06 - 02 - 2018, 05:30 PM | رقم المشاركة : ( 951 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
موت المسيح بين لاهوته وناسوته ـ القديس غريغوريوس النيسي
من الطبيعي أن يبحث محبو المعرفة عن كيفية تسليم الرب ذاته لثلاثة في الوقت نفسه, أي لقلب الأرض, وللفردوس مع اللص, وليدي الآب. لأنه قال للفريسيين“لأَنَّهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ هَكَذَا يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ” (مت 12: 40), وقال للص “الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ” (لو 23: 43), وقال للآب “فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي” (لو 23: 46). وبالتأكيد لا يستطيع أحد أن يضع الفردوس كمكان في بطن الأرض, ولا أن يضع قلب الأرض في الفردوس, حتي يُقصد بالاثنين نفس الشئ, أو أن يقال عن هذين الاثنين (قلب الأرض والفردوس) أنهما هما يدي الآب. بل أن هذا الأمر ربما لا يستحق ولا حتي أن يُناقش لمن يفكر تفكيرا منطقيا. لأن من هو حاضر في كل مكان بقوته الالهية يكون موجودا في كل موضع ولا يغيب عن أي مكان. عندما حل الروح القدس علي العذراء وظللتها “قُوَّةُ الْعَلِيِّ”(لو1: 35) , لكي يحل فيها أقنوم الانسان الجديد, وقد دُعي جديدا لأنه تكون كما أراد الله, وليس بالطريقة المعتادة لدي البشر, حتي أن العذراء أصبحت مسكنا لله غير مصنوع بالأيدي لأن القدير “لاَ يَسْكُنُ فِي هَيَاكِلَ مَصْنُوعَةٍ بِالأَيَادِي”(أع 17: 24) , وأقصد التي تصنع بالأيدي الانسانية, وعندما بنت الحكمة لنفسها بيتا (أم 9: 1), وبقوتها الفائقة قبلت داخلها شكل المخلوق كنموذج متكامل وموثوق في صحته, عندئذ اتحدت الطبيعة الالهية بالعنصرين المؤلفين للطبيعة الانسانية, أي النفس والجسد, متحدة بشكل مناسب بكل عنصر, أي أنه كان ينبغي لهذين العنصرين اللذين ماتا بالعصيان (لأن موت النفس هو فقدانها للحياة الحقيقية, وموت الجسد هو سبب الفساد والتحلل), كان ينبغي أن يُطرد الموت من خلال الاتحاد بالحياة. اذا عندما اتحدت الألوهية بشكل مناسب بكل واحدة من عنصري الانسان فان ملامح الطبيعة السامية قد اتضحت تماما في هذين العنصرين. فبالنسبة للجسد تتضح الألوهية العاملة بالشفاء باللمس, بينما بالنسبة للنفس قد عبٌرت عن القوة الالهية (الحالة فيها) من خلال ارادته القوية, أي أنه كما أن هناك احساس خاص باللمس بالنسبة للجسد, هكذا تكون هناك ارادة للنفس أيضا. لقد اقترب من المسيح مريض بالبرص وهو يحمل جسدا مشوها علي وشك الانهيار, فكيف شفاه الرب؟ النفس تريد والجسد يلمس, فيذهب المرض من الاثنين. لأنه يقول وللوقت ذهب عنه المرض (لو 5: 13) (مت 8: 3) أيضا آلاف الناس الذين أحاطوا بالرب في الجبل, لم يُرد أن يتركهم صائمين, بل قسم لهم الخبز بيديه (مت 15: 32). أرأيت كيف أنه من خلال الاثنين (النفس والجسد) تُستعلن الألوهية والتي تُرافق كل منهما, تعمل مع الجسد, ومع الارادة القوية التي تُخلق في النفس. ربما يجب أن أروي المعجزات التي تحققت بنفس الطريقة, وأن أنشغل في حديثي بأشياء واضحة.ولكني سأنتقل الي ذلك الأمر الذي لأجله أشرت الي كل هذا. كيف وُجد الرب في الجحيم وفي الفردوس في آن واحد؟ التفسير الأول لهذا الموضوع, أنه لا يوجد شيئا غير ممكن لدي الله, الذي “فِيهِ يَقُومُ الْكُلُّ”(كو 1: 17), والتفسير الثاني الذي يتجه اليه الحديث الآن هو: بعدما أعاد الله بقوته صياغة الانسان كله في شخصه, وجعله شريكا للطبيعة الالهية, لم ينفصل في وقت الآلام بحسب التدبير عن هذا العنصر الآخر (أي الجسد) الذي اتحد به مرة واحدة, “لأَنَّ هِبَاتِ اللهِ وَدَعْوَتَهُ هِيَ بِلاَ نَدَامَةٍ” (رو11: 29). فان كانت الألوهية بارادتها فصلت النفس عن الجسد, الا أنها أوضحت أنها هي ذاتها بقيت في النفس والجسد الذي يعتريه الفساد بالموت كما جاء بالمزمور ” لأَنَّكَ لَنْ تَتْرُكَ نَفْسِي فِي الْهَاوِيَةِ. لَنْ تَدَعَ تَقِيَّكَ يَرَى فَسَاداً”(مز 16: 10), وهكذا أبطل ذاك الذي له سلطان الموت , بينما بالنفس فتح الطريق للص للدخول الي الفردوس. وهذان الأمران تحققا في آن واحد. أي أن الألوهية تُحقق الصلاح للاثنين, فقد تحقق بطلان الموت بعدم فساد الجسد, وبعودة النفس الي موضعها يُفتح الطريق لعودة البشر مرة أخري الي الفردوس. اذا فلأن التركيبة الانسانية لها عنصران, بينما الطبيعة الألوهية بسيطة, ففي وقت انفصال النفس عن الجسد, لم ينفصل الغير منقسم (أي الألوهية), والمُركب (أي الانسان), بل صارا أيضا واحدا. لأنه من خلال الطبيعة الالهية الواحدة الموجودة بالتساوي في الاثنين (في الجسد والنفس) توحدت من جديد الطبيعة التي انفصلت. وهكذا فقد حدث الموت بانفصال العنصرين المتحدين, بينما القيامة قد صارت باتحاد الطبيعة التي انفصلت. واذا سألت: “كيف ان ذاك الذي في الفردوس يُسلم نفسه في يدي أبيه ؟”, فسيبدد لك اشعيا النبي والرائي حيرتك هذه, لأنه قال علي فم الله عن أورشليم السمائية التي نؤمن بها أنها ليست سوي الفردوس, “هُوَذَا عَلَى كَفَّيَّ نَقَشْتُكِ. أَسْوَارُكِ أَمَامِي دَائِماً”(اش 49: 16) . اذا ان كانت أسوار أورشليم في يدي الآب, والتي هي الفردوس, فمن الواضح أن من هو في الفردوس هو في كل الأحوال في أيدي الآب حيث هناك أسوار المدينة الالهية |
||||
06 - 02 - 2018, 05:30 PM | رقم المشاركة : ( 952 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
أبوة الله ــ القديس غريغوريوس النيصي
الرب يقول لتلاميذه: “متى صلَّيتم فقولوا: أبانا الذي في السموات”أيُّ روح يجب أن تكون للإنسان ليقول هذه الكلمة “أبانا”؟ أية ثقة، وأية نقاوة لضميره؟! فلنفرض أن الإنسان يحاول أن يفهم الله بقدر المستطاع من الأسماء التي يُدعَى بها وينقاد بذلك إلى فهم المجد الذي لا يوصف، فهو سيتعلَّم أن الطبيعة الإلهية مهما كانت فهي في ذاتها خيرٌ مُطلق وقداسة وفرح وقوة مجد وطهارة وأبدية مطلقة دائمة لا تتغيَّر. هذه الصفات, وأي صفات أخرى يمكن أن تخطر على البال ويمكن للإنسان أن يعرف منها الطبيعة الإلهية سواء من الأسفار المقدسة أو من تأملاته, هل يمكنها أن تجعله يتبصَّر ويتجاسر على أن ينطق داعياً هذا الكائن الأعظم بكلمة“أبانا”؟ إن كان له أي إحساس فلن يجرؤ على أن يدعو الله أباً طالما أنه لا يرى في ذاته نفس الأمور التي يراها الله؛ لأنه يستحيل من الناحية الطبيعية أن الصالح في جوهره يكون أباً لمشيئة شريرة، والقدوس أن يكون أباً لذي الحياة النجسة، ولا يمكن لمن لا يتغيَّر أن يكون أباً لمن يتقلَّب من جانب إلى آخر، ولا لأبي الحياة أن يكون له ابن يخضع للخطية حتى الموت, وباختصار، فإن ذاك الذي هو الصلاح النقي لا يمكن أن يكون أباً للمنهمكين بكُلِّيتهم في الشر. فإذا كان الإنسان عندما يمتحن نفسه يجد أنه لا يزال يحتاج إلى أن يتطهَّر لأن ضميره ممتلئ بوصمات شريرة، فهو لا يستطيع أن يُقحم نفسه بين “أهل بيت الله” (أف 2: 19) إلى أن يتنقَّى من جميع الشرور فإذا كان الرب يُعلِّمنا في الصلاة الربانية التي سلَّمها لنا أن ندعوه أباً، فيبدو لي أنه لا يفعل سوى أنه يضع أمامنا أسمى نوع من الحياة كناموس لنا؛ لأن “الحق” لا يُعلِّمنا أن نخدع نفوسنا ونصفها بما ليس هو حالنا وأن نستعمل اسماً ليس لنا حق فيه. ولكننا إذا دعونا ذاك الذي هو غير فاسد وبار وصالح أباً لنا فعلينا أن نُثبت بحياتنا أن هذه القرابة حقيقية. أتُرى كم نحتاج إلى استعداد وأي نوع من الحياة علينا أن نعيش؟ وأية حرارة يجب أن تكون عليها غيرتنا حتى تحقِّق ضمائرنا نقاوةً تُعطينا شجاعةً أن نقول لله “يا أبانا”؟ الإنسان ينبغي أن يكتسب رضى الله بحياته الفاضلة، ولكن يبدو لي أن كلمات الصلاة تشير إلى معنى أعمق، لأنها تُذكِّرنا بوطننا الأصلي الذي سقطنا منه وحقنا السامي الذي فقدناه. ففي قصة الابن الضال الذي ترك بيت أبيه وذهب بعيداً ليعيش مثل الخنزير، نجد أن الكلمة الإلهي يُظهِر بؤس الإنسان في مَثَل يحكي لنا عن رحيله وحياته الخليعة، وأنه لا يُعيده إلى حياته السابقة حتى يصير على درايةٍ واعية بسوء حالته الحاضرة ويرجع إلى داخل نفسه مردِّداً كلمات التوبة. وتتفق كلمات التوبة هذه مع كلمات الصلاة الربانية، لأنه (أي الابن الضال) قال: “يا أبي، أخطأتُ إلى السماء وقُدَّامك” (لو 15: 21). إنه ما كان ليُضيف إلى اعترافه أنه أخطأ إلى السماء لو لم يكن قد اقتنع أن الوطن الذي تركه عندما أخطأ كان هو السماء. ولذلك فقد منحه هذا الاعتراف عبوراً سهلاً إلى الأب الذي أسرع نحوه واحتضنه وقبَّله… وعلى ذلك فرجوع الشاب إلى بيت أبيه أعطى له فرصة لاختبار عطف أبيه، لأن هذا البيت الأبوي هو السماء التي أخطأ إليها كما قال لأبيه. وبنفس الطريقة يبدو لي أنه إذا كان الرب يُعلِّمنا أن ندعو الآب الذي في السماء فهو يقصد أن يُذكِّرنا بوطننا الأُم الجميل، وهو بذلك إذ يضع في أذهاننا رغبةً أقوى لتلك الصالحات فهو يضعنا على الطريق الذي يقودنا عائداً بنا إلى وطننا الأصلي. وإذا كان “الله في السماء” حسب الكتاب (مز 115: 3)، وأنت كما يقول النبي:“تقترب إلى الله” (مز 73: 28)، فيتبع ذلك أنك لابد أن تكون حيث يوجد الله لأنك تكون متحداً به. وطالما أنه أوصى أن تدعو الله في الصلاة أباً، فهو يخبرك ألاَّ تفعل أقل من أن تصير مثل أبيك السماوي بحياةٍ جديرةٍ بالله مثلما يأمرنا بوضوح أكثر قائلاً: “كونوا أنتم كاملين كما أنَّ أباكم الذي في السموات هو كامل.” (مت 5: 48) فإن كنا قد فهمنا الآن معنى هذه الصلاة فربما بذلك يكون الوقت قد حان لنُعدَّ نفوسنا لكي ننطق بدالة الثقة بتلك الكلمات: “أبانا الذي في السموات”. لأنه كما توجد صفات واضحة لمن يكون بشبه الله، تلك التي بها يصير الإنسان ابناً لله, لأنه يقول: “أما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله” (يو 1: 12)؛ فالذي يقبل الصلاح الكامل يقبل الله, هكذا أيضاً توجد علامات أكيدة تخص الشخصية الشريرة التي لا يمكنها أن تكون حاملةً لابن الله، لأنها مطبوعة على صورة الطبيعة العكسية المضادَّة (أي الشيطان). لذلك، فقبل أن نقترب من الله يجب أن نمتحن أنفسنا إن كان لنا في أنفسنا شيء جدير بقرابتنا لله، وهكذا تكون لنا دالة أن نستعمل كلمة “أبانا”. فالذي يعيش بطريقة جديرة بالسمو الإلهي له الحق في أن يتطلَّع إلى المدينة السماوية داعياً مَلِك السماء أباً له والسعادة السماوية وطنه الأُم، لأن الغرض من هذه المشورة هو أن يفكِّر الإنسان في الأمور التي فوق حيث يوجد الله. هناك ينبغي أن توضع أساسات البيت، هناك تُكنَز الكنوز والقلب يثبت “لأنه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضاً” (مت 6: 21). فعلينا أن نداوم على النظر إلى جمال الآب ونطابق جمال نفوسنا على جماله. إن كنتَ هكذا فيمكنك أن تُخاطب الله بدالة باسمٍ مألوف وتدعو رب الكل أباً لك. إنه سينظر إليك بعينيِّ أب. إنه سيُلبسك الرداء الإلهي ويُزيِّنك بخاتم. إنه سيجعل في رجليك حذاء الإنجيل لأجل رحيلك إلى فوق، ويُهيِّئك لوطنك السماوي في المسيح يسوع ربنا الذي له المجد والقوة إلى أبد الآبدين. آمين. |
||||
06 - 02 - 2018, 05:30 PM | رقم المشاركة : ( 953 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
خلق الانسان علي صورة الله ومثاله ـ القديس غريغوريوس النيصي
1- معني الصورة والمثال : لا توجد طريقة أخري أمام الذين يرغبون في فهم جمال وجوههم المخلوقة من الله بشكل جيد , والتي بها يتطلعون الي صورتهم , سوي مرآة نقية جدا , يتلامسون فيها مع صورة وجوههم , ويرون فيها بوضوح شكلا يعكس ايقونتهم التي تشبههم تماما , ونحن اذ ننظر بالتدقيق كما في مرآة الي الأشعة الالهية التي للشمس العقلية , ندرك بكل وضوح الملامح العامة والشكل والصورة التي لطبيعتنا “بحسب الصورة والمثال” لأنه بالحقيقة , علي الأقل كما أتصور أنا , أن خلق الانسان هو شئ مرهوب ويصعب تفسيره ويحمل داخله الكثير من أسرار الله الخفية. وتماما كما أن الطبيعة العين تدرك بسهولة تلك الأشياء التي توجد خارجها, الا أنها لا يمكنها أن تدرك ذاتها, هكذا بالنسبة لعين الذهن الانسانية , فان مسألة خلقتنا هو أمر يصعب رؤيته ويصعب ادراكه. الحقيقة ان الخالق بعدما أتم خلق العالم العاقل للقوات غير المرئية , ثم خلق العالم المادي المرئي قال عندئذ ” ونعمل الانسان علي صورتنا كشبهنا” ( تك 1 : 26 ), لقد خلق الله حينئذ كائنا حيا , كما من عالم مختلط يتشكل من أمرين , فهو مكون من نفس غير جسدانية وغير ائتة وغير فاسدة , ومن جسد مادي ومرئي من أربعة عناصر , وبعد أن تم ذلك , يقول الكتاب أيضا ” فخلق الله الانسان علي صورته” ( تك 1 : 27 ) . وعندما يقول ان الله خلق فهو يقصد الآب والابن والروح القدس. لقد عبر المفسرون فيما يتعلق بهذا الموضوع عن آراء كثيرة ومختلفة , قال البعض : ان عبارة “بحسب الصورة والمثال” تشير الي قدرة الانسان علي أن يسود وأن يتسلط , وقد اعتبر البعض أن هذا يتعلق بالنفس العاقلة غير المرئية , والبعض الآخر يربطه بالانسان غير الفاسد وغير الخاطئ عندما خُلق آدم , والبعض اعتبر ان “بحسب الصورة والمثال” يمثل نبؤة عن المعمودية وآخر الكل كما للسقط , بدا لي انا أيضا أنه أمر حسن أن أعبر عن بعض الأفكار التي تخص هذا الموضوع , وقبل كل شئ رأيت أنه من الأهمية بمكان أن نفحص هذا الأمر بالتساؤل عن : لماذا لم ينسب الله عبارة “بحسب الصورة والمثال” للكائنات العاقلة غير المرئية وللسمائيين والملائكة الذين هم بالقرب منه ؟ لأن هؤلاء هم بالحقيقة أكثر قدرة من الانسان ولديهم القوة أن يسودوا ويتسلطوا علي الأرض كلها وعلي الانسان نفسه . وعلي نفس السياق فان غير الفاني , وغير المرئي , والطاهر أو النقي, وكل ما يمكن أن تمتدحه في آدم , يوجد وبدرجة فائقة بين الصفوف السمائية غير الجسدانية. اذا يشار بعبارة “بحسب الصورة والمثال” الي شئ عميق , وبمعني أن الانسان ليس لديه صورة واحدة ومثالا واحد لله , بل لديه صورة ثانية وثالثة , ومثالا ثانيا وثالثا , كما لو كانت هناك مرآة عاكسة لملامح شكلية , ومن المؤكد أنها ليست صورة طبيعية أو جوهرية لسر الأقانيم الالهية الثلاثة. وليس هذا فقط بل انها تعطي مثالا واضحا لتأنس الأقنوم الثاني في الثالوث القدوس , الله الكلمة . ولكن من الأفضل أن نرجع الي بداية الأمر ونبحث أولا , تري لماذا لم يخلق الله أجدادنا الأوائل أقصد آدم وحواء والابن الذي أنجباه بنفس الطريقة التي بها خلق الكائنات العاقلة , أي الملائكة , ليكونوا مساويين الكائنات الروحية ؟ فالله قد أحضر آدم الي الوجود بدون انسان , بدون أب وولادة , بينما الانسان الثاني بعده , اي ابنه , أحضره الي الوجود بالولادة , أيضا حواء قد أتت الي الوجود , لا بالولادة ولا بسبب الانسان بل أتت بانبثاق غير موصوف , من آدم بدون ولادة. تري هل حدثت هذه البدايات الثلاث للمخلوقات الأولي ( آدم ــ حواء ــ الابن ) , الكيانات المتساوية في الجوهر , كما يتصور ميثوديوس لكي تعطي صورة شكلية وليست جوهرية للثالوث القدوس الواحد في الجوهر ؟ فآدم الذي أتي بدون أن تكون هناك علة لوجوده ولا بولادة هو نموذج وصورة الله الآب ضابط الكل الذي لا توجد علة سابقة لوجوده , بل هو علة كل الموجودات . الابن أيضا الذي ولد من آدم وحواء , يرسم صورة للابن كلمة الله المولود . وحواء التي أتت من الانبثاق , ترمز الي انبثاق أقنوم الروح القدس. ولهذا لم ينفخ الله فيها نسمة حياة , لانها هي نموذج لنسمة الحياة التي للروح القدس لانه بواسطة الروح القدس صار لها أن تستقبل الله في حياتها والذي هو النسمة الحقيقية وحياة الجميع . هكذا نستطيع أن نري ونندهش أن آدم غير المولود , ليس له شبيه بين البشر , فهو غير مولود , وهكذا الحال بالنسبة لحواء المنبثقة , حتي أنهما يشكلان مثالين حقيقيين للآب غير المولود والروح القدس المنبثق . أما الابن الذي أنجباه فهو شبيه بكل البشر , الذين هم أبناء وأتوا من ولادة فهم أخوة له ومساويين له . وهذا الابن يشكل صورة ومثالا ونموذجا للمسيح , الابن المولود , الذي صار بكرا بين أخوة كثيرين ( رو 8 : 29 ) بدون وساطة رجل . فلو أن الأمر ليس هكذا , وأن عبارة “بحسب الصورة” لم تُفهم وفقا لهذا الشرح , فلماذا لم يصبح أجدادنا الأوائل اثنين أو أكثر من ثلاث كيانات , ولماذا هم مختلفون في الصفات الخاصة بكياناتهم وأقصد غير المولود , المولود , والمنبثق , بل هم فقط ثلاث كيانات أو أقانيم ؟ وبناء علي ذلك فان تعبير “بحسب الصورة والمثال” يتخذ شكل صورة الثالوث , ثلاثة أقانيم في وحدة , وبالتالي ينبغي أن تفهم الآن أيضا , معني الوحدة في ثالوث . 2ــ افهم ذاتك لتفهم الله : ولكن كيف يمكنك أن تميز بشكل صحيح. اسمع أحد الحكماء الذي ينصحك ويقول لك “ان أردت أن تفهم الله, ينبغي أولا أن تفهم ذاتك, من خلال تكوينك, من خلال خلقتك, من خلال عالمك الداخلي, انسحب وادخل الي داخل نفسك, انظر داخل نفسك كما في مرآة, ميز خلقتها, وستري أنك مخلوق علي صورة الله ومثاله”. ان جوهر نفسك العاقل وغير المائت هو أمر مجهول الاسم وغير معروف, وهو مخلوق بحسب صورة ومثال الله غير المدرك وغير المائت. لأنه لا يوجد أي انسان من الذين ولدوا عبر العصور, قد أدرك الجوهر العاقل لله أو للنفس. النفس تعطي حياة, تؤلف وترعي طبيعة الجسد رباعية التركيب, صورة الله, ذاك الذي يتعهد خليقته المكونة هنا من أربعة عناصر والتي هي سمائية أيضا. ولهذا فأننا لا نستطيع أن نعرف حتي المكان الذي يسكن فيه الله, لكننا نؤمن فقط أنه موجود في كل مكان. ولا نعرف أيضا المكان الذي تسكن فيه النفس في الجسد, نعرف فقط أن النفس توجد وتعمل في كل الجسد. النفس أيضا تملك شيئا آخر باعتبارها صورة الله, وأعني أن جوهرها مختلف عن طبيعة الكون كله. والأكثر غرابة من كل شئ, والتي تحمله خلقتنا علي صورة الله, أنه لا جوهر النفس, كما أن ماهيتها والكيفية التي بها تأتي الي الوجود, تعد أمورا لا يمكن للذهن الانساني أن يفهمها. ولهذا فكل من ادعوا خطئا أنهم قد فهموا, فهؤلاء قد تعثروا جدا. لقد قال البعض ان النفوس تأتي الي الأجساد من السماء, وآخرون يرون أن النفوس تأتي الي الوجود اذ ان الله يخلقها مع الجسد. البعض قال أيضا بأن الانسان الذي خُلق علي صورة الخالق, أصبح سببا لولادة الجسد والنفس في ذات الوقت. البعض يدعون أن النفس تولد من خلال التعاون المشترك للطرفين, الرجل والمرأة, كما يحدث عند احتكاك الحديد والحجر, فان هذا الاحتكاك يولد الشعلة. البعض أيضا يعلم بأنه في اللحظة ذاتها التي يُحمل فيها بالجسد تأخذ النفس وجودا. البعض الآخر يرجح أن اليوم الأربعين من الحمل هو اليوم الذي يؤتي فيه بالنفس كما يتصورون, باعتبار أن ذلك يعتبر قانون لهذا التكوين. ويتخيل البعض الآخر أن النفس هي واحدة في الجوهر مع الملائكة, وآخرون قالوا انها أقل من الملائكة, بينما يري غيرهم أنها تهيم في الهواء, والبعض قال انها تتحرك في الكون كحقيقة الهية. ومن أجل هذا, علي الرغم من أنها تتحد بالجسد, وهي مخلوقة علي صورة الله, وتُحيي الجسد, الا أنها تبقي خارج تأثير الشهوات الجسدية وأضرار الجسد المختلفة, ولا نستطيع ان نراها, ولا أن نفهم طبيعتها ونوعها وهيكلها وشكلها ونوعيتها وكمها وجودها ومما تتألف وجمالها. ولذلك يقول ميثوديوس في وليمته ان النفس لها جمال فائق لا يوصف, ولهذا السبب يبدو أن الأرواح المشادة تحسدها, لأنها أخذت شكا أسمي من الكائنات العاقلة ذاتها. أما عدم الفهم وعدم الوضوح والغموض الخاص بالنفس لا يشار اليه الا لأنها تعتبر بالحقيقة, وعلي سبيل الحصر, صورة فقط لله غير المدرك. ولهذا ولأننا نجهل كل الأمور الخاصة بها, فاننا نتحقق ونتأكد من وجودها من خلال أعمالها فق داخل الجسد. مثلما نتأكد من وجود الله من خلال أعماله داخل الكون المرئي. لنأت الي النقطة الأساسية لموضوع الخلق”بحسب الصورة والمثال”, لكي نُبين, كما وعدنا, فرادة الثالوث الالهي. وما هي النقطة الأساسية ؟ من الواضح أنها النفس أيضا, وكلمتها العاقلة, التي دعاها الرسول بولس, روحا, عندما يعطينا وصية أن نكون مقدسين في النفس والجسد والروح. النفس أيضا غير مولودة ولا علة لها, وهي مثال لله الآب غير المولود والذي لا يوجد علة لوجوده. الا أن كلمة النفس العاقلة ليست بدون ولادة, بل تولد من النفس بطريقة لا يعبر عنها وغير منظورة ولا تُفسر, وليست لها علاقة بالألم أو الشهوة. بينما الفكر له علة أو سبب وهو ليس بدون ولادة, ولكنه ينبثق, يدرك كل شئ ويفحص كل شئ ويتلامس معه بشكل غير مرئي, علي مثال الروح كلي القداسة, والذي ينبثق أيضا والذي قيل عنه “الروح يفحص كل شئ حتي أعماق الله”( 1 كو 2 : 10 ) . النفس حين توجد داخل الجسد فهي لا تعتبر منبثقة, لأنها اذا كانت منبثقة, لكنا قد متنا كل ساعة. وكلمتنا لا توجد بدون ولادة, لأنه اذا حدث عكس ذلك سنكون مثل الحيوانات غير العاقلة. والأكثر دهشة من هذه الأمور أننا لدينا نفسا بسيطة, وعقلا واحد غير مركب, أما كلمتنا فهي مزدوجة في ذاتها ومحفوظة كواحدة غير منقسمة. فالكلمة تولد داخل القلب ولادة غير مدركة, غير متجسدة, وتبقي مجهولة داخلنا. وبعد ذلك تولد ولادة جسدية من خلال الشفاه, وحينئذ تصير معروفة للجميع. ولكنها لا تنفصل عن النفس التي ولدتها, حتي أننا ندرك بكل وضوح الميلادين اللذين لكلمة الله من خلال الميلادين الذي لكلمتنا “بحسب الصورة والمثال” حقا لقد ولد من الآب قبل كل الدهور, بصورة غير مرئية, لا تُشرح وغير مدركة. وكان غير معروف, كما لو كان داخل الآب الي أن ولد جسديا من العذراء القديسة بدون فساد, بدون رجل, وظهر الي العالم, دون أن ينفصل عن جوهر الآب الذي ولده. وبناء علي ذلك تري أن فرادة جوهر نفوسنا غير المائتة والعاقلة تحمل صورة لها ثلاث خواص أقنومية, عدم ولادة النفس, ولادة الكلمة, وانبثاق الروح, أي الفكر. وأتشجع وأتجرأ بأن أقول انه بحسب هذه النظرية الثالوثية غير المرئية للنفس, قال الرسول بولس ان الانسان خلق بحسب صورة الله غير المرئي. فان لم يكن هذا حقيقيا, فلماذا لم تُخلق النفس اذا من الله ولها قسمان أو أربعة أقسام, بل لها ثلاثة أقسام فقط, والتي لا تختلط فيما بينها وفقا لصورة الثالوث القدوس المحيي الواحد في الجوهر, حتي أنه لو كان مسموحا أن أقول ان داخل الانسان وبالأحري الانسان البار يسكن, بصورة شكلية وليس جوهريا, كل ملء الألوهة التي تحدد بصورة غير مُعلنة الله الثالوث؟ ولهذا فان حكماء العالم قد حددوا, من منظور آخر, أن النفس تتكون من ثلاثة أقسام, مُعلمين كيف أنها تحمل الرغبة, الفكر, الاحساس, حتي أنه عندما تتحد الرغبة في محبة الله بالفكر يمكن أن تستقبل في داخلها المعرفة والحكمة التي تأتي من الله, وباحساسها تقاوم الأرواح الشريرة الخبيثة, مُبينين أيضا من خلال هذه الأمور الثلاث, معني “بحسب صورة الله”. لأن الثالوث يحكم ويضبط ثلاثة أقسام بثلاثة طرق أي السماويات, والأرضيات, وما تحت الأرض, من خلال قدرته الخالقة, وعنايته, وسلطانه العادل. وكل ما يعمله الله, فانه يعمله وفقا لاحدي هذه الطرق الثلاث, اما أنه يخلق, أو يعتني, أو يُهذب. وصورة الله الخالق هي في الرغبة. لأن الرغبة تقود الي العمل, أما عنايته فرمزها في القوة الفكرية للنفس. الاحساس أيضا هو مطابق للتهذيب. وربما الخاصية المميزة للنفس هي في الرغبة. لأن الأطفال حتي قبل أن يتكلموا, باعتبارهم نفوس, نجدهم يشتهون علي الفور أن يرضعوا وأن يناموا. أيضا القدرة الفكرية من الواضح أنها خاصية العقل, بينما الاحساس يرافق العقل, وكل من يغضب بالمخالفة للطبيعة يثير فيه اضطرابا. 3- طبيعة النفس العاقلة : اذا فان أراد أحد أن يعرف كيف خُلق الانسان بحسب “صورة الله ومثاله”, فليأت الي هذه الأمور غير المطروقة, والمعاني المشابهة لها, وليبحث في تكوين طبيعة نفسه العاقلة. وليكن هدفه أن يعرف أقسامها بالتدقيق, وأقسام أقسامها, كلماتها, طرقها, وحداتها, تميزاتها, تفردها, وحدتها, ثالوثيتها, كيف أنها واحدة وتعتبر ثلاثة أقسام, وحدة في ثلاثة, بحسب صورة الله ومثاله, ويُعترف بها كثلاثة أقسام في وحدة. وأنها من المؤكد واحدة في الجوهر, لكن ليست واحدة من جهة أقسامها الثلاثة, وذاك الذي قال “أصلي بالروح وأصلي بالذهن أيضا. أرتل بالروح وأرتل بالذهن أيضا”( ا كو 14 : 15) قد جعل هذا الأمر واضحا جليا. أيضا بعض الناس يكلموننا بشكل واضح جدا عن هذا الثالوث الذي يُستعلن فينا ويُعطي مثالا لصورة الله, وهؤلاء تكون لهم نفس. ولكنهم يكونون ـ بسبب ما ـ بلا عقل ولا كلمة. أيضا البعض ممن يحملون نفسا وكلمة, قد تجدهم فقراء في العقل تماما. أيضا البعض لديهم عقلا ونفسا, ولكنهم محرومين من الكلمة. ولهذا فان الرضيع, الذي يولد من داخل جو مظلم, ويأتي الي النور, يُظهر علي الفور أنه يحمل نفسا هي مثال لله الآب والتي لها قوة عاقلة, تحمل أيضا داخلها الكلمة والعقل. الآن يتقدم هذا الرضيع, حي ينمو الجسد ويكتمل, فيظهر الكلام بعد ذلك, والكلام لا يظهر بشكل كامل ومفاجئ, بل أنه يتلعثم أولا, مُعلنا عن حضور ذهني, عندما ينمو الرضيع ويظهر كرجل كامل, وهذا يشير الي الكلمة حين تجسد لكن فيما تساهم هذه الأمور بالنسبة للبحث الذي نباشره عن خلق الانسان؟ بالطبع يمكن أن تساهم جدا, آه أيها الانسان, اننا بهذه الأمور نعرف طريقة استعلان الله وظهوره في العالم, عندما أخذ جسدا هكذا أدركت طبيعتنا سر الثالوث حينما استعلن في الحين المناسب. حقا لقد حُمل بالانسان من بذرة الشرير, كما لو كان في بطن الخداع, جالسا في الظلمات وفي ظلال الموت. ثم تقدم بعد ذلك في نور المعرفة الالهية, في البداية كطفل, تعهده الناموس, اذ أنه يحمل نفسا, مدركا أن الله الآب يحتوي الكلمة كأقنوم, والروح القدس أيضا, كما هو الوضع بالنسبة للنفس. ولأن الانسان بسبب ضعفه الشديد وطفولته المعرفية, لم يكن قادرا علي اظهار الكلمة والفكر, ولكي لا ينزلق الي عبادة الآلهة المتعددة, فان طبيعتنا المادية أو العالمية قد اكتسبت بمرور الزمن حكمة, مثلما يحدث مع الطفل الذي يكبر, كما لو كان قد تعلم من نفس ما أن تكون له معرفة عن الله الآب ولكنها معرفة غير مُعلنة, مثلما يحدث في البداية من تلعثم غير واضح في الكلام, ثم يكتسب خبرة من خلال التعاليم النبوية, ثم ادراك ومعرفة كلمة الآب كأقنوم. وبعد هذه الأمور المتلعثمة, وأقصد التعبيرات الموسوية والنبوية التي تحمل ألغازا, وبعدما خرج كلمة الله بصوت مسموع وناطق من الأحشاء البتولية, كما تخرج الكلمة من الشفاه, ستعرف طبيعتنا الانسانية ككل كمالها الثالوثي بعد أن تكون قد اجتازت هذا التلعثم, من خلال الكلمة, طالما أنها قد قبلت الروح القدس واستنارت ذهنيا, والذي لم يجعل انتقاله وسكناه في هؤلاء من الخارج, لكنه استعلن فيها, من خلال تلك الأمور التي هي في داخلها, أي النفس والكلمة, مقابل الآب والابن, فتلد النفس كلمتها الأقنومية, ليس كمخلوقة, ولا كشئ مُغاير, ولا كجنس مختلف, بل بشكل أساسي هو وجود شخصي فطري يحمل طبيعة مشتركة. مظهرا الطبائع المشتركة في ارتباطها بروح الذهن, كما لو كانت تشكل جسدا واحدا. وبالاضافة الي هذه العناصر فان النفس غير الجسدانية تُغرس فيها أعضائها غير الجسدانية, كما لو كانت هذه الأعضاء نماذج توصف وتُصاغ وتتجمع معا, تلك التي هي فوق كل شكل وهيئة, وهي تحمل روح الذهن كنسمة لجسدها, وكحياة لها, وتملك الكلمة كرفيق لها. فاذا حُرمت النفس من كل هذه الأمور, فلن يكون من الممكن أن توجد ولا أن يُعترف بها كنفس ناطقة وعاقلة, تلك التي خُلقت بحسب صورة الله ومثاله. ومن خلال هذه العناصر الموجودة داخل النفس ستعلم وتعترف أن الآب, والابن, لم يكونا كائنين قبل الروح القدس. فكما في حالة النفس العاقلة, توجد الكلمة داخلها في نفس الوقت, ويوجد داخلها الروح الذي يُحييها ويُجمعها ويُكملها, هكذا فان الله الكلمة هو كائن مع الآب, وفي نفس الوقت الروح القدس كائن مع الابن ومع الآب. أما ان فصلت وعزلت الكلمة عن النفس, فان نفسك ستبقي بدون كلمة. هكذا ستعرف من خلال حقيقة الخلق علي صورة الله, أنك لو رفضت الله الكلمة, قائلا انه غير كائن مع الله الآب, فانك تكرز حينئذ بأن الله هو غير عاقل وشبيه بالحيوانات غير العاقلة. ولو أنك فصلت الروح عن الله, فانك تتحدث عن من هو ميت وليس عن اله حي. لذلك لو أنك أردت أن تجد فلسفة لعبارة “بحسب الصورة والمثال” فينبغي أن تفلسفها هكذا, وليس من قبل الأمور التي هي خارجك, بل من تلك التي هي داخلك. أن تعرف الله غير المعروف, من خلال الثالوث الذي في داخلك, اقتن معرفة للثالوث من خلال الأشياء الموجودة حقا. هذه الشهادة هي شهادة مؤكدة وجديرة بثقة أكثر من أي شهادة أخري للناموس وللكتاب. 4ـ خلق الانسان وادراك سر الثالوث : حقيقة أنه لهذا السبب فقط خلق الله مثل هذا الكائن الحي ( أي الانسان ). لأنه كان يرغب أن يعلن للعالم سر الثالوث القدوس غير المدرك, لكي تحمل داخلك أنت يا من خُلقت بحسب صورة الله ومثاله, الصورة والمثال والنماذج والأمثلة التي توضح سر الثالوث, حين تتطلع في صورة نفسك المخلوقة. لا تُعبر بالتساؤل الساخر, ان كان الله ثالوث, فكيف يكون واحدا؟ وان كان الكلمة هو ابن, فكيف يمكن أن يكون المولود موجودا منذ البدء مع والده؟ وان كان الروح يأتي من الآب, فلماذا لم يولد, لكنه ينبثق؟ أو من هو الذي أحضره الآب الي النور أولا؟ الابن أم الروح القدس؟ فان كان الاثنان معا في نفس الوقت, فهل يوجد يا تري داخل الثالوث الهان أخوة, وولادة تؤأم؟ وكيف ستُميز الفرق بين الولادة والانبثاق في الكائنات غير الجسدانية, والغير متحركة والثابتة وكيف يكون ممكنا أن يكون للوالد والمولود نفس المجد؟ وهل الآب يا تُري ولد بارادته أم لا؟ ومن يشهد علي أن الآب والابن والروح القدس هم جوهر واحد؟ وان كان الله الآب هو أقنوم كامل. وان كان الله الكلمة هو أقنوم كامل, والروح القدس اله كامل, فمن لا يقول ان عقل الله هو اقنوم الهي آخر لله, واله آخر هو ذراع الله, وأقنوم آخر هو اصبع الله, وكذلك يمين الله, وكل الأمور الأخري التي يُقال عنها انها أعضاء الله في الكتاب المقدس؟ اذا فلكي لا تتكلم ولا تفكر في هذه الأمور, التي تعثر فيها الهراطقة, وسقطوا بتفكيرهم, فان الله خلقك بحسب صورة ومثال وجوده الثالوثي, لتكون نموذجا يحمل الشكل الثالوثي, والذي يُعرف أنه واحد في الجوهر. وان كانت لك رؤية مستقيمة, فستجد في هذا الثالوث, وبحق, كل ما يختص بالتعاليم التقوية عن الله, كما في مرآة, وكنموذج أو شكل ( للثالوث القدوس ). وأقصد أن الأقانيم ثلاثة, والجوهر واحد غير منقسم, وغير مُدرك, وهو الذي لا هيئة له, الذي لا يُشار اليه, غير المولود, المولود, المنبثق, الخالق, الراعي, الديان, غير المحسوس, غير الجسدي, الأبدي, غير المتجزئ, غر المائت, الذي لا يُعبر عنه, الفائق الجمال, وبعبارة واحدة ستجد كل ما يقال بتقوي عن النماذج والصور الالهية كظلال مرسومة داخل نفسك, ولهذا قال الله ” لنخلق الانسان علي صورتنا كشبهنا”. 5 ـ الانتقال من الأصل الي الصورة : ومع هذا فان هذه الأمور لم يفهمها الهراطقة غير المؤمنين في عصرنا ولا فكروا فيها, لأنهم لو فهموا بشكل صحيح عبارة “بحسب الصورة والمثال” كملمح للانسان, ما كانوا ليتذبذبوا في سر الثالوث, ما كانوا ليُخضعوا الفائق للطبيعة لأفكارهم. ما كانوا لينشروا ادعائهم المظلم, بأنه لا يمكن أن يكون الله ثلاثة أقانيم. فلو أن آريوس قد فهم الخلق “بحسب الصورة”, ما كان له أن يُعلم بأن الابن هو من جوهر مختلف عن الآب. لو أن مقدونيوس تعرض بتقوي لموضوع الخلق “بحسب الصورة” ما كان له أن يصف الروح القدس بأنه مخلوق. لكنهم أصيبوا بالعمي وعانوا ما عاناه أولئك الذين بينما كانوا يمتلكون الجوهرة في أعماقهم, لم يعرفوها, وبحثوا عنها في الهاوية وهذا بسبب أنهم مخدوعون. لاحظ اذا أن النفس هي “بحسب صورة الله” من حيث الشكل وليست بمساواة طبيعية. كيف صار هذا؟ سأشرح علي الفور ما أقوله بوضوح. نحن نؤمن أن الله الآب غير محدود, وينطبق نفس الشئ علي الابن وعلي الروح القدس, ولهذا فهم كأقانيم غير محدودين, يحملون أسماء, يُعلن فيها الواحد عن الآخر, كما يوجد بينهم ترابط مشترك بمعني أنه عندما يُذكر اسم الآب فمن الواضح أنه يُعلن عن وجود ابن له. كيف يكون ممكنا أن يدعي ابا, ان لم يكن له ابن؟ نفس الشئ عندما يقول روح, فهو يعلن عن الله, لأن الله روح كما يقول الكتاب. فلنأت بعد ذلك من هذا الثالوث القدوس الي صورته, اي الي الثالوث الذي يوجد داخلنا, وستري الاسماء الثلاثة, حيث يحوي الواحد الآخر وهم متحدين. بمعني أنك عندما تُشير الي النفس الناطقة العاقلة, فمن الواضح أنك تُعلن عن الكلمة والعقل. نفس الشئ اذا ذكرت كلمة عقل, فانك تعلن بكل الطرق عن النفس والكلمة. لأنه بأي شئ يتعلق الذهن, ان لم يكن بالنفس والكلمة؟ وهكذا فان اسم أحد الأقانيم يستدعي حتما الاشارة الي الأقنوم الآخر, فهناك ترابط قوي يجمع أسماء الأقانيم معا. يتضح من ذلك أن الأقانيم تحمل نفس الطاقة والجوهر المشترك غير المنقسم, بمعني أن طاقة الله الآب والابن والروح القدس هي واحدة ومتساوية, والقوة واحدة, والارادة واحدة, والرأي واحد. فان الابن غير منفصل عن الآب في كل ما يعمل وهو عامل معه, وأيضا في كل ما يفعل الابن أو الروح القدس فان الآب يعمل معهما في كل الأحوال بشكل غير منفصل. فلا الابن يفعل شيئا بالانفصال عن الآب, ولا الآب بالانفصال عن الابن والروح القدس, بل ولا الروح القدس أيضا يفعل شيئا بدون الابن والآب. وعندما ننتقل من الأصل الي الصورة, الي صورة نفوسنا التي هي مخلوقة “بحسب صورة الله ومثاله” ستري فينا أن الفعل هو واحد ومتساوي. لأن النفس لا تفعل شيئا بدون الكلمة, ولا الكلمة بدون النفس, ولا أيضا العقل يفعل شيئا وحده بدون النفس وبدون الكلمة, بسبب قوتهم وطاقتهم المشتركة المتساوية الأبعاد والفطرية المترابطة فيما بينهما, بحسب خلقتها علي صورة الله ومثاله. ولكن اذا قلت لي ان النفس لا تفعل اي شئ وحدها بدون الجسد, وهذا بالضبط ما سبق وأعلناه, اذ انها قد خُلقت في هذا الجسد بحسب صورة الله ومثاله. فانها من خلال المادة المرئية تعلن عن قوتها غير المرئية. الا انها عندما تنفصل عن الجسد أيضا فان الجوهر والنفس النقية بحسب طبيعتها, اذ توجد في استنارة وبساطة وهدوء وبهاء, يمكن أن تُدعي وتكون بحق مخلوقة بحسب “صورة الله ومثاله”. ولكن اذا تهكم المقاوم, كما هو متوقع, علي كل ما قلته, لأننا لم نُدلل علي أنه توجد ثلاثة أقانيم في النفس بالمساواة مع أقانيم الثالوث القدوس, فليعلم الأحمق أن النفس خلقت علي شكل الصورة وليست بمساواة حقيقية للثالوث القدوس. بل وفي الألوهة أيضا, ان لم يكن هذا أمرا مخيفا أن يقوله المرء, فان هناك تمايز للآب عن الابن, وتمايز للروح القدس عن الابن. وفي تشابهك مع صورة الله, أنت لا تتجاوز هذا أيضا, أي أنه بولادة الكلمة جسديا من الشفاة تصير الفضيلة والحكمة والاستنارة والقوة والعمق والمعرفة التي لنفسك وذهنك معروفة ومُعلنة للجميع. وهذا المثال يُعلن لك أنك خلقت وتوجد بحسب “صورة الله ومثاله”. لأنه بولادة كلمة الله جسديا استعلنت للعالم القوة, المعرفة, الحكمة وجميع أنواع الصلاح الأخري التي للآب والروح القدس. لاحظ اذا كم وتنوع أعمال الكلمة في العالم, من جهة التشبه بكلمة الله. وكيف أنه بواسطة الكلمة, يُخلق كل شئ ويصير له وجود. لقد أخذت الملائكة كيانها بواسطة الكلمة, وبالكلمة يُمجدون الخالق, وبالكلمة خلق كل ما نراه, بالكلمة أُنير سر الكون, بالكلمة صارت الكيانات معروفة. بواسطة الكلمة فقط ظهرت هذه الكيانات, بالكلمة تحققت الانجازات, بواسطة الكلمة تجلي الكون. لقد بُشر بمعرفة الله بواسطة الكلمة, وبواسطة الكلمة أخذنا هذه المعرفة. بواسطة الكلمة توحدت وانجمعت كل الاشياء معا. وكما أن الطفل الذي لا يتكلم يعتبر قليل العقل بحسب تقديرات الناس, الي أن تولد الكلمة من شفتيه, هكذا كلمة الله المولود بحسب الجسد, عبر كل مراحل عدم الكلام الخاصة بطبيعتنا, حين استعلن بكل وضوح في عملية الخلق مع الآب والروح القدس. ولأن نفوسنا هي مخلوقة من الله, فهي غير مُرسلة لخدمة ما, بعد انفصالها عن الجسد, كما يحدث بالعكس مع الملائكة, لأن الملائكة هي أرواح مُرسلة للخدمة, بينما أنفس القديسين هي بشكل أساسي مخلوقة بهيبة بحسب صورة الله ومثاله, لأنه ان كان الانسان بعد عصيانه, قد طاله نقص بسيط عن الملائكة, الا أنه باتحاده بالله الكلمة صار أعظم من الملائكة, لأن ذاك الذي خُلق بحسب “صورة الله ومثاله”, اتحد الآن بالله وذاك الذي أخذ أولا صورة الله, يعكس الآن صورة الله, هذا الذي يليق به المجد الي أبد الآبدين . آمين. |
||||
06 - 02 - 2018, 05:31 PM | رقم المشاركة : ( 954 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
اتضع لأجلك فلا تحتقر تواضعه ـ القديس غريغورويس النزينزي
احتاج الانسان لدواء أكثر قوة لأن أمراضه كانت تزداد سوءا, مثل قتل الأخ والزني والقسم الكاذب, والجرائم الشاذة وأول وآخر كل الشرور أي عبادة الأصنام وتحويل العبادة الي المخلوقات بدلا من الخالق (رو1 :18ـ32) وبما ان هذه كانت تحتاج الي معونة أكبر, لذلك حصلت علي من هو أعظم. ذلك هو كلمة الله ذاته, الأبدي الذي هو قبل كل الدهور, وهو الغير منظور, غير المفحوص وغير الجسدي, البدء الذي من البدء, النور الذي من النور, مصدر الحياة والخلود, صورة الجمال الأصلي الأول, الختم الذي لا يزول, الصورة التي لا تتغير, كلمة الآب واعلانه, هذا اتي الي صورته [1], وأخذ جسدا لأجل جسدنا, ووحد ذاته بنفس عاقلة لأجل نفسي لكي يطهر الشبه بواسطة شبهه, وصار انسانا مثلنا في كل شئ ماعدا الخطية اذ ولد من العذراء التي طُهرت أولا نفسا وجسدا, بالروح القدس (لأنه كان يجب أن تُكرم ولادة البنين وأيضا أن تنال العذراوية كرامة أعظم ), وهكذا حتي بعد أن اتخذ جسدا ظل الها, اذ هو شخص واحد من الاثنين, ياله من اتحاد عجيب, الكائن بذاته يأتي الي الوجود, غير المخلوق يُخلق [2] , غير المحوي يُحوي بواسطة نفس عاقلة تتوسط بين الألوهة والجسد المادي, ذاك الذي يمنح الغني يصير فقيرا, فقد أخذ علي نفسه فقر جسدي, لكي آخذ غني ألوهيته. ذاك الذي هو ملئ يخلي نفسه, لأنه أخلي نفسه من مجده لفترة قصيرة, ليكون لي نصيب في ملئه. أي صلاح هذا ؟! وأي سر يحيط بي ؟! اشتركت في الصورة, ولم أصنها, فاشترك في جسدي لكي يخلص الصورة ولكي يجعل الجسد عديم الموت. هو يدخل في شركة ثانية معي أعجب كثيرا من الأولي, وبقدر ما أعطي حينئذ الطبيعة الأفضل, فهو الآن يشترك في الأسوأ [3] هذا العمل الأخير (التجسد) يليق بالله أكثر من الأول (الخلق) , وهو سامي جدا في نظر الفاهمين. ما الذي سوف يقوله المعترضون والمجدفون علي الألوهية, أولئك المشتكون ضد كل الأمور الجديرة بالمديح, أولئك الذين يجعلون النور مظلما, والذين لم يتهذبوا بالحكمة, أولئك الذين مات المسيح لأجلهم باطلا, أولئك المخلوقات غير الشاكرة الذين هم من صنع الشرير؟ هل تحول هذا الاحسان الي شكوي ضد الله؟ هل تنظر اليه علي أنه صغيرا لأنه هو الراعي الصالح الذي يبذل نفسه عن الخراف (يو10 : 11) والذي أتي ليطلب الخروف الذي ضل فوق التلال والجبال والتي كانت تقدم فيها ذبائح لآلهة غريبة, وعندما وجده حمله علي منكبيه اللتين حمل عليهما خشبة الصليب, وأعاده الي الحياة الأسمي, وعندما أعاده حسبه مع أولئك الذين لم يضلوا أبدا؟ هل تحتقره لأنه أضاء سراجا الذي هو جسده, وكنس البيت, مطهرا العالم من الخطية, وفتش عن الدرهم اي الصورة الملكية التي دُفنت وغطتها الشهوات. وجمع الملائكة أصدقاءه, عندما وجد الدرهم جعلهم شركاء في فرحه والذين جعلهم أيضا مشاركين في سر التجسد؟ فبعد سراج السابق الذي أعد الطريق, يأتي النور الذي يفوقه في البريق, وبعد “الصوت” أتي “الكلمة” وبعد صديق العريس جاء العريس, صديق العريس الذي أعد الطريق للرب شعبا مختارا, مطهرا اياهم بالماء ليجهزهم للروح القدس؟ هل تلوم علي كل هذا؟ هل علي هذا الأساس تعتبره وضيعا لأنه شد الحزام علي وسطه وغسل أرجل تلاميذه(يو 13 : 4) , وأظهر أن التواضع هو أفضل طريق للرفعة؟ لقد اتضع لأجل النفس التي انحنت الي الحضيض لكي يرفعها معه, تلك النفس التي كانت تترنح لتسقط تحت ثقل الخطية, كيف لا تتهمه أيضا بجرم الأكل مع العشارين وعلي موائد العشارين (لو 5 : 27) , وأنه يتخذ تلاميذا من العشارين, لكي يربح … وماذا يربح؟ خلاص الخطاة. وان كان الأمر هكذا, فيجب أن نلوم الطبيب بسبب أنه ينحني علي الجروح ويحتمل الرائحة النتنة لكي يعطي الصحة للمرضي, أو هل نلوم ذاك الذي من رحمته ينحني لكي ينقذ حيوانا سقط في حفرة كما يقول الناموس (تث22: 40) (لو 14: 5) المسيح أُرسل , لكنه أُرسل كانسان لأنه من طبيعة مزدوجة [4], لأنه شعر بالتعب وجاء وعطش وتألم وبكي حسب طبيعة كائن له جسد, واذ استعمل تعبير “أُرسل” عنه, فمعناه أن مسرة الآب الصالحة يجب أن تعتبر ارسالا, فهو يرجع كل ما يختص بنفسه الي هذه الارسالية, وذلك لكي يكرم المبدأ الأزلي [5] وأيضا لأنه لا ينبغي أن يُنظر اليه علي أنه مضاد لله. فقد كتب عنه أنه سُلم بخيانة وأيضا سلم ذاته, وأيضا كتب عنه أنه أُقيم بواسطة الآب وأنه أُصعد, ومن جهة أخري أنه قام وصعد. فما ذكر أولا في كل عبارة فهو من ارادة الآب (أنه سُلم وأنه أُقيم) , اما الجزء الثاني من كل عبارة فيشير الي قوته هو. فهل تفكر في الأمور التي تجعله يبدو وضيعا, أما الثانية التي ترفعه فأنت تتغافل عنها. وتضع في حسابك أنه تألم, ولا تحسب أن هذا الألم بارادته. انظر فحتي الآن لا يزال الكلمة يتألم. فالبعض يكرمونه كاله ولكن يخلطون بينه وبين الآب [6], والبعض الآخر يحقرونه كمجرد جسد ويفصلونه عن اللاهوت [7]. فعلي من يصب جام غضبه بالأكثر؟ أو بالأحري من هم الذين يغفر لهم؟ هل الذين يخلطونه بطريقة جارحة أو أولئك الذين يقسمونه؟ فالأولون كان يجب أن يميزوا (بين الأقانيم) والآخرين كان يجب أن يوحدوه (مع الآب). الأولون من جهة عدد الأقانيم والآخرون من جهة الألوهية, هل تتعثر من تجسده ؟ هذا ما فعله اليهود. ربما تريد أن تدعوه سامريا؟ ولن أذكر ما قالوه عن المسيح بعد ذلك (يو 8: 48) هل تنكر ألوهيته؟ هذا لم يفعله حتي الشياطين. للأسف كم أنت أقل ايمانا من الشياطين! وأكثر جهلا من اليهود! فهؤلاء اليهود قد فهموا ان اسم ابن يدل علي أنه مساوي في الرتبة (أي مساوي لله), اما أولئك الشياطين فعرفوا أن الذي طردهم هو اله, لأنهم اقتنعوا بذلك بسبب ما حدث لهم. أما أنت فلا تعترف بالمساواة ولاتقر بلاهوته. كان من الأفضل أن تكون اما يهوديا أو شيطانا (لو عبٌرت علي ذلك بطريقة مضحكة), عن أن يتسلط علي ذهنك اشر وعدم الايمان وأنت أغلف وبصحة جيدة. |
||||
06 - 02 - 2018, 05:31 PM | رقم المشاركة : ( 955 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
الثالوث الأقدس – القديس غريغوريوس النزينزي
1ـ إن الله غير مُدرَك بعقولنا البشرية : + لا يوجد الإنسان الذى اكتشف أو يستطيع أن يكتشف من هو الله فى الطبيعة أو الكنه. + كان يمكن أن يحاط الله بالكلية لو كان فى الإمكان حتى أن يدرك بالفكر لأن الإدراك هو صورة من صور الإحاطة. + كل ما يصل إلينا ما هو إلا فيض ضئيل من نور عظيم. حتى إن كان أحدٌ قد عرف الله أو نال شهادة الكتاب المقدس عن معرفته لله، فلنفهم : إن مثل هذا الشخص قد نال درجة من المعرفة تجعله يبدو أكثر استنارة عن الآخر الذى لم يحظَ بنفس القدر من التنوير. 2 ـ الصفات الأقنومية للأقانيم الثلاثة المتمايزة للثالوث الأقدس : + دعنا نلتزم بحدودنا ونتكلم عن “غير المولود” و”المولود” و”ذاك الذى ينبثق من الآب” كما قال الله الكلمة نفسه فى أحد المواضع. + هذا هو ما نقصده من “الآب” و”الابن” و”الروح القدس”. الآب هو الوالد والباثق، بلا ألم طبعاً وبلا إشارة للزمن، وليس بطريقة حِسّية. والابن هو المولود، والروح القدس هو المنبثق. 3 ـ أزلية الابن والروح القدس : + “متى جاء هذان إلى الوجود؟” “إنهما فوق كل “متى” بل إذا تكلمت بأكثر اجتراء لأقول ومتى نجد الآب. متى جاء الآب إلى الوجود؟ لم يكن أبداً وقت لم يكن فيه الآب. ونفس الشئ صحيح بالنسبة للابن وللروح القدس. ولتسألنى مرة تلو المرة، أجيبك. متى ولد الابن؟ حينما لم يولد الآب، متى انبثق الروح القدس؟ حينما لم ينبثق الابن بل ولد -خارج دائرة الزمن وفوق قبضة (استيعاب) المنطق. هذا وبالرغم من أننا لا نستطيع أن نقدم ما هو الذى فوق الزمن إذا كنا نود أن نتحاشى التعبيرات التى تتضمن فكرة الزمن. لأن تعبيرات مثل “متى” و”قبل” و”بعد” و”من البدء” ليست خالية من معنى الزمن مهما على أى حال طوعناها إلا طبعاً إذا اعتبرنا الدهر أنه تلك الفترة التى تتزامن مع الأشياء الأزلية ولا تُقَسَّم أو تقاس بأى حركة ولا بدوران الشمس كما يقاس الزمن. لماذا إذاً ليسا بالمثل غير منبوعين ماداما أيضاً أزليين؟ لأنهما منه وإن كانا ليسا لاحقين له. لأن غير المنبوع أزلى ولكن الأزلى ليس بالضرورة غير منبوع مادام يُنسب إلى الآب كأصل له. لذلك فبالنسبة للسبب هما ليسا غير منبوعين مادمنا ننسب إلى الآب أنه مصدرهما. ومن الواضح أن السبب ليس بالضرورة سابق لآثاره فالشمس ليست سابقة لضوئها. إلا أنهما بمعنى ما بلا مبتدأ من ناحية الزمن (أى لا بداية زمنية لوجودهما)، حتى وإن كنت تُرعِبْ بسطاء العقول بمراوغاتك لأن مصادر الزمن لا يمكن أن تكون موضوعاً للزمن. + لقد دُعى “الكلمة” لأنه يُنسَب إلى الآب كما تنسب الكلمة إلى العقل. 4 ـ استعمال النماذج والأمثلة لشرح الثالوث الأقدس : + لقد تدارست هذا الأمر فى عقلى الخاص بتدقيق وقلبت الأمر من كل الجهات ومن جميع وجهات النظر لأجد بعض النماذح الموضِّحة لهذا الأمر الهام. ولكننى لم أجد شيئاً على هذه الأرض يصلح للمقارنة بطبيعة اللاهوت. لأنه حتى إن وجدت بعض التشابه الطفيف فإن الأكثر يهرب منى ويتركنى فى الأسافل مع نموذجى. لقد تصورت عيناً، وينبوعاً، ونهراً، وهكذا فعل غيرى من قبل، لأرى هل يتماثل الأول مع الآب والثانى مع الابن والثالث مع الروح القدس لأن فى هذه لا فرق هناك زمنياً ولا ينفصلون عن بعضهم البعض وإن كانوا يتمايزون فى ثلاثة شخوص. ولكنى خفت أولاً أن أجعل فى اللاهوت سرياناً لا يمكن أن يتوقف. وفى المقام الثانى فإن بهذا النموذج نُدخِل وحدة رقمية لأن كلاً من العين والنبع والنهر هم عددياً واحد وإن اختلفت الأشكال. وفكرت ثانياً فى الشمس والشعاع والضوء ولكن هنا أيضاً خفت أن يدخل فى روع الناس فكرة التركيب وينسبوها إلى الغير مُركَّب. ومن ناحية أخرى لئلا ننسب الجوهر للآب وننكره على الشخصين الآخرين ونجعلهما مجرد قوتين إلهيين وليسا شخصين. لأنه ليس الشعاع ولا الضوء شمساً ولكنهما مجرد فيضاً من الشمس وصفات لجوهرها. وأخيراً وحسب هذا النموذج ننسب لله الوجود وعدم الوجود فى آن واحد وهذا أكثر رعباً. 5 ـ الأقانيم الثلاثة لهم ذات الجوهر الواحد : + إن أحادية الأصل هى ما نحفظه بتكريم. إنها مع ذلك أحادية الأصل (من جهة الثالوث بالنسبة للخليقة) غير المقصورة على أقنوم واحد بعينه. بل إنها ناشئة من تساوى الطبائع ووحدة الفكر وتطابق المشيئة والتئام المكونات نحو الوحدة -وهى ما تعجز الطبائع المخلوقة أن تصله. حتى أنه رغم التعددية فليس هناك أبداً انقسام فى الجوهر. + فى رأيى إنه يدعى “ابن” لأنه يطابق الآب فى الجوهر وليس لهذا السبب فحسب بل وأيضاً لأنه منه وكان يسمى الابن الوحيد ليس لأنه كان الابن الوحيد للآب. بل لأن بنوته كانت خاصة بشخصه ولا يقاسمه فيها أى جسد. وكان يسمى الكلمة لأنه يُنسَب إلى الآب كما تنسب الكلمة إلى العقل ليس فقط للإخبار عن ولادته التى بغير ألم بل أيضاً من أجل الوحدة ومن أجل وظيفته الإخبارية (الإعلانية). + والصورة هى من نفس جوهره 6 ـ المساواة بين الأقانيم الثلاثة : + ماذا يقولون إذن؟ هل يوجد نقص ما فى الروح يمنعه أن يكون ابناً؟ لأنه إن لم يكن هناك نقص ما لكان ابناً؟ نحن نؤكد أن ليس ثمة نقص لأن فى الله لا يوجد أى نقص. ولكن اختلاف التعبير، إذا استطعت أن أعبر عن نفسى هكذا، أو بالأحرى تبادل العلاقات بينهم أدى إلى اختلاف أسمائهم. وبالتأكيد ليس نقص ما هو ما يمنع الابن أن يكون الآب (لأن البنوة ليست نقصاً) ومع ذلك ليس هو الآب. وحسب هذا الخط من الجدال فلابد أن يكون هناك نقص ما فى الآب لأنه ليس الابن لأن الآب ليس الابن، ومع هذا فليس ذلك لأجل نقص ما أو خضوع فى الكينونة، بل لأجل هذه الحقيقة بعينها عن كونه: غير مولود أو مولود أو منبثق هو الذى أعطى الاسم الآب للأول والابن للثانى والروح القدس للثالث الذى نحن نتكلم بصدده فالتمايز بين الثلاثة شخوص محفوظ فى الطبيعة الواحدة ومجد اللاهوت. ليس الابن “الآب” لأن الآب واحد مع أن له ما للآب، وليس الروح القدس ابناً لأن الابن واحد مع أن الروح من الله؛ وله ما للابن. الثلاثة فى الله الواحد والله الواحد ثلاثة فى الخصائص . حتى لا تكون الوحدة سابيلية ولا التثليث له الوجه القبيح (الذى للأريوسيين والأنوميين). 7 ـ الاشتراك فى نفس الصفات التى للجوهر : + فإننا تعلمنا أن نؤمن ونُعلِّم عن ألوهية الابن من الكلمات السابقة العظيمة التى نطقوا بها وأى كلمات هذه؟ إن الله الكلمة كان فى البدء ومع البدء وكان هو البدء “فى البدء كان الكلمة، وكان الكلمة عند الله، وكان الكلمة الله” (يو1:1) و”معك كان البدء” “وهو الذى دعاها البداءة من أجيال” (أش41: 4). لهذا فإن الابن هو الابن الوحيد “الابن الوحيد الكائن فى حضن الآب هو خبَّر” (يو1: 18). الطريق والحق والحياة والنور “أنا هو الطريق والحق والحياة” “أنا هو نور العالم” الحكمة والقوة “المسيح حكمة الله وقوة الله” الفيض والرسم والختم “الذى هو بهاء مجده ورسم جوهره” * و”صورة صلاحه” و”الذى ختمه الله الآب”. الرب والملك والقادر على كل شئ “أنزل الرب ناراً من السماء” و”صولجان حقه هو صولجان ملكه” و”الكائن الذى كان والآتى أيضاً والقادر على كل شئ”. كلها قد قيلت بوضوح عن الابن مع كل القطع الأخرى التى بنفس القوة قيلت. لم يُضَفْ أى منها فيما بعد إلى الابن أو الروح القدس ولا كان أى منها فكراً لاحقاً ولا عن الآب نفسه. لأن كمالهم لم يتأثر بالإضافات. لم يوجد وقت أبداً لم يكن فيه بدون الكلمة أو متى لم يكن الآب أو متى لم يكن الحق أو غير حكيم أو غير قوى أو خالٍ من الحياة أو السؤدد أو الصلاح . + إن الابن هو نموذح توضيحى مُركّز وتقديمه مُيَسّر لطبيعة الآب. لأن كل ما هو مولود هو كلمة صامتة لذلك الذى ولده.. “هو.. يدعى.. صورته لأنه من نفس جوهره ولأن الابن هو من الآب وليس الآب من الابن. لأن هذه هى طبيعة الصورة أن تكون نسخة من الأصل الذى تحمل اسمه وفى حالتنا هذه ما هو أكثر. لأن كل صورة هى إيماءة أقل تمثيلاً من التى أومئت بها ولكن فى حالتنا هذه هى نسخة حيَّة من (كائن) حى بل وأكثر شبهاً من شيث إلى آدم أو أى ابن إلى أبيه، لأن هكذا هى طبيعة الوجود لأنه ليس من الصواب أن نقول أنه يتشابه فى جزئية ولا يتشابه فى جزئية أخرى، ولكن هنا التماثل كامل ويجدر أن يقال عنه أنه تطابق بدلاً من تشابه. وبالأكثر من ذلك فهو يُدعَى النور حيث ينير النفوس ويطهرها بالكلمة والحياة لأنه إذا كان الجهل والخطية هى الظلام، والمعرفة والحياة حسب الله هو النور.ويسمى الحياة لأنه هو النور وهو المنشئ والقوة الخالقة لكل نفس عاقلة. لأن فيه نوجد ونحيا ونتحرك، حسب القوة المزدوجة التى للنسمة التى نُفِخَت فينا. لأننا جميعاً قد ألهمنا بالنفخة وكثير منا كانوا قادرين على ذلك وللآب نفتح أفواه عقولنا مع الله الروح القدس. 8 ـ الروح القدس ينبثق من الآب : + هذه هى الأسماء العامة للاهوت ولكن الاسم المناسب لغير المنبوع هو الآب وللمولود بلا بداية هو الابن وللمنبثق غير المولود الروح القدس. 9 ـ أحادية الأصل الأبوى فى الثالوث الأقدس : + لماذا إذاً ليسا بالمثل غير منبوعين ماداما أيضاً أزليين؟ لأنهما منه وإن كانا ليسا لاحقين له. لأن غير المنبوع أزلى ولكن الأزلى ليس بالضرورة غير منبوع مادمنا نشير إلى الآب كأصل لهما. لذلك فبالنسبة للسبب هما ليسا غير منبوعين. ولكن من البيِّن أن السبب ليس بالضرورة سابق لنتيجته كالشمس مثلاً ليست سابقة لنورها. + الآب هو الوالد والباثق 10 ـ العطايا الإلهية هى من الآب من خلال الابن فى الروح القدس : + إنه هو (الروح القدس) العطية، والهبة، والإلهام، والوعد، والشفيع لنا، وبدون الدخول فى تفاصيل أكثر، فإن أى عبارات أخرى من هذا النوع، تُنسَب إلى السبب الأول (الآب) حتى يظهر (يتضح) ممن هو (الروح القدس)، وحتى لا يعترف الناس بثلاثة مصادر ( ثلاث آلهة مستقلة) على الطريقة الوثنية. لأن الخلط بين الأقانيم مع السابيليين (أتباع سابيليوس) يتساوى فى عدم التقوى مع تقسيم الطبائع مع الأريوسيين. + “لأن فيه نحيا ونتحرك ونوجد” حسب القوة المزدوجة فى النفخة فينا، لأننا جميعاً نُلهَم بالنفخة، وكثيرون منا قادرون على ذلك وإلى الآن نفتح أفواه عقولنا لله والروح القدس . |
||||
06 - 02 - 2018, 05:31 PM | رقم المشاركة : ( 956 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
صلاة إلى والدة الإله ـ القديس غريغوريوس بالاماس يا والدَة الإله، السيّدَة الفائقَة القداسة، يا من ولدتِ اللهَ الكلمَة بالجسد، أعرفُ جيِّداً أنَّي لستُ مستحقًّاً ولا يليقُ بي أنا الكثيرَ الشقاوة، أْن أنظرَ إلى إيقونتِكِ يا من أنتَ نقيَّةٌ ودائمةُ البتوليَّةِ وجسدُك ونفسُك نقيَّان ولا يشوبُهما عيب، ولا أْن أحدِّقَ بكِ بعينيَّ الخاطئتين، أو أْن أُقبَِّلك بشفتيَّ الرجستَين غِيرالطاهرتَين ولا حتَّى أْن أترجَّاك. لأنَّه واجبٌ وحقٌّ أْن تمقتيني وترذُليني أنا الضاّل. ولكنَّ اللهَ الكلمَة الذي ولدتِهِ صارَ إنساناً لكي يدعوَ الخاطئينَ إلى التوبة، فأتشجَّعُ أنا أيضًا لأقفَ أمامَكِ وأترجَّاكِ والدموعُ في عينيَّ. يا سيِّدتي الفائقَة القداسة، اقبلي هنا اعترافَ خطايايَ الكثيرةِ والمرعبة، وانقليهِ إلى ابنِكِ الوحيدِ وإلهِك، وابتهلي إليه لكي يسامحَ نفسيَ الشقيََّة البائسة. وبما أنَّ كثرَة خطايايَ تُعيقني أْن أواجهَه وأطلبَ إليهِ المسامحة، لذلك جئتُ إليكِ أرجوكِ أْن تتوسَّطي وتتضرَّعي لأجلي. وعلى الرغِم من أنِّي تمتَّعتُ بعطايا كثيرةٍ أغدَقها عليَّ الله الذي خلَقني، إلاَّ أنِّي فقدتُها كلَّها وغدوتُ أنا الشقيَّ عديمَ النفِع بالكلِّيَّةِ وانضممتُ إلى قطيِع البهائِم التي لا عقَل لها وصرتُ واحداً معَها. فافتقرتُ من الفضائِل واغتنيتُ بالأهواء، وصرتُ أخجلُ حينما أتجرَّأُ وأحضرُ أمامَ الله ملومًا منه ومُحِزنًا الملائكة، تُعيِّرُني الشياطين ويكرهُني البشرُ ويبكِّتُني ضميري وأخجلُ دائمًا من أعماَلي الشرِّيرة، وكدتُ أْن أصيرَ ميتًا قبْل أْن أموت، وأشعرُ أنِّي مدانٌ من نفسي، بحقٍّ، قبَل الدينونةِ الأخيرة. وحتَّى قبَل الجحيِم الأبديَّة، أنا أعاقِبُ ذاتي، مصاباً باليأس. لذلك ألجأُ إلى معونتِكِ الوحيدة، أيَّتها السيِّدةُ الفائقةُ القداسة، أنا اَلمدينَ بالكثِير من المواهب، والضاّل، الذي صرفتُ كل َّثروتي الأبويَّةِ مع الزواني، أنا الذي فُقتُ الزانيَة المذكورَة في الإنجيِل بالخطايا، وتعدَّيتُ أكثرَ من منسَّى، وصرتُ عديمَ الشفقةِ أكثرَ من غنيِّ المثِل الإنجيليّ، أنا العبدَ الطمَّاعَ الذي لا يشبع، والوعاءَ النتنَ للأفكاِر الشرِّيرة، وحارسَ كنز ِالأقوال ِالبذيئةِ والمقرفة، وأخيراً، صرتُ غريباً من كلِّ صلاحٍ وعملٍ فاضل. فيا سيِّدتي الفائقَة القداسة، اصنعي رحمة ًمع حقارتي، وأشفقي على مرضي، يا من تؤثِّرين كثيراً على ذاك الذي ولدته. لا أحدَ غيرَكِ يستطيعُ أن يفعَل ما تستطعين فعَله، كونَكِ أمَّ الله. تستطعينَ كلَّ شيء، لأنَّك تَسْمينَ على كلِّ مخلوقاتِ الله، وليس من شيءٍ يصعبُ عليك ِ. يكفي فقط أن تُريدي، فلا تشيحي إذاً نظرَكِ عن دموعي وتزدري بتنهداتي. لاتصرفي نظرَكِ عن وجِع قلبي، ولا تخيِّبي رجائي الذي وضعتُه عليكِ. ولكن بطلباتِك الوالديَّة، التي تضطرُّ صلاحَ ابنِكِ وإلهِكِ الذي لا أحدَ يُجبرُه، أهِّليني أنا عبدَكِ الشقيَّ وغيرَ المستحقِّ، أْن أستعيدَ البهاءَ الأوَّلَ الذي وهبني إيَّاها لله، وأخلعَ عنِّي شناعَة الأهواء، حتَّى أتحرَّرَ من الخطيئةِ وأخضعَ للبرّ، وأنتزعَ نجاسَة شهواتي الجسديَّةِ وألبسَ قداسَة النفِس ونقاوتَها، فأموتُ عن العاِلم لكي أحيا في الفضيلة. أتوسَّلُ إليكِ أيَّتها السيِّدةُ الفائقةُ القداسة، عندما أسيرُ كوني مرافقتي، وعندما أسافرُ في البحِر سافري معي، وعندما أسهرُ للصلاةِ قوِّيني. عندماَ أحزنُ عزِّيني، وحينما أفقدُ شجاعتي أعضديني. عندما أمرضُ هَبيَ لي الشفاء، وعندما أُظَلمُ حَلِّي مرارتي، وعندما يوشى بي أبريئيني، وعندما أتعرَّضُ لخطِر الموتِ أسرعي وخلِّصيني، وعندما يحيطُ بي أعدائي غيرُ المنظورين كلَّ يوم، أظهريني لهم رهيباً وقوياً، لكي يعرفوا جميعهم، كم يعذِّبونني ظلماً، أنا العبدَ المؤمن. نعم، أيَّتها السيِّدةُ الفائقةُ القداسةِ الكلِّيَّةُ الصلاح، استمعي تضرُّعي المتواضعَ ولا تسمحي أن يخيبَ رجائي، يا من أنتِ، بعدَ الله، رجاءُ البشِر في كلِّ أقطاِر الأرض. أطفئي نارَ أهوائي الجسديَّة، هدِّئي العواصفَ العاتيَة التي تعصفُ في نفسي، حلِّي مرارَة غضبي، وانزعي من ذهني الكبرياءَ وتباهي المجدِ الفارغ، وامحي من قلبي التخيُّلاتِ الليليَّةَ التي تضعُها الأرواحُ الشرِّيرةُ، والهجماتِ الحاصلَة في النهاِر من جرَّاء الأفكاِر الدنسة، لقِّني لساني أْن يلهجَ بكلِّ أمرٍ يساعدُ في نموِّ حياتي الروحيَّة، وعلِّمي عينيَّ أن تنظرا باستقامةٍ طريقَ الفضيلةِ القويمةِ، واجعلي قدميَّ تركضانِ من دونِ عوائقَ على طريِق الوصايا الإلهيَّةِ المغبوطةِ وقدِّسي يديَّ لأستحقَّ أْن أرفعَهما كي أتضرَّعَ إلى المسيح، وطهِّري فمي، حتَّى يملكَ الشجاعَة فيُصلِّي إلى الآب، اللهِ الرهيِب والكلِّيِّ القداسة. افتحي أذنيَّ لأسمعَ، بكلِّ أحاسيسي وذهني، أقواَل الكتِب المقدَّسة الأحلى من العسِل بشهدِه، وأْن أعيشَ بحسِب تعاليمِها متقوِّيًا من نعمتِك. أعطيني، ياسيِّدتي الفائقَة القداسةِ زمانًا للتوبة، وفكرَ رجوعٍ إلى بيتِ أبي. احرسيني وحرِّريني من الموتِ المفاجئ، وخلِّصيني من حكِم ضميري. وأخيرًا، أرجوكِ أن تكوني معينَتي حينَ انفصاِل النفِس من جسدي الشقيّ، مخفِّفًة ذاكَ الغضبَ الشديدَ الذي لايُحتمل، وملطِّفًة الأَلم الذي لا يُعبَّرُ عنه، ومعزِّيًة قنوطي الذي لا يوصف، ومخلِّصًة إيَّايَ من رؤيةِ منظِر الشياطِين المظلمينَ المخيفة، ومنقذًة إيَّايَ من الفخِّ الذي نصبَهُ لي جنودُ الهواءِ وسلاطينُ الظلام، ومزِّقي مخطوطاتِ خطايايَ الكثيرة، وصالحيني مع الله، واجعليني مستحقًّا، عندما تأتي ساعةُ الحساِب الرهيب، أْن أقفَ عن ميامِنه وأرَث الصالحاتِ الطاهرَة والأبديَّة. أعترفُ بهذا كلِّه لكِ أيَّتها السيِّدةُ الفائقةُ القداسة، والدَة الله، يا نورَ عينيَّ المظلمتَين، وعزاءَ نفسي ورجائي، بعدَ الله، وحمايتي. فاقبلي اعترافي أيَّتُها الفائقةُ القداسةِ ونقِّيني من كلِّ أدناِس الجسدِ والروح. وأهِّليني في هذه الحياةِ الحاضرةِ أْن أتناوَل بلا دينونةٍ جسدَ ابنِكِ وإلهِكِ ودمَه الطاهرَين والكلِّيَِّي القداسة، وأمَّا في الحياةِ الأبديَّة أعطيني أْن يكوَن لي حظٌّ في العشاءِ الفردوسيِّ الأجمل، حيثُ توجدُ السكنى الوحيدةُ للذين يتمتَّعوَن بفرِح السيِّد. وعندما أحصلُ، أنا غيرَ المستحقّ، على كلِّ هذه الصالحات، أُمجِّدُ اسمَ ابنِكِ وإلهِكِ الكلِّيَّ الشرفِ والإكراِم إلى دهِر الداهرين، وهو يقبلُ كلَّ التائبينَ بصدق، من أجلِكِ، يا من صرتِ وسيطًة وكفيلَة كلِّ الخطايا. فإنَّك بمعونتِكِ الخاصَّةِ أيَّتها السيِّدةُ الفائقةُ الصلاِح والدائمةُ الذكِر تقودينَ إلى الخلاِص الجنسَ البشريَّ، الذي يُسبِّحُ ويُباركُ دومًا، الآبَ والابنَ والروحَ القدس، الثالوَث الفائقَ القداسةِ، الواحدَ في الجوهِر، الآَن وكلَّ آنٍ وإلى دهِر الداهرين، آمين . |
||||
06 - 02 - 2018, 05:31 PM | رقم المشاركة : ( 957 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
لا تدعِ علي أعدائك وتطلب من الله هلاكهم ! ـ القديس يوحنا ذهبي الفم
المستمع القاسي القلب، اذ له مثل هذا الآب السماوي، عليه أن لا يسلك سلوكاً ارضياً، لأن دعوته هي من السماء. لأننا لا ينبغي أن نكون أولاده بالنعمة فقط لكن بأعمالنا أيضاً، ولا شئ يجعلنا متشبهين بالله بقدر أن نمنح غفراناً للأشرار ولكل الذين يسيئون الينا … فكم يستحقون العقاب الذين بعد كل هذا ليس فقط لا يغفرون، بل يدعون الله لكي ينتقم من أعدائهم ! … المحبة هي أصل كل صلاح … ولكي نتخلص من خطايا كثيرة أعطانا الله طريقاً سريعاً وسهلاً، لا يجلب علينا أي متاعب (المغفرة)، فهل يصعب عليك أن تغفر للذي أخطأ اليك ؟! انك لا تحتاج أن تجوب البحار، ولا أن تسافر أسفاراً طويلة، ولا أن تتسلق قمم الجبال، ولا أن تقترض نقوداً، ولا أن تعذب جسدك، بل يكفي فقط أن تبغيها وسوف تُمحَي كل خطاياك. فأي رجاء لك لتخلص ان كنت لا تغفر لعدوك ! بل بالاضافة الي ذلك تصلي الي الله ضده ! لربما تظهر كأنك تصلي بينما انت في الحقيقة تصرخ بصراخ “وحشي” وتحول سهام الشرير الي نفسك ! … فكيف تكون في حاجة الي رحمة الله وتتمسك بغضبك ! بالرغم من انك تعرف جيداً أنك بموقفك هذا تصوب سهام الشرير (الشيطان) الي ذاتك ! متي تصير اذن محباً ؟! ومتي تطرد عنك هذا السم الشرير ؟! اذا يأتي اليك شخص يطلب رحمتك جاثياً علي الارض ثم وقتما انتهي من توسله هذا رأي عدوه قادم فنهض للتو وأخذ يضربه ويهدده ! ألن تغضب منه أكثر مما كنت ؟ … تأمل … فان نفس الأمر يحدث بينك وبين الله ! فبينما أنت تتضرع الي الله، اذ بك تترك تضرعك وتضرب بكلامك عدوك ! بل تفعل أكثر من هذا اذ انك تحرض المُشَرّع (الله) حتي يصب جام غضبه علي الذين يسيئون اليك ! وكأنك لا تكتفي بأن تخالف ناموس الله بل تريد أن يفعل الله نفس الأمر !! هل نسيت كل ما أعلنه لنا !! أتظن أن الله مثل الانسان ؟!! … لا تقل لي انك لم تغرس اسنانك في جسد الذي أساء اليك، فانك قد فعلت شيئاً سيئاً جداً، وذلك عندما أعلنت رغبتك في أن يسقط فوقه غضب السماء، لأنك تود أن تسلمه لعقاب أبدي ! وتود أن تدمره هو وكل عائلته ! اليس هذا الأمر هو اسوأ من كل اللدغات ؟! أليس هو أكثر الماً من كل النبال ؟! ألم يعلمك المسيح بأن مثل هذه الأمور هي أسوأ من الأفواه الملطخة بالدماء ؟! كيف بعد ذلك تريد أن تقترب من الذبيحة ؟! وكيف لك أن تتذوق دم الرب ؟! فانك عندما تصلي وتقول: “اسحقه ! دمر بيته ! دمره من كل جهة !”، فأنت لم تختلف في شئ عن أي “قاتل” ! ولا اختلفت بشئ عن أي “وحش مفترس” ! ليتنا نوقف هذا المرض وهذا الهوس ! ودعونا نقدم محبة للذين اساءوا الينا، لكي نصير متشبهين بالهنا السماوي … فان كنا نلعن أعدائنا في صلواتنا ! فمن أين ننال رجاء الخلاص ؟ هل سنناله من الخطايا التي نفعلها ؟!! بل ونضيف اليها هذا الهذيان الذي نقوله في الصلاة !! ليتنا نطرد السموم من داخلنا، ونصلي كما يليق بنا. دعونا ننال “هدوء الملائكة” بدلاً من “ضوضاء الشياطين”، ليتنا نلجم غضبنا أمام كل المظالم التي أصابتنا طالما نحتفظ في ذهننا بالأجر الذي سوف ينتظرنا بعد تنفيذ الوصية، ليتنا نكبح جماح الأمواج لكي نقضي الحياة الحاضرة بلا اضطراب حتي نصل الي الرب. ولو كان هذا الأمر نعده ثقيل ومخيف، فدعونا نجعله خفيفاً ومحبوباً، ليتنا نفتح كل الأبواب البهية المؤدية نحوه. حتي ان ما لم نحققه بالكف عن خطايانا يمكننا ان نحققه بأن نصير مسالمين تجاه هؤلاء الذيين يذنبون الينا، وهذا ليس ثقيلاً ولا صعباً، اذ باحساننا الي الأعداء نكون جديرين برحمته الجزيلة علينا. وبفعلنا هذا في هذه الحياة سوف يحبنا الجميع وسيحبنا الله أكثر من الجميع، سوف يحبنا ويكللنا ويجعلنا مستحقين للخيرات العتيدة والتي جميعنا ننالها بنعمة ومحبة ربنا يسوع المسيح الذي له المجد والقوة الي أبد الآبدين. آمين |
||||
06 - 02 - 2018, 05:32 PM | رقم المشاركة : ( 958 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
الله يخاطبنا بلغتنا ـ العلامة اوريجانوس الله الذي لا يندم يقال عنه أنه يندم بحسب نص الأسفار المقدسة. لننتبه جيداً إلى النص حتى يمكننا أن نستوعب المعنى. “تارة أتكلم على أمة وعلى مملكة بالقلع والهدم والإهلاك فترجع تلك الأمة التي تكلمت عليها عن شرها فأندم عن الشر الذي قصدت أن أصنعه بها. وتارة أتكلم على أمة وعلى مملكة بالبناء والغرس فتفعل الشر في عيني فلا تسمع لصوتي فأندم عن الخير الذي قُلت أني أحسن إليها به” (إر 18). فيما يخص ندم الله، نحتاج أن ندافع عن أنفسنا. لأنه يبدو أن الندم أمر مُلام وغير لائق ليس فقط لله وإنما أيضاً بالنسبة للإنسان الحكيم. لأنني لا أتقبل فكرة أن يندم إنسان حكيم، لأن الذي يندم – بالمعنى المعتاد للكلمة – يفعل ذلك لأنه لم يأخذ من البداية الجانب الصحيح أو الرأي الصائب. لكن الله الذي يعرف مسبقاً ما يحدث في المستقبل، لا يمكنه أن يأخذ أي جانب آخر سوى الجانب السليم والرأي السديد. كيف إذن تنسب الأسفار المقدسة الندم لله؟ وفي سفر الملوك، يذكر في النص: “ندمت على أني قد جعلت شاول ملكاً” (1 صم 15) ويقال عنه أيضاً بشكل عام: “ويندم على الشر” (يؤ 13:2) لنرى ماذا يقوله الكتاب عن الله. يقول “ليس الله إنساناً فيكذب ولا ابن إنسان فيندم” (عدد23)، نتعلم من هذه الآية أن الله ليس إنساناً. لكن من خلال نص آخر نتعلم أن الله يتشبه بالإنسان، عندما يقول: “فأعلم في قلبك أنه كما يؤدب الإنسان إبنه قد أدبك الرب إلهك” (تث 8)، كإنسان يتبع أساليب ابنه. إذا عندما يتكلم الكتاب المقدس عن الله لاهوتياً في ما يخص ذاته، دون أن يتطرق إلى خطته وتدبيره الإلهي للأمور البشرية، يقال عنه أنه “ليس إنساناً” وأن “ليس لعظمته إستقصاء” (مز 154)، وأنه “مهوب على كل الآلهة” (مز 96). وأيضأً: “سبحوه يا جميع ملائكته. سبحوه يا كل جنوده. سبحيه أيتها الشمس والقمر. سبحيه يا جميع كواكب النور” (مز 148). يمكنك أن تجد آيات أخرى متعددة في الأسفار المقدسة تؤكد هذا المعنى. لكن عندما يتضمن التدبير الإلهي الأمور البشرية، يحمل الكلام فكر البشر وأسلوبهم وطريقتهم في الكلام. تماماً كما نفعل نحن حينما نتحدث إلى طفل عمره سنتين، نتكلم بحركات وأصوات تناسب الطفل، أما إذا احتفظنا بوقارنا وأصررنا على الحديث مع الأطفال بلغة البالغين، ولم نتنازل لنتكلم بأسلوب كلامهم، فلن يفهموا شيئاً. هكذا أيضاً يفعل الله في اهتمامه بالجنس البشري، خاصة الذين لا يزالوا أطفال منهم (1 كو 3). أنظر كيف نحن البالغين نقوم بتغيير أسماء الأشياء بالنسبة للأطفال الصغار، فندعو “الطعام” بشكل خاص من أجلهم (تاكل مام)، وندعو “الشراب” بكلمة أخرى تناسبهم (أمبو)، دون إستعمال مفردات البالغين الذي يستخدمها البالغون في أحاديثهم، لكن نتكلم بنوع ما من الأسلوب الطفولي في الكلام. وعندما نسمي الثياب للأطفال نختار لها أسماء أخرى، وكأننا نُشكل أسماء طفولية من أجلهم. ماذا إذاً؟ هل نحن أشخاص غير ناضجين بسبب هذا؟ وإذا سمعنا أحد ونحن نتكلم مع هؤلاء الأطفال فهل يقول: لقد فقد هذا الشيخ عقله وتناسى شيبته ووقاره؟ أم أنه أمر مسلم به أنه بدافع الاهتمام بالطفل نتكلم معه لا بلغة البالغين بل بلغته الطفولية. بالمثل يتحدث الله أيضاً إلى أطفال. قال المخلص: “ها أنذا والأولاد الذين أعطانيهم الله” (إش 8، عب 2). يمكن القول عن البالغ الذي يتكلم مع الطفل بشكل طفولي – أو يتكلم كرضيع – أنه قد أتخذ أسلوب ابنه، أو أتخذ طريقة الرضع ونزل إلى حالتهم. بطريقة مماثلة نفهم الكتاب حينما يقول: “وفي البرية حيث رأيت كيف حملك الرب إلهك كما يحمل الإنسان ابنه” (تث 1). بما أننا في الواقع نندم كبشر، فإن الله عندما يريد أن يخاطبنا بلغتنا يقول: “أندم”. وعندما يهددنا لا يظهر نفسه بصورة من يعلم المستقبل، بل ينذرنا كما لو أنه يخاطب أطفالاً. لا يظهر بكونه “البصير بالخفايا والعالم بكل شيءقبل أن يكون” (دا 13: 42)، لكنه كمن يلعب دور طفل – إن جاز التعبير – يتظاهر بأنه لا يعلم المستقبل. ويتوعد الأمم على خطاياها ويقول: إذا رجعت هذه الأمة عن شرها، سأندم أنا أيضاً عن الشر الذي قصدت أن أصنعه بها (إر 18). آه أيها الرب، عندما كنت تهدد، ألم تكن تعلم ما إذا كانت هذه الأمة سوف تتوب أم لا؟ وحينما كنت تعطي وعوداً، ألم تكن تعلم ما إذا كان الإنسان أو الأمة التي وجهت إليها وعودك سوف تظل مستحقة لتلك الوعود أم لا؟ بالطبع يعلم كل شيء، لكنه يتظاهر بعدم المعرفة. يمكنك أن تجد في الكتاب المقدس الكثير من العبارات البشرية التي من هذا النوع، كما في الآية التالية: “تكلم مع بني إسرائيل، لعلهم يسمعون ويتوبون” (إر 33: 3 س)، ليس أن الله غير متأكد، عندما قال: “لعلهم يسمعون”، فالله لا يتحير في الأمر حتى يقول هكذا، لكنه قال ذلك حتى يظهر بوضوح حرية إرادتك، حتى لا تقول: “بما أن الله يعرف مسبقاً إنني سوف أهلك إذاً لابد أن أهلك”، أو “بما أن الله يعرف مسبقاً إنني سوف أخلص إذاً فإنني لابد وأن أخلص”. هو يتظاهر إذاً بعدم رؤيته لمستقبلك، حتى يحمي حرية إرادتك، بعدم إخباره مسبقاً إن كنت سوف تتوب أم لا، ويقول للنبي: ” تكلم، لعلهم يتوبون”. ويمكنك أن تجد فقرات كثيرة من الكتاب المقدس تظهر إتخاذ الله لأسلوب الإنسان. فإذا سمعت عن غضب الله وسخطه (تث 29)، لا تظن أن الغضب والسخط إنفعالات موجودة في الله. القصد من إستخدام هذه الطريقة في الحديث هو تغيير وتحسين الطفل الرضيع، إذ أننا نحن أيضاً حينما نريد أن نوجه أطفالنا نستخدم عبارات مخيفة، ليس لكونها نابعة من حالة ذهن حقيقية بل من أجل غرض إحداث الخوف في أنفسهم. إذا أظهرنا على وجوهنا التسامح والتساهل الموجود في نفوسنا ومشاعرنا الداخلية تجاه أطفالنا بشكل دائم، دون أن نغير ملامح وجوهنا بحسب تصرفات الأطفال، نفسدهم ونردهم إلى الأسوأ. هكذا أيضاً وبهذه الطريقة يتكلم الكتاب عن غضب الله وسخطه، وذلك بهدف توبتك وإصلاحك. فالله في الحقيقة لا يغضب ولا يسخط، لكنك أنت هو الذي يختبر تأثير الغضب والسخط عندما تجوز الأوجاع الرهيبة بسبب خطاياك، في حالة تأديب الله لك بما يسمى “غضب الله”. |
||||
06 - 02 - 2018, 05:32 PM | رقم المشاركة : ( 959 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
السلام الداخلي ـ القديس ثيؤفانس الحبيس
أرغب في أن أضيف بعض التعليمات لك حول ما يجدر بك القيام به فيما تدخل الطريق الجديدة. كلّ مَن قام بمراقبة دقيقة لما يجري في داخله ولو ليوم واحد، يدرك بشكل واضح أن الروح قد سقطت. لقد أخبرتك عن هذا منذ زمن. سوف تتذكر أنّ في داخلنا هذا الاضطراب الذي يأتي بشكل غير شرعي، وبالتالي ينبغي إيقافه. أنتَ أيضاً كتبتَ أنك لم تستطع أن تتتبّع الحركة الداخلية غير المضبوطة. سوف أستعرض وصف هذه الحالة. أفكار الذهن موجهة كلها إلى الأرض وليس من سبيل لرفعها إلى السماوات. فحواها عبثية وحسية وخاطئة. أنت رأيت كيف ينزل الضباب على الوادي. هذه صوره دقيقة لأفكارنا فهي تزحف وتلاحق الأرض. إلى هذا الزحف نحو الأسفل، هذه الأفكار تزبد باستمرار ولا تهدأ في مكان واحد، إنّها تصادم بعضها بعضاً مثل سرب من الذباب في الصيف. وفوق هذا إنها دائمة الحركة. تحت هذه يقع القلب. إن اللطمات المستمرة في القلب مصدرها الأفكار ومنها تنشأ الأعمال. مهما كانت الفكرة فإن عملاً ما للقلب يقابلها ومنها: الفرح، الغضب، الحسد، الخوف، الرجاء، الفخر، اليأس. هذه كلها تنشأ في القلب الواحدة تلو الأخرى. إنها لا تتوقف، تماماً مثل الأفكار لا تسلسُل لها، فيما القلب دائم الارتعاش مثل ورقة الشجر، بسبب المشاعر. والأمر لا ينتهي هنا. الفكر مع الشعور دائماً يولّدان شهوة أكثر أو أقل قوة. تحت الأفكار المشوشة والمشاعر تقع الشهوات المشوِّشة عشوائياً. هذا شخص مولع بالكَسب، وذاك يبذّر كل شيء. هذا متسامح وذاك منتقم. هذا يهرب من الجميع وذاك يسعى إلى الحشد. وليس فقط أن هذه الأمور تجري على هذا المنوال، لكن الشكوك، الواحد تلو الآخر، تغلي بشكل مستمر في النفس. راقبْ نفسَك مثلاً وأنت جالس في عملك، فسوف ترة كل هذه تجري في داخلك كما على مسرح. هكذا هو إذاً اضطرابنا الداخلي وتشوشنا. ومنه أيضاً يأتي الاضطراب في حياتنا وهذا الغم الذي يخيم علينا. لا تتوقعْ حياة منتظمة حتى تقضي على هذا الاضطراب الداخلي. فهو بذاته ومن ذاته سبب لكثير من الشر. لكنه سيء بوجه خاص لأن الشياطين يقيمون فيه ويبلبلون الأمور أكثر، موجِّهين كل شيء باتجاه الأسوأ نحو دمارنا. في مطلع الصوم، تفحصتَ نفسَك وقررتَ اقتلاع بعض الأمور وإضافة أخرى. أنت لا تستطيع إلاّ أن توجّه انتباهك نحو التشوش الداخلي وتتسلح بالحماسة اللازمة ضده. اسمحْ لي مرةً أخرى أن أركّز على العدو الداخلي. إنت حدّدت نية صارمة للعمل من أجل الرب والانتماء إليه وحده ابتداءً من هذه النقطة. سرُّ التوبة أعطاك الغفران في كل شيء وأنتَ ظهرتَ نقيّاً أمام وجه الله. المناولة المقدسة أتَت بك إلى أقرب شركة، أو بالأحرى جدَّدَت شركتَك، مع الرب يسوع المسيح وملأتْكَ بكل قوة نافعة. إذاً ها أنت هنا مهيئاً لهذه المهمة. لو أنّ التمني يكفي لإصلاح حياتنا الداخلية ولجعل الأمور على أفضل حال، أو لو أنّ كلمة تكفي لتحقيق كل شيء فوراً، لانتفى كلّ سبب يدفعك إلى ولوج هذه المتاعب، ولكان كلّ شيء جرى للأفضل، ولما كنتَ لتشتهيه. في أي حال، قانون الحياة الأخلاقية الحرّة، بالرغم من جوهرها المتأذي، هو في أن هناك مثابرة راسخة. المساعدة النافعة متوفرة، ولكن مع هذا ينبغي بك أن تقسو على نفسك وتجاهد. أن تجاهد مع نفسك قبل كل شيء. إن حياتنا الداخلية لا تأتي إلى النظام المناسب فجأة. ما هو مطلوب دائماً وما ينتظرنا هو العمل المكثف مع النفس، النفس الداخلية، من خلال تمثل النوايا الحسنة وتفعيل النعمة بالأسرار. هذا العمل وهذا المجهود موجهان نحو تدمير الاضطراب المسيطر في الداخل، وتثبيت الترتيب والتناغم في مكانه. هذا الترتيب والتناغم يتبعهما السلام الداخلي والمزاج القلبي المبتهج بشكل دائم. هذا ما ينتظرك الآن! لا تفكّرْ، على أيّ حال، أن لهذا عليك أن تعيد عمل كل شيء أو ربط نفسك بكثرة من القوانين. لا مطلقاً. قانونان أو ثلاثة، تدبيران وقائيان أو ثلاثة، هي كل ما تحتاجه. يوجد اضطراب في الداخل وهذا تعرفه من الخبرة. يجب أن تقضي عليه، وهذا ما تريده وقد قررت ذلك. ابدأ مباشرة بإزالة سبب هذا الاضطراب. السبب هو أن روحنا فقدت أساسها الأصلي، الذي هو في الله، وهي تعود إليه مجدداً بتذكر الله. إذاً، الأمر الأول هو هذا: ضروري أن تتعوّد على تذكّر الله بدون انقطاع، إلى جانب خوفه وتوقيره. لقد كتبت لك عن هذا في المرة الماضية. أنت تعرف السبيل المطلوبة له، وقد بدأت بها، فليكن مباركاً. افتح الطريق لهذا العمل بدون تعويق. كًنْ مع الله، مهما فعلت، ووجّه نحوه كل عقلك، محاولاً أن تتصرّف كما في حضرة ملك. سوف تعتاد على هذا سريعاً، فقط لا تستسلم أو تتوقف. إذا تبِعتَ هذا القانون البسيط بضمير حي، سوف تقهر الاضطراب الداخلي، بالرغم من وجود تمزقات، أحياناً بشكل أفكار تافهة وغير مهمة، وأحياناً أخرى بشكل أحاسيس ورغبات غير مناسبة، سوف تلاحظ هذا الخطأ فوراً وتطرد الضيوف غير المدعوين خارجاً، مسرعاً في كل مرة إلى تجديد وحدة الفكر المتعلّق بالرب الواحد. فليلهمْك الله! باشر بهذا بحماسة أكبر، تابع بدون تقطّع، وسوف تبلغ مقصدك قريباً. الاهتمام الوقور بالله الواحد سوف يتوطّد ومعه سوف يأتي السلام الداخلي. أقول أنه سوف يكون قريباً لكن سوف يستغرق أكثر من يوم أو اثنين. هذه الأمور تتطلب ربما بعض الأشهر، وأحياناً يستغرق سنين. أطلبْ من الرب وهو نفسه يعينك. وللمساعدة، أضِفْ القانون التالي: لا تَقُمْ بأي عمل يعارضه ضميرك، ولا تتوانى عن أي شيء يقوله لَكَ كبيراً كان أو صغيراً. الضمير هو دائماً دليلنا الأخلاقي. الأفكار التي تقيم في الذهن، كما العواطف والرغبات التي فينا تؤدي بنا إلى نزوات غير لائقة. هذا سببه، بشكل طارئ، أن ضميرنا فقد قوته. أعِدْه قوياً وأظهِرْ طاعةً كاملةً له. لقد ثقّفتَه الآن عن طريق معرفة ما يصحُّ فعلُه وما لا يصح. اتبعه بدون تحوّل، وبهذه المواظبة تسمح لنفسك بالقيام بأي شيء ضده حتى ولو أدّى ذلك إلى موتك. بقدر ما تكون قاطعاً في تصرفاتك، يصبح ضميرك أكثر قوة. وبقدر ما يصبح ضميرك قوياً، يلهمك في ما هو ضروري بشكل أكثر كمالاً وأكثر قوة، ويقودك بعيداً عن غير النافع من الأقوال والأفعال والأفكار، ويصبح داخلك مرتباً بسرعة أكبر. إن الضمير الذي يتذكر الله بتوقير هو نبع الحياة الروحية الحقيقية. تذكّر كلامنا عن الروح في بداية مراسلاتنا. ليس مطلوباً أي شيء سوى هذين القانونين. فقط غذِّهما بالصبر. لن يأتي النجاح فجأة، يجب أن تننتظر وتكدح بثبات. يجب أن تكدح وأهمّ من ذلك لا تستسلم لإرضاء نفسك أو العالم. سوف يكون هناك مقاومة مستمرّة لِما قد بدأت. يجب أن تتخطّى ذلك، يجب أن تبذل بعض القوة وبالتالي أن تصبر. ألبِسْ نفسَك هذا الدرع الكلي القوة ولا تترك معنوياتك تهبط عندما تعترضك المحنة. كل شيء سوف يأتي مع الوقت. تشجّع بصبرك في هذا الرجاء. إن خبرات كل الذين سعوا إلى الخلاص وحقّقوه تحتم أن هذا ما سوف يحدث. إذاً، هذا كل شيء. تذكّرْ الله بتوقير، أطِعْ ضميرَك، وتسلَّحْ بالرجاء في طريق الصبر. ليباركك الرب حتى تنحو إلى هذا الفكر وتكون فيه. |
||||
06 - 02 - 2018, 05:32 PM | رقم المشاركة : ( 960 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
ادراك الله عقليا ـ القديس غريغوريوس النزينزي
الله الكائن : الله كان كائنا دائما وهو كائن في الحاضر وسيكون دائما الي الأبد, أو بالحري, هو كائن دائما. لأن “كان” و “سيكون” هي أجزاء من الزمن ومن طبيعتنا المتغيرة. اما هو فهو “كائن” أبدي, وهذا هو الاسم الذي أعطاه لنفسه عندما ظهر لموسي “أَهْيَهِ الَّذِي أَهْيَهْ”(خر 3: 14) لأنه يجمع ويحوي كل “الوجود”, وهو بلا بداية في الماضي, وبلا نهاية في المستقبل, مثل بحر عظيم لا حدود لوجوده, لا يُحد ولا يُحوي, وهو يتعالي كلية فوق أي مفهوم للزمان وللطبيعة, وبالكاد يمكن أن يُدرك فقط بالعقل ولكنه ادراك غامض جدا وضعيف جدا, ليس ادراك لجوهره, بل ادراك بما هو حوله, اي ادراكه من تجميع بعض ظواهر خارجية متنوعة, لتقديم صورة للحقيقة سرعان ما تفلت منا قبل أن نتمكن من الامساك بها, اذ تختفي قبل أن ندركها. هذه الصورة تبرق في عقولنا فقط عندما يكون العقل نقيا كمثل البرق الذي يبرق بسرعة ويختفي. الله من طبيعة بسيطة : أعتقد أن هذا الادراك يصير هكذا, لكي ننجذب الي ما يمكن أن ندركه, (لأن غير المدرك تماما, يُحبط أي محاولة للاقتراب منه). ومن جهة أخري فان غير المدرك يثير اعجابنا ودهشتنا, وهذه الدهشة تخلق فينا شوقا أكثر, وهذا الشوق ينقينا ويطهرنا, والتنقية تجعلنا مثل الله. وعندما نصير مثله, فاني أتجاسر أن أقول انه يتحدث الينا كأقرباء له باتحاده بنا, وذلك بقدر ما يعرف هو الذين هم معروفين عنده. ان الطبيعة الالهية لا حد لها ويصعب ادراكها. وكل ما يمكن أن نفهمه عنها هو عدم محدوديتها, وحتي لو ظن الواحد منا أن الله بسبب كونه من طبيعة بسيطة لذلك فهو اما غير ممكن فهمه بالمرة أو أنه يمكن أن يُفهم فهما كاملا. ودعنا نسأل أيضا, ما هو المقصود بعبارة “من طبيعة بسيطة” ؟ لأنه أمر أكيد أن هذه البساطة لا تمثل طبيعته نفسها, مثلما أن التركيب ليس هو بذاته جوهر الموجودات المركبة. النظرة العقلية للا نهائية في الله : يمكن التفكير في اللانهائية من ناحيتين, أي من البداية ومن النهاية (لأن كل ما يتخطي البداية والنهاية ولا يُحصر داخلها فهو لا نهائي). فعندما ينظر العقل الي العمق العلوي, واذ لا يكون لديه مكان يقف عليه, بل يتكئ علي المظاهر الخارجية لكي يكوٌن فكرة عن الله, فانه يدعو اللانهائي الذي لا يُدني منه باسم “غير الزمني”. وعندما ينظر العقل الي الأعماق السفلي والي أعماق المستقبل فانه يدعو اللانهائي باسم “غير المائت” و “غير الفاني” . وعندما يجمع خلاصته من الاتجاهات معا فانه يدعو اللانهائي باسم “الأبدي” لأن الأبدية ليست هي الزمان ولا هي جزء من الزمان لأنها غير قابلة للقياس. فكما أن الزمان بالنسبة لنا هو ما يُقاس بشروق الشمس وغروبها هكذا تكون الأبدية بالنسبة للدائم الي الأبد. |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مجموعة متنوعة من أقوال الآباء |
من أقوال الأباء وكلمة المنفعة |
أقوال القديس اغناطيوس وكلمة منفعة |
أقوال الأنبا برصنوفيوس وكلمة منفعة |
أقوال الأنبا ايسيذورس وكلمة منفعة |