا يبلغ إليه الألم، رغم بقائه مع الجسد بلا انفصال؟ وليس من ضرورة أن تكون الأمثال مطابقة للواقع حتى النهاية، لأنه من الضرورة أن نجد في الأمثال ما هو مطابق للواقع وما هو مخالفٌ له، وإلا فليس المثلُ مثلاً، لأن المساوي في كل شيء يكون هو هو نفسه، وليس مثلاً، لا سيّما في الإلهيّات. فلا يمكن إيجاد مثل يكون مساوياً في كل شيء، إنْ في علم اللاهوت وإنْ في التدبير. لمّا كان ربنا يسوع المسيح منزّهاً عن الخطأ, لأن “الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ” (يو1: 29) لم يفعل الخطيئة و“وَلَمْ يَكُنْ فِي فَمِهِ غِشٌّ” (اش53: 9) فهو لم يكن خاضعاً للموت، إذ إنّ الموت قد دخل العالم بالخطيئة (رو5: 12) إذاً، فإنّ الذي ارتضى بالموت لأجلنا يموت ويُقرّب ذاته للآب ذبيحة من أجلنا (اف 5: 2) ، فإننا قد أخطأنا نحوه وأصبح هو بحاجة إلى أن يقدّم ذاته فدية عنا (مر 10: 45) ، وبذلك يحلّنا من الحكم علينا. ولكن حاشا أن يكون دم الربّ قد تقرّب للطاغية! فإنّ هذا لمّا أسرع لابتلاع طعم الجسد جُرح بصنّارة اللاهوت إذ ذاق الجسد المنزّه عن الخطأ والمحيي. وحينذاك قد تعطّل وردَّ جميع الذين قد ابتلعهم قديماً. وكما أنّ الظلام يتبدّد بإشراقة النور كذلك يضمحلُّ الفساد بهجوم الحياة. لأنّ الحياة تعمُّ الجميع والفساد يعود إلى المفسِد. أقنوم المسيح واحدٌ، وليس بحد ذاته ورغم تجزئته, إذاً فإنّ المسيح، ولو كان قد مات بصفته إنساناً وكانت نفسه المقدّسة قد انفصلت عن جسده الأطهر، لكنَّ اللاهوت ظلَّ بلا انفصال عن كليهما، لا عن النفس ولا عن الجسد. وأقنومه الواحد لم ينقسم بذلك إلى أقنومين. لأن الجسد والنفس, منذ ابتدائهما, قد نالا الوجود في أقنوم الكلمة بالطريقة نفسها، وفي انفصال أحدهما عن الآخر بالموت، ظلَّ كل منهما حاصلاً على أقنوم الكلمة الواحد، حتى إن أقنوم الكلمة الواحد ظلّ أقنوم الكلمة والنفس والجسد. فإن النفس والجسد لم يحظيا قط بأقنوم خاص لكل منهما خارجاً عن أقنوم الكلمة، وإن أقنوم الكلمة ظلّ دائماً واحداً ولم يكن قط اثنين، حتى إن أقنوم المسيح هو دائماً واحد. وإذا كانت النفس قد انفصلت عن الجسد انفصالاًَ مكانياً، فقد ظلّت متحدة به اتحاداً أقنومياً بواسطة الكلمة. لكلمة بلى معنيان, إنها تعني هذه الانفعالات البشرية كلها, الجوع والعطش والتعب وثقب المسامير والموت أو انفصال النفس عن الجسد وما شاكلها. وبهذا المعنى نقول بأنّ جسد الربّ قابلٌ للبلى، لأنّ المسيح ارتضى أن يتقبّلها كلها. ويعني البلى أيضاً انحلال الجسد بكامله إلى العناصر المركّب هو منها وزواله وهذا هو بالأحرى ما يدعوه الكثيرون فساداً, أما جسد الرب فلم تُصبه هذه المحنة، على ما يقوله النبيّ داود: “لأَنَّكَ لَنْ تَتْرُكَ نَفْسِي فِي الْهَاوِيَةِ. لَنْ تَدَعَ تَقِيَّكَ يَرَى فَسَادا” (مز16: 10) |
||||
06 - 02 - 2018, 05:38 PM | رقم المشاركة : ( 990 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
الثالوث الأقدس ـ القديس يوحنا الدمشقي نؤمن بإله واحد، بدء واحد لا بدءَ له، غير مخلوق ولا مولود، لا يزول ولا يموت، أبدي، لا يحصر ولا يحد، لا يُحاط به، لا تُحصر قوته، بسيط وغير مركب، لا جسم له، لا يسيل ولا ينفعل ولا يتحول ولا يتغيّر، لا يُرى، ينبوع الصلاح والصدق، لأنه “كُلَّ مَا شَاءَ الرَّبُّ صَنَعَ” (مز 135: 6). صانع كل المخلوقات ما يُرى وما لا يُرى. قابض الكل وحافظه، يعتني بالكلّ، يضبط الكلّ ويرئسه ويملك عليه مُلكاً لا ينتهي خالداً. ليس له مقاومٌ، يملأ الكلّ. لا يُحيط به شيء وهو يُحيط بكل شيء ويستولى عليه ويهيئه. وينفذ عبر كل الجواهر ولا يمسُّها. وهو أسمى من الكلّ. مترفع عن كل جوهر لِجلال جوهره وكائنٌ فوق الكائنات. فائقُ اللاهوت وفائقُ الصلاح وفيّاض. محدِّد السلطات والرتب بأسرها ومستقرٌّ فوق السلطات والرتب كلها. فائق الجوهر والحياة والنطق والتفكير. هو النور بالذات والحياة بالذات والجوهر بالذات، لأن وجوده ليس من غيره ولا من كلّ الموجودات، لأنه هو ينبوع الوجود لها كلّها، وينبوع الحياة للأحياء والنطق للمتمتّعين بالنطق وعلَّة جميع الخيرات للجميع. هو عالمٌ بكلّ الأشياء قبل كيانها، وهو جوهر واحد ولاهوت واحد وقوة واحدة ومشيئة واحدة وفعل واحد ورئاسة واحدة وسلطة واحدة, تؤمن به كل خليقة ناطقة وتعبده. فالأقانيم متحدون دون اختلاط، ومتميزون دون انقسام -وهذا غريب- هم آب وابن وروح قدوس، بهم اعتمدنا. فإن الربّ قد أوصى تلاميذه أن يُعمّدوا على النحو التالي قائلاً: “عَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ” (مت 28: 19). نؤمن بآب واحد، مبدإِ الجميع وعلّتهم. لم يلده أحد وهو أيضاً غير معلول ولا مولود. صانع الكلّ وأب بالطبيعة للوحيد الجنس وحده، ابنه ربّنا يسوع المسيح إلهنا ومخلّصنا. وهو مصدر الروح القدس. ونؤمن بابن الله الواحد والوحيد الجنس ربنا يسوع المسيح المولود من الآب قبل كل الدهور. نور من نور. إله حق من إله حق، مولودٍ غير مخلوق، مساوٍ للآب في الجوهر، الذي به كان كلُّ شيء. فبقولنا أنه قبل الدهور، نبيِّن أن ولادته لم تكن في الزمن ولم تبتدئ، لأن ابن الله لم ينتقل من العدم إلى الوجود. فهو بهاء المجد وميزة أقنوم الآب والحكمة الحيّة والقوة والكلمة الأقنومي وصورة الله ـ الذي لا يُرى الجوهرية ـ الكاملة والحية، بل كان دائماً مع الآب وفي الآب مولوداً منه ولادة أزلية لا بدءَ لها. فإنه ما كان قط زمنٌ لم يكن الابن فيه، فليس هو آباً. بل حيثما الآب فهناك الابن مولود منه، لأنه بدون الابن لا يُسمى آباً. وإذا لم يكن له الابن، فليس هو آباً. وإذا صار له الابن بعد ذلك، فبعد ذلك فقط يصير آباً ويتحول من كونه لم يكن آباً إلى أنه صار آباً. وهذا أفظع من كل كفر! وعليه لا يمكن القول بأن الله خالٍ من الخصب الطبيعي. والخصب هو أن يلد المِثل من ذاته -أي من جوهره الخاص- مثلاً له في الطبيعة. إنه إذاً لكفرٌ القول في ولادة الابن أن قد تخلّلها زمن وأن وجود الابن كان بعد الآب. وإن ما نقوله إن ولادة الابن كانت من الآب أي من طبيعته. وإذا لم نسلّم بأن -منذ البدء- كان الابن مع الآب مولوداً منه، فإننا نُدخل تحويلاً في أقنوم الآب. ذلك أنه لم يكن آباً ثم صار آباً. أمّا الخليقة، ولو أنها صارت في ما بعد، فهي ليست من جوهر الله، وقد صارت من العدم إلى الوجود بإرادته تعالى وقوّته، ولم يلتحق تحويلٌ في طبيعة الله. إن الولادة صدور المولود من جوهر الوالد مساوياً له في الجوهر. أمّا الخلق والصنع. فيصيران من خارج، فلا يكون المخلوق والمصنوع من جوهر الخالق والصّانع، ولا مساويان لهما البتة. لذلك، لمّا كان الله منزّهاً وحده عن الانفعال والتحويل والتغيير، وكان هو هو دائماً، كان كذلك أيضاً في الولادة وفي الخلق بلا انفعال. فلأنّه بطبيعته لا ينفعل ولا يسيل -لأنه بسيط وغير مركب- لم يكن ليعاني الانفعال والسيلان لا في الولادة ولا في الخلق، ولم يكن بحاجة لمساعدة أحد. لكنّ الولادة لا بدءَ لها وأزلية -لأنها فعل الطبيعة ولأنها صادرة من جوهر الله-، ذلك كي لا يخضع الوالد لتحويل، وكي لا يكون إله أوّل وإله آخر مما يُحدث إضافة. أمّا الخلق، بالنسبة إلى الله الذي هو فعل إرادته، فليس مساوياً لله في الأزلية. فالمنتقل من العدم إلى الوجود لا يكون مساوياً في أزلية الوجود لمن لا بدءَ له وهو كائن دائماً. وعلى هذا النحو إذاً لا يتساوى فعل الإنسان وفعل الله. لأن الإنسان لا يُخرج شيئاً من العدم إلى الوجود، لكنّ كل ما يصنعه إنما يصنعه انطلاقاً من مادة سابقة الوضع، وليس ذلك بمجرد أن يُريد، بل هو يسبق فيفكّر أيضاً ويصمِّم المشروع في عقله ثم يعمل بيديه أيضاً ويواصل الكدّ والتعب. وكثيراً ما يعجز عن البلوغ إلى مرامه كما يريد. أما الله فيكفي أن يُريد فقط ويخرج كل شيء من العدم إلى الوجود. وعلى هذا النحو لا يلد الله مثلما يلد الإنسان. فبما أنَّ الله منزَّه عن الزمن ولا بدء له ولا انفعال ولا سيلان وبدون علاقة. وولادته التي لا تُدرك ليس لها بدايةٌ ولا نهاية. وهي بلا بدء لأنها لا تتحوَّل، وبلا سيلان لأنها لا تنفعل ولا جسمية. وهي بلا علاقة لأنها أيضاً لا جسمية ولأن الله واحد أحد وليس بحاجة إلى آخر. وهي بلا نهاية ولا انقطاع، لأنها منزَّهة عن البدء والزمن والنهاية، وإنها هي هي دائماً. فالذي هو بلا ابتداء يكون بلا انتهاء. أمّا الذي هو بلا انتهاء بالنعمة، كالملائكة، فليس هو حتماً بلا ابتداء. وعليه يلد الله الكائن دوماً كلمته -وهي كاملة- بلا بداية ولا نهاية، ذلك كيلا يلد الله في زمن، وهو الذي طبيعته وكيانه يجلأّن كثيراً فوق الزمن. أمّا الإنسان فهو، من الواضح، على اختلاف ذلك: إنه يتمّ ولادته بالوضع والفساد والسيلان وكثرة النسل وبوشاح الجسد والتواجد في طبيعته للذكر والأنثى، لأن الذكر بحاجة إلى مساعدة الأنثى. ولكن ليرحمنا من هو فوق الجميع الذي يسمو فوق كل عقل وإدراك. إذاً تُعلِّمنا الكنيسة الجامعة الرسولية أن مع وجود الآب كان الابن الوحيد الجنس موجوداً منه بلا زمن ولا سيلان ولا انفعال ممّا يفوق الإدراك، الأمر الذي يعلمه إله الجميع وحده. فكما أنه مع وجود النار يكون النور الصادر منها، ولا تكون النار أولاً وبعد ذلك النور، بل يكونان معاً. وكما أن النور الصادر من النار مولود منها دائماً ولا يفارقها البتة، كذلك يولد الابن أيضاً من الآب دون أن يفارقه البتة، بل يكون فيه دائماً. لكنّ النور المولود من النار بلا افتراق والباقي فيها دائماً، ليس له أقنوم خاص به من قِبَل النار، لأنه صفةٌ للنار طبيعية. أما ابن الله الوحيد الجنس المولود من الآب بلا انفصال ولا افتراق، والثابت فيه دائماً، له أقنومه الخاص من قِبَل الله. وعليه يُسمى الابن كلمة وبهاء، لولادته من الآب بلا علاقة ولا انفعال ولا زمن ولا سيلان ولا افتراق. وهو أيضاً صورةُ الأقنوم الأبوي، لأنه كامل وذو أقنوم ومساوٍ للآب في كل شيء، عدا اللاولادة. وهو الوحيد الجنس، لأنه وُلد وحده من الآب وحده ولادةً وحيدة؛ فليس من ولادة أُخرى تُساوي ولادة الابن من الله، وليس من ابن الله سواه. أمّا الروح القدس، فينبثق من الآب لا بالولادة بل بالانبثاق. وطريقة الوجود الأخرى هذه لا تُدرك ولا تُعرف، شأنها شأن ولادة الابن. لذلك كل ما للآب هو أيضاً للروح عد اللاولادة التي لا تشير إلى جوهر ورتبة مختلفتين، بل إلى طريقة الوجود. فإن آدم مثلاً هو غير مولود لأنه جبلة الله، وشيث مولود لأنه ابن آدم، وحواء منبثقة من ضلع آدم وهي غير مولودة. ولا يختلف واحدهم بالطبيعة عن الآخر-لأنهم بشر- بل يختلفون في طريقة وجودهم. ….. يَتساوى الأقانيم الثلاثة الإلهيون في اللاهوت الأقدس. وهم متساوون وغير مخلوقين ….. الآب وحده غير مولود. ووجوده ليس من أقنوم آخر غيره. والابن وحده مولود، لأنه وُلد من جوهر الآب المنزَّه عن البدء والزمن. والروح القدس وحده منبثق من جوهر الآب-غير مولود بل منبثق (يو 15: 26). فهكذا يعلّمنا الكتاب الإلهي. أمّا الكيفية في الولادة والانبثاق فتظلّ غير مدركة. واعلم هذا أيضاً أنّ اسم الأبوّة والبنوّة والانبثاق لم ينتقل من عندنا إلى اللاهوت السعيد بل بالعكس، فهو قد انتقل إلينا من هناك، على ما يقول الرسول الإلهي: “بِسَبَبِ هَذَا أَحْنِي رُكْبَتَيَّ لَدَى أَبِي رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. الَّذِي مِنْهُ تُسَمَّى كُلُّ عَشِيرَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَعَلَى الأَرْضِ.” (أف 3: 14- 15). وإذا قلنا بأنَ الآب مبدأُ الابن وأعظم منه (يو 14 : 28)، فلسنا نعني أنه يفوق الابن زمن وطبيعة، لأنه “بِهِ أَيْضاً عَمِلَ الْعَالَمِينَ” (عب 1: 2)، ولا أنه يفوقه بشيء آخر سوى العلّة، أي أن الابن ولِد من الآب، لا الآب من الابن، وأن الآب علة الابن بحسب الطبيعة، كما نحن نقول بأن النار ليست صادرة من النور، بل بالأحرى النور من النار. إذاً عندما نسمع أن الآب مبدأ الابن وأنه أعظم منه (يو 14 : 28)، نفكر بالعلة. وعلى نحو ما نقول بأن ليس جوهر النار سوى جوهر النور، بل على نحو ذلك -كما يبدو واضحاً-أن ليس جوهر الآب سوى جوهر الابن، بل هما واحد وهما الشيء نفسه. وكما نقول إن النار تظهر بالنور الصادر منها، ولسنا نحسب أن النور -الذي هو من النار- آلة خادمة لها، بل أنه قوتها الطبيعية، كذلك إنه مهما يعمل الآب يعمله بابنه -ليس كما بعضوٍ للخدمة-، بل بقوته الطبيعية الأقنومية. وكما نقول أن النار تضيء ونقول أيضاً إن النور يضيء، كذلك نقول مهما يعمله الآب فهذا يعمله الابن (يو 5: 19). لكن الفرق أن النور لا أقنوم له خاصاً متميزاً عن النار، وأن الابن أقنومٌ كاملٌ غير منفصل عن الأقنوم الأبوي، كما أثبتنا ذلك فيما تقدم. فإنه -في الخليقة- لا يمكن إيجاد صورة توضح في ذاتها حالة الثالوث إيضاحاً كاملاً دون اختلاف. فكيف المخلوق والمركب والسائل والمتحول والمحدود وذو الشكل والفاسد، كيف هذا يبيّن بصفاء الجوهر الإلهي السامي الجوهر، الغريب عن هذه الصفات كلّها؟! إنه من الواضح أن كل خليقة غارقة في الكثير من هذه الصفات وهي جميعها بموجب طبيعتها الخاضعة للفساد. وبالمثل، نؤمن أيضاً بالروح القدس الواحد، الرب المحيي، المنبثق من الآب والمستريح في الابن والمسجود له والممجد مع الآب والابن، على أنه مساوٍ لهما في الجوهر والأزلية، الروح الذي هو من الله، المستقيم صاحب الأمر وينبوع الحكمة والحياة والتقديس، – لأنه إلهٌ مع الآب والابن فعلاً واسماً – غير المخلوق، الممتلئ، المبدع، صاحب الاقتدار، كامل الفعالية والقوة، لا حد لقوته، ذو السلطة المطلقة على الخليقة كلها. يؤلَّه ولا يتألّه، يَملأ وليس ما يملأُهُ، يُستَمَد منه ولا يَستَمِدْ، يُقدِس ولا يتَقدَس، يُلجأ إليه لتقبّلهِ استغاثات الجميع. مساوٍ للآب والابن في كل شيء. منبثق من الآب وموهوب بالابن فتناله الخليقة كلّها خالقٌ بذاته، يكوّن الكل ويقدسه ويعتني به، قائم بأقنومه الخاص، غير مفترق ولا منفصل عن الآب والابن. له كل ما للآب والابن عدا اللاولادة والولادة، فإن الآب غير معلول وغير مولود – لأنه ليس من أحد، بل له وجوده من ذاته، ولا شيء مما هو له كان من غيره، بل بالأحرى هو لكليهما بالطبيعة المبدأُ وعلة وكيفية الوجود -. أما الابن فهو من الآب بالولادة. والروح القدس هو أيضاً من الآب، لكن باللاولادة بل بالانبثاق. ونحن نعلم أن هناك فرقاً بين الولادة والانبثاق لكننا نجهل كيفيته. وإننا نعلم أيضاً بأن ولادة الابن وانبثاق الروح القدس كانا معاً. إذاً كل ما كان للابن والروح، كان لهما من الآب، حتى الوجود نفسه. ولو لم يكن الآب، لما كان الابن ولا كان الروح. ولو لم يكن للآب شيئاً، لما كان أيضاً شيءٌ للابن ولا للروح. وبسبب الآب كان للابن والروح القدس كل ما لهما -أي بسبب أن للآب هذا كلّه- ما عدا اللاولادة والولادة والانبثاق. فبهذه الاختصاصات الأقنومية وحدها تتميز أحد الأقانيم الثلاثة القدوسة عن الآخرين. ويتميزون باللانقسام بالجوهر، بل ذلك بميزة الأقنوم الخاص. ونقول إن لكل من الثلاثة أقنومه الكامل، لئلا نوهم بأنه طبيعة واحدة مركبة من ثلاث غير كاملين، ونقول أيضاً إن في الأقانيم الثلاثة الكاملين جوهراً بسيطاً واحداً فائق الكمال وقبل الكمال. لأن كل مجموعة من غير كاملين تكون حتماً مركبة، ولا يمكن إيجاد مركب من ثلاثة أقانيم. ولذلك فإننا لا نتكلم عن نوعهم إنه من أقانيم بل إنه في أقانيم. وقد سميناها ناقصة تلك الأشياء التي لا تحتفظ بنوع الصنع المصنوع منها. فالحجر والخشب والحديد، كل منها كامل بذاته في طبيعته الخاصة. أما بالنظر إلى البيت المصنوع منها، فكل منها ناقص، لأن كلٌّ منها ليس في ذاته بيتاً. وعليه إننا نقول بأن الأقانيم كاملون لئلا نفكر بتركيب في الطبيعة الإلهية. فالتركيب بدء التقسيم. ونقول أيضاًَ إن كلاًّ من الأقانيم الثلاثة هو في الآخر، لئلا نصير في كثرة وجمهرة من الآلهة. لذلك نقر بعدم تركيب الأقانيم الثلاثة وبعدم اختلاطهم، ولذلك أيضاً نعترف بتساوي الأقانيم في الجوهر وبأن كل واحد منهم هو في الآخر وبأنها هي هي مشيئتهم وفعلهم وقوتهم وسلطتهم وحركتهم -إذا صحَّ التعبير، وبأنهم إله واحد غير منقسم. فإن الله واحد حقاً، وهو الله وكلمته وروحه. وعلى أن النظر بالفعل غير النظر بالنطق والفكر. وعليه يتضح لنا تمييز الأفراد بالفعل في جميع المخلوقات، لأن بطرس يبدو منفصلاً بالفعل عن بولس. أما ما هو فيهما مشترك ومتجانس وواحد، فلسنا نشاهده إلا بالنطق والتفكير. فنفكر في عقلنا أن بطرس وبولس من طبيعة هي هي نفسها وأن لهما طبيعة مشتركة. كائن ناطق ومائت، وكل منهما تُحيي جسده نفس ناطقة وعقلة. أما الطبيعة المشتركة فتُشاهد بالمنطق، لأن الأفراد ليسوا بعضهم ببعض، وكل فرد -فيما يختص به- نَفور من غيره، أي يبتعد بذاته في الكثير مما يميزه من غيره. فهم أيضاً ينفصلون في المكان ويختلفون في الزمان وينقسمون في الرأي والقوة والشكل أي الهيئة والبنية والطبع والحجم والسيرة وسائر الميزات الخاصة، -وأكثر الكل- في أنهم ليسوا بعضهم في بعض، بل إن كيانهم منفصل انفصالاً تاماً. ومن ثم يقال رجلان وثلاثة رجال ورجال كثيرون. هذا هو الذي نراه في الخليقة كلها. أما الثالوث الأقدس الفائق الجوهر الذي يعم جلاله الكل وغير المدرك فهو بعكس ذلك. فإن ما يرى هنالك بالفعل إنما هو الشركة الواحدة بسبب التساوي في الأزلية ووحدة الجوهر والفعل والمشيئة اتفاق الرأي والسلطة والقوة ووحدة هوية الصلاح. وإني لست أقول بتشابه، بل بوحدة هوية، ووحدة انطلاق الحركة. فالجوهر واحد والصلاح واحد والقوة واحدة والمشيئة واحدة والفعل واحد والسلطة واحدة، بل هي واحدة وهي هي نفسها، لا ثلاثة أمثال بعضهم في بعض، بل حركة واحدة وهي هي في الأقانيم الثلاثة. فلكل منهم، بالنسبة لغيره، ليس أقل مما له بالنسبة لنفسه، أي أن الآب والابن والروح القدس واحد في كل شيء، ما عدا اللاولادة والولادة والانبثاق. وهذا التمييز يكون بفعل التفكير، فنعرف الله واحداً، ونعرف في وحدة خواصه الأبوة والبنوة والانبثاق. ونفهم الفرق على حسب العلة والمعلول وكمال كل أقنوم، أي طريقة وجوده. فلسنا نستطيع القول بانفصال مكاني -كما هو عندنا- في اللاهوت غير المحدود، لأن الأقانيم هم بعضهم في بعض، لا على طريقة الاختلاط، بل التواجد، على نحو قول الرب القائل: “أَنِّي فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ” (يو14: 11). ولسنا نقول بالاختلاف في الإرادة والرأي والفعل والقوة وأي شيء أخر، الأمر الذي يحدث الانقسام الفعلي الذي فينا في كل شيء. لذلك لا نقول بآلهة ثلاث، آب وابن وروح قدس، بل بالأحرى بإله واحد، الثالوث القدوس، مرجع الابن والروح فيه إلى علة واحدة بدون تركيب ولا اختلاط -وذلك ضد هرطقة سابيلوس-، فإنهم متحدون، كما قلنا، لا للاختلاط بل للتواجد بعضهم في بعضٍ ونفوذ أحدهم في الآخرين بدون امتزاج ولا تشويش، ولا انفصال ولا انقسام -ذلك ضد هرطقة آريوس-. وإذا وجب الاختصار نقول: إنّ اللاهوت لا يمكن أن يُقسم إلى أقسام، وهو على نحو ما يصير في ثلاثة شموس متواجدة بعضهم في بعضٍ وهي لا تنفصل، فيكون مزيج النور واحداً والإضاءة واحدة. إذاً عندما ننظر إلى اللاهوت، على أنه العلّة الأولى، والرئاسة الواحدة، والواحد، وحركة اللاهوت ومشيئته الواحدة -إذا صحّ القول-، وقوّة الجوهر وفعله وسيادته ذاتها، فالذي يتصوّر في ذهننا هو الواحد. أمّا عندما ننظر إلى مَنْ فيهم اللاهوت و-بعبارة أدقَّ- إلى مَن هم اللاهوت، لا سيمَا إلى الصادرَيْنِ من العلّة الأولى بلا زمن والمساويَين لها في المجد وعدم الانفصال -وأعني الابن والروح- فالمسجود لهم ثلاثة : الآب آبٌ واحد هو لا مبدأ له -أي لا علّة له- لأنه ليس من أحد. والابن ابنٌ واحد هو ليس بلا مبدإٍ -أي بلا علّة- وهو من الآب. وإذا اعتبرتَ البدءَ انطلاقاً من الزمن، فالابن لا بدءَ له، لأنه صانع الأزمان وهو ليس تحت الزمن. والروح القدس روح واحد صادر من الآب وذلك ليس بالولادة بل بالانبثاق، لأن الآب لم ينفكّ أن يكون غير مولود -فإنه قد ولد الابن- والابن لم ينفكَّ أن يكون مولوداً -لأنه وُلد من غير مولود-، فكيف إذاً؟ والروح القدس لا يستحيل إلى الآب وإلى الابن، فإذا صار الآب ابناً، فلا يكون آباً بالحقيقية -لأن الآب واحد حقاً-. وإذا صار الابن آباً، فلا يكون ابناً بالحقيقة، لأنَّ الابن واحد حقاً. والروح القدس واحد. وأعلم أننا لا نقول بأنّ الآب من أحد، بل نقول أنه أبو ابنه، ولا نقول إن الابن علّة وآب، بل نقول إنه من الآب وإنه ابن الآب. ونقول أيضاً إن الروح القدس من الآب ونسميه روح الآب. ولا نقول إنّ الروح القدس من الابن، ونسمّيه روح الابن. يقول الرسول الإلهي: “إِنْ كَانَ أَحَدٌ لَيْسَ لَهُ رُوحُ الْمَسِيحِ، فَذلِكَ لَيْسَ لَهُ”(رو 8: 9). ونعترف أن الابن يُظهره ويمنحه لنا، فقد قال: “نَفَخَ وَقَالَ لَهُمُ:اقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ”(يو 20: 22). فكما أنّ الشعاع والإشراق من الشمس -وهي ينبوع الشعاع والإشراق- كذلك يمنح لنا إشراقه بواسطة الشعاع، فينيرنا به ويكون متعتنا. ولسنا نقول بأن الابن ابن الروح ولا إنه من الروح. |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مجموعة متنوعة من أقوال الآباء |
من أقوال الأباء وكلمة المنفعة |
أقوال القديس اغناطيوس وكلمة منفعة |
أقوال الأنبا برصنوفيوس وكلمة منفعة |
أقوال الأنبا ايسيذورس وكلمة منفعة |