منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01 - 10 - 2022, 10:33 AM   رقم المشاركة : ( 90541 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,305,280

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


البابا شنودة الثالث


الذاتية وإنكار الذات


لا تظنوا أيها الأخوة الأحباء أن عبادة الأصنام قد تلاشت من الأرض. فهناك صنم خطير يكاد يعبده الكل.. انه الذاتego..
كل إنسان مشغول بذاته، معجب بذاته، يضع ذاته في المرتبة الأولى من الأهمية.
. أو في المرتبة الوحيدة من الأهمية.. يفكر في ذاته، ويعمل من أجل ذاته
، ويهمه أن تكبر هذه الذات، بل تصير أكبر من الكل، ويهمه أن تتمتع هذه الذات، بشكل اللذات، بأى ثمن، وبأى شكل.
هذه هي الذاتية، أو التمركز حول الذات.. وفيها يختفى الكل، وتبقى الذات وحدها.
فيها ينسى الإنسان غيره من الناس، أو يتجاهل الكل
وتبقى ذاته في الصورة، وحدها.. ولا مانع من أن يضحى بالكل من أجل ذاته..
وأن يفكر هذا الإنسان في غيره، يكون تفكيره ثانوياً، في المرحلة التالية لذاته
أو قد يكون تفكيراً سطحياً، أو تفكير عابراً..
وإن أحب ذلك الإنسان الغارق في الذاتية، فإنه يحب من أجل ذاته، ويكون من يحبه مجرد خادم للذاته.. هو لا يحب الغير من أجل الغير، وإنما يحب من يشبعه في ناحية ما... يحب مثلاً من يمدحه، أو من يقضى له حاجياته، أو من يشبع له شهواته
أو من يحقق له رغبة معينة.. فهو في الحقيقة يحب ذاته لا غيره
وما حبه لغيره سوى وسيلة يحقق بها محبته لذاته.
لذلك لا مانع عند هذا الشخص أن يضحى بهذا الحب إذا اصطدم بذاته ورغباته.
ولعل هذا يفسر لنا الصداقات التي تنحل بسرعة إذا ما اصطدمت بكرامة ذاتية أو غرض ذاتى.. ولعل هذا يفسر لنا أيضاً الزيجات التي تنتهى إلى الطلاق
أو إلى الانفصال بينما يظن البعض أنها قد بدأت بحب، وبحب عنيف أو عميق.. قطعاً أن ذلك لم يكن حباً بمعناه الحقيقى
لأن في الحب تضحية، وفيه احتمالا وبذلا وعذراً للآخرين. والمحبة كما قال الكتاب: "تحتمل كل شيء"..

إنما مثل هؤلاء أشخاص كانوا يحبون ذواتهم فيما هم يتغنون بمحبتهم لغيرهم.
كان في محبتهم عنصر الذاتية، لذلك ضحوا بهذه المحبة على مذبح الذاتية أيضاً..
إن المحبة تصل إلى أعماقها حينما تتكلل بالبذل..
إن المحب الحقيقى هو الذي يضحى من أجل أحبائه بكل شيء، ولو أدى الأمر أن يضحى بذاته.. وكما قال الإنجيل:
"ليس حب أعظم من هذا، أن يضع أحد نفسه عن أحبائه"
أما المحبة التي تأخذ أكثر مما تعطى، فهى ليست محبة حقيقية، إنما محبة للذات.
كذلك المحبة التي تحب لتأخذ.. إنها تحب ما تأخذه، ولا تحب من تأخذ منه.
لذلك كانت محبة الله محبة كاملة مثالية، لأنها باستمرار تعطى دون أن تأخذ ولذلك أيضاً كانت محبة الأم لطفلها محبة حقيقية، لأنها باستمرار تعطى وباستمرار تبذل..
ولكن لعل إنساناً يسأل: ولماذا لا نحب ذواتنا؟
وأية خطيئة في ذلك؟ ومن من الناس لا يحب ذاته؟! إنها غريزة في النفس..
نعم، جميل منك أن تحب نفسك، ولكن تحبها محبة روحية
تحب ذاتك من حيث أن تهتم بنقاوة هذه الذات وقداستها وحفظها بلا لوم أمام الله والناس..
و تحب ذاتك من حيث اهتمامك بمصيرها الأبدى ونجاتها من الدينونة الأخيرة حينما تقف أمام منبر الله العادل لتعطى حساباً عن أعمالها وعن أفكارها ونياتها ومشاعرها.. هذا هو الحب الحقيقى للذات.. الحب الذي يطهر الذات من أخطائها ومن نقائصها، ويلبسها ثوباً من السمو والكمال.
وهناك شرط آخر لمحبة الذات الحقيقية، أن الإنسان في محبته لذاته يحب جميع الناس، ويكون مستعداً أن يضحى من أجلهم بكل ما يملك، ولو ضحى بذاته أيضاً...
لا يجوز لك أن ترتفع على جماجم الآخرين، ولا أن تبنى سعادتك على شقائهم، أو راحتك على تعبهم..
ضع مصلحة الآخرين قبل مصلحتك، وفضل خيرهم على خيرك.
ودرب ذاتك كيف تضحى من أجل الناس، سواء شعروا بهذه التضحية، أو لم يشعروا، وسواء شكروا عليها أو لم يشكروا...
من هنا علمنا السيد المسيح فضيلة عظمى، وهى إنكار الذات.. وشرح لنا كيف أن الذي يحب أن يسير في طريق الرب، عليه أولاً أن ينكر ذاته.
إن الشخص النبيل لا يزاحم الناس في طريق الحياة، بل يفسح لهم مجالاً لكي يعبروا، ولو سبقوه.. أنه يختفى لكي يظهر غيره، ويصمت لكي يتكلم غيره
ويمدح غيره أكثر مما يمدح نفسه، ويعطى مكانه ومكانته لغيره
ان كان بذلك يسعد نفسه من نفوس الناس..
إن الإنسان الكامل هو دائم التفكير في غيره، ومحبة غيره، وصالح غيره، وأبدية غيره، وقداسة غيره
أما ذاته فيضعها أخر الكل، أو يضعها خادمة للكل.. إنه لا ينافس أحداً من الناس.
طريق الله يسع الكل.. وهو يشعر بسعادة عميقة كلما أسعد إنساناً يجد سعادته في سعادته، وراحته، يجد فيهم ذاته الحقيقية.
لا ذاته الشخصية.. إنه يفرح لأفراحهم، ولو كانت الآلام تحيطه من كل جهة..
وإن أصابهم ألم لا يستريح، وإن كانت وسائل الراحة تحت قدميه..
إنه شمعة تذوب لكي تضئ للآخرين.. لا تفكر في ذاتها إنها تنقرض، إنما تنشغل بالآخرين كيف يستنيرون.. وفى أنارتها للناس لا تفرح بأنها صارت نوراً
إنما تفرح لأن الآخرين قد استناروا.. ذاتها لا وجود لها في أهدافها.. ولو فكرت في ذاتها، لما استطاعت أن تنير للناس..
إن أنجح الناس في المجتمع هم الأشخاص المنكرون لذواتهم
وأكثر الناس فشلاً هم الأنانيون.
إن انجح أدارى هو الذي يعطى فرصة لكل إنسان أن يعمل، ويشرف على الكل في عملهم، ويبدو هو كما لو كان لا يعمل شيئاً بينما يكون هو مركز العمل كله.
وأكثر إنسان محبوب في العمل، هو الذي كلما نجح عمله، يتحدث عن مجهود فلان وفلان، وينسب النجاح إلى كثيرين غيره، ويختفى هو كأنه لم يعمل شيئاً.. وكأنه يفرح بنجاح غيره لا بنجاح نفسه...
إن الناس يفرحون بمن يعطيهم فرصة، وبمن يقدرهم، وبمن يشيد بمجهودهم. أما الإنسان المتمركز حول ذاته، الذي يخفى الناس لكي يظهر هو، ويعطل كل الطاقات لكي يمجد طاقاته الخاصة، فإنه يفشل في كسب محبة الناس، وقد يفشل العمل كله بسببه...
الإنسان المخلص يهمه أن ينجح العمل، على أى يد تعمله. أما الأنانى فيهمه أن يتم النجاح على يديه، ولو أدى الأمر إلى تعطيل العمل كله. إن ذاتيته هي العقبة الكؤود التي تعرقل كل نجاح.
الإنسان المتمركز حول ذاته لا يفكر في راحة غيره، سواء كان راحة فرد أو راحة المجتمع كله. ربما لا يهتم بالصلح العام، ولا بالنظام العام، وإنما يرضيه فقط أن يجد طريقة.. لذلك فإن الأنانيين هم أكثر الناس كسراً للقوانين.
الرجل الكامل ينكر ذاته في علاقته بالناس، وأيضاً في علاقته بالله..
وما أجمل قول المرتل في المزمور "ليس لنا يارب ليس لنا، ولكن لاسمك القدوس اعط مجداً"
إنه يبحث عن مجد الله وعن ملكوت الله أولاً وأخيراً.. يهمه أن يطيع وصية الرب، ولو أدى به الأمر أن يغضب ذاته، أو يضغط على نفسه، أو يضحى براحته.
إنه يبذل ذاته من أجل وصية الله..
حتى في صلاته، ينسى ذاته ويذكر الله.. إننى أتعجب إذ أجد كثيرين في صلواتهم متمركزين حول ذواتهم.. كل صلواتهم طلبات خاصة..
يزحمون الصلوات بطلباتهم ورغبتهم، وأيضاً بخطاياهم واعترافتهم.. أما الله وملكوته فلا يشغلهم في الصلاة..
ما أجمل ذلك المصلى الذي يقول في صلاته:
(من أنا يارب، التراب والرماد، حتى أتحدث عن ذاتى وطلباتى في صلاتى.
أريد أن أنسى نفسي وأذكرك أنت، أريد أن أسبح في جمالك غير المدرك، وفى كمالك غير المحدود..
أريد أن أتأمل في صفاتك الإلهية التي تبهرنى فأنس ذاتى..
وعندما أنسى نفسى، سأجدها فيك، في قلبك الكبير المحب..
هذا القلب الذي احبه من أعماقى، والذى أود أن أحيا عمرى كله
وأبديتى أيضاً متأملاً في محبته، وحنوه، وعفوه، ورقته، وطول أناته
واشفاقه على الخطاة الذين أولهم أنا)..
 
قديم 01 - 10 - 2022, 10:35 AM   رقم المشاركة : ( 90542 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,305,280

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



التواضع هو الفضيلة الأولى

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


البابا شنودة الثالث


أريد في هذا المقال أن أكلمكم عن فضيلة جميلة وأساسية وهى الاتضاع.
الاتضاع هو الفضيلة الأولى في الحياة الروحية.
الاتضاع هو السور الذي يحمى الفضائل ويحمى المواهب، وكل فضيلة خالية من الاتضاع، عرضة أن يختطفها شيطان المجد الباطل، ويبددها الزهو والفخر والاعجاب بالنفس.
لذلك إذا أعطاك الله موهبة من مواهبه، ابتهل إليه أن يعطيك معها إتضاعاً، أو أن يأخذها منك، لئلا تقع بسببها في الكبرياء وتهلك.


الاتضاع إذن هو الأساس الذي تبنى عليه جميع الفضائل.
ليس هو فضيلة قائمة بذاتها، إنما هو متداخل في جميع الفضائل، مثلة كالخيط الذي يدخل في كل حبات المسبحة.
والله يعطي مواهبة للمتواضعين، لأنه يعرف أنها لا تؤذيهم. ويقول الكتاب المقدس إن الله يكشف أسراره للمتضعين..هؤلاء الذين كلما زادهم الله مجداً، زادوا هم إنسحاقاً قدامه.
من أجل كل هذا دعانا الله جميعاً أن نكون متضعين. وقد كان الاتضاع والوداعة، إحدي سمات السيد المسيح البارزة التي حببته إلى الكل.. وقد وصفه الإنجيل المقدس بأنه كان: "وديعاً ومتواضع القلب".
وقد اتقن القديسون الاتضاع بصورة عجيبة..
ولم يتواضعوا فقط أمام الله والناس، بل حتى أمام الشياطين، وهزموهم بهذا الاتضاع.
القديس العظيم الأنبا انطونيوس أبو الرهبنة كلها، عندما كان الشياطين يحاربونه في عنف، كان يرد عليهم باتضاع قائلاً: (أيها الأقوياء، ماذا تريدون منى أنا الضعيف، وأنا عاجز عن مقاتله أصغركم)!! وكان يصلى إلى الله قائلاً: (انقذني يارب من هؤلاء الذين يظنون أنني شيء، وأنا تراب ورماد).. فعندما كان الشياطين يسمعون هذه الصلاة الممتلئة اتضاعاً، كانوا يقشعرون كالدخان.
وفي إحدي المرات ظهر الشيطان للمتوحد الناسك القديس مقاريوس الكبير وقال له: "ويلاه منك يا مقاره، أي شيء أنت تعمله ونحن لا نعمله؟! أنت تصوم، ونحن لا نأكل. وأنت تسهر، ونحن لا ننام، وأنت تسكن البراري والقفار، ونحن كذلك، ولكن بشيء واحد تغلبن " فسأله عن هذا الشيء. فقال له " بتواضعك تغلبنا"..
في مرة أخري أبصر الأنبا انطونيوس فخاخ الشياطين منصوبة، فألقي نفسه على الأرض أمام الله، وصرخ قائلاً: (يا رب، من يستطيع أن يخلص منها؟!) فأتاه صوت يقول: (المتواضعون يخلصون منها).
إن كان التواضع بهذه القوة التي تهزم الشياطين، فما هو التواضع إذن؟
التواضع هو أن تعرف ضعفك، وأن تعرف سقطاتك وخطاياك، وأن تعامل نفسك على هذا الأساس. المرجع: موقع كنيسة الأنبا تكلاهيمانوت
ليس التواضع أن تشعر بأنك كبير أو عظيم، وتحاول أن تتصاغر أو أن تخفي عظمتك فشعورك بأنك كبير فيه نوع من الكبرياء. وشعورك بأنك تخفي عظمتك فيه إحساس بالعظمة تخفيها عن الناس، ولكنها واضحة أمام نفسك.
أما التواضع، إحساس بعظمة تخفيها عن الناس، ولكنها واضحة أمام نفسك.
أما التواضع الحقيقي فهو تواضع أمام نفسك أولاً. شعور حقيقي غير زائف، في داخل نفسك، إنك ضعيف وخاطئ حتى في عمق قوتك تشعر أن القوة ليست منك، إنما هي منحة سماوية من الله لك، أما انت فبطبيعتك غير ذلك.
اعرف يا أخي من أنت، فهذه المعرفة تقودك إلى الاتضاع. إنك تراب من الأرض. بل التراب أقدم منك، وجد قبل أن تكون. خلقه الله أولاً، ثم خلقك من تراب.
أتذكر أنني (البابا شنودة 3) ناجيت هذا التراب ذات مرة في بضعة آيات قلت فيها:

يا تراب الأرض يا جدي وجد الناس طرا
أنت أصلي، أنت يا أقدم من آدم عمر
ومصيري أنت في القبر، إذا وسدت قبر
بل أنك يا أخي، إذا فكرت في الأمر باتضاع، تجد ان هذا التراب لم يغضب الله كما أغضبته أنت بخطاياك.
لذلك أقول لك حقيقية هامة وهي:
إن المتواضع الوحيد هو الله.
الله هو الكبير الذي يتنازل ويكلمنا نحن الصغار، وهو القدوس الذي يتنازل ويعاملنا نحن الخطاة.
أما نحن فالتواضع بالنسبة إلينا. ليس تنازلاً، وغنما هو مجرد معرفة للذات.
إن عرفت هذا، فعامل نفسك إذن بما تستوجبه هذه المعرفة، ولا تطلب من الناس كرامة ولا مجداً. وإن حوربت بهذا الأمر، رد على نفسك وقل: (أنا لا أستحق شيئاً بسبب خطاياي.. وإن كان الله من فرط رحمته قد ستر خطاياي عن الناس، ولكنني أعرفها جيداً ولا انساها لئلا أتكبر باطلاً)..
إحذر من أن تنسي خطاياك، لئلا تنتفخ، وتظن في نفسك الظنون، وتذكر قول ذلك القديس الذي قال:
(إن نسينا خطايانا، يذكرها لنا الله. وإن ذكرنا خطايانا، ينساها لنا الله).
اعترف بخطاياك أمام نفسك، وأمام الله، وإن استطعت فأمام الناس أيضاً.
وإن لم تسطع، فعلي الأقل لا تمدح ذاتك أمامهم، ولا تقبل مديحهم لك وإن سمعته أذناك، فليرفضه قلبك وعقلك..
ولا تسع وراء الكرامة. وتذكر قول مار اسحق:
(من سعي وراء الكرامة، هربت منه، ومن هرب منها بمعرفة، سعت وراءه).
ولا يكن تواضعك مظهرياً، أو باللسان فقط، إنما ليكن تواضعاً حقيقياً من عمق القلب، وبيقين داخلي، ليكن تواضعاً بالروح.
وإن عشت بالتواضع، ستحيا باستمرار في حياة الشكر.. سنشكر الله على كل شيء وفي كل حل، شاعراً على الداوم أن الله يعطيك فوق ما تستحق.
أما غير المتواضع، فأنه يكون في كثير من الأحيان متذمراً ومتضجراَ، شاعراً أنه لم ينل بعد ما يستحقه، وأنه يستحق الكثير، وأنه مظلوم، من الناس ومن الله!!
والشخص المتواضع سلام مع الكل، لا يغضب من أحد، ولا يغضب أحداً.
لا يغضب من أحد، لأنه باستمرار يلوم نفسه، ولا يلوم الناس. ولا يغضب أحداً، لأنه يطلب بركة كل أحد وصلواته. فلنكن جميعاً متضعين لكي نكون أهلاً لعمل الله فينا، الله الذي لا يحد الذي تنازل واهتم بنا، له المجد الدائم إلى الأبد آمين.
 
قديم 01 - 10 - 2022, 10:38 AM   رقم المشاركة : ( 90543 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,305,280

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


البابا شنودة الثالث

- محبة المديح و الكرامة

حدثتكم في مقال سابق عن التواضع، وأهميته في الحياة الروحية، ومركزه بين الفضائل.
وأريد في هذا المقال أن أتابع هذا الموضوع، بالتحدث عن حرب عنيفة تقف في سبيل الاتضاع، وهي محبة المديح والكرامة.
أول ملاحظة أقولها في هذا الأمر هي أن:
التعرض لمديح الناس شيء، ومحبة هذا المديح شيء آخر. قد ينال الإنسان مديحًا من الآخرين ولا يخطئ، ولكنه إن أحب هذا المديح قد أخطأ. إن الرسل والأنبياء والقديسين والشهداء والقادة الفضلاء، كل أولئك مدحهم الناس ولم يخطئوا.. إنما الخطأ أن يحب الإنسان ألفاظ المديح ويشتهيها وتشكل جزءًا من رغباته.
والقديسون في كل جيل كانوا يهربون من المديح أيًا كان مصدره، سواء أتاهم المديح من الناس أو من داخل أنفسهم.
وبعضهم كان يتمادى في هذا الهروب، ويبعد عن كل أسباب المديح وكل مناسباته، حتى وصل الأمر إلى أن كثيرًا من هؤلاء المتواضعين كانوا ينسبون إلى أنفسهم عيوبًا، وكانوا يتحدثون عن نقائصهم وأخطائهم أمام الناس، ولا يدافعون عن خطأ ينسب إليهم حتى لو لم يكن فيهم.

أما محبو المديح، فإنهم أنواع ودرجات:
1 أقلهم خطأ هو الإنسان الذي لا يسعى إلى المديح، ولكن إن سمع مديحًا من الناس فيه، فإنه يسر بذلك في داخله ويبتهج، وقد يبدو صامتًا لا يشعر أحد بما في داخله من إحساسات.
2 نوع أخطر من هذا، وهو حالة الإنسان الذي إذ يبتهج في داخله من ألفاظ المديح التي يسمعها، ويحاول أن يستزيد منها. كأن يقول عبارات تجلب له مديحًا جديدًا، أو يجر الحديث إلى موضوعات مشرفة له، أو يتمنع عن سماع المديح بألفاظ متضعة تجلب له المزيد من الثناء.
3 نوع ثالث أخطر من هذين هو حالة الإنسان الذي إذ يشتهي المديح، يحاول أن يعمل أعمال بر أمام الناس لكي ينظروه فيمدحوه. وهذا النوع هاجمة السيد المسيح، وقال عنه إنه: "استوفى أجره" ولم يعد له أجر في السماء. ودعا الناس أن يصلوا في الخفاء، وأن يخفوا عن أعين الناس صومهم وصدقتهم وكل أعمال برهم.
والله الذي يري في الخفاء، هو يجازيهم علانية. هؤلاء الذين يعملون البر في الخفاء، إنما يفعلون الخير حبًا في الخير، وليس حبًا في المديح.
4 هناك نوع رابع في محبة المديح، وهو أصعب من كل ما سبق، وهو حالة الإنسان الذي لا يكتفي بالوصول إليه، وإنما يتطوع لمدح نفسه، ويتحدث عن أعماله الفاضلة. وهكذا يقع في الزهو والتباهي والخيلاء.. وقد يتمادى في هذا الأمر فيمدح نفسه بما ليس فيه.
5 نوع خامس أسوأ من كل ما سبق، وهو حالة الإنسان الذي يشتهي المديح وينتظره، إذا لا يصل إليه، يكره من لا يمدحه، ويعتبره عدوًا قد قصر في حقة فلم يقدره ولم يعترف بفضله كما ينبغي. وقد يتمادى في هذا الأمر فيتضايق أيضًا ممن يمدحه ولكن ليس بالقدر الذي كان ينتظره، وليس بالأسلوب الذي يشبع نهمه إلى العظمة والفخر..
مثل هذا الإنسان الذي يكره من لا يمدحه، ماذا تراه يفعل بمن ينتقده؟!
إنه ولا شك لا يمكن أن يحتمل النقد ولا النصح ولا التوجيه، وطبعًا التوبيخ ولا الانتهار حتى ممن هو أكبر منه كأب جسدي، أو أب روحي، أو معلم أو مرشد أو رئيس ويعتبر كل نصح أو توبيخ يوجه إليه، كأنه لون من الاضطهاد يقابله بالتذمر أو بالاحتجاج أو بالثورة والغضب.
6 على أن أسوأ درجة لمحبة المديح في نظري، هي حالة الإنسان الذي من فرط محبته للمديح يريد أن يحتكره لنفسه فقط، فلا يطيق أن يسمع مدحًا في شخص آخر، وإلا فإنه يكره نفسه ويحسد الممدوح.
وهكذا يعتبر من يمدح شخصًا غيره عدوًا له منحرفًا عن طريق صداقته، يشبه بحالة زوجة تحب رجلًا آخر غير زوجها.. وفي الوقت نفسه يحاول أن يقلل من شأن الشخص الآخر الذي سمع مدحًا فيه، وربما يتهمه بتهم ظالمة ويسئ إلى سمعته، لكي يبقي وحده، ولا شيئًا له في عذاب الناس. من كل هذا نري أن محبة المديح تقود إلى رذائل عدة نذكر هنا بعضًا منها..
أول – لا شك أن مُحِب المديح يقع في الرياء، ويحاولأن يبدو أمام الناس في صورة مشرفة نيرة خيرة غير حقيقته الداخلية، وقد يتظاهر بفضائل هو بعيد عنها كل البعد.. قد يتظاهر بالصوم وهو مفطر، وقد يتظاهر بالصفح وهو حاقد، وقد يتظاهر بالحب وهو يدس الدسائس..
ثاني – قد يقع محب المديح في الغضب وعدم الاحتمال: فيغضب من كل من يوجه إليه نقدًا، ومن كل من يخطئ له رأيًا، كما يغضبه من يمدح غيره أو يفضل أحدًا عليه. وتكون الكرامة صنمًا يتعبد له في كل حين.. وقد تراه ثائرًا في أوقات كثيرة يصيح صارخًا: "كرامتي.. ومركزي..".
ثالث – قد يقع محب المديح في الحسد وفي الكراهية، ولا يكون قلبه صافيًا تجاه من يظن أنه ينافسه، أو من يظن فيه أنه نال كرامة أو منصبًا أو مديحًا هو أولى به منه.. وقد تعذبه الغيرة والحسد إلى أخطاء أخرى عديدة..
رابع – قد يقع محب المديح في حالة عدم الاستقرار، فلا يثبت على حالة، وإنما يختار لنفسه في كل مناسبة الوضع الذي يجلب له مديحًا في نظر من يقابله حتى لو كان عكس موقف سابق له أو ضد رأى أبداه من قبل لنوال مديح من آخرين.
خامس – كثيرًا ما يقع محب المديح في الكذب أو المبالغة: فهو على الدوام يحاول أن يغطى أخطاءه ونقائصه بأكاذيب أو ألوان من التحايل، أو ينسب أخطاءه إلى غيره، ويظلم غيره لكي يتبرر هو.. وقد يكذب أيضًا حينما ينسب إلى نفسه مفاخر وفضائل ليست له، أو عندما يبالغ في وصف ما يرفعه في نظر الناس، محاولًا في كل ذلك أن يخفى الآخرين لكي يظهر هو.
سادس – وقد يقع محب المديح في رذائل أخرى، كأن يدبر دسائس لمنافسيه في الكرامة، أو يشتهى موت أحدهم لكي ينال مركزه، أو يسلك في أسلوب التشهير بالغير لكي يبقى وحده في الصورة..
وعمومًا فإن محب المديح يخسر محبة الناس، لأن الناس تحب الإنسان المتواضع الذي يقدمهم على نفسه في الكرامة، والذي يختفي هو لكي يظهروا هم، والذي يمدح كل أحد، ويحب كل أحد، ولا يعتبر أحدًا منافسًا له..
ومحب المديح لا يخسر الناس فقط، وإنما يخسر أيضًا أبديته، ويبيع السماء وأمجادها بقليل من المجد الباطل على هذه الأرض الفانية.. وكل الفضائل التي يتعب في اقتنائها، يبددها بمحبة المديح، ويأخذ آجر تعبه على الأرض، ولا يستبقى له أجرًا في السماء..
ومحب المديح قد يقع في خداع الشياطين التي إذ تراه مستعبدًا لهذه الشهوة، تضلله برؤى كاذبة وبأحلام كاذبة وبظهورات خادعة، وتوحي إليه بأشياء تضيع نفسه.. أو قد تحاربه من جانب آخر فتدعوه بالغرور إلى درجات أعلى من مستواه يحاول إدراكها فلا يستطيع.. وتضربه بضربات يمينية وتشتت هدوءه، وتجعله يعيش في قلق وفي جنون العظمة..
نطلب إلى الرب أن يعطينا جميعًا نعمة الاتضاع، فالمجد لله وحده، وله العظمة وله القدرة.. وما أجمل قول المرتل في المزمور: "ليس لنا يا رب، ليس لنا، ولكن لاسمك القدوس أعط مجدًا".. له المجد الدائم إلى الأبد آمين.
المقال مع بعض التعديلات نُشِر مرة أخرى في وقتٍ لاحق في جريدة الأهرام يوم 18 ديسمبر 2011
محبة المديح والكرامة
التعرض لمديح الناس شيء، ومحبة هذا المديح شيء آخر. فقد ينال الإنسان مديحًا من الآخرين ولا يخطئ. ولكنه إذا أحب هذا المديح واشتهاه، وأصبح جزءا من رغباته. فحينئذ يكون قد أخطأ. وهكذا نقول: إن الرسل والأنبياء والقديسين والشهداء والقادة الفضلاء... كل أولئك مدحهم الناس ولم يخطئوا.
† علي أن القديسين في كل جيل كانوا بقدر إمكانهم يهربون من المديح أيا كان مصدره. سواء أتاهم المديح من الناس، أو من الشيطان، أو من داخل أنفسهم. وبعضهم كان يتمادى في هذا الهروب. وبعيد عن كل أسباب المديح وكل مناسباته. حتى وصل الأمر إلي أن بعضا من هؤلاء القديسين المتواضعين كانوا يتحدثون عن نقائصهم وأخطائهم أمام الناس، ولا يدافعون عن خطأ ينسب إليهم. حتى إن لم يكن فيهم.
† أما محبو المديح فإنهم أنواع ودرجات: وأقلهم خطأ هو الذي لا يسعى إلي المديح. ولكنه إذا سمع مديحا فيه من غيره، فإنه يسر بذلك في داخله ويبتهج. وقد يبدو صامتا لا يشعر أحد بما في داخله من إحساسات.
† نوع آخر، هو حالة الشخص الذي يبتهج في داخله بسبب ألفاظ المديح التي يسمعها. ثم يحاول أن يستزيد منها. كأن يقول عبارات تجلب له مديحًا جديدًا. أو يجر الحديث إلي موضوعات مشرفة له. أو يتمني عند سماع المديح بألفاظ متضعة تجلب له المزيد من الثناء.
† نوع ثالث هو حالة الشخص الذي إذ يشتهي المديح، يحاول أن يعمل أعمال بر أمام الناس لكي ينظروه فيمدحوه! وهذا النوع هاجمه السيد المسيح وقال عنه إنه قد استوفي أجره علي الأرض... ودعا الناس أن يعملوا الخير في الخفاء. والله الذي يري في الخفاء يجازيهم علانية.
ولاشك أن الذين يعملون البر في الخفاء، إنما يفعلون الخير حبا في الخير، وليس حبا في المديح.
† هناك نوع رابع لمحبة المديح، وهو أصعب من كل ما سبق. وهو حالة الشخص الذي لا يشبع مديح بعض الناس له، فإذا به يتطوع لمديح نفسه! وتحدث عن أعمال فاضلة له... وبهذا يقع في الزهو والتباهي والخيلاء... وقد يتمادى في هذا الأمر فيمدح نفسه بما ليس فيه.
† نوع خامس أسوأ مما سبق. وهو حالة الشخص الذي يشتهي المديح وينتظر. وإذا لا يصل إليه، يكره من لا يمدحه، ويعتبره عدوًا قد قصر في حقه، فلم يقدره حق قدره، ولم يعترف بفضله... وقد يتمادى في هذا الأمر، فيتضايق أيضا ممن يمدحه، ولكن ليس بالقدر الذي كان ينتظره، وليس بالأسلوب الذي يشبع فيه نهمه إلي العظمة والفخر.
† مثل هذا الشخص الذي يكره من لا يمدحه، ماذا تراه يفعل بمن ينتقده؟! إنه ولا شك لا يمكن أن يحتمل النقد ولا النصح ولا التوجيه. وطبعا لا يقبل التوبيخ ولا الافتقاد حتى ممن هو أكبر منه كأبيه بالجسد، أو أبيه الروحي، أو أي معلم أو مرشد أو رئيس! ويعتبر كل نصح أو توبيخ يوجه إليه، كأنه لون من الاضطهاد، يقابله بالتذمر أو بالاحتجاج أو بالثورة والغضب.
† علي أن أسوأ درجة لمحبة المديح في نظري، هي حالة الشخص الذي من فرط محبته للمديح، يريد أن يحتكره لنفسه فقط، فلا يطيق أن يسمع مدحا لشخص آخر. وإلا فإنه يكره المادح ويحسد الممدوح! وهكذا يعتبر من يمتدح غيره، بأنه منحرف عن طريق صداقته. كما لو يشبهه بحالة زوجة تحب رجلا آخر غير زوجها! ومحب المديح هذا يحاول أن يقلل من شأن الشخص الآخر الذي سمع مدحا له. وربما يتهمه ظالما ويسيء إلي سمعته. وكل ذلك لكي يبقي وهو وحده، ولا شريك له، في إعجاب الناس.
† من كل ما سبق نري أن محبة المديح تقود إلي رذائل عدة نذكر من بينها: فقد تقود من يحب المديح إلي الوقوع في الرياء، محاولا أن يبدو أمام الناس في صورة مشرفة نيرة خيرة غير حقيقته الداخلية، وقد يتظاهر بفضائل هو بعيد عنها تماما كأن يتظاهر بالصفح وهو حاقد، أو بالحب وهو يدس الدسائس، أو يتظاهر بالصوم وهو مفطر.
† وقد يقع محب المديح في الغضب وعدم الاحتمال. فيغضب من كل من يوجه إليه نقدًا، أو يخطئ له رأيًا. كما يغضبه من يفضل أحدًا عليه. وتكون الكرامة صنما يتعبد له محبو المديح في كل حين. وقد تراه ثائرًا في أوقات كثيرة يصيح صارخًا: كرامتي كرامتي.
† وقد يقع محب المديح في الحسد وفي الكراهية. ولا يكون قلبه صافيًا تجاه من يظن أنه ينافسه، أو في من يظن أنه نال كرامة أو منصبا أو مديحا هو أولي به منه! وقد تعذبه الغيرة والحسد بسبب كل هذا، وقد يجره الحسد إلي أخطاء أخري عديدة.
† وقد يقع محب المديح في حالة عدم استقرار. فلا يثبت علي حاله، وإنما يختار لنفسه في كل مناسبة الوضع الذي يجلب له مديحا في نظر من يقابله حتى لو كان في عكس موقف سابق له، وكثيرًا ما يقع محب المديح في الكذب أو المبالغة. وكثيرًا ما يغطي أخطاءه أو نقائصه بأكاذيب أو ألوان من التحاليل، أو ينسب أخطاءه إلي غيره، ويظلم غيره لكي يتبرر هو، أو يشتهي موت غيره مما نال مركزا يشتهيه هو.
† وعموما فإن محب المديح يخسر محبة الناس. لأن الناس تحب الإنسان المتواضع الذي يقدمهم علي نفسه في الكرامة، والذي يختفي لكي يظهروا هم، والذي يمدح كل أحد، ويحب كل أحد، ولا يكره منافسا له.
ومحب المديح لا يخسر الناس. إنما يخسر أيضا أبديته. ويبيع السماء وأمجادها بقليل من المجد الباطل علي هذه الأرض الفانية. وكل الفضائل التي يتعب في اقتنائها، يبددها بمحبة المديح.
ومحب المديح قد يقع في خداع الشياطين، التي تضلله برؤي وأحلام كاذبة وبظهورات خادعة.
 
قديم 01 - 10 - 2022, 10:40 AM   رقم المشاركة : ( 90544 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,305,280

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


البابا شنودة الثالثما هي الصلاة وكيف تكون؟



في بدء السنة الجديدة وقف كثيرون يصلون، وارتفعت أكف الضراعة إلى الله..
ووسط صلوات الكثيرين، نريد أن نتحدث اليوم عن الصلاة: ما هي صلوات مقبولة، وأخرى غير مقبولة؟
و ما شروط الصلوات المقبولة؟
إن الصلاة جزء من طبيعة الإنسان، كأنها غريزة.. ومن هنا كان جميع الناس يصلون.. حتى أن الوثنيين أيضًا يعرفون الصلاة.. إن القلب بدون الله يشعر بفراغ كبير. فالله له وجود في حياتنا، ليس هو معتزلًا عنا، يسميه الكتاب المقدس: "عمانوئيل" أى الله معنا.. ونلاحظ أن الطفل يقبل فكرة الله وفكرة الصلاة، بدون شرح، إنها فيه..

إن قلنا إن الإنسان اجتماعي بطبعه، نستطيع أن نطبق هذه القاعدة جسديًا وروحيًا أيضًا.. فروح الإنسان تشتاق إلى الروح الكلي، وتجد لذة في الالتقاء به والجلوس إليه..
الصلاة إذن هي اشتياق إلى الله.. روح الإنسان تشتاق إلى عِشرة أخرى غير عِشرة المادة.. وفي داخل كل منا اشتياق إلى غير المحدود. واشتياق آخر إلى مثالية عالية غير موجودة في هذا العالم.. ومِن هنا يلجأ الإنسان إلى الله ليشبع شوقه الروحي..
الصلاة هي أعمق ما في الروحيات.. هي تَفَرُّغ القلب لله.. هي عمل الملائكة، وعمل الإنسان عندما يتشبَّه بالملائكة.. هي عمل النساك والمتوحدين الذين تركوا كل شيء من أجل محبتهم لله، ووجدوا في هذه المحبة ما يكفيهم وما يغنيهم.
الصلاة هي راحة النفس. هي الميناء الهادئ الذي ترسو عنده النفس بعيدًا عن أمواج العالم المتلاطمة. الصلاة هي واحة خضراء في برية العالم القاحلة.. هي الوقت الذي تلتقي فيه النفس بِمَن يريحها. تجد القلب الكبير الذي تأتمنه على أسرارها وتستطيع أن تحدثه بكل صراحة عن متاعبها وعن ضعفاتها وسقطاتها. وهى موقنة تمامًا أنه لن يحتقر سقوطها، بل يقابلها بكل حنو، ويعينها على القيام، ويشجعها..
الصلاة هي خلوة النفس مع الله، هي لقاء مع الله، لقاء حب. هي التصاق بالله. هي تلامس قلب الإنسان مع قلب الله. هي تمتع النفس بالله.. وفي هذا قال داود النبي: "ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب"، وقال أيضًا: "أما أنا فخير لي الالتصاق بالرب"..
الصلاة هي صلة بالله، وربما من هذا المعنى اشتق اسمها وهكذا يكون الإنسان في حالة صلاة، إن وجدت هذه الصلة، وإن شعر بالوجود في حضرة الله، وإن أحس القلب أنه قائم فعلًا أمام الله، يتحدث إليه.. ليس المهم هو طول الصلاة ونوع الكلام بقدر ما تتركز الأهمية في وجود صلة مع الله.. إن لم توجد هذه الصلة لا يعتبر الإنسان مصليًا، مهما ركع ومهما سجد ومهما ظن أنه كان يتحدث مع الله.. إن اللمبات الكهربائية مهما كانت قوية وجميلة، فإنها تكون عديمة الفائدة ما لم يَسِر فيها التيار.. هكذا الصلاة..
الصلاة هي تقديس للنفس، هي رفع الفكر إلى الله، ورفع القلب إلى الله. وعندما يرتفع الفكر إلى الله، يبعد عن المادة وعن محبتها والانشغال بها، ويكون في مستوى أعلى، في مستوى روحي، وهكذا يتطهر الفكر بالصلاة ويتنقى، وكذلك القلب.. ويدخل كلاهما في جو آخر له سموّه، يدخلان في عشرة الملائكة وأرواح الأبرار. وبمثل هذه الصلاة تبطل الأفكار الرديئة، وتبطل طياشة الأفكار، ويتجمع العقل في الله.
وبالصلاة يصل الإنسان إلى ما يسميه القديسون" استحياء الفكر" أي أن الفكر الذي يتقدس بالصلاة يستحى من التفكير في شيء رديء. وهكذا يخجل الإنسان من أن يستضيف في ذهنه فِكرًا شريرًا في الموضع الذي كان يوجد فيه الله في العقل في وقت الصلاة.. وبهذا تساعد الصلاة على حياة التوبة والنقاوة..
لكل هذا كانت الصلاة رُعبًا للشياطين.. فالشياطين يخافون جدًا من عمل الصلاة، ويرونه سعيًا لإمدادات إلهية ومعونات سماوية تصل إلى النفس، فتحطم قوى الشياطين التي تحاربها. لذلك فإن الشياطين تحاول بكل قوتها أن تعطل الإنسان عن عمل الصلاة، ونقصد الصلوات الروحية التي تخيفهم.. أما الصلوات الفاترة أو السطحية فلا يهتم الشيطان بمقاومتها. إنها لا تؤذيه..
إن الصلوات الروحية تسبب حسد الشياطين وتذكرهم بما فقدوه. وتشعرهم بالدالة الموجودة بين الله والإنسان فيتعبون.. ويحاولون أن يمنعوا الصلاة. فإذا أصرّ الإنسان على الصلاة، يحاول الشياطين أن يشتتوا فكره، ويقدموا له تذكارات ومشاغل وأفكارًا ليجذبوه إلى شيء آخر بعيدًا عن الحديث مع الله.
الصلاة هي طعام الروح، هي غذاء الملائكة. هي عاطفة مقدسة تُغَذّي القلب.. بل في أثنائها قد ينسى الجسد أيضًا طعامه، ولا يشعر بجوع. ومن هنا كان ارتباط الصوم بالصلاة. فعندما تتغذى الروح بالصلاة. ويمكنها أن ترفع الجسد معها وتشغله عن التفكير في طعامه، وتعطيه طعامًا آخر. وبهذا تستطيع الروح أن تحمل الجسد.. الصلاة هي حركة القلب، حتى بدون كلام.. إن الصلاة ليست مجرد حديث؛ فقد تكون خَفْقَة القلب صلاة، وقد تكون دمعة العين صلاة، وقد يكون رفع البصر إلى فوق، أو رفع اليدين نوعًا آخر من الصلاة.. إن الله يفهم اللغة التي نخاطبه بها خارج حدود الألفاظ، كالأب الذي يدرك مشاعر ابنه وطلباته دون أن يتكلم.. وهكذا يقول داود النبي لله: "أنصت إلى دموعي". ذلك لأن دموعه كان لها صوت خفي يسمعه الله..
الصلاة هي تسليم حياتنا لله، هي إشراكه في حياتنا، هي رفض من الإنسان أن يستقِل بحياته بعيدًا عن الله. فبالصلاة نطلب من الله أن يتدخل في حياتنا، ويدبرها حسب مشيئته الصالحة الطوباوية، معلنين في اتضاع أمام الله أننا لا نستطيع أن نعتمد على أذهاننا وحدها، وأننا لا نقدر أن نعمل شيء.
إن الصلاة شرف عظيم، بها نصعد إلى الله، وبها نتلاقى معه، نحن التراب والرماد. وبالصلاة تتحول النفس إلى سماء وتتمتع بالوجود في حضرة الله والعجيب أنه مع هذا الشرف العظيم الذي للصلاة يمتنع البعض عن الصلاة، يمتنع التراب عن مخاطبة رب الأرباب خالق السماء والأرض الكلى القدرة..
ليست الصلاة تَفَضُلًا مِنَّا على الله، كما لو كنا نعطى الله شيئًا من وقتنا أو من مشاعرنا. وليست هي ضريبة يفرضها الله علينا. وليست هي عملًا نُغْصَب عليه بأمر سماوي. كلا، إنما الصلاة هي أخذ لا عطاء. بها نأخذ من الله بركات وعطايا ومواهب دون أن نعطيه شيئًا. وإن كنا نقدم لله وقتًا أو نقدم له قلبًا، فإنما لكي يملأ هذا القلب من محبته، ويقدس هذا الوقت ببركته.. إن اعتقادنا الخاطئ في أن الصلاة إعطاء هو الذي يجعلنا في كبرياء وَتَمَنُّع. نُقَصِّر في أدائها، أقصد: نُقَصِّر في حق أنفسنا أولًا وقبل كل شيء، لأننا نحن المستفيدون من الصلاة وليس الله. فلنحاول أن نصلي، لكي نأخذ بركة ومعونة، ولكي نتمتع بالله، ولكي تتقدس قلوبنا وحياتنا كلها. وإن صلينا، ليتنا نعرِف كيف نصلي، وكيف نخاطب الله الذي له كل مجد وكرامة وعزة إلى الأبد آمين.
 
قديم 01 - 10 - 2022, 10:42 AM   رقم المشاركة : ( 90545 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,305,280

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


البابا شنودة الثالث


تكلمنا عن القلب الحنون، الذي يعطف على الناس روحيًا. هذا القلب يعطف أيضًا ماديًا، وباستمرار يعطى..

وهذه هي شيمة الذين يعطون: يعطون بحب، وبسخاء وباستمرار، وبدون أن يطلب منهم.. وبراحة داخلية..

ما أجمل أن نشرك الله معنا في أموالنا، فيكون له نصيب منها.

وما نعطيه لله، لا نحسبه جزءًا ضائعًا من مالنا، وإنما نحسبه بركة كبيرة لباقي المال.

إذ أن الله عندما يأخذ من مالنا شيئًا، إنما يبارك هذا المال، فيزيد أكثر من الأصل بما لا يقاس. ويصبح مالًا مباركًا، ويعوضه الرب أضعافا من جهات أخرى. ونجد أننا بهذا العطاء قد زدنا ولم ننقص.
 
قديم 01 - 10 - 2022, 10:43 AM   رقم المشاركة : ( 90546 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,305,280

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


البابا شنودة الثالث


أننا لا نعطى الله من مالنا، بل من ماله هو.. إن كل شيء نملكه هو ملك لله، ونحن مجرد أمناء عليه، مجرد وكلاء لله في هذا المال الذي استودعنا إياه لكي ننفقه في الخير. حقًا، ما الذي نملكه نحن؟! نحن الذين قيل عنا إننا:"عراة جئنا إلى الأرض، وعراة نعود إلى هناك".. الله هو المالك الحقيقي لكل ما نملك. وما أصدق داود النبي حينما قال لله "من يدك أعطيناك"..

 
قديم 01 - 10 - 2022, 10:44 AM   رقم المشاركة : ( 90547 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,305,280

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


البابا شنودة الثالث



قد ظهر العطاء في التوراة في وصية العشور،

حيث طلب الله من الناس أن يدفعوا العشور من كل ما يملكون.
ولكن العشور لم تكن كل شيء في العطاء.. كانت هناك أيضًا

البكور، والنذور، والتقدمات، والقرابين، والنوافل.
 
قديم 01 - 10 - 2022, 10:44 AM   رقم المشاركة : ( 90548 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,305,280

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


البابا شنودة الثالث


في البكور كان الإنسان يعطي أوائل ثمار الأرض.
أول حصيده يقدمه للرب، لكي يبارك الرب كل الحصاد.
كما كان يقدم المولود البكر من كل حيواناته، حتى ابنه هو البكر،
كان يقدمه لخدمة الرب، كما قال الرب في التوراة
" قدس لي كل بكر، كل فاتح رحم".
 
قديم 01 - 10 - 2022, 10:48 AM   رقم المشاركة : ( 90549 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,305,280

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


البابا شنودة الثالث


ما أجمل أن نعطي البكور للرب: المرتب الأول الذي يتقاضاه الإنسان، والعلاوة الأولى وأول إيراد خاص يصل إليه. فمثلًا أجرة أول عملية يجريها الجراح يقدمها للرب وأول كشف للطبيب، وأول درس خصوصي للمدرس، وأول عمل يد للصانع. وهكذا يبارك الله كل أعمالنا لأنها بدأت به، وقدمنا أولى ثمارها له..
 
قديم 01 - 10 - 2022, 10:49 AM   رقم المشاركة : ( 90550 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,305,280

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


البابا شنودة الثالث


أن بكور الوقت نقدمها لله أيضًا.. الساعة الأولى في النهار نقدمها لله.
أول كلمة ننطق بها كل يوم تكون كلمة موجهه إلي الله.

أول عمل نعمله في يومنا يكون مختصًا بالله وعبادته.

وبهذا يبارك الله يومنا ويقدسه وبنفس الوضع أول يوم في عامنا يكون يومًا للرب.
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 11:52 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025