|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
15 - 12 - 2022, 09:15 AM | رقم المشاركة : ( 81 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
قداسة البابا شودة الثالث العنف المُنَفِّر والمدمِّر لا يستريح أحد إلي العنف، حتى من الطبيعة إن كانت عنيفة: إنها مخيفة تلك الأعاصير العنيفة التي تغرق مدنا وتشرد سكانها، وكذلك السيول العنيفة التي تجرف أمامها كل معالم الحياة. وأيضًا الزلازل التي تهز الأرض وتهدم بيوتا. والبراكين التي تحرق وتدمر.. بل ما أشدها رعبًا تلك الأمواج الصاخبة من بحر هائج تهدد السفن وركابها بالغرق. ومثلها الحرائق العنيفة التي تتلف وتميت. أيضا عنيفة جدا تلك الأمراض التي يقف أمامها الطب عاجزًا كل ما يستطيعه أن يسكن بعض الآلام القاسية التي تنتج عنها، دون أن يجد لها علاجًا..! كل هذه أنواع عنف من الطبيعة. وكلها غير مقبولة. وماذا تراه يصنع الإنسان تجاهها؟! ولكن هناك نوعا آخر من العنف قد يصدر من جانب البشر أنفسهم. فما هو؟ لعل أبرزه العنف في الاعتداء. وهو علي أنواع ودرجات: عنف قد يبدأ بالإهانة والضرب، وقد يصل إلي القتل، أو ما يعرف باسم التصفية الجسدية. وربما يشمل ألوانًا من التعذيب، تخرج عن نطاق المشاعر الإنسانية، ولا تتفق مع أبسط أنواع الرحمة. وقد يتعرض له الأبرياء بلا سبب.. وهذا ما يسمي الإرهاب. ومن ضحاياه الأفراد أو الجماعات. والعنف عموما هو سلوك منفر، ولا يتفق مع الوداعة واللطف. ولا مع حسن التعامل بين الناس، ولا مع فضيلة السلام التي يدعو إليها الدين، والتي هي لازمة لسلامة المجتمع.. والعنف لا يتفق أيضًا مع المحبة التي تربط بين الناس. وفي ظلها يعيش كل شخص آمنا لا يخشي شرًا من أحد. وقد ينتج العنف عن أسباب عديدة، ربما في مقدمتها قساوة الطبع، أو التهور أو اللامبالاة بمشاعر الآخرين ومصائرهم.. فالشخص القاسي يكون عنيفًا: ليس فقط في تصرفاته وتعامله مع غيره. بل حتى ملامح وجهه يظهر فيها العنف، في نظرات عينيه، وفي لهجة صوته، وفي أسلوب تخاطبه. والشخص العنيف قد يظهر عنفه في كلامه الجارح العنيف الذي لا يحترم فيه أحدًا. بل يكون مستعدًا للاحتكاك بغيره لأتفه الأسباب أو لغير ما سبب! ولقد صدق الشاعر حينما قال عن مثل هذا: عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى وصوَّت إنسان فكدت أطير أما عن العنف الناتج عن تهور ولا مبالاة:فمن أمثلته كثير من حوادث المرور، التي في بعضها يهجم سائق عربة نقل طائش علي سيارة خاصة أو علي أتوبيس، وتكون نتيجة طيشه ولامبالاته قتل بعض الركاب أو إصابة بعضهم بإصابات خطرة.. وهذا السائق نفسه قد يلقي حتفه.. وكل ذلك بسبب عنفه في قيادة عربته، وعدم مبالاته بأرواح الناس. وقد يقول البعض انه عنف غير مقصود. ولكن نتائجه عنيفة حتى لو كانت غير مقصودة.. وهذا الأمر قد يتكرر أيضا في بعض حوادث القطارات عن إهمال. هناك عنف آخر يحدث نتيجة للخصومة والعداوة: ليست كل عداوة فيها عنف. فربما تقتصر علي مشاعر من الكراهية وتقف عند هذا الحد. ولكن عنف العداوة يظهر في الرغبة في الانتقام، أو في تدمير العدو بأية الطرق.. إما بتشويه سمعته، أو بتدبير بعض المؤامرات ضده. أو الشماتة به والفرح بسقوطه. وهنا تكون مشاعر الخصومة عنيفة جدًا. وقد يظهر عنف الخصومة، حينما يرفض الطرف العنيف كل محاولات الصلح التي تبذل لإرجاع العلاقة بينه وبين الطرف الآخر. وأحيانا يكون العنف في العتاب، إذا قبل أحد الخصمين عتابًا: المفروض في العتاب انه تقريب لذات البين بين الطرفين، والوصول إلي التفاهم ثم إلي الصلح.. ولكن بعض أنواع العتاب تكون عنيفة جدًا، لدرجة أنها تعقد الأمور بالأكثر، وتجعل الهوة بين الطرفين أكثر اتساعًا. وقد صدق الشاعر حينما قال: ودع العتاب فرب شر كان أوله العتاب لذلك إن أردت أن تعاتب، فكن لطيفًا في عتابك.. وليكون قصدك هو الصلح، وليس تبرئة نفسك وإظهار خطأ الطرف الآخر. ولا تستخدم في عتابك عبارات قاسية أو اتهامات.هناك عنف آخر في طريقة التربية في محيط الأسرة.. إذ انه بفهم خاطئ، قد يظن الأب انه يكون حازما في تربية أولاده، وذلك بالتضييق عليهم في كل شيء في دخولهم وخروجهم ومعاملاتهم.. وتتعب ابنته مثلا من هذه القسوة، وتهرب من البيت، لتلقي بنفسها في أي صدر حنون يعوضها بشفقته عن قسوة أبيها. وهكذا يحصد الأب نتيجة عنفه..! أو قد يحاول أحد والديها أن يرغمها علي الزواج من قريب لها لا تحبه. فتهرب من إتمام هذا الزواج الذي يراد إتمامه عنفًا، أو قد تقبل مرغمة وتحيا تعيسة تندب حظها.. وقد يحدث عنف آخر في محيط التربية بين أستاذ قاس وتلاميذه، فيكرهونه ويكرهون علمه بسبب معاملته القاسية. وقد يكون عنف الزوج في معاملة زوجته، سببًا في أن تطلب الطلاق أو الخلع، هاربة من هذا الزواج الذي لم تعد تطيقه. أو قد ينتهي الأمر بجريمة للتخلص من الزوج، مثلما طلعت علينا الأخبار في بعض الجرائد. حقًا، إن العنف كثيرًا ما يولد عنفا مضادا في الجانب الآخر. علي أن العنف قد يوجد كذلك في محيط الإدارة والوظائف. مثال ذلك مدير يعاقب أحد الموظفين بطرده أو فصله فصلا تعسفيا، غير مبال بمصير هذا الموظف بعد فصله، وبخاصة إن لم يكن له مورد رزق آخر..! إن الفصل من الوظيفة هو أعنف عقوبة بالنسبة إلي موظف.. وهناك عقوبات كثيرة أخري يمكن أن يلجأ إليها رئيس العمل، دون أن يلجأ إلي قطع رزق إنسان تحت إدارته.. والطرد من العمل يولد إحساسًا عنيفا بالظلم. وربما لا يقدر هذا المطرود أو المفصول أن يقف ضد رئيسه في المحاكم! ونفس الإحساس بالظلم يشعر به من يرفض المسئولون تعيينه أو ترقيته، علي الرغم من أن كفاءته تؤهله لذلك. ولكنه العنف! وقد يتطور الأمر بهذا المظلوم إلي اليأس، ويجره اليأس إلي أخطاء أخري.. واليأس شعور طاغ عنيف ونتائجه عنيفة.. والعنف يظهر كذلك في بعض الثورات الدموية العنيفة.. وقد حكي لنا التاريخ أمثلة منها، وما تبعتها من محاكمات ومن مقاصل وإعدام. ولعل ما فعله روبسبير Robespierre بعد الثورة الفرنسية The French Revolution مثل لذلك.. وكذلك ما فعلته الثورة الشيوعية حينما قامت في روسيا.. وأحيانا لا يكون عنف الثورات فيما تسفكه من دماء، إنما قد يكون أيضا في قوانين عنيفة، يقصد بها حماية الثورة وتثبيتها.. والعنف كما يوجد عند الأفراد، يوجد أيضا عند شعوب عنيفة، لا تعالج مصالحها إلا بالعنف. ويوجد أيضا عند أصحاب ما يسمونه بالطبع الناري. كما يوجد كذلك في أفلام العنف وتأثيرها.. ولا يفوتني في هذا المجال أن أذكر عنف العادات وسيطرتها، وعنف الإدمان وما يرغم عليه المدمنين من أخطاء.. كذلك عنف الفكر إذا سيطر. وأعنف الأفكار سيطرة هو فكر الإلحاد، لأن الشيطان بكل عنفه يدفع إليه. |
||||
|
|||||
15 - 12 - 2022, 09:18 AM | رقم المشاركة : ( 82 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
قداسة البابا شودة الثالث الجسد والروح تذكرت مرة أننا مخلوقون من تراب الأرض، وأننا سنعود مرة أخرى إلى التراب بعد الموت فقلت في أبيات من الشعر: يا تراب الأرض يا جدي وجد الناس طُرّا أنت أصلي, أنت يا أقدم من آدم عمرًا ومصيري أنت في القبر إذا وُسَدتُ قبرًا على أنني راجعت نفسي، وتذكرت أن التراب هو أصل الجسد فقط، الذي خُلق من تراب أو من طين، قبل أنا ينفخ الله فيه نسمة حياة هي الروح. فعدت أصحِّح فكري, وأقول في أبيات أُخرى: ما أنا طينٌ ولكن أنا في الطين سَكْنتُ لست طينًا, أنا روح من فم الله خرجتُ سأمضي راجعًا لله أحيا حيث كنت وفي الحقيقة ما أنا مجرد جسد, ولا مجرد روح, بل أنا كلاهما معًا, جسد وروح وهكذا كل إنسان أيضًا. الجسد والروح متحِدانِ معًا, يكونان إنسانًا واحدًا, غير أن طبيعة كل منهما تختلف عن طبيعة الآخر. ولذلك كثيرًا ما نرى أن الجسد يشتهي ضد الروح, والروح تشتهي ضد الجسد, حتى أن كلا منهما يقاوم الآخر. مشكلة الجسد أنه مادي, لذلك فشهواته تتركز في المادة وفي كل ما هو مادي, أما الروح فاتجاهاتها سامية, فوق مستوى المادة. الجسد ينشغل بالمرئيات والمحسوسات. أما الروح فيمكنها أن تنشغل بالأمور غير المرئية, بل وبالإلهيات أيضًا. الجسد يدركه الموت, حينما تنفصل الروح عنه ويموت الجسد تخل عناصره, ويفقد الشعور والحيوية, أما الروح فلا تموت. وما أكثر الحديث عن شهوات الجسد الخاطئة, وعن سقطاته. الجسد يقع في شهوة الطعام, وفي المُسكِرات والمخدرات والإدمان، كما يقع أيضًا في شهوة الزنا وسائر سقطات الجنس, كما يقع في كثير من خطايا اللسان, والاعتداء على الآخرين بأنواع وطرق شتى.. وقد تمتد يده إلى السرقة وإلى الرشوة.. وما إلى ذلك. من أجل هذا, كان كثير من الأبرار ومن النُسَّاك, ينظرون إلى الجسد كمصدر للخطيئة, ويبذلون كل الجهد للانتصار على شهوات الجسد, ويصبح قمع الجسد من الفضائل الأساسية. ولا ننسى أن الصلاة فضيلة في جميع الأديان, وهو فترة لانضباط الجسد ليعطي فرصة الروح... فهل معنى كل ذلك أن الجسد شرٌ في ذاته كما يتخيله البعض؟! كلا, بلا شك، فلو كان الجسد شرًا, ما كان الله يخلق الجسد, بل الجسد خير إذا لم ينحرف، وإذا لم يقاوم الروح. وإذا لم يخضع لعوامل نفسية خاطئة. أيضًا لو كان الجسد شرًا, ما كنا نُكرمْ رفات الأبرار والشهداء.. ولو كان الجسد شرًا ما كان الله ينعم عليه بالقيامة والحياة الأخرى بل كان يكفيه ما عاشه على الأرض, دون امتداد لحياته. ولو كان الجسد شرًا, ما كان الأنبياء والرُسلْ يعيشون حياة بارة على الأرض, ولهم أجساد..! وكانت أجسادهم طاهرة ومقدسة.. الجسد إذن ليس شرًا في ذاته, ولكنه قد ينحرف فيخطئ. الروح أيضًا يمكن أن تخطيء سواء كانت وحدها, أو متحدة بالجسد. وأول خطايا عرفها العالم كانت خطايا "أرواح"! وأقصد بذلك خطايا الشياطين, وهم أرواح ليس لهم أجساد. وقد وصِفوا بأنهم أرواح شريرة أو أرواح نجسة. الشياطين –وهو روح- وقع في خطية الكبرياء، وما زال في كبريائه يتحدى ملكوت الله على الأرض, وفي كبريائه يعصى الله ويكسر وصاياه. كذلك -وهو روح- وقع في خطيئة الحسد, فحسد الإنسان على ما وهبه الله من نعمة. ولا يزال يحسد القديسين والأبرار (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات) ويحاول إسقاطهم. وفي إغرائه للبشر يقع في خطايا الخداع والكذب بتصوير الشر أنه خيرًا! والشيطان -وهو روح- يقع في التجديف على الله تبارك اسمه, وينشر الإلحاد والبدع والأفكار المنحرفة. وكما يخطئ الشيطان وهو روح. كذلك يمكن أن تخطئ أرواح البشر. روح الإنسان قد تخطئ، وتجد الجسد معها في الخطأ. * الروح مثلًا قد تسقط في الكبرياء, ثُم تجر الجسد معها في كبريائها، فيجلس في كبرياء، ويمشي في خيلاء, ويتكلم في عظمة, وينظر في غطرسة.. وتكون الكبرياء قد بدأت في الروح أولًا ثُم تحولت إلى الجسد. * الروح قد تَفْتُر في محبتها لله, ثُم يقود الجسد معه في الفتور, فيكسل في صلواته, ويُهمِل واجبات العبادة. * إن ضعفت الروح, يخور الجسد وان بعدت الروح عن الله, ينهمك الجسد في ملاذ الحياة والدنيا. * إن تشبعت روح الإنسان بالكراهية, يمارس الجسد هذه الكراهية, فقد يعتدي على غيره, بيده أو بلسانه أو بقلمه. وهنا نسأل: هل حوادث القتل ترجع إلى الجسد مع الروح؟ وتكون الروح هي البادئة والمشجعة والمخططة!! *ومن الناحية الأخرى: إذا قويت الروح, فأنها ترفع الجسد إلى فوق, فالروح المعنوية عند المريض إذا قويت تجعله يحتمل المرض ويجتاز مراحله الصعبة. وإن ضعفت روحه المعنوية, فإنه يستسلم للمرض وينهار.. *كذلك في الصوم: إذا نفذت الروح بالصلوات والتأملات والتسابيح والقراءات المقدسة, فإن الجسد يستطيع أن يحتمل الصوم بدون تعب... * وأيضًا الجندي في ساحة القتال إذا كانت روحه قوية لا تعرف للخوف معنى, بل تحفزها محبة الوطن, فأنها تدفع الجسد إلى الاستبسال والشهامة. وعمومًا فإننا تجاوبًا وتضامنًا ما بين الروح والجسد.. * ففي الصلاة مثلًا, أن كانت الروح خاشعة, فإن الجسد يخشع بالتالي، تنحني ركبتاه بالركوع أو السجود, وترتفع عيناه في الصلاة, وترتفع يداه. وإذا لم تكن الروح خاشعة, يكسل الجسد أيضًا. * الروح إذا حزنت, ممكن أن ملامح الوجه تعيب, ودموع العين تتساقط. وإذا فرحت الروح، تظهر البشاشة على الوجه, وتلمع العينان في فرح... * إذا سلم إنسان على رئيس له, أو على شخص كبير السن أو عالي المقام, فإن الاحترام الذي يكنه في روحه, يظهر في أنحاء جسده. * وتقريبًا كل المشاعر التي للروح, تظهر في حركات الجسد, أو في نظرات العينين, أو في لهجة الصوت, أي يكشفها الجسد... لذلك لا نستطيع كثيرًا, أن نمنع هذه الصلة بين الروح والجسد، ولهذا فإن محاسبة الإنسان في القيامة, تكون للروح والجسد معًا... لا يُدان الجسد بدون الروح, ولا تدان الروح بدون الجسد. لقد اشترك الاثنان معًا في عمل الخير أو الشر، إما أن الروح خضعت للجسد في شهواته, أو أن الجسد أسلم قيادته إلى الروح, وارتفع معها, وعَبَّر عن سموّها بأفعاله. ونصيحتنا لكل إنسان أن يقوي روحياته, ويسلك في السلوك الروحي, وحينئذ سيجد أن جسده يتجاوب مع الروح في عمل البر. فالجسد يمكنه أن يتعب في خدمة الآخرين بفرح, وان يبذل ذاته ليسعد غيره, كما يمكنه أن يتبرع بدمه, إذا كان احد المرضى في حاجة إليه, بل أن يضحي بعضو من أعضاء الجسد لأجل حياة إنسان آخر... وكل الخدمات الاجتماعية التي تراها في العالم، وكذلك كل أعمال الإنقاذ التي يقوم بها رجال الإسعاف, ويقوم بها من يعملون في إطفاء الحرائق, وإنقاذ المشرفين على الغرق... كلها أعمال يشترك فيها الجسد مع الروح. الروح تدفع والجسد ينفذ. إن الله وهبنا الجسد، كما وهبنا الروح, هو قادر أن يعمل فيها لمجد اسمه, ولنشر الخير على الأرض, في غير تناقض, بل في تعاون تام بين الروح والجسد. |
||||
15 - 12 - 2022, 09:20 AM | رقم المشاركة : ( 83 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
قداسة البابا شودة الثالث التوازن في الفضائل قال بعض الحكماء في تعريف الفضيلة: 'إن الفضيلة هي وضع متوسط بين الإفراط والتفريط' أي التوسط بين الإفراط في الزيادة، والتفريط الذي هو النقص أي أن يسلك فيها الإنسان بميزان الاعتدال. لا يبالغ حتى يصل إلي التطرف، ولا يتهاون فيصل إلي الإهمال.. فالمبالغة مرفوضة سواء كانت سلبا أو إيجابًا.. كذلك هي الوضع المتوسط بين التشدد في التطبيق إلي درجة التزمت، والمغالاة في التساهل إلي درجة الاستباحة. كذلك في التعامل مع الناس، ما أجمل المثل المصري القديم: 'لا تكن لينا فتعصر، ولا يابسا فتكسر' إنها نفس سياسة الاعتدال فلا يصح أن يكون الإنسان متساهلًا في حقوق نفسه، حتى يدوس الغير عليه في امتهان ولا مبالاة. ولا يكون عنيفا في تعامله مع الآخرين، بحيث يصبح موضع بطشهم وانتقامًا منه بسبب شدة تعامله. وأتذكر أنني في شبابي، رثيت احد أساتذتنا الأفاضل، فقلت في بعض أبيات من الشعر: يا قويا ليس في طبعه عنف ووديعا ليس في ذاته ضعف يا حكيما أدب الناس وفي زجره حب وفي صوته عطف لك أسلوب 'نزيه' طاهر ولسان أبيض الألفاظ عف وهكذا توجد حدود للطيبة فلا يبالغ فيها حتى تبدو وكأنها لون من ضعف الشخصية كما لا يبالغ في الحزم حتى يتحول إلي عنف. وبهذا توضع قاعدة للتربية، يسلك بها الآباء نحو أبنائهم. يشعر فيها الابن بحب أبيه وعطفه، وفي نفس الوقت بكرامة أبيه وهيبته والأب في معاملة الابن، يحنو بغير تدليل، ويؤدب بغير قسوة. لا يهمل التأديب بسبب الحب، ولا ينسي الحب حينما يؤدب. نفس الوضع بين الاحترام والدالة: ففي علاقة كل شخص برؤسائه وأولي الأمر منه: عليه أن يحترم رئيسه في غير خوف وان عامله رئيسه بدالة، لا يستغل الدالة بحيث يفرط فيما يليق بالرئيس من هيبة وتوقير. وتطبق نفس القاعدة بالنسبة إلي الطاعة: فعلي الصغار أن يطيعوا الكبار، ولكن ليس بلون من العبودية أو صغر النفس. وعليهم أن يطيعوا الأوامر، لا بأسلوب يفقدون فيه شخصياتهم، أو يصبحون كقطع من الشطرنج يحركها الكبار..! إنما يكون هناك توازن في الطاعة. بحيث يطيع كل شخص رئيسه، وفي نفس الوقت يطيع ضميره، ويطيع القيم السليمة. ولا مانع في سبيل ذلك من السؤال والحوار وإبداء الرأي. إن عبارة 'الطاعة العمياء' تحتاج إلي تفسير ولا تنفذ ألا في حدود معينة لا تتنافي مع القيم. مبدأ التوازن يطبق أيضًا في موضوع الحرية: بحيث تأخذ الحرية وضعا متوسطا بين الكبت والتسيب فلا تمنع الحرية في كبت وإجبار، حيث يفقد الشخص الشعور بإنسانيته، كما يفقد إرادته، وكأنه مسير رغم أنفه! ومن الناحية الأخرى لا تطلق الحرية بلا ضابط، حتى تصل إلي التسيب، ويتصرف فيها الشخص بلا رادع يردعه عن أخطائه! والحل الأمثل هو الوضع المتوسط بين الضبط والضغط. وحبذا لو حدث ذلك عن طريق التوعية والتربية والإرشاد. بحيث يسلك الإنسان في طريق مستقيم، منضبطًا بدافع من اقتناعه ونقاء قلبه، دون ضغط عليه من الخارج. التوازن ينطبق أيضا علي الوضع المتوسط بين الصمت والكلام: فلا يبالغ الإنسان في الكلام حتى يصل إلي الثرثرة، أو التحدث في ما لا يليق، وما لا يخصه، وما ليس في معرفته. ولا يكثر من الكلام حتى يمل سامعوه. كما يحرص ان يتكلم دون أن يخطئ، ودون أن ينطبق عليه قول الحكيم 'لَيْتَكُمْ تَصْمُتُونَ صَمْتًا. يَكُونُ ذلِكَ لَكُمْ حِكْمَةً' (سفر أيوب 13: 5). ومن الناحية الأخرى لا يبالغ في الصمت، حتى يحسب عيبًا.. بل يتكلم حين يحسن الكلام، ويصمت حين يجب الصمت. ويحفظ التوازن بين صمته وكلامه. هناك توازن أيضا في معني الشجاعة وفي استخدامها: الشجاعة لازمة في الدفاع عن الحق، وفي نصرة المظلوم، وفي رفض الظلم والاستبداد ولكن لها حدودا. فلا يجوز أن تصل إلي التهور واللامبالاة. كما لا تكون بأسلوب من الطيش والاندفاع وعدم التروي ولا يكون الدافع إليها بأسباب خاطئة أنها شيء محبوب إذا مورست في حكمة، وبطريقة سليمة. نتكلم أيضا عن توازن في مفهوم القوة واستخدامها القوة لا يجوز أن تتطور إلي العنف أو البطش أو الاعتداء علي الغير. إنما تكون أولا في قوة الشخصية وقوة الإقناع، وفي الحكمة وحسن التصرف، والبعد عن التجبر وتهديد الآخرين. التوازن يكون أيضا في المديح وفي النقد: فالمديح المتزن يكون تعبيرا عن تقدير الغير في صفاتهم السامية، أو تصرفاتهم الحسنة. ولكن لا يجوز أن يبالغ احد في المديح، حتى يصل إلي التملق أو النفاق، ولا يكون برياء أو عدم صدق! كذلك لا يبالغ احد من الناحية المضادة، بحيث لا يمدح علي الإطلاق! وإنما يجب أن يعطي لكل ذي حق حقه من التكريم بالنسبة إلي الكبار، ومن التشجيع بالنسبة إلي المبتدئين والصغار. كذلك في النقد، لا يصح أن يصل إلي مستوي الذم والسب والإهانة والتشهير. فلك أن تنقد *في مجال النقد* ولكن ليس لك أن تجرح الناس أو تحط من كرامتهم فللنقد حدود. وفي هذا المجال، هناك فرق بين الصراحة والإهانة: بدافع من الإخلاص، يمكن للصديق أن يتكلم في صراحة، لكن في مودة ولا تخرج الصراحة عن حدودها إلي جرح المشاعر. فهنا تعتبر إهانة، ولا تكون مقبولة.. وأيضا في غير مجال الصداقة، يمكن أن يكون الإنسان صريحًا. إنما لا يكون هدامًا في صراحته. له أن يوضح الأمور، وقد يذكر الأخطاء، في أدب وبغير تحقير. وأيضًا يكون عادلا، لا يتجني في صراحته. كما تكون صراحته ممتزجة بالصدق، مع ذكر نقاط المديح أن وجدت مختلطة بالأخطاء. كأن يمدح الهدف مثلًا، وينقد الوسيلة. وفي الحياة الخاصة يكون هناك توازن في المتعة واللهو والمرح: من حق الإنسان أن يتمتع بأمور جائزة ومحللة. ولكن لا يبالغ في المتعة بحيث تصل إلي الفجور. ولا يخرج المرح عن حدوده، حتى يصل إلي التهريج! أو أن يمتزج اللهو بأخطاء لا يرضي عنها الضمير. كذلك من حق الإنسان أن يفرح، بحيث لا يتبذل في أفراحه. أيضا من حق المرأة أن تتزين، دون أن تبالغ في زينتها حتى تصل إلي التبرج وإلي الفتنة وإعثار الآخرين! الفن أيضا يجب ألا يخرج عن معناه، وان يحتفظ بتوازنه فلا يتطور إلي أساليب ومعان لا تليق..! إننا لا ننكر جمال الفن ولزومه. ولكن تبقي أمامنا أسئلة: ما هو الفن؟ وهل كل ما يسمونه فنا، هو فن بالحقيقة؟ ثم ما هي أهداف الفن؟ وهل هو يحقق أهدافه؟ الرسم فن، والموسيقي فن، والغناء فن، والتمثيل فن، والتصوير فن، والنحت فن.. وما أجمل أن تكون للفنون أهداف سامية ورسالة نبيلة وحش هو لقب 'الفنون الجميلة'.. |
||||
15 - 12 - 2022, 09:23 AM | رقم المشاركة : ( 84 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
قداسة البابا شودة الثالث كل حق يقابله واجب كل حق يقابله واجب كل حق يقابله واجب كثيرون يتحدثون عن حقوقهم ويطالبون بها، أو يطالبون بما يظنونه حقوقا، وقد لا يكون كذلك. فما أسهل ان يدعي شخص حقا له، بغير حق! وقليلون هم الذين ينشغلون بالواجبات التي ترتبط بتلك الحقوق. لأن كل حق يقابله واجب أو تقابله عدة واجبات.. فكل حق لنا عند الناس، تقابله واجبات علينا من نحوهم. الحق والنعمة: في علاقتنا مع البشر قد نطالب بحقوق. أما مع الله فلا نطلب حقوقا. كل ما نطلبه هو عطايا أو نعم. وكل ما نحصل عليه هو نعمة من عنده.. فنحن نتمتع بالوجود. ولكنه لم يكن لنا حق الوجود. إنما نلنا هذا الوجود كنعمة من عند الله، ونحن نخاطب الله في الصلاة، وليس لنا من حق التحدث إليه، إنما وهبنا الله الصلاة كنعمة. كذلك من جهة الحياة: أين الحق وأين النعمة؟ من جهة الله، قد وهبنا نعمة الحياة. ومن جهة الناس، لنا عليهم كما لنا علي أنفسنا حق المحافظة علي هذه الحياة. أما عن الرعاية، فهي من جهة الله نعمة نطلبها، ان يرعانا.. وأما من جهة الناس، فهي حقوق نتبادلها: نحن نرعي غيرنا ممن هم فى حدود واجباتنا. ويرعانا غيرنا ممن هم مكلفون بذلك.. الحياة: مادام الله قد وهبنا نعمة الحياة، فقد أصبح من حقنا علي المجتمع أن نحيا.. ولكن هذا الحق تقابله واجبات عدة: فواجبنا ان نستخدم حياتنا في الخير وأن نحافظ علي هذه الحياة، لتكون نافعة لنا ولغيرنا. كما من واجبنا المحافظة علي حياة غيرنا. وإن أفقدنا أحدا حياته، لا نكون مستحقين لنعمة الحياة. فتؤخذ حياتنا منا، نفس تكون عوضا عن نفس. وبهذا يحكم المجتمع وينفذ.. حياتنا وديعة أودعنا الله إياها. ومن واجبنا ان نستثمرها، ولا تكون عبئا علي المجتمع، بل مصدر نفع له.وحياتنا جزء من حياة المجتمع، له فيها نصيب، ومن واجبنا ان نمنحه هذا النصيب، فلا نعيش لأنفسنا فقط، إنما نعيش للغير علي قدر ما نستطيع.. وأحيانا نري من واجبنا ان نبذل حياتنا، لأجل الغير في حب.. وهنا يكون الاستشهاد، وتكون التضحية.. والذين سجل التاريخ اسماءهم، هم الذين عاشوا حياتهم لأجل غيرهم، فأدوا واجبهم نحو أوطانهم ونحو شعوبهم. الوجود: لقد وهبنا الله نعمة الوجود. وهذه النعمة تقابلها واجبات.. ومن العجب ان إنسانا قد يظن انه موجود، بينما لا يشعر العالم بوجوده، لأنه لم يقم بواجب أو بعمل يشعر العالم به..! فهل من حق الإنسان في الوجود، ان يكون فراغا لا يمتليء المجتمع بشيء منه؟! أم واجبه في الوجود، ان يكون له وجود فعال، وفعال في الخير.. هناك أشخاص امتدت فاعليتهم حتي بعد وفاتهم.. ظلوا موجودين فيما تركوه من أثر باق... مصدر المقال: موقع الأنبا تكلاهيمانوت. يظن البعض انه يظل موجودا في أولاده، في اسمائهم وفي عملهم.. ولكن ماذا عن شخصه؟ هذا ما لم يفكر فيه! إن الوجود ليس مجرد أنفاس تتردد، بل هو حياة تبقي وتستمر فاعليتها. ما أعجب مذهب 'الوجوديين'، الذين يرون ان وجودهم هو شعورهم بالوجود في اللذة، حتي لو كانت حياتهم فارغة! بل انهم أكثر من هذا، يهاجمون الله تبارك اسمه بحجة انه يحرمهم من ملاذهم الخاطئة، بوصاياه الإلهية السامية! لذلك يقول الواحد منهم: 'من الخير أن الله لا يوجد، لكي أوجد أنا!!'. حق العمل: كل إنسان يطالب بحقه في أن يعمل، ويذكر في ذلك ان للبطالة خطرها علي المجتمع وعلي الفرد. وهذه حقيقة. غير اننا نسأل: هل العمل هو منحة يقدمها لك المجتمع، أي فرصة للعمل؟ أم العمل هو طاقة كامنة فيك قادرة علي العمل؟ وهل طاقاتك هذه يلزمها دافع خارجي؟ أم هي طاقات خلاقة creative حيثما توجد أنت، ينبثق منك عمل؟ هل بذاتك تعمل، أم أنت أداة يأخذها غيرك ويعمل بها، ويوظفها حسبما يريد، فتصبح أنت موظفا، ويكون من حقك أجر علي عملك، مرتب لك؟ لقد أعطانا الله أمثلة، في الكواكب التي تعمل من ذاتها، وفي أجهزة جسم الإنسان، وفي عوامل كثيرة من طبيعة الكون...حقا، ما أجمل أن يكون العمل غريزة، وأن يكون طبعا.. ومعروف ان الذي يحب العمل، ويؤدي عمله بلذة، لابد أن ينجح فيه، ولا يشعر بتعب مهما عمل، بعكس الذي يعمل وهو متبرم ومتضايق...علي ان هناك أشخاصا يمكنهم ان يبتكروا أعمالا لهم ولغيرهم أيضا. أولئك لهم عقول مفكرة، تستطيع أن توجد الأيدي العاملة. وهناك من لهم مواهب ومقدرات، يطلبهم الاخرون للعمل، دون ان يطلبوا هم عملا. أخيرا، إن كان من حقك أن تعمل، فواجبك الأمانة في العمل، والإنتاج والاتقان، وحسن التعامل، وتأدية واجبك بدون تراخ، وتنمية مقدراتك.. حقوق اجتماعية: من حق الإنسان الناضج أن يتزوج، وأن تكون له أسرة. ومن واجبه حسن المعاشرة، حتي لا يؤول الزواج إلي طلاق.. ومن حق الابناء في الأسرة أن ينالوا الرعاية الكاملة من الآباء والأمهات. ومن واجبهم إكرام الوالدين، وطاعتهما في داخل محبة الله. من حق الوالدين ان يكون لهما أبناء. ومن واجبهما مراعاة تنظيم الأسرة، فلا ينجبان بأسلوب يؤدي إلي التضخم السكاني، وما يتبعه من مشاكل اقتصادية. من حق الإنسان أن يتمتع بالحب: يحب، ويحب ومن واجبه ان يكون نزيها طاهرا في محبته لغيره، وبخاصة مع الجنس الآخر. فلا يتحول حبه إلي مجرد شهوة جسدية تؤول إلي نجاسة! ومن واجب الإنسان أن يبعد عن الأنانية في محبته. بل يحب الاخرين ويبذل من أجلهم، ويحتمل. ويجعل محبته مشاعا للكل بلا تحيز. من حق الإنسان أن يكون له سكن يأوي إليه ومن واجبه أن يحرص علي حسن الجوار، فلا يؤذي جاره ولا يضايقه. كما يجب عليه الحرص علي جمال ونظافة البيئة التي يعيش فيها. من حق الإنسان أن يمتلك، وأن يقتني، وأن يربح ومن واجبه ان يكون ذلك في حدود المعقول، وفي نطاق الربح الحلال، بعيدا عن الجشع والاحتكار. فله أن يملك المال، ولكن لا يسمح للمال أن يملكه، ويصبح هدفه في الحياة! كما من واجبه أيضا ان يستخدم ماله في الخير، وأن يعطي منه للمحتاجين والمعوزين. ويحتفظ في حياته بموازنة سليمة بين الأخذ والعطاء، بل يعطي أكثر مما يأخذ. من حق الإنسان أن يتمتع بالراحة ومن واجبه انه لا يبني راحته علي تعب الاخرين، وألا تتحول راحته إلي لون من الكسل أو التراخي. كما لا يطلب الراحة علي حساب عمله والإخلاص لواجباته. وتكون الراحة في الوقت المناسب وبالقدر المناسب. حقوق سياسية أول حق سياسي للإنسان هو حق المواطنة. وواجبه هو الولاء لهذا الوطن، واحترام الدولة ومؤسساتها وقوانينها. ومن حقوقه السياسية حق الانتخاب في حدود النظام العام. ومن واجبه الذهاب إلي مكان الانتخاب، والإدلاء بصوته حسب ضميره. ومن حقوقه المساواة، في نطاق المؤهلات والكفاءة والمقدرة. من حقه أيضا الدفاع عن النفس، ومن واجبه ان يكون صادقا وعادلا في دفاعه عن نفسه. ولا يظلم غيره ويلقي عليه التبعة دون وجه حق. ومن حق الإنسان الحرية في حدود القانون. ومن واجبه ان يستخدم حريته، بحيث لا يعتدي علي حريات الآخرين وحقوقهم. ومن حقه إبداء رأيه ونشره، واستخدام حرية الصحافة. ولكن هذا كله يقابله واجب الحفاظ علي سمعة الاخرين وعدم التشهير بهم. وأن يحتفظ بأدب الحوار. له ان يتكلم، وواجبه ان يتكلم حسنا. أخيرا، ما أطول موضوع الحقوق والواجبات، وكل ما ذكرناه هو مجرد مثال. |
||||
15 - 12 - 2022, 09:26 AM | رقم المشاركة : ( 85 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
قداسة البابا شودة الثالث الحرية: أهميتها، أنواعها، ضوابطها لقد خلق الله الإنسان حرًا. وبالحرية ميزه عن مخلوقات أخري كثيرة. وقد تغني الناس بالحرية. فقال أحد أدباء الغرب: 'لو انك فقدت كل شيء، ما عدا الحرية، فأنت لا تزال غنيًا'. وتجاه الحرية، يقف ذلك السؤال الشهير: 'هل الإنسان مسير أم مخير؟' وواضح أن الإنسان مخير في كل ما يفعله. ولكي لا ينحرف بحريته فيخطئ، زوده الله بالعقل الذي ينير أمامه الطريق، وأيضًا بالضمير لكي يميز بين الخير والشر. كما زوده كذلك بالوصية الإلهية لكي يلتزم بها في كل تصرفات حياته. والدليل علي حرية الإنسان، إن الحرية ترتبط دائما بالمسئولية، فإن لم يكن الشخص حر الإرادة، فلا مسئولية عليه، وان لم يكن حرا، فكيف يلتزم بوصايا الله؟! وما لزوم أمور عديدة ينهاه الله عنها، إن لم تكن له حرية إرادة؟ وإلا انطبق عليه قول الشاعر: ألقاه في اليم مكتوفا وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء كذلك فإن ارتكاب الخطيئة دليل علي أن الإنسان مخير.. لأن الله لا يسير أحدا في طريق خاطئ.. إنما المخطئ يرتكب الخطأ عن طريق اختياره له. وأيضًا أن لم تكن هناك حرية، فلا حساب إذن ولا دينونة في الآخرة ولا ثواب ولا عقاب. الإنسان إذن مخير لا مسير.. فهل هو مخير في كل شيء؟ طبعا لم يكن أي شخص مخيرًا من جهة البلد الذي ولد فيه، ولا من جهة الجنس الذي ينتمي إليه. ولم يكن مخيرًا في نوع شكله وملامحه، وفي فصيلة دمه، وفي كثير من المواهب التي أعطيت له، أو التي حرم منها.. لم يكن مخيرا في نشأته، ولا في اختيار أسرته، ولا فيما ورثه عن تلك الأسرة من دم ومن عقل، وأمور اجتماعية.. ولكنه علي الرغم من كل هذا هو مخير في تصرفاته، ومخير في أن يصلح بقدر الإمكان من مستوي نشأته، كما في تغيير مستواه في أمور عديدة. هنا ونسأل: هل الإنسان حر في أحلامه؟ وللإجابة علي هذا السؤال، نقول أن هناك أنواعًا من الأحلام فقد توجد أحلام عبارة عن إعلان من الله، مثل الأحلام التي فسرها يوسف الصديق لفرعون. وهناك أحلام أخرى عبارة عن حروب من الشياطين. وهذان النوعان لا إرادة للإنسان فيهما ولا حرية، وبالتالي لا مسئولية. غير أن هناك أحلامًا ناتجة عما يخزنه كل شخص في عقله الباطن من شهوات أو رغبات أو أفكار أو مخاوف.. وما تجمعه الحواس من نظر وسمع.. وهذه قد تظهر له بصورة أحلام. ويبدو أنه لا حرية للإنسان فيها. ولكنها ناتجة عن حرية سابقة، فيما خزنه لنفسه.. وهي لا تدخل في نطاق الأمور الإرادية، إنما في شبه الإرادية أو نصف الإرادية. وعليه مسئولية تجاهها، علي الأقل من جهة الأسباب التي أوصلتها إليه. ولهذا، فإن كان الإنسان أمينا علي نفسه وروحياته أثناء الصحو، ستكون أحلامه أمينة له أثناء نومه. ضوابط الحرية وحدودها: إن الإنسان فيما هو مخير فيما يفعل، لكنه ليس مخيرا بطريقة مطلقة، إنما تحد من حريته أمور مهمة تنطبق علي الكل. فله أن يستخدم حريته، بحيث لا يعتدي علي حريات الآخرين وحقوقهم، فلا تستخدم الحرية في إهانة الغير، ولا في السب والقذف، ولا أن تبني راحته علي تعب الآخرين. وليس هو حرًا في استخدام العنف ضد غيره. وهو أيضا حر في حدود الالتزام بالنظام العام، والالتزام بالآداب العامة، وبقوانين البلد الذي يعيش. مثال ذلك فإنه في أكثر البلاد تمسكًا بالحرية، لا يستطيع أحد أن يكسر قواعد المرور وإشاراته، ويقول: أنا حر أفعل ما أشاء! هو أيضا حر في حدود وصايا الله، فلا يعصاها ويسلك حسب هواه. وهكذا فإن المؤمنين بالحرية، ينادون بالحرية المنضبطة، وليس بالحرية المطلقة. ولهذا، فإن الذي يتجاوز حدود حريته، ولا يلتزم بالوضع السليم، فإن القانون يلزمه بذلك، والعقوبة تردعه.. بل أن حرية الإنسان ينبغي ضبطها منذ الصغر. وهنا يبرز لزوم التربية والتعليم. ويقوم واجب الأسرة في ضبط حرية الطفل، بحكمة، حتى لا ينحرف. ثم واجب المدرسة أيضا في تعليم الطلبة قواعد الحرية وحدودها وضوابطها. كذلك ليس الإنسان حرًا في إيذاء نفسه: فلا يقع الإنسان في إدمان الخمر أو المخدرات أو التدخين، ويتلف صحته وإرادته، ويضيع ماله فيما يضره. ويقول أنا حر!.. كلا، ليس هو حرا فيما يجلب له الأذى. فصحته وديعة في يديه، لا يملكها وحده، بل يملكها أيضا المجتمع الذي رباه ورعاه، والذي هو مكلف بخدمته وأداء واجبه نحوه.. كذلك ليس الإنسان حرًا في أن يقتل نفسه، أي ينتحر بطريقة ما. فحياته ليست ملكا له وحده. كما انه ليس حرا في كسر وصية الله القائلة 'لا تقتل'. والتي تنطبق أيضا عليه من جهة نفسه كما من جهة غيره. أنواع الحرية: في نطاق الحرية المنضبطة، توجد أنواع من الحرية، منها الحرية الشخصية، حرية الإرادة، وحرية الفكر، وحرية إبداء الرأي، وحرية الاجتماع، وحرية العقيدة، والحرية السياسية. فالإنسان من حقه أن يفكر بحرية كما يشاء. ولكن بضوابط: فليس من حريته أن يسرح في أفكار ظالمة، أو في أفكار نجسة، وان كانت قوانين الدولة لا تردعه من جهة هذا الفكر، فإن الضمير يوبخه، ويأمره أن يضبط فكره حتى لا يدنس نفسه.. ثم هل في حريته أن يعتنق فكرا هداما؟! وان اختار بحريته هذا الفكر، فليس من حقه أن ينشره. وإلا فإنه يؤذي المجتمع الذي يعيش فيه. وهنا من حق الدولة أن تضبط الأفكار الهدامة التي تبلبل أذهان الناس وتقود تصرفاتهم في اتجاه ضار. الإنسان له حرية العقيدة، من جهة الدين والتدين، وما يتبع ذلك من حرية العبادة. وقد تمادي البعض في هذه الحرية، حتى وصلوا في بعض البلاد إلي الإلحاد. كما وصلوا إلى كثير من الانحرافات العقيدية وإلي تشويش أذهان الآخرين، ونشر الشكوك في الثوابت من الأمور الإيمانية. وتجرأ بعضهم في بلاد الغرب إلي مطالبتهم بعدم تدريس الدين، لأنه لا يوافق معتقداتهم. كذلك وصل بهم الأمر إلي الشذوذ الجنسي والمطالبة باعتماد قانون من الدولة. وبعض الدول سمحت لهم بهذا كما في كندا. كما ضغطوا علي بعض الهيئات الدينية لاعتماد الشذوذ. وطالبوا لأنفسهم بحقوق كشواذ. أما عن الحرية السياسية فللإنسان الحق في اختيار النهج السياسي الذي يوافقه، والحزب السياسي الذي يستريح لمبادئه. كما أن له حق الانتخاب وحق الترشيح في حدود القانون. ولكن الحرية السياسية ينبغي أن تكون منضبطة أيضًا. فلا ينضم أحد إلي نهج سياسي مدمر، ولا ينضم إلي حزب متمرد علي النظام، يثير الشقاق ويدعو إلي التخريب وإلي محاولة قلب نظام الحكم. وفي نطاق الحرية السياسية، تدخل حرية الصحافة وحرية النشر والمفروض في هذه الحرية أن تكون منضبطة أيضًا، بحيث لا تكون أداة تشهير بالناس، وسب البعض وقذفهم بحجة حرية الرأي. ولا يجوز للصحافة أن تخرج من الناحية الموضوعية إلي النواحي الشخصية، التي تمس أعراض الناس وسمعتهم وأمورهم الشخصية. إن الحرية سلاح ذو حدين، فهي نافعة ولازمة أن سارت في طريق سليم. وإلا إذا انحرفت فإنها تضر الإنسان ومن حوله. الحرية الحقيقية: ختاما ما هي الحرية الحقيقية؟ ذلك لأن هناك بعض الناس يسمون أنفسهم أي متحررين، وهم يسيرون حسب هواهم في طريق خاطئ، يتحررون فيه من القيم والثوابت..! أما الحرية الحقيقية، فهي أن يتحرر الإنسان من كل فكر خاطئ، ومن كل طبع رديء، ومن كل شهوة منحرفة، ومن كل خطيئة. مثل هذا الإنسان إذا منح الحرية فإنه سيسلك فيها بأسلوب سليم نافع له ولغيره.. لذلك علي طالب الحرية، أن يتحرر أولا من الداخل.. وبهذا يمكنه أن يستخدم الحرية للخير. |
||||
15 - 12 - 2022, 09:29 AM | رقم المشاركة : ( 86 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
قداسة البابا شودة الثالث العمل الإيجابي البناء ما أجمل وأعمق ذلك المثل الصيني الذي يقول:'بدلا من أن تلعنوا الظلام، أضيئوا شمعة' حقا، ان مجرد لعن الظلام لا ينقذ احدا من ظلمته. ولكن الظلام ينقشع من تلقاء ذاته، بعمل ايجابي هو نشر النور، ولو علي الاقل باضاءة شمعة.. وهكذا في اي مجتمع قد توجد اخطاء أو نقائص أو مشاكل. واذا بمحبي الاصلاح يتجهون إلي اتجاهين: احدهما يضج ويصيح لكي يفضح هذه الاخطاء، أو انه يبكي بسببها وينوح وينعي الخير الذي ضاع اما الاتجاه الاخر، فهو العمل الايجابي الذي يكتب صفحة جديدة ناصعة في تاريخ المجتمع، في هدوء وفي قوة.. وهذا هو الاكثر ثباتا وتفهما. اثنان ينظران نارا تشتعل في مبني.. فيقيم احدهما ضجة بسبب هذا الحريق.. اما الآخر ففي ايجابية يبذل كل الجهد في اطفاء النار.. اثنان يمران بشاطئ البحر.. واذا بشخص في خطر يكاد يشرف علي الغرق.. فيظل احدهما يوبخه: كيف ينزل إلي البحر وهو لا يجيد السباحة؟! اما الآخر فينزل بسرعة لكي ينقذ ذلك الانسان من الغرق.. وفي كل ذلك يبدو الفرق بين المنشغل بالسلبيات وبين العمل الايجابي البناء.. ***** غالبية الناس يركزون جهدهم الإصلاحي في ان يلعنوا الفساد.. و هذا امر سهل يقدر عليه كل احد. ولكن من بين كل هؤلاء من يهتم بشرح الاسلوب العملي الايجابي للقضاء علي الفساد.. سهل جدا ان توبخ فكرة خاطئة. ولكن الاصلح ايجابيا ان تقدم الفكرة الصائبة، وتشرح اسلوب تنفيذها.. اتذكر وانا شاب صغير انه كان لي زميل في الدراسة يسرف في التدخين.. فاخذت انصحه كثيرا، واحدثه عن مضار التدخين الذي فيه يفقد صحته وارادته وماله.. واذا بهذا الزميل يقول لي 'لا تتعب نفسك كثيرا في الشرح.. فانا بالخبرة أعرف اضرار التدخين اكثر منك.. ولكن المشكلة هي كيف يمكنني ان اتخلص عمليا من هذه العادة؟! نعم، ان الحديث عن الاخطاء سهل. اما العمل علي علاج تلك الاخطاء، فهو العمل الايجابي البناء.. والكلام الموجع ليس هو الذي يصلح الاخطاء.. انما تصلحها الخطة الايجابية العملية الممكنة التنفيذ. ***** كذلك هناك فرق بين شرح الخطأ للوقاية منه، وبين الحديث عن الاخطاء للتشهير بالمخطئين باسلوب لا يصلحهم بل يثيرهم. هناك فرق جوهري بين الفأس التي تقلب الارض لزراعتها، و الفأس التي تضرب في البناء لتهدمه..! ما اسهل الإدانة والشجب بإمكان كل شخص ان يدين وان يشجب.. اما المساهمة الا يجابية في الإصلاح، فهي العمل النافع.. النقد سهل.. وقد يكون النقض ايضا سهلا.. ان كاتبا بسيطا يمكنه ان ينقد قصيدة لشاعر مشهور. .ولكن هذا الناقد ربما لا يستطيع ان يكتب بيتا واحدا من الشعر! وكثيرون من الذين يستهزئون بعمل غيرهم، هم انفسهم لا يعملون! قد يدعي القدرة علي العوم اولئك الذين يقفون علي الشاطئ..فإن نزلوا إلي البحر وسط امواجه حينئذ يختبر ادعاؤهم.. ان السلبيات قد تهدم.. اما الايجابيات فهي التي تبني.. والهدم عمل سهل.. اما البناء فيحتاج إلي مهارة ووقت.. يستطيع شخص بقنبلة ان يهدم في لحظات عمارة شاهقة.. ولكن بناء اية عمارة يحتاج إلي هندسة وفن ومدي زمني.. وهذا البناء عمل انفع وابقي. ***** وكما ان نقد الاخطاء لا يصححها، ولا التشهير بها يصلحها.. كذلك الحزن علي المشاكل لا يحلها.. بل يحلها العمل الايجابي ان الحزن علي المريض لا يشفيه من مرضه.. انما يكون الشفاء عن طريق وصف العلاج وتقديم الدواء. والحزن بسبب انتشار الجهل أو الامية لا يفيد شيئا، بل النافع هو نشر التعليم ومحو الامية. ويوسف الصديق لم يحزن من فرعون علي سنوات الجوع القادمة. انما قدم الحل الايجابي وهو تخزين القمح ليكون تموينا لسد احتياجات تلك السنوات. وكان هذا هو النافع عمليا. والمعروف ان كثيرين قد بكوا وحزنوا بسبب تجريف بعض الاراضي الزراعية واستخدامها في اقامة المباني. ولكن الحزن لم يحل تلك المشكلة.. انما كان حلها بالعمل الايجابي الفعال، الذي تمثل في مشروع تعمير الصحاري واستصلاح الاراضي وحفر الآبار، وما نتج عنه من اضافة مئات الآلاف من الافدنة إلي الرقعة الزراعية في بلادنا، مع ما صاحب ذلك من اعمال التنمية. كذلك ان كنا ذاهبين إلي مكان ما، ووجدنا قناة أو مجري من الماء يعوقنا عن الوصول: هل الحزن في هذه الحالة ينفعنا؟! ام ان الذي ينفعنا هو اقامة جسر نصل به إلي المكان الذي نريده؟ هذا هو العمل الايجابي الذي يلزمنا في كل امور حياتنا، اكثر من الضجيج والنقد والشجب والسخرية. ***** والذين سجلت اسماؤهم في التاريخ، هم الذين انشغلوا بالعمل الايجابي البناء ، قد نجحوا فيه. ولعل اولهم في تاريخ مصر هو الملك مينا الذي وحد القطرين وانشأ اول مملكة مصرية في عهد الفراعنة. ونحن نذكر بالخير كل الذين ساهموا في العمل البناء في تاريخ مصرالحديث. ومن بينهم طلعت حرب الذي ساهم في بناء اقتصاد مصر، واسس البنوك والشركات. وسعد زغلول الذي جاهد حتي صدر دستور سنة 1923 وقاسم امين الذي جاهد لتحرير المرأة.. واحمد لطفي السيد الذي عمل لإنشاء الجامعة، وغيرهم من البنائين المهرة. ان العمل الايجابي هو دائما العمل المفيد، وهو المقبول من الجميع، ولا يعترض عليه احد. ***** هناك مؤرخون كتبوا التاريخ.. ولكن اعظم منهم من صنع التاريخ.. صناع التاريخ لا يمكن نسيانهم، سواء في مجال السياسة أو العلم.. قد يكتب المؤرخون عن استقلال الهند بعد خضوعها فترة للاحتلال البريطاني.. اما صانع هذا التاريخ فهو المهاتما غاندي الزعيم الروحي للهند، الذي لم يقم اطلاقا بايذاء احد. انما بالعمل الايجابي البناء، أوصل الهند إلي الاستقلال، وصارت لها حكومة وطنية وبرلمان. كذلك لايستطيع التاريخ ان ينسي برايل، الذي استطاع ان يخترع طريقة الكتابة علي البارز، للمكفوفين يستطيعون بها القراءة والكتابة.. وايضا كل الذين قاموا بعمل ايجابي بناء في مجال الطب والدواء لا يمكن ان ينساهم التاريخ. ***** ونحن نري في مجتمعنا بعض مشاكل لا يمكن ان يحلها الصياح ولا الضجيج ولا التشهير.. انما تحتاج إلي عمل ايجابي بناء.. هناك مشاكل اقتصادية. مشاكل تختص بالبطالة وبارتفاع الاسعار. كذلك مشكلة التضخم السكاني، ومشكلة الدروس الخصوصية ومشكلة الإثارة ومشكلة الجمع بين الانضباط والحريات.. ومشاكل اخري اجتماعية وسياسية وفكرية.. كيف يمكن حلها جميعا بطريقة عملية وحضارية في نفس الوقت؟ بحيث نتعاون جميعا في الحل، بغير صراع واصطدام.. ان مشكلة البطالة مثلا: لا يمكن ان تحلها مهاجمة المسئولين في الحكومات المتتابعة. فكيف تحل؟ لو كنت انت ايها القارئ رئيسا للدولة أو رئيسا للحكومة، فماذا كنت ستفعل عمليا؟ ماذا تقترح للحل؟ علي ان يكون الحل يمكن تنفيذه، ومضمونة نتائجه عمليا وعلميا.. هل نطرح السؤال ، ونتلقي الاجابات ونصنفها ونحللها؟ هل نقيم ندوات لبحث موضوع البطالة من ندوات اخري لبحث باقي المشكلات؟ نعم، ما الحل الايجابي العملي البناء؟ |
||||
16 - 01 - 2023, 10:38 AM | رقم المشاركة : ( 87 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
أعلن القدِّيس غريغوريوس النزينزي ضرورة إعطاء القديسة مريم حقّها في الأمومة، كنتيجة لعقيدتنا في التجسد الإلهي، قائلًا: من لا يَقْبَل القديسة مريم بكونها "الثيؤطوكوس" يُقطع من اللاهوت. من يقول بأن السيد المسيح عَبَر في العذراء كما في قناة، ولم يتشكَّل بطريقة تحمل لاهوتيته كما ناسوتيته أيضًا، فهذا يُحسَب شريرًا. من يقول بأن السيد قد تشكَّل فيما بعد بسكنى الله فيه، فهذا يُدَان. من يتحدَّث عن ابن الله الآب بكونه آخر غير ابن مريم، وليس هو شخص واحد، فهو محروم من شركه التبني لم تعطِ القديسة مريم ابنها شخصيته اللاهوتية أو طبعه الإلهي أثناء التجسد، ومع ذلك فكما يقول القديس كيرلس، هذا لا يُقَلِّل من حقها في التمتّع بلقب والدة الإله. فالأمهات لا يهبن أولادهن نفوسهم ولا شخصياتهم، ومع ذلك فهن أمهات حقًا، ولسن أمهات للجسد وحده، بل للشخص نفسه المخلوق بواسطة الله الحي. هكذا القديسة مريم هي أم يسوع الذي هو نفسه الله . |
||||
|