منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14 - 07 - 2015, 05:29 PM   رقم المشاركة : ( 8441 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الملائكة بين الظهور والخفاء

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
إن عالم الروح والأعمال الجارية فيه تشغل هذه الأيام أفكار متتّبعي الأخبار. وقد باتت فكرة المعجزات والخوارق لا موضوع اهتمام الناس وحسب بل حقيقة مقبولة مسلّماً بها
. صحيح أنّ أكثريّة الكتب التي صدرت حديثاً حول هذا الموضوع تركّز على الغرابة وتتوخّى الإثارة, أو أنّها مجموعة تخميناتٍ, أو أوهام من نسج خيال إنسان حَلّام. إلّا أنّ الكتب التي تحترم الكتاب المقدس وتقدّره حقّه لا ترضى بوضع مسألة الملائكة في قائمة التخمينات أو التخيّلات. ذلك أنّ الكتاب المقدس يذكر وجود الملائكة قرابة ثلاث مئة مرة.
هل رأيت مرّةً ملاكاً؟

سبق أن قلت أن الملائكة أرواح مخلوقة تستطيع الظهور للناس عندما تدعو الضرورة إلى ذلك. وقد تظهر مرة وتعود للظهور مراراً. الملائكة يفكّرون ويشعرون ويريدون ويُبدون عواطفهم. غير أن بعض الناس يُشغِلون أنفسهم دون طائل بقضايا عن الملائكة لا تهمّنا من قريب أو بعيد. فالجدل القديم حول عدد الملائكة الذين يستطيعون أن يرقصوا معاً فوق رأس الإبرة هو جدل أحمق. وأن تسأل: كم من الملائكة يستطيعون الوقوف في كشك الهاتف, أو في سيّارة فولكسفاغن, هو أمر لا يكاد يثير اهتمامنا. ولكن يجدر بنا أن نعرف, من الناحية الأخرى, ماذا يعلّم به الكتاب المقدس عن الملائكة بوصفهم رسل الله الذين يوفدهم لتنفيذ قراراته و إيصال رسالاته إلى البشر. ولتنفيذ هذه المُهمّات فهُم كثيراً ما يظهرون في أجساد بشرية. يقول كاتب الرسالة إلى العبرانيين عن الملائكة: “أليس جميعهم أرواحاً خادمة مرسلة للخدمة...؟ “(14:1). هل شاهدت مرة روحاً طاهرة؟ أنا من جهتي لم أشاهد مثل هذه الروح, ومع ذلك أعرف أن الله كان عبر العصور يُظهر حضوره الروحي بطرق مختلفة. فلّما اعتمد يسوع كان الله الروح القدس حاضراً في هيئة حمامة. وهكذا شاء الله أيضاً أن يعلن حضوره أحياناً بواسطة ملائكته وهم مخلوقون أقل قدراً من خالقهم, وقد أعطاهم القدرة على الظهور في هيئات تمكّن البشر من رؤيتهم بها.
أمن الجائز أن نعبد الملائكة؟

لا يستطيع البشر أن يروا الملائكة. والله بحكمته منع الملائكة من أن تكون لهم مواهب طبيعية أرضية, ومع ذلك يكرمهم بعض الناس إكراماً يشابه العبادة. ولكّن كلمة الله تحذّرنا من أن نعد المخلوق دون الخالق (رومية 24:1و25). كذلك نُعتبر ضالين ومخالفين لأولى الوصايا العشر إذا نحن قدّمنا العبادة لأي مظهر من الحضور الملائكي, سواء أكان ذلك ملاكنا الحارس أم غيره ممّن يمدّوننا بالعون عند الحاجة.
ويفيدنا الرسول بولس بوضوح إن عبادة الملائكة ضلال مهما كانت مكانتهم, وأنّ ربنا يسوع المسيح, لكونه الله المتجسّد, وأحد أقانيم اللاهوت الثلاثة, ذلك الذي فيه “خُلق الكلّ", “والكلّ به وله قد خُلق", يستحق عبادتنا (كولوسي 16:1و 18:2). وينبغي ألّا نصغي إلى الملائكة, فالله المثلث الأقانيم, هو موضوع عبادتنا, وإليه وحده تتوجّه صلواتنا.
ثم علينا أن ننتبه فلا نخلط بين الملائكة -منظورين كانوا أم غير منظورين -والروح القدس, الذي هو أيضاً أحد أقانيم اللاهوت الثلاثة, أي أنه هو الله أيضاً. فالملائكة لا تحلّ في البشر, لكن الروح القدس يختمهم, ويسكن فيهم عندما يقوم بتجديدهم. والروح القدس كلّي العلم, ودائم الحضور, وكلّي القدرة. أما الملائكة فهم أقوى من البشر ولكنهم, مع ذلك, ليسوا آلهة وليست لهم السجايا التي تُعزى إلى اللّاهوت.
الروح القدس يبكّت العالم على خطية وعلى برّ وعلى دينونة (يوحنا 7:16), أما الملائكة فلا يستطيعون ذلك. الروح القدس يعلن يسوع المسيح ويوضح حقيقته للناس, أمّا الملائكة فما هم إلّا رسل الله, وهم عبارة عن أرواح خادمة تأتمر بأمره لخدمة الناس (عبرانيين14:1). وفي ما أعلم, لم يرد في الكتاب المقدس قَطّ أن الروح القدس أظهر نفسه للناس في هيئة بشرية ولو مرّة واحدة. ولكنّ يسوع أظهر نفسه إنساناً عندما تجسّد مولوداّ من العذراء المباركة في هذا العالم. ويستطيع الروح القدس المجيد أن يكون في أي مكان في وقت واحد, أما الملاك فلا يقدر أن يكون في مكانين في آن معاً. وفي حين أن الروح القدس, كما نعلم هو روحٌ لا جسد له, فالملائكة تظهر أحياناً في شكل منظور, فضلاً عن كونها أرواحاً.
يستخدم الله الملائكة ليحقّق مصائر الناس والشعوب. وكثيراً ما يتدخّل في أوضاعنا السياسية والاجتماعية مستخدماً زيارات ملائكية فيغيّر تلك الأوضاع ويوجّه مصائر الناس حسبما يشاء. ويجدر بنا أن ننتبه إلى أن الملائكة يظلّون على صلة جوهرية ووثيقة بكل ما يجري على الأرض. حتّى إنّ معرفتهم بشؤون الأرض تفوق معرفة البشر. فعلينا أن نُقرّ بحضورهم غير المنظور وبعلمهم الدائب. لنتيقّن أنّهم هنا بيننا. ربّما لا يضحكون لضحكنا, ولا يبكون لبكائنا, ولكنّنا نعلم أنهم يفرحون معنا عندما ننتصر في جهودنا لربح الناس واجتذابهم للمسيح. إذ قال يسوع: “يكون فرح قدّام ملائكة الله بخاطئ واحد يتوب" (لوقا10:15).
الملائكة بين الظهور والخفاء

نقرأ في دانيال 22:6, "إلهي أرسل ملاكه وسدّ أفواه الأسود." يبدو أن دانيال عندما كان في الجب حيث كانت الأسود استطاع أن يبصر الحضور الملائكي, حيث وهنت قوة الأسود أمام قوة الملاك. والملائكة, في أكثر الحالات التي يظهرون فيها, يبدون في مجد وجمال فائقَين, حتى إنّ من يشاهدهم تأخذ فيه الدهشة الشديدة.
أتستطيع أن تتصوّر كائناً أبيض لامعاً كالبرق؟ وصف مؤسس جيش الخلاص, الجنرال وليام بوث, رؤيا رأى فيها ملائكة, فقال إن كل ملاك كان محاطاً بهالة من قوس قُزَحٍ منير يصعب على الإنسان احتمال بهائه.
من يقدر أن يقيس ومضة البرق إذ يتوهج في طرفة عين على مدى أميال عديدة؟ وقد جاء في إنجيل متّى أن الملاك الذي دحرج الحجر عن قبر يسوع لم يكن فقط لابساً لباساّ أبيض بل كان منظره كالبرق (متى3:28), حتى ارتعد من منظره حرّاس القبر وصاروا كالأموات. ثمّ إنّ ذلك الحجر كان ثقيلاً بحيث يحتاج إلى عدّة رجال كي يدحرجونه, فدحرجه الملاك وحده بسهولة وأزاحه عن باب القبر.
ولم يكن صعباً على إبراهيم أو لوط أو يعقوب أن يميّزوا الملائكة الذين سمح الله أن يظهروا لهم في شكل طبيعي. لاحظ مثلاً كيف عرف يعقوب الملائكة حالما رآهم كما جاء في تكوين1:32و2 , "و أما يعقوب فمضى في طريقه ولاقاه ملائكة الله. وقال يعقوب إذ رآهم هذا جيش الله. فدعا اسم ذلك المكان محنايم."
ثم نجد دانيال ويوحنا يصفان المجد الذي يظهر الملائكة به وهم ينزلون من السماء بجمال وبهاء فائقَين تحيط بهم أشعة لامعة كالشمس (دانيال6:10 ; رؤيا 1:10). ومن لا يشعر بالروعة وهو يقرأ خبر الفتية الثلاثة: شدرخ وميشخ وعبدنغو؟ لقد أبوْا أن يخرَوا ساجدين لتمثال ملك بابل عند سماعهم صوت الآلات الموسيقية الداعية للخضوع والعبادة. كانوا على علم بأنّ الملائكة يُمكن أن يظهروا للعالَم غير المؤمن. وعندما أبَوا السجود للمخلوق حفظهم الملاك من أن يُحرقوا أحياء في أتون النار الذي كان مُحمى سبعة أضعافٍ أكثر من الحرارة المعتادة, حتى رائحة الدخان لم تعلق بملابسهم بعد إخراجهم من الأَتون. لقد جاء إليهم الملاك وسط اللهب فلم يُصَب هو أو هم بأيِّ أذى. ورأى ملك بابل الملاك مع الفتية الثلاثة وقال: "ها أنا ناظر أربعة رجال... في وسط النار" (دانيال25:3).
على أنّ الكتاب المقدس, من ناحية أخرى, يبيّن أنّ الملائكة أحياناً يظلّون أخفياء لا يُظهرون أنفسهم للبشر. ومهما يكن من أمر, فإنّ الله يُرسل ملائكته فيسرون معنا, أمامنا وخلفنا, ولا يهمّ إن كنا نراهم أو لا نراهم. إن المؤمنين وحدهم يدركون هذا ويعرفون أن الحضور الملائكي يهيمن على ساحة المعركة حولنا حتى نستطيع أن نثبت وسط الصراع بثقة تامة (أشعياء3:26). "إن كان الله معنا فمن علينا؟" (رومية 31:8).
ماذا ترى عندما ترى ملاكاً؟

عندما يصنع الله شيئاً, فهو يبدعه أحسن إبداع خيالاً وألواناً وبهاءً, وهذا ما فعله لمّا خلق الملائكة, بما في ذلك لوسيفر الذي جاء وصفه في حزقيال28 ] والكلمة "لوسيفر" تعني"حامل النّور" وهو لقبُ يُطلق على الشيطان قبل سقوطه, يوازيه "زُهَرة" أو نجمة بنت الصبح- أشعياء12:14[, ما يدلّ على أن للملائكة شكلاّ غريباً لعين الإنسان وفكره. فيظهر أن للملائكة جمالاً ذا تنوّع يفوق كل ما يعرفه الإنسان. ولكن الكتاب المقدس لا يخبرنا عن العناصر التي يتركّب منها الملائكة. ولا يقدر العلم الحديث, وقد بدأ مؤخراً باستكشاف العالم غير المنظور, أن يفيدنا شيئاً عما تتألف منه الملائكة, أو على الأقل عمّا هو عملهم.
غير أن الكتاب المقدس, كما يبدو, يُفهِمنا ضِمناً أنّ الملائكة لا يشيخون, ولم يرد فيه قط أنّ ملاكاً ما أُصيب بمرض, وما عدا ما حلّ بأولئك الذين سقطوا مع “لوسيفر" عند سقوطه, فالخطية التي أصابت أرضنا بالدمار والخراب والأمراض لم تؤثر في الملائكة, فالملائكة الأطهار لن يموتوا أبداً.
يعلّم الكتاب المقدس أيضاً أن ليس للملائكة جنس أو قدرة على التناسل. فقد قال يسوع إن الناس في السماء بعد القيامة "لا يزوّجون ولا يتزوّجون بل يكونون كملائكة الله في السماء" (متى 30:22). وهذا يجعلنا نستنتج أن الملائكة يتمتعون بعلاقات أعظم وأروع. حتّى إن بهجة العلاقة الزوجية في هذه الحياة ليست شيئاً إزاء ما سوف يتمتع به المؤمنون في الشركة مع الله في السماء, وهي الشركة الروحية التي تفوق بما لا يقاس كل ما يمكن أن يختبره الإنسان في حياته على الأرض.
كيف نفسّر ونفهم الظهورات الإلهية في العهد القديم؟ نقصد تلك الطهورات المنظورة التي بها رأى الناس المسيح في مناسبات معيّنة قبل تجسّده, إذ نجد في بعض المواقع في العهد القديم أنّ أنقوم الابن كان يظهر, وكان يُدعى أحياناً "الرب" و أحياناً أخرى "ملاك الرب". إن أوضح هذه الطهورات هو ذلك المدوَّن في تكوين18, حيث جاء ثلاثة رجال إلى إبراهيم. ورد في "موسوعة زوندوفان (zondervan)المصوّرة للكتاب المقدس", تعليقاً على هذا الحادث, ما يلي: "بدا بوضوح أن الرئيس بين الرجال الثلاثة هو الرب, فيما كان الاثنان الباقيان ملاكَيْن وليس أكثر. ومما لا شكّ فيه أن المسيحيين منذ أقدم عصور المسيحية اعتقدوا أنّ حوادث كهذه هي ظهورات سابقة للتجسّد حيث يُعلن الأقنوم الثاني من الثالوث نفسه, ولا فرق بين أن يُدعى الرب أو ملاك الرب."
علينا إذاً أن نتذكّر أنّ الله كان في بعض الحالات في العهد القديم يُظهر نفسه كملاك في هيئة بشرية. وهذا يؤيّد فكرة العلاقة القائمة بين الله وملائكته. ولكنْ في أغلب الأحيان التي ذُكر فيها ظهور ملائكة كان أولئك كائناتٍ ملائكية مخلوقة وليس الله ذاته.
حقّاً إنّ الملائكة كائنات حقيقية وليسوا من نسج الخيال. فالله نفسه خلقهم. تأمّل معي في هذا: خلق الله جيوشاً عديدة من الملائكة ليعملوا على إنجاز عمله في هذا العالم - ولا فرق بين أن نراهم وألّا نراهم. وعندما نتعرّف بالله تعرّفاً شخصيّاً من طريق الإيمان بابنه يسوع المسيح, فلنا أن نثق بأنّ ملائكة الله يُعنَون بأمرنا فيحرسوننا ويساعدوننا لأنّنا صرنا من خاصّته تعالى. فيا له من تدبيرٍ بديع و امتيازٍ رفيع.
 
قديم 14 - 07 - 2015, 05:31 PM   رقم المشاركة : ( 8442 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

بمَ يختلف الملائكة عن الإنسان

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يُفيدنا الكتاب المقدس أنّ الله خلق الإنسان فأنقصه "قليلاً عن الملائكة". لكنه يقول أيضاً إنّ الملائكة أرواح "خادمة مرسلة للخدمة للعتيدين أن يرثوا الخلاص" (عبرانيين5:2-7;14:1).
فيبدو كأن في هذا تناقضاً, إذ كيف يكون الإنسان أقل من الملائكة وهو في الوقت ذاته أعلى من الملائكة بفضل الفداء؟ كيف نفسر هذا؟
لنذكر أولاً أن الآية القائلة "تنقصه قليلاً عن الملائكة" (مزمور5:8) تتكلم نبوياً عن المسيح وعن الإنسان بشكل عامّ. إن يسوع المسيح "تنازل" في تجسّده فصار أدنى قليلاً من الملائكة إذ صار إنساناً. وإذ تتكلّم الآية عن سائر الناس أيضاً, نرى أنّ الله رفع البشر فوق جميع الخلائق الأخرى التي على الأرض, لكنّهم مع ذلك أدنى من الملائكة لكونهم محدودين في أجسادهم وأماكنهم في أثناء وجودهم في الحياة على هذه الأرض. ويأمر الله ملائكته بمساعدة الناس, لأن الناس سيكونون بعد القيامة أعظم من الملائكة. هذا ما قاله يسوع في (لوقا 36:20). وهكذا سيغير الله المكانة الوضيعة الوقتيّة التي للإنسان عندما يجيء ملكوت الله في كل قوّته. و الآن لننظر بشكل مفصّل في أي شيء يختلف الملائكة عن الناس.
صحيح أن الملائكة كائنات مجيدة ولكنْ يقول الكتاب المقدس إنهم يختلفون عن الذين آمنوا بالمسيح من بين البشر في أمور جوهرية هامّة. فالملائكة, مثلاً, لا يفهمون تماماً معنى الخلاص من الخطية كما يفهمه البشر المؤمنون, ذلك أن الملائكة لم يخطئوا, فكيف يدركون معنى الخطية والخلاص منها؟ وللسبب عينه لا يقدّر الملائكة قيمة يسوع كما يقدّره البشر الذين آمنوا به وهو مات عنهم على الصليب وفتح باب الخلاص و أتاهم بالنور والحياة والخلود. فلا غرابة إذاً أن يجلس المؤمنون في كرسي القضاء في المستقبل ليدينوا الملائكة, مع أن أولئك المؤمنين كانوا أنفسهم خطاة وتحت الدينونة لولا نعمة المسيح التي أنقذتهم. طبعاً, إنّ أولئك الملائكة الذين سيمثلون أمام كرسي الدينونة هم الذين سقطوا مع لوسيفر, أي إبليس, الذي تزعّم حركة التمرّد على الله. وهذا يتفق مع ما قاله بولس وهو يكتب إلى الكورنثيين: "ألستم تعلمون أننا سندين ملائكة؟ “(1كورنثوس3:6). بل إنّ للملائكة الأطهار أيضاً محدوديّاتهم, مع ما ينسبه إليهم الكتاب المقدس من تفوّق على البشر في أمور كثيرة.
هل الله “أب“ للملائكة؟

الملائكة المقدّسون الأطهار لا يدعون الله أباً لهم لأنهم أصلاً لم يخطئوا ولذا لم يحتاجوا إلى الفداء. والملائكة الأشرار الذين سقطوا لا يدعون الله أباً لهم لأنهم لا يقدرون أن ينالوا الفداء. وهذه القضية تعتبر من أسرار الكتاب المقدس: لماذا دبّر الله الخلاص للبشر الذين سقطوا ولم يدبّر الخلاص للملائكة الساقطين؟ ربّما لأن البشر, سواءٌ آدم وحواء أو نسلهما, سقطوا نتيجة لإغراء الخطية والخطاة, أما الملائكة فسقطوا دون أن يتعرضوا لأي إغراء. لم يكن هناك خطاة لإغرائهم. ولذلك لا يمكن تغيير حالة سقوطهم, كما لا يمكن أن يحصلوا على الخلاص أو الغفران.
ثمّ أنّ الملائكة الأشرار أنفسهم لا يرغبون في اعتبار الله أباً لهم. على أنهم يحسبون لوسيفر, أي إبليس, أباً لهم, شأنهم في ذلك شأن الذين يعبدون الشيطان في هذا الزمن. ذلك أنّ الملائكة الأشرار هم في حال العصيان والتّمرد على الله, ولا يمكن طوعاً أن يقبلوا بسيادته عليهم حتى يحين وقت الدينونة. يومذاك ستجثو كل ركبة “ويعترف كلّ لسان أنّ يسوع المسيح هو ربّ” (فيلبي :9:2 و10). حتى الملائكة القديسون الأبرار, الذين قد يحبّون أن يدعوا الله أباً, يدعونه كذلك بالمعنى الأعم للكلمة. فإنّ الله الخالق, توسّعاً, هو أب لكل الكائنات التي خلقها, وما دام الملائكة خليقة الله فقد ينظرون إلى الله باعتباره أباً من هذه الناحية. ولكنّ التعبير "الأب “مخصّص في الكتاب المقدس ليستخدمه البشر الهالكون الذين حصلوا على الفداء وصار الله أباً لهم بسبب تبيّنه لهم في المسيح. وهكذا لا يستطيع الناس العاديون أن يعتبروا الله أباً لهم, إلا إذا قصدوا انه خالقهم, غير أنّهم يصبحون أولاداً له, ويصبح هو أباً لهم, عندما يولدون الولادة الجديدة بفعل الروح القدس.
الملائكة ليسوا ورثة الله

جاء في الرسالة إلى رومية أن المؤمنين بالمسيح هم “ورثة الله ووارثون مع يسوع المسيح بواسطة الفداء “(رومية17:8), وقد صاروا ورثة بالإيمان بيسوع على أساس موته عنهم في الجلجثة. والملائكة, ماداموا ليسوا ورثة الله, سيقفون جانباً عندما يأتي المؤمنون أخيراً ليتسلّموا ميراثهم الأبدي الذي لا تحدّه حدود. على أنّ الملائكة القديسين, على أيّة حال, وهم أرواح خادمة للمؤمنين ورثة الخلاص, لم يخسروا مجدهم الأساسي وعلاقتهم الروحية بالله, ممّا يضمن لهم مكانتهم الرفيعة في النظام الملكي لخليقة الله. وعلى خلاف الملائكة, نزل يسوع إلى البشر الساقطين وصار واحداً منهم بالتجسّد عندما" وُضع قليلاً عن الملائكة" (عبرانيين9:2). أن اختياره أن يذوق الموت الذي نستحقّه نحن يبيّن أن الملائكة القديسين لا يشاركوننا في خطيتنا ولا في حاجتنا إلى الفداء.
لا يقدر الملائكة أن يشهدوا أنهم خلصوا بالنعمة من طريق الإيمان

من يَقدر أن يُدرك تماماً الغبطة العظمى القائمة في الشركة مع الله وفرح الخلاص الذي لم يختبر الملائكة منه شيئاً؟ عندما تجتمع الكنيسة المحلية بوصفها جماعة مؤمنة بالمسيح, فهي تمثّل في عالم البشر أسمى مظهر من مظاهر محبة الله. إذ لا حبّ يقدر أن ينزل إلى أعمق ممّا نزلت إليه محبة الله, ولا أن يصعد إلى أعلى ممّا صعدت إليه, ولا أن يذهب إلى أبعد ما ذهبت إليه تلك لأن يبذل ابنه الوحيد. لكن الملائكة يعرفون مقدار الفرح السماوي (لوقا 10:15) عندما يتوب إنسان ويقبل العطية الإلهية, عطية الحياة الأبدية بيسوع المسيح, إذ يهبّ الملائكة فيقرعون أجراس السماء بفرح عظيم أمام حمل الله, أي ربّنا يسوع المسيح.
يفرح الملائكة عندما يخلص الناس ويمجدون الله الذي خلّصهم, لكن يظل هناك شيء يعجز الملائكة عن القيام به: أنهم لا يشهدون شخصياّ لشيء لم يختبروه. إنما يكتفون بأن يشيروا إلى اختبارات المفديين ويفرحون لأن الله خلّص أُناساً كأولئك. هذا يعني أن البشر الذين اختبروا الخلاص هم وحدهم سيشهدون شخصياً خلال الأبدية عن خلاص الله العظيم الذي تحقّق بالنعمة والذي حصلوا عليه بواسطة الإيمان بيسوع المسيح. فالإنسان الذي لم يتزوّج لا يستطيع إدراك قيمة الزواج وما في العلاقة الزوجية من روعة وبهجة. ومن لم يفقد أباَ أو أمّا أو شخصاً عزيزاً بالموت لا يستطيع إدراك عظم الأسى الذي في ذلك. هكذا لا يستطيع الملائكة, على ما لهم من عظمة, أن يشهدوا للخلاص شهادة من اختبر الخلاص وتذوّق أفراحه.
ليس للملائكة اختبار سكنى الله فيهم

لا نجد في الكتاب المقدس ما يدلّ على أنّ الروح القدس يحل في الملائكة ويسكن فيهم كما يحلّ ويسكن في البشر المفدييّن. فالروح القدس يختم المؤمنين بالمسيح لدى إيمانهم, لكنه لا يختم الملائكة إذ أنهم لم يسقطوا فيجتاحوا إلى الخلاص.
ولهذا الفرق بين الملائكة والبشر سبب ثانٍ: أنّ المفديّين الذين ما زالوا في هذه الحياة لم يتمجدوا بعد. فعندما يعلن الله تبرير الذين يؤمنون بيسوع المسيح يعطيهم الحياة ويجعلهم خاصّة له ثم يشرع بتقديسهم من الداخل في أثناء حياتهم هنا على الأرض. ولكنه لا يكمّلهم إلى التمام إلّا بعد نقلهم من هذه الأرض. فالروح القدس إذاً يسكن في قلوب جميع المؤمنين وهم بعد على الأرض لكي يقوم دائماً بعمله الفريد, الذي يعجز الملائكة عن القيام به. إنّ الله الآب أرسل يسوع ابنه إلى العالم ليموت, ويسوع تمّم خدمته الفريدة المعيّنة له في خطّة الله للخلاص. وللروح القدس أيضاً دور في عمل الخلاص, و إن كان يختلف عن دور الابن. فقد جاء الروح القدس مرسلاً من الآب و الابن, لا ليوجّه المؤمنين ويرشدهم وحسب, بل أيضاً ليمّم عمل النعمة في قلوبهم فيجعلهم مشابهين للّه مقدّسين كالمسيح. أمّا الملائكة فلا يقدّسون ولا يتقدّسون.
والملائكة لا يحتاجون إلى الروح القدس كما يحتاج إليه المؤمنون. أنّهم, منذ وُجدوا, مزوّدون بالقوة بفضل علاقتهم بالله وخضوعهم المستمر له. ولم تفسدهم الخطية كما أفسدت البشر الذين يحتاجون إلى الخلاص وعمل الروح القدس في حياتهم. الإنسان المؤمن يتكمّل آخر الأمر فيصير كملائكة السماء.
الملائكة لا يتزوّجون ولا يتكاثرون

سبق أن قلت أنّ الملائكة لا يتزوّجون, إذ قال يسوع في (متّى 30:22) “لأنّهم في القيامة لا يتزوّجون بل يكونون كملائكة الله في السماء. “لهذا السبب نستطيع التوصل إلى الاستنتاج أنّ عدد الملائكة ثابت لا يزداد. و لأنّهم لا يموتون, فعددهم لا ينقص أيضاً. ولسوف يواجه الملائكة الأشرار الدينونة الأخيرة عندما يصدر الله حكمه النّهائي عليهم. ويذهب بعض العلماء إلى أنّ الملائكة السّاقطين الذين شاركوا الشيطان في تمرّده يبلغون من حيث العدد ثلث مجموع الملائكة. وقد جاء في الرسالة إلى العبرانيين أنّ الملائكة ربوات دون تحديد. فما دامت الربوة هي عشرة آلاف, فهذا يعني أنّ ثلث تلك الآلاف المؤلّفة هم الآن أرواح شرّيرة لا رجاء في خلاصها.
وكما يختلف الملائكة عن الناس في أمر الزواج و إنجاب النّسل يختلفون عنهم أيضاً في أمور هامّة أخرى. فليس في الكتاب المقدّس ما يدلّ على أنّ الملائكة يأكلون لكي يظلّوا على قيد الحياة. مع أنّه جاء في بعض المواضع أنّ ملائكة ظهروا في شكل بشريّ فأكلوا طعاماً كالبشر. ويشير سفر المزامير إلى المن, (وهو الطعام الذي كان يتساقط في صحراء سيناء وأكل منه بنو إسرائيل آنذاك) فيدعوه خبز الملائكة. “أكل الإنسان خبز الملائكة" (مزمور25:78). ثمّ لا يمكن أن ننسى ما حدث مع إيليا بعد انتصاره على كهنة البعل فوق جبل الكرمل. فإذا كانت الملكة إيزابل قد هدّدت حياته وسار مسافة بعيدة في البرية, بات في حاجة إلى عون من الله. وهكذا جاء ملاك الله إلى ذلك النبي التعب اليائس فقدّم له طعاماً وشراباً. وبعدما أكل مرّتين نهض وواصل سيره, وكان الطعام الذي أكله كافياً لتقويته أربعين يوماً بلياليها (1ملوك 5:19). فربّما كان في هذا ما يبرّر اعتقاد بعضهم أنّ إيليا أكل ممّا تأكل منه الملائكة.
وعندما كان إبراهيم ناصباً خيامه قرب بلوطات ممرّاً زاره ثلاثة ملائكة (تكوين1:18 و2). وقد جلس أولئك الضيوف السماويون في خيمة إبراهيم, وأكلوا وشربوا ممّ قدمه لهم حسبما تقتضيه أصول الضيافة. لقد كان أولئك ملائكة مرسلين إلى إبراهيم. ويبدو أنّ أحدهم كان الرّب بالذّات كما هو واضح من حديثه مع إبراهيم. وبعد ذلك عندما قضى الله أن يدمّر سدوم وعمورة, جاء ملاكاًن لإنقاذ لوط وعائلته. فصنع لوط لهما ضيافة وخبز لهما فطيراً فأكلا (تكوين19).
وممّا يلفت الانتباه أنّ الربّ يسوع أيضاً أكل مع تلاميذه بعد قيامته من الموت. إذ يقول لوقا عن التلاميذ إنّهم "ناولوه جزءاً من سمك مشويّ وشيئاً من شهد عسل فأخذ وأكل قدّامهم" (لوقا 42:24 و43).
معرفة الملائكة

الملائكة يفوقون البشر من حيث المعرفة. عندما سعى يوآب, قائد جيش الملك داود, ليردّ أبشالوم إلى أورشليم بعد هربه منها, استدعى امرأة حكيمة من بلدة تقوع وعلّمها لتكلّم الملك فتستدرّ عطفه على ابنه الهارب لعلّه يسمح بعودته من منفاه. ومِمّا قالته تلك المرأة التقوعية للملك داود: "سيّدي الملك إنّما هو كملاك الله لفهم الخير والشرّ... وسيّدي حكيم كحكمة ملاك الله ليعلّم كل ما في الأرض" (2صموئيل 17:14 ,20). إذاً يعرف الملائكة أشياء لا يستطيع البشر معرفتها. ولكنْ مهما عظمت معرفتهم تظلّ محدودة لا تصل البتّة إلى معرفة الله الذي هو وحده كلّي المعرفة. وقد ذكر يسوع شيئاً عن معرفة الملائكة المحدودة عندما كان يتكلم عن مجيئه الثاني. إذ قال في مرقس32:13 , “وأمّا ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا الملائكة الذين في السماء."
يُحتَمل أن يعرف الملائكة عنّا أشياء لا نعرفها نحن عن أنفسنا. ولمّا كانوا أرواحاً خادمة فإنّهم دائماً يستخدمون معرفتهم تلك لخيرنا وليس لمآرب شريرة. ففي هذه الأيام التي قلّ فيها من يمكن ائتمانه على المعلومات السريّة لنا أن نشعر بالطمأنينة إذ نعرف أنّ الملائكة, الذين يعرفون الكثير من الأسرار, لا يفشونها ليوقعوا بنا الأذى, بل يستخدمون معرفتهم العظيمة تلك لخيرنا ومساعدتنا.
قوة الملائكة

يتمتع الملائكة بقوة تفوق كثيراً قوة البشر, لكنهم محدودو القوة وليسوا كالله الكلي القدرة. ويذكر بولس في رسالته الثانية إلى تسالونيكي قوة الملائكة فيقول أن الرب يسوع سيستعلن من السماء “مع ملائكة قوته" (2تسالونيكي7:1). والكلمة اليونانية المترجمة “قوّة “هي الكلمة ذاتها التي اشتُقّت من “ديناميت ". فمن حيث القوة الملموسة الملائكة “ديناميت “الله.
ونقرأ في رسالة بطرس الثانية عن الملائكة أنّهم “أعظم قوة وقدرة “من الناس (2بطرس11:2). أن بطرس هنا يؤكد ما قاله بولس من حيث قوة الملائكة. ولنذكر أن ملاكاً واحداً استطاع أن يقتل جميع أبكار مصر, وملاكاً آخر سدّ أفواه الأسود الجائعة فلم تبطش بدانيال.
يقول داود في المزمور20:103 , “باركوا الرب يا ملائكة المقتدرين قوة ." لم يسجّل الكتاب المقدس حوادث كثيرة اظهر الملائكة فيها قدرتهم مثلما سيحدث في آخر هذا الدهر. فالكتاب نفسه يذكر ما سيحدث للشيطان بعد معركة هر مجدّون: إنّه سيُقيَّد ويُطرح في الهاوية. لكن أيّة قوة غير قوة الله تقدر على تقييد الشيطان وإذلاله, وهو الذي نعرف قوته وقد بَلَوْنا أساليبه الماكرة وخططه الشريرة؟ يقول الكتاب المقدس إن ملاكاً واحداً سينزل من السماء فيقيّد الشيطان بسلسلة عظيمة ثم يُلقيه في الهاوية. حقّاً, ما أعظم قوة ملاك واحد من ملائكة الله المقتدرين.
هل يرنّم الملائكة

طالما دارت تخميناتٌ كثيرة حول وجود أجواق من الملائكة ترنّم وتغنّي. طبعاً يستطيع الملائكة أن يرنّموا ولو أن الكتاب المقدس لم يشر إلى ذلك صراحة. و جاء في رواية “هَمْلت “(Hamlet) , لوليم شكسبير ( (W.Shakespeare, ما يدل على اعتقاد هذا الكتاب إمكان ترنّم الملائكة, وذلك في قوله: ".....طابت ليلتك أيّها الأمير الحلو, ولترافقك أسراب الملائكة بالترنيم إذ تُخلِد إلى الراحة."
يصرّ بعض علماء الكتاب المقدس على القول بأنّ الملائكة لا يرنّمون. لكن القول بهذا يبدو بعيد الاحتمال إذ إنّ للملائكة قدرة عظيمة على تقديم التسبيح, وقد كانت موسيقاهم منذ القدم أداة تسبيحهم المرتفع إلى الله المجيد. والموسيقى لغة عالمية يفهمها الناس على اختلاف لغاتهم. ويبدو أن يوحنا (رؤيا11:5 و12) رأى جوقاً عظيماً من الملائكة يُعدّ بالملايين يرفعون الحمد إلى حمل الله عن طريق موسيقاهم الفخمة. وأنا أتصوّر أنّ أجواق الملائكة سترنّم في الأبدية لمجد الله ولفرح المفديين.
وأرى أيضاً أنّ للملائكة القدرة على استخدام موسيقى سماوية, وإن كان هذا من قبيل التخمين. لقد شهد كثير من المؤمنين عند الاحتضار أنّهم سمعوا موسيقى السماء. كثيرون من أصدقائي الأقربين يضحكون من عجزي عن الترنيم بلحن مضبوط. فعندما أشارك في الترانيم يحس الذين يجلسون إلى جانبي أنّي أشوّش بدل أن أُرنّم. ومع ذلك أستطيع تمييز الموسيقى الجميلة عندما أسمعها. إذ قد تعوّدت ذلك على مدى سنين, لكنّي لا أستطيع وضع أية قطعة موسيقية. كما مرّت أوقات حاولت فيها بكلّ جدّ أن أفهم وأقدّر الموسيقى التي لم أكن في الأصل أحبّها, سواء أكانت أوبرا صعبة أو موسيقى إيقاعية بسيطة. وأظنّ أننا إن أردنا أن نفهم موسيقى السماء نحتاج لأن نُجاوز نطاق مفهومنا للموسيقى الأرضية. وبعد أن نسمع موسيقى السماء لابد أن نكتشف بالمقارنة أنّ أكثر موسيقى الأرض كان نشازاً أو كاد.
وقد ذكر الكتاب المقدس أُناساً كانوا يرنّمون, مثل موسى (خروج1:15), ومريم أخت موسى (خروج20:15و21), و داود (المزامير) وغيرهم. وكان ألوف العابدين في الهيكل يرنّمون بلا انقطاع مسبّحين الربّ (2أخبار الأيام12:5), وألوف المرنمين يتقدّمون تابوت العهد (1 أخبار الأيام 27:15 و28). وسفر المزامير يُعتبر كتاب ترانيم الكتاب المقدس.
وكان مؤمنو العهد الجديد يرنّمون بفرح عظيم. ونعرف من الكتاب المقدس, استنتاجاً, أنّ الملائكة الذين هم أعلى مرتبة من البشر يرنّمون لله والخروف بما يتّفق مع ترنيم المؤمنين. ويذكر بولس أنّ هناك لغاتٍ للبشر ولغةً الملائكة (1كورنثوس 1:13). فللملائكة لغة سماوية, وهم يسبّحون الله بموسيقى تليق بالله خالقهم. وأنا واثق أنّنا سنتعلّم في السماء لغة تلك الديار وموسيقاها.
الملائكة يسجدون أمام العرش

يرفع الملائكة تكريمهم وتمجيدهم إلى حمل الله. وهذا جزء هامّ من عملهم, لا ريب في ذلك. لكنّهم لا يمضون كلّ أوقاتهم في السماء أمام عرش الله. ليست للملائكة صفة الوجود الكلّي كما لله الوجود الكلّي الوجود, بل يكون كل منهم في مكان واحد دون غيره. لكن الله يرسلهم فيمضون حاملين أوامره لينفّذوها. وهكذا يغدون ويروحون في أنحاء الكون. في حال كهذه تجهلهم مهمّاتهم عن المثول أمام عرش الله لعبادته. لكنهم عندما يعودون للمثول في حضرته يسجدون له ويسبّحونه.
إننّا لنتطلّع إلى ذلك اليوم الّذي يكمل فيه الملائكة خدمتهم التي يقومون بها على الأرض. عند ذاك يجتمعون من أنحاء الكون مع كل المفديّين, فيقف الجميع أمام عرش الله في السماء, حيث سيرفعون حمدهم ويرنّمون ترانيمهم. والملائكة الّذين ستروا وجوههم ووقفوا صامتين لمّا كان يسوع ينزف دما على الصليب سيخرجون عن صمتهم ليمجّدوا الخروف الّذي أتمّ عمله وحان وقت تسلّمه ملكه. ثمّ يصمت الملائكة ليصغوا إلى كلمات التسبيح يتلفّظ بها أولاد الله الذين يشكرون الله على الخلاص الذّي أعطاهم إيّاه.
وما أصدق كلمات الترنيم القائلة:
أصبو إلى ترنّم الأملاك في السما
إذ يسجدون للعلي بالحمد والثنا
لكن بترنيماتهم لا يرتوي القلبُ
إذ لا يقال قد قضى يسوعَ ذي الفضلِ
لكنْ نشيدُ المفتدي يسوعُ من أجلي
وأولاد الله أيضا سيصغون إلى ترنيم الملائكة. فللملائكة أسباب تدعوهم للترنيم وإن اختلفت عمّا لنا من دواع. لقد خدموا الله القدير وشاركوا في العمل لنصرة ملكوت الله, وساعدوا أولاد الله في ظروفهم الصعبة. لذلك فهم يهتفون ويرنمون ترانيم الانتصار. إذ تكون القضية التي انتدبوا لها قد بلغت مرحلة النجاح, وربحوا الحرب وأخضعوا العدو ولم يبقى ما يزعجهم. صحيح أنهم يرنمون ترنيم مختلفا عن ترنيم المفديّين, لكنهم يرنمون حقا- وما أعظم ترنيمهم. وأنا أعتقد أننا نحن المفديّين سنتبارى والملائكة عبر دهور الأبدية التي لا تنتهي في تمجيد إلهنا العجيب وتسبيحه.
أفي قلبك الآن هذا الرجاء بالحياة الأبديّة؟ وهل أنت عالم على نحو لا يدع للشك مكان, أنك سوف تشترك مع الملائكة ذات يوم في رفع الترنيم والتسبيح لله في السماء؟ إن كان لا, فقرّر الآن أن تتوب إلى المسيح مؤمناً به. فمن دون المسيح تبقى بعيدا عن الله إلى الأبد وفاقدا لرجاء الحياة الأبدية. أنت بحاجة لأن تغفر لك خطاياك وتولد من جديد بقوّة الله. ولن يحدث هذا ما لم تسلّم حياتك للمسيح وتتّخذه لك شخصيّا مخلّصا وربّا. فإنّما جاء المسيح لينزع عنك عار خطاياك بموته على الصليب. أنت تستحق أن تموت, ولكنه هو مات عوض عنك: "فإن المسيح أيضا تألم مرة واحدة من أجل الخطايا, البار من أجل الآثمة, لكي يقربنا إلى الله" (1بطرس 18:3).
ففي هذه اللحظة بالذّات, وبصلاة بسيطة من صميم القلب, تستطيع أن تدعو المسيح ليكون ضيفا كريما في قلبك. فإذا فعلت, يجعلك واحدا من أهل بيت الله, ولدا لله إلى الأبد, ويؤتيك اليقين أنك يوما ما لا بد أن تسترك مع الملائكة ومع ملايين المفديين في تسبيح الله وحمده. هلّم إلى المسيح الآن قبل فوات الأوان.
 
قديم 14 - 07 - 2015, 05:33 PM   رقم المشاركة : ( 8443 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

لوسيفر وتمرُّد الملائكة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

قليلون يدركون الدور الذي تؤدّيه الملائكة على مسرح الأحداث البشرية. ولكن لنا في سفر دانيال ما يكشف بشكل دراميّ عن ذلك الصراع المرير الدائر كل حين بين الملائكة الأطهار المُخلصين لله وملائكة الظلمة أعوان الشيطان (دانيال11:10-14).
هذا الشيطان, أو إبليس, كان يُدعى "لوسيفر" أو "زُهرة" (نجمة بنت الصبح). والمرجّح أن لوسيفر-أي إبليس- كان مثل ميخائيل رئيس ملائكة, لكنه طُرد من السماء مع ملائكته المتمرّدين, وما يزال يواصل تمرّده وأعماله المناوئة لله. يبدو أحياناً كأن الشيطان سيربح الحرب, إذ ينتصر في بعض المعارك الهامّة, غير أنّ نهايته محتومة. فلَسوف يجيء يوم الآن من سلطةٍ وقوة, يومذاك يدحر الله قوات الظلمة دحراً تامّاً لا قيام لها بعده.
يخطر ببال كثيرين هذا السؤال: "كيف يحدث صراعٌ كهذا في عالم خلقه الله كاملاً؟ “يذكر بولس الرسول هذا الصراع فيسمّيه "سرّ الإثم" (2 تسالونيكي7:2). وفيما لا نملك جميع المعلومات التي نودّ معرفتها, نعرف شيئاً مؤكّداً, وهو أنّ الملائكة الذين سقطوا, أي إبليس وملائكته, سقطوا لأنهم أخطئوا إلى الله. فقد جاء في 2بطرس 4:2 "الله لم يشفق على ملائكته فقد أخطئوا بل في سلاسل الظلام طرحهم في جهنم وسلّمهم محروسين للقضاء." وإذا راجعنا الآية المشابهة في يهوذا6 نجد أنّ عبء المسؤولية يقع مباشرة على عاتق الملائكة أنفسهم. إذ يقول يهوذا “والملائكة الذين لم يحفظوا رياستهم بل تركوا مسكنهم حفظهم إلى دينونة اليوم العظيم. “فيتّضح من هذا أنّ أولئك الملائكة فعلوا ما فعلوا تلقائياً دون تحريض من أحد.
نعم, إنّ أعظم كارثة وقعت في تاريخ خليقة الكون كانت يوم تحدّى لوسيفر الله, ونتيجة لذلك سقط هو والملائكة الذين انضمّوا إليه في عصيانه وشرّه.
متى حدث هذا؟ في زمان ما, بين فجر الخليقة ودخول الشيطان جنّة عدن حيث أغوى الإنسان. يتصوّر الشاعر دانتي (Dante) أن سقوط الملائكة الأشرار حدث بعد أن خلقهم الله بعشرين ثانية, وأنّ كل ذلك كان لأنّ لوسيفر تكبّر وأبى أن ينتظر ريثما يحصل على المعرفة الكاملة. أمّا آخرون أمثال الشاعر ملتون (Milton), فيذهبون إلى أنّ الله خلق الملائكة ثمّ سقطت الفئة الشرّيرة منهم قُبيل تجربة آدم وحوّاء في جنة عدن.
ليس السؤال الهامّ الآن "متى خلق الله الملائكة؟ “بل "متى سقطوا؟ “يستصعب بعضهم القول إنّهم سقطوا قبل أن وضع الله آدم وحواء في الجنة. لأننا نعلم أن الله عند ذاك كان قد استراح من عمله وقال إن كل شيء كان حسناً. وهذا, استنتاجاً, يعني أن جانب الملائكة من الخليقة كان حسناً أيضاً. لم يكن آنذاك ما يدل على حدوث أي سقوط. سؤال آخر: كما مرّ على آدم وحواء في الجنة قبل دخول الشيطان الجنة لتجربة حواء؟ إن هذا السؤال سيبقى بلا إجابة, فكل ما نستطيع قوله هو أن الشيطان سقط أوّلاً قبل إقدامه على تجربة حواء, فكان وسيلة غواية الإنسان وسقوطه. والشيطان يتحمّل الذنب الأعظم لأنه سقط تلقائياً ولم يكن من يجرّبه ويغويه, أمّا آدم وحوّاء فسقطا نتيجة لتجربة المجرّب.
لنبدأ إذاً بالقصة من أوّلها. لقد كان إبليس أذكى وأجمل المخلوقات التي خلقها الله في السماء. ربّما كان لوسيفر هو الرئيس الحاكم على الكون كلّه تحت رئاسة الله الذي عليه تمرّد وثار. وكانت النتيجة انتشار الثورة ونشوب الحرب في السماء. وقد شنّ الشيطان حرباً ما تزال نارها مستعرة إلى الآن منذ اللحظة التي أخطأ فيها ونزل إلى الأرض ليحاول إسقاط الإنسان بُعَيْد فجر التاريخ البشري. يا لها من أزمة كونية رهيبة.
يدوّن أشعياء (12:14-14) بداية ذلك الصراع فإنّ لوسيفر, وكان ملاك نور, كان قبل عصيان يتلألأ بهاءً, وقد وصفه حزقيال 12:28-17 بالقول: "وأنت خاتم الكمال ملآن حكمة وكامل الجمال... أنت الكروب المنبسط المظلّل... على جبل الله المقدس كنت. بين حجارة النار تمشّيت أنت كامل في طرقك من يوم خُلقت حتى وجد فيك إثم...قد ارتفع قلبك لبهجتك. أفسدت حكمتك لأجل بهائك." ويوم تمرّد الملاك لوسيفر على الله وأعماله انضمّ إليه في تمرّده نحو ثلث الجند الملائكة على حدّ تقدير بعضهم. وهكذا نرى الحرب التي ابتدأت في السماء وقد امتدّت إلى الأرض وما تزال دائرة, وستبلغ ذروتها في هر مجدّون حيث تكون النصرة الكاملة للمسيح فيندحر إذ ذاك إبليس وملائكته نهائيّاً.
التمرّد في السماء

كان بولس الرسول يدرك واقع حركة التمرّد التي جرت في السماوات وقد تكلّم عنها وكان يعنيها عند قوله عن لوسيفر, حامل النور سابقاً والشيطان الآن, إنه "رئيس سلطان الهواء الروح الذي يعمل الآن في أبناء المعصية" (أفسس2:2). ويقول أيضاً إننا إذ نحارب مملكة الظلمة الشيطانية, فإنّما نصارع" ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر... أجناد الشرّ الروحية في السماويات" (أفسس12:6).
يوصف كل فجور وإثم بأنه تمرّد الإنسان على الله أو قيامه بما تمليه الإرادة الذاتية العاصية عوضاً عن المشيئة الإلهية الصالحة. وهذا يصحّ على البشر في عصيانهم الآن كما صحّ قديماً على الملائكة الذين ارتكبوا العصيان.
الأنانية والعصيان

خلق الله لوسيفر, زُهرة بنت الصبح, كما خلق سائر الملائكة, لكي يكونوا لمجده. لكن لوسيفر, بدل أن يخدم الله ويسبّحه إلى الأبد, اشتهى أن يسيطر على السماء والخليقة فيحلّ محلّ الله. إنّه طمع في إحراز السلطان الأعظم. فقد جاء في أشعياء14 أن ذلك الملاك العظيم قال: "اصعد إلى السماوات". "ارفع كرسيّ فوق كواكب الله". "اجلس على جبل الاجتماع". "اصعد فوق مرتفعات السحاب". "أصير مثل العليّ". فالفاعل, في جميع هذه الأفعال, هو الضمير "أنا".
لم يكتف لوسيفر بمركزه تحت سلطان خالقه بل رغب في اغتصاب عرش الله. لقد تهلّل لفكرة صيرورته صاحب السلطة في كل الكون. اشتهى أن يكون قيصراً أو نابليوناً أو هلتراً على الكون كله. والثابت أنّ روح "أنا" هي روح العصيان. وهكذا تجاسر إبليس على الله العليّ وحاول إنزاله تعالى عن عرشه. فهو ماكرٌ شرّير, انه يتمتّع بقوة ومجد, فطمع في أن يصير معبوداً بدل أن يظلّ عابداً.
إن رغبة الشيطان في الحلول محل الله بالسيطرة على الكون تعود إلى خطية أساسية تؤدي إلى الكبرياء كما سبق أن ذكرت. إن خلف كبرياء الشيطان تختفي أشرْ الخطايا, وهي خطية الشهوة. إذ أنه اشتهى ما ليس له. هذه الشهوة نفسها هي تقريبا سبب كل حرب نشبت في التاريخ. والحرب الناشبة الآن في السماء والأرض بين الله والشيطان كان سببها الشهوة –شهوة الشيطان للحصول على ما يخص الله وحده.
في هذا الزمن, كما في كل زمن مضى, لا يقدر أحد أن يخطئ وحده. ذلك أن خطيته تؤثر في الآخرين. فتأثير الخطية تأثير وبائي سريع الانتشار. وإذ يتكلم الكتاب المقدس عن “التنين وملائكته" (رؤيا 7:12), يبين أن ربوات منهم شاركوا لوسيفر في إنكار سلطان الله عليهم فخسروا في النتيجة مكانتهم الرفيعة. فقد اختاروا أن يعملوا بمقتضى "خطة لوسيفر الحربية ". ونتيجة لسقوط أولئك الملائكة طرحهم الله "في سلاسل الظلام ... وسلمهم محروسين للقضاء" (2بطرس 4:2) وتقرر مصيرهم "في النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته" (متى41:25). لكنهم, إلى أن يحين وقت عقابهم الأبدي, سيبقون قوة عظيمة- قادرة على إحداث الاضطراب وإيقاع الدمار والخراب بالأفراد والعائلات والشعوب. احترس, فأولئك الملائكة الساقطون خطرون شرسون قاتلون, يريدون أن يضعوك تحت سيطرتهم, وفي سبيل ذلك يبذلون كل جهد ويدفعون أغلى الأثمان.
صمّم الشيطان, الأمير السماوي الساقط, أن يحارب الله محاربة لا هوادة فيها و لا مهادنة. فهو الماكر الأكبر الذي ما برح منذ سقوطه يحوك المكايد لإيقاع بني البشر وتدميرهم على المدى البعيد. لقد عملت فيه روح الأنانية مدفوعة بالكراهية لله فسطّرت قصّتها المفجعة في تاريخ البشرية. والشيطان, في محاربته لله,يسخّر البشر الذين خلقهم الله وأحبّهم. وهكذا يشتبك الله وجنده الأطهار مع الشيطان وأعوانه الأشرار في صراع قتّال منذ فجر تاريخنا. و لكم تدعو الحاجة لأن يفهم قادة العالم وسياسيّوه هذا الصراع على حقيقته, و إلّا ظلّوا قادةً عمياناً لشعوب عمياء. فكلّ ما يفعله السياسيون الآن هو أنهم يرقّعون الثوب برقعة هنا و رقعة هناك, ولن يوجد الحلّ لأعظم مشاكل العالم حتى تضع الحرب الروحية أوزارها. أن هذا سيتمّ بعد انتهاء آخر معارك التاريخ-معركة هر مجدّون. عندئذٍ يكون النصر للمسيح وجنده الملائكة السائرين تحت لوائه.
نظرة إلى الماضي والحاضر والمستقبل

سقط لوسيفر, حامل النور, فأمسى هو الشيطان أي إبليس, مُنشئ الخطية, هذه الخطية التي كانت وما تزال تؤثّر في كل ما تصل إليه. فتخدع وتُزعج وتخون وتُفسد وتُتلف.
أمّا لمعركة الدهور هذه من نهاية؟ هذه الحرب التي شنّها لوسيفر على الله وما يزال يخوضها فوق الأرض-متى تضع أوزارها؟
وليست هذه الحرب ناشبة على الأرض وحسب, بل إنّ نارها تستعر في السماء أيضاً: "وحدثت حرب في السماء. ميخائيل وملائكته حاربوا التنين وملائكته لم يقووا...فطُرح التنين العظيم..." (رؤيا 7:12 -9).
نلحظ آثار الشيطان وملائكته, الأرواح الشريرة, في الخلافات التي يثيرونها, والحروب التي يشعلونها, والبغضاء التي ينشرونها, والمذابح التي يفتعلونها, والعصيان الذي يوجدونه ضد الله ووصاياه. فهم عملاء الفتك والدمار المُخلصون. أمّا الملائكة الأبرار فيطيعون خالقهم. لا يسمع أحد نغمة نشاز البتة بين ملائكة السماء. فكلّهم ملتزمون تنفيذ القصد الإلهيّ وبلوغ الهدف الذي من أجله يصلّي أولاد الله الحقيقيّون: "ليأتِ ملكوتك, لتكن مشيئتك كما في السماء... “(متّى 10:6).
إذ يتكلم الكتاب المقدس عن إبليس وملائكته الساقطين يقول أنهم أخطئوا إذ لم يحفظوا رياستهم بل تركوا مسكنهم (يهوذا 6). لقد اقترفوا خطيّتين عُظمَييْن: الكبرياء والطمع. وطالما كانت خطية الكبرياء, على نحو خاصّ هي السبب في سقوط الكثيرين من البشر. فإذا كانت هذه الخطية قد استطاعت أن تحطّ لوسيفر وتُسقطه من السماء, فلا عجب إذا استطاعت أن تُسقط الإنسان الفاني أيضاً. لنحترس إذاً من الكبرياء و لنحذر, لئلّا نكون أمثال لوسيفر وملائكته الذين صيّرتهم الكبرياء أبالسة وأرواحاً شريرة.
ألا يُعقل أن يكون الله قد أراد بحكمته أن يكون الناس على بيّنة من أمر الشيطان وأرواحه الشريرة بحيث لا يشكّ أحد في حقيقة وجودهم؟ قد يكون هذا قصده تعالى عندما أوحى إلى حزقيال فكتب الأصحاح الثامن والعشرين من سفره, حيث يصوّر لنا مثيلاً للشيطان على الصعيد الأرضي, فيتكلّم عن ملك صور بوصفه مثيلاً بشريّاً للشيطان. إذ يتضح من كلمات ذلك الأصحاح أنّ ملك صور أمسى شيطاناً مجسّماً وصورة أرضية للملاك لوسيفر الذي تكبّر وأخطأ فصار هو إبليس.
نحن نعيش في ميدان معركة تحتدم باستمرار- فإنّ رحى حرب الدهور مازالت تدور. هذه الحرب تضغط بتزايد, وتُضيّق على شعب الله المؤمن بالمسيح. حتى إنّ الحروب التي تنشب بين شعوب الأرض ما هي إلّا مجرّد لعبة بأسلحة أطفال إذا قيست بشراسة المعركة الروحية الدائرة في العالم الروحي غير المنظور. إن هذا الصراع الروحي غير المنظور يدور حولنا باستمرار وبلا هوادة. حيثما يعمل الرب, تجد قوات الشيطان تنشط لتقاوم عمل الله؛ وحيثما يعمل الملائكة منفّذين المهمات التي يرسلهم الله من أجلها, تجد الشيطان يثور ويفسد. كل هذا لأن قوات الظلمة ما برحت تواصل هجومها المعاكس لعلّها تستعيد المواقع التي تحرّرت من سلطانها وآلت إلى مجد الله.
ولولا قوات الملائكة التي يمدّها الله بالقوة لمقاومة الأرواح الشريرة, أي ملائكة إبليس, لما ظلّ أيُّ أمل بالتغلّب على قوات الظلام الشريرة للانضواء تحت لواء ربّ الحريّة والخلاص. لقد نطق بولس بالحق عندما قال إنّ للظلمة حصوناً منيعة, لكنّها حصون لا تقوى على الصمود أمام قوة الإيمان والنور, إذ إنّ ملائكة الله يخوضون الحرب حتى النصر من أجلنا (2كورنثوس 4:10و5).
الشيطان يواصل العدوان

جاء في رؤيا10:12 عن الشيطان أنّه "المشتكي على إخوتنا", ويتكلّم بولس في أفسس12:6 عن "الرؤساء... السلاطين... ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر...أجناد الشر الروحية في السماويات". فمع أنّ الشيطان وجنده يشنّون الحرب في السماء فإنّ هدفهم الرئيسي هو تدمير الإيمان على الأرض.
يحدّد أشعياء12:14-14 أهداف الشيطان فيقول إنّه يعمل على قهر الشعوب, وإفساد المستويات الأدبية والمُثُل الخُلُقية, وإتلاف الموارد البشرية. كما أنّه يعمل على إفساد النظام الاجتماعي, وزعزعة مملكة الله لو استطاع. فإذ يستخدم الشيطان قوّته المدمرة, يُثير الاضطراب, ويشعل النيران, ويسبب الفيضانات والزلازل والعواصف والأوبئة والأمراض, ويعمل على إبادة الشعوب والأمم. ينتهي وصف الشيطان وقوته العظيمة بالكلمات: "الذي لم يُطلق أسراره إلى بيوتهم" (أشعياء 17:14), وهذه الكلمات قد تشير إلى سجن الشيطان أي الهاوية, وهي مقرّ أرواح الموتى الأشرار, كما هو موصوف بوضوح في لوقا 19:16-31. فللشيطان قوة عظيمة, وهو محتال خبيث يمضي بلا هوادة في محاربة الله والمؤمنين. إنّه يفعل كل ما يستطيع فعله ليُبقي الإنسان أسير الخطية, حتى يجرّه أخيراً إلى سجن الانفصال الأبدي عن الله.
منذ سقوط لوسيفر, حامل النور, أي زُهرة بنت الصبح, لم تكن هدنة في صراع الدهور المرير. فما زال لوسيفر يعمل ليلاً ونهاراً, بكل مهارة وحنكة, ناصباً أحابيل الظلام للإيقاع بالناس, عاملاً بلا توقف على إحباط خطة الله الأزلية. إننا نجد عواقب الشر مسطورة على كل صفحة من كتاب تاريخ البشر, وقد عملت قوات الظلام بتوجيه من إبليس لإتمام تلك العواقب وإيصالها إلى أقبح أشكالها وأشرّها. لا يرضى الشيطان بالتخلّي, قيدَ أُنُملة, عن الأرض التي يسيطر عليها, ولا يتوقف لحظة عن مقاومة خطة الله الهادفة إلى تحرير الكون من بين براثنه. وهو لا يكفّ أبداً عن السعي إلى مقاومة كلمة الله والطعن بصدقها, ويحرّض الناس على إنكار سلطان الله, ويحاول إغواءَهم كي يمرّغوا أنفسهم في ملذّات الخطية الخدّاعة. والخطية هي الأمر الواقع الرهيب في عالمنا هذا. إذ تكشف عن وجهها القبيح في ما تبتكره من رذيلة و انحطاط, وفي ما تثيره من حروب وسفك دم, وما تنتجه من أنانية وحزن وقلوب محطمة ونفوس ضائعة هالكة. فقد كانت الخطية-وما زالت-هي مأساة الكون وأداة الشيطان لإحباط أعمال الله أو تدميرها. حقّاً ما أصدق قول الكتاب عن الشيطان: "ذاك كان قتالاً للناس من البدء ولم يثبت في الحق لأنه ليس فيه حقّ. متى تكلم بالكذب فإنّما يتكلم مما له لأنه كذّاب وأبو الكذّاب" (يوحنا44:8).
مكر الشيطان

حاشا لله, وهو الإله العادل, أن يُغفل أمر الخطية إلى الأبد. فهو لن يسمح لانحرافات لوسيفر بأن تسخر منه تعالى إلى ما لا نهاية. لذلك نجد الرد على شر العالم في ناموس كلمة الله الذي لا يتبدّل, حيث نُفاد أن "أجرة الخطية هي موت, وأمّا هبة الله فهي حياة أبدية بالمسيح يسوع ربنا" (رومية23:6). فهجمات إبليس التي ابتدأت منذ فجر التاريخ ستستمر إلى أن يبدأ الله بإسدال الستار على هذه المسرحية المروّعة, وذلك في معركة هر مجدّون الحاسمة.
يؤسس الشيطان حِيَله الماكرة وأعماله الخبيثة على التشكيك بصدق الله وأمانته. فلكَم حاول, على مدى قرون عديدة, أن يجعل الإنسان يسيء الظنّ بالله, ساعياً لإظهار الله المنزّه عن الكذب وكأنّه كاذب في نظر الإنسان. وهو يحاول, مراراً وتكراراً, أن يقلّل من جدّية كلمة الله لعلّه يحرم الإنسان نعمة الإيمان وطمأنينة الاعتماد على الله. ويستعمل لوسيفر في إغوائه الإنسان كلمات من قبيل "إذا" و "لو" و "لكن", غير أنّ الله يُقدّم لنا خطة الخلاص بكلمات واضحة صريحة لا التباس فيها ولا تشكيك. كذلك يؤكد لنا الله أنّنا, بفضل عمل المسيح ومساندة ملائكته, سننتصر في حربنا ضد جيوش لوسيفر.
لا نعجب لأن لوسيفر, الملاك الساقط, دبّر مكيدته لينتحل لنفسه تفوّق الله في خليقته. ففي الجنة, عندما نطق إبليس بفم الحية وتكلم مع حواء, قال لها: "أحقاً قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة؟" (تكوين1:3). وجاء الجواب عن هذا السؤال: "من ثمر شجر الجنة نأكل, وأما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الله لا تأكلا منه ولا تمسّاه لئلّا تموتا" (تكوين3:3).
ولنسمع رد الشيطان على جواب حواء: "لن تموتا" (تكوين4:3). فكأنه يقول أن الله غير صادق ولا يعرف ما الذي يقوله. وهكذا نجد أن الشيطان يحاول زرع الشكوك فينا عن طريق توجيه الأسئلة إلينا. فالتشكيك بكلمة الله أمر بالغ الخطورة. وهذه هي الخطة التي يتبعها الشيطان: يحاول أن يغوينا لندخل في جدل عقلي. وهكذا كانت مع حواء فوقعت في هذا الشرك. من المحتمل أنّها راحت تفكر: هل من الممكن أن يكون الله ظالماً قاسياً, فيحرمنا من عمل شيء بريء ليس فيه أي ضرر؟ ماذا لو أكلنا؟ "إن الشجرة جيدة للأكل... بهجة للعيون" (تكوين6:3). تباحثت حواء بغباوة مع المجرِّب, وصارت تشك بصدق الله وحكمته. وقد دخل سمّ الخطية إلى كيانها عندما راحت تسائل نفسها مشككة بحكمة الله. ما أسهل أن يطلي الشيطان بألوان زاهية الآراء المظلمة لكي يُغري الناس بأن يقبلوها ويتبنّوها. ويأتينا خداع الشيطان زاهياً ملوناً بلون رغباتنا, فنجد الشيطان, مرّة بعد مرّة, يلقي علينا اقتراحاته الفكرية و افتراضاته التشكيكية الخبيثة. فقد قال لحواء: إن أكلكما من الشجرة يفتح أعينكما وتكونان حكيمَين مثل الله. وأصغت حواء, وفكرت, ونظرت, ولمست, وأخذت, وذاقت. كذلك لا يتوانى الشيطان في إثارة رغبات الجسد وشهواته واجتذاب الإنسان بها, فيظن هذا الإنسان أنه سيجد في الخطية ما يروي عطش نفسه ويشبع جوعها. هكذا يدأب الشيطان في استخدام حواسنا كمنافذ يدسّ منها إلينا افتراضاته وشكوكه.
نعرف من سفر التكوين أن حواء أكلت أولاً ثم أعطت آدم فأكل هو أيضاً. فلو أنهما ثبّتا الفكر في الله, ووثقا بحكمته شاعرَين بالخطر الكامن في ثمر الشجرة الممنوعة, لكان التاريخ كله غير ما هو عليه الآن, ولكانت هناك عاقبة أخرى. ولو أنهما أدركا نتائج العصيان وانتبها إلى خطورة ما كان الشيطان يجرّهما إليه, لو أنهما تصوّرا لهيب السيف المتقلّب الذي كان سيفصلهما عن الجنة إلى الأبد, لو أنهما فكّرا بالعواقب الوخيمة التي حلّت بسبب لحظة من "البساطة" والغباء, لمَا كانا وقعا في أشراك الخطية, ولما كانا اضطُرّا في ما بعد للوقوف صامتين واجِمَين فوق جثمان ابنهما هابيل القتيل. فقد كان موت هابيل المفجع ثمر قوة الخطية التي أفسدت حياتهما. لولا ذلك, لكان عالمنا اليوم فردوساً يخيّم عليه الحبّ والسلام والسعادة.
لو قاوم آدم وحواء الشيطان في الجنة لكان هذا العدو هرب وظلّ مهزوماً إلى الأبد. لكنهما أخطأ, فملك الموت على جميع البشر (تكوين13:3). من هنا ابتدأ الموت. والخطية تعمل العمل ذاته مع كل منا مهما اختلفت أحوالنا أو طبيعتنا أو محيطنا.
فنحن في الطيعة فاسدون وقد ورثنا تلك الطبيعة الساقطة من أبوينا (رومية 19:3). فالسلالة البشرية كلها أصبحت فاسدة, كالأقذار تطرح في منع النهر فيتلوث بها المجرى كله. ولا مفر لنا الآن من سماع الحكم علينا بسبب الخطيئة التي لوثتنا. وعلى كل واحدٍ أن يقف أمام الديان ليؤدي الحساب عما اقترفت يداه.
لاحظوا بعض افتراضات الشيطان السّامة والفتاكة التي يدسها في أفكار الناس هذه الأيام . يقول: إن كنت تعيش حياة شريفة ,وتفعل الصواب, وإن كنت تذهب إلى الكنيسة كل أحد, وتقوم بأعمال خيرية إن كنت كذا أو كذا... لكن كلمة الله تعلمنا أن كل هذه الافتراضات لا تفي بشروط الله لنوال الخلاص. فأعمالنا الحسنة ونياتنا الطيبة غير كافية. قال الرب يسوع : "ينبغي أن تولدوا من فوق" (يوحنا 7:3). فلن نحصل على يقين الخلاص إلا إذا تبنا إلى المسيح مؤمنين به وواثقين، معترفين له بخطايانا وملتمسين المغفرة من لدنه. إن الشيطان سيسعى بكل ما أوتي من جهد، لحملنا على الاتكال على أنفسنا عوضا عن المسيح ولكن لا أحد غير المسيح يستطيع أن يُنيلنا الخلاص الأبدي، ولا بد أنه فاعل ذلك حالما نسلمه حياتنا ونصدق أنه أكمل عمل خلاصنا فوق الصليب: (لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية) (يوحنا 16:3).
هذه هي الأساليب التي يعتمدها الشيطان اليوم في اتصاله بالناس والإيقاع بهم، كما كان في فحيح الحية قديما أفكار الشيطان المميتة. والموت يحاصرنا برائحته النتنة من كل ناحية، فقد كثرت الخطية واستفحل أمرها. قال الكاتب الشهير سي. إس. لويس (C. S. Lewis): "الحرب لا تزيد عدد الموتى – فلكل جيل موتاه العديدون. “ولكن لنا أن نفوز بالحياة الأبدية عندما نؤمن بيسوع المسيح. هل اتخذت المسيح مخلصا لك، وهل تثق فيه وحده من جهة خلاصك؟ إن كنت حتى الآن لم تقبل إليه بالتوبة ولم تقبله بالإيمان فالتفت إليه الآن وادعوه إلى رحاب حياتك مسلّما له زمام أمرك، واطلب إليه أن يخلصك ويجلس على عرش قلبك: "وأما كل اللذين قبله فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله، أي المؤمنين باسمه" (يوحنا 12:1). هلا تقبله فتصير ولدا من أولاد الله. لا تؤجل اتخاذ هذه الخطوة التي عليها يتوقف مصيرك الأبديّ، علما بأن التأجيل حيلة من حيل الشيطان الذي يشق عليه ن يراك تفلت من أسره.
 
قديم 14 - 07 - 2015, 05:35 PM   رقم المشاركة : ( 8444 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الملائكة يحموننا وينقذوننا

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

إن أعداء المسيح الذين يهاجموننا باستمرار ويحاولون تحويلنا عن سواء السبيل تبوء محاولاتهم بالفشل لأن ملائكة الله الأقوياء يحيطون بنا دائما ومن كل جانب وهم على استعداد لأن يهبّوا لمساعدتنا عند تدعوا الحاجة.
حبّذا لو أدرك جميع المسيحيين المؤمنين هذه الحقيقة التي يكثر ذكرها في الكتاب المقدس. فقد لاحظت أنه كلما زاد تقدم المؤمنين في طريق الإيمان المسيحي زاد عدد الذين يؤمنون بحقيقة الملائكة وخدمتهم . وكل سنة تتجمع مئات القصص التي تحدث عن تدخل الله في حياة أولاده بطرق فائقة للعادة، مما يؤكد انه تعالى يستخدم الملائكة بوصفهم أرواح خادمة.
الملائكة حراس سماويون

كثيرا ما يحفظ الملائكة خدام الله من اعتداء المعتدين. تأمل في الحادثة المذكورة في سفر الملوك الثاني 14:6-17 فقد أرسل ملك آرام جيشه ليلا إلى دوثان بقصد اعتقال النبي أليشع. وفي الصباح خرج جيحزي، خادم أليشع، من البيت ورأى فصاح منذراً أليشع بأن المدينة محاطة بجيش وأسلحة ومركبات الحرب. أما أليشع فطمأن خادمه قائلاً – "لا تخف لأن الذين معنا أكثر من الذين معهم “(16:6). ثم صلى أليشع وطلب أن يفتح الله عينيه الخادم ليرى ألوف الملائكة المرسلة للمحافظة عليهما. وعندئذ نظر جيحزي فأبصر “وإذا الجبل مملوء خيلا ومركبات نار حول أليشع". إن هذا المقطع من الكتاب المقدس كان دائما واحدا من التأكيدات التي أتشجع وأتغذى بها في خدمته.
يهبّ الملائكة لنجدة خدام الله عند اشتداد الصعوبة والخطر. ونجد مثلاً رائعاً على هذا في أعمال 23:27 -25. فعندما كان بولس مسافراً بالبحر إلى روما تعرضت السفينة للغرق، وكان عليها مع بولس ما يزيد عن مئتي راكب. وقد تكلم بولس إلى نوتية السفينة الخائفين فقال: "وقف بي هذه الليلة ملاك الإله الذي أنا له والذي أعبده قائلاً: لا تخف يا بولس . ينبغي لك أن تقف أمام قيصر. وهو ذا قد وهبك الله جميع المسافرين معك “(أعمال 23:27 و24).
ويعتقد بعضهم اعتقاداً راسخاً أن لكل مؤمن ملاكاً حارساً يسهر على سلامته، وأن هذه الحراسة قد تبدأ منذ الطفولة. إذ قال يسوع: "انظروا لا تحتقروا أحد هؤلاء الصغار، لأني أقول لكم أن ملائكتهم في السماوات كل حين ينظرون وجه أبي الذي في السماوات" (متى 10:18).
الملائكة يعملون لخيرنا

إن أهم خصائص الملائكة ليس كونهم أقوياء يستطيعون السيطرة على ظروف حياتنا، ولا كونهم مخلوقات فائقة الجمال بل كونهم مكلفين أن يعملوا لخيرنا. تدفعهم دائماً محبة لله لا حدّ لها وهم يتّقدون غيرةً ليروا إرادة الله في المسيح يسوع تتم في حياتنا.
يقول داود في المزامير عن الملائكة: "الساكن في ستر العلي في ظل القدير يبيت ...لأنه يوصي ملائكته بك لكي يحفظوك في كل طرقك. على الأيدي يحملونك لئلا تصدم بحجر رجلك “(مزمور1:91 11 و12) .
ذكرت لي زوجتي حادثة عجيبة جرت في مكتبة مسيحية في شنغهاي بالصين. وقد روى لها الحادثة أبوها، الدكتور نلسون بل (Nelson Bell)، وكان طبيباً يعمل في الصين...
قد تعود أن يمر بالمكتبة المذكورة من حين إلى آخر ليشتري بعض الأناجيل أو النبذ الدينية ليقدمها إلى المرضى كي يقرؤوها.
كان ذلك في السنة 1942، بعدما بدأت نتيجة الحرب تميل لمصلحة اليابانيين واحتل جنودهم المدن والقرى الصينية. كانت الساعة نحو التاسعة من صباح أحد الأيام إذ جاءت شاحنة يابانية فيها خمسة من مشاة البحرية فتوقفت على الطريق خارج المكتبة، وكانت ملأى حتى نصفها بالكتب. كان في المكان آنذاك مساعد مدير المكتبة وحده، وهو صيني مؤمن، فعرف أن الجنود قد جاؤوا بالشاحنة ليصادروا ما في المكتبة من كتب، وبالطبع هاله الأمر جدا.
قفز الجنود من الشاحنة واقتربوا مسرعين، ولكن رجل صيني وجيه المنظر أنيق الملبس سبقه ودخل من باب المكتبة. كان المساعد يعرف جميع الزبائن الصينيين الذين يجيئون عادةً لشراء الكبت والمطبوعات، واستغرب مجيء ذلك الصيني الأنيق في ذلك الظرف، وعجب المساعد من أن الجنود ظلوا خارج المكتبة ولم يتجرؤوا على الدخول والرجل الصيني هناك. لقد اكتفوا بالتحرك خارج المكتبة والتطلع نحو الداخل من النوافذ الأربعة الكبيرة. مرت ساعتان والجنود يحومون في الخارج حتى حوالي الساعة الحادية عشرة، ولم تطأ لهم قدم داخل المكتبة وكان الرجل الغريب قد سأل عمّا يريده أولئك الجنود، وأجاب المساعد أنهم يصادرون الكتب من كثير من مكتبات المدينة وقد جاء دور تلك المكتبة. جلس الغريب وتحدث إلى ذلك المساعد طويلاً ثم صلى الاثنان معا، وتكلم الغريب كلمات التشجيع، وهكذا مرت الساعتان. أما الجنود، فبعد الانتظار الطويل ساعدوا إلى شاحنتهم وانصرفوا. وذهب الصيني الغريب بعد ذلك دون أن يشتري أي شيء أو يسأل عن أي كتاب.
وفي آخر النهار عاد إلى تلك المكتبة صاحبها السيد ك . ويليس (willis) (وكان يطلق عليه بالصينية اسم "لي"). فقال المساعد: "يا سيد لي، هل تؤمن بالملائكة؟".
أجابه ويليس: "أنا أؤمن".
فقال المساعد: "وأنا أؤمن أيضاً". أفلا يمكن أن يكون ذلك الصيني الأنيق ملاكاً حارساً أرسله الله فظهر بتلك الهيئة وأنقذ تلك المكتبة من المصادرة؟ إن والد زوجتي، الدكتور بل راوية هذه القصة، كان دائما يعتقد ذلك.
حادثة أخرى روتها السيدة كوري تن بوم (Corrie Ten Boom)، وفيها اختبار عجيب جرى لها في معتقل رايفنزبروك (Ravensbruck)، وهو السجن النازي المخيف الذي كان النازيون يجمعون فيه مناوئيهم.
تقول كوري :"دخلنا معا المبنى المخيف. كانت نساء مجتمعات عند طاولة لتفتيشنا، وليأخذون منا كل ما نملك. وكان على كل امرأة أن تخلع كل ملابسها ثم تذهب إلى غرفة حيث تفحص المفتشات شعرها. "
"سألتُ إحدى النساء الواقفات عن المرحاض، فأشارت إلى باب قريب. ذهبت إليه فوجدت آن المرحاض لم يكن سوى ثقب في أرض غرفة صغيرة فيها مرشة حمام. كانت صديقتي أليس تلازمني كل الوقت وقد دخلت هي أيضا غرفة المرحاض. وخطرت لي خاطرة فجأة فقلت لصديقي، أسرعي، اخلعي قميصك الداخلي الصوفي. ففعلت، وخلعت قميصي أنا أيضا. طوينا القميصين ولففناهما في شكل صرة مع كتابي المقدس الصغير على أمل أن نستبقي القميصين والكتاب فلا تصادرهما المفتشات. ثم ودعنا الصرة في زاوية المرحاض. وقد كان المكان مملوءا بالصراصير لكن هذا لم يهمنا. شعرت بالارتياح وقلت لصديقتي: الله سيستجيب صلواتنا، لن تؤخذ منا جميع ملابسنا."
"عدنا إلى صف النساء المنتظرات لكي يجردنا من ملابسهن. أي القميصين الصوفيين والكتاب المقدس تحت فستاني. كان بإمكان كل من ينظر أن يلاحظ وجود تلك الصرة تحت فستاني. لكني صليت بهدوء: يا رب أحطني بملائكتك، وليكونوا غير شفافين اليوم فقط كي يغطوني فلا يراني الحراس. وشعرت بارتياح تام. فحص الحراس كل واحدة من الأمام والجانين والخلف. لم يكن شيء ليختفي عن أعين أولئك. كانت امرأة تسير أمامي في الصف، وقد خبئت هي أيضا قميصا صوفيا تحت فستانها، فرآه الحراس وأخذوه. وجاء دوري فممرت. لم يفتشوني. إنهم لم يروني. ثم جاءت أليس خلفي ففتشوها.
"وفي الخارج كان خطر آخر ينتظرنا. فعلى جاني البعض الباب كانت مفتشات بوعدن النظر إلى كل واحدة منا. وقد قمنا بتفتيش كل واحدة منا من جديد. كنت متأكدة أنهم لن يرينني إذ كانت الملائكة ما تزال تحيط بي. ولم استغرب عندما مررت دون تفتيش. وأحسست في داخلي هتاف الفرح. وقلت في سري: إن كنت يا رب تستجيب الصلاة بهذا الشكل فباستطاعتي أن أوجه رايفنز بروك بالذات دون وجل. "
الإشراف الإلهي

ليتعزّ ويتقو كل مؤمن حقيقي المسيح، فالملائكة على مقربة منك يرسمون لك الطريق الذي تسير فيه ويرافقونك في أثناء سيرك. إنهم يشرفون على كل حوادث حياتكن عاملين ما يرضي الله, منفذين خططه ومشيئته السامية من أجلك. فالملائكة شهود لكل ما تعمله، ناظرين متتبعين كل ما يجري لك، "لأننا صرنا منظرا للعالمين للملائكة و الناس" (1كورنثوس 9:4). أمن المستغرب أن يفرز الله مجموعة من الملائكة لتسهر عليك.
حدث في الزمن القديم أن ضايقت سارة زوجة إبراهيم جاريتها هاجر، فهربت هذه من وجه سيدتها. فقد كانت سارة –على عادة ذلك الزمان - قد حملت إبراهيم على الزواج من الجارية لكي ترزق منها ابنا. وحبلت هاجر وابتدأت الغيرة تدب في قلب سيدتها. وكان ذلك هو السبب في مضايقتها لهاجر. ثم عادت هاجر إلى بيت إبراهيم ومرت الشهور فولدت ابنا سمته اسحق. وعادت سارة من جديد تحس بالضيق والغيرة من هاجر ومن إسماعيل ابنها .
إننا نعجب من أن إبراهيم، مع تحليقه في أجواء الإيمان العالية، رضخ لزوجته وعمل بمشورتها، فتزوج جاريتها وأصبح والدا لأبن تلك الجارية. كما نستغرب أن تصل الغيرة بسارة إلى حد الطلب من إبراهيم أن يطرد هاجر وإسماعيل ابنها. وهكذا حصد إبراهيم ما كان قد زرعه، وفي وسط حزنه لم يجد مفراً من طرد هاجر وابنها خارج بيتها.
أما الله فلم يتخلَ عن هاجر بل أرسل ملاكه لخدمتها. "فوجدها ملاك الرب على عين الماء في البرية، على العين التي في طريق شوور" (تكوين 7:16). ثم كلمها الملاك بمشورة الله. وحول أنظارها عن الإساءة التي وجهت إلها، فقدم لها وعدا سيتحقق لها إذا وضعت ثقتها في الله. هذا الإله ليس إله بني إسرائيل وحدهم، كما يظن بعضهم, بل إله العرب أيضا (إذ تحدروا من سلالة إسماعيل). وكان اسم إسماعيل، ومعناه "الله يسمع "، مصدر تعزية لهاجر أمه . فقد وعد الله أن يكثر نسل إسماعيل فيصير لسلالته شأن عظيم في العالم. وسمع إسماعيل الصبي هذا الوعد من فم الملاك وهو بعد في بداية تجواله في الصحراء، ذلك التجوال الذي كان سيتميز به نجله وأعلن ملاك الرب نفسه حاميا لهاجر وإسماعيل ، فهتفت هاجر في شدة رهبتها: "أنت ايل رئي" (تكوين 13:16) وهذه العبارة يمكن التعبير عنها بالقول التالي: "رأيتك يا الله الذي ترى الجمع وتراني".
إن الآية في مزمور 7:34 , "ملاك الرب حالّ حول خائفيه وينجيهم"، تؤكد القول بان الملائكة تقوم بحمايتنا وإنقاذنا عند الحاجة. وقد عبر عن هذه الفكرة تشارلز وسلي (Charies Wesley) في إحدى ترانيمه التي يقول فيها ما معناه :
تصحبنا الملائكة بنعمة الله القدير
على الدروب الشائكة كما على الدرب اليسير
بقدرة إلهنا تيسر لنا الطريق
فتعتني بحفظنا وتدحر الشر المحيق
إنقاذ معجزي:
إن المسيحيين المؤمنين بأكثريتهم الساحقة، يذكرون ، ولابد، حوادث في حياتهم تعرضوا فيها لأخطار محققة ونجوا بشكل عجيب. فمنهم من تعرضت الطائرة التي كان يستقلها للتحطم، أو تدهورت به السيارة ونجا بشكل عجيب، أو وقع في مأزق حرج وأنقذ منه. والذين يذكرون حوادث كهذه لا يقولون إنهم رأوا ملائكة تتدخل لإنقاذهم، ولكن حضور الملائكة في تلك الحوادث هو التفسير الوحيد لانحسار الخطر والنجاة من الكارثة. فمن الحق أن نكون دائماً شاكرين لجود الله الذي يستخدم ملائكته، مرافقينا المدهشين، ليحافظوا علينا. إن الكتاب المقدس والاختبار الشخصي يؤكدان أن ملائكة حارسة وساهرة تصحبنا في بعض طرقنا إن لم يكن كلها، وترفرف فوقنا لتحرسنا.
يذكر الكتاب المقدس كثيراً من الحوادث المؤثرة التي تثبت عناية الملائكة ومحافظتهم على شعب الله على الأرض. ويدعو بولس المؤمنين لأن يلبسوا سلاح الله الكامل لكي يثبتوا في وجه الشر (أفسس6: 10 – 12). "فإن مصارعتنا ليست مع دم ولحم بل مع الرؤساء مع السلاطين..... مع أجناد الشر الروحية في السماويات". إن الشيطان، رئيس سلطان الهواء، قد يؤيد إحدى الديانات ولكنه لا يؤيد الإيمان الحقيقي. وفي العالم أنبياء كذبة كثيرون يدعمهم الشيطان. لذلك كانت قوات النور وقوات الظلام مشتبكة في صراع شديد. ولكن شكراً لله من أجل قوات الملائكة التي تصارع أعمال الظلام وتقاومها. والملائكة لا تعمل بدافع من أنانية بل تعمل ما يقوي المؤمنين فيعود ذلك بالمجد لله دون سواه. ونجد مثلاً على خدمة الملائكة في أعمال الرسل (12: 5 – 10).
ننظر فنرى بطرس مقيداً ومطروحاً في السجن بانتظار يوم تنفيذ الحكم بقتله. وكان يعقوب، أخو يوحنا، قد قتل قبل ذلك، ولم يكن أي رجاء بأن ينجو بطرس من سيف الجلاد، إذ كان هيرودس يريد أن يقتل بطرس إرضاء للذين يقاومون الإنجيل وأعمال الله. لا شك أن المؤمنين كانوا قد صلوا من أجل يعقوب، لكن الله اختار أن يأخذه إليه فمسح بموته. وها هي الكنيسة آنذاك تصلي من أجل بطرس.
كان بطرس نائماً في حجرة السجن، وفجأة ظهر ملاك دخل حجرة السجن دون أن تمنعه الأبواب ولا قضبان الحديد من الدخول. وأيقظ الملاك بطرس وطلب منه أن يستعد لمغادرة السجن. إذ ذاك أشرق نور في السجن فانحلّت السلسلة التي قيّدت بطرس. ثم ارتدى ملابسه وقام فتبع الملاك. عندئذ تفتحت الأبواب بقوة خارقة للطبيعة لأن بطرس لا يقدر أن يمر من الأبواب المقفلة كما فعل الملاك. لقد أخرج الملاك بطرس من السجن. يا له من إنقاذ عظيم حققه الرب بواسطة ملاكه.
تدخّل الملائكة:

في العهد القديم والعهد الجديد اختبارات كثيرة نشأت من سجن قديسي الله، فكانوا يدعون الله لينقذهم مباشرة أو ليستخدم في إنقاذهم ملائكته العاملين باسمه. وكثيرون اليوم ممّن تكبلهم قيود الكآبة واليأس، يستطيعون أن يتشجعوا واثقين بإمكان النجاة. فليس عند الله محاباة، وهو يصرّح بأن الملائكة خدام يرسلهم لخدمة جميع ورثة الإيمان. وإذا كنا أولاداً لله فإننا ندرك حقيقة الملائكة التي تخدمنا وقربها منا. إنّ هذا ليملأنا باليقين الهادئ والثقة التامة ونحن نواجه مصائب الحياة. لكن يجب ألا نضع ثقتنا مباشرة في الملائكة بل في الله الذي يهيمن على الملائكة. وهذا يجعلنا نطمئن أيّما اطمئنان.
في عبرانيين 11 قائمة طويلة بأسماء رجال ونساء اشتهروا بالإيمان. هؤلاء المؤمنون اختبر أكثرهم عجائب أجراها الله معهم مثل شفاء من مرض أو إنقاذ من كارثة، بل نجاة من موت. وقد دعا أحدهم هذا الإصحاح "قاعة مشاهير الله". يقيناً أن الملائكة أعانوا هؤلاء المؤمنين العظام فأخضعوا ممالك، ونالوا مواعيد، وسدّوا أفواه أسود، وأطفأوا قوة النار، ونجوا من حد السيف، وإذ كانوا ضعفاء آزرتهم الملائكة فهزموا جيوشاً بكاملها.
ولكن عند الآية 35 تختلف النغمة وتخفّ السرعة، وذلك عندما يقول كاتب الرسالة "وآخرون عذبوا ولم يقبلوا النجاة". إن هؤلاء لا يقلّون إيماناً وشجاعة عن الآخرين. لقد احتملوا الهزء القاسي والجلد والتنكيل في قيود وحبس. "رجموا، ونشروا، جربوا، ماتوا قتلاً بالسيف، طافوا في جلود غنم وجلود معزى، معتازين مكروبين مذلين". لعلّهم صرخوا إلى الله، مرة بعد مرة، كي يرسل ملائكته الأشداء لإنقاذهم، ولكن لم يأتهم أي ملاك. فتألموا واحتملوا كما لو كان الله قد حجب وجهه عنهم.
فائزو الله:

لماذا؟ نجد الجواب في صلاة مخلصنا في البستان وهو يواجه الجلجثة حيث صلب. فقد صلّى في تلك الليلة: "إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس" (متى26: 39)، ثم أضاف: "ولكن لتكن لا إرادتي بل إرادتك" (لوقا22: 42). إذاً، كانت لدى الله خطة سرية خفية في آلام هؤلاء القديسين العظام وموتهم، فلم ينقذهم الله جسدياً بل سمح بأن يموتوا: لقد كانوا يتممون مشيئة الله وكانوا يعرفون ذلك. لذلك لم يقبلوا النجاة، وماتوا في الإيمان. ثم إن الجزء الأخير من عبرانيين 11 يبين أن أولئك الذين لم ينقذهم الله استجابة للصلاة سينالون مجازاة سماوية عظيمة لأنهم صبروا في الإيمان. وعندما ماتوا حملت الملائكة نفوسهم الخالدة في موكب مهيب إلى عرش الله. فإذا جاز أن ندعو القسم الأول من عبرانيين11 "قاعة مشاهير الله" وجب أن ندعو القسم الثاني من ذلك الأصحاح "قاعة الفائزين بوسام الشرف الإلهي".
كنت مرة أجتاز في فترة مظلمة من حياتي فصلّيت مراراً وتكراراً، ولكن السماء بدت كأنها من نحاس. أحسست كأن الله احتجب وبقيت أحمل حملي وتجربتي وحدي. كانت تلك الفترة لنفسي ليلاً حالك الظلام. وكتبت إلى أمي ذاكراً لها تجربتي فجاء جوابها: "يا بني، أحياناً ينسحب الله من حياتك لحظة ليمتحن إيمانك. فهو يريد لك لأن تثق به في الظلام. والآن يا بني مد يدك وسط الضباب بالإيمان، وسترى أن يده تنتظرك هناك". قرأت رسالة أمي فسالت دموعي. ثم سجدت بجوار سريري وشرعت في الصلاة، فغمرني الشعور بحضور الله. وهكذا، سواء أشعرنا بحضور الروح القدس أو أحد الملائكة الأطهار أم لم نشعر، نستطيع أن نثق بأن الله لن يهملنا ولن يتركنا.
 
قديم 14 - 07 - 2015, 05:38 PM   رقم المشاركة : ( 8445 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الملائكة وكلاء الله المنفذون لقضائه

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


يفيدنا الكتاب المقدس أن الملائكة عملوا في كل التاريخ على تنفيذ أحكام القضاء الإلهي وتحكموا بمصائر الأمم التي عصت الله. مثلاً على ذلك أن الله استخدم الملائكة في تشتيت شعب إسرائيل بسبب خطاياهم،
كما استخدم الملائكة أيضاً لما دمّر مدينتي سدوم وعمورة، ثم لما أسقط مدينتي بابل ونينوى. وعند "انقضاء الدهر" سينفّذ الملائكة الدينونة بأولئك الذين قد رفضوا محبة الله.
يتكلم كاتب الرسالة إلى العبرانيين عن قوات الملائكة بوصفها المنفذة لدينونات الله: "الصانع ملائكته رياحاً وخدامه لهيب نار" (عبرانيين1: 7)، حيث إن لهيب النار يذكرنا برهبة دينونات الله ويبين أن للملائكة قوة خارقة للطبيعة عند تنفيذهم أوامر الله. وينفذ الملائكة الدينونة بموجب مبادئ بر الله.
ولست أشك أن الملائكة كانت لهم اليد الطولى في تدمير أنظمة شريرة، كالنازية وغيرها، إذ إن حكومات تلك الأنظمة جاوزت الحدود وصارت على حالة شاذة استدعت أن يتدخل الله. هؤلاء الملائكة أنفسهم سينفذون في المستقبل دينونات مخيفة جاء في سفر الرؤيا وصف بعضها.
قد نكوّن عن الملائكة تصورات غير واقعية، تأثراً بما تزخر به مخيلتنا من صور للملائكة تظهر فيها ككائنات مجنّحة. وربما نتصور أن الملائكة كائنات بريئة لا يمكن أن تؤذي أحداً. أليست هي "أرواحاً خادمة مرسلة للخدمة للعتيدين أن يرثوا الخلاص"؟ صحيح، ولكن كما ينفذ الملائكة إرادة الله في إنقاذ المؤمنين بيسوع المسيح هكذا هم أيضاً "منتقمون" ينفذون إرادة الله في إجراء أحكام دينونته. فمثلاً، أعطى الله ملائكته القدرة للفصل بين "الخراف والجداء"، كذلك بين "الحنطة والتبن". ولا يخفى الدور الذي يوليه سفر الرؤيا للملائكة في معرض وصفه لما سيجري من دينونات عند انقضاء الدهر (راجع خصوصاً رؤيا 17و 18)
الملائكة ينذرون بالقضاء الوشيك:

قبيل خراب سدوم وعمورة كانت هاتان المدينتان غارقتين بالشر حتى لم يكن مناص من حلول الدينونة. فقد كثر شر أولئك الناس، حتى عاقبهم الله وما كان بد من الدينونة. ولكن قبل حلول الدينونة يرسل الله إنذاراته. وفي حالة سدوم وعمورة أرسل الله ملائكته إلى إبراهيم ليطلعوه على ما سيجري من دمار المدينتين بسبب شرهما (تكوين18). وكان لوط، ابن أخي إبراهيم، يسكن فسس دوم وسط ذلك الشعب الشرير. وراح إبراهيم يتضرع إلى الله ليصفح عن المدينتين. سأل إبراهيم الله هل يرفع الدينونة عن سدوم لو وجد فيها خمسون إنساناً باراً. وأجاب الله بأنه يصفح إن كان في المدينة خمسون باراً. ثم طلب إبراهيم إلى الله أن يوقف تنفيذ الدينونة إذا وجد في المدينة خمسة وأربعون باراً. فأجاب الله بالإيجاب. وعاد إبراهيم فطلب أن ينجي أهل المدينة إذا وجد بينهم ثلاثون باراً. وقبل الله بذلك. ثم عاد إبراهيم فطلب الصفح من أجل عشرين باراً. ثم من أجل عشرة. ووافق الله على رفع دينونته عن سدوم إذا وجد فيها عشرة أبرار. ولكن لم يكن في تلك المدينة حتى عشرة أبرار. لنلاحظ أن الله استجاب لإبراهيم في كل مرة سأله فيها، ولم يتوقف عن الإجابة إلا بعدما توقف إبراهيم عن السؤال.
بعد هذا أمر الله ملائكته المنفذين لقضائه فأمطروا المدينتين وسكانهما الأشرار بالنار والدمار. ولكن قبل خراب المدينتين جاء رسولان سماويان إلى سدوم فأنذرا لوطاً وأهل بيته ليخرجوا من سدوم لئلا يهلكوا بالغضب القادم. وقد بلغ شر أهل سدوم حد التحرش بالملاكين بغية ارتكاب الفحشاء معهما. إلى هذا الحد السافل وصل انحطاط أهل سدوم خلقياً. وضرب الملاكاًن أولئك الأشرار بالعمى فكفاهم عن تنفيذ مأربهم الشرير. حسناً قال أحدهم:
ممّا يلفتنا أن لوطاً، ابن أخي إبراهيم، كان قد انجرف بعيداً عن الوقفة المقدسة التي كان يقفها عمه إبراهيم ضد الشر، وقد التصق بأهل سدوم متحالفاً معهم من أجل المنافع المادية. لكن الملاكين تغاضيا عن وضع لوط غير المقدس، وعملا على إنقاذ حياته ومساعدته على النجاة من عاقبة جهله وسوء تدبيره (سي. لسلي ميلر C. Leslie Miller).
وهكذا نرى في إنقاذ لوط عملاً من أعمال رحمة الله ونعمته ومحبته التي يعامل بها أولاده المعترفين باسمه والذين يحاولون بإخلاص أن يحيوا حياة تكرم الله وتمجده في أصعب الظروف.
الملاك الذي دمّر جيش أشور:

يؤكد الكتاب المقدس (2ملوك 19) استخدام الله ملائكته لتنفيذ أحكامه ودينونته. فقد أرسل قائد جيش أشور رسالة إلى الملك حزقيا تتضمن تهديداً ووعيداً. وفي الحال صلى الملك طالباً النصح من الله، فجاء جواب الله بواسطة النبي أشعياء يقول إن الأشوريين لن يطلقوا سهماً واحداً على المدينة. ووعد الله بأن يدافع عن أورشليم في محنتها تلك من أجل داود. في تلك الليلة خرج ملاك واحد فضرب معسكر أشور، وعندما طلع النهار كان مئة وخمسة وثمانون ألفاً من جيش أشور منطرحين قتلى في أرض المعركة (2ملوك 19: 35).
الملاك الذي كاد يدمّر أورشليم:

ليس في العهد القديم حادثة تبين قوة الملائكة في الاقتصاص من شعب الله أروع مما جرى لما عصى داود وصية الله فأحصى إسرائيل. فقد سمح الله فحلّ وبأ بين الإسرائيليين مات به سبعون ألف نفس . وأيضاً أرسل ملاكاً واحداً لتدمير مدينة أورشليم. "ورفع داود عينيه فرأى ملاك الرب واقفاً بين الأرض والسماء وسيفه مسلول بيده وممدود على أورشليم" (1أخبار الأيام 21: 16).
عندما رأى داود الملاك فقال الملاك للنبي جاد أن يطلب من داود أن يقيم مذبحاً للرب في بيدر أرنان اليبوسي. فاشترى داود البيدر وبنى فيه مذبحاً وأصعد عليه محرقات وذبائح سلامة. عندئذ قبل الله ذبائح داود وقال للملاك المهلك: "كفى. الآن رد يدك" (2 صموئيل24: 16). ويقول الكتاب المقدس بوضوح أن هذا الملاك نفسه كان قد أهلك سبعين ألفاً من الشعب قبل أن يرد يده (الآية 17). حقاً إن الملائكة هم وكلاء الله الذين ينفذون قضاءه.
الملاك الذي ضرب هيرودس أغريباس:

يدوّن العهد الجديد حوادث تولى فيها الملائكة تنفيذ القضاء جزاء الأعمال الشريرة التي صعدت عن الأفراد وعن الأمم.
يذكر عن هيرودس أنه جلس على كرسي الملك يوماً لابساً حلته الملوكية، وراح يخاطب جماعة من الشعب. وعندما انتهى صرخ الشعب: "هذا صوت إله لا صوت إنسان" (أعمال12: 22). وبدل أن يستنكر هيرودس هذا الموقف سر به، إذ أخذه الزهو من تأثيره المدهش في الناس. ولكن الله ردّ رداًً سريعاً وصاعقاً على تصرف هيرودس تصرفاً وثنياً. "ففي الحال ضربه ملاك الرب لأنه لم يعط المجد لله فصار يأكله الدود ومات" (الآية23).
الملاك الذي أهلك الأبكار المصريين:

في ليلة مصيرية في مصر، وهي الليلة التي سبقت الخروج، كان الملاك المهلك على أهبة الاستعداد لاكتساح البلد كله وقتل جميع الأبكار فيه (خروج12: 18 – 30). كان الرعب يحيط بالإسرائيليين، لكنهم بتوجيه من الرب ذبحوا ذبائح ورشوا دم الخراف المذبوحة على عتبات أبواب بيوتهم العليا وقوائمها. ثم حان الوقت عند الله إذ انتصف الليل، فحلت الدينونة على مصر الفراعنة. وكان الملاك المهلك هو خادم الله لتنفيذ القضاء زارعاً الموت حيثما حل. فمات تلك الليلة كل بكر في كل عائلة لم تضع الدم على الأبواب عملاً بقول الرب. ولكن الله القدوس الذي سكب غضبه آنذاك نظر إلى الدم المرشوش، دم الذبيحة، فنجا من الموت كل بكر كان الدم موضوعاً على مدخل بيته.
وقد أوضحت حادثة تلك الليلة، عبر القرون العديدة، عبرة وموضع تأمل، ولا سيما الآية المتعلقة بها: "أرى الدم فأعبر عنكم"، إذ ألقيت ألوف المواعظ حول هذه الآية من قبل معلمي اليهود ووعاظ المسيحيين. لقد نجا البكر في كل بيت رش الدم على بابه. ولم تكن النجاة بفضل طيبة أولئك الناس بل بسبب إيمانهم. إن إيمانهم هو الذي جعلهم يرشون الدم. والله، في تلك الليلة اعتبر أمراً واحداً فقط: الدم المرشوش بالإيمان. حقاً، ما أرهب أن ينفذ الملائكة المقتدرون قوة أحكام دينونة الله العادل الكلي القدرة.
الملاك الذي أمسك بيد إبراهيم:

جاء في سفر التكوين أن الله عندما أراد أن يمتحن حقيقة إيمان إبراهيم طلب منه أن يقدم إسحاق ذبيحة وهو ابنه المحبوب وابن الموعد. قال الله: "يا إبراهيم ... خذ ابنك وحيدك الذي تحبه إسحاق، واذهب إلى أرض المريا وأصعده هناك محرقة على أحد الجبال الذي أقول لك" (تكوين22: 1، 2). ونستطيع أن نتصور عظم الألم الذي اعتصر قلب إبراهيم طوال تلك الليلة وهو يفكر بما تعنيه تلك الذبيحة العظمى التي طلبها منه الله. إلا أن إبراهيم بكّر في اليوم التالي، وإطاعة منه لكلمة الله وحدها شرع في العمل، وبالإيمان المجرد أخذ ناراً وحطباً وابنه اسحاق وخرج ليتمم ما طلبه منه الله. يا له من عمل إيمان عظيم لم يسجل التاريخ أعظم منه.
بنى إبراهيم المذبح ووضع عليه ابنه بعد أن قيد قدميه ويديه، ثم استل السكين ورفع وجهه إلى فوق معلناً خضوعه لإرادة الآب السماوي. وعندما رفع إبراهيم يده بالسكين وهو يهم بان يذبح ابنه إسحاق "ناداه ملاك الرب من السماء وقال إبراهيم، إبراهيم .... لا تمد يدك إلى الغلام ولا تفعل به شيئاً، لأني الآن علمت أنك خائف الله فلم تمسك ابنك وحيدك عني" (تكوين22: 11، 12).
إن تكرار الاسم في النداء يعني دائماً عظم أهمية الرسالة التي يتضمنها النداء. عندما سمع إبراهيم المؤمن دعوة الملاك استجاب في الحال، وكافأه الله على طاعته التامة الفريدة. "فرفع إبراهيم عينيه ونظر وإذا كبش وراءه ممسكاً في الغابة بقرنيه. فذهب إبراهيم وأخذ الكبش وأصعده محرقة عوضاً عن ابنه" (تكوين 22: 13).
يرى كثيرون من علماء الكتاب، وأنا أوافقهم في الرأي أيضاً، أن الملاك هنا هو تجلٍّ إلهي ظهر فيه الرب يسوع المسيح نفسه. وقد بيّن الله هنا مبدأ الكفارة النيابية عندما طلب من إبراهيم تقديم ابنه محرقة. لقد قدمت الذبيحة المحرقة وكانت خروفاً، فإن الله الذي ظهر بهيئة ملاك قبل الخروف بدلاً من إسحاق. هذا المثل ينطبق علينا. فالحكم الإلهي العادل يطالب بموتنا، وهذا الحكم لا بد من أن ينفذ. لكن يسوع المسيح نفسه كان الذبيحة البديل، إذ مات لكي ننجو نحن فلا نموت. وقد ناب منابنا لكي يصبح بإمكان كل شخص يؤمن بالمسيح أن يقول "إنه مات عوضاً عني". ذلك أن المسيح مات عوضاً عن جميع الذين يؤمنون به.
قد يسأل سائل: كيف يعقل أن يطلب الله ذبيحة بشرية، فيطالب إبراهيم بأن يذبح إسحاق وهو الذي يحرّم قتل الإنسان (تكوين9: 6)؟ ألا يتنافى هذا مع فكر الله؟ لقد أجاب الله عن هذه الأسئلة المتعلقة بحكم الموت في ما جاء في الرسالة إلى رومية: "الذي لم يشفق على ابنه بل بذله هل لأجلنا أجمعين كيف لا يهبنا أيضاً معه كل شيء؟" (رومية8: 32). فقد طلب الله من إبراهيم إسحاق ابنه لأنه هو تعالى سيبذل ابنه فيموت من أجل الخطاة. لم يطلب من إبراهيم إلا ما كان هو نفسه مستعداً أن يفعله بابنه الوحيد.
لم يشرب إبراهيم الكأس المرة ولا شربها إسحاق، فقد عاد الولد والوالد سالمين سعيدين. ولكن عندما نأتي إلى بستان جثسيماني نجد الصورة مختلفة تماماً. نرى يسوع البريء الطاهر مصمماً على احتمال دينونة الله من أجل ذنوب العالم وخطاياهم، راضياً أن يموت في الجلجثة كما يموت المذنبون.
يعجز البشر والملائكة عن فهم "الكأس" التي رضي الرب يسوع وهو في بستان جثسيماني أن يشربها، تلك الكأس التي كانت تعني الآلام والدينونة والموت (مرقس14: 36؛ لوقا22: 42). وبينما كان يسوع يجاهد في البستان، وكانت الكأس موضوع جهاده، ظهر له ملاك يقويه. لكن الملاك لم يكن ليستطيع أن يأخذ عنه تلك الكأس التي رضي بشربها، ولا أن يزيح عنه شيئاً من الآلام التي كان سيحتملها. فكأس الموت وما تنطوي عليه من آلام هي له وحده. استقرّت كأس الدينونة على المخلص ليشربها، وقد قبل بها بوصفه البار الذي يحمل ذنب الأشرار. لقد أبى يسوع أن يستعين بالملائكة وكأنما لسان حاله يقول: "سأموت عن خطايا الناس لأني أحبهم إلى هذا الحد". وعندما مات كان وحيداً، تخلى عنه الناس والملائكة والآب نفسه الذي تأبى عيناه أن تنظرا الخطية، والذي أشاح بوجهه عن الابن في أثناء تحمله الآلام المبرحة. إن هذا ما حدا يسوع على أن يصرخ من على الصليب: "إلهي إلهي لماذا تركتني؟" (متى27: 46)... وحده مات. وقد كان الملائكة على استعداد للتدخل وإنقاذه من الصلب والموت، لكنه أبى ذلك التدخل.
الملائكة ورافضو المسيح:

يتضح لكل من يقرأ الكتاب المقدس أن الملائكة سيكونون وكلاء الله الذين ينفذون دينونته في أولئك الذين يرفضون يسوع المسيح والخلاص الذي بواسطته يقدمه الله للناس. وفي حين أن جميع الناس خطاة، بطبيعتهم واختيارهم وأعمالهم على السواء، فإن رفضهم تلقائياً ليسوع المسيح مخلصاً ورباً هو الذي يجلب عليهم الدينونة والانفصال عن الله إلى الأبد.
الملائكة هم حصّادو الله الذين يرسلهم المسيح ليفرزوا القمح من الزوان، أي الأبرار من الأشرار، وذلك، عند انقضاء العالم ونزول المسيح في آخر الزمان. وليس مطلوباً منا أن نطيع صوت الملائكة، بل يجب أن نصغي إلى كلمة الله ونسمع صوته الذي يدعونا للصلح معه بالإيمان بيسوع المسيح. وإلا فلا بد لنا من تحمل عقاب الخطية غير المغفورة. والملائكة هم الذين ينزلون ذلك العقاب بالناس، فإنهم هم الذين يطرحونهم في أتون النار (متى13: 50). إنني في حسرة من حال الناس في عصرنا الحاضر إذ أجدهم يستخفون بأحكام الله وإنذاراته، وأعجب أن يكون المستخفين ممن يدعون "مسيحيين".
الملائكة والحياة الأبدية:

يواجه كل واحد من بني آدم طريقين في الحياة: الأولى تؤدي إلى الحياة الأبدية، والأخرى إلى الموت الأبدي، وعليه أن يختار إحداهما. وقد رأينا كيف ينفذ الملائكة حكم الله في الذين يرفضون يسوع، إذ يطرحونهم في أتون النار. لكننا نجد أن هناك حكماً مختلفاً بالكلية. إنه قرار الله العجيب بالحياة الأبدية للمؤمنين بيسوع، وقد أعطي الملائكة دوراً في تنفيذ هذا الحكم أيضاً. إذ يرسل الله ملائكته فيصحبون إلى السماء كل مسيحي حقيقي يرقد، حيث يلقى ترحيباً ملكياً وهو يدخل إلى حضرة الله ليكون هناك إلى الأبد. إننا نحن الذين نثق بيوع سنرى عظم الفرح الذي سيعم الملائكة الواقفين حول عرش الله.
في خبر الغني ولعازر (لوقا16) ذكر يسوع ذلك المسكين الذي مات في الإيمان. لقد كان هذا في فقر مدقع ولا يكاد يملك شيئاً من متاع هذه الحياة، لكنه كان غنياً بالإيمان، وهذا غنى لا يفنى طوال الأبدية. فلما مات لعازر المسكين "حملته الملائكة إلى حضن إبراهيم". لقد جاء مشيعون من الملائكة فحملوا روحه الخالدة إلى ديار المجد حيث يبقى مع الله إلى الأبد – المكان الذي يدعوه الكتاب المقدس "السماء".
هناك حادث رائع من هذا النوع من حياة استفانوس الشهيد (أعمال6: 8 – 7: 60). "فشخص إليه جميع الجالسين في المجمع ورأوا وجهه كأنه وجه ملاك". قال استفانوس في خطابه أمام المجمع "أخذتم الناموس بترتيب ملائكة ولم تحفظوه" (أعمال 7: 53). وعندما ختم استفانوس نحو السماء، وهو ممتلئ من الروح القدس، "فرأى مجد الله ويسوع قائماً عن يمين الله". في الحال راح أعداؤه يرجمونه بالحجارة فمات وانتقلت روحه إلى السماء. وكما حمل الملائكة روح لعازر المسكين إلى السماء حملوا أيضاً روح استفانوس، وسوف يرافقون كل مؤمن مسيحي إذا حانت ساعة انتقاله ودعاه المسيح إلى حضرته. ولنا أن نتخيل ذلك الاستقبال الرائع الذي كان لاستفانوس وهو يدخل الحضرة الإلهية. فلا شك أن ملائكة السماء أنشدوا بفرح احتفاء بالشهيد المسيحي الأول وهو يعود إلى الوطن الأبدي فيدخل المجد ويعطى إكليل الشهادة.
هل تخاف دينونة الله؟ أم هل أنت موقن أن المسيح تلقى الدينونة عوضاً عنك لما مات على الصليب؟ إذا كان المسيح هو مخلصك فلا داعي للخوف من الدينونة، لأنه قد أكمل عمل الخلاص مرة واحدة وإلى الأبد. وإلا، فلا تؤجل تسليم نفسك للمسيح، بل ادعه ليدخل قلبك، فتختبر خلاصه العجيب، ويكون لك رجاء التمتع بالوجود في حضرته إلى الأبد في السماء.
 
قديم 14 - 07 - 2015, 05:39 PM   رقم المشاركة : ( 8446 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الملائكة والإنجيل

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

كان الله دائماً يرسل ملائكته للقيام بمهمات يكلفهم إياها، فيعلنون مشيئته للناس، لكنه لم يعط الملائكة امتياز تبليغ رسالة الإنجيل. والكتاب المقدس لم يذكر لنا سبب ذلك.
قد يكون السبب أن الأرواح التي لم تختبر معنى الانفصال عن الشركة مع الله نتيجة للخطية، لن تتمكن من تبشير الخطاة. من هذه الأرواح الملائكة الذين لم يسقطوا ولا يفهمون معنى الخطية والحاجة إلى الخلاص. وقد صدق المرنم إذ قال:
أصبـو إلى ترنّـم الأملاك في السما
إذ ينشـدون للعلي بالحمـد والثنـا
لكـن بترنيماتهـم لا يرتوي القلب
إذ لا يقال، قد قضى من أجلنـا الرب
مرت قرون عديدة على الإنسان لم يتغير فيها قلبه على الرغم من انتشار العلم وازدياد الرقي. فالإنسان هو هو، وما زال في حاجة إلى إنجيل المسيح ونعمته المخّصة – لا فرق في ذلك بين إنسان وآخر ولو اختلفا في لون البشرة أو الخلفية الثقافية أو العنصرية. ومن يرسل الله في مهمة تبليغ الإنجيل للبشر الساقطين في الخطية؟ هذا أمر لا يستطيعه الملائكة الساقطون، بل إنهم هم أنفسهم محرومون فرصة الخلاص من خطيتهم. والملائكة الأطهار أيضاً لا يستطيعون أن يبشروا بالإنجيل، لأنهم لا يتلقون البشارة كما نتلقاها نحن. فإذ لم يخطئوا لم يذوقوا مرارة الخطية ونتائجها ولا يدركون معنى الانفصال عن الله وحقيقة الهلاك.
لذلك عهد الله إلى الكنيسة بأمر القيام بالتبشير، واضعاً أعباء هذه المهمة الثقيلة على كواهل المؤمنين. ليس لدى الله طريقة أخرى، إذ أن الإنسان هو المؤهل للشهادة عن اختبار الخلاص لأخيه الإنسان.
أما الملائكة فيجيء دورهم عندما يكلفهم الله مساعدة المؤمنين الذين يبشرون. ومساعدتهم تتضمن استخدام الآيات المعجزية التي تثبت الإيمان. وقد شهد كثير من المرسلين الذين خدموا الرب في أقطار مختلفة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر بأن حوادث حدثت معهم تدخل فيها ملائكة. بدا لهم أن ملائكة ساعدتهم وهم يقومون بنشر البشارة. تتذكر زوجتي حوادث عديدة حدثت عندما كانت مع والديها المرسلين في الصين، حيث بدا أن ملائكة كانت تتدخل في تلك الحوادث لتساعد والدها وزملاءه المرسلين الآخرين في خدمتهم.
ومهما يكن من أمر ذلك، فإن لنا، نحن المؤمنين المسيحيين، امتيازاً بأن ننقل من الله في السماء إلى الناس رسالة تعجز حتى الملائكة عن النطق بما فيها. تأملوا قيمة رسالة الإنجيل. تصوّر أحدهم أنه يسأل الله هذا السؤال الخطير: "ماذا كنت تفعل لو أن البشر تقاعسوا جميعاً وأخفقوا في التبشير بالإنجيل؟ أما كانت لديك خطة أخرى؟" فيجيب الله: "ليست لديّ أية خطة أخرى".
لا يستطيع أيّ ملاك أن يكون مبشراً أو راعياً في كنيسة مع أن الملائكة قد يكلفون مهمة السهر على كنائس معينة. لا يقدر ملاك أن ينصح المؤمنين ويجد الحلول لمشكلهم. ولا يتمتع أي ملاك بالبنوة في المسيح، كما لا يمكن لأي ملاك أن يكون شريكاً للطبيعة الإلهية ولا وارثاً مع المسيح في ملكوته. أنتم وأنا كهنوت ملوكي فريد في هذا الكون، ولنا امتيازات نتمتع بها لا يمكن أن تختبرها حتى الملائكة.
الملاك وزكريا:

كانت لولادة يوحنا المعمدان علاقة كبرى وقوية بالإنجيل، (أي البشارة بخلاص الله في يسوع المسيح). كان زكريا وأليصابات، والدا يوحنا، شيخين. وقد تجاوزت أمه السن فلم يعد معقولاً أن تحبل وتلد. وكانت هي وزوجها من سلالة هارون، ولذلك كانت لهما علاقة بالكهنوت. وقد اشتهر كلاهما بالسيرة النقية التقية وحفظ وصايا الله. وبذا كانت تلك العائلة نموذجاً لفاعلية الوالدين، وكيفية عمل الله من خلالهما. فنحن نعرف أن أعظم خدام الإنجيل انتفعوا كثيراً بعيشهم في ظل والدين تقيين. فمثلاً، تربّى كلا الأخوين تشارلز وجان وسلي (Charles and John Wessley)، وهما مؤسسا الطائفة المثودية (Methodist Churgh) في بيت تشيع فيه التقوى، وقد تأثرا كثيراً بوالدتهما. وأدونيرام جدسون (Adoniram Judson)، المرسل العظيم الذي عمل في بورما، كان والده واعظاً. ويوناثان إدواردز (Jonathan Edwards)، الراعي والمبشر والمربي الذي لمع نجمه في أمريكا الناشئة، تربّى أيضاً في بيت عرف بالتقوى.
عندما ظهر الملاك لزكريا ليبشره بأن امرأته أليصابات، مع تقدمها في السن، ستلد ابناً، ترددت في كلماته أصداء الإنجيل. وقد تنبأ الملاك عن الخدمة التي سيقوم بها يوحنا، فقال في لوقا 1: 16، "يرد كثيرين من بني إسرائيل إلى الرب إلههم". نفهم من هذا أننا لا نستطيع الاطمئنان إلى ن كل معترف بالمسيح حاصل على الخلاص، حتى لو ولد في عائلة مؤمنة أفرادها يؤمنون، أو تربى في كنيسة مؤمنين. فقد كانت مهمة وحنا أن يدعو أناساً تربوا في أمة مؤمنة لكي يرجعوا إلى الرب لإلههم. ويضيف الملاك في الآية17: "لكي يهيئ للرب شعباً مستعداً".
أما أهمية رسالة الملاك وجديّة اهتمام زكريا بها، فأمران يعرفان من الأحداث التي وقعت بعد ذلك ببضعة أشهر. كان زكريا قد أضحى عاجزاً عن النطق منذ زيارة الملاك له، ولم تنحلّ عقدة لسانه إلا بعد ولادة ابنه يوحنا. ومع استعادته القدرة على النطق، امتلأ من الروح القدس. وكان قد ظل صامتاً طوال الأشهر التي كانت أليصابات تنتظر في أئنائها ولادة مولودها. وتفكيره طوال تلك المدة انفجر بالكلمات الأولى التي أشارت إلى زيارة الملاك واهتمامه بالإنجيل العتيد أن ينادى به. نطق زكريا قائلاً: "مبارك الرب إله إسرائيل لأنه افتقد وصنع فداءً لشعبه، وأقام لنا قرن خلاص في بيت داود فتاه" (لوقا1: 68 و 69). ثم عاد فأضاف: "وأنت أيها الصبي، (أي يوحنا ابنه)، نبي العلي تدع لأنك تتقدم ... لتعطي شعبه معرفة الخلاص بمغفرة خطاياهم بأحشاء رحمة إلهنا التي بها افتقدنا المشرق من إعلاء، ليضيء على الجالسين في الظلمة وظلال الموت لكي يهدي أقدامنا في طريق السلام (لوقا1: 76 – 79).
حقاً كانت تلك رسالة نبوية تعود جذورها إلى زيارة الملاك الذي أعلن لزكريا قصد الله في يوحنا. لكن لنلاحظ بشكل خاص، أن الملاك جاء لا ليعلن ولادة يوحنا وحسب، بل ليوضح أيضاً أن يوحنا سيحيا حياته بوصفه سابق المسيح ومبلغ بني قومه الإسرائيليين معرفة الخلاص وغفران الخطايا.
الملاك والإنجيل في ولادة يسوع:

إن الملاك الذي حمل البشارة إلى مريم العذراء وقال إنها ستصبح أماً ليسوع لم يكن ملاكاً عادياً، بل كان هو جبرائيل، أحد الملائكة الثلاثة الذين ذكرت أسماؤهم في الكتاب المقدس. وللملاك جبرائيل والبشارة التي جملها صلة وثيقة بالإنجيل. هذا واضح من كلمات البشارة التي نطق بها الملاك، ومن الكلام الذي نطقت به مريم نفسها وهي حبلى وتتطلع إلى اليوم الذي ستلد ابنها فيه. كان الملاك قد قال لمريم إن يسوع المولود منها هو ابن العلي، وإنه سيرث عرش داود أبيه، ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد، ولا يكون لملكه نهاية. كان هذا مختلفاً كل الاختلاف عن كل وعد جاء في الكتاب لأي شخص آخر. فلم يعط الله مثل هذا الوعد لإبراهيم أو داود أو سليمان، إذ إن تلك الوعود المميزة مرتبطة باسم يسوع دون سواه، وهي أيضاً مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالخلاص، سواء للفرد أو للأمة.
بعد بشارة الملاك لمريم بأشهر ذهبت إلى أليصابات وهناك رنّمت تسبحتها التي تعتبر أجمل ما عرفته الآداب. يتضح من كلمات التسبحة أن العذراء أدركت ما قاله لها الملاك، وعرفت أنه يتضمن الخلاص وغفران الخطايا: "تبتهج روحي بالله مخلصي" (لوقا1: 47). نفهم من هذا أن مريم نفسها كانت تحتاج إلى مخلص، وقد وجدته. فإن الطفل الذي حلّ في أحشائها سيقدم نفسه يوماً كفّارة عنها وعن جميع الناس. وذلك الطفل نفسه هو الله القدير الذي تنازل ليعيش بينا ظاهراً في الجسد. وحسناً قالت عن الله إن "رحمته إلى جيل الأجيال للذين يتّقونه". ليس هذا إلا الإنجيل المجيد، البشارة بأن الله كان في المسيح مصالحاً العالم لنفسه. هذه كانت الرسالة التي حملها جبرائيل إلى مريم. لم يكن الملاك نفسه قادراً أن يكرز بها، بل إنما شهد للإنجيل الذي كان سيكرز به يسوع المسيح وتلاميذه من بعده على مر العصور.
الملاك والإنجيل ويوسف:

وجد يوسف، خطيب مريم، نفسه في حيرة. لقد اكتشف أن خطيبته حبلى. وكان يعرف أنه لم يكن هو الأب وأن خطيبته عذراء. أما مريم فكان يمكن أن تعتبر زانية حسب الشرع اليهودي، إلا إذا اقتنع خطيبها بأنها لم تجتمع برجل آخر، وأنّهل حبلى من الروح القدس. وها هو يوسف، ويعتبر الطرف البريء في هذه القضية، يفكّر جدياً بترك مريم حسبما تقتضيه تقاليد ذلك الزمن. ثم يقول الكتاب عن يوسف إنه "فيما هو متفكر في هذه الأمور" (متى1: 20) ظهر له ملاك في حلم وروى له قصة التجسد ودور مريم في ولادة المخلص. فاقتنع يوسف بما قاله له الملاك. لكن ما قاله هذا الملاك تضمن أكثر من مجرد تبرئة مريم من أية تهمة قد توجه إليها، إذ تضمّن تكليف يوسف رعاية مريم والطفل وحمايتهما.
وأخبر الملاك يوسف بأمر يعتبر شهادة مؤيدة للإنجيل. صحيح أن الملاك لم يعمل كمبشّر، لكنه أصاب كبد الحقيقة عندما قال عن يسوع إنه "يخلص شعبه من خطاياهم" (متى1: 21). هذا هو الإنجيل بكل جماله وبساطته ونقاوته. فبحسب شهادة الملاك، من الممكن غفران الخطايا. وهناك من يقدر أن يغفر الخطايا، إنه الرب يسوع المسيح. وللمخلص شعب هو مهتم بهم وكفيل بأن يغفر لهم خطاياهم. في غمرة إعجابنا بالتجسد يجب ألا ننسى أن الملاك كان هنا يشهد للإنجيل. إن يسوع لم يكن فقط الإله المتجسد عندما ولد من مريم، بل قد جاء إلى العالم ليكون هو الفادي والمخلّص، وليصالح من يؤمن به من البشر مع الآب السماوي ضامناً للمؤمنين هبة الحياة الأبدية.
جبرائيل والإنجيل ودانيال:

شهد الملاك جبرائيل بالإنجيل للنبي دانيال قبل زمن زكريا وأليصابات ومريم ويوسف ويوحنا المعمدان. وكان ذلك عندما ذكرت نبوة السبعين أسبوعاً. كان دانيال يصلي ويعترف بخطيته وخطية شعبه فظهر له جبرائيل. وهنا نلاحظ، مرة أخرى، أن جبرائيل لم يعظ بكلمة الخلاص، بل شهد لها. فقد قال إن فترة سبعين أسبوع سنين قد حتمت "لتكميل المعصية وتتميم الخطايا ولكفارة الإثم" (دانيال9: 24). ثم ذكر أن المسيح يقطع، وهو الحادث الذي سبق النبي أشعياء فذكره وصوّره بشكل مؤثر (أشعياء53).
كان صعباً على اليهود أن يفهموا فكرة المسيح المتألم، بل كانوا يتخيلون المسيح آتياً بقوة ومجد ليضرب أعداءهم ويخضعهم لحكمه بقوة واقتدار. لكن جبرائيل أخبر دانيال بأن الخطية حقيقية ويجب أن يوفى دينها، وأن المسيح سيقوم بهذا الإيفاء عندما يقطع، أي أنه سيموت عن خطية العالم. عندئذ يكفّر عن المعصية أو الخطية التي كانت تفصلنا عن الله، وبالكفارة يعود الناس فيتصالحون معه. نرى في هذا أن جبرائيل لم يكن يكرز لكنه تنبأ وحسب. وما أجمل نبوات العهد القديم وهي تترابط معاً لدى إتمامها في العهد الجديد. وما أعظم إحسان الله وهو يستخدم ملائكته ليوضحوا لجميع الذين يظهرون لهم في كل العصور أن مهمتهم هي أن يشهدوا للإنجيل.
الملاك والإنجيل والرعاة:

ألا يبدو أمراً مثيراً للتساؤل أن يعلن الله البشارة الأولى بولادة يسوع لأناس بسطاء بدلاً من أن يعلنها للأمراء والملوك؟ في الحادثة التي نحن بصدد تكلم الله بواسطة ملاكه المقدس إلى الرعاة الذين كانوا يسهرون على أغنامهم في الحقول. ورعاية الغنم عمل متواضع، فالذي يرعى الغنم لا يكون عادة متعلماً. لكن مريم أشارت في تسبحتها إلى حقيقة الأمر: "أنزل الأعزاء عن الكراسي ورفع المتضعين، أشبع الجياع خيرات وصرف الأغنياء فارغين" (لوقا1: 52و 53). ما أحسنها كلمة لجيلنا.
ماذا احتوت رسالة الملاك للرعاة؟ أولاً، قال لهم ألا يخافوا. كان الناس دائماً يخافون عندما يرون ملاكاً. ولكن كثيراً ما يظهر الملائكة للناس حاملين رسالة التشجيع، إلا إذا كان ظهورهم بقصد الدينونة. ونعلم أن من يرى ملاكاً يشعر بالرهبة في قلبه، وتأخذه عظمة المنظر، وقد يحس قشعريرة تخترق عظامه. فلما رأى الرعاة الملاك راعهم منظره، فهدّأ الملاك روعهم ونقل إليهم رسالة ذات علاقة أبدية بالإنجيل. إذ قال: "ها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب، أنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب" (لوقا2: 10 و11). وفي كلمات الملاك هذه أبعاد لاهوتية عظيمة الأهمية وعديدة حتى ليستطيع الواعظ أن يبني عليها عظات عديدة. لكن نلاحظ مرة أخرى أن الملاك في رسالته لم يكرز بالإنجيل بل كان يشهد له – وهذا يبين مرة أخرى شدة اهتمام الملائكة بالإنجيل.
ماذا قال الملاك؟ أولاً حمل بشارة سارة لا خبراً مزعجاً. كان الرعاة يعرفون الخبر المزعج – أن البشر جميعاً قد أخطؤوا ويسيرون في طريق الهلاك. وجاء الملاك ليقول إن الله قد فعل ما ينقذ الناس من الهلاك. وبيّن أن البشارة السارة ليست لأمة واحدة بل للعالم كله. فقد قال أشعياء النبي: "إله كل الأرض يدعى" (أشعياء54: 5). ويونان النبي تعلّم هذه الحقيقة نفسها عندما أرسل إلى مدينة نينوى ليدعو شعبها إلى التوبة. كما أن الملاك قال للرعاة إن الفرح العظيم سيكون لجميع الشعب.
أعلنت البشارة السارة أن المخلص قد جاء. فالناس في حاجة لمن يعيدهم إلى الشركة مع الله، لأن دم العجول والتويوس لا يخلّص الإنسان بشكل دائم. بل إن دم المخلص هو الذي يستطيع ذلك. وكانت رسالة الملاك أن الله قد جاء، والفداء أصبح ممكناً، والرب افتقد شعبه بالخلاص. يا لها من شهادة للإنجيل. هذه الشهادة الرائعة تأكدت أكثر عندما ظهر مع الملاك "جمهور من الجند السماوي" وكانوا يسبحون الله مرنمين "المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة". أية موسيقى أجمل من هذه؟ ومن يستطيع أن يكتب أروع من هذه الكلمات؟
الملائكة والإنجيل في سفر أعمال الرسل:

ترد في سفر الأعمال حادثتان عجيبتان تصلحان "حالتين" للدرس، في كلتيهما ذكر للملائكة ومساعدتهم لإنسانين غير مؤمنين لكي يسمعا الإنجيل، فاستجاب كلاهما للدعوة وخلص. ويتبين هنا أيضاً اهتمام الملائكة بالإنجيل والخطوات التي اتخذوها لتعزيزه وتنفيذه.
أولاً حالة الوزير الحبشي فقد كان يقرأ في سفر أشعياء مقاطع لم يفهمها، فاحتاج إلى من يفسرها له. وأطلع ملاك على حاجة الوزير. ومع أن الملاك لا يقدر أن يبشر فهو يستطيع أن يرسل إلى الحبشي من يتمكن من مساعدته.
وهكذا نقرأ في سفر الأعمال أن ملاك الرب ظهر لفيلبس وقال له: "قم واذهب نحو الجنوب على الطريق المنحدرة من أورشليم إلى غزة التي هي بريّة" (أعمال8: 26). فعمل فيلبس بما قاله له الملاك. والتقى الوزير الحبشي وهو يستقل مركبته، فتحدّث إليه وفسّر ما يقوله أشعياء عن المسيح، فآمن الرجل وحصل على الخلاص. وبعد أن عمّد فيلبس ذلك الحبشي، خطف روح الرب فيلبس ونقله من هناك، ومضى الأثيوبي في طريقه فرحاً. لو كان الملاك لا يبالي بالإنجيل لما أرسل فيلبس ليكرز به لإنسان متعطش للحصول على الخلاص.
والحالة الثانية هي ما جرى عندما اهتدى الضابط الروماني، كرنيليوس إلى الإيمان بالمسيح على يد بطرس. في هذه الحالة انعكس الوضع. فبالنسبة إلى الوزير الحبشي، ظهر الملاك لفيلبس ودعاه ليلتقي ذلك الوزير وبشّره. أما بالنسبة إلى كرنيليوس، فلم يظهر الملاك لبطرس الذي متى حضر يبشره بالإنجيل فيخلص. ألم يكن أسهل على الملاك أن يبشّر هو كرنيليوس بدل أن يستدعي بطرس ليقوم بذلك؟ وبطرس كما تبيّن، لم يكن يرغب في القيام بمثل تلك المهمة. كان يظن أن من الخطأ الذهاب إلى شخص من الأمم والنزول في بيته، ولو بقصد تبشيره بالخلاص. ولكن كرنيليوس أطاع أمر الملاك وأرسل في طلب بطرس. وبعدما أرى الله بطرس رؤيا أقنعه بأن لا مانع من الذهاب إلى الأمم وتبشيرهم، ذهب أخيراً وكلّم كرنيليوس ببشارة الخلاص، فآمن وخلص على نحو عجيب. وقد جرى هذا كله برعاية الملاك الذي كان مهتماً بالإنجيل وبخلاص ذلك الضابط الروماني.
وفي أعمال الرسل حادثة ثالثة تختلف قليلاً عن الحادثتين المذكورتين آنفاً، لكنها لا تقل أهمية عنهما، أعني بها ما جرى لبولس وهو مسافر إلى روما بحراً. فقد انكسرت السفينة التي كانت تقلّه. وبينما كان الركاب الآخرون خائفين، ولا رجاء لهم في الوصول إلى البر سالمين، ظهر ملاك الرب لبولس في الليل. فقال بولس في صباح اليوم التالي للركاب الذين كانوا معه على ظهر السفينة إنهم جميعهم سينجون. وذكر في الوقت ذاته شيئاً يبين عظم اهتمام الملائكة بخلاص الناس ومساعدة المؤمنين لكي يشهدوا للذين لم يحصلوا بعد على الخلاص: "لا تخف يا بولس ينبغي لك أن تقف أمام قيصر" (أعمال27: 24). نرى هنا المبدأ ذاته. لم يكن الملاك قادراً على الشهادة للقيصر، لكن بولس كان يستطيع ذلك، والله رتّب بعنايته أن يذهب بولس إلى روما لتلك الغاية بالضبط. ربما لم يكن بولس في بداية سفرته يعرف ما هي مشيئة الرب، ولكنه بعدما رأى تلك الرؤيا تأكدت له تلك المشيئة. فقد شاء الله أن يسمع قيصر كلمة الإنجيل. والملاك بحمله الرسالة إلى بولس، أظهر اهتمامه العظيم بالإنجيل.
أصوات الملائكة:

إذا تأملنا كلمات الملاك التي بها أعلن للرعاة ولادة المخلص نجد نغمة التبشير كامنة فيها: "أنه ولد لكم اليوم ... مخلّص هو المسيح الرب". إن مهمة تبشير العالم يتممها الرجال والنساء الذين يملأهم الروح القدس ويستخدمهم لتلك الغاية. ولكن حيثما نجد الإنجيل يعمل كل مرة بقوة على تغيير حياة البشر وتحويلهم عن الشر إلى البر، نستطيع أن نلاحظ أن للملائكة دوراً يقومون به في ذلك. إن في هذا لسراً لن نفهمه حق الفهم قبل أن ننتقل إلى السماء.
من المعقول أن يسأل المرء: "كيف هي أصوات الملائكة؟" ثم "ماذا يقولون عندما يتكلمون؟" يبدو أم الملائكة ينطقون عادة بأوامر موجزة محكمة. وكثيراً ما يدعون إلى السرعة في إتمام ما يطلبون، وهذا واضح لأنهم إنما يبلغون الناس توجيهات الله. فكأنهم، كما يرى الدكتور (Miller)، يستخدمون دائماً فعل الأمر "أسرع". وقد استخدم الملائكة حرفياً كلمة "قم". قال الملاك لبطرس: "قم عاجلاً" (أعمال12: 7). وقال لجدعون: "اذهب بقوّتك هذه ..." وقال الملاك ليوسف: "قم وخذ الصبي وأمه ..." وقال لفيلبس: "قم وآذه ...".
على الأساس ذاته نجد أن كل خدمة تبشيرية تتّسم بالخطورة والسرعة في تقديم الإنجيل، البشارة بالحياة الأبدية. ليس لنا وقت زائد فنضيّعه، بل كل لحظة تمر لا نستطيع استرجاعها. فمتى سنحت لنا فرصة للشهادة فلنشهد ولا نؤجل، لأنه ليس من يضمن سنوح فرصة ثانية.
لديّ مثل على هذا من حادثة غرق السفينة "تيتانك" (Titanic) . كانت أعظم سفينة في زمنها إذ بلغ وزنها 46 ألف طن، وظن الناس أنها لا يمكن أن تغرق. لكنها، إذ كانت تبحر غرباً في المحيط الأطلسي بسرعة 22 عقدة، اصطدمت بجبل من الجليد العائم. غرقت بعد ذلك بقليل مع 1513 نفساً من ركابها، لأن صُدَر النجاة فيها كانت تكفي نصف عدد الركاب.ومع مرور أكثر من سبعين سنة على هذه الكارثة، مازال هولها ماثلاً في الأذهان، وقد أثار ذكراها المروّعة اكتشاف هيكلها الثاوي في قعر المحيط، وذلك منذ عهد قريب. ولكن الله ينتصر حتى في الكوارث. وإليك برهان ذلك:
كان من ركاب تلك السفينة جان هاربر (John Harper)، وكان على موعد ليعظ في كنيسة مودي في شيكاغو. حاول أن يبقى عائماً فوق سطح الماء بعد غرق السفينة، وفي أثناء ذلك حمله الموج قريباً من شاب كان يمسك بلوح خشب فوق الماء. سأل هاربر الشاب: "هل أنت مخلّص؟" أجاب الشاب: "لا". وجاءت موجة فصلت بين الاثنين. بعد بضع دقائق عاد الموج فقرّب هاربر من الشاب وأصبح على مسافة قريبة منه، فعاد وسأله: "هل تبت وحصلت على السلام مع الله؟" فأجاب الشاب: "لم أتب بعد". ثم جاءت موجة كبيرة غطّت جان هاربر فلم يظهر له أثر بعد ذلك، إلا أن كلماته "هل أنت مخلّص؟" ظلّت تدوّي في أذني ذلك الشاب.
نجا بعض السابحين إذ جاءت سفينة والتقطتهم، وغرق كثيرون. وبعد أسبوعين من تلك الفاجعة وقف شاب في اجتماع لمؤسسة "المسعى المسيحي" (Christian Endeavor) في نيويورك وشهد أنه آمن بالمسيح وسلّم حياته له، ثم ختم كلامه بالقول "أنا آخر شخص اهتدى إلى الإيمان بالمسيح على يد جان هاربر".
 
قديم 14 - 07 - 2015, 05:42 PM   رقم المشاركة : ( 8447 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

خدمات الملائكة في حياة المسيح


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

لو أردنا ذكر تفصيلات حياة المسيح من حيث تداخل خدمة الملائكة فيها، لاستلزم الأمر كتابة كتاب خاص بذلك. فقبْل مجيء يسوع إلى العالم كان الملائكة يحفّون به وينفذون أوامره.
ومنذ صعد إلى السماء وهم يسجدون له أمام عرش الله بوصفه الخروف الذي ذبح ليحرز لنا الخلاص.
في فترة الاستعداد لمجيء يسوع تراءى ملاك للكاهن زكريا وقال له إن أليصابات امرأته ستحبل وتلد يوحنا المعمدان (لوقا1: 13). وظهر جبرائيل، أحد ملائكة الله المقتدرين وأعلن لمريم أنها ستلد المسيح. كما ظهر ملاك ومعه جمهور من الجند السماوي فبشروا بالأخبار السارة الرعاة الذين كانوا يسهرون على أغنامهم في حقول بيت لحم (لوقا2: 9). إن ظهور الملائكة في هذه الحوادث جميعاً سبق مولد المسيح ورافقه، وعندما بدأ يسوع خدمته العامة ظل الملائكة يتدخلون لخدمته عن كثب.
يبدو أن أصعب فترات حياة يسوع قبل موته على الصليب كانت الفترة التي فيها جربه الشيطان في البرية. فبعد ما صام أربعين يوماً بلياليها، حاول الشيطان إخضاعه. وقد شن الشيطان هجومه عندما كان المسيح في ساعة ضعف من الناحية البشرية، وكان المجرب يهدف إلى إحباط المخطط الإلهي في العالم منذ الانتصار الذي أحرزه في جنة عدن، وقد أعد الشيطان العدة لإغراق سفينة الرجاء المعدة لخلاص بني آدم. ولكي يمنع خلاص الخطاة راح يعمل في اللحظة المؤاتية، اللحظة التي ظن أن المسيح قد بلغ فيها حداً من ضعف الجسد جعله أكثر قابلية للوقوع في التجربة. وهذا هو دأب الشيطان، يوجه أشد هجماته إلى أضعف جانب من حياة الإنسان. إنه يعرف موطن الضعف في البشر ويطلق سهامه في اللحظة المناسبة.
حاول إبليس، أي الشيطان، ثلاث مرات أن يوقع يسوع في فخاخه، ولم ينجح. وقد أجابه الرب يسوع في المرات الثلاث من آيات الكتاب، فدحره أي دحر. جاء في لوقا4: 13 إن الشيطان فارق المسيح "إلى حين". في هذا الوقت جاء الملائكة فصاروا يخدمون يسوع. لم يكن القصد من ذلك مساعدته على التجربة كما يفعل الملائكة معنا، إذ إنه انتصر دون أن يتلقى أي عون من أحد. فالملائكة خدموا المسيح بعد انتهاء التجربة. والفعل "يخدم" المستعمل باليونانية مصوغ من الأصل ذاته الذي منه اشتقت الكلمة "شماس" أي خادم. فالمسيح تلقى الخدمة من الملائكة كما لو كانوا شمامسة: "وإذا ملائكة قد جاءت فصارت تخدمه" (متى4: 11). نزل إلى يسوع سفراء ملائكيون فآزروه وقوّوه في تلك الساعة الصعبة. إن ربنا يسوع المسيح، وقد تجرّب في كل شيء مثلنا، هو القادر أن يرثي للمؤمنين في كل زمان ومكان، وأن يقودهم إلى النصر في ساعة تجربتهم.
ملاك يظهر ليسوع في بستان جثسيماني:

هوذا يسوع في بستان جثسيماني في الليلة التي سبقت محكمته وصلبه. كان الجنود على وشك أن يطبقوا عليه بعد وقت قصير، يساعدهم في ذلك التلميذ الخائن يهوذا الاسخريوطي، فيأخذونه ليقف أمام الرؤساء، فيضرب وأخيراً يصلب. ولكن قبل ذلك كله، وإذ كان بعد في البستان، مر في صراع نفسي رهيب حتى إن عرقه كان يتقطر كأنه دم. في وسط هذا الصراع احتاج ابن الإنسان إلى قوة معنوية لمواجهة ما لم يسق أن واجهه أي كائن آخر، سواء أكان في السماء أو في جهنم أو في الأرض. كان يسوع سيجتاز في ما لم يجتز فيه أي مخلوق ويخرج منه منتصراً، إذ كان على أهبة أن يحمل خطايا البشر، صائراً "خطية من أجلنا".
أخذ المسيح تلاميذه الثلاثة، بطرس ويعقوب ويوحنا، إلى داخل البستان. ربما كان بإمكان هؤلاء أن يساندوه ويشجعوه بطريقة ما، ولكنهم لم يفعلوا. بل غلبهم النعاس فناموا، وبقي ابن الإنسان ساهراً وحده. وصلى "يا أبتاه إن شئت أن تجيز عني هذه الكأس، ولكن لتكن لا إرادتي بل إرادتك" (لوقا 22: 42). في تلك اللحظة الحاسمة "ظهر له ملاك من السماء يقويه". إن الكلمة اليونانية التي ترجمت "يقويه" هي الفعل "أنيسكيو" (eniskuo) ويعني "يقوي داخلياً". فحيث أخفق تلاميذ الرب يسوع في مساندته ساعة ألمه وراحوا يغطون في نومهم، جاء ملاك وقدم له العون.
الملائكة متأهبون حول الصليب:

تصاعدت مأساة الخطية فبلغت الذروة عندما المسيح – الله المتجسد – صار خطية. لقد كان بموته على الصليب يقدم نفسه ذبيحة عن الخطية، ولم يكن بد من ذلك بناء على عدل الله إذا أريد للإنسان أن يحصل على الفداء والخلاص. كان الشيطان في هذا الوقت متأهباً ليضرب ضربته. كان هذا العدو يريد، لو أمكن، أن يقضي على خطة الخلاص بأن يجعل المسيح يأبى احتمال الهزء والتعيير، فيثني عن تصميمه وينزل عن الصليب. لقد صاح اليهود المرة بعد المرة: "إن كنت ابن الله فانزل عن الصليب" (متى27: 40). هو كان يعرف أنه يستطيع النزول لو أراد ذلك. وكان يعرف أنه يقدر أن يستعين بأكثر من اثني عشر جيشاً من الملائكة الذين كانوا يحومون حول موقع الصلب بسيوف مسلولة.
ظل يسوع معلقاً على الصليب من أجل خلاصنا. كان الملائكة يستطيعون أن ينقذوا ملك الملوك من صالبيه، لكن يسوع لم يستنجد بالملائكة لأنه أحب بني البشر وعلم أن خلاصهم لا يكون إلا بموته عنهم. والملائكة كانوا يتقيدون بالأمر الإلهي بألا يتدخلوا تلقائياً الرهيبة المقدسة. لم يستطع الملائكة أن يخدموا ابن الله في الجلجثة. مات هناك وحيداً، حاملاً على نفسه القصاص الكامل، قصاص الموت، الذي يستحقه كل منا.
إننا نعجز عن سبر أعماق الخطية، أو فهم فظاعة خطية البشر، إن كنا لم نصل بعد إلى الصليب ولا رأينا أن الخطية هي التي سبّبت موت ابن الله مصلوباً. إن الخراب الذي يعقب الحروب، والمأساة التي يولدها الانتحار، والألم الذي يعتصر الفقير المعدم، وعذاب المنبوذين من المجتمع، ودم ضحايا الحوادث، والرعب الذي يستولي على ضحايا الاغتصاب والسلب في عصرنا الحاضر، هذا كله يعلن، كما بصوت واحد، الانحطاط الفظيع الذي انحدر إليه البشر في يومنا هذا. ولكن، لا الخطايا التي اقترفها البشر في الماضي، ولا التي تقترف في عالمنا الحاضر، يمكن أن تقارن بالكأس الطافحة التي شربها المسيح عن البشر عندما مات على الصليب. والسؤال الذي يرتفع طوال العصور نحو السماء هو: "من هو هذا المصلوب ولماذا صلب ومات؟" ويجيء الجواب: "هذا هو ابني الوحيد الذي مات، لا عن خطاياك أنت وحسب، بل عن خطية كل العالم أيضاً". قد ترى الخطية شيئاً صغيراً بسيطاً، أما الله فيراها شيئاً عظيماً فظيعاً. الخطية رهيبة ولكنها تحل في الدرجة الثانية من حيث الخطورة والضخامة، إذ تتقدمها محبة الله التي تبقى وحدها في الطليعة.
عندما ندرك عظم الثمن الذي رضي الله أن يبذله لفداء الإنسان فإننا نبدأ برؤية الحال المزرية الرهيبة التي يعيش فيها البشر وهم لا يدرون. يحتاج الجنس البشري إلى مخلص، وإلا هلك البشر جميعاً. والخطية كلفت الله أفضل ما لديه. فهل هو أمر عجيب أن يغطي الملائكة وجوههم ويصمتوا في ذعر وهم يشهدون إتمام خطة الله؟ عندما عرفوا انحطاط الخطية المخيف، ثم رأوا يسوع يضع كل ذلك الحمل على منكبيه، فإنهم ولا شك استعظموا الأمر كشيء لا يصدق. لكنهم سرعان ما كشفوا عن وجوههم ورفعوا رؤوسهم وأطلقوا تسبيحاتهم من جديد. لقد شع نور باهر في الجلجثة ذلك اليوم. تألّق الصليب بمجد الله وتحطمت الظلمة بإشراق نور الخلاص. ومني جند الشيطان بهزيمة نكراء ولم يعد باستطاعتهم إبقاء كل بني البشر في ظلام وانكسار.
الملائكة والقيامة:

جاء في بشارة متى أنه عند فجر الأحد، اليوم الثالث بعد موت يسوع ووضعه في القبر:
إذا زلزلة عظيمة حدثت. لأن ملاك الرب نزل من السماء وجاء ودحرج الحجر عن الباب وجلس عليه. وكان منظره كالبرق ولباسه أبيض كالثلج. فمن خوفه ارتعد الحراس وصاروا كأموات (متى28: 2 – 4).
حاول بعض دارسي الكتاب المقدس أن يقدروا وزن الحجر الذي دحرجه الملاك عن باب قبر يسوع، لكننا لسنا في حاجة للخوض في هذا البحث، إذ إن الرب يسوع كان يستطيع الخروج من القبر عند القيامة مع بقاء الحجر على باب القبر. ولكن الكتاب يذكر أمر الحجر وكيف دحرج، لكي تعرف الأجيال شيئاً من عظم أعجوبة القيامة التي تمت ذلك اليوم. كنت أفكر كثيراً بما خطر ببال أولئك الحراس في فجر ذلك الأحد عندما رأوا الملاك يدحرج تلك الصخرة بمجرد لمسة خفيفة من طرف أصعبه. لقد شلّ الخوف أولئك الحراس المدججين بالسلاح لهول ما شاهدوا.
ولما نظرت مريم إلى القبر رأت "ملاكين بثياب بيض جالسين واحداً عند الرأس والآخر عند الرجلين حيث كان جسد يسوع موضوعاً" (يوحنا20: 12). ثم إن ملاكين وقفا خارج القبر وأعلنا أعظم خبر سمعه العالم على مر العصور – "ليس هو ههنا لكنه قام" (لوقا24: 6). هذه الكلمات القليلة غيّرت تاريخ الكون. فقد انقشعت الظلمة، وولّى اليأس، وانبعث الرجاء والأمل في قلوب البشر.
الملائكة وصعود يسوع:

نجد خبر يسوع في الأصحاح الأول من سفر الأعمال حيث تقول الآية 9: "ولما قال هذا ارتفع وهم ينظرون وأخذته سحابة عن أعينهم". عندما جاء يسوع إلى العالم صحبته جمهرة من الملائكة. ويخيّل إلي أن الكلمة "سحابة" تشير إلى أن ملائكة جاؤوا ليصحبوا المسيح إلى يمين الله الآب.
وقف التلاميذ ينظرون بحزن وحيرة، وقد ترقرق الدمع في عيونهم. فوقف بهم ملاكاًن في هيئة البشر يلبسان ثياباً بيضاً وقالا لهم:
أيها الرجال الجليليون، ما بالكم واقفين تنظرون إلى السماء. إن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقاً إلى السماء (أعمال1: 11).
وهكذا واكب الملائكة رب المجد بعد القيامة، وهو صاعد إلى الآب ليجلس عن يمينه. عندئذ ترنمت حتى كواكب الصبح مؤدية له الإكرام والتمجيد والتسبيح بوصفه ابن الله الحي. أما ملائكة آخرون فتخلفوا عن الموكب ليشجعوا التلاميذ ويؤكدوا أنهم سيظلون قريبين وعلى أهبة الاستعداد ليساعدوا شعب الله عبر العصور في كل حين. وعندما ينزل الرب يسوع شخصياً إل هذه الأرض ثانية، ستواكبه الملائكة أيضاً.
 
قديم 14 - 07 - 2015, 05:43 PM   رقم المشاركة : ( 8448 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الملائكة يراقبون

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

كيف كنت تحيا لو علمتَ أنك في كل عمل تقوم به تظل مراقباً، لا من قِبل الوالدين أو الزوجة أو الزوج أو الأولاد فقط، بل من قِبل ملائكة السماء؟ جاء في الكتاب المقدس أن الملائكة تراقبنا (1 كور 4: 9). ويقول بولس إننا أصبحنا "منظراً" لهم.
يقول أحد المفسرين إن هذه الكلمة تشير إلى الملاعب القديمة، حيث كان الناس في القرن الأول الميلادي يحتشدون بالألوف ليشاهدوا البطش بالحيوانات في الملعب كرياضة مسلية، كما يرون الرجال يتصارعون حتى الموت. وصار الناس في ما بعد يشاهدون المسيحيين يُطرحون للأسود الجائعة فتفترسهم. إن بولس، باستعماله الكلمة "منظراً"، صور لنا هذا العالم ملعباً أو مسرحاً ضخماً يجري عليه مشهد ضخم. وكل المسيحيين الحقيقيين يشتركون في هذا المشهد عندما يسعون ليطيعوا المسيح، إذ إن هذا يُدخلهم في صراع مرير مع قوات الشر التي تصرّ على السيطرة عليهم وإذلالهم. ويقول الكتاب المقدس إن أولئك المؤمنين "لم يحبّوا حياتهم حتى الموت" (رؤيا 12: 11).
في أثناء هذا الصراع، وهو حقيقي أبعد ما يكون عن التمثيل، يقف الملائكة يراقبون ما يجري لأولئك المؤمنين وهم يتشوقون للحظة التي فيها يُسرعون لتحرير أولئك الرجال والنساء الذين كثيراً ما ساروا إلى الموت بفرح. لكن الله يمنع الملائكة من الإسراع للإنقاذ قبل الوقت. إنه لم يسمح لهم بالتدخل وإنقاذ يسوع من الصلب عندما كان وحده يتجرع كأس الموت، كأس الانفصال عن الله الآب. كان الملائكة يقفون وهم يشهدون صلب يسوع. كانوا متهيئين للتدخل، ولكن لم يأتهم أي أمر بذلك. لماذا؟ لأن اللحظة التي عيّنها الله للنصر الأخير على قوات الشر لم تكن قد حانت بعد.
سبق أن قلت في هذا الكتاب إننا نجد أنفسنا هذه الأيام أمام أسئلة محيرة كثيرة. من هذه الأسئلة: لماذا يسمح الله بالشر؟ لماذا يتمهل ولا يتدخل ويعاقب الشر؟ لماذا يسمح بانتشار الأموات؟ لماذا يسمح بالكوارث الطبيعية؟ إن الله يعمل بموجب أوقات دقيقة هو يختارها. وألوف الملائكة الذين يشاهدون كل ما يجري في عالمنا يخضعون لقيود تمنعهم من المبادرة إلى مساندة الأبرار وإنقاذ المظلومين حتى يقرر الله ذلك ويصدر أمره إليهم. وهو سيصدر أمره يوماً. قال لنا يسوع إن: "الحنطة والزوان" سينميان معاً، وهكذا يظل الأبرار والأشرار في هذا العالم معاً إلى أن يجيء وقت الحصاد. عندئذ يرسل الله الملائكة القديسين، فيجمعون مختاريه ويدخلونهم إلى ملكوته.
الملائكة في حالة تأهب

بينما يراقب ملائكة الله أحداث الزمن وهي تجري شيئاً فشيئاً، يرون كيف تتوطد الكنيسة وكيف تنتشر حول العالم. يراقبون تحرك الزمن ولا تخفى عليهم خافية، "لِكَيْ يُعَرَّفَ الآنَ عِنْدَ الرُّؤَسَاءِ وَالسَّلاَطِينِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ بِوَاسِطَةِ الْكَنِيسَةِ بِحِكْمَةِ اللهِ الْمُتَنَوِّعَةِ" (أفسس 3: 10). ويقول بعض علماء الكتاب المقدس إن الكلمة "الآن" في هذه الآية تشمل في الحقيقة كل عصر الكنيسة منذ زمن بولس حتى اليوم. لقد شاهد الملائكة تكوين كنيسة يسوع المسيح، وراقبوا سير كل مؤمن وعمل الرب ونعمته ومحبته وقوته في حياة كل واحد. والملائكة يرون بأنفسهم، وفي هذه الساعة، كيف تُبنى الكنيسة الحقيقية في مواضع سلطان الله كلها.
لكن ما الذي يدور في خَلَد الملائكة وهم يروننا في ميدان صراع العال؟ هل يراقبوننا ونحن نثبت راسخين في الإيمان سالكين في البر؟ وهل يستغربون إذ يروننا نُحجم عن الالتزام للمسيح؟ هذان إمكانان ذكرهما بولس في أفسس 3: 10. وإليك الآية نفسها بحسب ترجمتها أكثر وضوحاً: "والغاية أن يتجلى الآن أمام الرئاسات والسلطات في الأماكن السماوية ما يظهر في الكنيسة من حكمة الله المتعددة الوجود".
يقيُننا أن الملائكة يشاهدوننا الآن كيف نلك ونسير في الحياة. وهذا الوضع لا بد من أن يؤثر فينا وفي القرارات التي نتخذها. الله يراقبنا وملائكته أيضاً يتابعون حركاتنا باهتمام. وقد جعلنا الله في مسرح العالم معرضاً للبشر والملائكة جميعاً (1 كور 4: 9). إننا نعرف أن الملائكة يراقبوننا، وعندما يحمي وطيس المعركة كم نتمنى لو كنا نستطيع أن نسمعهم وهم يحيّوننا ويشجّعوننا.
حوافز على البرّ

إن الدعوة الموجهة إلينا لنعيش حياة التقوى في العالم الحاضر لا بد من أن تقودنا إلى التعقل، وعلى الأخص عندما نتحقق من أن سلوك المسيحيين المؤمنين والحروب الروحية التي يخوضونها هي موضوع اهتمام السماء ومن فيها من الملائكة. قال بولس: "أُنَاشِدُكَ أَمَامَ اللهِ وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَالْمَلاَئِكَةِ الْمُخْتَارِينَ أَنْ تَحْفَظَ هَذَا بِدُونِ غَرَضٍ...." (1 تيم 5: 21). وكأنما بولس يدعو تيموثاوس ليتذكر أن الملائكة المختارين يراقبونه باستمرار ويشاهدون خدمته للمخلّص وحياته المسيحية. هل من حقيقة أخرى تستطيع أن تشكل حافزاً على حياة البر أقوى من هذا الحافز؟ علي أن أقول لنفسي: "انتبه. الملائكة يرونك".
يظهر أن الملائكة يجدون لذة عظيمة إذ يرون كيف تقدّم كنيسة يسوع المسيح غناه الذي لا يُستقصى للناس الهالكين في كل مكان. وإذا كانت الملائكة تفرح بخاطئ واحد يتوب (لوقا 15: 10)، فالملائكة إذاً يقفون بين النظّارة الذين يتطلعون من السماء نحو ساحة الصراع على الأرض. إنهم يقفون مع الذين تتكون منهم "سحابة الشهود" (عب 12: 10)، وهكذا يطلّعون على رحلتنا على الأرض بكل تفاصيلها. على أنهم لا يهزأون أو يقبّحون، كما كان يفعل الجمهور اليوناني الذي كان يشاهد الألعاب في أيام بولس، بل إنهم، ونحن نعلن البشارة ونرى الأصدقاء يؤمنون ويخلصون، يطربون لذلك ويفرحون.
يروي أحدهم قصة واعظ شيخ كان يجلس ليعدّ عظته ليلاً في اليوم التالي على أفراد الكنيسة القليلين. وكانت زوجته تستهجن الأمر وتسأل عن النفع من بذل كل ذلك الوقت الطويل في إعداد رسالة لن يستمع إليها إلا بضعة أفراد. وكان الواعظ الشيخ يجيب زوجته: "يبدو أنك تنسين يا عزيزتي أن المستمعين لعظتي غداً جمهور غفير" (كان يقصد بذلك الناس والملائكة). وعليه، فلا يجوز لنا أن نستخف بأي شيء ما دامت السماء تنظر إلينا. سنقوم بدورنا بشكل أفضل إذا تذكرنا سحابة الشهود المحيطة بنا وفكرنا بالذين يقفون على منصة الشاهدين.
قد تكون أوديتنا ملأى بالأعداء والدموع، لكننا نستطيع أن نرفع أعيننا فوق الجبال لنرى مشاهدينا، الله والملائكة، يؤيدوننا ويدعموننا حسب حكمة الله غير المحدودة، ويُعدّون لاستقبالنا عندما نؤخذ إلى البيت السماوي.
 
قديم 14 - 07 - 2015, 05:46 PM   رقم المشاركة : ( 8449 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الملائكة في حياتنا اليوم

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

في الأشهر الأولى من الحرب العالمية الثانية كان لقوة طيران بريطانيا الفضل في إنقاذها من الغزو الألماني والهزيمة المنكرة. وفي كتاب للسيدة أديلا روجز سنت جان (St. John Adela Rohers) يرد وصف لناحية غريبة من نواحي تلك المعارك الجوية التي استمرت عدة أسابيع.
وقد استقت السيدة سنت جان معلوماتها من احتفال جرى في بريطانيا بعد انتهاء الحرب العالمية ببضعة أشهر، لتكريم اللورد هيو داودنغ (Ld. Hugh Dowding) قائد سلاح الجو. حضر ذلك الاحتفال الملك ورئيس الوزراء وعشرات من الشخصيات البارزة. وفيه ذكر قائد سلاح الجو قصة صراعه العجيب في المعركة الجوية عندما كان رجاله القليلون لا ينامون إلا نادراً، وطائراتهم تكاد تواصل طيرانها بلا توقف. وذكر قصة طيارين قاموا بمهمة جوية فأصيبوا وتعطلوا أو ماتوا، ومع ذلك ظلت طائراتهم تطير وتحارب. بل في بعض الحوادث خيّل إلى طياري الطائرات الأخرى أنهم شاهدوا شخصاً يواصل السيطرة على طائرة مات طيارها. كيف يمكن تفسير ذلك؟ قال قائد سلاح الجو إنه يعتقد أن ملائكة كانت فعلاً تواصل تسيير طائرات كان طياروها قد ماتوا وهم ي مقاعدهم.
من جهة، لا نستطيع البرهنة بشكل قاطع على أن الملائكة طيّرت طائرات بعد موت طيّاريها في معركة الدفاع عن بريطانيا في الحرب العالمية الثانية، لكننا، من جهة أخرى، نعرف من الكتاب المقدس أن الملائكة عملت بعض الأعمال، وهي تستطيع أن تنجز أعمالاً عظيمة- ولاشك أنها فاعلة- فيما يقترب التاريخ من ذروته. والسؤال الهام الذي يخطر ببال كل منا هو: كيف يمكن للملائكة أن يساعدونا في حياتنا الحاضرة، وكيف يكون ذلك؟ كيف يمكنهم مساعدتنا لكي نحرز الانتصار على قوات الشر؟ ما هي علاقتنا الدائمة بهم؟
نعرف أن الله أوصى ملائكته بالمحافظة علينا وبمعاضدتنا، حتى إننا لا نقدر، دون مساعدتهم، أن ننتصر على الشيطان. قال الرسول بولس: "فإن مصارعتنا ليست مع دم ولحم بل مع الرؤساء، مع السلاطين، مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر، مع أجناد الشر الروحية في السماويات" (أفسس6: 12). فلنر كيف يمكننا الاستعانة بالله فيكلف ملائكته مساعدتنا.
إله هذا الدهر:

إن لوسيفر، عدونا الأكبر، يسيطر على أداة هي من أقوى أدوات الحرب في الكون كله، إذ يسيطر على الرئاسات والسلاطين والممالك. إن كل أمة ومدنية وقرية والأفراد الذين فيها خاضعون جميعاً لقوة الشيطان الشريرة. وكأنما قد شرع هذا العدو في جمع أمم الأرض لخوض المعركة العظيمة الأخيرة ضد المسيح في هرمجدون. لكن يسوع يؤكد لنا أن الشيطان ما هو إلا عدو مغلوب (يوحنا12: 31÷ 16: 11). وفي تيموثاوس1: 10 يقول بولس إن يسوع المسيح "أبطل الموت وأنار الحياة والخلود بواسطة الإنجيل". كما يصرّح بطرس أن يسوع "قد مضى إلى السماء وملائكة وسلاطين وقوات مخضعة له" (1بطرس3: 22).
هزيمة الشيطان:

بينما يعتبر الشيطان عدواً مغلوباً من حيث المبدأ، نجد أن الله لم يبعده بعد عن مسرح العالم. لكن الكتاب المقدس يعلمنا أن الله سيستخدم الملائكة للحكم على الشيطان وإزاحته كلياً من الكون. فنقرأ في سفر الرؤيا 12 عن هزيمة الشيطان الأولى: "ميخائيل وملائكته حاربوا التنين، وحارب التنين وملائكته، ولم يقووا فلم يوجد مكانهم بعد ذلك في السماء، فطرح التنين العظيم، الحية القديمة، المدعو إبليس والشيطان، الذي يضل العالم، طرح إلى الأرض". (الآيات 7-9). وفي رؤيا20: 1- 3 يصف يوحنا كيف أن سلطة الشيطان الحالية على الأرض تصبح مقيّدة وقتياً:
ورأيت ملاكاً نازلاً من السماء معه مفتاح وسلسلة عظيمة على يده. فقبض عل التنين، الحية القديمة، الذي هو إبليس والشيطان، وقيّده في الهاوية وأغلق عليه وختم عليه، لكي لا يضل الأمم في ما بعد ....
ثم يقول يوحنا أن الشيطان سيطلق بعد ذلك، فتحدث على الأثر المعركة العظمى الأخيرة، ويطرح الله الشيطانَ في بحيرة النار والكبريت حيث يعذّب إلى الأبد (رؤيا20: 10).
قد يقول البعض: "جيد الكلام عن اندحار إبليس وهزيمته النهائية في المستقبل، ولكن ما النفع من ذلك الآن وهو لما يغلب، لأني مضطر لمصارعته كل يوم؟" لكن هذه ليست القصة كلها، بل إننا نجد في الكتاب المقدس ما نحتاج معرفته بشكل محدد لكي ننتصر على إبليس.
مثلاً، يعلمنا الكتاب المقدس أن "لا تعطوا إبليس مكاناً" (أفسس4: 27). وهذا يعني ألا نتيح لإبليس مكاناً فارغاً في قلوبنا يمكنه احتلاله. وقال الرسول بطرس: "اصحوا واسهروا لأن إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمساً من يبتلعه هو" (1بطرس5: 8). وهكذا نحن في حاجة لننتبه كل الانتباه. ويضيف بطرس ما يعني أنّ علينا أن ننضم إلى "حركة المقاومة الإلهية": "فقاوموه راسخين في الإيمان" (1بطرس5: 9). كما يقول يعقوب:"قاوموا إبليس فيهرب منكم" (يعقوب4: 7).
حتى هذه الدعوة للسهر والمقاومة تبيّن جزءاً من القضية لا غير. فإننا نستطيع أن ندخل في حسابنا وجود الملائكة الأشدّاء الذين هم أكثر عدداً وأعظم قوة من إبليس وجنده من الأرواح الشريرة. وقد كتب إنكريز ماثر (Increase Mather) وهو مربّ ومؤلف أمريكي بحث في موضوع الملائكة بإسهاب منذ أكثر من قرنين فقال:
للملائكة، الأطهار منهم والأشرار، تأثير في هذا العالم هو أعظم جداً مما يظن الناس بشكل عام. وعلينا، نحن المخلوقات الخاطئة، أن نقدّر أعظم تقدير نعمة الله من نحونا، إذ إنه تعالى عيّن ملائكته القديسين ليحافظوا علينا من أذى الأرواح الشريرة التي تسعى باستمرار لإيقاع الأذى بأجسادنا وأرواحنا.
سبق أن ذكرنا النبي أليشع عندما كان في دوثان وقد أحاطت بالمدينة أعداد هائلة من جيش العدو. ونحن أيضاً، لو كانت لنا عيون روحية مفتوحة لشاهدنا، كما شهد خادم أليشع، لا أرواحاً وقوى شريرة تملأ العالم وحسب، بل أيضاً ملائكة قوية مستلة السيوف وعلى أهبة الاستعداد للدفاع عنا.
في دوثان أحاط ألوف الجنود الآراميين بالمدينة وكانوا يطلبون اعتقال أليشع والقضاء عليه. ومع ذلك كان هذا النبي مطمئناً، على نقيض خادمه الذي كان يحتاج لأن تنفتح عيناه. ونحن المؤمنين المسيحيين الخائفين المضطربين القانطين نحتاج اليوم لأن يفتح الله عيوننا.لا ينقصنا النور بل البصر. ولا قيمة للنور لدى الإنسان الأعمى. حتى قراءة الكتب الكثيرة الباحثة في هذا الموضوع لا تكشف لنا عن الملائكة ما لم يلمس الإيمان عيوننا فنراها.
لسنا في حاجة لإحصاء الأرواح الشريرة التي ضدنا ناسين وجود الملائكة الأطهار. طبعاً إننا نواجه في حربنا آلة حرب ضخمة، لكننا محاطون بجحفل سماوي قوي. ولا حاجة لأن نخاف الحرب- فالمعركة للرب. نستطيع مواجهة الشيطان وجيوشه بشجاعة، ولنا ثقة ذلك القائد الشيخ الذي عندما قال له رجاله أنهم محاصرون من قبل الأعداء من كل ناحية صاح: "عظيم، لا تدعوا أحداً منهم ينجو". فإذا كان واديك مملوءاً بالأعداء فارفع عينيك إلى الجبال وانظر ملائكة الله القديسين يقفون على أهبة الاستعداد لخوض المعركة من أجلك.
عندما أرسل إبراهيم كبير خدّامه إلى أقربائه وبني عشيرته ليجد بينهم عروساً لإسحاق طمأنه مؤكداً أن الرب "يرسل ملاكه أمامك ... وينجح طريقك" (تكوين24: 7، 40). وقال أشعياء النبي: "في كل ضيقهم تضايق (الرب) وملاك حضرته خلّصهم" (أشعياء63: 9). كذلك وعد الله موسى أنه في وسط كل غضبه يذكر الرحمة "ملاكي يسير أمامك" (خروج23: 23). ويقول الكتاب المقدس أيضاً إننا قد نرى ملائكة يوماً ولا نعرف أنهم ملائكة: "لا تنسوا إضافة الغرباء، لأن بها أضاف أناس ملائكة وهم لا يدرون" (عبرانيين13: 2). أجل، الملائكة يعملون بنشاط في عالمنا، عالم القرن العشرين، سواء انتبه الناس لوجودهم ونشاطهم أم لم ينتبهوا. فهل ننتبه لوجودهم؟
كانت ليلة عصيبة في إحدى المدن الصينيّة. فقد أحاط بمجمّع الإرسالية في المدينة عدد كبير من رجال العصابات فيما ازدحم في المجمّع مئات من النساء والأطفال. وكانت المرسلة الآنسة مونسن (Monsen) قد لازمت فراشها في ليلة سابقة بسبب حمى الملاريا التي انتابتها. والآن ضايقها المجرّب بالأسئلة: "ماذا تفعلين إذا دخل الناهبون إلى هنا؟ وتلك الوعود التي كنت ترددينها من الكتاب المقدس على مسامع الناس، ماذا سيحلّ بها عندما يدخل المهاجمون ويبدأ إطلاق النار؟" غير أن الآنسة مونسن صلّت قائلة: "يا رب، كنت طوال هذه السنين أعلّم هؤلاء الشبان والشابات أنّ وعودك صادقة، فإذا خابت هذه الوعود الآن فإني سأقفل فمي إلى الأبد وأعود إلى بلادي".
بقيت ساهرة طوال الليل وهي تتجول بين اللاجئين الخائفين تشجّعهم وتصلّي معهم واثقة بالله لإنقاذهم. ولكن حدثت أحداث مرعبة في المحيط خارج مجمّع الإرسالية تلك الليلة. وذهب رجال العصابات قبل طلوع النهار ولم يمسّوا مباني الإرسالية بسوء.
وجاء في الصباح ثلاثة أشخاص من عائلات مختلفة تسكن بجوار مجمّع الإرسالية وسألوا الآنسة مونسن: "من كان أولئك الأربعة الذين قاموا بهدوء بحراسة المبنى من على السطح طوال الليل وكان ثلاثة منهم جالسين والرابع واقفاً؟" أجابتهم أنه لم يكن أي حارس على سطح المبنى. لكنهم لم يصدّقوها وقالوا: "نحن رأيناهم بأعيننا". عندئذ قالت أن الله ما يزال يرسل ملائكته ليحرس أولاده المؤمنين في ساعة الخطر التي يمرون فيها.
مرّ بنا في هذا الكتاب كيف يعتني الملائكة بالمؤمنين في وقت الحاجة. فقد أتى ملاك بطعام إلى إيليا بعد انتصاره على كهنة البعل. كان النبي قد هرب من وجه الملكة التي أرسلت تهدده بالانتقام. وبعد سفرة متعبة إلى الجنوب، وكان خائفاً منهوك القوى، وجد في تلك البرية شجيرة رتم فجلس تحتها "واضطجع ونام تحت الرتمة، وإذا بملاك قد مسّه وقال قم وكل" (1ملوك19: 5). وقد وعد الله بخصوص الملائكة العتيدين أن يرثوا الخلاص؟" (عبرانيين1: 14)، أفيجوز لنا أن نحسب أن خدمة الملائكة للمؤمنين قد توقّفت منذ ألفي عام ولم يعد لها وجود؟
عندما كنت أزور كوريا في أثناء الحرب الكورية سمعت قصة عن فئة من مشاة البحرية التابعين للفرقة الأولى من الجيش الأمريكي. انعزلت هذه الفئة في الشمال ولم تتمكن من العودة إلى مركزها. وكان البرد شديداً، إذ هبطت درجة الحرارة إلى 20 درجة تحت الصفر، وأصبح أولئك الجنود مهدّدين بالتجمد والموت. ثمّ نفد منهم الطعام طوال ستة أيام، ولم يبق أمامهم غير الاستسلام للصينيين لكي يبقوا على قيد الحياة. كان بينهم جندي مؤمن راح يشجّع زملاءه ويدعوهم للاعتماد على الله ويذكر لهم آيات من الكتاب المقدس، وقد علّمهم إحدى الترانيم فكانوا يرنمونها مسبحين الرب. وفيما هم يرنمون سمعوا صوت ارتطام، فالتفتوا وإذا خنزير بري يندفع نحوهم. حاولوا الابتعاد عن طريقه لكنه توقّف فجأة. فرفع أحد الجنود بندقيته ليقتله، ولكن قبل إطلاق النار خرّ الخنزير صريعاً إلى الأرض. عندئذ ركض الجنود إليه فذبحوه وقطعوه. وفي تلك الليلة أقاموا وليمة كبيرة وأكلوا لحماً كثيراً واستعادوا قواهم.
عندما أخذت الشمس تشرق في صباح اليوم التالي سمعوا صوتاً آخر. ظنوا أن إحدى دوريات الصينيين قد اكتشفتهم لكن خوفهم اضمحل إذ رأوا كورياً جنوبياً يتكلم الإنكليزية ويريد مساعدتهم. قال لهم: "اتبعوني فأدلكم على الطريق". قاد ذلك الرجل الكوري أولئك الجنود الأمريكيين عبر الحرش والجبال إلى موقع أمين ضمن منطقة الكوريين الجنوبيين. وعندما تطلّع الجنود ليشكروا الرجل الكوري لم يجدوه.
الملائكة يوم الدين:

في سياق بحثنا لكيفية الحصول على أفضل عون ممكن من الملائكة في حياتنا هذه الأيام، نحتاج لأن نراجع باهتمام مسألة علاقة الملائكة بالقضاء الإلهي.
قبل أن أمطر الله سدوم بنار وكبريت جزاء خطاياها قال الملاك: "لأننا مهلكان هذا المكان ... فأرسلنا الرب لنهلكه" (تكوين19: 13).
وتقول كلمة الله في دانيال7: 0 "نهر نار جرى وخرج من قدامه ... فجلس الدّين وفتحت الأسفار". ونقرأ في عشرات المواضع من الكتاب المقدس أن الله سيستخدم الملائكة ليجري أحكامه في الأرض على جميع الذين رفضوا إطاعة إرادته ولم يقبلوا المسيح مخلّصاً لهم ورباً على حياتهم. فقد قال الرب يسوع: "يرسل ابن الإنسان ملائكته فيجمعون من ملكوته جميع المعاثر وفاعلي الإثم. ويطرحونهم في أتون النار. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان" (متىغ3: 41و 42). وقال أيضاً: "ولكن أقول لكم إن صور وصيداء تكون لهما حالة أكثر احتمالاً يوم الدين" (متى11: 22). وأيضاً: "إن كل كلمة بطّالة يتكلم بها الناس سوف يعطون عنها حساباً يوم الدين" (متى12: 36). "فليس مكتوم لن يستعلن ولا خفي لن يعرف" (لوقا12: 2).
لا يكتفي الله بتدوين أقوالنا وأعمالنا علينا بل أيضاً أفكارنا ونوايا قلوبنا. ولسوف يأتي يوم فيه يقف كل إنسان لتأدية الحساب. ومنذ الآن يتقرّر المصير النهائي على أساس موقفنا من يسوع: هل قبلناه أم رفضناه؟ أما المؤمنون المتضايقون الآن فإياهم سيجازي الله "راحة معنا عند استعلان الرب يسوع من السماء مع ملائكة قوته في نار لهيب، معطياً نقمة للذين لا يعرفون الله والذين لا يطيعون إنجيل ربنا يسوع المسيح" (2تسالونيكي1: 7 و 8).
يقتضي العدل تصفية الحسابات في حياة الناس، وهذا لا يتم إذا لم تكن هناك دينونة أو محاسبة أخيرة. والقوانين تمسي بلا قيمة إذا لم يصحبها عقاب واقتصاص من الذين يخالفونها. كما أن المنطق، على الأقل، يستنتج أنه لا بد من وقت يستدعي الله فيه طغاة العالم وسفّاحيه لتأدية الحساب. وإلا فلا يكون عدل في الكون.
إن ألوفاً من الأشرار الذين عاشوا حياة شر وفسق، وابتلوا العالم حولهم بسوء أعمالهم، مضوا من هذه الحياة وكأنهم نجوا من الحساب ولم يعاقبوا على ما اقترفوا من شرور. لكن الكتاب المقدس يقول أنه سيجيء وقت يدان فيه الناس أمام العرش العظيم الأبيض (رؤيا20: 11- 15). في ذلك اليوم العظيم، يوم دينونة الله، قد يطلب الناس منه الرحمة، لكن فرصة الرحمة تكون آنذاك قد مضت، في ذلك اليوم يطلب الناس الله لكنهم لا يجدونه. إن يوم الدينونة يوم حساب لا يوم رحمة. وقد يصرخ الناس آنذاك مستنجدين بالملائكة لإنقاذهم، ولكن دون جدوى.
الملائكة يفرحون بخلاص الخطاة:

بينما يقوم الملائكة بدور هام في تنفيذ دينونة الله وإنزال عقابه بأولئك الذين يرفضون يسوع المسيح مخلّصاً لهم وربّاً، يخبرنا الكتاب المقدس أن الملائكة أيضاً يفرحون بخلاص الخطاة.
سرد الرب يسوع قصتين مؤثرتين وردتا في لوقا15. في القصة الأولى كان لرجل مئة خروف يرعاها ويعتني بها. ويوماً ضلّ أحد الخراف، فترك الرعي خرافه التسعة والتسعين في البرية وراح يبحث عن الخروف الضال حتى وجده، فحمله على منكبيه وعاد به إلى باقي الخراف. وعندا عاد بخرافه جميعاً إلى الحظيرة دعا كل أصدقائه قائلاً لهم: "افرحوا معي لأني وجدت خروفي الضال" (لوقا15: 6). وقال يسوع أيضاً: "أقول لكم إنه هكذا يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين باراً لا يحتاجون إلى توبة" (لوقا15: 7).
وفي القصة الثانية أضاعت امرأة درهماً فضياً ثميناً. بحثت عنه، وكنست البيت بعناية، وأخيراً وجدته. فدعت صديقاتها وجاراتها وقالت: "افرحن معي لأني وجدت الدرهم الذي أضعته" (لوقا15: 9). وأضاف يسوع: "هكذا أقول لكم يكون فرح قدام ملائكة الله بخاطئ واحد يتوب" (لوقا15: 10).
ألا نفهم من هاتين القصتين أن يسوع يقصد أن ملائكة السماء تراقب بعيونها كل شخص؟ يعرف الملائكة الحالة الروحية لكل شخص على وجه الأرض. حقاً إن الله يحبك ويجعل الملائكة تعنى بأمرك. وهم يتوقون لرؤيتك تتوب وترجع إلى المسيح فتؤمن به وتعتمد عليه فتخلص قبل فوات الأوان. الملائكة يعرفون الأخطار الرهيبة الكائنة في جهنم والتي تهدد كل إنسان. ولذا يريدون لك أن تتجه نحو السماء، لكنّهم يعرفون أيضاً أن ذلك قرار لا بد لك من اتخاذه وحدك وبملء حريتك.
سمع شاب غني ذو مركز عظيم بيسوع، فجاء إليه راكضاً وقال له: "أيها المعلم الصالح، ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟" (مرقس10: 17).
وعندما فرغ بطرس من إلقاء عظته العظيمة يوم الخمسين يقول لوقا (في أعمال الرسل2: 37) إن الذين سمعوا "نخسوا في قلوبهم وقالوا لبطرس ... ماذا نصنع؟".
والوزير الحبشي الذي كان يسير بمركبته عبر الصحراء تكلم شخصياً مع فيلبس المبشّر. وفجأة أوقف الوزير المركبة وقال لفيلبس: "هوذا ماء، ماذا يمنع أن أعتمد؟" (أعمال8: 36).
وفي نصف الليل آمن سجّان مدينة فيلبي وسأل بولس وسيلا "يا سيدي، ماذا ينبغي أن أفعل لكي أخلص؟" (أعمال16: 30).
وإنسان العصر الحاضر يظل يسأل هذا السؤال نفسه: ماذا أصنع؟ إنه سؤال قديم لكنه يبقى جديداً، إذ يلائم الإنسان ويعبّر عن حاجته اليوم كما كان في الماضي البعيد.
ماذا عليك أن تفعل بالضبط لتجعل الملائكة يفرحون؟ كيف تتصالح مع الله؟ كيف تتوب عن الخطية؟ سؤال بسيط يحتاج إلى جواب بسيط. فإن يسوع عمل كل شيء في شكل بسيط، إنما نحن الذين عقدنا الأشياء. إذ طالما خاطب يسوع الجماهير بعبارات قصيرة مستخدماً كلمات بسيطة من لغة الناس اليومية، مدعّماً رسالته بأمثال لا يمكن أن تنسى، فقدّم للناس رسالة الله في شكل بسيط أدهش سامعيه، حتى كانوا لا يكادون يصدقون ما تسمع آذانهم لبساطة ما كانوا يسمعون.
جاء في سفر أعمال الرسل أن سجّان فيلبي سأل الرسول بولس "ماذا ينبغي أن أفعل لكي أخلص؟" وكانت إجابة بولس بسيطة جداً: "آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص" (أعمال16: 30 و 31). هذه العبارة بسيطة إلى حد أن ملايين من الناس يعثرون بها ولا يفهمونها. فالطريقة الوحيدة التي تخلص بها هي أن تؤمن بالرب يسوع المسيح ربّاً وتتخذه مخلّصاً شخصياً لك. لا حاجة لك بأن تصلح من حياتك أولاً. ولا لزوم لأن تحاول أن تترك عادة معينة قبل أن تؤمن. ولعلّك حاولت هذا من قبل وفشلت مراراً، لكن الآن تعال كما أنت. لقد جاء الأعمى، كما كان، إلى يسوع. وكذلك جاء الأبرص كما كان، وكذلك اللص الذي صلب مع يسوع، تاب وطلب إلى يسوع أن يذكره في ملكوته، وقد أقبل إلى المسيح كما كان ولم يكن لديه مجال ليغيّر من وضعه شيئاً. وأنت، تعال إلى يسوع الآن. أينما كنت، ومثلما أنت وملائكة السماء تفرح بك.
من أعظم الكلمات المدونة في الكتاب المقدس وأثمنها ما قاله الشيطان نفسه (مع أنه لم يقصد أن يكون في قوله نفع لنا). ففي حديثه مع الله عن أيوب قال: "أليس أنك سيّجت حوله وحول بيته وحول كل ما له من كل ناحية؟ باركت أعمال يديه فانتشرت مواشيه في الأرض؟" (أيوب1: 10).
أتطلّع إلى ماضي حياتي فأتذكر اللحظة التي أقبلت فيها إلى المسيح وقبلته مخلّصاً لي وربّاً. الملائكة فرحت. منذ ذلك الحين دخلت في ألوف المعارك مع إبليس وأرواحه الشريرة. وما دمت قد تبت إلى الله مؤمناً وسلّمت إرادتي ونفسي كلياً للمسيح- وقد صلّيت وآمنت- فإني واثق بأن الله "سيّج حولي" بسياج من الملائكة للمحافظة عليّ.
جاء في الكتاب المقدس "للولادة وقت وللموت وقت". فإذا جاءت الساعة لأموت، سيكون معي ملاك ليعزّيني. سيعطيني سلاماً وفرحاً حتى في تلك الساعة الحرجة، ويصحبني إلى محضر الله حيث البهجة الحقيقية والسعادة الأبدية.
شكراً لله لأجل خدمة ملائكته الأطهار.
 
قديم 14 - 07 - 2015, 05:56 PM   رقم المشاركة : ( 8450 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الملائكة والنبوات

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



ابتدأ التاريخ البشري في عدن حيث غرس الله جنة وخلق الإنسان ليكون في شركة معه إلى الأبد. وكانت الملائكة هناك. لم تفتهم فرصة الاطلاع على حياة البشر ومتابعة الأحداث معهم، وسيظلون على مقربة من الإنسان في الأجيال القادمة حتى يتلاشى الزمن في الأبدية.
وللملائكة دور مهم في أحداث المستقبل أيضاً.
وكما اشترك ملايين الملائكة في العرض اللامع عند بدء الخليقة يوم تغنّت كواكب الصبح معاً، هكذا سيظل ملائكة الله الذين لا يحصيهم عدد يساعدون في إتمام إعلانات الله النبوية خلال الزمن وعبر الأبدية.
وعندما يحين وقت الله ليوطد البر في كل مكان يصدر أمره فيغادر الشيطان (لوسيفر) عالم الفوضى. عندئذ يسود الأرض السلام والنظام في المملكة الإلهية حيث الثيوقراطية الصحيحة، أو ملك الله الحق. ولن يعرف الجنس البشري السلام التام على الأرض إلا عندما يحين ذلك الوقت ويصبح الملك في يد الله. يقول بولس في رومية 8 إن الخليقة تئن وتتمخض وهي تتوقع يوم انتصار المسيح.
سبق الأنبياء فذكروا يوماً عجيباً يرفع الله فيه اللعنة عن الأرض "فيسكن الذئب مع الخروف ويربض النمر مع الجدي" (أشعياء11: 6) و "لا ترفع أمة على أمة سيفاً ولا يتعلمون الحرب في ما بعد" (أشعياء2: 4). أما طغم الملائكة فستنفذ أوامر الله وتشرف على إتمام مقاصده في الكون. المسيح آت بقوة عظيمة ومعه جميع ملائكته القديسين.
في أعمال 1: 10 و 11 تكلّم الملاكاًن إلى التلاميذ بعد صعود يسوع إلى السماء فنصحاهم ووجهاهم. وهناك على جبل الزيتون، قال الملاكاًن: "أيها الرجال الجليليون، ما بالكم واقفين تنظرون إلى السماء؟ إن يسوع هذا ... سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقاً إلى السماء" (أعمال1: 11). لقد شجع الملاكاًن أولئك المؤمنين الحزانى الذين شاهدوا يسوع المسيح يختفي عن أبصارهم وسط غيمة. بعد هذا قام الملائكة بدور بارز في خطة الله النبوية، تلك الخطة التي استمرت بعد صعود يسوع وظهرت بين حين وآخر في أحداث المستقبل المتعلقة بنبوات الكتاب المقدس.
طالما كان المؤمنون الحقيقيون في كل عصر يسألون: “هل من نهاية لصراع الدهور هذا؟" إن لكل حقبة من حقب التاريخ تجاربها وتشنجاتها. ويبدو أن على جيل من أجيال البشر أن يأخذ نصيبه من التجارب. ويقع وراء كل هذا صراع الدهور غير المنظور. كنا نتوقع أن تساعد تقنية العصر الحديث على حل الكثير من مشكلات الجنس البشري. ولا ننكر أنها ساعدت من بعض النواحي إذ تغلبت، مثلاً، على أخطار بعض الأمراض كشلل الأطفال ومرض الجدري. لكن التقنية الحديثة أوجدت كذلك الأسلحة المدمرة. والفقر والجشع والشهوة، والحرب والإرهاب والموت والنزاع العنصري، ما زالت جميعها بيننا. هذه الحرب الروحية هي نفسها التي ابتدأت بشكل خفي في قلب لوسيفر. ويبدو أن عالمنا يسير في طريق الانتحار، لكن لله خططاً أخرى. فنحن كمن يسير في نفق طويل مظلم، ولكن عند نهاية النفق يلوح الضوء ويتزايد. سيجيء يوم يمنى فيه الشيطان بالهزيمة مع جميع أرواحه الشريرة. يقول الكتاب المقدس، ويعلن بصراحة، أن البر سينتصر في النهاية على الشر، وتتحول الأرض إلى "المدينة الفاضلة" النموذجية إذ يسود ملكوت الله العالم كله. ولكي يتم كل ها يستخدم الله الملائكة ليقوموا بدور بارز.
سمعت بنت صغيرة ساعة الحائط تدق ثلاث عشرة دقة، فارتعبت وركضت إلى أمها وهي تصيح: "الوقت متأخر أكثر من أي وقت مضى". إن هذا شعور أكثر الناس في العالم اليوم. إنهم يشعرون أن الوقت قد انقضى من زمان، والجنس البشري يسير مسرعاً إلى الذروة، إلى نهاية ما. وينبئنا الكتاب المقدس بنهاية هذا العالم بالضبط: إنه سيزول، وسيخلق العالم عالماً جديداً. بعد الذي تحقق حتى الآن من انجازات في مجال التقنية والعلوم الحديثة صرنا نلمح شيئاً مما سيكون عليه العالم الجديد. ولولا الطبيعة الساقطة التي ابتلي بها البشر لكان ممكناً أن يحققوا العالم الجديد بأنفسهم. إلا أن تمرد الإنسان على الله كان دائماً العقبة الكؤود أمام الإنسان. وقصاص تمرد الإنسان هو الموت. هذا القصاص كان ولا يزال يقضي على أعظم القادة وأضخم الأدمغة. فقد جاء في الكتاب المقدس "... وضع للناس أن يموتوا مرة" (عبرانيين9: 27). وليس نادراً أن يبرز بين الحين والآخر نجم قائد عادل ورحيم تتعلق به القلوب ثم لا يلبث أن يخطفه الموت.
سيستخدم الله الملائكة عندما يدمج الزمن في الأبدية ويخلق نوعاً جديداً من الحياة لكل مخلوق. إن مفكري هذا الزمن أنفسهم يقولون بأنه سيأتي وقت ينتهي فيه الزمن. وأكثر العلماء يوافقون على أن ساعة الزمن ستبلغ نهايتها، بل إنه الآن في طور الاحتضار بالنسبة إلى علم البيئة والطب والعلوم والأخلاق. بل الشمس أيضاً تتناقص حرارتها تدريجياً. كيفما توجهنا ونظرنا نرى أن وقت الإنسان على الأرض يقترب من النهاية، ونحن البشر لا مناص لنا من الدمار القادم.
فهل سيدمر الإنسان نفسه؟ لا، بل لله خطة أخرى.
منذ بدء الزمن والإنسان يهتم بمعرفة ما يجري بعد حياته القصيرة. وفي هذا العصر يلجأ كثيرون إلى مناجاة الأرواح، والشعوذة، والفلسفات الشرقية الوهمية، وقراءة الكف، وكل ما يبدو لهم الاستعانة به لمعرفة المستقبل. والغريب أن الذين يرجعون إلى الكتاب المقدس أصبحوا قلة، مع أن الكتاب المقدس هو الكتاب الوحيد الذي ينبئنا عن المستقبل بدقة. يعلمنا الكتاب المقدس أن يسوع المسيح سيأتي ثانية إلى العالم مع ملائكته القديسين. ويصف الكتاب ذلك وما يتعلق به فيتحدث عن يوم الافتقاد (أشعياء10: 3)، وأيام الشر (الجامعة12: 1)، ويوم الغضب (رومية2: 5)، ودينونة اليوم العظيم (يهوذا 6)، ويتكلم الكتاب عن ذلك كثيراً بشكل مباشر وغير مباشر. ولكن عصر النعيم، العصر الذي فيه يسود السلام العالم، لا بد أن تسبقه أحداث مفجعة لم يسبق أن ابتلي البشر بمثلها – من دكتاتورية، وفقر، ومرض وزلازل، وانحلال خلقي، وحرب – حتى ليغشى على الناس من ول ما يحل بالعالم.
جاء في لوقا 21 أنه ستقع "حروب وقلاقل ... تقوم أمة على أمة ومملكة على مملكة، وتكون زلازل عظيمة في أماكن ومجاعات وأوبئة، وتكون مخاوف وعلامات عظيمة من السماء" (الآيات9 – 11).
أما الذين يؤمنون بالمسيح في تلك الفترة، من اليهود أو الأمم، فلسوف يضطهدون. فقد قال يسوع:
ويسلمونكم إلى مجامع وسجون، وتساقون أمام ملوك وولاة لأجل اسمي ... وسوف تسلمون من الوالدين والأخوة والأقرباء والأصدقاء، ويقتلون منكم. وتكونون مبغضين من الجميع من أجل اسمي ... ومتى رأيتم أورشليم محاطة بجيوش فحينئذ اعلموا أنه قد اقترب خرابها ... لأن هذه أيام انتقام، ليتم كل ما هو مكتوب ... وتكون علامات في الشمس والقمر والنجوم. وعلى الأرض كرب أمم بحيرة، البحر والأمواج تضج، والناس يغشى عليهم من خوف وانتظار ما يأتي على المسكونة، لأن قوات السموات تتزعزع (الآيات12 – 26).
في الآية 27 نقرأ قول الرب: "وحينئذ يبصرون ابن الإنسان آتياً في سحابة بقوة ومجد كثير".
وكما حدث في بدء الزمن من تمرد بعض القوات الملائكية وشنها الحرب في السماء (رؤيا12: 7 – 9)، هكذا سيشن الملائكة في الأيام الأخيرة حرباً أخرى، والشيطان سيقف وقفته التمردية الأخيرة. والآن كلما اقتربنا من تلك النهاية كثف الشيطان نشاطاته.
ولكن سيجيء وقت يطرح فيه الشيطان وملائكته في بحيرة النار، ولا يعودون إلى تجربة الإنسان وتدميره. ذاك سيكون يوم انتصار للكون كله. لقد عهد الله بذلك إلى الملائكة، ويؤكد لنا الكتاب المقدس أنهم سينجزن تلك المهمة بانتصار (متى13: 41 و 42).
الملائكة سيجمعون المختارين:

بالنسبة لمهمة الملائكة في الزمن الأخير يقول يسوع: "ومتى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه فحينئذ يجلس على كرسي مجده" (متى25: 31). أي أن يسوع، عندما ينزل عائداً إلى الأرض، سيكون مصحوباً بجنود السماء. سيكون الملائكة القديسون معه. ويقول أيضاً: "يرسل ابن الإنسان ملائكته فيجمعون من ملكوته جميع المعاثر وفاعلي الإثم، ويطرحونهم في أتون النار. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان" (متى13: 41 و 42).
في بداية متى13 ذكر يسوع قصة صغيرة هامة اعتاد الناس على تسميتها "مثل الحنطة والزوان" (متى13: 24 – 30، 36 – 43). في هذا المثل ترك الزوان والحنطة ينميان معاً حتى وقت الحصاد. عند ذلك يجمع الحصادون الزوان في حزم ليحرق أما الحنطة فيجمعونها إلى المخزن. كثيراً ما نجب ونسأل: لماذا يسمح الله بانتشار الخطية في العالم، ولماذا يصمت ولا يعاقب الأشرار؟ لماذا لا يتدخل ويمنع الخطية الآن؟ يمكننا أن نجد الجواب في الآية التي يقول يسوع فيها: "دعوهما ينميان كلاهما معاً"، الشرير مع الصالح (الآية30). إن كنا نريد إزالة الشر من الأرض إزالة تامة فمن أين نجيء بالعدل؟ ليس في هذه الأرض عدل تام لأن كل إنسان مذنب، بما في ذلك القضاة الذين يجلسون في كراسي القضاء فيحكمون على الآخرين. القضاة أنفسهم خطاة. على الإنسان أن يجاهد لكي يكون عادلاً، ولكنه لن يستطيع أن يكون عادلاً تماماً. وسيبعث الله ملائكته يوماً ليقوموا بفرز الأشرار من بين الأبرار، وسيقدرون أن يميزوا الأعمال بل المواقف أيضاً. ودينونة الله ستكون عادلة، حتى لينحني المحكوم عليهم معترفين بعدله. لقد قال أحدهم: "عندما أموت لا أجسر أن أطلب العدل – إن ما أطلبه هو الرحمة". هذه الرحمة مقدّمة إلينا الآن بالرب يسوع المسيح.
وهكذا لن يكتفي الملائكة بأن يجيئوا مع المسيح في مجيئه الثاني عندما ينزل إلى الأرض بل سيكلفون مهمة جمع كل من يشكل عثرة أو يسبب شراً في ملكوت المسيح لكي يدانوا قبل تأسيس المملكة الإلهية (متى13: 47 – 50).
تتحير عقولنا كلما حاولنا تصور ما ستكون عليه الأرض عندما يبعد الله عنها الشيطان والخطية. ونشعر بالروعة كلما فكرنا أن يسوع سيجلس أخيراً على كرسي مجده. حتى الصحراء الكبرى الإفريقية، هذه الصحراء التي لم تتوقف عن الزحف جنوباً، ستزهر وتزدهر. سيتمكن البشر من زرع الصحراء وإنتاج المزيد من الطعام، والأرض التي لا قيمة لها اليوم ستثمر اثنتي عشرة مرة في السنة. في ذلك الوقت سيتلاشى من قلب الإنسان كل ميل للفساد الخلقي. في ذلك الوقت سيشعر كل إنسان بالعطش إلى البر. في زمن اليأس هذا نحتاج إلى الكثير من الإيمان لنصدّق أن بالإمكان حدوث كل هذا التغيير في الأرض. إن هذا ما يعلم به الكتاب المقدس بوضوح. لولا هذا الرجاء بالمستقبل لا أعلم ماذا يظل على إنسان هذا الزمن أن يفعله غير أن يعاقر الخمر ويتعاطى المخدرات ويموت منتحراً.
لدينا اليوم حق الاختيار بين أن نقبل خدمة الملائكة لنا وأن نرفضها. إذ اخترنا أن نتبع يسوع المسيح فإن ذلك يتضمن قبول سهر ملائكة السماء علينا وعنايتهم بنا.بعد أن يجيء المسيح ثانية لا يبقى لنا حق الاختيار. إذ ترددنا ولم نقبل المسيح تضيع منا الفرصة نهائياً، فنخسر خدمة الملائكة لنا ووعد الخلاص للحياة الأبدية كليهما معاً.
الملائكة في مستقبلنا:

يقول الدكتور ميل:
ماذا يخبئ المستقبل لهذا العالم الهرم المتعب؟ ... للكرة الأرضية؟ لن نجد أي جواب في علم التنجيم أو في السحر واستحضار الأرواح، بل في كلمة الله الموحى بها. ويمكننا أن نتأكد من انه، بينما يمر الوقت وتتم النبوات، يعمل الملائكة بكل جد على إنجاز المهمة.
سيجدد الله الأرض، ويأمر فتنزل أورشليم الجديدة من السماء، ويعطي المعذبين مراكز أعلى من الملائكة – يا له من مستقبل.
كان إيليا واحداً من أعظم الأنبياء، وقد ظهر فجأة على المسرح في ساعة تعد من أحلك الساعات في تاريخ بني إسرائيل (1 ملوك17) . كان رجلاً قوياً تربّى في البرية فلوّحته شمسها. وهو يبدو جريئاً كالأسد حيناً، ويجر أذيال القنوط والفشل حيناً آخر. وقد وقف أمام أنبياء البعل، الإله الوثني، يوماً فتحداهم طالباً أن يثبتوا أن البعل إلههم إله حقيقي (1ملوك 18: 19). وعندما صلى أنبياء البعل وصرخوا ولم يسمع لهم إلههم الزائف، دعا إيليا الله فاستجاب بإنزال نار على ذبيحته، فثار غضب الملكة إيزايبل ورفضت النتيجة التي وصل إليها إيليا والحكم الذي حكم به على أنبيائها، فقررت أن تقتله. وراحت تطارده بمركبتها فهرب إيليا مسافة بعيدة أمامها. وصل إيليا في أثناء هربه إلى مكان ناءٍ في الصحراء، وكان متعباً وجائعاً، فوجد شجرة رتم فاضطجع تحتها ليستريح. غلبه النعاس من الهم والحزن فنم. ثم جاءه ملاك فأيقظه ووضع أمامه طعاماً، وقال له أن يقوم فيأكل.
تطلّع وإذا كعكة رضف وكوز ماء عند رأسه فأكل وشرب ثم رجع فاضطجع. ثم عاد ملاك الرب ثانية فمسّه وقال: قم وكل، لأن المسافة كثيرة عليك. فقام وأكل وشرب، وسار بقوة تلك الأكلة أربعين نهاراً ليلة إلى جبل الله حوريب (1 ملوك19: 6 – 8).
لم يتخلّ الله عن نبيذه الأمين. بل إنه قدم له ما كان يحتاج إليه جسدياً ونفسياً وروحياً.وكثيرون منا يقطعون الأمل في إمكان العيش وسط ضغوط الحياة، لكن إذا كنا ممتلئين بالروح وننقاد بالروح فإننا نلجأ إلى الله فنطالبه بما وعدنا به من عون. إن نبوات الكتاب المقدس تزودنا بالرجاء. ولولا خطة الله المعلنة في الكتاب المقدس تزودنا بالرجاء. ولولا خطة الله المعلنة في الكتاب المقدس عن المستقبل وما تحمل إلينا من رجاء فماذا كان الإنسان العادي يفعل؟ طبعاً لن يجد الإنسان الحل في التذمر والتشكي، ولا بالانتحار، ولا باللجوء إلى تعاطي السحر والاتصال بالأرواح الشريرة. غير أننا نجد الحل من جهة أمور المستقبل في الكتاب المقدس الذي يتمحور حول الرب يسوع المسيح. ففيه ركز الله جميع آمالنا وأحلامنا، وهو القائد الأعلى لهذه الجيوش الملائكية التي ستصحبه عند مجيئه.
سلطة الملائكة:

أثبت كتاب العهد الجديد حقيقة السلطة التي أعطيت للملائكة ليتمموا أوامر الله النبوية. والرسول بطرس يشدد على أن المسيح هو صاحب الإمرة عليهم، عندما يتكلم عن المسيح فيقول أنه قم وهو في يمين الله إذ قضى إلى الماء "وملائكة وسلاطين وقوات مخضعة له" (1 بطرس3: 22). وسيأتي الوقت الذي فيه يخر الأربعة والعشرون شيخاً ويسجون أمام الخروف ويترنمون بترنيمة جديدة (رؤيا5: 9 و 10). بعد ذلك سيجمع الملائكة القديسون حول العرش ويشهدون للخروف بهتاف عظيم مسبحين بكلمات مثل: "مستحق هو الخروف المذبوح أن يأخذ القدرة والغنى والحكمة والقوة والكرامة والمجد والبركة" (رؤيا5: 12). للملائكة سلطة عظيمة، لكنها منحصرة في عمل إرادة الله دون أي شيء آخر، فهم لا يتحولون عن رسالة الله ولا يخففونها ولا يغيرون خطته أبداً. ودأبهم الوحيد طوال العصور هو تمجيد اله وحده، فهم لم يمجدوا أنفسهم قط، ولن يمجدوها البتة.
يعلمنا الكتاب المقدس أن الأرواح الشريرة عاملة باستمرار على السيطرة على أرضنا هذه لمصلحة سيدها الشيطان. ويسوع أيضاً دعا الشيطان "رئيس هذا العالم" (يوحنا12: 31). فهو المنظم والمخطط. ويتحدث الكتاب المقدس في غير موضع منه عن نزاعات تنشب بين الملائكة والأرواح الشريرة. وعليه، فإن قسماً كبراً من حوادث أيامنا قد يكون متعلقاً بهذا الصراع غير المنظور وناتجاً منه.
ولسنا تحت رحمة الشك حول من الذي سينتصر نهائياً. فقد أكد لنا يسوع المرة بعد المرة، أنه وملائكته منتصرون: "ومتى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه فحينئذ يجلس على كرسي مجده" (متى25: 31). كذلك فقد كتب الرسول بولس في 2 تسالونيكي 1: 7 و 8 عن "... استعلان الرب يسوع من السماء مع ملائكة قوته في نار لهيب ... "
وقد علّم يسوع أيضاً فقال: "كلّ من اعترف بي قدام الناس يعترف به ابن الإنسان قدّام ملائكة الله" (لوقا12: 8). لا أحد يستطيع أن يتصور هول الألم الذي سوف يشعر به أخيراً الإنسان الذي لن يعترف به المسيح أمام الملائكة، إذ ذاك سيبين أنه لم يكن صادقاً في إيمانه بالمسيح وأنه قد خسر الحياة إلى الأبد. ولكن ما أمجدها لحظة إذ يجتمع مؤمنو كل العصور، ومن كل قبيلة وأمة ولسان، ويكون استقبالهم في البلاط السماوي. إذ ذاك يجري احتفال عظيم يدعى "عشاء عرس الخروف" (رؤيا 19: 9). هذا هو الحدث الأعظم، يوم يتوّج يسوع المسيح ملك الملوك ورب الأرباب. وينضم ألوف الجنود الملائكية إلى المؤمنين من كل العصور، فيحنون الركب معترفين جميعاً أن يسوع هو الرب.
إن سفر الرؤيا من الأصحاح الرابع إلى الأصحاح التاسع عشر يصور لنا تنفيذ أحكام الدينونة التي يتحل بالأرض والتي لم يمر على العالم مثلها. وسيكون للملائكة دور في إجراء هذه الدينونات. بعد هذه الأحداث الرهيبة سيأتي المسيح مع ملائكته القديسين ليقيم ملكوته.
أما مجال الصراع بين قوات الشيطان وقوات الله فلا ندري هل يجاوز عالمنا إلى الكواكب والمجرّات الأخرى التي تنتشر بعيداً عنا في كل أرجاء الكون. لكننا نعلم يقيناً أن الأرض هي حلبة لهذا الصراع، وهو على أية حال صراع ضخم يؤثر في الكون كله. ومما يحير العقل أننا أنت وأنا – مع قصر مدة وجودنا على كوكب هذه الأرض – نؤدي دوراً في معركة الدهور هذه، ولا نكاد نصدّق أن الكائنات الملائكية الفائقة للطبيعة تجيء من الفضاء الخارجي لتشترك في الصراع من أجل هذا الكوكب الذي نعيش على سطحه.
ابتدأ الصراع في جنة عدن، الجنة التي كانت تقع في الشرق الأوسط في مكان ما بين نهري دجلة والفرات. ومما يلفت النظر أن البلدان التي كانت بارزة في التاريخ القديم عادت للبروز من جديد (مثلاً، إسرائيل ومصر وسوريا وإيران وغيرها). لما كان الإنسان ما يزال في الجنة وعده الله وعداً عظيماً، إذ قال مخاطباً الحية: "أضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها. هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه" (تكوين3: 15). فبينما نقترب من نهاية الدهر يتلقى رأس الشيطان الضرب والترضيض والسحق إذ تتزايد قوة خدام الله السماويين. وكأنما الآن ميخائيل، رئيس الملائكة، يقوم تنفيذاً لأمر الله بتنظيم قواته الملائكية استعداداً لخوض المعركة الأخيرة – هرمجدون. ولكن آخر الصور في الكتاب المقدس صورة عن السماء.
اجتمعت منذ سنوات بعدد من الناس في قاعة الطعام في مبنى مجلس الشيوخ الأمريكي. وبينما كنت أتحدث إلى بعضهم دعاني واحد من الشيوخ إلى مائدته ثم سألني: "كنا نتحدث قبل قليل عن مسألة التفاؤل والتشاؤم. هل أنت متفائل أم متشائم؟" ضحكت لسؤاله وأجبت: "أنا متفائل". قال: "لماذا؟" فقلت:"لأني قرأت الصفحة الأخيرة من الكتاب المقدس".
فهناك يتكلم إلينا الكتاب المقدس عن مدينة بناها الله وصنعها، وللمفديين الذين سيقيمون فيها منزلة أعلى من الملائكة. ويذكر الكتاب "نهراً صافياً من ماء حياة لامعاً كبلور خارجاً من عرش الله والخروف" (رؤيا22: 1). وقول أيضاً: "وهم سينظرون وجهه، واسمه على جباههم، ولا يكون ليل هناك ولا يحتاجون إلى سراج أو نور شمس، لأن الرب الإله ينير عليهم وهم سيملكون إلى أبد الآبدين" (العددان 4, 5).
والآية التي تلي (العدد 6) تفيدنا شيئاً رائعاً عن الملائكة: "هذه الأقوال أمينة وصادقة، والرب إله الأنبياء القديسين أرسل ملاكه ليري عبيده ما ينبغي أن يكون سريعاً".
ما أحرى أن يتأمل الجميع، أمؤمنين كانوا أم غير مؤمنين، في رؤيا22: 7 حيث يقول الرب: "ها أنا آتي سريعاً. طوبى لمن يحفظ أقوال نبوة هذا الكتاب".
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 06:37 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024