06 - 02 - 2018, 05:03 PM | رقم المشاركة : ( 921 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
صلاة قصيرة وكلمة منفعة ـ القديس ابانوب ايها الاله الرحوم الطويل الاناة الكثير الرحمه والعدل الذى يقبل جميع الخطاة الذين اولهم انا الذى ارسل ملاكه ومشى قدام المجوس الثلاثة وهداهم حتى جاءوا اليك بالهدايا الذى سمع ايليا وانزل النار من السماء فى ذلك الزمان الذى سمع لأبونا آدم ورده الى الفردوس مرة اخرى اسمعنى الآن أنا ايضا ارسل الى ملاكك النورانى ليقودنى الى اراقة دمى |
||||
06 - 02 - 2018, 05:21 PM | رقم المشاركة : ( 922 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
لماذا خلص الله البشرية بالتجسد وليس بمجرد النطق ؟ ـ القديس اثناسيوس
يقولوا “إن الله لو أراد أن يردَّ البشرية ويخلّصها كان يمكنه أن يفعل هذا بنطق عالٍ وبدون أن يتخذ كلمته جسدًا” أى بنفس الطريقة التي أوجد بها البشرية من العدم في البدء. ونجيب على اعتراضهم هذا بجواب معقول قائلين إنه في البدء لم يكن شيء موجودًا بالمرة. فكل ما كان مطلوبًا هو مجرد “نطق” مع إرادة (إلهية) لإتمام الخلق . ولكن بعد أن خُلق الإنسان (وصار موجودًا) واستدعت الضرورة علاج ما هو موجود، وليس ما هو غير موجود، عندئذٍ كان من الطبيعي أن يظهر الطبيب والمخلّص فيما هو موجود لكى يشفي الخلائق الموجودة. لهذا السبب قد صار إنسانًا واستخدم جسده أداة بشرية. لأنه لو لم تكن هذه هي الطريقة الصحيحة فكيف كان ممكنًا للكلمة، الذى اختار أن يستخدم أداه “بشرية”، أن يظهر؟ أو من أين كان سيأخذ “هذه الأداة” إلاّ من أولئك الموجودين فعلاً، والذين هم في حاجة (أن يأتي) بلاهوته في واحد مشابه لهم؟ لأن الأشياء غير الموجودة لم تكن هى المحتاجة للخلاص (بالتجسد) بل كان يكفيها مجرد كلمة أو صدور أمر، ولكنه الإنسان (المخلوق) الذي كان موجودًا فعلاً وكان منحدرًا إلى الفساد والهلاك هو الذي كان محتاجًا أن يأتي الكلمة ويستخدم أداة بشرية، ويعلن نفسه في كل مكان ، وكان هذا أمرًا طبيعيًا وصائبًا. ثم ينبغي أن يُعرف هذا أيضًا، أن الفساد الذي جرى لم يكن خارج الجسد، بل كان ملتصقًا به ، وكان الأمر يحتاج إلى أن تلتصق به الحياة بدلاً من الفساد حتى كما صار الموت في الجسد تصير الحياة في داخل الجسد أيضًا. والآن لو أن الموت كان خارج الجسد لكان من الملائم أيضًا أن تصير الحياة خارج الجسد أيضًا. ولكن ما دام الموت قد صار داخل نسيج الجسد وبوجوده في كيانه صار سائدًا عليه لذلك كان من اللازم أن تصير الحياة داخل نسيج الجسد أيضًا حتى إذا لبس الجسد الحياة بدل الموت فإنه يطرح عنه الفساد . وإضافة إلى ذلك فلو افترضنا أن الكلمة قد جاء خارج الجسد وليس فيه، لكان الموت قد هُزم منه (من الكلمة) بحسب قانون الطبيعة، إذ أن الموت ليس له سلطان على الحياة. ولكن رغم ذلك، كان الفساد سيظل باقيًا في الجسد. لهذا السبب كان من الصواب أن يلبس المخلّص جسدًا لكي إذا اتحد الجسد “بالحياة” لا يعود يبقى في الموت كمائت بل إذ قد لبس عدم الموت فإنه يقوم ثانية ويظل غير مائت فيما بعد. ولأنه كان قد لبس الفساد فإنه لم يكن ممكنًا أن يقوم ثانية ما لم يلبس الحياة. وكما أن الموت بحسب طبيعته لم يكن ممكنًا أن يظهر إلاّ في الجسد لذلك لبس الكلمة جسدًا لكى يلاقي الموت في الجسد ويبيده. لأنه كيف كان مستطاعًا البرهنة على أن الرب هو “الحياة” ما لم يكن قد أحيا ما كان مائتًا؟ وكما أنه من الطبيعي أن القش تفنيه النار، فإذا افترضنا أن إنسانًا أبعد النار عن القش فرغم أنه لم يحترق يظل مجرد قش قابل للاحتراق بالنار لأن النار لها خاصية إحراقه بطبيعتها. أما لو حدث أن إنسانًا غلّف القش بمادة الأسبستوس التي يقال عنها إنها لا تتأثر بالنار فإن القش لا يتعرض لإحراق النار فيما بعد إذ قد تحصن بإحاطته بمادة غير قابلة للاحتراق. وبنفس الطريقة نستطيع أن نقول عن الجسد والموت. إنه لو كان الموت قد أُبعِدَ عن الجسد بمجرد إصدار أمر من الكلمة لبقى رغم ذلك قابلاً للموت والفساد بحسب طبيعة الأجساد . ولكى لا يكون الأمر كذلك فإن كلمة الله الذي بدون جسد قد لبس الجسد لكى لا يعود الموت والفساد يُرهب الجسد لأنه قد لبس الحياة كثوب وهكذا أبيد منه الفساد الذي كان فيه. إذن كان من الضرورى أن يتخذ كلمة الله جسدًا ويستخدم أداةً بشريةً لكى يُحيي الجسد أيضًا، وكما أنه معروف فى الخليقة بواسطة أعماله فيجب أن يُعرف بعمله فى الإنسان أيضًا، وأن يُظهر نفسه فى كل مكان، وبذلك لا يترك أيًا من المخلوقات مقفرًا من ألوهيته ومعرفته . فإنى أعود وأكرر ما قلته سابقًا إن المخلّص فعل ذلك حتى كما أنه يملأ كل الأشياء فى كل مكان بحضوره هكذا أيضًا فإنه يملأ كل الأشياء من معرفته ، كما يقول الكتاب المقدس أيضًا: “الأَرْضَ (كلها) تَمْتَلِئُ مِنْ مَعْرِفَةِ الرَّبِّ”(اش 11: 9) . لأنه إن نظر الإنسان إلى السماء فإنه سيرى تنظيمه لها . ولكن إن كان لا يستطيع أن يرفع وجهه إلى فوق بل ينظر فقط بين الناس سيرى من خلال أعمال الله قوته التى لا مجال لمقارنتها بقوة البشر وسيعرف أن المسيح وحده بين البشر هو الله الكلمة (المتجسد) . وإذا ضل إنسان، وإذا حوّل أحد نظره إلى الشياطين وكان يخاف منهم، فيمكنه أن يرى المسيح يطرد الشياطين ويتيقن بهذا أن المسيح هو صاحب السلطان عليها . أو إذا نزل الإنسان إلى عمق المياه وهو يتوهم أنها إله ـ كما كان المصريون مثلاً يعبدون الماء ـ فإنه يمكن أن يرى طبيعة المياه تتغير بسلطانه (المسيح) ويعرف أن المسيح الرب هو خالق المياه. أما إذا نزل إنسان إلى الهاوية، ووقف أمام أبطال العبادة الوثنية مرتعبًا منهم كآلهة فإنه يمكن أن يرى حقيقة قيامة المسيح ونصرته على الموت، ويدرك بهذا أن المسيح هو وحده الرب والإله الحقيقى . لأن الرب لمَسَ كل أجزاء الخليقة وحرّرها من كل خداع كما يقول بولس: “إِذْ جَرَّدَ الرِّيَاسَاتِ وَالسَّلاَطِينَ اشْهَرَهُمْ جِهَاراً، ظَافِراً بِهِمْ فِيهِ (في الصليب)”(كو 2: 15) ، لكى لا ينخدع أى إنسان فيما بعد بل يجد كلمة الله الحق فى كل مكان. وهكذا إذ يكون الإنسان مُحاصرًا من كل ناحية (بأعمال الخليقة) وإذ يرى ألوهية الكلمة مُعلنة فى كل مكان ـ في السماء وفي الهاوية وفي الناس وعلى الأرض ـ فإنه لا يبقى مُعرّضًا للانخداع بأى فكر مُضل عن الله بل يَعبُد المسيح وحده وبه يأتى مباشرة ليعرف الآب . |
||||
06 - 02 - 2018, 05:21 PM | رقم المشاركة : ( 923 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
روح المجد الباطل – القديس انطونيوس
أكتب اليكم كأناس تحبون الله وتسعون اليه بكل قلوبكم, فان الله يسمع لمثل هؤلاء الناس حينما يصلون, ويباركهم في كل شئ, ويهب لهم كل ما تسأله نفوسهم حينما يتوسلون اليه, اما أولئك الذين يأتون اليه ليس بكل قلبهم, بل يكونون ذوي قلبين, والذين يعملون أعمالهم لكي يُمجدوا من الناس, مثل هؤلاء لا يستمع الله لهم في أي شئ يسألونه منه, بل بالحري يغضب من أعمالهم, لأنه مكتوب “لأَنَّ اللهَ قَدْ بَدَّدَ عِظَامَ مُحَاصِرِكَ” (مز 53: 5) فترون اذن, كيف يغضب الله علي أعمال هؤلاء الناس, ولا يعطيهم شيئا من طلباتهم التي يسألونها منه, بل بالحري يقاومهم, لأنهم لا يعملون أعمالهم بايمان, بل يعملونها بتظاهر, لأجل ذلك, فان القوة الالهية لا تسكن فيهم, بل يكونون ضعفاء ومرضي في كل أعمالهم, وفي كل ما تمتد اليه أيديهم. لأجل هذا السبب فهم لم يعرفوا قوة النعمة, وكيف هي تحرر من الهم, ولا يعرفون الفرح الذي تعطيه, بل تكون نفوسهم مثقلة في كل أعمالهم, ان الغالبية العظمي من أبناء جيلنا هم بهذه الحالة: أنهم لم ينالوا القوة الالهية التي تسمن النفس, وتملأها فرحا وسرورا, وتعطيها يوما فيوما تلك البهجة التي تجعل القلب مشتعلا بحرارة الهية, لأن العمل الذي يعملونه, انما يعملونه كما لو كان ليراه الناس, ولهذا السبب فان القوة الالهية لا تحل عليهم, لأن قوة الله تبغض ذلك الانسان الذي يعمل أعماله لأجل مجد الناس. لذلك يا أحبائي, الذين قدمتم ثماركم لله, جاهدوا في كل أعمالكم ضد روح المجد الباطل, لكي تغلبوه في كل الأشياء, ولكي تكون حياتكم كلها وجسدكم مقبولة أمام الله, وتسكنون في الحياة مع خالقكم, ولكي تنالوا القوة الالهية, التي هي أفضل من كل الأشياء. لأني متيقن يا أحبائي, انكم طالما كنتم تفعلون كل ما في وسعكم في الحرب ضد روح المجد الباطل, ولا توافقونه بل ترفضونه باستمرار, فان جسدكم يكون حيا. لأن هذا الروح الشرير يهاجم الانسان في كل أعمال البر, وهو يصارع مع أولئك الذين يريدون أن يكونوا مؤمنين أمناء, وحينما ينال أي واحد منهم مدحا من الناس بسبب أمانته أو تواضعه أو احتماله للعار, فان الروح الشرير يدخل بسرعة في معركة معه, ويغلب بعضا منهم, ويشتت ويطفئ حياتهم, وبعمله هذا فانه يحرضهم أن يتركوا طريق حياتهم الفاضلة, وأن ينشغلوا بارضاء الناس, وهكذا تتبدد حياتهم, رغم أن الناس يظنون أنهم قد ربحوا شيئا, لهذا السبب فان الله لا يعطيهم القوة الالهية, بل يتركهم فارغين, لأنه لم يجد نفوسهم مستعدة بثمرة صالحة, ويحرمهم من لاهوته العظيم. أما أنتم يا أحبائي, فاجتهدوا ضد روح المجد الباطل, في كل الأوقات, لكي تغلبوه في كل الأشياء, وذلك لكي ترافقكم القوة الالهية في كل حين. وأنا أصلي لله من أجلكم, لكي يعطيكم هذا الفرح في كل حين, فانه لا يوجد شئ آخر يجعل الانسان هكذا حرا من كل قلق. واذا حدث بعد نوالكم هذا الفرح أن رأيتم نفوسكم وقد خمدت الحرارة منها وانسحبت وتركتكم, فاطلبوها من جديد وهي سترجع اليكم, لأن هذه الحرارة هي مثل النار التي تغير الذهب وتنقله الي طبيعتها, فاذا رأيتم أن قلبكم قد صار مثقلا في أي وقت, فاحضروا نفوسكم أمامكم وراجعوها الي أن تصير حارة مرة أخري وتشتعل فيها نيران الله. لأن داود النبي أيضا حينما رأي قلبه مثقلا:“فَأَسْكُبُ نَفْسِي عَلَيَّ” (مز 42: 4) “تَذَكَّرْتُ أَيَّامَ الْقِدَمِ. لَهَجْتُ بِكُلِّ أَعْمَالِكَ … بَسَطْتُ إِلَيْكَ يَدَيَّ. نَفْسِي نَحْوَكَ كَأَرْضٍ يَابِسَةٍ” (مز 143: 5 و 6) هذا ما فعله داود حينما رأي أن نفسه قد بردت وثقلت, لكيما يجعلها حارة مرة أخري, وهو قد نال الحلاوة الالهية بالنهار والليل معا فافعلوا اذن هكذا يا أحبائي وأنتم ستنمون وتتقدمون, وسيعلن الله لكم أسرارا عظيمة لا توصف …. فليحفظكم الله في صحة الروح والنفس والجسد الي أن يحضركم الي ملكوته مع آبائكم الذين أكملوا الحياة الصالحة …. كونوا فرحين بالرب الذي له المجد الي أبد الآبدين ….. |
||||
06 - 02 - 2018, 05:22 PM | رقم المشاركة : ( 924 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
لاهوت وناسوت الكلمة ـ القديس اثناسيوس
إن الآريوسيين تحولوا هم أنفسهم ، وفكروا بنفس طريقة تفكير الصدوقيين ، بأنه ليس شئ أعظم منهم أو خارجًا عنهم ـ إنهم أخذوا كتابات الوحى الإلهى وفهموها بمفاهيم وظنون بشرية (جسدية). وحينما يسمعون (الكتب المقدسة تقول) إن ابن الآب هو الـ”حكمة” والـ”بهاء” والـ”كلمة” ، فإنهم اعتادوا أن يقولوا : كيف يمكن أن يكون هذا ؟ كأنه يمكن أن يكون غير ذلك ، وهذا هو الأمر الذى لا يستطيعون أن يفهموه . فهل حان الوقت لكى يفهموا هذا الأمر فيما يخص وجود كل الأشياء . فكيف تستطيع الخليقة ـ وهى غير كائنة البتة ـ أن تكون (وتوجد) ؟، أو كيف يتسنى لتراب الأرض أن يصيغ إنسانًا عاقلاً ؟ أو كيف يستطيع الفانى أن يكون غير فانٍ ؟ ، و كيف وضع الله أساسات الأرض على البحار ، وثبتها على مجارى الأنهار (مز2:24) ؟ . وكذلك ينطبق عليهم القول القائل “لْنَأْكُلْ وَنَشْرَبْ لأَنَّنَا غَداً نَمُوتُ” (1كو32:15) , لكى يهلك معهم أيضًا جنون آريوسيتهم عندما يهلكون . إن تفكير الآريوسيين فانٍ وفاسدٍ ، وأما كلمة الحق التى كان يليق أن تكون فى فكرهم فهى هكذا : إن كان المصدر (المنبع) والنور، والآب هو الله ، فليس من العدل أن يُقل إن المصدر (الينبوع) بلا ماء ولا أن يكون النور بلا إشراق ، ولا الله بغير كلمة ، حتى لا يكون الله غير حكيم أو غير ناطق أو بغير نور. ولهذا السبب نفسه ، فكما أن الآب أزلى يلزم أيضًا أن يكون الابن أزليًا كذلك . لأن كل ما نفكر به من جهة الآب فهو بلا شك للابن أيضًا ، كما يقول الرب نفسه “كُلُّ مَا لِلآبِ هُوَ لِي” (يو15:16) وكل ما هو لى فهو للآب (يو 17: 10). لذلك فإن الآب أزلى ، والابن أزلى أيضًا ، لأنه “بِهِ أَيْضاً عَمِلَ الْعَالَمِينَ” (عب 2:1) فكما أن الآب كائن كذلك فمن الضرورى أن يكون الابن أيضًا كائنًا ، “الْكَائِنُ عَلَى الْكُلِّ إِلَهاً مُبَارَكاً إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ“ (رو5:9) كما قال الرسول بولس. وكما أنه لم يجرِ العرف على أن يُقال عن الآب إنه جاء إلى الوجود على اعتبار أنه لم يكن موجودًا ، هكذا ليس من اللائق أن يُقال عن الابن إنه جاء إلى الوجود لأنه لم يكن موجودًا ـ فالآب قادر على كل شئ ، والابن قادر على كل شئ ، كما يقول يوحنا “الْكَائِنُ وَالَّذِي كَانَ وَالَّذِي يَأْتِي، الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ” (رؤ8:1). الآب نور ، والابن شعاع ونور حقيقى . الآب إله حقيقى والابن إله حقيقى. لأنه هكذا كتب يوحنا “وَنَحْنُ فِي الْحَقِّ, فِي ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ, هَذَا هُوَ الإِلَهُ الْحَقُّ وَالْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ”(1يو20:5) فليس هناك شئ على الإطلاق يخص الآب دون أن يخص الابن أيضًا . ولأجل ذلك فإن الابن هو فى الاب والآب هو فى الابن (يو11:14). وحيث إن أمور الآب هذه هى فى الابن ، فإن هذه الأمور نفسها أيضًا تُدرك فى الآب وهكذا يُفهم القول “أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ” (يو30:10) حيث إنه ليس فيه (فى الآب) أشياء وفى الابن أشياء غيرها ، بل إن ما فى الآب هو فى الابن . وحيث إنك ترى فى الابن ما تراه فى الآب ، لذلك فلتفكر جيدًا فى قول الرب “اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ” (يو9:14). وهكذا إذ قد برهنا على هذه الأشياء ، فإنه من عدم التقوى أن يُقال إن الابن مخلوق . لأنه فى تلك الحالة سيكون هناك اضطرار للقول بأن الينبوع المتدفق مخلوق ، وأن الحكمة مخلوقة ، وأن الكلمة مخلوق فى حين أن كل الأشياء هى خاصة بالآب . ومن هذه الأشياء يمكن للواحد منا أن يتبين عدم صحة ما فهمه مجانين الآريوسية. ولو كنا نحن متشابهين ، ولنا شخصيتنا ، ونحن من جوهر واحد ، لذا فالبشر متشابهون إذ لهم شخصيتهم ، ولنا جوهر واحد بعضنا مع بعض. إذ للجميع نفس الجوهر ، المائت الفاسد ، المتغير ، المخلوق من العدم . والملائكة أيضًا لهم نفس الطبيعة فيما بينهم وبين انفسهم وكذلك أيضًا جميع الخلائق الأخرى بالمثل. وإذا صح هذا الأمر فكيف يبحث المتشككون إن كان هناك أى تشابه بين الابن والمخلوقات ، أو كانت الأشياء التى تخص الابن يمكن أن توجد بين الأشياء المخلوقة ، فكيف تجرؤ الخليقة أن تنطق كلمة الله. ولكن ليت الساقطين والضالين لا يمسون إطلاقًا ما يخص التقوى ـ فإنه ليس بين المخلوقات من هو ضابط للكل ، وليس هناك (ضابط للكل) يضبط ويحفظ ضد ضابط آخر ، لأن كل واحد منهما يكون خاصًا بالله. لأن “اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ اللهِ”(مز1:18) و “لِلرَّبِّ الأَرْضُ وَمِلْؤُهَا”(مز1:24) و “الْبَحْرُ رَآهُ فَهَرَبَ”(مز3:114) وكل خدامه المختصون بالعمل : “فَاعِلِينَ أَمْرَهُ”(مز20:103) ، وطائعون أمره. فالابن ضابط الكل ، مثل الآب . وهذا هو ما كُتب وأُثبت. ومرة أخرى أيضًا ، فإنه لا يوجد بين المخلوقات ما هو غير متغير بطبيعته. لأن بعض الملائكة لم يحفظوا رتبتهم الخاصة بهم، فحتى “الْكَوَاكِبُ غَيْرُ نَقِيَّةٍ فِي عَيْنَيْهِ”(أي 5:25) . وقد سقط الشيطان من السماء ، وحذا آدم حذوه ، وكذلك أيضًا كل الذين يعصون الله . أما الابن فهو غير متغير وغير قابل للتحول كالآب تمامًا . وها هو بولس يرجع بذاكرته إلى ما جاء فى المزمور فيقول “وَأَنْتَ يَا رَبُّ فِي الْبَدْءِ أَسَّسْتَ الأَرْضَ، وَالسَّمَاوَاتُ هِيَ عَمَلُ يَدَيْكَ. هِيَ تَبِيدُ وَلَكِنْ أَنْتَ تَبْقَى، وَكُلُّهَا كَثَوْبٍ تَبْلَى،. وَكَرِدَاءٍ تَطْوِيهَا فَتَتَغَيَّرُ. وَلَكِنْ أَنْتَ أَنْتَ، وَسِنُوكَ لَنْ تَفْنَى”(عب10:1ـ 12). ومرة أخرى يقول “يَسُوعُ الْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْساً وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ”(عب8:13). وأيضًا فإن الأشياء التى وُجدت ، لم تكن موجودة ثم بعد ذلك وُجدت . لأنه صنع الأرض من العدم . وهو الذى “يَدْعُو الأَشْيَاءَ غَيْرَ الْمَوْجُودَةِ كَأَنَّهَا مَوْجُودَةٌ”(رو17:4) وهى مصنوعة ومخلوقة ولذلك كانت هناك بداية لوجود هذه الأشياء . لأنه “فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ” (تك1:1) وكل ما فيها . إذ يقول أيضًا “كُلُّ هَذِهِ صَنَعَتْهَا يَدِي”(إش2:66) والابن أيضًا هو إله كائن على الدوام كالآب أيضًا . وهكذا فإن هذا هو التعليم الذى قبلناه وتسلمناه، فإنه ليس مخلوقًا بل خالقًا . وهو ليس البيت المبنى بل هو بانيه، وصانع أعمال الآب . لأنه “بِهِ أَيْضاً عَمِلَ الْعَالَمِينَ”(عب 2:1)“وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ”(يو 3:1). كما علّم الرسول بما جاء فى المزمور، لإنه من البدء أسس الأرض والسموات هى عمل يديه (مز26:102). وأيضًا فليس شئ من المخلوقات هو بالطبيعة إله. بل إن كل الأشياء المخلوقة تكونت، وهذه الأشياء سُميت : الواحدة سماء ، والأخرى أرضًا والبعض أنوار فى السماء وأخرى نجومًا، والبعض بحرًا وأغوارًا عميقة ودوابًا وأخيرًا الإنسان. وقبل كل هذه المخلوقات ، خلق ملائكة ورؤساء ملائكة ، وشاروبيم ، وقوات ، ورئاسات وسلاطين ، وأربابًا ، وفردوسًا . وهكذا ظل كل واحد من المخلوقات موجودًا. فحتى إذ دُعيت آلهة فهى ليست آلهة بالطبيعة ، بل عن طريق اشتراكها فى الابن. لأنه هكذا قال أيضًا “إِنْ قَالَ آلِهَةٌ لِأُولَئِكَ الَّذِينَ صَارَتْ إِلَيْهِمْ كَلِمَةُ اللَّهِ”(يو35:10) وعلى هذا الأساس فلكونهم ليسوا آلهة بالطبيعة ، فإنهم عندما يلتقون ، يسمعونه قائلاً “أَنَا قُلْتُ إِنَّكُمْ آلِهَةٌ وَبَنُو الْعَلِيِّ كُلُّكُمْ. لَكِنْ مِثْلَ النَّاسِ تَمُوتُونَ” (مز 82: 6-7). بعد أن استمع لقولهم “وَأَنْتَ إِنْسَانٌ تَجْعَلُ نَفْسَكَ إِلَهاً” (يو 10: 33) . أما الابن فهو إله حقيقى كالآب لأنه كائن فى الآب والآب كائن فيه (يو14: 10) . وهذا ماكتبه يوحنا بحسب ما قد أُعلن له . كما يرتل داود “كُرْسِيُّكَ يَا اللهُ إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ. قَضِيبُ اسْتِقَامَةٍ قَضِيبُ مُلْكِكَ” (مز6:45) وإشعياء النبى يصرخ قائلاً : “تَعَبُ مِصْرَ وَتِجَارَةُ كُوشٍ وَالسَّبَئِيُّونَ ذَوُو الْقَامَةِ إِلَيْكِ يَعْبُرُونَ وَلَكِ يَكُونُونَ. خَلْفَكِ يَمْشُونَ. بِالْقُيُودِ يَمُرُّونَ وَلَكِ يَسْجُدُونَ. إِلَيْكِ يَتَضَرَّعُونَ قَائِلِينَ: فِيكِ وَحْدَكِ اللَّهُ وَلَيْسَ آخَرُ. لَيْسَ إِلَهٌ, حَقّاً أَنْتَ إِلَهٌ مُحْتَجِبٌ يَا إِلَهَ إِسْرَائِيلَ “(اش 45: 14-15) فمن هو إذن الإله الذى يكون الله فيه إن لم يكن هو الابن القائل “أَنِّي فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ”(يو10:14). فبما أن هذه الأشياء قد حدثت وكُتبت ، فمن يجهل أن كل ما هو للآب فهو للابن (يو15:16) ، حيث إن الابن ليس شبيه بين المخلوقات ، لأن الابن هو من نفس جوهر الآب ؟ . فإنه إن كان هناك شبه بين مخلوق وآخر فإنه يكون بينهما قرابة أيضًا إذ هما من نفس الجوهر ، هكذا يكون الغريب أيضًا بالنسبة لجوهر الأشياء المخلوقة . وبالمثل أيضًا فإن كلمة الآب لا يكون مختلفًا عن الآب . وطالما أن له كل ما هو للآب فمن المعقول أن يكون من نفس جوهر الآب ، لأن الجوهر المخلوق لا يستطيع أبدًا أن يقول “كُلُّ مَا لِلآبِ هُوَ لِي”(يو15:16). لأن الجوهر المخلوق إذ له بداية تكوين، ليس كائنًا بذاته ، أما الله فهو كائن “مُنْذُ الأَزَلِ” (مز 90: 2) . ولهذا فحيث إن الابن له كل هذه الصفات ، وكل ما قيل عن الآب قبل ذلك ، هو عن الابن أيضًا فمن الضرورى أن يكون جوهر الابن غير مخلوق ، بل هو واحد مع الآب فى الجوهر . وبالإضافة إلى ذلك فإنه بحسب هذا الأمر لا يجوز أن تُنسب لأى جوهر مخلوق الخصائص الخاصة بالله . فمن بين تلك الخصائص المتعلقة به ، والتى يُعرّف بها الله : أنه ضابط الكل ، وأنه الكائن ، وأنه غير المتغير ، والصفات الأخرى التى سبق أن أخبرنا بها ، حتى لا يبدو الله ذاته من نفس جوهر المخلوقات ، كما يقول الجهلاء أنه يمتلك ما يستطيع أن يحصل عليه مثله مثل المخلوقات . وهكذا يمكن للإنسان أن يكشف ويفضح ويدحض تجديف الذين يقولون بأن كلمة الله مخلوق . إن إيماننا بالآب والابن والروح القدس ، نابع من قول الابن نفسه للرسل : “اذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ”(مت19:28) لقد تكلم هكذا حتى نعرف وندرك ، تلك الأمور التى سبق الإخبار بها. لذا فمثلما قلنا إن الآباء هم مصدر الأبناء ، ومع ذلك فهم والدون ولم يقل أحد إننا نحن أنفسنا خِلقة آبائنا بل أبناء لهم بالطبيعة ، ومن نفس جوهر آبائنا . وهكذا فإن كان الله أبًا ، فمما لا شك فيه أنه أب لابن بالطبيعة وهذا الابن الابن هو من نفس جوهره . فإبراهيم إذن لم يخلق اسحق بل وَلَده ، أما بصلئيل و اهولياب فلم يَلِدَا كل الأعمال التى فى الخيمة بل صنعاها (خر1:36). وصانع السفن ، والبنّاء لا يلدان ما يصنعان بل كل واحد منهما يعمل : فالأول منهما يصنع السفينة والثانى يبنى المنزل . ومع ذلك فإن اسحق لم يصنع يعقوب بل وَلَده بالطبيعة ومن جوهره. وهكذا كان يعقوب أبًا ليهوذا واخوته. فكما أن أى شخص يُعتبر مجنونًا إذا قال إن المنزل من نفس جوهر البانى الذى بناه، وإن السفينة هكذا أيضًا بالنسبة لصانعها ، فإنه يكون من اللائق والمناسب أن يُقال إن كل ابن هو من نفس جوهر أبيه نفسه . فلو كان الآب هكذا مع الابن أيضًا، فمن الضرورى أن يكون الابن ، ابنًا بالطبيعة ، وبالحقيقة، وهذا هو الجوهر الواحد مع الآب كما يتضح من أمور كثيرة . ففيما يختص بالمخلوقات يقول لأنه تكلم فصاروا “لأَنَّهُ أَمَرَ فَخُلِقَتْ” (مز 148: 5) , أما عن الابن فيقول “فَاضَ قَلْبِي بِكَلاَمٍ صَالِحٍ”(مز1:45). ودانيال عرف ابن الله ، وعرف أعمال الله ، ورأى الابن يُطفئ الأتون ، وقال عن هذه الأعمال “باركى الرب يا جميع أعمال الرب”(دا 3: 57) وقد أحصى جميع المخلوقات ولكنه لم يحصِ الابن بينها ، عارفًا أنه (أي الابن) ليس من بين أعمال الرب بل أن هذه الأعمال قد صارت بواسطته ، وهو فى الاب مُمجد ومُعظم ومُكرّم غاية التكريم . إذن كما أن الله ظهر وأُعلن بواسطته للعارفين ، هكذا أيضًا فإن البركة والتسبيح والمجد والقدرة يُعترف بها للآب بواسطته وفيه ، كى يصير مثل هذا الاعتراف مقبولاً أيضًا ، كما تقول الكتب . إذًا يتضح ويتبين من هذا كله أن من يقول إن كلمة الله مخلوق ، فهو مُجدف وعديم التقوى . ولكن بما أنهم يتعللون بالمكتوب فى الأمثال “اَلرَّبُّ قَنَانِي أَوَّلَ طَرِيقِهِ مِنْ قَبْلِ أَعْمَالِهِ”(أم22:8) ويرددون مع أنفسهم قائلين ها قد خلق ، وها هو المخلوق . لذلك فمن الضرورى أيضًا أن نوضح من هذا أنهم يضلون كثيرًا غير عالمين هدف الكتاب الإلهى . إذن فإن كان هو الابن فحاشا أن يُقال إنه مخلوق . وإن كان مخلوقًا فحاشا أن يُقال إنه ابن . لأننا قد برهنا فيما سبق على أنه يوجد اختلاف كبير بين المخلوق والابن . وحيث إن معنى الكمال لا يشمل الخالق والمخلوق بل الآب والابن ، فالضرورة تمنع أن يُقال إنه مخلوق، بل بالحرى أن يُقال إن الرب ابن . وقد يقول البعض، ألم يكن هذا مكتوبًا إذن ؟ . نعم قد كُتب ، ولكن من الضرورى أن يُقال إن الهراطقة ، يفكرون تفكيرًا سيئًا فى الأقوال الحسنة. لأنهم لو فهموا وعرفوا خاصية المسيحية لَما قالوا إن رب المجد مخلوق ، ولَما تعثروا فى الكلام الصالح المكتوب. لذلك فأولئك “لاَ يَعْلَمُونَ وَلاَ يَفْهَمُونَ”(مز5:82) كما هو مكتوب يسيرون “فِي الظّلاَمِ”(يو35:12) ومع ذلك فمن الضرورى أن نتكلم لكى يظهر أن أولئك أغبياء فى هذا ، ولا نسكت عن إقامة الدليل ضد عدم ايمانهم حتى وإن تراجعوا عنه. فالخاصية التى تميز الإيمان بالمسيح هى هذه : أن ابن الله هو كلمة الله لأن “فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ … وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ”(يو1:1) وهو حكمة الآب وقوته “بِالْمَسِيحِ قُوَّةِ اللهِ وَحِكْمَةِ اللهِ”(1كو24:1) هذا الذى صار إنسانًا فى آخر الدهور لأجل خلاصنا ، لأن يوحنا نفسه الذى قال “فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ”(يو1:1) ما لبث بعد قليل أن قال “وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً”(يو14:1) ، هذا القول يعنى أنه قد صار إنسانًا . والرب أيضًا يقول عن نفسه لماذا “تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ”(يو40:8) وبولس الذى تعلم منه اعتاد أن يقول “يُوجَدُ إلَهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ, الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ”(1تي5:2) فالإنسان الذى كوّنَ الأجناس البشرية ودبرها(يو 1: 3) ، وطرد الموت وأبطله عنا (2تي1: 10) يجلس الآن عن يمين الآب (اع 7 : 55) وهو كائن فى الآب والآب كائن فيه (يو10:14) ، كما كان دائمًا (رو5:9) وسيكون إلى الأبد (عب8:13). إن هذه الخاصية قد وصلتنا من الرسل بواسطة الآباء ، لذلك يجب أن نختبر ونميز ما جاء بالكتاب ، فإنه أحيانًا يتكلم عن ألوهية الكلمة وأحيانًا أخرى عن إنسانيته ، لدرجة أن الإنسان يمكن أن يضل إذا لم يفهم الخاصيتين (لاهوته وناسوته) ، مثلما حدث للآريوسيين. ومن أجل ذلك ، كما أننا نعرف الكلمة نفسه ، ونعرف أن “كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ” (يو3:1) وأيضًا “بِكَلِمَةِ الرَّبِّ صُنِعَتِ السَّمَاوَاتُ”(مز6:33) وأيضًا “أَرْسَلَ كَلِمَتَهُ فَشَفَاهُمْ”(مز20:107)ولأننا نعرف أنه هو الحكمة ، نعلم أن الله “بِالْحِكْمَةِ أَسَّسَ الأَرْضَ”(أم19:3) وصنع الآب كل شئ بحكمته (مز24:104). ولأننا نعرف أنه إله قد آمنا أنه هو المسيح ، لأن كما يرتل داود “كُرْسِيُّكَ يَا اللهُ إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ. قَضِيبُ اسْتِقَامَةٍ قَضِيبُ مُلْكِكَ. أَحْبَبْتَ الْبِرَّ وَأَبْغَضْتَ الإِثْمَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مَسَحَكَ اللهُ إِلَهُكَ بِدُهْنِ الاِبْتِهَاجِ أَكْثَرَ مِنْ رُفَقَائِكَ.”(مز45: 7-8). وفى إشعياء يقول عن نفسه “رُوحُ السَّيِّدِ الرَّبِّ عَلَيَّ لأَنَّ الرَّبَّ مَسَحَنِي”(إش1:61) أما بطرس فقد اعترف قائلاً : “أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ”(مت16:16). وهكذا لأننا نعرف أنه صار إنسانًا ، فإننا لا ننكر الأقوال المتعلقة بإنسانيته ألاّ وهى الجوع والعطش والضرب والبكاء والنوم وفى النهاية قبول الموت من أجلنا على الصليب . لأن كل هذه الأشياء قد كُتبت عنه . وهكذا أيضًا فإن الكتاب لم يُخفِ ، بل قال إن كلمة “خُلِقَ” تناسب البشر (ما هو بشرى) لأننا نحن البشر مخلوقون ومصنوعون. ورغم أننا سمعنا أنه جاع ونام وضًرب إلاّ أننا لا ننكر ألوهيته ، نحن الذين نسمع كلمة “خُلِقَ” ، بل نتبع ما يتفق مع تذكرنا لله لأن الله كائن أما الإنسان فقد خُلِقَ . لأن الخلقة تخص الناس مثلما قيل من قبل عن الجوع وما شابهه . ولأن ذلك الذى يُقال عنه إنه صالح وجميل يعتبر لديهم قبيحًا ورديئًا ، أقول بالتأكيد إنه حسن أنه أخذ فى اعتباره عندما قال “أَمَّا ذَلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ وَلاَ الاِبْنُ”(مر32:13) لأن أولئك الذين يفكرون فى القول “وَلاَ الاِبْنُ”(مر32:13) ، يعنون به أن الابن مخلوق . وحاشا أن يكون هكذا . لأنه عندما يقول “قَنَانِي”(أم22:8) فإنه يتكلم بشريًا ، وعندما يقول “وَلاَ الاِبْنُ”(مر32:13) فإنه يتكلم عن المعرفة البشرية . وهناك سبب معقول يجعله يقول مثل هذا القول ، إذ بما أنه قد صار إنسانًا ، كما هو مكتوب ، فإنه يكون مشابهًا للبشرية تمامًا فى عدم المعرفة ، كما فى الجوع وغيره من الصفات (البشرية), لأنهم لا يعرفون إن لم “يَسْمَعُوا وَيَتَعَلمُوا” (تث 31: 12). من أجل هذا أيضًا، فإنه إذ قد صار إنسانًا فقد أظهر جهل البشر فى نفسه، أولاً لكى يُظهر أن له جسدًا بشريًا حقًا، وثانيًا ، لكى ـ عندما يكون له فى جسده جهل البشر ، يقدم للآب جنسًا بشريًا مُفتدى من بين الجميع ، وطاهرًا وكاملاً ومقدسًا . فهل لا يزال يوجد لدى الآريوسيين أى إدعاء يدّعون به . فلماذا إذن يتهامسون ويدمدمون عندما يفكرون فى هذا الأمر. لقد أُدينوا لأنهم لا يعرفون “اَلرَّبُّ قَنَانِي … مِنْ قَبْلِ أَعْمَالِهِ”(أم22:8) وظهروا بأنهم لا يفهمون “أَمَّا ذَلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ وَلاَ الاِبْنُ”(مر32:13).لأن ذلك مثل من يقول إن “خلق” الإنسان تعنى ، أن الإنسان قد تكوّنَ وخُلِقَ . أما ذلك الذى يقول “أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ” (يو30:10) وأيضًا “اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ”(يو9:14) و “أَنِّي فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ”(يو10:14) فهذه الأقوال تعنى الأزلية والوحدة مع الآب فى الجوهر . ولذلك فإن من يقول لا أحد يعرف “وَلاَ الاِبْنُ” (مر32:13) فإنه يقول هذا كإنسان صار مشابهًا للبشر تمامًا فى عدم المعرفة . أما من يقول “لَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الاِبْنَ إِلاَّ الآبُ وَلاَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الآبَ إِلاَّ الاِبْنُ”(مت27:11) فإنه بالأحرى يعرف الأشياء المخلوقة أكثر بكثير ، فإن التلاميذ قالوا للرب فى إنجيل يوحنا “اَلآنَ نَعْلَمُ أَنَّكَ عَالِمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ” (يو30:16)إذن فمن الواضح أنه لا يوجد شئ لا يعرفه ذلك الذى هو الكلمة الذى ” كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ” (يو3:1) . و“ذَلِكَ الْيَوْمُ”(مر32:13) هو حتمًا من بين تلك الأشياء التى تصير به ، وهكذا فإن الآريوسيين يتمزقون أربًا ربوات المرات بسبب جهالتهم . |
||||
06 - 02 - 2018, 05:22 PM | رقم المشاركة : ( 925 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
نزول المسيح الى الجحيم ـ القديس ابيفانيوس القبرصي
خطاب في دفن جسد ربّنا وإلهنا ومخلّصنا يسوع المسيح، عن يوسف الذي من الرامة، عن نزول الرب إلى الجحيم نزولاً مستغرباً بعد الآلام الخلاصيّة السكون ما هذا الصمت غير المحدود، المخيّم على الأرض في هذا اليوم؟ صمتٌ عظيم وهدوء كثير. صمتٌ عظيم لأن الملكَ نائم. خشعت الأرض فاستراحت لأن الإله قد رقد بالجسد. مات الإله بالجسد وارتعدت الجحيم. رقد الإله قليلاً والذين رقدوا منذ الدهر أقامهم من الجحيم. أين هي الاضطرابات والأصوات والضجّة الآثمة المصعَّدة ضدّ المسيح؟ أين الجماهير والثورات والجنود والحراس والسيوف والرماح؟ أين الملوك والكهنة والقضاة المقضيّ عليهم؟ أين المشاعل المضاءة والسيوف والصرخات الفوضويّة؟ أين الجماهير المزمجرة والحرّاس العديمو الحشمة؟ لقد اختفى الجميع لأن الشعوب بالحقيقة دبّرت خططاً باطلة لا معنى لها. داسوا حجر لزاوية، المسيح فتحطّموا. ضربوا بمكر الصخرة الثابتة لكنهم تلاشوا كالزبد على مثال الموج الذي يضرب الصخور. دقّوا على السندان غير المنهزم فتقطّعوا إرباً إرباً. رفعوا الحجر على خشبة الصليب فتدحرج عليهم وقتلهم. كما قيّد الفلسطينيون شمشون الجبّار كذلك فعلوا بالمسيح الشمس، لكن هذا الأخير حطم السلاسل التي منذ القديم البعيد، وقضى على الأثمة والغرباء. غاب الإله المسيح شمس العدل في الأرض فنزل على اليهود ظلامٌ كثيفالخلاص اليوم الخلاص للذين يعيشون على الأرض وللذين تحتها منذ الدهر. اليوم خلاص العالم بأسره، المنظور والغير المنظور. اليوم حضور المسيح السيّد المزدوج: رأفة مزدوجة، نزول مزدوج مع تنازل، محبّة للبشر مزدوجة، افتقاد للبشر مزدوج. نزل المسيح من السماء إلى الأرض ومن الأرض إلى ما تحت الثرى. أبواب الجحيم تُفتح. افرحوا يا من ترقدون منذ الدهور البعيدة، الموجودين في الظلام وظلال الموت، تقبّلوا النور العظيم. يأتي الرب في ما بين عبيده، الإله فيما بين الأموات، الحياة في ما بين الموت، البريء فيما بين المذنبين. النور الذي لا يغرب فيما بين القابعين في الظلام، المحرّر فيما بين الأسرى، تحت الثرى هذا هو الذي أعلى من السماوات. جاء المسيح إلى الأرض وآمنا بذلك. نزل المسيح إلى الأموات فلننزل معه ولنتعلّم الأسرار الحاصلة هناك. لنتعرّف إلى العجائب الخفية الحاصلة تحت الأرض والتي لله الخفيّ. لنتعلم كيف أشرقت كرازة المسيح أيضاً على السالكين في الجحيمالبارحة واليوم ماذا أيضاً؟ بنزوله إلى الجحيم هل يخلّص الإله الجميع بدون استثناء؟ لا، لأنه كما على الأرض هكذا أيضاً هناك، يخلّص الذين آمنوا به. البارحة رأينا مظاهر ضعف المسيح الخلاصي، واليوم نرى مظاهر قوته. البارحة عايشنا طاعته، واليوم نشهد لسيادته. البارحة علامات طبيعته الإنسانية، واليوم العلامات الإلهية. البارحة لطموه، واليوم ببرق لاهوته يشقّ مسكن الجحيم المظلم. البارحة قيّدوه، واليوم هو الذي يقيّد الطاغية الشيطان بقيود لا تنحل. البارحة حكموا عليه، واليوم يهب الحرية للمحكوم عليهم بالخطيئة. البارحة استهزأ به خدام بيلاطس، واليوم رأوه بوّابو الجحيم فارتعدواالقديم والجديد أنظر إلى آلام المسيح وما يفوق قدرة الكلام. أنظر إليها وارفع التسبيح. أنظر ومجّد عجائب الله العظيمة. انظر كيف يمضي الناموس الموسوي وتزهر نعمة المسيح، كيف تذهب الرموز والأشكال ويُكرز بالحقيقة، كيف يغيب الظلام وتعمّ الشمس المسكونة، كيف يُضحي العهد القديم لا فائدة منه ويُصدَّق على الجديد، كيف تمضي الأشياء وتهر الجديدة. شعبان وُجدوا في صهيون معاً في آلام المسيح (اليهودي والوثني) ملكان: بيلاطس وهيرودوس. رئيسا كهنة: حنّان وقيافا. هكذا يتم الفصحان معاً، ينتهي الفصح اليهودي ويبدأ الفصح المسيحيفي الليلة نفسها تُقدّم ضحيّتان، يتمّ فيها خص الأحياء والأموات. من جهة يقبض الشعب اليهودي على حمل الله ويذبحونه، ومن جهة أخرى يتعرّف الوثنيون إلى الله المتخذ جسداً. يقبض اليهود على المسيح ويطردونه خارجاً، فتتقبّله الأمم بنشاط. اليهود يقدّمون ذبيحة حيوانية، والأمم تقدم ذبيحة الإله اللابس جسداً بشرياً حياة مزدوجة اليهود يقدّمون ذبيحة الفصح تذكاراً لخروجهم من مصر، والأمم يعلنون فيها خلاصهم من ضلالة الأوثان. أين يتم ذلك؟ في صهيون مدينة الملك العظيم. فيها صُنع الخلاص في وسط الأرض، حيث ظهر يسوع أين الله بولادته بين حيوانين (الثور والحمار)، بين وجودين، جسديّ وروحيّ، يرمز إليهما الحيوانان. هذا الذي ظهر حياةً المولود من الحياة والواهب الحياة، الذي ولد في مزود في ما بين الملائكة والبشر، الذي وقف فيما بين شعبين وجعلهما واحد كحجر الزاوية، الذي كُرز به بين الناموس والأنبياء، الذي ظهر بين موسى وايليا على جبل ثابور، الذي بين لصين أُعلن إلهاً من قبل اللص الشكور، هذا الذي يجلس أبدياً على كرسي القضاء حيث تنتهي الحياة الحاضرة وتبدأ المستقبلة يظهر اليوم بيت الأحياء والأموات مانحاً الحياة والخلاص معاً، حياةٌ مزدوجة، ولادة مزدوجة مع إعادة ولادة. فأنظر إذاً إلى الأحداث وصفّق لعجائب ولادة المسيح المزدوجةالولادتان ملاكٌ يبشر والدة الإله مريم بالحبل المسيحي وولادته، وملاكٌ يبشر مريم المجدليّة ببشارة الفرح بقيامة المسيح من القبر. المسيح يولد ليلاً في بيت لحم، وكذلك ليلاً يولد من جديد من بين الأموات في صهيون. يولد في مغارة من صخر، ويولد ثانية عند القيامة من مغارة وصخرة. يُلف بالأقمطة عند الولادة وعند الدفن. هناك تقبل المرّ الذي قدمه المجوس، وهنا يتقبل دهنه بالطيب ودفنه على يد يوسف ونيقوديمس. هناك يخدمه يوسف خطيب مريم الذي لم يكن يعرفها، وهنا يوسف الذي من الرامة. هناك الرعاة بشّروا بولادة المسيح، وهنا رعاةٌ أيضاً، وهم تلاميذ المسيح، بشروا قبل غيرهم بولادته الجديدة من الأموات. هناك هتف الملاك بالعذراء “افرحي”، وهنا المسيح ملاك الرأي العظيم هتف بحاملات الطيب”افرحن”. في ولاته الأولى دخل المسيح إلى أورشليم الأرضية بعد أربعين يوماً، دخل إلى الهيكل وقدم لله كونه البكر زَوج حمام. أيضاً عند ولادته الجديدة من الأموات بكراً ولا فساد صعد بعد أربعين يوماً إلى أورشليم السماوية التي لم ينفصل عنها، إلى قدس الأقداس، وقدَّم لله الآب زَوج حمام بلا عيب وهما النفس والجسد، جسدنا. هناك في السماء تقبّله سمعان، ولكن أيَّ سمعان هذا؟ القديم الأيّام، الله الذي فبل الدهور، وكأن على ذراعيه، في حضنه ما يتعدّى كل وصف بشري. وإن اعتبرت كل ذلك خرافةً لا إيماناً حقاً أدانتك الأختام غير المنتهكة، أختام القبر السيّدي لقيامة المسيح. فإنه كما ولد المسيح من العذراء حافظاً أختام البتولية (تلك التي تُتح طبيعياً بالحبل عند النساء كافة) مصونةً، هكذا حصل بالضبط لدى قيامة المسيح من الأموات إذ أن أختام القبر لم تفتح هي أيضاً عند القيامةيوسف ونيقوديموس كيف، متى ومن دفن المسيح الحياة؟ لننظر ماذا يقول الكتاباتُ الشريفة. “لما كان المساء جاء رجل غنيّ من الرامة اسمه يوسف. هذا تجرّأ ودخل إلى بيلاطس وطلب جسد يسوع” (متى57:27-مرقس43:15). جاء المائت إلى المائت يطلب أن يأخذ إله البشر! الجبلة تطلب من الجبلة أن تأخذ جابل الكلّ! العشب يطلب من العشب أن يأخذ النار السماويّة! القطرة العدم تطلب من القطرة الأخرى أن تعطي المحيط بأسره! من شهد ومن سمع بمثل هذا الذي لا يسمع به قط: إنسان يهب إنساناً آخر صانع الكلّ! قاضٍ لا قضاء عليه يسمح بان يدفن محكوماً عليه وهو قاضي القضاة!“لما كان المساء جاء رجل غنيّ اسمه يوسف”. بالحقيقة هو ني لأنه أخذ شخصَ الرب بكامله. بالحقيقة غنيّ لأنه أخذ من بيلاطس المسح بحضوريه. غنيّ لأنه استحق أن يأخذ اللؤلؤة الثمينة. غنيّ لأنه أخذ في يديه خزينةً تحتوي على الذخيرة الإلهية كاملة! كيف لا يكون غنياً هذا الذي حصل الحياة وخلاص العالم! كيف لا يكون يوسف غنياً بعد أن تقبل كهديّة ذاك الذي يغذّي الكلَّ ويدبّرهم؟ “لما كان المساء” : لقد غاب شمس العدل في الجحيم. لذلك جاء رجل غنيّ اسمه يوسف من الرامة بقي مختبئاً خوفاً من اليهود. جاء معه نيقودمس الذي كان قد زار يسوع في إحدى الليالي (يوحنا1:3-2،39:19) سر محبة الله العظيمة يا له من سر خفي أكثر من الأسرار كلَها! خفيّان يأتيان ليخفيا يسوع في القبر. وبطريقتهما الخفية يعلّمان السرَّ الخفي في الجحيم، سرَّ الله الذي توارى في الجسد. الواحد ينافس الآخر في حرارة استعدادهما نحو المسيح. من جهة يقدّم نيقوديمس الدهن والطيب بإكرام، ومن جهة أخرى يتقدم يوسف المستحق المديح إلى بيلاطس بجرأة وشجاعة. لكن لماذا، بعد أن رمى عنه كل خوف، يتقدم بيلاطس بجرأة ويطلب جسد يسوع؟ عندما يتقدم إليه بحذاقة كليّة من أجل أن يصيب هدفه. لذلك يستعمل في حديثه مع بيلاطس تعابير فاخرة لئلا يُغضبه ويفشل منذ البرهة، الذي شقّق الأرض والصخور، الذي شقّ حجابَ الهيكل إلى اثنين. لم يقل لبيلاطس شيئاً من ذلك على الإطلاق. لكن ماذا قال له؟أعطني هذا الغريب شيئاً واحداً أطلب منك يا سيّدي، غرضاً صغيراً جئت من أجله: أعطني أن أدفن جسد ذلك المائت، الذي حكمت عليه بالموت، جسد يسوع الناصري، يسوع الغريب، يسوع الفقير، الذي لا سقف له، يسوع المعلّق عرياناً، يسوع ابن النجار الحقير، المقيّد والمعروض في البرّية، الغريب المجهول بين الغرباء، المعلّق والمزدرى به بالحقيقة. أعطني هذا الغريب لأنه جاء من كورة بعيدة من أجل أن يخلّص الإنسان المتغرّب عن وطنه السماويأعطني هذا الغريب الذي نزل إلى الأرض المظلمة من أجل أن يرفع الغريب أعطني هذا الغريب لأنه وحده غريب بالحقيقة أعطني هذا الغريب الذي لا نعرف بلده نحن المغتربين أعطني هذا الغريب الذي نجهل طريقه ومكانه نحن الغرباء أعطني هذا الغريب الذي عاش حياة المغترب بين المغتربين أعطني هذا الغريب الذي ليس له هنا ما يسند إليه رأسه أعطني هذا الغريب الذي لا سقفَ له، ووُلد في مغارة كغريب بين الغرباء أعطني هذا الغريب الذي، وهو بعد طفل خارج من المزود، هرب لكي ينجو من هيرودوس أعطني هذا الغريب الذي تغرّب في مصر وهو بعد في الأقماط أعطني ذاك الذي لم يكن له لا مدينة، ولا قرية، ولا بيت، ولا مسكن ثابت، ولا أي قريب من جنسه، لكن سكن مع أمه في كورة غريبة مع أنه يحوي كل شيء سيّدي! اسمح لي أن أستر جسد المعلّق عرياناً على خشبة الصليب الذي ستر عري طبيعتي لخاصة. أعطني أدفِنَ ذاك المائت الذي دفن خطيئتي في مياه الأردن. أتوسّل إليك من أجل مائتٍ حُكم عليه من الجميع، سُلّم على يد تلميذه، تركه أصدقاؤه، طرده اخوته وضربه عبده! أتوسل إليك من أجل حكم عليه من قبل هؤلاء الذين حررهم من العبودية، جُرّح من قبل الذين شفاهم، تركه تلاميذه وحُرم حتى من أمّه. أطلب إليك يا بيلاطس، من أجل مائتٍ معلّق على الصليب، ليس له أحد يخدمه، لا أب على الأرض، لا صديق، لا أقارب، لا أحد يدفنه. هو وحده الابن الوحيد للآب الوحيد، الإله في هذا العالم، الذي لا إله سواه الدفن بمثل هذا الكلام كان يتوسّل. بيلاطس بأن يعطى جسد يسوع. جاء يوسف بعدها إلى الجلجلة وأنزل الإله بالجسد عن الصليب. بسط على الأرض جسد الإله عرياناً. فها هو ممدد على الأرض، هذا الذي جلب الكلّ إلى العلاء. يبقى لفترة بدون نسمة هذا الذي هو نسمة الكلّ وحياتهم. يظهر عديم النظر هذا الذي أبدع الشاروبيم الكثيري الأعين. يُضحي على الأرض هذا الذي هو قيامة الكلّ. يمات الإله بالجسد، وهو الذي أقام الأموات. ويصمت هدير كلمة الله بالجسد. أيادي بشريّة ترفعه، وهو الذي أمسك الأرض كلّهاتُرى يا يوسف بعد أن طلبتَ وأخذت، هل تعرف بالحقيقة من استلمتَ؟ بعد أن اقتربتَ من الصليب وأنزلت يسوع، هل تعرف بالحقيقة من تمسك بيديك؟ إن عرفت فعلاً أصبحت الآن غنياً. وإلا كيف تتجاسر على هذا الدفن الرهيب، دفن يسوع الإله بالجسد؟ ممدوحة بالحقيقة رغبتك، لكن استعداد نفسك هو أجدر بالمديح. ألا ترتعد يا ترى عندما تحمل على يديك هذا الذي ترتعد منه الشاروبيم؟ بأي قدر من الخوف عرَّيتَ جسد الإله هذا من الثوب الخفيف الذي كان يستره؟ بأي قدر من الخشوع أغلقت عينيه؟ ترتجف إذ تحدّق بالطبيعة الجسدية التي للإله الفائق الطبيعة كيف دفنت الخالق؟ قل لي يا يوسف، أدفنت يسوع موجّها إياه إلى الشرق كسائر الأموات، وهو مشرق المشارق؟ هل أغلقت بأصابعك عينيه كما يجري للأموات، وهو الذي فتح عيني الأعمى بإصبعه القدّوس؟ هل أغلقت فم ذلك الذي فتح فم الأبكم الأخرس؟ هل ربطت يدي ذلك الذي حلّ اليدين المخلّعتين؟ هل قيّدت قدمي يسوع الذي حرّك القدمين اليابستين؟ ربّما حملت على سرير الأموات هذا الذي أمر المخلّع بأن يحمل سريره. ربّما سكبت طيباً على الذي أخلى ذاته كطيب سماوي ليجدّد العالم؟ هل تجرّأت يا ترى على مسح الجنب المسيل الدّم، جنب يسوع الإله الذي شفى نازفة الدم الحزينة؟ هل غسلت بالماء جسد الإله الذي غسل خطايا الكل ووهب التطهير؟ أي سراج أشعلت أمام النور الحقيقي المنير كل إنسان؟ هل رتّلت تراتيل جنائزية لذلك الذي ترتل له القوات الملائكية بلا فتور؟ هل سكبت دموعاً على يسوع الذي دمّع وأقام لعازر صديقه المائت؟ هل رثيت الذي منح الفرح ووضع حداً لحزن حوّاء؟مغبوطتان على كل حالٍ يداك يا يوسف لأنهما لامستا اليدين الإلهيتين، وقدمي يسوع النازفتين بعد دماً. مغبوطتان يداك اللتان مسّتا جنب الإله قبل يدي توما الأمين في فضوله المستحق المديح. مغبوط فمك الذي شبع ممّن لا يُشبع منه واتحد بفم يسوع فامتلأ منه بالروح القدس. مغبوطتان عيناك اللتان قابلتا عيني المسيح وأخذتا منهما النور الحقيقي. مغبوط وجهك الذي واجه وجه يسوع. مغبوطان كتفاك اللذان حملا الذي حمل الجميع مغبوط رأسك الذي اقترب من يسوع رأس الجميع. طوبى لكما يا يوسف ونيقودمس لأنكما أصبحتما شاروبيماً مثل الشاروبيم عندما حملتما الإله ورفعتماه، وأصبحتما سارفيماً قبل السارفيم ذوات الستة الأجنحة عندما خدمتما الإله. لقد أكرمتما المسيح وسترتما لا بالأجنحة بل بالسباني. هذا الذي ترتعد منه الشاروبيم يحمله يوسف ونيقوديمس على أكتافهما وينقلانه مع كل الأجناد السماوية المنظر الرهيب: يسوع عريان مائت جاء يوسف ونيقوديمس ومعهما جوق الملائكة بكامله. أقبل الشاروبيم وأسرع السارفيم. تحمله العروش، تستره ذوات الستة أجنحة، ويرتعد معها الكثيرو الأعين عندما يشاهدون يسوع بالجسد عديم النظر. القوات تلفّه والرؤساء ترنّم له والطغمات ترتعد. تسقط القوات الملائكية كلّها في دهشة وانخطاف ويتساءلون بتحيّر كبير: ما هو هذا المر الرهيب والخوف والرعدة والسبيل؟ ما هو هذا المشهد العظيم المتناقص وغير المدرك؟ هذا الذي لا نتجاسر نحن العادمي الأجساد أن ننظر إليه في السماء من الارتعاد، ينظر هنا على الأرض إنساناً عرياناً ومائتاً! هذا الذي الشاروبيم أمامه بكل خشوع يدفنه يوسف ونيقوديمس بحماس. متى نزل على الأرض هذا الذي لم يغادر السماء؟ كيف خرج إلى الخارج هذا الذي يملأ الكل بحضوره؟ كيف تعرّى هذا الذي ستر الجميع؟. الحاضر دوماً في السماء كإله مع الآب يعيش الآن باستمرار على الأرض مع أمّه إنساناً حقيقياً! هذا الذي لم يظهر أبداً كإله للبشر كيف يظهر الآن بشراً ومحبّاً للبشر معاً؟هدف نزوله إلى الجحيم كيف صار الغير منظور منظور؟ كيف اتّخذ الغير الهيولي جسداً؟ كيف تألّم الذي بلا هوى؟ كيف وقف القاضي ليُدان؟ كيف ذاق الحياة الموت؟ كيف وسع القبر من هو غير موسوع؟ كيف يسكن القبر من لم يزل في حضن الآب؟ كيف يدخل باب المغارة من لم يفتح أبواب السماوات؟ كيف يفتح أبواب الفردوس من صان أبواب البتولية مغلقة؟ كيف حطّم أبواب الجحيم إلا أنه لم يفتح أبواب العليّة حيث كان توما ينتظره؟ كيف فتح للبشر أبواب ملكوت السماوات إلا أنه ترك أبواب القبر وأختامه تُفتح من نفسها؟ كيف أُحصي في عداد الأموات من هو حرّ بين الأموات؟ كيف يأتي النور الذي لا يغرب إلى الظلمة والظلال؟ أين يذهب؟ أين هذا الذي لا يستطيع الموت أن يدركه؟ ما هو السبب؟ ما هو السبيل؟ما هو هدف نزوله إلى الجحيم؟ ربما ينزل ليرفع أخانا في العبودية آدم المحكوم عليه؟ حقاً! إنه يسير بدون شك، يطلب المجبول أولاً، الخروف الضال، ويريد أن يفتقد هؤلاء القابعين في الظلام وظلال الموت. يسير بدون شك ليحرر من الآلام لا مُقيّد وحواء معه. وهو الإله وابنهما في آنٍ أبرار العهد القديم لننزل إذن مع المسيح! لنسرع ونتهلّل معه إذ نشاهد البشر مصالحين مع الله والمحكوم عليهم محررين من قبل السيد الصالح. لأن الذي هو بطبيعته محبّ للبشر يجري ليفكّ المقيّدين منذ القديم بشجاعة وقوة كثيرة، هؤلاء القابعين في القبور، الذين ابتلعهم الطاغية المرّ المتوحّش بعد أن أخضعهم لسلطانه ونشلهم كاللص من أحضان الله. هناك نجد آدم المقيّد الذي جُبل أولاً ومات موضعه أعمق من سائر المحكوم عليهم. هناك هبيل الراعي البار الأول والذبيحة البريئة الأولى مثال الذبح الظالم للمسيح الراعي. هناك نوح مثال تابوت المسيح العظيم الذي أنشأ كنيسة الله التي، بواسطة حمامة الروح القدس، خلّصت الأمم البربرية من طوفان عدم الإيمان وطردت منها الغراب الأسود الشيطان المظلم. هناك أيضاً إبراهيم جدّ المسيح ذابح ابنه والذي قدم لله الذبيحة الشهيرة التي بالسيف وبدون سيف، بموت وبدون موت في آن واحد. هناك يوجد يعقوب حزيناً في الجحيم أسفل، كما حزن على الأرض لفقدان يوسف. هناك يوسف المسجون في مصر مثال المسيح المسجون والسيّد. وفي أسفل الظلمات نجد موسى كما كان مرّة على الأرض داخل السلّة المظلمة. هناك النبي دانيال في أسفل الجحيم كما وُجد وهو على الأرض في جبّ الأسود. هناك ارميا النبي في قعر الجحيم وفساد الموت كما كان في جبّ الهلاك حيث رماه أبناء جنسه. هناك أيضاً في فم الجحيم التي تبتلع العالم النبي يونان الذي يمثل المسيح الأزلي. هناك داود جد الإله الذي انحدر منه المسيح بالجسد. ولماذا أقتصر على ذكر داود، يونان سليمان؟ هناك أيضاً يوحنا المعمدان العظيم الفائق على كل الأنبياء وكأنه في جوف مظلمة (كما كان قديماً في بطن أمه اليصابات) يسبق ويعلن المسيح لكل المقيدين في الجحيم، وهو السابق والكارز للأحياء والأموات معاً. هذا الذي عند ذبحه أُرسل من سجن هيرودس إلى سجن الجحيم، إلى الراقدين منذ الدهر، الأبرار والمظلومينابتهال الأبرار ومن هناك، من أسافل الجحيم كان الأنبياء والأبرار يبتهلون إلى الله بصلوات حارة ومستمرة طالبين الخلاص من الليل القاتم المظلم، الذي لا نهاية له، الحزين الموجع، السائد عليه الشيطان العدو. كان الواحد يقول لله: “من جوف الجحيم استغثت فسمعتَ صوتي”(يونان 3:2)، والآخر يصرخ: “من الأعماق صرخت إليك يا رب، يا رب استمع إلى صوتي”(مز1:129-2). آخر يبتهل: “أظهر وجهك علينا فنخلص”، وآخر يتوسل: “أنت الجالس فوق على عرش الشاروبيم اطّلع علينا”، وواحد آخر يصلّي: “يا رب شددني بسلاح قوتك الذي لا يُقهر وتعال إلي وخلصني”، وآخر بحزن: “يا رب ارثِ لنا ولتدركنا رأفتك”، وآخر يصرخ: “خلّص نفسي من أعماق الجحيم”، وآخر: “يا رب أخرج نفسي من الجحيم”، وأيضاً يا رب لا تترك نفسي في الجحيم”، وكذلك: “لترتفع حياتي من الهلاك إليك أيها الرب إلهي(يونان7:2). لقد سمع الله الجزيل التحنن هؤلاء كلهم، ولم يشأ أن يقدّم محبّته فقط إلى البشر الذين كانوا يعيشون معه على الأرض، لكنه بسط على كل المقيدين في الجحيم، الذين ينتظرونه في ظلام الموت وظلاله وقبل أن تذهب إليه. فافتقد الله الكلمة الذين إلى الأرض بجسده المتنفّس الحي وللنفوس التي تركت جسدها على الأرض وأصبحت في الجحيم ظهر بنفسه الإلهية الطاهرة بدون جسد ولكن ليس بدون ألوهيته.كيف سحق قوة الموت لنسرع إذاً ونذهب بالفكر إلى الجحيم لكي نرى هناك كيف يتغلّب بقوة، بقدرة عظيمة على الطاغية المتسلّط على النفوس المقيدّة، كيف يأسر بلمعانه، بجيشه العظيم وبلا أيد جحافل الشياطين العديمة الموت! يرفع المسيح بصليبه من الوسط أبواباً لا نوافذ لها وغير خشبية بمسامير إلهية يسحق الأمخال الدهرية، وبيده الإلهيتين المربوطتين يذيب كالشمع السلاسل العسرة الحلّ. بالحربة التي طعنت جنبه الإلهي وبلا جسد يطعن فلب الطاغية. يسحق قوة قسيّه في الوقت الذي يبسط يديه الإلهيتين بمثابة قوس على الصليب. لذلك إن تبعت المسيح بهدوء، ترى الآن أين رُبِطَ الطاغية وأين عُلق رأسه، كيف نبش سجن الجحيم وحرر المقيدين، كيف داس هدم المتوسّط وأين حكم على التنين الخبيث، أين أمات الموت، كيف أفسد الفساد وكيف أعاد الإنسان إلى مرتبته الملكية الأولىمواكب الملائكة ذاك الذي البارحة بتنازله غير المحدود لم يلجأ إلى مساعدة الجيوش الملائكية قائلاً لبطرس: “باستطاعتي الآن أن أطلب أكثر من اثني عشر جيشاً من الملائكة” (متى53:26)، ينزل اليوم بموته إلى الجحيم، إلى الموت، ضدّ الشيطان الطاغية، كما يليق بالله وبالسيّد، على رأس جيوش عديمة الجسد والموت، طغمات غير منظورة، لا فقط اثني عشر جيشاً بل ربوات، ربوات آلاف آلاف من الملائكة، من رؤساء الملائكة، من السلطات، من العروش، من ذوات الستّة الأجنحة، من الكثيري الأعين، من الطغمات السماوية تتقدم المسيح بمثابة ملك لها وسيّد تواكبه، وتكرّمه. ليس ذلك التحالف معه ومؤازرته في الحرب. لا أبداً! إذ كيف يحتاج إلى حليف حربي من هو المسيح الكليّ القدرة؟ تواكبه تحتاج وتتشوّق إلى أن تكون دائماً إلى جانبه. تركض القوات الملائكية كعساكر مرافقة مسلّحة بالسيوف بمثابة صواعق بارقة، مسلّحة بالصواعق الإلهية الكليّة القدرة التي لملكها. تبادر القوات بحماس كبير ويفوق أحدها الآخر سرعةً ملبياً مجرد الإشارة الإلهية ومنفّذاً الأمر الإلهي ومكّلاً بإكليل الظفر ضدّ الأعداء الطغاة. لذلك فهي تنزل إلى سجون الأموات القدماء جداً ما تحت الثرى، في قلب الجحيم وأعمق من كل الأرض، وذلك لتُخرج الآن المكبلين بالسلاسل والراقدين منذ الدهر.ارفعوا الأبواب ارفعوا ما أن ظهر الرب بحضوره الإلهي المشعّ أمام أبواب الجحيم المقفلة، أمام السجون المظلمة القاتمة في قعر مغاور الجحيم، حتى تقدمه جبرائيل رئيس الجنود كونه اعتاد أن يجلب بشارة الفرح إلى البشر. وبصوت قويّ لائق برؤساء الملائكة يهتف بصوت طنّان كصوت الأسد نحو القوات المعادية: “ارفعوا أيها الرؤساء أبوابكم”، ويصرخ معه ميخائيل: “لتسقط الأبواب الدهرية”، ومن ثم تتابع القوات: “إلى الوراء أيها الحراس الأثمة” والسلطات تأمر بشدّة: “حطّموا السلاسل العسرة الحلّ” ورئيس آخر يضيف: “الخزي لكم يا طغاةً غير مبالين”. زكما يحدث عند حضور جيش ملكي رهيب لا يُقهر وكليّ القدرة، حين يسود القائد غير المقهور على الأعداء بالرعدة بالاضطراب، بالخوف الشديد، هكذا حصل فجأة ما أن حضر المسيح بهذا الشكل الغريب إلى أسافل الجحيم. من فوق برق قوي يعمي وجوه قوّات الجحيم المعادية، وفي الوقت نفسه كانت تُسمع هتافات الجيوش المرعدة. “ارفعوا الأبواب”. لا تفتحوا فقط بل اقتلعوها من أساساها، اخرجوا كليّاً من مكانها حتى لا تستطيع من بعد أن تقوم. ارفعوا أيها الرؤساء أبوابكم، لا لأن الرب لا يستطيع أن يفتحها، وهو إن شاء أمر ودخلها وهي مقفلة، لكنّه يأمركم كعبيد فارين بأن ترفعوا الأبواب الدهرية وتنقلوها من هنا. لا يأمر شعبه بل يأمركم أنتم الرؤساء: “ارفعوا أيها الرؤساء أبوابكم”(مز23:7-10).من الآن فصاعداً لن تكونوا رؤساء متسلّطين على أحد مع أنكم حتى الآن سدتم باطلاً على الراقدين. لن تسودوا بعد الآن عليهم ولا على غيرهم ولا حتى على أنفسكم. ارفعوا الأبواب لأن المسيح أتى وهو الباب السماوي. افتحوا الطريق أمامه فقد داس بقدمه معقل الجحيم. اسمه “رب” والرب له الحق والقدرة أن يخترق أبواب الموت، لأن مدخل الموت قد صنعتموه أنتم وهو آتٍ لكي يعبره. لذا افتحوا بسرعة ولا تتأخروا. افتحوا ولا تُرجئوا. إن ظننتم أنه سوف ينتظركم فباطلاً تفعلون، لأنه سوف يأمر أن تنفتح الأبواب من نفسها وبدون أيدٍ: انفتحي أيتها الأبواب الدهرية! تزعزعت القوات المعادية ما أن صعد هتاف القوات الملائكية حتى انفتحت الأبواب في اللحظة نفسها. في اللحظة نفسها تحطمت الأمخال والسلاسل، فسقطت المفاتيح وتزعزعت أساسات السجن. هرعت القوات المعادية إلى الهرب فجأة: واحد يدفع الآخر، آخر يتشابك بين أقدام غيره، كل واحد يحث الذي بجانبه على الفرار بسرعة. ارتعدت، تزعزعت، ضاعت، اضطربت، تغيّرت ألوانها، خافت، وقفت وتحيّرت، تحيّرت وارتجفت. بقي الواحد فاغراً فمه، والثاني ستر وجهه بين ركبتيه، والثالث سقط على الأرض جامداً من الخوف. آخر وقف بلا حراك كأنه مائت. الواحد يجمد في مكانه، والآخر يركض طالباً النجاة بعيداً.من هو هذا ملك المجد؟ في هذه الساعة قطع المسيح رؤوس الطغاة المذهولين. تعطّلت ألجمتهم وأخذوا يتساءلون: “من هو هذا ملك المجد”؟ من هو هذا الذي جاء إلى هنا قائماً بمثل هذه الأعمال الغريبة؟ من هو هذا ملك المجد الذي يفعل الآن في الجحيم ما لم يُفعل فبها قبلاً على الإطلاق؟ من هو هذا ملك المجد الذي يُخرج من هنا المكبّلين منذ الدهر؟ من هو هذا الذي به انحلّت سلطتنا وجسارتنا غيرُ المقهورتين حتى الآن. وقُضي عليهما؟وكانت قوّات الرب تجيبها قائلة: أتردين معرفة من هو ملك المجد؟ “إنه الرب القوي في القتال” الكليّ القدرة وغير المنهزم. هو الذي طردكم من الأخبية السماوية ورماكم خارجاً أنتم الطغاة الأثمة الأشقياء. هو الذي سحق في مياه الأردن رؤوس تنانيكم. هو الذي جعلكم مشهداً للجميع على صليبه. شهّرَ بكم ونزع عنكم كل قوّة. هو الذي قيدكم ورماكم في الظلمة والهوّة. هو الذي سيقضي عليكم نهائياً في النار الأبدية وجهنّم. فلا تتأخروا، ولا تنتظروا، بل أسرعوا وأخرجوا المكبّلين الذين ابتلعتموهم إلى الآن برداءة. من الآن فصاعداً لن تكون لكم أيّة قدرة. زالت سلطتكم الطاغية تحطّم كبرياؤكم بصورة تثير الشفقة. امّحت قوتكم وزالت إلى الأبد عمل القوات كانت قوّات الرب الظافرة تهتف بهذا الكلام إلى قوّات العدو وفي الوقت نفسه تعمل بلا هوادة. منهم من هدم السجن من أساساته. آخرون طردوا الأعداء الهاربين إلى الأماكن العميقة. آخرون يركضون ويفتشون دركات الأرض والمغاور والمعاقل. والكل من جهات مختلفة كان يأتي بالمقيدين إلى أمام الرب. منهم من كان يقيّد الشيطان الطاغية، وغيرهم يحّرر المقيدين منذ الدهر. منهم من يتقدّم الرب السائر إلى أعماق الجحيم، وآخرون يتبعونه ظافرين وراء الله والملكتحرير آدم بينما كانت تجري هذه الأحداث في الجحيم ويهتزّ كل شيء، كان الرب يقترب من الأعماق البعيدة حيث كان آدم المخلوق أولاً، المجبول أولاً والمائت أولاً، مقيّداً بصورة متينة في موضع أعمق من غيره، وهو يسمع خطوات الرب الذي كان يتقدّم فيما بين المساجين، وقد عرف للحال صوته وهو يمشي في السجن. فالتفت عندها إلى المحيطين به منذ الدهر وهتف بهم قائلاً: “يا أصحابي! إني أسمع رنين خطوات شخص يقترب منّا. إن استحقينا فعلاً أن يأتي إلى ههنا سوف نُطلق أحراراً! إن شاهداه بيننا، أُنقذنا من الجحيم”في الوقت الذي كان فيه آدم يتكلم إلى المحكوم عليهم معه، يدخل الرب ماسكاً سلاح الصليب الظافر. ما أن واجه آدم حتى قرع صدره من الفرح وهتف لجميع الراقدين: “ليكن الرب معكم جميعاً!” فأجابه المسيح: “ومع روحك أيضاً”. ومن ثم يمسكه بيده ويرفعُه إلى فوق قائلاً له: “استيقظ أيها النائم وقم من بين الأموات فيضئ لك المسيح” (أفسس14:5). أنا هو الإله الذي صرتُ ابناً لك من لأجلك. أنت معي الآن مع كل أبناء جنسك، وبسلتطي الإلهية أمنحكم الحرية، وأقول للمقيدين اخرجوا ! وللذين في الظلام استعلنوا، وللذين على الأرض انهضوا وإلى آدم وأنت يا آدم لك آمراً: انهض من نومك الدهري.لم أجبلْك لكي تبقى مكبّلاً في الجحيم. قم من بين الأموات لأني أنا هو حياة الراقدين. انهضْ إلى فوق، انهض يا من أخذ شكلي، من خلقته على صورتي. انهض لنرحل من هنا لأنك أنت فيّ وأنا فيك! من أجلك أخذت صورةَ عبد. من أجلك نزلتُ إلى الأرض وإلى ما تحت الأرض أنا الذي هو أرفع من السماوات. من أجلك “صرت مثل إنسان ليس له معين منفصلاً عن الحياة فيما بين الأموات”(مز5:87). من أجلك أنت. يا من خرجتَ من بستان الفردوس، في بستان سُلّمت إلى اليهود وفي بستان صُلبتُ(يو41:19). أنظر البصاق في وجهي. قد قبلته من أجلك، من أجل أن أعيدك إلى مجدك القديم الذي وهبته إياه بنسمة من عندي. أنظر اللطمات على خدّي. قبتها من أجل أن أصلح شكلك الذي تشوّه وأعيده إلى الشكل الذي على صورتي. أنظر الجلْدَ على ظهري، قبلته لكي أبدّد حمل خطاياك. أنظر إلى يديَّ المسمّرتين بسطتهما على عود الصليب من أجل غفران خطيئتك أنت الذي بسطت يدك على عود المعصيّة. أنظر إلى قدميّ. ثقبتا وسمّرتا على الصليب من أجل تطهير قدميك اللّتين أسرعتا برداءة إلى عود الخطيئة. لقد صدر الحكم عليك في اليوم السادس. ولذلك في اليوم السادس أيضاً أجبلك كم جديد وأفتح لك الفردوس. من أجلك ذقت المرارة لكي أشفيك من اللّذة المرّة التي ذقتها بأكلك تلك الثمرة الحلوة. ذُقتُ الخلّ لكي أُخرج الحدة والمرارة من حياتك وكأس الموت من طبيعتك. قبلتُ الإسفنجة لكي أمحو سجلّ خطاياك. قبلت القصبة من أجل أن أوقّع على تحرير الجنس البشري. بُسطت راقداً على الصليب وطعن جنبي بحربة من أجلك أنت الذي بسطتُك راقداً في الفردوس وأخرجت حوّاء من جنبك. رقادي الخاص قد أقامك من رقاد الجحيم. السيف الذي ضربني رفع السيف الموجّه عليك (تكوين22:3). انهض لنرحل من هنا. قبلاً نفيتك من الفردوس الأرضي، والآن أعيدك لا إلى الفردوس بل إلى العرش السماوي.آنذاك منعت عنك عود الحياة(تكوين22:3)، لكني الآن أتحد بك تماماً، أنا الحياة نفسها قبلاً أمرتُ الشاروبيم بحراستك كعبد والآن أقود السارفيم للسجود لك كإله. لقد اختفيتَ قبلاً من أمام الله لأنك كنت عرياناً، لكنّك الآن أُهّلت الآن لأن تخفي في داخلك الله نفسه عرياناً. ولذلك انهضوا لنرحل من هنا! من الموت إلى الحياة، من الفساد إلى عدم الفساد، من الظلمة إلى النور الأبدي، من الوجع إلى الحرّية، من سجن الجحيم إلى أورشليم السماوية، من القيود إلى الراحة، من العبودية إلى نعيم الفردوس، من الأرض إلى السماءانهضوا من أجل هذا مات المسيح وقام. لكي يصيرَ ربَّ الأحياء والأموات (رو9:14). انهضوا إذاً لنرحل من هنا. إن الآب السماوي ينتظر بشوق الخروف الضال. الملائكة التسعة والتسعون (متى12:18) ينتظرون شريكهم آدم متى يقوم، متى ينهض ويعود إلى الله. العرش الشاروبيمي جاهز. الذين سوف يرفعونك يتسارعون معجلين. خدر العرس مهيّأ ومائدة العيد مفروشة (رؤ9:19، لو16:14). قد فُتحت خزائن الخيرات الأبدية. وحضر ملكوت السماوات الذي منذ إنشاء العالم (متى34:25). خيرات لم ترها عين ولا سمعت بها أذن الإنسان (1كو9:2). هذا وما شابه قاله الرب. وللحال نهض آدم المتحد به وحواء معهما. “وقام أيضاً معهم عدد كبير من أجساد الصديقين الذين رقدوا منذ الدهر” (متى52:27)، كارزين بقيامة المسيح ذات الثلاثة الأيام. فلنتقبّلها ونعانقها نحن المؤمنين بكل فرح معيدين وراقصين مع الملائكة ورؤساء الملائكة ممجدين المسيح الذي أقامنا من الفساد الذي يليق به المجد والقوة مع الآب الذي لا يموت والروح المساوي له في الجوهر الصالح والصانع الحياة، إلى دهر الداهرين، آمين |
||||
06 - 02 - 2018, 05:23 PM | رقم المشاركة : ( 926 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
تقليد الايمان الرسولي ـ القديس ايريناؤس
رغم أن الكنيسة منتشرة فى كل العالم، منتشرة فى كل المسكونة من أقاصيها إلى أقاصيها، فقد استلمت من الرسل وتلاميذهم الإيمان بإله واحد، الآب ضابط الكل، خالق السماء والأرض والبحار وكل ما فيها؛ والإيمان بالمسيح يسوع الواحد، الذى هو ابن الله، الذى تجسد لأجل خلاصنا؛ والإيمان بالروح القدس الذى أعلن التدبير بواسطة الأنبياء، أى بمجيء المسيح وميلاده العذراوى وآلامه وقيامته من بين الأموات، وصعود ربنا المحبوب المسيح يسوع إلى السماء جسديًا، وظهوره ثانيةً من السماء فى مجد الآب لكى يجمع كل الأشياء فى نفسه ولكى يقيم أجساد كل البشر إلى الحياة، لكى تجثو للمسيح يسوع ربنا وإلهنا ومخلصنا وملكنا كل ركبة، بحسب مشيئة الآب غير المنظور، ولكى يعترف كل لسان له، ولكى يجرى دينونة عادلة للجميع ولكى يطرد أرواح الشر والملائكة الذين تعدوا وصاروا مضادين وكذلك الأثمة والأشرار ومخالفى الناموس والدنسين، ويطرح الجميع فى النار الأبدية؛ ولكن فى نعمته سوف يهب الحياة ومكافأة عدم الفساد والمجد الأبدى لأولئك الذين حفظوا وصاياه وثبتوا فى محبته سواء منذ بداية حياتهم أو منذ وقت توبتهم. هذه الكرازة وهذا الإيمان تحفظه الكنيسة باجتهاد رغم أنها مُشتتة فى كل العالم، تحفظه بكل اجتهاد كما لو كانت كلها تسكن فى بيت واحد، وهى تؤمن بهذا وكأن لها عقل واحد وتكرز وتعلّم وكأن لها فم واحد، ورغم أن هناك لغات كثيرة فى العالم، إلاّ أن معنى التقليد واحد، وهو هو نفسه. لأن نفس الإيمان تتمسك به وتسلّمه الكنائس المؤسسة فى ألمانيا، وأسبانيا، وقبائل قوط، وفى الشرق، وفى ليبيا، وفى مصر، وفى المناطق الوسطى من العالم. ولكن كما أن الشمس وهى مخلوقة من الله، هى واحدة، وهى هى نفسها فى كل المسكونة، هكذا أيضًا نور كرازة الحق، الذى يضيء على كل الذين يرغبون أن يحصلوا على معرفة الحق. ولن يستطيع أى واحد من القادة فى الكنائس، مهما كان له موهبة فائقة فى الفصاحة أن يعلّم تعاليم مختلفة عن هذه (لأنه ليس أحد أعظم من الرب والسيد)؛ ومن الجهة الأخرى، فإن مَنْ عنده نقص فى قوة التعبير لن يسبب ضررًا للتقليد. لأن الإيمان هو نفسه على الدوام واحد لا يتغيّر بل يظل هو نفسه كما هو، فلا يستطيع ذلك الشخص الذي يمكنه أن يتحدث عن التقليد حديثًا طويلاً أن يعمل أية إضافة عليه، كما أن الشخص الذى لا يستطيع أن يتكلّم سوى القليل، لا يمكن أن يُنقض منه شيئًا. استودع الرسل فى يدى الكنيسة بفيض كبير جدًا كل الأمور المتصلة “بالحق”، حتى يستطيع كل من يرغب أن يستقى منها “ماء الحياة” . فالكنيسة هى الباب المؤدى إلى الحياة… لذلك ينبغى أن نمسك بكل ما يتصل بالكنيسة بكل اجتهاد، وهكذا نمسك “بتقليد الحق”. فلو افترضنا أنه أُثير جدال بخصوص مسألة هامة عندنا، ألا ينبغى أن نلجأ إلى أقدم الكنائس التى أسسها الرسل، ونعرف منهم، ما هو يقينى وواضح من جهة هذه المسألة التى أمامنا؟ لأنه كيف كان ينبغى أن يكون الحال لو أن الرسل أنفسهم لم يتركوا لنا كتابات. ألا يكون ضروريًا ـ فى هذه الحالة ـ أن نتبع “التقليد” الذى سلّموه لأولئك الذين ائتمنوهم على الكنائس؟ وهذا هو المنهج الذى قبلته شعوب كثيرة من بين البرابرة الذين يؤمنون بالمسيح، فهؤلاء إذ كانوا حاصلين على الخلاص مكتوبًا فى قلوبهم بواسطة الروح بدون ورق أو حبر، وهم يحتفظون بالتقليد القديم مؤمنين بالإله الواحد خالق السماء والأرض وكل ما فيها، بالمسيح يسوع، ابن الله، الذى بسبب محبته الفائقة جدًا نحو الخليقة، تنازل ليُولد من العذراء. وبعد أن وحّد الإنسان بالله من خلال نفسه، وبعد أن صُلِب على عهد بيلاطس البنطى، فإنه قام ثانية ورُفع فى المجد، وسوف يأتى ثانيةً بمجد عظيم. وهو مخلِّص الذين خَلِصوا، كما أنه هو ديَّان الذين يُدانون؛ والذين يغيّرون الحق ويحتقرون الاب ومجيء المخلص هؤلاء سيرسلهم إلى النار الأبدية. والذين آمنوا بهذا الإيمان دون أن يقرأوا أية وثائق مكتوبة، هؤلاء من جهة لغتنا هم برابرة، ولكن من جهة العقيدة، والأخلاق، ومعنى الحياة، هم حكماء جدًا فى الحقيقة . وذلك بسبب الإيمان؛ وهم يُرضون الله مدبرين كل سلوكهم بكل بر، وتعفف وحكمة. فلو أن أحدًا حاول أن يكرز لهؤلاء الناس بمبتدعات الهراطقة، مستعملاً لغتهم الخاصة، فإنهم يصمّون آذانهم فى الحال، ويهربون بعيدًا، غير محتملين حتى أن ينصتوا إلى حديث المجدّفين. وهكذا بواسطة تقليد الرسل القديم هذا، فإنه ذهنهم لا يحتمل أن يتصور أى تعليم من التعاليم التى ينادى بها هؤلاء الهراطقة الذين لم تنشأ فى وسطهم لا كنيسة ولا تعليم عقيدى فى أى وقت أبدًا. |
||||
06 - 02 - 2018, 05:23 PM | رقم المشاركة : ( 927 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
الطبيب الوحيد – القديس انطونيوس
انطونيوس الي ابنائه الاعزاء الاسرائيليين القديسين في جوهرهم العقلي, ليس هناك حاجة الي ذكر اسماءكم الجسدية التي ستفني لأنكم أنتم أبناء اسرائيليون. حقا يا أبنائي, ان الحب الذي بيني وبينكم ليس حبا جسديا لكنه حب روحاني الهي. ولهذا السبب لا أمل من الصلاة لالهي ليلا ونهارا من أجلكم, كي تتمكنوا من معرفة النعمة التي قد عملها الله من نحوكم. لأنه ليس في وقت واحد فقط افتقد الله خلائقه, لكن منذ بداية العالم وضع الله ترتيبا لكل خلائقه, وهو في كل جيل يوقظ كل شخص بواسطة فرص عديدة وبواسطة النعمة. والآن يا أبنائي لا تهملوا الصراخ الي الله ليلا ونهارا لتستعطفوا صلاح الآب, وهو في سخائه ونعمته سوف يهبكم معونة من السماء معلما اياكم, لكي تدركوا ما هو صالح لكم. حقا يا أبنائي اننا نسكن في موتنا, ونمكث في منزل اللص, ونحن مكبلون برباطات الموت, فالآن اذا, لا تعطوا نعاسا لعيونكم ولا نوما لأجفانكم (مز 132: 4) , حتي تقدموا أنفسكم ذبيحة لله في كل قداسة لكيما تروه, لأنه بدون قداسة لا يستطيع أحد أن يري الرب كما يقول الرسول (عب12 : 14) حقيقة يا أحبائي في الرب, لتكن هذه الكلمة واضحة لكم. وهي أن تفعلوا الصلاح وهكذا تنعشون القديسين وتعطون بهجة للطغمات الملائكية في خدمتهم, وفرحا لمجئ يسوع, لأنهم لا يكفون عن التعب في خدمتنا حتي هذه الساعة, وانا ايضا الفقير البائس الساكن في جسد من تراب ستمنحون فرحا لروحي. حقا يا أولادي ان مرضنا وحالتنا الوضيعة هي سبب حزن لجميع القديسين. وهم يبكون وينوحون لأجلنا أمام خالق الكل, ولهذا السبب يغضب الله من أعمالنا الشريرة بسبب تنهدات القديسين, وأيضا فان تقدمنا في البر يعطي فرحا لجموع القديسين, وهذا يجعلهم يرفعون صلوات أكثر بابتهاج وتهليل عظيم أمام خالقنا. وهو نفسه خالق الجميع, يفرح بأعمالنا بشهادة قديسيه ويمنحنا مواهب نعمته بلا كيل. لذلك عليكم ان تعرفوا ان الله يحب خلائقه بصورة دائمة, لأنه خلقهم بجوهر خالد, وقد رأي الله كيف ان الطبيعة العاقلة انحدرت كلية الي الهاوية, وماتت بالكلية, وان ناموس العهد الذي فيهم قد جف وتوقف. ومن صلاحه افتقد البشرية بواسطة موسي. وأسس موسي بيت الحق وأراد ان يشفي الجرح العظيم وأن يرجعهم الي الاتحاد الأول, ولكنه لم يستطع ان يفعل هذا فابتعد عنهم. ثم أيضا جوقة الأنبياء الذين بنوا علي أساس موسي ولم يستطيعوا ان يشفوا الجرح العظيم الذي لأعضائهم. ولما رأوا أن قواهم خارت اجتمع أيضا شعوب القديسين بنفس واحدة وقدموا صلاة أمام خالقهم قائلين “أَلَيْسَ بَلَسَانٌ فِي جِلْعَادَ … فَلِمَاذَا لَمْ تُعْصَبْ بِنْتُ شَعْبِي؟” (ار 8: 22) “دَاوَيْنَا بَابِلَ فَلَمْ تُشْفَ. دَعُوهَا وَلْنَذْهَبْ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى أَرْضِهِ” (ار 51: 9) وجميع القديسين طلبوا صلاح الآب لكي يرسل ابنه الوحيد, لأنه ان لم يأت بنفسه هنا فان احدا من كل الخلائق لم يكن يستطيع ان يشفي جرح البشر العظيم. من أجل هذا تكلم الآب في صلاحه قائلا “وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ فَهَيِّئْ لِنَفْسِكَ” (حز 12: 3) واذهب الي الأسر بارادتك. ان الآب لم يشفق علي ابنه الوحيد بل بذله لأجل خلاصنا اجمعين(رو 8: 32) “مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا … وَبِحُبُرِه (جلداته)ِ شُفِينَا” (اش 53: 5) وهو قد جمعنا من كل أطراف العالم صانعا لقلوبنا قيامة من الأرضيات معلما ايانا“أَنَّنَا بَعْضَنَا أَعْضَاءُ الْبَعْضِ” (اف 4: 25) كونوا حريصين يا أبنائي لئلا تنطبق علينا كلمة بولس بأن لنا صورة التقوي ولكننا ننكر قوتها (2تي 3: 5) والآن ليمزق كل واحد منكم قلبه أمام الله ويبكي أمامه قائلا “مَاذَا أَرُدُّ لِلرَّبِّ مِنْ أَجْلِ كُلِّ حَسَنَاتِهِ لِي؟” (مز 116: 12) وانني اخشي أيضا يا أولادي لئلا تنطبق علينا هذه الآية “مَا الْفَائِدَةُ مِنْ دَمِي إِذَا نَزَلْتُ إِلَى الْحُفْرَةِ؟” (مز 30: 9) حقا يا أبنائي انني أتحدث اليكم كما الي حكماء لكي تفهموا كل ما أقوله لكم وهذا ما أشهد به لكم: ان من لا يبغض كل ما يختص بالمقتنيات الأرضية ويزهدها مع كل أعمالها من كل قلبه ويبسط يدي قلبه الي السماء الي أب الكل فلن يستطيع أن يخلص, اما ذا تمم ما قلته لكم فان الله يتراءف علي تعبه ويمنحه ناره غير المرئية التي ستحرق كل الشوائب منه, وسف تتطهر روحنا, وعندئذ سيسكن فينا الروح القدس ويمكث يسوع معنا, وهكذا سنكون قادرين ان نسجد للآب كما يحق, لكن ان بقينا متصالحين مع طبائع العالم, فاننا نكون أعداء لله ولملائكته ولجميع قديسيه. والآن يا أحبائي أتوسل اليكم باسم ربنا يسوع المسيح, ألا تهملوا خلاصكم وألا تحرمكم هذه الحياة السريعة الزوال من الحياة الأبدية, ولا يحرمكم هذا الجسد الفاسد من مملكة النور التي لا تحد ولا توصف, ولا هذا الكرسي الهالك أن ينزلكم عن كراسي محفل الملائكة, حقا يا أبنائي ان قلبي مندهش وروحي متعبة, لأننا أُعطينا الحرية ان نختار وأن نعمل أعمال القديسين, ولكننا قد سكرنا بالأهواء والشهوات كالسكاري بالخمر لأن كل واحد منا قد باع نفسه بمحض ارادته وقد صرنا مستعبدين باختيارنا, ونحن لا نريد أن نرفع عيوننا الي السماء لنطلب مجد السماء, وعمل كل القديسين, ولا أن نسير في اثر خطواتهم. لذلك افهموا الآن أنه سواء أكانت السماء المقدسة أو الملائكة أو رؤساء الملائكة أو العروش أو السلاطين أو الشاروبيم أو السيرافيم أو الشمس أو القمر أو النجوم أو البطاركة أو الأنبياء أو السرل أو ابليس أو الشيطان أو الأرواح الشريرة أو قوات الهواء … أو (بدون أن نقول أكثر) سواء رجل او امرأة كل هؤلاء في بدء خلقتهم نشأوا من مصدر واحد كلهم, وهو الثالوث كلي القداسة الآب والابن والروح القدس. وبسبب سلوك بعضهم الشرير صار من الضروري أن يعطي الله أسماء لكل نوع منهم طبقا لأعمالهم. وأولئك الذين تقدموا كثيرا أعطاهم مجدا فائقا. |
||||
06 - 02 - 2018, 05:23 PM | رقم المشاركة : ( 928 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
بالموت داس الموت ـ القديس امبروسيوس «هو البداءة بكر من الاموات» (كو 1: 18) لأي سبب مات المسيح إلاَّ لأنه كان يجب أن يقوم؟ ففي الواقع، بما أنه لم يكن ممكناً لابن الله أن يموت، ومَن لا يمكنه أن يموت لا يمكنه أيضاً أن يقوم؛ لذلك فقد أخذ ابن الله جسداً قابلاً للموت، لكي بهذا الجسد، والذي من خواصه الموت، تكون له إمكانية القيامة. وهكذا، فالقيامة لم يكن ممكناً أن تحدث إلاَّ بإنسان: «فانه اذ الموت بانسان , بانسان ايضا قيامة الاموات»(1كو 15: 21). لقد قام ابن الإنسان لأنه هو ابن الإنسان الذي مات. قام ابن الإنسان، والله هو الذي أقامه. كان إنساناً بحسب الجسد، ونحن ندرك تماماً الآن أنه هو في نفس الوقت الإله، لأننا الآن لا نعرف المسيح بعد حسب الجسد (2كو 5: 16)، بل نحتفظ بنعمة جسده ونعرفه كباكورة لأولئك الذين رقدوا (1كو 15: 20)، وكبِكْر من بين الأموات (كو 1: 18). والباكورات تكون من نفس النوع ومن نفس طبيعة الثمار التي تأتي بعدها. والثمار الأولى تُقدَّم لله من أجل جني محصول أكثر وفـرة، أي كتقدمة مقدسة عـن كل الثمار الأخرى، وكقربان مُمثِّل للطبيعة المجدَّدة. المسيح، إذن، هو باكورة الراقدين. ولكن هل هو باكورة عن أخصائه فقط الذين رقدوا بسلام، كما لو كانوا وحدهم معفيين من الموت، أم من أجل جميع الأموات؟ يُجيبنا الكتاب على ذلك قائلاً: «كما في ادم يموت الجميع هكذا في المسيح سيحيا الجميع» (1كو 15: 22). هكذا فإن كانت باكورة الموت هي في آدم، فإن باكورة القيامة صارت في المسيح… فإن كنا لا نقوم، «فالمسيح، إذن، مات بلا سبب» (غل 2: 21)، و«لا يكون المسيح قد قام» (1كو 15: 13). وإن لم يكن المسيح قد قام لأجلنا، فإنه لا يكون قد قام البتة، لأنه لم يكن في نفسه بحاجة قط أن يقوم، لأن فيه قام العالم، وقامت السماء، وقامت الأرض، وفيه سوف تكون هناك «سماء جديدة وأرض جديدة» (رؤ 21: 1). فما الذي جعله يقوم، إذن، طالما أن قيود الموت لم تكن تستطيع أن تمسكه؟ لقد مات تماماً كإنسان، واستطاع بذلك أن ينزل إلى الجحيم ذاته. ولكن لأنه كان غير مُقيَّد برباطات الموت «بين الاموات فراشي» (مز 88 : 5) لذلك فقد كان حُرّاً تماماً حتى أمكنه أن يقوم، طبقاً لِمَا هو مكتوب:«انقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أُقيمه» (يو 2: 19)، وحُرّاً تماماً حتى أنه حرَّر وأقام الآخرين معه. لقد صار إنساناً، ليس في الظاهر، بل في الحقيقة: «من يعرفه» (إر 17: 9 ). لأنه حقاً تشبَّه بالناس ووضع نفسه أيضاً إلى المنتهى حتى الموت (في 2: 8،7)، حتى بفضل طاعته، نتأمل مجده كالابن الوحيد الذي تكلَّم عنه القديس يوحنا (يو 1: 14). هكذا ففي المسيح يجتمع معاً: مجد الابن الوحيد، والطبيعة البشرية للإنسان، طبقاً لشهادة الكتاب الثابتة. |
||||
06 - 02 - 2018, 05:23 PM | رقم المشاركة : ( 929 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
من أجلك مُتْ ـ القديس ابيفانيوس القبرصي
شئ غريب يحدث ! صمت عظيم علي الأرض اليوم ! صمت عظيم وسكون ! كل الأرض صامتة لأن الملك نائم ! الأرض ارتعدت ومازالت ترتعد لأن الله نام بالجسد ! وأقام كل النائمين منذ بدء العالم ! مات الله بالجسد فارتعد الجحيم خوفاً ! ذهب ليبحث عن أبوينا الأولين كمثل حمل ضال. برغبة شديدة في زيارة من يعيشون في الظلمة وظلال الموت، ذهب ليحرر من الحزن المأسورين: آدم وحواء، وهو الله وابن حواء ! الرب اقترب منهم حاملاً الصليب، السلاح الذي به انتصر ظافراً. وعلي مقربة منه كان آدم، أول انسان خُلِقَ، يقرع صدره صارخاً للجميع: “ليكن الرب مع جميعكم!”، فأجابه المسيح : “ومع روحك!”، وأخذ بيده وأقامه قائلا: ” استيقظ أيها النائم وقم من الموت، والمسيح سيعطيك النور، أنا الهك الذي من أجلك أصبح ابنك، والذي من أجل حبي لك ولأحفادك، الآن، بسلطاني الخاص، آمر كل المقيدين في الرباطات بالعتق، كل من في الظلمة ليستنيروا، كل نائم ليقم، آمرك ايها النائم أن تستيقظ، لم أخلقك لتُمسَك أسيراً في الجحيم، قم من الموت، لأني انا حياة الموتي، قم يا صنعة يديّ، يا من خُلِقت علي صورتي، قم ولنترك هذا الموضع، لأنك فيّ وأنا فيك، معاً نشكل شخصاً واحداً ولا يمكن أن ننفصل، من أجلك، أنا الهك، صرت ابنك ! أنا الرب أخذت صورة العبد ! أنا الذي مسكني فوق السموات نزلت للأرض ولتحت الأرض ! من أجلك، ومن أجل الانسان، صرت كانسان بدون معونة، حر بين الموتي ! من أجلك يا من تركت الفردوس تعرضت للخيانة من اليهود في فردوس وصُلِبت في فردوس ! انظر للبصاق علي وجهي الذي تلقيته لأعيد تشكيل طبيعتك، المشوهة، الي صورتي ! انظر علامات الجلد علي ظهري التي تحملتها لأزيل عبء الخطية الذي يثقل ظهرك ! انظر ليدي التي سمرتا بشدة علي الشجرة من أجلك يا من مددت يدك آثماً للشجرة ! نمت علي الصليب وطعنت الحربة جنبي من أجلك يا من نمت في الفردوس وجلبت حواء من جنبك ! جنبي شفَي ألم جنبك ! نومي سيقيمك من النوم في الجحيم، الحربة التي طعنتني طعنت السيف الذي وُجِه ضدك ! قم لنترك هذا الموضع، فقد قام العدو باخراجك من الفردوس الأرضي، لن أعيدك لهذا الفردوس، لكني سأتوجك في السماء، قد حرمت عليك الشجرة التي ما كانت سوي رمز للحياة. لكن انظر، أنا، الحياة نفسها، واحداً معك، عينت الشيروبيم لحراستك كحراسة العبيد، ولكني الآن أجعلها تبجلك كاله ! العرش المُشَكَل من الشيروبيم ينتظرك حامليه بتشوق ولهفة، غرفة الزفاف قد زُينَت، والمأدبة اُعِدَت، ومواضع المسكن الأبدي جُهِزَت، وفُتِحَت بيوت كنز كل الخيرات !” |
||||
06 - 02 - 2018, 05:24 PM | رقم المشاركة : ( 930 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
لنفرح في اضطهادنا ـ القديس اثناسيوس ان الوعد الأبدي لا علاقة له بالمتعة الوقتية (التمتع الزمني)، بل برجاء تلك الأمور الأبدية. لأنه بضيقات وأتعاب كثيرة وأحزان يدخل القديسون ملكوت السموات. لكن حين يبلغ هناك، فان الحزن والضيق والتنهد جميعها تهرب، وعندئذ ينعم هو بالراحة، مثلما حدث لأيوب الذي حينما جُرِب هنا صار فيما بعد الصديق الودود للرب. لكن محب الملذات يبتهج الي حين، لكنه سرعان ما يختبر حياة الحزن بعد ذلك مثل عيسو الذي تمتع بالطعام الوقتي لكنه أُدين فيما بعد بسببه. ولدينا كنموذج لهذا التمايز رحيل بني اسرائيل والمصريين من مصر، لأن المصريين تهللوا قليلا في ظلمهم لبني اسرائيل حينما خرجوا وراءهم، لكنهم غرقوا كلهم في العمق، بينما شعب الله اذ ضُرٍبوا وظُلِموا بعض الوقت بسبب مسلك مسخريهم حين خرجوا من مصر وعبروا البحر دون أذي ساروا في البرية كمكان مأهول، لأنه بالرغم من أن المكان لم يكن مألوفاً للانسان ومهجوراً، فمع ذلك فانه بواسطة عطية الناموس التي انعم الله عليهم بها وبالحديث مع الملائكة لم يعد المكان مهجوراً بعد، بل مأهولاً أكثر من مدينة مسكونة تماماً، مثل اليشع عندما ظن أنه وحيداً في البرية كان بصحبة ملائكة ! هكذا في هذه الحالة أيضاً، رغم أن الشعب كان في يقة في بادئ الأمر وفي البرية فان الذين بقوا أمناء دخلوا فيما بعد أرض الميعاد. هكذا أيضا الذين يعانون من الضيقات الوقتية هنا، فانهم أخيراً وبعد صبرهم علي التحمل ينالون تعزية، أما الذين اضطهدوهم هنا فانهم يُداسون تحت الأقدام ونهايتهم لن تكون سعيدة، لأنه حتي الرجل الغني كما يؤكد الانجيل اذ انغمس في الملذات هنا زمناً يسيراً عاني من الجوع هناك (في الأبدية)، واذ شرب حتي الثمالة هنا فانه عطش هناك جداً بغير حدود، لكن لعازر (المسكين) بعد أن عاني الضيق في أمور العالم وجد راحة في السماء، واذ كان يجوع الي خبز الحنطة هنا، فانه شبع هناك جداً بطعام أشهي من المن (السماوي)، حتي الرب الذي نزل من السماء قد قال: “أنا هو الخبز النازل من السماء، الذي يعطي حياة للعالم”. يا أحبائي الأعزاء، ان كنا سنجني تعزية من الضيقات وراحة من الأتعاب وصحة بعد المرض وخلوداً بعد الموت، فليس من الصواب أن نحزن بسبب الأمراض الوقتية التي تحل بالبشرية، وليس من اللائق أن نقلق بسبب التجارب التي تصيبنا، ولا ينبغي أن نخاف، ان كان أولئك الذين قاوموا المسيح يتآمرون ضدنا بل بالحري يجب أن نرضي الله بأعمالنا تلك، معتبرين هذه الأمور دافعاً لنا لنعيش حياة الفضيلة, لأنه كيف يمكن أن يُكافأ الصبر ان لم تسبقه الأتعاب والأحزان ؟ أو كيف يمكن اختبار الاحتمال والثبات بدون هجوم الأعداء ؟ أو كيف يمكن أن تظهر الشهامة الا بعد الاهانة والظلم ؟ أو كيف نبرهن علي احتمال الأذي بصبر ان لم يكن هناك أولا افتراءات “ضد المسيح” ؟ وأخيراً كيف يمكن للانسان أن يري الفضيلة بعينيه ان لم يظهر اثم الأشرار أولاً ؟ لذا جاء ربنا ومخلصنا يسوع المسيح قبلنا ليظهر للناس كيف يتحملون الألم، الذي عندما ضُرب لم يكن يشتم عوضاً، واذ تألم لم يهدد بل أعطي ظهره للضاربين وخديه سلمهما للطم، ووجهه لم يرد عن خزي البصاق، واخيراً وبملء ارادته سيق للموت، لنري فيه صورة كل الأبرار والأبديين (الخالدين)، حتي نقتدي بهذه الأمثلة، فندوس بحق علي الحيات والعقارب وكل قوة العدو. هكذا أيضاً فان بولس الرسول وهو يقتدي بمثال الرب، يحثنا قائلاً: “كُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِي كَمَا أَنَا أَيْضًا بِالْمَسِيحِ” (1 كو 11: 1)، وبهذه الوسيلة ينتصر علي كل نزاعات الشيطان قائلاً: “إِنِّي مُتَيَقِّنٌ أَنَّهُ لاَ مَوْتَ وَلاَ حَيَاةَ، وَلاَ مَلاَئِكَةَ وَلاَ رُؤَسَاءَ وَلاَ قُوَّاتِ، وَلاَ أُمُورَ حَاضِرَةً وَلاَ مُسْتَقْبَلَةً، وَلاَ عُلْوَ وَلاَ عُمْقَ، وَلاَ خَلِيقَةَ أُخْرَى، تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا” (رو 8: 38-39)، لأن العدو يقترب منا في الضيقات والمتاعب والتجارب مستخدماً كل الوسائل ليدمرنا، لكن الانسان الذي هو في المسيح يصارع كل ما يعترض طريقه من معوقات، فيقاوم الغضب بطول أناته، والاهانات بوداعته، والرذيلة بصلاحه، فيظفر بالنصرة ويصيح قائلاً: “أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ الَّذِي يُقَوِّينِي” (في 4: 13)، “لكِنَّنَا فِي هذِهِ جَمِيعِهَا يَعْظُمُ انْتِصَارُنَا (بِالمسيح) الَّذِي أَحَبَّنَا” (رو 8: 37)ـ |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مجموعة متنوعة من أقوال الآباء |
من أقوال الأباء وكلمة المنفعة |
أقوال القديس اغناطيوس وكلمة منفعة |
أقوال الأنبا برصنوفيوس وكلمة منفعة |
أقوال الأنبا ايسيذورس وكلمة منفعة |