منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29 - 07 - 2015, 05:11 PM   رقم المشاركة : ( 8641 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الوعد بالروح القدس
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وكما أن الإعلانات عن الروح القدس كانت قائمة في زمن العهد القديم كان من الضروري أن يحصل إعلان خاص لحضوره وقوته. وكان لازماً أن يأتي بطريقة معينة ويسكن في العالم.
1. نبوات العهد القديم


لقد أنبئ بمجيء الروح القدس قبل يوم الخمسين بعدة قرون "ويكون بعد ذلك أني أسكب روحي على كل بشر فيتنبأ بنوكم وبناتكم ويحلم شيوخكم أحلاماً ويرى شبابكم رؤى وعلى العبيد أيضاً وعلى الإماء أسكب روحي في تلك الأيام" (يوئيل 28:2-29). وفي يوم الخمسين العظيم اقتبس بطرس هذا الوعد وأعلن أنه تم بحوادث ذلك اليوم (أعمال 17:2-18).
2. وعد يسوع


إن يسوع هو الذي أعطى المواعيد بمجيء الروح القدس ففي رسالته الوداعية لتلاميذه في العلية، قال: "وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزياً آخر ليمكث معكم إلى الأبد روح الحق" (يوحنا 16:14). "وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلّمكم كل شيء" (يوحنا 26:14). "لأته إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي. ولكن إن ذهبت أرسله إليكم" (يوحنا 7:16). وفي يوم صعوده قال لتلاميذه "ها أنا أرسل إليكم موعد أبي، فأقيموا في مدينة أورشليم إلى أن تلبسوا قوة من الأعالي" (لوقا 49:24).
 
قديم 29 - 07 - 2015, 05:12 PM   رقم المشاركة : ( 8642 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

حلول الروح القدس
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

إن لنا سجلاً حافلاً عن هذا الحادث العظيم في سفر الأعمال (1:2-4) "ولما حضر يوم الخمسين كان الجميع معاً بنفس واحدة وصار بغتة من السماء صوت كما من هبوب ريح عاصفة وملأ كل البيت حيث كانوا جالسين. وظهرت لهم ألسنة منقسمة كأنها من نار واستقرت على كل واحد منهم. وامتلأ الجميع من الروح القدس وابتدأوا يتكلمون بألسنة أخرى كما أعطاهم الروح أن ينطقوا".
هناك حقائق عديدة تتعلق بحلول الروح القدس تستحق منا عناية خاصة.
1-حادث أكيد محدد


إن حلول الروح القدس حادث أكيد محدد كمولد المسيح. ولن يكون هناك يوم خمسين آخر كما أنه لن يكون هناك تجسد آخر لابن الله. قد يكون هناك اختبارات خمسينية عندما يسلم أناس من رجال ونساء حياتهم بكاملها وكليتها للروح القدس. ولكنه لن يكون هناك يوم خمسين آخر كذلك الذي كان في العلية. وأما أولئك الذين يشيرون إلى حادث يوم الخمسين إثباتاً لما يسمى بالبركة الثانية فقد أخطأوا الهدف.
فيوم الخمسين كان المجيء المحدد للروح القدس ليبدأ عمله في العالم.
2. مرة واحدة وإلى الأبد


قال يسوع عندما وعد بمجيء الروح القدس "وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزياً آخر ليمكث معكم إلى الأبد" (يوحنا 16:14). لقد كان الروح القدس في العالم منذ ألفي سنة تقريباً وسيمكث هنا حتى نهاية الدهر.
3. مصحوب بعلامات


لاحظ الرموز التالية ذات المعاني الضمنية:
(1) صوت هبوب ريح عاصفة (أعمال 2:2). إن النص الكتابي لا يقول لنا أن الريح كان الروح القدس. ولكن حلول الروح القدس كان مصحوباً بصوت هبوب ريح عاصفة وهذا كان رمزاً للروح القدس. وبذات الطريقة وصف يسوع الروح القدس حين قال: "الريح تهب حيث تشاء وتسمع صوتها لكنك لا تعلم من أين تأتي ولا إلى أين تذهب. هكذا كل من ولد من الروح" (يوحنا 8:3).
إنّ هذا الرمز يشير إلى قوة الروح القدس. فهناك قوة هائلة في الروح العاصفة قوة تقتلع الأشجار من جذورها وتهدم البنايات القوية. فالروح القدس هو إذاً روح قوة.
(2) ألسنة كأنها من نار. وثم لا يقول الكتاب المقدس أن الروح القدس هو نار ولكن حلوله كان مصحوباً بظهور ألسنة منقسمة كأنها من نار. والنار عنصر مطهر ومدمّر، فالمعادن توضع في النار لتطهر من شوائبها، فالواحد يحترق والآخر يطهر. وبالطريقة نفسها، فإن الروح القدس يطهر الحياة من أدران الشر وحالما يدخل القلب لا بد وأن تفارقه الخطية.
4. يثمر نتائج مغيّرة


إن نتيجة حلول الروح القدس يمكن تلخيصها بكلمة واحدة – القوة. وهذا ما عناه حلوله كما قال يسوع "لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم" (أعمال 8:1). وقال لتلاميذه أن ينتظروا حتى تأتي هذه القوة: "فأقيموا في مدينة أورشليم إلى أن تلبسوا قوةً من الأعالي" (لوقا 49:24). إن مجيء الروح القدس قد تميّز بقوة عجيبة. لم تكن قوة جسدية ولكنها قوة روحية.
(1) قوة مغيرة. لقد غيّر الروح القدس تلك الفئة من الرجال والنساء في العلية من جماعة سيطر عليها الرعب فاختبأت خلف الأبواب الموصدة إلى جماعة من الشجعان الذين فتحوا الأبواب على مصاريعها وخرجوا إلى شوارع المدينة المكتظة بالسكان معلنين البشارة بمخلص صُلِبَ ومات وقام.
(2) قوة منيرة. لقد كان يجتمع في ذلك الوقت في أورشليم جموع غفيرة من أنحاء الإمبراطورية الرومانية، ينطقون بلغات مختلفة. فمنح الروح القدس أولئك التلاميذ قوة النطق بهذه الألسنة المختلفة. "وامتلأ الجميع من الروح القدس وابتدأوا يتكلمون بألسنة أخرى كما أعطاهم الروح أن ينطقوا" (أعمال 4:2).
(3) قوة مبكّتة. بتأثير موعظة بطرس تبكتت ضمائر الجميع على خطاياهم. "فلما سمعوا نخسوا في قلوبهم وقالوا لبطرس ولسائر الرسل ماذا نصنع أيها الرجال الأخوة" (أعمال 37:2).
(4) قوة مخلّصة. وعندما أخبرهم بطرس بما يجب أن يعملوه أطاعوا "فقبلوا كلامه بفرح واعتمدوا وانضم في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف نفس" (أعمال 41:2).
 
قديم 29 - 07 - 2015, 05:15 PM   رقم المشاركة : ( 8643 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

عمل الروح القدس
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

لقد أخبر يسوع بعدة أعمال سيعملها الروح القدس. ويمكننا وضع أعماله هذه تحت ثلاثة عناوين.
1.في الفرد:


ما الذي يعمله الروح القدس للفرد وفي الفرد؟
(1) التبكيت. الروح القدس يبكت الفرد على الخطية. فهو يكشف له جانباً من طبيعة الخطية وعواقبها ويوقظ فيه الشعور بذنبه أمام إله قدوس. والروح يستعمل وسائل مختلفة للتبكيت. فأحياناً يحصل التبكيت نتيجة لسماع كلمة البشارة، كما حدث في يوم الخمسين. وأحياناً من جراء شهادة الآخرين كما في حالة داود (2 صموئيل 13:12). وأحياناً من جراء اختبار مرعب كما في حالة سجان فيلبي.
(2) التجديد. عندما يشعر الفرد بتبكيت الضمير على خطيته فإنه يقوم بأحد أمرين. فإما أن يتقسّى قلبه ويقاوم الروح القدس وإما أن يفتح قلبه بالإيمان ويجعل الروح القدس يدخله. وعندما يتبع الأمر الأخير، يحل الروح القدس في قلبه ويجري عمل نعمة مغيرة لدرجة أننا ندعوه تجديداً أو ولادة جديدة.
يموت إنسان الخطية العتيق ليولد مكانه إنسان جديد في المسيح. قد لا يستطيع الإنسان فهم حدوث مثل هذا الأمر. ولكنه يستطيع أن يختبره. قال الأعمى الذي فتح يسوع عينيه أن هناك ملابسات كثيرة في الحادث لم يستطع فهمها ولكنه كان متأكداً من شيء واحد وهو "أنني كنت أعمى والآن أبصر" (يوحنا 25:9).
لقد أعلن ربنا أن اختبار التجديد أمر ضروري قبل أن يستطيع الفرد دخول ملكوت السموات. "الحق الحق أقول لك إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله" (يوحنا 5:3).
(3) التقديس. إن كلمة "قدّس" تعني جعله مقدساً. والتقديس هو عملية جعل الفرد مقدساً. والتقديس هو عمل الروح القدس: "مقدساً بالروح القدس" (رومية 16:15).
إن التبكيت هو عمل الروح القدس عندما يقف على باب القلب يقرع، والتجديد هو عمل الروح القدس عندما يدخل القلب بعد فتح الباب بالإيمان، والتقديس هو عمل الروح القدس إذ يسكن في القلب.
التقديس نمو الحياة المسيحية، وهو يشبه النمو الجسدي، في كونه تدريجياً. يبدأ بالتجديد وينتهي بالتمجيد. يكون نمو بعض الناس أسرع من غيرهم أو يكون نموهم أكثر من غيرهم، ولكن في كل حياة طبيعية نموّاً روحياً وتقدماً. هذا النمو يكثر أو يقل تبعاً لعمل الروح في القلب والحياة.
(4) التعزية. الروح القدس هو المعزي الأعظم لقلوب البشر. فعندما قال يسوع لتلاميذه أنه منطلق عنهم امتلأت قلوبهم حزناً: "لأني قلت لكم هذا قد ملأ الحزن قلوبكم" (يوحنا 6:16). لكنه أكد لهم أنّ المعزي سيأتي حاملاً لهم معه سلاماً وفرحاً: "وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزياً آخر ليمكث معكم إلى الأبد روح الحق" (يوحنا 16:14-17).
هذا جزء من عمل الروح القدس أن يجلب العزاء للقلوب الحزينة.
(5) الإنارة. الروح القدس يُظهر الحقَّ لعقول المؤمنين وقلوبهم وهو المعلم العظيم كما قال يسوع "وأما متى جاء ذلك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق" (يوحنا 13:16).
الروح ينير عقول المؤمنين ليفهموا حقيقة كلمة الله "ولكن الإنسان الطبيعي لا يقبل ما لروح الله لأنه عنده جهالة. ولا يقدر أن يعرفه لأنه إنما يحكم فيه روحياً" (1كورنثوس 14:2). إن الكتاب المقدس في أعمق معانيه كتاب مغلق لأولئك الذين ليس لهم روح الله.
(6) الشفاعة. قلنا سابقاً أن للمسيحي شفيعين: المسيح عن يمين الآب والروح القدس في القلب. وقد جاء ذكر شفاعة الروح القدس في رومية 26:8-27 هكذا: "وكذلك الروح أيضاً يعين ضعفاتنا. لأننا لسنا نعلم ما نصلي لأجله كما ينبغي ولكن الروح نفسه يشفع فينا بأنات لا ينطق بها. ولكن الذي يفحص القلوب يعلم ما هو اهتمام الروح لأنه بحسب مشيئة الله يشفع في القديسين". وبهذين الشفيعين أولهما في السماء وثانيهما على الأرض يصبح المسيحي محصناً تحصيناً منيعاً.
أما عمل الروح القدس في حياة المؤمنين فيتلخص في الاسم الذي أعطي له "البركليط". اللفظة مأخوذة من الكلمة اليونانية parakletos التي معناها المرافق ومن ثم فهو المعين، والروح القدس هو معين المسيحي في كل طريقة يحتاجها.
هذه التسمية للروح القدس "بركليط" مقصورة على كتابات يوحنا وتُرجِمَت هذه الكلمة بالكلمة "المعزي"، فليس في اللغة ما هو أقرب معنى إلى الكلمة اليونانية. فالروح القدس هو كل ما تؤديه الكلمات المختلفة من معنى وأكثر. فهو المعلم، والهادي، والمعزي، والشفيع،... الخ...... إنه الذي يسد حاجات المسيحي كلها.
 
قديم 29 - 07 - 2015, 05:16 PM   رقم المشاركة : ( 8644 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

2. في الكنيسة


تخبرنا الأسفار المقدسة بأن الروح القدس يسكن في الكنيسة. والكنيسة تدعى هيكل الروح القدس. فقد كتب بولس إلى كنيسة كورنثوس قائلاً "أما تعلمون أنكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم؟" (1 كورنثوس 16:3). كما كتب لأهل أفسس قائلاً: "الذي فيه أنتم أيضاً مبنيون معاً مسكناً لله في الروح" (أفسس 22:2).
ما هو عمل الروح في الكنيسة؟ ويمكننا ذكر أمور عدة باختصار في هذا المجال.
(1) البنيان. "وأما الكنائس في جميع اليهودية والجليل والسامرة فكان لها سلام وكانت تبنى وتسير في خوف الرب وبتعزية الروح القدس كانت تتكاثر" (أعمال: 31:9). فالروح القدس هو الذي يبني الكنائس.
(2) الإرشاد. "وبينما هم يخدمون الرب ويصومون قال الروح القدس افرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه" (أعمال 2:13). "لأنه قد رأى الروح القدس ونحن أن لا نضع عليكم ثقلاً أكثر غير هذه الأشياء الواجبة" (أعمال 28:15). وهكذا نرى أن الروح القدس قد أرشد كنيسة أنطاكية كي تبدأ المشروع التبشيري العظيم كما أرشد كنيسة أورشليم لحل قضية عويصة.
(3) منح المواهب. لنصغ إلى كلمات بولس إلى كنيسة كورنثوس. "فأنواع مواهب موجودة ولكن الروح واحد... ولكنه لكل واحد يعطي إظهار الروح للمنفعة. فإنه لواحد يعطى بالروح كلام حكمة، ولآخر كلام علم بحسب الروح الواحد، ولآخر إيمان بالروح الواحد، ولآخر مواهب شفاء بالروح الواحد، ولآخر عمل قوات ولآخر نبوة ولآخر ترجمة ألسنة. ولكن هذه كلها يعملها الروح الواحد بعينه قاسماً لكل واحد بمفرده كما يشاء" (1كورنثوس 12: 4، 7- 11).
(4) إعطاء القوة للخدمة. "لكنكم ستنالون قوة متى حلّ الروح القدس عليكم" (أعمال 8:1). هذا وعد الرب لتلاميذه لما قام من القبر. فبقوة الروح القدس سارت الكنيسة الأولى لتربح الانتصارات. وبدون الروح القدس تمسي الكنيسة منظمة هزيلة عاجزة.
3. في العالم


فيما يتعلق بعمل الروح القدس قال يسوع: "متى جاء ذاك يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة. أما على خطية فلأنهم لا يؤمنون بي. وأما على بر فلأني ذاهب إلى أبي ولا ترونني أيضاً. وأما على دينونة فلأنّ رئيس هذا العالم قد دين" (يوحنا 8:16-11) فبكلمة "العالم" عنى يسوع العالم الشرير غير المؤمن. إنها ذات الكلمة التي استعملها يعقوب عندما قال "أيها الزناة والزواني أما تعلمون أن محبة العالم عداوة لله فمن أراد أن يكون محباً للعالم فقد صار عدواً لله" (يعقوب 4:4) وهي ذات الكلمة التي استعملها يوحنا عندما قال "لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم. إن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الآب " (1يوحنا 15:2). إن كلمة "يبكت" تعني "يقنع" أو "يوبخ". فهي تحمل فكرة الإقناع عن طريق تقديم البرهان فالروح القدس يبكت العالم على ثلاثة أمور.
(1) تبكيت على الخطية. "على خطية فلأنهم لا يؤمنون بي". إن الروح يبكت العالم على حقيقة الخطية وطبيعة الخطية. فهو يرينا أن أعظم الخطايا هي خطية عدم الإيمان.
فالمسيح لم يقل "على خطية لأنهم زناة أو قتلة، أو سكيرون" لكنه قال "لأنهم لا يؤمنون بي". تلك كانت الخطية التي كان العالم مذنباً بها في ذلك الزمن وهي الخطية التي ما زال العالم مذنباً بها اليوم.
(2) التبكيت على البر. "وأما على بر فلأني ذاهب إلى الآب ولا ترونني أيضاً". إن قادة اليهود قد اتهموا يسوع بأنه خاطئ "نحن نعلم إن هذا الإنسان خاطئ" (يوحنا 24:9). وقد صرّح يسوع بأنه بار "من منكم يبكتني على خطية" (يوحنا 46:8) وكانت قيامته ورجوعه إلى الآب هما الدليل على بره.
لا يستطيع إنسان أن يدعي البر لأن الكل قد أخطأوا. لكنّ المسيح بموته التكفيري، ورجوعه إلى الآب يقدم براً منسوباً لأولئك الذين يؤمنون. "أما الآن فقد ظهر بر الله بدون الناموس مشهوداً له من الناموس والأنبياء بر الله بالإيمان بيسوع المسيح إلى كل وعلى كل الذين يؤمنون" (رومية 21:3-22). "وأوجد فيه وليس بري الذي من الناموس بل الذي بإيمان المسيح البر الذي من الله بالإيمان" (فيلبي 9:3).
(3) التبكيت على الدينونة. "وأما على دينونة فلأن رئيس هذا العالم قد دين". الخطية تجلب الدينونة. وهذا ثابت من الدينونة التي حلّت بالشيطان، رئيس هذا العالم. لأنه ظن أنه بالصليب قد نال نصراً ولكن الآية انعكست فأصبح الصليب اندحاره المخزي. وعندها دين وحكم عليه.
فإن كان رئيس هذا العالم قد دين، إذاً فإن أولئك الذين من العالم لا بد أن يدانوا. فعندما وقف بولس أمام فيلكس "كان يتكلم عن البر والتعفف والدينونة العتيدة" (أعمال 25:24).
 
قديم 29 - 07 - 2015, 05:16 PM   رقم المشاركة : ( 8645 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

ثمر الروح القدس
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

إذا كان الروح القدس يمكث في حياة إنسان فإن حضوره هذا سيظهر بفضائل ونعم معينة لا يمكن أن تظهر في حياة ذلك الإنسان إلا بوجود الروح القدس. وبولس يدعو هذه بثمر الروح القدس "وأما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول أناة لطف إيمان وداعة تعفف" (غلاطية 22:5-23). إنه ككرمة تحمل ثلاثة عناقيد.
1. ثمر في الحياة الداخلية


أما العنقود الأول فإنه يظهر ذاته في الحياة الداخلية- محبة فرح سلام. والمحبة المذكورة هنا ليست تلك العاطفة التي غالباً ما أطلقوا عليها اسم الحب. إنه شيء أعمق وأرحب وأسمى وأعظم من تلك العاطفة. إنه مبدأ متسلط أساسي للحياة. إنه شيء لا يستطيع إنتاجه إلا روح الله.
وإلى جانب المحبة يأتي الفرح. وهناك فرق شاسع بين الفرح والمسرّة. فالمسرات تعتمد على شروط خارجية ولكنّ الفرح ينبع من القلب ويستقل عن المؤثرات الخارجية. يستطيع العالم أن يمنحك المسرة ولكنه عاجز عن منحك الفرح.
ثم يأتي السلام. فعندما يمكث الروح القدس في القلب، فإنه يمنح سلاماً- سلاماً للضمير الذي عرف أذى الخطية، سلاماً للقلب الذي كان كسيراً، سلاماً للنفس التي كانت مضطربة.
2. ثمر في الحياة الخارجية


العنقود الآخر هو الثمر الظاهر في الحياة الخارجية- طول أناة ولطف وصلاح. وبطول الأناة نعني أن نتحمل الظلم بهدوء. إنها القدرة على قبول الإساءة دون الرد بها، وأن نعامل المزعجين دون أن ننـزعج، وأن نسيطر على غضبنا عندما نواجه الإساءة والافتراء.
ثم اللطف، واللطف خطوة فوق الصبر لأن الصبر هو ساكن وهادئ أما اللطف فهو فعّال. هو أن تفعل شيئاً لمساعدة الآخرين. اللطف ينجح حيث تخفق القسوة.
والصلاح يتبع اللطف. وهذا نعمة من ناحيتين. إنه يعني نقاوة الحياة كما يعني الخدمة غير الأنانية. الصلاح أبعد مدى من اللطف. فاللطف هو المساعدة متى لاحت الفرصة ولكن الصلاح يسعى في طلب الفرص. الصلاح هو البر العامل.
3. ثمر في علاقة الفرد بنفسه


العنقود الثالث هو الثمر الظاهر في علاقة الإنسان بنفسه: إيمان وداعة تعفف. فالإيمان يعني الأمانة أو الصدق والإخلاص للناس ولله.
والوداعة لا تعني الضعف. فقد كان يسوع وديعاً ولكنه لم يكن عاجزاً. والوداعة هي عكس الكبرياء والمفاخرة وعكس الروح غير المسامحة.
وثم التعفف، وهو ضبط النفس. وما أكثر ما جاهد البشر لضبط نفوسهم والانفعالات النفسية والميول الشيطانية في طبيعتهم. والقوة الوحيدة على وجه هذه البسيطة التي تمكن الإنسان من السيطرة على نفسه هي روح الله.
 
قديم 29 - 07 - 2015, 05:17 PM   رقم المشاركة : ( 8646 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

استجابة الإنسان للروح القدس
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

إن العهد الجديد يذكر مواقف مختلفة يستطيع البشر اتخاذها ليستجيبوا للروح القدس.
1. قد يقاوم الإنسان الروح القدس


هذه هي الكلمة التي فاه بها استفانوس في مخاطبته الذين قاوموا رسالته: "يا قساة الرقاب وغير المختونين بالقلوب والآذان أنتم دائماً تقاومون الروح القدس كما كان آبائكم كذلك أنتم" (أعمال 51:7). هذا هو موقف غير المؤمن الذي يقسي قلبه تجاه الروح القدس. والمسيحي يكون مذنباً في مقاومة الروح، عندما يرفض إطاعة البواعث التي يغرسها الروح في قلبه.
2. قد يزدري الإنسان بالروح القدس


هذه هي الكلمة المستعملة في عبرانيين 29:10 "ازدرى بروح النعمة". فالكلمة قد قيلت عن هؤلاء الذين أثر عليهم الروح القدس بقوة. إنها قريبة جداً من الخطية التي لا تغتفر. إنّ المذنبين بازدرائهم بالروح القدس هم الذين رفضوه وطردوه من حياتهم بطيش وعجرفة.
3. قد يحزن الإنسان الروح القدس


كان بولس يكتب إلى أناس مسيحيين عندما استعمل هذه الكلمة "لا تحزنوا روح الله القدوس الذي به ختمتم ليوم الفداء" (أفسس 30:4). وبالطبع فإن الروح القدس يحزن بغير المؤمنين إذ يقاومونه ولكنه يحزن للمسيحيين عندما يهملونه ولا يطيعونه. إنها صورة الآب الحزين لتصرفات ابنه الشاذ العاصي.
4. قد يطفئ الإنسان الروح القدس


كان بولس يخاطب مسيحيي تسالونيكي عندما قال "لا تطفئوا الروح" (1 تسالونيكي 19:5). فالتشبيه إطفاء النار بسكب الماء عليها وقد وصف الروح القدس بأنه كالنار. وصاحب حلولَه يوم الخمسين ظهورُ ألسنة مثل النار. إنه يشعل نيران المحبة والغيرة في قلب المسيحي وقد يطفئ الفردُ الروحَ باللا مبالاة والإهمال وعدم الطاعة.
5. قد يمتلئ الفرد بالروح القدس


هذه هي المثالية التي حث بولس المسيحيين الأفسوسيين عليها "ولا تسكروا بالخمر الذي فيه الخلاعة بل امتلئوا بالروح" (أفسس 18:5 ). وهناك فرق بين أن يكون لك الروح القدس وبين أن تمتلئ بالروح القدس.
كل مسيحي فيه الروح القدس "إن كان أحد ليس له روح المسيح فذلك ليس له" (رومية 9:8 ). إنّ مجيء الروح القدس إلى القلب بما يحمله من قوة للتجديد هو الذي يجعل الإنسان مسيحياً. على كل حال فقد يكون الروح القدس لشخص ما ولكن دون أن يكون هذا الشخص ممتلئاً به. قد يكون الإنسان مسيحياً ولكن دون أن يكون مسيحياً ممتلئاً بالروح.
المسيحي مشبه بإناء. فقد قال المسيح عن شاول الطرسوسي "لأنّ هذا لي إناء مختار" (أعمال 15:9 ) كما قال حنانيا لشاول "قد أرسلني الرب يسوع الذي ظهر لك في الطريق الذي جئت فيه لكي تبصر وتمتلئ من الروح القدس" (أعمال 17:9 ).
لا بد من إتمام شرطين حتى يمتلئ الإناء.
(1) أن يفرغ. لا يمكن أن يملأ إناء بماء نقي حتى يفرغ من الماء الملوث. وقبل أن يمتلئ المسيحي بالروح، يجب أن يفرغ من الذات، يفرغ من الخطية ويفرغ من كل شيء لا ينسجم وروح الله. لا يمكن لإنسان أن يتمسك بشيء غير طاهر ثم يكون ممتلئاً بالروح القدس.
(2) يسلّم. قبل أن يملأ الإناء لا بدّ من أن يسلّم لاستعمال من يريد أن يملأه وكذلك فالمسيحي لا يمكن أن يمتلئ بالروح حتى يسلّمَ نفسه بكاملها للروح. ودعونا نستعمل مثلاً آخر. إنسان يملك بيتاً يريد تأجيره. ولكن عنده بعض أشياء يريد حفظها في البيت. ولذلك هو يجمعها في غرفة واحدة ويغلق بابها ويضع المفتاح في جيبه. ثم يقول للمستأجر يمكنك استعمال كل البيت باستثناء هذه الغرفة. فقد أبقيتها لنفسي. بمثل هذه الطريقة يعامل بعضُ الناس الروحَ القدس. هناك شيء في حياتهم لا يرغبون في التخلي عنه. هناك غرفة لا يرغبون في تسليمها. لذلك فهم يغلقون بابها ويقولون للروح القدس: لك كل حياتي باستثناء تلك الغرفة بالذات فقد أبقيتُها لنفسي. مثل هذا الإنسان لا يمكن أن يمتلئ بالروح.
 
قديم 29 - 07 - 2015, 05:17 PM   رقم المشاركة : ( 8647 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

روح القوة
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"لكنكم ستنالون قوة متى حلّ الروح القدس عليكم" (أعمال 8:1).
إن أول ذكر للروح القدس في الكتاب المقدس وارد في العدد الثاني من الأصحاح الأول من سفر التكوين "وروح الله يرفّ على وجه المياه". ثم يلي ذلك آيات كثيرة في العهد القديم كلها تشير إلى الروح القدس. وهذه الإشارات كانت عادةً تتعلق بمنح هبة أو انسكاب قوة.
فهو الذي يهب الإنسان الحكمة والبراعة "وملأته من روح الله بالحكمة والفهم والمعرفة وكل صنعة" (خروج 3:31). كما أنه مانح القوة للقيام بأعمال خاصة "وإذا بشبل أسد يزمجر للقائه فحلّ عليه روح الرب فشقه كشق الجدي" (قضاة 5:14-6).
وهو الذي أوحى للأنبياء لينطقوا برسالة الله "فدخل فيّ روح لما تكلم معي وأقامني على قدميّ فسمعت المتكلم معي" (حزقيال 2:2).
كما أن بطرس يعلن أن الروح القدس هو الذي قاد كُتّاب أسفار العهد القديم "بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" (2 بطرس 21:1).
إلا أننا نجد التعليم الوافي عن الروح القدس في العهد الجديد.
شخص الروح القدس

الروح القدس هو الأقنوم الثالث في الوحدة الإلهية.
1-الروح القدس أقنوم أو شخص

إن لفظة "شخص" كما هي مستعملة فيما يختص بالثالوث غير واردة في الأسفار المقدسة. ومن الواضح أننا عندما نستعملها لا نعني بها ذات المعنى الذي تعنيه الكلمة في استعمالنا العادي لها. فعندما نتكلم عن شخص فإننا نقصد فرداً مستقلاً، ولكن عندما نتكلم عن ثلاثة أشخاص أو أقانيم في الثالوث الأقدس فإننا نشير إلى مميزات داخلية في الله.
يقول الدكتور ملنـز "إن الشخص الإلهي ليس أقل كياناً من الشخص البشري ولكنه أعظم". إن طبيعة هذه المميزات في الله لا يمكن تعريفها بعقولنا المحدودة. كما أن الأسفار المقدسة تبين الروح القدس كائناً ذا شخصية وليس مجرد تأثير أو قوة عاملة في العالم.
1- العمل الذي يقوم به. يتكلم الوحي عن الروح القدس على أساس أنه يعمل كشخص. فهو يشهد ويبكت ويعزي ويعلّم ويقود ويجاهد ويساعد. إنّ أعمالاً كهذه لا يمكن أن يعملها إلا من كان شخصاً.
2- تأثير الأعمال البشرية عليه. الروح القدس كشخصية يتأثر بأعمال الآخرين فهو قد يُقاوَم ويُحزن ويُغاظ ويُهان ويُجدف عليه. الشخص فقط هو الذي يمكن أن يتأثر هكذا بأعمال الآخرين.
2-الروح القدس هو الله

إن الأسفار المقدسة لا تبين الروح لنا كشخص فقط ولكن كشخص إلهي.
(1) يدعى إلهاً. عندما وبّخ بطرس حنانيا قال "لماذا ملأ الشيطان قلبك لتكذب على الروح القدس" (أعمال 3:5). ثم يستطرد في العدد الثاني ليقول "أنت لم تكذب على الناس بل على الله".
(2) صفات الله منسوبة إليه. يقال عن الروح القدس أنه موجود في كل مكان: "أين أذهب من روحك؟ أين أهرب" (مزمور 7:139). ووُصِف بأنه عالم بكل شيء: "لأن الروح يفحص كل شيء حتى أعماق الله" (1كورنثوس 10:2). ومن صفاته أيضاً أنه كلي القدرة: "ولكن هذه كلها يعملها الروح الواحد بعينه قاسماً لكل واحد بمفرده كما يشاء" (1كورنثوس 11:12).
(3) أنه يعمل عمل الله. الروح القدس يبكت على الخطية، وهو العامل في التجديد، أو الولادة الجديدة. ففي رومية 11:8 قيل عن القيامة أنها عمل الروح القدس: "وإن كان روح الذي أقام يسوع من الأموات ساكناً فيكم فالذي أقام المسيح من الأموات سيحيي أجسادكم المائتة أيضاً بروحه الساكن فيكم".
الوعد بالروح القدس

وكما أن الإعلانات عن الروح القدس كانت قائمة في زمن العهد القديم كان من الضروري أن يحصل إعلان خاص لحضوره وقوته. وكان لازماً أن يأتي بطريقة معينة ويسكن في العالم.
1. نبوات العهد القديم

لقد أنبئ بمجيء الروح القدس قبل يوم الخمسين بعدة قرون "ويكون بعد ذلك أني أسكب روحي على كل بشر فيتنبأ بنوكم وبناتكم ويحلم شيوخكم أحلاماً ويرى شبابكم رؤى وعلى العبيد أيضاً وعلى الإماء أسكب روحي في تلك الأيام" (يوئيل 28:2-29). وفي يوم الخمسين العظيم اقتبس بطرس هذا الوعد وأعلن أنه تم بحوادث ذلك اليوم (أعمال 17:2-18).
2. وعد يسوع

إن يسوع هو الذي أعطى المواعيد بمجيء الروح القدس ففي رسالته الوداعية لتلاميذه في العلية، قال: "وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزياً آخر ليمكث معكم إلى الأبد روح الحق" (يوحنا 16:14). "وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلّمكم كل شيء" (يوحنا 26:14). "لأته إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي. ولكن إن ذهبت أرسله إليكم" (يوحنا 7:16). وفي يوم صعوده قال لتلاميذه "ها أنا أرسل إليكم موعد أبي، فأقيموا في مدينة أورشليم إلى أن تلبسوا قوة من الأعالي" (لوقا 49:24).
حلول الروح القدس

إن لنا سجلاً حافلاً عن هذا الحادث العظيم في سفر الأعمال (1:2-4) "ولما حضر يوم الخمسين كان الجميع معاً بنفس واحدة وصار بغتة من السماء صوت كما من هبوب ريح عاصفة وملأ كل البيت حيث كانوا جالسين. وظهرت لهم ألسنة منقسمة كأنها من نار واستقرت على كل واحد منهم. وامتلأ الجميع من الروح القدس وابتدأوا يتكلمون بألسنة أخرى كما أعطاهم الروح أن ينطقوا".
هناك حقائق عديدة تتعلق بحلول الروح القدس تستحق منا عناية خاصة.
1-حادث أكيد محدد

إن حلول الروح القدس حادث أكيد محدد كمولد المسيح. ولن يكون هناك يوم خمسين آخر كما أنه لن يكون هناك تجسد آخر لابن الله. قد يكون هناك اختبارات خمسينية عندما يسلم أناس من رجال ونساء حياتهم بكاملها وكليتها للروح القدس. ولكنه لن يكون هناك يوم خمسين آخر كذلك الذي كان في العلية. وأما أولئك الذين يشيرون إلى حادث يوم الخمسين إثباتاً لما يسمى بالبركة الثانية فقد أخطأوا الهدف.
فيوم الخمسين كان المجيء المحدد للروح القدس ليبدأ عمله في العالم.
2. مرة واحدة وإلى الأبد

قال يسوع عندما وعد بمجيء الروح القدس "وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزياً آخر ليمكث معكم إلى الأبد" (يوحنا 16:14). لقد كان الروح القدس في العالم منذ ألفي سنة تقريباً وسيمكث هنا حتى نهاية الدهر.
3. مصحوب بعلامات

لاحظ الرموز التالية ذات المعاني الضمنية:
(1) صوت هبوب ريح عاصفة (أعمال 2:2). إن النص الكتابي لا يقول لنا أن الريح كان الروح القدس. ولكن حلول الروح القدس كان مصحوباً بصوت هبوب ريح عاصفة وهذا كان رمزاً للروح القدس. وبذات الطريقة وصف يسوع الروح القدس حين قال: "الريح تهب حيث تشاء وتسمع صوتها لكنك لا تعلم من أين تأتي ولا إلى أين تذهب. هكذا كل من ولد من الروح" (يوحنا 8:3).
إنّ هذا الرمز يشير إلى قوة الروح القدس. فهناك قوة هائلة في الروح العاصفة قوة تقتلع الأشجار من جذورها وتهدم البنايات القوية. فالروح القدس هو إذاً روح قوة.
(2) ألسنة كأنها من نار. وثم لا يقول الكتاب المقدس أن الروح القدس هو نار ولكن حلوله كان مصحوباً بظهور ألسنة منقسمة كأنها من نار. والنار عنصر مطهر ومدمّر، فالمعادن توضع في النار لتطهر من شوائبها، فالواحد يحترق والآخر يطهر. وبالطريقة نفسها، فإن الروح القدس يطهر الحياة من أدران الشر وحالما يدخل القلب لا بد وأن تفارقه الخطية.
4. يثمر نتائج مغيّرة

إن نتيجة حلول الروح القدس يمكن تلخيصها بكلمة واحدة – القوة. وهذا ما عناه حلوله كما قال يسوع "لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم" (أعمال 8:1). وقال لتلاميذه أن ينتظروا حتى تأتي هذه القوة: "فأقيموا في مدينة أورشليم إلى أن تلبسوا قوةً من الأعالي" (لوقا 49:24). إن مجيء الروح القدس قد تميّز بقوة عجيبة. لم تكن قوة جسدية ولكنها قوة روحية.
(1) قوة مغيرة. لقد غيّر الروح القدس تلك الفئة من الرجال والنساء في العلية من جماعة سيطر عليها الرعب فاختبأت خلف الأبواب الموصدة إلى جماعة من الشجعان الذين فتحوا الأبواب على مصاريعها وخرجوا إلى شوارع المدينة المكتظة بالسكان معلنين البشارة بمخلص صُلِبَ ومات وقام.
(2) قوة منيرة. لقد كان يجتمع في ذلك الوقت في أورشليم جموع غفيرة من أنحاء الإمبراطورية الرومانية، ينطقون بلغات مختلفة. فمنح الروح القدس أولئك التلاميذ قوة النطق بهذه الألسنة المختلفة. "وامتلأ الجميع من الروح القدس وابتدأوا يتكلمون بألسنة أخرى كما أعطاهم الروح أن ينطقوا" (أعمال 4:2).
(3) قوة مبكّتة. بتأثير موعظة بطرس تبكتت ضمائر الجميع على خطاياهم. "فلما سمعوا نخسوا في قلوبهم وقالوا لبطرس ولسائر الرسل ماذا نصنع أيها الرجال الأخوة" (أعمال 37:2).
(4) قوة مخلّصة. وعندما أخبرهم بطرس بما يجب أن يعملوه أطاعوا "فقبلوا كلامه بفرح واعتمدوا وانضم في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف نفس" (أعمال 41:2).
عمل الروح القدس

لقد أخبر يسوع بعدة أعمال سيعملها الروح القدس. ويمكننا وضع أعماله هذه تحت ثلاثة عناوين.
1.في الفرد:

ما الذي يعمله الروح القدس للفرد وفي الفرد؟
(1) التبكيت. الروح القدس يبكت الفرد على الخطية. فهو يكشف له جانباً من طبيعة الخطية وعواقبها ويوقظ فيه الشعور بذنبه أمام إله قدوس. والروح يستعمل وسائل مختلفة للتبكيت. فأحياناً يحصل التبكيت نتيجة لسماع كلمة البشارة، كما حدث في يوم الخمسين. وأحياناً من جراء شهادة الآخرين كما في حالة داود (2 صموئيل 13:12). وأحياناً من جراء اختبار مرعب كما في حالة سجان فيلبي.
(2) التجديد. عندما يشعر الفرد بتبكيت الضمير على خطيته فإنه يقوم بأحد أمرين. فإما أن يتقسّى قلبه ويقاوم الروح القدس وإما أن يفتح قلبه بالإيمان ويجعل الروح القدس يدخله. وعندما يتبع الأمر الأخير، يحل الروح القدس في قلبه ويجري عمل نعمة مغيرة لدرجة أننا ندعوه تجديداً أو ولادة جديدة.
يموت إنسان الخطية العتيق ليولد مكانه إنسان جديد في المسيح. قد لا يستطيع الإنسان فهم حدوث مثل هذا الأمر. ولكنه يستطيع أن يختبره. قال الأعمى الذي فتح يسوع عينيه أن هناك ملابسات كثيرة في الحادث لم يستطع فهمها ولكنه كان متأكداً من شيء واحد وهو "أنني كنت أعمى والآن أبصر" (يوحنا 25:9).
لقد أعلن ربنا أن اختبار التجديد أمر ضروري قبل أن يستطيع الفرد دخول ملكوت السموات. "الحق الحق أقول لك إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله" (يوحنا 5:3).
(3) التقديس. إن كلمة "قدّس" تعني جعله مقدساً. والتقديس هو عملية جعل الفرد مقدساً. والتقديس هو عمل الروح القدس: "مقدساً بالروح القدس" (رومية 16:15).
إن التبكيت هو عمل الروح القدس عندما يقف على باب القلب يقرع، والتجديد هو عمل الروح القدس عندما يدخل القلب بعد فتح الباب بالإيمان، والتقديس هو عمل الروح القدس إذ يسكن في القلب.
التقديس نمو الحياة المسيحية، وهو يشبه النمو الجسدي، في كونه تدريجياً. يبدأ بالتجديد وينتهي بالتمجيد. يكون نمو بعض الناس أسرع من غيرهم أو يكون نموهم أكثر من غيرهم، ولكن في كل حياة طبيعية نموّاً روحياً وتقدماً. هذا النمو يكثر أو يقل تبعاً لعمل الروح في القلب والحياة.
(4) التعزية. الروح القدس هو المعزي الأعظم لقلوب البشر. فعندما قال يسوع لتلاميذه أنه منطلق عنهم امتلأت قلوبهم حزناً: "لأني قلت لكم هذا قد ملأ الحزن قلوبكم" (يوحنا 6:16). لكنه أكد لهم أنّ المعزي سيأتي حاملاً لهم معه سلاماً وفرحاً: "وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزياً آخر ليمكث معكم إلى الأبد روح الحق" (يوحنا 16:14-17).
هذا جزء من عمل الروح القدس أن يجلب العزاء للقلوب الحزينة.
(5) الإنارة. الروح القدس يُظهر الحقَّ لعقول المؤمنين وقلوبهم وهو المعلم العظيم كما قال يسوع "وأما متى جاء ذلك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق" (يوحنا 13:16).
الروح ينير عقول المؤمنين ليفهموا حقيقة كلمة الله "ولكن الإنسان الطبيعي لا يقبل ما لروح الله لأنه عنده جهالة. ولا يقدر أن يعرفه لأنه إنما يحكم فيه روحياً" (1كورنثوس 14:2). إن الكتاب المقدس في أعمق معانيه كتاب مغلق لأولئك الذين ليس لهم روح الله.
(6) الشفاعة. قلنا سابقاً أن للمسيحي شفيعين: المسيح عن يمين الآب والروح القدس في القلب. وقد جاء ذكر شفاعة الروح القدس في رومية 26:8-27 هكذا: "وكذلك الروح أيضاً يعين ضعفاتنا. لأننا لسنا نعلم ما نصلي لأجله كما ينبغي ولكن الروح نفسه يشفع فينا بأنات لا ينطق بها. ولكن الذي يفحص القلوب يعلم ما هو اهتمام الروح لأنه بحسب مشيئة الله يشفع في القديسين". وبهذين الشفيعين أولهما في السماء وثانيهما على الأرض يصبح المسيحي محصناً تحصيناً منيعاً.
أما عمل الروح القدس في حياة المؤمنين فيتلخص في الاسم الذي أعطي له "البركليط". اللفظة مأخوذة من الكلمة اليونانية parakletos التي معناها المرافق ومن ثم فهو المعين، والروح القدس هو معين المسيحي في كل طريقة يحتاجها.
هذه التسمية للروح القدس "بركليط" مقصورة على كتابات يوحنا وتُرجِمَت هذه الكلمة بالكلمة "المعزي"، فليس في اللغة ما هو أقرب معنى إلى الكلمة اليونانية. فالروح القدس هو كل ما تؤديه الكلمات المختلفة من معنى وأكثر. فهو المعلم، والهادي، والمعزي، والشفيع،... الخ...... إنه الذي يسد حاجات المسيحي كلها.
2. في الكنيسة

تخبرنا الأسفار المقدسة بأن الروح القدس يسكن في الكنيسة. والكنيسة تدعى هيكل الروح القدس. فقد كتب بولس إلى كنيسة كورنثوس قائلاً "أما تعلمون أنكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم؟" (1 كورنثوس 16:3). كما كتب لأهل أفسس قائلاً: "الذي فيه أنتم أيضاً مبنيون معاً مسكناً لله في الروح" (أفسس 22:2).
ما هو عمل الروح في الكنيسة؟ ويمكننا ذكر أمور عدة باختصار في هذا المجال.
(1) البنيان. "وأما الكنائس في جميع اليهودية والجليل والسامرة فكان لها سلام وكانت تبنى وتسير في خوف الرب وبتعزية الروح القدس كانت تتكاثر" (أعمال: 31:9). فالروح القدس هو الذي يبني الكنائس.
(2) الإرشاد. "وبينما هم يخدمون الرب ويصومون قال الروح القدس افرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه" (أعمال 2:13). "لأنه قد رأى الروح القدس ونحن أن لا نضع عليكم ثقلاً أكثر غير هذه الأشياء الواجبة" (أعمال 28:15). وهكذا نرى أن الروح القدس قد أرشد كنيسة أنطاكية كي تبدأ المشروع التبشيري العظيم كما أرشد كنيسة أورشليم لحل قضية عويصة.
(3) منح المواهب. لنصغ إلى كلمات بولس إلى كنيسة كورنثوس. "فأنواع مواهب موجودة ولكن الروح واحد... ولكنه لكل واحد يعطي إظهار الروح للمنفعة. فإنه لواحد يعطى بالروح كلام حكمة، ولآخر كلام علم بحسب الروح الواحد، ولآخر إيمان بالروح الواحد، ولآخر مواهب شفاء بالروح الواحد، ولآخر عمل قوات ولآخر نبوة ولآخر ترجمة ألسنة. ولكن هذه كلها يعملها الروح الواحد بعينه قاسماً لكل واحد بمفرده كما يشاء" (1كورنثوس 12: 4، 7- 11).
(4) إعطاء القوة للخدمة. "لكنكم ستنالون قوة متى حلّ الروح القدس عليكم" (أعمال 8:1). هذا وعد الرب لتلاميذه لما قام من القبر. فبقوة الروح القدس سارت الكنيسة الأولى لتربح الانتصارات. وبدون الروح القدس تمسي الكنيسة منظمة هزيلة عاجزة.
3. في العالم

فيما يتعلق بعمل الروح القدس قال يسوع: "متى جاء ذاك يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة. أما على خطية فلأنهم لا يؤمنون بي. وأما على بر فلأني ذاهب إلى أبي ولا ترونني أيضاً. وأما على دينونة فلأنّ رئيس هذا العالم قد دين" (يوحنا 8:16-11) فبكلمة "العالم" عنى يسوع العالم الشرير غير المؤمن. إنها ذات الكلمة التي استعملها يعقوب عندما قال "أيها الزناة والزواني أما تعلمون أن محبة العالم عداوة لله فمن أراد أن يكون محباً للعالم فقد صار عدواً لله" (يعقوب 4:4) وهي ذات الكلمة التي استعملها يوحنا عندما قال "لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم. إن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الآب " (1يوحنا 15:2). إن كلمة "يبكت" تعني "يقنع" أو "يوبخ". فهي تحمل فكرة الإقناع عن طريق تقديم البرهان فالروح القدس يبكت العالم على ثلاثة أمور.
(1) تبكيت على الخطية. "على خطية فلأنهم لا يؤمنون بي". إن الروح يبكت العالم على حقيقة الخطية وطبيعة الخطية. فهو يرينا أن أعظم الخطايا هي خطية عدم الإيمان.
فالمسيح لم يقل "على خطية لأنهم زناة أو قتلة، أو سكيرون" لكنه قال "لأنهم لا يؤمنون بي". تلك كانت الخطية التي كان العالم مذنباً بها في ذلك الزمن وهي الخطية التي ما زال العالم مذنباً بها اليوم.
(2) التبكيت على البر. "وأما على بر فلأني ذاهب إلى الآب ولا ترونني أيضاً". إن قادة اليهود قد اتهموا يسوع بأنه خاطئ "نحن نعلم إن هذا الإنسان خاطئ" (يوحنا 24:9). وقد صرّح يسوع بأنه بار "من منكم يبكتني على خطية" (يوحنا 46:8) وكانت قيامته ورجوعه إلى الآب هما الدليل على بره.
لا يستطيع إنسان أن يدعي البر لأن الكل قد أخطأوا. لكنّ المسيح بموته التكفيري، ورجوعه إلى الآب يقدم براً منسوباً لأولئك الذين يؤمنون. "أما الآن فقد ظهر بر الله بدون الناموس مشهوداً له من الناموس والأنبياء بر الله بالإيمان بيسوع المسيح إلى كل وعلى كل الذين يؤمنون" (رومية 21:3-22). "وأوجد فيه وليس بري الذي من الناموس بل الذي بإيمان المسيح البر الذي من الله بالإيمان" (فيلبي 9:3).
(3) التبكيت على الدينونة. "وأما على دينونة فلأن رئيس هذا العالم قد دين". الخطية تجلب الدينونة. وهذا ثابت من الدينونة التي حلّت بالشيطان، رئيس هذا العالم. لأنه ظن أنه بالصليب قد نال نصراً ولكن الآية انعكست فأصبح الصليب اندحاره المخزي. وعندها دين وحكم عليه.
فإن كان رئيس هذا العالم قد دين، إذاً فإن أولئك الذين من العالم لا بد أن يدانوا. فعندما وقف بولس أمام فيلكس "كان يتكلم عن البر والتعفف والدينونة العتيدة" (أعمال 25:24).
ثمر الروح القدس

إذا كان الروح القدس يمكث في حياة إنسان فإن حضوره هذا سيظهر بفضائل ونعم معينة لا يمكن أن تظهر في حياة ذلك الإنسان إلا بوجود الروح القدس. وبولس يدعو هذه بثمر الروح القدس "وأما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول أناة لطف إيمان وداعة تعفف" (غلاطية 22:5-23). إنه ككرمة تحمل ثلاثة عناقيد.
1. ثمر في الحياة الداخلية

أما العنقود الأول فإنه يظهر ذاته في الحياة الداخلية- محبة فرح سلام. والمحبة المذكورة هنا ليست تلك العاطفة التي غالباً ما أطلقوا عليها اسم الحب. إنه شيء أعمق وأرحب وأسمى وأعظم من تلك العاطفة. إنه مبدأ متسلط أساسي للحياة. إنه شيء لا يستطيع إنتاجه إلا روح الله.
وإلى جانب المحبة يأتي الفرح. وهناك فرق شاسع بين الفرح والمسرّة. فالمسرات تعتمد على شروط خارجية ولكنّ الفرح ينبع من القلب ويستقل عن المؤثرات الخارجية. يستطيع العالم أن يمنحك المسرة ولكنه عاجز عن منحك الفرح.
ثم يأتي السلام. فعندما يمكث الروح القدس في القلب، فإنه يمنح سلاماً- سلاماً للضمير الذي عرف أذى الخطية، سلاماً للقلب الذي كان كسيراً، سلاماً للنفس التي كانت مضطربة.
2. ثمر في الحياة الخارجية

العنقود الآخر هو الثمر الظاهر في الحياة الخارجية- طول أناة ولطف وصلاح. وبطول الأناة نعني أن نتحمل الظلم بهدوء. إنها القدرة على قبول الإساءة دون الرد بها، وأن نعامل المزعجين دون أن ننـزعج، وأن نسيطر على غضبنا عندما نواجه الإساءة والافتراء.
ثم اللطف، واللطف خطوة فوق الصبر لأن الصبر هو ساكن وهادئ أما اللطف فهو فعّال. هو أن تفعل شيئاً لمساعدة الآخرين. اللطف ينجح حيث تخفق القسوة.
والصلاح يتبع اللطف. وهذا نعمة من ناحيتين. إنه يعني نقاوة الحياة كما يعني الخدمة غير الأنانية. الصلاح أبعد مدى من اللطف. فاللطف هو المساعدة متى لاحت الفرصة ولكن الصلاح يسعى في طلب الفرص. الصلاح هو البر العامل.
3. ثمر في علاقة الفرد بنفسه

العنقود الثالث هو الثمر الظاهر في علاقة الإنسان بنفسه: إيمان وداعة تعفف. فالإيمان يعني الأمانة أو الصدق والإخلاص للناس ولله.
والوداعة لا تعني الضعف. فقد كان يسوع وديعاً ولكنه لم يكن عاجزاً. والوداعة هي عكس الكبرياء والمفاخرة وعكس الروح غير المسامحة.
وثم التعفف، وهو ضبط النفس. وما أكثر ما جاهد البشر لضبط نفوسهم والانفعالات النفسية والميول الشيطانية في طبيعتهم. والقوة الوحيدة على وجه هذه البسيطة التي تمكن الإنسان من السيطرة على نفسه هي روح الله.
استجابة الإنسان للروح القدس

إن العهد الجديد يذكر مواقف مختلفة يستطيع البشر اتخاذها ليستجيبوا للروح القدس.
1. قد يقاوم الإنسان الروح القدس

هذه هي الكلمة التي فاه بها استفانوس في مخاطبته الذين قاوموا رسالته: "يا قساة الرقاب وغير المختونين بالقلوب والآذان أنتم دائماً تقاومون الروح القدس كما كان آبائكم كذلك أنتم" (أعمال 51:7). هذا هو موقف غير المؤمن الذي يقسي قلبه تجاه الروح القدس. والمسيحي يكون مذنباً في مقاومة الروح، عندما يرفض إطاعة البواعث التي يغرسها الروح في قلبه.
2. قد يزدري الإنسان بالروح القدس

هذه هي الكلمة المستعملة في عبرانيين 29:10 "ازدرى بروح النعمة". فالكلمة قد قيلت عن هؤلاء الذين أثر عليهم الروح القدس بقوة. إنها قريبة جداً من الخطية التي لا تغتفر. إنّ المذنبين بازدرائهم بالروح القدس هم الذين رفضوه وطردوه من حياتهم بطيش وعجرفة.
3. قد يحزن الإنسان الروح القدس

كان بولس يكتب إلى أناس مسيحيين عندما استعمل هذه الكلمة "لا تحزنوا روح الله القدوس الذي به ختمتم ليوم الفداء" (أفسس 30:4). وبالطبع فإن الروح القدس يحزن بغير المؤمنين إذ يقاومونه ولكنه يحزن للمسيحيين عندما يهملونه ولا يطيعونه. إنها صورة الآب الحزين لتصرفات ابنه الشاذ العاصي.
4. قد يطفئ الإنسان الروح القدس

كان بولس يخاطب مسيحيي تسالونيكي عندما قال "لا تطفئوا الروح" (1 تسالونيكي 19:5). فالتشبيه إطفاء النار بسكب الماء عليها وقد وصف الروح القدس بأنه كالنار. وصاحب حلولَه يوم الخمسين ظهورُ ألسنة مثل النار. إنه يشعل نيران المحبة والغيرة في قلب المسيحي وقد يطفئ الفردُ الروحَ باللا مبالاة والإهمال وعدم الطاعة.
5. قد يمتلئ الفرد بالروح القدس

هذه هي المثالية التي حث بولس المسيحيين الأفسوسيين عليها "ولا تسكروا بالخمر الذي فيه الخلاعة بل امتلئوا بالروح" (أفسس 18:5 ). وهناك فرق بين أن يكون لك الروح القدس وبين أن تمتلئ بالروح القدس.
كل مسيحي فيه الروح القدس "إن كان أحد ليس له روح المسيح فذلك ليس له" (رومية 9:8 ). إنّ مجيء الروح القدس إلى القلب بما يحمله من قوة للتجديد هو الذي يجعل الإنسان مسيحياً. على كل حال فقد يكون الروح القدس لشخص ما ولكن دون أن يكون هذا الشخص ممتلئاً به. قد يكون الإنسان مسيحياً ولكن دون أن يكون مسيحياً ممتلئاً بالروح.
المسيحي مشبه بإناء. فقد قال المسيح عن شاول الطرسوسي "لأنّ هذا لي إناء مختار" (أعمال 15:9 ) كما قال حنانيا لشاول "قد أرسلني الرب يسوع الذي ظهر لك في الطريق الذي جئت فيه لكي تبصر وتمتلئ من الروح القدس" (أعمال 17:9 ).
لا بد من إتمام شرطين حتى يمتلئ الإناء.
(1) أن يفرغ. لا يمكن أن يملأ إناء بماء نقي حتى يفرغ من الماء الملوث. وقبل أن يمتلئ المسيحي بالروح، يجب أن يفرغ من الذات، يفرغ من الخطية ويفرغ من كل شيء لا ينسجم وروح الله. لا يمكن لإنسان أن يتمسك بشيء غير طاهر ثم يكون ممتلئاً بالروح القدس.
(2) يسلّم. قبل أن يملأ الإناء لا بدّ من أن يسلّم لاستعمال من يريد أن يملأه وكذلك فالمسيحي لا يمكن أن يمتلئ بالروح حتى يسلّمَ نفسه بكاملها للروح. ودعونا نستعمل مثلاً آخر. إنسان يملك بيتاً يريد تأجيره. ولكن عنده بعض أشياء يريد حفظها في البيت. ولذلك هو يجمعها في غرفة واحدة ويغلق بابها ويضع المفتاح في جيبه. ثم يقول للمستأجر يمكنك استعمال كل البيت باستثناء هذه الغرفة. فقد أبقيتها لنفسي. بمثل هذه الطريقة يعامل بعضُ الناس الروحَ القدس. هناك شيء في حياتهم لا يرغبون في التخلي عنه. هناك غرفة لا يرغبون في تسليمها. لذلك فهم يغلقون بابها ويقولون للروح القدس: لك كل حياتي باستثناء تلك الغرفة بالذات فقد أبقيتُها لنفسي. مثل هذا الإنسان لا يمكن أن يمتلئ بالروح.
 
قديم 29 - 07 - 2015, 05:20 PM   رقم المشاركة : ( 8648 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الكنيسة التي أسسها المسيح
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي" (متى 18:16)
لقد جهز الرب طريقة بموجبها يستمر عمله بعد تركه للعالم. فأسس الكنيسة (متّى 18:16) ثم أرسل روحه القدس ليقويها (يوحنا 26:15). وهذا يعني أن الكنيسة مؤسسة إلهية إذ هي نتيجة تفكير إلهي وتخطيط إلهي وتفويض إلهي. إن كلمة "كنيسة" قد استعملت في العهد الجديد بمعنيين. فهي عادة تشير إلى جماعة محليّة ولكنها أحياناً وفي بعض الحالات تشير إلى مجموع المؤمنين بكامله. وفي هذا الفصل سنبحث في الكنيسة على أنها جماعة محلية، مع أن التفريق بين معنيي الكلمة لا يمكن توضيحه بسهولة.
طبيعة الكنيسة

ما هي الكنيسة؟ لم تستعمل هذه الكلمة قط في العهد الجديد لتؤدي معنى البناية. كما أنها لم ترد بمعنى منظمة خاصة ببلد معين أو بالعالم بأسره. إنها في معناها المحلي يمكن تعريفها باختصار بجماعة مؤمنين معتمدين ارتبطوا طوعاً بعلاقات تعهدية ونُظموا على مثال العهد الجديد ويعيشون في طاعة المسيح رأس الكنيسة العظيم.
في هذا التعريف المختصر أظهرنا بعض ميزات الكنيسة الحقيقية. إنها جماعة. والكلمة اليونانية للكنيسة تعني "مدعوة" وإنّ هذه الكلمة تشير أصلاً إلى جمع من الناس المدعوين من بيوتهم وأماكن عملهم ليتباحثوا بأمور عامة هامة. وقد استعمل ربنا كلمة "كنيسة" ليسمّي جماعة تلاميذه. وقد كانوا أناساً مدعويين. ولكن ليست كل جماعة من الناس كنيسة. الكنيسة جماعة مؤمنين.
ليس لغير المؤمنين عضوية في الكنيسة. ولكن ليست كل جماعة من المؤمنين تؤلف كنيسة بل يجب أن تكون جماعة من المؤمنين المعمدين.
ليس في العهد الجديد ذكر لمؤمنين غير معمدين في الكنيسة. ولكن ليست كل جماعة من المؤمنين المعمدين تدعى كنيسة. فيجب أن تكون جماعة منظمة على مثال العهد الجديد. ثم هناك أشياء أخرى أيضاً لقيام كنيسة حقة. فالكنيسة جماعة المؤمنين المرتبطين طوعاً بعلاقات تعهدية على مثال العهد الجديد وقد تعهدوا بأن يعيشوا في طاعة المسيح رأس الكنيسة العظيم. فالكنيسة الحقة جماعة نشيطة ومنظمة عاملة. يمكننا إثبات حقيقتين فيما يتعلق بطبيعة الكنيسة.
1. كائن حي

إن من أصدق التشبيهات المستعملة للكنيسة أنها جسد رأسه المسيح "وأخضع كل شيء تحت قدميه وإياه جعل رأساً فوق كل شيء للكنيسة التي هي جسده" (أفسس 22:1-23 ). وهو رأس الجسد الكنيسة (كولوسي 18:1). "فإنه كما في جسد واحد هكذا نحن الكثيرين جسد واحد في المسيح وأعضاء بعضنا لبعض كل واحد للآخر" (رومية 4:12-5).
إن تشبيه الكنيسة بجسد المسيح موصوف وصفاً أكمل في 1 كورنثوس 12:12-27 فكما أن الجسد مصنوع من عدة أعضاء تختلف حجماً وعملاً ولكنها جميعاً تعمل معاً، هكذا الكنيسة تتألف من أعضاء عديدين يختلفون عملاً ومقدرة ولكنهم جميعاً يعملون معاً تحت قيادة المسيح.
وهذا يعني أن الكنيسة أكثر من منظمة. إنها كائن حي، وبما أنها جسد المسيح فهي وسيلة بها يعمل المسيح في العالم.
2. هيكل روحي

كتب بولس إلى كنيسة كورنثوس قائلاً: "أما تعلمون أنكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم" (1كورنثوس 16:3). كان للناس في العهد القديم هيكل عادي، هيكل مبني من خشب وحجر. أما في العهد الجديد فلنا الهيكل الروحي المبني من حجارة حية هي رجال ونساء مفديون. "كونوا أنتم أيضاً مبنيين كحجارة حية بيتاً روحياً" (بطرس 5:2).
لقد بني الهيكل المادي كمسكن لله وقد قال سليمان عن الهيكل الذي بناه "قال الرب أنه يسكن في الضباب وأنا بنيت لك بيت سكن مكاناً لسكناك إلى الأبد" (2أيام 1:6-2 ).
لقد وعد الله بأنه سيسكن في ذلك الهيكل "وكان كلام الرب إلى سليمان هذا البيت الذي أنت بانيه إن سلكت في فرائضي وعملت أحكامي وحفظت كل وصاياي للسلوك بها فإني أقيم معك كلامي الذي تكلمت به إلى داود أبيك وأسكن في وسط بني إسرائيل ولا أترك شعبي إسرائيل" (1ملوك 11:6-13).
وبما أنه كان مسكناً لله فلا بدّ من أن يبقى هذا الهيكل مقدساً. وقد طهّر المسيح الهيكل في مناسبتين. وبالطبع فإن له الغيرة ذاتها لحفظ هيكله الروحي مقدساً "إن كان أحد يفسد هيكل الله فسيفسده الله لأن هيكل الله مقدس الذي أنتم هو" (1كورنثوس 17:3).
لقد كان في هيكل العهد القديم أناسٌ فُرزوا كهنةً يخدمون أمام الرب، وكان هذا الامتياز مقصوراً على فئة قليلة، أما في كنيسة العهد الجديد فالكل كهنة الله. "وأما أنتم فجنس مختار وكهنوت ملوكي أمة مقدسة" (1بطرس 9:2). "وجعلنا ملوكاً وكهنة لله أبيه" (رؤيا 6:1).
كان من أعمال الكاهن أن يقدم الذبائح ولهذا يقول بطرس "كونوا أنتم أيضاً مبنيين كحجارة حية بيتاً روحياً كهنوتاً مقدساً لتقديم ذبائح روحية مقبولة عند الله بيسوع المسيح" (1بطرس 5:2).
إنّ الذبائح المقدسة في الهيكل الروحي ذبائح روحية فما هي؟
(1) ذبيحة القلب المنكسر والمنسحق. وقد عرف داود هذه الذبيحة. "ذبائح الله هي روح منكسرة القلب المنكسر والمنسحق يا الله لا تحتقره" (مزمور 17:51). ما من ذبيحة أخرى مقبولة لدى الله إلا إذا صاحبتها ذبيحة القلب المنكسر والمنسحق.
(2) ذبيحة التسبيح. في الرسالة إلى العبرانيين 15:13 نقرأ هذه الوصية "فلنتقدم به في كل حين لله ذبيحة التسبيح أي ثمر شفاه معترفة باسمه".
(3) ذبيحة الأعمال الصالحة. ومرة أخرى نقرأ في عبرانيين 16:13 "ولكن لا تنسوا فعل الخير والتوزيع لأنه بذبائح مثل هذه يسر الله".
(4) ذبيحة الحياة المكرسة. إن من أكثر الآيات المعروفة في الكتاب المقدس الآية الواردة في رومية 1:12 "فأطلب إليكم أيها الأخوة برأفة الله أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله عبادتكم العقلية".
الكنيسة كمنظمة

ما هو مثال العهد الجديد لتنظيم الكنيسة؟ هناك مميزان هامان.
1.ديمقراطية

وتحت هذا الاسم تنطوي أشياء كثيرة.
(1) عضوية طوعية. تتألف الكنيسة من أناس اختاروا الاندماج في عضويتها. ما من أحد يصبح عضواً في الكنيسة بالولادة، ولا يجوز أن ينضم أحد إلى الكنيسة مرغماً. فلكل فرد أن يختار بنفسه. قد يستطيع الآخرون أن يؤثروا عليه أو أن يساعدوه للقيام بهذا الاختيار ولكن التصميم النهائي عائد له.
(2) المساواة في الامتيازات. كل أفراد الكنيسة متساوون في الحقوق والامتيازات- الشيخ والشاب، والغني والفقير، المتعلم والأمي، جميعهم يقفون على قدم المساواة. قد يصبح البعض قادة لما هم عليه من المقدرة والتدريب ولكن ليس لهم الحق في فرض هذه القيادة والسيطرة على أخوتهم.
(3) الحكم الذاتي. الكنيسة جماعة تحكم ذاتها. ما من فرد أو مؤسسة فوق الكنيسة أو له السلطة عليها. كل كنيسة تحت قيادة الله تدبر أمورها الخاصة بها دون عرقلة من الآخرين. وليس في الكنيسة جماعة حاكمة. فالسلطة الحاكمة هي في الأعضاء ولكن هذه يجب أن تكون حسب السلطة الإلهية. وكل أنظمة الكنيسة وإدارتها يجب أن يبت فيها بتصويت الجماعة بالاعتماد على قيادة الروح القدس.
2.منظمة مستقلة

على الكنيسة أن تتعاون مع الكنائس الأخرى. ولكنها في شؤونها الخاصة يجب ألا تكون تحت إشراف الكنائس الأخرى.
(1) في علاقتها بالكنائس الأخرى. ليس للكنيسة مهما كانت قوية وذات نفوذ أي سلطة على كنيسة أخرى، مهما كانت هذه الأخرى صغيرة. وليس لأية مجموعة من الكنائس أي حق للقول لأية كنيسة أخرى ما يجب أو ما لا يجب أن تعمله. قد يقدمون النصيحة ولكن التصميم في ما يجب عمله عائد إلى الكنيسة بمفردها.
(2) في علاقتها بالجماعات الطائفية. ترسل الكنائس ممثلين عنها لمؤتمرات ومجامع حيث يجتمعون للتشاور والتعاون ولكن هذه الجماعات لا تستطيع فرض سلطتها على الكنائس المنفردة. إن التعاون لا الإرغام هو المبدأ الذي تنقاد له الكنائس والذي به ترتبط معاً في الشركة والخدمة. وبالطبع لا بد أن يكون هناك اتفاق في التعليم والتطبيق لأنه "هل يسير اثنان معاً إن لم يتواعدا" (عاموس 3:3).
(3) في علاقتها بالحكومة المدنية. ليس من حق الدولة ممارسة أية سلطة على أي كنيسة أو منظمة دينية. وليس من حق الكنيسة أو أية منظمة دينية أن تمارس أية سلطة على الدولة. لأن كلاً منهما لها مجالها الخاص ويجب أن تظلا منفصلتين ومتميزتين.
ولكن للكنيسة والدولة مطالب خاصة يجب مراعاتها واحترامها. فقد قال يسوع "أعطوا إذاً ما لقيصر لقيصر وما لله لله" (متى 21:22). على أعضاء الكنيسة أن يكونوا مواطنين صالحين للدولة مطيعين لقوانينها طالما أن هذه القوانين لا تتعارض وشريعة الله. وعلى الدولة أن تحمي الكنائس وأعمالها طالما أن الكنيسة لا تنقض حقوق الدولة.
موظفو الكنيسة

إن الوظيفتين الكنسيتين الوحيدتين المذكورتين في الكتاب المقدس هما وظيفتا الراعي والشماس. ففي كورنثوس الأولى 28:12 يقول بولس "فوضع الله أناساً في الكنيسة أولاً رسلاً ثانياً أنبياء ثالثاً معلمين ثم قوات وبعد ذلك مواهب شفاء أعواناً تدابير وأنواع السنة". على كل حال فإن هذه الأوصاف تشير إلى أناس مُنِحوا مواهب خاصة لخدمات ولا تشير لموظفي الكنيسة.
1.الراعي

هذا هو الاسم الشائع استعماله اليوم ولكنه لم يذكر سوى مرة واحدة في العهد الجديد. "وهو أعطى البعض أن يكونوا رسلاً والبعض أنبياء والبعض مبشرين والبعض رعاة ومعلمين" (أفسس 11:4). وأما الاسم الذي أطلق على هذا الخادم في العهد الجديد فهو "شيخ" أو "أسقف" والذي يعني ناظراً. وهكذا نرى أن هناك ثلاثة أسماء للخادم ذاته "راعي" "وشيخ" "وأسقف".
قيل أن أسلافنا من المعمدانيين تخلوا عن استعمال اسم أسقف أو شيخ من جراء ما علق بهذا الاسم من مغالطات غير كتابية واستعملوا الكلمة التي ليس لها مثل هذه المغالطات غير الكتابية وهي كلمة "راعي".
والظاهر أنه كان في كنائس العهد الجديد أكثر من راع واحد في الكنيسة الواحدة ولكن كم كان عددهم؟ فهذا ما لم نخبر به. وعددهم كما يظهر كان يعتمد على الكنيسة وعدد أفرادها. وبولس في رسائله إلى الكنائس كان يستعمل صيغة الجمع كلما أشار إلى هذا الخادم. "إلى جميع القديسين في المسيح يسوع الذين في فيلبي مع أساقفة وشمامسة" (فيلبي 1:1 ). وعندما نـزل إلى البر في ميليتس "أرسل إلى أفسس واستدعى قسوس الكنيسة" (أعمال 17:20 ).
(1 ) مؤهلات الراعي. هذه ذكرت في تيموثاوس الأولى 1:3-7 وفي تيطس 6:1-9 وهي تشتمل على أخلاق عالية، الخلو من اللوم، القيادة والمقدرة على التعليم. وبالاختصار فالراعي يجب أن يكون موهوباً بطبيعته وبالنعمة والتدريب. فإنها وظيفة ذات مستوى عال، ومن لا يجاهد للوصول إلى هذا المستوى العالي فليس له مكان في الخدمة.
(2) واجبات الراعي. هذه الواجبات تشملها الأسماء التي أطلقت على هذا الخادم فقد دعي "شيخاً" وهذا يعني أن يكون الأكبر سناً. وهذا الاسم يوحي بأنه ذو خبرة وجدير بالاحترام. ودعي "أسقفاً" أي ناظراً. عليه أن يسهر على الكنيسة دوماً، ويقودها ويوجهها في عملها. ودعي "راعياً" والراعي يقود قطيعه، ويرعاه ويحافظ عليه. يفتش على الخروف الضال ويعتني بالضعيف ومن لا معين له. كما أن على الراعي أن يكون واعظاً ومعلماً وقائداً ومشيراً.
(3) إعاشة الراعي. يؤكد بولس ويشدد على أن الرعاة يجب أن ينالوا إعاشة كافية ممن يخدمونهم فقد قال مخاطباً كنيسة كورنثوس "ألستم تعلمون أن الذين يعملون في الأشياء المقدسة من الهيكل يأكلون. الذين يلازمون المذبح يشاركون المذبح. هكذا أيضا أمر الرب أن الذين ينادون بالإنجيل من بالإنجيل يعيشون" (1كورنثوس 13:9-14).
ثم إن ربنا عندما أرسل تلاميذه ليبشروا ويخدموا الشعب قال لهم ألا يأخذوا معم نقوداً. "لأن الفاعل مستحق أجرته" (لوقا 7:10). وعلى الراعي ألا يكون محباً للمال (1تيموثاوس 3:3) بل عليه أن يأخذ الإعاشة اللازمة ممن يقوم لهم بالخدمة.
2.الشماس.

إن اسم شماس يعني الخادم. وقد استُعملت الكلمة أصلاً لأي شخص يخدم سواء أكانت خدمته في البيت أو في الدولة أو في الكنيسة. ولكن بمرور الزمن أصبحت تُستعمل لمن انتُخبوا ليقوموا بخدمات خاصة في الكنيسة. كما نرى أن اسم الراعي والشماس قد درج ذكرهما معاً في العهد الجديد: "إلى جميع القديسين في المسيح يسوع الذين في فيلبي مع أساقفة وشمامسة" (فيلبي 1:1). وبولس يضعهما معاً في تبيان كفاءة كل منهما في الأصحاح الثالث من رسالته الأولى إلى تيموثاوس.
(1) أصل هذه الوظيفة. إن قصة وظيفة الشماس مسرودة في الأصحاح السادس من سفر أعمال الرسل، ولو إن الاسم لم يذكر هناك. فقد كانوا سبعة في عددهم ولكن هذا لا يعني أن كل كنيسة يجب أن يكون لها سبعة شمامسة فقط. فالعدد يجب أن يعتمد على عدد أعضاء الكنيسة فقد تكتفي بعض الكنائس بثلاثة أو أربعة شمامسة بينما كنائس أخرى تحتاج إلى خمسين شماساً. لقد انتخب الشمامسة الأولون من قبل الجماعة بكاملها وفرزهم الرسل لخدمتهم بوضع الأيدي والصلاة.
(2) مؤهلات الشماس.تجد هذه المؤهلات مسرودة في سفر الأعمال 3:6 ، وفي الرسالة الأولى إلى تيموثاوس (8:3-13). فمؤهلات الشماس قريبة الشبه كثيراً بمؤهلات الأسقف. فالوقار وحسن السمعة أمران أصيلان مهمان للشماس، وبالطبع فإن هناك مؤهلات أخرى، كالمقدرة على العمل والمقدرة على القيادة. وبصرف النظر عن كل المؤهلات التي قد يحوزها الشخص فإن لم تكن أخلاقه مرضية فإنه لا يصلح لأن يكون شماساً.
(3) واجبات الشماس. إن واجبات الشماس غير محددة بوضوح في العهد الجديد فالشمامسة الأوائل اختِيروا ليعتنوا بالأمور المادية المشتركة ليتمكن الرسل من أن يكون لهم الوقت الكافي للصلاة وخدمة الكلمة. ولكن كان عليهم أن يكونوا قادة روحيين في الكنيسة، وهذا ظاهر من الأخلاق السامية التي كان من المفروض أن يتحلّوا بها. على الشماس أن يكون مساعداً للراعي في كل أوجه نشاط الكنيسة. وبالطبع فواجباته تشتمل على أكثر من مجرد جمع التقدمات وخدمة مائدة الرب.
فرائض الكنيسة

كان في كنيسة العهد الجديد فريضتان. وهاتان الفريضتان ليس لهما أية فعالية للخلاص كما أنه ليس لهما المقدرة في ذاتها لمنح أية بركة، لكنهما رمزان لحقيقتين هامتين ومراعاتهما واجبة إطاعة لوصية ربنا.
1.المعمودية

مرّت سنون عديدة وهذه الفريضة عرضة ومثار للمجادلات لأن الناس تمسكوا بما دوّنه البشر لا بما دوّن في العهد الجديد. فما الذي تقوله الأسفار المقدسة بهذا الصدد؟
(1) أصل الفريضة. بدأت فريضة المعمودية بيوحنا المعمدان الذي أُرسِل بدعوة إلهية: "كان إنسان مرسل من الله اسمه يوحنا" (يوحنا 6:1). أرسله الله لا ليعظ بالتوبة لمغفرة الخطايا فقط بل ليعمد التائبين أيضاً كرمز ظاهري لتغيير داخلي. "الذي أرسلني لأعمد بالماء" (يوحنا 33:1).
وقد أجاز يسوع هذه الفريضة باعتماده، كما ورد في إنجيل متّى 13:3-17، وعند صعوده أمر رسله قائلاً: "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس" (متى 19:28). وهكذا فالمعمودية عمل اختياري يقوم به الفرد إطاعة لوصية ربه.
(2) كيفية ممارستها: المعمودية هي التغطيس بالماء، هذا هو معنى الكلمة اليونانية. والتغطيس هو العمل الوحيد الذي يطابق وصف المعمودية الذي وصل إلينا في العهد الجديد. "فنـزلا كلاهما إلى الماء فيلبس والخصي فعمده ملما صعد من الماء خطف روح الرب فيلبس" (أعمال 38:8-39). إن هذا التعبير يصور لنا التغطيس.
بولس يصف التغطيس بأنه دفن وقيامة: "فدُفنا معه بالمعمودية للموت حتى كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضاً في جدّة الحياة. لأنه إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته نصير أيضاً بقيامته" (رومية 4:6-5).
(3) العاملون بها. المؤمنون هم وحدهم من يجوز تعميدهم. وهذا وارد في حوادث العهد الجديد وتعاليمه. ليس في العهد الجديد أي ذكر لمعمودية غير المؤمنين أو للذين لم يعترفوا بأنهم مؤمنون.
إن ضرورة الإيمان بالمسيح كأمر سابق للمعمودية الصحيحة وارد في قصة رجال أفسس كما هي مدونة في سفر أعمال الرسل 1:19-5 . فقد اقتبل هؤلاء الرجال معمودية يوحنا كما يظهر دون الإيمان المخلص بالمسيح، ولكنهم عندما اقتيدوا للإيمان الصحيح بالمخلص، عمدوا باسم الرب يسوع. فالعمل الأول لم يكن معمودية صحيحة، لأنها لم تكن معمودية مؤمنين.
(2) التشبيه. إننا بفريضة المعمودية نقدم تشبيهاً لثلاث حقائق. فهي ترمز للدفن وقيامة ربنا كما أنها تعلن اختباراً مغيّراً في حياة المؤمن هو موت إنسان الخطية القديم وقيامة الإنسان الجديد بالمسيح. إنها تعبر عن الرجاء المبارك لقيامة مجيدة للجسد عند مجيء الرب.
2.العشاء الرباني

هذه الفريضة أيضاً كانت موضوع مجادلات كثيرة من ناحية معناها وممارستها.
(1) فريضة تذكارية. إن العشاء الرباني فريضة أسسها ربنا في العلية قبل موته على الصليب مباشرة. وأمر بممارستها كذكرى لموته التكفيري. فعندما أعطى تلاميذه الخبز المكسور قال "خذوا كلوا هذا هو جسدي" (متى 26:26 )، وعندما أعطاهم الكأس قال "اشربوا منها كلكم لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا" (متى 26:27-28). ليس في الخبز أية فعالية روحية وكذلك ليس في الخمر، فما هما إلا ذكرى لجسد المخلص المكسور ولدمه المسفوك. إن القصد الأوحد العظيم من ممارسة هذه الفريضة هو إعلان موت ربنا "فإنكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء" (1كورنثوس 26:11).
(2) فريضة كنسيّة. "العشاء الرباني فريضة كنسية تمارسها الكنيسة ويشترك فيها من تمموا الشروط المنصوص عنها في العهد الجديد- إيمان مخلص، معمودية وعضوية الكنيسة.
3. قلب الإنجيل

إن الفريضتين ترمزان لحقيقتين هما قلب الإنجيل أو لبابه – موت الرب التكفيري، وقيامته المجيدة- وقد كتب بولس لمسيحيي كورنثوس قائلاً: "وأعرفكم أيها الأخوة بالإنجيل الذي بشرتكم به وقبلتموه وتقومون فيه وبه أيضاً تخلصون إن كنتم تذكرون أي كلام بشرتكم به إلا إذا كنتم قد آمنتم عبثاً. فإني سلمت إليكم في الأول ما قبلته أنا أيضاً أن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب وأنه دفن وأنه قام في اليوم الثالث حسب الكتب" (1كورنثوس 1:15-4). يجب المحافظة على هاتين الفريضتين صحيحتين حسب طريقة العهد الجديد لما ترمزان إليه من حقائق.
عمل الكنيسة

لقد أسَّسَ المسيحُ الكنيسةَ واسطةً بها يستمر عملُه في العالم. فالكنيسة يجب أن تخدم جميع حاجات الجنس البشري، ولكن عملها الأهم هو إعلان الإنجيل إلى العالم بأسره. فعمل الكنيسة إذاً محلي وعالمي. لقد خطط عمل الكنيسة عندما قال "وتكونون لي شهوداً في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض" (أعمال 8:1). كان عليهم أن يبدأوا من وطنهم ولكن دون أن يتوقفوا هناك لأن يسوع قال في مناسبة أخرى "والحقل هو العالم" (متى 38:13).
1. في محيطها

تمارس الكنيسة عملها قي محيطها بإقامة عبادة عامة وخدمة حاجة الناس، الجسدية والروحية وإن كان الواجب أن يكون التشديد على الناحية الروحية.
تسعى الكنيسة لكسب الضال وإرجاعه إلى معرفة الخلاص بالمسيح عن طريق التبشير العام بالإنجيل وبالشهادة الشخصية كما تمد يد المساعدة لمن هم بحاجة لها، إن في الكنيسة أو خارجها. إنها تجاهد للوصول إلى مستوى أخلاقي عالٍ وإقامة البر والعدل في كل علاقات الحياة.
تستطيع الكنيسة القيام بعملها على أحسن وجه فقط عندما تضمن مستوى أسمى للحياة بين أعضائها. ولن تستطيع كسب العالم بمشاكلتها للعالم. فمن أجل الكنيسة وعملها، عليها أن تحافظ على التأديب الصحيح. يجب أن تبذل الكنيسة كل جهدها لتساعد أعضاءها ليحيوا على المستوى الذي وضعه يسوع المسيح.
2. في العالم

إن كل كنيسة بمفردها يجب أن تتعاون مع الكنائس الأخرى لتنفيذ مهمتها نحو العالم أجمع ونشر الإنجيل إلى كل الأمم وفي خدمة حاجاتهم. وهذا هو القصد من الجمعيات والمجامع.
بمثل هذا التعاون فقط تستطيع الكنائس إنجاح عمل الرب. والكنائس بتعاونها هكذا تستطيع أن تجهز عمالاً للحقول المختلفة وتوفر الوسائل التي بها ينفذ العمل. وهذا يدعو إلى الأمانة في الصلاة والحياة والإمكانات المادية.
 
قديم 29 - 07 - 2015, 05:24 PM   رقم المشاركة : ( 8649 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

العالم الآتي
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"وذاقوا كلمة الله الصالحة وقوات الدهر الآتي" (عبرانيين 5:6)
تكلم يسوع في مناسبتين عن "العالم الآتي "أو "الدهر الآتي" (متى 32:12 ومرقس 30:10)، كما أن التعبير ذاته تكرر مرتين في الرسالة إلى العبرانيين (5:2 و5:6). والمقارنة هي بين هذا العالم أو هذا الدهر وبين الدهر الآتي. فالبعض قد انغمسوا في أمور هذا العالم لدرجة أنهم نسوا أن هناك عالماً آتياً.
إن معلوماتنا عن العالم الآتي معلومات محدودة فهناك الكثير عنه لا نعلمه. ولكن قد كشف لنا ما فيه الكفاية لنعرف كل ما نحتاج إلى معرفته.
الموت

الموت الطبيعي هو نصيب الجميع: "وكما وضع للناس أن يموتوا مرة" (عبرانيين 27:9). كل من عاش على الأرض مات عدا شخصين مجيدين أخنوخ وإيليا: "بالإيمان نقل أخنوخ لكي لا يرى الموت" (عبرانيين 5:11). "وفيما هما يسيران ويتكلمان إذا مركبة من نار وخيل من نار ففصلت بينهما فصعد إيليا في العاصفة إلى السماء" (2 ملوك 11:2). وكل من هو عائش على الأرض الآن سوف يموت ما لم يأتِ الرب في هذا الجيل.
ما هو الموت؟ إن الجواب عن هذا السؤال عسير كالإجابة عن السؤال: ما هي الحياة؟ الموت ليس انعدام الكيان. إنه يضع حداً للحياة على الأرض ولكن الإنسان عندما يموت لا يتلاشى كيانه. فقد قال يسوع "لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ولكن النفس لا يقدرون أن يقتلوها" (متى 28:10).
الموت هو انفصال النفس عن الجسد. وقد قال عنه الحكيم هكذا: "فيرجع التراب إلى الأرض كما كان وترجع الروح إلى الله الذي أعطاها" (جامعة 7:12). وقد وصف الموت أحياناً بأنه "تسليم الروح "وهذا هو الوصف الذي استعمل فيما يختص بموت يسوع عندما "صرخ يسوع أيضاً بصوت عظيم وأسلم الروح" (متى 50:27).
وقد استعمل في العهد الجديد تشبيهان لوصف الموت، أولهما يتعلق بالجسد ودعي رقاداً. فعند الموت يظهر الجسم كأنه يستسلم للنوم. ونجد أن هذا التعبير "رقد" قد استُعمِلَ عدة مرات، فقصة موت استفانوس اختتمت بهذه الكلمات "وإذ قال هذا رقد" (أعمال 60:7). وقيل عن داود "بعد ما خدم جيله بمشورة الله رقد" (أعمال 36:13).
وقد عزّى بولس مسيحيي تسالونيكي عن موتاهم قائلاً: "ثم لا أريد أن تجهلوا أيها الأخوة من جهة الراقدين لكي لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم" (1تسالونيكي 13:4). فكلمة "رقد" أو "نام" تتضمن أيضاً فكرة الصحو أو اليقظة. وفي الموت يرقد الجسد ولكنه يستيقظ في القيامة.
التشبيه الثاني الذي استعمل للموت يتعلق بالنفس أو الروح وقد سمي انطلاقاً. وكان هذا تعبير بولس المحبب إليه "لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح" (فيلبي 23:1).
وهكذا فعند الموت يوضع الجسد فتحتضنه الأرض ليستريح ولكن الروح تنطلق إلى عالم آخر حيث تعيش إلى الأبد.
الحالة المتوسطة

وهذه تتعلق بمكان الميت وحالته بين الموت والقيامة. أين يذهب الإنسان عند موته؟ إلى أين تنطلق الروح؟ هناك كلمة عبرية في العهد القديم هي "شيول "وقد قابلتها في العهد الجديد الكلمة اليونانية "هاديس". لقد ترجمت هاتان الكلمتان بكلمتي "الهاوية" و" الجحيم" والمقصود هو مقر الموتى، دون إشارة لحالة الميت. فكل الذين ماتوا يقيمون في "هاديس".
هذا لا يعني أن ليس هناك جهنم. فهناك كلمة ترجمت بالصواب إلى "جهنم" وهي الكلمة التي استعملها مخلصنا عندما قال "خير لك أن تدخل الحياة أقطع من أن تكون لك يدان وتمضي إلى جهنم إلى النار التي لا تطفأ" (مرقس 43:9).
هناك حقائق معينة عن حالة الموتى تكشف لنا عنها الأسفار المقدسة.
1. الأبرار

ماذا يحدث لنفس المسيحي عندما يموت؟ يقول البعض بأنها ترقد في القبر مع الجسد. ورأي كهذا يعارض ما جاء في الأسفار المقدسة معارضة تامة. فقد قال يسوع للص على الصليب "اليوم تكون معي في الفردوس" (لوقا 43:23). وعندما تكلم بولس عن موته قال "لي اشتهاء أن انطلق وأكون مع المسيح" (فيلبي 23:1). وفي سفر الرؤيا 13:14 يأتينا هذا التأكيد المبارك "طوبى للأموات الذين يموتون في الرب منذ الآن".
تظهر لنا والحالة هذه ثلاث حقائق تتعلق بموت الأبرار. إنهم في الفردوس وأنهم مع المسيح وأنهم سعداء. وهذا ينقض كل اعتقاد بالمطهر حيث يقال بأن نفوس الأبرار يجب أن تقضي فترة عذاب قبل أن تتهيأ لدخول غبطة المفديين وسعادتهم.
2. الأشرار

لا تكشف لنا الأسفار المقدسة إلا القليل عن حالة الأشرار بين الموت والقيامة. فهناك عبارتان تعطياننا كل ما نعرفه تقريباً عن هذا الموضوع. ففي مثل الغني ولعازر يقول يسوع "مات الغني أيضاً ودفن فرفع عينيه في الهاوية وهو في العذاب" (لوقا 22:16-23). وفي رسالة بطرس الثانية 9:2 نجد هذا الوصف عن موت الخاطئ "يعلم الرب أن ينقذ الأتقياء من التجربة ويحفظ الأثمة إلى يوم الدين معاقبين". وكما أن الموتى الأبرار قائمون في حضرة الرب في حالة سعادة هكذا الموتى الأشرار فإنهم مفصولون عن الرب وهم في حالة تعاسة.
رجوع المسيح

إن البعض لم يعد يعطي هذا التعليم الاهتمام الواجب لكثرة ما وضع من نظريات حول مجيء المسيح الثاني. مع أنه ذكر في كلمة الله أن هذا التعليم هو رجاء المسيحيين المبارك "منتظرين الرجاء المبارك وظهور مجد الله العظيم ومخلصنا يسوع المسيح" (تيطس 13:2).
وهنا ومرة ثانية نجد أن معلوماتنا بهذا الصدد محدودة ولذلك فإنه لخطر دائم أن نذهب لأبعد مما كشف لنا في الأسفار المقدسة. على كل فهناك عدة حقائق أصبحت معروفة تتعلق برجوع المسيح.
1. يقينية رجوعه

ما من حقيقة كُشفت في كلمة الله بوضوح أكثر من هذه الحقيقة. وسنورد بعض الآيات بهذا المجال. عندما وقف التلاميذ على جبل الزيتون شاخصين إلى السماء والرب منطلق "إذا رجلان قد وقفا بهم بلباس أبيض وقالا أيها الرجال الجليليون ما بالكم واقفين تنظرون إلى السماء. إنّ يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقاً إلى السماء" (أعمال 10:1-11). وبولس يقول "لأن الرب نفسه بهتاف بصوت رئيس ملائكة وبوق الله سوف ينـزل من السماء" (1تسالونيكي 16:4). وفي عبرانيين 28:9 نجد ما يلي "هكذا المسيح... سيظهر ثانية بلا خطية للخلاص للذين ينتظرونه".
قال يسوع لتلاميذه: "سمعتم أني قلت لكم أنا أذهب ثم آتي إليكم" (يوحنا 28:14). وقد قال الكثير لتلاميذه عن كيف يجب أن يكونوا مستعدين لرجوعه. والأصحاح الرابع والعشرون من بشارة متى وآيات مماثلة في البشائر الأخرى تتوسع في البحث عن رجوع الرب. أما أن نجعل موت الإنسان هو الإتمام لهذه المواعيد فهذا مما لا يتفق والأسفار المقدسة.
2. طبيعة رجوعه

أشياء عديدة كشفت حول هذا الموضوع.
(1) شخصي ومنظور. قال الرجلان اللذان ظهرا للتلاميذ على جبل الزيتون "إنّ يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقاً إلى السماء" (أعمال 11:1). سوف يرجع بذات الطريقة الشخصية التي فارقهم بها وسيكون مجيئه منظوراً للجميع. "هوذا يأتي مع السحاب وستنظره كل عين" (رؤيا 7:1). سيكون رجوعه أكثر من مجرد رجوع روحي.
(2) فجأة وعلى غير انتظار. هذا هو الوصف الذي وصفَ يسوعُ به رجوعَه. إنه سيكون بسرعة لمعان البرق: "لأنه كما أن البرق يخرج من المشارق ويظهر إلى المغارب هكذا يكون أيضاً مجيء ابن الإنسان" (متى 27:24). وشعوب الأرض لن تكون مترقبة عودته "لأنه كما كانوا في الأيام التي قبل الطوفان يأكلون ويشربون ويتزوجون إلى اليوم الذي دخل فيه نوح الفلك ولم يعلموا حتى جاء الطوفان وأخذ الجميع، كذلك يكون أيضاً مجيء ابن الإنسان" (متى 38:24-39).
(3) بمجد عظيم. "ومتى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه" (متى 31:25) "وحينئذ يبصرون ابن الإنسان آتياً في سحاب بقوة كثيرة ومجد" (مرقس 26:13). "لأن من استحى بي وبكلامي فبهذا يستحي ابن الإنسان بمجده ومجد الآب والملائكة القديسين" (لوقا 26:9).
3. وقت مجيئه

إن كثيراً من البلبلة حول مجيء المسيح الثاني تسببت عن محاولات البشر لتحديد وقت لرجوعه. فمنذ صعوده إلى السماء إلى يومنا هذا وبعض الناس يعتقدون بأن مجيئه سيكون في أيامهم. يحسن بنا أن نضع نصب أعيننا ما قاله ربنا عن عودته:
(1) الوقت يعرفه الآب وحده. يقول يسوع في إنجيل مرقس 32:13 "وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن إلا الآب".
إن هذا السر لا يعرفه إلا الآب. وحسن أنه كذلك. لنفترض أن الناس عرفوا متى يرجع المسيح وكان الحادث المجيد قريباً وعلى الأبواب فستكون بلبلة كتلك التي كانت في تسالونيكي في أيام بولس.
وإذا تبيّن أن الوقت سيكون في المستقبل البعيد فسيهمله البشر إهمالاً تاماً. ولكن لأنه ما من بشر يعرف متى سيكون ذلك اليوم يظل الجميع يحيون في حالة استعداد له. "لذلك كونوا أنتم أيضاً مستعدين لأنه في ساعة لا تظنون يأتي ابن الإنسان" (متى 44:24).
(2) إنذار بعدم تفحص أسرار الله. ليس للناس أن يتفحصوا الأسرار التي لم يَرَ الله مناسباً أن يكشفها. فعندما سأل الرسل المسيح بعد قيامته عن الوقت الذي فيه يردُّ المُلْكَ لإسرائيل أجابهم: "ليس لكم أن تعرفوا الأزمنة والأوقات التي جعلها الآب في سلطانه" (أعمال 7:1 ).
(3) موقف ترقب. إن موقف شعب الله يجب أن يكون موقف ترقب. فقد يعود الرب في أية لحظة. قال يسوع "اسهروا إذ أنكم لا تعلمون في أية ساعة يأتي ربكم" (متى 42:24). وأحسن ما نتهيأ به لمجيء الرب أن نكون مشغولين في العمل الذي أعطانا أن نعمله "طوبى لذلك العبد الذي إذا جاء سيده يجده يفعل هكذا" (متى 46:24).
4. العصر الألفي

إن أي بحث عن رجوع الرب ليثير مجادلات وأسئلة تتعلق بالعصر الألفي. إنّ هذه الفترة ومداها ألف عام قد ذُكرت مرة واحدة في الكتاب المقدس في سفر الرؤيا 1:20-10. ويصادف مصاعب كثيرة شرح هذه المقطوعة في سفر مليء بالصور الكلامية والرموز. ولكن على كل حال هناك آيات من أسفار أخرى تلقي بعض الضوء على هذا الموضوع.
هناك مدرستان من المفسرين يطلق عليهما "القائلون بالمجيء قبل الألف" و"القائلون بالمجيء بعد الألف" وسنشرح باختصار ما تعتقد به هاتان المدرستان.
(1) القائلون بالمجيء قبل الألف. ترى هذه المدرسة أن الشرور ستزداد في العالم وستتوج هذه الفترة برجوع المسيح وسيكون لمجيئه ظاهرتان.
الأولى، يجيء أولاً لقديسيه، وفي هذا الوقت سيقوم الموتى بالمسيح، وسيتغير المسيحيون الأحياء. وسيختطف كلاهما – المقامون من الموت والأحياء بالمسيح – في السحب لملاقاة الرب. وهذا ما يُعرف أحياناً بالاختطاف وهو موصوف في تسالونيكي الأولى 15:4-17. وسيتبع هذا فترة ضيق على الأرض يؤمن بنو إسرائيل خلالها ويصبحون رسلاً للإنجيل.
ثانياً، يأتي مع قديسيه. فعندما تقترب فترة الضيق من نهايتها سيعود المسيح مع قديسيه ويتبع ذلك دينونة الأمم. والشيطان سيُقيَّدُ، ويملك المسيح مع قديسيه لمدة ألف عام. في نهاية هذه الفترة يطلق الشيطان من عقاله وتحدث معركة هرمجدون العظيمة التي فيها يظفر المسيح بنصره النهائي. والشيطان يُطرح في بحيرة النار. ثم يلي ذلك قيامة الأشرار حيث الدينونة أمام العرش الأبيض العظيم.
(2) القائلون بالمجيء بعد الألف. بناءً على ما تقوله هذه المدرسة من المفسرين فسيكون هناك نصر تدريجي للإنجيل في العالم. يتوج هذا النصر بفترة صلاح وعدل وسلام تستمر مدة ألف عام. ويجعل بعض المفسرين المعاصرين هذا العصر الألفي غير محدد فيقولون أنه يمتد من الصلب حتى نهاية العالم، وعند ظهور المسيح ستكون قيامة عامة للموتى والأبرار والأشرار تليها الدينونة.
ومن المحتمل أن الغالبية من المسيحيين اليوم يشعرون بأن همهم الأعظم يجب أن يوجه إلى عمل الرب لا إلى صرف وقتهم في مناقشات التفاصيل المتعلقة برجوع الرب، والبعض يدعون أنفسهم "الذين لا يعتقدون بحرفية الألف سنة". إن حقيقة رجوعه الأكيد ونصره النهائي يتفق فيها الجميع ويجب أن تكون هذه الحقيقة رجاءنا ومبعث إلهامنا الدائم.
القيامة

فيما يختلف الشعب المسيحي في الرأي حول ما يتعلق بالقيامتين – قيامة الأبرار وقيامة الأشرار- فإنهم يتفقون على أن الأبرار والأشرار سيقومون من الموت. وهذا ما تعلمنا به أسفار العهد القديم والعهد الجديد بوضوح. ففي سفر دانيال النبي 2:12 نرى هذه العبارة: "وكثيرون من الراقدين في تراب الأرض يستيقظون هؤلاء إلى الحياة الأبدية وهؤلاء إلى العار للازدراء الأبدي". كما يقول بولس أيضاً "ولي رجاء في ما هم أيضاً ينتظرونه أنه سوف تكون قيامة للأموات الأبرار والأثمة" (أعمال 15:24).
فالأسئلة التي كانت تُسأل في أيام بولس عن القيامة ما زالت تُسأل اليوم "لكن يقول قائل كيف يقام الأموات وبأي جسم يأتون" (كورنثوس 35:15). إن قيامة الجسد حقيقة لا يصعب على من يؤمن بالله أن يقبلها. قال بولس لأغريباس "لماذا يعد عندكم أمراً لا يصدق إن أقام الله أمواتاً" (أعمال 8:26).
فإن كان الله في البدء قد صنع جسد الإنسان من تراب أفلا يقدر أن يقيم الجسد من التراب؟ إن الفداء لا يكمل حتى تأتي القيامة. فعندما يموت المسيحي فإن روحه تكون مع الرب، ولكن جسده يكون مدفوناً في الأرض. فهل هذه النهاية؟ إن الأسفار المقدسة تقول لا. فسيقام الجسد ثانية جسداً مفدياً مناسباً لسكنى روح مفدية. فكيف تكون طبيعة الجسد المقام؟ ليس في نص الكتاب المقدس إلا القليل عن قيام الأشرار، لكن هناك الكثير عن قيامة الأبرار. وقيامة المسيح تعطينا تأكيداً ومثالاً عن قيامة شعبه. وهناك حقيقتان ظاهرتان هما:
1. تظلّ للمقامين من الموت ذاتيّاتهم

إن الجسد المقام سيشابه الجسد المائت تماماً، فقد قام جسد يسوع من القبر وأظهر نفسه حياً لتلاميذه وأظهر لهم أثر المسامير في يديه. فقد كان إلى حد ذات الجسد الذي أضجع في القبر. وهكذا ستكون الحال مع أجساد شعب الله المقامة.
2. أجساد متغيرة

سيختلف جسد القيامة عن الجسد المائت، فبولس يقول "إن لحماً ودماً لا يقدران أن يرثا ملكوت الله. ولا يرث الفساد عدم الفساد" (1كورنثوس 50:15)، ثم يصف التغيير الذي يحدث كما يلي "يزرع في فساد ويُقام في عدم فساد. يزرع في هوان ويُقام في مجد. يزرع في ضعف ويُقام في قوة يُزرع جسماً حيوانياً ويُقام جسماً روحانياً" (42-44).
مما تقدم نرى أن جسد القيامة سيكون عديم الفساد، قوياً ممجداً وروحياً. سيكون كجسد المسيح الممجد: "فإنّ سيرتنا نحن هي في السموات التي منها أيضاً ننتظر مخلصاً هو الرب يسوع المسيح الذي سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده" (فيلبي 20:3-21). "أيها الأحباء الآن نحن أولاد الله ولم يظهر بعد ماذا سنكون، ولكن نعلم أنه إذا أظهر نكون مثله لأننا سنراه كما هو" (يوحنا 2:3).
الدينونة

يعتقد بعض المفسرين بأنه ستكون هناك أكثر من دينونة واحدة، بينما يعتقد آخرون بأنه ستكون دينونة واحدة فقط. على كل حال فالكل يتفقون على حقيقة الدينونة. إن العهد الجديد يحوي عبارات أكيدة كهذه: "لأنه أقام يوماً هو فيه مزمعٌ أن يدين المسكونة بالعدل" (أعمال 31:17). "وكما وضع للناس أن يموتوا مرة ثم بعد ذلك الدينونة" (عبرانيين 27:9).
1. القصد من الدينونة

إن القصد من الدينونة ليس تقرير المصير. لأن هذا يتقرّر إلى الأبد حينما يموتُ الإنسان. فلن تكون للإنسان فرصة في العالم الآتي. ويقول الدكتور أ. هـ. سترونغ: "إن هدف الدينونة الأخيرة ليس التأكد من أخلاق الفرد بل الكشف عنها وتعيين الحالة الموافقة لها".
وبولس يقول: "لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنَّنَا جَمِيعاً نُظْهَرُ أَمَامَ كُرْسِيِّ الْمَسِيحِ، لِيَنَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا كَانَ بِالْجَسَدِ بِحَسَبِ مَا صَنَعَ، خَيْراً كَانَ أَمْ شَرّاً" (2 كورنثوس 5: 10).
إن قصد الدينونة سيكون منح الثواب أو العقاب. فلن ينال كل المخلصين الثواب ذاته. كما أنه لن يكون عقاب الهالكين بمقياس واحد. فالله سيعطي كلاً حسب أعماله وسيكون الثواب والعقاب حسب الفرص التي مُنحت للإنسان وحسب المسلك الذي سلكه فيها.
2. الديان

إن الأسفار المقدسة تعلن أن المسيح سيكون هو الديان: "لأَنَّهُ أَقَامَ يَوْماً هُوَ فِيهِ مُزْمِعٌ أَنْ يَدِينَ الْمَسْكُونَةَ بِالْعَدْلِ بِرَجُلٍ قَدْ عَيَّنَهُ مُقَدِّماً لِلْجَمِيعِ إِيمَاناً إِذْ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ" (أعمال 17: 31). "لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنَّنَا جَمِيعاً نُظْهَرُ أَمَامَ كُرْسِيِّ الْمَسِيحِ" (2 كورنثوس 5: 10).
إن الذي قدم نفسَه مخلِّصاً هو الذي سيقف الناسُ أمامَه ليُدانوا. لقد وقف يسوع أمام بيلاطس ولا بد من يومٍ يقف فيه بيلاطس أمام يسوع.
3. طبيعة الدينونة:

تُرى كيف تكون طبيعة هذه الدينونة الأخيرة؟
(1) شخصية. "إِذاً كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا سَيُعْطِي عَنْ نَفْسِهِ حِسَاباً لِلَّهِ" (رومية 14: 12). لن يضيع الفرد في المجموع، وكل واحد سيعطي حساباً عن نفسه وليس عن غيره.
(2) عامة. إنها ستشمل كل الشعوب "لأننا جميعاً سوف نقف أمام كرسي المسيح" (رومية 14: 10). لن ينجو منها أحد. "ورأيت الأموات صغاراً وكباراً واقفين أمام الله" (رؤيا 20: 12).
(3) دقيقة. ستشمل الدينونة الأفكار والأقوال والأعمال "إذاً لا تحكموا في شيء قبل الوقت حتى يأتي الرب الذي سينير خفايا الظلام ويظهر أراء القلوب" (1 كورنثوس 4: 5). وبهذا الصدد يقول يسوع "ولكن أقول لكم أن كل كلمة بطالة يتكلم بها الناس سوف يعطون عنها حساباً يوم الدين" (متى 12: 36). كما أننا نقرأ في سفر الرؤيا20: 13 "ودينوا كل واحد بحسب أعماله".
(4) عادلة وبلا محاباة. إن الله لا يحابي الوجوه فموقف الإنسان على الأرض لن يكون له أية علاقة بموقفه أمام الله. لن يكون في ذلك اليوم أخطاء أو سوء تنفيذ للعدالة فكل واحد سينال ما يستحقه بالعدل.
(5) نهائية. لن يكون الحكم الصادر في الدينونة أي نقض لتلك الدينونة ولا استئناف لمحاكمة أخرى لأن الحكم الذي سيصدر في ذلك اليوم هو حكم أبدي.
الحالة النهائية

وسيكون الأبرار والأشرار في حالتهم النهائية بعد الدينونة. وستكون هذه الحالة أبدية في مداها.
1- الأبرار:

إن حالة الأبرار النهائية يمكن النظر إليها من ناحيتين.
(1) حالتهم. تقول الأسفار المقدسة أن الأبرار يدخلون حياة أبدية: "فَيَمْضِي هَؤُلاَءِ إِلَى عَذَابٍ أَبَدِيٍّ وَالأَبْرَارُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ" (متى 25: 46). كل مسحيح حقيقي هو مالك للحياة الأبدية: "اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِالاِبْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ" (يوحنا 3: 36). ولكن الخاتمة المجيدة ستكون في العالم الآتي.
الحياة الأبدية هي بما لا يقاس أكثر من مجرد وجود أبدي. فهي تشير إلى نوع الحياة أكثر مما تشير إلى مداها. إنها حياة الله في نفس الإنسان. إنها الحياة بكل ملئها، ومجدها وقوتها، حياة لا تحدها حدود الأرض، فقد قال يسوع: "وَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلَهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ" (يوحنا 17: 3). إنها حياة شركة مع الله وخدمة مفرحة.
(2) مسكنهم. إن مسكن الأبرار النهائي هو السماء. وقد وصف يسوع هذا المسكن بأنه حقيقي: "فِي بَيْتِ أَبِي مَنَازِلُ كَثِيرَةٌ وَإِلاَّ فَإِنِّي كُنْتُ قَدْ قُلْتُ لَكُمْ. أَنَا أَمْضِي لِأُعِدَّ لَكُمْ مَكَاناً، وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَاناً آتِي أَيْضاً وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضا" (يوحنا 14: 2- 3).
لقد وُصِفت السماء بتشبيهات عديدة في كلمة الله، ولكن ليس هناك عبارة في اللغة نستطيع أن نصف بها مجد السماء، فليس فيها قط ما يسبّب الألم والأسى: "وَالْمَوْتُ لاَ يَكُونُ فِي مَا بَعْدُ، وَلاَ يَكُونُ حُزْنٌ وَلاَ صُرَاخٌ وَلاَ وَجَعٌ فِي مَا بَعْد" (رؤيا 21: 4). سيكون في السماء كل ما يشبع اشتياق النفس العميق- راحة وسلام وفرح وشركة وخدمة.
2. الأشرار:

إن حالة الأشرار النهائية يمكن النظر إليها أيضاً من ناحيتين.
(1) حالتهم. كما يدخل الأبرار حياة أبدية يدخل الأشرار موتاً أبدياً. ولكن كما أن الحياة الأبدية لا تُشير بالدرجة الأولى إلى الكيان الأبدي فكذلك الموت الأبدي لا يعني انقطاع الكيان، إنه انفصال عن الله ومجد الحياة الأبدية. وكما أن حالة الأبرار هي حالة سلام وفرح فكذلك حالة الأشرار بؤس وعذاب "هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ مَتَى رَأَيْتُمْ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ فِي مَلَكُوتِ اللهِ وَأَنْتُمْ مَطْرُوحُونَ خَارِجاً" (لوقا 13: 28).
(2) مسكنهم. إن مسكن الأشرار النهائي قد دُعيَ جهنم وهذا أيضاً مكان حقيقي. لقد وُصف بتعابير تشبيهية، ولكن هذه لم تمنع حقيقة جهنم الرهيبة. فقد قال عنها يسوع "الظلمة الخارجية" ومكان "حَيْثُ دُودُهُمْ لاَ يَمُوتُ وَالنَّارُ لاَ تُطْفَأُ" (مرقس 9: 48). إن مسكن الأشرار حقيقي وأبدي.
إننا عندما نفتكر بهذه الأشياء تصبح آية يوحنا 3: 16 أثمن ما لدينا: "لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ". ويزداد شعورنا بمسؤوليتنا في إيصال إنجيل الخلاص إلى العالم الهالك في الخطية.
 
قديم 29 - 07 - 2015, 05:26 PM   رقم المشاركة : ( 8650 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

ذلك الكتاب العجيب
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"عجيبة هي شهاداتك" (مزمور 119: 129)
"الكتاب المقدس" هو الاسم الذي أُطلق على مجموعة الكتابات المقدسة التي نسميها "الأسفار المقدسة" لأن مؤلفه هو الروح القدس, ولأنه يبحث في أمور مقدسة.
مرة أعطي أحد الصينيين المثقفين نسخة من الكتاب المقدس, وبعد مدة رجع إلى المعطي وسأله "ما هو السر في هذا الكتاب الذي أعطيتني إياه الذي يجعله يختلف عن غيره من الكتب؟ أني قرأت الكثير من التعاليم الأخلاقية الجيدة في الأدب الصيني ولم أضطرب في داخلي عندما اقترفت خطأ ما قبل هذا الكتاب, وأما الآن فأشعر باضطراب كلما أخطأت. فما الذي يختلف يا ترى؟".
قال السياسي العظيم كلادستون "لقد تميز الكتاب المقدس بطابع خاص في أصله ولذلك فإن هناك فرقاً كبيراً يميزه عن أي كتاب يحاول منافسته".
إن الكتاب المقدس أكثر من كتاب عادي, إنه مكتبة تحوي ستة وستين سفراً ولذا دعي "بالمكتبة الإلهية" ففيه أسفار في القانون, والتاريخ, وسير العظماء, والشعر, والنبوات.
إن كاتب المزامير لم يكن له إلا القسم الصغير من العهد القديم غير أن هذا القسم بنظره كان كتاباً عجيباً "عجيبة هي شهاداتك" فكم يكون أعجب هذا الكتاب المقدس الكامل الذي هو بين أيدينا. إذاً ما الذي يجعل الكتاب المقدس عجيباً إلى هذا الحد؟.
إنه كتاب موحى به

الكتاب المقدس هو الكتاب الوحيد في العالم أجمع الذي يستطيع أن يدعي بحق بأنه موحى به بكل ما في كلمة الوحي من معنى.
1. معنى الوحي

قال بطرس "بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" (2 بطرس 1: 21). الكتاب المقدس كتبه أناس, ولكنهم كانوا أناساً مسوقين بالروح القدس.
وقولنا أن الكتاب كله موحى به لا يعني أن جميع أجزائه متعادلة الأهمية. فسفر اللاويين الذي يشرح الناموس الطقسي ليس له ذات الأهمية التي لرسالة رومية, التي تظهر خطة الله العظيمة للخلاص. الفصل العاشر من سفر التكوين, الذي يعطينا لائحة بالأسماء, لا يمكن مقارنته بالأصحاح الثالث من إنجيل يوحنا الذي يظهر محبة المخلص. ولكن كل جزء من الكتاب المقدس له موضعه الخاص وهو جزء متمم لهذا الكل. إن إعلان الله بحد ذاته كان بصورة تدريجية. والعهد القديم هو بمثابة الأساس للعهد الجديد. وقولنا أيضاً أن الكتاب موحى به لا يعني بأن الكاتب لم يقم بجهد للوصول إلى الحقائق من دونها. فإن لوفا مثلاً يقول في مقدمة إنجيله "رأيت أنا أيضاً إذ تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس" (لوقا 1: 3). إذاً لقد قام بمجهود دقيق ليتأكد من الحقائق مقتاداً بإرشاد سماوي في عمله.
لقد كتب الكتاب المقدس باللغتين العبرية واليونانية- العهد القديم كتب باللغة العبرية, والعهد الجديد كتب باليونانية. عن الوسيلة الوحيدة لنسخ الأسفار في تلك الأيام كانت نسخها باليد وهذه عملية شاقة طويلة فكان عددها قليلاً جداً وهكذا فقدت المخطوطات الأصلية, وكل ما هو بين أيدينا اليوم نسخ عن النسخ الأصلية المكتوبة باليد, وكتابنا المتداول اليوم هو ترجمة لهذه النسخ القديمة. كانت النسخ الأصلية موحاة بها من الله وهناك كل الأدلة على أن كمال أو نـزاهة النسخ الأصلية قد صينت بطريقة عجيبة.
2. طريقة الوحي

لا يتفق كل المسيحيين على طريقة الوحي. كما لا يتفق جميع المعمدانيين في هذا الموضوع. ولك هناك على العموم اجتهادين سنأتي على ذكرهما للاستفادة.
(1) الوحي الميكانيكي. يعتقد البعض بالوحي الحرفي الكامل, أي بأن كل كلمة في الكتاب أملاها الروح القدس بصورة مباشرة أو غير مباشرة. وقد كتب الناس ما أمرهم الله أن يكتبوه حرفياً. ففي سفر الخروج 24: 4 نقرأ ما يلي. "فكتب موسى جميع أقوال الرب" وفي ارميا 30: 1-2 نقرأ ثانية "الكلام الذي صار إلى ارميا من قبل الرب قائلاً هكذا تكلم الرب إله إسرائيل قائلاً اكتب كل الكلام الذي تكلمت به إليك في سفر". ويقول بولس أيضاً "ونحن لم نأخذ روح العالم بل الروح الذي من الله لنعرف الأشياء الموهوبة لنا من الله التي نتكلم بها أيضاً لا بأقوال تعلمها حكمة إنسانية بل ما يعلمه الروح القدس" ( 1 كورنثوس 2: 12-13).
وحقيقي أيضاً أن الكتّاب لم يفهموا أحياناً كل ما هو مضمون فيما كتبوه. فاشعياء والأنبياء الآخرون لم يتفهموا تماماً كل ما كتبوه عن حوادث المستقبل بل كانوا يكتبون ما أمرهم الله بأن يكتبوه: "الخلاص الذي فتش وبحث عنه أنبياء.الذين تنبؤا عن النعمة التي لأجلهم. باحثين أي وقت أو ما الوقت الذي كان يدل عليه روح المسيح الذي فيهم سبق فشهد بالآلام التي للمسيح والأمجاد التي بعدها" (1 بطرس 1: 10-11).
(2) الوحي الديناميكي. ويمكننا أن نسميه الوحي الفكري. أي ما يعارض الإيحاء الحرفي. وبناءً على هذه النظرية, نقول أن الكلمات كانت من وضع الكاتب واختباره ولكن الحقيقة المدونة كانت من الله. أي أن الفكرة فكرة الله والصيغة التي صيغت بها هي من وضع الكاتب, وهذا ما يعطي الكتًاب مجالاً لتبيان شخصيتهم وهذا ما يفسر تنوع الأساليب في الكتابات المتعددة الحاضرة.
وسيان ما كانت طريقة الوحي, فالذين دونوا الكتاب كانوا تحت قيادة إلهية مكنتهم من تدوين ما أراد الله أن يدونوه. ويشرح الدكتور أ, ه. سترونغ هذه النظرية بقوله "يظهر أن مدوني الأسفار قد سيطر عليهم الروح القدس بطريقة جعلتهم يتفهمون ويتحسسون حتى الحقائق الجديدة التي كان عليهم أن يدوِّنوها وكأنها من بنات أفكارهم. ثم تركوا لأعمال أذهانهم للتعبير عن هذه الحقائق مع استثناء واحد هو أنهم كانوا محفوظين بقوة خارقة للطبيعة تمنعهم من اختيار الكلمات الخاطئة وعند مسيس الحاجة كانوا يمنحون الكلمات الصحيحة. فالوحي إذاً حرفي بنتائجه وغير حرفي من حيث تقبُّلها".
3. أدلة الوحي

ما هو الدليل على أن الكتاب المقدس كتاب موحى به؟
(1) ادِّعاء مدوّني الكتاب المقدس أن الذين دوّنوا الكتاب يدعون بأنهم كانوا ينطقون بلسان الله أو أن الله كان يتكلم بهم. "اسمعي أيتها السموات وأصغي أيتها الأرض، لأن الرب يتكلم" (أشعيا 2:1). "فكانت كلمة الرب إليَّ قائلاً...." (أرميا 4:1). "وأعرفكم أيها الأخوة الإنجيل الذي بشرت به أنه ليس بحسب إنسان لأني لم أقبله من عند إنسان ولا علمّته. بل بإعلان يسوع المسيح" (غلاطية 11:1-12). وقد أعلن بولس أن "كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع" (2 تيموثاوس 16:3). وهناك أقوال أخرى كثيرة في الكتاب تؤيد وحيه.
(2) وحدة الكتاب المقدس: لم يكتب الكتاب المقدس شخص واحد بل اشترك في كتابته أشخاص عدة يمثلون نواحي شتى في الحياة، فمنهم الراعي والمزارع وصياد السمك والفلاح ولم يكتب جميعه في عصر واحد إذ هناك فترة التقارب الستة عشر قرنا مابين كتابة السفر الأول والأخير من الكتاب. ولم يكتب في مكان واحد إذ كتبت أجزاء منه في البرية وأخرى في فلسطين وغيرها في أماكن متعددة امتدت من روما إلى بابل ولم تكتب النسخ الأصلية لتؤلف كتابا واحدا لأن كل كاتب كتب مستقلا عن الآخر ومع هذا كله لما جمعت هذه الأسفار بإرشاد الروح القدس أتت كتاباً واحداً له وحدة عجيبة لا يفسرها شيء سوى أن يد الله الهادية كانت تعمل فيه.
(3) محتويات الكتاب المقدس: يحتوي الكتاب المقدس على حقائق ونبوات ورسالة للبشر لا يمكن أن تكون من إنتاج العقل البشري المجرد.
أولا: هناك حقائق دُوّنت في الكتاب المقدس لا يمكن للبشر معرفتها لو لم تكن قد أعلنت لهم من الله. تظهر الطبيعة بعض صفات الله، ولكن الحقيقة الكاملة المتعلقة بطبيعته وقصده تعرف فقط بواسطة النص الموحى به والذي قدمه لنا بكلمته. وهناك حقائق لا يمكن فهمها إلا إذا أدركناها روحياً "ولكن الإنسان الطبيعي لا يقبل ما لروح الله لأنه عنده جهالة ولا يقدر أن يعرفه لأنه إنما يحكم فيه روحياً" (1 كورنثوس 14:2).
ثانياً: إتمام النبوات يشهد بوحي الأسفار. أن العهد القديم يحوي نبوات لم تتم إلا بعد مرور عدة قرون. فمكان ولادة يسوع وطرقتها قد أنبئ عنها قبل حدوثها بسبع مئة سنة، والأصحاح الثالث والخمسون من اشعياء يحتوي على وصف عجيب لآلام الرب وموته كما نرى هذا التعبير يتردد مرارا في الأناجيل "ليتم ما قاله الله بالنبي". وفي المجمع في الناصرة قرأ يسوع من الفصل الحادي والستين من سفر اشعياء ثم أغلق الكتاب وقال: "اليوم قد تم هذا المكتوب في مسامعكم" (لوقا 21:4). فكيف يمكن للبشر أن يهتكوا حجب المستقبل ليخبروا بالضبط والتأكيد عن أشياء ستتم؟ ليس من جواب أكيد سوى: لقد أوحى الله لهم بذلك.
ثالثاً: إن رسالة الكتاب المقدس تثبت أنه موحى به. فقد قيل عن يسوع "لم يتكلم قط إنسان هكذا" (يوحنا 46:7). وهذا حق لأنه لم يقم مطلقاً إنسان كذلك الإنسان. وعلى ذات الغرار يمكن القول عن الكتاب المقدس بأنه :"لم يتكلم كتاب قط كهذا الكتاب" لأنه لم يقم مطلقاً كتاب كهذا الكتاب. فهو يعلمنا عن ماهية إلهنا كما يظهر لنا قباحية الخطية ونتائجها الوخيمة كما يشير إلى طريق الخلاص. لقد كانت تعاليم الكتاب هي المنبع الأسمى لمثاليات العالم الروحية والخلقية. ولولا الكتاب لظل العالم يتخبط في الظلام الروحي.
(4) شهادة يسوع: إن أقوال يسوع تؤكد وحي الكتاب. إذ طالما اقتبس من أسفار العهد القديم معتبراً إياها ذات سلطة إلهية. "قال لهم يسوع أما قرأتم في الكتب. الحجر الذي رفضه البناؤون هو قد صار رأس الزاوية. من قِبَلِ الرب كان هذا وهو عجيب في أعيننا" (متى 42:21). "فأجاب يسوع وقال لهم تضلون إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله" (متى 29:22). "ثم ابتدأ من موسى ومن جميع الأنبياء يفسر لهما الأمور المختصة به في جميع الكتب" (لوقا 27:24).
كان الناس يتساءلون عن وحي أسفار العهد القديم ولكن يسوع لم يخطر بباله مثل هذا التساؤل على ما يظهر. فقد اتخذ حادثتين من حوادث العهد القديم، تلك الحوادث التي كان يدور حولها التساؤل، واستعملهما لإيضاح حقائق أبدية أولاهما تتعلق بالطوفان فقال "لأنه كما كانوا في الأيام التي قبل الطوفان يأكلون ويشربون ويتزوجون ويزوجون إلى اليوم الذي دخل فيه نوح الفلك ولم يعلموا حتى جاء الطوفان وأخذ الجميع، كذلك يكون أيضا مجيء ابن الإنسان: (متى 38:24 – 39).
والثانية، هي أن البعض قد استخف بقصة يونان والحوت ولكن يسوع قال "لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال" (متى 40:12). وقد قال يسوع أيضاً في حديثه الأخير مع تلاميذه قبيل موته "في بيت أبي منازل كثيرة و إلا فإني كنت قد قلت لكم" (يوحنا 2:14). لم يكن يسمح لتلاميذه أن يتبقوا بآمال لو لم تكن هذه الآمال تتحقق. وعلى الأساس ذاته لو لم تكن الأسفار التي آمنوا بها صحيحة لكان قد أخبرهم بذلك.
الوعد الذي وعد به يسوع تلاميذه يؤكد وحي أسفار العهد الجديد "وأما المعزي الروح القدس الذي سير سله الآب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم" (يوحنا 26:14).
وهذا يفسر لنا كيف استطاع الكتَّاب أن ينقلوا أحاديث يسوع الطويلة بعد مضي سنين عديدة على تفوهه بها.
وقد قال يسوع ثانية "أن لي أموراً كثيرة أيضاً لأقول لكم ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن وأما متى جاء ذلك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية" (يوحنا 12:16- 13).
(5) تأثير الكتاب المقدس حيثما وجد الكتاب وجد التغيير في حياة البشر وحياة الأمم، فمن تأثيره تحوّل الخطأة إلى قديسين والأمم المتوحشة المتأخرة إلى أبناء الله. لقد ولد التعزية في القلوب الحزينة والشجاعة في الأرواح اليائسة.
وما من رائعة في الأدب أو الموسيقى أو الفن إلا وكان مرجعها إلى تأثير الكتاب ولذلك قال جورج وشنطن "لا يمكن أن يساس العالم سياسة صالحة بدون الله والكتاب المقدس" أما يوحنا ر.كرين فيقول "لم يمر بأمة تغيير كالذي مرّ بإنكلترا في الفترة التي تفصل بين أواسط ملك إليزابيث واجتماع البرلمان الطويل. إذ أن إنكلترا قد أصبحت شعب كتاب وذلك الكتاب كان الكتاب المقدس.
إنه كتاب ديني

لا يتطرق الكتاب المقدس إلى جميع مناحي الحياة فلم تكن الغاية منه تعليم العلوم أو ما يتفرع منها. إنه أولا وقبل كل شيء كتاب ديني يوجه الإنسان إلى الله ويعلمه كيف يعيش وبما أنه كتاب ديني يجب أن نشدد على الحقائق التالية:
1- كتاب ذو سلطان:

إن للكتاب المقدس سلطة جازمة قطعية في كل ما يتعلق بنواحي الدين، لقد ركز البعض كرسي السلطة في الكنيسة، وهؤلاء يدّعون بأن الكنيسة هي التي تعِّين ما على البشر أن يؤمنوا به وكيف يجيب أن يعيشوا، وبموجب هذه النظرية يكون كرسي السلطة فعلاً بيد أصحاب الرتب العالية في الكنيسة.
آخرون ينسبون للكتاب المقدس سلطة جزئية. فيقولون بأن الكتاب يحوي بذرة الحقيقة، لكن هذه البذرة يجب أن يضاف إليها بعض القوانين البشرية. فللكتاب المقدس بالنسبة لأصحاب هذه النظرية سلطة في الأمور الجوهرية. إلا أنه مجرد من السلطة في الأمور الثانوية. ولكن من هو الذي يستطيع أن يضع الحد الفاصل بين ما هو جوهري وما هو غير جوهري؟ إن الكتاب نفسه لم يضع مثل هذا الحد، للكتاب سلطة جازمة قاطعة في كل الأشياء التي يبحث فيها.
هناك فئة أخرى ترفض سلطة الكتاب. وتنظر إلى ضمير الفرد والعقل البشري كسلطة دينية. وحسب رأيهم هذا الفهم لا يقبلون أي حقيقة ما لم تخضع للعقل ويوافق عليهما الضمير. ورأي كهذا يترك الإنسان ولا سلطان عليه بل هو سلطان نفسه.
يصف بولس حياته قبل إيمانه بقوله "فأنا ارتأيتُ في نفسي أنه ينبغي أن أصنع أموراً كثيرة مضادة لاسم يسوع الناصري وفعلتُ ذلك أيضاً في أورشليم فحَبستُ في سجون كثيرين من القديسين آخذاً السلطان من قِبَلِ رؤساء الكهنة ولما كانوا يقتلون ألقيت قرعة بذلك" (أعمال 9:26 – 10). لقد كان يتبع كلتا السلطتين سلطة رؤساء الكهنة وسلطة ضميره الشخصي. كان يفعل ما يأمره به رجال الدين أو ما كان يشعر في قلبه بأن عليه أن يفعله.
فإن كان الكتاب المقدس موحى به من الله فلا بد وأن يكون له السلطة القاطعة الباتة في رسالته. وعندما يتكلم الكتاب فيجب أن يطاع. وفي أكثر من مرة أثناء مقارعة بولس للقادة الدينيين وأخطائهم كان يرجع إلى الكتب المقدسة. وعندما كان يتكلم في المجمع في تسالونيكي "كان يحاجُّهم من الكتب" (أعمال 2:17). وفي رسالته إلى رومية عندما وضع لهم التعاليم العظيمة بشأن الخلاص نعثر على تعابير كهذه: "لأنه ماذا يقول الكتاب" (3:4). "لأن الكتاب يقول" (11:10). إلى الكتاب إذن يجب أن نتجه متخذين إياه مصدراً للسلطة. وعندما يكون علينا أن نختار بين كلمة الإنسان وكلمة الله "ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس" (أعمال 29:5).
2– كتاب كاف:

إن الكتاب المقدس لدليل كاف في المسائل الدينية. أنه لا يكشف لنا عن كل الحقائق الدينية ولكنه يكشف لنا عما هو ضروري للإنسان أن يعرفه ليصل إلى غايته. أنه كله قاعدة كافية للإيمان والعمل. يعرّف الإنسان كل ما هو ضروري لأن يؤمن به، وكل ما يحتاج إلى عمله. أنه يسهل طريق الخلاص لدرجة أن "من سلك الطريق حتى الجهال لا يضل". أنه يبين خطة الله لكنيسته ولجميع أعمالها. كما يبين طريقة الحياة التي يجب أن يتبعها كل رجل و امرأة، أنه يهتك الستر المسدل ليلمح الناس رؤيا العالم الآتي. الكتاب المقدس ليس كتاب قوانين لكنه كتاب مبادئ. أنه لا يقول "أفعل" أو "لا تفعل" لكل أمر من أمور الحياة ولكنه على العكس يضع المبادئ الأساسية العظيمة التي تقود الإنسان لأن يصمم بذاته ويكيف حياته بحسب تلك المبادئ.
3- كتاب نهائي:

لن يكون هناك كتاب مقدس آخر لأن لا حاجة لكتاب آخر لأنه يشتمل على كل ما يلزم الإنسان أن يعرفه إلى انقضاء الدهر. وهذا لا يعني أنه لن يكون هناك تفسيرات جديدة للكتاب أو أنه لن يستخرج منه حقائق جديدة، فكنوزه لا تنضب. ولم يستطع جيل من الأجيال أن يستخرج من كل الحقائق الكامنة فيه. إنه كتاب نهائي في رسالته.
لن يستطيع العالم مطلقاً أن يسبق الكتاب فقد قال يسوع في أحد أحاديثه الأخيرة "السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول" (متى 35:24). كما أعلن بطرس أن "كلمة الرب تثبت إلى الأبد" (1 بطرس 25:1). وقال يسوع أن كلمته ستدين العالم في اليوم الأخير: "من رذلني ولم يقبل كلامي فله من يدينه. الكلام الذي تكلمت به هو يدينه في اليوم الأخير" (يوحنا 48:12).
كتاب حي فعال

هذا ما يدعيه الكتاب المقدس لذاته "لأن كلمة الله الحية وفعّالة" (عبرانيين 12:4). إنه حي وفعّال لأنه كلمة إله حي فعّال. لذا يصفه بطرس بقوله. كلمة الله الحية الباقية. (1 بطرس 23:1). إنه حي وفعال لأنه كلمة إله حي فعال. لذا يصفه بطرس بقوله. كلمة الله الحية الباقية. (1 بطرس23:1). لم يقيّض لكتاب أن يكون له هذا العدد الضخم من الأعداء، الذين حاولوا تدميره بكل ما لديهم من قوة. هزأ به الملحدون وازدراه غير المؤمنين. تنبأ فولتير الكاتب الفرنسي الملحد بأنه لن تمضي مئة سنة حتى يصبح الكتاب المقدس نسياً منسياً، أما انكرسل فقد ذهب إلى أبعد من هذا فأعلن أنه لن تمضي عشر سنوات حتى يصبح الكتاب المقدس كتاب غير مقروء، ولن يمضي عشرون عاماً حتى يصبح في طي النسيان. لكن هذين الرجلين قد توسدا التراب منذ سنيين عديدة وأوشك الناس أن ينسوا اسميهما بينما الكتاب المقدس ما زال حياً وما زال أكثر الكتب رواجاً.
أما أن الكتاب كتاب حي فعال فهذا واضح من التشبيهات التي شبه بها.
1. زرع

هذا هو التشبيه الذي استعمله يسوع "الزرع هو كلام الله" ( لوقا 10:8). والزرع أو البذر شيء تكمن فيه الحياة. عثر المنقبون قبل عدّة سنين على بعض البذور في قبر أثري في مصر. وقيل آنا ذاك أن تلك البذور كانت تحتفظ بالحياة بالرغم من مرور القرون، فقد زرعت ونمت وأثمرت. لا أعرف مدة الصحة من هذه القصة ولكني أعرف أن بذرة كلمة الله لا تزال بالرغم من مرور القرون بذرة حيّة. فهي عندما تزرع في القلب البشري تنمو وتثمر. قرأت عن أستاذ في علم الزراعة اعتاد أن يحمل في يده بذرة بنية اللون صغيرة ويخاطب تلاميذه بقوله:"إنني أعرف سر تركيب هذه البذرة بالضبط. إنها تحتوي على الهدروجين والكربون والنتروجين. كلما أعرف نسبة كل من هذه العناصر بعضها لبعض وباستطاعتي أن أصنع حبة مثلها أو تشبهها تماماً. ولكنني إذا زرعت حبتي ستنتج عدماً. وستنحل عناصرها ويمتصها التراب ولكنني إذا زرعت الحبة التي خلقها الله فستصبح نباتاً لأنها تحتوي في ذاتها العنصر العجيب الذي ندعوه عنصر الحياة. وعلى ذات الغرار يستطيع الناس صنع كتاب يشبه الكتاب المقدس في مظهره. وقد يطبع على نوع الورق ذاته ويغلّف بمثل غلافه ولكن هناك فرقاً كبيراً مازال قائماً. فكلمة الله فيها الحياة وعندما تغرس في تربة صالحة فإنها تعطي ثمراً.
ليس في البذرة حياة فحسب ولكن فيها قوة. إنها فعالة. إنها عندما تنمو في جوف الأرض تدفع أمامها كل ما يعترض طريقها. كثيرا ما نرى حجراً كبيرا أثقل من أن يزحزحه الإنسان، ومع ذلك فقد دفع جانباً وأحياناً قد يفلق إلى فلقتين من جراء نبتة نامية على بذرة صغيرة وقعت في شق ذاك الحجر.
2. نور

يقول مرنم المزامير "سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي" (مزمور 105:119). إن كلمة الله سراج ونور والبشر سيّاح ومسافرون في سبيل مجهول، فهم بحاجة إلى نور يبدد ديجور الظلام ويكشف الطريق أمامهم ولذلك فهم بحاجة إلى سراج أو نبراس يكشف طبيعة الأرض التي يسيرون عليها ويكشف العثرات والمزالق التي قد تعترض السبيل، وفي كلمة الله سيجدون ذلك النور هو ذلك السراج. وكل من يسير على ذلك النور لا يضل ولا يعثر أو يسقط. قال روبرت ج. لي مرة "إن الكتاب المقدس إذا قورنت به الكتب الأخرى تظهر ضئيلة الأهمية، وقد كان دائماً مصدر نور وقوة في حيرتي ويأسي".
3. نار

" أليست هكذا كلمتي كنار يقول الرب" (أرميا 29:23).النار عامل مطهر ومدمر. توضع المعادن في النار لكي يحترق ما يخالطها من أقذار وهكذا تتنقى المعادن وكذلك كلمة الله لها فعاليتان أيضاً. إنها عامل يطهر ويدمّر إنها للذين يرفضونها رائحة موت لموت ولكنها لأولئك الذين يخضعون لها رائحة حياة لحياة. من المحتمل أن النبي كان يؤكد على القوة المطهرة للكلمة. بينما رأى مرنم المزامير قوة كلمة الله المزكية عندما يقول "بم يزكي الشاب طريقه؟ بحفظه إياه حسب كلامك" (مزمور 9:119).
4. مطرقة

لاحظ النبي أن كلمة الله لم تكن كنار فقط ولكن كمطرقة أيضاً "وكمطرقة تحطم الصخر" (أرميا 29:23). إن يوم الخميس بالإنكليزية "ثيرزدي" وذلك نسبة للإله "ثور" عند الشعوب السكندينافية. وقد لهذا الإله ثلاث ميزات بها يعمل: حزام يضاعف قوته: زوج من القفازات ومطرقة لا يستطيع إنسان رفعها. وبهذه المطرقة الهائلة كان يحطم العمالقة ويربح الانتصارات.
هذه خرافة ولكنها ليست خرافة بالنسبة لكلمة الله، فهي مطرقة هائلة تفتت الصخور. وقلوب غير المؤمنين وصفت بكلمة الله بقلوب صخرية وكلمة الله هي المطرقة التي تفتت مثل هذه الصخور. وبقوة الكلمة تصبح القلوب الصخرية قلوب منكسرة منسحقة.
ذهب أحدهم ليستمع إلى الواعظ د.ل.مودي آملاً أن يجد ما ينتقده في العظة. ولكنه عاد إنساناً آخر وقد وصف حالته هذه بقوله "لقد وقف مودي يسحقني بآية من الكتاب إثر آية حتى نفذ إلى عظامي.
5. سيف

و "سيف الروح الذي هو كلمة الله" (أفسس17:6) وهذا يعني أما السيف الذي يستعمله الروح أو السيف الذي يقدمه الروح، وكلا المعنيين صحيح. كلمة الله هي السيف الذي يستعمله الروح للتبكيت والتجديد والتقديس. بهذه الكلمة يعزي القلوب الحزينة ويمنح الشجاعة للأرواح البائسة.
ولكن كلمة الله هي أيضاً السيف الذي يضع الروح بيد المحارب المسيحي. إنها سلاحه في الدفاع والهجوم. الكلمة هي التي تجابه التجربة وتقهرها.
لقد أعطانا ربنا المثل. عندما هاجمه الشيطان بأقوى تجاربه، لم يجادله المسيح ولكنه قال له "مكتوب" ثم استمر يقتبس من كلمة الله. وبعد ثلاثة تجارب انسحب الشيطان مقهوراً. أما ناظم المزامير فيجد خير طريقه لصد التجارب وهي "خبأت كلامك في قلبي لكيلا أخطئ إليك" (مزمور 11:119).
إن كلمة الله للمسيحي هي سلاح للمهاجمة . بهذا السيف عليه أن يتقدم ويربح الانتصارات. سنة 1870 وقف مرسل من مواطني جزر الهاواي أمام جمهور غفير من الشعب بينهم أعضاء من العائلة المالكة والشخصيات البارزة. ثم رفع نسخة من كلمة الله وقال "ليس بالبارود والقنابل، ليس بالسيف أو المدافع ولكن بكلمة الله الحية وروحه سنمضي قدماً لفتح هذه الجزائر للمسيح". وبهذا السيف الهائل، على الكنسية أن تربح العالم للمسيح. إن كلمات الوعظ التي فاه بها بولس للواعظ الشاب منذ أمد بعيد ما زالت تدوي عبر الأجيال وتردد على مسامع المبشرين في يومنا هذا: "أكرز بالكلمة".
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 02:42 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024