30 - 09 - 2015, 06:05 PM | رقم المشاركة : ( 9431 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
" لاَ تُحِبُّوا الْعَالَمَ"
تعطينا كلمة الله هذه الوصية في يوحنا الأولى 2: 15- 17، حيث نقرأ: يوحنا الأولى 2: 15- 17 "لاَ تُحِبُّوا الْعَالَمَ وَلاَ الأَشْيَاءَ الَّتِي فِي الْعَالَمِ. إِنْ أَحَبَّ أَحَدٌ الْعَالَمَ فَلَيْسَتْ فِيهِ مَحَبَّةُ الآبِ. لأَنَّ كُلَّ مَا فِي الْعَالَمِ: شَهْوَةَ الْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ الْعُيُونِ، وَتَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ، لَيْسَ مِنَ الآبِ بَلْ مِنَ الْعَالَمِ. وَالْعَالَمُ يَمْضِي وَشَهْوَتُهُ، وَأَمَّا الَّذِي يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ فَيَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ." وفقاً لهذه الفقرة: " إِنْ أَحَبَّ أَحَدٌ الْعَالَمَ فَلَيْسَتْ فِيهِ مَحَبَّةُ الآبِ" ، أو بمعنى آخر، فمحبة العالم تقلل من محبة الآب، ولايمكن أن تتواجد كلا منهما معاً في الإنسان. أود اليوم أن القي نظرة على بعض الأشياء المتعلقة بهذا الموضوع، بدءاً من سفر القضاة. في قضاة 1-2، وصل إسرائيل، شعب الله، أخيراً إلى أرض الموعد وكانوا على استعداد لأخذها، إلا أن أمر الله لهم لم يكن بأخذها فقط بل أيضاً بإزالة كل الأمم الساكنة فيها، كما نقرأ في تثنية 7: 16 2. يعقوب 4: 4 وفقرات أخرى تثنية 7: 16 "وَتَأْكُلُ كُلَّ الشُّعُوبِ الَّذِينَ الرَّبُّ إِلهُكَ يَدْفَعُ إِلَيْكَ. لاَ تُشْفِقْ عَيْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَعْبُدْ آلِهَتَهُمْ، لأَنَّ ذلِكَ شَرَكٌ لَكَ." وكذلك أيضاً تثنية 7: 2- 6 "وَدَفَعَهُمُ الرَّبُّ إِلهُكَ أَمَامَكَ، وَضَرَبْتَهُمْ، فَإِنَّكَ تُحَرِّمُهُمْ. لاَ تَقْطَعْ لَهُمْ عَهْدً، وَلاَ تُشْفِقْ عَلَيْهِمْ، وَلاَ تُصَاهِرْهُمْ. بْنَتَكَ لاَ تُعْطِ لابْنِهِ، وَبِنتْهُ لاَ تَأْخُذْ لابْنِكَ. لأَنَّهُ يَرُدُّ ابْنَكَ مِنْ وَرَائِي فَيَعْبُدُ آلِهَةً أُخْرَى، فَيَحْمَى غَضَبُ الرَّبِّ عَلَيْكُمْ وَيُهْلِكُكُمْ سَرِيعًا. وَلكِنْ هكَذَا تَفْعَلُونَ بِهِمْ: تَهْدِمُونَ مَذَابِحَهُمْ، وَتُكَسِّرُونَ أَنْصَابَهُمْ، وَتُقَطِّعُونَ سَوَارِيَهُمْ، وَتُحْرِقُونَ تَمَاثِيلَهُمْ بِالنَّارِ. لأَنَّكَ أَنْتَ شَعْبٌ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ إِلهِكَ. إِيَّاكَ قَدِ اخْتَارَ الرَّبُّ إِلهُكَ لِتَكُونَ لَهُ شَعْبًا أَخَصَّ مِنْ جَمِيعِ الشُّعُوبِ الَّذِينَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ". اختار الرب إسرائيل ليكون شعبه، فينبغي على شعبه إذاً أن لا يختلطوا بالأمم، قالرب لم يرد شعباً مختلطاً، شعباً أحد قدميه فيه والأخرى في العالم، بل على العكس، الرب يريد أن يكون شعبه له بشكل كامل، عالماً أن أي اختلاط بالعالم سيبعدهم عنه. على الرغم من وضوح وصايا الرب، إلا أن شعب إسرائيل رفض أن يتبعها، فنجد في قضاة 1: 27 - 33 قضاة 1: 27- 33 "وَلَمْ يَطْرُدْ مَنَسَّى أَهْلَ بَيْتِ شَانَ وَقُرَاهَا، وَلاَ أَهْلَ تَعْنَكَ وَقُرَاهَا، وَلاَ سُكَّانَ دُورَ وَقُرَاهَا، وَلاَ سُكَّانَ يِبْلَعَامَ وَقُرَاهَا، وَلاَ سُكَّانَ مَجِدُّو وَقُرَاهَا. فَعَزَمَ الْكَنْعَانِيُّونَ عَلَى السَّكَنِ فِي تِلْكَ الأَرْضِ.... وَأَفْرَايِمُ لَمْ يَطْرُدِ الْكَنْعَانِيِّينَ ... زَبُولُونُ لَمْ يَطْرُدْ سُكَّانَ قِطْرُونَ، ..... وَلَمْ يَطْرُدْ أَشِيرُ سُكَّانَ عَكُّو، ..... وَنَفْتَالِي لَمْ يَطْرُدْ سُكَّانَ بَيْتِ شَمْسٍ، وَلاَ سُكَّانَ بَيْتِ عَنَاةَ" ثم نقرأ في الإصحاح الثاني: قضاة 2: 1- 3 "وَصَعِدَ مَلاَكُ الرَّبِّ مِنَ الْجِلْجَالِ إِلَى بُوكِيمَ وَقَالَ: «قَدْ أَصْعَدْتُكُمْ مِنْ مِصْرَ وَأَتَيْتُ بِكُمْ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أَقْسَمْتُ لآبَائِكُمْ، وَقُلْتُ: لاَ أَنْكُثُ عَهْدِي مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ. وَأَنْتُمْ فَلاَ تَقْطَعُوا عَهْدًا مَعَ سُكَّانِ هذِهِ الأَرْضِ. اهْدِمُوا مَذَابِحَهُمْ. وَلَمْ تَسْمَعُوا لِصَوْتِي. فَمَاذَا عَمِلْتُمْ؟ فَقُلْتُ أَيْضًا: لاَ أَطْرُدُهُمْ مِنْ أَمَامِكُمْ، بَلْ يَكُونُونَ لَكُمْ مُضَايِقِينَ، وَتَكُونُ آلِهَتُهُمْ لَكُمْ شَرَكًا»." وبدلاً من الانفصال عن الأمم، اختلط شعب إسرائيل بهم ورفضوا إبعادهم، وعلى الأغلب، كانت لهم أسبابهم، من الممكن أن يكونوا قد اعتقدوا أن ما قاله الله كان... كثيراً جداً، وأنهم قد يقدروا في النهاية على خدمة الله بينما تعيش الأمم في وسطهم. ليس من الصعب إيجاد الأعذار للتحايل على كلمة الله، فهناك الكثير من الأعذار التي يمكن أن نجدها لنبرر وجود مكان للعالم بداخلنا، ومع ذلك، فقد كانت الحقيقة هي أن الله قد تحدث. لقد تحدث موصياً شعبه بالانفصال عن الأمم، كما تحدث إلينا أيضاً، نحن شعبه، موصينا بألا نكون تحت نير مع غير المؤمنين: كورينثوس الثانية 6: 14- 18 "لاَ تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لأَنَّهُ أَيَّةُ خِلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَالإِثْمِ؟ وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ؟ وَأَيُّ اتِّفَاق لِلْمَسِيحِ مَعَ بَلِيعَالَ؟ وَأَيُّ نَصِيبٍ لِلْمُؤْمِنِ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِ؟ وَأَيَّةُ مُوَافَقَةٍ لِهَيْكَلِ اللهِ مَعَ الأَوْثَانِ؟ فَإِنَّكُمْ أَنْتُمْ هَيْكَلُ اللهِ الْحَيِّ، كَمَا قَالَ اللهُ:«إِنِّي سَأَسْكُنُ فِيهِمْ وَأَسِيرُ بَيْنَهُمْ، وَأَكُونُ لَهُمْ إِلهًا، وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْبًا. لِذلِكَ اخْرُجُوا مِنْ وَسْطِهِمْ وَاعْتَزِلُوا، يَقُولُ الرَّبُّ. وَلاَ تَمَسُّوا نَجِسًا فَأَقْبَلَكُمْ، وَأَكُونَ لَكُمْ أَبًا، وَأَنْتُمْ تَكُونُونَ لِي بَنِينَ وَبَنَاتٍ، يَقُولُ الرَّبُّ، الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ»." الله تحدث، مريداً شعبه شعباً مقدساً بدون أي اختلاط مع العالم وممارساته، لم يرغب في اختلاط شعب إسرائيل بالأمم لأنه كان يعلم أن أي اختلاط مثل هذا سيبعدهم عنه ويقربهم من الأمم، وهو الشيء الذي حدث في النهاية: قضاة 2: 11-13 "وَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ وَعَبَدُوا الْبَعْلِيمَ. وَتَرَكُوا الرَّبَّ إِلهَ آبَائِهِمِ الَّذِي أَخْرَجَهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، وَسَارُوا وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى مِنْ آلِهَةِ الشُّعُوبِ الَّذِينَ حَوْلَهُمْ، وَسَجَدُوا لَهَا وَأَغَاظُوا الرَّبَّ. تَرَكُوا الرَّبَّ وَعَبَدُوا الْبَعْلَ وَعَشْتَارُوثَ." اختلاط شعب الله بالأمم سيجلب الخسارة دائماً، محبة العالم ستقتل محبة الآب والوجود تحت نير مع غير المؤمنين سيؤدي إلى ترك الرب وعبادة الآلهة التي يعبدها غير المؤمنين، فتتجمد المحبة التي للرب عندما يبدأ أبناءه في النظر إلى العالم، إلى " الشُّعُوبِ الَّذِينَ حَوْلَهُمْ" عندما يسمحون ل"هُمُومُ هذَا الْعَالَمِ وَغُرُورُ الْغِنَى وَشَهَوَاتُ سَائِرِ الأَشْيَاءِ" (مرقس 4: 19) بالدخول إلى قلوبهم وتحويلها بعيداً عن الرب، مثلما حولت الأمم شعب إسرائيل عن الله عندما سمح لهم بالبقاء في أرض الموعد. وحقيقة أن محبة الله ومحبة العالم شيئان مختلفان كلية مؤكد أيضاً بفقرات أخرى من الكتاب المقدس والتي تضع كل منهما في مقارنة مع الأخرى، ومثل هذه الفقرات هي يعقوب 4: 4 حيث نقرأ: يعقوب 4: 4 "أَيُّهَا الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي، أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّ مَحَبَّةَ الْعَالَمِ عَدَاوَةٌ ِللهِ؟ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مُحِبًّا لِلْعَالَمِ، فَقَدْ صَارَ عَدُوًّا ِللهِ." الزناة هم الملتزمون بعلاقة زوجية ومع ذلك يبحثون عن علاقات خارجيه، فيجعل هذا منه زانياً؛ وبالمثل، الزاني في يعقوب 4 هو الإنسان الذي على الرغم من كونه في عهد مع الله وعلى الرغم من كونه مخطوباً للرب يسوع المسيح (كورنثوس الثانية 11: 2)، إلا أنه مرتبط بعهود أخرى أي بعهد مع العالم، فيجعله هذا زانياً؛ أو بمعنى آخر، أن تكون في علاقة مع الرب وفي نفس الوقت تطلب صداقة العالم، فهذا هو الزنى، فالصداقة بين كل من العالم والله غير ممكنة. في قلب رجل الله، ينبغي أن يعيش الله وحده، والله لا يحب شركاء له هناك، كما تقول لوقا 10: 27 بشكل خاص: لوقا 10: 27 "فَأَجَابَ وَقَالَ:«تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ" ومتى 6: 24 "«لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ، لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ، أَوْ يُلاَزِمَ الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ الآخَرَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ وَالْمَالَ." يستحيل أن تخدم سيدين، يستحيل أن تثبت أعيننا على كل من الله والعالم، لأنه: متى 6: 21 " حَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكَ هُنَاكَ يَكُونُ قَلْبُكَ أَيْضً." يستحيل أن تكون قلوبنا في السماء بينما يوجد كنزنا في الأشياء الموجودة على الأرض، لا يمكننا أن نسير في طريق الله بينما تنظر أعيننا على أشياء العالم، فحتى نسير في طريق الرب نحتاج إلى أن ننظر إليه، فتخبرنا عبرانيين 12: 1- 2 بذلك: عبرانيين 12: 1- 2 "وَلْنُحَاضِرْ بِالصَّبْرِ فِي الْجِهَادِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا، 2نَاظِرِينَ إِلَى رَئِيسِ الإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوعَ، الَّذِي مِنْ أَجْلِ السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ، احْتَمَلَ الصَّلِيبَ مُسْتَهِينًا بِالْخِزْيِ، فَجَلَسَ فِي يَمِينِ عَرْشِ اللهِ." وأيضاً كولوسي 3: 1- 2 "فَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ قُمْتُمْ مَعَ الْمَسِيحِ فَاطْلُبُوا مَا فَوْقُ، حَيْثُ الْمَسِيحُ جَالِسٌ عَنْ يَمِينِ اللهِ. اهْتَمُّوا بِمَا فَوْقُ لاَ بِمَا عَلَى الأَرْضِ،" علينا أن نهتم بما فوق، فالنظرة المسيحية هي الرب يسوع المسيح، وأي شيء آخر، على الرغم من أنه قد يبدو منطقي وصالح، إلا أنها نظرة خاطئة مؤدية إلى طرق خاطئة، كما قال يسوع في متى 16: 24- 25 متى 16: 24- 25 "حِينَئِذٍ قَالَ يَسُوعُ لِتَلاَمِيذِهِ:«إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي، فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا." إن طريق يسوع المسيح، الطريق الصحيح، ليس طريق النفس بل العكس تماماً: هو طريق إنكار الذات، فمن يريد أن يتبعه، ليس عليه أن يطلب إرادته بعد الآن بل إرادة من مات لأجله، كما تخبرنا كورنثوس الثانية 5: 14- 15 كورنثوس الثانية 5: 14- 15 "لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ تَحْصُرُنَا. إِذْ نَحْنُ نَحْسِبُ هذَا: أَنَّهُ إِنْ كَانَ وَاحِدٌ قَدْ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ، فَالْجَمِيعُ إِذًا مَاتُوا. وَهُوَ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ كَيْ يَعِيشَ الأَحْيَاءُ فِيمَا بَعْدُ لاَ لأَنْفُسِهِمْ، بَلْ لِلَّذِي مَاتَ لأَجْلِهِمْ وَقَامَ." مات يسوع المسيح كي نعيش فيما بعد لا لأنفسنا بل للذي مات لأجلنا، كما تقول غلاطية 5: 24: "الَّذِينَ هُمْ لِلْمَسِيحِ قَدْ صَلَبُوا الْجَسَدَ مَعَ الأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ.". فإما أن نتبع المسيح أو الجسد، وإما أن نخدم الله أو العالم، إما أن نكون تحت نير مع غير المؤمنين أو مع الله، أي أوضاع وسطية غير مقبولة، فطريق الله مضاد لطريق العالم ولا يمكننا أن نسير في كلاهما. |
||||
30 - 09 - 2015, 06:07 PM | رقم المشاركة : ( 9432 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
دراسة كتابية في سفر أستير
هناك الكثير من المواضع في الكتاب المقدس تشير إلى قوة خلاص لله، وأحد تلك المواضع هي سفر أستير، فأود إذاً أن أقضي بعض الوقت في هذا المقال للنظر إلى هذا السفر والدروس المستفادة منه. وقعت الأحداث المذكورة في سفر أستير في أثناء سبي شعب إسرائيل إلى بابل. مكان القصة هو شوشن، المدينة التي عاش بها الملك أحشويروش1 ملك فارس ومادي، فبعدما طلق هذا الملك زوجته الأولى، الملكة وشتي2، أخذ يبحث عن زوجة جديدة لتصير الملكة. ولإيجاد زوجة جديدة للملك، نُظِّمت مسابقة حيث تت النساء من كل أنحاء المملكة إلى شوشن بهدف أن يشغلن مكان الملكة الخالي (أستير 2: 1- 4). وكانت من ضمن النساء أستير، فتاة عبرية أُحضِرَت من قِبل مردخاي الذي سُبِيَ من أورشليم على يد نبوخذنصر (أستير 2: 5- 7). وأخيراً وبعد أن نالت الفتاة أولاً نعمة في عيني " هَيْجَايُ خَصِيُّ الْمَلِكِ حَارِسُ النِّسَاءِ" (أستير 2: 9) نالت نعمة في " عَيْنَيْ كُلِّ مَنْ رَآهَا" (أستير 2: 15) وأكثر أهمية من ذلك أنها نالت نعمة في عيني الملك نفسه (أستير 2: 17) وفازت بالمسابقة، فأصبحت أستير هي الملكة الجديدة، إلا أنها وبعد أن أوصيت من قِبل مردخاي، لم تفصح لأي إنسان عن كونها يهودية، إذاً فلم يعرف أي إنسان جنسيتها ولا حتى الملك. أستير 3: بداية المشكلة وعلى الرغم من أن كل شيء يبدو حسناً حتى الآن، إلا أن أستير 3: 1 تقدم لنا شخصاً جديداً والذي جلب مجيئه مشاكل كبيرة. تخبرنا أستير 3: 1- 6 عن هذا الإنسان وعن المشاكل التي تسبب فيها: 3. أستير ومردخاي أستير 3: 1- 2، 5- 6 "بَعْدَ هذِهِ الأُمُورِ عَظَّمَ الْمَلِكُ أَحَشْوِيرُوشُ هَامَانَ بْنَ هَمَدَاثَا الأَجَاجِيَّ وَرَقَّاهُ، وَجَعَلَ كُرْسِيَّهُ فَوْقَ جَمِيعِ الرُّؤَسَاءِ الَّذِينَ مَعَهُ. فَكَانَ كُلُّ عَبِيدِ الْمَلِكِ الَّذِينَ بِبَابِ الْمَلِكِ يَجْثُونَ وَيَسْجُدُونَ لِهَامَانَ، لأَنَّهُ هكَذَا أَوْصَى بِهِ الْمَلِكُ. وَأَمَّا مُرْدَخَايُ فَلَمْ يَجْثُ وَلَمْ يَسْجُدْ.... وَلَمَّا رَأَى هَامَانُ أَنَّ مُرْدَخَايَ لاَ يَجْثُو وَلاَ يَسْجُدُ لَهُ، امْتَلأَ هَامَانُ غَضَبًا. وَازْدُرِيَ فِي عَيْنَيْهِ أَنْ يَمُدَّ يَدَهُ إِلَى مُرْدَخَايَ وَحْدَهُ، لأَنَّهُمْ أَخْبَرُوهُ عَنْ شَعْبِ مُرْدَخَايَ. فَطَلَبَ هَامَانُ أَنْ يُهْلِكَ جَمِيعَ الْيَهُودِ الَّذِينَ فِي كُلِّ مَمْلَكَةِ أَحَشْوِيرُوشَ، شَعْبَ مُرْدَخَايَ." بدءاً من نهاية الفقرة، يبدو أننا في بداية مشكلة حقيقية كبيرة؛ هامان، الرجل الذي رقاه الملك " فَوْقَ جَمِيعِ الرُّؤَسَاءِ الَّذِينَ مَعَهُ" أي ثاني رجل في المملكة، غضب من مردخاي لأنه رفض أن يسجد له، فاراد لهذا السبب أن يدمر شعب مردخاي أي جميع اليهود. على الرغم من أن هذا يبدو جنوناً بشكل واضح، أن يريد إنسان أن يدمر أمة بأكملها بسبب رفض رجل واحد السجود أمامه، إلا أن هناك بصيرة روحية في تصرفاته وهذا ما تظهره النظرة الأولى. وحقاً، فبما أن تلك المملكة العظيمة والتي كان هامان هو الرجل الثاني فيها، كانت ممتدة من الهند إلى إثيوبيا (أستير 1: 1) فنستطيع أن نفهم أنه لن يحيا أي يهودي لو أدرك هامان أغراضه. والآن، فإن كان قد حدث هذا، فالسؤال هو كيف سيولد المسيح؟ الله وعد إبراهيم في البداية (تكوين 17: 7 وغلاطية 3: 16) ثم وعد داود لاحقاً (مزمور 132: 11- 12 وأعمال الرسل 2: 30) بأنه سيقيم المسيح من نسلهم. ولكن، لو كان هامان قد أدرك مقاصده، ما كان قد تحقق أي وعد بخصوص يسوع المسيح ولكانت قد فشلت خطة الله بأكملها للخلاص. إذاً، فلم تكن نوايا هامان هي ببساطة بسبب جنون الارتياب بل كانت شيطانية بالتأكيد. كان الشيطان هو من يعمل وراء هامان، محاولاً أن يلغي مجيء المسيح عن طريق تدمير الأمة بأكملها، تماماً مثلما حاول بعد ذلك ببضع قرون أن يقتل يسوع من خلال هيرودوس قبل أن يتمكن يسوع من تحقيق مهمته. للتلخيص إذاً، تتعلق المشكلة الأولى بوعود الله فيما يخص يسوع المسيح، فلدينا هنا رجل صمم على إلغاء تلك الوعود بقتل اليهود، والسؤال هو: هل سيقدر الله على الدفاع عن وعوده؟ وعموماً: فهل وعود الله غير قابلة للكسر أم أنه من الممكن كسرها بإرادة أي إنسان حتى وإن كان الرجل الثاني في أعظم مملكة آنذاك؟ على الرغم من عرضنا للمشكلة إلا أننا لم نذكر بعد أي شيء عن سبب المشكلة، وحقاً قد يتسائل البعض عن سبب امتناع مردخاي السجود لهامان وإظهار الاحترام له، ففي النهاية، كان هامان هو الرجل الثاني في المملكة، الرجل المجاور للملك. فلماذا إذاً لم يظهر مردخاي احترامه له كما أمر الملك (أستير 3: 21)؟ ألهذه الدرجة كان مغروراً؟ الجواب هو كلا، فسيفهم سبب عدم تقديم مردخاي الاحترام لهامان إن انتبهنا لحقيقة ذكر النص إلى أن هامان كان أجاجي، وقد يعني هذا الآن أنه أتى من أجاج، ملك العماليق3 والذي يعني بدوره، إن كنا على صواب في تخمينا، أنه كان من العماليق4، فما الخطأ في هذا إذاً؟ الخطأ في هذا هو أن العماليق حاربوا شعب إسرائيل وهم في طريقهم إلى أرض الموعد (خروج 17)، فقد أعلنهم الله أعدائه. تخبرنا خروج 17: 14- 16 بكل بساطة: خروج 17: 14- 16 "فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «اكْتُبْ هذَا تَذْكَارًا فِي الْكِتَابِ، وَضَعْهُ فِي مَسَامِعِ يَشُوعَ. فَإِنِّي سَوْفَ أَمْحُو ذِكْرَ عَمَالِيقَ مِنْ تَحْتِ السَّمَاءِ». فَبَنَى مُوسَى مَذْبَحًا وَدَعَا اسْمَهُ «يَهْوَهْ نِسِّي». وَقَالَ: «إِنَّ الْيَدَ عَلَى كُرْسِيِّ الرَّبِّ. لِلرَّبِّ حَرْبٌ مَعَ عَمَالِيقَ مِنْ دَوْرٍ إِلَى دَوْرٍ»." إذاً فهامان بكونه عماليقي، كان إنسان للرب حرب معه، ومن ثم، فقد كان لمردخاي خيارين: إما أ) أن يكرم هامان، عدو الله، ومن ثم تكون إهانة لكلمة الله أو ب) أن يكرم كلمة الله ويرفض أن يسجد لهامان. وحقاً لا يقدر أحد أن يتمسك بكلمة الله بينما هو مستعد في المقام الأول أن يتحايل عليها، فالطريقة الوحيدة لمعرفة الله هي من خلال كلمته والطريقة الوحيدة للوجود مع الله هي بالتمسك بكلمته. فقرر مردخاي ألا يتحايل على كلمة الله ويكرم عدو الله بالسجود له، بمعنى آخر، قرر أن يتمسك بالله واثقاً من أن الله سيخلصه كما وعد في كلمته6. والسؤال الثاني الذي يحتاج إلى جواب إذاً هو: هل سيقدر الله على تخليص مردخاي، الرجل الذي تمسك به؟ وبشكل أعم: هل الله قادر على تخليصنا من أي خطر عندما نقرر الوثوق به والوقوف بجرأة على كلمته، أم أننا معرضين لرغبات البشر و"قوتهم"؟للإجابة على السؤال السابق، نحتاج أن نقرأ بقية سفر أستير. بعدما قرر هامان القضاء على اليهود، احتاج إلى أن يحدد موعداً بالإضافة إلى الحصول علي موافقة الملك. تخبرنا أستير 3 أنه حدد الموعد ليكون في الثالث عشر من الشهر الثاني عشر (أستير 3: 13) وهذا بعدما ادعى أن اليهود لا يحفظون قوانين الملك [كان لهم قانون الله] وبعدما قدم للملك مبلغاً كبيراً من المال [عَشَرَةَ آلاَفِ وَزْنَةٍ مِنَ الْفِضَّةِ] حصل أخيراً على الموافقة على خططه (أستير 3: 8- 10). فكتب الأمر الخاص بإبادة اليهود تحت إرشاد هامان نفسه وأرسل إلى مقاطعات الملك مسبباً بذلك حزناً كبيراً لكل اليهود (أستير 3: 12- 15، 4: 3). حزن مردخاي كثيراً لدرجة أنه "شَقَّ ثِيَابَهُ وَلَبِسَ مِسْحًا بِرَمَادٍ وَخَرَجَ إِلَى وَسَطِ الْمَدِينَةِ وَصَرَخَ صَرْخَةً عَظِيمَةً مُرَّةً" (أستير 4: 1). أما أستير التي لم تعرف أي شيء بعد عن الفرمان، كانت حزينة جداً عندما علمت أن مردخاي، أبوها بالتبني، كان حزيناً جداً، فأرسلت له أحد خدامها لمعرفة السبب (أستير 4: 4- 6)، فأعلمها مردخاي بواسطة هذا الخادم ما حدث، طالباً منها أيضاً أن تذهب للملك وأن تطلب منه لأجل شعبه (أستير 4: 7- 9). وكما قد نتذكر، أن أستير بكونها الملكة، لم يكن مركزها صغيراً بالمملكة، إلا أنها ترددت في البداية أن تفعل ما طلبه منها مردخاي، حيث أن الملك لم يسمح لأي أحد بأن يدخل إليه بدون دعوة (أستير 4: 10- 12). النتيجة قد نتوقع أنه بما أن أستير، الملكة، كانت مترددة في المساعدة، إذاً فلم يكن هناك ولا حتى أقل إمكانية لمردخاي ولبقية اليهود للهروب من غضب هامان، إلا أن الأمور لم تكن كذلك، لأنه على الرغم من تردد أستير، إلا أن وعود الرب التي تمسك بها مردخاي لم تعتمد على أستير بل على الله الذي كان مسؤولاً عن إيجاد مخرجاً. بالطبع كانت أستير احتمال جيد جداً ولهذا السبب طلب منها مردخاي، ولكن، لجوء مردخاي لمساعدتها لم يعني أنه وضع ثقته فيها وليس في الله، فأنظر رده على تردد أستير: أستير 4: 13- 14 "فَقَالَ مُرْدَخَايُ أَنْ تُجَاوَبَ أَسْتِيرُ: «لاَ تَفْتَكِرِي فِي نَفْسِكِ أَنَّكِ تَنْجِينَ فِي بَيْتِ الْمَلِكِ دُونَ جَمِيعِ الْيَهُودِ. لأَنَّكِ إِنْ سَكَتِّ سُكُوتًا فِي هذَا الْوَقْتِ يَكُونُ الْفَرَجُ وَالنَّجَاةُ لِلْيَهُودِ مِنْ مَكَانٍ آخَرَ، وَأَمَّا أَنْتِ وَبَيْتُ أَبِيكِ فَتَبِيدُونَ. وَمَنْ يَعْلَمُ إِنْ كُنْتِ لِوَقْتٍ مِثْلِ هذَا وَصَلْتِ إِلَى الْمُلْكِ؟»." وثق مردخاي بالله، والسؤال في الجزء الثاني من رده يوضح أنه كان مدركاً أن الله قد جلب أستير إلى المملكة لأجل هذا الوقت العصيب، ولهذا السبب طلب مساعدتها، ومع ذلك، عندما رآها مترددة، أخبرها أن الله قادر أن يخلص اليهود " مِنْ مَكَانٍ آخَرَ" بدون مساعدتها، كم هي رائعة ثقة مردخاي بالله. وباتباع درسه، علينا أيضاً أن نثق في الله وليس في الناس، وتظهر إرميا 17: 5- 8 مسبقاً ما سيحدث إن وضعنا ثقتنا في الناس وما سيحدث إن وضعنا ثقتنا في الله. إرميا 17: 5- 8 "«هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: مَلْعُونٌ الرَّجُلُ الَّذِي يَتَّكِلُ عَلَى الإِنْسَانِ، وَيَجْعَلُ الْبَشَرَ ذِرَاعَهُ، وَعَنِ الرَّبِّ يَحِيدُ قَلْبُهُ. وَيَكُونُ مِثْلَ الْعَرْعَرِ فِي الْبَادِيَةِ، وَلاَ يَرَى إِذَا جَاءَ الْخَيْرُ، بَلْ يَسْكُنُ الْحَرَّةَ فِي الْبَرِّيَّةِ، أَرْضًا سَبِخَةً وَغَيْرَ مَسْكُونَةٍ. مُبَارَكٌ [أي سعيداً] الرَّجُلُ الَّذِي يَتَّكِلُ عَلَى الرَّبِّ، وَكَانَ الرَّبُّ مُتَّكَلَهُ، فَإِنَّهُ يَكُونُ كَشَجَرَةٍ مَغْرُوسَةٍ عَلَى مِيَاهٍ، وَعَلَى نَهْرٍ تَمُدُّ أُصُولَهَا، وَلاَ تَرَى إِذَا جَاءَ الْحَرُّ، وَيَكُونُ وَرَقُهَا أَخْضَرَ، وَفِي سَنَةِ الْقَحْطِ لاَ تَخَافُ، وَلاَ تَكُفُّ عَنِ الإِثْمَارِ." من ناحية، لدينا الرجل الذي يتكل على الإنسان بينما يحيد قلبه عن الرب ومن ناحية أخرى لدينا الرجل المتكل على الله. واحداً مثل الشجرة في الصحراء والثاني مثل الشجرة المزروعة عند مجاري المياه، واحداً يسكن في البراري والثاني عند النهر أي في مكان مليء بالحياة. بالعودة الآن إلى مردخاي، فرده جعل أستير تعدل عن رأيها: أستير 4: 15- 17 "فَقَالَتْ أَسْتِيرُ أَنْ يُجَاوَبَ مُرْدَخَايُ: «اذْهَبِ اجْمَعْ جَمِيعَ الْيَهُودِ الْمَوْجُودِينَ فِي شُوشَنَ وَصُومُوا مِنْ جِهَتِي وَلاَ تَأْكُلُوا وَلاَ تَشْرَبُوا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ لَيْلاً وَنَهَارًا. وَأَنَا أَيْضًا وَجَوَارِيَّ نَصُومُ كَذلِكَ. وَهكَذَا أَدْخُلُ إِلَى الْمَلِكِ خِلاَفَ السُّنَّةِ. فَإِذَا هَلَكْتُ، هَلَكْتُ». فَانْصَرَفَ مُرْدَخَايُ وَعَمِلَ حَسَبَ كُلِّ مَا أَوْصَتْهُ بِهِ أَسْتِيرُ." وأخيراً، ذهبت أستير إلى الملك في ثالث تلك الأيام، ووفقاً لأستير 4: 11، كان من الممكن أن تموت بدخولها إلى الملك بدون دعوة إلا لو مد إليها قضيبه الذهبي، فتخبرنا الآية 2 ما حدث في النهاية: أستير 5: 2 "فَلَمَّا رَأَى الْمَلِكُ أَسْتِيرَ الْمَلِكَةَ وَاقِفَةً فِي الدَّارِ نَالَتْ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْهِ، فَمَدَّ الْمَلِكُ لأَسْتِيرَ قَضِيبَ الذَّهَبِ الَّذِي بِيَدِهِ، فَدَنَتْ أَسْتِيرُ وَلَمَسَتْ رَأْسَ الْقَضِيبِ." في أثناء المسابقة، أعطى الله أستير نعمة لدى الملك وجعلها الملكة (أستير 2: 17)، فقط لأجل هذا الوقت العصيب ("لِوَقْتٍ مِثْلِ هذَا" (أستير 4: 14))، والآن، وعندما حان الوقت لأستير أن تلعب دورها، أعطاها الله نعمة عند نفس الرجل، ولم يحكم عليها بالموت بدخولها إليه بغير دعوة. في هذه الزيارة، دعت أستير الملك وهامان إلى الوليمة التي ستعدها لأجلهما ذلك المساء، وعندما ذهبا إلى هناك، أعدت لهما وليمة أخرى في المساء التالي (أستير 5: 3- 8)، وكما سنرى، فالوقت ما بين الوليمة والأخرى كان حقاً في غاية الأهمية. أستير 5- 8: الخلاص دعوة الملكة لهامان لحضور وليمة أخرى جعلته فرحاً كثيراً (أستير 5: 9) إذ أنه لشرف كبير تناول الطعام مع أسرة ملكية، إلا أن فرحه تحول إلى غضب عندما رأى مردخاي عند مدخل القصر " وَلَمْ يَقُمْ وَلاَ تَحَرَّكَ لَهُ" (أستير 5: 9)، وكما هو واضح، فعلى الرغم من خطورة الموقف، إلا أن مردخاي لم يكن مستعداً للاستسلام وتكريم هامان، إذ ظل واثقاً في الله وفي كلمته، وظل مؤمناً في أن الله سيخلصه هو وشعبه، ولكن غضب هامان دفعه إلى ما هو أبعد من ذلك، فعندما رجع إلى بيته، وبغض النظر عن فرحه بدعوة الملكة، أعترف لزوجتة وأصدقائه بغضبه من مردخاي، فاقترحت عليه زوجته وكل احبائه التالي: أستير 5: 14 "فَقَالَتْ لَهُ زَرَشُ زَوْجَتُهُ وَكُلُّ أَحِبَّائِهِ: «فَلْيَعْمَلُوا خَشَبَةً ارْتِفَاعُهَا خَمْسُونَ ذِرَاعًا، وَفِي الصَّبَاحِ قُلْ لِلْمَلِكِ أَنْ يَصْلِبُوا مُرْدَخَايَ عَلَيْهَا، ثُمَّ ادْخُلْ مَعَ الْمَلِكِ إِلَى الْوَلِيمَةِ فَرِحًا». فَحَسُنَ الْكَلاَمُ عِنْدَ هَامَانَ وَعَمِلَ الْخَشَبَةَ." وكما يبدو، فقد صار الوضع أسوأ بالنسبة لمردخاي، حيث أنه لن ينتظر إلى اليوم المحدد لإبادة اليهود حتى يراه ميتاً، فاراد هذا أن يحدث مبكراً كثيراً وفي الحقيقة في الصباح التالي!! ومن الواضح، فلو كان الله سيخلص مردخاي فعليه إذاً أن يفعل ذلك في تلك الليلة! وكان هذا هو ما فعله: أستير 6: 1- 3 "فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ طَارَ نَوْمُ الْمَلِكِ، فَأَمَرَ بِأَنْ يُؤْتَى بِسِفْرِ تَذْكَارِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ فَقُرِئَتْ أَمَامَ الْمَلِكِ. فَوُجِدَ مَكْتُوبًا مَا أَخْبَرَ بِهِ مُرْدَخَايُ عَنْ بِغْثَانَا وَتَرَشَ خَصِيَّيِ الْمَلِكِ حَارِسَيِ الْبَابِ، اللَّذَيْنِ طَلَبَا أَنْ يَمُدَّا أَيْدِيَهُمَا إِلَى الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ. فَقَالَ الْمَلِكُ: «أَيَّةُ كَرَامَةٍ وَعَظَمَةٍ عُمِلَتْ لِمُرْدَخَايَ لأَجْلِ هذَا؟» فَقَالَ غِلْمَانُ الْمَلِكِ الَّذِينَ يَخْدِمُونَهُ: «لَمْ يُعْمَلْ مَعَهُ شَيْءٌ»." وقليلاً بعدما صارت أستير ملكة وقبل ترقية هامان ليكون الرجل الثاني، حمى مردخاي الملك من تآمر خطط بواسطة اثنين من حرس الباب وهما بِغْثَانَا وَتَرَشَ (أستير 2: 21- 23)، وعلى الرغم من أن ذلك كُتِب في أخبار الأيام أي في مذكرات الملكة الرسمية إلا أن مردخاي لم يكرم وقتها، ومع ذلك، فلم يكن هذا من قبيل الصدفة إذ أن الله جلب له الخلاص من خلال هذا بالضبط في أكثر وقت احتاجه فيه. ففي الليلة التي كان من المفترض أن تكون آخر ليلة لمردخاي، " طَارَ نَوْمُ الْمَلِكِ"، وعلى الرغم من أن هذا لم يقال صراحة، إلا ان النتائج ستظهر أن هذا كان تخطيط إلهي حتى يظل مستيقظاً ويفعل الأشياء التابعة لذلك5. أول هذه الأشياء هو طلب إحضار كتاب أخبار الأيام، وكما نعلم، فهذا الكتاب يحتوى على تسجيل لما عمله مردخاي، ولم يكن هذا هو التسجيل الوحيد في الكتاب، بل على العكس، فكتاب مثل هذا قد يحتوي على مئات المدخلات، إلا أنه في تلك الليلة كان هناك تسجيل واحد في غاية الأهمية لقراءته والذي قُرِىء أخيراً. لم يكن هذا التسجيل سوى ما يخص مردخاي والعمل الصالح الذي عمله مع الملك والذي لم يكرم لاجله بعد !! بعدما سمع الملك هذا التسجيل وان مردخاي لم يكرم لأجله، احذر ماذا حدث؟ قرر أن يكرم مردخاي في اليوم التالي!! فعندما اشرق الصباح وجاء هامان ليسأل الملك أن يقتل مردخاي، كانت هناك مفاجاة غير سارة في انتظاره: أستير 6: 4- 9 "فَقَالَ الْمَلِكُ: «مَنْ في الدَّارِ؟» وَكَانَ هَامَانُ قَدْ دَخَلَ دَارَ بَيْتِ الْمَلِكِ الْخَارِجِيَّةَ لِكَيْ يُقُول لِلْمَلِكَ أَنْ يُصْلَبَ مُرْدَخَايُ عَلَى الْخَشَبَةِ الَّتِي أَعَدَّهَا لَهُ. فَقَالَ غِلْمَانُ الْمَلِكِ لَهُ: «هُوَذَا هَامَانُ وَاقِفٌ فِي الدَّارِ». فَقَالَ الْمَلِكُ: «لِيَدْخُلْ». وَلَمَّا دَخَلَ هَامَانُ قَالَ لَهُ الْمَلِكُ: «مَاذَا يُعْمَلُ لِرَجُل يُسَرُّ الْمَلِكُ بِأَنْ يُكْرِمَهُ؟» فَقَالَ هَامَانُ فِي قَلْبِهِ: «مَنْ يُسَرُّ الْمَلِكُ بِأَنْ يُكْرِمَهُ أَكْثَرَ مِنِّي؟» فَقَالَ هَامَانُ لِلْمَلِكِ: «إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي يُسَرُّ الْمَلِكُ بِأَنْ يُكْرِمَهُ يَأْتُونَ بِاللِّبَاسِ السُّلْطَانِيِّ الَّذِي يَلْبَسُهُ الْمَلِكُ، وَبِالْفَرَسِ الَّذِي يَرْكَبُهُ الْمَلِكُ، وَبِتَاجِ الْمُلْكِ الَّذِي يُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ، وَيُدْفَعُ اللِّبَاسُ وَالْفَرَسُ لِرَجُل مِنْ رُؤَسَاءِ الْمَلِكِ الأَشْرَافِ، وَيُلْبِسُونَ الرَّجُلَ الَّذِي سُرَّ الْمَلِكُ بِأَنْ يُكْرِمَهُ وَيُرَكِّبُونَهُ عَلَى الْفَرَسِ فِي سَاحَةِ الْمَدِينَةِ، وَيُنَادُونَ قُدَّامَهُ: هكَذَا يُصْنَعُ لِلرَّجُلِ الَّذِي يُسَرُّ الْمَلِكُ بِأَنْ يُكْرِمَهُ»." قال هامان كل هذا اعتقاداً منه بأنه هو الرجل الذي يريد الملك أن يكرمه، ولكن ..... أستير 6: 10- 12 "فَقَالَ الْمَلِكُ لِهَامَانَ: «أَسْرِعْ وَخُذِ اللِّبَاسَ وَالْفَرَسَ كَمَا تَكَلَّمْتَ، وَافْعَلْ هكَذَا لِمُرْدَخَايَ الْيَهُودِيِّ الْجَالِسِ فِي بَابِ الْمَلِكِ. لاَ يَسْقُطْ شَيْءٌ مِنْ جَمِيعِ مَا قُلْتَهُ». فَأَخَذَ هَامَانُ اللِّبَاسَ وَالْفَرَسَ وَأَلْبَسَ مُرْدَخَايَ وَأَرْكَبَهُ فِي سَاحَةِ الْمَدِينَةِ، وَنَادَى قُدَّامَهُ: «هكَذَا يُصْنَعُ لِلرَّجُلِ الَّذِي يُسَرُّ الْمَلِكُ بِأَنْ يُكْرِمَهُ». وَرَجَعَ مُرْدَخَايُ إِلَى بَابِ الْمَلِكِ. وَأَمَّا هَامَانُ فَأَسْرَعَ إِلَى بَيْتِهِ نَائِحًا وَمُغَطَّى الرَّأْسِ." هل تتذكر كيف بدأ الأمر؟ بدأ عندما كان مردخاي جالساً عند باب الملك نائحاً الشر الذي خططه هامان ضده وضد شعبه، ولكن أنظر كيف انتهى الأمر: انتهى الأمر بمردخاي، الرجل الذي وثق في الله، راكباً فرس الملك، لابساً لباس الملك، وهامان، ثاني رجل في المملكة حتى الآن مناديا ً أمامه وراجعاً إلى بيته " نَائِحً"!! إلا أن هذه ليست هي نهاية القصة، إذ حدث المزيد في أثناء الوليمة التي أعدتها الملكة. ففي اثناء هذه الوليمة، كشفت أستير عن جنسيتها للملك وأن هامان قد خطط لإهلاك شعبها بالكامل. وعندما سمع الملك هذا، اغتاظ كثيراً (أستير 7: 7- 8). ، كان الملكوك في تلك الأيام عندما يغضبون كثيراً من شخص، تكون توقعات حياته غير سارة! إلا لو كان الملك عينه على الله، وكان هذا صحيحاً أيضاً بالنسبة لهامان، والذي سوف يستخدم صليبه أخيراً بشكل شخصي! أستير 7: 9- 10 "فَقَالَ حَرْبُونَا، وَاحِدٌ مِنَ الْخِصْيَانِ الَّذِينَ بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ: «هُوَذَا الْخَشَبَةُ أَيْضًا الَّتِي عَمِلَهَا هَامَانُ لِمُرْدَخَايَ الَّذِي تَكَلَّمَ بِالْخَيْرِ نَحْوَ الْمَلِكِ قَائِمَةٌ فِي بَيْتِ هَامَانَ، ارْتِفَاعُهَا خَمْسُونَ ذِرَاعًا». فَقَالَ الْمَلِكُ: «اصْلِبُوهُ [هامان] عَلَيْهَا». فَصَلَبُوا هَامَانَ عَلَى الْخَشَبَةِ الَّتِي أَعَدَّهَا لِمُرْدَخَايَ. ثُمَّ سَكَنَ غَضَبُ الْمَلِكِ." كما هو واضح، قد انعكست أدوار كل من مردخاي وهامان؛ فهامان، الرجل الثاني في المملكة والرجل الذي خطط لإبادة الشعب اليهودي بأكمله ولصلب مردخاي، انتهى به الحال معلقاً على نفس الخشبة التي كان قد اعدها لمردخاي!! بالإضافة إلى ما تخبرنا به الآية الأخيرة من سفر أستير (أستير 10: 3) أن مردخاي، الرجل الذي وثق في الله صار " ثَانِيَ الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ"، أو بمعنى آخر صار الرجل الثاني في المملكة، آخذاً محل هامان!! وأخيراً وعلى الرغم من أن الثالث عشر من الشهر الثاني عشر كان محدداً له أن يكون اليوم الذي سيباد فيه اليهود نهائياً، إلا أن الملك لم يقم فقط بإلغاء هذا الأمر بل أيضاً بتحويله. تحت ظل الأمر الجديد: أستير 8: 11- 12 "الَّتِي بِهَا أَعْطَى الْمَلِكُ الْيَهُودَ فِي مَدِينَةٍ فَمَدِينَةٍ أَنْ يَجْتَمِعُوا وَيَقِفُوا لأَجْلِ أَنْفُسِهِمْ، وَيُهْلِكُوا وَيَقْتُلُوا وَيُبِيدُوا قُوَّةَ كُلِّ شَعْبٍ وَكُورَةٍ تُضَادُّهُمْ حَتَّى الأَطْفَالَ وَالنِّسَاءَ، وَأَنْ يَسْلُبُوا غَنِيمَتَهُمْ، فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فِي كُلِّ كُوَرِ الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ، فِي الثَّالِثَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ الثَّانِي عَشَرَ، أَيْ شَهْرِ أَذَارَ." حقاً، ما أعظم إلهنا المخلص! مردخاي الرجل الذي وثق في الله، بدأ نائحاً، وتحت التهديد أنه سيعلق من قِبَل هامان ولكن انتهى به الحال مكرماً من قِبَل عدوه آخذاً مكانه حيث صار الرجل الثاني في المملكة. وبالمثل، بدأ الأمر باليهود وهناك "بُكَاءٌ وَنَحِيبٌ" (أستير 4: 3) وانتهي بهم الحال في فرح وبهجة (أستير 8: 17) وقد دُمِّر عدوهم (أستير 9: 1). وعلى النقيض، فهامان، الرجل الذي وثق في قوته، بدأ به الأمر وقد كان الرجل الثاني في المملكة، فرحاً ومستعداً لتعليق مردخاي ولكن انتهى به الأمر نائحاً وعلق على نفس الخشبة التي أعدها لمردخاي! لإنهاء هذه الدراسة المختصرة من سفر أستير، نستطيع أن نقول أن الدرس المستفاد منه هو نفس الدرس المقدم بواسطة الكثير من الأجزاء الأخرى في الكتاب المقدس؛ أي أن كلمة الله هي كلمة قاطعة، كلمة لا يمكن أن تكسر على الرغم من الإنسان والقوى الشيطانية التي قد تكون قد تدربت على عكس ذلك. وبالفعل، فمن يثق فيه، كما فعل مردخاي " لاَ يَخْزَى" (إشعياء 49: 23) بل "إِنَّهُ يَكُونُ كَشَجَرَةٍ مَغْرُوسَةٍ عَلَى مِيَاهٍ، وَعَلَى نَهْرٍ تَمُدُّ أُصُولَهَا، وَلاَ تَرَى إِذَا جَاءَ الْحَرُّ، وَيَكُونُ وَرَقُهَا أَخْضَرَ، وَفِي سَنَةِ الْقَحْطِ لاَ تَخَافُ، وَلاَ تَكُفُّ عَنِ الإِثْمَارِ." (غرميا 17: 8)، نستخلص من ذلك إذاً: مزمور 37: 3- 7، 9- 11 "اتَّكِلْ عَلَى الرَّبِّ وَافْعَلِ الْخَيْرَ. اسْكُنِ الأَرْضَ وَارْعَ الأَمَانَةَ. وَتَلَذَّذْ بِالرَّبِّ فَيُعْطِيَكَ سُؤْلَ قَلْبِكَ. سَلِّمْ لِلرَّبِّ طَرِيقَكَ وَاتَّكِلْ عَلَيْهِ وَهُوَ يُجْرِي، 6وَيُخْرِجُ مِثْلَ النُّورِ بِرَّكَ، وَحَقَّكَ مِثْلَ الظَّهِيرَةِ. انْتَظِرِ الرَّبَّ وَاصْبِرْ لَهُ، .... وَالَّذِينَ يَنْتَظِرُونَ الرَّبَّ هُمْ يَرِثُونَ الأَرْضَ..... أَمَّا الْوُدَعَاءُ فَيَرِثُونَ الأَرْضَ، وَيَتَلَذَّذُونَ فِي كَثْرَةِ السَّلاَمَةِ." الحواشي 1. كان هذا الأسم عبارة عن لقب (مثل فرعون، شار ... إلخ) أكثر من كونه اسماً وهو يعني "الملك الجليل". وفقاً لسير هنري رولينسون، البروفيسور Sayce، الموسوعة البريطانية، وموسوعة القرن للأسماء (أنظر: The Companion Bible, Kregel Publications ص 618) وحدث نفس الشيء ايضاً مع الكلمات "أَرتَحْشَسْتَا" (وتعني الملك العظيم") و"داريوس" (وتعني "المحافظ") والذي ظهرت في عدة مرات في بعض أجزاء الكتاب المقدس التي تشير إلى الأسر لبابل. 2. للتفاصيل أنظر أستير 1. 3. للمزيد عن أجاج، أنظر صموئيل الأولى 15. 4. وكذلك جوزيفوس في آثاره القديمة دعاهم بالعماليق. 5. هذا بالطبع لا يعني أنه في كل مرة لا أستطيع أن أنام فيها يكون هناك دائماً سبباً روحياً خلفه. |
||||
30 - 09 - 2015, 06:09 PM | رقم المشاركة : ( 9433 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
حـقـائـق الإيـمـــان
كنت أقرأ مؤخراُ كتاب رائع جداً لكاتب صيني يدعى "ووتشمان ني"، كان عنوان الكتاب هو "الوعد الجديد"، ويشرح الكاتب في الفصل الأول الفرق بين الحقائق والوعود، وجدت تفسيراته بسيطة ومنوِّرة للغاية، فكثيراُ ما نخلط بين الوعود والحقائق وبين الحقائق والوعود، إنه حقاً أمر تنويري أن تعرف ما هي الحقيقة وما هو الوعد. فالوعد تفهم منه أنه لن يمكن أن يتحقق إلا عند تحقق شروط معينة ولهذا السبب فهو وعد، رأينا مثل هذا الوعد في المقال "أكرم أباك وأمك"؛ وعد بالصحة والحياة المديدة، وهذا الوعد متوقف على إكرام أبيك وأمك، أما على الجانب الآخر، فعندما يقول الله أنه لو اعترفنا بخطايانا سيغفر لنا ويطهرنا من كل إثم (يوحنا 1: 9) فهذا لا يعد وعداً بل هو حقيقة، فبمجرد اعترافك بخطاياك، فلا حاجة لك لأن تفكر فيما إذا كنت لازلت تحملها أم أنها قد غًفرِت، لقد غًفِرت! هذا ليس وعداً بل هو حقيقة! كذلك، عندما تقول لنا كلمة الله أن هؤلاء الذين يؤمنون بيسوع المسيح هم أبناء وبنات الله وأنهم مولودين منه، فهذا أيضاً ليس وعداً! بل هي حقيقة! فإن آمنت بأن يسوع المسيح هو الرب الإله وأن الله أقامه من الأموات، فأنت ابن الله وأنت كذلك الآن! هذه حقيقة رائعة! وكما قال لي أحد أصدقائي مؤخراً، أن أجزاء سلاح الله جميعها جزء من هويتنا في المسيح، أكثر ما يخشاه الشيطان هو رؤيتنا سائرين وفقا لهويتنا، أكثر ما يخشاه هو أن ندرك الأشياء التي تخبرنا كلمة الله أنها فينا! سواء كنت تشعر أنك باراً أو لا، لن يغير من حقيقة كونك باراً! ولكنه يؤثر على طريقة سيرك في الحياة. قد تكون باراً ولكن لو لم تؤمن بهذه الحقيقة أو أنك لم تعلمها، إذاً فلقد فقدت درع البر على الفور (أفسس ٦: ١٤)! هدف الشيطان بسيط وهو أن يجعلك تنسى أو ترفض مكانتك في المسيح عن طريق عدم الإيمان (الشك). بالرجوع مرة أخرى للحقائق، هناك حقيقة أخرى: عندما تقول كلمة الله أننا يجب أن نحسب أن إنساننا العتيق قد صلب مع المسيح فهذا ليس وعداً؛ إذ أنك لا تصلي لله حتى يصلب الإنسان العتيق، حيث أنه صلبه بالفعل ولا يوجد شيء آخر ليفعله الله! لقد فعلها! لقد صلبه! إنسانك العتيق مصلوب الآن، وقد يقول البعض "لماذا إذاً لازلنا نخطيء؟"، فيما يلي الجواب الذي يعطيه "ووتشمان ني" ( التأكيد مضاف): "تسائل البعض "لو كان الأمر كذلك، لماذا نعود ونخطيء؟ لو كان الإنسان العتيق قد صلب ولدينا الإنسان الجديد، فلم لازلنا نخطيء؟ ويؤدي بنا هذا إلى سؤال جديد، ماذا علينا أن نفعل حتى ندرك حقائق الله المنجزة؟ يرتكب الكثير من الناس هذا الخطأ، فيحولون حقائق الله إلى وعود؛ فقد صلب الإنسان العتيق إلا أن البعض يظن أن الله قد وعد فقط بصلب الإنسان العتيق، فيظنون أن عليهم أن يطلبوا من الله أن يصلبه، فكلما أخطأوا يعتقدون أن إنسانهم العتيق لم يصلب بعد، فيعودوا يسألوا الله أن يصلبه، وكلما واجهوا التجارب، يظنون أنه لم يتم التعامل مع الإنسان العتيق فيطلبوا من الله مرات أخرى أن يتعامل معه، غير مدركين أن حقائق الله تختلف عن وعوده. الله قد فعل الكثير والحقائق ليست أشياءاً وعد الله بعملها. إذاً فليس علينا أن نصلي، لا نحتاج المزيد من الصلوات الحارة بل علينا أن نؤمن؛ فمن جهة حقائق الله، علينا فقط أن نؤمن - فإن آمنا ستكون لدينا الخبرة. حقيقة، إيمان، اختبار - هذا هو الترتيب الذي رسمه الله وهذا هو المبدأ العظيم في حياتنا الروحية، علينا فقط أن نفعل هذا: أولاً: ينبغي أن نعرف حقائق الله وعلى الله أن يعلنها لنا من خلال الروح القدس. ثانياً: بعدما نعرف حقائق الله فيما يخص أمراً معيناً، علينا أن نتمسك بكلمة الله ونؤمن بأننا بالفعل مثلما تقول كلمته، فحقيقة الله تخبرنا بذلك ونحن مثلما تقول كلمة الله. ثالثاً: علينا أن ندرِّب هذا الإيمان ونشكر الله على أننا مثلما يقول هو، فنحن كذلك وعلينا أن نحيا وفقاً لما نحن عليه بالفعل. رابعاً: كلما أتت الاختبارات والتجارب، علينا أن نؤمن بأن كلمة الله وحقائقه موثوقة أكثر من خبراتنا. فكل ما علينا فعله هو الإيمان الكامل بكلمة الله، وهو سيكون مسؤولاً عن إعطائنا الخبرة، فلو انتبهنا فقط لخبراتنا سنفشل، فعلينا أن ننتبه إلى الإيمان بحقائق الله، تلك هي مسؤوليتنا الوحيدة إذ نستطيع أن نسلم خبراتنا لله لأنها مسؤوليته، الأساس في اختبار الانسان المسيحي هو رومية 6:6، فكل ما علينا فعله هو السماح لروح الله بأن يرينا كيف أن إنساننا العتيق قد صلب ثم علينا أن نتمسك بكلمة الله ونؤمن بأننا أمواتاً من الأساس حتى نقدر أن نخطئ ثم علينا أن نحيا كما كنا أمواتاً بالفعل، حتى عندما تأتي التجارب وتشعرنا بأننا لم نمت لازال علينا أن نؤمن بما فعله الله أكثر من إيماننا بمشاعرنا وخبراتنا، فإن فعلنا ذلك ستأتي الخبرة. علينا ملاحظة أن حقائق الله لا تصير حقيقية بتنفيذنا لها بل بالأحرى نحن ننفذها لأن حقائق الله حقيقية بالفعل.لو لم يمت إنساننا العتيق، لكنا صلينا وسألنا الله أن يصلبه، ولكن لو كان الصلب حقيقة تامة ومؤكدة بالفعل، ولازلنا نسأل الله أن يتممها مرة أخرى، إذا فليس هناك ما يقال سوى أننا معوزين تماما للإيمان، لعلنا نملك إيمانا أكثر أمام الله. أنا أقر بأنه لو لم أكن قد مررت بمرض خلال الثلاث سنوات السابقة، ما كنت قد عرفت ما هو الإيمان. رأيت الكثير من الأخوة الأعزاء في الكثير من الأماكن ولكنني نادراً ما أرى إنسانا مؤمنا بالله. ما هو الإيمان؟ الإيمان هو أن تصدق بأنه مهما كان ما يقوله الله، فهو يعني بالضبط ما يقوله، هو التصديق بأن كل ما يحدث هو وفقا لكلمة الله. الله قال أن إنساننا العتيق قد مات، إذاً فهذا يعني أن إنساننا العتيق قد مات، فالحقيقة هي شيء حققه الله بالفعل من خلال المسيح ولا يقدر أحد أن يقول المزيد عنه. فأرسل الله ابنه لتحقيق كل شيء لأجلنا وأخبرنا بما حققه في الإنجيل، والآن قد تم ما حققه فلن يفعل الله المزيد وليس علينا أن نفعل أكثر من أن نقبله أمامه بقلب متواضع ونؤمن بأن كلمته حقيقية، لعل قلوبنا القاسية وقلوبنا الشريرة بعدم الإيمان تزول حتى تستقبل نعمة الله "( Watchman Nee, The New Covenant, Living Stream ministry, pp. 19-21)" الإيمان هو أن تصدق أن الله يعني ما يقول! قال الله أن إنساننا العتيق ميت! إذا فهذه هي الحقيقة! يقول الله في رومية 9:10-10، أنه لو اعترف الإنسان بفمه بالرب يسوع وآمن في قلبه أن الله أقامه من الأموات سيخلص، حسنا فلو فعلت ذلك لن تحتاج لأن تعرف ما إذا كنت قد خلصت أم لا، لأنك كذلك بالفعل! هي حقيقة! عندما تقول الكلمة بأن هؤلاء المؤمنين بأن يسوع هو المسيح هم مولدين من الله (يوحنا الأولى 1:5) إذاً فهي تعني ما تقول! فلو آمنت بهذا، إذاً فأنت مولود من الله! هذه حقيقة! وفيما يلي المزيد من الحقائق من أفسس 2. أفسس 2: 1-10، 19-20 "وَأَنْتُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتًا بِالذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا، الَّتِي سَلَكْتُمْ فِيهَا قَبْلاً حَسَبَ دَهْرِ هذَا الْعَالَمِ، حَسَبَ رَئِيسِ سُلْطَانِ الْهَوَاءِ، الرُّوحِ الَّذِي يَعْمَلُ الآنَ فِي أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ، الَّذِينَ نَحْنُ أَيْضًا جَمِيعًا تَصَرَّفْنَا قَبْلاً بَيْنَهُمْ فِي شَهَوَاتِ جَسَدِنَا، عَامِلِينَ مَشِيئَاتِ الْجَسَدِ وَالأَفْكَارِ، وَكُنَّا بِالطَّبِيعَةِ أَبْنَاءَ الْغَضَبِ كَالْبَاقِينَ أَيْضًا، اَللهُ الَّذِي هُوَ غَنِيٌّ فِي الرَّحْمَةِ، مِنْ أَجْلِ مَحَبَّتِهِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي أَحَبَّنَا بِهَا، وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ بِالْخَطَايَا أَحْيَانَا مَعَ الْمَسِيحِ بِالنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ وَأَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، لِيُظْهِرَ فِي الدُّهُورِ الآتِيَةِ غِنَى نِعْمَتِهِ الْفَائِقَ، بِاللُّطْفِ عَلَيْنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ. لَيْسَ مِنْ أَعْمَال كَيْلاَ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ. لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَال صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا.... فَلَسْتُمْ إِذًا بَعْدُ غُرَبَاءَ وَنُزُلاً، بَلْ رَعِيَّةٌ مَعَ الْقِدِّيسِينَ وَأَهْلِ بَيْتِ اللهِ، مَبْنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ" ما ذكر في الآيات السابقة، ليس وعوداً أو أشياء ربما تحصل عليها، بل على العكس إنها حقائق واضحة! ليس صحيحاً أنك ميت في الذنوب! لقد كان ذلك صحيحاً! ما هو صحيح هو أنه على الرغم من كوننا أمواتا في الذنوب والخطايا إلا أننا " بِالنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ - وأَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ" هذه حقائق. هذا نحن وحيثما نوجد الآن! فليس هذا شيئاً عليك أن تصلي من أجله! بل هو شيء عليك أن تشكر الله عليه! لقد تم! وبالمثل أيضاً مع التالي "8لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ. 9لَيْسَ مِنْ أَعْمَال كَيْلاَ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ. لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَال صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا." ليس عليك أن تنتظر حتى تخلص، فإن كنت قد آمنت بيسوع وبقيامته فقد خلصت! لم تعد غريباً بعد الآن! هذا ما كنت أنت عليه! أما الآن فقد صرت من أهل بيت الله! اعترف بذلك! آمن به! ما يريده الشيطان هو أن لا تعرف هويتك في المسيح أبداً ، فبمجرد أن تعرفها، سيصير كل ما يسعى إليه هو أن تفقدها بعدم الإيمان به! فلا تسقط فريسة لأي من هذا، حقائق الله مضمونه وهي ملك لك الآن، فعش بها! كما قال ووتشمان ني: "علينا أن نلاحظ أن حقيقة الله لا تصير حقيقة بالعمل بها، بل بالأحرى نحن نعملها لأن حقيقة الله حقيقة بالفعل". يقولون أن الرؤية إيمان، وأنت رأيتها في كلمة الله، فآمن بها إذاً! فأنت مثلما يقول الله! ليس أقل! |
||||
30 - 09 - 2015, 06:11 PM | رقم المشاركة : ( 9434 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، الآنَ نَحْنُ أَوْلاَدُ اللهِ"
من رسالة بولس إلى غلاطية أحب الآيات من غلاطية 3: 23 إلى 4: 7. حيث يشرح بولس في الآيات 23 و 24 دور الناموس: إذ كان مؤدِّباً فيما قبل مجيء الإيمان، ثم تمضي الآيات قدماً وتخبرنا بما حدث عندما جاء الإيمان: غلاطية 3: 25- 26 "وَلكِنْ بَعْدَ مَا جَاءَ الإِيمَانُ، لَسْنَا بَعْدُ تَحْتَ مُؤَدِّبٍ.لأَنَّكُمْ جَمِيعًا أَبْنَاءُ اللهِ بِالإِيمَانِ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ." "26لأَنَّكُمْ جَمِيعًا أَبْنَاءُ اللهِ بِالإِيمَانِ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ"! الإيمان بالمسيح يسوع، أي أن تؤمن بأنه ابن الله، الممسوح أو المسيّا، فيجعلنا هذا الإيمان أولاداً لله، أي بنينه وبناته! فالإنجيل يعني البشارة وهذه حقاً بشارة! قال بولس وسيلا لحارس السجن في فيليبي "«آمِنْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ»." (أعمال الرسل 16: 31). وتضيف الكلمة هنا قائلة "أَنَّكُمْ جَمِيعًا أَبْنَاءُ اللهِ بِالإِيمَانِ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ"، ثم يكمل الإصحاح الرابع من غلاطية: غلاطية 4: 1- 7 "وَإِنَّمَا أَقُولُ: مَا دَامَ الْوَارِثُ قَاصِرًا لاَ يَفْرِقُ شَيْئًا عَنِ الْعَبْدِ، مَعَ كَوْنِهِ صَاحِبَ الْجَمِيعِ. بَلْ هُوَ تَحْتَ أَوْصِيَاءَ وَوُكَلاَءَ إِلَى الْوَقْتِ الْمُؤَجَّلِ مِنْ أَبِيهِ. هكَذَا نَحْنُ أَيْضًا: لَمَّا كُنَّا قَاصِرِينَ، كُنَّا مُسْتَعْبَدِينَ تَحْتَ أَرْكَانِ الْعَالَمِ. وَلكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ، لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ. ثُمَّ بِمَا أَنَّكُمْ أَبْنَاءٌ، أَرْسَلَ اللهُ رُوحَ ابْنِهِ إِلَى قُلُوبِكُمْ صَارِخًا:«يَا أَبَا الآبُ». إِذًا لَسْتَ بَعْدُ عَبْدًا بَلِ ابْنًا، وَإِنْ كُنْتَ ابْنًا فَوَارِثٌ ِللهِ بِالْمَسِيحِ." تدعونا الآيات 6 و 7 مرة أخرى بأبناء الله، أي أولاده، وأكد هذا بأن أرسل روح ابنه إلى قلوبنا صارخاً يَا أَبَا1 الآبُ! لقد قرأت هذه الفقرة عدة مرات ودائماً ما تمنحني شعوراُ بالسعادة. ومع ذلك فدائماً ما كان يوجد بها شيئ يحيرني وهذا الشيء هو كلمة " التَّبَنِّيَ" في الآية 5. فكما نعلم أن الأطفال المتبنون لا ينتمون إلى آبائهم عن طريق الولادة. وأنا أؤمن أننا سنتفق جميعاً على أنه بغض النظر عن كونه شيئاً عظيماً أن نكون أبناء الله، إلا أن كونك أبنه بالتبني حيث لم تكن ابن الله بالميلاد هو شيء، وأن تكون ابنه لأنك مولود منه هو شيء مختلف تماماً. وأريد إذاً من خلال هذا المقال أن أذهب معكم إلى نصوص الكتاب المقدس ونرى ما تقوله كلمة الله بخصوص موضوع كوننا أبناء الله، وها هي بعض الأسئلة التي ستتم الإجابة عنها: كيف يصير الإنسان ابناً لله؟ ماذا يتطلب الأمر؟ هل هي بالولادة أم بالتبني؟ أنا اعتقد أن بنهاية هذا المقال ستكون لدينا إجابات واضحة عن هذه الأسئلة من المصدر الوحيد المسموح به القادر أن يجيب، الا وهو كلمة الله. كلمة "التَّبَنِّيَ" المستخدمة فيما سبق هي ترجمة للكلمة اليونانية "“υιοθεσία”(uiothesia) "، هذه الكلمة مكونة من كلمة "uios" والتي تعني ابن وكلمة "thesis" والتي تعني وضع. إذاً فكلمة "Uiothesia" تعني "وضع الأبناء". ولفهم معناها بشكل أفضل في غلاطية 4، فلنلقي نظرة على السياق. تتحدث غلاطية 3: 23- 4: 4 عن الأبناء الذين كانوا تحت مؤدب. أبناء كانوا وارثين، ولكنهم في ذلك الوقت لم يكن هناك أي فارق بينهم وبين العبيد. أوبمعنى آخر، أبناء ولكن على الرغم من كونهم أبناء إلا أنهم كانوا في وضع العبيد: مولودين من الله - لسنا أبناء بالتبني غلاطية 4: 1- 3 "وَإِنَّمَا أَقُولُ: مَا دَامَ الْوَارِثُ قَاصِرًا لاَ يَفْرِقُ شَيْئًا عَنِ الْعَبْدِ، مَعَ كَوْنِهِ صَاحِبَ الْجَمِيعِ. بَلْ هُوَ تَحْتَ أَوْصِيَاءَ وَوُكَلاَءَ إِلَى الْوَقْتِ الْمُؤَجَّلِ مِنْ أَبِيهِ. هكَذَا نَحْنُ أَيْضًا: لَمَّا كُنَّا قَاصِرِينَ [باليونانية: "nepioi"، أي أطفال صغار غير قادرين على الكلام، وهم أكبر قليلاً من الأطفال الرضع - وهي ليست مثل "uioi"، الكلمة المترجمة إلى "أبناء" في غلاطية]، كُنَّا مُسْتَعْبَدِينَ [باليونانية: مستعبدين] تَحْتَ أَرْكَانِ الْعَالَمِ." تعطينا غلاطية 3: 1- 2 مثالاً للوارث الذي هو تحت أوصياء ووكلاء إلى الوقت المؤجل من أبيه. وما دام هو في هذه المرحلة، ومادام الوقت المؤجل من أبيه لم يحن بعد، إذاً فهو مجرد عبد على الرغم من كونه ابناً. تقول غلاطية 4: 3 : " هكَذَا نَحْنُ أَيْضًا " عبيد مستعبدين تحت أركان العالم قبل الوقت المؤجل من الآب، ثم تخبرنا الآيات 4- 5 بما حدث بعد ذلك: غلاطية 4: 4- 5 "وَلكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ، لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ. [uiothesia: وضع الابن]." تضع كلمة "ولكن" التي تبدأ بها الآية 4، ما سبقها وما سيليها في مقارنة. ماذا كان الوضع قبلاً؟ الوقت المؤجل من الآب لم يكن قد حان؛ فكنا عبيداً، مستعبدين تحت اركان العالم؛ كنا تحت نُظَّار، أوصياء ووكلاء، إلا أن كلمة "ولكن" تقدم تغييراً في هذا الوضع. ما هو هذا التغيير؟ جاء ملء الزمان أو الوقت المؤجل من الآب! فأرسل الله ابنه ليفتدي الذين تحت الناموس، فأخذنا وضع الأبناء بعدما كان لنا وضع العبيد، ونستطيع أن نرى نفس الشيء باستخدام كلمات غلاطية 3: 23 - 26 غلاطية 3: 23- 26 "وَلكِنْ قَبْلَمَا جَاءَ الإِيمَانُ كُنَّا مَحْرُوسِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، مُغْلَقًا عَلَيْنَا إِلَى الإِيمَانِ الْعَتِيدِ أَنْ يُعْلَنَ. إِذًا قَدْ كَانَ النَّامُوسُ مُؤَدِّبَنَا إِلَى الْمَسِيحِ، لِكَيْ نَتَبَرَّرَ بِالإِيمَانِ. وَلكِنْ بَعْدَ مَا جَاءَ الإِيمَانُ، لَسْنَا بَعْدُ تَحْتَ مُؤَدِّبٍ. لأَنَّكُمْ جَمِيعًا أَبْنَاءُ اللهِ بِالإِيمَانِ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ." كان هناك وقت " قَبْلَمَا جَاءَ الإِيمَانُ". كان ذاك هو وقت الناموس، وقت النُظّار، الأوصياء والوكلاء المذكور في غلاطية 4. كان ذاك هو الوقت الذي كان لنا فيه وضع العبيد. ثم جاء الإيمان، جاء ملء الزمان، فجاء المسيح! وذهب كل النظار والأوصياء والوكلاء، ذهب الناموس الذي كان مُمَثَلاً في كل ذلك. نحن لم نعد مستعبدين من قِبَل كل هذا، ولم يعد لنا وضع العبيد، بل صار لنا الآن وضع الأبناء. وبمعنى آخر، فمن الأفضل لكلمة "uiothesia" المستخدمة في غلاطية 4 والمترجمة إلى "التبني" أن تُتَرجم إلى "وضع الأبناء". فهذه الكلمة لم تستخدم لتخبرنا أن الله هو أبونا بالتبني كما تجعلها الكلمة المترجمة تبدو كذلك، بل أننا غيرنا موضعنا بمجيء الرب يسوع المسيح ومجيء الإيمان وصار لنا وضع الأبناء بعد أن كنا في وضع العبيد. فهي لا تتحدث عن علاقتنا بالله من منطلق كوننا ابناء بالتبني أم بالولادة، بل من منطلق كوننا في وضع الأبناء أم في وضع العبيد. فالفقرة السابقة من غلاطية وكلمة "uiothesia" الموجودة هناك وحقيقة أنهما لا يعنيان أن الله هو أبونا بالتبني يمكن أيضاً أن تبرهن بالعديد من الفقرات الأخرى من الكتاب المقدس والتي توضح أننا لسنا أبناء الله بالتبني بل أبنائه المولودين. فنقرأ بدءاً من يوحنا 1: 12 " مُتَوَقِّعِينَ وضع الأبناء" - رومية 8: 23 يوحنا 1: 12 ". وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ [الرب يسوع المسيح] فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ [اسم يسوع المسيح]." كلمة " أَوْلاَدَ" هنا هي الكلمة اليونانية τέκνα (tekna) التي تعني "المولود من τίκτω ، أن يلد)2 " إنها الكلمة التي "تعطي أهمية لحقيقة الولادة3". وفي الحقيقة، فالفقرة التالية تجعل المعنى واضح وضوح الشمس. فلنقرأها مع الفقرة السابقة: يوحنا 1: 12- 13 "وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ [الرب يسوع المسيح] فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ [اسم يسوع المسيح]. اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُل، بَلْ مِنَ اللهِ." ممن ولد أبناء الله المذكورين في الآية 12؟ تجيب الآية 13 قائلة: أنهم ولدوا من الله! يتضح إذاً أنه إن كنا مولودين من الله، فالذي يصلنا به هو الولادة وليس التبني! ويوحنا 3: 3- 8 هي الفقرة التالية التي سنذهب إليها لنرى أن ما يصلنا بالله هي الولادة وليست التبني فيصير بذلك ابينا بالحرف الواحد. وهناك نرى يسوع ونيقوديموس (معلم يهودي) يتحدثان بخصوص ولادة ثانية. يوحنا 3: 3- 8 "أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ [لنيقوديموس]:«الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ [يقول النص اليوناني أيضاً "يولد من فوق"] لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللهِ». قَالَ لَهُ نِيقُودِيمُوسُ:«كَيْفَ يُمْكِنُ الإِنْسَانَ أَنْ يُولَدَ وَهُوَ شَيْخٌ؟ أَلَعَلَّهُ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ بَطْنَ أُمِّهِ ثَانِيَةً وَيُولَدَ؟» أَجَابَ يَسُوعُ:«الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ. اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ، وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ. لاَ تَتَعَجَّبْ أَنِّي قُلْتُ لَكَ: يَنْبَغِي أَنْ تُولَدُوا مِنْ فَوْقُ [باليونانية: مولودون من فوق] . اَلرِّيحُ تَهُبُّ حَيْثُ تَشَاءُ، وَتَسْمَعُ صَوْتَهَا، لكِنَّكَ لاَ تَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ تَأْتِي وَلاَ إِلَى أَيْنَ تَذْهَبُ. هكَذَا كُلُّ مَنْ وُلِدَ مِنَ الرُّوحِ»." كما يوضح يسوع، هناك نوعان متاحان من أنواع الولادة. الأولى هي الولادة من الماء أو الولادة من الجسد، هذه هي الولادة الجسدية وكل من عاش على هذه الارض ولد بهذه الطريقة. ومع ذلك، فبخلاف هذه الولادة، هناك واحدة أخرى، والتي كما أوضح يسوع، هي شرط لدخول ملكوت الله. هذه هي "الولادة من فوق". ترجم العديد من المترجمين هذه الجملة إلى "ولدوا ثانية". وعلى الرغم من أن هذه بالفعل هي ولادة ثانية، وهو شيء متاح إذاً أن نقول أننا ولدنا ثانية4، إلا أن النص اليناني يقول هنا: "يُولَدُ مِنْ فَوْقُ"، وهي طريقة أخرى ليقول: "مولود من الله الموجود فوق". رأينا سابقاً في يوحنا أن الكلمة تتحدث عن هؤلاء المؤمنين باسم الرب يسوع المسيح وأنهم مولودين من الله. ويتحدث الرب هنا عن "المولودين من فوق". كلاهما نفس الشيء ويشيران إلى حقيقة وجود ولادة ثانية لازمة لدخولنا إلى ملكوت الله. تلك هي الولادة من الله أو الولادة من فوق أو الولادة من الروح كما ذُكِرَت أيضاً في الفقرة السابقة من يوحنا 3. لاحظ أيضاً أن الكلمة لا تتحدث عن التبني. فيسوع لم يقل أنه يجب أن نكون متبنين من قِبَل الله بل يجب أن نولد من الله. إنها تلك الولادة التي تجعلنا أولاداً لله وتعطينا الحق في دعوته بأبا الآب. نستطيع بالطبع أيضاً أن ندعوه بالآب إن كان ابينا بالتبني، ولكن من الواضح أنه لا يوجد تبني هنا بل ولادة. ولكن فلنكمل ونذهب إلى الرسالة الأولى من رسائل يوحنا حيث نقرأ: يوحنا الأولى 5: 1 "كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ فَقَدْ وُلِدَ مِنَ اللهِ. وَكُلُّ مَنْ يُحِبُّ الْوَالِدَ يُحِبُّ الْمَوْلُودَ مِنْهُ أَيْضًا. " رأينا سابقاً في رسالة يوحنا كما رأينا في غلاطية أن الإنسان يصير ابناً لله بإيمانه بالرب يسوع المسيح، وها هي تتكرر مرة أخرى هنا. فكل من يؤمن بأن يسوع هو المسيح أي الممسوح أو المسيا، يولد من الله. إن الأمر هو بتلك البساطة وبهذا الصلاح! فالإنجيل يعني البشارة وهي بالفعل بشارة! وبالمضي قدماً، نستطيع أيضاً أن نرى هذه الحقيقة، حقيقة الولادة الجديدة، حيث نقرأ في بطرس الأولى 1: 23 بطرس الأولى 1: 23 "مَوْلُودِينَ ثَانِيَةً، لاَ مِنْ زَرْعٍ يَفْنَى، بَلْ مِمَّا لاَ يَفْنَى، بِكَلِمَةِ اللهِ الْحَيَّةِ الْبَاقِيَةِ إِلَى الأَبَدِ." يتحدث بطرس مرة أخرى عن ولادة جديدة وهي الولادة الثانية، الولادة من الله التي رأينا يوحنا أيضاً متحدثاً عنها. إنها ليست ولادة من زرع يفنى بل مما لا يفنى، ووسيلة هذه الولادة هي بكلمة الله الحية الباقية إلى الأبد. ومثل بطرس الأولى 1: 23، تخبرنا يوحنا الأولى 3: 1- 2 يوحنا الأولى 3: 1- 2 "اُنْظُرُوا أَيَّةَ مَحَبَّةٍ أَعْطَانَا الآبُ حَتَّى نُدْعَى أَوْلاَدَ اللهِ! مِنْ أَجْلِ هذَا لاَ يَعْرِفُنَا الْعَالَمُ، لأَنَّهُ لاَ يَعْرِفُهُ. أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، الآنَ نَحْنُ أَوْلاَدُ اللهِ" الآن، نحن أبناء الله، ليس غداً وليس عندما نموت... بل الآن!! كيف ذلك؟ بالإيمان بالرب يسوع المسيح، ابن الله، المسيا. إنه ليس وعد للمستقبل بل إنه حقيقة حالية وهي متاحة لك الآن! كما يقول بولس في كورنثوس الثانية 6: 2 كورنثوس الثانية 6: 2 "لأَنَّهُ [الله] يَقُولُ:«فِي وَقْتٍ مَقْبُول سَمِعْتُكَ، وَفِي يَوْمِ خَلاَصٍ أَعَنْتُكَ». هُوَذَا الآنَ وَقْتٌ مَقْبُولٌ. هُوَذَا الآنَ يَوْمُ خَلاَصٍ." بعدما رأينا ما أخبرتنا به يوحنا الأولى وأننا أصبحنا الآن - بالإيمان بيسوع المسيح - أولاد الله، فلنذهب لرومية 8: 23 حيث نقرأ: رومية 8: 23 "وَلَيْسَ هكَذَا فَقَطْ، بَلْ نَحْنُ الَّذِينَ لَنَا بَاكُورَةُ الرُّوحِ، نَحْنُ أَنْفُسُنَا أَيْضًا نَئِنُّ فِي أَنْفُسِنَا، مُتَوَقِّعِينَ التَّبَنِّيَ [uiothesia - وضع الأبناء] فِدَاءَ أَجْسَادِنَا." من السهل أن نتحير عند قراءتنا للفقرة السابقة، وكما هو واضح، فهي تخبرنا بأننا مازلنا ننتظر مكان الأبناء بينما أخبرتنا غلاطية أن يسوع المسيح أتي لننال وضع الأبناء، وأخبرتنا يوحنا أننا صرنا الآن أولاد الله. مفتاح حل هذا الاضطراب هو كلمة "uiothesia". إن فهم أحد هذه الكلمة بمعنى التبني، كما هي في الترجمات الإنجليزية، فسنتحير تماماً إذاً. فالتبني محدد في التوقيت مثل الولادة. فهناك تاريخ ووقت واحد ومحدد ولدنا فيه للمرة الأولى (إنه التاريخ والوقت المحدد المذكور في شهادة ميلادك) وهناك تاريخ ووقت محدد والذي ولدنا فيه مرة ثانية (إنه التاريخ والوقت الذي اعترفت فيه بفمك بالرب يسوع وآمنت بقلبك أن الله أقامه من الأموات). وبالمثل، فهناك تاريخ ووقت محدد يتم تبني الشخص فيه (إنه التاريخ والوقت المحدد الذي يوقع فيه الأبوين أوراق التبني). وهكذا، فإن كنا سنترجم كلمة "uiothesia" إلى التبني، إذاً - وفقاً لرومية 8 - فهذا التاريخ والوقت المحدد لم يأتي بعد! نحن إذاً لم ننل التبني من الله لأننا لا نزال ننتظره. ولكن سوء الفهم هذا مختلق ومصطنع بسبب ترجمة كلمة "uiothesia" إلى كلمة تبني. فالترجمة الصحيحة هي "وضع الأبناء" ولكي نفهم معناها هنا علينا النظر إلى السياق بدءاً من الآية 18: رومية 8: 18- 25 "فَإِنِّي أَحْسِبُ أَنَّ آلاَمَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لاَ تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ فِينَا. لأَنَّ انْتِظَارَ الْخَلِيقَةِ يَتَوَقَّعُ اسْتِعْلاَنَ أَبْنَاءِ اللهِ. إِذْ أُخْضِعَتِ الْخَلِيقَةُ لِلْبُطْلِ لَيْسَ طَوْعًا، بَلْ مِنْ أَجْلِ الَّذِي أَخْضَعَهَا عَلَى الرَّجَاءِ. لأَنَّ الْخَلِيقَةَ نَفْسَهَا أَيْضًا سَتُعْتَقُ مِنْ عُبُودِيَّةِ الْفَسَادِ إِلَى حُرِّيَّةِ مَجْدِ أَوْلاَدِ اللهِ. فَإِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الْخَلِيقَةِ تَئِنُّ وَتَتَمَخَّضُ مَعًا إِلَى الآنَ. وَلَيْسَ هكَذَا فَقَطْ، بَلْ نَحْنُ الَّذِينَ لَنَا بَاكُورَةُ الرُّوحِ، نَحْنُ أَنْفُسُنَا أَيْضًا نَئِنُّ فِي أَنْفُسِنَا، مُتَوَقِّعِينَ التَّبَنِّيَ [ وضع الأبناء] فِدَاءَ أَجْسَادِنَ. لأَنَّنَا بِالرَّجَاءِ خَلَصْنَا. وَلكِنَّ الرَّجَاءَ الْمَنْظُورَ لَيْسَ رَجَاءً، لأَنَّ مَا يَنْظُرُهُ أَحَدٌ كَيْفَ يَرْجُوهُ أَيْضًا؟ وَلكِنْ إِنْ كُنَّا نَرْجُو مَا لَسْنَا نَنْظُرُهُ فَإِنَّنَا نَتَوَقَّعُهُ بِالصَّبْرِ." يخبرنا بولس مشيراً إلى الخليقة وأنها أُخضِعَت للبُطل، فهي تحت عبودية الفساد، إنها تئن وتتمخض، وهذه آلام عظيمة! وليست فقط الخليقة بل نحن أيضاً من لنا باكورة الروح! نحن أيضاً، نئن منتظرين شيئاً أفضل، منتظرين فداء الجسد، الوقت الذي سيرجع فيه الرب ويغير هذه الأجساد الفانية الضعيفة إلى أجساد خالدة غير فاسدة مثل جسده. إننا نئن وننتظر الوقت الذي سننظر فيه وجهاً لوجه، إذ يقول بولس: كورنثوس الأولى 13: 12 "فَإِنَّنَا نَنْظُرُ الآنَ فِي مِرْآةٍ، فِي لُغْزٍ، لكِنْ حِينَئِذٍ وَجْهًا لِوَجْهٍ. الآنَ أَعْرِفُ بَعْضَ الْمَعْرِفَةِ، لكِنْ حِينَئِذٍ سَأَعْرِفُ كَمَا عُرِفْتُ." هناك كلمتي "الآنَ" و "حِينَئِذٍ"، نحن ننظر الآن في مرآة ولكننا حينئذ سننظر وجهاً لوجه! نحن الآن نعرف بعض المعرفة ولكننا حينئذ سنعرف كما عُرِفنا! تئن الخليقة وتتمخض الآن ولكنها حينئذ ستعتق من عبودية الفساد هذه! نحن الآن لنا باكورة الروح والتي تعني بدورها أنه سيكون هناك وقتاً حيث سيكون لنا الامتلاء أي حينئذ! نحن الآن أولاد الله، مولودين منه، أولاد القدير، اخوة يسوع المسيح كما دعانا كذلك في عبرانيين 2: 11- 12، ولكن ليس هذا هو الوضع التام. فوضعنا التام كابناء، هو عندما ننظر وجهاً لوجه، عندما سنعرف كما عُرِفن. إذاً، صحيح أننا الآن أولاد وبنات الله، ولكنه صحيح أيضاً أنه لايزال هناك المزيد مما سيأتي في هذا الشأن! وصحيح أننا لنا باكورة الروح الآن ولكنه صحيح تماماً أنها باكورة ولايزال هناك المزيد. متى سيحدث هذا؟ عندما سيأتي الرب! عندما ستعتق من عبودية الفساد؛ عندما ننظر وجهاً لوجه! عندما تتحول الخطبة مع المسيح (كورنثوس الثانية 11: 2) إلى زواج (رؤيا يوحنا 19). سنغلق هذا المقال برومية 8: 14- 17 رومية 8: 12- 17 "فَإِذًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ نَحْنُ مَدْيُونُونَ لَيْسَ لِلْجَسَدِ لِنَعِيشَ حَسَبَ الْجَسَدِ. لأَنَّهُ إِنْ عِشْتُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ فَسَتَمُوتُونَ، وَلكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِالرُّوحِ تُمِيتُونَ أَعْمَالَ الْجَسَدِ فَسَتَحْيَوْنَ. لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ، فَأُولئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ. إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا رُوحَ الْعُبُودِيَّةِ أَيْضًا لِلْخَوْفِ، بَلْ أَخَذْتُمْ رُوحَ التَّبَنِّي [وضع الأبناء] الَّذِي بِهِ نَصْرُخُ:«يَا أَبَا الآبُ». اَلرُّوحُ نَفْسُهُ أَيْضًا يَشْهَدُ لأَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَوْلاَدُ اللهِ. فَإِنْ كُنَّا أَوْلاَدًا فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضًا، وَرَثَةُ اللهِ وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ. إِنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضًا مَعَهُ." صرنا أبناء الله بالإيمان واستقبلنا الروح القدس. وبالسير بهذا الروح وبالانقياد به نكون أبناء الله بالإعلان. أو بمعنى آخر، فإن كنا حقاً أبناء الله أو لا، فسيظهر هذا في الطريقة التي نسلك بها. حيث أن أبناء الله الحقيقيون هم الذين ينقادون بروح الله، فتوجد هنا العلاقة الموروثة بين الإيمان وممارسة الإيمان وهو الشيء الذي يوجد أيضاً في جميع كتب العهد الجديد. فالإيمان الحقيقي دائماً ما يظهر في ممارسته، بالثمر الذي يعطيه. يقول يعقوب هذا بكل وضوح: يعقوب 2: 17- 18 "هكَذَا الإِيمَانُ أَيْضًا، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَعْمَالٌ، مَيِّتٌ فِي ذَاتِهِ. لكِنْ يَقُولُ قَائِلٌ:«أَنْتَ لَكَ إِيمَانٌ، وَأَنَا لِي أَعْمَالٌ» أَرِنِي إِيمَانَكَ بِدُونِ أَعْمَالِكَ، وَأَنَا أُرِيكَ بِأَعْمَالِي إِيمَانِي." نحن لم نخلص بالأعمال بل بالإيمان. ومن ثم، فإن كان الإيمان صحيح، سينتج عنه دائماً الأعمال المماثلة له في طاعة الله وكلمته. فأهم شيء هنا هو الممارسة (أي ما تفعله عادة وأولاً). لا يوجد مؤمن حقيقي وابناً لله يعيش (أي يحيا عادة وبشكل أساسي، أو كطريقة للعيش) بفوضوية. نحن لا نتحدث هنا عن مجرد الخطية، بل نتحدث عن ممارسة (الاعتياد، كطريقة للعيش) الخطية. وبالمثل، إنهم هؤلاء المنقادون بروح الله، هؤلاء الذين يحيون ما يعترفون به، هم بالحقيقة أبناء الله. وفي النهاية، كما قال بولس: غلاطية 5: 25 "إِنْ كُنَّا نَعِيشُ بِالرُّوحِ، فَلْنَسْلُكْ أَيْضًا بِحَسَبِ الرُّوحِ." |
||||
30 - 09 - 2015, 06:16 PM | رقم المشاركة : ( 9435 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
محبة الله وخططه وفكره لنا
بالتأكيد، مرت علينا أوقاتاً تسائلنا فيها عن مصيرنا وعن سبب وجودنا في هذا العالم، لماذا نحن على هذه الأرض؟ ما هو سبب وجودنا في هذا العالم؟ ما هي أفكار الله بخصوصنا؟ واليوم أود أن أرى معكم ما تقوله كلمة الله بخصوص مثل تلك الأسئلة، حتى قد ندرك بشكل أفضل الأجوبة التي تعطيها. لنبدأ دعونا نذهب إلى أفسس 1: 3- 6 حيث نقرأ: 2. مزمور 139: 13- 16 أفسس 1: 3- 6 "مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ، كَمَا اخْتَارَنَا فِيهِ قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، لِنَكُونَ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ قُدَّامَهُ فِي الْمَحَبَّةِ، إِذْ سَبَقَ فَعَيَّنَنَا لِلتَّبَنِّي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ لِنَفْسِهِ، حَسَبَ مَسَرَّةِ مَشِيئَتِهِ، 6لِمَدْحِ مَجْدِ نِعْمَتِهِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْنَا فِي الْمَحْبُوبِ،" اختارنا الله في المسيح قبل تأسيس العالم لنكون قديسين وبلا لوم قدامه في المحبة، اختارنا في المسيح لنكون أولاده، مقدسين وبلا لوم قدامه. تدخل الرب في وجودنا في هذا العالم يتضح أيضاً من مزمور 139، حيث نقرأ بدءاً الآية 13: 3. مزمور 139: 17- 18 مزمور 139: 13- 16 "لأَنَّكَ أَنْتَ اقْتَنَيْتَ كُلْيَتَيَّ. نَسَجْتَنِي فِي بَطْنِ أُمِّي. أَحْمَدُكَ مِنْ أَجْلِ أَنِّي قَدِ امْتَزْتُ عَجَبًا. عَجِيبَةٌ هِيَ أَعْمَالُكَ، وَنَفْسِي تَعْرِفُ ذلِكَ يَقِينًا. لَمْ تَخْتَفِ عَنْكَ عِظَامِي حِينَمَا صُنِعْتُ فِي الْخَفَاءِ، وَرُقِمْتُ فِي أَعْمَاقِ الأَرْضِ. رَأَتْ عَيْنَاكَ أَعْضَائِي، وَفِي سِفْرِكَ كُلُّهَا كُتِبَتْ يَوْمَ تَصَوَّرَتْ، إِذْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهَ." رآنا الله قبل أن نولد، كل الأيام التي خططت لنا كانت مكتوبة في سفره بينما لم يحدث أي منها، رأت عيناه أعضائنا وأعطان الشكل والهيئة التي لنا، خلقنا وجعلنا نمتاز عجباً، عجيبة هي أعماله ونحن واحدة منها. ولكن مزمور 139 لا يتوقف عند هذا، فمن أوله نقرأ: مزمور 139: 1- 3 "يَا رَبُّ، قَدِ اخْتَبَرْتَنِي وَعَرَفْتَنِي. أَنْتَ عَرَفْتَ جُلُوسِي وَقِيَامِي. فَهِمْتَ فِكْرِي مِنْ بَعِيدٍ. مَسْلَكِي وَمَرْبَضِي ذَرَّيْتَ، وَكُلَّ طُرُقِي عَرَفْتَ." الرب يعرف كل شيء عنا، يفهم فكرنا من بعيد ولا شيء خفي عنه، كل ما نصنعه، وكل ما نفكر فيه معروف لديه، فيكمل نفس المزمور قائلاً: مزمور 139: 5- 12 "مِنْ خَلْفٍ وَمِنْ قُدَّامٍ حَاصَرْتَنِي، وَجَعَلْتَ عَلَيَّ يَدَكَ. عَجِيبَةٌ هذِهِ الْمَعْرِفَةُ، فَوْقِي ارْتَفَعَتْ، لاَ أَسْتَطِيعُهَا. أَيْنَ أَذْهَبُ مِنْ رُوحِكَ؟ وَمِنْ وَجْهِكَ أَيْنَ أَهْرُبُ؟ إِنْ صَعِدْتُ إِلَى السَّمَاوَاتِ فَأَنْتَ هُنَاكَ، وَإِنْ فَرَشْتُ فِي الْهَاوِيَةِ فَهَا أَنْتَ. إِنْ أَخَذْتُ جَنَاحَيِ الصُّبْحِ، وَسَكَنْتُ فِي أَقَاصِي الْبَحْرِ، فَهُنَاكَ أَيْضًا تَهْدِينِي يَدُكَ وَتُمْسِكُنِي يَمِينُكَ. فَقُلْتُ: «إِنَّمَا الظُّلْمَةُ تَغْشَانِي». فَاللَّيْلُ يُضِيءُ حَوْلِي! الظُّلْمَةُ أَيْضًا لاَ تُظْلِمُ لَدَيْكَ، وَاللَّيْلُ مِثْلَ النَّهَارِ يُضِيءُ. كَالظُّلْمَةِ هكَذَا النُّورُ." الله حاصرنا من خلف ومن قدام، وجعل يده علينا، كل واحد منا هو إنسان اختاره الله، وكونه الله والذي يهتم به الله ويعرف كل شيء عنه، حتى جلوسنا وقيامنا، فهو معنا دائماً ولا يوجد مكان يخلو منه، كما يقول بولس في رومية 8: 38- 39: "فَإِنِّي مُتَيَقِّنٌ أَنَّهُ لاَ مَوْتَ وَلاَ حَيَاةَ، وَلاَ مَلاَئِكَةَ وَلاَ رُؤَسَاءَ وَلاَ قُوَّاتِ، وَلاَ أُمُورَ حَاضِرَةً وَلاَ مُسْتَقْبَلَةً، وَلاَ عُلْوَ وَلاَ عُمْقَ، وَلاَ خَلِيقَةَ أُخْرَى، تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا." بالتأكيد لا يوجد ما يمكن أن يفصلنا عن محبة الله، فقد أحبنا كثيراً جداً حتى بذل ابنه الوحيد، يسوع المسيح، ولا عجب من أن تقول رومية 8: 32: رومية 8: 32 "اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ، بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ، كَيْفَ لاَ يَهَبُنَا أَيْضًا مَعَهُ كُلَّ شَيْءٍ؟" وحقاً، فهل من الممكن أبداً أن يشفق الله على أي شيء صالح لأجلنا بينما لم يشفق على ابنه؟ هل يمكن أبداً أن يتركنا على سبيل المثال؟ من منا سيترك أحداً أحبه كثيراً ودفع لأجله مثل هذا الثمن الضخم؟ وإن فعلنا نحن ذلك، هو لن يفعلها، كما يقول في عبرانيين 13: 5 عبرانيين 13: 5 "«لاَ أُهْمِلُكَ وَلاَ أَتْرُكُكَ»" وأيضاً إشعياء 49: 15 "وَأَنَا لاَ أَنْسَاكِ." الله لن يهملنا ولن يتركنا، لن ينسانا ولا يوجد شيء يمكن أن يفصلنا عن محبته، فهو يهتم بكل واحد منا بشكل شخصي. ولأجلنا ذهب إلى حد إعطائنا حتى ابنه الوحيد، الرب يسوع المسيح. ولكن مزمور 139 لا يتوقف عند هذا، فنكمل من الآية 17 ونقرأ: 4. أجلسنا في السمائيات مزمور 139: 17- 18 "مَا أَكْرَمَ أَفْكَارَكَ يَا اَللهُ عِنْدِي! مَا أَكْثَرَ جُمْلَتَهَا! إِنْ أُحْصِهَا فَهِيَ أَكْثَرُ مِنَ الرَّمْلِ." ومزمور 40: 5 "كَثِيرًا مَا جَعَلْتَ أَنْتَ أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهِي عَجَائِبَكَ وَأَفْكَارَكَ مِنْ جِهَتِنَا. لاَ تُقَوَّمُ لَدَيْكَ. لأُخْبِرَنَّ وَأَتَكَلَّمَنَّ بِهَا. زَادَتْ عَنْ أَنْ تُعَدَّ." افكار الله من جهتنا ثمينة ولا تحصى: إِنْ أُحْصِهَا فَهِيَ أَكْثَرُ مِنَ الرَّمْلِ! وكما يقول لهم في إرميا 29: 11 إرميا 29: 11 "لأَنِّي عَرَفْتُ الأَفْكَارَ الَّتِي أَنَا مُفْتَكِرٌ بِهَا عَنْكُمْ، يَقُولُ الرَّبُّ، أَفْكَارَ سَلاَمٍ لاَ شَرّ" أفكار الرب لنا هي أفكار سلام وصلاح، فنحن لسنا في فكره لمدة دقائق معدودة وفقط، بل كنا في فكره قبل تأسيس العالم. فأفكاره من جهتنا أكثر من أن تحصى ولا شيء يقدر أن يفصلنا عن محبته، ومن ثم فكما تخبرنا عبرانيين 13: 5- 6: عبرانيين 13: 5- 6 "5لِتَكُنْ سِيرَتُكُمْ خَالِيَةً مِنْ مَحَبَّةِ الْمَالِ. كُونُوا مُكْتَفِينَ بِمَا عِنْدَكُمْ، لأَنَّهُ قَالَ:«لاَ أُهْمِلُكَ وَلاَ أَتْرُكُكَ» 6حَتَّى إِنَّنَا نَقُولُ وَاثِقِينَ:«الرَّبُّ مُعِينٌ لِي فَلاَ أَخَافُ. مَاذَا يَصْنَعُ بِي إِنْسَانٌ؟»" وأيضاً كما ينصحنا سفر الأمثال: أمثال 3: 5- 6 "تَوَكَّلْ عَلَى الرَّبِّ بِكُلِّ قَلْبِكَ، وَعَلَى فَهْمِكَ لاَ تَعْتَمِدْ. فِي كُلِّ طُرُقِكَ اعْرِفْهُ، وَهُوَ يُقَوِّمُ سُبُلَكَ." فلنتكل على الرب بكل قلوبنا ونتركه يقودنا، فهو لم يعدنا بأن العواصف لن تأتي، ولكنه يعلم كيف يهدئها. في العاصفة التي ضربت سفينة التلاميذ في مرقس 4: 37، كان أمر الرب يسوع للبحر "«اسْكُتْ! اِبْكَمْ!»" كافي حتى يصير "هُدُوءٌ عَظِيمٌ". عندما تأتي العواصف والمحن، فهو لا يعلم فقط كيف يهدئها بل ايضاً أن يستخدم المحن لمنفعتنا، "عَالِمِينَ أَنَّ الضِّيقَ يُنْشِئُ صَبْرًا، وَالصَّبْرُ تَزْكِيَةً، وَالتَّزْكِيَةُ رَجَاءً، وَالرَّجَاءُ لاَ يُخْزِي، لأَنَّ مَحَبَّةَ اللهِ قَدِ انْسَكَبَتْ فِي قُلُوبِنَا بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الْمُعْطَى لَنَا." (رومية 5: 3- 5) ولكن فكر الرب من جهتنا ليس فقط بخصوص الحياة القصيرة هذه، في الحقيقة، كما تخبرنا بطرس الأولى 2: 11، أننا لسنا إلا غرباء هنا، وكما تقول فيليبي 3: 20- 21 5. الخلاصة فيليبي 3: 20- 21 "فَإِنَّ سِيرَتَنَا نَحْنُ هِيَ فِي السَّمَاوَاتِ، الَّتِي مِنْهَا أَيْضًا نَنْتَظِرُ مُخَلِّصًا هُوَ الرَّبُّ يَسُوعُ الْمَسِيحُ، الَّذِي سَيُغَيِّرُ شَكْلَ جَسَدِ تَوَاضُعِنَا لِيَكُونَ عَلَى صُورَةِ جَسَدِ مَجْدِهِ، بِحَسَبِ عَمَلِ اسْتِطَاعَتِهِ أَنْ يُخْضِعَ لِنَفْسِهِ كُلَّ شَيْءٍ." بيتنا الحقيقي موجود في السماء، إلى هناك ننتمي وهناك تكون سيرتنا، الله يعتبر أننا موجودين هناك بالفعل جالسين مع الرب يسوع المسيح: أفسس 2: 4- 7 "اَللهُ الَّذِي هُوَ غَنِيٌّ فِي الرَّحْمَةِ، مِنْ أَجْلِ مَحَبَّتِهِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي أَحَبَّنَا بِهَا، وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ بِالْخَطَايَا أَحْيَانَا مَعَ الْمَسِيحِ بِالنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ وَأَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، لِيُظْهِرَ فِي الدُّهُورِ الآتِيَةِ غِنَى نِعْمَتِهِ الْفَائِقَ، بِاللُّطْفِ عَلَيْنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ." من وجهة نظر الله، نحن جالسون بالفعل في السمائيات، مع المسيح، فهو بصيرتنا وهو من يجب أن تكون أعيننا عليه، كما تقول عبرانيين 12: 1- 2: عبرانيين 12: 1- 2 "لْنُحَاضِرْ بِالصَّبْرِ فِي الْجِهَادِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا، نَاظِرِينَ إِلَى رَئِيسِ الإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوعَ، الَّذِي مِنْ أَجْلِ السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ، احْتَمَلَ الصَّلِيبَ مُسْتَهِينًا بِالْخِزْيِ، فَجَلَسَ فِي يَمِينِ عَرْشِ اللهِ." لمحاضرة الجهاد بانتظام، نحتاج إلى أن تكون لنا رؤية واضحة لما نريد أن نحققه والهدف من المحاضرة، وإلا فسوف نظل نحاضر " عَنْ غَيْرِ يَقِينٍ" " كَأَنِّي لاَ أَضْرِبُ الْهَوَاءَ" (كورنثوس الأولى 9: 26). نستطيع فقط أن نحاضر جهادنا بالنظر إلى يسوع، رئيس خلاصنا ومكمله، نحن هنا لعمل مشيئة الله، ما يقوله في كلمته وما دعى كل منا لعمله، هذا هو سبب وجودنا والهدف من حياتنا. نحن أتباع يسوع المسيح وكما قال في (يوحنا 8: 12) ". مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ»." كما قد يتضح مما سبق، نحن لسنا أناس حدث وأن وجدنا هنا، بدون هدف للحياة. لكن الله عرفنا مسبقاً واختارنا في المسيح قبل تأسيس العالم. لقد اختارك وكان هو من خلقك وأعطاك الشكل الذي أنت عليه الآن. وككل أعماله، أنت أيضاً عجيب. لقد تدخل شخصياً في تكوينك ورأى جسدك قبل أن يكون، كل الأيام المخططة أمامك كتبت في سفره بينما لم يكن أي منها، أنت لم توجد بالصدفة في هذا العالم، فأنت لست جزءاً من الزحام بل إنك خلقة الله العظيمة، فأنت ابن الله، مختار من قِبَله قبل بداية العالم. الله معك، محاصرك من خلف ومن قدام وليس هناك مكان تقدر أن توجد فيه بدونه، الله يحبك بشكل شخصي يا صديقي، وهو يحبك كثيراً لدرجة أن لا شيء يقدر أن يفصلك عن محبته، أفكاره تجاهك لا تحصر، وهي تزيد على الرمال، ووجوده ليس قضية شعور بل هو حقيقة غير متغيرة، فالله ليس معك عندما تشعر به ثم يختفي عندما لا تشعر به، بل إنه معك سواء شعرت به أم لم تشعر، أنت ابنه بغض النظر عن مقدار شعورك به، هذا هو ما تقوله كلمة الله، الحق، والحق مستقل عن المشاعر. فقد أعطاك حياة أبدية وستكون معه إلى الأبد! وعلى الرغم من أن الآخرين قد ينجرفوا في تيار الحياة، بلا هدف وبلا غرض، إلا أنه لديك هدف وهو: عمل مشيئة أبيك؛ أن تعمل ما يرضيه؛ أن تحاضر الجهاد بثبات مركزاً ليس فقط على الأشياء الأرضية بل على الاشياء التي من فوق، من حيث سيأتي مخلصك الرب يسوع المسيح، فإلى هناك تنتمي وهناك سوف تبقى إلى الأبد. |
||||
30 - 09 - 2015, 06:18 PM | رقم المشاركة : ( 9436 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ليس بعيداً
يتحدث هذا المقال عن تواجد الله في حياتنا وعن تواصله معنا، أما بخصوص تواجده فتخبرنا أعمال الرسل 17: 27- 28 أعمال الرسل 17: 27- 28 "لِكَيْ يَطْلُبُوا اللهَ لَعَلَّهُمْ يَتَلَمَّسُونَهُ فَيَجِدُوهُ، مَعَ أَنَّهُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا لَيْسَ بَعِيدًا. لأَنَّنَا بِهِ نَحْيَا وَنَتَحَرَّكُ وَنُوجَدُ." أحياناً نشعر أن الله موجود هناك .... بعيداً في السماء، وأن هناك مسافة شاسعة تفصلنا عنه، ومع ذلك، ليس هذا هو الواقع، حيث توضح كلمته هذا الأمر وتقول: أن الرب قريب من كل واحد منا وبه نحيا ونتحرك ونوجد، أوبمعنى آخر، حيثما توجد الآن، يكون الرب أيضاً، إنه قريب منك كثيراً الآن. نقرأ في كورنثوس الأولى الإصحاح الثاني فيما يخص موضوع تواجد الله وتواصله معنا: 2 الصَوْتٌ المُنْخَفِضٌ الخَفِيفٌ كورنثوس الأولى 2: 9- 12 "بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ:«مَا لَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالِ إِنْسَانٍ: مَا أَعَدَّهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ». فَأَعْلَنَهُ اللهُ لَنَا نَحْنُ بِرُوحِهِ. لأَنَّ الرُّوحَ يَفْحَصُ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى أَعْمَاقَ اللهِ. لأَنْ مَنْ مِنَ النَّاسِ يَعْرِفُ أُمُورَ الإِنْسَانِ إِلاَّ رُوحُ الإِنْسَانِ الَّذِي فِيهِ؟ هكَذَا أَيْضًا أُمُورُ اللهِ لاَ يَعْرِفُهَا أَحَدٌ إِلاَّ رُوحُ اللهِ. وَنَحْنُ لَمْ نَأْخُذْ رُوحَ الْعَالَمِ، بَلِ الرُّوحَ الَّذِي مِنَ اللهِ، لِنَعْرِفَ الأَشْيَاءَ الْمَوْهُوبَةَ لَنَا مِنَ اللهِ،" يستحيل علينا معرفة شيء من الله بدون أن يكون لنا روحه، فبدون روحه، سنكون في قمة الجهل به. ولكن شكراً للرب أن هذا لا يحدث. فلألا نكون جهلاء به، أعطانا الله روحه حتى يتسنى لنا معرفة الأشياء التي منحنا إياها. وكما قال الرب في موضع آخر: في يوحنا 15: 26، 16: 13- 15 "«وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ، رُوحُ الْحَقِّ، الَّذِي مِنْ عِنْدِ الآبِ يَنْبَثِقُ، فَهُوَ يَشْهَدُ لِي.... وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ، رُوحُ الْحَقِّ، فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ، لأَنَّهُ لاَ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ، وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ. ذَاكَ يُمَجِّدُنِي، لأَنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ. كُلُّ مَا لِلآبِ هُوَ لِي. لِهذَا قُلْتُ إِنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ." إن المعزي، روح الحق موجود هنا اليوم. فهو موجود في كل واحد منا يؤمن بقلبه بأن يسوع هو الرب الإله وأن الله أقامه من الأموات (رومية 10: 9- 10). فقد أُعْطِىَ لنا ليخبرنا بالأمور الآتية - فذاك يمجد الرب ويرشدنا إلى جميع الحق. وهذا ليس افتراضاً، أو شيئاً محتمل حدوثه، بل إنه شيئاً يحدث بالفعل! إنها حقيقة كل مؤمن مولود مرة أخرى ويسير برفقة الله. وبالعودة مرة أخرى إلى كورنثوس الأولى، نقرأ: كورنثوس الأولى 2: 16 "«لأَنَّهُ مَنْ عَرَفَ فِكْرَ الرَّبِّ فَيُعَلِّمَهُ؟» وَأَمَّا نَحْنُ فَلَنَا فِكْرُ الْمَسِيحِ." ومرة أخرى، نقرأ في إشعياء: إشعياء 54: 13 "وَكُلَّ بَنِيكِ تَلاَمِيذَ الرَّبِّ، وَسَلاَمَ بَنِيكِ كَثِيرًا." وتكمل فيليبي 2 قائلة: "13لأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَامِلُ فِيكُمْ أَنْ تُرِيدُوا وَأَنْ تَعْمَلُوا مِنْ أَجْلِ الْمَسَرَّةِ." نحن لنا فكر المسيح! وتعلمنا من قِبَل الرب، أن الله هو الذي يعمل فينا حتى نريد ونعمل لمسرته. ولتلخيص ما سبق نقول: أن الرب قد أعطانا روحه حتى يتواصل معنا، وهذا الروح موجود اليوم. إنه موجود في كل إنسان مولود مرة أخرى، وقد نلنا هذا حتى نعرف ما أعده الله لنا. فنحن لم نعد جهلاء إذ صار لنا المعزي، صار لنا وعد الآب الذي أتى ليرشدنا إلى جميع الحق ويخبرنا بالأمور الآتية. وبترك العهد الجديد للحظة، سنذهب إلى سفر الملوك الأول 19، وهناك نجد إيليا، نبي الله، والذي كان مضطهداً من قِبل إيزابل، فسار لعدة أيام حتى وصل اخيراً إلى جبل حوريب، وقابله الرب هناك؛ فتخبرنا الآيات 9- 13 بما حدث: 3. " لِيَحِلَّ الْمَسِيحُ فِي قُلُوبِنا" ملوك الأولى 19: 9- 13 "وَدَخَلَ هُنَاكَ الْمُغَارَةَ وَبَاتَ فِيهَا.وَكَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَيْهِ يَقُولُ: «مَا لَكَ ههُنَا يَا إِيلِيَّا؟» فَقَالَ: «قَدْ غِرْتُ غَيْرَةً لِلرَّبِّ إِلهِ الْجُنُودِ، لأَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ تَرَكُوا عَهْدَكَ، وَنَقَضُوا مَذَابِحَكَ، وَقَتَلُوا أَنْبِيَاءَكَ بِالسَّيْفِ، فَبَقِيتُ أَنَا وَحْدِي، وَهُمْ يَطْلُبُونَ نَفْسِي لِيَأْخُذُوهَا». فَقَالَ: «اخْرُجْ وَقِفْ عَلَى الْجَبَلِ أَمَامَ الرَّبِّ». وَإِذَا بِالرَّبِّ عَابِرٌ وَرِيحٌ عَظِيمَةٌ وَشَدِيدَةٌ قَدْ شَقَّتِ الْجِبَالَ وَكَسَّرَتِ الصُّخُورَ أَمَامَ الرَّبِّ، وَلَمْ يَكُنِ الرَّبُّ فِي الرِّيحِ. وَبَعْدَ الرِّيحِ زَلْزَلَةٌ، وَلَمْ يَكُنِ الرَّبُّ فِي الزَّلْزَلَةِ. وَبَعْدَ الزَّلْزَلَةِ نَارٌ، وَلَمْ يَكُنِ الرَّبُّ فِي النَّارِ. وَبَعْدَ النَّارِ صَوْتٌ مُنْخَفِضٌ خَفِيفٌ. فَلَمَّا سَمِعَ إِيلِيَّا لَفَّ وَجْهَهُ بِرِدَائِهِ وَخَرَجَ وَوَقَفَ فِي بَابِ الْمُغَارَةِ، وَإِذَا بِصَوْتٍ إِلَيْهِ يَقُولُ: «مَا لَكَ ههُنَا يَا إِيلِيَّا؟»" قد نظن أحياناً أن الله يوجد فقط في ظواهر الحياة المخيفة مثل الزلازل والحرائق وقد نتجاهل أنه يوجد أيضاً في الأشياء الروتينية التي تحدث في حياتنا اليومية. بالطبع سيكون هناك مواقف فريدة في الحياة، إلا أن الرب لا يوجد في هذه المواقف فقط، لأن المؤمن الذي يسير برفقة الله، يكون له فكر المسيح. وهكذا نقرأ في كورنثوس الأولى 2: 16 كورنثوس الأولى 2: 16 "«لأَنَّهُ مَنْ عَرَفَ فِكْرَ الرَّبِّ فَيُعَلِّمَهُ؟» وَأَمَّا نَحْنُ فَلَنَا فِكْرُ الْمَسِيحِ." نحن لنا فكر المسيح! وهذا الفكر لا يعمل فقط في بعض الأحيان، ولا هي وظيفته أن يكون مرتبطاً بالضرورة بالزلازل والنيران. فالمسيح ليس في مكان ما حيث يصعب الوصول إليه، بل هو فينا، بالاتحاد به يصبح في فكرنا وتصير أفكاره هي أفكارنا، كما رأينا في فيليبي: فيليبي 2: 13 "لأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَامِلُ فِيكُمْ أَنْ تُرِيدُوا وَأَنْ تَعْمَلُوا مِنْ أَجْلِ الْمَسَرَّةِ." الله يعمل فينا حتى نريد ونعمل من أجل المسرة، فنحن لا نحتاج أن نجاهد من أجل أن نسمع منه ومع ذلك نحن نحتاج أن نسير برفقته، نحتاج أن نسمح للمسيح بأن "يحل في فلوبنا بالإيمان" (أفسس 3: 17) حتى نستطيع أن نعرف " مَا هُوَ الْعَرْضُ وَالطُّولُ وَالْعُمْقُ وَالْعُلْوُ، وَتَعْرِفُوا مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ الْفَائِقَةَ الْمَعْرِفَةِ، لِكَيْ تَمْتَلِئُوا إِلَى كُلِّ مِلْءِ اللهِ." (أفسس 3: 18- 19) كما رأينا فيما سبق، أن الله أعطانا روحه وأن لنا فكر المسيح، إلا أن حقيقة امتلاكنا لفكر المسيح لا يعني أننا نستخدمه وبنفس الطريقة، فحقيقة أن لنا الروح القدس لا يعني أننا نسير بالروح، وهذا يتضح بالعديد من إسنادات وتحذيرات الكتاب المقدس للسير بالروح أو الطبيعة الجديدة وليس بالجسد. وحقاً، فنقرأ في أفسس 3: 14- 19 - وهي رسالة تشير الآية الأولى منها إلى المؤمنين ("إِلَى الْقِدِّيسِينَ الَّذِينَ فِي أَفَسُسَ، وَالْمُؤْمِنِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ"): أفسس 3: 14- 19 "بِسَبَبِ هذَا أَحْنِي رُكْبَتَيَّ لَدَى أَبِي رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي مِنْهُ تُسَمَّى كُلُّ عَشِيرَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَعَلَى الأَرْضِ. لِكَيْ يُعْطِيَكُمْ بِحَسَبِ غِنَى مَجْدِهِ، أَنْ تَتَأَيَّدُوا بِالْقُوَّةِ بِرُوحِهِ فِي الإِنْسَانِ الْبَاطِنِ، لِيَحِلَّ الْمَسِيحُ بِالإِيمَانِ فِي قُلُوبِكُمْ، وَأَنْتُمْ مُتَأَصِّلُونَ وَمُتَأَسِّسُونَ فِي الْمَحَبَّةِ، حَتَّى تَسْتَطِيعُوا أَنْ تُدْرِكُوا مَعَ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ، مَا هُوَ الْعَرْضُ وَالطُّولُ وَالْعُمْقُ وَالْعُلْوُ، وَتَعْرِفُوا مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ الْفَائِقَةَ الْمَعْرِفَةِ، لِكَيْ تَمْتَلِئُوا إِلَى كُلِّ مِلْءِ اللهِ." بغض النظر عن توجيه بطرس رسالته إلى "القديسين والمؤمنين في المسيح يسوع"، إلا أنه لا يزال يصلي حتى يحل المسيح في قلوبهم. وهذا يعنيى بدوره أن الإنسان بكونه مؤمناً لا يشير تلقائياً إلى أن المسيح يعيش في قلبه، تماماً مثل حقيقة أن كون الإنسان لديه الروح القدس لا يجعله إنساناً روحياً بشكل تلقائي (أنظر على سبيل المثال كورنثوس الأولى 3: 3- 4) كما تقول الكلمة في رومية 8: رومية 8: 5 "فَإِنَّ الَّذِينَ هُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ فَبِمَا لِلْجَسَدِ يَهْتَمُّونَ، وَلكِنَّ الَّذِينَ حَسَبَ الرُّوحِ فَبِمَا لِلرُّوحِ." تعتمد اهتماماتنا على الطريقة التي نسلك بها، فلا نقدر أن نعيش حسب الجسد وفي نفس الوقت نكون مهتمين بما للروح، وبإكمال القراءة في رومية 8: رومية 8: 6- 8 "لأَنَّ اهْتِمَامَ الْجَسَدِ هُوَ مَوْتٌ، وَلكِنَّ اهْتِمَامَ الرُّوحِ هُوَ حَيَاةٌ وَسَلاَمٌ. لأَنَّ اهْتِمَامَ الْجَسَدِ هُوَ عَدَاوَةٌ ِللهِ، إِذْ لَيْسَ هُوَ خَاضِعًا لِنَامُوسِ اللهِ، لأَنَّهُ أَيْضًا لاَ يَسْتَطِيعُ. فَالَّذِينَ هُمْ فِي الْجَسَدِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُرْضُوا اللهَ." هؤلاء الذين يحيون حسب الجسد، يهتمون بما للجسد واهتمام الجسد هو عداوة لله، فالحياة والسلام يكون فقط لهؤلاء الذين لهم الروح ويهتمون أيضاً بما للروح، وكما تقول رومية مرة أخرى: رومية 8: 9- 10 "وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَسْتُمْ فِي الْجَسَدِ بَلْ فِي الرُّوحِ، إِنْ كَانَ رُوحُ اللهِ سَاكِنً فِيكُمْ. وَلكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ لَيْسَ لَهُ رُوحُ الْمَسِيحِ، فَذلِكَ لَيْسَ لَهُ. وَإِنْ كَانَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ، فَالْجَسَدُ مَيِّتٌ بِسَبَبِ الْخَطِيَّةِ، وَأَمَّا الرُّوحُ فَحَيَاةٌ بِسَبَبِ الْبِرِّ." نحن لسنا في الجسد إن كان روح الله ساكناً فينا1. إنَّ سُكْن يسوع المسيح في قلوبنا هو ما يعطي الحياة والسلام وكل الأشياء الأخرى التي تكون ثمار الروح (أنظر غلاطية 5)، وبالعودة مرة أخرى إلى رومية 8 فنقرأ: رومية 8: 12- 14 "فَإِذًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ نَحْنُ مَدْيُونُونَ لَيْسَ لِلْجَسَدِ لِنَعِيشَ حَسَبَ الْجَسَدِ. لأَنَّهُ إِنْ عِشْتُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ فَسَتَمُوتُونَ، وَلكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِالرُّوحِ تُمِيتُونَ أَعْمَالَ الْجَسَدِ فَسَتَحْيَوْنَ. لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ، فَأُولئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ." إن هدفنا مما سبق ليس هو التشكيك في ثباتنا في يسوع المسيح، إلا أن ما نريده هو إيضاح أن الحياة والسلام والتواصل مع الرب ليس هو نتاج وجود الأجزاء الفيزيائية (الروح) فقط ولا حتى بالمعرفة الدقيقة عنها، بل يتطلب الأمر أيضاً سكن المسيح في قلوبنا أو الاهتمام بما للروح. فالرب لا يهتم فقط باستقبالنا للروح بل أيضاً بأن نسلك بالروح. لا ينبغي أن نعتقد بأن التواصل مع الرب هو تواصل بين جزئين منفصلين، وأنا أعتقد أن الأمر لا يعني فقط كم الكلمات التي قد سمعها من الرب بل أيضاً اتحاد الإنسان به، فعندما نصل إلى الاتحاد بالمسيح، سيكون المسيح في قلوبنا؛ وسيكون فكرنا هو فكر المسيح وأفكارنا هي أفكاره. وفي مثل تلك الحالة، لن نعود نتكلم عن اتصال بسيط - والذي من الممكن أن ينشأ على أي حال حتى بين طرفين لا علاقة حقيقية بينهما - بل عن شيئاً أعمق من ذلك، فهو شيء يتضمن التواصل: فنحن نتحدث معه طلباً للرفقة. وفي مثل هذا الإطار ينبغي أن ننظر إلى التواصل مع الله، وفي هذا الإطار أيضاً ينشأ بشكل طبيعي وبدون أي صراع. |
||||
30 - 09 - 2015, 06:23 PM | رقم المشاركة : ( 9437 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الفادي يسوع المسيح
على الرغم من احتفال العديد من الناس هذه الايام بميلاد يسوع المسيح - بعضهم بدافع ديني والبعض الآخر بدافع تجاري - إلا أن القليل منهم هم من يتمتعون بمعرفة وافية لهدف هذا الميلاد، لأنه حقاً، وفقاً للكتاب المقدس، كان لميلاد يسوع المسيح مهمة محددة منذ البدء وهي أن يدفع حياته ثمناً لفداء خطايانا، وكما قال الملاك ليوسف عندما كان يسوع لا يزال في بطن مريم: متى 1: 21 "فَسَتَلِدُ [مريم] ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ»." تعني كلمة "يسوع" بالعبرية "رب (يهوة بالعبرية) خلاصنا" وحقاً كان يسوع المسيح هو الشخص الذي سيجلب الرب، يهوة، من خلاله الخلاص للشعب وسيخلصهم من خطاياهم، وكما تقول كلمة الله معلقة على اقتراح قيافا، رئيس كهنة اليهود لصلب يسوع: يوحنا 11: 50- 52 "[قيافا متحدثاً] وَلاَ تُفَكِّرُونَ أَنَّهُ خَيْرٌ لَنَا أَنْ يَمُوتَ إِنْسَانٌ وَاحِدٌ عَنِ الشَّعْبِ وَلاَ تَهْلِكَ الأُمَّةُ كُلُّهَا!». وَلَمْ يَقُلْ هذَا مِنْ نَفْسِهِ، بَلْ إِذْ كَانَ رَئِيسًا لِلْكَهَنَةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، تَنَبَّأَ أَنَّ يَسُوعَ مُزْمِعٌ أَنْ يَمُوتَ عَنِ الأُمَّةِ، وَلَيْسَ عَنِ الأُمَّةِ فَقَطْ، بَلْ لِيَجْمَعَ أَبْنَاءَ اللهِ الْمُتَفَرِّقِينَ إِلَى وَاحِدٍ." ولد يسوع حتى يموت من أجل الجميع، وسنختبر بعض من آثار هذا الموت في هذا المقال. الفداء هو أحد الأشياء الذي كثيراً ما يشار إليه بأنه نتيجة لموت يسوع. و"الفداء" هو عمل يتطلب وجود فادي أي شخص يجعل الفداء متاحاً مع وجود فدية تدفع لذلك. ولمعرفة ماهو هذا الشيء الذي فدانا منه يسوع المسيح وكذلك الفدية التي دفعها، سنذهب إلى تيطس 2: 14 حيث نقرأ: 2. يسوع المسيح: فادينا من خطية آدم تيطس 2: 14 "[يسوع] الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، لِكَيْ يَفْدِيَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ" فدانا يسوع المسيح من كل إثم، وفعل هذا ببذله لنفسه لأجلنا، أو بمعنى آخر، كان هو فدية افتدائنا " مِنْ كُلِّ إِثْمٍ"، كما قال في متى 20: 28: متى 20: 28 "كَمَا أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ، وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ»." جاء يسوع " لِيَخْدِمَ، وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ"، وبقدر ما كانت هذه الفدية عظيمة بقدر ما كان عظيم أيضاً ذلك الفداء الذي نلناه، وتتحدث عبرانيين 9: 11- 12 عن هذا الفداء قائلة لنا: عبرانيين 9: 11- 12 "وَأَمَّا الْمَسِيحُ، وَهُوَ قَدْ جَاءَ رَئِيسَ كَهَنَةٍ لِلْخَيْرَاتِ الْعَتِيدَةِ، فَبِالْمَسْكَنِ الأَعْظَمِ وَالأَكْمَلِ، غَيْرِ الْمَصْنُوعِ بِيَدٍ، أَيِ الَّذِي لَيْسَ مِنْ هذِهِ الْخَلِيقَةِ، وَلَيْسَ بِدَمِ تُيُوسٍ وَعُجُول، بَلْ بِدَمِ نَفْسِهِ، دَخَلَ مَرَّةً وَاحِدَةً إِلَى الأَقْدَاسِ، فَوَجَدَ فِدَاءً أَبَدِيًّا." قدم كهنة الشريعة التيوس والعجول والتي ابتغوا بواستطها الحصول على فداء الخطايا، وكما سنرى لاحقاً، ما كانوا يفعلونه كان منقوصاً، ولكن على نقيض هذا، قدم يسوع المسيح دمه لله والذي وجد به فداءً أبدياً لنا، كما تقول أفسس 1: 7 وكولوسي 1: 14 أيضاً أفسس 1: 7 "الَّذِي فِيهِ [يسوع] لَنَا الْفِدَاءُ بِدَمِهِ، غُفْرَانُ الْخَطَايَا، حَسَبَ غِنَى نِعْمَتِهِ [الله]" كولوسي 1: 14 "الَّذِي لَنَا فِيهِ [يسوع] الْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ الْخَطَايَا." الفداء ليس في أعمالنا الصالحة وسلوكنا، ليس في اتجاهنا الديني، أو في أهميتنا وقيمتنا الشخصية، بل هو في يسوع، وهو فداء " حَسَبَ غِنَى نِعْمَتِهِ" أي أنه وافر وكامل، وكما نقرأ فهو فداء أبدي. كما ذُكِر في الفصل السابق، كان يسوع المسيح هو الفدية التي دفعت لأجل كل خطايانا، لأجل "كُلِّ إِثْمٍ" كما تقول تيطس 2: 14، ولكن يجب توضيح أن "كُلِّ إِثْمٍ" هذه، بغض النظر عن الخطايا التي يرتكبها الإنسان في حياته، تشمل أيضاً الخطية التي ارتكبها آدم بسقوطه والتي تنتقل من جيل إلى جيل وإلى كل البشر، جاعلة منهم خطاة منذ لحظة ولادتهم الأولى، وحقاً كما تخبرنا رومية 5: 18- 19 3. يسوع المسيح: الذبيحة الكاملة رومية 5: 18- 19 "فَإِذًا كَمَا بِخَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ [آدم] صَارَ الْحُكْمُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِلدَّيْنُونَةِ، هكَذَا بِبِرّ وَاحِدٍ [يسوع المسيح] صَارَتِ الْهِبَةُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، لِتَبْرِيرِ الْحَيَاةِ. لأَنَّهُ كَمَا بِمَعْصِيَةِ الإِنْسَانِ الْوَاحِدِ [آدم] جُعِلَ الْكَثِيرُونَ خُطَاةً، هكَذَا أَيْضًا بِإِطَاعَةِ الْوَاحِدِ [يسوع] سَيُجْعَلُ الْكَثِيرُونَ أَبْرَارًا." معصية آدم لم تكلفه فقط سقوطه وحده، بل أيضاً جعلت كل من ولدوا بعده خطاة، على الرغم من أنهم لم يرتكبوا خطيته، ومن ثم، فلا يوجد إنسان قادر على أن يقول أنه غير محتاج للفداء، لأنه حتى في الحالة الفرضية [وهي مجرد حالة فرضية أنه لم يفعل شيئاً خاطئاً] فهناك خطية آدم والتي تجعله خاطياً منذ لحظة ولادته. من الواضح إذاً أن فدائنا لن يكون ملائماً لو لم يشمل خطية آدم، ومن ثم، كان على يسوع المسيح أن يفتدينا من خطية آدم أيضاً، وهذا هو ما فعله، كما أخبرتنا رومية 5: 19: رومية 5: 19 "لأَنَّهُ كَمَا بِمَعْصِيَةِ الإِنْسَانِ الْوَاحِدِ جُعِلَ الْكَثِيرُونَ خُطَاةً، هكَذَا أَيْضًا بِإِطَاعَةِ الْوَاحِدِ [يسوع] سَيُجْعَلُ الْكَثِيرُونَ أَبْرَارًا." على الرغم من انتقال خطية آدم من جيل إلى جيل مفسدة كل البشر، إلا أننا نقدر من خلال الطاعة وفداء الرب يسوع أن نتخلص ليس فقط من هذه الخطية بل أيضاً من كل الخطايا الأخرى التي من الممكن أن تكون قد أفسدت حياتنا، كما نقرأ في تيطس 2: 14 تيطس 2: 14 "الَّذِي [يسوع] بَذَلَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، لِكَيْ يَفْدِيَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ" عندما تقول الآية "كل إثم"، فهي تعني بوضوح كل إثم بما فيها خطية آدم، واليوم عندما يولد إنسان، فهو لا يزال يولد خاطياً، ومع ذلك، صار لنا الآن مخرجاً من هذا الوضع يُسمى الإيمان بالرب يسوع، وحقاً كما تقول لنا أعمال الرسل 10: 43 أعمال الرسل 10: 43 "لَهُ [يسوع] يَشْهَدُ جَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ أَنَّ كُلَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ يَنَالُ بِاسْمِهِ غُفْرَانَ الْخَطَايَا»." الأمر في غاية البساطة، تؤمن بيسوع المسيح وستغفر كل خطاياك، إلا أن الأمر تكلف الكثير للحصول عليه، إذ تكلف الدم الثمين لابن الله الوحيد. نستخلص من ذلك إذاً أنه على الرغم من ولادتنا خطاة في الولادة الأولى، إلا أننا نولد أنقياء تماماً في الولادة الثانية، الولادة التي من فوق (أنظر يوحنا 3: 3- 8) لحظة إيماننا بالرب يسوع وبقيامته، لأن الإيمان المسؤول عن هذه الولادة الثانية ينقينا من كل الخطايا. بعدما رأينا أن ذبيحة يسوع افتدتنا من كل خطية، قد يتسائل البعض، ما هو دور الذبائح والتقدمات المتعددة المذكورة في الناموس1 والتي هدفت إلى غفران الخطايا والتي لأجلها قدموها؟ قبل أن نقول أي شيء عن قيمة هذه الذبائح، لم يكن هناك أي شيء منتظر من الناموس لأجل غفران خطية آدم، لم يكن هناك أي شيء قادر على مساعدة الإنسان للتخلص منها، ومن ثم، فقد ولد الناس خطاة وظلوا خطاة حتى وإن كانوا قد قدموا كل ذبائح الناموس لأجل الخطايا المتعددة المذكورة فيه. تغير هذا الوضع فقط بذبيحة يسوع والتي صرنا من بعدها، على الرغم من ولادتنا خطاة، قادرين على أن نتطهر من هذه الخطية بل ومن كل الخطايا بالإيمان بالمسيح. 4. يسوع المسيح: تصالحنا مع الله والآن، تاركين خطية آدم جانباً وعودة إلى الذبائح والتقدمات للخطايا المسجلة في الناموس فيصفها الكتاب المقدس بأنها ناقصة، وحقاً نقرأ في عبرانيين 10: 1- 4 عبرانيين 10: 1- 4 "لأَنَّ النَّامُوسَ، إِذْ لَهُ ظِلُّ الْخَيْرَاتِ الْعَتِيدَةِ لاَ نَفْسُ صُورَةِ الأَشْيَاءِ، لاَ يَقْدِرُ أَبَدًا بِنَفْسِ الذَّبَائِحِ كُلَّ سَنَةٍ، الَّتِي يُقَدِّمُونَهَا عَلَى الدَّوَامِ، أَنْ يُكَمِّلَ الَّذِينَ يَتَقَدَّمُونَ. وَإِلاَّ، أَفَمَا زَالَتْ تُقَدَّمُ؟ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْخَادِمِينَ، وَهُمْ مُطَهَّرُونَ مَرَّةً، لاَ يَكُونُ لَهُمْ أَيْضًا ضَمِيرُ خَطَايَا. لكِنْ فِيهَا كُلَّ سَنَةٍ ذِكْرُ خَطَايَا. لأَنَّهُ لاَ يُمْكِنُ أَنَّ دَمَ ثِيرَانٍ وَتُيُوسٍ يَرْفَعُ خَطَايَا." كما توضح الآية الأخيرة من الفقرة السابقة أن ذبائح الحيوان التي استخدمها الناموس من أجل الفداء عن الخطايا لم تكن كافية لهذا العمل لأنه كما تقول " لاَ يُمْكِنُ أَنَّ دَمَ ثِيرَانٍ وَتُيُوسٍ يَرْفَعُ خَطَايَا."، وبما أن عبرانيين 9: 22 تقول لنا: عبرانيين 9: 22 "وَبِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ!" من الواضح أن الأمر كان يلزم سفك دم آخر لأجل الغفران الحقيقي، لمن كان هذا الدم؟ لقد كان دم يسوع المسيح، وحقاً نقرأ في عبرانيين 10: 6- 12 عبرانيين 10: 10- 12 "فَبِهذِهِ الْمَشِيئَةِ [أنظر الآيات 5-9 من أجل السياق] نَحْنُ مُقَدَّسُونَ بِتَقْدِيمِ جَسَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَرَّةً وَاحِدَةً. وَكُلُّ كَاهِنٍ يَقُومُ كُلَّ يَوْمٍ يَخْدِمُ وَيُقَدِّمُ مِرَارًا كَثِيرَةً تِلْكَ الذَّبَائِحَ عَيْنَهَا، الَّتِي لاَ تَسْتَطِيعُ الْبَتَّةَ أَنْ تَنْزِعَ الْخَطِيَّةَ. وَأَمَّا هذَا [يسوع المسيح] فَبَعْدَمَا قَدَّمَ عَنِ الْخَطَايَا ذَبِيحَةً وَاحِدَةً، جَلَسَ إِلَى الأَبَدِ عَنْ يَمِينِ اللهِ." تعامل يسوع المسيح مع مشكلة الخطية مرة واحدة، على نقيض الكهنة الذين قدموا نفس الذبائح مراراً وتكراراً و "الَّتِي لاَ تَسْتَطِيعُ الْبَتَّةَ أَنْ تَنْزِعَ الْخَطِيَّةَ"، فكانت ذبيحته عن الخطايا ذبيحة واحدة والتي وجد بها "فِدَاءً أَبَدِيًّا" (عبرانيين 9: 12)، ولهذا السبب لا حاجة الآن لأي ذبائح أخرى كما تخبرنا أيضاً عبرانيين 10: 18 بكل وضوح: عبرانيين 10: 18 "وَإِنَّمَا حَيْثُ تَكُونُ مَغْفِرَةٌ لِهذِهِ لاَ يَكُونُ بَعْدُ قُرْبَانٌ عَنِ الْخَطِيَّةِ." هذه الفقرة لا تقول أنه لن يكون هناك خطايا أخرى، بل ما تقوله هو أنه لن يكون هناك المزيد من التقدمات لأجل الخطية وهذا لأن تقدمة يسوع المسيح لديها قدرة أبدية ضد الخطية، ليس فقط ضد الخطايا التي ارتكبناها كغير مؤمنين أو ضد خطية آدم، بل اأضاً ضد الخطايا التي قد نكون ارتكبناها بعدما صرنا مسيحيين. هذه الخطايا غفرت أيضاً من خلال قوة الفداء التي لدم يسوع. فتقول لنا يوحنا الأولى 1: 7- 9 يوحنا الأولى 1: 7- 9 "وَلكِنْ إِنْ سَلَكْنَا فِي النُّورِ كَمَا هُوَ فِي النُّورِ، فَلَنَا شَرِكَةٌ بَعْضِنَا مَعَ بَعْضٍ، وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ. إِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ لَيْسَ لَنَا خَطِيَّةٌ نُضِلُّ أَنْفُسَنَا وَلَيْسَ الْحَقُّ فِينَا. إِنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ." دم يسوع هو الدواء الوحيد القادر على تخليصنا من مرض الخطية، أوصي الناموس بهذه الذبيحة لأجل هذه الخطية، وتلك الذبيحة لأجل الخطية الأخرى وهكذا، ولكن كل تلك الذبائح لم تقدر على علاج مشكلة الخطية، ومع ذلك فما لم يقدر الناموس على الحصول عليه، حصل عليه يسوع ببذله لذاته، واليوم، كل من يؤمن به قد غُسِل من كل خطاياه، كما تخبرنا رؤيا 1: 5 رؤيا 1: 5 "وَمِنْ يَسُوعَ الْمَسِيحِ الشَّاهِدِ الأَمِينِ، الْبِكْرِ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَرَئِيسِ مُلُوكِ الأَرْضِ: الَّذِي أَحَبَّنَا، وَقَدْ غَسَّلَنَا مِنْ خَطَايَانَا بِدَمِهِ" يسوع المسيح غسلنا من خطايانا بدمه، هو من قام بالعمل كله، فهو حتى لا يقول أننا غسلنا أنفسنا، بل هو من فعل كل شيء وفعله بشكل كامل بدون الحاجة لأي شيء آخر. بعدما رأينا أن ذبيحة يسوع أعطتنا غفران الخطايا، فلنمضي قدماً الآن لرؤية شيء آخر أعطاه لنا أيضاً من خلال هذا الغفران، ماذا كان هذا؟ كان هو تصالحنا مع الله، وحقاً فعلى الرغم من أننا كنا خطاة ومن ثم أعداء لله قبل ذبيحة يسوع إلا أننا افتدينا وغُسلنا من كل خطايانا، فجعلنا هذا أبراراً وصالحنا مع الله، كما تخبرنا رومية 5: 6- 10 الخلاصة رومية 5: 6- 10 "لأَنَّ الْمَسِيحَ، إِذْ كُنَّا بَعْدُ ضُعَفَاءَ، مَاتَ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ لأَجْلِ الْفُجَّارِ. فَإِنَّهُ بِالْجَهْدِ يَمُوتُ أَحَدٌ لأَجْلِ بَارّ. رُبَّمَا لأَجْلِ الصَّالِحِ يَجْسُرُ أَحَدٌ أَيْضًا أَنْ يَمُوتَ. وَلكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا. فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا وَنَحْنُ مُتَبَرِّرُونَ الآنَ بِدَمِهِ نَخْلُصُ بِهِ مِنَ الْغَضَبِ! لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا وَنَحْنُ أَعْدَاءٌ قَدْ صُولِحْنَا مَعَ اللهِ بِمَوْتِ ابْنِهِ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا وَنَحْنُ مُصَالَحُونَ نَخْلُصُ بِحَيَاتِهِ!" مات يسوع المسيح لأجلنا عندما كنا بعد خطاة وأعداء لله، فصالحنا مع الله بموته لأن موته دفع ثمن كل خطايانا وحولنا من خطاة إلى أبرار عندما آمنا به ، كما تقول أيضاً بطرس الأولى 3: 18 بطرس الأولى 3: 18 " فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا تَأَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ أَجْلِ الْخَطَايَا، الْبَارُّ مِنْ أَجْلِ الأَثَمَةِ، لِكَيْ يُقَرِّبَنَا إِلَى اللهِ، مُمَاتًا فِي الْجَسَدِ وَلكِنْ مُحْيىً فِي الرُّوحِ." يسوع المسيح، الحق، تألم لأجلنا وبذبيحته قربنا إلى الله، والآن، إن كان المسيح قد قربنا لله، هل لازلنا محتاجين لأن نُقرب إليه؟ كلا، لأن المسيح قد فعل هذا بالفعل! فنحن كمسيحيين، لسنا بعد بعيدين عن الله ولا في حاجة إلى أن يقربنا أحد منه، ولكننا تصالحنا معه، ولم نكن نحن من جعلنا هذا ممكناً بل كان هو يسوع، كما تقول الفقرة " تَأَلَّمَ .... لِكَيْ يُقَرِّبَنَا إِلَى اللهِ" ثم تضيف كولوسي 1: 19- 23 كولوسي 1: 19- 23 "لأَنَّهُ فِيهِ سُرَّ أَنْ يَحِلَّ كُلُّ الْمِلْءِ، وَأَنْ يُصَالِحَ بِهِ الْكُلَّ لِنَفْسِهِ، عَامِلاً الصُّلْحَ بِدَمِ صَلِيبِهِ، بِوَاسِطَتِهِ، سَوَاءٌ كَانَ: مَا عَلَى الأَرْضِ، أَمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ. وَأَنْتُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ قَبْلاً أَجْنَبِيِّينَ وَأَعْدَاءً فِي الْفِكْرِ، فِي الأَعْمَالِ الشِّرِّيرَةِ، قَدْ صَالَحَكُمُ الآنَ فِي جِسْمِ بَشَرِيَّتِهِ بِالْمَوْتِ، لِيُحْضِرَكُمْ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ وَلاَ شَكْوَى أَمَامَهُ، إِنْ ثَبَتُّمْ عَلَى الإِيمَانِ، مُتَأَسِّسِينَ وَرَاسِخِينَ وَغَيْرَ مُنْتَقِلِينَ عَنْ رَجَاءِ الإِنْجِيلِ، الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ، الْمَكْرُوزِ بِهِ فِي كُلِّ الْخَلِيقَةِ الَّتِي تَحْتَ السَّمَاءِ، الَّذِي صِرْتُ أَنَا بُولُسَ خَادِمًا لَهُ." هل نحن أجنبيين وأعداء لله؟ هل نحن الآن غرباء عنه؟ كلا، كنا قبلاً " أَجْنَبِيِّينَ وَأَعْدَاءً" ولكننا لم نعد كذلك الآن؛ لأنه " قَدْ صَالَحَكُمُ [الله] الآنَ فِي جِسْمِ بَشَرِيَّتِهِ [يسوع] بِالْمَوْتِ [موت يسوع]" كما تقول أفسس 2: 19 أفسس 2: 19 "فَلَسْتُمْ إِذًا بَعْدُ غُرَبَاءَ وَنُزُلاً، بَلْ رَعِيَّةٌ مَعَ الْقِدِّيسِينَ وَأَهْلِ بَيْتِ اللهِ" اختبرنا في هذا المقال بعض آثار ذبيحة يسوع وأكدنا على غفران الخطايا الذي حصلنا عليه من خلاله. وكما رأينا، فبموته، افتدانا يسوع من كل خطايانا بما في ذلك خطية آدم مصالحاً إيانا مع الله، إذاً فنحن اليوم لسنا خطاة ولا غرباء ولا أعداء مع الله، بل على العكس، فقد خلصنا وصرنا أبراراً، قديسين وصولحنا مع الله وهذا ليس لأننا فعلنا شيئاً بل لأن يسوع المسيح فادينا فعل ذلك بأن بذل نفسه عنا جميعاً. وحتى ننهي هذا المقال، فلنحفظ كلمات بطرس الأولى 1: 18- 19 التي تقول: بطرس الأولى 1: 18- 19 "عَالِمِينَ أَنَّكُمُ افْتُدِيتُمْ لاَ بِأَشْيَاءَ تَفْنَى، بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ، مِنْ سِيرَتِكُمُ الْبَاطِلَةِ الَّتِي تَقَلَّدْتُمُوهَا مِنَ الآبَاءِ، بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَل بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ، دَمِ الْمَسِيحِ" |
||||
30 - 09 - 2015, 06:26 PM | رقم المشاركة : ( 9438 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يسوع والماء الحي
نجد يسوع في يوحنا 4 متحدثاً إلى المرأة السامرية بعدما طلب منها ماء، فنقرأ في الآية 10: يوحنا 4: 10 "أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهاَ:«لَوْ كُنْتِ تَعْلَمِينَ عَطِيَّةَ اللهِ، وَمَنْ هُوَ الَّذِي يَقُولُ لَكِ أَعْطِينِي لأَشْرَبَ، لَطَلَبْتِ أَنْتِ مِنْهُ فَأَعْطَاكِ مَاءً حَيًّا»." ثم يكمل الرب: يوحنا 4: 13- 14 "أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهاَ:«كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هذَا الْمَاءِ يَعْطَشُ أَيْضًا. وَلكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ، بَلِ الْمَاءُ الَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ»." من يشرب من الماء الذي يعطيه الرب لن يعطش إلى الأبد، ليس هناك أي ماء آخر قادر أن يشبع عطشك إلى الأبد غير الماء الذي يعطيه الرب. من عطش إلى الحياة؟ من تعب من قفر هذا العالم؟ لدى الرب بشرى سارة لأجله، فهو، قائد الحياة، لديه ماء حياً، فاحفظه في أعماق قلبك والماء الذي سيعطيك إياه لن ينقص فقط من عطشك بل أيضاً سيجعل لك "مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ" "فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«أَنَا هُوَ خُبْزُ الْحَيَاةِ. مَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ فَلاَ يَجُوعُ، وَمَنْ يُؤْمِنْ بِي فَلاَ يَعْطَشُ أَبَدًا." (يوحنا 6: 35) |
||||
30 - 09 - 2015, 06:29 PM | رقم المشاركة : ( 9439 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
" مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا"
نقرأ في عبرانيين 4: 15- 16 "لأَنْ لَيْسَ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ غَيْرُ قَادِرٍ أَنْ يَرْثِيَ لِضَعَفَاتِنَا، بَلْ مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا، بِلاَ خَطِيَّةٍ. فَلْنَتَقَدَّمْ بِثِقَةٍ إِلَى عَرْشِ النِّعْمَةِ لِكَيْ نَنَالَ رَحْمَةً وَنَجِدَ نِعْمَةً عَوْنًا فِي حِينِهِ." يقول البعض: "كيف يمكن لله أن يفهمني؟ فهل مر بما مررت به؟" أحياناً، تتكون في أذهاننا صورة لإله منيع، منعزل، إله بعيد عن الحياة وعن الواقع، إله لا يمكن أن تلمسه أزماتنا وشهواتنا. حسناً، الرب يسوع المسيح الذي هو " صُورَةُ اللهِ غَيْرِ الْمَنْظُورِ" (كولوسي 1: 15) مر بكل هذا، لقد مر بكل ما قد تكون أنت فيه الآن، بكل التجارب التي قد تختبرك والعواصف التي قد تضربك. ولأنه مر بكل هذه، يستطيع أن يفهمك، يستطيع تماماً أن يرثي لآلام وضعفات وشهوات النفس البشرية، يسوع المسيح يرثي الآن ما قد جرحك، يسوع المسيح يرثي الآن ما قد أحزنك، يسوع المسيح يرثي الآن ما قد أضعفك، كل مشاكلك، كل دمعة تكون قد أذرفتها وكل قلق قد يكون لك. وقبل ذلك بإصحاحين، نقرأ في عبرانيين 2: 16- 18 عبرانيين 2: 16- 18 "لأَنَّهُ حَقًّا لَيْسَ يُمْسِكُ الْمَلاَئِكَةَ، بَلْ يُمْسِكُ نَسْلَ إِبْرَاهِيمَ. مِنْ ثَمَّ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُشْبِهَ إِخْوَتَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، لِكَيْ يَكُونَ رَحِيمًا، وَرَئِيسَ كَهَنَةٍ أَمِينًا فِي مَا ِللهِ حَتَّى يُكَفِّرَ خَطَايَا الشَّعْبِ. لأَنَّهُ فِي مَا هُوَ قَدْ تَأَلَّمَ مُجَرَّبًا يَقْدِرُ أَنْ يُعِينَ الْمُجَرَّبِينَ." يسوع المسيح قادر على مساعدة المجربين، لأنه مر أيضاً بنفس التجارب، فهو لا ينظر إليك من بعيد من دون أن يعرف كيف قد يكون شعورك، فهو يعلم جيداً، إذ جُعِل مثلنا في كل شيء قرأنا عنه. يظن البعض أن المسيح كان مثل الإنسان الآلي: أتي، أكمل عمله ثم مضي، إلا أننا نحتاج صورة المسيح الذي جُعِل مثلنا في كل شيء، نحتاج إلى صورة الإنسان يسوع المسيح. نقرأ في تيموثاوس الأولى 2: 5: تيموثاوس الأولى 2: 5 "لأَنَّهُ يُوجَدُ إِلهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ: الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ" الوسيط بين الله والناس هو كاهننا الأعلى ومحامينا الأكبر، هو من جُعِل مثلنا في كل شيء: إنه الإنسان يسوع المسيح. لاحظ أن كلمة الله وهي تتحدث عن محامينا، لم تختر أن تدعوه ابن الله، أو الرب أو المخلص أو تستخدم أي من ألقابه والتي تعتبر أيضاً من صفاته، بل دعته بالإنسان - ومن ثم تتضح حقيقة أن من يتوسط لأجل البشر، ليس غريباً عنهم بل جُعِل مثلهم في كل شيء. فقد عانى مثل الناس، جُرِّب مثل الناس ومن ثم يستطيع أن يرثي الناس ويتوسط لأجلهم، فنقرأ "لأَنَّهُ حَقًّا لَيْسَ يُمْسِكُ الْمَلاَئِكَةَ، بَلْ يُمْسِكُ نَسْلَ إِبْرَاهِيمَ". هل بكيت؟ هو بكى أيضاً، هل خُدِعت؟ هو خُدِعَ أيضاً، هل كنت جوعاناً أو عطشاناً؟ هو أيضاً جاع وعطش، هل ظُلِمت؟ هو أيضاً طُلِم، هل عانيت الآلام؟ هو أيضاً عاني الآلام. هل تعذبت؟ هو أيضاً تعذب، هل فقدت أحباء؟ هو ايضاً فقد أحباء، هل رُفِضت؟ هو أيضاً رُفِض. فيسوع المسيح " الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ" يقدر أن يفهمك جيداً لأنه جُعِل مثلنا، ليس فقط في بعض النقاط بل في كل شيء كما يقول الكتاب المقدس بالمضي قدماً في نفس الموضوع، نقرأ في فيليبي 2: 5- 11 فيليبي 2: 5- 11 "فَلْيَكُنْ فِيكُمْ هذَا الْفِكْرُ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ أَيْضًا: الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً ِللهِ. لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ. لِذلِكَ رَفَّعَهُ اللهُ أَيْضًا، وَأَعْطَاهُ اسْمًا فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ، وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ اللهِ الآبِ." يسوع المسيح أذل نفسه آخذا صورة عبد، جُعِل مثلنا - مع الفارق أنه ولد وعاش بلا خطية - إذاً فهو يقدر أن يفهمنا. تستطيع أن تلقاه في المتنزه وتستطيع أن تأكل معه. ثم كان نجاراً، واليوم يقدر أن يعمل في المكتب الذي يجاورك أو من الممكن أن تراه كعامل في موقع بناء. ماذا وأين ليس مهماً، ما يهم هو أنه مهما كنت ومهما كانت مشكلتك، فيسوع المسيح قادر أن يشعر بك ويفهمك، وها هو ما يقوله إشعياء، موضحاً أيضاً حجم ما مر به بينما كان على الارض: إشعياء 53: 2- 12 "نَبَتَ قُدَّامَهُ كَفَرْخٍ وَكَعِرْق مِنْ أَرْضٍ يَابِسَةٍ، لاَ صُورَةَ لَهُ وَلاَ جَمَالَ فَنَنْظُرَ إِلَيْهِ، وَلاَ مَنْظَرَ فَنَشْتَهِيَهُ. مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ، رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحَزَنِ، وَكَمُسَتَّرٍ عَنْهُ وُجُوهُنَا، مُحْتَقَرٌ فَلَمْ نَعْتَدَّ بِهِ. لكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا، وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا. وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَابًا مَضْرُوبًا مِنَ اللهِ وَمَذْلُولاً. وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا. كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا. ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ، وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. مِنَ الضُّغْطَةِ وَمِنَ الدَّيْنُونَةِ أُخِذَ. وَفِي جِيلِهِ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ قُطِعَ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ، أَنَّهُ ضُرِبَ مِنْ أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي؟ وَجُعِلَ مَعَ الأَشْرَارِ قَبْرُهُ، وَمَعَ غَنِيٍّ عِنْدَ مَوْتِهِ. عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ ظُلْمًا، وَلَمْ يَكُنْ فِي فَمِهِ غِشٌّ. أَمَّا الرَّبُّ فَسُرَّ بِأَنْ يَسْحَقَهُ بِالْحَزَنِ. إِنْ جَعَلَ نَفْسَهُ ذَبِيحَةَ إِثْمٍ يَرَى نَسْلاً تَطُولُ أَيَّامُهُ، وَمَسَرَّةُ الرَّبِّ بِيَدِهِ تَنْجَحُ. مِنْ تَعَبِ نَفْسِهِ يَرَى وَيَشْبَعُ، وَعَبْدِي الْبَارُّ بِمَعْرِفَتِهِ يُبَرِّرُ كَثِيرِينَ، وَآثَامُهُمْ هُوَ يَحْمِلُهَا. لِذلِكَ أَقْسِمُ لَهُ بَيْنَ الأَعِزَّاءِ وَمَعَ الْعُظَمَاءِ يَقْسِمُ غَنِيمَةً، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سَكَبَ لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ، وَهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وَشَفَعَ فِي الْمُذْنِبِينَ." • لا جمال فينطر إليه ولا منظر فنشتهيه. • محتقر ومخذول من الناس. • رجل أوجاع ومختبر الحزن. • والناس ستروا وجوههم عنه. • حسبوه مصاباً، مضروباً من الله مذلولاً. • وهو مجروح لأجل معاصينا، مسحوق لأجل آثامنا. • ظلم وتذلل ولم يفتح فاه. هذا هو ما مر به يسوع المسيح من أجلنا، مخلصنا ووسيطنا، ومحامينا، فهو قادر تماماً على أن يتفهمك، ونحن في حاجة لمثل هذا المخلص، فالمخلص البعيد لا ينفع، نحن بحاجة إلى مخلص جُعِل مثل البشر في كل شيء - مخلص مر بما يمر به البشر ومن ثم يكون قادراً على أن يتوسط لأجلنا ويدعمنا، وهذا هو مخلصنا، رئيس كهنتنا ووسيطنا. "لأَنْ لَيْسَ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ غَيْرُ قَادِرٍ أَنْ يَرْثِيَ لِضَعَفَاتِنَا، بَلْ مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا، بِلاَ خَطِيَّةٍ. فَلْنَتَقَدَّمْ بِثِقَةٍ إِلَى عَرْشِ النِّعْمَةِ لِكَيْ نَنَالَ رَحْمَةً وَنَجِدَ نِعْمَةً عَوْنًا فِي حِينِهِ." تاسوس كيولاشوجلو |
||||
01 - 10 - 2015, 06:43 PM | رقم المشاركة : ( 9440 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
إشعياء 58
كثيراً ما قرأت إشعياء 58 في سنين مسيحيتي وهو بالطبع أحد أفضل إصحاحاتي، إلا أنها لم تناديني عالياً من قبل مثلما فعلت ذاك الصباح، وهو بالحقيقة إصحاح صارخ جداً، حتى إنه يقول هذا في الآية الأولى: إشعياء 58: 1 "«نَادِ بِصَوْتٍ عَال. لاَ تُمْسِكْ. اِرْفَعْ صَوْتَكَ كَبُوق وَأَخْبِرْ شَعْبِي بِتَعَدِّيهِمْ، وَبَيْتَ يَعْقُوبَ بِخَطَايَاهُمْ." ناد بصوت عال!! هذه ليست رسالة تدعو للاختباء، بل هي رسالة يجب أن ينادى بها بصوت عال! هي رسالة يجب أن تُسمع مثل البوق! لأني أؤمن أن لدى الكثير منا نفس ما كان لدى بني إسرائيل والذي ذُكر في الآية 3 من نفس الإصحاح: إشعياء 58: 1- 3 "«نَادِ بِصَوْتٍ عَال. لاَ تُمْسِكْ. اِرْفَعْ صَوْتَكَ كَبُوق وَأَخْبِرْ شَعْبِي بِتَعَدِّيهِمْ، وَبَيْتَ يَعْقُوبَ بِخَطَايَاهُمْ. وَإِيَّايَ يَطْلُبُونَ يَوْمًا فَيَوْمًا، وَيُسَرُّونَ بِمَعْرِفَةِ طُرُقِي كَأُمَّةٍ عَمِلَتْ بِرًّا، وَلَمْ تَتْرُكْ قَضَاءَ إِلهِهَا. يَسْأَلُونَنِي عَنْ أَحْكَامِ الْبِرِّ. يُسَرُّونَ بِالتَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ. يَقُولُونَ: لِمَاذَا صُمْنَا وَلَمْ تَنْظُرْ، ذَلَّلْنَا أَنْفُسَنَا وَلَمْ تُلاَحِظْ؟" كان إسرائيل يبحث عن الله! سُرَّ إسرائيل بمعرفة طرق الرب! سُرُّوا بالتقرب لله! أتعلم، أراد هؤلاء الناس أن يكونوا قريبين من الله! ارادوا أن يعرفوا الله أكثر فأكثر! صاموا! ذلوا أنفسهم! ولكن ... وكأن الله لم يسمع لأي من هذا! وكأنه كان أعمى وجامد غير منتبهاً لما فعلوا ولاهتمامهم الأعظم المفترض. لو كانوا أحياءاً في يومنا هذا، لكانوا حضروا الكنيسة، والندوات، لكانوا قاموا بالأنشطة الكهنوتية، ولكن الله ما كان ليسمع أو يرى! ألا نرى هذا اليوم في حياتنا الشخصية؟ قد نفتقد الله بطريقة أو بأخرى، ونحاول التقرب إليه .. من خلال الصوم، من خلال البحث عن المزيد من المعلومات، من خلال الدراسة ... إلخ "نسر لمعرفة طرقه"، إلا أن معرفة طرق الله لا تعني أننا نعرف الله ولا تعني أننا نسير في هذه الطرق! الصوم أو المسرة في التقرب من الله لا يعني بالضرورة أن قلوبنا تأثرت بذلك، وهو هناك حيث ينبغي أن يكون التغيير، هناك حيث ينبغي أن تكون التوبة والتحول. فتغير العقل (رومية 12: 2) يعني تغير القلب، كما يقول لنا الرب في صموئيل الأولى 16: 7 صموئيل الأولى 16: 7 "لأَنَّ الإِنْسَانَ يَنْظُرُ إِلَى الْعَيْنَيْنِ، وَأَمَّا الرَّبُّ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إِلَى الْقَلْبِ." القلب هو ما ينظر إليه الرب، الأمر ليس طقوساً علينا اتباعها: أن تستيقظ في هذا الوقت، أن تفعل هذا وذاك، أن تذهب إلى الكنيسة كل أحد، أن تفعل هذا العمل الكهنوتي أو لا، لن يقربنا هذا من الله بينما لا يوجد تغير داخل القلب. لو كنا نذهب إلى الكنيسة، نفعل هذا وذاك ولنا الكثير من الأنشطة ولكننا نحيا شيئاً آخر في حياتنا الشخصية، وفي قلوبنا، إذاً فمهما نفعل لن يجدي. قد نصرخ جيداً مثل بني إسرائيل قائلين "لماذا لم تنظر؟" والسبب هو أنه لا يرى كذب القلب، ها هو ما قاله لشعب إسرائيل: إشعياء 58: 3- 5 "هَا إِنَّكُمْ فِي يَوْمِ صَوْمِكُمْ تُوجِدُونَ مَسَرَّةً، وَبِكُلِّ أَشْغَالِكُمْ تُسَخِّرُونَ. هَا إِنَّكُمْ لِلْخُصُومَةِ وَالنِّزَاعِ تَصُومُونَ، وَلِتَضْرِبُوا بِلَكْمَةِ الشَّرِّ. لَسْتُمْ تَصُومُونَ كَمَا الْيَوْمَ لِتَسْمِيعِ صَوْتِكُمْ فِي الْعَلاَءِ. أَمِثْلُ هذَا يَكُونُ صَوْمٌ أَخْتَارُهُ؟ يَوْمًا يُذَلِّلُ الإِنْسَانُ فِيهِ نَفْسَهُ، يُحْنِي كَالأَسَلَةِ رَأْسَهُ، وَيْفْرُشُ تَحْتَهُ مِسْحًا وَرَمَادًا. هَلْ تُسَمِّي هذَا صَوْمًا وَيَوْمًا مَقْبُولاً لِلرَّبِّ؟" هؤلاء الناس يصومون ولكنهم كانوا يسخرون من أعمالهم في نفس اليوم! كانوا صائمين ولكنهم كانوا يأوون النزاع والخصومة! كانوا يذلون أنفسهم، واحنوا رؤسهم كالأسلة ويفرشون تختهم مسحاً ورماداً ومع ذلك، كان لهم نفس القلب القاسي! أتعلم ما قاله الرب؟ لقد قال: هذا ليس صوماً!!! الصوم الحقيقي له علاقة بتغير القلب! انقطع قدرما شئت عن الطعام ... ولكن إن لم يتغير القلب فهذا لا يهم. هذا لا يعني أن الصوم لا يهم بشكل عام وإنما يعني أن الصوم لا يهم بدون تغير في القلب. ثم يكمل الرب ليخبر شعبه عن الصوم الحقيقي: إشعياء 58: 6- 7 "أَلَيْسَ هذَا صَوْمًا أَخْتَارُهُ: حَلَّ قُيُودِ الشَّرِّ. فَكَّ عُقَدِ النِّيرِ، وَإِطْلاَقَ الْمَسْحُوقِينَ أَحْرَارًا، وَقَطْعَ كُلِّ نِيرٍ. أَلَيْسَ أَنْ تَكْسِرَ لِلْجَائِعِ خُبْزَكَ، وَأَنْ تُدْخِلَ الْمَسَاكِينَ التَّائِهِينَ إِلَى بَيْتِكَ؟ إِذَا رَأَيْتَ عُرْيَانًا أَنْ تَكْسُوهُ، وَأَنْ لاَ تَتَغَاضَى عَنْ لَحْمِكَ." أترى؟ هذه ليست سلبية، فما يصفه الرب هنا هو العمل! إلا أنه ليس عملاً في الممارسات الكهنوتية بل عملاً في العدل، في عمل مشيئته! هذه ليست صورة شخص متصالح مع العالم ويحيا لأجل ذاته غير مكترث بالآخرين، ومع ذلك، فهناك الكثير من الأخوة ممن يحضرون الكنيسة يفعلون ذلك، يقومون بواجباتهم الدينية أو الكهنوتية ثم يعتقدون أن من حقهم العيش كما يحلو لهم. هناك الكثيرين ممن يحيون حياة مزدوجة ... أحدها مع الخارج (الكنيسة، العمل .. إلخ) وحياة أخرى في بيوتهم. هناك الكثيرين ممن يقولون "أنا أعطي عشوري وأعمل عملي الكنسي، فلا أعلم لماذا لله مشكلة معي"، والسبب هو أنه برغم تحقق الواجبات إلا أن القلب لم يتعير، فالأمر يحتاج إلى تغير القلب، يحتاج إلى قلب متواضع، لتكسر خبزك مع الفقير وتًدخِله إلى بيتك! يحتاج الأمر إلى تغير القلب حتى لا تفعل أسهل شيء يمكن عمله في العالم: وهو اللا مبالاة، يحتاج الأمر إلى تغير القلب لحل قيود الشر وفك عقد النير، يحتاج الأمر إلى تغير في القلب حتى تًسمع أصواتنا فوق، لا يحتاج الأمر إلى تغير في ممارساتنا الدينية بل يحتاج إلى تغير في القلب، وعلى الرغم من أنه لا يوجد شيء ممكن بدون مساعدة الله، إلا أننا مسؤؤولون في النهاية عن ذلك، نحن من علينا أن نقرر في أي طريق سنسير، نحن من سنقرر وسنقول "أريد أن أتغير"، ثم سيساعدنا الله، الله لن يتحرك ويدخل مساحتنا وقلوبنا لا تريده في الحقيقة، سنقرأ بعد دقيقة: " اِقْتَرِبُوا إِلَى اللهِ فَيَقْتَرِبَ إِلَيْكُمْ"، سيدخل الله تماماً حتى القدر الذي نريده حقاً في قلوبنا. تقول كلمة الله في يعقوب 4: يعقوب 4: 1- 10 "مِنْ أَيْنَ الْحُرُوبُ وَالْخُصُومَاتُ بَيْنَكُمْ؟ أَلَيْسَتْ مِنْ هُنَا: مِنْ لَذَّاتِكُمُ الْمُحَارِبَةِ فِي أَعْضَائِكُمْ؟ تَشْتَهُونَ وَلَسْتُمْ تَمْتَلِكُونَ. تَقْتُلُونَ وَتَحْسِدُونَ وَلَسْتُمْ تَقْدِرُونَ أَنْ تَنَالُوا. تُخَاصِمُونَ وَتُحَارِبُونَ وَلَسْتُمْ تَمْتَلِكُونَ، لأَنَّكُمْ لاَ تَطْلُبُونَ. تَطْلُبُونَ وَلَسْتُمْ تَأْخُذُونَ، لأَنَّكُمْ تَطْلُبُونَ رَدِيًّا لِكَيْ تُنْفِقُوا فِي لَذَّاتِكُمْ. أَيُّهَا الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي، أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّ مَحَبَّةَ الْعَالَمِ عَدَاوَةٌ ِللهِ؟ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مُحِبًّا لِلْعَالَمِ، فَقَدْ صَارَ عَدُوًّا ِللهِ. أَمْ تَظُنُّونَ أَنَّ الْكِتَابَ يَقُولُ بَاطِلاً: الرُّوحُ الَّذِي حَلَّ فِينَا يَشْتَاقُ إِلَى الْحَسَدِ؟ وَلكِنَّهُ يُعْطِي نِعْمَةً أَعْظَمَ. لِذلِكَ يَقُولُ:«يُقَاوِمُ اللهُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً». فَاخْضَعُوا ِللهِ. قَاوِمُوا إِبْلِيسَ فَيَهْرُبَ مِنْكُمْ. اِقْتَرِبُوا إِلَى اللهِ فَيَقْتَرِبَ إِلَيْكُمْ. نَقُّوا أَيْدِيَكُمْ أَيُّهَا الْخُطَاةُ، وَطَهِّرُوا قُلُوبَكُمْ يَا ذَوِي الرَّأْيَيْنِ. اكْتَئِبُوا وَنُوحُوا وَابْكُوا. لِيَتَحَوَّلْ ضَحِكُكُمْ إِلَى نَوْحٍ، وَفَرَحُكُمْ إِلَى غَمٍّ. اتَّضِعُوا قُدَّامَ الرَّبِّ فَيَرْفَعَكُمْ." هل فكرت قبلاً أن تلك الكلمات لم تقال لأناس العالم بل إلى مسيحيين، إلى أخوة وأخوات الإيمان (يعقوب 1: 2- 3)؟!!! كانت لهم حروب، شهوات، حرب، حسد، قتل، وربما أيضاً ثمار الجسد القبيحة المذكورة في غلاطية 5: 19- 21! لا عجب في عدم قدرتهم على التقرب إلى الله، لا تقدر أن تتوقع بأن يكون لك قلباً غير متغير وفي نفس الوقت يقترب الله منك فقط لأنك تسر بمعرفته أو حتى التقرب إليه. ليس كافياً أن تنوي التقرب إليه أو أن تسر بالتفكير في ذلك، فنواياك الحسنة غير كافية! عليك أن تفعلها! عليك أن تتغير! عليك أن تتوقف عن الاستمرار هكذا يوماً بعد يوم، بل أن تسرع الخطى وتتخذ قراراً! يأتي التقرب الحقيقي لله فقط عندما يتغير القلب في هذا الاتجاه. لا يقول يعقوب: "اذهب إلى الكنيسة أكثر ... ابدأ في المزيد من الأنشطة ... صم لبضعة أيام وأقرأ 4 إصحاحات من الكلمة كل يوم"، فهو لا يقول هذا! ليس لأن هذه الأشياء خاطئة أو شريرة أو سيئة، بل إنه لم يعطي مثل هذه الارشادات لأن مثل هذه الارشادات وحدها لا تقدر أن تقربك من الله بينما القلب لازال كما هو! بل على العكس، ها هو ما قاله لنا من خلال روح الرب: يعقوب 4: 7- 10 "فَاخْضَعُوا ِللهِ. قَاوِمُوا إِبْلِيسَ فَيَهْرُبَ مِنْكُمْ. اِقْتَرِبُوا إِلَى اللهِ فَيَقْتَرِبَ إِلَيْكُمْ. نَقُّوا أَيْدِيَكُمْ أَيُّهَا الْخُطَاةُ، وَطَهِّرُوا قُلُوبَكُمْ يَا ذَوِي الرَّأْيَيْنِ. اكْتَئِبُوا وَنُوحُوا وَابْكُوا. لِيَتَحَوَّلْ ضَحِكُكُمْ إِلَى نَوْحٍ، وَفَرَحُكُمْ إِلَى غَمٍّ. اتَّضِعُوا قُدَّامَ الرَّبِّ فَيَرْفَعَكُمْ." اخضعوا لله!!! قاوموا إبليس! نقوا أيديكم، وهذه ليست تنقية جسدية بل هي متعلقة بما تفعله هذه الأيدي ... متعلقة بالأعمال! طهروا قلوبكم!! فالآية لم تقل: "ابقوا كما أنتم وسيغيركم الله!" بل تقول: أنت نق قلبك، إنه نحن من علينا أن نفعل ذلك. أتريد أن تكون لك علاقة رائعة مع الرب؟ المفتاح بسيط وهو أن تغير قلبك! بالرجوع إلى إسرائيل وإلى إشعياء، بعدما قال لهم الرب ما يفعلون، قال لهم ما سيحدث لو تبعوا قوله وغيروا قلوبهم: إشعياء 58: 8- 14 "«حِينَئِذٍ يَنْفَجِرُ مِثْلَ الصُّبْحِ نُورُكَ، وَتَنْبُتُ صِحَّتُكَ سَرِيعًا، وَيَسِيرُ بِرُّكَ أَمَامَكَ، وَمَجْدُ الرَّبِّ يَجْمَعُ سَاقَتَكَ. حِينَئِذٍ تَدْعُو فَيُجِيبُ الرَّبُّ. تَسْتَغِيثُ فَيَقُولُ: هأَنَذَا. إِنْ نَزَعْتَ مِنْ وَسَطِكَ النِّيرَ وَالإِيمَاءَ بِالأصْبُعِ وَكَلاَمَ الإِثْمِ وَأَنْفَقْتَ نَفْسَكَ لِلْجَائِعِ، وَأَشْبَعْتَ النَّفْسَ الذَّلِيلَةَ، يُشْرِقُ فِي الظُّلْمَةِ نُورُكَ، وَيَكُونُ ظَلاَمُكَ الدَّامِسُ مِثْلَ الظُّهْرِ. وَيَقُودُكَ الرَّبُّ عَلَى الدَّوَامِ، وَيُشْبعُ فِي الْجَدُوبِ نَفْسَكَ، وَيُنَشِّطُ عِظَامَكَ فَتَصِيرُ كَجَنَّةٍ رَيَّا وَكَنَبْعِ مِيَاهٍ لاَ تَنْقَطِعُ مِيَاهُهُ. وَمِنْكَ تُبْنَى الْخِرَبُ الْقَدِيمَةُ. تُقِيمُ أَسَاسَاتِ دَوْرٍ فَدَوْرٍ، فَيُسَمُّونَكَ: مُرَمِّمَ الثُّغْرَةِ، مُرْجعَ الْمَسَالِكِ لِلسُّكْنَى. «إِنْ رَدَدْتَ عَنِ السَّبْتِ رِجْلَكَ، عَنْ عَمَلِ مَسَرَّتِكَ يَوْمَ قُدْسِي، وَدَعَوْتَ السَّبْتَ لَذَّةً، وَمُقَدَّسَ الرَّبِّ مُكَرَّمًا، وَأَكْرَمْتَهُ عَنْ عَمَلِ طُرُقِكَ وَعَنْ إِيجَادِ مَسَرَّتِكَ وَالتَّكَلُّمِ بِكَلاَمِكَ، فَإِنَّكَ حِينَئِذٍ تَتَلَذَّذُ بِالرَّبِّ، وَأُرَكِّبُكَ عَلَى مُرْتَفَعَاتِ الأَرْضِ، وَأُطْعِمُكَ مِيرَاثَ يَعْقُوبَ أَبِيكَ، لأَنَّ فَمَ الرَّبِّ تَكَلَّمَ»." أتريد أن تقول "يا الله" وتسمعه يجيب "هأنذا"؟ أتريد أن تناديه وتسمعه يجيبك؟ الطريق سهل... افعل ما تقوله لنا إشعياء 58 ويعقوب 4: حل قيود الشر؛ فك عقد النير؛ اطلق المسحوقين أحراراً؛ قطع كل نير؛ اكسر للجائع خبزك؛ ادخل المساكين التائهين إلى بيتك؛ إذا رأيت عرياناً اكسه؛ لا تتغاضى عن لحمك؛ انزع من وسطك النير والإيماء بالإصبع وكلام الإثم؛ انفق نفسك للجائع؛ اشبع النفس الذليلة؛ لو لم تكن العلاقة بالله علاقة حية، لو كانت العلاقة مع الله فقيرة، لو لم تكن العلاقة مع الله كما كانت سابقاً، فهناك علاجاً واحداً ووحيداً وهو أن القلب يحتاج لأن يتغير، وهذا واجب عليك، عليك أن تقرر أن تفعل ذلك، الله يريد ذلك أكثر من أي شيء آخر، ولكن عليك أن تقرر أن تتغير، فالله لا يقدر أن يدخل إلى شيء لم تقرر أنت أن تفعله! الله سيساعدك ولكن تحتاج أولاً أن تقرر أن تحاول الحصول عليه فعلاً، الله يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون، ولكن الإنسان هو من يقرر. نقِ قلبك، غيره، اتخذ قرار التغيير والتصق به، وستدعوه وسيكون هناك كما كان وحتى أقرب مما اعتدت أن تراه قبلاً، اقرب حتى مما قد تتخيل! وهذا ليس افتراض بل هو اليقين وهو ما تؤكده آخر آية من هذا الإصحاح، لأن "فَمَ الرَّبِّ تَكَلَّمَ"، هذا وعده لك، هذا ما يقوله فمه وهذا ما سيحدث! ومع هذا، فالعكس صحيح: تستطيع أن تعمل كل الأنشطة الدينية التي تريدها، صم كل يوم، اقرأ واحفظ كل الكتاب المقدس واذهب إلى الكثير من المؤتمرات .. إلخ، ولكن شيئاً لن يحدث لو لم يتغير القلب، لأن الرب لا يهتم بما هو خارجاً بل بما هو من الداخل، من أجل القلب! يريد أن يكون محبوباً هناك من كل قلوبن (متى 22: 37)! قلتكن الأيام المقبلة هي أيام تحول لجميعنا. |
||||