منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20 - 07 - 2015, 05:11 PM   رقم المشاركة : ( 8511 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,207

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

ينبوع الإيمان والمناداة بالإنجيل


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


إستعمل الله المناداة بكلمته وبركة الروح القدس ليُعطينا جدة الحياة التي ندعوها بالولادة الثانية أو الولادة من فوق أي من السماء. فقد ذكر الرسول بولس في رسالته الأولى ما يلي:
" مولودين ثانية لا من زرع يفنى بل مما لا يفنى بكلمة الله الحية الباقية إلى البد، لأن كل جسد كعُشب وكل مجد إنسان كزهر عُشب، العشب يبس وزهره سقط وأما كلمة الرب فتثبت على الأبد. وهذه هي الكلمة التي بشرتم بها" (1: 23- 25).
وذكر الرسول يعقوب بصدد موضوعنا ما يلي في رسالته:
" كل عطية صالحة وكل موهبة تامة هي من فوق نازلة من عند أبي الأنوار الذي ليس عنده تغيير ولا ظل دوران، شاء فولدنا بكلمة الحق لكي نكون باكورة من خلائقه" (1: 17و 18).
وكتب الرسول بولس على ابنه الروحي السقف تيطس مايلي في مقدمة الرسالة المعروفة بالرسالة على تيطس:
" بولس عبد الله ورسول يسوع المسيح لأجل إيمان مُختاري الله ومعرفة الحق الذي هو حسب التقوى على رجاء الحياة الأبدية التي وعد بها الله المنـزه عن الكذب قبل الأزمنة الأزلية وإنما أظهر كلمته في أوقاتها الخاصة بالكرازة التي اؤتمنت أنا عليها بحسب أمر مخلصنا الله" (1: 1- 3).
نتعلم بواسطة المناداة بكلمة الله كيفية التغلب على الطبيعة القديمة الساقطة والحياة حسب مشيئة الله وبواسطة المناداة بالإنجيل يمكننا الله من الثبات في إيماننا والعمل على النمو فيه بشكل مستمر.
وليس علينا أن نظن أن مصدر الإيمان بعيد عنا بُعدا كبيرا أو أن ننتظر من الله أن يُعطينا وسائل خاصة لنؤمن ونختبر جِدَة الحياة المتجانسة مع إرادته. وهكذا عندما نبحث في موضوع الحصول على الإيمان أو تقوية الإيمان أو الاستمرار في حياة الإيمان ليس هناك من مصدر قد عينه هو تعالى ليكون سببا لبزوغ شمس الإيمان ولتقويته ولإنمائه. حيثما يُنادي بكلمة الله (وهذا لا يجري عفوا بل حسب إرادة الله) فإن الله إنما يضع أمام عقولنا مصدر الإيمان ويأمرنا بان نتوب عن خطايانا ونرجع إليه مؤمنين إيمانا صحيحا وقويما. وقد كتب بصدد هذا الرسول بولس في رسالته إلى أهل الإيمان في رومية قائلا:
" وأما البر الذي بالإيمان فيقول هكذا: لا تقُل في قلبك من يصعد إلى السماء؟ أي لِيُحْدِرَ المسيح، أومن من يهبط إلى الهاوية أي لِيُصْعِدَ المسيح من الأموات؟ لكن ماذا يقول؟ الكلمة قريبة منك في فمك وفي قلبك، أي كلمة الإيمان التي نكرز (أي ننادي) بها لأنك إن اعترفت بفمك بالرب يسوع وآمنت بقلبك أن الله أقامه من الأموات خلصت" (10: 6- 9).
فهذه الكلمات الموحى بها من الله والتي كانت قد أثرت تأثيرا كبيرا على حياة وأعمال الرسول بولس تُعلمنا بكل وضوح أنه لا يلزمنا أي شيء للحصول على الإيمان أي تدبير الله العظيم الذي شاء بأن يُنادي بكلمته الخلاصية والتحريرية في سائر العصور والأمصار. وهذا لدليل كبير على محبة الله ورغبته في أن لا نوت في خطايانا بل أن نتحرر منها ونصبح أعضاء في ملكوته العظيم بواسطة الإيمان. الكلمة أي كلمة الإنجيل هي قريبة منا، أنها في متناولنا جميعا وهذه هي الكلمة التي تُعلمنا بأن يسوع المسيح هو الرب المخلص الذي يُنقذ كل من يؤمن به إيمانا قلبيا وصادقا. أنريد أكثر من هذه النعمة العظيمة؟ لماذا التفكير بأمور لم يُسر الله بأن يلجا إليها في إعطائنا هبة الإيمان الخلاصي؟ فنحن ليس باستطاعتنا أن ننـزل المسيح من السماء ولا أن نُرغِم الله تعالى اسمه بأن يقوم بمعجزة خارقة للطبيعة لإرغامنا على الإيمان بشكل خارجي. ما العمل إذن؟ الرضوخ بكل شكر وامتنان وتواضع للتدبير الإلهي العظيم الذي يشمل جميع مواضيع الخلاص والإيمان بهذا التدبير الذي يقتضي بان يُنادى بكلمة الإنجيل في العالم بأسره ليقف الناس على خبر الخلاص المفرح وليصلوا بواسطة الإيمان إلى حياة البر والقداسة.
 
قديم 20 - 07 - 2015, 05:13 PM   رقم المشاركة : ( 8512 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,207

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الأسرار المقدسة: المعمودية


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

كنا ندرس في المدة الأخيرة موضوع ينبوع أو مصدر الإيمان الذي بواسطته نستلم جميع فوائد العمل الخلاصي العظيم الذي أتمه السيد يسوع المسيح على الصليب. وقد رأينا إنه حسب تعليم الكتاب المقدس هذا الينبوع أو هذا المصدر الذي يستعمله الله لإيجاد الإيمان في قلوبنا هو المناداة بالكلمة الإلهية. وقد اقتبسنا مرارا كلمات الرسول بولس الواردة في رسالته إلى أهل الإيمان في رومية والتي تُلقي نورا كبيرا على موضوعنا وهي: الإيمان بالخبر والخبر بكلمة الله.
نتعلم أيضا من كلمة الله أنه تعالى الذي يهتم ليس فقط بحياتنا الجسدية والأرضية بل بحياتنا الروحية أيضا. يستعمل وسائط مُعينة لتقوية الإيمان الذي يُوجده فينا بواسطة المناداة بكلمته وبركة الروح القدس. هذه الوسائط التي يتكلم عنها الكتاب ندعوها بالأسرار المقدسة وذلك لأنها وسائط حسية يستعملها الله وبطريقة تفوق عقولنا ومقدرتنا على تفهُّمها تفهما تاما وكليا. هذه وسائط يستعملها الله لدعم وتقوية وإنماء إيماننا الذي جاء إلى حيّز الوجود بواسطة المناداة بكلمة وبركة الروح القدس.
ما هي هذه الأسرار المقدسة؟ إنها: سر المعمودية المقدسة وسر العشاء الرباني المقدس والمدعو أيضا بسر الاشتراك. وهذان السران هما من تأسيس الرب يسوع المسيح الذي أنشأهما ليكونا سِري العهد الجديد آمرا رسله وخدامه بأن يمارسونهما على مر العصور والأجيال إلى أن يعود له المجد ثانية إلى الأرض في اليوم الأخير. وهذه بعض المصادر الكتابية التي نأتي على ذكرها بخصوص موضوع سري العهد الجديد أي سري الحقبة الممتدة منذ تتميم عمل يسوع الفدائي على الصليب حتى عودته إلى العالم لدى انقضاء الدهر:
" كان يوحنا(أي يوحنا المعمدان الذي أرسله الله لتهيئة الناس لقبول المسيح) يُعمِّد في البرية ويكرز (أي ينادي) بمعمودية التوبة لمغفرة الخطايا. وخرج إليه جميع كورة اليهودية وأهل أورشليم واعتمدوا جميعهم منه في نهر الأردن معترفين بخطاياهم. وكان يوحنا يلبس وبر الإبل ومنطقة من جلد على حَقْويه ويأكل جرادا وعسلا بريا. وكان يكرز قائلا: يأتي بعدي من هو أقوى مني الذي لست أهلا أن أنحني وأحل سيور حذائه. أنا عمّدتكم بالماء وأما هو فسيعمدكم بالروح القدس" (الإنجيل حسب مرقس 1: 4- 8).وعندما أمر السيد المسيح رسله بأن ينطلقوا إلى العالم للمناداة بالإنجيل طلب منهم أيضا أن يعمدوا المؤمنين قائلا: " فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس" (الإنجيل حسب متى 28: 19).
وبناء على أمر السيد المسيح هذا نجد أن الرسل كانوا يطلبون من الناس الذين كانوا يقبلون كلمة الإنجيل أن يعتمدوا باسم المسيح. وهكذا نقرأ في سفر أعمال الرسل أن بطرس وعظ الجماهير التي تأثرت من مناداته قائلا لهم:
" توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا فتقلبوا عطية الروح القدس، لأن الموعد هو لكم ولأولادكم ولكل الذين على بعد، كل من يدعوه الرب إلهنا" (2: 38و 39).
ويُخبرنا الطبيب لوقا كاتب هذا السفر أن نتيجة هذه العظة الجبارة كانت باهرة للغاية:
" فقبلوا كلامه(أي مناداة بطرس بالإنجيل) بفرح واعتمدوا وانضم في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف نفس" (2: 41).
أما عن أهمية المعمودية في حياة المؤمن فإن الرسول بولس قال في رسالته إلى رومية:
" أم تَجهلون أننا كل من اعتمد ليسوع المسيح اعتمدنا لموته فدفنا معه بالمعمودية للموت حتى كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضا في جدة الحياة لأنه إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته نصير أيضا بقيامته عالمين هذا أن إنساننا العتيق قد صلب معه لِيُبطل جسد الخطية كي لا نعود نُستبعَد أيضا للخطية" (6: 3- 6).
وهكذا نتعلم من هذه الآيات ومن تعاليم الكتاب المقدس الأخرى عن سر المعمودية المقدس إن الله قد أنشأ هذه الفريضة لتقوية وإنماء إيماننا الذي يأتي إلى الوجود فينا بواسطة كلمة الله وبركة الروح القدس. وقد نتساءل قائلين: لماذا يلجأ الله إلى فرائض حسية كفريضة المعمودية؟ ألا تكفينا كلمته المقدسة؟ الجواب هو أن الله يعرفنا أكثر مما نعرف أنفسنا ويعلم تماما أننا بحاجة إلى الأسرار المقدسة وإنها تؤول إلى تنمية وتعزيز حياتنا الجسدية. فنحن بحاجة ماسة إلى تقوية الإيمان الذي ينبت في قلوبنا بواسطة تلك الوسائل الخاصة التي أمر بها الله في كلمته والتي لجأ إلى استعمالها رسل المسيح منذ فجر هذا العهد الجديد.
هذا لا يعني أننا نَنْقُل إلى الفرائض في ذاتها القوة الروحية التي نحن بحاجة إليها بل ننظر إليها بعين الإيمان كفرائض السيد المسيح التي تدل على عمله الخلاصي العظيم الذي أتمه على الصليب والذي يتممه فينا الروح القدس. فكما أن الماء في حياتنا الأرضية يساعدنا على غسل أجسادنا والتخلص من الأوساخ العالقة بنا هكذا أيضا سر المعمودية يُشير إلى أن دم يسوع المسيح هو الذي يُطهرنا من سائر خطايانا. وليس ذلك فقط بل أن سر المعمودية يؤكد لنا تماما أننا عندما نؤمن بالمسيح إيمانا قلبيا فإن الله يقوم بالفعل على تنقيتنا روحيا بواسطة دم المسيح الذي سُفك على الصليب فسِر المعمودية المقدس هو إذن رمز وخَتم لعمل الله الخلاصي في قلوبنا وبما أنه رمز وسر إلهي فإنه لا يجوز لنا مطلقا أن نشك بصحته أو بمقدرته على إعطائنا فعلا ما تُشير إليه المعمودية: غفران الخطايا والإتحاد بالإيمان مع المسيح يسوع.
 
قديم 20 - 07 - 2015, 05:14 PM   رقم المشاركة : ( 8513 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,207

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

المعمودية

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



لاحظنا أن سر المعمودية إنما يرمز ويختم لنا عمل يسوع الخلاصي الذي تم على الصليب. وكذلك رأينا أن الله الذي يعرفنا أكثر مما نعرف أنفسنا قد قام بإنشاء هذه الفريضة المقدسة لتقوية وإنماء الإيمان فينا. فكما أن الله تعالى يعتني بنا في حياتنا الجسدية ويُظهر ذلك الاعتناء بواسطة القوت المادي الذي يُمكننا من الحصول عليه هكذا أيضا يُظهر الله اعتناءه بنا عندما يُعطينا سر المعمودية المقدس الذي يؤول إلى تقوية وإنماء الإيمان الذي يوجده تعالى فينا بواسطة كلمته المقدسة وبركة الروح القدس.
ونذكر الآن ما كنا قد ألمحنا إليه مرارا ألا وهو أهمية وجود الإيمان الحي الحقيقي فيما يتعلق بسر المعمودية أو سر العشاء الرباني. لأن الأسرار المقدسة هي للمؤمنين وللمؤمنين فقط ولذلك من ليس هو مؤمنا بتعاليم كلمة الله لا يجوز له أن ينال هذه الأسرار المقدسة لأن غايتها كما رأينا هي تقوية وإنماء الإيمان ومن لم يكن عنده الإيمان الخلاصي فكيف يمكن الكلام عن تقوية إيمانه أو إنمائه؟ ومن هذا نتعلم أن الإيمان هو شرط هام جدا وبدونه لا يستفيد الإنسان مطلقا مِن الأسرار المقدسة بل على العكس يجلب غضب الله عليه. وسوف نتكلم عن هذا الموضوع المعين في درس مقبل أيضا أما الآن فنعود بصورة خاصة في سر المعمودية:
يُعلمنا الروح القدس بأن المعمودية هي غسل الميلاد الثاني والتطهير من الخطايا العالقة بنا منذ ولادتنا لا بمعنى أن الماء في ذاته يقوم بهذه الأعمال الباهرة بل إنما يُشير الماء ويَختم لنا ما يقوم به دم المسيح الزكي الذي ُفك عنا على الصليب. وهذه الصورة الحسية التي نُشاهدها حيثما تجري ممارسة هذه الفريضة المقدسة إنما تعلمنا بشكل صريح جدا أن جميع خطايانا ومعاصينا وآثامنا إنما تذهب عنا نظرا لدم يسوع المسيح كما أن جميع أوساخ وأقذار الجسد تذهب عنه لدى اغتسالنا بالماء. ولنذكر من جديد أن هذا السر هو إلهي لا بشري في مصدره ولذلك فإن الدرس الذي نتعلمه والحقيقة العظمى التي تشير إليها ويختمها يجب ألا نشك فيهما. الله هو الذي يُصَرِّح لنا بأن خطايانا إنما تُغفر وتذهب عنا لعمل يسوع المسيح الفدائي والله هو الذي يُعلمنا هذه الحقيقة العظمى ليس فقط بواسطة المناداة بكلمته- أي بما نسمعه بآذاننا- بل أيضا بواسطة مشاهدة السر المقدس – أي بما تُبصره أعيننا- ولذلك يُقال أحيانا بأن الأسرار المقدسة هي الكلمة المَرئية أو المشاهدة بأعيننا. وبهذه الطريقة يَقوى إيماننا لأننا لم نسمع عنه بواسطة الأذن فقط بل نشاهده بأعيننا أيضا.
سر المعمودية إذن يُعلِّمنا بطريقة حسية أهمية عمل يسوع المسيح الخلاصي وضرورة الاستفادة منه شخصيا لننال الخلاص العظيم الذي أتمه السيد له المجد. وفي سفر رؤيا يوحنا نقرأ ما يلي عن الخالصين وعن الحقيقة العظمى بأنهم كانوا قد اختبروا في هذه الحياة غُفران خطاياهم بواسطة دم يسوع المسيح الزكي ذلك العمل الذي تُشير وترمز إليه المعمودية:
" بعد هذا نظرْت وإذا جمع كثير لم يستطع أن يَعُده من كل الأمم والقبائل والشعوب والألسنة واقفون أمام العرش وأمام الخروف مُتَسربلين بيض وفي أيديهم سعف النخل. وهم يصرخون بصوت عظيم قائلين الخلاص لإلهنا الجالس على العرش وللخروف. وجميع الملائكة كانوا واقفين حول العرش والشيوخ والحيوانات الأربعة وخروا أمام العرش على وجوهم وسجدوا لله قائلين: آمين. البركة والمجد والحكمة والشكر والكرامة والقدرة والقوة لإلهنا إلى أبد الآبدين، آمين. وأجاب واحد من الشيوخ قائلا لي: هؤلاء المتسربلون بالثياب البيض من هم ومن أين أتوا؟ فقلت له يا سيد أنت تعلم. فقال لي: هؤلاء هم الذين أتوا من الضيقة وقد غسلوا ثيابهم وبيضوا في دم الخروف. مِن أجل ذلك هم أمام عرش الله ويخدمونه نهارا وليلا في هيكله والجالس على العرش يحل فوقهم. لن يجوعوا بعد ولن يعطشوا بعد ولا تقع عليهم الشمس ولا شيء من الحر لأن الخروف الذي في وسط العرش يرعاهم ويقتادهم إلى ينابيع ماء حية ويَمسح الله كل دمعة من عيونهم" (7: 9- 17).
وأخيرا نقول أنه بما أن الله يَشمل دوما أولاد المؤمنين في علاقته الخلاصية مع الناس تلك العلاقة المدعوة في الكتاب بعهد النعمة فإن أولاد المؤمنين أيضا ينالون بعد ولادتهم علامة وختم سر المعمودية كما كان أولاد المؤمنين في أيام العهد القديم ينالون علامة بلوغهم سن الرشد أن يُظهروا علانية حيوية إيمانهم وذلك بالاعتراف أمام الله وشعبه بأنهم يؤمنؤن بالمسيح شخصيا وبعمله الخلاصي وأن يعود إلى دم المسيح الزكي الذي سُفك عنهم.
وهكذا عندما تكلم بطرس الرسول عن موعد الله قال: لأن الموعد هو لكم ولأولادكم... ومن حادثة الرسول بولس في مدينة فيلبي نتعلم أيضا الدرس ذاته: قال بولس لحافظ السجن: " آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص أنت وأهل بيتك" وكانت النتيجة أن حافظ السجن بعدما أخرج بولس ورفيقه سيلا من السجن وغسل جراحاتهما اعتمد في الحال هو والذين له أجمعون.
 
قديم 20 - 07 - 2015, 05:15 PM   رقم المشاركة : ( 8514 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,207

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

سر العشاء الرباني

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



كنا قد بحثنا في درسينا السابقين عن موضوع سر المعمودية المقدسة. أما الآن فسنشرع في البحث في موضوع سر العشاء الرباني أو الاشتراك المقدس. نتضرع إلى الله ليبارك لنا هذه البحوث لتساعدنا للنمو لا عقليا فقط بل روحيا أيضا. لأن غايتنا في جميع هذه الدروس هي أن نتفهم بصورة جلية تعاليم كلمة الله فننمو روحيا. لأن مبدأ الحياة الروحية الأساسي هو أن الإنسان لا يحيا بالخبز وحده بل بكل كلمة تخرج من فم الله. فكلمة الله هي التي تقودنا إلى المعرفة الروحية المستقيمة وهي التي تُصبح لنا غذاء روحيا في هذه الحياة.
قبل كل شيء يتوجب علينا اقتباس النص الكتابي الذي يذكر موضوع تأسيس هذه الفريضة المقدسة: كتب الرسول بولس في رسالته الأولى إلى كورنثوس:
" لأنني تسلَّمت من الرب ما سلمتكم أيضا أن الرب يسوع في الليلة التي أسلم فيها أخذ خبزا وشكر فكسر وقال: خذوا كلوا هذا هو جسدي المكسور لأجلكم اصنعوا هذا لذكري. كذلك الكأس أيضا بعدما تعشُّوا قائلا: هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي، اصنعوا هذا كلما شربتم لذكري. فإنكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تُخبرون بموت الرب إلى أن يجيء. إذا أي من أكل هذا الخبز أو شرب كأس الرب بدون استحقاق يكون مُجرما في جسد الرب ودمه. ولكن لِيمتحن الإنسان نفسه وهكذا يأكل من الخبز ويشرب من الكأس، لأن الذي يأكل ويشرب بدون استحقاق يأكل ويشرب دينونة لنفسه غير مميز جسد الرب " (11: 23- 29).
وكان الرسول بولس قد كتب عن الموضوع ذاته الرسالة قائلا:
" كأس البركة التي نباركها أليست هي شركة دم المسيح؟ الخبز الذي نكسره أليس هو شركة جسد المسيح؟ فإننا نحن الكثيرين خبز واحد جسد واحد، لأننا جميعا نشترك في الخبز الواحد" (10: 16- 17).
إن ممارسة فريضة العشاء الرباني من قبل المؤمنين إنما تعيد إلى ذاكرتهم عمل المسيح يسوع الكفاري على الصليب وليس ذلك فقط بل إن الاشتراك المقدس إنما يؤكد لنا اشتراكنا في تقدمة المسيح الكفارية على الصليب وأننا بالفعل ننال منه جميع فوائد ذلك العمل الخلاصي العظيم.
فعندما أمرنا السيد المسيح أن نأكل الخبز المكسور ونشرب الكأس تذكارا له فإنه له المجد كان قد أعطانا هذه المواعيد الهامة:
أولا: إن جسده قُدِّم على الصليب وكُسر من أجلي أنا المؤمن وكذلك سُفك دمه الزكي من أجلي وأنا متأكد من ذلك بصورة تامة كما أرى أنا بعيني في فريضة الاشتراك المقدس أن خبز الرب يسوع المسيح قد كُسر من أجلي وإن الكأس قد أُعطيت لي أنا شخصيا.
ثانيا: يُؤكد الرب يسوع المسيح لي أيضا بأنه يود أن يُغذيني روحيا للحياة الأبدية بواسطة جسده المصلوب ودمه المسفوك كما أنني أتغذى بواسطة الخبز المقدم لي والكأس المقدمة لي. وهذان الرمزان هما علامة أكيدة بأن جسد المسيح ودمه إنما قُدِّما على الصليب ليس بصورة عامة بل من أجلي أنا شخصيا ومن أجل كل مؤمن ومؤمنة. أي أن كل مؤمن مشترك في هذه الفريضة المقدسة يقدر أن يقول: مات الرب يسوع من أجلي وكفر عن خطاياي الشخصية وعمل لي أنا فداء عظيما من سلطان الخطية والشر.
وهنا علينا قبل الاسترسال في الكلام عن موضوع سر العشاء الرباني أو الاشتراك المقدس أن نتأكد من بعض التعابير التي نستقيها من الكتاب أي عن معانيها. ماذا نعني بأكل جسد بيسوع المسيح المصلوب؟ وبِشرب دمه المسفوك؟
أولا: عندما نستعمل هذه التعابير الكتابية فإننا نعني أننا قبل كل شيء نأخذ عن قلب مؤمن ونتمسك بآلام وموت يسوع المسيح وهكذا نحصل على الغفران الخطايا والحياة الأبدية. وهذا لا يجري بصورة عامة أو مبهمة بل بصورة فردية وشخصية أي كل من يشترك في الفريضة المقدسة إنما يعترف علانية بأنه يقبل عن قلب صادق كل ما قام به المسيح على الصليب من أجل إنقاذه من الموت وإعطائه هبة الغفران المجانية والحياة الأبدية السعيدة.
ثانيا: هذه التعابير التي تستعملها في فريضة العشاء تعني أيضا مايلي: إن المؤمن المشترك في فريضة العشاء الرباني إنما يتحد أكثر وأكثر بجسد يسوع المسيح المقدس وبواسطة الروح القدس الحال في المسيح وفي المؤمن. وهذا يتم مع العلم بأن المسيح الآن في السماء جالس عن يمين عرش العظمة والمؤمن يُصبح لحما من لحمه وعظما من عظامه وبقيادة الروح القدس الذي يوصل المؤمن إلى الحياة الأبدية. وهذا يشابه تماما كون أعضاء الجسد البشري الواحد المتعددة تبقى خاضعة لقيادة روح الإنسان الواحدة.
وهذه بعض الشواهد الكتابية:
" فقال لهم يسوع: أنا هو خبز الحياة، نم يُقبِل إلي فلا يجوع ومن يؤمن بي فلا يعطش أبدا. لأن هذه هي مشيئة الذي أرسلني: إن كل من يرى ويؤمن به تكون له الحياة الأبدية وأنا أقيمه في اليوم الأخير" (الإنجيل حسب يوحنا الرسول 6: 36و 40).
 
قديم 20 - 07 - 2015, 05:16 PM   رقم المشاركة : ( 8515 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,207

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

سر العشاء الرباني
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



كنا قد بدأنا في درسنا السابق بالكلام عن فريضة العشاء الرباني أو الاشتراك المقدس. وقد انتهينا إلى القول بأننا عندما نقول: أكل جسد الرب يسوع المسيح أو شرب دمه فإننا نكون مع الكتاب المقدس نستعمل هذه التعابير حسب معناها الروحي: وهذا يعني أنه بواسطة الاشتراك يتمسك المؤمن بعمل يسوع الفدائي الذي ينظر إليه لا كأمر عام أو مبهم بل كأمر شخصي. المؤمن الذي سيشترك في فريضة العشاء الرباني يقول: مات الرب يسوع من أجلي وجسده كُسر من أجلي ودمه سُفك من أجلي. طبعا لا يتفوه بهذه الكلمات عن روح مُشبعة بمحبة الذات بل لإظهار شُكره وامتنانه لأن الرب أنقذه فعليا وواقعيا بواسطة الصليب. ورأينا أيضا أن عبارة أكل جسد الرب وشرب دمه تُشير أيضا إلى حقيقة روحية سامية أي إلى ذلك الإتحاد الروحي الذي يجري بين المؤمن الذي لا يزال يتم بواسطة عمل الروح القدس الحال فيه والذي فيه هو يسوع المسيح أيضا.
" الحق الحق أقول لكم: من يؤمن بي فله الحياة الأبدية. أنا هو خبز الحياة. آباؤكم أكلوا المن في البرية وماتوا، هذا هو الخبز النازل من السماء لكي يأكل منه الإنسان ولا يموت. وأنا هو الخبز الحي الذي نـزل من السماء، إِن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد. والخبز الذي أنا أعطي هو جسدي الذي أبذله من أجل حياة العالم.
"... من يأكل جسدي ويشرب دمي فله الحياة الأبدية وأنا أقيمه في اليوم الأخير. لأن جسدي مأكل ودمي مشرب حق. من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت فيَّ وأنا فيه. كما أرسلني الآب الحي وأنا حي بالآب فمن يأكلني فهو يحيا بي. هذا هو الخبز الذي نـزل من السماء، ليس كما أكل آباؤكم المن وماتوا، من يأكل هذا الخبز فإنه يحيا إلى الأبد" (الإنجيل حسب يوحنا 6: 47- 51، 54- 58).
ويجدر بنا أن نتذكر أن السيد المسيح إذ أنشأ فريضة العشاء الرباني إنما أعطانا رمزين وذلك نظرا لتقوية إيماننا الضعيف ولأننا بحاجة ماسة إلى هكذا تقوية. أعطانا الرب يسوع المسيح الخبز والكأس كرمزين لجسده المكسور ولدمه المسفوك لنتأكد بصورة تامة أنه له المجد يس فقط غذاء لأرواحنا بل إنه مشربها الوحيد. كل ما بحاجة إليه روحيا في المسيح يسوع وفيه فقط.
يرمز الخبز- في فريضة العشاء الرباني- إلى جسد المسيح. هذا الجسد الذي قدم كذبيحة على الصليب مِن أجل مصالحتنا مع الله، يُقَدِّم إلينا اليوم- أي عندما نمارس هذا السر المقدس- لكي يؤكد لنا الله بأنه لنا نصيب في هذه المصالحة العظيمة التي أتمها الفادي المسيح على صليب الجلجثة.
وكما أن للخبز العادي المقدرة على تغذية أجسادنا وإعالتها في هذه الحياة هكذا أيضا يُغذينا جسد المسيح أي يُغذي أرواحنا وذلك بطريقة روحية.
أما الكأس فإنها ترمز إلى دم المسيح الزكي الذي سُفك مرة واحدة على الصليب للتكفير عن خطايانا. وفي ممارسة سر الاشتراك المقدس إنما يُقدِّم إلينا هذا الدم لنشربه روحيا فنشعر بجميع الفوائد ضمن أرواحنا وقلوبنا.
ففريضة العشاء الرباني إنما تُرجعنا إلى موت المسيح على الصليب لِتَهِبنا فوائد ذلك الموت الكفاري. على الصليب وعلى الصليب فقط تمت ذبيحة الخلاص وذلك بصورة نهائية وتامة وليس علينا الآن إذن سوى الاستفادة منها في حياتنا وذلك بقبول المسيح وعمله الفدائي هذا وبالقيام بكل ما أمر به ولا سيما بممارسة سر الاشتراك المقدس مع جميع الذين يدينون بنفس الإيمان ويَحيَون بنفس الرجاء ويعيشون بنفس المحبة.
وعندما نتكلم عن الخبز والكأس في فريضة العشاء الرباني لا نكون قائلين بأن الرمزين يتجولان إلى جسد المسيح ودمه. فكما أن ماء المعمودية يبقى ماء ولا يتحول إلى دم المسيح وكما أن ذلك الماء إنما يُشير إلى عمل الله الخلاصي في قلب الإنسان ويختم ذلك له في المعمودية هكذا أيضا في رمزي فريضة العشاء الرباني. لا يصبح الخبز جسد المسيح بذاته ولا الكأس دم المسيح بذاته بل إنما يُشيران ويرمزان إلى جسد ودم المسيح.
وهذا لا يعني أننا نقلل من حيوية أو أهمية هذه الفريضة بل على العكس إنما نؤكد أن هذه الفريضة المقدسة متى مارسناها حسب تأسيس المسيح وتعليم رسله القديسين إنما تزيد من يقين الخلاص الذي حصلنا عليه لدى إيماننا بالمسيح لأننا نعلم أن السيد له المجد الذي نشترك معه بواسطة هذا السر إنما يُعطينا ذاته ويُمكننا من النمو في الحياة الجديدة التي وهبنا إياها الله بواسطة روحه القدوس.
 
قديم 20 - 07 - 2015, 05:19 PM   رقم المشاركة : ( 8516 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,207

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

حياة الشكر والامتنان


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



عندما ابتدأنا بدراستنا لتعاليم الكتاب المقدس رأينا أنها تُقسم إلى ثلاثة أقسام فيما يتعلق بنا نحن البشر.
أولا: معرفة شقائنا وينبوع تعاستنا ومصدر خطايانا العديدة التي تُعكر صفو الحياة.
ثانيا: معرفة واختبار الخلاص العظيم من حالة الخطية والتعاسة والشقاء ورأينا أن ذلك يتم بقبولنا لعمل السيد يسوع المسيح الخلاصي على الصليب، ذلك العمل الذي يُنادي به في الإنجيل والذي يرمز إليه الله ويختمه في قلوب المؤمنين بواسطة سرِّي المعمودية والعشاء الرباني.
ثالثا: معرفة كيفية الحياة بطريقة نُظهر بها شكرنا لله تعالى الذي أغدق علينا برحمته وخلّصنا من الخطية وطغيانها وسطوتها. وسوف نبدأ الآن بدراسة هذا القسم الثالث والأخير من أقسام تعاليم أو عقائد الكتاب المقدس.
ولابد أن القرّاء الأعزاء قد لاحظوا مراراً أننا نشدد على هذا التعليم الكتابي الهام ألا وهو أن جميع أمور الإيمان يجب أن توضع موضع التنفيذ في الحياة إذ أنه ليس هناك إيمان نظري محض ولا حياة حقيقية غير مبنية على تعاليم الإيمان القويم. لا يعلم الكتاب ولا يعترف بطلاق بين الإيمان الحي والحياة. ولذلك فإننا عندما نأتي إلى هذا القسم الأخير من تعاليم الكتاب المقدس لا نكون آتيين بأمور جديدة وكأننا لم نكن قد ألمحنا إليها في دروسنا السابقة. سنسعى بصورة خاصة أن نُظهر كيفية تكييف الحياة المتجددة حسب تعاليم ووصايا الله الواردة في كلمته المقدسة لتكون الحياة بأسرها حياة شكر وامتنان وعبادة وإخلاص لله القدوس الذي شاء فأنقذنا من نار الجحيم الأبدي وأعطانا أن ندخل في نطاق ملكوته السماوي حيث وجدنا الغفران والسلام.
عندما درسنا موضوع الخلاص من الخطية ومن سائر نتائجها المخيفة لاحظنا أن تعاليم الكتاب المقدس تُلَّخص بالقول أن الخلاص بأسره هو من الله. إنه تعالى هو الذي يمنحنا نعمة الخلاص المجانية وأننا نستلمها بواسطة يد الإيمان الفارغة. الخلاص بأسره هو من الله. وكذلك لاحظنا أن الخلاص لا يشمل التبرير والغفران فقط بل جدة الحياة أيضاً أي أن الروح القدس يُحدث في حياة الخالص تغييراً هكذا شاملاً وجذرياً حتى أن الكتاب يدعوه بالولادة الثانية أو الولادة من فوق (أي من السماء).
وهكذا نرى أن الله جمع في كلمته بين نتائج الإيمان في حياة الإنسان: أي أن كل مؤمن يختبر في حياته غفران الله لخطاياه وكذلك بزوغ نور عهد جديد، عهد يدور فيه محور الحياة حول الله لا حول الذات أو الخطية. وهكذا تُضحي حياة المؤمن حياة جديدة مليئة بالأعمال المتجانسة مع المشيئة الإلهية. حياة المؤمن هي ضمن النطاق الإلهي الذي أوجده الله ليكون ناموس العالم والكون والوجود.
ولكنه بما أنه يحدث أن البعض يسيئون فهم هذا الموضوع الهام لا بد لنا من البحث في موضوع وجوب القيام بالأعمال الصالحة لا بمعنى أن المؤمن يجد نفسه مضطراً ضد إرادته أن يقوم بأعمال لا يرغب فيها والتي هي أعمال صالحة بل بمعنى أن هذه الضرورة التي نتكلم عنها هي ضرورة ذاتية تلقائية منبعثة من صميم الواقع الجديد الذي يوجد ضمن حياة المؤمن. وكذلك نتعلم من الكتاب المقدس أنه من الواجب البحث في هذا الموضوع ليس فقط لأن البعض يسيئون فهم هذا الموضوع (أي علاقة الإيمان بالحياة) بل لأن المؤمن- مادام في هذه الحياة الأرضية- هو مؤمن غير كامل في حياته، هو مؤمن على طريقه إلى الكمال الذي لن يصل إليه إلا متى عبر شاطئ الأبدية. ولذلك وبما أن الله يعرفنا أكثر مما نعرف أنفسنا فإنه تعالى شاء بأن يعلمنا بواسطة كلمته المقدسة أنه علينا كمؤمن ألا نهمل موضوع الأعمال الصالحة. وهذا يعني أن الله يود أن يُذكرنا مراراً وتكراراً في حياتنا أنه علينا أن نضع إيماننا موضع التنفيذ وأن نُظهر في حياتنا ثمار الإيمان أي ثمار الحياة الجديدة التي اختبرت الغفران والمصالحة والسلام والولادة الثانية.
وهذه الأعمال الصالحة تعمل إذن على إظهار امتناننا وشكرنا العظيم لله الذي من فرط محبته اللا متناهية وهبنا الخلاص المجاني الذي لم نكن قد عملنا أي شيء لاستحقاقه. من يقوم بتكييف حياته حسب تعاليم كلمة الله يُظهر أنه يحب الله لا بالكلام فقط بل بالأعمال التي لا يمكن أن تُنكر. وكذلك تُساعدنا هذه الأعمال الصالحة على التأكد من أن إيماننا الذي ندين به هو إيمان حقيقي ومثمر لا عبارة عن وهم أو خيال.
وهذه بعض التعاليم الكتابية التي نأتي على اقتباسها من كلمة الله:
قال السيد المسيح: "ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السماوات بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السماوات. كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم يا رب يا رب أليس باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا شياطين وباسمك صنعنا قوات كثيرة؟ فحينئذ أُصرّح لهم: إني لم أعرفكم قط. اذهبوا عني يا فاعلي الإثم". (الإنجيل بحسب متى7: 21- 23).
وكتب الرسول بولس إلى أهل الإيمان في رومية بعد الانتهاء من القسم العقائدي من رسالته إليهم قائلاً: "فأطلب إليكم أيها الأخوة برأفة الله أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله: عبادتكم العقلية" (12: 1).
 
قديم 20 - 07 - 2015, 05:20 PM   رقم المشاركة : ( 8517 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,207

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الحياة التي تُسرّ الله
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




لاحظنا في درسنا السابق أنه يتوجب علينا في هذه الحياة معرفة تعاستنا وفداحة خطايانا وكذلك اختبار الخلاص العظيم الذي قام به السيد المسيح لإنقاذنا من حالتنا التعيسة. ووصلنا أيضاً إلى القول بأنه يتوجب على جميع الذين نالوا خلاص الرب أن يعيشوا حياة متلائمة مع وضعهم الجديد أي أن يحيوا في هذه الدنيا حياة الشكر والامتنان لله تعالى خالقهم وفاديهم ومجدّدهم.
عندما نقول أن المؤمنين يعيشون حياة الشكر والامتنان أنما نقول في نفس الوقت أن هذه الحياة التي تُسرّ الله تعالى. لأن الله إنما خلق الإنسان لكي يتمجد في مخلوقه وبما أن الإنسان الذي لم يختبر الانقاذ الإلهي لا يقدر أن يبدأ بالحياة حسب غاية الله فإنه يظهر لنا بكل وضوح أن الإنسان الخالص يبدأ فعلياً بالحياة حسب مشيئة الله. هذه هي الحياة التي تُسر الله: العيش بمقتضى مشيئته المقدسة.
وهنا لا بد لنا من القول: كيف نُطبق في حياتنا اليومية هذا المبدأ الأساسي الذي نجده في كلمة الله تعالى؟ كيف نتمكن من العيش بهكذا طريقة حتى أن حياتنا تكون لمجد الله، لا لمجد الإنسان؟ والجواب الذي نجده في الكتاب هو أن الله إنما قد أعطانا دستوراً لتكييف حياتنا وأننا عندما نقوم بالحياة حسب تعاليم هذا الدستور نكون عائشين بطريقة تُسِرّ الله.
وبكلمة أخرى إن الأعمال الصالحة التي يجب أن تنبعث من حياتنا هي أعمال مطابقة للدستور الإلهي المُعلن في كلمة الله. ولكننا ما أن نأتي على ذكر الأعمال الصالحة حتى يجدر بنا أن نتذكر جيداً بأن هذه الأعمال التي يقوم بها المؤمنون ليست هي الأساس الذي يبنى عليه قبولهم لدى الله. الأعمال لا يُنقذ ولا تُخلّص وأعمال المؤمنين الصالحة لا تُنقذ ولا تُخلص وتبقى دوماً أعمالاً غير كاملة وملوثة ببقايا الخطية العالقة بالمؤمنين، تلك البقايا التي لا تتلاشى ولا تضمحل إلا متى انتقل المؤمنون من هذه الحياة إلى حياة النعيم.
وبالفعل نقول أن الأعمال التي يمكن تسميتها بأعمال صالحة يجب أن يتوفر فيها ما يلي:
أولاً: الأعمال الصالحة هي تلك الأعمال المنبعثة عن قلب مؤمن والتي تتفق مع وصايا الله والمسيح يسوع.
ثانياً: الأعمال الصالحة يجب أن تكون من أجل مجد الله وليس لمجد الإنسان الذي يقوم بها.
وفيما يلي بعض الآيات الكتابية التي تبحث في هذا الموضوع الهام:
قال يسوع لتلاميذه: "طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني وأتمم عمله". (الإنجيل حسب يوحنا الرسول4: 34)
كتب الرسول بولس لأهل الإيمان في مدينة كورنثوس اليونانية: "فإذا كنتم تأكلون أو تشربون أو تفعلون شيئاً فافعلوا كل شيء لمجد الله" (الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس10: 31).
وقد حذّر الرب يسوع المسيح معاصريه من مغبة الوقوع في خطية الرياء والتظاهر بالتدين عندما قال هذه الكلمات عن الفريسيين وهم جماعة مناوئة له:
"يا مراؤون حسناً تنبأ عنكم اشعياء قائلاً: يقترب إليّ هذا الشعب بفمه ويكرمني بشفتيه وأما قلبه فمبتعد عني بعيداً، وباطلاً يعبدونني وهم يعلّمون تعاليم هي وصايا الناس" (الإنجيل حسب متى الرسول15: 7- 9).
وقد ناشد الرسول بولس أهل الإيمان في مدينة أفسس الواقعة في آسيا الصغرى قائلاً:
"فانظروا كيف تسلكون بالتدقيق لا كجهلاء بل كحكماء مفتدين الوقت لأن الأيام شريرة. من أجل ذلك لا تكونوا أغبياء بل فاهمين ما هي مشيئة الرب. ولا تسْكروا بالخمر الذي فيه الخلاعة بل امتلئوا بالروح بل امتلئوا بالروح مُكلّمين بعضكم بعضاً بمزامير وتسابيح وأغاني روحية مترنمين ومرتلين في قلوبكم للرب. شاكرين كل حين على كل شيء في اسم ربنا يسوع المسيح لله الآب. خاضعين بعضكم لبعض في خوف الله" (5: 15- 21).
إن الحياة الجديدة التي يحياها المؤمنون بمعونة روح الله القدوس هي مليئة بأعمال الصلاح والبر والتقوى والتي تُظهر بكل جلاء ووضوح أن الحياة بأسرها وفي سائر نواحيها المتعددة إنما حياة شكر وامتنان، حياة تُسر الله لأنها سائرة حسب قانون الحياة الأسمى: بأن يحيا المؤمنون لمجد الله تعالى اسمه.
 
قديم 20 - 07 - 2015, 05:21 PM   رقم المشاركة : ( 8518 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,207

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وصايا الله وغايتها

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


لقد وصلنا الآن إلى موضوع وصايا الله تلك الوصايا التي لخّصها تعالى في أيام النبي موسى والتي ندعوها عادة بالوصايا العشر. وقبل الكلام عن هذه الوصايا بصورة عامة لنذهب إلى سفر موسى الثاني المعروف بسفر الخروج حيث نقرأ ما يلي في الفصل العشرين:
ثم تكلم الله بجميع هذه الكلمات قائلاً:
أنا الرب إلهك الذي أخرجك من أرض مصر من بيت العبودية. لا يكن لك آلهة أخرى أمامي.
لا تصنع لك تمثالاً منحوتاً ولا صورة ما مما في السماء من فوق وما في الأرض من تحت وما في الماء من تحت الأرض. لا تسجد لهن ولا تعبدهن لأني أنا الرب إلهك إله غيور افتقد ذنوب الآباء في الأبناء في الجيل الثالث والرابع من مبغضي واصنع إحساناً إلى ألوف من محبي وحافظي وصاياي.
لا تنطق باسم الرب إلهك باطلاً، لأن الرب لا يبرئ من نطق باسمه باطلاً.
اذكر يوم السبت لتقدسه: ستة أيام تعمل وتصنع جميع عملك وأما اليوم السابع ففيه سبتٌ للرب إلهك. لا تصنع عملاً ما أنت وابنك وابنتك وعبدك وأمتك وبهيمتك ونـزيلك الذي داخل أبوابك. لأن في ستة أيام صنع الرب السماء والأرض والبحر وكل ما فيها واستراح في اليوم السابع، لذلك بارك الرب يوم السبت وقدّسه.
أكرم أباك وأمك لكي تطول أيامك على الأرض التي يعطيك الرب إلهك.
لا تقتل.
لا تزنِ.
لا تسرق.
لا تشهد على قريبك شهادة زور.
لا تشته بيت قريبك، لا تشته امرأة قريبك ولا عبده ولا أمته ولا ثوره ولا حماره ولا شيئاً مما لقريبك." (1- 17)
قد يظن البعض أن الله إنما أعطانا وصاياه المقدسة ليُحد من حريتنا وللتقليل من حقل حياتنا وأعمالنا. ولكن هذه الفكرة ليست إلا سوء فهم فادح لغاية الله في إعطائنا وصاياه. إن الله الذي خلقنا على صورته وشبهه والذي لم يترك الإنسان في وهدة الهلاك بل بادر إلى مساعدته فور سقوط آدم وحواء في بحر الخطية، إن الله إنما يعطينا وصاياه وأحكامه وشرائعه لكي نقف على مشيئته المقدسة. إنه من أجلنا ومن أجل خيرنا الزمني والأبدي أعطانا الله وصاياه. ألم نلاحظ أن الله قبل البدء في الكلام عن الوصايا تكلم في مقدمة تُظهر لنا محبته لنا عندما أخبرنا بأنه هو الرب إلهنا الذي أنقذنا من عبودية الخطية؟ إن الذي يتكلم معنا في وصايا الله العشر إنما هو الإله المحب الرحوم الغفور الذي لم يُحجم عن إرسال السيد المسيح إلى عالمنا هذا لإنقاذنا من براثن الموت والخطية. وصايا الله العشر هي وصايا محبته لنا ولا يجوز لنا مطلقاً أن نظن ولا لدقيقة واحدة بأنها تدل على رغبته في التحديد من حريتنا أو جعل نطاق حياتنا ضمن إطار ضيق.
طبعاً إن الله أعطانا بعض وصاياه في قالب سلبي، أعطانا الله بعض الوصايا التي تبتدي بكلمة لا، ولكن هذا لا يعني أن الحياة بأسرها تصبح مطلية بصبغة سلبية عقيمة. كلا إن الله الذي أعطانا الوصايا إنما هو خالقنا الذي جبلنا من تراب وأعطانا نسمة الحياة والميزة الفريدة بأن نكون على صورته وشبهه. وهذا يعني أن حياتنا مليئة بالنظام والفرح والمحبة. وبما أن الإنسان جزء من خليقة الله العظيمة فإنه من البديهي أن يكون الإنسان خاضعاً بصورة طبيعية إلى قوانين الحياة والوجود. إن سار الإنسان حسب قوانين ونواميس الحياة إنما يكون منصاعاً للمشيئة الإلهية وإن خالف قانون الحياة فإنه إنما يكون سائراً على طريق الموت والظلام. ليس من العجب مطلقاً أن يكون الخالق عز وجلّ قد أعطانا وصاياه وأحكامه وشرائعه بل من العجب جداً لو لم يكن الله قد أعطانا وصاياه.
يرغب الله في إعطائنا الحياة ولذلك يمنحنا وصاياه التي هي قوانين الحياة. وإن كانت الطبيعة الصماء تُطيع قوانين الوجود التي سنّها الله تعالى أفلا يُنتظر من المخلوقات العاقلة أن تُطيع الله طوعاً واختياراً؟ فلنذكر جيداً إذن ونحن ندرس كل وصية من وصايا الله العشر وتحت ضوء الكتاب المقدس بأسره في عهديه القديم والجديد أن كل هذه الوصايا إنما أُعطيت لخيرنا لنسير بمقتضى أوامرها ونواهيها ولنكون سائرين مع الله وفي طريق الحق والحياة لا ضد الله وفي طريق الضلال والموت. ولنذكر جيداً أننا وإن كنا لا نقوم بتنفيذ جميع هذه الوصايا في حياتنا وذلك نظراً لوجود آثار الخطية في قلوبنا، لنعلم علم اليقين أن الله ينظر إلى قلوبنا وإلى نياتنا ويقبلنا كأبرار لأننا وضعنا ثقتنا ورجاءنا في السيد المسيح الذي عندما كان على الأرض عاش حياة الكمال التام وأطاع جميع الوصايا الإلهية بصورة تامة وكفّر عن خطايانا نحن المؤمنين به وبآلامه البدلية وبموته الكفاري على الصليب وأعطانا النصر الأكيد على الخطية بقيامته المجيدة من الأموات.
 
قديم 20 - 07 - 2015, 05:22 PM   رقم المشاركة : ( 8519 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,207

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الوصية الأولى: عبادة الله الواحد

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



نبدأ الآن بدراستنا للوصية الأولى من وصايا الله العشر التي هي كما يلي: لا يكن لك آلهة أخرى أمامي.
ينهانا الله عن عبادة الأوثان والآلهة الكاذبة في هذه الوصية الأولى، وبما أن الوصايا العشر صبغت في قالب مختصر وبما أن بعضها صيغ في قالب سلبي أي أنها تبدأ بكلمة لا، يجدر بنا ونحن قد شرعنا الآن في بحث الوصية الأولى أن نذكر هذا المبدأ الأساسي الذي نستقيه من الكتاب المقدس والذي سنسير عليه في شرحنا لوصايا الله العشر: كل ما ينهانا الله إنما يأمر بعكسه وكل ما يأمرنا به الله إنما ينهانا عن عكسه. وبعبارة أخرى ما أن نطبق هذه القاعدة على الوصية الأولى حتى نستنتج ما يلي:
عندما ينهانا الله عن عبادة الآلهة فإنه إنما يأمرنا بأن نعبده تعالى اسمه. وهكذا نرى أن الوصية الأولى هي إيجابية في صُلبها لأنها وإذ تحرّم عبادة الأوثان والآلهة الكاذبة الوهمية إنما تطلب منا أن نعبد الله الواحد خالق السماء والأرض وكل ما يُرى وما لا يُرى وبارينا نحن البشر.
وقد تكلّم السيد المسيح عن عبادة الله الحقيقية قائلاً للمرأة السامرية: "ولكن تأتي ساعة وهي الآن حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بالروح والحق لأن الآب طالب مثل هؤلاء الساجدين له. الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا." (الإنجيل حسب يوحنا4: 23و 24)
وعندما نتأمل في هذه الوصية الإلهية فإننا نرى هذه الأمور الأربعة التي تتطلب منا بصورة إيجابية:
أولاً: علينا أن نعبد الله وحده خاضعين له ومطيعين لأوامره.
ثانياً: علينا أن نضع ثقتنا فيه فقط وأن نثق بجميع مواعيده التي أعطانا إياها في كلمته.
ثالثاً: علينا أن نلتجئ إليه في كل احتياجاتنا منتظرين منه العون والنجاة.
رابعاً: علينا أن نُقدم إليه آيات الشكر والامتنان من أجل جميع الخيرات والبركات التي يمنحنا إياها.
وعندما ندرس كلمة الله نرى كيف أنه تعالى اسمه يعلمنا دروساً هامة منبثقة عن وصيته الأولى وسوف نقتبس بعض الآيات الكتابية لكي نسمع صوت الله فيها وهو يخبرنا عن موضوع عبادته: ورد في شريعة موسى ما يلي: من ذبح لآلهة غير الرب وحده يُهلك. (خروج22: 20).
"فاحترزوا من أن تنغوي قلوبكم وتعبدوا آلهة أخرى وتسجدوا لها فيحمى غضب الرب عليكم ويغلق السماء فلا يكون مطر ولا تعُطي الأرض غلّتها، فتبيدون سريعاً عن الأرض الجيدة التي يعطيكم الرب" (تثنية11: 16و 17)
وقبل وفاة موسى النبي أنشد النشيد الذي أُعطي من قبل الله ومما قاله الله في هذا النشيد:
"انظروا الآن: أنا أنا هو وليس إله معي، أنا أُميت وأُحي، سحقت وإني أشفي وليس من يدي مخلّص. إني أرفع إلى السماء يدي وأقول: حي أنا وإلى الأبد" (تثنية32: 39و 40)
وقال الله بواسطة عبده اشعياء النبي عن موضوعنا هذا:
"أنتم شهودي يقول الرب وعبدي الذي اخترتُه لكي تعرفوا وتؤمنوا بي وتفهموا أني أنا هو، قبلي لم يصور إله وبعدي لا يكون. أنا أنا الرب وليس غيري مخلّص. أنا أخبرت وخلّصتُ وأعلمت وليس بينكم غريب. وأنتم شهودي يقول الرب وأنا الله. أيضاً من اليوم أنا هو ولا منقذ من يدي، افعل ومن يرد؟" (43: 10- 13)
وكذلك تكلّم الله وبواسطة عبده النبي اشعياء عن موضوعنا هذا وعن موضوع عبادة الأوثان قائلاً"
"أنا الأول وأنا الآخر ولا إله غيري. ومن مثلي يُنادي فليُخبر به ويعرضه لي منذ وضعت الشعب القديم والمستقبلات وما سيأتي ليخبروهم بها. لا ترتعبوا ولا ترتاعوا. أما أعلمتك منذ القديم وأخبرتك فأنتم شهودي هل يوجد إله غيري؟ ولا صخرة، لا أعلم بها؟؟ (44: 6- 8).
وعن عابدي وصانعي الأصنام قال الله بواسطة اشعياء:
"قطع لنفسع أرزاً وأخذ سندياناً وبلوطاً واختار لنفسه من أشجار الوعر، غرس سنوبراً والمطر ينميه. فيصير للناس للإيقاد ويأخذ منه ويتدفأ يُشعل أيضاً ويخبز خبزاً ثم يصنع إلهاً فيسجد. قد صنعه صنماً صنماً وخرَّ له. نصفه أحرقه بالنار، على نصفه يأكل لحماً، يشوي مشوياً ويشبع. يتدفأ أيضاً ويقول: بَخْ قد تدفأت، رأيتُ ناراً. وبقيته قد صنعها إلهاً صنماً لنفسه يخر له ويسجد ويصلي إليه ويقول: نجني لأنك أنت إلهي.
"لا يعرفون ولا يفهمون لأنه قد طمست عيونهم عن الإبصار وقلوبهم عن التعقل. ولا يردد في قلبه وليس له معرفة ولا فهم حتى يقول: نِصفه قد أحرقت بالنار وخبزت أيضاً على جمره خبزاً شويت لحماً وأكلتُ، أفأصنع بقيته رجساً ولساق شجرة أخر؟" (44: 14- 19).
لنشكر الله الذي أعطانا وصيته الأولى التي تنهانا عن عبادة أية آلهة وغريبة وهمية والذي يحفظنا في يسوع المسيح لنخدمه ونعبده في كل أيام حياتنا ساجدين له ومقدمين له جميع آيات السجود والعبادة. ولننظر دائماً إلى هذه الوصية وإلى سائر وصايا الله كنور يقودنا في سُبل هذه الحياة متجنبين كل ما منعنا عنه الله لمجد اسمه القدوس ولخيرنا في هذه الدنيا وفي الآخرة.
 
قديم 20 - 07 - 2015, 05:24 PM   رقم المشاركة : ( 8520 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,207

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الله روح

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



لا زلنا نقوم بدراستنا لوصايا الله العشر التي تلخص لنا الشريعة الأخلاقية. وقد انتهينا في درسنا السابق من الكلام عن الوصية الأولى التي تأمر بعبادة الله الواحد تمجّد اسمه وتنهانا عن عبادة الآلهة الوهمية التي يعبدها الوثنيون.
وهذا هو نص الوصية الثانية: قال الله بواسطة كليمه موسى:
"لا تصنع لك تمثالاً منحوتاً ولا صورة ما مما في السماء من فوق وما في الأرض من تحت وما في الماء من تحت الأرض. لا تسجد لهن ولا تعبدهن لأني أنا الرب إلهك إله غيور افتقد ذنوب الآباء في الأبناء في الجيل الثالث والرابع من مبغضيّ، واصنع إحساناً إلى ألوف من محبي وحافظي وصاياي" (سفر الخروج20: 4- 6).
علينا أن نتذكر جيداً أن الله أعطى هذه الوصية لشعبه في أيام النظام القديم عندما كانت الدنيا غارقة بصورة شبه عامة في بحر الوثنية. فقد كانت أمم العالم تعبد الآلهة المختلفة وكانت هناك التماثيل المنحوتة لهذه الآلهة. ولذلك نرى أن الله لم يكتف بتحريم عبادة الآلهة الوهمية بل أمر شعبه أن يمتنعوا عن صنع أي تمثال ما كطريقة للعبادة حتى ولو كان ذلك التمثال أو الصورة يُنظر إليهما كمساعد لعبادة الله الواحد. والسبب الهام لهذه الوصية الثانية هو أن الله روح وعلينا ألا نعمد إلى تشبيهه بأي شيء حسيّ. إن الإنـزلاق إلى خطية عبادة الآلهة الكاذبة إنما يجري عادة بالانـزلاق إلى تمثيل الله بواسطة تماثيل حسية. وبالفعل نعلم من دراساتنا لحضارات الأمم الوثنية القديمة والحديثة أن أصنامهم هي تماثيل يُقصد منها مساعدتهم في عبادة ألهتهم وهذه التماثيل هي إما تماثيل تُشبه بني البشر أو الحيوانات. وبما أن الله تعالى يعرف عمق الوهدة السحيقة التي سقط فيها الإنسان فإنه يطلب من الذين يؤمنون به إيماناً حقيقياً بأن يمتنعوا عن التمثل بالوثنيين في أمور العبادة. الله روح كما علّمنا السيد المسيح، والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا. وإن كان الله يرغب منا أن نحيا حسب مشيئته المقدسة في أمور حياتنا وفي جميع النواحي التي تتعلق بهذه الدنيا فكم بالحري علينا أن نتمسك بوصيته المتعلقة بطريقة عبادته.
ومن المعلوم أن الذين يقومون بتمثيل الله بواسطة تماثيل حسية لا بد لهم من أن يفكروا أن الله هو على شاكلتهم أي أن الذين يحاولون عبادة الله بواسطة تماثيل إنما يقعون في خطية كسر الوصية الأولى. لأن جميع وصايا الله كما سنرى في دروسنا المقبلة هي متشابكة حتى إن من ابتدأ بكسر واحدة منها لا بد له من الوقوع في خطايا تتعلق بالوصايا الأخرى.
وقد أظهر الله في نص هذه الوصية مقدار غضبه على تشبيهه بآلهة الوثنيين عندما تكلم عن غيرته التي تفتقد ذنوب الآباء في الأبناء وهذا يُظهر لنا أن الباري لا يتساهل مطلقاً في موضوع طريقة عبادته. وهو يظهر لنا مقدار سخطه وغضبه على مرتكبي هذه الخطية ليكون كل إنسان على حذر وليعلم تماماً أن التعدي على هذه الوصية إنما تكون له عواقب وخيبة حتى إلى أجيال متتالية. وهذا يتفق مع قوانين الحياة التي وضعها الله في صلب هذه الدنيا: كل متعدّ على قانون الحياة ينال جزاء تعديه. فالإنسان إنما يحصد ما قد زرع في حياته. فكما أن الإنسان الذي لا يبالي بقانون الجاذبية يرى أنه يُعاقب فوراً بالسقوط وربما بالموت الجسدي هكذا أيضاً في أمور الروح وعلاقة الإنسان بالله.
ولا يكتفي الله بالكلام عن مخالفي وصيته الثانية بل إنه يتكلم أيضاً عن حافظي هذه الوصية عندما يقول لنا هذه الكلمات المشجعة والمعزية: "واصنع إحساناً إلى ألوف من محبيّ وحافظي وصاياي" إنه تعالى يعلّمنا بأن الذين يعبدونه حسب تعاليم كلمته والذين يبتعدون كل الابتعاد عن خطية تمثيله بواسطة التماثيل المنحوتة يصبحون موضوع إحسانات الله وبركاته وليس هم فقط بل أولاد أولادهم وأحفادهم البعيدين. إن بركة الرب تأتي بشكل غزير وتنهال أيضاً بشكل مستمر على كل من يعبد الله عبادة روحية حقيقية.
طبعاً علينا ألا نظن أن هذه الكلمات تعني أن أولاد غير المؤمنين يجدون باب التوبة مقفولاً بشكل مطلق لأن آباءهم كانوا قد عبدوا الأصنام، لأن الله لا يرغب في موت الخطاة ولذلك فإنه يرغب في رؤية الجميع يتوبون وإلى معرفة الحق يُقبلون. ولكنه من الغالب أن نرى أن شر الأشرار يستمر في عمله التدميري إلى عدة أجيال ولولا نعمة الله المجانية وعمله الفدائي في المسيح يسوع لما كان هناك أي مخلوق تائب ولكان باب التوبة والخلاص موصداً في وجه الجميع.
وكذلك علينا ألا نتصور بأن الأبناء باتكالهم على إيمان آبائهم إلى هكذا صورة حتى أنهم يستطيعون أن يتنصلوا من واجباتهم تجاه الله وعبادته عبادة حقيقية وقلبية. إنه من الاعتيادي أن يسير الأبناء على طريق الآباء المؤمنين ولكنه من المؤسف جداً أن نرى البعض يزيغون عن الطريق المستقيم ولا يعبدون الرب عبادة روحية قلبية كما كان يقوم بذلك آباؤهم. ولذلك ليهتم كل إنسان بأن يكون من حافظي هذه الوصية بشكل يتفق مع جميع تعاليم وتفاسير كلمة الله. فكل إنسان مسؤول عن نفسه، وواجب كل واحد منا أن نعبد الله عبادة حقيقية، عبادة تتفق مع روح الوصية الثانية والأولى لأن الذي نعبده هو الله خالقنا وفادينا ومجددنا له المجد إلى الأبد، آمين.
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 12:16 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024