![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 87971 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() يسوع يهتم في آداب الولائم واللباقة الاجتماعية كما ورد في سفر الأمثال (أمثال 25: 6-7) لكن نصيحته تنتهي بعبرة في التواضع تتعارض مع اهتمامات الكتبة والفِرِّيسِيِّينَ بالمراتب والمقامات والمراكز والمناصب. ومن هذا المنطلق، فإن يسوع يُعلمنا أولا ألاَّ نسعى لاختيار أماكن الصدارة. فالخدمة أهم من المركز والجاه في ملكوت الله. ثانيا: ألاَّ نقتصر دعوتنا على من هم قادرون أن يقابلوننا بالمثل، بل أن نقدّم خدمتنا لكل إنسان وخاصة لمن لا يقدر على رد الدعوة كي نتمكن الحصول على الثواب في قيامة الأبرار كما جاء في تعليم المسيح "طوبى لَكَ إِذ ذاكَ لِأَنَّهم لَيسَ بِإِمكانِهِم أَن يُكافِئوكَ فتُكافَأُ في قِيامَةِ الأَبرار" (لوقا 14: 14). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 87972 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() لاحظ سيدنا يسوع المسيح أيضا أن المدعوين لبيت الفريسي يختارون الأماكن الأولى. لذلك دعانا يسوع أن نسلك بالاتضاع بعضنا مع بعض، حتى ترتاح نفوسنا، وننال الكرامة الحقيقية. ومن خلال حديثه للفريسي الذي دعاه، لاحظ أنه أشرك في وليمته الأقرباء والأغنياء، وعلمنا أن الفقير والمسكين والمحتاج هو الأولى بالاهتمام، إذا كنا نرجو المكافأة في الحياة الأبدية، وليس في هذه الأرض. لأن المحتاج ليس له ما يعطينا إياه عوض ما قدمناه له، فيكون أجرنا مخزونًا في قيامة الأبرار. " ما كانَ في العالَمِ مِن حَماقة فذاكَ ما اختارَه اللهُ لِيُخزِيَ الحُكَماء، وما كانَ في العالَمِ مِن ضُعْف فذاكَ ما اختارَه اللهُ ليُخزِيَ ما كانَ قَوِيًّا، وما كانَ في العالَمِ مِن غَيرِ حَسَبٍ ونَسَبٍ وكان مُحتَقَراً فذاكَ ما اختارَهُ الله: اِختارَ غَيرَ المَوجودِ لِيُزيلَ المَوجود، حتَّى لا يَفتَخِرَ بَشَرٌ أَمامَ الله" (1 قورنتس 1، 27-29). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 87973 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() يدعونا يسوع المسيح أن نكون تلاميذه ونتشبَّه به "احمِلوا نيري وتَتَلمَذوا لي فإِنِّي وَديعٌ مُتواضِعُ القَلْب، تَجِدوا الرَّاحَةَ لِنُفوسِكم " (متى 11: 29). فهو رب الكل وع ذلك أخذ المكان الأخير ليترك المجال لأن نكون الأول، ويدعونا وأيضاً أن نكون مثل الله عندما لم يدع إلى مائدته الأغنياء بل المساكين والعرجان والعميان الذين حطَّمتهم الخطيئة. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 87974 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() أيها الآب السماوي، علّمنا، من خلال ابنك يسوع، أن نقاوم جميع أشكال الكبرياء والمجد الباطل، وساعدننا كي نصبح على مثالك متواضعين فنأخذ المَقْعد الأخير، ونتبع ابنك يسوع في طريق التواضع الحقيقي من خلال خدمة الآخرين، وأن نرى حضورك في الفقراء والمساكين والمنبوذين والمرضى. آمين. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 87975 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() قصة حقيقية: التواضع كان الشاعر الإنجليزي توماس هاردي (1840 – 1928) ذا شهرة كبيرة وأصبح ملكا لمؤسسة التراث القومي بحيث كانت أية صحيفة مستعدة أن تدفع مبالغ هائلة مقابل نشر قصائده. ومع ذلك كان هو معتاداً أن يُرسل قصيدته الشعريّة بالبريد ومع القصيدة كان يُرسل دائماً مغلّفاً مختوماً ومُعنوناً من أجل إعادة كتاباته في حالة رفضها. بالرغم من كلّ عظمته فقد كان متواضعاً بما يكفي كي يفكّر بإمكانيّة رفض عمله. "إِزْدَد تَواضُعًا كلما ازدَدتَ عَظَمَةً فتَنالَ حُظوَةً لَدى الرَّب" (سيراخ 3، 18). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 87976 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() قصة حقيقية: الضيافة بعد الاحتفال العروسين السيد فيكتور ريبيرو والسيدة بولا ميريغيتي في كنيسة كاثوليكيّة في مدينة غواراباري في البرازيل، قرَّرا دعوة الأطفال الفقراء إلى وليمة العرس وحضر 160 شخصا الحفل. وقال العريس: "قرَّرنا دعوة من هم حقاً بحاجة لأن لأفراد عائلتنا لا يحتاجون إليه. لا أعتبر الوليمة التقليديّة أمراً سيئاً، فالزواج يستحق الاحتفال لكنَّنا قرَّرنا ببساطة عدم الاحتفال بهذه الطريقة". ويقول العروسان انهما فكرا في هذه المبادرة بعد أن ألهمهما النص الإنجيلي " إِذا صَنَعتَ غَداءً أَو عَشاءً، فلا تَدْعُ أَصدِقاءَكَ ولا إِخوَتكَ ولا أَقرِباءَكَ ولا الجيرانَ الأَغنِياء، لِئَلاَّ يَدْعوكَ هُم أَيضاً فتَنالَ المُكافأَةَ على صنيعِكَ" (لوقا 14: 12). يدعونا يسوع أن نقدّم خدمتنا لكل إنسان وخاصة لمن لا يقدر على رد الدعوة للحصول على الثواب في قيامة الأبرار كما جاء في تعليم المسيح "طوبى لَكَ إِذ ذاكَ لِأَنَّهم لَيسَ بِإِمكانِهِم أَن يُكافِئوكَ فتُكافَأُ في قِيامَةِ الأَبرار" (لوقا 14: 14). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 87977 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() الصدرة: قطعة مربعة من القماش عينه كالرداء [15]، مثنية إلى الخلف عند الطرف الأسفل ليكون سمكها مضاعفًا [16]. ترصع باثنى عشر جدرًا كريمًا، ثلاثة حجارة في كل صف، وينقش على كل حجر اسم من أسباط بني إسرائيل، وكانت زاويتاها العلويتان مرتبطتين بالرداء بسلاسل ذهبية، ولم تكن الصدرة تنزع عن الرداء [28]، أما زاويتاها السفليتان فتربط به خلال الزنار. وكانت الحلقات وبقية أدوات ربطها مصنوعة من ذهب أو تطريز وسميت "تذكارًا" [12، 29]، لأنها بهذا الوضع تكون الحجارة على صدر رئيس الكهنة أي في قلبه لا يقدر أن ينسى أحدًا منهم. إن كان حجرًا الجزع يشيران إلى المسئولية والتزامه باحتياجاتهم فالصدرة تُشير إلى حمله لهم في أحشائه الداخلية كقول الرسول بولس عن أنسيموس: "الذي هو أحشائي" (في 12). وسميت أيضًا تذكارًا، لأنه كما ارتدى الكاهن هذه الملابس تذكر التزامه بالصلاة عن كل شعبه. إن كان السيد المسيح هو رئيس الكهنة والشفيع الدائم لشعبه (عب 7: 25) لدى الآب خلال دمه، فإن الكاهن وقد اختفى في السيد المسيح يدعى "برسفيتيروس" أي "شفيع" عمله الرئيسي الصلاة الدائمة عن أخوته وأولاده الروحيين. في هذا يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [الكاهن بما أنه نائب الله، فيلزمه أن يهتم بسائر البشر، لكونه أب للعالم كله]. كما يقول القديس ايروينموس: [المخلص بكى على أورشليم لأن سكانها لم يتوبوا (لو 19: 41)... وإرميا أيضًا ندب شعبه غير التائب قائلًا: "يا ليت رأسي ماءً وعينيّ ينبوع دموع فأبكي نهارًا وليلًا قتلى بنت شعبي" (إر 9: 1)، معللًا سبب حزنه، قائلًا: "لا تبكوا ميتًا ولا تندبوه. إبكوا إبكوا من يمضي لأنه لا يرجع بعد" (إر 22: 10)... إذن فحرى بنا أن نبكي من أجل هؤلاء الذين بسبب جرائمهم وخطاياهم عزلوا أنفسهم عن الكنيسة... وفي هذا المعنى يدعو النبي خدام الكنيسة ملقبًا إياهم "أسوارًا وأبراجًا"، قائلًا لكل منهم: "يا سور... ابكي الدمع كالنهر" (مرا 2: 18)... فبدموعك تلين قلوب الخطاة حتى يبكوا هم أيضًا]. وفي العهد الجديد يلبس رئيس الكهنة صدرة، يرسم عليها الاثنا عشر تلميذًا في صفين عمودين، حتى يتشبه بالرسل والتلاميذ متذكرًا ضرورة ذكر شعبه بدموع، حاملًا إياهم في أحشائه. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 87978 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() القديس يوحنا الذهبي الفم [الكاهن بما أنه نائب الله، فيلزمه أن يهتم بسائر البشر، لكونه أب للعالم كله]. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 87979 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() القديس ايروينموس [المخلص بكى على أورشليم لأن سكانها لم يتوبوا (لو 19: 41)... وإرميا أيضًا ندب شعبه غير التائب قائلًا: "يا ليت رأسي ماءً وعينيّ ينبوع دموع فأبكي نهارًا وليلًا قتلى بنت شعبي" (إر 9: 1)، معللًا سبب حزنه، قائلًا: "لا تبكوا ميتًا ولا تندبوه. إبكوا إبكوا من يمضي لأنه لا يرجع بعد" (إر 22: 10)... إذن فحرى بنا أن نبكي من أجل هؤلاء الذين بسبب جرائمهم وخطاياهم عزلوا أنفسهم عن الكنيسة... وفي هذا المعنى يدعو النبي خدام الكنيسة ملقبًا إياهم "أسوارًا وأبراجًا"، قائلًا لكل منهم: "يا سور... ابكي الدمع كالنهر" (مرا 2: 18)... فبدموعك تلين قلوب الخطاة حتى يبكوا هم أيضًا]. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 87980 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() التمييز أو الإفراز
![]() تقرر مجموعة كتابات آباء الرهبنة أن أهم فضيلة يجب أن يتحلى بها الراهب هي فضيلة الإفراز أو التمييز (خ´خ¹ل½±خ؛دپخ¹دƒخ¹د‚)، وترى الرسالة إلى العبرانيين أن هذه الفضيلة هي للكاملين في طريق الفضيلة: «وَأَمَّا الطَّعَامُ الْقَوِيُّ فَلِلْبَالِغِينَ، الَّذِينَ بِسَبَبِ التَّمَرُّنِ قَدْ صَارَتْ لَهُمُ الْحَوَاسُّ مُدَرَّبَةً عَلَى التَّمْيِيزِ خ´خ¹ل½±خ؛دپخ¹دƒخ¹د‚ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ» (عب 5 : 14). وأعتقد أن المقصود بالإفراز هو الحكمة التي حثنا القديس يعقوب أن نطلبها من الرب: «وَإِنَّمَا إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ تُعْوِزُهُ حِكْمَةٌ فَلْيَطْلُبْ مِنَ اللَّهِ الَّذِي يُعْطِي الْجَمِيعَ بِسَخَاءٍ وَلاَ يُعَيِّرُ، فَسَيُعْطَى لَهُ» (يع 1: 5). لأنَّنا إن تأملنا في كلام القديس يعقوب السابق على طلب الحكمة، نجده يشرح المنهج الرهباني الذي نحياه كل يوم: «اِحْسِبُوهُ كُلَّ فَرَحٍ يَا إِخْوَتِي حِينَمَا تَقَعُونَ فِي تَجَارِبَ مُتَنَّوِعَةٍ. عَالِمِينَ أَنَّ امْتِحَانَ إِيمَانِكُمْ يُنْشِئُ صَبْراً. وَأَمَّا الصَّبْرُ فَلْيَكُنْ لَهُ عَمَلٌ تَامٌّ، لِكَيْ تَكُونُوا تَامِّينَ وَكَامِلِينَ غَيْرَ نَاقِصِينَ فِي شَيْءٍ» (يع 1: 2-4). الإفراز أعظم الفضائل في الحياة الرهبانية: يروي لنا كتاب بستان الرهبان، أن بعض الرهبان اجتمعوا عند القديس أنبا أنطونيوس ليتباحثوا في ما هي أهم فضيلة يجب على الراهب أن يجاهد ليقتنيها، فمنهم من قال الصلاة أو الصوم أو السهر أو الاتضاع، لكن كان رد القديس أنطونيوس: «حقًّا إن كلَّ هذه الفضائلِ التي ذكرتموها نافعةٌ ويحتاجُ إليها كلُّ الذين يطلبون اللهَ، ويريدون التقرُّبَ إليه، إلا أننا قد رأينا كثيرين يُهلكون أجسادَهم بكثرةِ الصَوْمِ والسهرِ والانفرادِ في البراري والزُهدِ، حتى أنهم كانوا يكتفون بحاجةِ يومٍ واحدٍ ويتصدَّقون بكلِّ ما يمتلكون، ومع كلِّ ذلك رأيناهم وقد حادوا عن المسلكِ القويمِ، وسقطوا وعَدِموا جميعَ تلك الفضائلِ وصاروا مرذولين. وسببُ ذلك أنهم لم يستعملوا الإفرازَ (بستان الرهبان 32، J. Cassian, Conf. II, ch. 2). ونفس القديس أنطونيوس يقول: «إنَّ قوماً عذَّبوا أجسادَهم في النسكِ ولم يجدوا الإفرازَ. فصاروا بعيدين عن طريقِ اللهِ» (بستان الرهبان 27) (Abc. Anthony 8, Poemen 106). كيفية اقتناء الإفراز: ويشرح القديس إشعياء الأسقيطي طريقة اقتناء الإفراز: [لن يأتينا الإفرازُ ما لم نتقنِ أسبابَ مجيئهِ وهي السكوت لأنه كنزُ الراهبِ. والسكوتُ يولِّد النسكَ، والنسكُ يولِّد البكاءَ، والبكاءُ يولِّد الخوفَ، والخوفُ يولِّد التواضعَ، والتواضعُ مصدرُ التأملِ فيما سيكون. وبُعد النظر يولِّد المحبةَ، والمحبةُ تولِّد للنفسِ الصحةَ الخالية من الأسقامِ والأمراض، وحينئذ يَعلم الإنسانُ أنه ليس بعيداً من الله فيُعدُّ ذاتَه للموتِ. فالذي يريد إدراك هذه الكرامات كلّها، عليه ألا يهتم بأحدٍ من الناسِ ولا يدينه. وكلما يصلي تنكشف له الأمور التي تقرِّبه من الله فيطلبها منه، ويُبغض هذا العالمَ، فإن نعمةَ اللهِ تَهَبُ له كلَّ صلاحٍ] (بستان الرهبان 185)، (Isaiah, logos 16, 97-114). كما يشرح أحد الآباء الشيوخ الوسيلة العملية التي بها نقتني الإفراز، وهي التلمذة على آباء البرية: قال أحدُ الشيوخِ: «إن الإفرازَ الحقيقي، لا يكون إلا من الاتضاع، والاتضاع هو أن نكشف لآبائِنا أفكارَنا وأعمالَنا، ولا نثق برأينا، بل نستشير الشيوخَ المجرَّبين الذين نالوا نعمةَ الإفرازِ، ونعمل بكلِّ ما يشيرون به علينا، فالذي يكشفُ أفكارَه الرديئة لآبائهِ فإنها تخفّ عنه، وكما أن الحيةَ إذا خرجت من موضعٍ مظلمٍ إلى ضوءٍ تهرب بسرعةٍ، كذلك الأفكارُ الرديئةُ إذا كُشفت تبطل من أجلِ فضيلةِ الاتضاع (بستان الرهبان قول 623). الصلاة واقتناء الإفراز: يذكر لنا أقوال الآباء الشيوخ خطورة عدم استعمال الإفراز، وكيف يمكن أن يسقط الراهب حتى ولو بعد سنين طويلة من التوحد، فبعد أن يذكر البستان سقوط كثير من المتوحدين، يعلق قائلاً: فيلوح من جميع ما قيل، أن السالف ذكرِهم تلاهت بهم الشياطين لخلوِّهم من نعمةِ الإفرازِ (قول 737). لذلك حرص الآباء على الصلاة بلجاجة حتى ينال أولادهم نعمة الإفراز كل لا تتلاهي بهم الشياطين في طريق الجهاد، عملاً بقول الكتاب: «وَإِنَّمَا إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ تُعْوِزُهُ حِكْمَةٌ فَلْيَطْلُبْ مِنَ اللَّهِ الَّذِي يُعْطِي الْجَمِيعَ بِسَخَاءٍ وَلاَ يُعَيِّرُ، فَسَيُعْطَى لَهُ» (يع 1: 5). فيكتب القديس أنبا أنطونيوس لتلاميذه: [لا أمل الطلبة عنكم ليلا ونهاراً، لكى يفتح الرب عيون قلوبكم وتعرفوا مكر الشياطين وخداعهم وشرهم، وأن يعطيكم قلبًا صاحيًا وروح إفراز لكى تستطيعوا ان ترفعوا ذواتكم ذبيحة لله، وتتحرزوا من مشورة الشياطين الرديئة[1]. ويقول أيضاً: [فالآن يا أحبائي الذين صرتم لي أولادًا اطلبوا نهارًا وليلاً لكي تأتي عليكم موهبة الإفراز هذه التي لم تأت عليكم قبل الآن منذ دخولكم هذا الطريق النسكي](9). ثم يقول لتلاميذه: [أذكركم ليلاً ونهاراً لكى يعطيكم الله الإفراز والنظر الجديد، لكى تتعلموا التمييز بين الخير والشر في كل الأشياء، لأنه مكتوب: ” أما الطعام القوي فللبالغين الذين بسبب التمرن قد صارت لهم الحواس مدربة على التمييز بين الخير والشر] (عب 5 :14). ولكن كيف يقتنون التمرن: شدد القديس أنطونيوس كثيراً على تطهير النفس وتقديسها لكى تستنير، في ذلك يقول: تتقدس النفس النقية وتستنير بالله من أجل صفائها، عندئذ يفكر ذهنها فيما هو صالح وتنبع عنها ميول وأفعال صالحه[2]. يقول أيضاً: كما يكون الجسد أعمى بدون العينين فلا يعاين الشمس المنيرة على الأرض والبحر ولا يقدر أن يتمتع بضيائها، هكذا تكون النفس عمياء بدون العقل السليم والحياة الصالحة، فلا يكون لها معرفة بالله ولا تمجد الخالق صانع الخيرات للبشرية كلها، ولا تقدر أن تتمتع بالفرح عن طريق حصولها على عدم الفساد ونوالها تطويباً أبديًّا[3] . أهمية امتلاك الإفراز: ”الإفراز“، بصفة عامة، يتضمَّن معرفة الطريقة المُثلَى للتصرُّف في أي ظرف خاص قد يتطلَّب التصرُّف بأسلوب يخالف ما هو متوقع. فالقديس يوحنا القصير ارتأى أنه من الأصوب أن يسمح لنفسه أن يخدمه شيخٌ، فيما كان جميع الحاضرين يتوقَّعون منه، باعتباره الأصغر، أن يرفض ذلك[4] ومن الواضح أن تصرُّفه هذا يُنسب إلى إفرازه. وهناك حالة أخرى أكثر تعقيداً، بخصوص أنبا بيمن الذي مضى مع بعض الشيوخ إلى منزل أحد أحباء المسيح، وقدَّم لهم لحماً ليأكلوا، فرفض هو أن يأكل: [فتعجَّب الشيوخ كيف أنه لم يأكل؛ لأنهم كانوا يعرفون إفرازه. ولما قاموا بعد الأكل قالوا له: ”أنت بيمن، ومع ذلك تتصرَّف هكذا؟“ فأجابهم الشيخ قائلاً: ”اغفروا لي، يا آبائي، أنتم أكلتم، ولن يستغرب أحد من ذلك؛ ولكن، لو أنني أكلت، فبما أن كثيرين من الإخوة يأتون إليَّ، فإنهم قد يتأذون ويقولون: إذا كان بيمن قد أكل لحماً، لماذا لا نأكل نحن أيضاً؟“ فتعجَّب الشيوخ من قوَّة إفرازه.] (بيمن 170) هنا كان الشيوخ يتوقَّعون أنه من البديهي أن يأكل أنبا بيمن من اللحم المقدَّم له لكي يتجنَّب التظاهر بنسكه أو لكي لا يبدو كما لو كان يذمّ تدبير مضيفه. ولكن إجابة أنبا بيمن أظهرت المرونة التي ينبغي أن يقتنيها الأب في الاستجابة للظروف المختلفة، إذا كان يريد أن يكون تعليمه فعَّالاً. الإفراز والتعليم: وينبغي لنا الآن أن نبحث باختصار المنفعة التي يجدها الأب من ”الإفراز“، في ممارسة التعليم، وأحد الفوائد المهمة للإفراز، يكمن في تعليم الإخوة أفضل طريقة للفهم والتصرُّف مقابل التجارب التي تعرض لهم؛ وهذا يتضمَّن توجيه نظر الإخوة إلى الاتجاهات المؤذية أو الخاطئة. [سأل أحدهم الأب بيمن كيف تحارب الشياطين ضدَّه. فأجاب: ”هل تحاربك الشياطين؟ إنها لا تحاربنا طالما كنا نعمل بحسب مشيئتنا الخاصة؛ لأن أهواءنا الخاصة أصبحت هي الشياطين التي تحاربنا وتُزعجنا، لكي نرضيها. إن أردت أن تعرف مَنْ هُم الذين تحاربهم الشياطين، فاعلم أنها إنما تحارب أنبا موسى وأمثاله“.] (بيمن 67) هنا يُقنَع الأخ بعدم جدوى التركيز كثيراً على ما يعمله الشياطين مقابله. فاجتهاده أن يغلب مشيئته الخاصة هو الأمر الأكثر أهمية. والحرب مقابل الأفكار، هي موضوع ذو أهمية كبيرة في الأقوال. فالإفراز، بلا شك، يتضمَّن قدرة الأب على التفريق بين مختلف الإمكانيات الروحية لدى مختلف الناس، والتعامل مع تجاربهم بالطريقة المناسبة. والأمر يبدأ حين يسأل الأخ عما إذا كان أي شخص يحاربه فكر شرير يتنجَّس أم لا. البعض يقولون ”نعم“، بينما البعض الآخر يقولون ”لا“، وأن المهم ليس هو عدم التعرُّض للتجربة، بل هو عدم إتيان الفعل الخاطئ الذي يحرِّضنا الفكر عليه. والإكليل الذي يتوقَّع الراهب أن يحظى به بعد أي تجربة هو مكافأة لنجاحه في الجهاد مقابل هذه التجربة. وفي حالة مُعيَّنة، قد يطلب الأخ من أبيه أن لا يصلِّي من أجل أن تُرفع عنه التجربة: [إنني أعلم، يا أبي، أنني أعاني، ولكن معاناتي هذه تأتيني بثمرٍ وفير؛ ولهذا أتضرَّع إلى الله أن يعطيني قدرة على احتمالها] [5]. وحتى في إعطاء توجيهٍ مثل هذا، فإنه من الخطر أن يعطيه الأب بصفة عامة، لكن ينبغي له أن يستخدم الإفراز في مواجهة حاجات وإمكانيات تلاميذه المختلفة. [أنبا يوسف قال لأنبا بيمن (وكان ما يزال شاباً في ذلك الوقت) أن ”يترك الأفكار تدخل (عقله) ثم يحارب مقابلها“؛ ولكنه قال لتلميذ آخر نصيحة مخالفةٍ: ”لا تدع الأفكار تدخل، بل سارع بقطعها في الحال“. ولما طلب منه أنبا بيمن تفسيراً عن الاختلاف بين النصيحتين قال له: ”إذا كانت الأفكار تدخل، وأنت تحارب معها جيئة وذهاباً، فهي تجعلك أكثر قوة“؛ ولكن هناك آخرون لا يربحون شيئاً من هذا، وهؤلاء ينبغي أن يقطعوا أفكارهم بسرعة]. ومن الواضح أن الحروب الجسدية كانت موضوعاً هاماً في مجال ممارسة ”الإفراز“، ومما لا شك فيه أن وجهات نظر الآباء وخبراتهم بهذا الخصوص كانت مختلفة. أنبا كيرس كان يعتقد أن الحرب مقابل الزنا في الفكر أمر هام وضروري يحمي الإنسان من الوقوع في الفعل بلا أدنى مقاومة. وأنبا بيمن (154) كان يعتقد أنه من الخطأ التفكير في الخواطر الشريرة التي للزنا أو محاولة فهمها. ورأي أنبا كيرس يتفق مع وجهة نظر أنبا يوسف في نصيحته لأنبا بيمن أن [يحارب بوعي] مقابل الأوجاع لكي يتعلَّم كيف يهزمها. وقول أنبا بيمن نفسه يبدو أنه يناقض هذا الاتجاه؛ ولكنه ربما لم يكن يحذِّر من محاربة التجربة من أجل اقتناء القوة والخبرة، بل من مجرَّد التعاطف معها أو التعرُّف على اتجاهاتها في حد ذاتها (انظر أيضاً N181, 183, 186). لقد كان من واجب الأب أن يداوم على تشجيع تلاميذه في الحرب مقابل التجربة، وأن ينتبهوا لأي علامة من علامات الكسل أو التعاطف معها: [قال أخ لأنبا بيمن: ”إنني أينما مضيت، أجد معونة“ (بيمن 94). ويجيبه الأب في عبارات يبدو أنها تعني تشجيع الأخ أن يستعد للقتال وليس أن يطلب التخلُّص منه: ”وحتى أولئك الذين يحملون السيف في أيديهم يجدون رحمة من الله في الدهر الآتي. فإذا كنا شجعاء، فسوف نجد رحمة عنده“]. ولم يكن التشجيع على القتال مقابل التجارب الشيطانية والأفكار المتنوعة هو التوجيه الوحيد للإفراز في ممارسة التعليم، ولكنه ربما كان الأكثر أهمية. لقد كان على الأب أيضاً أن يقدِّم التعليم بخصوص بعض الممارسات النسكية الأخرى بالقدر المناسب. أنبا بيمن وأنبا شيشوي عُرف كلاهما بالميل إلى تحذير الأخ من إطالة فترة قانون التوبة بعد أي خطية (بيمن 12؛ شيشوي 20). ونرى أيضاً أنبا بيمن يدعو إلى الاعتدال في الصوم (بيمن 31)، والقديس أنطونيوس، كما رأينا، يعتبر أن النسك بدون الإفراز نفسه قليل النفع. وأنبا أغاثون أيضاً كان يرى التعب الجسدي مثل ورق الشجر، يقوم بدورٍ ثانوي بالنسبة للثمر، الذي هو هدف الحياة النسكية الداخلية (8). والقديس أنطونيوس يؤيِّد ضرورة الراحة من وقت لآخر في جهاد النسك، لكي يتحاشى امتداد الشخص إلى ما يفوق قدرته على العمل والجهاد (13). وأخيراً، تظهر قيمة ”الإفراز“ في العلاقة التعليمية من قصة عن أخٍ كان يعاني من المناظر التي يثيرها الشياطين أمامه ويخبر أحد الشيوخ أن هذه الظهورات شيطانية ويعطيه توجيهات عن كيفية محاربتها. ولكن الشياطين تعود للظهور للأخ مرَّة أخرى وتقول له إن الشيخ كذَّاب، ثم يُدلِّلون على ذلك بما حدث من الشيخ حين صرف أخاً كان يحتاج إلى أن يقترض منه بعض النقود، مع أنه كان عنده ما يمكن أن يقرضه به. ويخبر الأخ الشيخ بهذه الرؤيا الأخيرة، ويعترف الشيخ بأنه عمل فعلاً كما قالت الشياطين: [لأنني علمت أنه إذا أخذ المال الذي كان يطلبه، فسوف يتسبب ذلك في خسارة لنفسينا كلينا. وفكَّرت أنه من الأفضل أن أكسر وصية واحدة من أن أكسر عشرة وصايا ونقع في ضيقة. أما بالنسبة لكَ، فلا تنصت للشياطين الذين يريدون أن يقودونك للضلالة][6]. وهدف الشياطين، كما يتبيَّن من هذه القصة، هو أن يهدموا العلاقة بين الأب والتلميذ، وبذلك يتركون التلميذ بدون حماية مقابل هجماتهم. ولكن الأب يُظهر الإفراز سواء في تعامله مع الأخ الأول أو في إعطائه التفسير للأخ الآخر. فقد كان منفتحاً وحسَّاساً للحالة الروحية واحتياجات الاثنين. هذا النوع من الوعي هو جوهر الإفراز فيما يخص الأب، الذي يقدِّم لنا هذا المثال كمرجع هام عن ممارسة التعليم بطريقة فعَّالة ومثمرة. [1] رسالة (6) أو المعروفة برسائل أموناس تلميذ الأنبا أنطونيوس (9) رسالة 11 [2] الفيلوكاليا ـ أقوال القديس أنطونيوس. [3] فيلوكاليا118 [4] يوحنا القصير 7؛ انظر أيضاً أنطونيوس 35، حيث يقول إنه ينبغي على الراهب أن يكون واضحاً مع نفسه من جهة أهدافه؛ (انظر أيضاً: بيمن 143). [5] N170، انظر أيضًا: أنطونيوس 5؛ يوحنا القصير 13؛ الأم سارة 1؛ N210. [6] N224؛ انظر أيضاً: (أنطونيوس 12). |
||||