![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 71 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() في ما يقوم به سلام القلب الثابت والتقدم الحقيقي 1 – المسيح: بني، لقد قلت: ”السلام أستودعكم! سلامي أُعطيكم! لست كما يعطي العالم أُعطيكموه″ (يوحنا 14:27). الجميع يرغبون في السلام، ولكن الجميع لا يعنون بما يأول إلى السلام الحقيقي. إن سلامي مع المتواضعين وودعاء القلوب، وسلامك يكون في الصبر الجزيل. إن سمعت لي واتبعت كلامي، أمكنك التمتع بوفرة السلام. ![]() ![]() 2 – التلميذ: فما أصنع إذن؟ 3 – المسيح: عليك في كل أمر، أن تنتبه لما تفعل وتقول، وأن لا تقصد سوى مرضاتي أنا وحدي وأن لا تبتغي أو تطلب شيئًا آخر غريبًا عني. لا تحكم حكمًا باطلًا في أقوال الآخرين أو أفعالهم، ولا ترتبك في أُمور لم يعهد إليك فيها، وحينئذٍ يتسنى لك أن لا تضطرب إلا قليلًا أو نادرًا. أما عدم الشعور أبدًا بالقلق، والخلو من معاناة بعض الضيق في الروح أو الجسد، فليس هو من شؤون هذه الحياة، ولكنه حال الراحة الأبدية. فلا تحسبن إذن أنك قد وجدت السلام الحقيقي، إن كنت لا تشعر بمشقةٍ البتة، ولا أن كل شيءٍ على أحسن حال، إن لم يكن من مقاومك، ولا أن ذلك من الكمال، إن كانت جميع الأُمور تجري وفق مرامك؛ ولا تحسبن أنك شيءٌ عظيم، أو أن الله يؤثرك بمحبةٍ خاصة، إن شعرت بحرارة العبادة وعذوبتها. لأنه ليس في ذلك يعرف المحب الحقيقي للفضيلة، ولا به يقوم الإنسان وكماله. ![]() 4 – التلميذ: فبم إذن، يا رب؟ 5 – المسيح: بأن تقرب ذاتك للإرادة الإلهية، بكل قلبك، غير طالبٍ ما هو لك في صغيرٍ ولا في كبير، في الزمان ولا في الأبد، بحيث تستمر ثابت الوجه، شاكرًا لي في اليسر والعسر، وازنًا كل شيءٍ بميزان الإنصاف. إن كنت ثبتًا صبورًا في الرجاء -بحيث تستطيع، إذا زالت عنك التعزية الداخلية، أن تعد قلبك حتى لاحتمال محنٍ أعظم، ولا أن تزكي نفسك كغير مستوجبٍ مثل هذه المحن الشديدة، بل تزكيني أنا، وتشيد بقداستي في جميع تدابيري- فعندئذٍ تسير في الطريق الحق القويم، أي طريق السلام، ويكون رجاؤك وطيدًا بأنك ستعود “فتعاين وجهي بالتهليل″ (أيوب 33: 26). وإذا بلغت إلى احتقار ذاتك احتقارًا كاملًا، فاعلم أنك تتمتع حينئذٍ بوفرة السلام، بمقدار ما تمكنك من ذلك حال غربتك الحاضرة. |
||||
|
|||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 72 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() في سمو حرية الروح التي تستحق بالصلاة والابتهال أكثر مما بالدرس 1 – التلميذ: رب، إنه لمن شأن الرجل الكامل، أن لا يتراخى أبدًا في توجيه روحه إلى السماويات ![]() وأن يجتاز الهموم الكثيرة كمن لا هم له، ولكن لا كرجل مخدر الشعور، بل بفضل حرية الروح، ودون أن يميل به الهوى إلى التعلق بخليقةٍ البتة. ![]() 2 – إني أستحلفك، يا إلهي الجزيل الحنو، أن تصونني من هموم هذه الحياة، لئلا أرتبك فيها بإفراط، ومن حاجات الجسد الكثيرة لئلا تأسرني باللذة، ومن جميع عوائق النفس، لئلا تحطمني المضايق فأفشل. ولست أعني أن تقيني من تلك الأُمور التي يصبو إليها الزهو العالمي بكل شغف بل من تلك المشقات، التي بسبب اللعنة الشاملة لجنسنا المائت تزهق نفس عبدك، عقابًا له، وتعوقه عن الدخول في حرية الروح كلما أراد ذلك. ![]() 3 – يا إلهي، العذوبة التي لا توصف حول لي إلى مرارة كل تعزيةٍ جسديةٍ تلهيني عن حب الأبديات، وتتملقني شر التمليق، بمنظر خيرٍ شهيٍ وقتي. لا يغلبنني، يا إلهي، لا يغلبنني اللحم والدم، ولا يخدعنني العالم بمجده القصير، ولا يصرعنني إبليس بمكره. أعطني قوةً للمقاومة، وصبرًا الاحتمال، وحزمًا للثبات. أعطيني، بدلًا من جميع تعزيات العالم، مسحة روحك الجزيلة العذوبة، وبدل الحب الجسدي، أفض فيَّ حب اسمك. ![]() 4 – فها الأكل والشرب واللباس، وسائر ما يستعمل في عيالة الجسد، إنما هي ثقلٌ على الروح المضطرم العبادة. فهب لي أن أستعمل هذه المساعدات بقناعة، ولا أرتبك فيها بحرصٍ مفرط. فاطراحها جميعًا لا يجوز، لأن عيالة الطبيعة واجبة. ولكن الشريعة المقدسة تحرم أيضًا تطلب ما كان زائدًا أو ما فيه لذةٌ مفرطة، لئلا يتمرد الجسد على الروح. فأسألك أن تقودني يدك بين هذين الطرفين، وأن ترشدني لئلا أقع في الشطط. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 73 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() في أن حب الذات هو أعظم ما يعوقنا عن الخير الأعظم 1 – المسيح: يا بني، ينبغي أن تبذل الكل لأجل الكل، ولا تستبقي شيئًا من ذاتك. اعلم أن حبك لذاتك، هو أضر بك من كل ما في العالم. بحسب ما يكون حبك للأشياء، وشغفك بها، يزداد التصاقها بك أو يقل. فإن كان حبك طاهرًا سليمًا مرتبًا، فأنت حرٌّ من أسر الأشياء. ![]() لا تشته ما لا يجوز اقتناؤه، ولا تقتن ما قد يعرقل سيرك، ويحرمك الحرية الداخلية. إنه لمن العجب أن تفوض إليَّ، من صميم القلب، ذاتك وكل ما يمكنك أن تشتهي أو تملك. ![]() 2 – لم تذيب نفسك في حزنٍ فارغ، ولم تضنيها بالهموم الباطلة؟ التزم مسرتي، فلا يلحق بك ضررٌ البتة. إن طلبت هذا الشيء أو ذاك، أو أردت أن تكون هنا أو هناك، وغرضك الهناء والاستزادة من إرضاء النفس، فلن تكون أبدًا في راحة، ولن تخلو أبدًا من الهم، لأنك في كل شيءٍ ستجد بعض النقص، وفي كل مكانٍ ستجد من يعاكسك. ![]() 3 – فالفائدة إذن ليست في اقتناء الأشياء الخارجية والإكثار منها، بل بالحري في احتقارها واستئصالها من القلب. ولا تفهم بذلك الدراهم والأموال فحسب، بل أيضًا ابتغاء الجاه، والرغبة في المديح الباطل، فهذه كلها ستزول مع العالم. قلما يعصمك مكانٌ، إن كنت خاليًا من روح الحرارة. ولن يدوم طويلًا السلام المستمد من الخارج، إن خلا القلب من الأساس الحقيقي. وذلك يعني أنك إن كنت غير موطدٍ فيَّ، فقد تستطيع تبديل مكانك، ولكنك لا تصلح نفسك. فإنك إن سنحت لك فرصةٌ، قبلتها، فتجد ما قد هربت منه وأسوأ. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 74 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() صلاة لتطهير القلب والتماس الحكمة السماوية ![]() التلميذ: أيدني أللهم، بنعمة روحك القدوس. أعطيني قوةً تشدد فيَّ الإنسان الداخلي، وتفرغ قلبي من كل همٍ وغمٍ باطل، فلا أُجذب بشهوة شيءٍ البتة، حقيرًا كان أو كريمًا، بل أنظر إلى جميع الأشياء كأنها زائلة، وكأنني أنا أيضًا زائلٌ معها، فإنه “لا شيء ثابتٌ تحت الشمس، حيث الجميع باطلٌ وكآبة الروح“ (جامعة 2: 11). ما أحكم مَنْ يعتبر الأُمور هكذا! ![]() أعطيني، يا رب، الحكمة السماوية، لأتعلم أن أطلبك وأجدك فوق كل شيء، وأن أتذوقك وأُحبك فوق كل شيء، وأن أفهم سائر الأشياء كما هي بحسب ترتيب حكمتك. أعطيني فطنةً لاجتناب المتملق، وصبرًا لاحتمال المقاوم. فإنها لحكمةٌ عظيمةٌ أن لا يتزعزع الإنسان لكل ريح كلام، ولا يعير أُذنه لمراوغة المتملق، إذ بذلك يواصل السير مطمئنًا، في السبيل التي انتهجها. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 75 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ضد ألسِنة المغتابين 1 – المسيح: يا بني، لا تغتم إن ظن بك البعض سوءًا، وقالوا فيك ما لا تحب سماعه. لا بل عليك، أنت، أن تظن بنفسك شرًا من ذلك، وتعتقد أن ليس أحدٌ أضعف منك. إن عشت عيشةً داخلية، فلن تبالي كثيرًا بأقوالٍ تتطاير. ![]() ليس بفطنةٍ يسيرة، أن يصمت الإنسان في وقت السوء، ويلتفت إليَّ في الداخل، ولا يضطرب لحكمٍ بشري. ![]() 2 – لا يكن سلامك في أفواه الناس: فسواءٌ تأولوا فيك الخير أم الشر، فلست لذلك إنسانًا آخر. أين السلام الحقيقي والمجد الحقيقي؟ أليسا هما فيَّ أنا؟ فمن لا يبتغ رضى البشر ولا يخش عدم رضاهم، يتمتع بسلامٍ وافر. من الحب المنحرف والتخوف الباطل، ينشأ كل اضطراب القلب وتشتت الحواس |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 76 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() كيف يجب أن نستغيث بالله ونباركه عند حلول الشدة 1 – التلميذ: ”ليكن اسمك، يا رب، مباركًا مدى الدهور″ (طوبيا 3: 23)، لأنك شئت أن تنزل بي هذه المحنة والشدة. إني لا أستطيع الهرب منها، بل أنا في حاجةٍ أن ألتجئ إليك، لتساعدني وتحولها لي إلى خير. رب، إني الآن في ضيق، ولا سلام لقلبي، بل أنا معذبٌ جدًا بهذه الأهواء. ![]() ”والآن، أيها الحبيب، فماذا أقول؟″ (يوحنا 12: 27) إني مكتنفٌ بالمضايق، “فنجني من هذه الساعة! ولكن لأجل هذا بلغت إلى هذه الساعة2″: لكي تعلن مجدك بأنني كنت قد ذللت جدًا، وأنت أعتقتني. ”إرتض يا رب أن تنقذني″ (مزمور 39: 14)، إذ ماذا يمكنني أن أصنع أنا البائس؟ وإلى أين أذهب بدونك؟ رب، أعطيني الصبر هذه المرة أيضًا، أعني يا إلهي فلن أخاف، مهما ثقلت عليَّ الشدة. ![]() 2 – والآن، فماذا أقول في وسط هذه المضايق؟ رب، “لتكن مشيئتك!″ (متى 26: 42)، فإني استوجبت المضايق والمشقات. فلا بد لي أن أحتملها -وليتني أحتملها بصبر!- إلى أن تجوز العاصفة وتتحسن الأُمور. ولكن ذراعك القديرة تستطيع أن تقصي عني هذه المحنة أيضًا، وتلطف من حدتها، لئلا تصرعني تمامًا، فلقد صنعت معي مثل ذلك، من قبل، مرارًا كثيرة، يا إلهي ورحمتي. وبمقدار ما تصعب عليَّ هذه “الإحالة، بمقدار ذلك هي سهلةٌ على يمينك أيها العلي″ (مزمور 76:11). |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 77 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() في طلب العون الإلهي، وفي الثقة باسترجاع النعمة 1 – المسيح: يا بني، ”أنا هو الرب المقوي في يوم الضيق″ (نحوم 1: 7)، فتعال إليَّ إذ ساءت أحوالك. إن أعظم ما يحبس عنك التعزية السماوية، هو تأخرك عن الالتجاء إلى الصلاة. فإنك قبل أن تتضرع إليَّ بإلحاح، تتطلب في الخارج تعزياتٍ وتسلياتٍ كثيرة. ومن ثمة قلما تنفعك هذه كلها، حتى تفطن أني “أنا منقذ المتوكلين عليَّ″ (مزمور 16: 7)، وأنه ما من معونةٍ فعالة، ولا مشورةٍ نافعة، ولا علاجٍ دائم، خارجًا عني. أما الآن، وقد ثابت إليك روحك بعد العاصفة، فتشدد بنور مراحمي، لأني قريبٌ -يقول الرب- فأرد عنك كل شيء، لا كاملًا فحسب، بل وافرًا متدفقًا. ![]() ![]() 2 – ”أعليَّ أمرٌ عسير؟″ (أرميا 32: 27)، أو أكون شبيهًا بمن يقول ولا يفعل؟ أين إيمانك؟ كن صاحب حزمٍ وثبات، كن طويل الأناة ورجلًا شجاعًا، فتأتيك التعزية في أوانها. انتظرني انتظرني، “فأنا آتي وأشفيك″ (متى 8: 7). إن ما يعذبك ليس سوى تجربة، وما يروعك إنما هو خوفٌ باطل. ما لك والاهتمام بما يطرأ في المستقبل؟ إن ذلك لا يزيدك سوى غمٍ على غم: “يكفي كل يومٍ شره!″ (متى 6: 34). إنه لمن الباطل والعبث، أن تقلق أو تفرح لمستقبلاتٍ قد لا تحدث أبدًا. ![]() 3 – على أن الانخداع بمثل هذه التخيلات لمن الأُمور البشرية، والانقياد بمثل هذه السهولة لوساوس العدو، لدليلٌ على نفسٍ لا تزال صغيرة. فإنه سواءٌ لديه أن يغرك ويخدعك بالصدق أو بالكذب، أم أن يصرعك بحب الحاضرات أو بخوف المستقبلات. ”فلا يضطربن قلبك، ولا ترتعد″ (يوحنا 14: 27). “آمن بي″ (يوحنا 14: 1)، وثق برحمتي. حينما أنت تظن نفسك بعيدًا عني، فعندئذٍ أكون في الغالب أقرب إليك. وعندما تحسب أنك موشكٌ أن تخسر كل شيء، فحينئذٍ، في الغالب، تكون لك فرصةٌ لربح استحقاقاتٍ أعظم. لا! لم يضع كل شيءٍ، إذا عاكستك الأحوال. لا ينبغي أن تحكم في الأُمور بحسب تأثراتك الحاضرة، ولا أن تستسلم لشدةٍ ما، أيًَّا كان مصدرها، فتغوص فيها غوص من فقد كل أملٍ في النجاة. ![]() 4 – لا تحسبن نفسك مهملًا بالتمام، وإن أنزلت بك بعض الضيق إلى حين، أو حبست عنك ما تبتغي من تعزية، فإنما بذلك يعبر إلى ملكوت السماوات. ولا جرم أنه خيرٌ لك ولسائر عبادي، أن تعانوا المحن، من أن يكون لكم كل شيءٍ وفق المرام. إني عالمٌ بالأفكار الخفية، وأعرف أن من المفيد جدًا لخلاصك، أن تترك أحيانًا، خاليًا من تذوق العذوبة، لئلا تستكبر في النجاح، وتتيه عجبًا بما ليس فيك. إن ما أعطيته، يمكنني أن أنتزعه، ثم أن أرده متى شئت. ![]() 5 – فإن أعطيته بقي لي، وإن انتزعته لم أسلبك ما هو لك. لأن “كل عطيةٍ صالحة، وكل هبةٍ كاملة″ (يعقوب 1: 17) إنما هي مني. فإن أرسلت عليك شدةً أو معاكسة، فلا تسخط ولا يفشل قلبك، فأنا قادرٌ أن أُنعشك سريعًا، وأُحول كل مشقةٍ إلى فرح. وإذ أُعاملك على هذا النحو، فأنا، مع ذلك، عادلٌ ومستحقٌ كل مديح. ![]() 6 – إن حكمت في الأُمور بحسب الصواب، ونظرت إليها بمقتضى الحق، فعليك أن لا تحزن أبدًا أو تفشل إلى هذا الحد، بسبب الشدائد، بل بالحري أن تفرح وتشكر، لا بل أن تعتد الفرح الوحيد، في أنني أُعذبك بالأوجاع ولا أُشفق. لقد قلت لتلاميذي الأحباء:”كما أحبني الآب، كذلك أنا أيضًا أحببتكم″ (يوحنا 15: 9). – ولقد أرسلتهم لا إلى الأفراح الزمنية، بل إلى الجهادات الكبرى، لا إلى الكرامات، بل إلى الاحتقار، لا إلى البطالة، بل إلى الكد، لا إلى الراحة، بل ”إلى الإثمار بالصبر ثمرًا وافرًا″ (يوحنا 15: 16). فتذكر، يا بني، هذه الكلمات. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 78 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() في انتباذ كل خليقة قصد وجود الخالق 1 – التلميذ: رب، إني لا أزال في مسيس الحاجة إلى نعمةٍ أعظم، إن كان عليَّ أن أبلغ إلى حيث لا يقدر أن يعوقني إنسانٌ أو خليقةٌ البتة. فما دام شيءٌ يعوقني، فلا أستطيع أن أطير إليك بحرية. لقد كان يتوق أن يطير بحرية، ذاك الذي كان يقول: ”من لي بجناحين كالحمامة، فأطير وأستريح؟“ (مزمور 54: 7). أي طمأنينةٍ أعظم من طمأنينة العين البسيطة؟ وأي حريةً أعظم من حرية من لا يشتهي شيئًا على الأرض؟ ![]() فعلى الإنسان إذن أن يرتفع فوق كل خليقة، وأن يتخلى عن نفسه تمامًا، ويغيب في اختطاف الروح، فيرى أنك أنت، يا مبدع الجميع، لا مشابهة لك مع الخلائق. وإن هو لم يتجرد من جميع الخلائق، فلن يستطيع العكوف، بحريةٍ، على الأُمور الإلهية. وما قلة المتمتعين بالمشاهدة، إلاَّ لقلة الذين يعرفون أن يحبسوا أنفسهم تمامًا عن الخلائق والأُمور الزائلة. ![]() 2 – وإنما يقتضي ذلك نعمةً عظيمة، ترفع جميع النفس وتحفظها فوق ذاتها. فإن لم يكن متساميًا بالروح، حرًا من جميع الخلائق ومتحدًا كله بالله، فكل ما يعرف وكل ما يملك، ليس له كبير قيمة. إنه ليبقى صغيرًا مضجعًا في الهوان إلى أمدٍ طويل، من يستعظم شيئًا آخر سوى الخير الوحيد الأزلي الغير محدود. وكل ما ليس هو الله فليس بشيء، ويجب أن يعد كلا شيء. إن الفرق العظيمٌ بين حكمة الرجل المستنير بالعبادة، وعلم الفقيه المتأدب، المكب على الدرس. فإن التعليم الصادر من فوق، من الفيض الإلهي، لأسمى من العلم الذي يحرزه الإنسان بجهد العقل. ![]() 3 – كثيرون يتوقون إلى حياة المشاهدة، لكنهم لا يجتهدون في ممارسة ما تقتضيه. والعائق الكبير في ذلك، هو التوقف عند الشعائر والممارسات الحسية، وقلة الاكتراث للإماتة الكاملة. إني لا أعلم ما هذا الأمر، ولا ما هو الروح الذي ننقاد له، ولا ما هو موضوع ادعائنا، نحن الذين يحسبهم الناس روحيين! أمورٍ تافهةٍ زائلةولا نكاد -حتى في النادر- نجمع حواسنا تمامًا، ونفكر في أُمورنا الداخلية! ![]() 4 – يا للأسف! إنَّا لا نكاد نختلي قليلًا في أنفسنا، حتى نندفع حالًا إلى الخارج، من غير أن نفحص أعمالنا فحصًا مدققًا. إنَّا لا نأبه إلى أين انحطت أميالنا، ولا نبكي على ما نحن عليه من فسادٍ تام. ”كل جسدٍ قد أفسد طريقه“ (تكوين6: 12)، ولذلك حدث الطوفان العظيم. فإذا كانت أميالنا الداخلية قد فسدت جدًا، فلا بد أن يفسد العمل الناتج منها، مما يدل على نقصٍ في نشاطنا الداخلي: لأن القلب الطاهر لا يصدر إلا ثمار حياةٍ صالحة. ![]() 5 – يسأل الناس عن كثرة الأعمال التي يقوم بها أحدهم، ولكنهم قلما يعبأون بمقدار الفضيلة التي يعمل بها. يبحثون هل هو قويٌّ أو غنيّ، أو جميلٌ أو ماهر، أو مجيدٌ في الكتابة أو الغناء أو العمل، أما مقدار مسكنته بالروح، وصبره ووداعته، وتقواه وحياته الداخلية، فكثيرون يغفلون ذلك. الطبيعة تنظر إلى خارج الإنسان، والنعمة تلتفت إلى داخله. تلك تخدع كثيرًا، أما هذه، فتجعل في الله ثقتها لكي لا تغش. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 79 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() في إنكار الذات، والزهد في كل شهوة 1 – المسيح: يا بني، إنك لا تستطيع التمتع بالحرية الكاملة، ما لم تنكر ذاتك تمامًا. إنهم لمكبلون جميعًا في القيود، أولئك المستأثرون بأملاكهم، المحبون ذواتهم، أصحاب الطمع والفضول والجولان، المتطلبون دومًا رفاهتهم لا ما يخص يسوع المسيح، المتخلقون والمستنبطون في الغالب أمورًا لا ثبات لها. فإنه لبائدٌ كل ما ليس بناشئٍ عن اله. ![]() احفظ هذه الكلمة الوجيزة البليغة: أُهجر كل شيءٍ فتجد كل شيء، أُترك الشهوة فتجد الراحة. ردد هذه الوصية في ذهنك، ومتى أتممتها فهمت كل شيء. ![]() 2 – التلميذ: رب، “ليس ذلك بعمل يومٍ واحد″ (عزرا 10: 13)، ولا هو بلعب أولاد، فإن هذا القول الموجز ليتضمن كل كمال الرهبان. ![]() 3 – المسيح: يا بني، عليك أن لا ترتد ولا تفشل في الحال، عند سماعك بطريق الكاملين، بل بالحري أن تستحث نفسك إلى بلوغ الساميات، أو -على الأقل- أن تتوق إليها برغبة. ليتك كنت على هذه الحالة، وأصبحت، من الكمال، بحيث لا تحب نفسك، بل تمتثل، بإخلاص، إشارتي، وإشارة من أقمته أبًا لك!إذن لكنت مرضيًا لدي جدًا، ولكانت حياتك تنقضي في الفرح والسلام. هناك أشياء كثيرةٌ لا بد لك من تركها، فإن لم تتخلى لي عنها بالتمام، فلن تحصل على ما تطلب. ”أنا أُشير عليك أن تشتري مني ذهبًا مصفى بالنار لتستغني″ (رؤيا 3: 18)، أي الحكمة السماوية، التي تدوس جميع الدنيويات. فقدمها على الحكمة الأرضية، وعلى كل مسرةٍ تجدها في الناس أو في نفسك. ![]() 4 – لقد قلت إنه ينبغي لك أن تبتاع ما هو حقيرٌ في نظر البشر، بما هو ثمينٌ رفيع. فالناس يستحقرون ويستصغرون جدًا، ويكادون ينسون الحكمة السماوية الحقة، التي لا تستكبر في ذاتها، ولا تطلب التعظيم على الأرض، تلك التي يمتدحها الكثيرون، ولكن بأفواههم فقط، أما سيرتهم فبعيدةٌ عنها، على كونها هي “اللؤلؤة الثمينة″ (متى 13: 46) المخفية عن كثيرين. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 80 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() في أن المُحِب لله يتذوقه فوق كل شيء، وفي كل شيء 1 – التلميذ: هوذا إلهي وكل مالي! فماذا أُريد بعد؟ وهل من سعادةٍ أعظم، يمكن أن أشتهيها؟ يا لها كلمةً طيبة عذبة! ولكن لمن يحب الكلمة، لا لمن يحب العالم وما في العالم. إلهي وكل مالي! إن هذه الكلمة كافيةٌ لمن يدركها، والمحب يستعذب ترديدها مرارًا كثيرة. إذا كنت حاضرًا، فكل شيءٍ مستعذب، فإذا غبت، أصبح كل شيءٍ تافهًا. أنت تجعل القلب في الطمأنينة، وتمنحه سلامًا عظيمًا، وفرحًا كفرح العيد. ![]() أنت تجعلنا نستحسن كل شيء، ونسبحك في كل شيء، وبدونك لا شيء يمكن أن يلذ طويلًا، بل، لكي يكون مستحسنًا ومستحبًا، لا بد له من أن تصحبه نعمتك، ويصلح بأفاويه حكمتك. ![]() 2 – من كانت فيك لذته، فأي شيءٍ لا يلذ له؟ ومن لا يلتذ بك، فأي شيءٍ يمكنه أن يكون عذبًا لديه؟ أما الذين يستلذون العالم والجسد، فهم خالون من حكمتك، لأن في حكمة العالم منتهى الغرور، وفي ملذات الجسد الموت. أما الذين يتبعونك باحتقار العالم وإماتة الجسد، فهم الحكماء حقًا، لأنهم ينتقلون من البطلان إلى الحق، ومن الجسد إلى الروح. هؤلاء يتذوقون الله، وكل ما في الخلائق من خير، يحولونه إلى مديح الخالق. ولكن الفرق عظيمٌ – وعظيمٌ جدًا – بين طعم الخالق والمخلوق، وبين الأبدية والزمن، وبين النور الغير المخلوق والنور المقتبس. ![]() 3 – أيها النور الدائم، الفائق جميع الأنوار المخلوقة، أبرق من العلاء ببرقٍ إلى صميم قلبي. طهر وفرح، أنر وأحي روحي بجميع قواها، لكي تتحد بك في اختطافات تهلل. آه! متى تأتي تلك الساعة السعيدة الشهية، التي تشبعني فيها بحضورك، وتكون لي كلًا في كل شيء؟ ما دمت غير حاصل على هذه العطية، ففرحي غير كامل. إن الإنسان العتيق لا يزال – ويا للأسف! – حيًا فيَّ، فإنه لم يصلب كله بعد، ولم يمت موتًا تامًا. بل لا يزال “يشتهي بقوةٍ ضد الروح″ (غلاطيين 5: 17). ويثير فيَّ حروبًا داخلية، ولا يدع النفس تملك في طمأنينة. ![]() 4 – لكن “أنت أيها المتسلط على طغيان البحر، والمسكن حركة أمواجه، قم انصرني″ (مزمور 88: 10؛ 43: 26). “شتت الأُمم الذين يريدون الحروب″ (مزمور 67: 31)؛ ”إحطهم بقوتك″ (يهوديت 9: 11). بحقك! ”أظهر لهم عظائمك″ (ابن سيراخ 17: 7)، ”ولتتمجد يمينك″ (ابن سيراخ 36: 7)، لأنه لا أمل ولا ملجأ لي، إلا فيك أنت أيها الرب إلهي. |
||||
![]() |
![]() |
|