![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 90931 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() البابا شنودة الثالث بحث أحد الحكماء في أسباب السعادة والشقاء. فوصل إلى حقيقة عميقة في فهمها وهى: إن أهم سبب للشقاء هو وجود رغبة لم تتحقق: فقد يعيش الإنسان فقيراً. ويكون سعيداً في نفس الوقت. ولكن إن دخلت إلى قلبه رغبة في الغنى ولم تتحقق، حينئذ يتعب ويشقى. وأيضاً قد يكون الإنسان مريضاً وراضياً شاكراً، يُقابل الناس في بشاشة وابتهاج، لا يشقيه المرض. ولكن المريض الذي تدخل في قلبه رغبة في الشفاء ولم تتحقق فهذا بلا شك يتعب في رغبته. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 90932 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() البابا شنودة الثالث أن رحلة الرغبات داخل القلب تتعبه وتضنيه، وترهقه وتُشقيه: إنه يشتاق، ويشقى في إشتياقه. يريد ويُجاهد ويتعب لكي يصل. ويلتمس الوسائل، فيُفكِّر ويُقابل ويكتب ويشكو، ويروح ويجيء، ويسعى ويتعب في سعيه. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 90933 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() البابا شنودة الثالث الإنسان قد ينتظر طويلاً متى تتحق الرغبة، ويشقى في انتظاره. يصبر ويضيق صدره، ويمل ويضجر. ويدركه القلق حيناً، واليأس حيناً آخر. أو قد يتعبه الخوف من عدم الوصول إلى نتيجة. ورُبَّما يتعب من طياشة الفكر ومن أحلام اليقظة، أو من أن رغباته مُجرَّد آمال، مجرد قصور في الهواء، لا يراها إلا إذا أغمض عينيه! وقد ينتهي سعيه وتعبه إلى لا شيء. ويُحرم من رغبته التي يود تحقيقها، فيشقى بالحرمان. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 90934 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() البابا شنودة الثالث الإنسان لو آماله وأغراضه قد تجنح به عن طريق الصواب. فتقوده إلى الخِداع، أو اللف والدوران، أو التذلُّف والتملق، أو الكذب أو الرياء، أو ما هو أبشع من كل هذا. وقد صدق أحد الحكماء حينما قال: " لابد أن ينحدر المرء يوماً إلى النفاق، إن كان في قلبه شيء يود أن يخفيه ". |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 90935 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() البابا شنودة الثالث العجيب في هذه الرغبات الأرضية، أنها تُشقي الإنسان حتى إن تحققت! ذلك لأنها لا تقف عند حدٍّ ... فقد يعيش الأنسان في جحيم الرغبات زمناً. حتى إذا ما تحققت له رغبة، وفرح بها وقت ما، ما تلبس أن تقوده إلى رغبة أخرى، إلى خطوة أخرى في طريق الرغبات الذي لا ينتهي! إن الرغبات عندما تتحقق يلتذ بها، وتقوده اللذة إلى طلب المزيد. وللوصول إلى هذا المزيد، قد يجره إلى تعب جديد ... ويكون كمَن يشرب من ماء مالح، كُلَّما شرب منه يزداد عطشاً . وكُلَّما يزداد عطشاً يزداد اشتياقاً إلى الماء، في حلقة مفرغة لا يستريح فيها ولا يهدأ. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 90936 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() البابا شنودة الثالث صاحب الرغبة يعيش في رُعب: إمَّا خوفاً من عدم تحقق رغبته. أو خوفاً من ضياعها إن كانت قد تحقَّقت. ومن القصص اللطيفة في هذا المجال: أن رجلاً فقيراً لا يملُك شيئاً على الإطلاق، كان يعيش في منتهى السعادة. يضحك ملء فمه، ويُغنِّي من عُمق قلبه. وفي إحدى المرات رآه أحد الأمراء وأعجب به. فمنحه كيساً من الذهب. فأخذ الرجل الفقير كيس الذهب إلى بيته. وبدأت الآمال والرغبات تدخل إلى قلبه: أية سعادة سيبنيها بهذا المال! ثم لم يلبث الخوف أن ملك عليه، لئلا يسرق أحد منه هذا الذهب قبل أن يبني سعادته به. فقام وخبأ الكيس وجلس مفكَّراً. ثم قام وغيَّر المكان الذي أخفاه فيه. ثم حاول أن ينام ولم يستطع. وقام ليطمئن على الذهب... وفي تلك الليلة فقد سلامه. حتى قال لنفسه: " أقوم وأُعيد هذا الذهب إلى الأمير، وأنام سعيداً كما كنت ". |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 90937 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() البابا شنودة الثالث إن الإنسان قد يُقاد من رغباته. ورغباته تُمثِّل نقطة ضعف فيه، يقوده الناس منها ... وما أشقى الإنسان الذي تكون رغباته في أيدي الناس، في حوزتهم أو في سلطانهم أو في إرادتهم! وبإمكانهم أن يُحقِّقوها له. وبإمكانهم أن يحرموه منها. لذلك يعيش عبداً للناس. تتوقف سعادته على رضاهم. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 90938 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() البابا شنودة الثالث لقد عاش النُّسَّاك في سعادة، زاهدين لا تتعبهم الرغبات ... هؤلاء قد ارتفعوا فوق مستوى الرغبات الأرضية. ولم تعُد لهم سوى رغبة واحدة مقدسة هى الحياة مع اللَّه والتَّمتُّع بعشرته. وهذه لا يستطيع أحد من الناس أن يحرمهم منها. وهكذا فإن سعادة الناسك الزاهد تنبع من داخله، من قلبه، من إحساسه بوجود اللَّه معه. وإذ تنبع سعادته من داخله، لا تصير تلك السعادة رهناً للظروف الخارجية، كما لا يتحكَّم الناس فيها. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 90939 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() البابا شنودة الثالث حقاً أي شيء في العالم يُمكن أن تتعلَّق به رغبات الروحيين؟! لا شيء ... فليس في العالم سوى المادة والماديات، ومشتهيات الجسد والنفس ... أمَّا رغباتهم هم فتتعلَّق باللَّه وسمائه وبعالم الروح. لذلك ليس في العالم شيء يشتهونه. لو كان الذي يشتهونه في هذه الأرض، لتحولت الأرض إلى سماء. إن الروحيين أعلى من رغبات العالم وأسمى. العالم لا يعطيهم بل هم بركة للعالم. وبسببهم يرضى اللَّه على الأرض. إنهم نور للعالم يُبدِّد ظلماته. وهم بهجة للأرض ونعمة ... هؤلاء لا يعيشون مُطلقاً في جحيم الرغبات الأرضية. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 90940 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() البابا شنودة الثالث تأملت في حياتي أحد هؤلاء الزاهدين المرتفعين عن مستوى الرغبات الأرضية، فناجيته بآبيات من الشعر قُلت فيها: كل ما حولك صمت وسكون وهدوء يكشف السر المصون هل ترى العالم إلاَّ تافهاً يشتهي المتعة فيه التافهون هل ترى الآمال إلاَّ مجمراً يتلظَّى بلظاه الآملون لست منهم. هُم جسوم بينما أنت روح فر من تلك السجون نعم ما أجمل أن يعيش الإنسان سعيداً باللَّه. يمكن أن تكون له رغبات داخل محبة اللَّه. ولكن لا يُمكن أن تستعبده الرغبات. تكون الرغبات مُفتاحاً في يده، ولا تكون أغلالاً في يديه |
||||