06 - 02 - 2018, 05:24 PM | رقم المشاركة : ( 931 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
الي متي أظل ثملاً ?! ـ القديس اشعياء الاسقيطي
الويل لي الويل لي، لأنني لم اتحرر بعد مما هو لجهنم، ان الذين يجتذبونني مازال لهم ثمارهم داخلي وجميع اعمالهم تتحرك في قلبي، والذين يطرحونني في النار مازالوا يشاغبون في جسدي آملين ان يصنعوا ثماراً، لم أتيقن بعد الي اي جهة يقودونني، والطريق اليميني لم يعد لي بعد، الي الآن لم اتحرر من القوات التي تمسكني في الهواء طالبة أن تحتجزني لسبب الأعمال الشريرة التي لهم فيّ، الي الآن لم أعاين مجئ الفادي ليخلصني منهم، لأن شرهم مازال يثمر في داخلي، الي الآن لم أجد دالة أمام الديان ولم يشهد لي بعد اني لست مستوجبا للموت، الي الآن لم انفصل عن الاشرار ….. الي متي اظل ثملاً دون ان اشرب خمراً ؟ فلا ابالي بما هو امامي ! ان قساوة قلبي قد اضعفت عيناي، سكر همومي اثقل رأسي، شرود ذهني جعلني أنسي حتي ساعة الظلمات، احتياجات الجسد قيدتني، اليأس دفعني الي ان اترك الطريق، لم يعد لي صديق يتكلم من أجلي، ليست لي هدية أتوجه بها الي رجال المدينة، فخبر سيئاتي يمنعهم من ان يتعرفوا عليّ، فان توسلت اليهم لا يلتفتون اليّ لانهم يرونني أنني لم أتوقف بعد عن فعل الشرور، وانني لست أتوسل اليهم بقلب مستقيم. اشواك خطاياي لم ينجرح لها قلبي بعد علي الدوام، ثقل تعدياتي لم اشعر بعد انه يرهقني، الي الآن لم أعرف تماماً قوة النار لانني اصارع كيلا اسقط فيها، ان صوتا واحدا يتردد في اذني، العذاب هو مصيري لانني حقا الي الآن ما طهرت قلبي، قد فاضت جراحاتي في جسدي ولكن نتانتها لم تقنعني بعد ان اطلب دواء، اخفي عن الناس الجراحات التي اصابتني بها سهام العدو، ولا اقوي ان احتمل حتي ينتزعها الطبيب مني ! هو يشير عليّ بضمادات اضعها علي جروحي ولكن ليست لدي شجاعة كافية لاحتمل آلامها الحارقة. الطبيب صالح لا يطالبني بأتعابه، لكن كسلي لا يسمح لي ان اذهب لاستشيره ! يأتي بنفسه اليّ ليتعهدني فيجدني استعمل اطعمة تزيد من تقيح جروحي ! يناشدني الا استعملها فيما بعد ولكن توبتي ليست صادقة ! يرسل اليّ اطعمته ويقول لي “كُل منها لكي تشفَي” لكن عاداتي الشريرة لا تدعني اتعاطاها ! اخيرا فانني لست اعرف ماذا افعل ! فابكوا جميعاً معي يا اخوتي ومعارفي، لكي تدركني معونة اعظم كثيراً مني، وتملك فيّ لتجعلني مستحقاً أن أكون له تلميذاً، ذاك الذي له القوة الي دهر الدهور آمين. |
||||
06 - 02 - 2018, 05:24 PM | رقم المشاركة : ( 932 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
بالمحبة لا بالخوف تصير ابنا لا عبدا ـ القديس اغسطينوس
عن الحكمة كلامنا, لا عن حكمة هذا العالم التي هي جهالة عند الله, بل عما هي حقا بنظره حكمة, الله هو كمال الحكمة, وحكمة الانسان عبادة الله. وتناقش الناس في الحكمة فقالوا انها علم الامور البشرية والالهية, بيد ان الكثيرين لم يسعوا اليها الا كسبا لمديح الناس لهم, وارادوها في حياتهم علما لا خلقا تأمر به الحكمة, فنالوا مجدا بشريا زائلا وعجزوا عن البلوغ الي نور الله, وما طلبوا الحكمة, مع انهم تظاهروا بالبحث عنها, ولو بحثوا عنها حقا لعاشوا وفقا لمبادئها, لكنهم شاؤوا التبجح بأقوالها فكانوا كلما ازدادوا بها تبجحا كلما ازدادوا عنها بعدا. اما الكتاب المقدس فانه يعلمهم انهم لن ينالوا مبتغاهم الا اذا رعوا ما كانوا يهملون“يا بني ان رغبت في الحكمة فاحفظ الوصايا فيهبها لك الرب”(سي 1: 33) ومن ذا الذي يحفظ البر ان لم يخف الرب القائل في موضع آخر ان من لا يتقي الله لا يدرك البر (اع 10 : 35), وبالتالي فان كان الرب لا يهب الحكمة سوي لمن يحفظ البر فمن لا يتقي الرب لا يتبرر, ثم يضيف “راس الحكمة مخافة الله”(سي 1: 16). وحين يتكلم اشعيا النبي عن مواهب الروح السبع يبدأ بالحكمة وينتهي بمخافة الله, منحدرا الينا ليعلمنا كيف نصعد اليه, بدأ حيث يجب عليك ان تصل, ثم وصل حيث يجب ان تبدأ, قائلا “وَيَحِلُّ عَلَيْهِ رُوحُ الرَّبِّ رُوحُ الْحِكْمَةِ وَالْفَهْمِ رُوحُ الْمَشُورَةِ وَالْقُوَّةِ رُوحُ الْمَعْرِفَةِ وَمَخَافَةِ الرَّبِّ.”(اش 11: 2). وكما ان النبي انحدر من الحكمة الي التقوي, معلما بقوة, عليك ان تصعد تدريجيا وبدون استكبار من التقوي الي الحكمة. المتواضع يتقي الله, وقلبه ينسحق بدموع التوبة والاعتراف, لا تخف البقاء في هذا القعر لان الله رتب في القلب المنسحق المتواضع الذي يرضي عنه مراقي اليه. وانحدر اشعيا علي سلم العلم من الحكمة الي تقوي الله ليحثك علي القيام باعمالك, لقد انحدر من مقرالسلام الابدي الي وادي الحزن الزمني كيلا تبقي حزينا باكيا متنهدا في توبتك, بل لتصعد من ذلك الوادي الي الجبل الروحي الي اورشليم المدينة المقدسة الابدية, وتفرح فرحا ابديا. وحين نصحك بالتزام الحكمة نورا للعقل, اضاف العقل ردا علي سائليه, بأن طريق الحكمة العقل, وطريق العقل المشورة, وطريق المشورة القوة, وطريق القوة المعرفة, وطريق المعرفة تقوي الله, وطريق تقوي الله مخافته, تتجه الطريق صاعدا من المخافة الي الحكمة لان “راس الحكمة مخافة الله” (سي 1: 16), من وادي الدموع الي جبل السلام. فاجعل التواضع والتقوي رأس حكمتك. اللهم في اري البداية, فلم اقنط من النهاية ؟ وفي الخوف, انما مخافتك رأس الحكمة, لقد بدأت أخاف, فعلي ان اصلح نفسي, واحذر اعدائي (اي خطاياي), وابدأ حياة باطنية, وأميت اعضائي علي هذه الأرض, مخافتك تجرح النفس, كما يجرح مبضع الطبيب جسم المريض, لينزع منه ما فسد فيه, فيبدو مثخنا جراحا, ويفوق ألم جرح يُداوي ألم جرح مهمل, ويعرف الانسان دواءه فيحزن حزنا يفوق حزنه علي الم يتلوه شفاء, املأ قلبي من مخافتك, ووجهه الي محبتك, واجعله ينسي أثر جرح مبضعك, لانك طبيب لا يُخلف جرحه اثرا, فليكن الخوف في, قبل ان تنقي المحبة الكاملة الخوف عني, اني لأومن وادرك اني سائرا بعيدا عنك, في جسمي هذا الفاسد الذي يثقل علي, بقدر ما ادنو من الوطن اصبو اليه بضعف الخوف في, خوف المسافرين قوي, وخوف القريبين ضعيف, والذين بلغوا غايتهم لا يخافون, اني اخاف ممن يقتلون الجسد, وبخاصة ممن يمكنه ان يلقي النفس والجسد في جهنم. الخوف نوعان: خوف سافل وخوف نقي, احدهما يخشي ان يفقد البر والآخر يخشي العقاب, الخوف السافل هو خوف من يخشي الاحتراق مع الشيطان, والخوف النقي هو خوف من يخشي عدم مرضاة الله, واين العظمة في ان يخشي الانسان العقاب ؟ تلك حالة العبد الخاطئ واللص الشرس, لا عظمة في ان يخشي الانسان العقاب, انما العظمة في ان يحب البر, وكل من يحب البر لا يخشي العقاب بل يخشي فقدان البر. اللص يخشي العقاب انما لا يخشي الاثم, انه لا يسرق حين لا يستطيع ان يسرق مع انه سارق !يسطو الذئب علي حظيرة الخراف ويحاول أن يدخل يدخل ويقتل ويفترس, وبما ان الرعاة يسهرون, والكلاب تنبح, فلا يستطيع ان يخطف او يقتل, انما يخرج ذئبا كما جاء ذئبا, ألأنه لم يستطع ان يسرق نعجة نقول “جاء ذئبا وعاد نعجة” ؟ لقد جاء ذئبا محتدما غاضبا, وعاد ذئبا مرتجفا فزعا, ومع ذلك فهو ذئب, غاضبا كان ام خائفا, لا خطف الفريسة ولا تخلي عن خبثه. ان كانت تلك هي حالك, فانك تفكر بالا يعذبك البر. الفرق بين خوفك وخوف اللص, هو ان اللص يخشي قوانين البشر فيسرق املا في ان يخدعها, وانت تخشي شرائع وعقاب من لا يسعك ان تخدعه, هب انك استطعت ان تغش … الا تغش ؟ المحبة لا تنتزع منك الشهوة انما الخوف وحده يكبتها, ان من قيده الخوف يظل ذئبا, تحول انت الي نعجة, ذاك صنعه الرب ببر منه لا منك, فان كان لك برك فاخش العقاب ولا تحب البر !!! اني اطرح عليك سؤالا, تفحص سؤالي المدوي, واجعل لك من نفسك سؤالا صامتا, لك اقول: “ان لم يرك الله حيث تعمل فهل تعمل اذا لم يكن يوم الدين من يقنعك بانك عملت شرا ؟” تأمل نفسك بنفسك اذ لا يسعك ان تجيب علي كل ما اقول, تأمل نفسك, أتفعل ؟ … ان فعلت كان ذلك خوفا من العقاب وليس حبا بالبر, ولم تكن علي شئ من المحبة, لانك تخاف كعبد, انه الخوف من الشر وليس الحب للخير. وبرغم ذلك يجب عليك ان تخاف خوفا يؤدي بك الي المحبة, ان خوفك هذا يجعلك تخاف من جهنم ويمنعك عن الخطيئة ويغمرك من كل جانب, ولا يدع فكرك الباطني الحر يريد الخطيئة, وبالتالي فالخوف هو كالحارس والمعلم في الشريعة, التي كان حرفها يهدده قبل ان تنجده النعمة, فليحفظك هذا الخوف من السوء, ولتدخل المحبة قلبك, اذ بقدر ما تكون فيه بقدر ذلك يخرج منه الخوف. وطالما ان الخوف يحفظك من السوء, فالمحبة تستأصل ما فيك من رغبة في الاثم, ولو استطعت ان تعمل دون ان يطول العقاب. عانق المحبة وادخل فيها, اقبلها تفاديا للخطأ, كف عن الخطيئة واقبل المحبة واحي حياة صالحة, ومتي دخلت في المحبة بدأ الخوف يخرج, وكلما ازددت ولوجا في المحبة ازداد الخوف تراجعا, ومتي دخلت بكليتك تلاشي الخوف “الْمَحَبَّةُ الْكَامِلَةُ تَطْرَحُ الْخَوْفَ إِلَى خَارِجٍ”(1يو 4: 18) للمحبة خوف نقي خاص بها يثبت الي جيل الاجيال. الرجل الصالح ولو استطاع ان يحفظ قول الله لما احزن عيني ابيه القائل له “اراك حين تخطأ فلن اعاقبك انما لست ارضي بك” والرجل الصالح يخشي ان يغيظ محبوبه بمعزل عن صرامة القاضي, لانه لو احب الآب حقا كما يحبه الآب لاعترف به ربا ولما عصا له امرا. هناك اناسا يخشون ان يعملوا شرا عن ضعف جسدي او نفسي وليس حبا بالخير, بل خوفا من ان يدينهم الناس, فيكفون عن شر الاعمال دون عاطل الافكار. اذا فكرت بامثالها وان لم تأت شرا ضد احد, تسئ كثيرا الي نفسك, وباثمك هذا تهلك نفسك. انت لا تؤذي الناس لانك جبان, لكن الله الذي يري خطيئتك يعاقبك علي افكارك. ان من لا يستطيع اللحم ان يحجب عنه ارادتنا, يري ما تريد, وبالتالي اذا كان قلبك لا يخشي سوي العقاب ثم سنحت لك الفرصة لارتكاب الخطيئة فلا تصير اذ ذاك خاطئا, بل يماط اللثام عما فيك من خطأ لتدرك ان ما خفي منك موجود, ولا لتعرف ان ما هو طبيعي قد انكشف. الارادة الاثيمة تحيا في العمل الذي لا يرجي عليه عقاب, اما حين تتأكد بأن العقاب ملازم للخطأ فهي تحيي في الخفاء وتود لو يسمح لها بان تعمل علي هواها. وتكتئب لانها لا تتسامح مع نفسها بما يحرمه الله, وهي لا تتمتع روحيا بما له من خير, بل تخشي جسديا الشر الذي يهددها به, وان كنت تخشي الله بسبب ما ينتظرك من عقاب فلست تحب من تخشاه هكذا, وعبثا تدعي التغلب علي الخطيئة ان كنت تكف عنها خوفا من العقاب, ان خفت من جهنم فلست تكره الخطيئة بل الاحتراق في جهنم, اما ان كرهت الخطيئة كرهت معها جهنم, أحب الله الصالح واخش عدله, ان احببت خفت من ان تغيظ المحب والمحبوب, واين تجد خوفا نقيا يفوق ما فيك يا من لا تفكر بامور الدنيا بل بما هو للرب وبما يرضيه ؟ ان لم يكن فيك حب فاحذر الهلاك, اما ان كنت تحب فاخش ان تغيظ بحبك. بالمحبة لا بالخوف تصير ابنا لا عبدا. ان ثابرت علي عمل الخير خوفا من الهلاك فلست من ابناء الله, حتي م تخشي العقاب ؟ الخوف عبد والمحبة حرة طليقة, والخوف هو عبد للمحبة, لا تدع الشيطان يسيطر علي قلبك برغم ان الخوف سباق في الدخول اليه ليحتفظ بمركز للمحبة, سيدته, التي سوف تدخل. اعمل خوفا من العقاب ان تعسر عليك ان تعمل حبا بالبر, لان السيدة سوف تأتي وسوف ينسحب العبد, لأن “الْمَحَبَّةُ الْكَامِلَةُ تَطْرَحُ الْخَوْفَ إِلَى خَارِجٍ”(1 يو 4: 18) ربي, تحاشيت الشر فصلحت نفسي, وراحت تتوق الي الخير فنشأ في الخوف النقي, انا ما ابتعدت عن الشر خوفا من جهنم وابليسها, بل خوفا من ان تبتعد انت عني, ليس خوفي من ابليس وجهنم خوفا نقيا, لانه لم يصدر عن حب لك, بل عن خوف من العقاب, وحين خفت ان تتخلي عني عانقتك وتمنيت ان استمتع بك. نفسي تلطخت بالاثم ولكنها تصبح جميلة اذا احبتك, الخوف النقي يعيد الي النفس جمالها, انت, يارب, دائم الجمال, لا قبح فيك ولا تغيير, لقد احببتنا يا دائم الجمال, حين كنا قبحا وفسادا, لقد احببتنا لا لتبعد عنك كل قبيح, بل لكي تغيره وتجعل منه انسانا جميلا, وكيف اصبح جميلا؟ الا متي احببتك يا دائم الجمال. كلما تعاظم فيً حبك عظم جمالي, لان محبتك جمال لنفسي. ربي اني لا اشبع من الحديث عن محبتك, وبقدر ما انا تائق اليها ارجو ان تنمو وتثبت في, وتطرد عنها الخوف ليستمر الخوف النقي الي جيل الاجيال, اني احتمل العالم وضيقاته وشكوكه وتجاربه. ربي ساعدني كيلا ابتعد عن الطريق, واجعلني استمسك بك, عن محبة, فلا اترك اعضاء مسيحك ولا اكفر بالايمان بل اتمجد بحضرتك, بايمان اثبت فيك الآن, ثم اتمتع بك, وجها لوجه, وقد اخذت مواهب الروح القدس عربونا علي ذلك. |
||||
06 - 02 - 2018, 05:25 PM | رقم المشاركة : ( 933 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
عطشان ولكنه جاء ليرويك ـ القديس اغسطينوس
“فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ السَّامِرَةِ لِتَسْتَقِيَ”(يو 4: 7) …… “جَاءَتِ امْرَأَة”(يو 4: 7). هذه المرأةُ هي صورةُ الكنيسةِ، لا المبررةِ بل التي يجبُ أن تُبررَ بعدُ. موضوعُ الكلامِ هو هذا: جاءتْ جاهلةً، فوجدتهُ، وأخذَ يسوعُ يُكلمُها. لِنرَ كيف ولماذا جاءتِ “جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ السَّامِرَةِ لِتَسْتَقِيَ مَاءً”(يو 4: 7) , لم يكُنِ السامريونَ يَختلطون مع اليهود. كانوا غرباءَ عنهم. هذه المرأةُ قادمةٌ من بينِ الغرباءِ، فهي لذلك صورةٌ للكنيسة. لأنَّ الكنيسةَ سوف تأتي من الأممِ الغريبةِ عن اليهود. لنسمعْ أنفسنا في كلامها، ولنتعرفْ على أنفسنا فيها، ولنحمدِ الله فيها من أجل أنفسِنا. هي صورةٌ لا حقيقية. كانت هي أولاً الصورةَ ثم تَمتِ الحقيقة: فلما آمنتْ به صارَتْ لنا رمزاً. “جاءَت تستقي”. جاءت بكل بساطةٍ تستقي ماءً كما اعتادَ الرجالُ أو النساءُ الاستقاءَ “فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «أَعْطِينِي لأَشْرَبَ» لأَنَّ تلاَمِيذَهُ كَانُوا قَدْ مَضَوْا إِلَى الْمَدِينَةِ لِيَبْتَاعُوا طَعَاماً. فَقَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ السَّامِرِيَّةُ: «كَيْفَ تَطْلُبُ مِنِّي لِتَشْرَبَ وَأَنْتَ يَهُودِيٌّ وَأَنَا امْرَأَةٌ سَامِرِيَّةٌ؟» لأَنَّ الْيَهُودَ لاَ يُعَامِلُونَ السَّامِرِيِّينَ” (يو 4: 7-9) إنها من الغرباء. ولم يكنِ اليهودُ يستخدمون حتى آنيتهم. كانَ مع المرأة دلوٌ تستقي به الماءَ، وقد دهِشَتْ لما سمعتْ يهودياً يطلبُ منها أن يشرب: فليستْ تلك عادةَ اليهود. أما هو الذي طلبَ أن يشربَ فقد كان عطِشاً إلى ايمانها. واسمعْ أيضاً ماذا يطلبُ إذ طلبَ أن يشربَ “أَجَابَ يَسُوعُ: «لَوْ كُنْتِ تَعْلَمِينَ عَطِيَّةَ اللَّهِ وَمَنْ هُوَ الَّذِي يَقُولُ لَكِ أَعْطِينِي لأَشْرَبَ لَطَلَبْتِ أَنْتِ مِنْهُ فَأَعْطَاكِ مَاءً حَيّاً»”(يو 4: 10) طلبَ أن يشربَ ووعدَ أن يسقيَ. هو محتاجٌ ويبحثُ عمن يَسقيهِ، ولكنه أيضاً غنيٌ ويبحثُ عمن يُغنيه فيُرويه بغناه. وظلَّ يتكلمُ مع المرأةِ بكلامٍ ضمنيِّ وغامضِ. حتى دخلَ شيئاً فشيئاً في قلبها، فأظهرَ لها نعمةَ الله. أي حديثٍ ألطفُ وأعذبُ من هذا الحديث ؟ “لَوْ كُنْتِ تَعْلَمِينَ عَطِيَّةَ اللَّهِ وَمَنْ هُوَ الَّذِي يَقُولُ لَكِ أَعْطِينِي لأَشْرَبَ لَطَلَبْتِ أَنْتِ مِنْهُ فَأَعْطَاكِ مَاءً حَيّاً”(يو 4: 10) وأي ماءٍ سوف يُعطي إلا الماءَ الذي قالَ فيه المزمورُ: “لأَنَّ عِنْدَكَ يَنْبُوعَ الْحَيَاةِ”(مز35: 10). وكيف يعطشُ هؤلاءِ الذين “يَرْوُونَ مِنْ دَسَمِ بَيْتِكَ”(مز36: 9). فقد وعدَ بالماءِ الغزير، والروحِ القدسِ الذي يروي، إلا أنها لم تفهمْ ولأنها لم تفهمْ أجابتْ فقالتْ: “يَا سَيِّدُ أَعْطِنِي هَذَا الْمَاءَ لِكَيْ لاَ أَعْطَشَ وَلاَ آتِيَ إِلَى هُنَا لأَسْتَقِيَ”(يو 4: 15) حاجتها اضطرَّتْها إلى العمل، ولكنَّ كسلها كان يرفضُ العملَ. ياليتها سمعتْ ما قالَ قبلاً: “تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ وَأَنَا أُرِيحُكُمْ”(مت 11: 28). هذا ما كانَ يقولهُ لها يسوعُ الآنَ حتى لا تتعبَ بعد الآن. أما هي فلم تفهَمْ |
||||
06 - 02 - 2018, 05:25 PM | رقم المشاركة : ( 934 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
أنت ساكن فى قلبى ـ القديس اغسطينوس كم كانت نفسى جزعة يا الهى وانا كحمل ضال حينما بحثت عنك بعيدا بينما كنت انت في داخلى وكم جذبتنى اليك نفسى تواصل البحث عنك بدوافع رغباتى بينما انت ساكن فى قلبى اخذت فى البحث عنك فى كل مكان فى الاحياء وفى الطرقات العامة من مدينة هذا العالم ولم اهتد ! نظرت من حولى فى قصور وجهل سألت رفاقى عن كنز مخبأ فى قلبى ! واطلقت لجميع حواسى العنان كرسل اوفياء لتبحث عنك وتطاردك وبقوتها لم تستطع ان تلحق بك وتدركك قد تملكتها الدهشة + + + كيف اقتحمت يا الهى قلبى ودخلته !؟ ربى … اشرح لعبدك الذى يتوسل الى رحمتك عرفه من اين له حياته ؟ الست انت مصدرها ؟ اليس بك وحدك يحيا الانسان ؟ الست ينبوع الحياة وواهبها ؟ انت خالقى وانا جُبلتك يداك تفضلتا وصنعتاني وكونتانى عاونتنى على ان اعرفك واعرف نفسى وعندما عرفت نفسى عرفتك ايضا لان معرفتى لك نور لسبيلى كما ان الشر حرمان من الخير فان الظلمة حرمان من النور + + + ربى … اشكرك لقد ملأت قلبى من انوارك الست انت “مَلِكُ الْمُلُوكِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ الَّذِي وَحْدَهُ لَهُ عَدَمُ الْمَوْتِ، سَاكِناً فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ، الَّذِي لَمْ يَرَهُ احَدٌ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَقْدِرُ انْ يَرَاهُ، الَّذِي لَهُ الْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ الأَبَدِيَّةُ.”(1تي 6: 15-16) الست انت الاله العظيم المتجسد الذى ظهر فى صورة بشرية غير مدركة ؟ “اَللَّهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ.” (يو 1: 18) كيف نعرف ما لم نكن قد رايناه ؟ “لَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الاِبْنَ إِلاَّ الآبُ وَلاَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الآبَ إِلاَّ الاِبْنُ”(مت 11: 27) ثالوث فى وحدانية تامة فى ذاته الكمال المطلق والمعرفة قلت لنفسى : يا لى من انسان شبيه بالعدم قد تجاسر وعرفك ! اليست هذه المعرفة انعاما منك يا الهى ؟ ليس من حمد يوفى نعمك ولا قدرة تصور جلالك عظيم وعظمتك لا تقارن لا بداية لك ولا نهاية مسبح وممجد الي الابد آمين |
||||
06 - 02 - 2018, 05:25 PM | رقم المشاركة : ( 935 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
حب العالم وحب الله ـ القديس اغسطينوس الحب نوعان: حب العالم وحب الله, ان كان فيك حب العالم فلا محل لحب الله. انف عنك حب العالم واقم فيك حب الله ليحل محله الحب الأفضل. ان كنت تحب العالم فلا تحبه بعد الآن, ان سلخت قلبك عن حب العالم أدخلت فيه حب الله وسكنت فيك المحبة التي لا يصدر عنها أدني شر. كل ما في العالم صنعه الله, اقم فيك روح الله تر كل شئ صالحا, ولكن الويل لك اذا أحببت المصنوع وتركت الصانع, انك تراه جميلا ولكن أجمل منه صانعه. ان الله لا يحرم عليك محبة هذا الجميل شرط الا تحبه سعيا وراء سعادتك وبحثا عنها بل حبا بالخالق وتمجيدا له. اذ صنع خطيب لعروسه خاتما فقبلته ثم فضلته عليه الا تكون زانية بحق خطيبها سبب تلك الهدية؟ انها تحب في خطيبها هديته, ولو قالت “حسبي هذا الخاتم ولا أريد ان أري وجه خطيبي” فمن تكون هذه العروس؟ ومن ذا الذي يقبل بهذا الجنون؟ ومن لا يعترف بزني هذه النفس؟ انك تحب الذهب حبا بالرجل وتحب الخاتم حبا بالزوج, فلو انك احببت الخاتم حبا بالزوج ثم استغنيت عن رؤية الزوج فكأني به يعطيك الخاتم لا ليرسخ اتحادكما بل لكي يستميلك عنه الي الخاتم. العروس يقدم لك تقدمة لكي تحبه في هديته, والزوج يعطي عهده ليكون ميثاق حب بينه وبين شريكه الآخر. ان الله قد اعطاك نعمه لكي تحبه في تلك النعم التي صنعها, وأكثر منها اعطاك, لقد اعطاك ذاته, ان تعلقت بخيور الله واهملت خالقها حبا بالعالم الا يعتبر حبك له زني؟ لست أقول لك “لا تتعلق بما للأرض” بل “احبه باعتدال”, حبا بالخالق, لئلا يزعجك حبه, فليكن حب استمتاع لا حب استعباد, ارع محبة الله في قلبك كي تحيا الي الابد كما هو الله الي الابد, لان الانسان يكون كما تكون محبته. ان احببت الارض كنت ارضا, وان أحببت الله ماذا أقول؟ أتصير الها؟ لا أتجاسر علي التلفظ بهذا الكلام تلقائيا, انما اسمع الكتاب القائل “أَنَا قُلْتُ إِنَّكُمْ آلِهَةٌ وَبَنُو الْعَلِيِّ كُلُّكُمْ”(مز 82: 6) وعليه ان أردت ان تكون الها وابن العلي فلا تحب العالم وما فيه, حب العالم اشبه بيد النفس التي ان امسكت شيئا استحال عليها الامساك بشئ آخر, ولكي تستطيع ان تمسك بما يقدم لها يجب عليها ان تتخلي عما معها, ان انت احببت العالم فلا يسعك ان تحب الله, لان يدك مشغولة, الله يقول لك “خذ مني ما اعطيك” اما انت فتأبي ان تتخلي عما بيدك, اذ ذاك لن يسعك ان تقبل ما اقدمه لك, وان لم تستطع بحكم الضرورة فاملك ولا تكن مملوكا, وخذ ولا تكن مأخوذا, كن سيدا علي ما لك ولا تكن عبدا له. اسألك وأرجوك وأحثك علي ان تحب الحياة الابدية نظير من يحبون الحياة الزمنية, تعلم ان تحب وان لا تحب, احب لسبب وامتنع عن الحب لسبب آخر, في العالم اشياء تحبها لكي تتقدم, واشياء أخري ان احببتها منعتك عن التقدم, لا تستمسك بالمانع ان لم تشأ العقاب, المانع هو ما تحب من هذه الأرض وهو بمثابة دبق الأجنحة الروحية اي الفضائل التي تطير بواسطتها الي الله, انك لا تريد ان يقبض احد عليك ومع ذلك تهوي الدبق! [1] اتظن انك لن تقع بين ايديهم اذا كان القبض عليك امرا سهلا؟ ان العالم يضيق عليك بقدر ما تحبه. عُد ايها الخاطئ الي قلبك واستمسك بمن خلقك, امكث معه لكي تستقر, واسترح فيه لكي تطمئن, اين تذهب في تلك الطرق الوعرة؟ الي أين؟ ان الخير الذي تهواه هو من الله, وبقدر ما يقودك الي الله بقدر ذلك هو صالح وطيب, لكن سوف يكون مرا علي من لم يقبل بصدق ما يأتيه من الله, انك تسير باستمرار علي تلك الطرق الضيقة والوعرة, فالي اين تريد ان تصل؟ لن تجد الراحة حيث تبحث عنها, اطلب مبتغاك خارجا عن هذا المكان, وهل تبحث عن السعادة في ديار الموت؟! لن تجدها, وهل تكون الحياة سعيدة حيث لا حياة؟! فخ هي حلاوة هذه الحياة, يضع اعدائي طُعمنا في الفخ حتي اذا ما استهوتني وقع رأسي في شرها واطبق علي الفخ, اثبت في يارب لئلا اقع في الفخ, ها اني اصرخ اليك قائلا: تباركت, رب, يا من لا تدعني فريسة لاسنانهم (مز 124: 6), لقد نجت نفسي كالدوري من شبكة الصيادين [2], نجت نفسي من شباك الصيادين لانك في (مز 124: 7) , وبما اني عصفور فلا قرار لي, لذلك ساعدني فاثبت قدمي علي الصخرة لئلا اقع في الفخ (1كو 10 : 4), امكث معي ونجني من المخاطر التي تحيق بي (لو 24 : 29) . يجب علي ان اهتف صارخا: بك نجوت, وعلي ان اطير اليك واظفر بك لاني نجوت, وبما انك في, فلم اعلق في الفخ. لقد نجوت لان الفخ انكسر, وكُسر الفخ لاني اعتمدت علي اسمك يا صانع السماء والأرض. ان الذين اسرهم جمال هذه الحياة واهانوك زالوا معها, اني لواثق من ان الفخ سيُكسر, وسوف تتلاشي حلاوة هذه الحياة بعد ان يكتمل شوطها في الوقت المحدد, انما يجب ان لا أتعلق بها لكي اتمكن من ان اثب واقول حين يتحطم الفخ : “لقد تمزقت الشبكة ونجوت انا”. |
||||
06 - 02 - 2018, 05:25 PM | رقم المشاركة : ( 936 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
كمال المحبة ـ القديس اغسطينوس
أيها الأخوةُ الأعزاء، لقد عرَّفَ الربُّ كمالَ المحبةِ التي بها يجبُ أن نحبَّ بعضنا بعضاً حينَ قال: ” لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ”(يو15: 13). وبناءً على ذلك قالَ القديسُ يوحنا نفسه في رسالتهِ: “بِهَذَا قَدْ عَرَفْنَا الْمَحَبَّةَ: أَنَّ ذَاكَ وَضَعَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، فَنَحْنُ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَضَعَ نُفُوسَنَا لأَجْلِ الإِخْوَةِ.” (1يو 3: 16) وهذا ما نقرأه في سفرِ أمثالِ سليمان: “إِذَا جَلَسْتَ تَأْكُلُ مَعَ مُتَسَلِّطٍ (= ذي سلطة) فَتَأَمَّلْ مَا هُوَ أَمَامَكَ تَأَمُّلاً”(أم 23: 1)، ثم اغمس بيدكَ واعلم أنك يجبُ أن تهيئَ طعاماً مثله… وما هي مائدةُ القويِّ إلا حيث يُؤخذُ جسدُ المسيحِ ودمُه الذي بذله من أجلنا؟ وما معنى أن نجلسَ إليها إلا أن نتقدَّمَ منها بتواضع؟ وما معنى“فَتَأَمَّلْ مَا هُوَ أَمَامَكَ تَأَمُّلاً”(أم 23: 1)، إلا أن تتأملَ في عظمِة هذه النعمة, وما معنى اغمس بيدكَ، واعلمْ أنك يجبُ أن تهيئَ طعاماً مثلَه، إلا ما قلته سابقاً: أي كما أنَّ المسيحَ بذلَ نفسَه في سبيلنا كذلك يجبُ أن نبذلَ نفسَنا في سبيل إخوتنا؟ قالَ القديسُ بطرسُ الرسول: ” الْمَسِيحَ أَيْضاً تَأَلَّمَ لأَجْلِنَا، تَارِكاً لَنَا مِثَالاً لِكَيْ تَتَّبِعُوا خُطُواتِهِ”(1بط 2: 21). هذا ما تعنيه العبارةُ هيئْ طعاماً مثلَه. هذا ما صنعه الشهداءُ الطوباويون بمحبتهم المضطرمة. وإذا أردنا ألا يكونَ إكرامُنا لهم عَبثاً، وأن نتقدمَ نحن أيضاً من الوليمةِ التي شبعوا منها على مائدةِ الرب، يجبُ أن نهيئَ أنفسنا كما هيأُوا هم أيضاً أنفسهم. لا نذكرهم على المائدة المقدسة كما نذكرُ سائرَ الراقدين في سلام، فنصلي من أجلهم، بل بالأحرى نسأُلهم أن يصلوا هم من أجلنا لنقتفي آثارهم. لأنهم هم تمموا المحبةَ التي قالَ فيها الربُّ إنه لا يمكنُ أن يكونَ محبةٌ أعظمُ منها. فقد هيأوا لإخوتهم مثلَ ما تناولوه من مائدة الرب. ولا أريدُ أن أقولَ بهذا الكلام إننا نقدرُ أن نكونَ شبيهين بالمسيح، حتى لو توصلنا إلى سفكِ الدمِ بالاستشهادِ من أجلِه. هو كان بوسعهِ أن يبذلَ نفسَه، وأن يستعيدها من جديد. أما نحن فلا نعيشُ بقدرِ ما نريد، ونموتُ حتى وإن لم نردْ. هو لما ماتَ أزالَ الموتَ بموتهِ، ونحن نُحرَّرُ من الموتِ بموتهِ. جسدُه لم يَرَ الفناء، وأما جسدُنا فبعدَ أن يَغشاه الفساد، يَلبَسُ اللافسادَ في نهايةِ الدهر. هو لم يكنْ بحاجةٍ إلينا لكي يخلصنا، وأما نحن فمن دونه لا نقدرُ أن نعملَ شيئاً. هو كانَ لنا الكرمةَ ونحن الأغصان، ونحن من دونه لا نقدرُ أن نجدَ الحياة. وأخيراً، ولوماتَ الإخوةُ عن الإخوة، فإنَّ الدمَ الذي يسفكه أي شهيدٍ لا يفيدُ لمغفرةِ خطايا الإخوة، وأما هو فقد فعلَ ذلك. وبذلك منحنا لا ما نقتدي به بل ما نشكرُه عليه. فعندما يبذلُ الشهداءُ دَمَهم في سبيلِ إخوتهم، فهذا حتى الآن سدادٌ بدلَ ما أخذوه من مائدةِ الرب. لُنحِبَّ إذاً بعضنا بعضاً كما أحبَّنا المسيحُ وبذلَ نفسَه من أجِلنا. |
||||
06 - 02 - 2018, 05:26 PM | رقم المشاركة : ( 937 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
موت الجسد وموت الروح ـ القديس اغسطينوس
1. يعلمنا الوحي الإلهي الذي سُمع الآن أن لا نخاف مما يخيف، وأن نخاف مما لا يخيف. فقد لاحظتم عند قراءة الإنجيل أن ربنا يسوع المسيح قبل موته لأجلنا يريد أن يجعلنا ثابتين، ناصحًا إيانا أن لا نخاف وأن نخاف، فقد قال “لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ وَلَكِنَّ النَّفْسَ لاَ يَقْدِرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهَا”(مت 10: 28) . انظروا في أي موضع ينصحنا بعدم الخوف، ولتنظروا في أي موضع ينصحنا بالخوف، “بَلْ خَافُوا بِالْحَرِيِّ مِنَ الَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يُهْلِكَ النَّفْسَ وَالْجَسَدَ كِلَيْهِمَا فِي جَهَنَّمَ”(مت 10: 28) لهذا فلتخف من عدم الخوف ! قد يبدوا أن الخوف حليف للجُبن، وأنه من صفات الضعيف لا القوي، ولكن انظروا ما يقوله الكتاب المقدس ” فِي مَخَافَةِ الرَّبِّ ثِقَةٌ شَدِيدَةٌ”(أم 14: 26). إذن فلتخف من عدم الخوف، أي نخاف بحكمة من عدم الخوف بكبرياء. إن الشهداء القديسين الذين بمناسبة تذكارهم المقدس نقرأ هذا الفصل من الإنجيل، لم يخافوا مما يخيف لأن في مخافتهم من الله لم يهابوا بشرًا. 2. لأنه ماذا يدعو الإنسان ليخاف من إنسان؟ وما هو هذا الذي به يهدد الإنسان شخصًا آخرًا مادام كليهما بشر؟ يهدد إنسان قائلاً: “سأقتلك” ولا يخاف لئلا يموت بعد تهديده وقبل أن ينفذه. يقول: “سأقتلك” من الذي يقول هذا؟ ولمن؟ أنني أسمع إثنين، واحد يهدد والآخر يفزع، أحدهما قوي والآخر ضعيف، مع أن كليهما فانيين. لماذا يفتخر ذلك المساوي له في الضعف من ناحية المجد؟ بسبب قوة جسده بعض الشيء؟! ليته يهدد بالموت مطمئنًا ذلك الذي لا يخاف من الموت، لكن إن كان يخاف من الذي يسبب به خوفًا للآخرين، عليه أن يفكر في نفسه مقارنًا نفسه بذاك الذي يهدده. ليته يدرك تشابهه لذاك الذي يهدده وبذلك يطلبان معًا رحمة الله. لأنه ليس إلا مجرد إنسان ومع ذلك يهدد إنسانًا آخرًا وهو مخلوق ويهدد مخلوقًا آخرًا، إلا أنه واحد متكبر في عينيّ الله، والآخر يهرب ملتجأ إلى الخالق ذاته. 3. إذن ليقل الشهيد وهو واقف كإنسان قبالة إنسان آخر، “أنني لا أخاف لأنني أخاف”. إنك لا تستطيع أن تنفذ وعيدك بدون سماح من الله، وأما ما يهدد به الله فلا يستطيع أحد أن يمنعه من تنفيذه. بماذا تهدد وماذا تستطيع أن تفعل إن سُمح لك به؟ إن سطوتك تمتد إلى الجسد، وأما الروح ففي مأمن منك. إنك لا تستطيع أن تقتل ما لا تراه. فلأنك منظور تهدد ما هو منظر فيّ، ولكن لكلينا خالق غير منظور ينبغي أن نخافه، فهو الذي خلق كل ما هو منظور وما هو غير منظور في الإنسان. لقد خلقه مرئيًا من الأرض، وبنسمته التي نفخها منه خلق الروح غير المنظورة. لذلك فإن الجوهر غير المرئي الذي هو الروح السامية عن الأرض (الجسد) المنحطة، لا يخاف عندما تهاجم الأرض. إنك تستطيع أن تقتل المسكن، ولكن هل تستطيع أن تقتل الساكن فيه؟ عندما تنحل القيود يهرب ذلك الذي كان قبلاً مقيدًا ويتوَّج خفية. إذن لماذا تتوعدني يا من تعجز عن صنع أي شيء لروحي؟ فبإطلاقك لذلك الذي لا تستطيع أن تصنع له شيئًا سيقوم أيضًا ذلك الذي لك سلطان عليه. لأنه بإطلاق الروح سيقوم الجسد أيضًا ويعود مرة أخرى إلى ساكنه، وعندئذ لا يموت بعد بل سيبقى إلى الأبد. اُنظر (إذ أتكلم على لسان الشهيد)، اُنظر فإنني لا أخاف وعيدك حتى بالنسبة لجسدي. حقًا إن جسدي يخضع لسلطانك، ولكن حتى شعر رأسي فمُحصى بواسطة خالقي (مت 10 : 30). لماذا أخاف من فقدان جسدي أنا الذي لا يمكن أن أفقد ولا شعرة واحدة (لو 21 : 18) ؟ كيف لا يهتم بجسدي ذلك الذي يعرف جيدًا حتى أموري الصغيرة؟ هذا الجسد الذي يُجرح أو يُذبح سيكون ترابًا لوقت ما، لكنه بعد ذلك سيصير غير قابل للموت إلى الأبد. ولكن لمن يكون هذا؟ من الذي يبعث جسده للحياة الأبدية حتى ولو ذبح أو هلك أو اِندثر بين الرياح؟ لمن سيعود؟ لذاك الذي لم يخف من أن يضع حياته، حيث لا يخاف من قتل جسده. 4. فإنه يقال أيها الإخوة عن الروح أنها غير قابلة للموت (خالدة)، وكونها غير قابلة للموت طبقًا لطبيعة خاصة بها، فهي نوع من الحياة له القدرة على إعطاء حياة للجسد بوجودها فيه. فبالروح يحيا الجسد. هذه الحياة لا يمكن أن تموت، ولذلك فالروح غير قابلة للموت. لماذا أقول “طبقا لطبيعة خاصة بها” ؟ لتسمع السبب، هناك خلود حقيقي، الخلود الذي ليس فيه تغيير البتة، الذي قال عنه الرسول متحدثًا عن الله “الَّذِي وَحْدَهُ لَهُ عَدَمُ الْمَوْتِ، سَاكِناً فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ، الَّذِي لَمْ يَرَهُ احَدٌ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَقْدِرُ انْ يَرَاهُ، الَّذِي لَهُ الْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ الأَبَدِيَّةُ. امِينَ”( 1 تي 6: 16)، فان كان الله وحده له عدم الموت، لذلك ينبغي أن تكون الروح قابلة للموت. انظروا إذن لماذا قلت أن الروح غير قابلة للموت بطريقة خاصة به، لأنه حقيقة يمكن للروح أيضًا أن تموت. لتفهموا هذا أيها الأحباء وبذا لا تبقى بعد صعوبة. إنني أتجاسر قائلاً: أنه يمكن أن تموت الروح كما يمكن أن تقتل. ومع هذا فهي بلا شك خالدة (غير قابلة للموت). انظروا فإنني أجرؤ قائلاً: أنها غير قابلة للموت، وفي نفس الوقت يمكن أن تُقتل، وبذلك قلت أن هناك نوع من الخلود، عدم تغيير البتة، وهذا يخص الله وحده الذي قيل عنه “الَّذِي وَحْدَهُ لَهُ عَدَمُ الْمَوْتِ” ( 1 تي 6: 16) ، لأنه إن كان لا يمكن أن تقتل الروح فكيف يقول الرب عندما يريدنا أن نخاف “خَافُوا بِالْحَرِيِّ مِنَ الَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يُهْلِكَ النَّفْسَ وَالْجَسَدَ كِلَيْهِمَا فِي جَهَنَّمَ”(مت 10: 28). 5. بذلك ثبَّت المشكلة ولم أحلها. لقد برهنت على أن الروح يمكن أن تهلك. إن الإنجيل لا يمكن أن يقاوم إلا بروح شريرة؟؟. هوذا قد خطر لي هنا شيئًا وجاء إلى فكري حتى أتحدث به. الحياة لا يمكن ان تقاوم إلا بروح ميتة، الإنجيل هو الحياة، وعدم الورع وقلة الإيمان هما موت الروح. انظروا فإنه يمكن أن تموت ومع ذلك فهي غير قابلة للموت (خالدة) إذن كيف هي خالدة؟ لأنها هي دائمًا نوع من الحياة لا يمكن أن ينتهي أبدًا. وكيف تموت؟ ليس بإبطال كونها حياة بل فقدانها حياتها. لأن الروح هي حياة لشيء آخر، كما أن لها حياة خاصة بها. تأملوا نظام المخلوقات. فالروح حياة الجسد والله حياة الروح. ما دامت الحياة أي الروح حالَّة في الجسد فإن الجسد لا يموت، هكذا ينبغي لحياة الروح أي الله أن يكون فيها حتى لا تموت. كيف يموت الجسد بانفصال الروح عنه، أقول بانفصال الروح عنه يموت الجسد ويبقى مجرد جثة. هذا الذي منذ قليل كان مشتهى، وقد صار الآن موضوع احتقار. لا زالت فيه أعضائه المختلفة، الأعين والأذان، ولكن هذه ليست إلا نوافذ للمنزل، وأما ساكنه فقد رحل. إن الذي يندب الميت يصرخ باطلاً على نوافذ المنزل، مع أنه ليس بالداخل من يسمع. بكم يتفوه الباكي عن محبته الغبية، كم من الذكريات يحشد بها عقله، بأي حزن جنوني يتحدث كما لو كان يتكلم مع شخص يُدرك ما يفعله، بينما لم يعد بعد بالحقيقة هناك. إنه يعدد صفاته الحميدة وعلامات فضله عليه، “أنت الذي أعطيتني هذا، وفعلت معي هذا وذاك”. أنت الذي فعلت كذا وكذا، يا عزيزي الذي تحبني لكي إن شئت فلتنظر ولتفهم مقاومًا جنون حزنك، فإنه قد رحل الذي كان يحبك، فعبثًا يسمع فرغاتك المنزل الذي لا يمكن أن تجده فيه قاطنًا. 6. لنرجع إلى الموضوع الذي كنت أتحدث عنه منذ برهة. الجسد يموت لماذا؟ لأنه قد رحلت حياته التي هي الروح. أيضًا إذا كان الجسد حيًا والإنسان شريرًا، غير مؤمن، عنيد في الإيمان، لا يقبل إرشادًا، فإنه بينما يكون الجسد في هذه الحالة حيًا إلا أن الروح التي يحيا بها الجسد تكون ميته. الروح شيء عظيم هكذا بأن في قدرتها أن تعطي حياة للجسد حتى ولو كانت ميتة. أقول أنها شيء عظيم هكذا، أنها مخلوق رائع هكذا، بأن في قدرتها أن تحيي الجسد حتى وإن كانت ميتة في ذاتها. فروح الشرير، غير المؤمن، والمستهتر ميتة، ومع أنها ميتة فإن بها يحيا الجسد. لذلك فهي كائنة في الجسد تدفع الأيدي للعمل، والأقدام للسير، وتوجه العين للنظر، والآذان للسمع، وتميز بين الأذواق، وتتجنب الآلام، وتسعى وراء المسرات. هذه جميعها علامات حياة الجسد، ولكنها نتيجة وجود الروح. فإن حق لي أن أسأل الجسد عما إذا كان حيًا فسيجيبني: أنك تراني أسير وتسمعني أتكلم وتعلم أن لي ما أهدف إليه وما أمقته، ومع هذا أفلا تفهم أن الجسد حيّ؟ إذن اِفهم أن الجسد الحي بهذه الأعمال التي للروح. إنني أسأل الروح أيضًا عما إذا كانت حية؟ إن لها أعمالها المناسبة لها التي تعلق عن حياتها الأقدام تسير. إنني أفهم بذلك أن الجسد حيّ، ولكن بوجود الروح فيه. والآن أسأل هل الروح حية. إن هذه الأقدام تسير (لو اقتصرنا الحديث عن هذه الحركة فقط)، إنني أسأل كلا من الجسد والروح بخصوص حياتهما. الأقدام تسير، بهذا أفهم أن الجسد حيّ. لكن إلى أي تسير الأقدام؟ لقد قيل إلى الزنا. إذن النفس ميتة. لأجل هذا قال الإنجيل “وَأَمَّا الْمُتَنَعِّمَةُ فَقَدْ مَاتَتْ وَهِيَ حَيَّةٌ” (1 تي 5: 6). وإذا الفرق بين “التنعم” والزنا كبير، فكيف إذا يمكن للنفس التي قيل عنها أنها ميتة بالتنعم أن تحيا في الزنا؟ إنها بالتأكيد ميتة. إنها ميتة ولو لم تكن في حالة الزنا. إنني أسمع إنسان يقول أن الجسد حيّ لأن اللسان لا يستطيع أن يحرك ذاته في الفم بل بحركاته المختلفة ينطق بأصوات واضحة. أليس هناك قاطن إذن وموسيقار لهذه الآلة يستعمل اللسان. إنني أفهمه جيدًا. الجسد يتكلم هكذا فهو حيّ. ولكنني أسأل هل الروح حيّة أيضًا؟ هوذا الجسد يتكلم وبذلك فهو حيّ، ولكن بماذا يتكلم؟ كما قلت عن الأقدام أنها تسير وبذلك فإن الجسد حيّ. وعندئذ سألت أين تسير هذه الأقدام؟ حتى أفهم عما إذا كانت النفس حيّة أيضًا، هكذا عندما أسمع إنسانًا يتكلم أعلم. أن الجسد حيّ، فأسأل أيضًا بماذا يتكلم حتى أعلم إن كانت النفس حيّة أيضًا. إنه يتكلم بالكذب. إن كان كذلك فالنفس ميتة. كيف نبرهن على هذا؟ لنسأل الحق نفسه الذي يقول: “الفم الكاذب يقتل النفس”(حك 1: 11). إنني أسأل: لماذا ماتت النفس؟ أسأل كما سألت الآن لماذا مات الجسد؟ لأنه قد رحلت حياته أي النفس. لماذا ماتت النفس لأن الله حياتها قد تركها. 7. بعد هذا الشرح المختصر نعلم وندرك حقًا أن الجسد ميت بدون الروح وأن الروح ميتة بدون الله، كل إنسان بدون الله له روح ميت. إنك تنوح على الميت فلتنح بالأحرى على الخاطئ، ولتندب بالأحرى الشرير غير المؤمن، أنه مكتوب “النوح على الميت سبعة ايام و النوح على الاحمق و المنافق جميع ايام حياته”(سي 22: 13). ماذا؟ أليس فيك حنوًا مسيحيًا فتنوح على جسد قد تركته الروح ولا تنوح على الروح التي انفصلت عن الله. إذ يتذكر الشهيد هذا، فليجيب الذي يتوعده “لماذا تجبرني على إنكار المسيح أتريد أن ترغمني على إنكار الحق؟ إن لم أفعل هذا فماذا أنت فاعل؟ أنك تهاجم جسدي حتى تتركه الروح، ولكن روحي هذه نفسها لها الجسد، من أجل الروح فقط. إنها ليست غبية بهذا المقدار وجاهلة. إنك تريد أن تجرح جسدي، ولكن هل تريد بتخويفك إياي بجرح جسدي وانفصال الروح منه أنني أقتل روحي فينفصل الله منها؟ ” لا تخف إذًا أيها الشهيد من سيف مضطهدك، بل لتخف فقط من لسانك، لئلا تضطهد نفسك وتهلك روحك لا جسدك، لتخف على روحك لئلا تموت في نار جهنم. 8. لذلك قال الرب “الَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يُهْلِكَ النَّفْسَ وَالْجَسَدَ كِلَيْهِمَا فِي جَهَنَّمَ”(مت 10: 28)، كيف هذا؟ هل سيحترق جسد الشرير وروحه عندما يُلقى في جهنم. سيكون العقاب الأبدي هو موت الجسد، ستكون الغربة عن الله هي موت الروح. إذن أتريد أن تعلم ما هو موت الروح. لتفهم قول النبي “الْمُنَافِقُ …. لاَ يَرَى جَلاَلَ الرَّبِّ”(إش 26: 10). إذن فلتخف الروح من موتها الخاص بها، ولا تخف من موت جسدها، لأنه إن خافت موتها وعاشت في إلهها بعدم إخطائها إليه ورفضها إياه، فإنها ستكون مستحقة في النهاية لأخذ جسدها مرة أخرى، لا في عقاب أبدي كالأشرار، بل في الحياة الأبدية مثل الأبرار، بالخوف من هذا الموت وبحب تلك الحياة. أهَّل الشهداء أنفسهم للتويج بواسطة الله، على رجاء مواعيد الله، محتقرين تهديدات المضطهدين، وبذلك تركوا لنا تبجيلاً لهذه المقدسات. |
||||
06 - 02 - 2018, 05:26 PM | رقم المشاركة : ( 938 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
خدعتني نفسي ـ القديس اغسطينوس عظيم أنت يا ربي قوي وقدير خلقت فابدعت بنسمة منك … صار التراب نفسا حية رحيم على خليقتك عادل في مجازاتك + + + خدعتني نفسي وقالت: “انت غني عن الهك” وتجاهلت أني مسكين …. أعمى …. عريان …. بائس …. بلا حنو ولا شفقة وغررت بي نفسي, فادعيت الحكمة وحاولت كبح شهواتي جمحت …. ملكني كبريائي وتشامخت فابتعدت عنك وسرت في طريقي وحدي فسقطت حينئذ ادركت ضعفي واعترفت بتفاهتي وصرخت…… فمددت لي يدك وانتشلتني + + + الخير من طبيعتك اما الشر فمن صنع البشر كل ما أعطيتني من مواهب فهي من إحساناتك فلا أجعلها تمجدني بل تمجدك فبأي شئ يتمجد الانسان ؟! أبالشر الذي يفعله ؟! أم بالخير الذي لم يصنعه ؟! + + + إلهي …. لك وحد ينبغي المجد والكرامة من يقبل تمجيدا من انسان فلن يسانده أمام العادل الديان لا تدعني أتمجد ! فالمجد لك وحدك + + + إلهي …. امتدت رحمتك ومحبتك الى كل الأرض أفلا تترفق على ما جبلته يداك ؟ أشركتنا في أمجادك أفضت علينا من نعمك واحساناتك أشبعت الفقراء من غنى محبتك ها نحن المعوزين من أولادك خراف قطيعك الصغير إفتح لنا أبوابك, ليدخل الفقراء الذين أحببتهم ليروا ظمأهم من ينابيع مائدتك ويمجدونك من يفتقر الى غناك تغنيه من يتعالى عليك بعد الخيرات ؟ + + + إلهي …. اعترف لك بأني فساد ظل الموت ظلام داكن أرض الجحود والنكران تربة لا تنبت الا الخزي والعار ثمارها الخطية والموت + + + إلهي …. أغضبتك …. وعفوت !! أخطأت إليك …. وغفرت !! تعديت وصاياك …. وتسامحت !! كنت على حافة الهاوية …. ولنجدتي أسرعت كم من مرة حطمت شباك الخطاة وقضيت على أسباب الخطية وبواعثها ولولا سهرك ورعايتك لأهلكتني شروري + + + أحاطت بي سهام الشر وكنت أنت الدرع الواقي فارتد كل سهم وانكسر آمين |
||||
06 - 02 - 2018, 05:27 PM | رقم المشاركة : ( 939 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
لاجلك تألم – القديس اغسطينوس حين أتي الرب إلي العالم ، أتي متنكراً ، وظهر ضعيفاً بالجسد ، وهو القوي في ذاته. ولزم أن يكون منظوراً كيلا يعرفوه ، ومحتقراً لكي يقتلوه. سني مجده كامن في لاهوته ، ولاهوته محجوب في جسده: “لأَنْ لَوْ عَرَفُوا لَمَا صَلَبُوا رَبَّ الْمَجْدِ”(1كو 2: 8). وسار بين اليهود ، مجهولاً بين أعدائه ، يصنع العجائب ويحتمل الغرائب حتى علقّ على الخشبة. يوم تألم المسيح ، لأجلك تألم. قال بطرس الرسول: “فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضاً تَأَلَّمَ لأَجْلِنَا، تَارِكاًلَنَا مِثَالاً لِكَيْ تَتَّبِعُوا خُطُواتِهِ”(1بط 2: 21). لقد تألم فعلمك الألم وقلَّ ما يفعل الكلام بلا مثل. شتمه اليهود وهو معلَّق على الصليب: بمسامير قاسية كان معلقاً دون أن يفقد عذوبته. واحتدموا غيظاً ضده وداروا حوله مجدفين كالمجانين ، حول طبيب ماهر. وكان يداوي على صليبه قائلاً:” اغْفِرْ لَهُمْ لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ “(لو34:23). وكان يسأل وهو معلّق: ولم ينزل عن صليبه لأنه كان يداوي المجانين. أسمع: أنت مسيحي وعضو للمسيح ـ فكرّ بمن أنت وبالثمن الذي به اشتريت. ابتلعت الحياة الأبدية الموت وشاءت أن تموت في ما هو لك ، لا في ما لها وأخذت منك إمكانية الموت عنك. ومنك أخذت الجسد ولكن بخلاف ما يأخذه الناس لقد كنت حقاً فيها ساعة قالت “نَفْسِي حَزِينَةٌ جِدّاً حَتَّى الْمَوْتِ.”(مت 38:26). إن الذي جاء ليموت لم يخش الموت ، وقد كان بوسعه أن يبذل نفسه ويأخذها أيضاً . إن الأعضاء كانوا يتكلمون في الرأس والرأس يتكلم لأجل الأعضاء. لقد جعلك المسيح جميلاً بفضل ما وصل إليه من القبح لو أنه رفض أن يكون قبيحاً لما كنت استعدت الجمال الذي فقدته. على الصليب لم يكن له شكل: لكن قبحه كان لك جمالاً. تمسك في حياتك هذه بالمسيح ، الذي لا جمال له ؛ لأنه لم يرتفع على الصليب ليفدي نفسه من أرتفع على الصليب دون أن يكون عليه ذنب. وليكن صليبه فداءّ لنفسك لتضع فوقه كل ما أتيت من شر وتتمكن من أن تتبرر بقيامته. كان ثمن فدائك مخفياً في جسد المسيح كما في محفظ فتمزقت المحفظة بالآلام. علق المسيح ، فسرّ الكافر. وطعنه أحد جلاديه بحربته فأفاض الفادى ثمن فدائك. على المسيح الفادى أن ينشد نشيد الظفر ، وعلى يهوذا الخائن إن يكتئب وعلى اليهودي الذي أعطي ثلاثين قطعة من النقود أن يخجل. يهوذا باع واليهودي اشتري فأتيا شراً . وبالحكم عليهما هلكا . بائعاً وشارياً. الواحد باع والآخر اشتري: يا للتجارة الخاسرة. لا هذا أخذ المال ولا ذاك المسيح. أما أنت أيها المسيحي فأفرح : لقد ربحت من تجارة أعدائك فأخذت ما باع الأول وما أشتري الثاني. نقرأ باحتفال قصة آلام من غفر بدمه ذنوبنا. فنتذكرها كلياً في تلك العبادة السنوية فينمو إيماننا نمواً واضحاً ساعة نمارسها على صعيد شعبي, تنازل ربنا وقدم لنا مثالاً في الصبر. ما أحتمله من آلام لخلاصنا كي نفيد من هذه الحياة الحاضرة حتى إذا طلب منه شيئاً إكراماً لإنجيله فلا يحق لنا أن نرفض آلامه. وطال ما أنه لم يقبل شيئاً مكرهاً في جسده المائت بل قبله حراً ، وباختياره يحق لنا أن نعتقد بأنه شاء أن يعطينا درساً في كل مراحل آلامه التي وصلت إلينا مكتوبة. وكأني به حين سيق للصلب حاملاً صليبه بنفسه يرمز إلي العفةّ التي يجب أن يتحلى بها كل من أراد أن يتبعه وأشار إلي هذا أيضاً بكلامه حين قال: “إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي”(مت 16: 24). كل من ضبط نفسه حمل نوعاً ما صليبه ، ومن خلال صلبه وعذابه على الجلجثة أشار إلي مغفرة الخطايا التي قيل عنها في المزمور:“لأَنَّ آثَامِي قَدْ طَمَتْ فَوْقَ رَأْسِي.”(مز 38: 4). وباللصين اللذين صلبا عن يمينه ويساره أشار إلي العذابات التي يجب أن يتحملها القائمون عن يمينه. والقائمون عن يساره بحيث يقول للذين عن يمينه: “طُوبَى لِلْمَطْرُودِينَ مِنْ أَجْلِ الْبِرِّ”(مت 5: 10) وللذين على يساره:“إِنْ سَلَّمْتُ جَسَدِي حَتَّى أَحْتَرِقَ وَلَكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ فَلاَ أَنْتَفِعُ شَيْئاً.”(1كو3:13). ويشير بالكتابة التي تقول في أعلي الصليب: “مَلِكُ الْيَهُودِ”(مر 15: 26) إلي أن قاتليه لن يتمكنوا من الهرب من سلطة ذاك الذي أوضح لهم جلياً بأعماله ما له من سلطان يجب الاعتراف به. ولهذا ينشد المزمور: “فَقَدْ مَسَحْتُ مَلِكِي عَلَى صِهْيَوْنَ جَبَلِ قُدْسِي”(مز6:2) ويستدل من اقتراح رؤساء اليهود على بيلاطس بالاّ يكتب(ملك اليهود) بل يزعم بأنه ملك اليهود أن بيلاطس الذي رفض اقتراحهم هذا رمز للزيتونة. البرية المغروسة محل الأغصان المنكسرة لكونه وثنياً . ويعتبر كلامه هذا بمثابة اعتراف الشعوب الذين قال عنهم الرب بحق:“إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ” (مت43:21). ومع ذلك فليس ملكاً لليهود: الجذع ، هو الذي يحمل الزيتونة وليست الزيتونة هي التي تحمل الجذع. ومع أن تلك الأغصان قد تكسرّت في الكفر فلم يرذل الله شعبه الذي عرفه سابقاً. ومع أن أبناء الملكوت الذين رفضوا ابن الله ملكاً عليهم يذهبون إلي الظلمات الخارجية فكثيرون يأتون من المشرق والمغرب ويستريحون ، لا مع أفلاطون وشيشرون بل مع إبراهيم واسحق ويعقوب في ملكوت السموات. كتب بيلاطوس: “مَلِكُ الْيَهُودِ”(مر 15: 26) لا ملك اليونان والرومان وإن يكن مزمعاً أن يملك عليهم. وما كتب قد كتب . ولم يغّير طلبُ الكفرة ما تنبأت به المزامير منذ القديم لا تفسد لداود كتابه. إن الشعوب بأسرها آمنت بملك اليهود ومع أنه ملك اليهود فإنه يملك على جميع الشعوب لقد كان بإمكان ذلك الجذع ساعة طعمتّ فيه الزيتونة أن يحولها إليه إنما لم يكن بوسعه أن ينزع عنها اسم الزيتونة. وإن الجنود الذين اقتسموا ثيابه يمثلون قارات العالم الخمس حيث يجب أن تنشر تعاليمه. والقميص ذو النسج الواحد ، الذي اقترعوا عليه ولم يقتسموة ، يشير بوضوح إلي أن الأسرار المنظورة . وإن تكن على مثال ثياب المسيح جديرة بأن يقبلها الجميع أبراراً كانوا أم أشراراً أما الإيمان الصادق الذي يعمل بالمحبة ونقاوة الوحدة . طال ما أن محبة الله قد أفيضت في قلوبنا بالروح القدس الذي أعطيناه فليس من نصيب الكل بل تمنحه النعمة الخفية بقرار خاص. ولذلك قال بطرس لسيمون الذي قبل العماد دون النعمة:“لَيْسَ لَكَ نَصِيبٌ وَلاَ قُرْعَةٌ فِي هَذَا الأَمْرِ”(أع21:8). وكإنسان محب أوصي ، وهو على صليبه ، بأمه تلميذه الحبيب. وقبل أن تأتي ساعته حوّل الماء خمراً وقال لتك الأم بالذات: “مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ! لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ”(يو 2: 4) لم يأخذ من مريم ما له كإله كما أخذ منها ما علّق على الصليب. وإذا قال: “أَنَا عَطْشَانُ”(يو 19: 28) ، كان يبحث عن الإيمان لدي خاصته. وإذا جاء إلي خاصته ولم تقبله خاصته قدّموا له مرارة الخل على اسفنجة بدلاً من عذوبة الإيمان. لا يجوز لنا أن نشبه الأقوياء بالأسفنجة بل المنتفخين كبراً ؛ ولا يجوز أن نشبه بها المستسلمين إلي إيمان مستقيم بل المغفلين على أنفسهم تحت وطأة مداخلات الشرير ومكائده. أكيد بأن ذاك الشراب كان يحتوي على الحنظل ، تلك النبته الوضيعة التي تلتصق بالصخر بواسطة جذر لها قوي . وأتخذ ذاك الإثم في ذلك الشعب ترويضاً للنفس بالندامة وحفظاً لها بعيداً عنه. إن الذي شرب المم ممزوجاً بالخل كان يميزّ بينهما حين صلي من أجلهم على الصليب بشهادة الإنجيلي قائلاً: “يَا أَبَتَاهُ اغْفِرْ لَهُمْ لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ”(لو 23: 34). وحين قال: لقد تم كل شيء وأحنى رأسه وأسلم الروح وأشار إلي أنه لا يموت بقوة حتمية بل بقدرته الذاتية تحقيقاً للنبوءات عنه. وهذا أيضاً قد كتب فيه:“وَفِي عَطَشِي يَسْقُونَنِي خَلاًّ”(مز 69: 21) كمن له سلطان أن يبذل نفسه وفقاً لما أكده هو ذاته (يو 6 : 51) (يو 10 : 18) لقد اسلم الروح وحنى رأسه ليشهد للتواضع لأن قيامته سوف تتم مرفوع الرأس. وأعلن ذاك الإنجيل أيضاً إنهم لما رأوه مات لم يكسروا بل كسروا سوق المصلوبين الآخرين لتتحقق نبوءات الفصح اليهودي القائلة بالاّ يكسر عظم من حمل الفصح. وذاك الجنب المفتوح بالحربة وقد جري منه دم وماء كان رمزاً للأسرار التي تكونت الكنيسة منها كما استلت حواء من جنب أدم أصل الجنس البشري كله وهو نائم. وليوسف ونيقوديموس اللذين دفناه كما لكثيرين سواهما من الناس معان ورموز: فيوسف يعني التقدم ونيقوديموس لفظة يونانية مركبة من شقين: نصر وشعب. وأي شعب أخصب من موت القائل: إن حبة الحنطة إن لم تمت تبقي مفردة وإن ماتت تأتي بثمار كثيرة. ومن الذي ينتصر بالموت على مضطهديه سوي ذاك الذي سوف يدينهم بقيامته؟ |
||||
06 - 02 - 2018, 05:27 PM | رقم المشاركة : ( 940 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
التجديف علي الروح القدس ـ القديس اغسطينوس أولا: المسيح ليس ببعلزبول رئيس الشياطين : نطق السيد المسيح بالكلمات السابقة ليكشف لهم باعترافهم، أنهم قد اختاروا الانتماء إلى مملكة الشيطان بعدم إيمانهم به. فإن كان الشيطان لا ينقسم على ذاته، يكون حديثهم عن السيد المسيح أنه ببعلزبول يخرج الشياطين خاطئا. وإن كان ممكنا أن ينقسم الشيطان على ذاته فالأولى بهم أن ينفصلوا على مملكته لأنها لن تثبت. وحتى لا يحسب الفريسيون أن يسوع المسيح برئيس الشياطين يخرج الشياطين، عليهم أن ينصتوا إلى قوله “فَإِنْ كُنْتُ أَنَا بِبَعْلَزَبُولَ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَأَبْنَاؤُكُمْ بِمَنْ يُخْرِجُونَ؟ لِذَلِكَ هُمْ يَكُونُونَ قُضَاتَكُمْ” (لو11: 19). لقد قصد بـ”أبنائهم” تلاميذه هؤلاء الذين هم من أبناء هذا الشعب. فمن الثابت تمامًا أنهم لم يتلقنوا أي فن من الفنون الشيطانية من سيدهم الصالح، حتى يتمكنوا به التسلط على الشياطين، لذلك هو قال لهم “هُمْ يَكُونُونَ قُضَاتَكُمْ”(لو11: 19) إنهم أوفياء فبقوله “فَأَبْنَاؤُكُمْ بِمَنْ يُخْرِجُونَ؟” (مت 12: 27) يظهر لهم أنهم يفعلون ذلك بحسب نعمته وليس كاستحقاقهم… فقد قال “أَمْ كَيْفَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَ الْقَوِيِّ وَيَنْهَبَ أَمْتِعَتَهُ إِنْ لَمْ يَرْبِطِ الْقَوِيَّ أَوَّلاً وَحِينَئِذٍ يَنْهَبُ بَيْتَهُ؟” (مت 12: 29) فأبناؤهم الذين آمنوا به أو سيؤمنون به، يخرجون الشياطين ببساطة القداسة وليس بقوة ببعلزبول. إنهم بلا شك كانوا أو مازالوا أشرارًا وخطاة مثلكم. فإذ هم في بيت الشيطان فهم آنية له، فكيف يستطيعون الخلاص منه ذاك الذي قد ربطهم بالظلمة وقد تسلط عليهم، ما لم قد ربطه الرب بسلاسل عدالته، وأخذ منه الآنية التي كانت للسخط وجعلها آنية للرحمة؟!من أحقر الطبقات لا يعرفون الحقد إنما يتسمون ببساطة قوتي المقدسة إنهم شهود لي وقضاة عليكم هذا هو ما قاله الرسول المبارك عندما زجر المتكبرين المعتمدين على برهم الذاتي قائلا “لأَنَّهُ مَنْ يُمَيِّزُكَ؟” (1 كو 4: 7) أي من يغيرك من الهلاك الأبدي الموروث عن آدم، أو من يحولك عن كونك آنية للسخط؟! فإذ لا يستطيع أحد أن يجيب بأنه يستطيع ببره أن يتغير عن كونه آنية للسخط، لذلك يضيف الرسول “وَأَيُّ شَيْءٍ لَكَ لَمْ تَأْخُذْهُ؟”(1 كو 4: 7) يتحدث الرسول بولس عن تغييره من كونه آنية للسخط… قائلا “وَكُنَّا بِالطَّبِيعَةِ أَبْنَاءَ الْغَضَبِ كَالْبَاقِينَ أَيْضاً” (أف 2: 3) لقد كنت مضطهدًا للكنيسة، “كُنْتُ قَبْلاً مُجَدِّفاً وَمُضْطَهِداً وَمُفْتَرِيا” (1تي 1: 13) كنت آنية في منزل ذلك القوي في الشر ولكن المسيح الذي ربط هذا الشيطان القوي أخذني كآنية الهلاك وجعلني آنية مختارة ثانيًا: مملكة الشيطان لا الكنيسة منقسمة على ذاتها : لا يظن غير المؤمنين والأشرار وأعداء الكنيسة، أن مملكة المسيح منقسمة على نفسها، بسبب وجود بعض الهرطقات والانشقاقات التي يسببها أولئك الذين يجمعون الخراف الضالة تحت اسم المسيحية. لذلك أضاف رب المجد قائلا “مَنْ لَيْسَ مَعِي فَهُوَ عَلَيَّ وَمَنْ لاَ يَجْمَعُ مَعِي فَهُوَ يُفَرِّقُ” (مت 12: 30)، فهو لم يقل “من ليس لهم مظهر الإيمان باسمي” أو “من ليس له صورة قداستي” بل “مَنْ لَيْسَ مَعِي”. إنه لم يقل “من لا يجمع إلى الإيمان الظاهري باسمي”، لذلك فمملكة المسيح غير منقسمة على ذاتها، إنما يحاول البعض أن يقسم الكنيسة المشتراة بدم المسيح. “يَعْلَمُ الرَّبُّ الَّذِينَ هُمْ لَهُ. وَلْيَتَجَنَّبِ الإِثْمَ كُلُّ مَنْ يُسَمِّي اسْمَ الْمَسِيحِ” (2 تي 2: 19). فمن لا يتجنب الإثم لا ينتسب إلى المسيح ولو دعي اسم المسيح عليه. فينبغي ألا يخدع الإنسان نفسه لمجرد تسميته باسم المسيح. لنعطي مثالاً يوضح انقسام مملكة الشيطان وهو أن روح الطمع وروح التبذير ينتميان إلى مملكة الشيطان، وهما منقسمان على نفسيهما، فالذي يطمع لا يجمع والذي يبذر يسرف ويفرق. روح جونو وروح الإله هرقل ينتميان إلى مملكة الشيطان ومع ذلك فهما منقسمان على نفسيهما. الوثني واليهودي المعاديان للمسيح منتميان إلى مملكة الشيطان ومع ذلك فهما منقسمان على نفسيهما أريانوس وفونتنيانوس هرطوقان ومع ذلك فهما منقسمان على نفسيهما. كل أخطاء البشر وشرورهم مضادة بعضهما لبعض ومنقسمة على ذاتها ومع ذلك فجميعها ينتمي إلى مملكة الشيطان. أما الإنسان البار وغير البار، المؤمن وغير المؤمن، المنتمي للكنيسة الجامعة والهرطوقي، .. فمنقسمون على بعضهم البعض ولكن ليس جميعهم منتمين إلى مملكة المسيح… فلا يخدع الإنسان نفسه لمجرد تسميته باسم المسيح. ثالثًا: هل يوجد إنسان لم يجدف على الروح القدس؟ ما هو مصير أولئك الذين ترغب الكنيسة في احتضانهم؟! هل يكون رجائهم باطلا… عندما يتجددون ويدخلون إلى الكنيسة تائبين عن كل خطاياهم على رجاء مغفرة هذه الخطايا جميعها… لأنه مَن مِن الناس لم يخطيء بكلمة على الروح القدس قبل دخوله المسيحية أو قبل عضويته في الكنيسة الجامعة؟! 1- الوثنيون أليس الوثنيون الذين يعبدون آلهة كثيرة باطلة، ويسجدون للأصنام، يقولون بأن الرب يسوع صنع معجزاته بقوة السحر، أي يقولون ما قاله البعض “بِرَئِيسِ الشَّيَاطِينِ يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ” (مت 9: 34) وإذ يجدفون على مقدساتنا يوميًا… ألا يكون ذلك تجديفا على الروح القدس؟! 2- اليهود أليس بسبب كلام اليهود ثارت هذه المشكلة التي أعالجها؟ أليسوا إلى اليوم ينطقون بكلمة على الروح القدس، وذلك بإنكارهم حلوله في المسيح…؟! لقد أنكر الصديقيون وجود الروح القدس، أما الفريسيون فلم ينكروا وجوده، لكنهم أنكروا علاقته بالرب يسوع المسيح، إذ حسبوا الرب بأنه “بِرَئِيسِ الشَّيَاطِينِ يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ” (مت 9: 34) مع أنه أخرجها بالروح القدس. 3- الهراطقة إن كل اليهود والهراطقة الذين يعترفون بوجود الروح القدس، لكنهم ينكرون علاقته بجسد المسيح أي بكنيسته الواحدة الوحيدة الجامعة هؤلاء يشبهون الفريسيين الذين رغم اعترافهم بوجود الروح القدس إلا أنهم أنكروا علاقتهم بالسيد المسيح، ناسبين إخراج الشياطين إلى كونه رئيس الشياطين. هنا لا أتكلم عن الهراطقة الذين إما أن يجسروا ويقولوا بأن الروح القدس مخلوق لا خالق مثل الأريوسيين والمقدونيين أو أولئك الذين ينكرون وجوده تمامًا بانكارهم الثالوث الأقدس مثل سابيليوس وأتباع فونتنيانوس… النتيجة لقد اتضح مما سبق أن كلا من الوثنيين واليهود و الهراطقة جدفوا على الروح القدس، فهل يهمل هؤلاء كما لو كان لا رجاء لهم بحسب الآية “وَأَمَّا مَنْ قَالَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلَنْ يُغْفَرَ لَهُ لاَ فِي هَذَا الْعَالَمِ وَلاَ فِي الآتِي” (مت 12: 32) هل لا يمكن أن يوجد إنسان لم يخطئ ضد الروح القدس بكلمة غير الإنسان المسيحي الذي نشأ منذ طفولته في الكنيسة الجامعة؟! حقا إن كل الذين آمنوا بكلمة الله وصاروا تابعين للكنيسة الجامعة، سواء كانوا وثنيين أو يهودًا أو هراطقة، نالوا نعمة المسيح وسلامه. فإن لم يكونوا قد نالوا غفرانا على ما تفوهوا به على الروح القدس، فيصير وعدنا لهم وتبشيرنا بالرجوع إلى الله لينالوا السلام والمغفرة باطلا… لأن الآية لم تقل “لا يغفر له إلا بالمعمودية” بل ” فَلَنْ يُغْفَرَ لَهُ لاَ فِي هَذَا الْعَالَمِ وَلاَ فِي الآتِي”(مت 12: 32) (أي لا رجاء له بالمرة). 4- المسيحيون قد يظن البعض أنه لا يخطيء إلى الروح القدس غير الذين اغتسلوا في جرن الولادة الجديدة، فخطيتهم هذه تحدث بجحدهم لتلك العطية العظمى التي وهبهم المخلص إياها، فيلقون بأنفسهم- بعد نوالهم العطية- في الخطايا المهلكة كالزنا والقتل والارتداد عن المسيحية أو الانشقاق عن الكنيسة الجامعة… لكن كيف يمكننا البرهنة على صحة هذا القول؟! إنني لا أستطيع البرهنة على صدق هذا القول، لأن الكنيسة لن ترفض قط التوبة على أي خطية مهما كانت هذه الخطية. والرسول بولس يقول بأنه يمكن توبيخ الهراطقة (أي المسيحيين الذين أخطأوا) لأجل توبتهم، فيقول “عَسَى انْ يُعْطِيَهُمُ اللهُ تَوْبَةً لِمَعْرِفَةِ الْحَقِّ، فَيَسْتَفِيقُوا مِنْ فَخِّ ابْلِيسَ اذْ قَدِ اقْتَنَصَهُمْ لإِرَادَتِهِ” (2 تي 2: 25، 26) فما فائدة اصلاحهم لو لم يكن لهم رجاء في نوال الغفران؟! كذلك لم يقل الرب “الإنسان المسيحي الذي اعتمد، الذي يقول كلمة على الروح القدس” بل قال “مَنْ قَالَ كَلِمَةً …” (مت 12: 32) أي كل من قال هذه الكلمة سواء أكان وثنيًا أو يهوديًا أو مسيحيًا أو هرطوقيًا بين اليهودية والمسيحية… علاوة على ذلك، فكما رأينا أن كل خطية ضد الحق ومعادية للسلام المسيحي تحسب “كلمة على الروح القدس”، ومع هذا فالكنيسة لم تكف عن نداء مرتكبيها لنوال الغفران!!! أظن أنني قد اكتشفت سرًا عظيمًا يفسر هذه الآية …… فلنصل إلى الرب ليعطينا نورًا يوضحه به لنا …… رابعًا: هل يقصد “بالتجديف” هنا المعنى العام لها أم الخاص؟ إخوتي… أنصتوا إليﱠ بآذانكم. أما قلوبكم فارفعوها إلى الرب. أحبائي… إنني أخبركم بأنه ربما لا يوجد في الكتاب المقدس سؤال أهم وأصعب من هذا السؤال… لذلك كنت أتجنب الحديث عنه أثناء عظاتي للشعب… ليس بسبب عدم تفكيري فيه إذ أنني لم أهمل السؤال والطلب والقرع من أجل موضوع على جانب كبير من الأهمية كهذا الموضوع… وإذ استمعت إلى فصل إنجيل اليوم… أحسست بنبضات قلبي ترتفع أثناء قراءته، حتى اعتقدت أن إرادة الله هي أن تسمعوا مني شيئا عن هذا الموضوع. أطلب إليكم أن تنظروا إلى قول الرب… فإنه لم يقل ” لا يغفر أي تجديف على الروح القدس” ولا قال ” من يقول أي كلمة”، بل قال “مَنْ قَالَ كَلِمَةً …” (مت 12: 32) فلو ذكرت كلمة “أي” لما أمكن للكنيسة أن تحتضن أي إنسان خاطيء أو شرير أو مقاوم لعطية المسيح ولمقدسات الكنيسة، سواء أكان هذا الإنسان يهوديًا أو أمميًا أو وثنيًا أو مهرطقا… بل ولما أمكنها تحتضن حتى الضعفاء من المسيحيين الذين ينتمون للكنيسة الجامعة نفسها. وحاشا أن يكون قصد الرب هكذا. أقول حاشا أن يقول الرب “كل أو أي تجديف وكلمة على الروح القدس ليس لها غفران”. فلو أخذنا النص بمعنى أن “كل” كلمة ليس لها غفران فمن يستطيع أن يخلص؟! وفي نفس الوقت لو قلنا أن بأن كل كلمة على الروح القدس ليس لها غفران إلى الأبد لكنا مناقضين لأقوال المخلص. إذاً بلا شك توجد تجديفات وكلمات معينة لو قيلت على الروح القدس لا يكون لها غفران. ولكن ما هي هذه الكلمة التي بلا غفران؟ هذه هي إرادة الله أن نسأل السؤال السابق دون أن يوضحه لنا، إرادته أن نسأل لا أن نعترض على كلماته … ملحوظة : غالبًا ما يستخدم الكتاب هذه الطريقة وهي أن يعبر عن أمر معين بدون تحديد، إن كان يقصد به المعنى العام أو المعنى الخاص وعندئذ لا توجد ضرورة لأخذه بالمعنى العام أو الخاص. فهو لم يستخدم كلمة “كل” للتعميم أو “بعض” للتخصيص… أي لم يذكرها لا في صيغة عامة ولا في صيغة خاصة. أمثلة : 1ـ حتى يظهر لكم ذلك بأكثر بوضوح تأملوا قول الرب نفسه عن اليهود “لَوْ لَمْ أَكُنْ قَدْ جِئْتُ وَكَلَّمْتُهُمْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ خَطِيَّةٌ” (يو 15: 22). فهنا لم يحدد أي معنى- هل المعنى العام أم الخاص، فيبدو كأنه يقصد بأن اليهود ما كان عليهم أي خطية لو لم يكن المسيح قد جاء وتكلم معهم. مع إنه بالحقيقة قد جاء فوجدهم مثقلين بالخطايا … فكيف لم تكن لهم خطية لو لم يكن المسيح قد جاء؟!… إنه لم يقل “أي خطية” لئلا يكذب الحق، ولا قال بصيغة خاصة “بعض الخطايا” حتى يدربنا على الشغف بورع نحو البحث. لأن الكتاب المقدس غني بالأجزاء الواضحة التي نتغذى بها وبالأجزاء الغامضة التي نتدرب بها. فبالأجزاء الأولى يُطرد الجوع وأما بالثانية فنحصل على اللذة. فبقول المسيح هذا… لابد أن يكونوا اليهود قد ارتكبوا خطايا معينة لم يرتكبوها قبل مجيئه… وهي “عدم الإيمان به”… فبقوله “لَمْ تَكُنْ لَهُمْ خَطِيَّةٌ” (يو 15: 22) لا نفهمها على أنه لم تكن لهم أي خطية بل “لم تكن لهم خطايا معينة. كذلك عندما نسمع فصل إنجيل اليوم “التَّجْدِيفُ عَلَى الرُّوحِ فَلَنْ يُغْفَرَ” (مت 12: 31) لا نفهمه على أنه “أي تجديف” بل أنواع معينة من التجديف… 2ـ وإذ قيل الله “لاَ يُجَرِّبُ أَحَداً” (يع 1: 13) فلا يفهم أن الله لا يجرب أحدًا بأي نوع من التجارب، إنما لا يجربه بتجارب معينة، لئلا يكون باطلا المكتوب“الرَّبَّ إِلهَكُمْ يَمْتَحِنُكُمْ (يجربكم)” (تث 13: 3)… فالله لا يجربنا بالتجربة التي تقود إللى الخطية، لكنه يهبنا أن نُجرب بالتجربة التي تمتحن إيماننا. هكذا عندما نسمع “مَنْ جَدَّفَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ” (مر 3: 28) لا نفهمها على “من جدف بأي تجديف” إنما “من جدف بتجديف معين”. 3ـ هكذا أيضًا عندما نسمع “مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ” (مر 16: 16) فبالطبع لا نفهمها على أنه يقصد كل من يؤمن، مهما كان إيمانه فـ “الشَّيَاطِينُ يُؤْمِنُونَ وَيَقْشَعِرُّونَ” (يع 2: 19) كما لا نفهمها على جميع الذين اعتمدوا، فسيمون الساحر رغم قبوله المعمودية إلا أنه لم يكن من السهل أن يخلص… فقوله “مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ” (مر 16: 16) لم يقصد به جميع الذين آمنوا واعتمدوا إنما بعضهم، هؤلاء الراسخون في ذلك الإيمان الذي وضحه الرسول بولس بأنه “الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ” (غلا 5: 6). 4ـ كذلك قول السيد المسيح “مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ” (يو 6: 56) هل يمكن أن يقصد به كل من يأكله يشربه حتى أولئك الذين قال عنهم الرسول “يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ دَيْنُونَةً لِنَفْسِهِ” (1 كو 11: 29) ؟! لقد أوضح لوقا الإنجيلي أن يهوذا أكل وشرب مع بقية التلاميذ في العشاء الرباني الأول من جسد الرب ودمه اللذين قدسهما بيده، ومع ذلك هل ثبت يهوذا فيه وهو في يهوذا؟! هل يثبت في المسيح من يتناول ذلك الجسد ويشرب ذلك الدم بِرِِياء؟! أو من يرتد عن الإيمان المسيحي بعد تناوله؟! فكما أنه ليس كل من يأكل جسد الرب ويشرب دمه – بأي طريقة ما- يثبت في المسيح والمسيح يثبت فيه، إنما يقصد الرب أن يتم التناول بطريقة معينة، هكذا في قوله “مَنْ جَدَّفَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ” (مر 3: 28) قصد من جدف بطريقة معينة… فالله يريد منا أن نبحث ونفهم هذه العبارة ….. خامسًا: ما هو المعنى الخاص الذي قصده الرب بـ “التجديف على الروح”؟ الروح القدس واهب الشركة والمحبة أحبائي… إنكم تعلمون أن في سر الثالوث غير المنظور… هذا الذي يعتمد عليه إيماننا، وتعتمد عليه الكنيسة الجامعة وتبشر به، أن الآب ليس أبًا للروح القدس بل للابن، والابن ليس ابنًا للروح القدس بل للآب أما الروح القدس فليس روح الآب وحده، ولا روح الابن وحده، بل هو روح الآب والابن (منبثق من الآب، ومستقر في الابن) لقد سُلمت لنا فكرة العلة في الآب، والبنوة في الابن، والشركة في الروح القدس، والمساواة في الثلاثة. وبذلك صارت مسرة الله أن ننال بواسطة من هو رابطة الوحدة بين أقنومي الآب والابن، (أي الروح القدس) ننال بواسطته الشركة مع بعضنا البعض، والشركة مع الثالوث الأقدس… فبنفس العطية نجتمع جميعًا في وحدانية… ننالها بواسطة الروح القدس الذي هو الله وفي نفس الوقت العطية هي “عَطِيَّةُ اللهِ” (أف 2:8) . بالروح القدس تصالحنا مع الله وصار لنا ابتهاج فيه. لأننا ماذا ننتفع بمعرفتنا لأي صالح (الله) ما لم نحبه؟ “لأَنَّ مَحَبَّةَ اللهِ قَدِ انْسَكَبَتْ فِي قُلُوبِنَا بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الْمُعْطَى لَنَا” (رو 5: 5) وبالرغم من بالخطية صرنا غرباء عن امتلاك الصلاح الحقيقي، لكن المحبة (المعطاة لنا بالروح القدس) ” تَسْتُرُ كَثْرَةً مِنَ الْخَطَايَا “ (1 بط 4: 8) وبذلك لم نعد غرباء. الروح القدس واهب الغفران في المعمودية والتوبة إن الحياة الأبدية التي ستوهب لنا، تعطى من صلاح الله منذ بداية الإيمان بمغفرة خطايانا. ففي بقاء الخطية بقاء للعداوة لله والغربة عنه… لذلك لم يقل الكتاب باطلا” آثَامُكُمْ صَارَتْ فَاصِلَةً بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِلَهِكُمْ “ (إش 59: 2) فهو لن يهبنا ما هو صالح ما لم نطرد شرورنا. فكلما نقص الشر ازداد الصلاح ولا يكمل أحدهما إلا بانتهاء الآخر. ويسوع يغفر الخطايا (كما يخرج الشياطين) بالروح القدس، ويظهر ذلك من قوله لتلاميذه بعد القيامة “أقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ. مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ وَمَنْ أَمْسَكْتُمْ خَطَايَاهُ أُمْسِكَتْ” (يو 20: 22، 23). وهذه الولادة أيضًا التي ننال فيها غفران الخطايا (بالمعمودية) تتم بواسطة الروح القدس فكما يقول الرب “إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللَّهِ” (يو 3: 5). غير أن الولادة من الروح تختلف عن الانتعاش به، وذلك كما في الولادة الجسدية، فهي تحدث بولادة الأم للطفل. وهذا يختلف عن نموه بواسطة رضاعته وشربه بسرور من الجسد الذي ولد منه ليجد حياة. فهو ينال دعائم حياته من نفس الجسد الذي نال منه بدايته. فعطية الله الأولى في الروح القدس هي “مَغْفِرَةِ الْخَطَايَا” (لو 24 : 46) ، وهذا ما بدأت به بشارة يوحنا المعمدان السابق للرب… قائلا “تُوبُوا لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ” (مت 3: 2)، وهو نفس ما بدأ به ربنا بشارته (مت 4: 17)… ومن بين الأمور التي تحدث بها يوحنا المعمدان إلى الذين جاءوا ليعتمدوا منه قوله “أنَا أُعَمِّدُكُمْ بِمَاءٍ لِلتَّوْبَةِ وَلَكِنِ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي هُوَ أَقْوَى مِنِّي الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً أَنْ أَحْمِلَ حِذَاءَهُ. هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَنَارٍ” (مت 3: 11). وقال الرب أيضا “لأَنَّ يُوحَنَّا عَمَّدَ بِالْمَاءِ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَسَتَتَعَمَّدُونَ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ لَيْسَ بَعْدَ هَذِهِ الأَيَّامِ بِكَثِير” (أع 1: 5)… فالنار رغم إمكان فهمها على أنها الضيقات التي يتحملها المؤمنون من أجل المسيح، إلا أنه من المعقول أن يقصد بها هنا الروح القدس نفسه. لذلك عندما حل الروح القدس قيل “وَظَهَرَتْ لَهُمْ أَلْسِنَةٌ مُنْقَسِمَةٌ كَأَنَّهَا مِنْ نَارٍ وَاسْتَقَرَّتْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ” (أع 2: 3). وقال الرب نفسه “جِئْتُ لأُلْقِيَ نَاراًعَلَى الأرضِ” (لو 12: 49)، ويقول الرسول “حَارِّينَ فِي الرُّوحِ” (رو 12: 11) لأن من الروح القدس (النار) تأتي غيرة (حرارة) الحب “لأَنَّ مَحَبَّةَ اللهِ قَدِ انْسَكَبَتْ فِي قُلُوبِنَا بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الْمُعْطَى لَنَا” (رو 5: 5) وعلى العكس قال الرب “وَلِكَثْرَةِ الإِثْمِ تَبْرُدُ مَحَبَّةُ الْكَثِيرِينَ” (مت 24: 12). إذن الحب الكامل هو عطية الروح (النار) الكاملة. ولكن عطيته الأولى هي غفران الخطية التي بها “انْقَذَنَا مِنْ سُلْطَانِ الظُّلْمَةِ” (كو 1: 13)، ومن “رَئِيسُ هَذَا الْعَالَمِ” (يو 12: 31) “الَّذِي يَعْمَلُ الآنَ فِي أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ” (أف 2: 2)… فبالروح القدس الذي يجمع شعب الله في واحد يُطرد الروح الشرير المنقسم على ذاته. الخلاصة إذن القلب غير التائب ينطق بكلمة على الروح القدس ينطقها ضد هذه العطية المجانية وضد النعمة الإلهية. فعدم التوبة هو التجديف على الروح القدس الذي لن يغفر له لا في هذا العالم ولا في الآتي، لأن فكر غير التائب ولسانه ينطقان بكلمة شنيعة بالغة الشر ضد الروح واهب المغفرة بالمعمودية، هذا الذي قبلته الكنيسة لتغفر به الخطايا (في سر التوبة والاعتراف).“أَنَّ لُطْفَ اللهِ إِنَّمَا يَقْتَادُكَ إِلَى التَّوْبَةِ؟. وَلَكِنَّكَ مِنْ أَجْلِ قَسَاوَتِكَ وَقَلْبِكَ غَيْرِ التَّائِبِ تَذْخَرُ لِنَفْسِكَ غَضَباًفِي يَوْمِ الْغَضَبِ وَ اسْتِعْلاَنِ دَيْنُونَةِ اللهِ الْعَادِلَةِ. الَّذِي سَيُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ أَعْمَالِهِ.” (رو 2: 4- 6). عدم التوبة هذا هو ما صرخ من أجله التلميذ والديان قائلين “تُوبُوا لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ” (مت 3: 2؛ 4: 17)، والذي لأجله فتح الرب فاه مبشرًا بالإنجيل، ولأجله أيضًا أخبر بأنه سينادي بالإنجيل في كل أنحاء العالم، إذ خاطب تلاميذه بعد القيامة قائلا “هَكَذَا هُوَ مَكْتُوبٌ وَهَكَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ وَيَقُومُ مِنَ الأَمْوَاتِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ. وَأَنْ يُكْرَزَ بِاسْمِهِ بِالتَّوْبَةِ وَمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا لِجَمِيعِ الأُمَمِ مُبْتَدَأًمِنْ أُورُشَلِيمَ” (لو 24: 46 و 47). وفي كلمة واحدة نقول إن “عدم التوبة” هو الخطية التي لا غفران لها لا في هذا الدهر ولا في الآتي… لأن بالتوبة وحدها نحصل على الغفران في هذا العالم وبالتالي يكون لها آثارها في الدهر الآتي. هل يمكننا أن نحكم على إنسان بأنه جدف على الروح؟ إن عدم التوبة أو القلب غير التائب أمر غير ثابت، طالما كان الإنسان حيًا في الجسد. لذلك ينبغي علينا ألا نيأس قط من إنسان، مادامت أناة الله تقود الشرير إلى التوبة، مادام الله لم يأخذه سريعًا من هذا العالم “هَلْ مَسَرَّةً أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ؟ أَلاَ بِرُجُوعِهِ عَنْ طُرُقِهِ فَيَحْيَا؟” (حز 18: 3). قد يكون الإنسان وثنيًا اليوم، ولكن من أعلمك فقد يكون مسيحيًا في الغد؟!! قد يكون مهرطقا اليوم، ولكن ماذا يكون أمره لو عاد في الغد إلى الحق الذي تنادي به الكنيسة الجامعة؟!! إنه منقسم على الكنيسة ولكنه قد يحتضن سلامها غدًا. ماذا تكون أحوال هؤلاء جميعًا الذين تراهم اليوم يصنعون خطايا من أي نوع، فتذمهم على ضعفهم هذا كما لو كنت يائسًا منهم؟ ماذا يكون أمرهم لو أنهم تابوا قبيل نهاية حياتهم على الأرض ووجدوا الحياة الحقيقية التي ينبغي السير فيها؟! لهذا فإني أترك الرسول يحثك أيها الأخ قائلا “لاَ تَحْكُمُوا فِي شَيْءٍ قَبْلَ الْوَقْتِ” (1 كو 4: 5). إنني أكرر قولي بأن هذا التجديف لا يمكن أن يثبت على إنسان ما، بأي حال من الأحوال، طالما كان موجودًا في هذه الحياة. لماذا يغفر لمن يجدف على ابن الإنسان ولا يغفر لمن يجدف على الروح القدس؟ حقا إن جميع الخطايا والتجديف، وليس فقط ما يقال على ابن الإنسان، تغفر للبشر فطالما لا توجد خطية “عدم التوبة” تلك الخطية الموجهة ضد الروح القدس الذي بواسطته تغفر الكنيسة جميع الخطايا… فإنه يمكن أن تغفر خطاياه. إن قول رب المجد “كُلُّ مَنْ قَالَ كَلِمَةً عَلَى ابْنِ الإِنْسَانِ يُغْفَرُ لَهُ وَأَمَّا مَنْ جَدَّفَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلاَ يُغْفَرُ لَهُ” (لو 12: 10) لا يعني أن الروح القدس أعظم من الابن. فنحن لا نسمع قط عن هرطقة نادت بهذا إنما يقصد بقوله هذا أن من يقاوم الحق ويجدف عليه أي على المسيح، بعد إعلانه عن ذاته بين البشر، اذ “صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا” (يو 1: 14)… ولم يقل كلمة على الروح القدس، أي ناب عن مقاومته للحق وتجديفه على المسيح فإن ما ارتكبه يغفر له. لذلك يجب علينا ألا نظن كالبعض بأن “ما يقال على ابن الإنسان يغفر له، وأما ما يُقال عن الروح القدس فلن يغفر له” بسبب تجسد الابن، وبالتالي يكون الروح القدس أعظم منه في هذه الناحية… فالروح القدس مساو للآب والابن الوحيد الجنس، في الجوهر بحسب لاهوته. لأنه لو كان الرب نطق بذلك بسبب تجسد الابن، لكان معنى هذا أنه لا تغفر له أي كلمة أو تجديف إلا ما يوجه ضد ابن الإنسان من حيث ناسوته. لكن على نقيض هذا نجد أن الكتاب المقدس يقول “كُلُّ خَطِيَّةٍ وَتَجْدِيفٍ يُغْفَرُ لِلنَّاسِ” (مت 12: 31). “إِنَّ جَمِيعَ الْخَطَايَا تُغْفَرُ لِبَنِي الْبَشَرِ وَالتَّجَادِيفَ الَّتِي يُجَدِّفُونَهَا” (مر 3: 28)… فهي تشمل التجديف على الآب (أي أنها تغفر) فهل يعني هذا أن الآب أخذ صورة العبد كالابن حتى صار الروح القدس أعظم منه في هذه الناحية، فيغفر التجديف الموجه ضد الآب دون التجديف الموجه الروح؟! بالتأكيد لا… لكن قد يتساءل البعض: هل الروح القدس وحده دون الآب أو الابن يغفر الخطايا؟ أجيب على ذلك بالنفي. فإن كلا من الآب والابن يغفر الخطايا فالابن يقول عن الآب “فَإِنَّهُ إِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَلاَّتِهِمْ يَغْفِرْ لَكُمْ أَيْضاً أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ” (مت 6: 14)… كما يقول عن نفسه “وَلَكِنْ لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لاِبْنِ الإِنْسَانِ سُلْطَاناًعَلَى الأَرْضِ أَنْ يَغْفِرَ الْخَطَايَا” (مت 9: 6) وعندئذ يتساءلون أيضًا: مادام الآب والابن والروح القدس… كل من هؤلاء الأقانيم يغفر الخطايا، فلماذا نعتبر “عدم التوبة” الخطية التي لا غفران لها بأنها تجديف موجه ضد الروح القدس وحده، ناظرين إلى مرتكب هذه الخطية على أنه يقاوم عطية الروح القدس الذي به ننال الغفران؟ لكل أقنوم من الأقانيم الإلهية الثلاثة عمله الخاص، ومع ذلك فيشترك الأقنومان الآخران في هذا العمل بالرغم من أن المغفرة يقوم بها الثالوث إلا أنها تخص الروح القدس بوجه خاص، لأنه هو روح التبني الذي للأبناء “الَّذِي بِهِ نَصْرُخُ: «يَا أَبَا الآبُ!»” (رو 8: 15)، وبذلك نستطيع أن نقول “اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا” (مت 6: 12). وكما يقول يوحنا الرسول “وبِهَذَا نَعْرِفُ أَنَّهُ (المسيح) يَثْبُتُ فِينَا: مِنَ الرُّوحِ الَّذِي أَعْطَانَا”(1 يو 3: 24)، اَلرُّوحُ يَشْهَدُ “أَنَّنَا أَوْلاَدُ اللهِ” (يو 8: 16). فمن اختصاص الروح القدس الشركة، التي بها صرنا جسدًا واحدًا لابن الله الواحد الوحيد، إذ مكتوب “فَإِنْ كَانَ وَعْظٌ مَا فِي الْمَسِيحِ. إِنْ كَانَتْ تَسْلِيَةٌ مَا لِلْمَحَبَّةِ. إِنْ كَانَتْ شَرِكَةٌ مَا فِي الرُّوحِ” (في 2: 1)… إنه روح الآب… وهو روح الابن.. فإلى الأقانيم الثلاثة ينسب إليه اختصاص الشركة إلا لذاك الروح الذي هو للآب والابن (منبثق من الآب مستقر في الابن) لذلك فالذين انفصلوا عن الكنيسة (أي ليس لهم شركة) هؤلاء ليس لهم هذا الروح. ويوضح يهوذا الرسول ذلك بقوله “هَؤُلاَءِ هُمُ الْمُعْتَزِلُونَ بِأَنْفُسِهِمْ، نَفْسَانِيُّونَ لاَ رُوحَ لَهُمْ” (يه 1: 19)، كما ينتهر الرسول بولس أولئك الذي يبثون الانشقاق في الكنيسة (أي المقاومين للشركة بين المؤمنين) رغم وجودهم بعد في الكنيسة… فيقول “وَلَكِنَّ الإِنْسَانَ الطَّبِيعِيَّ لاَ يَقْبَلُ مَا لِرُوحِ اللهِ” (1كو 2: 14) فهؤلاء إذ ليس لهم مكان في الكنيسة، لذلك يعتبرهم أطفالا، ليس بعد روحيين بل مازالوا جسديين (1 كو 3: 1-2)… فيقول “فَإِنَّهُ إِذْ فِيكُمْ حَسَدٌ وَخِصَامٌ وَ انْشِقَاقٌ أَلَسْتُمْ جَسَدِيِّينَ وَتَسْلُكُونَ بِحَسَبِ الْبَشَرِ؟” (1 كو 2: 3)… فإذ هم لم ينفصلوا بعد عن الكنيسة لذلك دعاهم “أَطْفَالٍ فِي الْمَسِيحِ”(1كو 3 : 1) ، لأنه كان يرغب فيهم أن يكونوا ملائكة أو حتى آلهة- هؤلاء الذين انتهرهم لأنهم مازالوا بشرًا، أي لازالوا يهتمون بإرضاء الناس لا بإرضاء الله في جهادهم… فرغم وجودهم في الكنيسة، إلا أنهم لازالوا طبيعيين جسديين، لا يستطيعون إدراك ما قد نالوه… فقد أخذوا الروح!!! لأنه كيف يمكن أن يدعوا“أَطْفَالٍ فِي الْمَسِيحِ” (1كو 3 : 1) ما لم يكونوا قد ولدوا ولادة ثانية بالروح القدس(أي بالمعمودية)؟! فعلينا ألا نعجب من أن يمتلك إنسان شيئا لا يستطيع إدراكه… أخيرًا لكي نفهم بأكثر تأكيد كيف أن هؤلاء الـ “أَطْفَالٍ فِي الْمَسِيحِ” (1كو 3 : 1) لا يقبلون ما لروح الله رغم أن لهم هذا الروح، فلننظر إلى كلمات الرسول بولس إذ يقول لهم بعد تبكيتهم على عدم قبولهم روح الله “أمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ وَرُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟” (1 كو 3: 16). ولكن لا يمكن القول عمن اختلط بقطيع المسيح مخالطة جسدانية، في خداع قلبي، إنهم في الكنيسة ومنتمون إلى شركة الروح… فكل من اعتمد في جماعات بل بالأحرى اعتمد عند المنفصلين عن الكنيسة أو الهراطقة، فبالرغم من ولادتهم الثانية بالروح يكونون كما لو كانوا كاسماعيل ابن ابراهيم المولود حسب الجسد، وليس كاسحق المولود بالروح لأنه ابن الموعد. غير أنهم عادوا إلى الكنيسة الجامعة وارتبطوا بشركة الروح الذي لا يمكن لهم أن ينالوه خارج الكنيسة… فغسل الجسد لا يتكرر في هذه الحالة. فقبل دخولهم الكنيسة الجامعة ينطبق عليهم قول الرسول “لَهُمْ صُورَةُ التَّقْوَى وَلَكِنَّهُمْ مُنْكِرُونَ قُوَّتَهَا” (2 تي 3: 5) لأنه يمكن للغصن أن يأخذ المظهر رغم كونه منفصلا عن الكرمة، ولكن لا يمكن أن تكون له الحياة ما لم يكن متصلا بالكرمة. هكذا المنفصلون عن وحدة جسد المسيح يمكن أن يكون لهم صورة التقوى بتقديسهم الجسدي، ولكن لا يمكن لهم بأي حكمة أن تكون لهم قوة الصلاح الروحية غير المنظورة. ومادام الأمر هكذا، لذلك فإن مغفرة الخطايا لا تعطي إلا بالروح القدس، ولا توهب إلا داخل الكنيسة التي لها الروح القدس …. سادسًا: الظروف التي نطق فيها السيد بهذه الكلمات : نجد في إنجيل لوقا أن الرب كان يتحدث عن الذين يعترفون به أو ينكرونه أمام الناس، إذ يقول ” وَأَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَنِ اعْتَرَفَ بِي قُدَّامَ النَّاسِ يَعْتَرِفُ بِهِ ابْنُ الإِنْسَانِ قُدَّامَ مَلاَئِكَةِ اللهِ. وَمَنْ أَنْكَرَنِي قُدَّامَ النَّاسِ يُنْكَرُ قُدَّامَ مَلاَئِكَةِ اللهِ.” (لو 12: 8-9). وقد خشى الرب من أن ييأس بطرس (الذي سينكره) من خلاص نفسه، لذلك أردف للحال قائلا “وَكُلُّ مَنْ قَالَ كَلِمَةً عَلَى ابْنِ الإِنْسَانِ يُغْفَرُ لَهُ وَأَمَّا مَنْ جَدَّفَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلاَ يُغْفَرُ لَهُ” (لو 12: 10) قاصدًا بقوله “مَنْ جَدَّفَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ” (لو 12: 10) أي لم يتب على خطيته مقاومًا غفران الخطية الذي يوهب في الكنيسة بواسطة الروح القدس. هذا التجديف الذي لم يرتكبه بطرس، لأنه تاب للحال عندما “بَكَى بُكَاءً مُرّاً” (مت 26: 75) منتصرًا بذلك على الروح المنقسم على ذاته الذي أراد أن يغربله (لو 22: 31) والذي لأجله طلب الرب حتى لا يفنى إيمانه، فأخذ الروح القدس نفسه الذي لم يقاومه لأنه تاب وبذلك لم تغفر خطاياه فحسب، بل صار يبشر بغفران الخطايا ويمنحه جاء في إنجيل مرقس “اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ جَمِيعَ الْخَطَايَا تُغْفَرُ لِبَنِي الْبَشَرِ وَالتَّجَادِيفَ الَّتِي يُجَدِّفُونَهَا. وَلَكِنْ مَنْ جَدَّفَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلَيْسَ لَهُ مَغْفِرَةٌ إِلَى الأَبَدِ بَلْ هُوَ مُسْتَوْجِبٌ دَيْنُونَةً أَبَدِيَّةً” (مر 3: 28- 29)، مكملا “لأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّ مَعَهُ رُوحاً نَجِساً” (مر 3: 30) بذلك يظهر سبب قول المسيح هذه الجملة وهو أنهم قالوا ببعلزبول رئيس الشياطين يخرج الشياطين. هذا لا يعنى أن قولهم هذا هو تجديف لا غفران له، لأنهم لو تابوا عن ذلك توبة صادقة فسيغفر لهم، إنما نطق بذلك ليعرفهم أن الروح الشرير منقسم على ذاته، أما الروح القدس فليس فقط غير منقسم على ذاته، بل يجعل الذين يجمعهم غير منقسمين على ذواتهم، وذلك بغفرانه لخطاياهم المنقسمة على ذاتها، وبسكناه في المطهرين، كما هو مكتوب “وَكَانَ لِجُمْهُورِ الَّذِينَ آمَنُوا قَلْبٌ وَاحِدٌ وَنَفْسٌ وَاحِدَةٌ” (أع 4: 32) لقد أوضح الرب ما أراد أن يفهمنا إياه من قوله بهذه الآية وهو أن من يتكلم على الروح القدس، أي بعدم توبته يقاوم وحدة الكنيسة التي فيها يعطي الروح القدس مغفرة الخطايا، فإنه لم يأخذ هذا الروح… رغم حمله مقدسات المسيح واستخدامه إياها، فهو منفصل عن كنيسته… وحتى لا يظن أحد أن ملكوت المسيح منقسم على ذاته بسبب هؤلاء الذين يجتمعون تحت اسم المسيح في جماعات شاذة خارج الحظيرة لذلك أردف قائلا “مَنْ لَيْسَ مَعِي فَهُوَ عَلَيَّ وَمَنْ لاَ يَجْمَعُ مَعِي فَهُوَ يُفَرِّقُ”(مت 12: 30) فمن لا يجمع مع المسيح، مهما جمع تحت اسم المسيح لا يكون معه الروح القدس. وبهذا يجعلنا نفهم أن الغفران عن أي خطية أو تجديف بأي حال من الأحوال إلا باتحادنا معًا في المسيح الذي لا يفرق. ففي الروح القدس يحدث اتحادًا وتجمع، بعكس الروح النجس المنقسم على ذاته. |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مجموعة متنوعة من أقوال الآباء |
من أقوال الأباء وكلمة المنفعة |
أقوال القديس اغناطيوس وكلمة منفعة |
أقوال الأنبا برصنوفيوس وكلمة منفعة |
أقوال الأنبا ايسيذورس وكلمة منفعة |