28 - 07 - 2015, 06:10 PM | رقم المشاركة : ( 8601 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يوم الكذب العالمي
قال أحد الملحدين لأحد المسيحيين لماذا لديكم الكثير من الأعياد، أما نحن فليس لنا أي عيد، فأجاب المسيحي وقال أنتم لكم عيد أول نيسان أي عيد الكذب!... واليوم الأول من شهر نيسان مخصّص للكذب في كل العالم، ويقولون لكي يبرروا الكذب، انها اكاذيب بيضاء وطاهرة اي على سبيل المرح!... وفي اللغة الانجليزية يسمى عيد الحمقى او يوم الاغبياء.... ويوم الكذب هو تعبير رمزي صحيح عن البشر، لان من اكثر الصفات السيئة المنتشرة في كل مكان وزمان هي الميل الى الكذب، اي عدم قول الحقيقة او قول انصاف الحقيقة.... والنفاق او الرياء الذي انتقده يسوع، هما نوع من الحياة المشحونة بالاكاذيب... والكتاب المقدس يسمّي الشيطان او ابليس، الكذاب وابو الكذاب (يوحنا 8)، لانه يكذب على البشر، ويخبرهم بأنصاف الحقائق، كالذي يضع 99% من اللبن و 1% من السموم، فهذا يكفي لقتل البشر... وكثيرا ما يصدّق البشر اكاذيب ابليس.... والكذب يدل على ضعف الناس، وعجزهم لمواجهة وقول الحقيقة، فيلجأون الى الاكاذيب وتشويه الحقائق... منذ ان كان الانسان في الجنة، اي في افضل واجمل واروع مكان، اتاه ابليس بجسم حية، ونجح باسقاط الانسان، واخراجه من الفردوس عن طريق الكذب.. في البداية، زرع العدو التشكيك في كلام الله، اذ قال "أ حقا قال الله"... ثم قال "لا لن تموتا"، اذ قال لابوينا ان ما قاله الله، هو غير صحيح،فكذّب الله!.. وما زال ابليس يهلك الناس ويدمّر العائلات عن طريق التشكيك فيما قاله الله في الكتاب المقدس، ثم ينتقل بسرعة الى انكار ما قاله الله، واقناع البشر ان كلام الرب للبشر هو اكاذيب. والمسيح في انجيل يوحنا 8 جمع الصفتين معا، اذ قال عن الشيطان انه الكذّاب والقتّال. فمن خلال اكاذيبه، يُهلك الناس فيعيشون كذبة، وعندما يموتون، يكتشفون ان العمر كله كان كذبة كبيرة، ابتلعوها من جيل الى جيل. فعند الوفاة، تنفتح عقول الناس على الحقيقة، فيكتشفون ان كل حياتهم كانت عبارة عن الاول من نيسان، كان يوم واحد من الاكاذيب. لان العمر سريع وينتهي بسرعة فائقة، فيُصاب البشر بالصدمة، اذ ظنوا ان عمرهم طويل وان لديهم متسع من الوقت، ويكتشفون ان في عمرهم على الارض، ابتلعوا اكاذيب متنوعة من ابليس، اذ اقنعهم ان ما قاله الله ان هناك ابدية ودينونة ومواجهة مع الله، وان العمر هو مجرد مرحلة انتقالية، كلّه اكاذيب... والانسان يميل الى تصديق الاكاذيب، ويهرب من الحقيقة.. مع ان الله اكثر صفة يحبها هي الصدق ... فالانسان لا يمكن ان يتعرف على الله، الا عن طريق الحقيقة والصدق... فكلمة صِدّيق تعني في العبرية صادق... فيمكن للقدير ان يعذرك، لأي ضعف او زلة، لكن لن يتفهم اذا اتجهت الى الله، وانت غير صادق. فاني لعلى يقين ان في النهاية، الذين يخلصون والذين يقبلهم الله، هم فقط الصادقون، مهما كان سقوطهم، ومهما اسودّت خطاياهم. وسيرفض الله حتما المرائين والمنافقين، حتى ولو كانوا من الوعّاظ ومن حافظي الكتاب المقدس... والكذب هو شائع بشتى الطرق والاساليب والاشكال، وهو ليس يوما واحدا، بل هو كل يوم من ايام السنة.. وهو طريقة للتغطية على اخطاء الانسان، التي هي اكثر من شعر رأسه. فالانسان يخجل من الظهور على عيوبه، فيلجأ الى تغطيتها بالاكاذيب، فيميل الى الظهور بعكس ما هو. فالناس يدفعون ملايين الدولارات لاجل شراء مواد التجميل والعطور والملابس الفاخرة، بهدف التغطية على الحقيقة، والتظاهر بالكمال والجمال.... لكن الانسان عاري امام الله، ومع الانسان ينظر الى المظهر الا ان الله لن تخدعه المظاهر، بل يرى الحقيقة، فلا يرى الثياب ولا يشم العطور ولا يرى المساحيق، بل يرى الانسان على حقيقته الكاملة، وكل شيء مكشوف امام الله القدير. لذلك فمن الحكمة، ان يكون الانسان صادقا امام الله.. ويحذرنا الكتاب المقدس من ان نكذب بعضنا على بعض، ولا يقصد فقط عدم قول الحقيقة، بل ايضا الادّعاء والتمثيل والتعامل بعضنا مع بعضنا، ونحن نتظاهر بما ليس حقيقتنا، بل نتقمّص شخصية اخرى، ويظننا الاخرون بما لسنا عليه... ومن اكثر انواع الكذب الذي يعيشه البشر، هو تشويه سمعة الاخرين، وتضخيم الامور المتعلقة بالشائعات، لذلك يحذرنا الانجيل من ادانة الآخرين، وتصديق كل شي يشوه صورة الاخرين، بل يدعونا اذا سمعنا خبرا، ان نفحص جيدا ونمتحن الامور ونسأل ونتأكد من الخبر قبل تصديقه، وعدم تشويه سمعة الاخرين... بل المحبة تستر الكثير من الخطايا، فمحبتنا للاخرين تدعونا الى ان نستر اخطاء الاخرين، لا ان نفضحهم، اي ان نقبل الاخرين، ولا ننقل الاخبار المشوهة عن الاخرين من مكان الى آخر، وكثيرا ما يكون كذبا... يبدو ان الناس يتمتّعون بتشويه وتحقير الاخرين، حتى ولو كان كذبا، لان متعتهم احيانا تكون في تصغير الاخرين، لان عن طريق ذلك، يغطّون عن اخطائهم هم... وفي الانجيل في بداية الكنيسة الاولى في سفر الاعمال، عندما كانت الكنيسة في اوج قوتها وحيوتها، نقرأ عن حادثة غريبة عن زوجين اي رجل وامرأة، واجههم الرسول بطرس، وماتا في الحال، فقط بسبب كذبة واحدة.... ونستغرب كيف ان الله اماتهما مجرد لسبب كذبة، ربما ندعوها كذبة اول نيسان او كذبة بيضاء.... لكن عندما نفهم ان احيانا امرا يبدو بسيطا وتافها يعكس كل حقيقتنا، ويُظهر ما نحن عليه. ففي هذه الحالة لم يموتا، لانهما تفوها بكذبة واحدة، بل لان حياتهما كانت عبارة عن كذبة، فهم اعتادوا التمثيل في كنيسة الله واعتادوا التظاهر والظهور بالمظهر الذي يمدحه الجميع، مع انها ليست الحقيقة، فالله محبة، لكنه يبغض الرياء. ويدعوه خمير الرياء، لانه ينتشر بسرعة فائقة، وهو التظاهر بغير الحقيقة والتظاهر بالمظهر الجميل الذي يمدحه الاخرون، ويكون تغطية للحقيقة، وهذا يكون اشر وابشع اذا حدث في كنيسة الله، حيث يكون الرب في وسطها... ولعل هذا اشر الامور.. مع انه من الطبيعي ان البشر يخطئون، والله يعلم ذلك، ولم يخلق الانسان كاملا، لكن الله لن يتقبل التمثيل والادعاء والرياء والنفاق خاصة في كنيسته، وكثيرون في مكان متعددة، تتلخّص حياتهم، بأنها عبارة عن كذبة كبيرة، تبدو بيضاء، لكنها سوداء وبشعة، وتبدو بريئة لكنها مهلكة وبغيضة.. كل عام والجميع بدون الكذب، بخير.... |
||||
28 - 07 - 2015, 06:11 PM | رقم المشاركة : ( 8602 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
قُم انزل إلى بيت الفخاري
وأمر الرب ارميا النبي، بالنزول الى بيت الفخاري، لكي يعلّمه درسا هاما لن ينساه... وارميا اسم عبري يعني الرب يرفع.. والرب ارادنا ان نعلم هذه الحقيقة، "لكي يرفعك الرب، عليك ان تنزل اولا، ولكي تنزل، عليك ان تقوم اولا، ثم تنزل، فتتعلم، فيرفعك الرب، لكي تتمشى على المرتفعات الروحية، وتشهد عن حكمة ونعمة وامانة الرب.... في البداية، يدعونا الرب ان نقوم من سباتنا ومن حالة التواتر والروتين، لان حياة الايمان هي حياة تجديد، وتجد في كل يوم درساً، وهي ليست حياة خمول وكسل وتصلب وتحجر.. وطلب الرب من ارميا النبي ان ينزل ويتضع وينكسر ويذل ويخضع ارادته لارادة الرب على اساس الثقة بمحبة الرب وحكمته، لان كل افكاره هي لخير المؤمن.... فقام النبي ونزل الى بيت الفخاري.. من اهم واعظم دروس الايمان، هو التجانس مع الرب، فالرب يريد ان نشاركه مشاعره وافكاره، وننسجم مع ما يجول في خلجه، وما يدور في اعماق قلبه... والرب اراد من ارميا ان يصوّر تنازل الرب الخالق القدير، وهو في السماء اذ قام ونزل واتى الى عالمنا، اي الى ارضنا، كما قام يسوع وانحنى ليغسل ارجل التلاميذ، بعد ان خلع ثوب المجد، ولبس ثوب بشر حقير، ليتجانس الخالق مع مخلوقاته، اذ قال لموسى "ننزل ونرى معاناة الشعب في مصر"... وهكذا تنازل الرب من خالق قدير وعليّ عظيم، وتحول الى فخاري يتعامل مع التراب القذر ليصنع منه وعاءا لمجده واستخدامه.. اناء يخدمه ويتمم مقاصده .. وقد قصد الرب القدير ان يصنع من تراب لا قيمة له ومن غبار يداس من الجميع، ليحوّله الى اناء جميل، يكون في قصر الملوك، بل يدخل سماء الاله العجيب ليلمع في المجد الى ابد الابدين.... اراد الله العلي ان يدعو النبي عبده ليراقب عمل الرب مع البشر التراب، ويبصر قدرته على صنع، من تراب مجهول لا ينفع لشيء، خزف مجيد لاستخدام رب السماء... في هذا العمل نرى اولا حكمة العلي ونعمته، ونبصر محبته لاختيار وعاء فاسد حقير لمجده، ونرى ايضا تنازله اذ قبِل ان يتعامل مع مادة قذرة وملوثة وتلوِّث، لتظهر ايضا طول اناة القدير وقوة احتماله لإناء حقير الى هذا الحد... من الواضح ان المخلوق الذي ينكر قيمته وحجمه الحقيقيين، لا ينفع لعمل القدير، فالرب مستعد لتطبيق كل مقاصده العجيبة، ما زلنا نعترف ونقتنع بماهيتنا الحقيقية، نحن لسنا اكثر من غبار وتراب، ونسير الى رماد لا ينفع لشيء الا للدوس!... وشعر الرب الاله بنشوة، عندما وقف مقابله النبي ارميا، مراقبا مشهدا مشابها لما فعله الرب مع البشر.. اراد الله ان يجد بشرا يهمه مراقبة عمل الخالق، وما زال الرب يبحث، ليس عن معلمين ووعاظ منشغلين بانفسهم، بل الذين يهمهم اتمام مشيئة الرب، بصنع مجسم يجسد افكار الخالق نحو البشر عمل يديه.... من اعظم اهداف الرب القدير هو ايجاد بشر، يشاركونه افكاره ومشاعره ومقاصده، اي ايجاد بشر حقير، يفهم خالقه ويتفهمه.. وضع هذه السليقة في اعماق البشر، فمن ابلغ ما يصل اليه الانسان، هو مشاركة خالقه اعمق افكاره .. وليس غيظ اعظم من اكتشاف ان مَن حولك، لا يفهمونك ابدا، حتى ولو اعز واقرب الناس اليك... لكن الوعاء فسد، فالانسان الذي صنعه الخالق باتقان، فسد، وهذا ليس لخطأ في الفخاري الماهر، بل هذه طبيعة التراب الذي يميل الى الفساد، وليس مستغربا ان يفسد.. لكن الفخاري بحلمه ونعمته لم ينفذ صبره، بل عاد فعمله من جديد، لم يغضب او قذفه بعيدا وداسه بغضبه، بل بطول اناة، امسكه وجمعه وعاد وعمله من جديد.. والرب اراد ان يعبّر للنبي عبده عن مشاعره اولا عندما اختار مادة التراب الحقيرة وشعوره القاسي عندما فسد الوعاء، ومدى قوة احتماله عندما لم يرمه، بل تمسك به وعاد فعمله بشكل افضل واجمل... مع ان الرب لكي يخلق الانسان، احتاج الى التنازل العجيب، فالفخاري، لكي يصنع الوعاء الخزفي، عليه ان ينخني الى ادنى نقطة، وجمع التراب، مما يلوّث يديه، ثم بكل دقة وتأنّي، يعمل على صقله، وبصبر شديد، يصنعه كما يحلو له.. والرب في هذه القصة لا يقصد فقط ارميا النبي، بل اراد جميعنا ان نفهم مشاعر الخالق وندخل الى اعماق قلبه، لكي نختلس ولو نظرة، لما خطط له القدير، نحونا المخلوقات العاجزة والحقيرة... كما قال الرسول بولس "لنا هذا الكنز في اواني خزفية، لكي يكون فضل القوة لله لا منا"(2 كو 4)... من العجيب ان الفخاري الاعظم، لم ييأس او يحبط من فساد الوعاء الذي صنعه ولم يرمه، مما يؤكد ان لله تصميم على التعايش مع البشر.. ليس لدى الرب اية مشكلة من اننا تراب وغبار لا قيمة له، بل هو مستعد ان يحتملنا بفرح. المشكلة الوحيدة امام الرب هي ان البشر ينسوا انهم تراب، ويتعاملون وكأنهم ذهب او ماس، مع الرب اراد وعاءا من خزف، وليس من ذهب لكي يكون فضل القوة لله وليس للبشر... فالذهب والماس والاحجار الكريمة لن تتمم مقاصده، بل التراب، لصنع انية لمجده..من هذه نستخلص اعظم الدروس، ان الله القدير قصد ان يختارنا ونحن تراب، ولن يتنازل عنا مهما خيبنا امله، ومهما اتعبناه. اما اذا نسينا حجمنا وحقيقتنا وبدأنا نتعامل مفتخرين بانفسنا وبما لنا، عندها نثبت اننا لا ننفع لمقاصده ونكون غير ملائمين كمادة خام لاتمام خطته العجيبة الابدية.... ويستمر الفخاري في صقل الوعاء على الدولاب المعد لهذه العمل، حتى يظهر الوعاء لامعا، يعكس وجه الفخاري.. وهكذا الرب القدير بطول اناة منقطعة النظير، مستعد ان يمسك البشر واحدا فواحدا، دون كلل او ملل، ويضع واحدا فواحدا على دولاب الايام ودولاب الزمن ودولاب الاحداث ويتابع في تدوير الدولاب، والوعاء يتخبط، ويمسح الفخاري يديه على كل اطراف الوعاء، ليتحسسه ويعرف متى يصير الوعاء مالسا وناعما ورقيقا ووديعا وملآنا نعمة بما فيه الكفاية.. والحد الفاصل هو عندما يتمكن الفخاري من رؤية وجهه بشكل واضح على سطح الوعاء... هل نثق ان الفخاري الاعظم هو ممسك بزمام امور حياتنا؟.. فليست هنالك صدفة او مصادفة او قضاء وقدر، بل الاله الحكيم يتنازل ويجلس بنعمته مخصصا كل وقته، لكي يصقل ويشكّل الوعاء الخزفي كما يحسن في عيني الفخاري... هل نشعر بمحبة القدير؟ وعندما نجتاز تخبطات وتقلبات الحياة، نحتاج ان نثق ان الفخاري، متحكم بكل الامور، فلا يحدث الا ما يسمح به الفخاري الحكيم، ولا يسمح، الا بما يخدم مقاصده، وكل مقاصده ليست النجاح العالمي والتقدم الاجتماعي وحتى ليست الخدمة المسيحية او المعرفة الكتابية، بل هدفه الاعظم صقلنا ليصوغنا على شبه ابنه يسوع، لكي نكون مشابهين على صورة ابنه (رومية 8).. كثيرا ما نصدم، عندما يحدث امرا في حياتنا لا نتوقعه ونحبط، ونظن ان الامور ليست كما يجب، ولا نصدق ان لله قصدا من كل ما يحدث في حياتنا. يضع الرب البعض على الدولاب اليوم، والبعض الاخر غدا... ودائما يسمح الفخاري بامور لا نتوقعها بل نحسبها قسوة.... فعندما يضعنا الرب على الدولاب من اعلى، نفرح ونفتخر على الاخرين ونتحكم بالاخرين ونحكم عليهم، وبعد ايام نكون في اسفل الدولاب اي من تحت الدولاب، فنبدأ نصرخ طالبين النجدة، ظانين ان الامور انفلتت واننا هلكنا وانتهينا ولم يعد رجاء او امل في الحياة... ان اهم درس من حادثة الفخاري هو وجوب الثقة في الخالق.. ان الذي خلقنا، لم يخلقنا لكي يعذّبنا او ليؤلمنا، بل لان له قصدا هاما ابديا... ولكي نعبر المادة بنجاح، نحتاج الى الثقة بالرب الذي مات على الصليب لاجلنا.. فكما الفخاري يمتلئ بالغبار والوحل، اذ يعمل طول النهار من وعاء الى وعاء، هكذا الخالق كان مستعدا ان يصير كمخلوقاته جسدا لحما ودما وعظما... ويتساءل الخالق، الا يستحق الخالق العظيم والفادي العجيب ان يثق به خلائقه؟؟ أ ليس من البديهي بعد معرفة مقاصد الله نحونا، ان نرمي انفسا على دولاب الخالق، صارخين "اعمل بي ما تشاء، فانا اثق بك يا خالقي ويا جابلي ويا فادي العظيم.. اصنع بي ما تشاء ولا اريد ان اقارن نفسي بالاخرين"، فلا يمكن مقارنة التراب الذي بيد الفخاري لصنع الوعاء، بالتراب الذي لا يريده الفخاري. وايضا لا يمكن مقارنة الوعاء الذي في اعلى الدولاب، مع الوعاء في اسفل الدولاب او على جنبه، فكل وله اختباره مع الرب..... |
||||
28 - 07 - 2015, 06:14 PM | رقم المشاركة : ( 8603 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عبور من الموت إلى الحياة
يقول العهد الجيد ان كل ما كُتب في العهد القديم، كتب لاجل تعليمنا (رو 15) وكتب مثالا لنا (1 كو 10) وهو ظل (عبر 7) لامور روحية وسماوية في العهد الجديد... لاينبغي ان نفهم احداث العهد القديم حرفيا، لان الحرف يقتل (2 كور 3)، لكن يجب فهمها وتطبيقها روحيا، ويجب النظر الى كل ما كتب في العهد القديم من خلال يسوع (لوقا 24)، ويجب رؤية كل الامور متعلقة بيسوع.... والا فلا معنى لها ولا طعم ولا لون ولا رائحة... فقصة تقديم ابراهيم لابنه اسحق مثلا او خروج الشعب من مصر او هدم اسوار اريحا او مواجهة داود لجليات، كل هذه القصص التاريخية وغيرها من احداث العهد القديم لا تعني لنا شيئا ولا قيمة لها، الا اذا فهمناها في ضوء العهد الجديد، وفقط حين ننتبه ان المعنى روحي، وان القصد منها امور هامة جدا في الحياة المسيحية... فقصة ابراهيم وهو يقدّم اسحق ابنه، لها رونق ومعنى عميقان، حين نعلم انها صورة لتقديم الله ليسوع كفارة عن خطايانا، وحادثة داود وجليات لها معنى عظيم حين ندرك انها صورة رائعة ليسوع الذي واجه الشيطان بالضعف، وقصة سقوط اسوار اريحا تتحول الى صورة مجيدة لسقوط الاسوار والمعطلات والتحديات الروحية بالايمان في حياتنا... فالبعض يخطئ حين يحاول فهم قصص العهد القديم حرفيا، والبعض الاخر يخطئ ايضا حين يتجاهل كل احداث العهد القديم مدعيا انها لا تخصنا... دعنا نتأمل في بعض الصور، وتطبيقها على الحياة المسيحية اليوم: مصر العبودية: الصورة الاولى هي عندما كان الشعب قديما في ارض مصر لسنين طويلة، مستعبدين من الشعب المصري.. ففرعون ملك مصر اذل الشعب قديما واستعبده واستغله وتحكّم به وتسلّط عليه ونزع منه كل حرية ، كل هذا صورة دقيقة وواضحة صوّرها الروح القدس، ليرينا العبودية التي يقبع فيها كل البشر الذين يستعبدهم الشيطان ويذلّهم. ولا توجد لله اية مشكلة مع مصر كبلد، لان الله احب الجميع، لكن الله اختارها صورة ايضاحية، اولا لانه دولة كبيرة ثم لانها بلاد جافة تخلو من الامطار وكل اعتمادها على نهر النيل فيها، وهي رمز للعالم الذي يستغني عن الله ويعتمد على ذاته، لكنه مكان للعبودية الروحية المذلة .. اراد الله ان يرينا مدى العبودية الروحية التي يقبع بها البشر تحت سلطان الظلمة والخطية والشر... ارسالية موسى: رأى الله عبودية الشعب، فخطط بمحبته لينقذهم وينجيهم من الاذلال.. فدعا موسى وحضّره وأهّله واعطاه دورة تدريبية (خروج 3)، ثم ارسله ليُخرج الشعب من عبودية قوية وشرسة، وهذا رمز جميل لارسالية الله ليسوع ليخلّص الناس من عبودية الخطية والشيطان. فكما وُلد موسى في صندوق خشبي ووضع على وجه مياه نهر النيل، هكذا اتى يسوع في مذود هذا العالم.. ذبح الفصح: اخرج الله الشعب على يد موسى، وامر الله موسى ان يذبح خروفا ابن سنة بلا عيب (خروج 12) اي سليم ومعافى، وثم ذبحه، وملاك الله حين يرى الدم يعبر عن الشعب.. بذلك اراد الله ان يقول انه يريد ان يخلص الشعب من العبودية، وقد خطط لذلك بيد قوية لكن اساس كل افكاره هو دم الخروف اي ان دم المسيح هو اساس لكل افكار الله ومحبته وتخطيطه لتخليص الشعب من العبودية، وليس اي عمل او صفة جيدة من جهة البشر...فخروج الشعب من تحت نير العبودية وعبوره الى ارض الامان هو فقط عن طريق دم المسيح.. فالفصح كلمة عبرية تعني خطوة عبور من مكان خطر الى ارض امان وسلام، وانتقال من العبودية الى الحرية، من الاذلال الى الكرامة ومن االهلاك الى الحياة الابدية... ففصحنا هو المسيح ذبح لاجلنا (1 كو 5)، اي ان الله رأى الناس جميعهم تحت نير العبودية للخطية ووعبودية الشيطان ونهايتهم الهلاك والعذاب، فارسل ابنه يسوع، الذي كان مستعدا ان يكون الكفارة والذبيحة وبدمه يعبر كل مَن يقبله الى ارض امان وسلام مع الله... عبور البحر الاحمر: عبر الشعب قديما البحر الاحمر بشكل معجزي، وغرق شعب فرعون ومركباته.. وذلك صورة جميلة لعبورنا مع يسوع بالصليب الى الحياة الابدية، وهلاك كل جنود الشيطان وانقطاع اية صلة بيننا وبين ارض العبودية. والبحر الاحمر في العبرية "يم سوف" اي بحر النهاية، ففي المسيح انت تحصل على حياة جديدة وترى نهاية العبودية وآخرة المستعبِد الى الابد... "ان كان احد في المسيح فهو خليقة جديدة، الاشياء العتيقة قد مضت" (2 كو 5).... الدوران في سيناء: لكن الشعب عندما خرج من العبودية بيد الهية قوية، لم يصل الى الحرية، بل تاه في برية سيناء اربعين عاما، وذلك رمز الى تيهان الانسان حتى بعد حصوله على الخلاص، لانه لا يزال مشغولا بنفسه ويدور حول ذاته، ظانّا انه هو الذي خرج من مصر وكأنه بقوته وحكمته استطاع ان يأتي الى الايمان، وان يتخلّص من العبودية، وينسب العمل الالهي العظيم الى نفسه، بسبب خداع القلب.. وعادة الانسان ان يبحث عن اي شيء يفتخر به ليتكبر ويتجبر... فيدعه الله يتيه سنين طويلة، حتى يقتنع انه لا شيء، والفضل كله هو لله، والخلاص هو لله والقوة والحكمة هما لله ، والانسان هو تحت النعمة، ولا يستحق الا الهلاك والضياع... عبور نهر الاردن: يصل الشعب اخيرا الى نهر الاردن ويعبره وذلك بعد ان يتعب من نفسه وييأس من ذاته وينكسر ويدرك ان عمل الخلاص هو الهي محض ولا دخل للبشر فيه ولا حاجة الى تدخل الانسان فيه بل الكل من الله ولمجد الله.. يجتاز نهر الاردن اي يعهبر من الانشغال بنفسه والتركيز على ما هو وما يعمله هو الى الانشغال الكامل بالمسيح لان الاردن كلمة عبرية تعني نزول واتضاع وانكسار وخضوع... يختبر المؤمن الان صلب الجسد مع الشهوات فيهدأ بين يدي القدير ويسلم كل امور حياته الى الله ويفتح ذراعيه ليقوده الروح القدس بشكل كامل يقود زمام افكاره ومشاعره دخول ارض كنعان: ارض كنعان رمز لحياة الايمان مع المسيح، حياة النصرة ، وحياة البركات الروحية، حيث نتمتع بالامتيازات التي يمنحها الرب للذي عبر من الموت الى الحياة ومن العبودية الى الحرية. لكن كنعان هي ليست السماء بعد، لان فيها المدن الحصينة والاعداء المقاومون لنا، والرب وضعهم امامنا في حياة الايمان، ليس لكي نهزَم ونيأس، بل لكي ننتصر ونغلب ونمارس ايماننا، وولكي يجعل الرب منا جنودا اقوياء روحيا، ويعلّمنا القتال والجهاد الروحيين.. فحياة الايمان هي ليست جلوس واستجمام، بل محاربة روحية للنمو والنضوج في الايمان، هي دورة ليجعلنا الله ابطالا في الايمان فنحقق انتصارات يومية... وفي كنعان كانت سبعة شعوب مقاومة لشعب الله.. ففي حياة الايمان نواجه الاغراء المادي وحب جمع الثروة والاغراء الجنسي واغراء البحث عن المجد العالمي واغراء الكبرياء والاغراء العلمي والاغراء التقليدي للاكتفاء بالتدين. فالفلسطينيون مثلا دخلوا ارض كنعان من البحر، وليس من نهر الاردن، فامامنا تحديات الذين يدعون انهم مسيحيين، ولكنهم لا يعرفون الرب عمليا واختباريا، فلم يكتشفوا طبيعتهم الفاسدة ولم يقبلوا صلب ذواتهم مع المسيح، فهم يتمسكون بالمسيحية شكليا وظاهريا، ويتحدون دائما المؤمنين الحقيقيين.. ان الذين يعيّدون الفصح، يحتاجون ان يختبروا ايضا الفصح بمعناه الحقيقي، اي العبور الحقيقي والعملي من حياة عبودية الخطية وسلطان الشيطان الى حرية ملكوت محبة يسوع. من دون الانتقال من اذلال الخطية، لا يجدي الاحتفال بالفصح، الا اذا اختبرنا العبور الى حياة الانتصار والغلبة مع يسوع، وذلك من خلال الشعور العميق بالحاجة الى الرب يسوع المخلّص، والاقتناع بالتنازل عن كل ما يتعلق بالذات، والاتجاه الى الله المخلّص الوحيد في المسيح... |
||||
28 - 07 - 2015, 06:16 PM | رقم المشاركة : ( 8604 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ما سيحدث قريباً جداً (متى 24)
سأل تلاميذ المسيح سيدهم سؤالا هاما، عما سيحدث في آخر الايام، فأجابهم يسوع اجابة واضحة ومحددة وغير مترددة، تتسم باليقين، وكأن المتكلم يمسك بزمام التاريخ، ويتحكم بأحداث المستقبل للبشرية.. كانت اجابة يسوع حاسمة، مما يشدّنا الى حب الاستطلاع للتعرف على هذه الشخصية الفريدة، التي تعلم بالتحديد ما سيحدث في آخر الايام.. واول نبوة غريبة في هذا الفصل التي قد تمت بحذافيرها، كانت متعلقة بهدم المبنى الضخم للهيكل، ونزع كل حجارته، بحثا عن المعادن الثمينة، وحرق المدينة الدينية، وقد تمّ كل ذلك على يد نيرون امبراطور روما آنذاك.. وحتى يومنا هذا، لم يتمكن اليهود من اعادة بناء الهيكل، اي لمدة الفي عام، والهيكل مهدوم مما يمنع من اقامة كهنة ومن تقديم ذبائح ، مع انه في الديانة اليهودية من دون سفك دم وتقديم ذبائح تكفيرية، لا توجد مغفرة.... وهذا الاصحاح مليء بسرد احداث مستقبلية، وكأنه وصف لامور حدثت في الماضي.... ويسوع حسم الامر اذ تحدث عن اهم حدث في التاريخ، الذي سيحدث قبيل نهاية هذا العالم، وهو الضيقة العظيمة.. وهي ضيقة تسود على كل العالم، خاصة على الارض التي صلب يسوع فيها، وهي ضيقة لم تحدث ولن تحدث ضيقة مماثلة في كل الازمنة والعصور..... وتسمى ايضا ضيق يعقوب اي انه بالاساس موجه للامة اليهودية، التي اختارها الله في العهد القديم، والتي منها اتى يسوع مخلّص لكل البشر حتى الامم الذين يقبلونه ربا ومخلّصا وفاديا.... وهذه الضيقة لم تحدث في العالم حتى يومنا هذا، مع اننا لسنا ببعيدين عنها كثيرا، بل كل دارس للنبوات الكتابية، وكل مَن يتابع الاحداث العالمية اليوم يقتنع بسهولة، اننا على وشك حدوث النهاية المأساوية لعالم خلقه الله، لكنه رفض خالقه، واحتقر كل احسان الهي تجاهه... وهذه الضيقة هي عبارة عن ازمة دينية وازمة اقتصادية خانقة وازمة اجتماعية وسياسية يتخبط فيها العالم ككل، مما يزعزع كيانه واستقراره، كما قال الرسول بولس حين "يقولون سلام وامان، حينئذ يفاجئهم هلاك ودمار"(1 تس 5)... وهذه الضيقة البائسة الشاملة مذكورة في الثلاثة الاناجيل بالتفصيل والاسهاب... وبما انها جزء لا يتجزأ من الوحي المقدس اذن فهي صوت الهي تحذيري للبشر، وناقوس الخطر يدق ليس في مدينة ما او دولة ما بل في كل ارجاء البسيطة... ومع ان الشيطان يخدّر الناس، الا ان الرب يريد ان يحذّر البشر اولا من نتائج رفضهم ووعدم اختيارهم للرب وخلاصه، ومن ثم يتابع التحذير للذين يظنون ان العالم باق الى الابد، وان لا شيء ما وراء الطبيعة...ومع ان يسوع قال كل هذا بتعابير بسيطة الا انه يتحدى علماء وفلاسفة هذا العصر..... وهذا الاصحاح مفعم بالنبوات الواضحة التي على وشك ان تحدث، ومع انه في عصور اخرى، بدا وكأن العالم متجه بالاتجاه المعاكس للمكتوب، وبدا وكأن المكتوب خرافات يونانية واساطير رومانية.. لكن العالم بكل قدراته اليوم، التكنولوجية والعلمية لا يستطيع ان يتجاهل ما أقرّه الرب في هذا الاصحاح... واذا اردنا ان نفهم بالتفصيل ما قاله يسوع في متى 24، علينا ان نلجأ الى دراسة سفر الرؤيا.. وكأن متى 24 هو موجز الانباء، وسفر الرؤيا هو الاخبار بالتفصيل، لان موضوع كليهما الاساسي والرئيسي هو تلك الضيقة التي ستجتاح العالم بأكمله قريبا جدا..) |
||||
28 - 07 - 2015, 06:17 PM | رقم المشاركة : ( 8605 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
قاموس السماء وقاموس البشر
إن قاموس السماء يختلف تماما عن قاموس الناس، وقاموس الله يختلف عن قاموس البشر، وقاموس الايمان، يختلف عن قاموس العيان... فالكلمات ذاتها تعني شيئا بحسب قاموس الناس، اما في قاموس الله فتعني شيئا آخر... مع ان الالفاظ نفسها، لكنها تعني في كل لغة امرا مختلفا... فكلمة كار مثلا في الانجليزية تعني سيارة، وفي العبرية تعني بارد وفي الفرنسية تعني لان او بسبب.. وكلمة بات في العربية تعني نام، اما في الانجليزية فتعني حيوان الوطواط ... وكلمة "فورتي" في الانجليزية، تعني اربعين، اما في البرتغالية فتعني قوي. وكلمة دار في العربية تعني بيت او منزل، اما في البرتغالية فتعني يعطي .... وكلمة "سمر" في الانجليزية تعني فصل الصيف، اما في العربية فتعني وقتاً ممتعاً معا...وكلمات كثيرة اخرى تعني معان مختلفة في لغات مختلفة.. كذلك ايضا هنالك كلمات كثيرة تعني امورا مغايرة ومختلفة تماما في قاموس الله عما هي في القاموس العالمي، وكثيرا ما نستخدمها ونقصد معانٍ عالمية، مع اننا نتحدث عن الايمان!.. مع انه ينبغي ان نقصد معان روحية وبحسب القاموس الالهي، عندما نتحدث عن حياة الايمان المسيحي.. فلا يمكن ان نتحدث عن الانجيل، ونستخدم كلمات انجيلية محضة، وفي نفس الوقت نقصد امورا عالمية، ونقصد معان جسدية عالمية.... فمثلا كلمة قوة... في العالم يقصدون بكلمة القوة، المقدرة الجسمانية والقوة الجسدية المتعلقة بالعضلات او القوة الاجتماعية او السياسية، ويقصدون شخصا له تأثير قوي من الناحية الاجتماعية او السياسية... اما في قاموس الانجيل فكلمة قوة تعني شيئا آخر مختلفا كليا... فالقوة في القاموس الالهي لا تعني القوة الجسمانية ولا الاجتماعية ولا السياسية... بل يقصد الانجيل القوة الروحية ومدى اعطاء الانسان المجال لروح الله للعمل في حياته ومن خلاله، ونسبة منح الله التأثير في حياتنا.. فكثيرا ما يستخدم المؤمنون كلمة القوة، ويقصدون اكتساب قوة عالمية تحت تأثير منصب اجتماعي معين، او قوة اكتساب الثروة او المجد او الشهرة، ونظنها قوة روحية. مع ان في قاموس الانجيل، كل هذه هي تصنَّف في خانة المعطلات للقوة الروحية، وهي غير لازمة للحصول على قوة من الاعالي. فالقوة في قاموس الايمان هي المقدرة على الاحتمال والمقدرة على الصبر وعدم اليأس والمقدرة على اختراق البشر وربحها وأسرها لمحبة المسيح.... كلمة اخرى لها معنى روحي محض هي "المحبة".. او "الحب".. فالحب في قاموس البشر، يعني الشهوة والتعلّق العاطفي والانجذاب الحسي والاعجاب الجنسي والميل الجسدي.. وكلمة محبة في قاموس الناس فتعني التودد والمسايرة والوجهنة والمجاملة والابتسامة والعناق والشركة الاجتماعية. اما في قاموس الله فتعني امورا مختلفة تماما... فالحب والمحبة في المعنى الروحي تعنيان العطاء والقبول للاخر رغم اختلافهن والتضحية لاجل مَن لا يستحق، والمشاركة مع مَن لا يعجبني، والتعايش مع مَن اجد صعوبة في التكيّف معه.... وكلمة اخرى يخلط الناس فيها الحابل بالنابل هي الاجتهاد ونقيضها الكسل... ففي قاموس البشر الاجتهاد عكس الكسل، ويقصدون العمل نهارا وليلا لاجل جمع الثروة وامتلاك املاكا اكثر وتوسيع المخازن، والاجتهاد للتودد للناس واستمالتهم لاجل الحصول على مركز اجتماعي مرموق، والعمل على كسب صيت عالمي وشهرة اجتماعية... اما الاجتهاد في القاموس الروحي فهو التعب والتضحية وتخصيص الوقت والمال لاجل اكتساب معرفة كتابية انجيلية، والتعب وتخصيص الساعات لاكتساب الخبرة الروحية ولاجل الحصول على مقدرة روحية، تمكنك من انجاز العمل الالهي من خلاص نفوس للمسيح وايصال الناس للحياة الابدية والتعب لاجل بنيانها الروحي وسهر الليالي لاجل تجميع وتحضير الطعام الروحي والغذاء القوي الذي يشبع ارواح البشر ويقرّبها الى الله... هذه امثلة قليلة من امثلة كثيرة، تثبت اننا كثيرا ما نستخدم اقوالا مسيحية، ونقصدها في المعنى العالمي. وحتى المؤمنون فيتداولون هذه التعابير، ويقصدون المعان بحسب القاموس العالمي والاجتماعي، متجاهلين المعنى الروحي الانجيلي، وينقلونها الى مؤمنين جدد، فيتبنّون هم الاخرون المعاني العالمية، متجاهلين المعان الروحية، التي بحسب القاموس الانجيلي... فكلمة كنيسة مثلا هي كلمة انجيلية محضة، وكلمة روحية بحتة، فلا يمكن استخدامها في المعنى العالمي... فالكنيسة في القاموس الانجيلي تعني جماعة او مجموعة مجتمعة لهدف ودافع وغاية وحيدة وهي تمجيد الرب يسوع المسيح. وهي جماعة تعلن انها تنتمي الى المسيح الحي، وهي تجتمع في اي مكان واي زمان على اساس ايمانها ان المسيح يسوع في وسطها. وهي تعبده بشكل حر وروحي، واساس اجتماعها هو الانجيل.. والكنيسة هي قاعدة روحية عسكرية لمحاربة الشيطان، وتحرير النفوس من براثن عدو الايمان.... اما البعض فيستخدم كلمة كنيسة في المعنى العالمي والاجتماعي، فالبعض يعتقد انها مبنى او بناية ضخمة، او مكان ديني او جماعية دينية تقليدية او جماعة تجتمع لتقضي وقتا ممتعا معا، ولتناقل الاحاديث الدينية، او مكان للتدريب على مواهب الوعظ، او مكان على غرار النادي العالمي لقضاء فعاليات مختلفة ومتنوعة معا.... والزواج ايضا هو اصلا تعبير من تأليف الكتاب المقدس، لذلك يجب تبنّي المعنى الذي يقصده الكتاب المقدس وهو جمع وعهد وقران ورباط متين بين رجل وامرأة، كتعبير عن علاقة الله مع الانسان او المسيح مع الكنيسة.. اما في قاموس البشر فالزواج هو جمع شخصين لقضاء المتع معا، واشباع اللذة معا.ز وهو مجال لتحقيق كل الطموحات والملذات الحسية. وكل واحد من الزوجين عليه ان يجد كل اشباع للشهوات والملذات.. وكلمة مسؤولية وتعهد والتزام وتضحية غير موجودة في قاموس البشر.. والمشكلة في كل هذا هي استخدام المؤمنين لكلمات انجيلية محضة، ويقصدون المعنى بحسب القاموس العالمي الاجتماعي، متجاهلين المعان التي هي بحسب القاموس الالهي..مع ان الكلمات هي اصلا انجيلية محضة وتعابير روحية كتابية، وهم يمارسون ممارسات مسيحية، الا انهم يتبنّون المعاني الاجتماعية والعالمية، ويتغاضون عن كل المعاني التي يقصدها الانجيل من هذه التعابير، مع ان الانجيل هو اول مَن استخدم هذه الكلمات... فكثيرا ما يتبنى المسيحيون اساليب اجتماعية غير انجيلية، التي هي من تأليف العالم، ويرفض المسيحيون المعنى الانجيلي، خوفا من رفض العالم لهم، بذريعة انهم اذا ساروا بحسب المفاهيم العالمية، سيتمكنون من كسب الناس للمسيح!!.. مع ان الغريب انه كيف يمكن لمفاهيم عالمية ان تخلّص البشر؟ وكيف يمكن لتعابير غير انجيلية ان تغيّر الناس؟... وكيف يتوقع البعض رغم استخدام تعابير بمعان عالمية، ان يؤيد الرب عملهم وتعبهم، ويتوقعون تغييرا في الناس، مع انهم يرفضون المعان التي بحسب القاموس الروحي.... لنأخذ مثلاا صارخا آخر.... الخدمة والقيادة في الكنيسة....نقول خدمة وقيادة في كنيسة الله، وفي نفس الوقت نضع شروطا عالمية للخدمة والوعظ والقيادة.. فمن جهة نتحدث عن القيادة في الكنيسة، ومن جهة اخرة نستخدم مقاييس ومعايير ومفاهيم اجتماعية محضة لقيادة شعب الله.. ا لا يجب ان تكون قيادة الكنيسة بحسب القاموس الانجيلي؟ وتكون المقايييس والمفاهيم انجيلية محضة وليست عالمية؟... فالقائد الروحي الانجيلي هو المملوء بكلمة الله والممتلئ بالايمان ومشبع بأفكار الهية ويقود البشر الى معرفة الله، وليس القائد في كنيسة الله هو الذي بحسب القاموس العالمي والاجتماعي، اي ذلك صاحب الثروة والمنصب والعائلة والفصاحة... فلا يقدر الشخص ان يكون خادما او واعظا او قائدا او مرشدا في كنيسة الله، مجرد لانه صاحب منصب او مركز اجتماعي او لانه فصيح اللسان، او من عائلة نبيلة، او لانه غني ويغدق بالهبات للناس. بل القائد او المرشد الروحي يجب ان يكون فقط بحسب القاموس الانجيلي الروحي، اي شخص لديه المؤهلات الروحية والكفاءة الانجيلية بتأييد الهي لكلامه وخدمته، وحكم الجميع انه كفؤ لتعليم الاخرين الانجيل وقيادة البشر الى الخلاص الابدي ومعرفة المسيح.. وتقود خدمته الى مخافة الله والتمسك بالحياة الابدية ومحبة الاخرين والتواضع.. اما القائد العالمي فيقود الى التعجرف والكبرياء والادعاء والتمثيل والتباهي والمنافسة والمقارنة، والنتيجة الروحية معدومة.. ان هذه المقالة هي دعوة عامة للعالم المسيحي للرجوع الى المعان الروحية للتعابير والمفاهيم التي نستخدمها والتي اعتدنا على استعمالها في حياتنا اليومية، وذلك عن طريق التوقف قليلا، واعادة دراسة كل التعابير المسيحية التي نتداولها، ومن ثم تبنّي من جديد المعان التي قصدها الانجيل، ورفض المعان العالمية الاجتماعية للامور والاقوال الانجيلية. لان استخدام التعِابير الالهية القوية بالمفهوم العالمي يضعف هذه التعابير ويحدّها، مما يُظهر للعالم انجيلا آخر، ضعيفا وعاجزا عن اي تأثير للخلاص ومعرفة الحق الكتابي... |
||||
28 - 07 - 2015, 06:19 PM | رقم المشاركة : ( 8606 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
النمو والنضوج والبلوغ
لا يولد أحد رجلا بالغا، بل جميعنا نولد اطفالا، ثم أولادا ثم أحداثا ثم شبابا ثم كهولا ثم رجالا وأخيرا شيوخا مسنين.... فالحياة نمو متواصل ومستمر إلى أن نبلغ مرحلة النضوج... كما النباتات أيضا بذار ثم نبتة ثم أشجار شاهقة.... والنمو والنضوح هو جسماني وعاطفي وعقلاني إدراكي وأيضا نضوج روحي ونضوج إجتماعي... كلنا نحب الاطفال والاولاد، لكن لا احد يقبل ان يبقى الاولاد صغارا غير ناضجين كل الوقت، بل نريدهم ان ينموا إلى يصلوا مرحلة البلوغ، فنفتخر بهم كثمار زواجنا.... والحياة بصعوباتها وتحدياتها وازماتها تعمل لدفع البشر من مرحلة إلى اخرى اكثر نضوجا وبلوغا... لا شك ان التوقف عن النمو وعدم الوصول إلى مرحلة النضوج كلاهما يشكّلان ازمة جدية للانسان، فليس من الطبيعي ان يبقى الانسان طفلا وطفيليا، معتمدا على غيره في كل احتياجاته... فالانسان الذي بعد اربعين عاما، ما زالا طفلا في التفكير والتصرف، لا بد ان يكون معاقا وغير طبيعي، ويدعو إلى القلق والتفكير والمعالجة.... ويمكننا ان نصنّف النضوج الروحي كالاهم في حياة البشر، ويمكن وضعه في اعلى سلم الاولويات... فالجانب الروحي للانسان هو الاسمى والاكثر اهمية، فليس العلم واللباس كل شيء.. ويأتي بعد النضوج الروحي، النضوع العقلي والادراكي والفهمي، وبعده يأتي النضوج العاطفي والشعوري، واخيرا النضوج الجسدي والجسماني في اسفل سلم الاولويات، وكل هذا يقود إلى النضوج الاجتماعي، اي المقدرة على التعايش مع الاخرين وامكانية التعامل والتكيف في حياة المجموعة، سواء كانت المجتمع او الكنيسة او اية جماعة يعيش فيها الفرد... والنمو الجسماني لاجسادنا ينتقل من مرحلة الطفولة، التي فيها يحتاج الطفل إلى الاخرين خاصة امه واخواته، في تتميم كل مهام حياته وتسديد حاجاته اليومية، إلى ان يعبر إلى مرحلة الشباب، التي تبدأ في جيل المراهقة، التي فيها يشعر الانسان بتغييرات في جسمه.. وبعد ذلك يصل إلى مرحلة الرجولة اي النضوج المتكامل للجسم، ليتمكن من الاعتماد على نفسه والاتكال على ذاته.....وفي مرحلة المراهقة التي هي مرحلة تتوسط بين الطفولة والرجولة، يتخبط الانسان ليكوّن هويته الخاصة به، إلى ان يكوّن شخصيته التي يؤثر عليها التغييرات الجسمانية سواء كان شابا او فتاة... وفي هذه المرحلة يتكامل الجسم جنسيا، مما يؤهله للزواج وبناء عائلة مستقلة به...والنمو العقلاني او الادراكي يبنيه على اساس المعرفة المتزايدة من خلال الكتب وارشاد الاهل والمدرسة والكنيسة، مما يطوّر امكانياته وقدراته العقلية، لادراك اكثر واستيعاب اوسع.. اما النضوج العاطفي فينتقل الانسان من التعلق العاطفي باهله خاصة بامه واخوته واصدقائه إلى الاستقلال العاطفي الكامل والانفصال عاطفيا عن الاخرين، فيتمكن من الاستقرار العاطفي والهدوء النفسي، فتقل وتضعف الحاجة العاطفية القوية للاخرين... واخيرا النضوج الروحي اي البلوغ إلى مرحلة من الفهم الروحي للعالم غير المنظور والاستقرار الروحي، وتكوين شخصية روحية قادرة، ليس فقط على الاخذ بل على العطاء والتضحية ومساعدة الاخرين وخاصة انجاز مشروع الهي وخطة سماوية في هذا العالم.... وكما نولد اطفالا في هذا العالم، هكذا من الناحية الروحية، نولد اطفالا. في البداية نحتاج إلى اللبن العقلي اي إلى كلمة الله التي تبنينا روحيا. وكما نجتاز مرحلة الطفولة ونصل إلى جيل المراهقة، هكذا نصل روحيا من مرحلة الطفولة الروحية المعتمدة على الاخرين إلى مرحلة المراهقة التي فيها نتخبط روحيا ونواجه صراعات عنيفة وشرسة بين الاهواء العالمية والميول الدنيوية من جهة، وبين الطموحات الروحية والحياة المرضية لله من جهة اخرى.. وعندما نخرج من مرحلة المراهقة، نكون قد كوّنّا شخصية روحية مستقلة تتسم بالهدوء الداخلي والاستقرار الروحي والنضوج الروحي التي فيها نكون قد تبنينا الرزانة والوقار والاكتمال الروحي.. لا نعني اننا صرنا كاملين بل مكتملي النضوج.... وعندما نكون ناضجين جسمانيا وعاطفيا وادراكيا وروحيا، نكون مؤهّلين واكفاء للتعايش مع الاخرين، ونكون اعضاء مساهمين لبنيان المجتمع وبنيان الكنيسة...... وكم تحتاج الكنائس خاصة، والمجتمعات عامة إلى اناس ناضجين وبالغين ومستقلّين عاطفيا وعقليا وروحيا.... لا شك اننا نتفق ان في هذه الايام المجتمعات تتخبط وتهتز وتسير بين الامواج والعواصف من كل جانب، ولا يمكن ان نخفي أيضا ان الكنائس أيضا تعاني من الاهتزاز والتخبط والتشويش والصراعات... نظرة فاحصة سريعة تثبت بشكل دامغ انه لو كان البشر افرادا ناضجين بكل معنى الكلمة، لما تخبطت المجموعات...والمجتمع سواء كان الكنيسة او المجتمع العام مكوّن من اناس من مختلف مراحل النضوج، ففيها الرجال الناضجون والشباب في مرحلة النمو وأيضا الاطفال غير الناضجين. لكن تصوّروا معي، لو كانت الكنيسة مكوّنة فقط من اطفال غير ناضجين روحيا ولا ناضجين عاطفيا ولا فكريا ... ماذا يحدث لمجتمع كله اطفال؟؟... تخيل لو انك ترى فقط اطفالا غير ناضجين في المدارس والبيوت والمصانع والكنائس وفي كل مكان!.... ماذا يحدث لمجتمع كل افراده من الاطفال الحلوين، لكن غير الناضجين؟.. رغم الجانب الايجابي، لكنهم حتما سيقودون المجتمع إلى الدمار والضياع او على الاقل إلى التيهان وعدم انتاج اي شيء حتى ولو سادت النوايا الجيدة.... لو كان الجميع اطفالا، لاختلفوا على كل شيء وتخاصموا على كل امر، وتنازعوا بخصوص كل فكرة، وتصادموا لاتفه الاسباب وتشاجروا لاسخف الامور، ولامتلأت المستشفيات بالمصابين ولما انجزوا اي انجاز ولما حققوا اي مشروع.....رغم الدوافع النقية والنوايا الصالحة، لكن لنعترف ان المجتمعات عامة بما فيها الكنائس تعيش التخبط اليومي، مما يدل على ان معظم اعضاءها وقسم لا بأس به من القادة، هم من الاطفال غير الناضجين، فلا يعلمون كيف يتصرفون في مختلف المواقف، فهذا يقترح شيئا وذلك يقترح امرا اخرا، ويبدو ان كثيرين ما زالوا في مرحلة المراهقة، فمعظمهم غير ناضجين روحيا فليس لهم التمييز الروحي للحكم الصحيح والتشخيص السليم للامور، وليسوا ناضجين عاطفيا، فهم ما زالوا متعلّقين عاطفيا بالماضي وبالاخرين، فالرعب يسيطر على قلوبهم والخوف يعتريهم خاصة عند اتخاذ القرارات المتنوعة. وكثيرون ليسوا ناضجين ادراكيا، فمعرفتهم محدودة، رغم انهم ربما يكونون ناضجين جسمانيا..... ففي الظاهر ترى رجالا ونساءا، وليس اولادا واطفالا، ولكن عند الكلام والتحليل والتفكير والتصرف والمواقف وردود الفعل، لا تجد امامك الا اطفالا في التفكير، واولادا في المسؤولية واولادا في القيادة، فالوعظ بدائي والصلوات لا تتغير والتفاهم والتعايش مع الاخرين شبه معدوم، فأقل الامور تسبب الخصومات، ومعظم الناس يركضون كالاطفال باحثين عن منبر للظهور والتباهي، فهدف الكلام اناني وهدف الخدمة والوعظ ذاتيان وهدف كل التحركات تافه لا معنى له.... فكثيرون يركضون ويعملون، والنشاطات في اوجها والتحركات في غايتها، لكن الانجاز معدوم، فلا نصل الي شيء... بل نبقى قعودا في نفس المكان، وفي احس الاحوال نستمر في الدوران حول نفس الموضوع سنوات طويلة... من اهم سمات النضوج الروحي، الاستعداد لمواجه الواقع والمقدرة على تحمّل مسؤولية ما يحدث، والجرأة على اكتشاف ذواتنا، والشجاعة على الاعتراف اننا اطفال، نحتاج إلى رحمة الهية لكي لا نبقى بعد اطفالا، بل ننضج عاطفيا وروحيا... واليوم نواجه تحديات تاريخية ومصيرية اساسية وهامة، ولا يقدر الاطفال على مواجهتها، وربما يدّعي الطفل الكثير، وانه قادر على كل شيء، لكن عند بزوغ اول ازمة، تراه يقبع في زاوية الغرفة، ويلجأ إلى العويل والنحيب والبكاء، ويهرب صارخا طالبا النجدة. اما الناضجون فيواجهون كل الازمات برباطة جأش وهدوء ورزانة واتّزان، ويكونون كالاسود لا يخشون شيئا، واثقين ان القدير إلى يمينهم والعلي معهم... العالم اليوم يتخبط اكثر من اي وقت مضى، ولا يحتاج إلى كنيسة مكوّنة من اطفال غير ناضجين، بل يحتاج إلى رجال في الايمان، مستعدين ان يواجهوا التحديات بحكمة وهدوء، ويعرفون كيف يتصرفون في كل ظرف، ويحققون المأمورية الروحية العظمى للتأثير على المجتمع من حولهم.... الرب قادر على شيء وهو قادر ان يحوّل الاطفال إلى رجال بالغين وناضجين، لا يخشون جيل المراهقة، بل يجتازونها بنجاح، واثقين بالرب الههم، ثقة الاولاد بآبائهم وامهاتهم... |
||||
28 - 07 - 2015, 06:19 PM | رقم المشاركة : ( 8607 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لماذا شبّه يسوع المؤمنين بالغنم؟!
اعطت كلمة الله مكانة خاصة للاغنام او الحملان، وعندما بحث يسوع عن الامر الذي يمكن ان يشبّه المؤمن به، من كل الامور التي في الطبيعة، وجد الحملان ابلغ تشبيه وادقّ مثال. وكثيرا ما شبّه الكتاب المقدس العلاقة بين الرب والمؤمنين، كالعلاقة بين الراعي والغنم. وهنا اريد ان اتأمل بميزات الغنم، وقد وجدت خمس صفات جميلة في الاغنام: 1- الغنمة اولا وديعة ومتواضعة: خلق الله الاف الحيوانات، ولكن لانه اراد ان يظهر تفضيله لصفة الوداعة والتواضع، خلق الغنمة كصورة رائعة للوداعة.. فالغنمة وديعة ومتواضعة، بخلاف النمر المتعجرف، والذئب العنيف، والدب الشرس. في هذه الايام، لا يحبّذ الكثيرون ان يتّسمون بالوداعة والتواضع، لانهم يرونها ضعفا وعجزا، مع ان جميعهم يريدون العيش بالسلام والوئام. ومع ان الجميع يتجنّب التعامل مع انسان متكبر، لكن ما اكثر الذين يرفضون ان يكونوا من الودعاء والمتواضعين. ان التواضع والوداعة ليستا ضعفا وعجزا، بل علينا الاقتناع انهما قوة. لان المتكبر هو انسان ضعيف الشخصية .. كان يسوع وديعا ومتواضعا كالغنم. وفي عصره، كثيرون ظنوه ضعيفا، وانه لا يقدر على فعل شيء،اذ سلّم نفسه للصليب. لكنه في تواضعه ووداعته، اي فيما ظنوه عجزا، غيّر التاريخن فأنهى الفلسفة اليونانية وازال الامبراطورية الرومانيةن ووضع جانبا الديانة اليهودية.ز ففي "عجزه"، هزم الحكمة والقوة والتدين العالميين. علينا ان نعلّم اولادنا ان المجتمع يحتاج الى اناس ودعاء ومتواضعين. 2- الاغنام متحدة ومنسجمة: معظم الحيوانات كالخيل مثلا او الكلاب او الثعالب معتادة على السير منفردة، فتبقى لوحدها. ولكن الاغنام تسير دائما جماعات، ودائما تبقى متحدة وتتمشى بانسجام رائع. تعاني المجتمعات من انقسامات وشرذمات، فكل يشدّ الى جهته.. يحكى عن نسر وحصان وانسان، كانوا يجرّون عربة. شد النسر الى اعلى والحصان شد الى الامام والرجل شد الى الخلف.. فبقيت العربة في مكانها لم تتحرك ولم تتقدم قيد انملة. اذا شدّ كل واحد في المجتمع الى جهة مغايرة للاخر، نبقى في اماكننا ولن ننجز شيئا. هيا نتعلم من الاغنام ان نجتهد لنكون في وحدة وتناغم وانسجام لنسير ونشدّ في ذات الاتجاه.. علينا ان نتحد دون ان نحتقر احدا، بل ان نقبل الجميع ونحترم كل واحد، ونتحد ونندمج لتحقيق هدف واحد لمصلحة وخير الجميع. دعنا نرجع الى الوداعة والتواضع وايضا الى الوحدة والانسجامن متعلّمين من الاغنام لانه فقط من خلال ذلك، نحصل على البركة والنعمة والخير للجميع. 3- الغنمة معطاءة وكريمة وسخية: تحيا الاغنام، لتهب لحمها وحليبها للاخرين، فهي سخية في العطاء للاخرين وليست انانية او ذاتية. اما الذئب او الثعلب والغراب مثلا فمعتادون على الاخذ والخطف والاستغلال، ولا يفكرون الا في ذواتهم، جلّ همّهم ما يمكن ان يكسبوه من الاخرين.. هيا نتعلم من الغنمة العطاء والبذل، فالشخص الاناني هو عدو للخالق وللمجتمع الانساني.. الحاجة الى اناس يعتادون العطاء بسخاء وفرح. كان يسوع اعظم مثال، لانه بذل وقدّم كل ما عنده حتى حياته ودمه، لكنه جمع الكثير من الاثمار الابدية.. فالانسان المعطاء والسخي ليس غبيا .. فقد ذكر الرسول بولس القانون الصحيح "ان ما يزرعه الانسان اياه يحصد ايضا" (غلا 6)، فمَن يزرع الاشواك، لا يحصد التوت، ومَن يزرع الانانيةن لن يحصد الفرح. لنتعلم من الاغنام العطاء بفرح وسنحصد في وقته الخير. 4- الاغنام متعلقة ومعتمدة على بعضها البعض: اصبح معظم البشر اليوم مستقلين اكثر واكثر، كلٌّ يعيش حياته الخاصة بالاستقلال والانعزال عن الاخرين. لكن التاريخ يعلّم ان المجتمعات المتماسكة، التي فيها الاعضاء متعلقة بعضها ببعض، لهي اقوى وامتن. صحيح ان الانسان يجب ان يكون مستقلا ومعتمدا على نفسه وليس عالة على الاخرين وليس طفيليا، ولكن هذا لا يعني انني ابقى منعزلا عن الاخرين. فجميعنا محتاجون، الواحد للاخر. فالاغنام تبقى معتمدة ومتعلقة بالراعي، لا تقدر ان تعيش او تسير من دون راع حكيم وقوي وجيد. ونحن لا نقدر ان نعيش او نسير في هذه الحياة، من دون الخالق القدير والحكيم. يعتقد كثيرون من الشباب انه يمكنهم العيش من دون رب يرعاهم. لكن الاغنام تعلّمنا ان حمايتنا وأمننا وسلامتنا تكمن في شركة مستمرة واتصال دائم مع الهنا الراعي الامين. كيف نفسّر اذن هذه الظاهرة الطبيعية، ان الذئب يلد اولادا كثيرين كل مرة، اما الغنمة فتلد واحدا او اثنين كل مرة. ومع ان الذئب اقوى من الغنمة، ودائما يريد النيل من الغنمة وتقطيعها اربا اربا، وومع ذلك، كيف استطاعت الاغنام ان تبقى على قيد الحياة حتى يومنا هذا، واما الذئب فالى الاضمحلال...الجواب بكل بساطة، هو وجود الراعي الاعظم، اله صالح وقدير يحميها ويعتني بها. 5- الاغنام لديها قناعة واكتفاء وهي دائما راضية: الماعز مثلا تنظر دائما الى اعلى والى اليسار واليمين، اما الغنمة فتحيا وتسير برضى وقناعة. وهذه بركة عظيمة في الحياة. عندما يكون لك كل شيء من مال وعلم ومنصب وعائلة، ومع ذلك تكون غير راضي وتعوزك القناعة والاكتفاء، عندها ستعاني كثيرا في الحياة. من جهة اخرى ان لم يكن لاحد شيء، ولكنه راضيا وقرير العين، يكون مباركا. تعلّمنا الغنمة ان نكون دائما مكتفين وقانعين، لا يهم ما نملك او ما ينقصنا. الحياة من دون قناعة، تجلب اللعنة . ليمنحنا الله نعمة القناعة لانها كنز. صحيح انه جيد ان تكون لنا طموحات واحلام لننجزها، ولكن النجاح يبدأ باالقناعة والاكتفاء في القلب بما لنا للاغنام صفات جميلة اخرى كثيرة فهي خاضعة ومطيعة وجميلة، وهي تفرح عندما يقودها الراعي، فهي تقبل ان تقاد ولا تتمرد او تقاوم او تعاند، وايضا هي بسيطة وصريحة وصادقة لا تقبل التمثيل والتظاهر..قال الملك سليمان قديما "اذهب وتعلّم من النملة" (امثال 6)، لكن يسوع يقول لنا "اذهب الى الغنمة، وتعلّم الطاعة والقناعة والوداعة"... كم من تعب ومعاناة كان يمكن الاستغناء عنها، لو تمثّلنا بالاغنام... |
||||
28 - 07 - 2015, 06:21 PM | رقم المشاركة : ( 8608 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
صراخ نصف الليل
شبّه يسوع ملكوت الله بأمور مختلفة في سبعة امثال في انجيل متى 13، اما في متى 25، فيقول ان ملكوت السماء سوف يشبه، اذ قال "حينئذ"، ويقصد ما ستكون عليه المسيحية في آخر الايام.. ويؤكد يسوع بشكل نبوي على ما ستكون عليه المسيحية في الختام، ويشبهها بعشرة عذارى تنتظر العريس الذي سيعود ويأخذ الذين ينتظرونه... والفكرة السريعة الاولى باستخدام كلمة "عذارى ينتظرن العريس"، هي ان العلاقة بين الرب يسوع والمؤمنين به، هي علاقة عريس بخطيبته العذراء، اي انهاعلاقة محبة، وليست علاقة خارجية شكلية دينية. وهم عذارى، اي ان اهم ما يميزهن هو الامانة والولاء والاخلاص للعريس زمان غيابه... واللقاء بين كليهما هو لقاء فرح واحتفال وبهجة ابدية... لكن العريس عندما وصل، لم يأخذ جميع العذارى، بل ادخل الى العرس فقط خمسة منهن.. وعودة العريس المفاجئة وغير المتوقعة تؤكد على ولاء العذراء الدائم والمستمر، مع انها لا تعلم متى يعود عريسها.. ومع ان جميعهن عذارى وكن في انتظار العريس، لكن نصفهن لم يدخلن مع العريس، فليس جميع الذين ادّعين انهن ينتظرنه، قبلهنّ العريس، بل رفض بعضهن بشكل قاطع ونهائي... والكتاب يؤكّد ان جميعهن نعسن ونمنن اي ان جميع المسيحيين ضعفن وابتعدن عن الانجيل بسبب الليل الحالك .. ففترة غياب المسيح هي ليل، والليل كل مرة يزداد سوادا وظلاما من الناحية الادبية.. واليوم نحن نعاصر الليل في اشد لحظات ظلامه من الناحية الاخلاقية، فالمسيحية نامت وابتعدت عن المسيح، مع ان الجميع ما زال يتبعه بشكل خارجي .... وفي نصف الليل، اي في هذه الايام، حدث صراخ شديد " العريس مقبل! هلم اخرجن للقائه".... وهكذا نهض الجميع، واليوم نشهد انتفاضة روحية في كل ارجاء العالم المسيحي، الانجيلي والتقليدي، لكن بقي ويبقى الحد الفاصل بين مجموعتين متميزتين، قبِلَ يسوع احداها، ورفض الاخرى، رغم التشابه الكبير بينهن... والان دعنا ننبّر عن اوجه الشبه واوجه الخلاف بين المجموعتين، ولماذا رفض يسوع قسماً، وقبِلَ الآخر؟!!.... تتشابه المجموعتان، في ان كلتيهما تتبعان المسيح، واسم المسيح كان على جميعهن.. فمن الناحية الشكلية الخارجية، لا يوجد اي فرق بين المجموعتين، فكلتاهما نامتا، وكلتاهما نهضتا عند الصراخ، وكلتاهما حملتا المصابيح، اي الشهادة الخارجية انهما من اتباع المسيح... فكلتا المجموعتين تحملان الشهادة المسيحية، وجميعهن ينادين بالمسيح، ويتكلّمن عن المسيح، ويستخدمن الانجيل، ويواظبن على الكنائس وينادين بالامانة للمسيح!!... لكن الفرق هو داخلي فقط، وقرار المسيح برفض احدى المجموعتين، يعني ان المسيح هو الذي سيقرر، وهو لا يهمه كثيرا المنظر والمظهر والشكل والتدين التقليدي، وممارسة المسيحيين من الناحية الخارجية، والمعرفة الكتابية لا تكفي، ولا يهمه الانتماء الديني والتسمية الاجتماعية.. بل قرار يسوع الجدي والحاسم، مرة والى الابد، لخطير جدا، وقد قال يسوع هذا المثل كتحذير وتنبيه، لئلا يعتمد اتباعه على الشكل الخارجي ويكتفون بالمظهر الديني... والفرق بين المجموعتين كان فقط في الزيت في داخل المصباح، فاحدى المجموعتين، اكتفت بالمظهر بحمل االمصباح واقنعت ذاتها ومَن حولها ان ذلك كان كافيا للقبول الالهي... لكن قول يسوع يدعو الجميع ان الى الفحص الجدي لحقيقة اتّباعهم للمسيح، فأول علامة للذين سوف يرفضهم، هي انهم لا يفحصون ذواتهم في ضوء كلمة الله، بل هم مطمئنون من خلاصهم، مع ان المسيح دعانا الى تفتيش الكتاب المقدس لئلا نظن اننا نملك الحياة الابدية بشكل تلقائي وعفوي (يو 5). والمؤسف ان كل جماعة او كنيسة اليوم تبدي اليقين والتأكيد على حصولها على الحياة الابدية، وهي غير مستعدة لاعادة فحص ذاتها وافكارها وتعليمها في ضوء كلمة الله.... وانا ارى خطورة بالغة في ذلك، واني لعلى يقين ان كل جماعة لا تدعو اتباعها الى اعادة الفحص بكل جدية، لا بد ان تكون من االمخادعين الذين يخدعون الناس ويطمئنون الناس طمأنينة كاذبة... ان الفرق هو فقط في امتلاك الزيت، لان المصباح او القنديل لا يمكن ان ينير في الظلمة الحالكة الا بوجود الزيت واشتعاله، والزيت هو ليس جزءا من الانسان، بل على الانسان امتلاكه وشراؤه، وهو ليس ذاتي، فالذي لا يفحص ذاته في نور كلمة الله، لا بد مخدوع، والذي يظن ان له حياة ابدية معتمدا على اعماله وطيب قلبه ونقاوة داخله، لا بد ان يكون مرفوضا من الله، بل علينا الذهاب الى الكتاب المقدس كلمة الله الحية، وامتلاك الزيت، والا فلن يفيد شيئا من الممارسات الدينية، حتى ولو كان الشخص واعظا رنّانا... ومن اسوأ الافكار الشائعة، ما قاله وكتبه احدهم ان الكتاب المقدس ليس المعتمد الوحيد للمسيحية، وهو ليس المرجع الكافي والوافي للمسيحيين. لا بد ان هذه الفكرة شيطانية ومضلة.... والزيت هو المحك الوحيد والفاصل الاكيد والبرهان الوطيد للقبول الالهي للانسان، اما باقي الامور لا شك انها ثانوية وغير اساسية.. والزيت بحسب الفكر الالهي هو الروح القدس في قلب الانسان، الذي يسكن في اعماق الانسان التائب والذي يطلب المسيح بكل قلبه وبكامل وعيه وبقرار شخصي حقيقي... والزيت هو طلب الانسان للامر الالهي اي ان الانسان الذي جُلّ غايته ايّ امر عالمي وجسدي، وليس الالهي، لا بد انه مرفوض في المحكمة الالهية... والزيت هو نتاج عصر الزيتون، ان اننا نحصل على الروح القدس، فقط من معصرة الزيت وليس من ذواتنا... وكلمة جتسيماني اي بستان الصليب تعني في اللغة العبرية معصرة الزيت وهي بلا شك الصليب... اي ان الانسان بكل بساطة وصدق، يشعر ويقتنع بحاجته المسيح، اي الى الزيت لينير في الظلمة، فيلجأ الى الصليب، ويتأمل في عصر المسيح المصلوب بالالام، بديلا عنه.. وعند اكتشافه مدى الام المسيح لاجله لان يسوع قدوس وكامل ولم يخطئ بل مات بديلا عنا لكي يفدينا ويخلصنا، هذا اللقاء الحي بين الشخص وبين المصلوب، ان كان حقيقيا، لا بد ان يسيل زيت الروح القدس الى قلبه ويملأ حياته وقلبه وعقله ومشاعره بالانارة الروحية والحب للمسيح والامانة لمَن مات لاجله وقام...واختار يسوع الرقم خمسة لانه رقم النعمة ورقم المسئولية... فالخلاص والحياة الابدية يتمّان باجتماع النعمة الالهية ومسؤولية الانسان لطلب تلك النعمة، وموقف الانسان يحدّد دخوله الى فرح سيده، ام اغلاق الباب في وجهه الى الابد... فمَن يكتفي بحمل المصباح في منتصف الليل من دون زيت الروح القدس المنسال من حول معصرة الصليب، لا بد انه قد حدّد مصيره الابدي، ولكن سيصاب بالصدمة الابدية.. لا بد ان المسيح نطق بهذا المثل ليوقظنا وليجنّبنا الصدمة، وليدعونا الى الفحص الصادق الذاتي، واعطاء المجال لكلمة الله، كنور كاشف لنسلطه على قلوبنا وحياتنا.. لا بد ان العريس يريد العشرة العذارى معه في الفرح الابدي، لكنه سيضطر الى رفض البعض، لانهم اكتفوا بأفكارهم، ولم يكونوا مستعدين بتواضع ووداعة الى اعادة فحص ذواتهم وتغيير مسار حياتهم... |
||||
28 - 07 - 2015, 06:23 PM | رقم المشاركة : ( 8609 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ويمكث يسوع في قلبك وفي بيتك!
فاجأ الرب يسوع زكا رئيس العشارين، بقراره ان يمكث في بيته وبإعلانه عن خلاص اهل بيته.... كان زكا رئيس للعشارين الذين يجبون الضرائب من الشعب اليهودي للسلطة الرومانية، فكان زكا مكروها من الشعب، لكنه صار غنيا ومعروفا من الجميع.. وكان قد سمع عن يسوع وعن تعليمه وكلامه وعجائبه، وعن موقف الشعب منه اي من يسوع، فشده حب استطلاعه الى امنية ان يرى يسوع يوما ما.. ولما ذاع الخبر ان يسوع مارّا من مدينة اريحا، انفعل زكا وفرح وعمل المستحيل لكي يرى يسوع معجبا بشخصيته ومستغربا من رفض الناس له.. كان رفض الناس لزكا، دافعا قويا له ليتعرف بذلك الشخص العجيب، المرفوض من الجميع... وصل يسوع بموكب غفير الى مركز مدينة اريحا، فاحتار زكا واراد بكل قلبه ان يغتنم الفرصة االذهبية ويكون لقاءا تاريخيا بينه وبين يسوع... لكن الامر صده ببضعة الموانع والمعطلات، فالجمع غفير ومن الصعب وصول زكا الى يسوع، ثم ايضا كان زكا قصير القامة مما يمنعه من رؤية يسوع من على بعد. وبالاضافة الى ذلك، لا بد ان زكا كان واعيا من الخجل امام الناس لسبب الحقيقة ان رئيس العشارين المرفوض من الناس، يريد ان يرى يسوع... لكن زكا امام هذه المعطلات، صمم وأصر على مقابلة يسوع لانه اشتاق الى تغيير جذري لحياته، وعرف في قرارة نفسه ان الجوع الروحي في قلبه لا يشبعه مال ولا جاه ولا مركز اجتماعي.... فلقاء يسوع بالنسبة لزكا، لم يكن اختيارا وامنية وشوقا فحسب، بل حاجة ماسة وملحة وجاذبية داخلية عميقة وقوية نحو يسوع، وعلم زكا انه لو اضاع هذه الفرصة، لضاعت الى الابد.... كثيرون اليوم لا يلتقون بالرب يسوع الحي، لانهم لا يؤمنون ان يسوع قادر ان يغيّرهم، او انهم يريدون تغييرا، لكن ليس بشكل ملح وضروري، فيعتقدون خطأً انه يمكنهم العيش بسلام ونجاح من دون يسوع، وكثيرون يريدون يسوع، لكن خجلهم من الجمع المزدحم، يمنعهم من الوصول الى الرب.. فالرأي العام وحكم المجتمع بالنسبة لهم هما المقرران لحياتهم... فجلّ همّهم هو دائما ما سيقوله الناس من موقفهم، فهم لا ينطقون الا بما يعجب الناس، ولا يهتفون الا بما يلقى مديح المجتمع، ولا يخطون خطوة حتى ولو مصيرية الا بما يتناسب مع الرأي العام..... فكم من ناس هلكت، ارضاءا لاهل بيتهم، ونزولا عند رغبة الناس من حولهم.. لكن زكا كان بطلا، وقد اعجب موقفه يسوع، مما جعل يسوع ينادي بصوت عال: "زكا انزل لانه ينبغي ان يمكث في بيتك".... رغم ان زكا كان بالغا، اي ليس صغير السن، لكنه لم يبال بتعليقات الناس الذين يزحمون يسوع، وانت ايضا لكي تنال قبول يسوع لك، عليك ان لا تأبه لكلام العالم المسيحي الذي يزحم المسيح ولا يؤمن به، ينادي بإسم المسيح ويعيّد للمسيح من دون ان يحصل على خلاص وحياة ابدية منه..... فرغم المعطلات من حول زكا، اي الجمع الذي يمنع زكا من الوصول الى المسيح، ورغم المعطلات الداخلية فقد كان زكا قصير القامة، ورغم معطلات الماضي فقد كانت سمعته سيئة، لكن زكا أصرّ على رؤية يسوع مما اعماه عن رؤية اي معطل، بل سد أذنيه عن كل كلام او تعليق من الهالكين الذين يتبعون يسوع شكليا وصوريا وخارجيا، وفي نفس الوقت يعطّلون الكثيرين من الوصول الى يسوع الحقيقي... لكل زكا، يرسل الله جميزة، فلكل واحد يريد يسوع، وامامه الكثير من المعطلات، الجميزة موجودة ليتسلق عليها ويرى يسوع، ولا يبالي بسخرية احد، وهو يراه مختبأ بين اوراق شجرة الجميزة... احيانا نخسر الكثير من البركات بسبب مشغوليتنا بما سيقوله الناس، وننسى ان الناس الذين بسببهم نخسر الابدية، هم هالكون، يتبعون يسوع شكليا بدافع حب الاستطلاع، لا هم يدخلون ولا يريدون احد ان يدخل الى دائرة البركات السماوية.. لكن زكا تخطّى نظرات الناس، ولم ير الا يسوع، فاعتراه فرح لا ينطق به بسبب اكتفائه برؤية يسوع، وسجّل الانجيل موقف زكا الخاص، اما الالاف الذين احاطوا يسوع، فتجاهلهم الانجيل ولم يذكر اي منهم وانتهوا وكأنهم لم يكونوا.... لا تدع الجموع الضالة والضائعة، تحدّد مصيرك، او تؤثر في قراراتك، لانك اذا هلكت او تحطمت، لا يهم الجموع امرك، بل احيانا يشمتون بسقوطك... لماذا كتبت قصة زكا في الكتاب المقدس؟؟؟ اولا لان موقف زكا يعبّر عن ايمانه الخاص، وايضا فقصته تنطبق على كل انسان يريد يسوع.. فكل قصص الانجيل تنطبق على موقف الايمان الصحيح في كل مكان وزمان.. فزكا يمثّل كل انسان يريد يسوع بجدية، ولا يهمّه المعطلات الداخلية والخارجية، ولا يبالي بآراء الناس، بل كل همّه ارضاء خالقه، لان في ارضاء القدير، حياة وبركة الانسان.... ومعنى اسم زكا الطاهر او البريء او المستقيم، فكل انسان يظن نفسه طاهرا وبارا، ولا يريد ان يرى ذنوبه، بل دائما يبرر ذاته، لكن الله لن يقبل انسانا يعتاد تبرير ذاته، بل بداية اي لقاء بين الانسان وربه هي الاعتراف بحالة الانسان واكتشاف ذاته انه خاطئ، والتوقف عن تبرير ذاته.... اكتشف زكا الذي ظن دائما انه على حق، انه خاطئ وانه يحتاج الى يسوع، فبدأ يرى الامور بشكل مختلف، عما اعتاد هو والناس من حوله ان يروها... وانا وانت لكي نكسب رضى الرب علينا ان نخرج مما اعتاد عليه الناس، وهو تبرير ذواتهم.. بل اكتشف زكا انه ليس مزكّى امام الله، بل خاطي يحتاج الى مخلّص... صعد زكا الى اعلى الجميزة، ومن هناك، نظر الى يسوع فرأه وفرح، وتبادلا النظرات... والجميزة شجرة عالية وضخمة تشبه شجرة التين لكنها اكبر وثمارها اصغر، وهي رمز للتدين الشكلي واتباع المسيح الظاهري,, ومع انها تشبه التين الا انها ليست شجرة التين، فتدين اتباع المسيح ليس كتديّن التقليديين، لكنه ما دام خارجي وظاهري فلا يشبع القلب.. بسبب قصر قامته صعد الى اعلى الجميزة، لكن الصعود الى الجميزة لم يكف، بل من بين اغصانها، نظر الى يسوع... احيانا نريد يسوع فنلتجئ الى التديّن واتباع المسيح شكليا وظاهريا، وسرعان ما نكتشف ان التدين الشكلي واتباع المسيح خارجيا والانشغال بالكلمة والمعرفة الكتابية السطحية والصلاة والصوم، كل هذا لا يكفي، بل حتى في خضم المشغولية الدينية، نحتاج الى الرب يسوع بشكل حي وملموس وعملي.... وحظيَ زكا بلقاء حي مع الرب، لانه كان مستعدا لكل شيء من اجل الالتقاء بيسوع بشكل حي وحقيقي.... وسط المجوع المزاحمة، صرخ يسوع ونادى زكا، ولم يخجل يسوع برئيس العشارين، لانه اعترف انه اول الخطاة، فدعاه للنزول عن التدين بسبب فراغه، واعلمه انه اي يسوع، ينبغي ان يمكث في بيته.... منح يسوع الخلاص والحياة الابدية لزكا، فتذمّر الجموع.. فالناس لا تريد ان تخلص، ولا تريد الخلاص لاحد ولا يريدون التنازل عن اتباع يسوع التقليدي والشكلي.... وصرح يسوع انه حصل خلاص كامل لبيت زكا، بعد ان اعلن زكا عن اصلاح الماضي، بردّ كل ما ظلم به الاخرين وباعطاء المحتاجين من امواله.. وختاما اريد ان اتطرق لكلمة اريحا التي تعني شهوات وملذات، وهي مدينة ملعونة بحسب الكتاب المقدس، واريحا في هذه الحادثة رمز للعالم الذي نعيش فيه، فهو سوق للشهوات والملذّات، وهو مكان للعنة.. ولكي نحصل على البركة الالهية، علينا ان نفضّل يسوع على الشهوات، ونطلب الرب اكثر من الملذات المؤقتة، والتمسّك بالمسيح وسط رياح الشهوة من كل جانب.. واريحا هي اخفض مكان في العالم، فعالمنا ادبيا هو منخفض، ويتميز بالانحطاط الادبي والاخلاقي... ليت الرب يخلّصنا من روح زكا، اي تبرير الذات وظلم الاخرين وحياة الانانية والانشغال بالتديّن واتّباع المسيح الشكلي، بل نتمثّل بزكا الذين طلب يسوع بكل قلبه ولم يكتف باتّباع يسوع الخارجي ولم يبال بالجموع، بل صمم على الخروج من ارض الشهوات والتمسك بالرب يسوع، عندها نتمتع بالخلاص لنا ولبيوتنا ولكل مَن نحتك بهم من حولنا... وكم من بيوت ينقصها السلام والهدوء والانسجام والبركة والتمتع بالخلاص وبحضور يسوع الدائم والمبارك.... |
||||
28 - 07 - 2015, 06:26 PM | رقم المشاركة : ( 8610 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الايمان والرجاء والمحبة
لخّص الرسول بولس المسيحية بثلاث كلمات اساسية: الايمان والرجاء والمحبة، الامور الرئيسية التي يحتاجها البشر.. فكما ان الجسد لا يحيا بلا طعام وغذاء، هكذا الروح لا تحيا ولا تستمر بدون الايمان والرجاء والمحبة... والايمان اي الثقة بالخالق وبكلامه والرجاء اي الامل الثابت بأمور مباركة يعملها الرب، والمحبة اي قبول القدير لي رغم كل ما فيّ وان كل مقاصده هي خير لي.... الايمان اي التمسك بما فعله يسوع على الصليب اي تأسيس حياتنا على ما فعله الله لاجلنا، اذ قدّم اغلى من عنده لكي لا نهلك.. فالايمان هو على اساس خطة الله للخلاص في الماضي، والمحبة اي الوعي الكامل والثابت من محبة الله لي في الحاضر ايضا، والرجاء اي توقّع رجوع المسيح في المستقبل القريب لأخذ الذين له..... وما اتعس الانسان بدون ثقة ويقين بمحبة الرب الذي خلقه والرجاء ان يوما ما سيكون معه الى ابد الابدين في اجمل واسمى مكان... وقد أكّد الرسول بولس ان هذه الثلاثة هي الاعظم في المسيحية، وهي الاعظم في الحياة، ولكن من بين الثلاثة، المحبة تبقى دائما هي اعظمهن... اولا لأن الايمان بعمل الرب والرجاء لنكون معه كلاهما مبنيان على محبة الرب لنا، فالمحبة اي قبول القدير للمخلوق الخاطي هي نبع الايمان والرجاء... فيقين الايمان للخلاص والرجاء للخلاص من هذا العالم مؤسسان على محبة الرب لنا التي لا تتغير...... وثانيا لأن عند رجوع الرب لأخذ كنيسته، لا يكون رجاء بعد لأنه يتحقق رجاؤنا، وايضا نكون عندها مع الرب، فلا حاجة بعد للايمان بل نكون معه بالعيان... منذ الصليب حتى رجوع الرب، كل تعاملنا مع الرب هو على اساس الايمان اي تصديق وقبول كلام الرب من دون ان نراه بشكل ملموس... فالمحبة تبقى الى ابد الابدين، لاتنتهي حتى عند انتهاء الايمان والرجاء... ومع ان الرب يسوع اختار اثني عشر تلميذا او رسولا، الا انه في مناسبات كثيرة اختار ثلاثة منهم فقط، اي بطرس ويعقوب ويوحنا... ففي احداث خاصة جدا وفي اطار ضيق جدا، اخذ يسوع معه هؤلاء الرسل الثلاثة فمثلا في جبل التجلي متى 17 وعند اقامة الفتاة من الموت وقبيل الصليب ومواقف اخرى اكتفى يسوع بالاختلاء فقط مع بطرس ويعقوب ويوحنا ،وهم رمز للاسس المسيحية الثلاثة.. فبطرس رمز للايمان ويعقوب رمز للرجاء ويوحنا رمز للمحبة، وقد دعا الرسول بولس هؤلاء الثلاثة اعمدة (غلاطية) رئيسية في كنيسة الله... بطرس يمثّل الايمان لانه في انجيل متى 16 ، عندما سأل يسوع الناس مَن يظنونه وما هو رأيهم به، الوحيد الذي تقدّم واجاب اجابة صحيحة ورائعة مليئة بالايمان كان بطرس، اذ اعلن ان يسوع هو ابن الله الحي... الامر الذي لا يمكن للعيان ان يراه، لذلك قال له يسوع ان لحما ودما لم يعلنا لك بل ابي الذي في السموات. ولذلك منحه يسوع مفاتيح ملكوت السموات، وكان فعلا هو الذي اعلن الانجيل في سفر اعمال الرسل لليهود في ص 2 وللسامريين في ص 8 وللامم في ص 10. وايضا قال له يسوع "انت بطرس وعلى هذه الصخرة ابني كنيستي".. فبطرس كلمة يونانية تعني حجر صغير، وعلى الصخرة بنى يسوع كنيسته، وهنا الصخرة اي اعلان بطرس الثابت ان يسوع هو ابن الله الحي... فبطرس رمز للايمان الداخلي والعلني والرؤية الصحيحة للانجيل.. اما الرسول يعقوب فهو رمز للرجاء، لانه في سفر اعمال الرسل ص 12، امسك به الملك هيرودس وقتله ارضاءا لليهود، فالرسول يعقوب هو اول مَن استشهد من بين رسل المسيح الاثني عشر، فمات في المسيح على رجاء القيامة لذلك يمثّل الرجاء المسيحي... اما الرسول يوحنا فهو الركن الثالث للمسيحية، لانه يمثل المحبة فهو كاتب انجيل المحبة، وهو الذي قال عنه الانجيل خمس مرات "التلميذ الذي كان يسوع يحبه"، وهو الوحيد من الرسل الاثني عشر الذي لم يستشهد، بل مات موتا طبيعيا، وقد عاش الاطول من بين الرسل لانه رمز للمحبة التي تبقي حتى بعد انتهاء الرجاء والايمان، اي بعد غياب يعقوب وبطرس... وقد قال يسوع لبطرس عن يوحنا انه يبقى حتى ارجع (يو 21)، وقد قصد يسوع ان يوحنا يبقى حتى يرجع، ويعلن ليوحنا سفر الرؤيا عن كل الاحداث التي ستحدث في آ خر الايام. وقد اعتاد يسوع ان يأخذ معه الرسل، حيثما ذهب، اما احيانا فكان يأخذ فقط الثلاثة اي بطرس ويعقوب ويوحنا، فكأنه اراد ان يقول ان قوة المسيحي، حيثما ذهب هي في المحبة والرجاء والايمان. واذا اردنا ان نتغير الى صورة المسيح، علينا ان نصطحب معنا حيثما ذهبنا، الايمان والرجاء والمحبة... فالقلب المليء بمحبة الرب والمحبة لجميع البشر حتى للاعداء والمعاندين والمليء ايضا بالايمان والثقة الدائمة بالرب وكلامه ووعوده، والمليء ايضا بالرجاء والامل والتوقع، قلب كهذا لا يتزعزع ولا يتراجع ولا يندفع، بل كل ما يفعله ينجح، ويقود للخلاص ويبث المحبة والايمان والرجاء في قلوب مَن يحتك بهم ويرافقهم... اما الانسان او الجماعة التي تفقد روح المحبة والقبول وجو الايمان والثقة ولغة الرجاء، تكون ارضا خصبة للتشويش والفوضى والتعب والخصام والنزاع، ويكون الله منها براء.. وقد اكّد كاتب رسالة العبرانين في الفصل 11، "انه بدون ايمان لا يمكن ارضاء الله"، معبّرا عن اهمية الايمان للاقتراب الى الرب... وايضا الرسول يوحنا كتب قائلا انه "مَن لا يحب، لا يعرف الله"، مؤكدا عن اهمية المحبة للتعامل مع الله والاثبات على اننا نعرف الله، اما الرسول بولس فقد صرّح انه "ان كان رجاؤنا فقط في هذا العالم، اي انه كنا بلا رجاء ابدي، نكون اشقى جميع الناس" (كور15).. هذه الشواهد الثلاثة تؤكد على وجوب التحلّي بهذا الخصال الاساسية والفضائل الرئيسية لكل مَن اسم المسيح عليه .. والانجيل قد خصّص فصلا كاملا عن المحبة (1 كو13) وفصلا كاملا عن الايمان (عب 11) وفصلا كاملا عن الرجاء الابدي (1 كو15)... دعنا نرجع الى اسس المسيحية هذه ونتمسك بها، ولا نجعل الامور الثانوية والهامشية تحل محل هذه الامور الاساسية... |
||||