منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24 - 07 - 2015, 06:21 PM   رقم المشاركة : ( 8561 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,105

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

صرخة من القلب

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


أود أن أسرد قصتي واختباري كما حصلت خلال سنة 2006 وما مررت به والتغيرات التي حدثت لي, وماذا استفدت من الأحداث والخبرات التي مررت بها خلال هذه السنة.هذه أحدى أعظم السنوات التي مررت بها , وتذوقت ما هو حلو وما هو مر وفي كل من هذه اللحظات وجدت شيئا وعبرة في الحياة.
أنا فتاة مسيحية من سكان الأردن. حياتي في تلك اللحظات كانت عادية كحياة أي إنسان طفلٌ في تفكيره وخياله. لم أكن أعي شيئا من هذه الحياة الواسعة" كنت طفلة في تفكيري". لم أكن كثيرة الاختلاط مع العالم الذي حولي بل معظم وقتي داخل المنزل،لم أعرف كيف أتعامل مع من حولي. الى أن تعرفت على"الانترنت" وتحدثت مع أُناس من مختلف الأقطار والبلدان وتعرفت على افكارهم وأرائهم مختلفة. في البداية لم أكن أعرف إلا استعمال "الياهوو" وكنت أدخل دائما الغرف المسيحية وأناقش مع أُناس من مختلف الديانات,مسيحي,يهودي ومسلم. كنت أفعل ذلك لمجرد التسلية وليس بمعنى النقاش الحقيقي،وفي أحد الأيام تصادف الحديث مع شاب مسلم الديانة, وسار الحديث والنقاش بلا هدف، إلى ان عرفني على برنامج للحوار يدعى "البالتوك" وطلب مني أن أدخل غرفة معينة, وهكذا فعلت. هذه الغرفة كانت إسلامية, كنت أناقشهم ولا أهتم مما يقولون، مقنعة نفسيباني مسيحية وأحب مسيحيتي. وعلى قناعتي بأنني مهما حدث ومهما فقدت إيماني ومهما شككت لن أترك المسيح ولا مسيحيتي وكنت متمسكة جدا بديني برغم أني لم أكن شديدة التعمق بالإنجيل ولم أكن اهتم كثيرا في الذهاب إلى الصلاة في أيام الآحاد. ولكن بعد بضع أيام وبعد سماعي لمناظرات كانت تحدث هناك "نقاش بين مسيحي ومسلم عن موضوع ما"أصبحت أفكر بأن كلامهم منطقي وأكثر أقناعا ً من معتقداتنا, استمعت إلى كثير من المناظرات والأشخاص إلى حد أني كنت أقضي وقتا طويلا جدا وأنا أستمع لهم. حتى أني في بعض الأيام لم أكن أخلد إلى النوم لأجل الاستماع لهم. إلى أن ضاق بي الأمر ولم أعد قادرة ألا على حب الاستماع لهم ولمناظراتهم ووصلت إلى أقصى درجات الشك وهم كانوا يعلموا بذلك, ولذلك كان تركيزهم شديد علي، وتولى مسئول هذه الغرفة أمري "شيخ في الإسلام"كان هو وغيره دوما يسألونني أسئلة عديدة ولم أكن أعرف ألإجابة عنها, لم أكن املك هذه المعلومات لأنني لم أكن متعمقة في الأديان بشدة, شككت ووصلت إلى أقصى درجات الشك ولربما أنني أنكرت ألوهية المسيح عدة مرات ووافقت على أن الإنجيل غير كامل. في هذه اللحظات عشت أتعس لحظات حياتي, كنت أرجو الله كل ليلة أن يرشدني إلى ما هو صواب ويبعدني عن الخطأ, حاولت عدة مرات إلا استمع لهم ولا أناقش معهم ولكن لم أنجح, بالرغم أن أشخاص كُثر شجعوني وطلبوا تركهم،لكنني لم أكن أستطيع تركهم.

كنت أطلب من أي شخص أن يخلصني من هذه الدوامة وأن يعيدني إلى ما كنت عليه سواء أكان مسيحيا أم مسلما, المسلمون كانوا يفرحوا ويقولوا لي "الله يهديكي".حتى أن أحدهم والكثير طلبوا مني أن أقول الشهادة ويقولوا لي "إنسي كل شي, لا تفكري بخوفك لا تفكري بأهلك أنسي كل شي لأنك بالنهاية رح توقفي لوحدك مع الله بدون ولا أي حدا(لا ماما ولا بابا) شو بدك تقوليلوا كنت أعبد المسيح بالرغم أني كنت أعرف انه مش الله بس عبدته عشان هيك عقيدتنا؟ كيف تقبلي إنهم يشبهوا اله بخروف؟ وكيف تقبلي أن يشبهوكي أنت وغيرك بالكلاب؟". هذا ماقال لي أحدهم بالحرف الواحد.

كانت الساعة 4 صباحا , وفي هذا الوقت طلب مني قول الشهادة. قلت له:"اتركني لحالي الشهادة مش رح قولها" أجابني كل هالشك ومعرفتك الواسعة بالإنجيل وبعدم كماله بتبقي تنكري الإسلام" كررت له ما قلت سابقا "أتركني لحالي لأني مش رح أحكي شي" وبعد وقت هكذا فعل. كيف أدخل ديانة لا أعلم ما هي ألا أنهم يؤمنوا بالله وبمحمد رسول له. استمرت الشكوك كدوامة في راسي ولكن في النهاية ضاق بي الأمر ولم أعد احتمل ما أسمعه وعلى الأقل سخريتهم بكلام الإنجيل والمسيح حسبما ذكره الإنجيل. لم أكن اعرف كيف أتوقف في الحديث معهم وكانت الطريقة الوحيدة أن أقول لهم أنني لم اعد أومن بالإنجيل ولا بألوهية المسيح فعلت ذلك مع عددا من الأشخاص ولاسيما من كانوا يؤثروا بي بشدة ودونت الشهادة لعدد من ألأشخاص, ولكنني فعلت هذا ليس لإيماني بالإسلام دينا, بالرغم أني لم أكن أعرف أي شي في الإسلام ولأنني لم أعد أؤمن بالإنجيل أو لان تلك هي الطريقة الوحيدة لأتخلص من متابعتهم لي. نعم لا أخجل من قول هذا أني لربما فعلت هذا مع شخص أو شخصين لهذا السبب"كي أصبح صديقة لهم" هذا لم يكن غريبا على فتاة لم تختلط مع من حلوها من قبل.في هذا الوقت كنت أشعر أني أريد فقط أن أستمع لهم وليس لأحد غيرهم، لأنه أسهل الفهم لعقلي, لطالما اعتقدت أنه لا يوجد أحد في هذه الحياة يستطيع التحكم بي وبأفكاري أو ما نسميه(غسيل الدماغ) وكنت أعتبر أنه لأمر تافه (مهما حدث) أن يحدث لي (غسيل دماغ) ولكن هذا بالفعل ما حدث وفعلا كنت أشعر أني تحت سيطرتهم ولا أستطيع أن أفعل إلا ما يطلبوه مني.وليس غريبا على أي شخص كان يستمع لهم ليل نهار ولمعتقداتهم وشروحاتهم وهو ليس بشديد التعمق في الأنجيل,لا يعلم الكثير عن معتقداته وتفسيراتها. ونصيحة مني لكل منيمر بشيء صعب في الحياة لا تقولوا يستحيل جدا وحتى الموت أن يتحكم بي أحد وبدماغي لأن هذا ما كنت أقوله دوما…ولكن كثرة الاستماع وعدم النوم الكافي قد يسبب خدر الدماغ وإدمانه على الشيء الذي يسهر من أجله وحبه لتباعه هو فقط والاستماع له وليس لشيء أخر مناقض له(لا أعلم إذ يحق لي قول هذا)بالفعل هذا ما حدث.

استمراري في طلب المساعدة ومن بينهم كان شخص مسيحي. قلت له عما أريد وقلت له انه حين أطلب المساعدة من المسيحيين لا يصدقوني ويعتقدوا أني مسلمة ألعب هذا الدور كي أشككهم"فقال لي أنه كان مسلم من قبل ودخل المسيحية."ولكنني لم أصدقه في البداية وقلت له "أنتَ بتحكيلي هيك عشان ترجعني أو تعطيني أمل"ولكنه أثبت لي ذلك وقال لي انه سوف يدلني عن نفس الشخص الذي ساعده في معرفة المسيحية وقال لي ان هذا الشخص الذي سارشدك اليه لن يقول لك هذا (أنت بالأصل مسلمة وبتلعبي هذا الدور) وهكذا أتصل به هاتفيا وطلب منه مساعدتي وقال له قصتي وقال له أيضا إنني لا أستطيع تركهم. إلى أن تحدثت إلى هذا الشخص وفي الحقيقة كان هذا الشخص طيب ومحب, وسار الحديث وقال لي "لا تخافي أنا مش حسيبك بس إنت ما تسيبينيش" وهكذا في البداية طلب مني التوقف عن الذهاب للبالتوك، وأعطاني العديد من الطرق، كنت افعل هذا ليوميين وأعاود الذهاب،ولكن بعدمرور الوقت كنت أُفاجئ بأجوبته الدقيقة على أسئلتهم ومع مرور الوقت شعرت بأنني أفضل حالا,وقلت له إنني لن أعود للاستماع لهم في البالتوك ولو استمعت لن اشك من جديد. ولكن هذا ما لم يحدث عاودت الذهاب هناك وعدت إلى شكوكي مجددا ومجددا وأعاود الذهاب إليه وهكذا حدث عدة مرات. ولكن بعد بعض الوقت لم أعد أستطيع التواصل مع شبكة الانترنت، ولم أستطع السماع لأي منهم.وهكذا أخذت قسطا من الراحة التي كنت احتاجها كثيرا في ذلك الوقت بسبب سهري الطويل معهم وأصبحت أفضل لاستيعاب الأمور.
ذهبت إلى احد خدام الانجيل وطلبت منه مساعدتي وقلت له فقط عن شكوكي وهكذا بنقاشات طويلة أقنعني. عدت إلى إيماني بصعوبة شديدة جدا جداً وكنت مهشمة نثسياً. في الفعل ما قاله لي هذا الشخص هو كلام مقنع جدا ولكني لا أعلم لماذا لم افهمه ولكنني أعتقد أن السبب هو حاجة عقلي لراحة ونوم هادئ كي أعي كل ما قاله لي وكذلك شخص اخر كان دائم النصح لي…وألان هاأنذا على إيمان أفضل مما كنت عليه بفضل هذا الشخص الطيب الذي التقيته والذي لن أنسى له يوما ما قدمه لي من مساعدة وإرشاد وتقوية وتنبيه في ذلك الوقت. وبالرغم من أنني فقدت شيء لوقت قصير بالنسبة لهذه الحياة ولكنني في النهاية اكتسبت شيئا إلى نهاية حياتي. منذ هذا الوقت أصبحت أكثر رشدا ووعيا وفهما لهذه الحياة الواسعة وما بها من خبرات سهلة وصعبة وما بها من أشخاص جميلوالتفكير والقلب كذاك الشخص الذي أعادني إلى إيماني. وأنا شاكرةٌ جدا له وهذا الشكر سيبقى قليل مقارنة بما قدمه لي.وقد لا تصدقوا قولي أني أبلغ من العمر 16 سنة ولكن الإنسان ليس بعمره لكن بخبرته ومن ثم وعيه, نعم الخبرة هي أساس الحياة…فاستفيدوا في كل لحظة من حياتكم لأنه في كل لحظة عبرة للحياة واختبار من الله لكم. استثمروا أوقاتكم لتبنوا حياة أفضل لكم ووعيا أشد لكل من وما حولكم…استثمروها وفكروا بما مر معكم واستخرجوا وعيكم ورشدكم من هذه الحياة في كل يوم تعيشون به.

كانت هذه أصعب ما مررت به في حياتي وأصعب اللحظات التي كنت في هذا الشعور من بكاء وتضرع إلى الله.وهذه خبرة علمتني الكثير الكثير في هذه الحياة ليس فقط في الأديان بل بجميع أمور هذه الحياة ليس بمقدوري كتابة كل ما تعلمته هنا، ولكن بخبرة واحدة وبتجربة واحدة تفهمت الكثير من أسرار الحياة ومشاقها وأصبحت أكثر تمسكا وحبا بالمسيح ومسيحيتي. أشكر الله على هذه النعمة من خبرة لوقت أقل من سنة مقابل نعمة وفهم لسنوات طويلة, فبنعمة واحدة تعلمت الكثير الكثير,فاشكروا الله على كل شيء والله ليس مجرب بالشرور بل الشيطان "لا يقل احد إذا جرّب أني أجرّب من قبل الله.لان الله غير مجرّب بالشرور وهو لا يجرّب أحدا.ولكن كل واحد يجرّب إذا انجذب وانخدع من شهوته.ثم الشهوة إذا حبلت تلد خطية والخطية إذا كملت تنتج موتا."

إذا يا إخوتي الأحباء ليكن كل إنسان مسرعا في الاستماع مبطئا في التكلم مبطئا في الغضب. لان غضب الإنسان لا يصنع بر اللهلذلك اطرحوا كل نجاسة وكثرة شر فاقبلوا بوداعة الكلمة المغروسة القادرة أن تخلّص نفوسكم.ولكن كونوا عاملين بالكلمة لا سامعين فقط خادعين نفوسكملأنه إن كان احد سامعا للكلمة وليس عاملا فذاك يشبه رجلا ناظرا وجه خلقته في مرآة. فانه نظر ذاته ومضى وللوقت نسي ما هو" (يعقوب22:1)

أخي إن كنت مسلما أو مسلمة, وإن كنت بقارئ لهذا النص…أنا أعلم ما يدور برأسك ألان قد تقول في رأسك ألان "كله حكي كذب، أوعميان ورح تبقواعميان" أو شيء من هذا القبيل, ولكن لا تقل هذا وكن صريحا مع نفسك ومع عقلك ولو لدقيقة واحدة، ولا تقل أني دوما صريح مع نفسي ومع غيري بل كن صريحا ومنطقيا مع تفكيرك وعقلك وقلبك, لان الأديان التي ليست من الله تخدعك إن لم يكن فيك روح الله ليرشدك, معظم الناس يتبعون دينهم بدون فهم ويقوم بفرائضه ظنا منه انه بذلك يرضي الله.وعندما تريد اتباع الحق، تبدأ تختبر الصعوبات والاضطهاد، عدها تذكر قول المسيح:

" ادخلوا من الباب الضيق.لأنه واسع الباب ورحب الطريق الذي يؤدي إلى الهلاك.وكثيرون هم الذين يدخلون منه. ما اضيق الباب وأكرب الطريق الذي يؤدي الى الحياة.وقليلون هم الذين يجدونه" (مت 7:13 ).أقصد في قولي أن كثير من الذين يرفضون الايمان المسيحي الحق، ليس لديه أدنى فكرة عن الخلاص.ولاذكرا أصلاً في كتبهم لهذه الكلمة التي تحمل أعمق أسرار الحياة.ورح قول بالعامية : الشاطر يلي بقول وبستهزء بدون فهم ولا أي تحليل:الله ثلاث ألهه؟ أو الله ثلاث أقانيم؟ أو الله خروف!!! ومن ثم يقول استغفر الله العظيم.بدون أي فهم!! وما لاحظته من الإسلام وغيره من المسلمين أنهم دائما ينظرون إلى الجسد وكل تفكيرهم في الجسدوالمال والسلطة.الجسد الجسد الجسد. ولا يبدو ولو اهتماما قليلا لأرواحهم وطهارة قلوبهم من الداخل (كل شي خارجي) مرئي, يُرى وكأنه دينا للمظاهر الخارجية لإقناع الغير. ولم الحظ وجود أي شيء روحي عندهم كل ما هو جسدي.

والشيء الوحيد الذي أريد قوله لك عزيزي القارئ: إن كان الله هو القادر على كل شيء ولا يسمح بتبديل أو تحريف كتابه, وبما أنك تؤمن أن الله أنزل التوراة والزبور والإنجيل وهذه كلها منه فكيف سمح بتحريفها. فسمح بتحريف التوراة الذي أنزله على موسى!! وبعد ذلك سمح بتحريف الزبور (المزامير) الذي أنزله على داود!!!وبعد ذلك سمح بتحريف الإنجيل الذي أنزله على عيسى!!!وبعد 600 سنة تقريباً.ستة قرون متكاملة.أجيال ماتت وأجيال عاشت على الضلال وعلى تحريف الكتب المقدسة. آتى الله بكتاب لا يقدر أحد أن يحرفه!!! فجأة أصبح الله قوي وجبار وغير مبدل لكلماته، بعد كل هذا التاريخ الذي حرفت فيه كتبه وضلت فيه عباده (بني إسرائيل الذي فضلهم على العالمين) والقسيسين والرهبان الذين يتلون الكتاب ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر!!كل هؤلاء ضلوا؟فهل تتخيل معي اله لم يقدر أن يحفظ كتابه من التبديل والتغيير والتحريف. يقدر أن يحفظ عباده؟!!أين العقل؟!! أين العدل في تفكيركم؟ أين المنطق؟!!هليسمح الله بهذا!!! هذه استفسارات منطقية يسألها أي شخص عاقل يفكر. ولماذا لا تسأل نفسك أيها المسلم"لماذا ندّعي نحن المسلمون بتحريف الكتب المقدسة وفي نفس الوقت ندعي بحفظ القرآن وحده" وكأن القرآن وحده هو كتاب الله) فهل يوجد لدى الله محاباة بين كتبه ورسله؟!! وهل لا يهتم الله بهذه الأجيال من البشر التي ماتت في ضلال وهي تتخيل أنها ماتت على حق؟سنين من الإخلاص يقرؤون الكتب بكل تقديس وبكل طهارة وبكل تقوى وهي كما تقولون كتب محرفة؟ فيا صديقي،أنا لا أؤمن بان الله الحقيقي يفرق بين أحد من كتبه ورسله.ولا أؤمن حتى انه يفرق بين أعجمي وعربي إلا بالتقوى. ولذلك يا صديقي ينبغي أن نسأل كل هذه الأسئلة ليس لليهود أو للمسيحيين ولكن نسألها لله. وأقول هذا نقلا: هل العملة الجيدة تكون أولا، أم العملة المزيفة؟ يقول المنطق يقول هذا ,كيف يسمح الله أن يكون كتبه الثلاثة الأوائل محرفة والكتاب الرابع (القرآن) هو الوحيد غير المحرف؟كيف؟!! أين العملة الحقيقية التي نقيس عليها التحريف؟ الكتب الأولى؟ أم الكتاب الأخير؟!! "أن الآخرة لن ينفع فيها شفيع إلا الحق"

كيف حرفت الكتب المقدسة ومتي حرفت وأين حرفت ومن حرفها؟! وكثير من الأسئلة التي لم ينشغل أحد من المسلمين الأوائل ولا المتأخرين (من السلف أو الخلف) من أن يبذل القليل من الجهد للإجابة عليها وكأن مسألة التحريف واضحة وضوح الشمس ولا يجهلها إلا الجاهل.على كل حال أنا لست هنا للنقاش, بل أقول هذا لأقتل شك كل واحد يعتقد أني عدت إلى إيماني بجهل أو بدون وعي.

إلى جميع من يقرأ هذا الآن…لا تعتقدوا يوما بأن الله سوف يترككم لأني انتظرت طويلا وقطعت أملي بعد صلوات كثيرة حتى استجاب الله لصلواتي لانه هكذا قال وهكذا وعد "ها أنا معكم كل الأيام ..إلى انقضاء الدهر" فما ألذ الحياة معه. كضال يهديني…وكعطشان للحق هو وحده القادر أن يرويني...ولا تعتقدوا أيضا أنه يوجد محبة أعظم من المحبة التي أحبنا إياها سيد الكون يسوع المسيح. وأنا على تمام الثقة انه في داخل كل إنسان, إنسان أخر بفكرهِ وأحاسيسه وعواطفه, ونصيحة مني لكم…خاطبوا الآخرين بشخصكم الداخلي, بالإنسان الداخلي الذي بكم وإن لم تكشفوه ولا تعرفوه, خاطبوا الناس بأرواحكملان أرواحكم هو هذا الشخص الداخلي…دعوا الناس يحبونكم بأرواحكم وليس بأجسادكم, بشخصكم الداخلي وليس الخارجي… "نوع من الحب الذي يقدس الروح ولا يهتم بالجسد".دعوا الخبرة لكم وفي قلوبكم ولجميع من يحتاجها في هذه الحياة ودعوا أرواحكم مصدر محبة من الآخرين ولتكن أرواحكم خفيفة ومرحة ولا تجعلوا أتفه الأمور أكبر المشاكل وهذا ملخص ما تعلمته من خبراتي
وسلام ومحبة عليكم جميعا يهبكم أياها سيدي يسوع المسيح.
"من هو حكيم وعالم بينكم فلير أعماله بالتصرف الحسن في وداعة الحكمة"
"ولكن إن كان لكم غيرة مرة وتحزب في قلوبكم فلا تفتخروا وتكذبوا على الحق" (يع13:3)

"من اين الحروب والخصومات بينكم أليست من هنا من لذّاتكم المحاربة في أعضائكم.تشتهون ولستم تمتلكون.تقتلون وتحسدون ولستم تقدرون أن تنالوا.تخاصمون وتحاربون ولستم تمتلكون لأنكم لا تطلبون. تطلبون ولستم تأخذون لأنكم تطلبون رديّا لكي تنفقوا في لذّاتكم(يع1:4)

ومن له أذنان فليسمع
 
قديم 24 - 07 - 2015, 06:29 PM   رقم المشاركة : ( 8562 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,105

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

شرح عن الثالوث القدوس

الأب كاليستوس وير

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أيها الآب رجائ،
أيها الابن ، ملجأي،
أيها الروح القدس حمايتي،
أيها الثالوث القدوس . المجد لك.
صلاة القديس يؤنيكيوس

أيها الثالوث ، غير المخلوق الذي بلا نهاية ،
أيها الواحد غير المنقسم ، الثلاثة في واحد ،
الآب والابن والروح ، إله واحد ..
أقبل ترنيمتنا هذه من ألسنة الطين
وكأنها من أفواه ملتهبة
عن كتاب التريوديون

الله كمحبة متبادلة :

نحن نؤكد في بداية قانون الإيمان أننا " نؤمن بإله واحد " ، لكننا نقول على الفور ما هو أكثر من ذلك. فنحن نستمر قائلين، نحن نؤمن بإله واحد الذي هو في نفس الوقت ثلاثة: الآب والابن والروح القدس. يوجد في الله تمايز أصيل وأيضًا وحدانية حقيقية. إله المسيحيين ليس مجرد وحدة unit من الوحدات بل هو اتحاد، ليس مجرد وحدة بل شركة. هناك في الله شئ ما مماثل للـ" المجتمع ". هو ليس شخصًا فرديًا يحب ذاته وحده، وليس جوهرًا فرديًا monad أو "الواحد". بل هو ثالوث أو وحدة ثالوثية triunity : ثلاثة أشخاص متساوون، كل شخص يوجد في الاثنين الآخرين بفضل حركة محبة متبادلة لا تتوقف. " أنا أحب، لهذا أنا كائن Amo ergo sum" ذلك عنوان قصيدة "كاتلين راين" والتى يمكن أن تكون شعارًا لله الثالوث القدوس. وما يقوله شكسبير بشأن الحب الإنسانى بين شخصين يمكن تطبيقه أيضًا على المحبة الإلهية بين الأقانيم الثلاثة الأزليين:
هكذا أحبا، حبًا بين اثنين
ولهما جوهر واحد
والاثنان متميزان ، بلا انقسام
فالعدد في الحب شئ منعدم

إن الغاية الأخيرة من الطريق الروحى أننا نحن البشر يجب أن نكون أيضًا جزءً من الوجود الحى المتبادل في الثالوث [Trinitarian Coinherence أو ما يسمى بالـPerichoresis ]، إذ تجذبنا بالكامل دائرة الحب القائمة في داخل الله. هكذا صلى المسيح لأبيه ليلة صلبه " ليكون الجميع واحدًا، كما أنك أنت أيها الآب فيّ وأنا فيك، ليكون هم أيضًا واحدًا فينا " (يو21:17) .

لماذا نؤمن أن الله ثلاثة ؟ أليس من الأسهل أن نؤمن ببساطة بالوحدانية الإلهية، مثلما يفعل اليهود والمسلمون؟ بالتأكيد هذا أسهل. إن عقيدة الثالوث تقف أمامنا بمثابة تحدٍ، كاللغز (crux) بالمعنى الحرفى: إنها بعبارة فلاديمير لوسكى "صليب لطريقة التفكير البشرية"، وهى تتطلب منا التوبة (****noia) بصورة جذرية ـ وليس مجرد لفتة تصديق رسمى، بل تغير حقيقى في الذهن وفى القلب .

لماذا الإيمان إذن بالله كثالوث ؟ وجدنا أن أكثر طريقين يساعدانا على الدخول إلى السر الإلهى أن نؤكد أن الله شخص وأن الله محبة. ويتضمن هذان المفهومان المشاركة والتبادل. أولاً، ليس "الشخص" هو نفس الشيء "كالفرد" على الإطلاق. فأى واحد منعزل ومستقل بذاته لا يكون شخصًا أصيلاً حقيقيًا بل مجرد فرد، أى وحدة مجردة كما يتم تسجيلها في التعداد. إن التمركز حول الأنا هو موت الشخصية الحقيقية. ويصبح كل فرد شخصًا حقيقيًا فقط من خلال الدخول في علاقة مع أشخاص آخرين، أى من خلال الحياة لأجلهم وفيهم. لقد قيل وهذا حق، إنه ما من إنسان يمكن أن يوجد، ما لم يكن اثنان على الأقل في علاقة معًا. ونفس الشيء يُصدق، على المحبة. لا يمكن للمحبة أن تقوم في عزلة، بل هى تفترض وجود الآخر. إن محبة الذات هى إلغاء المحبة. ومثلما أوضح " تشارلز ويليامز" هذا التأثير المُخرِّب فى روايته " الهبوط إلى الجحيم "، فإن حب الذات هو الجحيم، لأن حب الذات إذا ما بلغ منتهاه، إنما يدل على نهاية كل فرح وكل معنى. ليس الجحيم هو الآخرون، إنما الجحيم هو ذاتى، إذا ما انفصلت عن الآخرين وتمركزت حول نفسها.

إن الله أفضل بكثير من أحسن ما نعرفه في نفوسنا. فإن كان اثمن عنصر في حياتنا كبشر هو العلاقة بين " الأنا والأنت "، فإننا لا يمكننا إلاّ أن ننسب نفس العلاقة، بمعنى ما، إلى كيان الله الأزلى ذاته. وهذا بالضبط ما تعنيه عقيدة الثالوث القدوس. ففى قلب الحياة الإلهية ذاتها، ومنذ الأزل يعرف الله ذاته بصفته " أنا وأنت " I and Thou "، بأسلوب ثالوثى، وهو يفرح على الدوام بهذه المعرفة. إذن، كل ما يتضمنه فهمنا المحدود للشخص الإنسانى وللحب الإنسانى، هذا نؤكده أيضًا عن الله الثالوث، ونضيف أن هذه الأمور في حالة الثالوث تعنى أكثر بغير حدود مما يمكن أن نتخيله على الإطلاق .

إن الشخص والمحبة يعنيان الحياة، والحركة، والاكتشاف. هكذا فإن عقيدة الثالوث تعنى أننا يجب أن نفكر في الله بمعانٍ متحركة أكثر منها ساكنة. فليس الله مجرد سكون وراحة وكمال غير قابل للتغيير. ولكى نكوّن صورًا عن الله الثالوث علينا أن نتأمل الريح، والمياه الجارية ولهب النيران المتأججة. هناك تشبيه مفضل عن الثالوث كان دائمًا يصوره بثلاثة مشاعل تشتعل بلهب واحد. وتخبرنا " أقوال آباء البرية " كيف أن أخًا جاء مرة ليتحدث إلى الأنبا يوسف فى بانيفو وقال الزائر " يا أبانا، إنى أتبع حسب مقدرتى قاعدة متواضعة للصلاة والصوم، والقراءة والصمت، وبقدر استطاعتى أحفظ نفسى طاهرًا في أفكارى. فماذا لى أن أفعل أكثر؟ فأجابه الأنبا يوسف وقد وقف على قدميه ورفع ذراعيه نحو السماء، وأصبحت أصابعه مثل عشرة مشاعل مضيئة، وقال الشيخ العجوز للزائر: "إن أردت، يمكنك أن تصير كلك نارًا بالكامل". فإن كانت هذه الصورة عن اللهب الحى تساعدنا على فهم طبيعة الإنسان في أعلى حالاتها ، ألاّ يمكن أن تنطبق أيضًا على الله ؟ إن أقانيم الثالوث هم " بالكامل نار".

لكن في النهاية، فإن أقل صورة تضلل فهمنا يمكن أن نجدها، لا في العالم الطبيعى خارجنا، بل في القلب البشرى، إن التشبيه الأفضل هو ذلك الذى بدأناه ألاّ وهو خبرتنا بالاهتمام الشديد بشخص آخر ومعرفتنا أن محبتنا تُرد لنا بمحبة مثلها.

ثلاثة أشخاص (أقانيم) في جوهر واحد :

قال المسيح " أنا والآب واحد " (يو30:10) فماذا كان يعنى ؟ للإجابة علينا أولاً أن نرجع أول مجمعين من المجامع المسكونية : مجمع نيقية (325)، ومجمع القسطنطينية (381)، وإلى قانون الإيمان الذي صاغه هذان المجمعان. إن التأكيد الأساسى والحاسم في قانون الإيمان هو أن يسوع المسيح هو "الإله الحق من الإله الحق"، "واحد في الجوهر" (أو "هوموأوسيوس") مع الله الآب. بعبارة أخرى، فإن يسوع المسيح مساوٍ للآب: هو الله بنفس معنى أن الآب هو الله، ومع ذلك فهما ليسا إلهين بل إله واحد. ومن ثم إن الآباء الشرقيين في أواخر القرن الرابع الميلادى قالوا نفس الشيء عن الروح القدس: هو بالمثل إله حق، "واحد في الجوهر" مع الآب والابن. ورغم أن الآب والابن والروح القدس إله واحد، فإن كلاً منهم هو منذ الأزل شخص (أقنوم)، هو مركز متميز لوعى ذاته. الله الثالوث إذن يوصف بأنه ثلاثة أقانيم في جوهر واحد. توجد في الله منذ الأزل وحدة حقيقية، مرتبطة بتمايز شخصى أصيل: لفظة "جوهر"، "كيان" (ousia)، إنما تدل على الوحدة، ولفظة "شخص" أو "أقنوم" (هيبوستاسيس) (hypostasis) أو (بروسوبون) تدل على التمايز. فلنحاول أن نفهم ما الذى تدل عليه هذه اللغة المحيرة ، لأن عقيدة الثالوث القدوس عقيدة حيوية بالنسبة لخلاصنا .

الآب والابن والروح واحد في الجوهر، لا بمعنى فقط أن الثلاثة هم أمثله لنفس المجموعة أو الجنس العام، بل بمفهوم أنهم يشكلون معًا حقيقة واحدة فريدة وخاصة. وفي هذا الصدد هناك فارق هام بين معنى أن أشخاص الله الثلاثة هم واحد، ومعنى أن يدعى ثلاثة أشخاص من البشر واحدًا. فالأشخاص الثلاثة من البشر بطرس ويعقوب ويوحنا، ينتمون إلى نفس الجنس العام، جنس "الإنسان". وبرغم أنهم متقاربون معًا متعاونون معًا، فإن لكل واحد منهم إرادته الخاصة وقدرته الخاصة، يعمل كل واحد بمقتضى قوته الخاصة المنفصلة في اتخاذ القرار أو المبادرة. باختصار، هم ثلاثة رجال وليس رجلاً واحدًا. لكن في حالة أشخاص الثالوث الثلاثة ليس الأمر هكذا. هناك تمايز، لكن ليس هناك انفصال على الإطلاق. فالآب والابن والروح كما يؤكد القديسون ـ تابعين شهادة الكتاب المقدس ـ لهم إرادة واحدة فقط وليست ثلاث إرادات. لهم طاقة واحدة وليست ثلاثًا. لا أحد من الثلاثة يعمل منفردًا، بمعزل عن الاثنين الآخرين. هم ليسوا ثلاثة آلهة، بل إله واحد .

ومع ذلك ورغم أن الأقانيم أو الأشخاص الثلاثة لا يعملون أبدًا بمعزل الواحد عن الآخر، فإن في الله تمايزًا أصيلاً كما أن فيه وحدة خاصة. فى اختبارنا لله وهو يعمل في عمق حياتنا الخاصة، وبينما نجد أن الثلاثة يعملون دائمًا معًا، مع ذلك فإننا نعلم أن كلاً منهم يعمل فينا بطريقة مختلفة. نحن نختبر الله كثلاثة فى واحد، ونؤمن أن هذا التمايز الثلاثى فى عمل الله الخارجى يعكس تمايزًا ثلاثيًا فى حياته الداخلية. والتمايز بين الأشخاص الثلاثة يعتبر تمايزًا أزليًا قائمًا فى داخل طبيعة الله نفسه؛ فالتمايز لا ينطبق فقط على فعله الخارجى فى العالم. الآب والابن والروح القدس ليسوا مجرد "أشكال" أو "أساليب" للاهوت (الألوهية)، ليسوا مجرد أقنعة يرتديها الله لفترة فى تعاملاته مع الخليقة ثم يخلعها جانبًا. هم على النقيض ثلاثة أشخاص متساوون معًا وأزليون معًا (Coequal, Coeternal Persons). الأب البشرى أكبر سنًا من ابنه. لكن حين نتحدث عن الله "كأب" و"كابن" لا نفسر هذه الألفاظ بهذا المعنى الحرفى. نحن نؤكد أن " الابن " لم يكن هناك وقت لم يكن فيه موجودًا. ونفس الشيء يُقال عن الروح .

كل واحد من الثلاثة هو بالكامل وبالكلية الله. ليس أحد منهم أكثر أو أقل من إله بالنسبة للآخرين. كل واحد يملك، لا ثلث لاهوت، بل الألوهية الكاملة فى مجملها، ومع هذا فكل واحد يحيا ويكون هذا اللاهوت الواحد بطريقته المتميزة الخاصة ‎والشخصية. وإذ يؤكد القديس غريغوريوس النيسى على هذه الوحدة الثالوثية فى تنوع، يكتب:
[ كل ما يكونه الآب، نراه ظاهرًا (مستعلنًا) فى الابن، وكل ما هو للابن فهو للآب أيضًا، لأن الابن بكامله يسكن فى الآب، وله الآب بكامله ساكنًا فى ذاته، الابن الكائن دائمًا فى الآب لا يمكن أن ينفصل عنه، ولا يمكن أن ينفصل الروح عن الابن الذى يعمل بالروح كل شئ. والذي يقبل الآب يقبل أيضًا وفى آنٍ واحد الابن والروح. من المستحيل أن نتخيل أى نوع من الانفصال أو القطع بينهم: فلا يمكن للمرء أن يفكر فى الابن بمعزل عن الآب، ولا أن يفصل الروح عن الابن. هناك بين الثلاثة مشاركة وتمايز يفوق التعبير بالكلام ويفوق الفهم. والتمايز بين الأشخاص لا يضعف وحدانية الطبيعة ولا تقود وحدانية الجوهر المشتركة إلى اختلاط بين الخصائص المتميزة للأشخاص (الثلاثة). لا تندهشوا أننا يجب أن نتكلم عن اللاهوت بأنه موحد ومتمايز في آنٍ واحد. وإذا استخدمنا الألغاز، إن جاز التعبير، فإننا نتصور تنوعًا ـ فى ـ وحدة، ووحدة ـ فى تنوع، غريبة ومتناقضة].

وباستخدامه عبارة " إذا استخدمنا الألغاز.. " فإن القديس غريغوريوس مضطر أن يؤكد أن تعليم الثالوث " فيه تناقض ظاهرى " Paraoxical وأنه " يفوق التعبير بالكلام والفهم ". إنه شئ أعلنه الله لنا ولم توضحه لنا عقولنا. يمكننا أن نلمح له بلغة بشرية، لكننا لا نقدر أن نشرحه بالكامل. وقدراتنا العقلية هى هبة من الله ويجب أن نستخدمها حتى الكمال، لكن علينا أن ندرك محدوديتها. ليس الثالوث نظرية فلسفية، لكنه الله الحى الذي نعبده، لهذا تأتى نقطة فى اقترابنا من الثالوث حين يجب لمناقشتنا وتحليلنا أن يترك المكان للصلاة التى بغير كلام :
" فليصمت كل جسد مائت
وليقف فى خوف ورعدة ." (ليتورجية القديس يعقوب)

الخصائص الشخصية فى الثالوث :

الشخص الأول فى الثالوث، الله الآب، هو "نبع اللاهوت"، المصدر، العلة، أو مبدأ أصل الشخصين الآخرين. هو رابطة الوحدة بين الثلاثة: هناك إله واحد لأن هناك آبًا واحدًا. " الوحدة هى الآب ، الذى منه وإليه يسير مجرى نظام الأشخاص" (القديس غريغوريوس اللاهوتى). كل شخص من الشخصين الآخرين يُعّرف بألفاظ تعبر عن علاقته بالآب: فالابن "مولود" من الآب، والروح "ينبثق" من الآب . وفى الغرب اللاتينى، هناك اعتقاد ثابت بأن الروح ينبثق " من الآب ومن الابن ". وقد أُضيفت لفظة فيليوك filioque (أى من الابن) إلى النص اللاتينى لقانون الإيمان. وتعتبر الأرثوذكسية لفظة فيليوك إضافة غير شرعية ـ لأنها أُضيفت إلى قانون الإيمان دون موافقة الشرق المسيحى ـ ليس هذا فحسب، بل إنها تعتبر أيضًا أن تعليم " الانبثاق المزدوج "، كما يُشرح عادة، هو تعليم غير دقيق لاهوتيًا وضار روحيًا. وبحسب آباء القرن الرابع الشرقيين، الذين تتبعهم الكنيسة الأرثوذكسية حتى يومنا هذا، فإن الآب هو المصدر الوحيد وأساس وحدة اللاهوت. ولكى نجعل الابن مصدرًا مثل الآب، أو بالاشتراك معه، معناه أن نتسبب فى ارتباك الخصائص المميزة للأشخاص.

والشخص الثانى فى الثالوث هو ابن الله، " كلمته " أو اللوغوس . ولكى نتحدث بهذا الأسلوب عن الله كابن وآب معناه على الفور أن يتضمن (هذا الحديث) حركة من المحبة المتبادلة، كما أشرنا قبلاً. ومعناه أن يتضمن (كلامنا) أنه منذ الأزل فإن الله نفسه، كابن ـ فى طاعة بنوة ومحبة ـ يرد إلى الله الآب الكيان الذى يولّده الآب فيه منذ الأزل بالبذل الذاتى الأبوى. وفى الابن ومن خلاله يُستعلن أو ينكشف الآب لنا: " أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتى إلى الآب إلاّ بى" (يو6:14). هو الذى وُلِدَ على الأرض كإنسان من العذراء مريم فى مدينة بيت لحم. لكنه كالكلمة أو لوغوس الله فهو أيضًا يعمل قبل التجسد الإلهى. هو مبدأ النظام وهو الغاية الذى يتغلغل فى كل الأشياء ويجذبها إلى الوحدة فى الله، وهكذا يجعل العالم universe "كونًا Cosmos"، أى كلاً متكاملاً ومتناسقًا. وقد أسبغ اللوغوس الخالق على كل شئ مخلوق اللوغوس الخاص به الساكن فيه أى المبدأ الداخلى، الذى يجعل هذا الشيء هو ذاته بشكل متميز، والذى يجذب فى آنٍ واحد ويوجه كل شئ نحو الله. ومهمتنا البشرية كصناع أو حرفيين هى أن ندرك هذا اللوغوس الساكن فى كل شئ وأن نجعله ظاهرًا (معلنًا)، نحن لا نسعى أن نهيمن ونسيطر بل أن نتعاون .

أما الشخص الثالث فهو الروح القدس، "الريح" أو" نفس" (نسمة) الله. وبينما نحن ندرك عدم دقة التقسيمات المرتبة، فإننا يمكن أن نقول إن الروح هو الله فينا، والابن هو الله معنا، والآب هو الله فوقنا أو فيما وراءنا أو أبعد منا. ومثلما يكشف الابن الآب لنا، هكذا فإن الروح هو الذى يكشف الابن لنا، ويجعله حاضرًا معنا. ومع ذلك فالعلاقة متبادلة. فالروح يجعل الابن حاضرًا معنا، لكن الابن هو الذى يرسل الروح إلينا. (نحن نلاحظ أن هناك تمايزًا بين "الانبثاق الأزلى" للروح و"إرساليته الزمنية". فالروح مرسل إلى العالم فى الزمن، بواسطة الابن، لكن بالنسبة لأصله فى داخل الحياة الأزلية للثالوث، فإن الروح ينبثق من الآب وحده).

ويكتب سينيسيوس القيروانى مميزًا كل شخص من الأشخاص الثلاثة:
نهتف، يا أيها الآب، نبع الابن،
أيها الابن، صورة الآب،
أيها الآب، القاعدة حيث يقوم الابن،
أيها الابن، ختم الآب؛
أيها الآب، قوة الابن،
أيها الابن، جمال الآب،
أيها الروح الكلى الطهر، الرابطة بين الآب والابن،
أرسل أيها المسيح، الروح،
أرسل الآب إلى نفسى،
أغمر قلبى الجاف فى هذا الندى، أحسن كل عطاياك.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ
عن كتاب: الطريق الأرثوذكسي، للأب واللاهوتي الأرثوذكسي كاليستوس وير، ترجمة د/ نصحي عبد الشهيد، إصدار المركز الأرثوذكسي للدراسات الأبائية، الفصل الثاني.
مُترجم عن the orthodox way, by fr. kallistos ware, (oxford). mowbary, england
 
قديم 24 - 07 - 2015, 06:32 PM   رقم المشاركة : ( 8563 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,105

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

اذكر خالقك أيام شبابك


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



هناك عدد كبير من الناس الذين تجاوزت أعمارهم سن الشباب يشتاقون ويتمنون الرجوع إلى الشباب. والعودة إلى أيام القوة والنشاط، أيام الحيوية والإنتاج، وأيام الاستعداد لخبايا المستقبل والشيخوخة. وكم من عجوز ندم على الطريقة التي قضى بها شبابه، ويتمنى الرجوع إلى الوراء ليصلح خطأه، ولكن هل يعود الشباب؟

إن شبابنا اليوم لا يزالون يقضون فترة شبابهم في الملاهي حيث الخطايا والرذائل. وتراهم يتمتعون وقتياً في اللهو والمسرات الذاتية، في شرب الخمور وتناول المخدرات، في القمار وإلى ما هنالك من متاهات الحياة وسرابها. وعوضاً عن الاستعداد لمستقبلهم وبناء وطنهم، تراهم يقضون على أنفسهم وعلى ازدهار بلادهم، بل أنهم يصبحون عالة على مجتمعهم، وهكذا صدق فيهم قول الكتاب المقدس: «وَكَمَا لَمْ يَسْتَحْسِنُوا أَنْ يُبْقُوا ٱللّٰهَ فِي مَعْرِفَتِهِمْ، أَسْلَمَهُمُ ٱللّٰهُ إِلَى ذِهْنٍ مَرْفُوضٍ لِيَفْعَلُوا مَا لا يَلِيقُ. مَمْلُوئِينَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ وَزِناً وَشَرٍّ وَطَمَعٍ وَخُبْثٍ، مَشْحُونِينَ حَسَداً وَقَتْلا وَخِصَاماً وَمَكْراً وَسُوءاً، نَمَّامِينَ مُفْتَرِينَ، مُبْغِضِينَ لِلّٰهِ، ثَالِبِينَ مُتَعَظِّمِينَ مُدَّعِينَ، مُبْتَدِعِينَ شُرُوراً، غَيْرَ طَائِعِينَ لِلْوَالِدَيْنِ، بِلا فَهْمٍ وَلا عَهْدٍ وَلا حُنُوٍّ وَلا رِضىً وَلا رَحْمَةٍ. ٱلَّذِينَ إِذْ عَرَفُوا حُكْمَ ٱللّٰهِ أَنَّ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ مِثْلَ هٰذِهِ يَسْتَوْجِبُونَ ٱلْمَوْتَ، لا يَفْعَلُونَهَا فَقَطْ، بَلْ أَيْضاً يُسَرُّونَ بِٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ! »(رومية ١: ٢٨-٣٢).

لقد حذرنا الله بواسطة كتابه المقدس على أن لا ننزلق ونسقط في ملذات الشباب، ونستشهد بما يلي: «اِفْرَحْ أَيُّهَا ٱلشَّابُّ فِي حَدَاثَتِكَ، وَلْيَسُرَّكَ قَلْبُكَ فِي أَيَّامِ شَبَابِكَ وَٱسْلُكْ فِي طَرِيقِ قَلْبِكَ وَبِمَرْأَى عَيْنَيْكَ، وَٱعْلَمْ أَنَّهُ عَلَى هٰذِهِ ٱلأُمُورِ كُلِّهَا يَأْتِي بِكَ ٱللّٰهُ إِلَى ٱلدَّيْنُونَةِ»... «فَٱذْكُرْ خَالِقَكَ فِي أَيَّامِ شَبَابِكَ، قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَ أَيَّامُ ٱلشَّرِّ أَوْ تَجِيءَ ٱلسِّنِينَ إِذْ تَقُولُ: لَيْسَ لِي فِيهَا سُرُورٌ. »(جامعة ١١: ٩، ١٢: ١). وإلى جانب تحذير الله هذا فهو يشجعنا على أن نتمسك بكلمته الحية الفعالة. ويقول صاحب المزامير: «بِمَ يُزَكِّي ٱلشَّابُّ طَرِيقَهُ؟ بِحِفْظِهِ إِيَّاهُ حَسَبَ كَلامِكَ» (مزمور ١١٩: ٩).

ولهذا علينا أن نتمسك بكلمة الله ونقرأ الكتاب المقدس ونطبق وصاياه. إن الكتاب المقدس هو الغذاء الروحي للجميع لأن بواسطته يتغذى الأطفال والشباب والشيوخ، ونحن كشباب نشجع إخواننا الشباب أن يطبقوا وصية الرسول بولس القائل: «أَمَّا ٱلشَّهَوَاتُ ٱلشَّبَابِيَّةُ فَٱهْرُبْ مِنْهَا، وَٱتْبَعِ ٱلْبِرَّ وَٱلإِيمَانَ وَٱلْمَحَبَّةَ وَٱلسَّلامَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ ٱلرَّبَّ مِنْ قَلْبٍ نَقِيٍّ» (٢ تيموثاوس ٢: ٢٢). فإن كنا أبراراً وأصحاب إيمان ولدينا المحبة والسلام، نستطيع أن نهزم الشيطان ونتغلب على الشهوات الشبابية. إذاً أيها الأصدقاء لنتمسك بالكتاب المقدس ونسلك بحسب وصاياه لكي لا نخدع بالتعاليم الهدامة، ولكي لا نشتاق بمظاهر الحياة المزيفة.

 
قديم 24 - 07 - 2015, 06:33 PM   رقم المشاركة : ( 8564 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,105

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

حِكْمَةَ ٱلْحُكَمَاءِ

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


إنّ الإنسان مهما يبلغ من درجات العلم والمعرفة، ويتبحر ويغوص في أعمق مشاهير المجلدات الضخمة، ويتتلمذ على يد أفقه الفقهاء، يبقى في آخر المطاف جاهلاً، غائبة عنه أشياء لم يسبر غورها ولم يدرك مكنوناتها، ولا تكون ذاكرته قد استوعبت كل تفاصيلها. إنّ العلم كما وصفه أحدهم بأنه محيط لا ساحل له. فالمرء كلما استوعب قليلاً من العلم يدرك فوراً أنّ هناك علماً كثيراً قد فاته.

وكم هم الذين إذا أخذوا حفنة من العلم يستولي عليهم الكبرياء ويوهمون أنفسهم بأنّ الحكمة الصرفة تنبع من صدورهم، فيتشدقون بشعارات الإلحاد والكفر. في هؤلاء يقول الكتاب : «مَكْتُوبٌ: «سَأُبِيدُ حِكْمَةَ ٱلْحُكَمَاءِ وَأَرْفُضُ فَهْمَ ٱلْفُهَمَاءِ». أَيْنَ ٱلْحَكِيمُ؟ أَيْنَ ٱلْكَاتِبُ؟ أَيْنَ مُبَاحِثُ هٰذَا ٱلدَّهْرِ؟ أَلَمْ يُجَهِّلِ ٱللّٰهُ حِكْمَةَ هٰذَا ٱلْعَالَمِ؟» (١كورنثوس ١: ١٩ و٢٠).

أما فئة أخرى من الناس فتعتقد أنّ سر الحكمة يكمن في العلم وحده، لذا تجدهم دائبي السعي وراء طلبه أينما وُجد، إلا أنّ الحكمة الحقة لا تُباع في الدكاكين ولا بين جدران الجامعات الشهيرات ولا حتى من أفواه البروفسورات بل أنّ الله أظهرها لنا في ملء الزمان في شخص المسيح يسوع المذخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم (كولوسي ٢: ٣) وهذه الحكمة لا يمكن إدركها إلا إذا وضع الله في قلب الإنسان قبسات من نوره، فيستنير ويدرك حقيقة الله المحب السرمدي ويقبل إعلاناته الأزلية في المسيح يسوع الذي قال عن نفسه: «أنا هو الحق والحياة».
 
قديم 25 - 07 - 2015, 04:52 PM   رقم المشاركة : ( 8565 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,105

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

تفسير التناقضات حول ظهورات ما بعد القيامة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
(مت28: 1- 15، مر16: 1- 11، لو24: 1- 12، يو20: 1- 18)

يصف الكتاب علي الاقل عشرة ظهورات مختلفة للمسيح، بين قيامته وصعوده. فقد ظهر: 1) لمريم المجدلية عند القبر (مر16: 9، يو20: 11- 18)، 2) للنساء علي الطريق (مت 28: 9، 10)، 3) لتلميذين منطلقين إلي عمواس (لو24: 13- 32)، 4) لبطرس (لو24: 34)، 5) لعشرة من التلاميذ لان توما كان غائباً (لو24: 36- 43، مر16: 14، يو20: 19- 25)، 6) بعد ثمانية ايام ظهر للاحد عشر حيث كان معهم توما (يو20: 26- 31)، 7) سبعة تلاميذ علي شاطئ بحر الجليل (يو21: - 25)[1].ومن القراءة لنصوص للعهد الجديد التي ذكرت حدث القيامة والظهورات نري ان التشديد علي قيامة يسوع في الاناجيل الاربعة ليس مُركزاً علي دليل واقعي للعالم غير المسيحي، بل علي تأثير هذه الحقيقة العجيبة علي تلاميذ يسوع المذهولين المبتهجين وعلي خوفهم وفرحهم، شكوكهم ويقينهم[2].

ولذلك يجب علي كل قارئ أن لا يُعثر من الاختلافات التي تبدو للوهلة الاولي في قصة القيامة، لأن الذي يتحدَّث عن القيامة إنما يتحدَّث عن أمور ليست تحت ضبط العقل والفكر والحواس والعين والتمييز البصري، فالقيامة بكل ظهوراتها وأقوالها وتسجيلاتها تمَّت بسبب انفتاح خاص في الوعي الروحي ليُرى ما لا يُرى، ولكل إنسان وعي خاص بإمكانيات خاصة، وكل وعي يختلف في القدرة والدقة والانفتاح والشمول عن الوعي الآخر، حتى أن القيامة نفسها يوجد من عاينها ويوجد مَنْ لم يعاينها لأنها تعتمد على قطبين:

الأول: إرادة المسيح في أن يُعلن أو لا يُعلن نفسه، وبوضوح كامل أو بوضوح أقل كما حصل لتلميذي عمواس.

والقطب الثاني: قدرة الذي يتلقَّى الاستعلان كما قلنا. لذلك يوجد مَنْ يحكي بإسهاب ومَنْ يحكي باختصار شديد، ومَنْ يقول كثيراً ومَنْ يقول قليلاً، ومَنْ يقول اثنين ومَنْ يقول بل واحداً. وهكذا فكل ما يخص القيامة لا يدخل تحت النقد أو الفحص أو التحقيق أو الإيضاح.

ولكن لمرَّة واحدة أراد المسيح حقـًّا وبالفعل أن يُدخل نفسه كيسوع المسيح القائم من الأموات لتحقيق التلاميذ العقلي والحسِّي والنظري حتى باللمس: (ما بالكم مضطربين، ولماذا تخطر أفكار في قلوبكم (شك)؟ انظروا يديَّ ورجليَّ (أثر المسامير): إني أنا هو (المصلوب). جسُّوني وانظروا فإن الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي (قيامة بالجسد كما كان). وحين قال لهم هذا أراهم يديه ورجليه. وبينما هم غير مصدِّقين من الفرح، ومتعجِّبون، قال لهم: أعندكم ههنا طعام؟ فناولوه جزءًا من سمكٍ مشويٍّ وشيئاً من شهد عسل. فأخذ وأكل قدَّامهم (ولكن ليس معناه أن في القيامة يأكلون ويشربون) «(لو 24: 38- 43)، » ثم قال لتوما هات إصبعك إلى هنا وأبصر يديَّ، وهات يدك وضعها في جنبي، ولا تكن غير مؤمنٍ بل مؤمناً. « (يو 27:20).

ويقرِّر العالِم بورنكام هكذا: [إن قيامة المسيح حقيقة تفوق الواقع التاريخي، ولا يستطيع التاريخ أن يفحص كيفيتها، ولكنه يتيقَّن من حدوثها كحقيقة أُومن بها بواسطة التلاميذ بيقين راسخ يسجِّله التاريخ، وبدونه لا يكون إنجيل ولا خبر ولا حرف في العهد الجديد. لأنه لا إيمان ولا كنيسة ولا عبادة ولا صلاة ولا مسيحية حتى هذا اليوم بدون قيامة يسوع المسيح من الأموات. وبالرغم من ذلك فإنه مستحيل أن نصل إلى قناعة عن فحص كيف تمَّت القيامة. وكل ما نعرفه أن القيامة كانت أعظم تدعيم وأعظم شهادة قدَّمها الله الآب لشخص يسوع المسيح إزاء رفض العالم له والشكوك الأُولى لتلاميذه[3]]. ولكن قد سبق أعلاه وأن شرحنا للقارئ لماذا هو عدم اليقين العقلي والحسِّي بمنتهى الوضوح. فالأمر يتخطَّى الإمكانيات البشرية ليدخل في الهبة البسيطة والعظمى التي أسكنها الله قلوب أولاده “الإيمان”!! فهو المسئول عن فتح وعي الإنسان لإدراك ما لا يُدرك: آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص أنت وأهل بيتك! (أع 31:16)[4].

فالرؤية تتعلَّق بإمكانيات الانفتاح للوعي وهي موهبة لا يشترك في درجتها اثنان. لذلك لا ينبغي إطلاقاً عمل موازنات بين ما قيل وما رؤي وما سُمع بالنسبة للقيامة التي قامها المسيح. لذلك بكل وضوح لا نجد الجميع يشتركون في رواية بحذافيرها، فكل إنجيل يصف ما سمع أو رأى أو استلم من التقليد. بل والتقليد نفسه يستحيل أن يقدِّم حادثة واحدة من عدة زوايا الأناجيل الأربعة بنفس الكلام أو الوصف أو التأثر. وحتى قارئ الإنجيل أو مَنْ يسمعه بالنسبة للقيامة فهو يسمع ويفهم ويتحقَّق بقدر انفتاح وعيه ولا يشترك اثنان في تحقيق فعل واحد أخروي.

لذلك حينما ندخل إلى حقيقة القيامة نجد الأناجيل تقدِّم خبرات متعددة تشترك في حقيقة واحدة وهي قيامة المسيح من الأموات ولكن بلغة ووصف وتحقيق متعدد المستويات. ولكن تعدد الخبرات والرؤى والتحقيق يجمع في النهاية كل زوايا حقيقة قيامة الرب من بين الأموات في أكمل صورة لها دون الأخذ برواية وترك الأخرى[5].

ولا يجب ان نخلط النقد الفلسفي وهو من المفترض ان يكون مختصاً بالميتافيزيقا (اي ما وراء الطبيعة او العلوم الغير محسوسة او مدركة اومادية كتلك الخاصة بالاديان واللاهوت)، وبين النقد التاريخي، والذي يبحث بحيادية تاريخية عن الحدث مُقارناً إياه بأساليب البحث التاريخية للوصول إلي اقرب صورة للحقيقة، فبينما يري الفيلسوف قصتين بينهما اختلاف فيقول ان القصص المختلفة لا يمكن ان تعبر عن الحقيقة، فنجد المؤرخ عندما ينظر الي الروايات المتضاربة عن حدث تاريخي، يقول: اري بعض التضارب لكني الاحظ شيئاً فيها، انها جميعاً في التفاصيل الثانوية، لان هُناك جوهر أساسي اعتمدت عليه هذه القصص يمكن الاعتماد عليه وتصديقه مهما كانت التفاصيل الثانوية متناقضة[6].

فصحيح ان اكتشافات القبر الفارغ توصف بطرق مختلفة في الاناجيل المختلفة، لكن لو طبقنا نفس المعايير التي نطبقها علي اي مصادر ادبية قديمة اخري، فسنجد الادلة حاسمة ومقبولة لدرجة انها تستلزم الاستنتاج بأن القبر في الحقيقة وجد فارغاً[7].

ولعالم الاحياء التطوري د. ريتشارد داوكينز قول يجب ان نستخدمه هُنا، إذ هو أكثر تناسباً مع الآحداث التاريخية التي ذُكِرَت عرضاً في النصوص الدينية ومحاولاتنا لفهمها والبحث عن حقيقتها عن إستخدامه مع العلوم المعملية، فيقول: اننا مثل المُحققين الذين جائوا إلي مسرح الجريمة بعد إرتكابها. لقد تلاشت افعال المجرم في الماضي. ليس لدي المُحققق أمل في مشاهدة الجريمة الفعلية بعينيه الخاصة. علي أي حال، فما لدي المُحقق فعلياً هو الأثار التي بقيت، وهُناك مقدار عظيم من الثقة هنا. هُناك أثار اقدام، بصمات اصابع لطخات دم، رسائل، دفاتر يومية. وهذا هو السبيل لتحديد معالم تاريخ العالم وصولاً إلي الحاضر[8]. ولذلك فلا مجال ابداً للتشكيك في حدث القيامة ذاته نتيجة الإختلاف الظاهري بين الروايات الإنجيلية، فتكرار رروايات كثيرة حول حدث واحد يؤكد ان هذا الحدث حصل فعلاً، وهكذا يُنظر ايضاً إلي كل رواية تاريخية فمستحيل ان نجد رواية واحدة لم يختلف حولها المؤرخون، ومع ذلك فنجدهم جميعاً مُتفقين ان الحدث الذي يدور حوله جدلهم هذا قد حدث بالفعل وغير مقبول التشكيك في ذلك.

وكما قلنا هُناك صعوبة في ترتيب الأحداث، لأن كل إنجيل اٍنفرد بذكر بعض الأحداث دون الأخرى، والصعوبة لا تتصل بحقيقة القيامة ولكن في ترتيب الأحداث. والصعوبة تنشأ لو تصورنا أن الأحداث كلها حدثت في وقت واحد. ولكن:-

1- الأحداث لم تحدث كلها في وقت واحد.

2- نفس الحدث يراه كل إنجيلي ويرويه بطريقة مختلفة، ولكن الحقيقة واحدة
[9].

فلا عجب إذاً من الاختلاف في القصص التي تسرد ما حدث يوم الاحد عند قيامة يسوع، فمشهد خلو المقبرة منه ورسل السماء يبدون ردود افعال مختلطة، والفرح والقلق والخوف والتعجب، وايضاً بعض التشويش عندما اسرع الناس لاخبار غيرهم، حيث قام احد الكتبة بتسجيل ما سمعه من شخص بينما كتب آخر ما سمعه من شخص آخر، ولكن الحقائق لا خلاف عليها، فكان القبر خالي ويسوع قام، وفي هذا الجزء سنلخص الاحداث وترتيبها كما امكن:

1- المشهد الاول يضم مجموعتين من النساء قد اتيا من اماكن متفرقة ومعهم العطر لمسح جسد يسوع، فالمجموعة الاولي تضم: (مريم المجدلية، ومريم ام يعقوب ويوسي، وسالومة ام الرسولين يعقوب ويوحنا)، والمجموعة الآخري تتكون من يونا وبعض الاصدقاء (مت28: 1، مر16: 1- 3، لو24: 1).

2- تصل القديسة مريم المجدلية وحدها وقبل الجميع بكثير. اما رفيقاتها، فتأخرن بسبب شراء الحنوط ولحقا بها حين بزوغ الشمس. الارض تزلزلت ونزل ملاك من السماء ورفع الحجر عن باب القبر. ولكن ق. يوحنا لا يذكر سوي القديسة الاشد حباً. فقد ابتدأت الجماعة سيرها ليلاً، وكان لكل من في الجماعة دوافعه، ولكل منهم درجة لشجاعته تختلف من واحد لآخر، والحب القوى يعطى دفعة للشجاعة الضعيفة. لذلك فغالباً بدأت الجماعة سيرها كمجموعة واحدة ولكنها سرعان ما أصبحت صفاً، ومع الإستمرار في السير ما لبثت أن تفرقت إلي مجموعات، في المقدمة مجموعة تكاد تركض ركضاً (حب قوى) وأخرى تلحق بها في عجلة وهكذا. وفي المجموعة الأولى كانت مريم المجدلية هذه التي أحبت كثيراً لأن المسيح غفر لها كثيراً (لو47:7). فالمجدلية ظلت بجانب القبر تراقب الدفن، وها هي أول من يصل، لذلك رأت الزلزلة وكل ما حدث لحظة القيامة، فإرتعبت ولم تستطع الكلام هي ومن معها.

3- تأخذ مريم المجدلية الدهشة والحيرة عند رؤيتها القبر مفتوحاً. تقدمت بسرعة نحو القبر وسعت مفتشة عن الجسد في البستان ولم تجد يسوعها، فارتبكت مريم المجدلية ودون ان تري ملاكاً او تسمع صوتاً تركت رفيقاتها وركضت الي بطرس ويوحنا تخبرهما بأن الجسد قد سُرق (يو20: 1- 2)، ولكن مريم وسالومة بقيا مكانهما، فرأيا ملاك يجلس عند الحجر خارج القبر، وملاك آخر داخل القبر وبمجرد سماع قيامة يسوع وانضمام تلاميذه في الجليل اسرع الجميع إلي المكان لينقلوا هذه الاخبار والفرحة تغمرهم (مت 28: 2- 7، مر16: 4- 8).

4- في الوقت نفسه هرع الجنود الرومانيون للكهنة ليخبروهم بما حدث، كان هؤلاء الكهنة ممن طلبوا وضع حراسة علي قبر يسوع حتي يمنعوا تابعيه من سرقة جسده، فقام الكهنة برشوة الحرس حتي يذيعوا خبر سرقة تلاميذ يسوع لجسده اثناء نوم الحرس، كان الكهنة في السابق يخشون ان يخدع تلاميذ يسوع الناس اما الآن فهم انفسهم من يخدع الناس (مت28: 11- 13، 27: 62- 66)، ولكن ان سمع بيلاطس بنوم حرسه اثناء خدمتهم سيقوم الكهنة بحمايتهم برشوة بيلاطس نفسه (مت28: 14- 15).

5- بالرجوع للقبر، فبعد دقائق قليلة من رحيل المجموعة الاولي من النساء اتت يونا واصدقاؤها ودخلن المقبرة فوجدن ملاكين لكن من الملائم اشد الملائمة لطبيعة الحال ان يُترك الكلام لواحد منهما، واستمعن لاخبار قيامة يسوع فأسرعن ليخبرن التلاميذ (لو24: 2- 8).

6- وبمجرد رحيل النساء اتي بطرس ويوحنا ودخلن المقبرة ورأيا القماش الذي لُفَّ به يسوع موضوع علي الارض، فأمنوا ان هذا دليل علي قيامة يسوع من موته، ولكنهما تركا القبر وهما في حيرة ولا يفهمانما هي اهمية هذا الحدث (يو20: 3- 10، لو24: 12). فلوقا يريد ان ينهي كلامه عن النسوة، قبل ان يبدأ التكلم عن بطرس، فالزيارة التي ينسبها الي بطرس هي اذاً عين الزيارة التي قام بها بطرس ويوحنا معاً.

7- بعد ان تغلبت النسوة القديسات علي هلعهن الاول عزمن اخيراً علي اعلان الخبر، ليس لاحد عشر فقط، بل لجميع التلاميذ، اما القديسة المجدلية فترجع اليه وفكرة ان اليهود اخذوا الجسد ليدنسوه بإلقائه خارج القبر تخالط عقلها. ورجعت المجدلية والتي كانت تتبع بطرس ويوحنا للقبر بعد رحيلهما ومكثت هُناك بمفردها وهي تبكي فرأت الملاكين بالداخل، ثم رأت رجلاً لم تتعرف عليه في الحال (مر16: 9، يو20: 11- 15)، وعندما اكتشفت انه يسوع امسكت به وكأنها لا تريده أن يرحل، فقال لها يسوع لا حاجة لك للإمساك بيهكذا فهو لن يصعد الآن للسماء (سيكون معهم لاسابيع قليلة)، ولا يجب عليها ان تعتمد علي حضوره المادي وإلا ستحبط ثانية، فعليها الذهاب لتلاميذه لتخبرهم بما قال لها (يو20: 16، 17).

8- بعد فترة وجيزة جداً من مقابلته لمريم المجدلية ظهر يسوع لمجموعة النساء الآخريات (المريمات وسالومة)، وهن في طريقهن للتلاميذ ليخبروهن بما حدث (مت28: 8- 10).

9- مجموعتي النساء وصلتا لمنزل الرسل في نفس الوقت وتبعتهما مريم المجدلية حيث أخبرن الرسل بما حدث لهن في مقابلتين منفصلتين في آن واحد مع يسوع، ولكن الرسل لم يصدقوا أي من القصتين (مر16: 10- 11، لو24: 9- 11، يو20: 18).

وجميع هذه الاحداث المذكورة في التسع نقاط لم تتجاوز الساعة من الزمان بقليل[10].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ

[1] John Jr MacArthur, The MacArthur Study Bible, electronic ed. (Nashville: Word Pub., 1997, c1997), Lk 24:34.

[2] R. T. France, vol. 1, Matthew: An Introduction and Commentary, Tyndale New Testament Commentaries (Nottingham, England: Inter-Varsity Press, 1985), p. 411.

[3] Bruner, Frederick Dale, Matthew, A Commentary, 2 vols., Word Publishing, 1987, 1990. P. 1076.

[4] الاب متي المسكين، الانجيل بحسب متي، مت28: 5- 7 ص 819

[5] الاب متي المسكين، الانجيل بحسب مرقس، مر16: 5، ص 693

[6] وليم لين كريج، القضية المسيح، لي ستروبل، ص 288

[7] Michael Grant, Jesus: An Historians Review Of The Gospels, p. 176.

[8] The Greatest Show on The Earth-The Evidence for Evolution, ch 1, p. 15.

[9] آلام وقيامة السيد المسيح في الاناجيل الاربعة، الاب انطونيوس فكري، ص 259

[10] التفسير المُعاصر للكتاب المقدس، دون فليمنج، ص 639، 640، انظر ايضاً: آلام وقيامة السيد المسيح في الاناجيل الاربعة، الاب انطونيوس فكري، ص 259: 262.. و الازائية الإنجيلية، الابوان لاكرانج ولافيرن الدومنيكان، ص 304: 306.
see also: John G. Butler, Jesus Christ: His Resurrection (Clinton, IA: LBC Publications, 2006), p. 327.
 
قديم 25 - 07 - 2015, 04:55 PM   رقم المشاركة : ( 8566 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,105

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

ماذا عن مكان الإنسان فى خليقة الله ؟
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"وإله السلام يقدسكم بالتمام ولتحفظ روحكم ونفسكم وجسدكم كاملة بلا لوم حتى مجيء ربنا يسوع المسيح" (1تس23:5).

هنا يذكر القديس بولس العناصر أو الأوجه الثلاثة التى تكوّن الإنسان. وبينما تتمايز هذه العناصر إلاّ أنها معتمدة تمامًا الواحد على الآخر؛ فالإنسان وحدة متكاملة وليس المجموع الكلى لأجزاء منفصلة.

أولاً، هناك "الجسد" " تراب من الأرض" (تك7:2)، وهو الجانب الفيزيفى أو المادى لطبيعة الإنسان .

ثانيًا، هناك النفس، قوة الحياة التى تحيى وتنشّط الجسد، فتجعله ليس مجرد كتلة أو عجينة من المادة ، لكن شيئًا ينمو ويتحرك، ويشعر ويدرك. وللحيوانات أيضًا نفس، وربما النباتات لها أيضًا. لكن النفس فى حالة الإنسان منحها الله وعيًا، فهى نفس عاقلة، تملك القدرة على التفكير المجرد، والقدرة على التقدم بواسطة النقاش الاستطرادى من مقدمات منطقية إلى الاستنتاج.

ثالثًا، هناك " الروح "، " النسمة " من الله (أنظر تك7:2)، والتى لا توجد فى الحيوانات. ومن المهم أن نميز " الروح" (القدس) عن " الروح" العادية. فالروح المخلوقة التى للإنسان ليست هى الروح غير المخلوق أى روح الله القدوس الأقنوم الثالث فى الثالوث؛ ومع ذلك فإن الروحيين مرتبطان ارتباطًا حميمًا، لأنه من خلال روحه يدرك الإنسان الله ويدخل فى شركة معه.

وبنفسه (psyche) يدخل الإنسان فى الاستفسارات العلمية أو الفلسفية ، فيحلل بيانات خبرته الحسية بواسطة التفكير الاستطرادى. وبروحه (pneuma) والتى تُلقب أحيانًا بلفظة nous أى ذهن روحى ، يفهم الحق الأبدى عن الله أو عن الجواهر الداخلية للمخلوقات (أو logoi)، ليس من خلال التفكير الاستنباطى، بل من خلال الإحساس المباشر أو الإدراك الروحى ـ بواسطة نوع من الحدس يسميه القديس مار اسحق السريانى "المعرفة البسيطة". هكذا فإن الروح أو الذهن الروحى متميز عن قدرات الإنسان العقلية وعواطفه الجمالية ، وتسمو على كليهما معًا .

ولأن للإنسان نفسًا عاقلة وذهنًا روحيًا، فهو يملك القدرة على تقرير مصير نفسه ويملك الحرية الأخلاقية، بمعنى إحساس الخير والشر، والقدرة على الاختيار بينهما. وبينما تتصرف الحيوانات بالفطرة أو الغريزة، فإن الإنسان قادر على اتخاذ قرار حر وواعٍ .

وفى بعض الأحيان، ينبئ "الآباء" نظامًا ثنائيًا لا ثلاثيًا، واصفين الإنسان ببساطة كوحدة من جسد ونفس؛ فى تلك الحالة يعتبرون الروح أو الذهن أنه الجانب الأعلى للنفس. لكن النظام الثلاثى للجسد والنفس والروح أكثر دقة وأكثر توضيحًا، خاصة فى عصرنا هذا حيث يحدث خلط بين النفس والروح، وحين لا يكون معظم الناس حتى على وعى بأنهم يملكون ذهنًا روحيًا. إن النظام الثقافى والتعليمى للغرب المعاصر قائم على وجه الحصر تقريبًا على تدريب الدماغ العقلانى، وبدرجة أقل، على العواطف الجمالية. وقد نسى معظمنا أننا لسنا فقط دماغًا وإرادة، وأحاسيس ومشاعر، إنما نحن أيضًا روح. لقد فقد الإنسان الحديث غالبًا التلامس مع أصدق وأعلى وجه من أوجه شخصيته، ويمكن رؤية أثر هذا الاغتراب الداخلى وبشكل جلى جدًا فى قلقه، وفقدان الهوية وضياع الرجاء.

+ الإنسان وسيط وكون صغير:

الجسد والنفس والروح هم ثلاثة فى واحد ، ويشكل الإنسان وضعًا فريدًا فى النظام المخلوق.

ووفقًا للنظرة الأرثوذكسية للعالم ، فقد جبل الله مستويين للمخلوقات:
أولاً: المستوى " العقلى " ، " الروحى " أو " الذهنى " .
ثانيًا: المستوى المادى أو الجسدانى .

وعلى المستوى الأول خلق الله الملائكة الذين لا جسد مادى لهم . وعلى المستوى الثانى خلق الكون المادى ـ الأجرام السماوية، والنجوم والكواكب السيارة مع الأنواع المتعددة من المعادن والنباتات والحيوانات.

الإنسان، والإنسان وحده، هو الذى يوجد فى كلا المستويين فى آن واحد. فمن خلال روحه أو ذهنه الروحى يشارك فى المجال العقلى noetic وهو فى هذا رفيق الملائكة، ومن خلال جسده ونفسه، يتحرك ويشعر ويفكر وأيضًا يأكل ويشرب ويحول الطعام إلى طاقة ويشارك بشكل عضوى فى المجال المادى، الذى يسرى فى داخله من خلال إدراكاته الحسية .

هكذا فإن طبيعتنا البشرية أكثر تعقيدًا من الطبيعة الملائكية، وقد وُهبت إمكانيات أغنى. والإنسان من وجهة النظر هذه ليس أدنى بل أعلى من الملائكة؛ وكما يؤكد التلمود البابلى، "الأبرار أعظم من الملائكة الخادمين" (سنهدرين 93أ). يقف الإنسان فى قلب خليقة الله . ومن ثم يشارك فى كل من المجالين العقلى والمادى ، وهو صورة أو مرآة للخليقة كلها ، (أو بالتعبير اللاتينى imago mundi) ، أى " كون صغير " (ميكروكوزم). وتتلاقى فيه كل المخلوقات . وقد يقول الإنسان عن نفسه، بكلمات كاثلين راين:

لأننى أحب
تسكب الشمس أشعتها من الذهب الخالص
تسكب ذهبها وفضتها على البحر ..
لأننى أحب
ينمو نبات السرخس أخضر ، ويخضر العشب،
وتخضر الأشجار المشمسة الشفافة .
لأننى أحب
يفيض النهرُ الليلَ كله فى نومى،
وتنام بين ذراعى عشرات الألوف من الأحياء
ويستيقظ النيام ، والمتدفقون يجدون راحة .

ولأن الإنسان كون صغير ـ ميكروكوزم ـ فإنه وسيط أيضًا. ومهمته المعطاة له من الله أن يصالح ويوفق المجالين العقلى مع المادى، ليوحدهما معًا، وليروحن المادى، وليجعل كل القدرات الكامنة للنظام المخلوق تصير ظاهرة ومثلما عبّر الحاسيديم اليهودى، يُدعى الإنسان "ليتقدم من درجة إلى درجة، حتى يتحد كل شئ بواسطته " .

وككون صغير، فإن الإنسان إذن، هو ذلك الشخص الذى يتلخص العالم فيه. وكوسيط، هو الكائن الذى من خلاله يُقدَم العالم لله،.

والإنسان قادر على ممارسة دور الوساطة هذا فقط لأن طبيعته البشرية هى بالأساس والجوهر، وحدة واحدة. فلو كان الإنسان مجرد نفس تسكن جسدًا بشكل مؤقت، مثلما تصور كثير من فلاسفة الإغريق والهند ـ ولو كان جسده ليس جزءً من نفسه الحقيقية، بل مجرد قطعة من الملابس التى يخلعها يومًا ما، أو سجن يسعى أن يهرب منه ـ لما استطاع الإنسان بهذا الشكل أن يعمل كوسيط .

الإنسان يروحن الخليقة أولاً وقبل كل شئ، بروحنة جسده وتقديمه لله. ويكتب القديس بولس " أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذى فيكم؟.. فمجدوا الله فى أجسادكم.. فأطلب إليكم أيها الاخوة، برأفة الله، أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية، مقدسة، مرضية عند الله" (1كو19:6،20، رو1:12). لكن فى " روحنة " الجسد، لا يلغى الإنسان مادية هذا الجسد: على العكس، فإن الإنسان مدعو أساسًا أن يعلن أو يظهر الروحى "فى المادى ومن خلاله". والمسيحيون بهذا المفهوم هم الوحيدون أصحاب المذهب المادى Materialists الحقيقيون .

الجسد إذن، هو جزء مكمِّل للشخصية الإنسانية. وانفصال النفس عن الجسد فى الموت هو أمر غير طبيعى، هو شئ ما مضاد لخطة الله الأصلية. وهذا الموت قد حدث نتيجة السقوط. الأكثر من ذلك، فإن هذا الانفصال مؤقت: ونحن ننظر إلى ما هو قدام، فيما بعد الموت، إلى القيامة النهائية فى اليوم الأخير، حينما تتحد النفس مع الجسد مرة أخرى .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ

عن كتاب: الطريق الأرثوذكسي، للأب واللاهوتي الأرثوذكسي كاليستوس وير، ترجمة د/ نصحي عبد الشهيد، إصدار المركز الأرثوذكسي للدراسات الأبائية، الفصل الثالث.
مُترجم عن the orthodox way, by fr. kallistos ware, (oxford). mowbary, england
 
قديم 25 - 07 - 2015, 04:55 PM   رقم المشاركة : ( 8567 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,105

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

مفهوم الجنة فى المسيحية

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
إن البشر في هذا العالم تحكمهم الغرائز البشرية، وهكذا أيضا الجنة التي يحلمون بها. لكن هذا العالم سيزول وكل غرائزه معه وسيعطي الله للمؤمنين الحقيقيين طبيعة جديدة بعد ان تتوارى طبيعتنا القديمة في التراب وبعد أن تفنى أجسادنا وتلحق بأجساد أجدادنا. إن جنة الله وسماؤه التي يحدثنا عنها الكتاب المقدس فيها تلبس أرواحنا كمؤمنين أجسادا نورانية. هناك نبتهج دائما بتواجدنا معا كاحباء في حضور خالقنا. وفي تلك الجنة يقوم رب الكون بتعليمنا كثيرا كما علم أدم أولا بأسماء الحيوانات وغيرها. فإن الله صاحب المجد والقدرة سيقوم بتعليمنا عن ملائكته وكذلك عن كثير من عظائمه وخاصة تلك التي عملها لأجلنا و لم ندركها ونحن في أجسادنا الدنيوية. فسنتعلم هناك ما لا نهاية له من الامور الربانية السماوية الطاهرة والجميلة. فلن نحتاج إلى الراحة هناك حيث لا يوجد تعب ولن نحتاج إلى الطعام حيث لا يوجد جوع ولن نحتاج إلى مضاجعة ونكاح لأن متعتنا الغير محدودة ستكون في الوجود مع المؤمنين الاحباء في حضور خالق الوجود القدوس الطاهر غير المحدود له العظمة والسلطان منذ الازل وإلى الأبد.
 
قديم 25 - 07 - 2015, 05:00 PM   رقم المشاركة : ( 8568 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,105

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

إمتلؤا بالروح

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
إن نظرة صادقة الى تاريخ المسيحية والى ما تجتازه الكنائس في هذه الايام كافية أن تُقنع كل مؤمن حقيقي يحب الرب يسوع الذي أحبنا حتى أسلم نفسه لأجلنا، اننا في أشد الحاجة الى إتمام هذه الوصية "امتلئوا بالروح". ألم نقتنع بعد ايها الاحباء، بدمار الجسد وهدمه، كم من عثرات سبّب؟! وكم جدّف الناس على طريق الايمان بسبب تصرفات جسدية وكلمات هدّامة وسيرة حياة عالمية!.
ان هذه العبارة ليست نصيحة بل وصية، ولا يختلف اثنان في تفسيرها فهي واضحة بسيطة، ولكنها قاطعة ولا تقبل المساومة او التأجيل. أخي الغالي، هل أنت ممتلئ بالروح القدس الساكن فيك؟ هل يقود حياتك كلامك وتصرفاتك روح الله أم جسد الشهوات والاهواء؟ هل المسيح سيّد على حياتك، أم الذات والانا تسيطر على عرش قلبك؟، واذا كنت غير ممتلئ بالروح، ما هو عُذرك؟ ألست تعلم ان البديل لذلك هو الجسد الهدّام والانا المتعجرفة والاتّجاه العالمي المهين لله والعاثر للاخرين؟. ربما أكثرنا لا يعرف كيف يمتلئ بالروح القدس.!.لنبدأ منذ الان بالاهتمام بهذا الامر ليكون حقيقة عملية في حياتنا، لأن الامتلاء بالروح هو الحل لكنائسنا المهدومة أسوارها وهو الحاجة الماسّة لكل كنائس الله والنتيجة هي سلام وبنيان وتكاثر للعدد ايضا (أعمال9: 31).
شبّه الرب يسوع الامتلاء بالروح كينبوع ماء ينبع الى حياة أبدية (يو4: 14) وأنهار ماء حيّ تجري من بطن المؤمن (يو7: 38) وبولس شبّهه بامتلاء الوعاء (افسس5: 18) وبشجرة مُثمرة (غلا5: 22) وبنار ملتهبة (1 تس5: 19)، وحزقيال شبّه الامر بنهر لا يُعبَر طمت مياهه، يغطي الكعبين والركبتين والحقوين وأخيراً كل كيان الانسان (حز47: 5)، ونحميا شبّهه بعين ماء (نح2: 14)، والرسول يعقوب بينبوع ماء عذب (يع3: 11). أما عن نتائج الامتلاء بروح الله فهي لا تُحصَى، ففي افسس يقول الرسول بولس ان مَن يمتلئ بالروح لا بد من نتائج حتمية لئلا يخدع احد نفسه، فهو يتكلم مع اخوته بتسابيح روحية لا بشكاوي وتذمرات، وبتشكرات على كل شيء ثم يكون خاضعاً لأخوته لا معانداً او مقاوماً (5: 19- 21). وفي سفر الاعمال، نقرأ عن نتائج الامتلاء بالروح: فالمؤمنون كانوا يعظمون الله (2: 11) ويواظبون على تعليم الرسل والشركة الاخوية وكسر الخبز والصلوات (2: 42) وكان كل شيء مشترَكاً فاختبروا الابتهاج الروحي وبساطة القلب، وكانوا بنفس واحدة وقلب واحد وبقوة عظيمة، كانوا يؤدّون الشهادة(4: 32)، وكان مؤمنون ينضمون للرب أكثر (5: 14)، وفرحوا حتى عندما جُلدوا وأُهينوا لأجل اسم الرب يسوع (5: 41). وعندما امتلأ استفانوس من الروح القدس، شخصَ الى السماء ورأى مجد الله ويسوع قائماُ عن يمين الله وغفر لراجميه!. وفي غلاطية يعدّد الرسول بولس، ثمر الروح القدس عندما يمتلكنا إذ يقول واما ثمر الروح فهو محبة لجميع الناس ولا سيما للمؤمنين بلا استثناء، وفرح في كل الظروف أي اكتفاء وقناعة، وسلام أي طمأنينة وهدوء وتسليم في كل الاوضاع، وطول اناة أي احتمال للاخرين بدون ايّ غضب، ولطف أي لطافة المعاملة والكلام، وصلاح أي الخير للجميع، وايمان أي ثقة عملية في الرب دون خوف او تزعزع مهما اجتزنا من ظروف لا نتوقعها، ووداعة أي عدم الانتقام وعدم المقاومة، نسلّم لخالق امين يقضي بعدل، واخيراً تعفّف أي ضبط نفس ضبط الافكار والمشاعر ضبط اللسان والاموال. وفي رسالة كورنثوس الاولى نقرأ ان مَن امتلأ بالروح، يمتلئ بالمحبة الالهية التي تتأنّى مع الاخرين ولا يحسد نجاح الغير بل يحسبه نجاحا له لان كليهما اعضاء بعضهما البعض ولا تتفاخر على الاخرين ولا تنتفخ ولا تقبّح وتذم الاخرين لكي ترفع من ذاتها ولا تطلب ما لنفسها ولا تحتدّ او تغضب عندما يتجاهلها الاخرون ولا تظن السوء في نوايا الاخرين ولا تفرح بالاثم بل بالحق وتحتمل وتصدق. ايها الاحباء، لماذا يعيش الكثيرون بالاوهام! لنكن ابطالاً ونواجه انفسنا بشجاعة، معترفين اننا عشنا وسلكنا وفكّرنا بالجسد وقد اهين اسم الرب بسببنا (اش52: 5/ رو2: 24) لماذا نفتخر بما لا نمتلك، مدّعون؟!. ان اليوم لا بدّ آتٍ عندما يقف كل واحد ويعطي حساب عن نفسه عندها سينير الرب خفايا قلوبنا المختفية واراءنا المخجلة (1 كو4: 5) عندها سيدين الرب سرائر الناس أي اسرارهم (رو2: 16). يقول بولس الرسول ايضاً “لأنه لا بدّ أننا نُظهر أمام كرسي المسيح لينال كل واحد ما كان بالجسد بحسب ما صنع خيراً كان أم شرّاً" (1 كو5: 10) عندها سيكتشف الملايين انهم تعبوا للباطل وللنار (ارميا50: 58) وانهم جمّعوا خشباً وعشباً وقشاً أي امور عالمية وشهوات جسدية ومظاهر لها حكاية حكمة لكنها ستحترق عند مجيء الرب (1 كو3: 12). كان ينبغي ان نكتشف الروح القدس الساكن فينا ونمتلئ به من خلال الامتلاء بكلمة الله (كو3: 16)، عندها نجمع ذهباً وفضة وحجارة كريمة أي تعبنا لاجل شخص الرب وبسبب فدائه، ولانشغلنا وتكلّمنا عن كمالات وفضائل ربنا يسوع الذي بذل نفسه لأجلنا، هل نستيقظ الان ونرجع الى الرب ونقبله سيداً على حياتنا وفي عائلاتنا وفي اجتماعتنا؟. ليتنا نفعل ذلك الآن ولا ننتظر الى مجئ الرب، عندها نخجل في مجيئه ولا ينفع الندم(1 يو2: 28)، لئلا نكون كلوط الذي خلص كما بنار او يعقوب الذي لم يسجد الا في آخر لحظات عمره فلم يستطيعا ان يدخلا الى محضر الرب!! مع ان الجسد لا يحرمنا فقط من البركات الابدية والمكافأة والتمتع بالرب، بل ايضاً بسببه تضيع اموالنا ومجهوداتنا واوقاتنا الثمينة ويقضي اولادنا وبناتنا حياتهم عبيدا لاهوائهم وشهوات العالم بسبب تربيتنا الجسدية فيبقى أثر ذلك الى الابد! (1 صم8: 11- 17). ليت الرب يتحنّن علينا ويوقظنا الان، ويقنعنا ان نقصد من كل قلوبنا ونجتهد لنمتلئ بالروح ولا يهدأ لنا بال(راعوث3: 18) حتى نُخضِع ارادتنا لقيادة الروح في حياتنا "لأن كل الذين ينقادون بروح الله، فأولئك هم أبناء الله” (رو8: 14) ولا يمكننا ان نميت اعمال الجسد ونبطل مفعوله الا بالروح(رو8: 13).
والان يأتي السؤال كيف نمتلئ بالروح القدس؟. تعلّمنا الكلمة ان الامتلاء هو وصية لا خيار لنا، وهي معطاة لكل واحد دون استثناء، ولا طعم او معنى للحياة الا بالخضوع لهذه الوصية. والان كيف يمتلئ المؤمن بروح الله وكيف يفيض فيه الروح وكيف يحل المسيح عملياً بالايمان في قلوبنا ونتأيّد بالقوة بالروح (افسس3: 17)، وكيف نستطيع كل شيء في المسيح الذي يقوّينا(في4: 13)؟. أولاً علينا ان نعلم ان الروح القدس أي روح الله الذي هو الله ذاته، ويسكن فينا عندما قبلنا الرب يسوع مخلّصاً شخصياً لنا(افسس1: 13) أي ان الرب يسوع يسكن في قلوبنا بالروح ونحن هيكل يسكن فيه (1 كو3: 17/6: 9) فنحن لا نحتاج ان نُنزل الروح من السماء الينا (رو10: 6) لانه حل في يوم الخمسين(اع2) وسيبقى في المؤمنين الى مجيء الرب يسوع. لكن الروح قدوس ومقدس، فلكي يفيض فينا، مسؤوليتنا ان نتقدّس أي ان ننقي قلوبنا وافكارنا من كل اثم، وذلك من خلال الاعتراف بكل خطأ يكشفه لنا الرب بروحه، لان الخطية تطفئ الروح وتحزنه وتحد عملة وتعطل فيضانه. فلكي يفيض النهر بقوة علينا، ان نزيل الحجارة والاوساخ من امام المياه، فتتدفّق، أي علينا أي نزيل المعطلات بالاعتراف والحكم بحزم على كل شر في حياتنا كأفراد او كجماعة. ولا احد يملأ كأس ماء نقي وفي الكأس امور اخرى، نقّ اولاً الكأس من كل شيء اخر، ثم يمكن ان يمتلئ الكأس ويفيض على الاخرين. وعلينا ايضا ان نسلّم الرب قيادة حياتنا ودفّة السفينة، فنقول للرب بكل جدية "يا رب استلم حياتي وكل كياني، وليكن ما تريد انت، لانك اله تحبني وارادتك هي الافضل". بعد ذلك، علينا ان نؤمن ان روح الله فاض في قلبي والرب امتلكني، اما الشعور بذلك، فيأتي كنتيجة للتسليم والثقة الكاملة ان الرب غفر كل اثم وهو استلم حياتي. هل اشعر بفرح او بشعور خاص؟ مع ان المشاعر ليست هي الاعتماد، فهي تأتي وتزول، لكن بالتأكيد اشعر بشعور خاص من الفرح والسلام والراحة كل مرة تأتي الخطية وارفضها. لماذا لا تجرب ذالك؟! ان نمط حياتك الماضية ليس مقياسا لحقائق الانجيل، بل يجب ان تصدّق الله حتى ولو حاولت وفشلت في التطبيق. حاول مرة اخرة وتعلّم من النملة الكائن الصغير الذي لا ييأس ولا يملّ(امثال6: 6). ان الامتلاء بالروح ليس حادثة لمرة واحدة بل هي هي قرار يومي في كل صباح، عليك ان تبقى مصمّماً على الخضوح لروح الله والتنازل عن ارادتك الذاتية. وايضاً الامتلاء بالروح ليس هو هيجانا عاطفيا وحماسا جسديا، بالعكس هو هدوء وسلام وفرح داخلي واكتفاء ووداعة وتواضع ونكران كامل للذات.
نقرأ في سفر نحميا عن النبي انه عندما رأى اسوار المدينة مهدومة ومحطمة(يمكن ان تكون رمز لكنيسة غير منفصلة عن العالم) اتى ليلاً (فهو اختبار فردي هادئ بين الانسان وبين الرب) وخرج من باب الوادي (اي التواضع والتذلل امام الرب) امام عين التنين (اي واعٍ للشيطان خصم المؤمن) واتى الى باب الدِّمن (اي النفايات والاقذار) وتفرّس في اسوار المدينة المهدمة(اي فكّر وانشغل في حالة الكنيسة المحزِنة بسبب عدم الانفصال عن الشرور والعالمية والشهوات) ثم أتى الى باب العين(رمز لينبوع الروح القدس) وأخيراً رجع الى باب الوادي ثانية (اي عاد الى حالة التواضع) (نحميا2: 12- 15)، متذكراً كلام سليمان الذي قال له الرب "إذا تواضع شعبي الذي دعي اسمي عليهم وصلوا وطلبوا وجهي ورجعوا عن طرقهم الردية فانني اسمع من السماء وأغفر خطيتهم وأُبرِئ أرضهم" (2 أخبار7: 14). نفهم ان الامتلاء بالروح القدس هو خطوة نتيجة للامانة الفردية والشعور بالحاجة الى الله، وليس تسلية، بل كما فعل نحميا: اولاً الذهاب الى باب الوادي أي التواضع الانكسار والتذلل امام الرب بسبب التثقل بالمسؤؤلية وليس للتباهي، ثم الحكم على الذات (باب الدمن) وإخراج كل ما يحزن الرب من قلبي ومن جماعة الله والاعتراف بكل اثم والتنازل وترك الخطية من حياتنا (ان طبيعة الخطية ستبقى ساكنة فينا لكن المشكلة هي ليست بقاؤها بل التمسّك والانشغال بها) عندها نصل الى العين أي يفيض فينا روح الله ويبقى عاملاً فينا ما دمنا نُسرع بالاعتراف بكل خطية، منكسرين امام الرب. حتى بعد فيض الروح وامتلائنا به، علينا ان نبقى متّضعين لا نحسب انفسنا ثمينة عندنا (اع20: 24).
ايها الاحباء - كنيسة الله التي فداها بدمه (اع20: 28)، لنرجع الى الرب بكل قلوبنا بالصوم والبكاء والنوح لنمزِّق قلوبنا لا ثيابنا ونرجع الى الرب الهنا لأنه رؤوف رحيم بطيئ الغضب وكثير الرأفة ويندم على الشرّ...ليبكِ الكهنة خدام الرب..ويقولوا اشفق يا رب على شعبك..”.18فَيَغَارُ الرَّبُّ لأَرْضِهِ وَيَرِقُّ لِشَعْبِهِ. 19وَيُجِيبُ الرَّبُّ وَيَقُولُ لِشَعْبِهِ: «هأَنَذَا مُرْسِلٌ لَكُمْ قَمْحًا وَمِسْطَارًا وَزَيْتًا لِتَشْبَعُوا مِنْهَا، وَلاَ أَجْعَلُكُمْ أَيْضًا عَارًا بَيْنَ الأُمَ نحميا …ابْتَهِجُوا وَافْرَحُوا بِالرَّبِّ إِلهِكُمْ، لأَنَّهُ يُعْطِيكُمُ الْمَطَرَ الْمُبَكِّرَ عَلَى حَقِّهِ…،فَتُمْلأُ الْبَيَادِرُ حِنْطَةً، وَتَفِيضُ حِيَاضُ الْمَعَاصِرِ خَمْرًا وَزَيْتًا. «وَأُعَوِّضُ لَكُمْ عَنِ السِّنِينَ الَّتِي أَكَلَهَا الْجَرَادُ، الْغَوْغَاءُ وَالطَّيَّارُ وَالْقَمَصُ، جَيْشِي الْعَظِيمُ الَّذِي أَرْسَلْتُهُ عَلَيْكُمْ. 26فَتَأْكُلُونَ أَكْلاً وَتَشْبَعُونَ وَتُسَبِّحُونَ اسْمَ الرَّبِّ إِلهِكُمُ الَّذِي صَنَعَ مَعَكُمْ عَجَبًا، وَلاَ يَخْزَى شَعْبِي إِلَى الأَبَدِ. 27وَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا فِي وَسْطِ إِسْرَائِيلَ، وَأَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ وَلَيْسَ غَيْرِي. وَلاَ يَخْزَى شَعْبِي إِلَى الأَبَدِ (يوئيل2: 12-27).
 
قديم 25 - 07 - 2015, 05:05 PM   رقم المشاركة : ( 8569 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,105

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

كـــــلام الناس

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يظنّ كثيرون ان الكلامَ هو مجرّد كلام لا يزيد ولا ينقّص لذلك ما اسرع الناس في الحكم على الاخرين وإطلاق الاشاعات وكل مَن يسمع خبراً ينقله مع بعض التعديل والتأويل بما يناسبه شخصياً. لكن كلمة الله تعطي أهمية بالغة لكلام الناس فيقول الرب يسوع "كلّ كلمة بطالة (اي غير مقصودة وغير بناءة) يتكلّم بها الناس سوف يعطون عنها حساباً يوم الدّين، لأنك بكلامك تتبرّر وبكلامك تُدان" (متى12: 36) ويقول سليمان "كثرة الكلام لا تخلو مِن المعصية اما الضابط شفتيه فعاقل" (امثال10: 19)
"يوجد مَن يهذر مثل طعن السيف" (12: 18) "لا تخالط المفتّح شفتيه"(20: 19) "بعدم الحطب تنطفئ النار وحيث لا نمّام يهدأ الخصام" (26: 20). وعندما يفشل الناس في ايجاد لوم ما في المؤمن البار يلجأون الى اطلاق الاشاعات الكاذبة لتحطيمه. هكذا عندما ارادوا قتل يسوع لم يجدوا فيه أيّة شكاية (يو19: 6) فأثاروا التّهَم الباطلة وأتوا بشهود زور ادّعوا مثلاً ان يسوع قال سيهدم الهيكل ويبنيه في ثلاثة ايام (متى26: 61) مع انه قال انقضوا هذا الهيكل أي جسده وهو سيقيم نفسه في ثلاثة ايام (يو2: 19-21) لكنهم استخدموا شيئاً قاله وحرّفوه ليُقنعوا الاخرين بموقفهم وهكذا عندما قام الرب يسوع قالوا للعسكر"قولوا ان تلاميذه أتوا ليلاً وسرقوه...فشاع هذا القول" (متى 28: 12-15).
وترد كلمة شكوى في اعمال الرسل اكثر من 15 مرة، فقط في (ص22-28)، لكنهم قدّموا ضدّ بولس دعاوي كثيرة وثقيلة لم يقدروا ان يبرهنوها" (اع25: 7). لكن بولس يقول عنهم"لا يستطيعون ان يُثبتوا ما يشتكون به الان عليّ" (اع24: 13). حتى كنائس كورنثوس وغلاطية ثمرة خدمة بولس لم يترددوا في التهجّم على الرسول (1كو9: 2،غلا4: 16) لذلك يطلب بولس منهم ان لا يحكموا قبل الوقت حتى يأتي الرب الذي سينير خفايا الظلام ويُظهر آراء القلوب (1كو4: 5)، لان الانسان يحكم حسب الظاهر والشكل ولا يحكم بالعدل (يو7: 24) اما الرب فينظر الى القلب ( 1صم16: 7). ونقرأ عن شاول انه امتلأ غيظاً على داود وأراد ان يُهلكه فيقول"قيل لي انه مكراً يمكر" (1 صم23: 22). نسيَ ان داود أنقذ الشعب مِن رُعب جليات اربعين يوماً، مع ان داود اتى الى شاول وهو نائم ولم يُرد ان يقتله وعندما استيقظ أدرك شاول خطأه وشرّ قلبه فبكى (24: 16) وقال داود له:"لماذا تسمع كلام الناس القائلين هوذا داود يطلب اذيتك هوذا قد رأت عيناك!" (24: 9). لكن شاول لم يغيّر موقفه بل استمرّ مصدّقاً الاشاعات ضد داود رغم البراهين الواضحة لأمانة واستقامة داود.
لذلك يأمرنا الرب أن نفحص ونفتش ونسأل جيداً اذا كان الامر صحيح واكيد (تثنية13: 14). لأن مَن يُطلق الاشاعة ومَن يصدقها كلاهما سيُفتح لهم سفر الدينونة وستُكشف خفايا قلوبهم وسيقدّموا حساباً عن كل كلمة، لأن كلمة الرب تقول ان مُذنّب البريء مكرهة للرب (ام17: 15) ومَن يصدّق كل كلمة هو غبيّ (14: 15). اما مَن كانوا ضحية كلام الناس واشاعاتهم فيطلب الرب منهم ان يُصلّوا لأجل الذين يسيئون اليهم ويقول لهم"طوبى لكم اذا عيّروكم وطردوكم وقالوا عليكم كل كلمة شريرة من اجلي كاذبين. افرحوا وتهللوا لأن اجركم عظيم في السموات فانهم هكذا طردوا الانبياء قبلكم" (متى5: 11)، هل يفرح من كان ضحية الاشاعات الكاذبة؟! نعم هكذا يقول الرب لان له الطوبى مِن الرب ومكافأته عظيمة في السماء ويضعه الرب في مكانة الانبياء والرب يَعِد أن يُظهر برّ وكمال انسان كهذا كوضوح الظهيرة (مزمور37: 5) ويَعِد ايضاً أن يجعل أعداءه يُسالمونه، اذا أرضت طرقه الرب (امثال16: 7) ويصيّرهم يأتون عند رجليه ويعرفون ان الرب أحبّه (رؤيا3: 9). لقد إتُّهِمَ يوسف بأشرّ الاعمال (تكوين39: 7-17) وعوقب على ما لم يفعله، لكن الرب كان معه وهو سلّم الامر لله. فاستخدمه الرب في السجن وقرّر مصير مَن معه ثم رفّعه الرب وأصبح حاكم مصر مِن ابن 30 الى 120 أي 90 عاماً، أما مَن إتّهمه فبقيَ كما هو. هل إتّهمك الناس بشتى التّهم الكاذبة؟، هل انت هدفاً لكلام الناس، سلِّم الامر للرب وهو يجري وهو يجعل مَن لاطف الاشاعات وفرح بكلام الناس يأتي ويسجد أمامك ويحتاجك (رؤ3: 9). يعد الرب أن يتضرّع الى وجهك كثيرون (ايوب11: 20). إن الله حيّ والجميع أمامه، هو يرفع وهو يضع وهو القاضي (مز75: 7) وهو المحامي عني (مز57: 2).
نقرأ في رسالة يعقوب (ص3) عن اللسان الذي يجب أن نلجمه ولا نطلق له العنان لانه ان لم يُلجَم، يكون كالخيل التي بلا لجام، أيّ خراب تعمل?! ويكون مثل سفينة متروكة لرحمة الرياح دون تحكم ويكون اللسان مثل نار، أيّ وقود تحرق؟!. إنّه عالمَ الاثم، يُضرَم مِن جهنّم ويكون كالنبع الذي مياهه مرّة ومالحة. يقول الرسول يعقوب "لا يصلح يا اخوتي". أَ لمَ يقل الرب يسوع بفمه عن العبد انه كسلان وشرير فقط لانه قال في قلبه”سيدي يُبطئ قدومه" (لو12: 45)؟. فمجرّد قوله حدّد مصيرَه. والذي قال في قلبه ليس اله، ألم يحكم الله عليه انه جاهل (53: 1) بسبب جملة قالها في قلبه فقط؟، والجواسيس العشرة، أَ لم يقرّر الرب مصيرهم فقط لأنهم قالوا "لا نقدر ان نصعد، فأشاعوا مذمّة"(عدد13: 31)؟. أن كلامنا مهم لدى الرب وهو يعكس مستوانا الروحي، فلننتبه لئلا نعمل عمل الشيطان المشتكي على اخوتنا نهاراً وليلاً (رؤ12: 10)، لكن شكراً لله لان المشتكي على المؤمنين لا يجد له اذناً عند الرب الذي يحبنا وهو الديان صار اباً لناً. يقول الرب"يجتمعون اجتماعاً ليس مِن عندي، مَن اجتمع عليك فاليك يسقط...كل الة صُوِّرت ضدّك لا تنجح وكل لسان يقوم عليك في القضاء تحكمين عليه" (اش54: 15-17). كل وعود الرب المباركة هي للذي يتّضع امام الرب كداود عندما سبَّهُ شمعي ويسلّم للرب طريقه ولا ينتقم لنفسه بل يسلّم لمَن يقضي بعدل. ومَن يكون مُرِضياً للرب ويتمسك بكلمة الرب، يدافع الرب عنه.
 
قديم 25 - 07 - 2015, 05:11 PM   رقم المشاركة : ( 8570 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,105

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

من الاكاذيب والتعاليم الفاسدة، وما هو الحق الكتابي!

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يؤكد الكتاب المقدس أن ليس كل مَن هو عضو في الكنيسة المحلية هو مؤمن حقيقي وعضو في جسد المسيح، وليس كل مَن يعرف الكلمة هو معلّم مُقام من الله. وعلينا أن ننتبه ونحذر لئلا ننخدع بكلام كاذب من اخوة ومعلمين كذبة، ودعنا نفنّد بعض الاكاذيب الشائعة والادّعاءات في هذه الايام:
علينا رفض الرعاة ورجال الله ورفض استشارتهم لانه يوجد وسيط واحد بين الله والناس!:

صحيح انه يوجد وسيط واحد بين الله والناس الانسان يسوع المسيح ولا يوجد أي وسيط اخر للخلاص والفداء، لكن الله اقام معلّمين ومرشدين وانبياء ورجال امناء، ويطلب الرب منا ان نصغي لهم ونخضع لهم. ولا تناقض بين الاثنين بل نُظهِر خضوعنا للرب من خلال خضوعنا لرجال الله وللمعلمين الذين ارسلهم الرب لاجل بنياننا وتعليمنا.
علينا رفض رجال الله لانه لا ينبغي ان نعظّم ونؤلّه انسان!:

نرفض ان نؤلّه انساناً او ان نسجد لمخلوق بل المجد والعبادة هما فقط للرب الخالق. لكن يدعونا الكتاب المقدس ان نكرم رجال الله ونخضع لصوت الرب الذي تذيعه انبياء الله. وبينما يدعونا الكتاب ان نكرم بعضنا بعضاً، يدعونا ان نكرم اولا رجال الله ونحترمهم ونعطي كلامهم اهمية خاصة. فشعب الرب يقبل كلام الرب من رجال الله "ان كان يتكلم احد فكأقوال الله" (1 بط 4: 11)، فمَن يحتقر رجال الله، يحتقر الرب نفسه فعندما قام الشعب ضد موسى يقول الكتاب انهم قاوموا الرب نفسه (سفر العدد 16).
النساء في الكنيسة ممنوعات من الكلام ومن أي عمل او قول او رأي!:

صحيح ان الكتاب المقدس لا يقبل ان النساء تعلّم او تتسلّط في الكنيسة، لكن الرب لا يدعونا ان ندوس على النساء ولا يلغي دور النساء المبارك في الكنيسة. فالرب ارسل مريم بعد القيامة لتخبر الرسل ولماذا لم يرسل رجلاً! والرسول بولس يذكر نساء امينات في رومية 16 والرب استخدم دبورة في سفر القضاة والرب ظهر لآم شمشون وليس لآبيه. فما دامت النساء في خضوع للرب ولرجال الله الأمناء، ما دام دورهم مبارك. وكثيرا ما يستخدمهم الرب خاصة عندما لا يجد الرب كثيرين من الرجال الامناء.
الاخوة البارزون في الكنيسة هم شيوخ!:

الشيوخ والقيادة في الكنيسة ليسوا الاشخاص البارزين في الكنيسة، أي الذين لهم سنين طويلة في الكنيسة او من عائلة كبيرة او لهم منصب مرموق في المجتمع او مسنّين. بل للشيوخ توجد مؤهلات روحية يحدّدها الكتاب المقدس، وكل مَن لديه مخافة الرب، لا يقدر ان يتعدى هذه المؤهلات (ا تيمو 3 / تي1). ومن اهم هذه المؤهلات الروحية ان يكون الشيخ انسان روحي ناضج، له شهادة حسنة من الداخل والخارج، مدبّر حسنا لبيته ومعتني بأهل بيته، ضابطا لنفسه وللسانه، قد استخدمه الرب في جذب النفوس خاصة اهل بيته. وان يكون بانسجام مع راعي الكنيسة ومع مَن أقامهم الرب غير مقاوم لهم.
رفض العطاء لرجال الله اذا سافروا لبلاد اخرى للخدمة!:

يدعو الرب المؤمنين الى العطاء المادي لرجال الله الذين يخدمون الانجيل ولا يحدد مكان خدمتهم بل يقول الذين يخدمون الانجيل، يعيشون من الانجيل. ويستغرب بولس متسائلاً، اكثير اذا حصدنا منكم الجسديات أي الماديات بعدما زرعنا الروحيات؟!. أي مَن استخدمه الرب لخلاص نفسك وارشادك الروحي، أكثير اذا قمت بواجبك بدعم خدمته بالمال. اعطت الكنائس الرسول بولس مع انه لم يبقى فيها بل سافر من بلد الى اخر. ويدعو الكتاب المقدس المؤمنين اعطاء عشر مدخولهم لعمل الرب(ملاخي 3: 10). اما في العهد الجديد فقد باع التلاميذ املاكهم ووضعوا اثمانها عند اقدام الرسل!. فمَن يرفض العطاء لخدام الرب، يعكس جحده وانكاره للجميل الذي صنعه الرب معه وسيجد دائما الاعذار لعدم طاعة الرب في العطاء. لكن الرب يؤكد ان مَن لا يعطي، سيخسر كل ما يجب اعطاؤه في امور عالمية اخرى وسيخسر بركة الرب في حياته وفي عائلته. والجدير بالذكر ان العطاء لعمل الرب هو علامة واضحة ان المعطي هو مولود من الله لأن الجسديّ لا يهمه عمل الرب.
كل مؤمن يعرف ارادة الرب لنفسه ورجال الله لا يعرفون ارادة الله لاخرين!:

اقام الرب انبياءاً ومعلّمين ليرشدونا في معرفة مشيئة الرب، ويدعو الرب شعبه الى استشارة رجال الله القريبين من الرب. وبسبب النضوج الروحي يعرفون ارادة الرب، ولديهم الحكمة للارشاد في شتى المجالات. فموسى مثلا وداود وبولس عرفوا ارادة الرب لانفسهم ولشعب الله.
لا يوجد ارادة الهية جماعية بل ارادة الله هي دائمة فردية!:

يُظهِر الكتاب المقدس ان ارادة الله هي فردية وشخصية احيانا واحيانا اخرى عائلية كابراهيم مثلا واحيانا اخرى جماعية كموسى. فارادة الرب كانت جماعية لشعب اسرائيل مثلا. والرب ما زال يُظهر ارادته للافراد والعائلات واحيانا لكل الجماعة.
الجماعة المحلية تبقى كنيسة دائمة مهما حدث حتى لو تركها خدام الله!:

من اهم الشروط لكون الجماعة كنيسة الرب الحي هي ان يكون فيها معلّمون ورعاة ناضجون حسب فكر الرب. وعندما ترفض الجماعة الذين أقامهم الرب، لا تبقى الجماعة كنيسة في المفهوم الكتابي. فالجماعة بلا معلّمين مُقامين من الرب، لا تكون كنيسة كتابية وتفقد البنيان والتعليم الصحيح وتكون محمولة بكل ريح تعليم.
اذا غادر معلموا الكلمة الكنيسة، يقوم اخرون واي من المحليين يمكنه ان يعلّم الكنيسة!:

اذا غادر معلموا الكلمة الكنيسة، يمكن ان يقيم الرب اناساً أخرين لتعليم الجماعة، اما اذا رفضت الجماعة رجال الرب الذين أقامهم الرب، فلا يقيم الرب آخرين، لأن الجماعة احتقرت رعاة الرب وبذلك احتقرت اختيار الرب نفسه. ولا يحق لمَن لا يقيمه الرب ان يعلّم الجماعة حتى ولو حفظ الكتاب المقدس وردد الافكار الكتابية.
المؤمن له خلاص وحياة ابدية مهما فعل ومهما حدث ومهما صدر منه!:

الايمان بدون اعمال ميّت فمَن لا يبالي بالشهادة والحياة العملية بل يستمر في الوشاية ضد رجال الله والاكاذيب والغش والخداع واهمال عائلته ولا يبالي بخلاص النفوس ويظلم اولاد الله، شخص كهذا يُثبت انه لم يولد من الله بعد وانه ما زال في الظلمة. ومَن يرفض المغفرة والمسامحة للآخرين بل يبقى قلبه يبثّ الحقد والعداء، لا يمكن ان يكون من اولاد الله. وكل مَن يظن ان يمكنه ان يحيا تماماً كغير المؤمن ويبقى من المخلّصين فيخدع نفسه.
حيث تولد هناك يجب ان تبقى، والرب يريدك ان تُكمل حياتك هناك!:

المهم ان نطيع ارادة الرب، فكل رجال الله الامناء لم يبقوا في المكان الذي ولدوا فيه فموسى وداود وابراهيم ويسوع وبولس وكثيرون لم يبقوا في المكان الذي ولدوا فيه، بل دعاهم الرب ليتركوا بلادهم ويطيعوا صوت الرب باتخاذ خطوة ايمان حتى ولو لم يعرفوا الى اين يذهبون(عب11: 8)فالرب هو الضمان عندما يطيعه الانسان
كل واحد له رأي ووجهة نظر، وعلينا ان نصغي لكل واحد ونفحص وجهة نظره اذا كانت صحيحة!:

على الكنيسة ان تخضع للرأس أي للرب ويكون لها فكر واحد المُعلن في الكتاب المقدس، والله سمح فقط لمَن أقامهم ودعاهم للخدمة أن يعلّموا فكر الرب. ففكر الرب الذي يعلنه رجال الله هو الذي ينبغي ان يتبنّاه كل عضو في الكنيسة. تصوّر لو أنه كان لكل واحد من شعب الله زمن موسى رأي، وكان على موسى ان يصغي لآرائهم بخصوص الخروج من مصر؟!.
علينا ان نحترم ونكرم اهالينا ولا يجب ان نهمل والدَينا!:

الكتاب يدعونا ان نكرم اهالينا ونعتني بهم، لكن الرب اولا ودعوة الرب لنا هي الاهم وعلينا ان نطيع اولا فكر الرب من خلال رجال الله الامناء. وينبغي ان نطيع الله اولا حتى ولو لم يعجب الناس. وما دام فكر الناس مناقَضاً لفكر الرب فلا يمكننا قبول فكرهم، بل علينا ان نطيع الرب ونصلّي لنربح اهالينا ليطيعوا صوت الرب هم ايضاً.
يمكن لرجال الله ان يخطئوا في معرفة مشيئة الرب، فالرسول بولس أخطأ عندما ألحّ على الذهاب الى اورشليم ورفض الانصياع لصوت الاخوة (اعمال 21: 14)!:
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 09:35 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024