منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05 - 10 - 2022, 09:36 AM   رقم المشاركة : ( 91091 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,305,643

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


يدعو المثلان الخروف الضَّالّ والدرهم الضائع إلى التعرف على حب إلهي أمام قساوة البشر الناقدين لرسالة المسيح وخدمته وطريقته في التصرف تجاه الخطأة من ناحية، ويدعونا من ناحية أخرى إلى التشبه بالآب السماوي الرحيم الغفور. فيعلمنا كيف نغيّر طريقة تعاملنا مع الناس، بحيث تتوافق ومواقف الله الآب. فكما أنَّ الله فتح كنوز محبته ورحمته للجميع خاصة للخطأة لئلا ييأسوا من خلاصهم ومن الله، هكذا نحن علينا ألاَّ نحتقر ولا نهمل أحداً بل نتجاوب مع الجميع خاصة الخطأة، فخلاص الخطأة يسرُّ الله ويُسبب فرحً في السماء وعلى الأرض.
يمكننا تطبيق القصة على أنفسنا أيضا. فنحن أحيانا كالخروف التائه. كان هذا الخروف ضالاً، لا يستطيع مساعدة نفسه، كان في خطر، ولم يكن باستطاعته العثور على طريق عودته. كان النبي أشعيا صائباً عندما قال: "كُلُّنا ضَلَلْنا كالغَنَم كُلُّ واحِدٍ مالَ إلى طَريقِه" (أشعيا 53: 6). ويذكرنا الرسول بطرس أنَّنا رجعنا إلى الله بفضل سيدنا يسوع المسيح "فقَد كُنتُم كالغَنَمِ ضالِّين، أَمَّا الآن فقَد رَجَعتُم إلى راعي نُفوسِكم وحارِسِه" (1بطرس 25:2). ويسوع هو الراعي. انه الراعي الصالح (يوحنا 11:10)، الراعي العظيم (عبرانيين20:13) ورئيس الرعاة (1بطرس 4:5). الراعي الذي ذهب ليبحث عنا، وقد وجدنا فيه رجاءً لا ينقطع بقبول كل نفس مهما كان فسادها.
 
قديم 05 - 10 - 2022, 09:37 AM   رقم المشاركة : ( 91092 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,305,643

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


انفرد لوقا الإنجيلي بذكر ثلاثة أمثال قالها السيد المسيح مؤكِّدا أنه جاء من أجل الخطأة، وأنه يحبهم، وأنه سيقبل الأمم كما يقبل اليهود، مثل الخروف الضَّالّ (4-7)، والدرهم المفقود (8-10)، والابن الضَّالّ (11-32)، بينما أكتفي القديس متى بذكر مثل الخروف الضَّالّ فقط (متى 18: 12-14).
ويعلق القدّيس أمبروسيوس، أسقف ميلانو "لم يورد لنا القدّيس لوقا ثلاثة أمثال على التوالي بدون سبب: مَثَل الخروف الضال الذي وُجِدَ، مَثَل الدرهم المفقود الذي عُثِرَ عليه، ومَثَل الابن الضالّ الذي كانَ ميتًا وعادَ إلى الحياة. لقد أوردَ هذه الأمثال الثلاثة لكي نُداويَ جِراحنا، بواسطة هذا العلاج الثلاثي... مَن هم ذاك الأب وذاك الراعي وتلك المرأة؟ أليسوا هم الله الآب، والرّب يسوع المسيح، والكنيسة؟"
 
قديم 05 - 10 - 2022, 09:38 AM   رقم المشاركة : ( 91093 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,305,643

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القدّيس أمبروسيوس، أسقف ميلانو





"لم يورد لنا القدّيس لوقا ثلاثة أمثال على التوالي بدون سبب: مَثَل الخروف الضال الذي وُجِدَ، مَثَل الدرهم المفقود الذي عُثِرَ عليه، ومَثَل الابن الضالّ الذي كانَ ميتًا وعادَ إلى الحياة. لقد أوردَ هذه الأمثال الثلاثة لكي نُداويَ جِراحنا، بواسطة هذا العلاج الثلاثي... مَن هم ذاك الأب وذاك الراعي وتلك المرأة؟ أليسوا هم الله الآب، والرّب يسوع المسيح، والكنيسة؟"
 
قديم 05 - 10 - 2022, 09:38 AM   رقم المشاركة : ( 91094 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,305,643

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




يريد يسوع أن يكشف لنا من خلال مثل الخروف الضَّالّ والدرهم الضائع ووجه الله الرحيم. في المثل الخروف الضَّالّ يشبه الله رجلا صاحب قطيع كبير مؤلف من مئة خروف.
ولا يرضى بان يضيع خروفا واحدا من خرافه. الله لا يرضى بان يهلك إنسان واحد قبل أن يصنع المستحيل لكي يخلصه. انه يبحث عن الخروف الضَّالّ بكي يُعيده إلى الحضيرة آمنا.
لو لم يبحت الراعي عن الخروف أيضا، لكان يحق للتسع والتسعين أن تشك بخلاصها، لأنها هي أيضا معرّضة للضلال وتكون بالتالي معرِّضة لعدم اكتراث الراعي.
 
قديم 05 - 10 - 2022, 09:39 AM   رقم المشاركة : ( 91095 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,305,643

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




مثل الدرهم الضائع فيدور حول امرأة فقيرة لا ترضى أن تفقد دراهما واحدا كذلك الله قلبه رحيم لا يقبل بان يهلك إنسان واحد، لان الإنسان في نظره أثمن من ذهب العالم كله.
حب الله يبحث عنا، كما بحث الراعي عن خروفه الضَّالّ وكما بحثت المرأة عن درهما الضائع.

ومن منا لم يكن يوما الخروف الضَّالّ أو الدرهم الضائع، فلا نياس. الله ارحم الراحمين.
 
قديم 05 - 10 - 2022, 09:40 AM   رقم المشاركة : ( 91096 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,305,643

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




كل إنسان هو ابن الله، والناس جميعاً متساوون في عينه. فلا تفرقة عنده بين فريسي وعشار، وبين بار خاطئ والسبب هو أنَّ قيمة الإنسان الحقيقية هي انه موضوع محبة من قبل الله، أيا كان وإلى آية فئة انتمى. الله محبة، والمحبة لا تفرّق ولا تميِّز ولا تحتقر. وحب الله سابق لحب الإنسان "وما تَقومُ عَلَيه المَحَبَّة هو أَنَّه لَسنا نَحنُ أَحبَبْنا الله بل هو أَحَبَّنا فأَرسَلَ ابنَه كَفَّارةً لِخَطايانا. أمَّا نَحنُ فإِنَّنا نُحِبّ لأَنَّه أَحَبَّنا قَبلَ أَن نُحِبَّه" (1 يوحنا 4: 10، 19).ويُحرم من الفرح الحقيقي من يبتعد بإرادته، ويتوه في ملذات هذا العالم، وهذا يحزن السماء عليه جدًا. ولكن عند عودته تفرح السماء به ويحتفظ بمكانه هناك.
 
قديم 05 - 10 - 2022, 09:40 AM   رقم المشاركة : ( 91097 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,305,643

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





دعاء

أنت يا رب، تعرف كل واحد منا باسمه وتحبه وترحمه.
شكراً يا رب، لحبِّك الشخصي والمُتميّز

لكل واحد منا ولرحمتك اللامتناهية.

لك المجد والعزة والإكرام الآن وكل أوان. آمين
 
قديم 05 - 10 - 2022, 09:50 AM   رقم المشاركة : ( 91098 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,305,643

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

قداسة البابا شنودة الثالث


الإيمان العملي

أيها القارئ العزيز: لا شك أنك تعتقد في نفسك أنك شخص مؤمن وأن أيمانك بالله ليس هو موضع سؤال.
فهل اختبرت اعتقادك هذا في ضوء "الإيمان العملي"؟! ولعلك تسأل: وما هو الإيمان العملي؟
و للإجابة على هذا السؤال نقول: إن كثيرين يؤمنون بالله إيمانًا نظريًا، إيمانا فكريًا، إيمانًا يختص بالعقل فقط ولا يتعدى نطاق العقل.. أما الإيمان العملي، فهو الإيمان الذي تظهر ثماره وعلاماته واضحة في حياة الإنسان، بحيث تشهد أعماله وأقواله وسلوكه أنه شخص مؤمن.. لهذا يسأل القديس بولس الرسول ويقول: "لنختبر أنفسنا هل نحن في الإيمان". ولتوضيح هذا الأمر سأضرب بضعة أمثلة:
أنت تؤمن أن الله موجود، وأنه عادل، وأنه يحكم للمظلومين، لماذا إذن تخاف؟ ولماذا تضطرب؟ وهل خوفك يدل على أنك شخص مؤمن؟!
عن داود النبي يقول: "الرب نورى وخلاصي، ممن أخاف؟ الرب عاضد حياتي، ممن أجزع.. إن يحاربني جيش، فلن يخاف قلبي. وإن قام على قتال، ففي ذلك أنا مطمئن.. ".. داود النبي يؤمن أنه في رعاية الله، حمل صغير في غنم رعيته، ولذلك يخاطب الله قائلًا: "إن سرت في وادي ظل الموت فلا أخاف شرًا، لأنك أنت معي.. عصاك وعكازك هما يعزيانني"..
حقًا، إن القلب المؤمن لا يخاف. الإنسان المؤمن الذي يثق برعاية الله له، لا يمكن أن يخاف. إن الخوف دليل عملي على ضعف الإيمان. ضعف الإيمان برعاية الله، وحمايته، وحفظه..
إن المؤمن ينصت إلى صوت المزامير وهى تشجعه بقول الوحي الإلهي: "فلا تخش من خوف الليل. ولا من سهم يطير بالنهار.. يسقط عن يسارك ألوف، وعن يمينك ربوات. وأما أنت فلا يقتربون إليك بل بعينيك تتأمل، ومجازاة الخطاة تبصر".
لهذا استطاع القديسون أن يواجهوا الأخطار بقلوب مملوءة بالسلام لا تعرف للخوف معنى.. وإن ضغطت عليهم الضيقات، وإن بدا أن أعداءهم أكثر قوة وعددًا، يرن في آذانهم القول الإلهي: "أنا معكم، لا تخافوا"، "الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون"، "إن الذين معنا أكثر من الذين علينا". عاش آباؤنا في البراري والقفار، في وسط الوحوش والحيات والعقارب ودبيب الأرض، ولم يخافوا.. وتعرضوا لهجمات الشياطين وحروبهم، ولم يخافوا.. كانوا مؤمنين بعمل الله معهم، وعمل الله من أجلهم..
لذلك إن حاربك الخوف، وَبِّخ ذاتك وقُل: أين إيماني؟! اشعر باستمرار بأن الله موجود، وأنه يعمل، وأنه يحمي السائرين في طريقه؛ يحميهم من الأخطار التي يرونها، ومن الأخطار الخفية التي لا يعرفونها. هو يدافع عنا أكثر من دفاعنا عن أنفسنا.. ولكنه دائمًا يتدخل في الوقت المناسب في الوقت الذي تحدده حكمته الأزلية. فإن حاربك الخوف بسبب أن المعونة الإلهية بدت متباطئة في الوصول إليك، فلتتشجع بقول داود النبي في المزمور: "انتظر الرب، تقو وليتشجع قلبك، وانتظر الرب".. حالة واحدة تخاف منها. عندما تشعر أن الله قد تخلى عنك بسبب خطاياك.
وحتى في هذه الحالة يستطيع المؤمن أن يجد حلًا إذ يشعر أنه بالتوبة يصطلح مرة أخرى مع الله، ويعود الله إليه، وتعود معونته. والتوبة في مقدور كل إنسان: يكفى أن يندم من كل قلبه، ويرفع قلبه إلى الله في انسحاق.. وإذ يشعر برجوع الصلة، ويزول الخوف ويطمئن

الإنسان المؤمن لا يخاف. والإنسان المؤمن حقًا، لا نخطئ. إنك قد تخجل من أن ترتكب خطيئة أمام أحد معارِفَك، أو أمام من توقرهم في داخلك، فكن بالأولى أمام الله!! إن الذي يضع الله أمام عينيه، لا شك أنه يستحى أن يخطئ قدامه.. مثلما عرضت الخطية على يوسف الصديق، فقال: "كيف أخطئ، وأفعل هذا الشر العظيم أمام الله؟!".
أؤكد لكم أننا في كل مرة نخطئ، نكون قد نسينا الله، نسينا أنه يرانا ويبصر ما نفعله، وهكذا إيماننا في وجود الله قد ضعف.. في كل مرة نظلم غيرنا، نكون قد نسينا الله العادل، وفقدنا الإيمان بالله الذي يحكم للمظلومين.. في كل مرة نفعل ما لا يليق، لا تكون صورة الله واضحة أمام أعيننا..
إن الإنسان المؤمن لا يخطئ، ليس فقط لإيمانه بأن الله يراه، وإنما أيضًا لإيمانه بأن الله سيحاسب وهو الديان الذي لا مهرب منه..

لهذا كان الإباحيون يحاربون باستمرار فكرة وجود الله، ويتخذون الله عدوًا لهم، وتقود الإباحية إلى الإلحاد.. أما المؤمنون فتظهر ثمار إيمانهم في حياة العفة والطهارة والقداسة التي يسلكون فيها، وبها يشعر الناس أنهم مؤمنون. ولذلك قال السيد المسيح: "من ثمارهم تعرفونهم". فإن كنت تسلك في الخطية فلا تفتخر باطلًا، وتقول إنك إنسان مؤمن!! لئلا تكذبك أعمالك، وتقف شاهدة ضدك!
إن الإيمان كما قلت من قبل، ليس مسألة عقلية أو نظرية، إنما يدخل في الحياة العملية، ويصبح إيمانًا عمليًا، تسمى الحياة فيه "حياة الإيمان".
الإيمان إذن يتعارض مع الخوف، ويتعارض مع الخطيئة والشر.. هو أيضًا يتعارض مع التذمر والضجر. أنت تؤمن بالله. حسنًا تفعل. فهل تؤمن أن الله يصنع معك خيرًا؟ إن كنت تؤمن بهذا فلماذا تتذمر؟ ولماذا لا تحيا في حياة الرضا والشكر؟
إن المؤمنين يحيون باستمرار في حياة الشكر، يشكرون الله في كل حين، على كل شيء.. يقبلون كل شيء من يد الله في رضى وفي فرح، لا يتذمرون ولا يتضجرون.. هم يؤمنون أنه ضابط للكل، وأنه يملك زمام الكون كله، ويدبر أموره حسب مشيئته الإلهية الصالحة. لذلك هم مطمئنون إلى عمل الله.. ما يعمله الله خير ومقبول. وكل ما يشاؤه الله هو نافع ومفرح. فلتكن مشيئته..
المؤمنون لا يضعون مشيئة الله تحت مقاييس حكمتهم البشرية، إنما يخضعون حكمتهم البشرية لمشيئة الله، ويقبلون مشيئة الله في غير تذمر شاعرين أنها لصالحهم مهما كانت تبدو غير ذلك.. وحقًا كم من أمور تضايق منها الناس في بادئ الأمر ثم أثبتت لهم الأيام أنها كانت خيرًا وبركة.. لذلك فإن المؤمن يحيا باستمرار في حياة التسليم.
حتى إن كان الأمر الذي يحدث للمؤمن هو شر واضح، فإنه لا يتذمر، شاعرًا بالإيمان أن الله قادر أن يحول الشر إلى خير.. إن أخوة يوسف صنعوا به شرًا، وامرأة فوطيفار الزانية فعلت به أيضًا شرًا، وقادته إلى السجن. ولكن الله حول ذلك الشر إلى خير.. كم من أمور يريد بها الناس ضررنا، ولكن هذه الأضرار في طريقها إلينا تمر على يد الله صانعة الخيرات، فتحول الضرر إلى خير.. فلنكن إذن مطمئنين شاعرين بالإيمان أن حياتنا في يد الله، وليست في أيدي الناس، ولنقل باستمرار تلك الآية الجميلة المعزية التي يقول فيها الوحي الإلهي: "كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الرب".
الإيمان إذن يتعارض مع الخوف، ومع الخطيئة، ومع التذمر.. وهو أيضًا بالأكثر يتعارض مع اليأس.. ألست تؤمن أن الله قادر على كل شيء؟ آمن إذن أن الله قادر على حل جميع إشكالاتك، وقادر على إزالة جميع متاعبك. لا داعي إذن لليأس، فهو لا يتفق مع الإيمان.. وقل لنفسك باستمرار: "عند الله لكل مشكلة حل، أو حلول. وهو قادر على كل شيء. "غير المستطاع عند الناس مستطاع عند الله".
لهذا نجد أن رجل الإيمان بشوش باستمرار، فرح القلب، مهما أحاطت به المتاعب لا يحزن ولا يكتئب ولا ييأس..
إنه يعيش في الحل الآتي، وليس في المشكل الحاضر. يجعل الله بينه وبين المتاعب فتختفي المتاعب بينه وبين الله، لئلا يختفي إيمانه بالله.
 
قديم 05 - 10 - 2022, 09:54 AM   رقم المشاركة : ( 91099 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,305,643

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

قداسة البابا شنودة الثالث


- التوبة

توجد موضوعات روحية تخص مجموعة معينة من الناس دون مجموعة أخرى. على أن هناك موضوعًا يخص الكل، مهما حاول البعض أن ينكر احتياجه إليه. أما هذا الموضوع فهو التوبة..
كل إنسان يحتاج إلى التوبة. لأنه لا يوجد أحد بلا خطية. الكل معرض للخطأ. والذي يقول إنه لا يخطئ هو بغير شك واحد من اثنين: إما أنه إنسان لا يحاسب نفسه جيدًا، وإما أن مقاييسه الروحية في حاجة إلى تعديل.
شعور الإنسان باحتياجه إلى التوبة، هو دليل صحة نفسه، دليل على أنه يريد أن يصلح حاله وقلبه. أما الذي لا يشعر بحاجته إلى التوبة، فلابد أنه سيبقى في أخطائه، تمنعه كبرياؤه من الاعتراف بالخطأ.. إنه بار في عيني نفسه، ولكنه ليس بارًا أمام الله وأمام الناس.. حتى أن القديسين أنفسهم كانوا يجاهدون من أجل التوبة، ولكن في مستويات عليا غير المستويات العادية..
إن كان الأمر هكذا،

فما هي التوبة إذن؟
ليست التوبة هي مجرد ترك الخطية وعدم السلوك فيها.. فكثيرًا ما يحدث أن يترك الإنسان الخطية لأسباب غير روحية، يتركها ليس محبة للبر، وليس لمحبته لله وإنما لأسباب أخرى، يكون في خلالها خاطئًا دون أن يخطئ.
فقد يبتعد الإنسان عن الخطيئة أحيانًا بسبب الكبرياء، أو بسبب العناد، أو بسبب الخجل، أو بسبب الخوف: الخوف من أن يضبط أو الخوف من النتائج. أو بسبب أن الفرصة لم تكن متاحة، أو بسبب أن الخطية معتذرة أو رافضة.. وقد يرفض الخطية من أجل التظاهر بالبر أو من أجل مديح الناس..
وفى كل هذه الحالات لا تكون الخطية في سلوكه، وإنما قلبه.. هو يريد ولكنه لا يفعل.. والله فاحص القلوب والأفكار، يعرف تمامًا أن مثل هذا الإنسان ليس تائبًا. إنه لا يزال في حياة الخطيئة، ولا يزال للخطية سيطرة عليه، وإن كان لا يخطئ بالفعل..
إن التوبة هي حالة تغيير في القلب. هي نقطة تحول في حياة الإنسان.. هي تجديد للقلب.. هي حياة جديدة يحياها الشخص تختلف اختلافًا كليًا عن حياته الأولى في السقوط.
و قد يتغير إنسان ويسير في الفضيلة، ولكنه لا يعتبر تائبًا إلا إذا استمر في حياة الفضيلة دون أن يرجع إلى الوراء. فكثيرون يظنون أنهم تابوا، وأن حياتهم قد تجددت، ويستمرون في هذا الوضع الجديد مدة، ثم تحدث لهم نكسة روحية، فيرجعون إلى أخطائهم، والبعض يقومون ثم يسقطون، ثم يقومون ويسقطون. وفي هذه الذبذبة لا نستطيع أن نقول إنهم تابوا.. ربما يكونون في مجرد محاولات للتوبة.
إن ترك الخطية ولو إلى فترة، ليس هو التوبة الحقيقية..
فقد يبعد الشخص عن الخطية، أو تبعد الخطية عنه، ليس لأنه قد صار بارًا، وإنما لأنه في هذه الفترة بالذات غير محارب بهذه الخطيئة بالذات..
إن الشيطان ذكى في حروبه، يعرف متى يحارب، وكيف يحارب، وبأية خطيئة يحارب الإنسان وإن وجد الإنسان مستعدًا استعدادًا كاملًا ومتحفزًا كل التحفز لمواجهته في ميدان معين، قد يترك هذا الميدان ويحاربه في موقع آخر.
فإن وجدت نفسك مستريحًا فترة ما من خطيئة معينة، لا تظن أنك قد صرت نقيًا من جهتها. ربما يكون الشيطان قد تركك إلى حين ريثما يعد لك كمينًا في موضع آخر، ثم يرجع إلى محاربتك مرة أخرى على حين فجأة بهذه الخطيئة التي ظننت أنك قد تبت عنها. لذلك كن حريصًا باستمرار، يقظًا باستمرار، مستعدًا باستمرار، لأنك لا تعرف في أية ساعة أو بأي شكل تأتيك الحرب الروحية..
وقد تستريح فترة من خطيئة معينة بالذات، ليس لأنك تبت عنها، وإنما بسبب شفقة الله عليك. أراد لك فترة راحة حتى لا تكل في الجهاد، أو لكيلا تقع في اليأس.. وربما تكون الخطيئة قد بعدت عنك بسبب صلوات بعض القديسين الذين تشفعوا فيك أن يمد لك الله يد المعونة حتى لا تسقط. ربما تكون القوة الحافظة المحيطة بك هي التي دافعت عنك، ولا يكون قيامك راجعًا لتوبة..

هناك إذن فرق كبير بين إنسان منتصر في حياته الروحية، وإنسان غير محارب. وتظهر التوبة على حقيقتها إذا حوربت فانتصرت. وقد ينتصر إنسان في حرب خفيفة ولكنه يضعف ويسقط إذا كان أغراء الخطيئة شديدًا وقاسيًا. أما التائب الحقيقي فهو رجل الله الذي يحارب حروب الرب في عنفها وينتصر. تضغط عليه الخطية في أشد إغراءاتها، وفي أقسى صورها، وفي أقصى حدودها، وينتصر. ويستمر أمامه الأغراء، ويستمر في نصرته.. مثل يوسف الصديق..
هذه هي التوبة. إنها حياة النصرة. حياة الإنسان الذي يجاهد من أجل الرب وينجح. حياة القلب الذي يرفض الخطية مهما ضغطت عليه..
ترك الخطية هو بداية حياة التوبة. أما كمال التوبة فليس هو ترك الخطية، وإنما هو كراهية الخطية. وقد يكره الإنسان الخطية أحيانًا بعض الوقت اشمئزازًا منها أو كرد فعل لبشاعتها، ثم يرجع بعد حين، بعد زوال هذا الانفعال فيشتاق إليها مرة أخرى. ليست هذه هي التوبة. إنما التوبة هي كراهية حقيقية للخطية، كراهية دائمة بسبب أن هذه الخطية لم تعد تتفق إطلاقًا مع طبيعة الإنسان الجديدة التي تجددت بالتوبة..
على أن كراهية الخطية هي حالة سلبية. أما الحالة الإيجابية فهي محبة الله. والتوبة الحقيقية هي النتيجة الطبيعية لدخول محبة الله في القلب. إنها استبدال شهوة بشهوة. إنها حلول شهوة البر محل شهوة العالميات. حلول الله محل العالم في قلب الإنسان.
التوبة هي الدرجة الأولى في السلم الروحي. منها يرتقى الإنسان درجة درجة في حياة القداسة والنقاوة حيث يصل أخيرًا إلى الكمال. والكمال هو قمة الدرج الروحاني..
وهذه القداسة، وهذا الكمال، لا يعلنهما الله للإنسان دفعة واحدة، لئلا يقع في صغر النفس، ويرى أنه ليس من السهل عليه الوصول..
الكمال كالأفق، هو آخر ما تصل إليه رؤيتك. عنده ترى السماء والأرض متعانقتين. فإذا ما وصلت إليه ترى أفقًا آخرًا في انتظارك بعيدًا عنه. وعندما تصل إلى هذا الأفق الآخر تتطلع إلى أفق أبعد.
وتظل تنتقل من أفق إلى فوق، ترقى من كمال إلى كمال أعلى. وأعلى ما يصل إليه الإنسان من كمالات هو جهالة بالنسبة إلى كمال الله الذي فيه يتركز الكمال الذي لا يحد، له المجد في كماله إلى الأبد، آمين.
 
قديم 05 - 10 - 2022, 09:56 AM   رقم المشاركة : ( 91100 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,305,643

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

قداسة البابا شنودة الثالث

- محاسبة النفس



هناك فضيلة تلزم لكل إنسان، أيًا كانت درجته، وبدونها ما أسهل أن يضل وأن ينحرف هذه الفضيلة هي محاسبة النفس.
أليس من العار أن نجتهد كثيرًا في محاسبة غيرنا من الناس، بينما أنفسنا لا نحاسبها!!
نفترض مثاليات عالية نضعها أمام الآخرين، وإن تخلفوا عنها ولو قليلًا، ننصب لهم الموازين، ونكيل لهم الاتهامات، ونحاسبهم حسابًا عسيرًا، كأننا مسئولون عن كل أعمالهم.. أما أنفسنا، فنادرًا ما نضعها تحت الحساب.
بينما في حقيقة الأمر نحن أقدر على محاسبة أنفسنا لا غيرنا.. أنفسنا معنا في كل حين، نعرف جميع خباياها، وجميع نواياها، وجميع ظروفها وأحوالها، ونعرف كل أعمالها وأفكارها، لذلك نحن نقدر على محاسبتها، ونكون عادلين في حسابنا، لأنه من معرفة يقينية أما غيرنا، فلا نعرف دواخله، ولا نعرف ظروفه وقد نظلمه في حكمنا. وما أصدق قول الكتاب: "لا يعرف الإنسان إلا روح الإنسان الساكن فيه".. فليتنا نحاسب أنفسنا لا غيرنا..

ليتنا نحاسب أنفسنا بدلًا من أن يحاسبنا الناس. ما أجمل قول القديس مقاريوس الكبير: (احكم يا أخي على نفسك، قبل أن يحكموا عليك).. ويقينًا أننا لو حاسبنا أنفسنا، وعرفنا أخطاءنا، سوف لا نتضايق من محاسبة الناس لنا، وسوف لا نغضب منهم، بل نقول -ولو في داخلنا- "نحن بعدل جوزينا"..
بل ليتنا نحاسب أنفسنا، قبل أن يحاسبنا الله في اليوم الأخير. إن محاسبتنا لأنفسنا، تقودنا إلى التوبة، إذ ندرك واقع سقطاتنا فنتوب عنها ونتركها، والتوبة تمحو الخطايا، وتستمطر مراحم الله، وتوقفنا بلا دينونة في اليوم الأخير..
ومحاسبة النفس تقود الإنسان إلى الاتضاع، وتبعد عنه الغرور والكبرياء.. إنما يتعجرف الإنسان الذي لا يدرى حقيقة ذاته، ولا يعرف نقائصه وعيوبه.. أما الذي يحاسب نفسه، وتنكشف أمامه خطاياه وسقطاته وضعفاته، حينئذ يدرك أنه أقل بكثير مما كان يظن في نفسه، وتتضع نفسه من الداخل وان حاولت أن ترتفع يذكرها بما اكتشفه فيها من عيوب..
ولكن كل ذلك يتم، إن كنا دقيقين في محاسبتنا لأنفسنا، غير مجاملين لها، وغير ملتمسين لها الأعذار في كل شيء..
حقًا، ينبغي أن نكون حازمين في محاسبتنا لأنفسنا. ولا يصح أن نغطى كل ذنب بعذر، ولا يصح أن نبرر ذواتنا فيما نرتكبه من أخطاء، ولا يصح أن نلقى اللوم على الظروف أو على الآخرين أو على الضعف البشرى، ولا أن نخفى خطايانا وراء نيات حسنة. بل نكون صرحاء مع أنفسنا، غير مجاملين لها، ولا مدللين لها..
فلنكن مدققين جدًا في محاسبتنا لأنفسنا، عطوفين جدًا في محاسبة الآخرين. لأننا لا نعرف ظروف الآخرين، فربما يكون لهم عذر. كذلك لا نعرف تكوينهم النفسي والعصبي، ولا نعرف كل ظروفهم العائلية والاجتماعية والصحية والوراثية. أما من جهة أنفسنا، فندرك أنها بلا عذر، ونعرف تمامًا مقدار الإرادة الخاطئة في عملها، ومقدار تدخل الظروف..
وفى محاسبتنا لأنفسنا، ينبغي أن نحاسبها على كل شيء على العمل الخاطئ، وعلى مجرد النية الخاطئة وعلى أخطاء الفكر والحس واللسان والشعور، وكل شيء.. ونحاسبها أيضًا على علاقتها بالله وبالناس.. ونحاسبها على مدى النمو في حياتها الروحية. لا يكفى أن يكون الإنسان بعيدًا عن الخطية، إنما يجب أن يكون سائرًا في الفضيلة وناميًا فيها.
ينبغي أن نحاسب أنفسنا في ضوء مقاييس الكمال المطلوب منا. وهنا نوضح أنه كلما كان الإنسان ناميًا في معرفته الروحية دارسًا لحياة القديسين والأبرار، متعمقًا في فهم الفضيلة، فعلى هذا القدر يكون مستوى محاسبته لنفسه عاليًا. إن أصحاب القامات الروحية العالية يحاسبون أنفسهم على أخطاء قد لا يراها غيرهم أخطاء، ولكنها في نظرهم كذلك بحسب نموهم الروحي.
إن الله أعطي لكل منا ضميرًا يحاسبه. وبعضنا يحاول أن يسكت هذا الضمير، وبعضنا يحاول أن يميته، وبعضنا يهرب منه وبعضنا يحاول أن يتحايل على ضميره بحيل عقلية لتبرير مسلكه.. ولكن الإنسان الصالح هو الذي يخضع لتوجيهات ضميره ويحنى نفسه لمحاسبته، بل يجعل هذا الضمير يستنير أكثر وأكثر، ويكون مرفهًا أكثر وأكثر، بالمداومة على القراءة الروحية والتأمل في الفضائل..
لذلك ننصحك باستمرار أن تكون رقيبًا على نفسك. لا تجعل شيئًا من تصرفاتك أو من نواياك يفلت من مراقبتك. لا تترك دوامة المشغوليات تجرفك وتجعلك تنسى نفسك، فتقلل من مراقبتك لها. اتبع هذه المراقبة، بمحاسبة، وبمعاقبة، إن استلزم الأمر..
قل لنفسك ما يخجل الناس من قوله لك. ربما تجرحك كلمة صريحة يواجهك بها الغير، ولكنك تستطيع أن تقول هذه الكلمة لنفسك. بل تستطيع أن تبكت ذاتك، وأن توبخ ذاتك، وأن تقوم ذاتك وتؤدبها، فهي تخضع لك..
لا تترك نفسك على هواها، تسير حسبما تشتهي، دون رقيب أو مؤدب..
وأعرف أنك خير قاض يحكم على نفسك، وأعرف أن الشخص المجتهد في محاسبة نفسه، إنما هو الشخص الحريص على خلاص نفسه، الحريص أن يحفظ ذاته نقيًا من كل شائبة ومن كل لوم..
ومحاسبة النفس تقود إلي الصلاة وإلي الاعتراف.. إن حاسب الإنسان نفسه ووجدها قد أخطأت إلي الله أو إلي الناس، عليه أن يسكب ذاته أمام الله، ويعترف له بهذا الخطأ، ويطلب منه المغفرة، ويطلب منه أيضًا القوة على تجنب هذا الخطأ وعليه أيضًا أن يعترف لمن أخطأ إليه حتى يكسب رضاه ويصفي قلبه من جهته.. إلي باقي عناصر الاعتراف الأخرى..
ولعل البعض يسأل: متى يتاح للإنسان أن يحاسب نفسه! إن البعض يحاسب نفسه في مناسبات معينة، وكأن يجلس في بداية سنة جديدة ويحاسب ذاته على سلوكه خلال السنة الماضية كلها، والبعض قد يحاسب نفسه قبل الذهاب إلي الاعتراف والبعض يحاسب نفسه في نهاية كل يوم، قبل أن ينام. والبعض يحاسب نفسه على كل فعل بعد هذا الفعل مباشرة، قبل أن يفقد تأثيره..
ولكن أفضل الناس هو الذي يحاسب نفسه على العمل قبل أن يعمله. فيسأل نفسه: أيجوز لي أن أفعل كذا أو أن أقول كذا؟
وإن فعلت هذا الأمر ألا أرتكب كذا وكذا من الإثم؟ وهكذا يتجنب الفعل الخاطئ، ويتجنب ما قد يسببه هذا الفعل من نتائج لا تليق..
إن محاسبة النفس قد تقود الإنسان إلي حياة البر، أو على الأقل إلي حياة التوبة. وفي أقل القليل تقوده إلي حساسية الضمير وإلي يقظة القلب، وإلي التواضع والانسحاق.

 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 03:08 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025