منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28 - 09 - 2015, 04:48 PM   رقم المشاركة : ( 9401 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

{انْمُوا فِي النِّعْمَةِ وَفِي مَعْرِفَةِ رَبِّنَا}





وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

بقلم
الأب القمص أفرايم الانبا بيشوى

+ فى مسيرتنا نحو الكمال المسيحي علينا دائما أن ننمو فى النعمة وفي معرفة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح كوصية الكتاب المقدس { وَلَكِنِ انْمُوا فِي النِّعْمَةِ وَفِي مَعْرِفَةِ رَبِّنَا وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. } (2بط 3 : 18) ننسي ما هو وراء ونمتد الي ما هو قدام {اَلصِّدِّيقُ كَالنَّخْلَةِ يَزْهُو كَالأَرْزِ فِي لُبْنَانَ يَنْمُو} (مز 92 : 12). ونمتد في المحبة لنذوق عمق محبة الله ولا نقف عند حد معين أو نتراجع الوراء الي وحتى إن تعثَّرنا يجب أن ننهض ونقوم بسرعة ونحيا حياة التدقيق والنمو الدائم الى أن نصل لي قياس قامة ملء المسيح { إِلَى أَنْ نَنْتَهِيَ جَمِيعُنَا إِلَى وَحْدَانِيَّةِ الإِيمَانِ وَمَعْرِفَةِ ابْنِ اللهِ. إِلَى إِنْسَانٍ كَامِلٍ. إِلَى قِيَاسِ قَامَةِ مِلْءِ الْمَسِيحِ} (اف 4 : 1). نلتصق بالله ونتعلم منه ونحبة من كل القلب والفكر والنفس والقدرة ونتحد به فى بالتناول من الأسرار المقدسة وبالمحبة والإيمان والصلاة الدائمة. جاء عن القديس يوحنا المعمدان أنه كان {ينمو ويتقوى بالروح} (لو 1: 80). كما جاء عن الرب يسوع المسيح فى تجسده { كان يتقدَّم في الحكمة والقامة والنعمة، عند الله والناس} (لو 2: 52). فالنمو والإثمار كل الحياة علامة اتصال حقيقي للغصن بالكرمة أي للمؤمن في الرب، وهو دليل يُفرح قلب المؤمن ويحثه على دوام التقدُّم، كما أنه شهادة أمام العالم علي صحة إيماننا وعلى نور المسيح الذى فينا.
+ نمونا الروحي يحتاج منا الى الجهاد الروحي والتغصب { وَكُلُّ مَنْ يُجَاهِدُ يَضْبِطُ نَفْسَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ.}(1كو 9 : 25). والي أي حد من الجهاد الروحي ضد الشيطان وأغراءته والخطية؟. نحن مطالبين الي البذل حتى الدم فخير لنا أن نموت فى الجهاد من أن نحيا في الكسل والخطية {لَمْ تُقَاوِمُوا بَعْدُ حَتَّى الدَّمِ مُجَاهِدِينَ ضِدَّ الْخَطِيَّةِ} (عب 12 : 4). ومع التغصب في الحياة الروحية نكتسب الفضائل ويتحول عمل الخير والصلاة الي عادات صالحة فى حياتنا وباستمرارنا فى النمو نجد مسرتنا فى النمو وسعادتنا فى محبة الله وراحتنا أن نعمل وصاياه وننمو فى معرفته وتسندنا وتقودنا نعمة روحه القدوس لنكون حارين فى الروح { غَيْرَ مُتَكَاسِلِينَ فِي الاِجْتِهَادِ حَارِّينَ فِي الرُّوحِ عَابِدِينَ الرَّبَّ }(رو 12 : 11). نمونا الروحي يعني أن إيماننا المسيحي حي مثمر، وأن معرفتنا بالرب تزداد، وأيضاً محبتنا وفهمنا لكلمة الله وتمسُّكنا بالحياة مع الله وثبات عيوننا على الحياة الأبدية. نمونا وثباتنا ورسوخنا فى الإيمان يُجنِّبنا تأثير الرياح والأعاصير المضادة والتي تخف وطأتها كلما مضينا نحو العمق. ونتقدم فى حياة المحبة والفرح والسلام لنحيا مذاقة الملكوت على الأرض. ننمو فى النعمة والحكمة والقامة لدي الله والناس ويستمر نمونا حتى الساعة الأخيرة: { أيضاً يُثمِرون في الشيبة، يكونون دِساماً وخُضْراً} (مز 92: 14). كما أن الرب يُتابع الغصن المثمر فيُنقِّيه بالتأديب والمساندة فيأتي بثمر أكثر (يو 15: 2). وفي مَثَل الوزنات، نري السيد الرب يمَدَح مَن تاجروا وربحوا ويصفهم بالصلاح والأمانة ويدعوهم للدخول الي الفرح الأبدي.
+ نحن ندرك أننا لا نستطيع أن ننمي أنفسنا: {مَن منكم إذا اهتم يقدر أن يزيد على قامته ذراعاً واحدة؟} (مت 6: 27؛ لو 12: 25). الغصن يستمد حياته ونموه من ثباته في الكرمة. نمونا الروحي في طبيعته عمل إلهي {الرب ينميكم ويزيدكم} (1تس 3: 12). وفي هذا يقول القديس بولس عن خدمته: {أنا غرست وأبُلُّوس سقى، ولكن الله كان يُنْمِي. إذاً ليس الغارس شيئاً ولا الساقي، بل الله الذي يُنمِي} (1كو 3: 7،6). والرب سبق وقال لنا: { بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً} (يو 15: 5). من أجل هذا من يريد أن ينمو يبتعد عن معطلات النمو ويقدم توبة صادقة ويثبت فى المسيح بالصلاة والتضرع الي الله والتناول من الأسرار المقدسة والتأمل فى كلامه والشهادة للإيمان المستقيم بالخدمة الروحية والعطاء ومحبة الله والغير وعمل الخير مع التواضع والوداعة الجهاد والأنقياد لروح الله. للمؤمن دور إيجابي وفعال للتجاوب مع نعمة الله والخضوع للروح القدس الذي يُنقِّي القلب ويضبط السلوك، ويُبعده عن الحرفية والشكلية والمظهرية ويقوده لمعرفة المسيح والنمو في محبته، والالتصاق به، ننمو في المحبة لله والقريب، بما يتطلَّبه من الاستمرار في الخروج من الذات، وتعمُّق الشركة مع الله واتساع القلب بالغفران والمحبة حتى للأعداء. ننمو في الإيمان، والثقة في شخص المسيح والاتكال على ذراعه الرفيعة وتسليم الحياة له وقبول التجارب والآلام بالشكر، لنذداد في كل عمل صالح (2كو 9: 8). نصلى من أجل أنفسنا وأخوتنا دائما{ لْيَمْلَأْكُمْ إِلَهُ الرَّجَاءِ كُلَّ سُرُورٍ وَسَلاَمٍ فِي الإِيمَانِ لِتَزْدَادُوا فِي الرَّجَاءِ بِقُوَّةِ الرُّوحِ الْقُدُسِ} (رو 15 : 13). أمين
 
قديم 28 - 09 - 2015, 04:49 PM   رقم المشاركة : ( 9402 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

{ اتْبَعْنِي حَامِلاً الصَّلِيبَ}


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

بقلم
الأب القمص أفرايم الانبا بيشوى

+ لما كان الصليب هو علامة محبة الله وفدائه وبذله وخلاصه المقدم للبشرية، فقد جعله المسيحيين شعار لهم يضعونه أعلى كنائسهم ومؤسساتهم ويفتخرون به ويعلقونه على صدرهم ويحملونه كرمز لإيمانهم. فالصليب حياة وقيم روحية وروح وعقيدة {لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. لأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلِ اللَّهُ ابْنَهُ إِلَى الْعَالَمِ لِيَدِينَ الْعَالَمَ، بَلْ لِيَخْلُصَ بِهِ الْعَالَمُ.} (يو 16:3-17). كما أن حمل الصليب وتبعية المصلوب فى طريق البذل والعطاء والمحبة والتواضع والصبر من وأجبات التلمذة للمسيح ودعوته الخلاصية { تَعَالَ اتْبَعْنِي حَامِلاً الصَّلِيبَ} (مر21:10). وان كانت كلمة الصليب عند الهالكين جهالة وعثرة فان الإيمان بالصليب والمصلوب عليه هو سبب خلاصنا ونجاتنا من طوفان العالم الشرير{ فَإِنَّ كَلِمَةَ الصَّلِيبِ عِنْدَ الْهَالِكِينَ جَهَالَةٌ وَأَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ الْمُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ آللهِ} (1كو 1: 18). الصليب ليس حقيقة من حقائق الماضي لأن تأثيره الفعال يمتد في الحاضر والمستقبل. لأن الصليب مرتبط بالمصلوب عليه وهو حي في السماء يحمل سمات صليبه ويسكبها علينا كل يوم بل كل لحظة غفرانًا وتطهيرًا وقداسة وبرًا وفداء. بالصليب رفع الله البشرية من دائرة العصيان إلى الصفح والمصالحة، ومن الرفض إلى القبول والاختيار، ومن العبودية إلى البنوة والحياة الأبدية.
+ يدعونا السيد المسيح الى أنكار الذات وحمل الصليب { وقال للجميع ان اراد احد ان ياتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم ويتبعني} (لو 9 : 23). أنكار الذات يعنى أن نتمم مشيئة الله فى حياتنا ليكون لسان حالنا { لتكن لا إرادتي بل إرادتك} (لو24: 22). المؤمن يصلب شهواته من أجل الله كشهادة صادقة على تبعيته للمسيح يسوع ربنا ليقوم معه فى جدة الحياة ويقول مع القديس البولس الرسول { مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّ} (غل20: 2). لقد مات المسيح عنا لكي نعيش من أجله وكشهود لمحبته { وهو مات لأجل الجميع كي يعيش الأحياء فيما بعد لا لأنفسهم بل للذي مات لأجلهم وقام} (2كو15: 5). ونحن في الصلاة الربانية نصلي :{لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض} (مت10: 6). فهل نحن نعيش لانفسنا أم من أجل من مات من أجلنا وقام ليقيمنا من موت الخطية ويحيينا حياة أبدية؟ وهل نصنع مشيئة الله في حياتنا؟.
+ حمل الصليب بشكر سواء صليب الخدمة أو المرض او الحاجة أو الاضطهاد أو الصوم والنسك أو الطاعة يدخل بنا الى أفراح القيامة ومسرة الله { ناظرين الى رئيس الايمان ومكمله يسوع الذي من اجل السرور الموضوع امامه احتمل الصليب مستهينا بالخزي فجلس في يمين عرش الله } (عب 12 : 2) عندما نحمل الصليب يحتضننا المصلوب فننفذ من خلال الصليب إلى أحشاء رأفات الله، وتحتضن أحشاؤه الحانية نفوسنا الخائرة لتحميها وتطمئنها، فتبدو الصورة في الظاهر أننا نحمل الصليب ولكن في الواقع نجد الصليب يحملنا بل المصلوب يحمينا ويحتوينا. ونرى كفة الميزان الخفية التي توازن ثقل الصليب بثقل مجد أبدي، كما رآها القدس بولس الرسول قائلاً: {لان خفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا أكثر فأكثر ثقل مجد أبدياً ونحن غير ناظرين إلى الأشياء التي ترى بل إلى التي لا ترى. لأن التي ترى وقتية وأما التي لا ترى فأبدية} (2كو17: 4،18). من أجل السرور الموضوع أمامنا والأبدية السعيدة التى نجاهد من أجلها فاننا نحمل الصليب بشكر وفرح وننال منه البركة والحكمة والقوة على رجاء المجد العتيد أن يستعلن فينا.
 
قديم 28 - 09 - 2015, 04:49 PM   رقم المشاركة : ( 9403 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

{ أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ }





وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

بقلم
الأب القمص أفرايم الانبا بيشوى

+ شبه المسيح المسيحيين بالملح فقال: { أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ، وَلَكِنْ إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ؟ لاَ يَصْلُحُ بَعْدُ لِشَيْءٍ، إِلاَّ لأَنْ يُطْرَحَ خَارِجاً وَيُدَاسَ مِنَ النَّاسِ.} ( مت 13:5). فهل يمكننا أن نستطعم الأكل بدون ملح؟ الا يصبح عادم بدون طعم أو مذاق؟ هكذا العالم بدون المؤمنين الحقيقيين لا طعم ولا مذاق له تراه يسير فى الشر والكراهية والأنانية والبعد عن الله أما المسيحي الحقيقى فيعطي مذاقا أفضل للمجمتع حوله. المسيحى يؤثر فى الآخرين فيحيوا حياة أفضل، ولا يفقدهم شخصياتهم الخاصة. والملح يستخدم أيضا فى حفظ الأطعمة من الفساد كما أن وجود المؤمنين الأتقياء فى مجتمع ما هو سبب لاستمطار مراحم الله على هذا المجتمع ورفع غضبه عنهم، هكذا راينا الله يقول لأبينا أبراهيم أنه لن يهلك مدن سادوم وعمورة حتى لو وجد فيها عشرة أبرار { فَقَالَ: "لاَ يَسْخَطِ الْمَوْلَى فَأَتَكَلَّمَ هَذِهِ الْمَرَّةَ فَقَطْ. عَسَى أَنْ يُوجَدَ هُنَاكَ عَشَرَةٌ". فَقَالَ: "لاَ أُهْلِكُ مِنْ أَجْلِ الْعَشَرَةِ" }(تك 18 : 32). المسيحى الحقيقي يصلي ويطلب الرحمة لمجتمعه ومن هم حوله ليتوبوا ويرجعوا الي الله ويحفظ نفسه من الشر ويثبت ويشجع من حوله للحياة مع الله.
+ من الصفات الهامة فى المؤمنين التواضع كاساس يبنى عليه المسيحي حياته حتى يقوى بنائه الروحي، لهذا دعانا السيد المسيح أن نتعلم منه التواضع والوداعة { اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ } (مت11:29) { لِذَلِكَ يَقُولُ: «يُقَاوِمُ اللَّهُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً} (يع 4 : 6). الملح كسلعة رخيصة ومنتشرة مثل المسيحى المتضع الذى تنتشر خدمته لكل إنسان. والملح لونه أبيض كيرمز لحياة النقاوة والطهارة والبر. كما أن المحبة ميزة هامة للمسيحيين تجعلهم يبذلوا حياتهم محبة في الله ولخلاص الغير كالملح الذي يوضع في الطعام، أنه يذوب ويتلاشى ويختفى المؤمنين ليعلنوا مجد الله وخلاص الناس. ولكن بالرغم من تواضع المؤمنين إلا أن تأثيرهم يكون قويًا. وبالرغم من بذل المؤمن لأنفسه إلا أنه لا يضيع، بل على العكس كما قال المخلص {مَنْ وَجَدَ حَيَاتَهُ يُضِيعُهَا وَمَنْ أَضَاعَ حَيَاتَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا}(مت 10 : 39). الذات والأنانية من أقوى معطلات عمل الله في حياة الإنسان فهي تعطّل خلاصه وتعطّل عمل الله فيه. بينما يتمجد الله كثيرًا من خلال النفوس المحبة الباذلة، كما تمجد الآب من خلال ذبيحة أبنه الوحيد على الصليب الذي تألم من أجل خلاصنا كما قال الرب لتلاميذه القديسين { اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَقَعْ حَبَّةُ الْحِنْطَةِ فِي الأَرْضِ وَتَمُتْ فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا. وَلَكِنْ إِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ} (يو 12 : 24)
+ لكن علينا أن نحترس كابناء وبنات لله لانه متى فسد الملح الذى يعطي طعم ومذاق وحفظ للعالم فبماذا يملح؟ ولكن كيف يفسد الملح؟ يفسد الملح إذا اختلط بمواد غريبة، فيضعف تأثيره، مثل اختلاط المسيحى بالأشرار وتأثره بهم. كما أنه متى ترطب أو أختط بالتراب تفسد ملوحته كرمز لحياة التنعم والشهوات والبرودة الروحية التي تفسد حرارة الإيمان وإذا اختلط الملح بالماء أو مر عليه تيار كهربائى، يتحول إلى مواد ضارة مثل الصودا الكاوية، وهذا يرمز لخضوع المسيحى لقوى العالم الشريرة، مثل التعلق بمحبة المال والشهوات المختلفة، فتملأ قلبه وتغيّره عن طبعه، ويصبح ضارا ومفسدا للمحيطين به الذين يرونه قدوة، فيصبح مُعثرا لهم. وماذا نصنع بهذا الملح الفاسد؟ إنه فقد عمله وهدف وجوده فى الحياة، فلا ينتظره إلا أن يُلقي ويعانى آلام الدوس من الناس والتعب على الأرض وعدم الراحة ويلاقي الهلاك والعذاب والسحق الذى لا ينتهى. فعلينا أن نعمل أن نكون ملحا جيداً يعطي مذاقة روحية لاسرته وكنيسته ومجتمعه مصلين من أجل خلاص الكل { لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ كُلَّ حِينٍ بِنِعْمَةٍ، مُصْلَحاً بِمِلْحٍ، لِتَعْلَمُوا كَيْفَ يَجِبُ انْ تُجَاوِبُوا كُلَّ وَاحِدٍ }(كو 4 : 6)، أمين
 
قديم 28 - 09 - 2015, 04:50 PM   رقم المشاركة : ( 9404 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

{ أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. }

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

بقلم
الأب القمص أفرايم الانبا بيشوى

+ السيد المسيح هو النور الحقيقى الذى يضئ العالم بطبيعته النورانية وتعاليمة ومحبته وخلاصة. وبإيماننا بالمسيح ومحبتنا له وطاعتنا لكلامه وبقوة علاقتنا وعشرتنا له نستنير ويتحقق فينا قوله: {أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَلٍ، وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجاً وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ،بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ. فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ} (مت 14:5-16). والمسيحى يشبّه بالنور الذى من وظائفه أن ينير للآخرين ويرشدهم فى طريق حياتهم كاشفا لهم الشر وما يضرهم ليبتعدوا عنه ومساعدا لهم على عمل الخير. ولهذا يحيا المسيحى حياة روحية ساميه كمدينة مبنية على جبل، لا يمكن إخفاء نورها. المؤمن كالقمر الذى يضىء ليلا فى العالم بنوره العاكس لضوء الشمس التى هى الله. بحياتنا الصالحة ننير العالم كله، وكلما أزداد الشر من حولنا زادت الحاجة إلى النور وأحتجنا بالأكثر الى نور القداسة كقول الكتاب { لِكَيْ تَكُونُوا بِلاَ لَوْمٍ، وَبُسَطَاءَ، أَوْلاَداً للهِ بِلاَ عَيْبٍ فِي وَسَطِ جِيلٍ مُعَوَّجٍ وَمُلْتَوٍ، تُضِيئُونَ بَيْنَهُمْ كَأَنْوَارٍ فِي الْعَالَمِ }(في 2 : 15). إن ضوء لمة كهرباء يستطيع أن يضئ حجرة بأكملها، هكذا القديسين ينيروا للغير فى ظلمة العالم الشرير.
+ الله نور وساكن في النور وتسبحه ملائكة من نور. وتنبأ أشعياء قديما عن السيد المسيح { أنا الرب قد دعوتك للبرّ، فأمسك بيدك وأحفظك، وأجعلك عهدًا للشعب، ونورًا للأمم، لتفتح عيون العمي، لتخرج من الحبس المأسورين من بيت السجن، الجالسين في الظلمة} (إش ٤٢: ٦–٧). والسيد المسيح له المجد يشبه حياة الإنسان برحلة وسط عالمٍ مظلمٍ، يحتاج إلى النور الحقيقي ليشرق عليه ويرافقه فلا يتعثر في الطريق. فيليق بنا أن نتبعه الرب ونسترشد به في كل أمور حياتنا. إنه النور الحقيقي الذي نجد فيه سلامنا ويكون سراجًا ليس لعيوننا فقط بل ولقلوبنا وعقولنا وأرواحنا يقودنا في هذا العالم ويرفعنا بروحه القدوس إلى السماء فنتمتع أخيرا معه باورشليم السمائية { المدينة لا تحتاج إلى الشمس ولا إلى القمر ليضيئا فيها. لأن مجد الله قد أنارها والخروف سراجها}(رؤ21: 23). أما الجحيم والبعد عن الله فهو الظلمة { والعبد البطال اطرحوه إلى الظلمة الخارجية. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان} (مت25: 30).
+ أن النور يشير إلى الإيمان ومعرفة الله والحق، والظلمة تشير إلى عدم الإيمان والجهل {الَّذِي يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُدَانُ والَّذِي لاَ يُؤْمِنُ قَدْ دِينَ لأَنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِاسْمِ ابْنِ اللَّهِ الْوَحِيدِ. وَهَذِهِ هِيَ الدَّيْنُونَةُ: إِنَّ النُّورَ قَدْ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ وَأَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً. لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ السَّيِّآتِ يُبْغِضُ النُّورَ وَلاَ يَأْتِي إِلَى النُّورِ لِئَلَّا تُوَبَّخَ أَعْمَالُهُ. وَأَمَّا مَنْ يَفْعَلُ الْحَقَّ فَيُقْبِلُ إِلَى النُّورِ لِكَيْ تَظْهَرَ أَعْمَالُهُ أَنَّهَا بِاللَّهِ مَعْمُولَةٌ.} ( يو 18:3-21). لهذا قال الرب { أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ} (يو8: 12). الإنسان الجاهل يسلك فى الظلام وينال الحياة الحقيقة في الله {أما الجاهل فيسلك في الظلام} (جا2: 14).
+ وكما أنه لا يمكن أن تخفى مدينة كائنة على جبل فلا يمكن أن يخفي نور المؤمن الذى
يشبّه مصباح فى بيت، الهدف منه إنارة هذا البيت، ولهذا يوضع على منارة أو مكان مرتفع ليصل نوره إلى كل أرجاء البيت؛ ومن غير المنطقى أن يوضع فوق السراج مكيال ليخفى ضوءه. فلا يسمح المؤمن للماديات وهموم العالم أو شهواته أن تمنع انطلاق نور الروح القدس فيه بل يلتصق بالله ويسير فى هدي وصاياه ويكون قدوة صالحة لغيره فيروا المسيح فينا، وعمل روحه القدّوس، فيمجدوا الله وينجذبوا للحياة معه، وبالطبع لا يكون غرض المؤمن من الأعمال الصالحة الكبرياء أومديح الناس ومجد نفسه بل يسلك في البر من أجل الله
فيظهر من خلال حياته وأقواله وسلوكه نور المسيح.
 
قديم 28 - 09 - 2015, 04:53 PM   رقم المشاركة : ( 9405 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

[تأمُلاَتْ رُوُحِيْهْ]

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



- هامت روحي بالسجود عند صليبك.
- إنسحقت كما حبة تُطحن تحت الرحي .
- وتمرغت فى تراب جبلتني منه .
- لعنت رحماً حرجت منه للبكاء .
- طفقت ألهث فى دروب الظلمة لا أبصر وبالعمي ولدت.
- ومن يسمع فى جوفي صراخ الأنين تملكني.
-فى أحشائي أًشعلت نارٌ فهل تنطفيء.؟
- دمعٌ سال مُلتهباً إلي الأعماق فاكتويت بأنات التنهد.
-صار جمراً تحت لساني
-صرت قشاًُ وأنتنت كما جيفةٍ وليس من يفترس.
-إفترستني أفكاري فما وجدت وعي.
-تمزقت كثوب طُمر فى الصخر فلم يغد ينفع لشيء.
-صرت للحزن وليس من يُعزي.
-صرت للبكاء وليس من يجفف الدمع.
-صرت للهوان فليس من يُعطي كرامه.
-صرت للإنحطاط وليس من يرفع.
-صرت للموت وليس من يُحيي.
-فأعطيتني خلاصا بالنعمه وبالإيمان أريتني عجباً.
-صليب الهوان جعلته لي مجداً.
-وعار الموت وهبتني منه الحياه.
-أعقب البكاء تعزيات ومن الحزن فاض التهلل.
-بلا كرامة فصرت مُكرماً لديك.
-جُعلت للبصق لتعطيني بغد الإتحطاطا إرتفاعا.
-بالتعيير ساقوك للذبج فمنحتني بالذبح دماء للتطهير والفداء
-بطُهر دمائك أحييت الخشبة من هاوية الموت
-قُمت من الموت فقامت فينا بمجد قيامتك الحياه.
-إكليلك شوك لتُلبسنا إكليل النعمه.
-أعطيتنا فى صليبك عهدا بالرحمه.
-نقضت ذبائح التطهير فطهرتنا بقداستك.
-حاكموك بخشبة الموت لتحكم أنت فى الموت وتقيم الأموات للحياه.
-من رحم اللعنه خرجت لأولد فيك من الروح والماء
-أسمعتني نداء محبتك وارتفعت علي صليب الهوان لتُقيمني أنا البائس من قاع المزبله
-حكمت علي نفسي بالموت لخطيئتي فبررتني بصليب المجد وأعطيتنا فيك الحياه.

 
قديم 28 - 09 - 2015, 04:59 PM   رقم المشاركة : ( 9406 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الطريق الأفضل


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


الطريق الأفضل



وَأَيْضاً أُرِيكُمْ طَرِيقاً أَفْضَلَ
(1كور 12: 31)
كانت كنيسة كورنثوس غنية بالمواهب الروحية حتى ان الرسول بولس امتدحها بقوله :
« أَنَّكُمْ فِي كُلِّ شَيْءٍ اسْتَغْنَيْتُمْ فِيهِ فِي كُلِّ كَلِمَةٍ وَكُلِّ عِلْمٍ،».
(1 كورنثوس 1: 5 )
ولكنها بالرغم من غناها في المواهب كانت تعاني خصومات وانقسامات.كان الاخوة يتسابقون ويتنازعون على المواهب:
فواحد يريد التكلم بألسنة وآخر يريد أن يترجم والثالث يريد اخراج الشياطين والرابع يريد ان يتنبأ. وبسبب هذا التنافس حدثت بلبلة بين الاخوة ولم يلبثوا ان انقسموا أحزابا وكتلا، وكل يريد اظهار الموهبة الخاصة به.
*
ومن هنا أشرأب التفاخر والانتفاخ والتقبيح والظنون السيئة. ولهذا كان لا بد لغيرة بولس ان تتحرك لمعالجة الوضع السيء.إلا أن الرسول الكريم لم يشهّر بالاخطاء بل عالجها بروح ايجابية. وكبناء حكيم، لم يأمر بالكف عن اظهار المواهب تفاديا للتشويش. بل قدم علاجا ضمّنه أمرين مهمين جدا.
*
الأمر الأول:
التحريض، فقد قال:
جدوا للمواهب الحسنة. ولعل المتأمل في هذه الكلمة يندهش اذ كان يُتوقع ان يحذرهم الرسول من المواهب التي هي أصل النزاع بينهم واذ به يقول:
جدوا للمواهب، جدوا للتنبوء، لا تمنعوا الالسنة.
هذه حكمة أُلهمها الرسول من فوق، لأن الخطأ لم يكن في المواهب ذاته بل كان في الافتخار بها، والتوكل عليها. أنت واعظ، أنت مبشر، أنت مرسل، أنت تشغل مركزا في كنيسة المسيح. اذكر ان الله أعطاك موهبة لا للتفاخر بها، بل لاستخدامها كوكيل على نعمة الله الموهوبة لك من الله.
*
قال الرسول بطرس:
«لِيَكُنْ كُلُّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ مَا أَخَذَ مَوْهِبَةً يَخْدِمُ بِهَا بَعْضُكُمْ بَعْضاً، كَوُكَلاَءَ صَالِحِينَ عَلَى نِعْمَةِ ٱللهِ ٱلْمُتَنَوِّعَةِ. إِنْ كَانَ يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ فَكَأَقْوَالِ ٱللهِ، وَإِنْ كَانَ يَخْدِمُ أَحَدٌ فَكَأَنَّهُ مِنْ قُوَّةٍ يَمْنَحُهَا ٱللهِ، لِكَيْ يَتَمَجَّدَ ٱللهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيح الَّذِي لَهُ الْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ.»
(1 بطرس 4: 10-11 )
في يقيني ان غرض الله من إعطائنا المواهب هو استخدامها لنفع الآخرين، لبنيانهم في المحبة، وليس لأغراضنا الشخصية ولفت الأنظار إلينا، واكتساب التقدير.
*
الأمر الثاني:
هو التوجيه فقد قال الرسول:
«وَأَيْضاً أُرِيكُمْ طَرِيقاً أَفْضَلَ».
هذه العبارة تذكرنا بقوله للتسالونيكيين،
«امْتَحِنُوا كُلَّ شَيْءٍ. تَمَسَّكُوا بِالْحَسَنِ»
(1تسالونيكي 5: 21).
أما عن نفسه فقال:
«أَفْعَلُ شَيْئًا وَاحِدًا: إِذْ أَنَا أَنْسَى مَا هُوَ وَرَاءُ وَأَمْتَدُّ إِلَى مَا هُوَ قُدَّامُ»
(فيلبي 3: 13).
*
يعلمنا الاختبار ان انتقاد الغير لا يصلح أخطاءهم بل لعله يثير حفيظتهم. ولهذا نبذ الرسول فكرة الانتقاد وكانت طريقته إظهار الأفضل أي المحبة. لأنّ المحبة هي الشيء الوحيد الذي يستطيع جمع المؤمنين في وحدة كاملة. فهي اذن حاجة الساعة، في كل زمن وخصوصا في زمننا وفي كنائسنا. التي لا تحتاج الى دكاترة في علم اللاهوت والفلسفة الاجتماعية بقدر ما تحتاج الى خدام امتلأت قلوبهم بالمحبة، كلماتهم كلمات المحبة وخدمتهم خدمة المحبة. صحيح ان المواهب يمكن ان ترفع الإنسان المؤمن الى مقام الرسل لكن المحبة ترفعه الى شركة الطبيعة الإلهية.
*
المحبة أعظم من الالسنة، بدليل قول الرسول:
«إنْ كُنْتُ أَتَكَلَّمُ بِأَلْسِنَةِ النَّاسِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَقَدْ صِرْتُ نُحَاسًا يَطِنُّ أَوْ صَنْجًا يَرِنُّو»
(1 كورنثوس 13: 1).
وليس غريبا ان تكون المحبة أعظم من ألنسة الناس والملائكة لأنّ المحبة هي من الله ومن يحب فقد ولد من الله ويعرف الله ومن لا يحب لم يعرف الله لأن الله محبة.
*
نعم، المحبة هي مسلكة الفضائل بلا جدال ولا نقاش لأنه بدون المحبة يكون الإنسان كما قال الرسول كقطعة نحاس أو كصنج والصنج آلة موسيقية يمكنها أن تشنّف الآذان ولكنها لا تستطيع إشباع بطن الجائع، ولا إرواء غليل العطشان. انها تصدر صوتاً ولكن صوتها لا يخلص اللاعب بها ولا الذين يسمعونها. ومثلها صوت الواعظ الجهوري، إن كان كلامه غير نابع من المحبة. وما المنفعة من الكلام من اللسان المتكلم بالفصاحة والبلاغة إن لم يتكلم بلغة المحبة؟!
المحبة هي روح الحياة، ومتى أبعدت المحبة من جو الحياة تصبح الحياة جثة محنطة.
*
لقب يوحنا رئيس أساقفة انطاكية بفم الذهب ليس لأنّ شفتيه كانتا من ذهب، بل لأنّ قلبه كان ممتلئا من ذهب المحبة. المحبة هي وصية المسيح الجديدة، إذ قال :
«وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ: أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا»
(يوحنا 13: 34) .
المحبة هي العلامة الكبرى لنوال الحياة الأبدية، فقد قال التلميذ الذي كان يسوع يحبه:
نحن نعلم إنا انتقلنا من الموت الى الحياة لأننا نحب الإخوة.
نعم الإخوة!
يحب ان نذكر ان أسماءهم قد كتبت في السماء وعلى قلب المسيح.
*
والمحبة أعظم من التنبؤ، لأن الرسول يقول
«وَإِنْ كَانَتْ لِي نُبُوَّةٌ، وَأَعْلَمُ جَمِيعَ الأَسْرَارِ وَكُلَّ عِلْمٍ، ... وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَلَسْتُ شَيْئًا»
(1 كورنثوس 13: 2).
صحيح ان الكتاب العزيز يعلمنا ان النبوة من أهم مواهب الروح القدس، فالنبي يعبر عن الأفكار والمقاصد التي يريد الله ان يعلنها للناس. ولكن هذه الهبة الالهية مع عظمتها وأهميتها اذا تجردت من المحبة لا تنفع شيئا.
*
بدون المحبة تكون النبوة من نوع بلعام بن بعور التي تحولت الى ضلالة وتجنت على شعب الله لقاء أجرة الإثم. وقديما قال يسوع:
احترزوا من الأنبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحملان. وكذلك موهبة العلم والمعرفة بدون المحبة مهددة بخطر الزهو والاستكبار وقد قال الرسول العلم ينفخ لكن المحبة تبني. قد يحصل أحدهم على علم غزير، يستطيع به ان يلم بأسرار كلمة الله:
ولكن بدون المحبة لا ينجح في خدمته، لأن وعظه لا تغذيه المحبة من قلب طاهر. والمحبة أعظم من الإيمان قال الرسول :
« ... إِنْ كَانَ لِي كُلُّ الإِيمَانِ حَتَّى أَنْقُلَ الْجِبَالَ، وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَلَسْتُ شَيء»
(1 كورنثوس 13: 2).
*
الإيمان بدون المحبة شيء قاس يعثر الأخ الضعيف. قيل ان رجلاً أحس بإعياء شديد ولما استشار الطبيب قيل له بأن قلبه متعب ويلزمه راحة، فاتصل برئيسه في العمل وسأله ان يمنحه إجازة. فأجابه هذا بجفاء وقال له:
ان لي ايمانا قويا ويمكنني مواصلة العمل بدونك. هذه كلمات إيمان حقا ولكن إيماناً خاليا من المحبة. لذلك كانت الكلمات خشنة ومؤلمة جدا لذاك المريض. والمحبة أفضل من الإحسان، فقد قال الرسول:
لو أطعمت كل أموالي ولكن ليس لي محبة فلا تنفع شيئا. وقد يكون المرء سخيا بتصدق بمبالغ كبيرة ينتفع بها المعوزون. ولكن إن لم تكن المحبة هي الباعث يصبح الإحسان أقسى مذلة على المحتاج. ورب متصدق يرافق صدقته بوعظة عن صنع الخير أمام الفقير، وعندها تصبح الصدقة تعبيرا عن الاستكبار، والاستكبار قاس لا يعرف المحبة.
*
«الْمَحَبَّةُ تَتَأَنَّى وَتَرْفُقُ»:
أي أنها لا تغضب ولا تتسرع في الحكم على الغير بل تتعامل بتؤدة ولطف وطول أناة. قال أوريجانس انها عذبة مع الجميع. ان العيب عند كثيرين من المتدينين انهم قساة في القول والتصرف.
كان فيليب الثاني ملك اسبانيا من أشد الناس تدينا ومع ذلك فقد أقام محاكم التفتيش في مملكته وأمر بذبح كل من يخالفه في المعتقد.
الْمَحَبَّةُ لاَ تَحْسِدُ :
أي لا تحزن إذا حصل غيرها نفع لم تحصل هي عليه وقد شهد سليمان ان الحسد نخر للعظام، من يقف قدام الحسد. وهو الذي حمل اخوة يوسف على بغضه والمؤامرة عليه.
*
«الْمَحَبَّةُ لاَ تَتَفَاخَرُ، وَلاَ تَنْتَفِخُ»:
كالمدعي الفضل الطالب مدح الناس والشهرة. كان الامبراطور نابوليون يقول دائما:
ان قداسة البيت والعبادة الجمهورية فضائل يجب ان يؤديها الجميع. أما عن نفسه المنتفخة، فقد قال أنا لست مثل الاخرين لان نواميس الاداب لا تنطبق علي أنا. هذا استكبار بشع وقد قال الكتاب:
...«يُقَاوِمُ اللهُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً».
( يعقوب 4: 6 )
*
«المحبة لاَ تُقَبِّحُ»:
لانها تتسم بالوداعة وجمال الخلق الكريم ونكران الذات انها لا تأتي بما يجب الاستحياء منه أو يخالف اللياقة.
*
«المحبة لاَ تَطْلُبُ مَا لِنَفْسِهَا»:
أي لا تجعل مصالحها تطغو على مسؤوليتاتها.
قال أحد رجال الله:
لو أن أناس فكروا في واجباتهم أكثر من حقوقهم لقبضوا على المفتاح الذي يمكنهم من حل المشاكل التي تواجههم كل يوم.
*
«المحبة لاَ تَحْتَدّ»:
ولا تحنق على الغير ولا تسخط ولا تغتاظ على أحد. والحقيقة ان أدق اختبار يجوزه المؤمن هو اذا كان يستطيع السيطرة على طباعه.
*
«المحبة لاَ تَظُنُّ ٱلسُّوءَ»:
أي لا تتوهم ان الغير يريد الحاق الاذى بها:
انها لا تحتفظ بالظنون السيئة التي تتجنى على الفضل وتنخر الثقة. وقد قيل ان من أعظم الفنون فن نسيان ما يجب نسيانه.
المحبة لا تفرح بالاثم بل تفرح بالحق:
الشيطان وأتباعه يفرحون بالاثم، أما محبو الله والقريب فيفرحون ويسرون بالحق وأصحابه. أهل المحبة يحزنون اذا رأوا غيرهم يقعون في الشر ويصلون من أجل هؤلاء الساقطين.
*
«المحبة تَحْتَمِلُ كُلَّ شَيْءٍ»:
فتصبر على الأذى ولا تقاوم الشر بالشر بل تقاومه بالخير. المحبة تصدق كل شيء:
تصدق كل شيء عن الناس حينما يعلنون التوبة والرجوع الى الله.
*
«المحبة تَرْجُو كُلَّ شَيْءٍ»:
ترجو كل خير للجميع وفي رجائها تحاول في هدوء إصلاح الأمور بدلاً من التشهير بها. المحبة تصبر على كل شيء:
وفي صبرها تنتصر على الصعوبات وتخرج منها ممحصة كالذهب النقي.
*
«اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَداً»:
لأن المحبة من الله، وهي دائمة بديمومة الله. قال أحد الأتقياء:
المحبة اعظم من كل المواهب الروحية لمختصة بالحياة الحاضرة، لأنها مقترنة بالحياة الخالدة في السماء.
*
«أَمَّا الآنَ فَيَثْبُتُ: الإِيمَانُ وَالرَّجَاءُ وَالْمَحَبَّةُ، هذِهِ الثَّلاَثَةُ وَلكِنَّ أَعْظَمَهُنَّ الْمَحَبَّة»
(1 كورنثوس 13: 13).
* * *
أشكرك أحبك كثيراً...
الرب يسوع يحبك ...
بركة الرب لكل قارئ .. آمين .
وكل يوم وأنت في ملء بركة إنجيل المسيح... آمين


يسوع يحبك ..
 
قديم 28 - 09 - 2015, 05:00 PM   رقم المشاركة : ( 9407 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

التغلب على التذمر المزمن


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



التغلب على التذمر المزمن
العادات هي جزء من حياتنا. تساعدنا على القيام بعمل نرغبه أو نريده دون إمعانٍ أو تفكير. أخذت العادات في حياتنا شكلاً ونمطًا معيّنًا نتيجة اختيارات متكرِّرة قمنا بها عبر فترة من الزمن. وهي تشمل أفعالنا، ومواقفنا القلبية، واتجاهاتنا الفكرية. وقد تكون العادات جيدة أو سيئة، مفيدة أو مضرّة.
*
هناك عادات جيدة وأخلاقية علينا تطويرها وبناءها. فعلى سبيل المثال، عادة الشكر والامتنان هي إحدى هذه العادات السامية التي يمكن أن تمتلكها. فالأشخاص الشاكرون يشعرون دومًا بالفضل والعرفان ويعبّرون عن شكرهم باستمرار لله وللآخرين. الشكر فضيلة نبيلة. إنه يُثري حياتنا الروحية ويقوّي صحة مشاعرنا. يجعلنا أكثر إنتاجًا ومليئين سلامًا وفرحًا. ففي كل الأحوال، الإنسان الشكور يتمتّع بعلاقات صحيّة ويختبر حياة ذات جودة عالية من ناحية عملية.
*
لكي نطوّر عادة الشكر في حياتنا، علينا التعامل مع الأمور التي تسلبنا الشعور بالشكر. ويجب التخلص من عادة سيئة اسمها التذمُّر.
*
المتذمّر هو إنسان سلبيّ وغير قانع. يشعر دائمًا بالنقمة وعدم الاكتفاء، ويعبِّر عن إحباطه لفظيًا وعمليًا وبصورة مستمرة للآخرين.
*
وللأسف، نحن نعيش في عالم مليء بالنائحين. فعلى مستوى الأفراد، يفوق المتذمرون غير المتذمرين عددًا. وفي معظم الأحيان نكون في عداد المتذمرين.
*
إن التذمر خطر كبير. أنت تخسر الكثير من نِعم الله وبركاته عندما تسمح للتذمر بأن يغزو أفكارك وأقوالك. فيتحول تركيزك وطاقاتك إلى الأمور السلبية في حياتك بدلاً من الإيجابية والمفرحة. تصبح الأشياء الجملية كأنها قبيحة وتظهر الأمور الجيدة على أنها سيئة وتفقد الأمل وتوقّع البهجة وانتظار تحقيق المواعيد. إن التذمر معطِّل طالما يحدر الإنسان إلى مستنقعات الفشل واليأس وانعدام التفاؤل. التذمر هو سمة غير جذّابة تحجب البركة عنا ويتجنّبنا الناس بسببها. فلا أحد يرغب بالاقتراب من إنسان عنده هذا الداء المزمن.
*
إن كلمة الله تحذّرنا من خطر التذمر:
«افْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ بِلاَ دَمْدَمَةٍ وَلاَ مُجَادَلَةٍ، كَيْ تَكُونُوا بِلاَ لَوْمٍ، وَبُسَطَاءَ، أَوْلاَدًا ِللهِ بِلاَ عَيْبٍ فِي وَسَطِ جِيل مُعَوَّجٍ وَمُلْتَوٍ، تُضِيئُونَ بَيْنَهُمْ كَأَنْوَارٍ فِي الْعَالَمِ»
(فيليبي2: 14-15).
*
«وَلاَ تَتَذَمَّرُوا كَمَا تَذَمَّرَ أَيْضًا أُنَاسٌ مِنْهُمْ، فَأَهْلَكَهُمُ الْمُهْلِكُ»
(1كورنثوس 10:10).
*
«لاَ يَئِنَّ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ أَيُّهَا الإِخْوَةُ لِئَلاَّ تُدَانُوا. هُوَذَا الدَّيَّانُ وَاقِفٌ قُدَّامَ الْبَابِ»
(يعقوب5: 9).
*
«كُونُوا مُضِيفِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِلاَ دَمْدَمَةٍ»
(1بطرس4: 9).

*
فالله يأمرنا الآن ويقول:
“توقف عن التذمر! تخلَّص من عادة التذمر”.
والسؤال المحوري:
كيف أفعل هذا؟
إليك بعض النصائح:
-1-
افحص فمك واضبط لسانك – انتبه إلى ما تقول وإلى أسلوب كلامك مع الآخرين.
-2-
افحص مزاجك وسيطر على مشاعرك – انتبه إلى أفكارك وإلى الذي يدور في ذهنك.
-3-
افحص مواقفك القلبية دومًا – انتبه إلى حالة قلبك واتجاهاتك الفكرية.
-4-
اختر منهجك – قرّر ما سيقود حياتك، أهو الشكر أم التذمر.
هناك أمور عديدة في حياتك تستحق الشكر، فاختر الشكر وحياة الامتنان. طوّر عادة التقدير والشعور بالعرفان، فهذا سيغيّر حياتك إلى ما هو أفضل.
فارس ابو فرحة
* * *
أشكرك أحبك كثيراً...
الرب يسوع يحبك ...
بركة الرب لكل قارئ .. آمين .
وكل يوم وأنت في ملء بركة إنجيل المسيح... آمين
 
قديم 28 - 09 - 2015, 05:01 PM   رقم المشاركة : ( 9408 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

«إِنْ كَانَتْ شَرِكَةٌ مَا فِي ٱلرُّوح»


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
«إِنْ كَانَتْ شَرِكَةٌ مَا فِي ٱلرُّوح»
(فيلبي 2: 1)
في بدء الخليقة قال الله:
«لَيْسَ جَيِّدًا أَنْ يَكُونَ آدَمُ وَحْدَهُ، فَأَصْنَعَ لَهُ مُعِينًا نَظِيرَهُ»
(تكوين 2: 18).
ومن هنا نتعلم ان حياة الشركة كانت وستبقى ضرورة للإنسان في كل جيل وعسر. وقد تأكد بالاختبارات ان الإنسان لا يبلغ النضوج ما لم يعش مع الآخرين في تعاون مستمر. وان خير التعاون ما كان مؤسساً على المحبة. لأنه لا شيء يجمع الأفراد ويزكي تعاونهم ويعزز تقاربهم مثل المحبة.
قال أحدهم:
قد تتجمع حبات الرمل اذا ما بللت وضغطت حتى لتبدو انها متماسكة ولكن ما أن تجف حتى تفقد تماسكها وتتناثر هنا وهناك. بعكس ذرات الحديد إذا ما تجمعت حول قطعة ممغنطة فانها تتلاحم بجاذب المغناطيس ويدوم تلاحمها.
*
هكذا الحال مع الناس، فاذا تقاربوا بفعل عوامل خارجية لا يستمر تقاربهم طويلاً. لأن العوامل الخارجية سرعان ما تستهلكها المآرب الشخصية فينفرط العقد. أما التقارب الذي يحصل بجاذب المحبة الصحيحة فيثبت. وخصوصاً متى كانت دوافع التقارب ولاء مشتركاً لشخص ما.
*
هكذا حدث عند مغارة عدلام، حين أتى أتباع داود من كل أطراف المملكة. كان بعضهم خشنى الطباع، وبعض آخر متضايقا، وبعض آخر مثقلاً بالديون، وبعض آخر مرّ النفس. ولكن شخصية داود الفذة جمعتهم في ولاء عجيب. ونجم عن تماسكهم بالولاء سقوط مؤامرة شاول لأن جيشه لم يستطع التغلب على تلك الغيرة المتأججة في صدورهم. فإن كان الالتفاف حول إنسان يؤدي الى هذه النتيجة، فكم بالحري الالتفاف حول شخص الرب يسوع يؤدي الى نتيجة أعظم؟!
*
هذا ما نستطيع التأكد منه، حين نلقي نظرة على عائلة مسيحية بالحق. فقبل دخول المسيح حياتهم، ربما كان الآب والأم والأولاد مرتبطين برباط الدم. ولكن رباط الدم لا يستطيع رفع العائلة الى المستوى الذي فيه يحب الإنسان قريبه كنفسه. ولكن ما أن دخل المسيح القلوب حتى غيرها وأوجد في العيلة عمقاً في المحبة. فأصبح اسم الرب تسبيحة في أفواههم، ومحبة الإخوة رغبة في قلوبهم وخدمة الناس مستطابة في أيديهم. انها ثورة جديدة سكبها المسيح في العيلة فصار كل فرد فيها انساناً جديداً صانعاً سلاماً. وهذا الالتفاف حول يسوع أكثر روعة في الكنيسة التي اقتناها الرب بدمه. لأنه حين تتلاقى قلوب المسيحيين حول رئيس إيمانهم ومكمله، تتحول العواطف الى مودة أخوية، وتتعمق المودة الى قلب المحبة، فتتأصل النفوس في المسيح. وعندئذ يعرف المسيحي ما هو العرض والطول والعمق والعلو لمحبة المسيح الفائقة ويمتلئ الى كل ملء الله.
*
جميل هو التعاطف الانساني، الذي يجذبنا حول أمور مشتركة. ولكن هذا التعاطف لا يستطيع أن يوحد لنا شركة كتلك التي توحدنا في محبة المسيح، وتحصرنا في الولاء لملكوت المسيح فتصبح سيرتنا في السمويات.
*
أيها الأحباء
حين نتأمل العبارات التي تليت علينا من الرسالة الى فيلبي تتبين لنا خمس روابط للشركة حسب انجيل المسيج.
أولاً
الوعظ:
قال الرسول:
«فَإِنْ كَانَ وَعْظٌ مَا فِي الْمَسِيح»
(فيلبي2: 1).
هذه الرابطة يجب أن نعززها بالطاعة لأمر المسيح القائل:
«مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ»
(متّى 11: 15).
قال صموئيل النبي:
«الاسْتِمَاعُ أَفْضَلُ مِنَ الذَّبِيحَةِ، وَالإِصْغَاءُ أَفْضَلُ مِنْ شَحْمِ الْكِبَاشِ»
(١صموئيل 15: 22).
والحق في أننا في حاجة مستمرة الى الوعظ لزيادة إيماننا، وتشدد رجائنا وتزكية محبتنا.
والمناسبة تقول لكل واحد منا:
لعلك مررت بأوقات كنت فيها حاقداً على إنسان أو مغتاظاً من إنسان. ولكن صوت الله كان تكلم في داخلك وتأثيراً رقيقاً كان يمتلك مشاعرك، وحنينا كان يشدك الى أخيك الذي حقدت عليه، أو قريبك الذي اغتظت منه.
*
هذه أصداء عظة المسيح عندما قال:
«فَإِنْ قَدَّمْتَ قُرْبَانَكَ إِلَى الْمَذْبَحِ، وَهُنَاكَ تَذَكَّرْتَ أَنَّ لأَخِيكَ شَيْئًا عَلَيْكَ، فَاتْرُكْ هُنَاكَ قُرْبَانَكَ قُدَّامَ الْمَذْبَحِ، وَاذْهَبْ أَوَّلاً اصْطَلِحْ مَعَ أَخِيكَ»
(متّى 5: 23-24 ).
ولعل أصداء هذه العظة نفسها، جعلتك تعدل عن توجيه اللوم الى أخيك. أو حملتك على أن لا ترسل خطابا قاسي اللهجة الى قريبك. ربما كنت الى وقت قريب تبحث عن أنسب وسيلة للانتقام من أعدائك الذين أساءوا فهمك وأساءوا اليك ولكن عظة المسيح القائلة:
«لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا»
(متّى 5: 39)،
أقنعتك ليس بالرجوع عن فكرة الانتقام وحسب. بل أيضا بمبادلة الأعداء المحبة ومبادلة اللاعنين بالبركة، ومقابلة المبغضين بالإحسان ومعاملة المسيئين بالصلاة من أجلهم.
هكذا تلقى بولس من المسيح فكتب لنا وصيته القائلة:
«إِنْ جَاعَ عَدُوُّكَ فَأَطْعِمْهُ. وَإِنْ عَطِشَ فَاسْقِهِ. لأَنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ هذَا تَجْمَعْ جَمْرَ نَارٍ عَلَى رَأْسِه. لاَ يَغْلِبَنَّكَ الشَّرُّ بَلِ اغْلِبِ الشَّرَّ بِالْخَيْر»
(رومية 12: 20-21 ).
*
ثانياً
تسلية المحبة:
فقد قال الرسول:
«إِنْ كَانَتْ تَسْلِيَةٌ مَا لِلْمَحَبَّة»
(فيلبي 2: 1).
واكرم بها من تسلية تدخل العزاء الى القلب المكتئب، وتجبر الخاطر المنكسر!
يوجد أناس خارت قواهم وصغرت نفوسهم، والوفاء المسيحي يلزمنا أن نقدم لهم تسلية المحبة. أن نقدم لهم كلمات المسيح المشجعة، مشفوعة بالابتسامة الرقيقة التي تنم عن المودة.
جاء في التقليد ان حكيما سأل ايليا النبي مَن مِن الجمهور المتحرك في المدينة يحظى بأعظم مكافأة من الله؟
فأشار إيليا الى عاملين كانا يسيران وسط الجمهور فرحين مبتسمين. فركض الحكيم وسأل العاملين ما هي الصفات العالية التي يتصفان بها؟
فقالا لسنا سوى عاملين فقيرين. وكل ما يقال عنا اننا مبتسمي الوجه. وكلما التقينا بحزين ننضم اليه ونرافقه ونواسيه لينسى حزنه. واذا عرفنا عن شخصين متخاصمين نذهب اليهما ونلاطفهما ونصالحهما. هذا كل ما نفعله.
تشبهوا بهذين العاملين في التخفيف من أكدار الناس، والعمل على إشاعة السلام بينهم متذكرين قول الرب يسوع طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يدعون.
*
ثالثاً
شركة الروح:
قال الرسول:
«إِنْ كَانَتْ شَرِكَةٌ مَا فِي الرُّوحِ»
(فيلبي 2: 1).
في الكنيسة تجمعنا الشركة حول الرب يسوع، الذي ارتبط معنا بروابط الاخاء كما هو مكتوب:
«لأَنَّ الْمُقَدِّسَ وَالْمُقَدَّسِينَ جَمِيعَهُمْ مِنْ وَاحِدٍ، فَلِهذَا السَّبَبِ لاَ يَسْتَحِي أَنْ يَدْعُوَهُمْ إِخْوَةً، أُخَبِّرُ بِاسْمِكَ إِخْوَتِي، وَفِي وَسَطِ الْكَنِيسَةِ أُسَبِّحُكَ»
(عبرانيين 2: 11-12 ).
كل مسيحي حقيقي متمتع برفقة الروح القدس لان الروح المبارك ماكث فيه. يزوده بالمواهب الروحية ويعزيه في أثناء أحزانه. ويقويه أمام تجاربه ويرشده الى جميع الحق.
*
يخبرنا لوقا في سفر الاعمال ان جميع الذين آمنوا كانوا في قلب واحد ونفس واحدة. وكانوا يجتمعون باسم الرب الواحد ويترنمون ويصلون معا. بعكس ما نرى عند الكثيرين في أيامنا الذين لا يذهبون الى الكنيسة يوم الأحد. وحجتهم انهم يصلون في البيت أو كما قال لي رب عائلة يكفي ان نستمع الى البرامج الدينية المذاعة بالراديو. هؤلاء يحرمون أنفسهم بركة الشركة مع الإخوة في الروح. ويحرمون أنفسهم من امتياز القول:
« فَرِحْتُ بِالْقَائِلِينَ لِي: إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ نَذْهَبُ»

(مزمور 122: 1).
انهم يتجاهلون القول النبوي:
« هُوَذَا مَا أَحْسَنَ وَمَا أَجْمَلَ أَنْ يَسْكُنَ (يجتمع) الإِخْوَةُ مَعًا!... لأَنَّهُ هُنَاكَ أَمَرَ الرَّبُّ بِالْبَرَكَة»
(مزمور 133: 1-3).
*
رابعاً
أحشاء ورأفة:
الأحشاء مركز الرأفة ورقة القلب التي تحمل الرحمة. كتب أحد المؤمنين العبارات التالية وألصقها على مرآته ليراها كل صباح:
لن أعبر هذا اليوم سوى مرة واحدة فأي خدمة يمكنني أن أسديها يجب أن أقوم بها. وأي رحمة أستطيع أن أدرك بها انسانا يجب أن أعملها. هذا شعار جميل جدير بأن نحمله فنعمل لتوزيع الرحمة حولنا. ونجتهد لانهاض الساقط الذي لم ينهضه أحد. ونسعى لمواساة المكتئب الذي لم يواسيه أحد. ونتقدم لمساندة المستضعف الذي لم يسنده أحد ونسرع الى التخفيف عن البائس الذي لم يخفف عنه أحد.
*
قال أحد الأتقياء:
نتعلم من سفر الرؤيا اننا لسنا فقط إخوة الآخرين في الخطية، بل نحن أيضا إخوتهم في الفداء. وقال التلميذ الذي كان يسوع يحبه:
«أَنَا يُوحَنَّا أَخُوكُمْ وَشَرِيكُكُمْ فِي الضِّيقَةِ وَفِي مَلَكُوتِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ..»
(رؤيا 1: 9)
ففي هذه الشركة المثلثة تتمثل الحياة المسيحية، كما عرفتها الكنيسة الأولى. وهذه الشركة المثلثة مبنية على كلمات المسيح الثلاث التالية
«فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ»
(يوحنا 16: 33)،
«لأَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ سُرَّ أَنْ يُعْطِيَكُمُ الْمَلَكُوتَ»
(لوقا 12: 32)،
«بِصَبْرِكُمُ اقْتَنُوا أَنْفُسَكُمْ»
(لوقا 21: 19).
*
خامساً
الفكر الواحد:
قال الرسول :
«افْتَكِرُوا فِكْرًا وَاحِدًا وَلَكُمْ مَحَبَّةٌ وَاحِدَةٌ»
(فيلبي 2: 2).
وفي رسالته الى أفسس، قال:
«احْفَظُوا وَحْدَانِيَّةَ الرُّوحِ»
(أفسس 4: 3).
ويقينا ان أعمق ما في الشركة المسيحية، ان يكون فيها الفكر الواحد، الذي دعا اليه الرسول الكريم وهو التشبه بالرب يسوع.
ان نتشبه به في وداعته وتواضعه، وفقا لدعوته حين قال :
«اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ»
(متّى 11: 29).
هذه هي الطريقة المثلى لكي نملكه على حياتنا ونجعله متقدما في كل شيء. متذكرين شيئا واحدا،
«لاَ شَيْئًا بِتَحَزُّبٍ أَوْ بِعُجْبٍ، بَلْ بِتَوَاضُعٍ، حَاسِبِينَ بَعْضُكُمُ الْبَعْضَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ»
(فيلبي 2: 3).
تلك هي دعوتنا في نكران الذات وحمل نير المسيح الى أن ننتهي الى وضع النفس. وبوضع النفس تزداد محبة المسيح فينا المحبة التي لا تطلب ما لنفسها. وعندئذ نرى في الآخرين شيئا من المسيح فنحبهم كنفسنا.
أيها الأحباء
قد يكون بيننا من لم يتمتع بعد بهذه الامتيازات المجيدة، لأنه لم يمارس شركة المحبة في عمقها محباً ومحبوباً. ولكن لا تسريب عليه فالفرصة ما زالت سانحة وكل ما يطلب اليه ان يتجاوب مع النعمة الإلهية المخلصة بالإيمان. كما هو مكتوب:
« لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ وَذلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ . هُوَ عَطِيَّةُ الله»
(أفسس 2: 8)
* * *
أشكرك أحبك كثيراً...
الرب يسوع يحبك ...
بركة الرب لكل قارئ .. آمين .
وكل يوم وأنت في ملء بركة إنجيل المسيح... آمين

يسوع يحبك
 
قديم 28 - 09 - 2015, 05:05 PM   رقم المشاركة : ( 9409 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

مثل الزارع

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

أولاُ ثلاث فئات امامنا:-
1- المتكلم (الرب يسوع) شخصاُ عجيباُ
2- الفئة العامة (شعب اسرائيل) لهم متكلماُ
3- الفئة الخاصة (التلاميذ) لهم مفسراُ

ثانياُ ثلاثة انواع:-
1- الزارع

2- البذار
3- التربة

ثالثاُ ثلاثة انواع من الغير مثمرة:-
1- على الطريق

2- المحجرة
3- الشوكية
رابعاُ ثلاثة نتائج سلبية:-
1- بذار اكلتها الطيور قبل ان تنبت
2- بذار نبت لكن سرعان ما جفت
3- بذار نبت لكن خنققتها الأشواك
خامساُ قوة ثلاثية تحارب بذار الكلمة:-
1- قوة الشيطان (طيور السماء)
2-قوة الجسد (الأرض المحجرة)
3- قوة العالم (الأشواك)
سادساُ ثلاث تعبيرات عن الكلمة فى الأناجيل:-
1- متى فُهمت
2- مرقس قًبلت
4- لوقا حُفظت
سابعا ثلاث درجات من الثمر فى الأرض المثمرة:-
1-ثلاثون

2- ستون
3- مائة
ثامناُ ذكر الاثمار فى الأناجيل:-
1- متى تنازلى
2- مرقس تصاعدى
3- لوقا مئة ضعف
سؤال للتفكير لماذا ذكر الرب الثمر فى الأناجيل بهذا الترتيب
شواهد للمطالعة:-

(اش10:55-13 ،اش11:61 ، 1بط 23:1-2:2 ،أع 7:6 ، يع 21:1)

درست هذا الموضوع سنة 1984 البعض منها من عدة مصادر تفسيرية للاخوة وباركلى
ود ق/ ابراهيم سعيد والبعض الاخر مما أعطاه الروح القدس للكاتب
 
قديم 28 - 09 - 2015, 05:08 PM   رقم المشاركة : ( 9410 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

مثل الزارع

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

من المعتاد، أن نكرر الأمر أكثر من مرة حينما نريد تأكيده. وبالمثل، فعلى الرغم من أهمية كل شيء في الكتاب المقدس، إلا أن الأهمية الخاصة لأمر ما تتضح عندما يتكرر أكثر من مرة، فيجب مراعاة الانتباه الخاص له. واحدة من تلك الفقرات التي تكررت كثيراً، هي تلك الخاصة بمثل الزارع. وحقاً، فكما يتضح من الروايات الأربع المتحدثة عن حياة يسوع المسيح، فقد تكرر هذا المثل ثلاث مرات. فلنختبره إذاً، وندرس الشيء ذو الأهمية الخاصة والذي يريد الله أن يعلمنا إياه من خلاله.
1. المثل

سُجِّل مثل الزارع في: متَّى 13: 1- 8 وفي مرقس 4: 1- 9 و في لوقا 8: 4- 8. فنقرأ بدءاً من تسجيل لوقا:
لوقا 8: 4- 8
" فَلَمَّا اجْتَمَعَ جَمْعٌ كَثِيرٌ أَيْضًا مِنَ الَّذِينَ جَاءُوا إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ مَدِينَةٍ، قَالَ بِمَثَل: "خَرَجَ الزَّارِعُ لِيَزْرَعَ زَرْعَهُ. وَفِيمَا هُوَ يَزْرَعُ سَقَطَ بَعْضٌ عَلَى الطَّرِيقِ، فَانْدَاسَ وَأَكَلَتْهُ طُيُورُ السَّمَاءِ. وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى الصَّخْرِ، فَلَمَّا نَبَتَ جَفَّ لأَنَّهُ لَمْ تَكُنْ لَهُ رُطُوبَةٌ. وَسَقَطَ آخَرُ فِي وَسْطِ الشَّوْكِ، فَنَبَتَ مَعَهُ الشَّوْكُ وَخَنَقَهُ. وَسَقَطَ آخَرُ فِي الأَرْضِ الصَّالِحَةِ، فَلَمَّا نَبَتَ صَنَعَ ثَمَرًا مِئَةَ ضِعْفٍ". قَالَ هذَا وَنَادَى:"مَنْ لَهُ أُذْنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ!"."

لم يكن التوقيت الذي اختاره يسوع ليقول هذا المثل من قبيل الصدفة. حقاً، كما تقول لنا الآية الرابعة: " فَلَمَّا اجْتَمَعَ جَمْعٌ كَثِيرٌ أَيْضًا مِنَ الَّذِينَ جَاءُوا إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ مَدِينَةٍ، قَالَ [عندما رأى هذا الجمع آتياً إليه] بِمَثَل..." قال يسوع هذا المثل عندما جاء إليه جمع كثير ليسمعوا كلمة الله. وكما سنرى، يتحدث هذا المثل عن سماع الكلمة. ومن ثم، فقد أراد يسوع بقوله هذا المثل، أن يجعل كل الذين أتوا إليه لسماع الكلمة، أن يدركوا الخيارات المتاحة.
2. " عَلَى الطَّرِيقِ "

يتبين بالنظر إلى الفقرة السابقة من لوقا أن المثل يتحدث عن بذرة سقطت على أربع أنواع مختلفة من الأراضي، فسقطت الأولى " عَلَى الطَّرِيقِ ". وكما تخبرنا لوقا 8: 5 قائلة:
لوقا 8: 5
" "خَرَجَ الزَّارِعُ لِيَزْرَعَ زَرْعَهُ. وَفِيمَا هُوَ يَزْرَعُ سَقَطَ بَعْضٌ عَلَى الطَّرِيقِ، فَانْدَاسَ وَأَكَلَتْهُ طُيُورُ السَّمَاءِ."

سقطت بعض البذار " عَلَى الطَّرِيقِ " ومن ثم، لم تنبت ولم تعطي ثمر بل انداست وأكلتها الطيور.
هذا الجزء من المثل معطى شرحه لاحقاً بعد بضع آيات. ومن ثم، نقرأ في لوقا 8: 11- 12
لوقا 8: 11- 12
" وَهذَا هُوَ الْمَثَلُ: الزَّرْعُ هُوَ كَلاَمُ اللهِ، وَالَّذِينَ عَلَى الطَّرِيقِ هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ، ثُمَّ يَأْتِي إِبْلِيسُ وَيَنْزِعُ الْكَلِمَةَ مِنْ قُلُوبِهِمْ لِئَلاَّ يُؤْمِنُوا فَيَخْلُصُوا."

وكذلك، تشرح لنا متَّى 13: 19 نفس الجزء فتقول:
" كُلُّ مَنْ يَسْمَعُ كَلِمَةَ الْمَلَكُوتِ وَلاَ يَفْهَمُ، فَيَأْتِي الشِّرِّيرُ وَيَخْطَفُ مَا قَدْ زُرِعَ فِي قَلْبِهِ. هذَا هُوَ الْمَزْرُوعُ عَلَى الطَّرِيقِ."

وفقاً للفقرة السابقة، فالزرع المزروع هو كلام الله أو " كَلِمَةَ الْمَلَكُوتِ". ومع ذلك، فهذه الكلمة، لا تعطي نفس النتيجة في كل مكان، إذ أن إثمارها يعتمد على نوع الأرض التي تسقط عليها. وواحدة من بين أنواع الأرض المحتملة هو " عَلَى الطَّرِيقِ "، والذي، وفقاً لتفسير المثل، هم كل من يسمع كلمة الله " وَلاَ يَفْهَمُ". ما تعنيه جملة " وَلاَ يَفْهَمُ" هو شيء سنعرفه من خلال السياق. وحقاً، فالكلمة اليونانية المترجمة بمعنى "يفهم" في الفقرة السابقة هو فعل "suniemi" المستخدم ست مرات في متَّى 13، 5 وهو الجزء المتعلق بمَثَلِنا. ومن ثم، تقول لنا متى 13: 13- 15
متَّى 13: 13- 15
" مِنْ أَجْلِ هذَا أُكَلِّمُهُمْ بِأَمْثَال، لأَنَّهُمْ مُبْصِرِينَ لاَ يُبْصِرُونَ، وَسَامِعِينَ لاَ يَسْمَعُونَ وَلاَ يَفْهَمُونَ [باليونانية: suniemi]. فَقَدْ تَمَّتْ فِيهِمْ [في من هم مبصرين لا يبصرون وسامعين لا يسمعون] نُبُوَّةُ إِشَعْيَاءَ الْقَائِلَةُ: تَسْمَعُونَ سَمْعًا وَلاَ تَفْهَمُونَ [باليونانية: suniemi]، وَمُبْصِرِينَ تُبْصِرُونَ وَلاَ تَنْظُرُونَ. لأَنَّ [هذا هو السبب الذي لأجله صاروا لا يفهمون على الرغم من قدرتهم على السمع] قَلْبَ هذَا الشَّعْب قَدْ غَلُظَ، وَآذَانَهُمْ قَدْ ثَقُلَ سَمَاعُهَا. وَغَمَّضُوا عُيُونَهُمْ، لِئَلاَّ يُبْصِرُوا بِعُيُونِهِمْ، وَيَسْمَعُوا بِآذَانِهِمْ، وَيَفْهَمُوا [باليونانية: suniemi] بِقُلُوبِهِمْ، وَيَرْجِعُوا فَأَشْفِيَهُمْ."

بينما يسمع الإنسان كلمة الله بالأذن، يفهمها بالقلب (لب العقل). إذاً، فالمغزى من مثل الزارع، ليس هو الفهم العقلي البسيط للكلمة. بل إنه بالأحرى فهماً وقبولاً لكلمة الله بالقلب، أو لب العقل. ولهذا السبب، تعتمد ثمار الكلمة على الأرض، التي هي قلوب هؤلاء من يسمعونها، أي أنها تعطي نتائج مختلفة في القلوب ذات الجودة المختلفة. عندما يقسى القلب، فكأنما سقطت بذار الكلمة على الطريق. فلن تنمو وبالتالي لن تعطي أي ثمر. كما تخبرنا كورنثوس الثانية 4: 3- 4 وأفسس 4: 17- 19
كورنثوس الثانية 4: 3- 4
" وَلكِنْ إِنْ كَانَ إِنْجِيلُنَا مَكْتُومًا، فَإِنَّمَا هُوَ مَكْتُومٌ فِي الْهَالِكِينَ، الَّذِينَ فِيهِمْ إِلهُ هذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ." وكذلك،

أفسس 4: 17- 19
" فَأَقُولُ هذَا وَأَشْهَدُ فِي الرَّبِّ: أَنْ لاَ تَسْلُكُوا فِي مَا بَعْدُ كَمَا يَسْلُكُ سَائِرُ الأُمَمِ أَيْضًا بِبُطْلِ ذِهْنِهِمْ، إِذْ هُمْ مُظْلِمُو الْفِكْرِ، وَمُتَجَنِّبُونَ عَنْ حَيَاةِ اللهِ لِسَبَبِ الْجَهْلِ الَّذِي فِيهِمْ بِسَبَبِ غِلاَظَةِ قُلُوبِهِمْ. اَلَّذِينَ ­إِذْ هُمْ قَدْ فَقَدُوا الْحِسَّ­ أَسْلَمُوا نُفُوسَهُمْ لِلدَّعَارَةِ لِيَعْمَلُوا كُلَّ نَجَاسَةٍ فِي الطَّمَعِ."

يبدو كلام الله " مَكْتُومٌ" لبعض الناس الذين لا يقدرون على فهمه، ليس بسبب صعوبة الكلمة على الفهم، بل لأن قلوبهم قاسية، وصلبة فلا تسمح بنمو بذار الكلمة.
أما الآن، فبخصوص الكلمة اليونانية المترجمة في الفقرة السابقة من أفسس إلى "غلاظة" هي الكلمة "porosis" والتي تعني "قساوة". إنها نفس الكلمة المستخدمة في مرقس 3: 5 لوصف الفريسيين، وهم مجموعة مميزة من الناس والذين اضطهدوا يسوع.
مرقس 3: 5
" فَنَظَرَ [يسوع المسيح] حَوْلَهُ إِلَيْهِمْ [إلة الفريسيين (أنظر مرقس 2: 24)] بِغَضَبٍ، حَزِينًا عَلَى غِلاَظَةِ [باليونانية: porosis- قساوة] قُلُوبِهِمْ."

كان الرب يسوع المسيح، ابن الله، موجود أمام الفريسيين!! فقد سمعوا ورأوا أعظم معلم، أعظم رجل مر من على وجه الأرض. ومع ذلك، لم يؤمنوا به. وما هو السبب؟ السبب هو قساوة قلوبهم، أي أنها كانت صلبة جداً ومن ثم غير ملائمة لاستقبال ونمو الكلمة فيها. لم تكن البذار، أو الكلمة هي الفاسدة، بل الأرض أو قلوبهم هي ما كانت قاسية.
3. "َسَقَطَ آخَرُ عَلَى الصَّخْرِ"

بعدما رأينا النوع الأول من الأرض التي تسقط عليها كلمة الله، سننتقل الآن إلى النوع الثاني. فتخبرنا متَّى 13: 5- 6 عن ذلك قائلة:
متَّى 13: 5- 6
" وَسَقَطَ آخَرُ [يقصد البذار] عَلَى الأَمَاكِنِ الْمُحْجِرَةِ، حَيْثُ لَمْ تَكُنْ لَهُ تُرْبَةٌ كَثِيرَةٌ، فَنَبَتَ حَالاً إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُمْقُ أَرْضٍ. وَلكِنْ لَمَّا أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ احْتَرَقَ، وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ جَفَّ."

تستطيع البذار أن تنبت في أنواع متعددة من الأرض، ومع ذلك، لن تعيش وتعطي ثمر في جميعها. فالارض الصلبة هي واحدة من تلك الأنواع من الأراضي التي حيث تقع عليها البذار، وعلى الرغم من إنباتها في البداية، إلا أنها ستموت في النهاية. والسبب في عدم قدرة عيش البذار هناك، هو لأن الصخر يمنعها من مد جذورها عميقاً، الشيء الذي يلزمها لتجد الرطوبة. ومن ثم، تجف عند هبوب أول ريح عليها.
نقرأ في مرقس شرح هذا الجزء من المثل:
مرقس 4: 16- 17
" وَهؤُلاَءِ كَذلِكَ هُمُ الَّذِينَ زُرِعُوا عَلَى الأَمَاكِنِ الْمُحْجِرَةِ: الَّذِينَ حِينَمَا يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ يَقْبَلُونَهَا لِلْوَقْتِ بِفَرَحٍ، وَلكِنْ لَيْسَ لَهُمْ أَصْلٌ فِي ذَوَاتِهِمْ، بَلْ هُمْ إِلَى حِينٍ. فَبَعْدَ ذلِكَ إِذَا حَدَثَ ضِيقٌ أَوِ اضْطِهَادٌ مِنْ أَجْلِ الْكَلِمَةِ، فَلِلْوَقْتِ يَعْثُرُونَ."

وكما هو واضح، فالصخر هو من يسمعون الكلمة، يستقبلونها على الفور وبفرح في الحقيقة. ومع ذلك، فهذا لا يستمر طويلاً، لأنه عندما يحدث ضيق واضطهاد، يعثر هؤلاء الناس على الفور أيضاً. وكما هو واضح، فالمشكلة التي تسببت في تعثرهم أخيراً هو لأنهم ضعفاء كثيراً في الضيق والاضطهاد. ومن ثم، يعثرون على الفور حينما يجلب الشرير مثل هذه الأشياء ضدهم. ولم يكن سبب سقوطهم هو عدم تحملهم الضيق لشدته، لأن كورنثوس الثانية 4: 17 وكورنثوس الأولى 10: 12- 13 ورسالة بطرس الأولى 5: 10 تخبرنا أن الضيق سيكون هين وبالطبع لن يكون فوق قدرتنا على تحمله (كورنثوس الأولى 10: 12- 13). بل إن ذلك يحدث لأنهم غير مستعدين لإظهار حتى ولو أقل مقاومة ضد إبليس (إنهم يعثرون للوقت كما تقول الآيات). وكما تخبرنا يعقوب 4: 7
يعقوب 4: 7
" فَاخْضَعُوا ِللهِ. قَاوِمُوا إِبْلِيسَ فَيَهْرُبَ مِنْكُمْ [نتيجة لمقاومتكم له]."

كذلك توصينا بطرس الأولى 5: 8- 9 قائلة:
" اُصْحُوا وَاسْهَرُوا. لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ. فَقَاوِمُوهُ، رَاسِخِينَ فِي الإِيمَانِ، عَالِمِينَ أَنَّ نَفْسَ هذِهِ الآلاَمِ تُجْرَى عَلَى إِخْوَتِكُمُ الَّذِينَ فِي الْعَالَمِ."

لن يجري إبليس بعيداً عنا إن لم نقاومه. بل على النقيض، فهو يبتلع كل من لا يقاومه. هذه الفئة الثانية من الناس تنتمي أيضاً إلى الفئة الثانية من فرائس إبليس المحتملة. فيسقطون على الفور فريسة سهلة لإبليس عند مجيئه بالضيقات. فتكون بدايتهم صالحة ولكن نهايتهم سيئة مع الأسف.
4. النوع الثالث

بعدما درسنا أول نوعين من الناس، فلننتقل الآن إلى النوع الثالث. فتخبرنا مرقس 4: 7 قائلة:
مرقس 4: 7
" وَسَقَطَ آخَرُ فِي الشَّوْكِ، فَطَلَعَ الشَّوْكُ وَخَنَقَهُ فَلَمْ يُعْطِ ثَمَرًا."

النوع الثالث من الارض التي تسقط عليها البذار، هي الأرض الشائكة. فتختنق البذرة التي تسقط في هذه الأرض ولا تعطي ثمراً. سننتقل إلى مرقس 4: 18- 19حتى نفهم المقصود من هذا الجزء من المثل، فنقرأ:
"وَهؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ زُرِعُوا بَيْنَ الشَّوْكِ: هؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ، وَهُمُومُ هذَا الْعَالَمِ وَغُرُورُ الْغِنَى وَشَهَوَاتُ سَائِرِ الأَشْيَاءِ تَدْخُلُ وَتَخْنُقُ الْكَلِمَةَ فَتَصِيرُ بِلاَ ثَمَرٍ."
ومع الأسف، فهذا النوع من الناس معضل أيضاً. ومشكلة هذا النوع هي حفظهم لكلمة الله في قلوبهم مع أشياء أخرى مثل "َهُمُومُ هذَا الْعَالَمِ وَغُرُورُ الْغِنَى وَشَهَوَاتُ سَائِرِ الأَشْيَاءِ". فتصير هذه الأشياء في النهاية أشواكاً تخنق الكلمة وتجعلها بلا ثمر. فيقول يسوع المسيح على نقيض ما يفعله الناس المنتمين لهذا النوع:
متَّى 6: 25- 34
" "لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَهْتَمُّوا لِحَيَاتِكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَبِمَا تَشْرَبُونَ، وَلاَ لأَجْسَادِكُمْ بِمَا تَلْبَسُونَ. أَلَيْسَتِ الْحَيَاةُ أَفْضَلَ مِنَ الطَّعَامِ، وَالْجَسَدُ أَفْضَلَ مِنَ اللِّبَاسِ؟ اُنْظُرُوا إِلَى طُيُورِ السَّمَاءِ: إِنَّهَا لاَ تَزْرَعُ وَلاَ تَحْصُدُ وَلاَ تَجْمَعُ إِلَى مَخَازِنَ، وَأَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ يَقُوتُهَا. أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ بِالْحَرِيِّ أَفْضَلَ مِنْهَا؟ وَمَنْ مِنْكُمْ إِذَا اهْتَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى قَامَتِهِ ذِرَاعًا وَاحِدَةً؟ وَلِمَاذَا تَهْتَمُّونَ بِاللِّبَاسِ؟ تَأَمَّلُوا زَنَابِقَ الْحَقْلِ كَيْفَ تَنْمُو! لاَ تَتْعَبُ وَلاَ تَغْزِلُ. وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ وَلاَ سُلَيْمَانُ فِي كُلِّ مَجْدِهِ كَانَ يَلْبَسُ كَوَاحِدَةٍ مِنْهَا. فَإِنْ كَانَ عُشْبُ الْحَقْلِ الَّذِي يُوجَدُ الْيَوْمَ وَيُطْرَحُ غَدًا فِي التَّنُّورِ، يُلْبِسُهُ اللهُ هكَذَا، أَفَلَيْسَ بِالْحَرِيِّ جِدًّا يُلْبِسُكُمْ أَنْتُمْ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ؟ فَلاَ تَهْتَمُّوا قَائِلِينَ: مَاذَا نَأْكُلُ؟ أَوْ مَاذَا نَشْرَبُ؟ أَوْ مَاذَا نَلْبَسُ؟ فَإِنَّ هذِهِ كُلَّهَا تَطْلُبُهَا الأُمَمُ. لأَنَّ أَبَاكُمُ السَّمَاوِيَّ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هذِهِ كُلِّهَا. لكِنِ اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ. فَلاَ تَهْتَمُّوا لِلْغَدِ، لأَنَّ الْغَدَ يَهْتَمُّ بِمَا لِنَفْسِهِ. يَكْفِي الْيَوْمَ شَرُّهُ."

يأتي ملكوت الله وبره في المرتبة الأولى، ثم تأتي بعده سائر الأشياء. هذه كلها ستزاد لنا إن طبقنا هذا المبدأ. ومع ذلك، فإن لم نطبقه بل وضعنا الهموم وسائر الأشياء في المرتبة الأولى، إذاً فكل هذه ستخنق الكلمة وتجعلها مجدبة.
ويعد خيط هموم هذا العالم وغرور الغنى وشهوات سائر الاشياء موضوع خطير للغاية. ونحن نتعامل مع هذا الموضوع بشكل منفصل في مقال :"مثل الزارع: " وَسَقَطَ آخَرُ فِي الشَّوْكِ".
5. "وَسَقَطَ آخَرُ فِي الأَرْضِ الصَّالِحَةِ"

اختبرنا حتى الآن ثلاث أنواع من الأرض التي تسقط عليها بذار الكلمة. ومع الأسف، لم تقدر ولا واحدة منها على جعل هذه البذار مثمرة. ومن ثم، فالنوع الأول من الأرض، " عَلَى الطَّرِيقِ "، كان صلب جداً لدرجة أن البذار لم تقدر حتى على الإنبات. كذلك النوع الثاني كان صخراً لا يسمح للبذار بمد جذورها عميقاً. وفي الأخير، كان النوع الثالث شائكاً، خانقاً للبذار ومجدباً إياها. وبعدما رأينا ثلاث فئات مجدبين، حان الوقت الآن لمعرفة شكل الأرض الصالحة المثمرة. فتخبرنا متَّى 13: 8 عن هذا قائلة:
متى 13: 8
" وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ فَأَعْطَى ثَمَرًا، بَعْضٌ مِئَةً وَآخَرُ سِتِّينَ وَآخَرُ ثَلاَثِينَ."

وها هو الشرح معطى في متَّى 13: 23
" وَأَمَّا الْمَزْرُوعُ عَلَى الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ فَهُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ وَيَفْهَمُ [المعنى اليوناني:suniemi]. وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي بِثَمَرٍ، فَيَصْنَعُ بَعْضٌ مِئَةً وَآخَرُ سِتِّينَ وَآخَرُ ثَلاَثِينَ"."

لم تسقط البذار هذه المرة على الطريق أو على الصخر أو في الشوك، بل سقطت على الأرض الصالحة، في قلوب الذين يسمعون الكلمة ويفهمونها [المعنى اليوناني: suniemi]. كما تشرح لوقا 8: 15 معنى كلمة "يَفْهَمُ" قائلة:
لوقا 8: 15
" وَالَّذِي فِي الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ، هُوَ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ فَيَحْفَظُونَهَا فِي قَلْبٍ جَيِّدٍ صَالِحٍ، وَيُثْمِرُونَ بِالصَّبْرِ."

وكما قد نتذكر، لم يقدر النوع الأول من الناس على "فهم" أو استقبال الكلمة بسبب قساوة قلوبهم وصلابتها. وعلى النقيض، فالناس من النوع المثمر يفهمون الكلمة فيحفظونها في قلب جيد صالح. يمتلك هذا النوع من الناس ما افتقدته الأنواع الأخرى. ومن ثم، فعلى الرغم من أن قلوب الناس من النوع الأول قاسية، إلا أن القلوب هنا جيدة وصالحة. وكذلك، فعلى الرغم من أن الناس من النوع الثاني لم تكن لديها القدرة على الاحتمال وإنما كانوا يعثرون مع أول ظهور للضيق، إلا أن الناس هنا لا يستسلمون، فهم صابرون ("وَيُثْمِرُونَ بِالصَّبْرِ" كما يقول النص). وأخيراً، فعلى الرغم من أن كلمة الله قد خنقت بالعديد من الهموم والشهوات التي يضعها الناس من النوع الثالث في المرتبة الأولى، إلا أنها حفظت هنا في قلوب هؤلاء الناس، ولا تفقد مكانتها لأجل أي شيء آخر. هذا هو النوع المثمر. وكما قال المسيح في يوحنا 15:
يوحنا 15: 1- 2، 4- 5، 8، 16
" "أَنَا الْكَرْمَةُ الْحَقِيقِيَّةُ وَأَبِي الْكَرَّامُ. كُلُّ غُصْنٍ فِيَّ لاَ يَأْتِي بِثَمَرٍ يَنْزِعُهُ، وَكُلُّ مَا يَأْتِي بِثَمَرٍ يُنَقِّيهِ لِيَأْتِيَ بِثَمَرٍ أَكْثَرَ.... اُثْبُتُوا فِيَّ وَأَنَا فِيكُمْ. كَمَا أَنَّ الْغُصْنَ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ بِثَمَرٍ مِنْ ذَاتِهِ إِنْ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْكَرْمَةِ، كَذلِكَ أَنْتُمْ أَيْضًا إِنْ لَمْ تَثْبُتُوا فِيَّ. أَنَا الْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ الأَغْصَانُ. الَّذِي يَثْبُتُ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ هذَا يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ، لأَنَّكُمْ بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا.... بِهذَا يَتَمَجَّدُ أَبِي: أَنْ تَأْتُوا بِثَمَرٍ كَثِيرٍ فَتَكُونُونَ تَلاَمِيذِي.... لَيْسَ أَنْتُمُ اخْتَرْتُمُونِي بَلْ أَنَا اخْتَرْتُكُمْ، وَأَقَمْتُكُمْ لِتَذْهَبُوا وَتَأْتُوا بِثَمَرٍ، وَيَدُومَ ثَمَرُكُمْ، لِكَيْ يُعْطِيَكُمُ الآبُ كُلَّ مَا طَلَبْتُمْ بِاسْمِي."

ينقي الله كل غصن مثمر ليأتي بثمر أكثر. فكلما أثمر الإنسان، كلما تمجد الله.
6. نستخلص من هذا:

نستخلص من ذلك إذاً: قد تقال كلمة الله لأنواع متعددة من الناس. ومع هذا، تختلف النتائج باختلاف جودة القلوب التي تسمع كلمة الله. ومن ثم، سيرفضها البعض، بينما يقبلها آخرون حتى أول اضطهاد وسيقبلها آخرون ولكن سيضعونها في النهاية بالمرتبة الأخيرة واضعين قبلها الأشياء الأخرى (الهموم وغرور الغنى وشهوات سائر الأشياء)، وأخيراً سيحفظها آخرون في قلوب جيدة وصالحة فتثمر أكثر. لهذا السبب، قال يسوع في (لوقا 8: 18) بعدما أنهى تفسير المثل " فَانْظُرُوا كَيْفَ تَسْمَعُونَ". لا يكفي أن نسمع الكلمة، بل أيضاً كيف نسمعها، لأنه قد يسمع العديدين الكلمة ولكن سيثمر فقط هؤلاء من يسمعونها ويحفظونها في قلب جيد صالح. لعلنا نصير جميعنا من هذا النوع ونبقى هكذا.
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 05:45 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024