![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 83211 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() تعجب القديس إيسيذورس قس الإسقيط، وهو تلميذ للقديس مكاريوس من منظر موسى المثير للقلق، بل قيل أن الرهبان أنفسهم كانوا يتعاملون مع موسى بحذر في بداية سكناه في الإسقيط، فقد كان -أي موسى- رعب المنطقة كما سبق. سأله القديس مستفسرًا عما يريده من أناس بسطاء يعيشون على الكفاف، ولا يطلبون سوى خلاص نفوسهم، أجاب موسى: "لقد سمعت أنك صالح فأتيت إليك لترشدني كيف أكون صالحًا مثلك"(3) وراح يطلب بإلحاح وخشوع "أريد أن أكون معك، ولو أنني صنعت شرورًا عظيمة". ويتعجب القديس إيسيذورس كيف اهتدى موسى إلى ذلك المكان. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 83212 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() تعجب القديس إيسيذورس كيف اهتدى موسى إلى ذلك المكان. ولاشك أن شهرة موسى وسمعته كانت قد سبقته إلى البرية منذ زمان.. مما يثير الخوف والاشمئزاز. وعرف القديس إيسيذوروس منه أن أحد الرعاة -وحين سأله عن الحق- أشار عليه بالاتجاه إليه -أي الأنبا إيسيذوروس- ليعرف منه ما يريد، وجاء في سيرته أيضًا أنه سمع عن القديس من أحد المزارعين والذي كان يحصد إلى جواره في الحقل. ومن هنا فقد طلب إلى القديس بإلحاح وصدق أن يعرفه طريق الله، فلما سأله عن ماضيه ومعبوده، أخبره بأنه ماضٍ مفعم بالشرور والجرائم، وأنه إذ تأثر بما سمعه عنه وعن رهبانه تحرك الجنين الروحي في أحشائه، أما عن عبادته فلم يكن يعرف سوى الشمس إلهًا، فهي تنير المسكونة بنورها وبغيابها يحل الظلام، وكذلك القمر والنجوم المليئة بالأسرار!! [وقلت للشمس ذات يوم "أيها الإله الساكن في السماء مهدي الخليقة كلها اهدني إليك الآن وعرفني ما يرضيك". ولما سمعت عنكم جئت لتخبرني وتسأل الله عني لكي لا يغضب منى لأجل شروري وقبائحي ولا يهلكني] قال هذا وصار يبكى بكاءً شديدًا (4). أما يوحنا كاسيان فقد ذكر في مناظراته أنه لما جدّ الناس في البحث عنه بسبب جرائمه، لجأ إلى أحد المناسك محاولًا الاختباء، ويقول "شينو" أنه تقابل دون شك مع بعض الرهبان الذين حدثوه عن التوبة والدينونة المعدة للخطاة، فابتدأ منذ ذلك الوقت يفكر في التوبة. وربما فكر في مصيره الأبدي، فالتجأ إلى بعض الأديرة ليبدأ رحلة توبة رائعة.. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 83213 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() من يقبل إلي لا أخرجه خارجًا: من المعايير التي نضعها للتأكد من مدى صدق التوبة، أن يسأل الشخص ذاته بصدق: هل إذا أُتيحت لي الفرصة من جديد لهذه الخطية فسوف أسقط؟ أم إنني لست متأكدًا؟ أم أنني لن أسقط بنعمة المسيح؟ فالإجابة الأولى تعني أنه لا توجد توبة أصلًا، أما الثانية فتعني أن التوبة ليست كاملة وأما الثالثة فتعني أن التوبة كاملة وصادقة. (حتى لو سقط الشخص بعد ساعات فالمهم مشاعره الآن وهو يقدم التوبة). أحس القديس إيسيذورس بالصدق في أقوال موسى ونيته، فابتدأ في أن يعظه كثيرًا بما كان يُسلم لجماعة الموعوظين قديمًا قبل اقتبالهم المعمودية، وهم ينتظرونها بشوق كبير، كل ذلك قبله موسى في أسابيع قليلة، لقد كان مثل الأرض العطشى المتشوقة لهذا الزرع والنبع الإلهي، كانت دموعه تروي هذا الزرع المقدس وهكذا زرع الله من خلال فلاح النفوس الجائعة (إيسيذورس) هذه الشجرة المقدسة التي لموسى الأسود. كانت توبته هي المحراث الذي قلب الأرض وطرد الأحجار والأجسام الصلبة الساكنة لسنين طوال في قلبه، حيث ذُعر من حجمها وشكلها وخطورتها، مثل الورم المستأصل والحصوات المستخرجة من جسم مريض، فاشمأز منها، وإن كان قد شعر بالراحة بالتخلص منها، هذا وقد كان كرهه لماضيه شديدًا، مما دفعه بقوة في توبته ومسيرته. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 83214 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() عوامل الدفع وعوامل الجذب: الإنسان العائد إلى الله تعوزه مجموعتان من العوامل، عوامل دفع وعوامل جذب، أما عوامل الدفع فقد تكون تبكيت من شخص ما، أو الخوف من الدينونة أو طاعة مرشد في العودة إلى الله، أو مرارة الخطية، هذه وأمثالها عوامل دفع تدفع الإنسان وتصل به إلى أول الطريق. ليبدأ عندئذ دور المرشدين الروحيين، فيحب الطريق وصاحب الطريق بسببهم، ومثلما حدث مع القديس بولا البسيط الذي دفعته خيانة زوجته إلى البرية الشرقية حيث التقطه القديس أنطونيوس ليجعل منه واحدًا من أشهر آباء الرهبنة الأقباط، هو ذاته الذي حدث مع القديس موسى الذي أمسكه القديس إيسيذورس من يده ليصل إلى الملكوت.. وفي مخطوط تفسير الباراديسوس (تعليق على ما ورد في بستان الرهبان) يرد ما يأتي: قال الإخوة: بكم سبب (الدوافع) تدعو النعمة الإنسان إلى تدبير الرهبنة؟ قال الشيخ: أسباب كثيرة ومختلفة، فمنهم من القراءة مثل الأنبا أنطونيوس وسمعان العمودي، ومنهم من إيقاظ السريرة مثل الأنبا موسى الأسود، ومنهم من سماع الوعظ مثل أنبا سرابيون وأنبا بيسيرين وأمثالهما الذين ردوا كثيرين من اللصوص والزواني بتعليمهم، ومنهم بالمخاوف والأمراض والشدائد مثل أنبا وغريس وفروفيمطس، ومنهم من يدعوه الله من السماء على يد الملائكة كما دعى أرسانيوس. هذا مع بقية الأسباب المختلفة. بعد أن وعظه القديس أسكنه في قلاية ليصلي ويتأمل ويقرر ما يجب عليه عمله، ثم سلمه لمعلمه وهو القديس مكاريوس الكبير الذي تكلم معه قبل أن يعيده من جديد إلى الأنبا إيسيذورس لكي يعمده ويكمل معه ما قد بدأه.. هناك في ذلك المعمل الروحي (القلاية) قرر موسى باكيًا التخلص من حياة الشر والمجون والتخلي عن اللصوصية. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 83215 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() لم يكن موسى شريرًا بطبعه، ولكنه انحرف ولاشك أن معاناته الشديدة في بيت سيده، جعلته يصبح عبئًا على ذلك السيد والذي رأى في طرده مكسبًا كبيرًا!! ولكن طرده من جهة أخرى كان بمثابة تكريس لحياة الجريمة والشر. ومثلما أعثره البعض ودفعه إلى حياة الخطية، اجتذبه البعض الآخر إلى طريق الملكوت، فإن مجرد سيرة رهبان أتقياء في شيهيت يمكن أن تحمل إنسانا على التوبة، إنها نوع من الكرازة بالسيرة.. ومثلها الكرازة بالأقوال، لقد قرر موسى أن يحيا كأولئك الرهبان الذين يحيون بلا همٍّ.. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 83216 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() كيف أعترف القديس موسى الاسود؟ قرر موسى التحول عن حياة الشر ليصبح أشهر تائبي البرية فقدم توبة نقية واعترف أمام الله بخطاياه.. وتبقّى أن يعترف في الكنيسة قدام أبيه الروحي القس ايسيذورس (5). وعندما ركع قدامه وراح يجاهر بخطاياه في انسحاق شديد، كانت له رغبة صادقة في التخلص مما يثقل كاهله ويعوق مسيرته نحو الله، (والخطية التي لا يُقدم عنها انسحاق بما يوازى قدرها، تعود بقوة أعظم)، هكذا اعترف موسى بخطاياه بطريقة تجمع ما بين الخجل وفضح ذاته، وكل ذلك بعهود داخل دموع غزيرة، ليس ذلك فحسب بل وفي الكنيسة وقدام جميع الحاضرين جاهر بكل جرائمه وخطاياه.. وبينما كان يركع أمام القديس إيسيذورس قس الإسقيط معترفًا، كان الأب الكبير مكاريوس يرى أن كل خطية يعترف بها موسى تمحو جزءًا من اللوح الأسود. الذي ظهر أمامه يمثل خطاياه، حتى إذا انتهى من الاعتراف، صار اللوح أبيضًا كله. وفيما بعد وعندما صار مرشدا موهوبًا لكثيرين، قال من جهة الاعتراف: + من يتذكر خطاياه ويقر بها لا يخطئ كثيرا أما الذي لا يتذكر خطاياه ولا يقر بها فإنه يهلك بها. + الذي يقر بضعفه موبخا ذاته أمام الله فقد اهتم بتنقية طريقه من الخطيئة.. أما الذي يؤجل ويقول: "دع ذلك لوقته، فإنه يصبح مأوى لكل خبث ومكر. + صيانة الإنسان أن يقر بأفكاره ومن يكتمها يثيرها عليه. أما الذي يقر بها فقد طرحها عنه. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 83217 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() السؤال الذي يطرح نفسه الآن عن موسى : ألم يكن قاتلًا!، بل نعرف أن عدد الذين قتلهم قبل توبته يصل إلى مئة شخص، أليس هو مجرمًا وسارقًا، فكيف يمر الأمر بهدوء دون عقوبة؟ ولماذا لم ينصحه الآباء برد ما سلبه مثلما فعل زكا العشار وغيره، ولقد اشتهر عنه سلبه للقوافل المارة على الطريق وجبروته في الانتقام، لدرجة أن اللصوص انتخبوه بالإجماع رئيسًا عليهم. والإجابة أنه لم يكن هناك شخص بعينه أساء إليه موسى وظلمه أو سلبه، ولكن الإجرام كان منهجًا له في حياته السابقة، كما أن توبته بلا شك تعد مكسبًا كبيرًا في حد ذاتها، إذ توقفت بموجبها سلسلة الجرائم والأذى، كما كان له في نفسه حكم الموت إذ كان متأكدًا أنه سيُقتل إتمامًا للقول الكتابي "أن الذين يأخذون بالسيف بالسيف يُؤخذون"، بل ويؤكد يوحنا كاسيان أنه كان دائمًا ينتظر الموت قتلًا بسبب ارتكابه هذه الجريمة سابقًا(6). وبقدر ما شعر بطول أناة الله عليه ولطفه، بقدر ما صار هو ذاته طويل الأناة مترفقًا بالخطاة، كما يقول القديس بولس في رسالته إلى العبرانيين "لأنه فيما هو تألم مجربًا يقدر أن يعين المجربين أيضًا" (18:2). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 83218 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() الأَمِينُ فِي الْقَلِيلِ أَمينٌ أَيْضًا فِي الْكَثِير ( لوقا 16: 10 ) أن تبني ثغرة مُنهدمة في نفس بكلمة، أو أن تنعش نفسًا منحنية بزيارة، أو أن تقوِّم اعوجاجًا في سلوك بنصيحة – كل هذه تبدو خدمات سهلة وبسيطة في نظر الناس. ولكن هي في تقدير الله وعند المؤمنين وفي حقيقتها أيضًا ثمينة جدًا وعظيمة القيمة حتى إنه لا يستطيع أن يقوم بها إلا الأشخاص الذين لهم تقدير كبير لصفات الله، واعتبار كبير للشركة معه، ووزن كبير للتقوى العملية. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 83219 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() الأَمِينُ فِي الْقَلِيلِ أَمينٌ أَيْضًا فِي الْكَثِير ( لوقا 16: 10 ) يجب أن نعي جيدًا أن العِبرة في الخدمات الظاهرة، مثل الوعظ والنُصح، ليست بأفعال لها صورة الخدمة، بل بالقوة العاملة في مَن يخدم – القوة التي تصحَب الخدمة وتؤثر بها في الآخرين. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 83220 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() الأَمِينُ فِي الْقَلِيلِ أَمينٌ أَيْضًا فِي الْكَثِير ( لوقا 16: 10 ) نتذكَّر أنه في بداءة حياة أليشع يسجل الوحي عنه أنه «كان يصب ماء على يدي إيليا» ( 2مل 3: 11 )، لكن في نهاية هذه المرحلة التدريبية طلب من إيليا: «ليكن نصيب اثنين من روحك عليَّ» ( 2مل 2: 9 ). وليس عند الله مُحاباة فهو يعطي القوة لمَن يشاء. لقد بدأ أليشع حياته في بساطة واتضاع، واستمر كذلك إلى أن جاء الوقت المعيَّن واستخدمه الله لإجراء أعمال كثيرة. هكذا نحن إن كنا أُمناء في القليل، فلا بد أن الرب يستأمنا على الكثير. لا يجوز لنا أن نطمَع في أداء الأعمال العظيمة قبل أن نكون مستعدين للقيام بالخدمات الصغيرة. |
||||