منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15 - 07 - 2015, 07:35 PM   رقم المشاركة : ( 8471 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

سقوط الإنسان
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لقد رأينا حتى الآن أن الإنسان هو في حالة الشقاء والتعاسة نظرا لوجود عصيان وتمرد في حياته، ذلك التمرد يدفع به للعيش بطريقة غير متجانسة مع قانون الكون والوجود والحياة. وكذلك تعلمنا من الكتاب المقدس أن التشخيص الحقيقي لحالة الإنسان الشقية يتم التأمل في الشريعة الإلهية وبصفات الله الكاملة وبحياة يسوع المسيح. يشعر الإنسان إذ ذاك بأنه يخطئ ويذنب في سائر نواحي حياته: بالفكر والقول والأعمال. ولكن كلمة الله تعلمنا أيضا أن الإنسان خلق في البدء على صورة الله وشبهه وأن الله قال بعد خليقة الإنسان أن كل شيء كان حسنا جدا. لا بد إذن من السؤال: كيف وصل الإنسان إلى حالته الحاضرة إن كان الخالق عزَّ وجل قد خلقه بدون نقص أو عيب؟
وهنا علينا أن نرجع إلى كلمة الله المقدسة لأننا إذا ما تبعنا فلسفات الناس فإن ذلك يقودنا إلى صحاري أفكار البشرية القاحلة التي ليس فيها ماء لعطشنا الروحي الشديد والتي تنتهي بالذين يتبعونها بشكل مستمر إلى الموت الروحي والانفصال عن الله وعن تدبيره العجيب والفعال للتحرر من الشر العالق بالإنسان. فلقد حاول الكثيرون تعليل سبب وجود الشر والخطية بواسطة نظريات لا تعد ولا تحصى ولكننا نُحْجِم عن ذكرها لأن غايتنا هي البنيان الروحي ولأن دروسنا هذه هي دروس في تعاليم الكتاب المقدس لا دروس في علم الفلسفة البشرية المستقلة عن الوحي الإلهي.
خلاصة التعليم الكتابي عن سبب وجود الشر في حياة الإنسان هو أن الإنسان الأول(أي آدم وحواء) سقط في الخطية أثناء وجوده في الجنة الأرضية التي كان الله الخالق قد أعدها كمسكن للإنسان. وهذا السقوط في الخطية إنما أثر في الجنس البشري بأسره وهكذا نحن جميعا ساقطون في الخطية منذ ولادتنا. وقد قال عن موضوعنا الرسول بولس بالهام الروح القدس في رسالته إلى رومية: " بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ قد أخطأ الجميع" (5: 2 آب).
وبدون معونة الله الخاصة التي ندعوها بلغة الكتاب باسم نعمة الله، نرى أن الإنسان يُحب الخطية والمعصية ولا يود بأن يتوب عنهما ويعود إلى الله خالقه. وكما ذكر الرسول يوحنا في نهابة رسالته الأولى: " نَعْلَم أن العالم كلَّه قد وُضِعَ تحت سلطان الشرير" أي مآربه المهلكة.وقد حفظ الله لنا حادثة سقوط الإنسان في الفصل الثالث من سفر التكوين وهو أول سفر من أسفار الكتاب المقدس:
" وكانت الحية أحيل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الإله. فقالت للمرأة: أحقا قال الله: لا تأكلان من شجر الجنة؟ فقالت المرأة للحية: من ثمر الجنة نأكل، وأما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الله: لا تأكلان منه ولا تمساه لئلا تموتا. فقالت الحية للمرأة: لن تموتا، بل الله عالم أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر. فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل وأنها بهجة للعيون وأن الشجرة شهية للنظر. فأخذت من ثمرها وأكلت وأعطت رجلها أيضا معها فأكل. فانفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانان، فخاطا أوراق تين وصنعا لأنفسهما مآزر"(3: 1- 7).
ومن جراء معصية آدم وحواء صار الجنس البشري بأسره واقعا تحت سطوة الخطية وصرنا جميعا حسب طبيعتنا أو جُبلتنا البشرية الموروثة تائهين في هذه الحياة وغير قادرين أن نرجع إلى الرب بأنفسنا وغير راغبين في العيش حسب إرادته المقدسة. والهلاك الروحي الذي وصلنا إليه كبني آدم إنما يظهر بشكل واضح لأننا بالرغم من جميع نوايانا الحسنة وتصميمنا على انتهاج طرق جديدة لا نستطيع بفضل قوانا الخاصة- أن نحب وأن نخدمه وأن نُسِرَّه بحياة فاضلة، وقد قال النبي أرميا عن عدم مقدرة الإنسان على تغيير حالته بنفسه: " هل يُغير الكوشي جِلده أو النمر رقطه؟ فأنتم أيضا تقدرون أن تصنعوا خيرا أيها المتعلمون الشر"(13: 23) وبعد مرور الأيام والسنين العديدة أخذت معرفة الله الحقيقية تختفي وأخذ الناس من نسل آدم يعبدون المخلوقات عوضا عن الخالق تعالى اسمه. وقد عاقب الله العالم القديم أثناء أيام نوح وإبراهيم ولكن البشرية ظلت مثابرة على سيرها في سبل الهلاك. وهذه كلمات الرسول بولس التي تصف بشكل واقعي حالة البشرية في أيامه أي منذ نحو 1900 سنة، تلك البشرية التي كانت في سوادها الأعظم منغمسة في حمأة الوثنية:
" فإن غضب الله معلن من السماء ضد كل كفر الناس وإثمهم، الناس الذين يُعَوقون الحق بالإثم. لأن ما يُعرف عن الله ظاهر فيهم لأن الله أظهر لهم. لأن أموره غير المنظورة أي قدرته السرمدية ولاهوته، تُرى منذ خلق العالم، مُدْرِكة في المخلوقات، فلذلك هم بلا عذر. فمع أنهم عرفوا الله، فإنهم لم يُمجدوه كإله ولم يشكروه، بل سفهوا في أفكارهم وأظلم قلبهم الغبي. وبينما يزعمون أنهم حكماء صاروا أغبياء واستبدلوا مجد الله الخالد بشبه صورة إنسان فانٍ وطيورٍ وحيوانات وزواحف. " لذلك أسلَمَهم الله في شهوات قلوبهم، إلى النجاسة لإهانة أجسادهم بينهم، لأنهم أبدلوا حق الله بالكذب واتَّقوا المخلوق وعبدوه دون الخالق الذي هو مبارك إلى الأبد آمين" (رومية 1: 18- 25).
وهنا قد نتساءل قائلين: هل الله عادل عندما يطلب من الإنسان ما لا يقدر أن يقوم به؟ والجواب هو أن الله عادل وأنه لا يجوز لنا أن نتساءل عن عدالة الله في معاملته لبني البشر لأنه من المستحيل له تعالى أن ينكر نفسه وأن يكون غير عادل. وكذلك علينا أن نذكر أن الله خلق الإنسان وصنعه قادرا على القيام بكل ما يطلبه منه في شريعته. فإذا كان الإنسان الآن غير قادر على العيش حسب متطلبات الشريعة فإن ذلك لا يعود إلى الله بل إلى الإنسان الذي صدق الشيطان وانحاز إلى جانبه في البدء. فعدم مقدرة الإنسان أو ضعفه الروحي يعود إلى ثورته في البدء لا إلى نقص في خليقة الله. والله لا ينكر نفسه وهو قدوس ولا بد له من أن يُعاقب كل ثورة يقوم بها المخلوق إن كان ملاكا أو إنسانا. وفي سفر التثنية يقول الله بواسطة عبده موسى النبي: " ملعون من لا يقيم كلمات هذا الناموس ليعمل بها: (27: 26) وفي رسالته إلى مؤمني غلاطية كتب الرسول قائلا عن موضوعنا:
" لا تُضلُّوا فإن الله لا يُسْتَهزأُ به، والإنسان إنما يحصد ما قد زرع. لأن من يزرع لجسده يحصد فسادا ومن يزرع للروح فمِنَ الروح يحصد الحياة الأبدية" (6: 7و 8).
 
قديم 15 - 07 - 2015, 07:37 PM   رقم المشاركة : ( 8472 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

عدالـــة الله

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


سنبحث الآن موضوع عدالة الله وموقفه من الإنسان الخاطئ. ولا بد لنا من فهم هذا الموضوع فهما جيدا لنقدر أن نفهم جميع المواضيع المتعلقة بأمر خلاصنا من الخطية والتي سنبدأ بدراستها في الدروس المقبلة. لا نقدر أن نفهم موضوع الخلاص إن لم نعطِ موضوع عدالة الله المكان اللائق بها، لو لم نكن تحت لعنة الله كخطاة لما صار من اللازم إنقاذنا بواسطة نوم المسيح وقيامته من الأموات. وهنا نرى أيضا أهمية قبول جميع التعاليم المعلنة في الكتاب لأنها تشكل وحدة لا تتجزأ ولأنها ضرورية جدا لنظام الإيمان المسيحي المبني على وحي الله الخاص في كتابه المقدس.
لا يستطيع المرء إنكار هذه الحقيقة المختصة بالله تعالى: إنه له المجد عادل وقدوس وهو لا يترك الخطية(التي هي تمرد وعصيان على جلاله) بدون عقاب. هذا التعليم موجود في نواح عديدة من الكتاب وسنأتي الآن على ذكر بعضها لكي نتأكد في قرارة نفوسنا أن الخطية لا بد من أن تأتي بعقاب أو إن هذا العقاب لا يأتي بصورة آلية بل حسب مشيئة الله ومعرفته وقصده. و الطريقة الوحيدة للخلاص من عقاب الخطية هي في قبول دواء الله لمعالجتها وللتغلب عليها.
نقرأ في سفر الخروج (34: 5- 7) ما يلي: " فنـزل الرب في السحاب، فوقف عنده(أي عند موسى النبي) هناك ونادى باسم الرب: فاجتاز الرب قدامه ونادى الرب: الرب إله رحيم ورؤوف بطيء الغضب وكثير الإحسان والوفاء، حافظ الإحسان إلى ألوف، غافر الإثم والمعصية والخطية، ولكنه لن يُبرئ الأبناء في الجيل الثالث و الرابع"
لا ينكر الله ذاته ولا يتخلى عن صفاته الكاملة المقدسة ولذلك لا ينظر على المجرم ويعده بريئا. إن عدالته تتطلب قصاص ومعاقبة كل ثائر على إرادته السنية.
وقال النبي داود في المزمور الخامس عن هذا الموضوع:
" لأنك أنت لست إلها يُسرّ بالشر. لا يساكنك الشرير، لا يقف المفتخرون قدام عينيك. أَبْغَضْت كل فاعلي الإثم، تهلك المتكلمين بالكذب، رجل الدماء والغش يَكْرَهُه الرب" (4- 6)
وهذه كلمات الرب يسوع المسيح عن الخطاة الذين يستمرون في حياة الخطية ولا يقبلونه مخلصا لهم:
" وإن كان أحد يسمع كلماتي، ولا يحفظها فأنا لا أدينه لأني لم آت لأدين العالم بل لأخلص العالم. من ر ذلني ولم يقبل كلماتي فإن له من يدينه: الكلمة التي نطقت بها هي تدينه في اليوم الأخير" (12: 47و 48).
وفي سفر أيوب نقرأ بعض الآيات الكتابية التي تعلمنا أن حتى إنسان كأيوب الصديق كان يشعر في قراره في نفسه بأنه مذنب تجاه الله وبأنه هالك لا محالة إن لم يأت الله إلى معونته وانقاذه:
" فأجاب أيوب وقال: قد علمت أنه كذا. فكيف يتبرر الإنسان عند الله؟ إن شاء أن يُحاجَّه لا يجيبه عن واحد من ألف. هو حكيم القلب وشديد القوة. من تصلَّب عليه فَسَلِم؟ المُزحزح الجبال ول تعلم، الذي يقلبها في غضبه. المزعزع الأرض من مقرها فتتزلزل أعمدتها. الآمر الشمس فلا تشرق ويَختم على النجوم، الباسط السموات وحده والماشي على أعالي البحر. صانع النعش الجبار والثريا ومخادع الجنوب. فاعل عظائم لا تُفحص وعجائب لا تعد.
" هو ذا يَمُرُّ عليَّ ولا أراه ويجتاز فلا أشعر به. إذا خطف فمن يردّ ومن يقول له: ماذا تفعل؟ الله لا يرد غضبه، ينحني تحت أعوان رَهَب. كم بالأقل أنا أجاوبه واختار كلامي معه. لأني وإن تبررت لا أجاوب بل استرحم دَيَّاني. لم دعوت فاستجاب لي لما آمنت بأنه سمع صوتي. ذاك الذي يسحقني بالعاصفة ويُكثِر جروحي بلا سبب. لا يدعني آخذ نفسي ولكن يُشبعني مرائر. إن كان من جهة قوة القوي هاأنذا. وإن كان من جهة القضاء يقول من يحاكمني؟ إن تبررت يُحكم علي فمي وإن كنت كاملا يستذنبني" (9: 1- 20).
" أنا مستذنب فلماذا أتعب عبثا؟ ولو اغتسلت في الثلج ونظفت يدي بالأشنان فإنك في النقع تَغْمِسُني حتى تكرهني ثيابي. لأنه ليس هو إنسانا مثلي فأجاوبه فنأتي جميعا إلى المحاكمة، ليس بيننا مصالح يضع يده على كلينا. ليرفع عني عصاه ولا يبغتني رُعبه. إذا تكلم ولا أخافه لأني لست هكذا عند نفسي" (9: 29- 35).
هذا ما اختبره أيوب أثناء محنته التي ألمت به بعدما خسر ثروته وأولاده وصحته ولكنه علم في النهاية أن الله كان يمتحنه ويبرهن للشيطان أن الإنسان المؤمن بالله لا يقوم بذلك في سبيل الربح المادي بل لأنه يحب الله وينتظر المعونة إلا منه. وبرهن اختبار أيوب أن الإنسان مهما عمل وجاهد لا يقدر أن يبرر نفسه بنفسه وهذا هو أيضا اختبار كل مؤمن بالله. لا يقدر الإنسان أن يبرر نفسه لأنه مهما عمل يبقى في حمأة الخطية وفي جُب الهلاك. ولكننا نعلم أيضا من كلمة الله أن الخالق تعالى اسمه كان عالما منذ الأزل بما سيحل بالإنسان من دمار روحي ولذلك أعد العدة منذ الأزل ورسم خطة انقاذ البشرية من الخطية والموت وذلك بواسطة الابن الأقنوم الثاني في الثالوث الأقدس. ولكن إن شئنا أن نقدر ما قام به الابن في ملء الزمن أو أردنا أن نستفيد من هذا الخلاص العظيم الذي أتمه علينا قبل كل شيء أن نعرف عظم خطايانا وآثامنا العديدة. وفي القسم الثاني من دراستنا في تعاليم الكتاب سندرس كل ما يتعلق بموضوع خلاصنا من الخطية بواسطة المسيح.
 
قديم 15 - 07 - 2015, 07:38 PM   رقم المشاركة : ( 8473 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

إنقاذ الإنسان من الخطية
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


عندما ابتدأنا بدراستنا لتعاليم الكتاب المقدس رأينا أنه من واجب كل إنسان أن يرى عظم وفداحة خطاياه تلك الخطايا التي تأتي بالشقاء والتعاسة إلى حياته. ورأينا أنه من واجب الإنسان أن يحصل على تشخيص واقعي لحالته الروحية البائسة بواسطة تأمله في شريعة الله وفي صفات الله المعلنة لنا في كلمته وكذلك في حياة الرب يسوع المسيح الكاملة التي تظهر لنا مقدار الهوة السحيقة التي تفصل حياتنا عن حياته من الناحيتين الروحية والأخلاقية. وأخيرا وصلنا إلى القول أننا لا نستطيع أن نُقَدِّر الخلاص العظيم الذي يقدمه الله لنا مجانا في إنجيله إلا إذا كنا قد وصلنا إلى فهم حقيقي لعدالة الله وقانونه للحياة. تشكل كل الأمور الآنفة الذكر وحدة هامة في تعاليم الكتاب المقدس بخصوص حالة الإنسان الحاضرة ولكنها ليست إلا تمهيدية لأن التعاليم الكتابية لا تكتفي بإظهار شقائنا ولا تتركنا في وادي الظلام بل تنادي بإنقاذ عظيم وفعال قام به الله بواسطة ابنه الوحيد يسوع المسيح وهذا الإنقاذ هو أعظم خبر ونبأ جاء من السماء إلى هذه الأرض. هذا الخبر المفرح ليس إلا الإنجيل، البشارة السارة عن جميع التدابير الفعالة التي قام بها الله لإنقاذنا من براثن الخطية والشر ومن عبودية الشيطان. ولذلك فإن القسم الأعظم من دراستنا لتعاليم الكتاب المقدس سيكون عبارة عن دراسة نظامية ودقيقة لتعاليم كلمة الله بخصوص هذا الإنقاذ العظيم الذي أتمه الله والذي ينادي به الآن بواسطة أولئك الذين دعاهم ليقوموا بدور المعلنين أو المنادين بالإنجيل. ومع أنه هناك أمور عديدة في عالمنا لا بد من الوقوف عليها إلا أننا نقدر أن نعيش بدون معرفتها ولكن ليس هناك من إنسان عاقل يجب أن يعيش بدون أن يعرف كيفية الانعتاق من الخطية والتخلص من جميع عواقبها الوخيمة. ليكن شعارنا إذن ونحن نبدأ هذا القسم الهام من دروسنا في تعاليم الكتاب المقدس أن نطلب من الله تعالى أن يفتح قلوبنا لتقبل جميع ما كشفه في كلمته ولنؤمن بجميع مواعيده التي تفوق كل عقل.
ذكرنا في درسنا السابق أن الله عادل وأن ذلك يقتضي معاقبة الخاطئ. هذه حقيقة كتابية ولكننا عندما ذكرناها لم نكن بذلك قد ذكرنا جميع الحقائق المختصة بالله والمعلنة في وحيه. إن الله يكشف عن ذاته أي ظهر كإله محب لبني البشر، كإله لم يترك الإنسانية تجني ثمار ثروتها ولذلك لم ينقطع عن البحث عن الإنسان الضال والطلب منه بالرجوع إليه والتوبة توبة حقيقية. ما أكثر تعاليم الكتاب التي تظهر لنا أن خالقنا إله رؤوف لا يسر بموت الخاطئ الروحي بل بعودته إليه وبنجاته من حياة الظلمة واليأس. فمن المهم جدا أن نكون فكرة متزنة عن صفات الله لئلا نكون من الخاسرين عندما نكتفي بصفة واحدة ونجعلها وكأنها الحقيقة بكاملها عن الله. الله عادل ولكنه رحوم ورؤوف وهو يظهر لنا في كلمته وهو يجدّ في البحث عن المخلوقات التائهة في صحاري الحياة ويعمل كل ما يلزم لإنقاذها من براثن الدمار والهلاك الأبديين.
نقتبس الآن بعض الآيات الكتابية التي تعلمنا بكل وضوح أن الله يبحث عن الخاطئ ويقدم له الخلاص مجانا:
ففي نبوة أشعياء يقول الله: " أصغيت إلى الذين لم يسألوا، وجدت من الذين لم يطلبونني. قلت هاأنذا، هاأنذا لأمة لم تُسَمَّ باسمي" (65: 1).
وفي سفر رؤيا يوحنا نسمع الرب يسوع المسيح وهو يقول:
" هاأنذا واقف على الباب وأقرع فإن سمع أحد صوتي وفتح الباب أدخل إليه وأتعشى معه وهو معي. من يغلب فإني أعطيه أن يجلس معي على عرشي كما غلبت أنا أيضا وجلست مع أبي على عرشه. من له أُذن فليسمع ما يقوله الروح للكنائس" (3: 20- 22).
وعندما انتقد أعداء الرب يسوع المسيح المخلص لأنه ذهب ليأكل في بيت زكا العشار أجاب وقال عن هدف رسالته الأول: " فإن ابن الإنسان قد جاء ليطلب ويخلص ما قد هلك" (الإنجيل حسب لوقا 19: 10).
فالسبب الرئيسي لمجيء السيد المسيح إلى العالم كان للبحث عن الخطأة ولإنقاذهم من براثن الموت. وقد ضرب له المجد العديد من الأمثال لتعليم الناس هذه الحقيقة ومن هذه الأمثال ما يلي وهي واردة في الفصل الخامس عشر من الإنجيل حسب لوقا:
" وكان جميع جباة الضرائب والخطاة يدنون منه ليسمعوه فتذمر الفريسيون والكتبة قائلين: هذا يقبل خطاة ويأكل معهم.
" فخاطبهم بهذا المثل قائلا: أي إنسان منكم له مئة خروف وأضاع واحدا منها لا يترك التسعة والتسعين في البرية ويذهب وراء الضال حتى يجده؟ وإذا وجده فإنه يحمله على منكبيه فرحا، وحين يأتي إلى بيته يدعو الأصدقاء والجيران قائلا لهم: افرحوا معي فإني قد وجدت خروفي الضال. أقول لكم أنه هكذا يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب أكثر مما يكون بتسعة وتسعين صديقا لا يحتاجون إلى التوبة.
" أم أية امرأة يكون لها عشرة دراهم إن أضاعت درهما واحدا لا توقد سراجا وتكنس البيت وتبحث باجتهاد حتى تجده؟ فإذا وجدته دعت الصديقات والجارات قائلة: افرحن معي فغني قد وجدت الدرهم الذي أضعت. فأقول لكم أنه هكذا يكون فرح عند ملائكة الله بخاطئ واحد يتوب" (1- 10).
نشكر الله لأن كلمته تكشف عنه كإله عادل ومحب إله لا يرغب في موت الخاطئ بل يعمل كل شيء لإنقاذه من شره وخطيته. لنؤمن إذن من قراره نفوسنا بخبر الإنجيل المفرح ولنقبل بفرح وامتنان خلاص الرب العظيم المقدَّم لنا مجانا في المناداة بالإنجيل.
 
قديم 15 - 07 - 2015, 07:41 PM   رقم المشاركة : ( 8474 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

المخلص من الخطية

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


ابتدأنا في درسنا السابق بدراسة موضوع الخلاص من الخطية، ذلك الموضوع الذي يشغل القسم الأعظم من وحي الله المدون في كتابه المقدس. ورأينا أن الله هو الذي يجدُّ باحثا عن بني البشر، طالبا منهم العودة إليه، وأنه لولا رغبة الله الصادقة في رجوع الخاطئ إليه لما كان هناك موضوع خلاص أو انقاذ ولما كان هناك انجيل أو خبر مفرح.
وهنا لا بد لنا من السؤال: إن كنا بعصياننا على الله وبثورتنا على مشيئته المقدسة قد جلبنا على أنفسنا الشقاء والدمار فكيف يجري إصلاح الإنسان وإعادة الحياة الروحية إليه؟ كيف يمكن أن نكفر عن خطايانا ونرضي مطاليب العدل الإلهي؟ يعلمنا الكتاب بكل وضوح بأنه من واجبنا أن لا نتجاهل مطاليب العدل الإلهي. وأول ما يخطر على بالنا هو هذا السؤال: هل نقدر أن نرضي العدالة الإلهية بأنفسنا؟ هل يمكن لنا – نحن الأثمة الخطاة- أن نبرر أنفسنا أمام المحكمة الإلهية؟ جواب الكتاب المقدس هو بالنفي. لا يقد الإنسان أن يرضي عدالة الله بجهوده الخاصة لأنه مهما عمل وجاهد لا يقدر أن يتخلص من خطيته بنفسه بل إن ذنوبه تزداد يوميا. وكما قال أيوب الصديق:
" كيف يتبرر الإنسان عند الله؟ إن شاء أن يحاجه لا يجيبه عن واحد من ألف" (9: 2و 3).
هل هناك مخلوق يقدر أن يقوم بحمل عبء خطايانا إلى أي مخلوق فأين هو ذلك المخلوق الذي يقدر أن يحمل عبء غضب الله على الخطية أو أن ينقذ الناس من عواقبها؟ وكما قال صاحب المزمور ال130:
" إن كنت تراقب الآثام يارب، يا سيد فمن يقف؟" (3) وكذلك صاحب المزمور ال49:
" الخ لن يفدي الإنسان فداء ولا يعطي الله كفارة عنه" (عد 7).
من هو الذي يقدر أن ينقذنا من خطايانا ويكفر عن آثامنا ويرضي عدالة الله؟ جواب الكتاب هو أن المسيح يسوع هو ذلك المخلص الذي ترنو إليه كل نفس والذي يحتاجه كل بشري، لأنه له المجد في أقنوم واحد إله وإنسان وهو الوحيد القادر أن يقوم بعمل إنقاذي حاسم لمصلحة الإنسان المستَعبد في ظلام الخطية والموت. نورد بعض الشواهد الكتابية التي ترينا بكل جلاء أن المسيح هو المخلص المعين من قبل الله والذي يحتاجه بنو آدم وأنه يتمتع بجميع الشروط التي يجب أن تتوفر في مخلص البشرية من داء الخطية المميت.
كون المسيح إنسانا كاملا وهكذا قادرا أن يمثل البشرية أمام الله ظاهر من التعليم الآتي الوارد في رسالة بولس الرسول الأولى إلى تيموثاوس:
" لأن هناك إلها واحدا ووسيطا واحد بين الله والناس وهو الإنسان المسيح يسوع، الذي بذل نفسه فداء عن الجميع" (2: 5و 6).
وكون المسيح يسوع بارا وكاملا يرى في التعليم الكتابي المقتبس من رسالة بطرس الرسول الأولى:
" فإن المسيح أيضا تألم مرة واحدة من أجل الخطايا، تألم البار عن الأثمة، ليقربنا إلى الله، إذ أميت في الجسد ولكن أحيي في الروح" (3: 18).
وقد تنبأ أشعياء عن آلام المسيح من أجل انقاذ المؤمنين به قائلا:
" ظلم أما هو فتذلل ولم يفتح فاه، كشاهٍ تسلق إلى الذبح وكنعجة صامتة أمام جازّيها فلم يفتح فاه. مِنَ الضغطة ومن الدينونة أُخذ. وفي جيله من كان يظن أنه قطع من أرض الأحياء، إنه ضُرب من أجل ذنب شعبي. وَجُعل مع الشرار قبره ومع غني عند موته. على أنه لم يعمل ظلما، ولم يكن في فمه غش.
" أما الرب فسُرَّ بأن يسحقه بالحزن. أن جعل نفسه ذبيحة إثم يرى نسلا تطول أيامه ومسرة الرب بيده تنجح. من تعب نفسه يرى ويشبع. وعبدي البار بمعرفته يبرر كثيرين، وآثامهم هو يحملها. لذلك أقسم له بين الأعزاء ومع العظماء يقسم غنيمة. من أجل أنه سكب للموت نفسه، وأحصي مع أثمة. وهو حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين" (53: 7- 12).
وكون المسيح ذات طبيعة إلهية ظاهر في الكتاب ونكتفي باقتباس هذه الشواهد الكتابية التالية:
" فإنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكحون له الحياة الأبدية " (الانجيل حسب يوحنا 3: 16).
" في البدء كان الكلمة والكلمة كانت عند الله، وكان الكلمة الله" (الانجيل حسب يوحنا 1: 1).
" الذي كان من البدء، الذي سمعناه، الذي رأيناه بعيوننا، الذي تأملناه ولمسته أيدينا، من جهة كلمة الحياة، فإن الحياة قد ظهرت ورأيناه ونشهد لها ونبشركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وظهرت لنا- إن الذي رأيناه وسمعناه نبشركم به لتكون لكم أنتم أيضا شركة معنا، وشركتنا نحن إنما هي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح، ونكتب إليكم بهذا ليكون فرحنا كاملا " (رسالة يوحنا الرسول الأولى 1: 1- 4).
وهكذا نرى أن الله من فرط محبته العظمى لنا نحن البشر ينظر إلينا نظرة العطف ويعطينا نعمته الخلاصية بواسطة يسوع المسيح آخذا عنا حمل الخطية والموت إيانا قلبا جديدا وروحا جديدا، وكل ما قام به من أعمال خلاصية نحصل عليها نظرا لرحمو الله ومحبته اللامتناهية. ومهما عملنا وجاهدنا فإننا لا نقدر بأن نقوم بأي عمل يكون الأساس لخلاصنا. كل خلاصنا من أوله إلى آخره هو من الله. كما كتب الرسول بولس الرسول في رسالته إلى أهل أفسس:
" ولكن الله الذي هو غني في الرحمة، من أجل محبته الكثيرة التي أحبنا بها، حتى حين كنا أمواتا بالذنوب أحيانا مع المسيح، فبالنعمة أنتم مخلصون" (2: 4و 5).
وهكذا إن أخذنا جميع هذه الأمور الواردة على صفات كتاب الله المقدس بعين الاعتبار لا بد لنا من القول أن الخلاص من الخطية أمر واضح الآن وأنه يتم بواسطة المسيح يسوع وأنه لا داعٍ لأي ما بان يموت في خطاياه بعد أن يسمع بهذا الخبر المسر. وكما قال بطرس الرسول لرؤساء الدين الذين كانوا يودون منعه عن المناداة بالإنجيل: " وليس بأحد غيره الخلاص لأنه ليس اسم آخر تحت السماء قد أعطي للناس به ينبغي أن نخلص " (أعمال الرسل 4: 2).
 
قديم 15 - 07 - 2015, 07:43 PM   رقم المشاركة : ( 8475 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

كلمة الله وشهادة الكتاب المقدس
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
رأينا أن الإنسان الذي هو عاجز الآن عن عمل أي شيء لإنقاذ نفسه من حمأة الشر يقدران يخلص من ذلك بإيمانه بيسوع المسيح وبما قام به على الصليب. وهذه الكلمات لها أهمية عظمى إذ أننا لا نتكلم عن مصير الإنسان الأرضي بلف الأبدي، إننا لا نبحث في أمور هذه الحياة فقط بل في أمور الحياة الآتية. مجرد أقوال بشرية لا تكفي لجلب الطمأنينة إلى قلوبنا مهما كانت هذه الكلمات عذبة وشاقة. وهكذا عندما نسمع عن موضوع الخلاص لا بد لنا من السؤال:
كيف نعلم أن هذه التعاليم هي الصحيحة؟ كيف نعرف أن الله يحبنا ونحن نعلم أننا قد تعدينا على وصاياه وأحكامه وأننا نهرب منه بصورة دائمة حسب طبيعتنا البشرية الحالية ؟ على أي أساس نقول أن الإنسان يخلص بمجرد إيمانه بالمسيح واتكاله عليه فقط؟ هذه المواضيع ذات أهمية كبرى وعلينا أن نجيب عليها بصراحة لئلا نكون ناشرين لأمور غير حقيقية.
تكلم الله ذاته ولا يزال يتكلم معنا بواسطة كلمته التي لا تتغير والتي لا يمكن الطعن فيها لأنها منـزهة عن الخطأ وكلمة الله هذه هي أسفار الكتاب المقدس بجزئيه المعروفين عادة بالعهد القديم والعهد الجديد. فلدى قراءتنا لأسفار الكتاب نلاحظ توا آباء وأنبياء العهد القديم انتظروا مجيء المخلص تنبؤوا عنه: نجد شهادة هؤلاء في أسفار العهد القديم. أما الرسل فإنهم عرفوا المسيح وشاهدوه بأعينهم وعاشوا معه وشهادتهم تُكَوِّنُ أسفار العهد الجديد المُسَمَّى أحيانا باسم الانجيل. وهكذا نفهم لماذا قال الرسول بولس في افتتاحية الرسالة إلى رومية:
" من بولس عبد يسوع المسيح، المدعو ليكون رسولا، المُفْرَز لانجيل الله، هذا الانجيل الذي وعد الله به من قبل على لسان أنبيائه في الكتب المقدسة، عن ابنه الذي ولد بحسب الجسد من ذرية داود، وأعلن أنه ابن الله، بقوة بحسب روح القداسة، بالقيامة من بين الأموات".
يؤكد المنادي بالإنجيل صحة رسالته ومصدره الإلهي لأنه يجده مدونا في كتاب الله. والذين كانوا رسلا للمسيح وأقنية للوحي الإلهي كتبوا لا من قبل أنفسهم بل لأن روح الله لقدوس دفعهم للقيام بذلك لكي يكون هناك مرجعا أكيدا يمكن الركون إليه بخصوص جميع الأعمال الخلاصية التي قام بها الله من أجل إنقاذ العالم. لولا وجود هذا المرجع المعصوم عن الخطأ، لولا وجود الكتاب المقدس لما كان بالإمكان التمييز بين الحقيقة والخيال، بين تعاليم الله وتعاليم الإنسان.
كتب الرسول يوحنا في رسالته الأولى قائلا عن السيد المسيح:
" الذي كان من البدء، الذي سمعناه، الذي رأيناه بعيوننا، الذي تأملناه ولمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة، فإن الحياة قد ظهرت ورأيناها ونشهد لها ونبشركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وظهرت لنا- إن الذي رأيناه وسمعناه نبشركم به ليكون لكم أيضا شركة معنا، وشركتنا نحن إنما هي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح" (1: 1- 3).
وكذلك كتب الرسول بطرس في رسالته الثانية عن موضوع الإنجيل والخلاص الذي أعده الله وأتمه في يسوع المسيح في ملء الزمن، قائلا:
" فإننا لم نتبع خُرافات مُصنعة إذ أعلمناكم بقوة ربنا يسوع المسيح ومجيئه، بل كنا معاينين جلاله، فإنه أخذ من الله الآب الكرامة والمجد إذ جاءه من المجد الأسمى صوت يقول له: هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت.
" وقد سمعنا نحن هذا الصوت آتيا من السماء حين كنا معه في الجبل المقدس. وعندنا الكلمة النبوية وهي أثبت، وتفعلون حسنا إن انتبهتم إليها كما لو كان إلى سراج يُنير في قلوبكم، عالمين قبل كل شيء إنه ما من نبوة في الكتاب بتفسير يقوم على فرد بذاته. لأنه لم تأت نبوة قط عن إرادة بشر، بل تكلم رجال الله القديسون بالهام الروح القدس " (1: 16- 21).
لابد لنا أننا لاحظنا من كلمات بطرس هذه إن الله الذي بكل شيء لتتميم خلاصنا من الخطية والموت الأبدي لم يترك أخبار هذا الخلاص بدون أن تدون بل قاد أنبياءه ورسله في العهدين القديم والجديد ليكتبوا كل شيء بالهام ووحي الروح القدس. وهكذا فإن ما ننادي به ليس عبارة عن خرافات مُصنعة أو أدوية مُخدِّرة. شاء الله تعالى ودوَّن جميع هذه الأمور في كتابه المقدس. فالمرجع النهائي هو هذا الكتاب الذي يخضع له كل مؤمن وكل كنيسة أمينة لله.
نظرا لمركز الكتاب الفريد في عالم الروح والفكر والخلاص لابد لنا من الاستنتاج إنه يجدر بكل إنسان أن يقبل الكتاب المقدس وتعاليمه المنعشة بقلب صادق وأن يتيقن كل قارئ لأسفار الكتاب إن الله ذاته يتكلم معه ويريه طريق الحياة والانتصار على الشر. وهكذا يعترف كل مؤمن بفمه ويقر من قلبه مع الرسول بولس الرسول قائلا:
" فإن الكتاب كله أوحى به الله وهو مفيد للتعليم وللتوبيخ وللتقويم وللتهذيب الذي في البر، لكي يكون إنسان الله كاملا متأهبا لكل عمل صالح" (الرسالة الثانية إلى تيموثاوس 3: 16).
تمّ الخلاص بمجيء السيد المسيح إلى العالم والكتاب المقدس يشهد عن هذا العمل الحاسم الذي قام به له المجد في وسط العالم والتاريخ. لكن هل نعني بأن كل إنسان هو خالص الآن في المسيح كما أن كل إنسان هو هالك في آدم؟ جواب الكتاب صريح جدا: يَخْلُص الإنسان إن آمن بالمسيح يسوع وإن وثق ثقة تامة بما به السيد له المجد على الصليب. وهذا لا يحدث ولا يتم إلا إذا تغير الإنسان وولد من جديد.
 
قديم 17 - 07 - 2015, 06:57 PM   رقم المشاركة : ( 8476 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

كلمة الله والولادة الثانية

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الخلاص الذي أتمه السيد المسيح لا ينفع الإنسان إلا إذا آمن الإنسان بالمسيح. وبعبارة أخرى لا يقدر أي شخص أن يستنتج بأنه خالص بمجرد معرفته أن يسوع المسيح هو مخلص العالم. على كل شخص أن يؤمن شخصيا بجميع مواعيد الله وأن يؤمن من قرارة قلبه أن يسوع المسيح هو مخلصه الشخصي ليقدر أن يَعُد نفسه خالصا بالحقيقة. لا نقدر أن نشدد كثيرا على هذا الأمر: الخلاص من الخطية وبواسطة السيد المسيح هو أمر شخصي. ومجرد ولادة إنسان في بيت مؤمن لا يعني أن ذلك الإنسان قد تخلص آليا من نتائج الخطية التي ارتكبها آدم والتي ورثها عنه ثانية أو ولادة سماوية ليستفيد من الخلاص المقدم مجانا في الإنجيل.
كون الخلاص الذي أتمه السيد المسيح لجميع العالم أمر لا يُنكر ولكن هذا لا يعني أن الجميع يَخلصون. كلنا منحدرون من آدم وحواء وهكذا جميعنا أخطأنا في آدم وجميعنا تحت غضب الله وذوي طبيعة بشرية ساقطة أي دائمة الميل نحو الشر. ولكن علاقتنا بآدم الثاني أي بالسيد المسيح ليست علاقة جسدية بل روحية ولا تتم بشكل وراثي بل بالإيمان. ولَم يتردد الرب يسوع المسيح عن التشديد على أهمية الإيمان به كشرط أساسي لنيل الحياة الأبدية. فلقد قال لتلاميذه ولسائر المؤمنين به عبر العصور ما يلي:
" أثبتوا فيَّ وأنا فيكم. كما أن الغصن لا يستطيع أن يأتي بثمر بذاته إن لم يثبت في الكرمة، كذلك أنتم أيضا إن لم تثبتوا فيَّ. أنا الكرمة وأنتم الأغصان. فإنكم بدوني لا تستطيعون أن تفعلوا شيئا" (الإنجيل حسب يوحنا 15: 4و 5).
وهذا الثبات الذي يتطلبه منا الرب يسوع لا يتم بدون الإيمان الحي الفعَّال.
وقد ذكر الرسول يوحنا في مقدّمة الإنجيل عن موضوعنا هذه المبادئ الهامة:
" أما جميع الذين قبلوه فقد أعطاهم سلطانا أن يصيروا أبناء الله، وهم الذين يؤمنون باسمه، الذين لم يولدوا من دم، ولا من مشيئة رجل، بل من الله. (1: 12و 13).
وقبل أن يذكر هذا الأمر كان يوحنا قد كتب قائلا:
" لقد كان في العالم، والعالم به كُوِّنَ والعالم لم يعرفه إلى خاصته جاء، ومن كانوا خاصته لم يقبلوه" (1: 10و 11).
فقول الرسول يوحنا هذه الكلمات المحزنة إنما يشير إلى أن المسيح يسوع مع كونه مخلص العالم إلا أن أكثرية العالم لم يعرفه وخاصته أي بنو جنسه- حسب الجسد- رفضوه في غالبيتهم. أفلا نكون محقين في الاستنتاج بأن الرسول يُحذِّرنا ويرينا بأن الخالصين هم أولئك الذين يقبلون المسيح بإيمان صادق لأنهم إذ ذاك يُعطون القوة والصلاحية بأن يَصيروا أولاد الله؟
وهذا الانقلاب التام في حياة الإنسان يحدث أن اختبر الإنسان ما دعاه السيد المسيح بالولادة الثانية. بدون هذا الاختبار لا يستفيد الإنسان مطلقا من عمل المسيح الخلاصي. وهذا ما حدث بالرب يسوع له المجد أن يقول لنيقوديموس وهو أحد رؤساء اليهود الدينيين في أيامه:
" الحق الحق أقول لك: إن لم يولد أحد من فوق، لا يقدر أن يُعاين ملكوت الله. قال له نيقوديموس: كيف يمكن الإنسان أن يولد وهو شيخ؟ ألعله يقدر أن يدخل بطن أمه ثانية ويولد؟ أجاب يسوع: الحق الحق أقول لك: إن لم يولد أحد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله. إن المولود من الجسد هو جسد والمولود من الروح هو روح. فلا تَعْجَب إن قلت لك: إنه ينبغي أن تولدوا من فوق. إن الريح تهب حيث تشاء، وتسمع صوتها، ولكنك لا تعلم من أين تأتي ولا إلى أين تذهب. فهكذا كل من وُلِد من الروح" (الإنجيل حسب يوحنا 3: 3- 8).
يبدأ الإنسان بواسطة هذه الولادة الثانية الروحية باسترجاع صورة الله الأصلية التي خسرها عندما سقط في آدم. يعلِّمنا الكتاب في سفر التكوين إن الله خلق الإنسان على صورته وشبهه أي إنه كان هناك شبه بين الله والإنسان إذ أن الله وضع في الإنسان بعض صفاته، جاعلا منه تاج الخليقة. ولكنه عندما ثار الإنسان على الله أصبحت صورة الله فيه مُشوهة إلى درجة كبيرة حتى أننا نقدر أن نقول أنه خسرها. صار الإنسان يعمل على تقليد الشيطان في ثورته على الخالق.الولادة الثانية هي المرحلة الأولى والأساسية لرجوع الإنسان من الطريق المؤدي إلى الجحيم للسير على الطريق إلى النعيم. وكما قال الرسول بهذا الصدد في رسالته إلى أفسس:
" وأما أنتم... تَعَلَّمتم أن تنـزعوا عنكم المتصل بتصرفكم السابق، الإنسان العتيق الفاسد بشهوات الغرور، وإن تتجددوا بروح ذهنكم، وتلبسوا الإنسان الجديد المخلوق على مثال الله في البر وقداسة الحق" (4: 20- 24).
ولا بد لنا من ذكر علاقة الولادة الثانية بكلمة الله. سقط آدم وحواء في الخطية لأنهما لم يؤمنا بكلمة الله التي استلماها من الخالق بصورة مباشرة ولأنهما صدقا كلمة الشيطان. فكل نتائج الخطية الأصلية وكل الخطايا تنتج إذن عن عدم الإيمان بالله وعن تصديق كلمات الشيطان. وهذا الوضع المؤلم لا يُقلَب من الناحية العملية إلا إذا آمن الإنسان بالله وبكلمته المقدسة. تُعطينا الولادة الثانية المقدرة على السير على طريق الإيمان ولابد لنا إذن أثناء حياتنا بعد التجديد من أن مستمر في الإيمان بكل ما أوحى به الله أي بالكتاب المقدس. وجود الحياة الجديدة بدون إيمان بكلمة الله أمر مستحيل لأننا في الدقيقة التي نمتنع بها عن الإيمان بالله وبكلمته نكون سائرين من جديد على طريق الحياة القديمة التي تَخَلَّصنا منها بواسطة الولادة الثانية.
 
قديم 17 - 07 - 2015, 06:58 PM   رقم المشاركة : ( 8477 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الإيمان الكتابي

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


تعلمنا حتى الآن إن الخلاص العظيم الذي أتمه السيد المسيح إنما هو خلاص مجاني وإن الإنسان يحصل عليه بالإيمان. وكذلك رأينا أن التأكد من صحة هذه التعاليم لا يتم بدون الرجوع إلى كلمة الله أي إلى الكتاب المقدس. وتعلمنا أن الإنسان يحتاج إلى تغيير شامل في حياته، تغيير هكذا كبير حتى أن الكتاب يدعوه بالولادة الجديدة أو الثانية أو السماوية. ونظرا لأهمية موضوع الإيمان لابد لنا من معالجته بصورة مطولة.
أول ما يخطر على بالنا عندما نتكلم عن موضوع الخلاص هو كيف يمكن لي أنا الإنسان أن أحصل على هذا الخلاص الذي يقدمه إليَّ الله في إنجيله؟ هل عليَّ القيام بأعمال البطولة أو الحياة حياة التقشف لنيل هذا الخلاص؟ جواب الكلمة الإلهية هو: يحصل الإنسان على الخلاص بواسطة الإيمان بنعمة مخلصنا يسوع المسيح. وهذه هي بعض الشواهد الكتابية التي تَدْعم هذه العقيدة، عقيدة الخلاص المجاني بنعمة السيد المسيح وبواسطة الإيمان:
" فاعملوا لا للطعام الذي يبيد بل للطعام الذي يبقى للحياة الأبدية الذي يعطيه لكم ابن الإنسان، لأن هذا هو الذي ختمه الآب، الله. فقالوا له: ماذا علينا أن نصنع حتى نعمل أعمال الله؟ أجاب يسوع وقال لهم: هذا هو عمل الله: أن تؤمنوا بالذي أرسله هو" (الإنجيل حسب يوحنا 6: 27و 28).
وكتب الرسول بولس عن هذا الموضوع في رسالته إلى أهل أفسس قائلا:
" فإنكم بالنعمة مُخَلصون، بواسطة الإيمان، وهذا ليس منكم، بل هو عطية الله، وليس هو بالأعمال كي لا يفتخر أحد" (2: 8و 9).
وقد قال يوحنا المعمدان لتلاميذه عن هذا الموضوع:
" فمن يؤمن بالابن فله الحياة الأبدية ومن لا يطيع الابن فلن يرى الحياة بل يستقر عليه غضب الله" (الإنجيل حسب يوحنا 3: 36).
ونظرا لأهمية موضوع الإيمان الخلاصي لبد من البحث في تعاليم الكتاب المقدس التي بمجموعها تُعطينا التعريف الكتابي للإيمان أي ذلك الإيمان الذي بواسطته يحصل الإنسان على الخلاص. وهذا هو التعريف الذي نصل إليه والذي سندعمه بآيات كتابية:
" ما هو الإيمان الصحيح الذي يُخلّص الإنسان؟ الإيمان الصحيح هو :
أولا: المعرفة الأكيدة والثابتة والتي بواسطتها أَعُدُّ صحيحا وحقيقيا كل ما أوحاه لنا الله في كتابه المقدس.
ثانيا: الثقة القلبية التي يوجدها فيَّ الروح القدس بواسطة الإنجيل والتي تؤكد لي بصورة شخصية بأن الله يود إعطائي أنا وليس فقط للآخرين غفران خطاياي والبر والسعادة الأبدية، وذلك فقط لنعمة واستحقاقات السيد المسيح له المجد.
المعرفة الحقيقية هي غير كافية كما كتب يعقوب الرسول:
" أنت تؤمن أن الله واحد فَنِعِم ما تفعل، والشياطين يؤمنون أيضا ويرتعدون" (2: 19).
وكون الإيمان الصحيح الخلاصي أكثر من معرفة عقلية نراه من تأملنا في الآيات الكتابية التالية:
" فأجاب يسوع وقال له: طوبى لك يا سمعان بن يونا فإن اللحم والدم لم يكشفا لك هذا، بل أبي الذي في السموات" (الإنجيل حسب متى 16: 17).
وكتب الرسول بولس: " فإني لست أستحي بالإنجيل لأنه قوة الله لخلاص كل من يؤمن، لليهودي أولا ثم لليوناني لأن بر الله معلن فيه بإيمان إلى إيمان، كما هو مكتوب: أما البار بالإيمان فيحيا" ( رومية 1: 16- 17).
وكذلك كتب الرسول في رسالته إلى رومية: " فالإيمان إذن من الخبر والخبر بالمناداة بكلمة المسيح" (10: 17).
وفي رسالته إلى أهل أفسس كتب الرسول عن الخلاص قائلا:
" حتى حين كنا أمواتا بالذنوب أحيانا مع المسيح، فبالنعمة أنتم مُخلصون، وأقامنا معه وأجلسنا معه في علياء السموات في المسيح يسوع، لِيُظْهِر في الدهور الآتية غِنى نعمته الفائق باللطف بنا، في المسيح يسوع" (2: 5- 7).
أما في رسالته إلى غلاطية فإن بولس كتب عن موضوعنا قائلا:
" فإذا علمنا أن الإنسان لا يبرَّر بأعمال الناموس بل بالإيمان بالمسيح يسوع، آمنا نحن أيضا بالمسيح يسوع لكي نبرر بالإيمان بالمسيح، لا بأعمال الناموس، لأنه بأعمال الناموس لا يبرر بشر ما " (2: 16).
ماذا يلزمنا للحصول على ثقة حقيقية بالله وعلى الخلاص الذي أعده للعالم؟ نستخلص من تعاليم الكتاب أنه يكفينا أن نصل إلى معرفة الله معرفة اختبارية كما نجدها في يسوع المسيح الذي يُظهر لنا أن الله هو أبونا السماوي ومنقذنا من الخطية.
" وهذه هي الحياة الأبدية: إن يعرفونك أنت الإله الحقيقي الوحيد ويسوع المسيح الذي أرسله" (الإنجيل حسب يوحنا 17: 3).
والأمور الرئيسية التي يجب علينا أن نؤمن بها هي واردة في كلمة الله المقدسة وقد لُخِّصت في قانون الإيمان. وهذه محتويات هذا القانون المبني على تعاليم الوحي:
" أؤمن بإله واحد آب ضابط الكل الخالق السماء والأرض وكل ما يرى وما لا يرى. وبرب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد، المولود من الآب قبل كل الدهور، إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق، مساو الآب في الجوهر الذي به كان كل شيء، الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نـزل من السماء وتجسد بالروح القدس ومن مريم العذراء وصار إنسانا وصُلِب أيضا عنا على عهد بيلاطس البنطي تألم وقبر، وقام في اليوم الثالث كما في الكتب، وصعد إلى السماء وجلس عن يمين الآب، وسيأتي بمجد ليدين الأحياء والأموات الذي ليس لملكه انقضاء.
وأؤمن بالروح القدس الرب المحيي المنبثق من الآب والابن الذي هو مع الآب والابن يُسجد له ويُمجد، الناطق بالأنبياء. وأؤمن بكنيسة واحدة مقدسة جامعة ورسولية واعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا وأترجى قيامة الموتى والحياة في الدهر الآتي، آمين".
 
قديم 17 - 07 - 2015, 06:59 PM   رقم المشاركة : ( 8478 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الإيمان الكتابي

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



تعلمنا في درسنا السابق ما يلي عن الإيمان المسيحي: هذا الإيمان مبني على تعاليم الكتاب المقدس الذي هو كلمة الله وأن الله يَعد الإنسان بارا إن آمن بمن أرسله ليكون مخلص العالم. ورأينا أيضا أهمية الوصول إلى تعريف كتابي لهذا الإيمان الذي بواسطته يَخلص الإنسان. ووصلنا إلى القول بأن الإيمان يتضمن المعرفة الأكيدة لما أوحاه الله في كتابه والتأكد بشكل شخصي أن الله لا يقدم الخلاص بصورة فقط بشكل عام بل يود أن يُنقذني أنا الخاطئ بصورة فردية. ولم يتسع لنا المجال للبحث بصورة كافية في النقاط التي ألمحنا إليها ولذلك نعود الآن إلى الموضوع ذاته ونبحث في بعض الأمور التي ذكرناها في دراستنا السابق عن الإيمان.
عندما عرّفنا أو حدّدنا الإيمان الصحيح ذكرنا أولا: ضرورة معرفة الله. من البديهي أننا لا نقدر أن نحب الله أو نخدمه ونعبده كما يجب إن لم نكن قد حصلنا على معرفة صحيحة عنه مبنية على الوحي. ولذلك يجب علينا أن نصل إلى معرفة الله كما كشف عن ذاته في الكتاب المقدس.
وما أن نذكر أهمية المعرفة الصحيحة حتى يتوجب علينا أن نذكر أن المعرفة التي نشير إليها ليست كافية بحد ذاتها. فإنه يمكنني أن أصل إلى معرفة كل شيء قام به الله عبر التاريخ البشري وكذلك معرفة كلمته غيبا بدون أن أكون قد حصلت على الإيمان الذي يُنقذني من الخطية ومن عواقبها المخية. إن اكتفيت بالمعرفة العقلية- وإن كانت تلك المعرفة صحيحة ومنطبقة على الوحي الإلهي الوارد في الكتاب- فإن معرفتي هذه لا تكون إلا عبارة عن نِظام فلسفي أو حكمة عقلية. المعرفة الخلاصية هي المعرفة التي يمكن بأن تُصَف كمعرفة حيوية، كمعرفة عملية اختبارية لا معرفة نظرية مجردة. إني لا أكون خالصا إن كنت فقط أعتقد بأن الله هو الآب وإن المسيح هو مخلص العالم. إن أردت أن أكون من الخالصين عليَّ أن أؤمن إيمانا شخصيا بأن الله هو أبي السماوي وإن المسيح يسوع هو مخلصي أنا. في جميع أمور الإيمان المسيحي عليَّ أن أذكر أهمية الحصول على مواعيد الله بشكل شخصي.
وهكذا يتوجب على كل واحد منا أن يطرح على نفسه هذه الأسئلة:
هل أبذل جهدا كافيا للوصول إلى المعرفة الصحيحة المختصة بالله والتي أوحتها تعالى في كتابه المقدس؟ القيام بذلك إنما يتطلب مني جهدا كبيرا ومتواصلا ومن البديهي إنني لا أقدر أن أقول إني أؤمن بما كشف عنه الله إن لم أكن قد حصلت على معرفة كافية لذلك الوحي.
وعندما نتكلم عن معرفة الله علينا أن نرى توا أنه من واجبنا الحصول على هذه المعرفة لمجد الله ولكي نستطيع أن نخدمه كما يجب. وإذا ما وصلنا إلى معرفة الله الخلاصية فإننا نكون في نفس الوقت قد وصلنا إلى مصدر ومنبع الحياة والتوازن العقلي والروحي. يمكننا الإيمان من إيجاد ذلك الوئام والتجانس مع قوانين الحياة التي هي من وضع الله تعالى.
نصل بالإيمان الخلاصي إلى استعمال الهبات التي منحنا إياها الله بأحسن صورة. نقرأ الكتاب المقدس ونخضع لجميع الأوامر الإلهية الواردة فيه فنشعر بقوة جديدة تنبعث في حياتنا ونقد أن نجد الوقت الكافي لتغذية حياتنا الروحية بالرغم من كثرة وصعوبة أشغالنا اليومية. معرفة الله إذن والنمو في هذه المعرفة هي قضية إيمان وهذا الإيمان يفرض أمرين: أن نجد في سبيل غايتنا وإن نثابر على جَدِّنا.
وقبل البدء في بحثنا المطول في محتويات الإيمان المسيحي الكتابي علينا أن نلاحظ بأن هذه المعرفة التي يتكلم عنها الكتاب المقدس بخصوص الإله المثلث الأقانيم ليست عبارة عن نظرية عقلية مجردة. إنها أسمى من أن تخضع لأي تحليل عقلي بشري لأنها على مستوى يفوق العقل البشري بشكل تام. ولذلك علينا أن نلاحظ قبل شروعنا في دراسة قانون الإيمان بان التعليم الوارد فيه ليس موجها نحو العقل بل نحو الإيمان. وإن ظن أحد بأنه من الممكن أن نعَّرف الله تعالى أو نحدده كما نقوم بذلك في العلوم البشرية فإن ذلك لأمر مستحيل لأن الله تعالى هو غير محدود ويفوق العقل البشري بمقدار ما يمتاز الخالق عز وجل عن مخلوقاته وبصورة لا متناهية. إننا نحن البشر مخلوقات محدودة وقد أظلمت الخطية عقولنا وقلوبنا ولم يعد بوسعنا أن نفكر كما يجب في هذه الأمور السامية. الطريق الوحيد المفتوح أمامنا بالنسبة إلى الله تعالى اسمه هو أن نقبل وحيه المختص بذاته القدوس كما نجد ذلك الوحي في كلمته المقدسة. وإذا ما قمنا بذلك أي بالإيمان بما أوحى به الله عن ذاته في الكتاب فإننا نكون قد قمنا بأعظم عمل، عمل ذو نتائج عملية ذات نتائج عملية ذات منفعة دائمة وأبدية. ولذلك يتوجب علينا في هذه الدروس المبنية على تعاليم الكتاب المقدس أن نذكر أن كل ما أوحى به الله هو عقيدة عمل وتطبيق وحياة. وإذا ما أردنا أن ننمو يوميا بالإيمان وأن نـزداد تقدما في حياة التقوى التي يُسَرَّ بها الله ليس علينا سوى تغذية أنفسنا بواسطة وحي الله الوارد في الكتاب، ذلك الوحي الذي يعلمنا بأننا عندما نؤمن بالله حسب تعليم الكتاب نختبر أنه تعالى(الآب والابن والروح القدس) هو الله العامل لأجلنا ومعنا وفينا، له المجد إلى الأبد، آمين.
 
قديم 17 - 07 - 2015, 07:00 PM   رقم المشاركة : ( 8479 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الثالوث الأقدس

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



نقسِّم قانون الإيمان إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول يتعلق بالله الآب وبموضوع خليقتنا. القسم الثاني يتعلق بالله الابن وبموضوع فدائنا من الخطية والشر، والقسم الثالث يتعلق بالله الروح القدس وبموضوع تقديسنا. وفي هذا القسم الخير ندرس أيضا المواضيع الآتية: الكنيسة المسيحية والنِعَم التي نحصل عليها من الله وبواسطة الكنيسة.
الإيمان الكتابي هو إذن إيمان مبني على الاعتقاد بالثالوث القدس الآب والابن والروح القدس، الإله الواحد. ونح نجد هذا التعليم موحى به في كلمة الله ولذلك نؤمن به. إننا لا نذهب إلى الكتاب المقدس إلا لقبول جميع ما أوحى به الله لأننا لا نستطيع أن نقبل بعض التعاليم التي قد تروق طبيعتنا البشرية ونرفض تعاليم أخرى تفوق عقلنا البشري المحدود والخاضع لتأثير الخطية. ومع أننا سنستشهد بالعديد من الآيات الكتابية إلا أنه يجب أن نُقِرَّ أن التعليم عن الثالوث الأقدس إنما يُشبع الكتاب بأسره وخاصة أسفار العهد الجديد وأنه لا يمكن مطلقا فهم الكتاب إن لم نقر بالثالوث. إننا قد نقرأ الكتاب ونكون ملمين بمحتوياته إلماما عقليا ولكننا لا نكون قد وصلنا إلى تفهُّم للوحي إن لم نكن قد قبلنا شهادة الوحي عن كون الله تعالى اسمه مثلث الأقانيم.
كانت أيام ما قبل المسيح أيام الجهل والوثنية وكان الظلام الروحي مخيما على البشرية. وحتى بنو إسرائيل كانوا يقعون في خطية عبادة الأوثان في العصور المتتالية منذ أيام موسى إلى أيام القضاة والملوك. ولذلك نلاحظ أن الوحي الإلهي آنئذ كان يشدد على أهمية الابتعاد عن الأوثان وعلى الإيمان بالله الواحد. ولكننا نرى دلائلا هنا وهناك في أسفار العهد القديم على وجود أقانيم في اللاهوت. وهذه بعض الآيات المستقاة من الكتاب بعهديه القديم والجديد والتي تشهد بوجود الله الواحد المثلث الأقانيم:
في سفر التثنية يقول موسى للشعب: اسمع يا اسرائيل: الرب إلهنا رب واحد، فتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قوتك" (6: 4و 5).
ويخبرنا البشير متى في الإنجيل عن اعتماد السيد المسيح من يوحنا المعمدان في الأردن ويقول:
" ولما اعتمد يسوع صعد للحال من الماء، وإذا بالسماوات قد انفتحت له، ورأى روح الله نازلا مثل حمامة وآتيا عليه، وإذا بصوت من السموات يقول: هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررتُ" (3: 16و 17).
وهذه الإشارة الصريحة إلى الله الآب والروح القدس أثناء اعتماد الابن المتجسد لا يمكن أن نفهمها بدون الإقرار التام بالثالوث. وعندما أرسل السيد له المجد تلاميذه إلى العالم بعد قيامته من الأموات كان أمره الرباني المختص بتلمذة العالم في هذه الكلمات المبنية على الإقرار بالثالوث:
" اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس. وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر" (الإنجيل حسب متى 27: 19و 20).
وعندما أنهى الرسول بولس رسالته الثانية إلى أهل الإيمان في مدينة كورنثوس اليونانية أعطاهم بركته الرسولية قائلا:
" نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة الله وشركة الروح القدس معكم أجمعين"
وكون عقيدة الثالوث ليست بعقيدة فلسفية بل كتابية ولها علاقة صميمة بالإنسان وخاصة بالإنسان الواقع تحت سلطة وطغيان الخطية ظاهر في الكتاب المقدس بأسره وخاصة في رسائل العهد الجديد التي تُظهر لنا معنى العمل الخلاصي العظيم الذي أتمه السيد المسيح بمجيئه إلى العالم وبموته على الصليب وبقيامته من الأموات. فإن كتاب رسائل العهد الجديد كانوا يُشيرون دوما إلى الخلاص الذي يختبره الإنسان إنما هو من تدبير الله الأزلي وإن الله المثلث الأقانيم قام بكل ما يلزم لإنقاذ الإنسان من الخطية. فلذلك نرى أن كل مؤمن ومؤمنة يتعلقان بكل إصرار بإيمانهم بالثالوث لأنهما قد اختبرا ضمن حياتهما عمله الخلاصي التحريري. وهكذا نستطيع جميعنا أن نتغنى مع الرسول بولس بمباركة الثالوث الأقدس بواسطة هذه الكلمات المقتبسة من الفصل الأول من الرسالة إلى مؤمني أفسس في آسيا الصغرى:
" مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح الذي باركنا في المسيح بكل بركة روحية في عَلياء السماوات، إذ قد اختارنا فيه قبل إنشاء العالم لنكون قديسين وبدون لوم أمامه. وسبق فعيننا في المحبة ليتبنانا لنفسه بيسوع المسيح، حسب رضى مشيئته، لحمد نعمته بالمجد، التي أنعم بها علينا في المحبوب، الذي فيه لنا الفداء بدمه، مغفرة الذنوب، وذلك حسب غنى نعمته التي أسبغها علينا بكل حكمة وفطنة، إذ عرّفنا سر مشيئته، وتلك مرضاته التي قصدها فيه، تدبيرا منه في ملء الأزمنة، ليجمع كل شيء في المسيح، ما في السموات وما على الأرض، وفيه أيضا تم اختيارنا مُعَيَنين من قَبْل بمقتضى قصد الذي يعمل كل شيء حسب مشورة مشيئته، لنكون لحمد مجده، نحن الذين قد سَبقنا ووضعنا رجاءنا في المسيح. وفيه أنتم أيضا، إذ قد سمعتم كلمة الحق، إنجيل خلاصكم، وبعدما آمنتم به خُتِمتم بروح الموعد القدوس، الذي هو عربون ميراثنا لفداء مُقتناه لحمد مجده" (1: 3- 14).
يختبر كل خلاص، كل مؤمن بالإنجيل أن الله المثلث الأقانيم قد قام بإنقاذه من الخطية والموت ويُعطي المجد لله الآب الذي رسم تدبير الفداء منذ الأزمنة الأزلية ولله الابن الذي قام بإنجاز الفداء بموته الكفاري على الصليب ولله الروح القدس الذي يُهيء القلوب لتقبل إنجيل الخلاص والذي يختم المؤمنين بختمه المقدس فلا ينتزعهم أحد من ملكوت الله. للآب والابن والروح القدس الإله الواحد المجد، الآن وإلى الأبد، آمين.
 
قديم 17 - 07 - 2015, 07:01 PM   رقم المشاركة : ( 8480 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الله الآب

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




يمكن تقسيم قانون الإيمان إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول يتعلق بالله الخالق. وهذا ما نقر به عن الله الآب: أؤمن بإله واحد آب ضابط الكل خالق السماء والأرض وكل ما يرى وما لا يُرى" ومع أن هذه الكلمات تُقال في ثواني محدودة إلا أننا لا نقدر أن نسبر غورها بشكل تام. ونقدر أن نصرف ساعات عديدة في البحث في معانيها بالله الآب.
قبل كل شيء علينا أن نبين لماذا نستعمل كلمة آب بالنسبة للأقنوم الأول في اللاهوت. وهنا نعود إلى الكتاب المقدس الذي هو موحى به من الله ونقول أننا نجد هذه العبارة ضمن الكتاب نفسه ولذلك لا نمتنع عن استعمالها.
ندعو الله بالآب لأن الكتاب يكشف لنا عن هذه الحقيقة الهامة: إنه أب ربنا يسوع المسيح وهو له المجد مولود غير مخلوق مولود من الآب قبل كل الدهور. فعبارة آب لها معنى هام حتى ولو لم يكن هناك بشر أو خليقة أرضية.
ندعو الله بالآب لأننا عندما نؤمن بالمسيح يسوع كمخلصنا نُصبح من أولاد الله المتبنين. ننظر إلى الله القادر على كل شيء خالق السماء والأرض كآب سماوي رحوم لأن كلمته المقدسة تُعَلم بكل وضوح أن الله هو أب الله هو أب جميع المؤمنين والمؤمنات بمسيحه.
قال الرسول بولس عن موضوعنا في رسالته إلى أهل غلاطية: " ولكن لما جاء مِلْءُ الزمان أرسل الله ابنه مولودا من امرأة، مولودا تحت الناموس، ليفتدي الذين تحت الناموس، لننال التبني. وبما أنكم أبناء أرسل الله روح ابنه إلى قلوبنا صارخا فيها: أبا، أيها الآب. فأنت إذن لست بعد عبدا بل ابنا، ون كنت ابنا وارث أيضا بالله" (4: 4- 7).
وأما يوحنا الرسول فإنه كتب ما يلي عن موضوع التبني في مقدمة الإنجيل:
" أما جميع الذين قَبلوه فقد أعطاهم سلطانا أن يصيروا أبناء الله، وهم الذين يؤمنون باسمه، الذين لم يولدوا من دم، ولا من مشيئة رجل، بل من الله، " (1: 12و 13).
كشف الله عن ذاته كإله قادر على كل شيء ولكن ليس من ناحية نظرية بل بالفعل ولذلك نقول: أؤمن بإله واحد آب ضابط الكل خالق السماء والأرض وكل ما يرى وما لا يرى." وفي أيامنا هذه نطرا لكثرة الاكتشافات العلمية ولغزو الإنسان للفضاء الخارجي وخاصة لطغيان الفلسفة المادية الملحدة على تفكير الكثيرين من بني البشر، يجدر بنا كمؤمنين أن نعلن بكل جلاء أننا لا زلنا نؤمن بإله لم يتخل عن عرشه السماوي وأنه السيطرة على الكون بأسره. الله الآب هو ضابط الكل أي أن كل شيء يخضع له وهو يسوس بواسطة عنايته جميع أمور العالم. إن قوة الله عاملة في الكون بشكل مستمر ولا يحدث شيء بدون معرفة الله أو خارج عن تدبيره العجيب لهذا العالم. فالكتاب المقدس لا يعترف مطلقا بإله محدود الصلاحية ولا بإله خَلق العالم وتركه يدور على ذاته مستقلا استقلالا مطلقا عن الخالق. كلمة الله المقدسة غنية بالإشارات العديدة التي تُظهر لنا الله كإله ضابط للكل وكإله ساهر على مصالح البشرية وكإله مُسَيَّر لدفة التاريخ إلى نهايته الزمنية في اليوم الأخير. إن آلهة الوثنيين آلهة محدودة وذات قوى محدودة بالنسبة لعابديها وهي غير متمتعة بأي وجود حقيقي لأنها ليست إلا من اختراع أذهان بني البشر المظلمة ووجودها لا يتعدى التمثال أو الصنم المعبود. وهناك آيات كتابية عديدة تُبين لنا التعليم الخاص بقوة الله وبسلطته التامة على مقدرات الكون والعالم والبشرية. وربما ليست هناك آيات كتابية تُعَبِّر لنا عن قوة الله وجبروته كالتي نجدها في سفر أيوب.
فأجاب الرب أيوب من العاصفة وقال:
" من هذا الذي يُظلم القضاء بكلام بلا معرفة؟ اشدد الآن حقويك كرجل فاني أسألك فَتُعلِّمني:
أين كنت حين أسست الأرض؟ اخبر إن كان عندك فهم. مَن وضع قياسها؟ لأنك تعلم، أو من مدّ عليها مطمارا؟ على أي شيء قَرَّت قواعدها أو من وضع حجر زاويتها؟ عندما ترنمت كواكب الصبح معا وهتف جميع بني الله.
ومن حجز البحر بمصاريع حين اندفق فخرج من الرحم؟ إذ جعلت السحاب لباسه والضباب قماطه. وجزمتُ عليه حدّي وأقمت له مغاليق ومصاريع وقلت إلى هنا تأتي ولا تتعدى. وهنا تُتخم كبرياء لحجك.
هل في أيامك أمرت الصبح؟ هل عرَّفت الفجر موضعه؟ ليمسك بأكناف الأرض فينفض الأشرار منها؟ تتحول كطين الخاتم وتقف كأنها لابسة. ويُمنع عن الأشرار نورهم وتنكسر الذراع المرتفعة.
هل نسيت إلى ينابيع البحر، أو في مقصورة الغمر تمشَّيتَ؟ هل انكشفت لك أبواب الموت أو عانيت أبواب ظل الموت؟ هل أدركت عرض الأرض؟ اخْبِرْ إن عرفته كلَّه.
أين الطريق إلى حيث يسكن النور؟ والظلمة أين مقامها؟ حتى تأخذها إلى تخومها وتعرف سبل بيتها. تَعْلم، لأنك حينئذ كنت قد ولدت وعدد أيامك كثير.
أَدَخَلْتَ إلى خزائن الثلج؟ أم أبصرت مخازن البرد التي أبقيتها لوقت الضر ليوم القتال والحرب؟ في أي طريق يتوزع النور وتتفرق الشرقية على الأرض؟ من فَرَّع قنوات للهطل وطريقا للصواعق؟ ليُمطِر على أرض حيث لا إنسان على قفر لا أحد فيه، ليروي البلقع والخلاء ويُنبت مخرج العشب.
هل للمطر أب ومن ولد مآجل الطل؟ مِن بطن خرج الجمد؟ صقيع السماء من ولده؟ كحجر صارت المياه، اختبأت وتلكَّد وجه الغمر.
هل تربط أنت عقد الثريا أو تفكُّ رُبُط الجبار؟ أتخرج المنازل في أوقاتها وتهدي النعش مع بناته؟ هل عَرفتَ سنن السماوات أو جَعلتَ تسلُّطها على الأرض؟ أترفع صوتك إلى السُحُب فيغطّيك فيض المياه؟ أترسل البروق فتذهب وتقول لك: ها نحن؟" (أيوب 38: 1- 35).
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 05:30 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024