![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 84311 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() انتقلا بولس برنابا من هناك إلى تسالونيكي. وكعادة بولس ذهب إلى المجمع أولًا. فآمن البعض ورفض البعض الآخر. وكان بين المستمعين عدد غير قليل من اليونانيين. ولم يستطع اليهود المقاومون أن يتقبّلوا صورة السيد المسيح المهان الذي انتهى على الصليب. فهيجوا الرعاع والمشاغبين والعاطلين ضده إلى درجة أن بولس لم يتمكن من الظهور في الشارع. وبعد شهرين من الفشل الظاهر اضطر إلى مغادرة المدينة. وهنا نرى القوة الباطنية للمسيحية إذ كان من المتوقع أن تموت الكنيسة التي ما كادت تتنفس حتى داهمها البطش. ولكن، ألم يقل السيد المسيح أن ملكوت الله يشبه البذرة؟ والبذرة تحتوي حياة مختبئة، تحّتم عليها حياتها المختبئة أن تنمو. والتسالونيكّيون صورة لأسرع نمو حدث في الكنيسة عامة. ففي شهرين فقط نشأت كنيستهم وبقيت. وحين كتب بولس رسالته إليهم قال فيها: "وَأَنْتُمْ صِرْتُمْ مُتَمَثِّلِينَ بِنَا وَبِالرَّبِّ، إِذْ قَبِلْتُمُ الْكَلِمَةَ فِي ضِيق كَثِيرٍ، بِفَرَحِ الرُّوحِ الْقُدُسِ، حَتَّى صِرْتُمْ قُدْوَةً لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ فِي مَكِدُونِيَّةَ وَفِي أَخَائِيَةَ. لأَنَّ مِنْ قِبَلِكُمْ قَدْ أُذِيعَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ، لَيْسَ فِي مَكِدُونِيَّةَ وفي َأَخَائِيَةَ فَقَطْ، بَلْ فِي كُلِّ مَكَانٍ أَيْضًا قَدْ ذَاعَ إِيمَانُكُمْ بِاللهِ" (تسالونيكي 1: 6-8). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 84312 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() + فكم هو جدير بنا أن يتضاعف إيماننا بقوة البذرة الحية. فنحن نبذر بذار الحياة الأبدية وليس من قوة تستطيع أن توقفها: إنها تحتوي الحياة ذاتها. ولما اضطر بولس ومن معه إلى مغادرة تسالونيكي قسرًا ذهبوا إلى بيرية حيث قابله اليهود لأول مرة بالتعقّل وبفحص الكتب. وكان بينهم يونانيون أيضًا. ويقول عنهم الكتاب: "فَآمَنَ مِنْهُمْ كَثِيرُونَ، وَمِنَ النِّسَاءِ الْيُونَانِيَّاتِ الشَّرِيفَاتِ، وَمِنَ الرِّجَالِ عَدَدٌ لَيْسَ بِقَلِيل" (أعمال 17: 12)(1). على أن يهود تسالونيكي لم يكتفوا بإخراجه من مدينتهم بل تابعوه إلى بيرية وهيّجوا الجموع فيها، فخاف الأخوة وأرسلوه نحو البحر. والذين صاحبوه أوصلوه إلى أثينا. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 84313 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() زيارة بولس لهذه العاصمة كانت أفشل زيارة! ولكن لو دققنا قليلًا لعرفنا السبب. فقد كانت هذه المدينة - إلى جانب أصنامها العديدة - مركزًا للفلسفة الإنسانية حيث يرتكن الناس على عقلهم فقط، وحيث يتباهون بفصاحتهم وبلاغتهم فلم يستطيعوا استساغة ما وصفه رسول الأمم "بجهالة الله" التي أثبت أنها أحكم من حكمة الناس إلا أنه على الرغم من الفشل نجد أشخاصًا التصقوا به وآمنوا: "مِنْهُمْ دِيُونِيسِيُوسُ الأَرِيُوبَاغِيُّ، وَامْرَأَةٌ اسْمُهَا دَامَرِسُ (داماريس) وَآخَرُونَ مَعَهُمَا" (أع 17: 34). ولنلحظ دقة إبراز المرأة وإيمانها في هذا السفر العجيب، إنه إعلان عن محو اللعنة القديمة وتوكيد للنعمة التي شاء الخالق المبدع أن يمنحها للمرأة ليجعل منها خادمة له وحاملة لرسالته. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 84314 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() من اللائق بل من الجدير أن نذّكر أنفسنا باستمرار بجملة ذات أهمية وردت في حديث بولس إلى الأثينيين وهي: "وَصَنَعَ مِنْ دَمٍ وَاحِدٍ كُلَّ أُمَّةٍ مِنَ النَّاسِ يَسْكُنُونَ عَلَى كُلِّ وَجْهِ الأَرْضِ، وَحَتَمَ بِالأَوْقَاتِ الْمُعَيَّنَةِ وَبِحُدُودِ مَسْكَنِهِمْ،" (أع 17: 26) أليس في هذه الكلمات دليل آخر على أن الشعوب جميعًا -على اختلاف أجناسها- قد احتفظت في عمق أعماقها بالوعد الإلهي بالفداء؟ |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 84315 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() رفض أثينا للكرازة: + وغادر بولس أثينا، ولأول مرة نراه يشعر بالخيبة، وقصد إلى كورنثوس ليجد فيها سفينة تحمله إلى وطنه. وفي بادئ الأمر لم يهدف إلى تبشيرها. لأنها مدينة هي ممر بين الشرق والغرب، اشتهرت بمجونها وفسادها إلى درجة أن اسمها كان مرادفًا للانهيار الخُلقي. وبما أنه اضطر إلى الانتظار قصد إلى حي العمال ووجد به دكان صانع للخيام إذ كان هو خيّاميًا. فطلب عملًا، ورحّب به صاحبها -أكيلا- وتعاطف معه لفوره. وعرّفه بزوجته بريسكلا، وأعطاه ركنًا في دكانه وغرفة في بيته. وهكذا بدأت صداقة من أحلى الصداقات انتهت بإيمان الزوجين بالسيد المسيح، بل وبخدمتهما الكرازية وخدمتهما لبولس نفسه. + واحتدمت روحه في داخله وهو ينتظر السفينة. فبدأ كرازته في كورنثوس " فِي ضَعْفٍ، وَخَوْفٍ، وَرِعْدَةٍ " (1كو 2: 3) على حد تعبيره شخصيًا. وكان يعمل في النهار ويكرز في الليل. وفي السبوت كان يذهب إلى المجمع ليعلن فيه أن المسيا قد جاء بالفعل وتحققت فيه كل النبوات. ولكنهم لم يستطيعوا أن يحتملوا الكلام، وكعادتهم هاجوا وقاوموه، واحتملهم قدر إمكانه. أخيرًا "نَفَضَ ثِيَابَهُ وَقَالَ لَهُمْ: دَمُكُمْ عَلَى رُؤُوسِكُمْ! أَنَا بَرِيءٌ. مِنَ الآنَ أَذْهَبُ إِلَى الأُمَمِ" (أع 18: 6). وترك المجمع ودخل إلى بيت "يُوسْتُسُ" الذي أصبح من تلك الساعة مركز الكرازة، وكان بين مستمعيه السكارى واللصوص والزناة وخريجو السجون جنبًا إلى جنب مع المحتشمين الصالحين. ولكن قلوبهم جميعًا قد امتلأت من سلام الله وسطعت عيونهم بنور الرجاء. فقد ذاقوا وعرفوا ما أطيب الرب، هذا الذي جاء ليدعو خطاة إلى التوبة. وامتلأ بولس فرحًا وثقة، وتعجب من نفسه، كيف خامرته الخيبة. + ويا للعجب، فأولئك الذين تباهوا بأنهم شعب الله المختار، ومنهم قام الأنبياء ليعلنوا عن مجيء المسيا، قد قاومت غالبيتهم بولس في كل مكان. والشعوب الأخرى التي تعالوا عليها في تشامخ قد فرحت غالبيتها برسالة بولس وسارعت إلى الإيمان بالمسيا. إذن فليس من شك في أنه كان هناك حنين دفين داخل نفوس "الأمميين" إلى السيد المسيح برز لساعته عند سماعهم البشرى المفرحة. + وذات يوم وهو يشتغل في الدكان إذا بظل وقع عليه. فرفع بصره ليرى سيلا وتيموثيئوس عند الباب. أخيرًا وصلته أنباء عن تسالونيكي: أنباء منعشة مفرحة: "إن إيمانهم غير متزعزع، وهم شديدو التعاطف معك، ويتمنون رؤيتك، ولكنهم قلقون لأن بعض أحبائهم قد رقد". قال بولس: "يا لفرحتي بإيمانهم! وأنا أيضًا اشتهي أن أراهم! ولكني لا أستطيع لأن الكنيسة تنمو". وصمت قليلًا وقد قفز خياله إلى هؤلاء الأحبة، ثم قال بشيء من الفرح أيضًا: "ما دمت لا أستطيع رؤيتهم فسأكتب لهم". |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 84316 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() غادر بولس أثينا، ولأول مرة نراه يشعر بالخيبة، وقصد إلى كورنثوس ليجد فيها سفينة تحمله إلى وطنه. وفي بادئ الأمر لم يهدف إلى تبشيرها. لأنها مدينة هي ممر بين الشرق والغرب، اشتهرت بمجونها وفسادها إلى درجة أن اسمها كان مرادفًا للانهيار الخُلقي. وبما أنه اضطر إلى الانتظار قصد إلى حي العمال ووجد به دكان صانع للخيام إذ كان هو خيّاميًا. فطلب عملًا، ورحّب به صاحبها -أكيلا- وتعاطف معه لفوره. وعرّفه بزوجته بريسكلا، وأعطاه ركنًا في دكانه وغرفة في بيته. وهكذا بدأت صداقة من أحلى الصداقات انتهت بإيمان الزوجين بالسيد المسيح، بل وبخدمتهما الكرازية وخدمتهما لبولس نفسه. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 84317 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() + واحتدمت روح بولس في داخله وهو ينتظر السفينة. فبدأ كرازته في كورنثوس " فِي ضَعْفٍ، وَخَوْفٍ، وَرِعْدَةٍ " (1كو 2: 3) على حد تعبيره شخصيًا. وكان يعمل في النهار ويكرز في الليل. وفي السبوت كان يذهب إلى المجمع ليعلن فيه أن المسيا قد جاء بالفعل وتحققت فيه كل النبوات. ولكنهم لم يستطيعوا أن يحتملوا الكلام، وكعادتهم هاجوا وقاوموه، واحتملهم قدر إمكانه. أخيرًا "نَفَضَ ثِيَابَهُ وَقَالَ لَهُمْ: دَمُكُمْ عَلَى رُؤُوسِكُمْ! أَنَا بَرِيءٌ. مِنَ الآنَ أَذْهَبُ إِلَى الأُمَمِ" (أع 18: 6). وترك المجمع ودخل إلى بيت "يُوسْتُسُ" الذي أصبح من تلك الساعة مركز الكرازة، وكان بين مستمعيه السكارى واللصوص والزناة وخريجو السجون جنبًا إلى جنب مع المحتشمين الصالحين. ولكن قلوبهم جميعًا قد امتلأت من سلام الله وسطعت عيونهم بنور الرجاء. فقد ذاقوا وعرفوا ما أطيب الرب، هذا الذي جاء ليدعو خطاة إلى التوبة. وامتلأ بولس فرحًا وثقة، وتعجب من نفسه، كيف خامرته الخيبة. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 84318 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() يا للعجب، فأولئك الذين تباهوا بأنهم شعب الله المختار، ومنهم قام الأنبياء ليعلنوا عن مجيء المسيا، قد قاومت غالبيتهم بولس في كل مكان. والشعوب الأخرى التي تعالوا عليها في تشامخ قد فرحت غالبيتها برسالة بولس وسارعت إلى الإيمان بالمسيا. إذن فليس من شك في أنه كان هناك حنين دفين داخل نفوس "الأمميين" إلى السيد المسيح برز لساعته عند سماعهم البشرى المفرحة. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 84319 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() ذات يوم وبولس يشتغل في الدكان إذا بظل وقع عليه. فرفع بصره ليرى سيلا وتيموثيئوس عند الباب. أخيرًا وصلته أنباء عن تسالونيكي: أنباء منعشة مفرحة: "إن إيمانهم غير متزعزع، وهم شديدو التعاطف معك، ويتمنون رؤيتك، ولكنهم قلقون لأن بعض أحبائهم قد رقد". قال بولس: "يا لفرحتي بإيمانهم! وأنا أيضًا اشتهي أن أراهم! ولكني لا أستطيع لأن الكنيسة تنمو". وصمت قليلًا وقد قفز خياله إلى هؤلاء الأحبة، ثم قال بشيء من الفرح أيضًا: "ما دمت لا أستطيع رؤيتهم فسأكتب لهم". |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 84320 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() الوصول إلى كورنثوس ونتائجه: + ونحن لا نستطيع أن نرفع ما يكفي من الشكر للروح القدس الذي ألهم رسول الأمم بهذه الفكرة التي أغنت العالم غنى يفوق جميع كنوز العالم. فهنا بدأت مرحلة جديدة من الجهاد في حياة بولس: إنه بدأ يستعين بالقلم إلى جانب اللسان. وهو قد كتب من قلبه مباشرة، وهذا يضفي على كتاباته النضارة وعنف الانفعالات والإخلاص بل واللمسة الشخصية. ومن فيض محبته وتواضعه يسجل أسماء العاملين معه كشركائه في الكتابة: من "بُولُسُ وَسِلْوَانُسُ(1) وَتِيمُوثَاوُسُ، إِلَى كَنِيسَةِ التَّسَالُونِيكِيِّينَ،..." (1 تسالونيكي 1: 1) وهو يعبّر للتسالونيكيين عن فرحته بهم وشكره الله عليهم. ثم يوجههم كبناء حكيم: "افْرَحُوا كُلَّ حِينٍ"، "صَلُّوا بِلاَ انْقِطَاعٍ"، "اشْكُرُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ،..."، "لاَ تُطْفِئُوا الرُّوحَ!" (1 تسالونيكي 5: 16-19)، "امْتَنِعُوا عَنْ كُلِّ شِبْهِ شَرّ" (1 تسالونيكي 5: 22). وبعد ذلك ينصحهم: "ثُمَّ لاَ أُرِيدُ أَنْ تَجْهَلُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ جِهَةِ الرَّاقِدِينَ، لِكَيْ لاَ تَحْزَنُوا كَالْبَاقِينَ الَّذِينَ لاَ رَجَاءَ لَهُمْ. لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا نُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ مَاتَ وَقَامَ، فَكَذلِكَ الرَّاقِدُونَ بِيَسُوعَ، سَيُحْضِرُهُمُ اللهُ أَيْضًا مَعَهُ. فَإِنَّنَا نَقُولُ لَكُمْ هذَا بِكَلِمَةِ الرَّبِّ: إِنَّنَا نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ إِلَى مَجِيءِ الرَّبِّ، لاَ نَسْبِقُ الرَّاقِدِينَ. لأَنَّ الرَّبّ نَفْسَهُ بِهُتَافٍ، بِصَوْتِ رَئِيسِ مَلاَئِكَةٍ وَبُوقِ اللهِ، سَوْفَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَمْوَاتُ فِي الْمَسِيحِ سَيَقُومُونَ أَوَّلًا. ثُمَّ نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ سَنُخْطَفُ جَمِيعًا مَعَهُمْ فِي السُّحُبِ لِمُلاَقَاةِ الرَّبِّ فِي الْهَوَاءِ، وَهكَذَا نَكُونُ كُلَّ حِينٍ مَعَ الرَّبِّ. لِذلِكَ عَزُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِهذَا الْكَلاَمِ" (1تسالونيكي 4: 13-18). وهو هنا يؤكد القيامة على الرغم من موت الأحياء، لأن أهل تسالونيكي كانوا يظنون أن السيد المسيح عتيد أن يأتي وأنهم جميعًا سيظلون أحياء على هذه الأرض إلى مجيئه الثاني،فلما رقد البعض منهم ساورهم القلق مما جعل الكاروز الغيور يؤكد لهم أن هذا الانتقال لا بد منه إلى أن يأتي الرب نفسه بهتاف.. لذلك "عزو بعضكم بعضًا". + وظل بولس في كورنثوس سنة ونصف بعد ذلك لكي يسهر على الكنيسة الناشئة وسط التيارات العنيفة والبلبلات الفلسفية المتباينة. على أنه كان لابد له من المسير: إنه طليعة الكارزين للعالم المتحضّر فلا يمكنه البقاء في مكان واحد. فرسم لهم الكهنة وأوصاهم بالتفصيل عما يجب أن يعملوه. ثم غادر كورنثوس في أوائل سنة 53 م. |
||||