ثانياً: حدود أو قيود الحرية المسيحية:
يخطئ مَنْ يظن أن الحرية المسيحية بلا ضوابط وبلا قيود، فلا توجد على سطح الأرض حرية (مطلقة) بلا قيود وبلا سقف والجدير بالذكر أن البعض يشبّه الحرية المسيحية :
إنها كالقضبان بالنسبة لقطار السكة الحديد، لا يتحرك القطار إلا في حدود القضبان.
أو إنها كالماء بالنسبة للسمك... له أن يسبح كيفما يشاء حتى ولو ضد التيار، لكن المهم لا يخرج من الماء وإلا يتعرض للموت.
إن حدود الحرية المسيحية هي بمثابة النور الذي يكشف للإنسان مواقع الخطر ليتجنبها، ومواطن الخير ليسلك فيها.
حقاً! للحرية المسيحية بعض القيود أو الحدود أو الضوابط أذكر منها الآتي:
1. الحرية وقيد المسئولية:
ولأن الإنسان حر فهو مدعو للتفكير العقلاني المنطقي، ويختار بكل حرية ما يقوده إليه تفكيره ، متحملاً في ذلك مسئولية إختياره،
وتبلغ حرية الإنسان مداها في قبوله أو رفضه للإيمان بالله وطاعته وعبادته، فالله يوجه الدعوة للإنسان، والإنسان من حقه أن يقبل أو يرفض، ولكن عليه أن يتحمل مسئولية قراراته التي يتخذها بحرية كاملة في تقرير مصيره فالله يعرض ولا يفرض فيقول في
(تث11: 26- 28)
"أَنَا وَاضِعٌ أَمَامَكُمُ الْيَوْمَ بَرَكَةً وَلَعْنَةً: الْبَرَكَةُ إِذَا سَمِعْتُمْ لِوَصَايَا الرَّبِّ إِلهِكُمُ الَّتِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا الْيَوْمَ. وَاللَّعْنَةُ إِذَا لَمْ تَسْمَعُوا لِوَصَايَا الرَّبِّ إِلهِكُمْ، وَزُغْتُمْ عَنِ الطَّرِيقِ الَّتِيأَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا الْيَوْمَ لِتَذْهَبُوا وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى لَمْ تَعْرِفُوهَا "
ويقول في (تث30: 15و 19)
"اُنْظُرْ. قَدْ جَعَلْتُ الْيَوْمَقُدَّامَكَ الْحَيَاةَ وَالْخَيْرَ، وَالْمَوْتَ وَالشَّرَّ،… قَدْ جَعَلْتُ قُدَّامَكَ الْحَيَاةَ وَالْمَوْتَ. الْبَرَكَةَ وَاللَّعْنَةَ. فَاخْتَرِ الْحَيَاةَ لِكَيْ تَحْيَا أَنْتَوَنَسْلُكَ،".
ويقول في (أش1: 19- 20)
" إِنْ شِئْتُمْ وَسَمِعْتُمْ تَأْكُلُونَ خَيْرَ الأَرْضِ. وَإِنْ أَبَيْتُمْ وَتَمَرَّدْتُمْ تُؤْكَلُونَ بِالسَّيْفِ». لأَنَّ فَمَ الرَّبِّ تَكَلَّمَ".
وقديماً وقف يشوع وقال للشعب
" فَاخْتَارُوا لأَنْفُسِكُمُ الْيَوْمَ مَنْ تَعْبُدُونَ:
(يش24: 15).
ويقول الرب يسوع لمَنْ يريد إتباعه:
" إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي، فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ كُلَّ يَوْمٍ، وَيَتْبَعْنِي".
(لو9: 23)
وتصور ريشة الوحي المقدس صورة بديعة الجمال لإحترام الله لإرادة الإنسان فيما سجله يوحنا في سفر الرؤيا عندما قال:
" هنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي".
(رؤ3: 20).
إن الله أعطى الإرادة الحرة للإنسان حتى وإن إستخدم الإنسان هذه الحرية في رفض الله أو الإيمان به ... لكنها حرية مسئولة.
2.الحرية وقيد التعايش مع الآخر:
الحرية تعني الإقرار بوجود آخر يختلف عني ومعي، وله الحق في أن يعيش الحرية مثلي تماماً، ولابد أن ندرك أن الإختلاف لا يجب أن يصنع خلافاً ونزاعاً مع الآخر،
وإنما الإختلاف بركة وثراء، فباقة الورود المتعددة الألوان في تناسق وتناغم أجمل بما لا يقارن من باقة الورود ذات اللون الواحد، والسيمفونية التي يقدمها مجموعة من العازفين على آلات موسيقية متنوعة أرق وأرقي بما لا يقاس من السيمفونية التي تقدمها فرقة بآلة موسيقية واحدة.
لقد كان التلاميذ خليطاً عجيباً من البشر فبطرس وأندراوس طبيعتهما عكس بعضهما، ويوحنا الواثق على النقيض من توما الشكاك، ومتى العشار الذي باع نفسه للرومان يختلف عن سمعان القانوي أو الغيور المتعصب لدينه وقوميته وهكذا،
إنهم مجموعة متباينة رأي يسوع في اختلافهم غنى، لأن كل واحد منهم يستطيع أن يقدم خدمة مختلفة، عن الآخر ولكنهم في النهاية يكملون ويجملون بعضهم البعض، يعيشون الجهاد والضعف، ويخطئون ويصيبون وهذا هو حال الكنيسة في كل زمان ومكان .
الحرية تعني حق الإختلاف مع الآخر في فكره ورأيه، فالحرية تعطيني الحق في إعتناق ما أشاء من أفكار ومعتقدات، والحرية تعطيني الحق في التعبير عن آرائي،
لكن الحرية لا تعطيني الحق أبداً في أن أسخر أو أزدري أو أستخف أو أقلل من معتقد ومن رأي الآخر .
كان الرب يسوع يتمتع بقلب محب كبير بلا جدران يتسع لكل إنسان مهما كان فكره أو دينه أو جنسه، فيحكي لنا البشير لوقا في
(9: 51- 56)
عندما رفض أهل السامره قبول يسوع فطلب يعقوب ويوحنا أن تنزل نار من السماء فتفنيهم
"عندئذ انْتَهَرَهُمَا وَقَالَ لها :
«لَسْتُمَا تَعْلَمَانِ مِنْ أَيِّ رُوحٍ أَنْتُمَا!"
(لو9: 55).
لقد كان التلميذان أشد تعصباً من السامرين، فالمتعصب يحاول إبادة كل مَنْ يختلف معه في الفكر أو الدين، لكن الرب يسوع رفض قتل المختلفين عنهم دينياً وفكرياً إيماناً منه بحق أي إنسان أن يعتنق ما يشاء، وإعتقاداً منه بأن حق الإختلاف هو شيء طبيعي حيثما وُجد البشر. وأيضاً وضع الرب يسوع قاعدة ذهبية في المعاملات الإنسانية فقال:
" فَكُلُّ مَاتُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًابِهِمْ، لأَنَّ هذَا هُوَ النَّامُوسُ وَالأَنْبِيَاءُ"
(مت7: 12).
وترسم ريشة الوحي المقدس صورة بديعة الجمال للتسامح في مثل الزارع الذي زرع حنطة في حقله ثم جاء العدو والناس نيام وزرع زواناً في وسط الحنطة، ولما كان من الصعب إجتثاث الزوان لأن الزرع كله يكون معرضاً للخطر ...
وعندما سئل صاحب الحقل عن الحل أجاب قائلاً:
"دَعُوهُمَا يَنْمِيَانِ كِلاَهُمَا مَعًا إِلَى الْحَصَادِ، وَفِي وَقْتِ الْحَصَادِ أَقُولُ لِلْحَصَّادِينَ: اجْمَعُوا أَوَّلاً الزَّوَانَ وَاحْزِمُوهُ حُزَمًا لِيُحْرَقَ، وَأَمَّا الْحِنْطَةَ فَاجْمَعُوهَا إِلَى مَخْزَني".
(مت13: 30).
من المؤسف والمخجل أن هناك مَنْ يؤصلون لرفض الآخر ويؤكدون على كراهيته ويظنون أنهم بهذا الأسلوب إنما يتقربون إلى الله بل ويقدمون خدمة لله وكأن الله يحب مَنْ يكره أخيه في الإنسانية.
نحتاج أن يكون لنا قلب المسيح الكبير الذي يحب الجميع ويحتمل ويتسع للكل.
هذا والحرية لا تعطينا الحق في الإنفراد بإتخاذ القرار بل تدربنا على العمل بروح الفريق الواحد، وإعطاء الآخر الفرصة للمشاركة في صناعة وصياغة القرار، وهذا ما يجب أن نمارسه أولاً في محيط الأسرة وفي كل موقع نتواجد فيه.
3. الحرية وقيد الثمن والضريبة:
إن الذي يحصل على جنسية دولة معينة له أن يتمتع بإمتيازاتها مثل الأمن والحرية والمساواة والعدالة الإجتماعية والديمقراطية التعليم و التأمين الصحي ... الخ
ولكن عليه أن يقوم بأداء واجباته مثل أداء الخدمة العسكرية ودفع الضرائب والخضوع للسلطات والإلتزام بتنفيذ القوانين.
هكذا مَنْ يريد أن يعيش الحرية المسيحية عليه أن يلتزم بدفع ضريبة الحياة المسيحية التي ينتمي إليها ويرتبط بها .
جاء أحدهم إلى الرب يسوع وقال له:
" أَتْبَعُكَ أَيْنَمَا تَمْضِي". فقال له:" لِلثَّعَالِبِ أَوْجِرَةٌ، وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ، وَأَمَّاابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ".
(لو9: 57، 58).
ولم يكن يسوع يقصد بالتعبير " لَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ" الفقر أو الإحتياج وإنما كان يعني أنه لم يكن له أن يهدأ أو يستريح قبل تكميل رسالته فلقد كانت أمام يسوع رؤيا عليه أن يتممها.
هكذا علينا أن ندرك أن حريتنا المسيحية مقترنة بصليب، فللحرية ثمن ولإيماننا المسيحي ضريبة فمكتوب :
" وُهِبَ لَكُمْ لأَجْلِ الْمَسِيحِ لاَ أَنْ تُؤْمِنُوا بِهِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا أَنْ تَتَأَلَّمُوا لأَجْلِهِ"
(في1: 29)
4. الحرية وقيد الفكر والذوق المسيحي :
يحدثنا الرسول بولس في (1كو6: 12) قائلاً :
" كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي»، لكِنْلَيْسَ كُلُّ الأَشْيَاءِ تُوافِقُ. «كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي»، لكِنْ لاَيَتَسَلَّطُ عَلَيَّ شَيْءٌ."
وفي (1كو10: 23) يقول :
«كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي»، وَلكِنْ لَيْسَ كُلُّ الأَشْيَاءِ تَبْنِي."
من هذا النص نتعلم أن الحرية المسيحية تدربنا أن تكون إختياراتنا وقراراتنا من منطلق فكر وذوق مسيحي، فالحرية المسيحية لا تدفع المسيحي لكي يخطئ لإحساسه بالحرية بل ليكون ذلك الشخص الذي قد صار بنعمة الله حراً لكي لا يخطئ.
ويقول الرسول بولس في (رو6: 13، 16، 18- 20)
"أَنْتُمْ عَبِيدٌ لِلَّذِي تُطِيعُونَهُ: إِمَّا لِلْخَطِيَّةِ لِلْمَوْتِ أَوْ لِلطَّاعَةِ لِلْبِرِّ؟...وَإِذْأُعْتِقْتُمْ مِنَ الْخَطِيَّةِ صِرْتُمْ عَبِيدًا لِلْبِرِّ.... لأَنَّهُ كَمَا قَدَّمْتُمْ أَعْضَاءَكُمْ عَبِيدًا لِلنَّجَاسَةِ وَالإِثْمِ لِلإِثْمِ، هكَذَا الآنَ قَدِّمُوا أَعضَاءَكُمْ عَبِيدًا لِلْبِرِّ لِلْقَدَاسَةِ. لأَنَّكُمْ لَمَّا كُنْتُمْ عَبِيدَ الْخَطِيَّةِ، كُنْتُمْ أَحْرَارًا مِنَ الْبِرِّ."
المسيحية ليست ديانة ناموسية أي ليست مجموعة من الأوامر والنواهي (أفعل هذا ولا تفعل ذاك) ولا يوجد بها قائمة بالحلال وقائمة بالحرام،
بل هي ديانة العلاقة مع الله والسلوك بإرشاد روح الله القدوس
"لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ، فَأُولئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ. "
(رو8: 14)
وفي ضوء هذه العلاقة نتخذ مبادئنا وتصرفاتنا ... لا يفرضها علينا إنسان ولكننا نختارها بأنفسنا.
5. الحرية وقيد المحبة الغير مشروطة :
يسطر الرسول بولس في (1كو9: 19) قائلاً :
" فَإِنِّي إِذْ كُنْتُ حُرًّا مِنَ الْجَمِيعِ، اسْتَعْبَدْتُ نَفْسِي لِلْجَمِيعِ لأَرْبَحَ الأَكْثَرِين".
وفي (غلا5: 13- 15)
يقول :" فَإِنَّكُمْ إِنَّمَا دُعِيتُمْ لِلْحُرِّيَّةِ أَيُّهَا الإِخْوَةُ ... بَلْ بِالْمَحَبَّةِ اخْدِمُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. لأَنَّ كُلَّ النَّامُوسِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ يُكْمَلُ:«تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ".
وهنا يؤكد الرسول بولس على التزامنا من نحو إخوتنا في البشرية،
أي نعم! نحن أحرار إلا أن حريتنا هي تلك التي تحب للقريب ما تحب لنفسها،
والمسيحي هو الذي يعيش فكر المسيح فيتحرر من الذات والأنا حتى يحب قريبه كنفسه ذاك الذي سجل عنه الوحي أنه عندما جاء أحدهم وسأله عن طريق الحياة
"َنَظَرَ إِلَيْهِ وَأَحَبَّهُ"
(مر10: 21).
إن الإنسان المسيحي الذي مات مع المسيح وقام لا يعرف إلا أن يعيش حياة البذل والتضحية،
وقد تصل التضحية إلى درجة الموت فمَنْ الذي دفع الشهداء في العصور المسيحية الأولى للإستشهاد سوى قناعتهم بإيمانهم المسيحي، وقبلوا أن يضحوا بحياتهم.
إن الحرية المسيحية تجعلنا نمارس المحبة الغير المشروطة في علاقتنا مع الآخرين كما أحبنا الرب يسوع ... لقد أحبنا ونحن خطاة ... أحبنا ولم يكن فينا شيء يُحب.
6. الحرية وقيد ضبط النفس :
هناك مَنْ يقول" أنا حر أعمل ما أحب وما أريد" بينما في الحقيقة هو منغمس في عادة أو شهوة أصبح عبداً وأسيراً في قبضتها،
لهذا يقول الرسول بولس في (غلا5: 13)
" لاَ تُصَيِّرُوا الْحُرِّيَّةَ فُرْصَةً لِلْجَسَدِ،".
ويقول الحكيم في (أم16: 32)
" اَلْبَطِيءُ الْغَضَبِ خَيْرٌ مِنَالْجَبَّارِ، وَمَالِكُ رُوحِهِ خَيْرٌ مِمَّنْ يَأْخُذُ مَدِينَةً".
شتان الفرق بين الحرية والفوضي، ومن أسف فهناك مَنْ يخلط بينهما فتجده يأتي بأعمال منافية للمبادئ والقيم والأخلاق.
نعم ! الإنسان حر في أن يعبر عن غضبه لكن دون أن يخطئ، عليه أن يضبط نفسه فالكتاب يعلمنا قائلاً :
"إغْضَبُوا وَلاَ تُخْطِئُوا...لاَتَخْرُجْ كَلِمَةٌ رَدِيَّةٌ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ، بَلْ كُلُّ مَا كَانَ صَالِحًا لِلْبُنْيَانِ، حَسَبَ الْحَاجَةِ، كَيْ يُعْطِيَ نِعْمَةً لِلسَّامِعِينَ"
(أف4: 26، 29).
ويقول الرسول يعقوب (يع1: 19)
"إِذًا يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ،لِيَكُنْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُسْرِعًا فِي الاسْتِمَاعِ، مُبْطِئًا فِيالتَّكَلُّمِ، مُبْطِئًا فِي الْغَضَبِ".
نحن مدعوون لحياة الحرية الملتزمة بضبط النفس.
7. الحرية وقيد القدوة والمصداقية :
نعم! الإنسان حر لكنه مقيد بقيد القدوة والمصداقية فالأب أمام الأبناء، والمعلم أمام التلاميذ، والقائد أمام جنوده، الراعي أمام شعبه، والرئيس أمام مرؤوسيه كل واحد له مطلق الحرية أن يفعل ما يشاء ولكن يجب أن يكون قدوة حتى لا يصبح حجر عثرة في طريق غيره،
قال أحدهم:
" إن الحق يُنقل بالتقليد أكثر مما يُنقل بالتعليم فأعمال المعلم تؤثر في تلاميذه أكثر من أقواله."
لقد قيل عن الرب يسوع في (مت7: 28، 29)
"بُهِتَتِ الْجُمُوعُ مِنْ تَعْلِيمِهِ، لأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ كَمَنْ لَهُ سُلْطَانٌ وَلَيْسَ كَالْكَتَبَةِ".
وذلك لأن الكتبة كانوا يستمدون سلطانهم من مركزهم المعترف به بإعتبارهم المفسرين لناموس موسى
" أي أنه سلطان الوظيفة التي منحوا إياها أما عن تصرفاتهم فيقول يسوع
" عَلَى كُرْسِيِّ مُوسَى جَلَسَ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ، فَكُلُّمَا قَالُوا لَكُمْ أَنْ تَحْفَظُوهُ فَاحْفَظُوهُ وَافْعَلُوهُ، وَلكِنْ حَسَبَأَعْمَالِهِمْ لاَ تَعْمَلُوا، لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ وَلاَ يَفْعَلُونَ".
(مت23: 2و3).
أما يسوع فكان يستمد سلطانه من الحق الذي يقدمه ولقد جسد الحق في حياته.
الحرية المسيحية تهتم بالجوهر أكثر من المظهر، إن الدارس المدقق لحديث الرب يسوع في الموعظة على الجبل عن الصلاة والصدقة والصوم (مت6)
يلاحظ أن الرب يسوع لم يقصد أن يقدم معلومات عن هذه الممارسات لأنها كانت معروفة في وقتها، وإنما أراد أن يعالج.
مَنْ يصنعون الصدقة قدام الناس (مت6: 1).
ومَنْ يصلون قائمين في المجامع وفي زوايا الشوارع (مت6: 5) .
ومَنْ يصومون عابسين ليظهروا صائمين (مت6: 16).
لقد كان إهتمام الكتبة والفريسين بالمظاهر أكثر من الأعماق، وكانوا يعملون كل أعمالهم لكي يراهم الناس (مت23: 5).
نعم ! في المسيح نتمتع بحرية مجد أولاد الله ، وهي حرية مسئولة وملتزمة ومنضبطة لأنها تراعي القيم والمبادئ المسيحية .
أدعوك أن تختبر حياة الحرية الحقيقية في المسيح.