20 - 02 - 2014, 04:18 PM | رقم المشاركة : ( 71 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بدعة الخلاص في لحظة لقداسة البابا شنودة الثالث
عبارة "اليوم" من الواضح جدًا، أن استخدام عبارة (اليوم) ههنا، تحمل تنازلًا عن عبارة (لحظة) فالعبارتان مختلفتان تمامًا في الزمن. فمهاجمتنا للبدعة الخلاص في لحظة، سببه الأساسي هو أنه من غير الممكن أن تتم في لحظة كل أسرار الكنيسة اللازمة للخلاص.. فلا يمكن لإنسان أن يؤمن ويعتمد في لحظة، ولا أن يتوب ويعترف ويأخذ التحليل ويتناول في لحظة.. كل هذا مستحيل عمليًا. ومن هنا كانت عبارة (لحظة) تعنى إنكارًا واضحًا لأهمية الأسرار والكهنوت والمنسية في موضوع الخلاص. لهذا فالآيات المشتملة على كلمة (اليوم) هي خروج عن الحوار في هذا الموضوع، لأن الإيمان والأسرار يمكن أن تتم في يوم.. يمكن في يوم واحد، أن يتم الإيمان والعماد معًا.. ويمكن أن تتم التوبة، ومعها الاعتراف أيضًا والتناول.. وهكذا تكون الكنيسة قد أدت دورها، وتمت الأسرار اللازمة للخلاص بخدمة الكهنوت في يوم واحد، أمكن لكرنيليوس، أن يستدعى بطرس الرسول، الذي كرز له فآمن وأعتمد هو وجميع الذين سمعوا الكلمة (أع 10) ومع ذلك، فسنحاول أن نفهم معًا هذه الآيات التي قدموها لإثبات الخلاص في لحظة ونرى ما تقدمه من معنى |
||||
20 - 02 - 2014, 04:19 PM | رقم المشاركة : ( 72 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بدعة الخلاص في لحظة لقداسة البابا شنودة الثالث
الآن وقت مقبول، الآن يوم خلاص الآن وقت مقبول الآن يوم خلاص (2كو 6: 2). إن عبارة (الآن وقت) وعبارة (الآن يوم) لا تعنيان مطلقًا (الآن لحظة)، فلم يقل الآن لحظة خلاص، ولا الآن لحظة مقبولة.. ومع ذلك نقول: كلمة الآن هنا تعنى عدم التأجيل.. ولا تعنى أنهم يخلصون في لحظة، لأنه أرسل رسالته هذه (إلى كنيسة الله التي في كورنثوس، مع القديسين أجمعين الذين في أخائية) (2كو 1: 1) فهو هنا لا يكلم غير مؤمنين. ولم يتحدث إليهم هنا عن الإيمان أو الفداء أو المعمودية. إنما كان يحدثهم عن التوبة، وعدم تأجيلها.. والتوبة مقبولة الآن، وقبوله في كل وقت. لأن الله يقول: (من يقبل إلى، لا أخرجه خارجًا) (يو 6:: 37 ) والقديس بولس كان في الرسالة الماضية قد حدثهم عن الانقسامات التي بينهم (1كو 3: 3) ووصفهم بأنهم جسديون (1كو 3: 1، 4) ثم وبخهم على الخاطئ الذي إدانة الرسول وحكم عليه (1كو 5: 5) وقال لهم: (اعزلوا الخبيث من وسطكم) (1كو 5: 13) ووبخهم على الالتجاء إلى المحاكم (1كو 6: 1، 5) ووبخهم على خطايا أخرى كثيرة.. وفي هذه الرسالة يعفو عن الخاطئ الذي حكم عليه (2كو 2: 7 ) ويقول لهم: (الآن أنا أفرح، لا لأنكم حزنتم، بل لأنكم حزنتم للتوبة.. لأن الحزن الذي بحسب مشيئة الله، ينشئ توبة لخلاص بلا ندامة) (2كو 7: 9، 10). إذن هنا، هو يحدثهم عن التوبة، والخلاص من الخطايا التي يرتكبونها. والتوبة يحسن بها عدم التأجيل، فوقتها الآن وقت مقبول، والتخلص منها اليوم هو أفضل، لأنه يوم خلاص.. ما علاقة كل هذا إذن بالخلاص في لحظة؟ والرسول لم يستخدم هذا التعبير مطلقًا. إنه ينادى لهم بخدمة المصالحة، أن (تصالحوا مع الله) (2كو 5: 20) فإن تأثروا وتابوا، فلا يجوز أن يؤجلوا التوبة، لأن الآن وقت مقبول.. |
||||
20 - 02 - 2014, 04:20 PM | رقم المشاركة : ( 73 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بدعة الخلاص في لحظة لقداسة البابا شنودة الثالث
الآن ساعة لنستيقظ اليقظة الروحية مطلوبة في كل وقت، وليس من المصالح تأجيلها، فهي لازمة الآن. فما علاقة اليقظة بالخلاص في لحظة. إن الذي يستيقظ، يبحث كيف يخلص. تمامًا مثلما حدث للابن الضال، الذي لما استيقظ، فكر ماذا يفعل. فقال أقوم الآن وأذهب إلى أبى، وأقول له: أخطأت.. (لو 15: 17، 18). إذن فاليقظة تتبعها خطوات.. ولذلك شرح لهم الرسول ما يفعلونه في هذه اليقظة الروحية.. فقال لهم: (إنها الآن ساعة لنستيقظ.. فلنخلع أعمال الظلمة، ونلبس أسلحة النور. لنسلك بلياقة كما في النهار، لا بالبَطَر والسكر، لا بالمضاجع والعهر، لا بالخصام والحسد بل ألبسوا الرب يسوع المسيح، ولا تصنعوا تدبير الجسد لأجل الشهوات) (رو 13: 11-14). هنا يضع أمامهم برنامجًا روحيًا، ربما يحتاج إلى جهاد روحي ووقت. وليس هو كلامًا عن الخلاص في لحظة. وهو في كل ذلك يكلم أناسًا مؤمنين. ولذلك فإنه يقول لهم في نفس الآية: (إنها الآن ساعة لنستيقظ من النوم، فإن خلاصنا الآن أقرب مما كان حين آمنًا) (رو 13: 11) إذن هم كانوا مؤمنين، وقد قبلوا المسيح من قبل فاديًا ومخلصًا.. ولكنهم الآن تتعبهم الخطايا، ويحتاجون إلى توبة. ويجب عد تأجيل هذه التوبة، بكل تكون الآن.. فخلاصهم الآن من خطاياهم بالتوبة، أسهل من حالتهم حين قبلوا الإيمان.. |
||||
20 - 02 - 2014, 04:21 PM | رقم المشاركة : ( 74 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بدعة الخلاص في لحظة لقداسة البابا شنودة الثالث
اليوم إن سمعتم صوته، فلا تُقَسّوا قلوبكم إنه لا يتكلم عن الخلاص في لحظة، إنما يدعوهم أن يفتحوا قلوبهم لله، وأن يتوبوا. والمفروض أن يستجيبوا بسرعة لعمل الله فيهم، لئلا يدركهم غضب الله الذي أدرك آباءهم في القفر (عب 3: 8) والرسول يقول إن عدم الرجوع إلى الله، وعدم الاستجابة لصوته، عبارة عن قساوة قلب. لذلك اليوم لا تقسوا قلوبكم.. ما علاقة هذه الآية بالخلاص في لحظة؟ إنني متعجب. كذلك ما هي علاقة الخلاص في لحظة بهذه الآية |
||||
20 - 02 - 2014, 04:22 PM | رقم المشاركة : ( 75 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بدعة الخلاص في لحظة لقداسة البابا شنودة الثالث
الله الآن يأمر جميع الناس أن يتوبوا إن (الله الآن يأمر جميع الناس في كل مكان، أن يتوبوا متغاضيًا عن أزمنة الجهل) (أع 17: 20). فهل دعوة الله الناس إلى التوبة الآن، معناها أنهم قد خلصوا في لحظة.. إنه يدعوهم الآن، وربما يستجيبون أو لا يستجيبون. والذين يستجيبون قد يأخذون وقتًا للتخلص من خطاياهم، وقد يتدرجون في ذلك.. وربما يتوبون، ويعودون إلى السقوط مرة أخرى.. ولكنهم في توبتهم يتغاضى الله عن أزمنة الجهل.. فهل أمر الله للناس بالتوبة، تعنى الخلاص في لحظة؟ لمجرد ورود عبارة الآن؟! حتى لو كانت..!، يقول الرسول الآن الله يأمر. وليس الآن الناس يخلصون. وحتى عبارة (الآن يخلصون) لا تعنى لحظة.. ومع ذلك لا يخلط أحد بين عبارتيّ: التوبة، والخلاص. فهناك فروق بينهما نشرحها في فصل عنوانه (مفاهيم). |
||||
20 - 02 - 2014, 04:23 PM | رقم المشاركة : ( 76 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بدعة الخلاص في لحظة لقداسة البابا شنودة الثالث
اليوم حصل خلاص أما عن عبارة (اليوم حصل خلاص لهذا البيت) (لو 19: 9). التي قالها الرب زكا وبيته، فقد شرحناها تحت عنوان: (هل خلص زكا في لحظة). كما أن عبارة (اليوم) كما قلنا، هي خارجة عن موضوعنا. |
||||
20 - 02 - 2014, 04:24 PM | رقم المشاركة : ( 77 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بدعة الخلاص في لحظة لقداسة البابا شنودة الثالث
علاقة التوبة بالخلاص نلاحظ أن باقي الآيات كلها خاصة بالتوبة، وليس بالخلاص. والتوبة هي جزء بسيط من موضوع الخلاص. ولا يمكن أن المنادين بالخلاص في لحظة يقولون إن التوبة معناها الخلاص الآن، حيث لم يرد في هذه الآيات أية إشارة إلى الإيمان أو الدم أو الفداء أو الكفارة أو المعمودية، فهي إذن ليست آيات خاصة بالخلاص، ولا علاقة لها بموضوعنا. |
||||
20 - 02 - 2014, 04:25 PM | رقم المشاركة : ( 78 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بدعة الخلاص في لحظة لقداسة البابا شنودة الثالث
الخلط بين التوبة والخلاص 1 ما أكثر الذين يخلطون بين التوبة والخلاص. فإن تاب إنسان وتغيرت حياته، يقولون عنه إنه قد خلص، وهو نفسه يقول: (أنا قد خلصت) ويسجل تاريخ ذلك في مذكرته، ويدعوه البعض أن يقف على المنبر ليحكى (اختباره)، أو يحكى قصة خلاصه، لينتفع بها الآخرون..! 2 وربما تكون توبة جزئية، أقصد توبة من خطية معينة تتعبه، أو من الخطيئة الرئيسية في حياته! ربما تكون الخطية البارزة في حياته، أو التي تشعره بأنه خارج دائرة أولاد الله، هي خطية الزنا، أو شرب الخمر، أو لعب القمار، أو السرقة.. إلخ. فإن عملت التوبة في قلبه أو تأثر، وأبطل هذه الخطية البشعة، يظن أنه قد خلص، ويقول أمام الناس: (قد خلصت)! 3 ومع (خلاصه) من هذه الخطية، قد تكون له خطايا أخرى! مثل خطية الغضب مثلًا، أو محبة المديح والمجد الباطل، أو بعض خطايا اللسان أو عدم التدقيق في الحياة، أو غير ذلك.. ولكنه يقول قد خلصت، لمجرد خلاصه من الخمر والقمار أو النساء! 4 وتحضرني في هذا المجال قصة قرأتها في كتاب: كان يتحدث مؤلفه عن إمكانية الخلاص في لحظة، فاستشهد بقصة رواها أحد الآباء الكهنة المعروفين عن إنسان كان مدمنا على التدخين، ثم خلا إلى نفسه، ورأى أنه يحرق قوته وصحته فيما يدخن، فقرر الامتناع عن ذلك، وألقى بعلبة السجاير بعيدًا، قائلًا لها: "اذهبي، لا أرجعك الله". وقال ذلك المدمن التائب: ,, ومنذ تلك اللحظة لم أعد إليها ابدأً،، وأعتبر المؤلف تلك القصة دليلًا على إمكانية الخلاص في لحظة!! أو دليلًا على الخلاص في لحظة من محبة الخطية!! والعجيب أن تلك القصة، تكررت في كتاب المؤلف مرتين، كما لو كانت دليلًا قويًا دافعا! فهل الخلاص في مفهومه، هو مجرد ترك التدخين؟! وهل الخلاص من محبة الخطية، هو مجرد الخلاص من التدخين؟! وربما تكون لهذا المدمن خطايا أخرى كثيرة لا تزال محتاجة إلى جهاد كبير حتى الدم (عب 12: 4) كما تحتاج إلى معونة كبيرة من النعمة.. وكم من أناس تخلصوا من مثل هذه الخطية، وحكوا اختباراتهم، ثم انفجروا في إحدى اللحظات في خطية غضب وسخط، لم يخلصوا منها بعد.. وحتى لو خلصوا من الغضب، هناك خطايا أخرى، وهناك ضعفات في حياتهم وحياة كل إنسان تحتاج إلى إصلاح. 5 وهم أنفسهم يقولون إن (التقديس) يحتاج إلى مسيرة العمر كله..! فهل يؤخذ الإقلاع عن التدخين دليلًا على الخلاص؟! وهل ترك التدخين يدخل تحت عنوان التبرير أم التقديس؟! وهل هو داخل في استحقاقات الفداء والدم؟ ومتى وكيف؟ 6 إن الخلاص له معنى واسع، التوبة هي جزء منه، أو هي عامل موصل إليه ضمن عوامل أخرى. لا يجوز إذن وضع الكلام عن التوبة، سواء كانت كلية أو جزئية، في موضع الكلام عن الخلاص. وإلا فأين الحديث عن الإيمان والمعمودية، والدم والكفارة والفداء، وسائر الأمور الأخرى المتعلقة بالخلاص، مثل عمل النعمة، أو عمل الروح القدس في موضوع الخلاص..؟! إن كان مجرد ترك خطية واحدة يعتبر خلاصًا! 7 ينبغي أن يكون مفهوم الخلاص واضحًا أمامنا بمعناه الواسع.. هذا الخلاص الذي عمل الرب ومازال يعمل من أجله، وهذا الخلاص الذي نجاهد بكل قوانا، وبكل ما أوتينا من نعمة لكي نصل إليه، بعد أن أخذنا جزءًا منه، واضعين أمامنا قول الرسول: (تمموا خلاصكم بخوف ورعدة) (فى 2: 12) هذا الخلاص الذي من أجله (مصارعتنا ليست مع لحم ودم، بل مع أجناد الشر الروحية) (أف 6: 12) وتحتاج إلى سلاح الله الكامل لكي نقدر أن نقاوم، وأن نثبت، وأن نطفئ جميع سهام الشرير الملتهبة.. (أف 6: 13، 16).. 8 ليس هو مجرد تخلص من خطية معينة، أو من جملة خطايا، فهذا هو الجانب السلبي. ويبقى جانب إيجابي، ليس الآن مجاله.. إن الخلاص كما قلنا - موضوع واسع، التوبة جزء منه. والتوبة أيضًا موضوع واسع، يقظة القلب جزء منه، وانسحاق القلب وندمه جزء آخر، وترك الخطية جزء ثالث، وعدم محبة الخطية جزء رابع، والاعتراف والتناول والتحليل عناصر أخرى في التوبة. تشترك فيها الكنيسة مع التائب بمساعدته على التوبة ونوال الغفران. وواضح أن كل هذه العناصر، لا تتم في لحظة. ومن له أذنان للسمع فليسمع. |
||||
20 - 02 - 2014, 04:28 PM | رقم المشاركة : ( 79 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بدعة الخلاص في لحظة لقداسة البابا شنودة الثالث
الخَلط بين التغيير والخلاص 1 قرأت في أحد الكتب فقرة يقول فيها قائلها: ,, شاول الملك عندما مسحه صموئيل النبى، قال له: (يحل عليك روح الرب.. وتتحول إلى رجل آخر) (1صم 10: 6). وقد تم هذا القول لشاول في لحظة. إذ يسجل الكتاب قائلًا: (وكان عندما أدار كتفه لكي يذهب من عند صموئيل، أن الله أعطاه قلبًا آخر) (1صم 10: 9) ولاحظ تعبير الكتاب أنه (عندما أدار كتفه) وإدارة الكتف لا تستغرق وقتًا (أه). وفى الواقع لست أجد في هذه القصة دليلًا على الخلاص في لحظة، إنما أرى فيها دليلًا على عكس هذا!! شاول الملك تغير فعلًا، وتغير في لحظة، وأعطاه الله قلبًا آخر، وعمل روح الرب فيه، فتنبأ مع الأنبياء، حتى قال الناس في تعجب: (أشاول أيضًا بين الأنبياء؟!) كل هذا حدث حقًا. ولكن ماذا كانت نهاية شاول؟ 2 إن شاول الذي تغير في لحظة، وحل عليه روح الرب وتنبأ، لم يخلص أبدًا، بل هلك! فقد ختمت حياة هذا الإنسان بمأساة، قال فيها الوحي الإلهي: (وفارق روح الرب شاول، وبغته روح رديء من قبل الرب) (1صم 16: 14) وكان يحتاج إلى داود، لكي يضرب له على العود فيهدأ. (والرب ندم لأنه ملك شاول على إسرائيل) (1صم 15: 35) ولما ناح عليه صموئيل النبي، قال له الرب: (حتى متى تنوح على شاول، وأنا قد رفضته؟!) (1صم 16: 1) 3 حقًا إن التغير شيء، والخلاص شيء آخر. ولا يجوز أن نأخذ الكلام عن التغير، كلامًا عن الخلاص. إن شاول الملك لم ينل الخلاص بتغيره، ولا بحلول روح الله عليه، ولا بموهبة النبوة التي منحت له، ولا بالمسحة المقدسة التي نالها من صموئيل النبي!! وكانت نهايته إلى الهلاك. ولهذا فإن الكتاب لا يعطى الأهمية الكبرى، ولا اسم الخلاص للتغيرات التي تحدث حتى للقديسين، وإنما يقول: (أنظروا إلى نهاية سيرتهم) (عب 13: 7) 4 وما أسهل أن التغير إلى أفضل، يعقبه تغير آخر إلى أسوأ. وحياة الإنسان دائمة التغير. والمهم هو كيف تنتهي أيام غربته في العالم. ومثال شاول الملك هذا، عن التغير اللحظي، لا يخدم بدعة الخلاص في لحظة، بل هو ضدها تمامًا. ونفس الكلام نقوله أيضًا إن التغير في حياة التوبة، حتى لو تم في لحظة..! 5 وقد يتغير إنسان في لحظة، من خاطئ إلى تائب! ولكن ذلك لا يعنى أنه قد خلص، فقد يفقد توبته. توبته قد تنقله من الموت إلى الحياة! ثم يعود إلى الموت مرة أخرى، إن لم تستمر معه التوبة، وعاد إلى الخطية، وأجرة الخطية موت (رو 6: 23) وقد تكون التوبة قوية جدًا، وعمل النعمة قويًا جدًا. 6 ويتحول في التوبة من خاطئ إلى قديس، ثم يفقد قداسته ويسقط ولا يكون قد خلص في لحظة! وبغض النظر عن أن كلمة قديس، أطلقت في الكتاب في أحيان كثيرة على عموم المؤمنين، كما قال بولس الرسول: (سلموا على قديس في المسيح يسوع) (فى 4: 21) (ساهرين لهذا بعينه بكل مواظبة وطلبة لأجل جميع القديسين) (أف 6: 18) وأرسل القديس بولس رسائله إلى (جميع القديسين في المسيح يسوع الذين في فيلبي مع أساقفة وشمامسة) (فى 1: 1) وإلى (القديسين أجمعين الذين في أخائية) (2كو 1: 1) وإلى (القديسين الذين في كولوسي) (كو 1: 2) (انظر أيضًا في 4: 22، 13: 24، 1 كو 1: 2، 2 كو 13: 13). بغض النظر عن كل هذا، نقول: كم من قديسين سقطوا، وفقدوا الدفعة الأولى في حياتهم التي حولتهم إلى قديسين، واحتاجوا إلى تكرار التوبة والتغير من جديد.. داود النبي كان قديسًا، وسقط، واحتاج إلى توبة ودموع. وشمشون كان قديسًا، ومن رجال الإيمان (عب 11: 32 ) ومع ذلك سقط، واحتاج إلى توبة لكي يخلص. وسليمان كان قديسًا، وتحدث مع الله أكثر من مرة وتراءى له في جبعون، ومنحه قلبًا حكيمًا مميزًا لم يكن مثله من قبل ولا من بعد (1مل 3: 5 12) وتراءى له ثانية بعد تدشين الهيكل، وأخبره أنه سمع صلاته (1مل 9: 2، 3) ومع ذلك سقط سليمان (1مل 11: 4) وأحتاج إلى توبة. ويعوزنا الوقت إن تحدثنا عن قديسين في التاريخ سقطوا، واحتاجوا إلى توبة لخلاصهم، ومن أمثلتهم يعقوب المجاهد، وموسى السائح، وبائيسة.. وغيرهم. إذن الوصول إلى القداسة شيء، والوصول إلى الخلاص شيء آخر، إذ يمكن فقد القداسة. والإنسان دائم التغير. 7 يمكن أن يتغير الإنسان من خاطئ إلى قديس، ولا يكون قد خلص بعد، لأنه محتاج إلى الثبات في القداسة، وليس إلى مجرد التحول إليها.. وهوذا الرسول يقول: (فإذا لنا هذه المواعيد أيها الأحباء، لنطهر ذواتنا من كل دنس الجسد والروح، مكملين القداسة في خوف الله) (2كو 7: 1) ويقول: (يثبت قلوبكم بلا لوم في القداسة) (1تس 3: 13). 8 لذلك نقول إن الخلاص هو قصة العمر كله، يمر فيها الإنسان على الإيمان والتوبة والمعمودية والقداسة، ويحتاج إلى أن يثبت. إنه يتغير في سلوكه في حالة إلى أخرى. ولكن عليه أن يثبت في الحالة الفضلى التي يصل إليها. ولا يظن أن مجرد التغير هو الخلاص.. 9 وهناك من يتغير ويخلص، ولكنه لا يخلص في وقت تغيره. شاول الطرسوسي مثلًا: تغير قلبه من مضطهد للكنيسة إلى مؤمن بالرب يسوع وصار أناء مختارًا (أع 9) ولكنه لم يخلص في لحظة لقائه بالرب، وفي لحظة هذا التغير. بل أرسله الرب إلى حنانيا الذي قال له: (أيها الأخ شاول.. لماذا تتوانى؟ قم اعتمد واغسل خطاياك) (أع 22: 16) إذن خطاياه لم تكن قد غسلت حتى ذلك الوقت. فلما اعتمد اغتسل منها وخلص (مر 16: 16). إذن ساعة التغير، ليست هي ساعة الخلاص كما أن كثيرين يحتاجون إلى مدة طويلة للتغير.. 10 ما أكثر نواحى التغير في حياة الإنسان. ولكن ليس كل تغير خلاصًا. إنك قد تتأثر بعظة أو بقراءة معينة، فتغير شيئًا من حياتك، أو تغير حياتك كلها. ولكن هذا التغير ليس هو الخلاص ربما مزمور واحد يغير حياتك، أو آية تغير حياتك، أو معجزة تغير حياتك. تغيرها إلى التوبة أو التكريس مثلًا. 11 ولكن تكريس الحياة شيء، والخلاص شيء آخر إن آية واحدة سمعها الأنبا أنطونيوس، استطاعت أن تغير حياته فذهب وباع كل ماله وأعطاه للفقراء، واتجه إلى حياة الرهبنة. أيجرؤ أحد أن يقول إن الأنبا أنطونيوس نال الخلاص، حينما سمع هذه الآية وتغير؟! حقًا إنه تغيير. ولكن الرهبنة شيء، والخلاص شيء آخر. إذن لا يجوز أن نأخذ كل تغيير على أنه خلاص! 12 حدث أيضًا أن القديس أوغسطينوس جلس جلسة روحية مع نفسه، قادته إلى التوبة وتغيير الحياة. وكانت جلسة تاريخية حاسمة، ولكنه لم ينل الخلاص في تلك الجلسة. ولقد قرأ كتاب حياة الأنبا أنطونيوس، وتأثر به جدًا. ولكن هذا التأثر وما تبعه من تغيير لم يكن هو الخلاص، إنما كان خطوة في الطريق. إن الجلسة مع النفس هامة، وقد تكون نتيجتها تغيرًا أو سعيًا إلى التوبة. ولكنها مجرد خطوات إلى الله. ليست هذه الخطوات هي الخلاص، إنما تقود إليه. قد تأخذ من الجلسة قوة من الله ونعمة تعينك في حياتك. وقد تنتهي إلى تصميم داخلي على التوبة. كل هذا حسن ومفيد، ولكن ليس هو الخلاص. إنها مجرد وسائل.. هكذا كان القديسون يجلسون إلى أنفسهم، أو يدخلون داخل أنفسهم. ولكنهم لم ينالوا الخلاص في تلك اللحظات، إنما نالوا نعمة وبركة. بعض من الذين تغيروا، ونالوا خلاصًا بالإيمان والتوبة والمعمودية، تعرضوا لتغيير عكسي أوصلهم إلى الردة. وقص هذه الردة كثيرة في الكتاب المقدس: منها قصة ديماس الذي كان أحد مساعدي القديس بولس الرسول في الكرازة (كو 4: 14) والذي ذكره في إحدى المرات قبل القديس لوقا (فل 24) هذا تغير وارتد وقال عنه القديس بولس: (ديماس قد تركني إذ أحب العالم الحاضر ) (2تى 4: 9). ومن أمثلة ديماس، أولئك الذين قال عنهم الرسول: (لأن كثيرين ممن كنت أذكرهم لكم مرارًا، والآن أذكرهم أيضًا باكيًا، وهم أعداء صليب المسيح) (فى 3: 18). إن الردة رد على من يضعون عبارة (التغير) في موضع كلمة (الخلاص) وما أسهل أن يتغير الإنسان في لحظة، من خاطئ إلى تائب، إلى قديس. وينتقل من ظلمة إلى نور، ومن موت إلى حياة، وينال قوة. ثم يتغير إلى العكس مرة ثانية، وقد يهلك أخيرًا! |
||||
20 - 02 - 2014, 04:30 PM | رقم المشاركة : ( 80 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بدعة الخلاص في لحظة لقداسة البابا شنودة الثالث
لحظات مُباركة.. ليست لحظات خلاص 1 في حياة كل إنسان، لا شك توجد لحظات مباركة: قد تكون لحظات مباركة أو مقدسة. أو لحظات مصيرية. أو لحظات ممجدة. أو لحظات زهد ونسك. أو لحظات تغيير أو تحول في التفكير والقرارات. أو لحظات اتفاق أو عهد مع الله. أو لحظات توبة، أو مصالحة مع الله. أو لحظات تأمل. ولكن ولا واحدة من هذه، يمكن تسميتها لحظة خلاص. وسنحاول أأن نضرب أمثلة لكل هذه أو بعضها: 2 اللحظة التي تأمل فيها القديس أنطونيوس جثة أبيه، وقال له: [أين عظمتك وقوتك وسلطانك؟! لقد خرجت من العالم بغير إرادتك. ولكنني سأترك العالم بإرادتي، قبل أن يخرجونني كارهًا]. كانت هي لحظة زهد ونسك، وكانت لحظة مصيرية. ولكنها لم تكن لحظة خلاص. لأننا لا نستطيع أن نقول عن القديس أنطونيوس انه خلص في تلك اللحظة. ولكن يمكننا أن نقول إنها لحظة مباركة، لحظة تأمل، شعر فيها القديس أنطونيوس بفناء هذا العالم، في هذا، وخط لنا الطريق الملائكي الجميل.. 3 - كذلك اللحظات التي جلس فيه الابن الضال إلى نفسه، وهو بين الخنازير في تلك الكورة البعيدة، وأدرك سوء حالته، وعزم على التوبة والرجوع إلى بيت أبيه.. كانت لحظات مصيرية، غيرت حياة الابن الضال، وأرجعته إلى بيت أبيه، ولكنها لم تكن لحظة خلاص، لأن الخلاص لا يمكن أن يتم في الكورة البعيدة! 4 كذلك كانت لحظة مباركة تلك التي جلس فيها القديس أوغسطينوس إلى نفسه، وأيضًا تلك الساعات التي تأثر فيها جدًا بقراءة سيرة الأنبا أنطونيوس ولكنها لم تكن مطلقًا لحظة خلاص. إن القديس لم يخلص وهو يقرأ حياة الأنبا أنطونيوس! 5 كذلك قد تمر على الإنسان لحظات توبة، يشعر فيها بكراهية الخطية، أو يرى فيها أن محبة الخطية قد انتزعت تمامًا من قلبه ولم يعد يشتاق إليها، سواء الخطية عمومًا، أو خطية معينة.. ولكن كل لحظة من هذه، ليست لحظة خلاص. إنها لحظة توبة، وليست لحظة خلاص. وما أسهل أن يعود إلى الخطية مرة أخرى، بعد شعوره أن محبتها قد انتزعت من قلبه. 6 وقد تمر على الإنسان مقدسة، يتمتع فيها بزيارة من زيارات النعمة، ويسمع بها صوت الله في قلبه، ويكون في حالة روحية يشعر به تماما أنه في الملكوت. ألم يقل الرب: (ملكوت الله داخلكم) (لو 17: 21). زيارة النعمة لحظة مقدسة، ولكنها ليست لحظة خلاص. إنها متعة بالله، وشعور بوجوده، وشعور بعمل الله داخل الإنسان. ولكنها لا تستمر. هي مجرد مذاقة للملكوت، ثم يعود الإنسان إلى حالته الأولى، أو إلى حالة أفضل قليلًا، ولكنه لا يستمر في هذا الملكوت طول حياته.. 7 وقد تمر على الإنسان لحظات توبة أو لحظات تغير، ولكنها ليست لحظات خلاص كما شرحنا وقد يشعر الإنسان بضرورة التوبة الآن، وعدم تأجيلها مطلقًا، كما حدث لأوغسطينوس، وكما حدث للابن الضال.. ولكن التوبة وليست هي الخلاص. هي مجرد فرع منه، وتحتاج إلى خطوات بعدها. كما يمكن أن تحدث ردة أو نكسة للإنسان، فيرجع إلى الخطية مرة أخرى بعد توبته. والشيطان قد يترك الشخص (إلى حين) (لو 4: 13) ثم يعود إلى تجاربه مرة أخرى. مزمور واحد قد يغير حياة الإنسان ويجذبه إلى الله. ثم تجربة بعد ذلك قد تقذف به بعيدًا. وهكذا يجتاز مراحل عديدة من التغير، حتى يستقر في حضن الله، ولكن ليس في لحظة! 8 كذلك قد تمر على الإنسان لحظات اتفاق أو عهد مع الله. يكون في حالة روحية يبرم فيها مع الله عهدًا. ثم يقول: (تعهدات فمى باركها يا رب) (مز 119) لأنه ما أكثر تعهدات الإنسان التي لا يثبت فيها، كما قيل: كم وعدت الله وعدًا حانثًا ليتني من خوف ضعفي لم أعد. حقًا إذا اقتنع القلب، تستطيع في لحظة أن تصل إلى اتفاق مع الله إن أردت.. ولكن الاتفاق شيء، وتنفيذ الاتفاق شيء آخر. ربما تتفق مع الله في لحظة، ثم تكسر اتفاقك في لحظات أخرى. 9 هناك أيضًا لحظات مقدسة قد تقود إلى الإيمان. فلا شك أنها مقدسة ومملوءة بركة تلك اللحظة التي جلس فيها مارمرقس إلى انيانوس الإسكافي ليصلح حذاءه ولكن لحظة إصلاح الحذاء، لم تكن هي لحظة الخلاص. إنما كانت بداية لحديث وشرح أدى إلى الإيمان وإلى المعمودية فيما بعد. ولم يتم كل ذلك في لحظة. ومع ذلك فقد كانت مقدسة ولحظة مباركة، كبداية لطريق روحي اقتنع فيها ذلك الاسكافي بزيف الوثنية، كما أقتنع بالإيمان المسيحي. ولا يمكن أن يكون هذا الإيمان قد تم في لحظة. 10 وقد تمر على الإنسان لحظات في العمل الروحي الداخلى. لحظات صلاة، أو مناجاة، أو صراع مع الله. يجلس فيها مع الله ويقول له: ,, يا رب قد رجعت إليك بعد زمان طويل من الغربة قضيته وأنا بعيد عنك. أنا أريد أن أكون معك دائمًا.. أريد أن أجلس إليك أصالحك، وأصالحك بأي شرط،، صلاة جميلة، ورغبة في المصالحة، ولكنها ليست لحظة خلاص. فقد تقف عوائق كثيرة ضد هذه المصالحة، ويتعرض الإنسان إلى مقاومات عملية، وحروب داخلية وخارجية، حتى يصل إلى هذا الصلح.. ويثبت فيه. لأنه ما أسهل أن يصطلح الإنسان مع الله، ويرجع فيغضبه مرة أخرى. 11 ومن اللحظات المقدسة، لحظة المغفرة. في اللحظة التي أسلم فيها المسيح نفسه على الصليب، قدم مغفرة شاملة. هذا جهته هو. أما من جهة الناس فلم ينالوا هذه المغفرة في لحظة. إنما نالها كل شخص على حدة، أو كل مجموعة بعد خدمة الكلمة والكرازة، وبعد معجزات وآيات، وبعد شرح وإقناع، وبعد إيمان وتوبة ومعمودية. ولم ينلها أحد في لحظة. فرق بين عمل الله الذي يتم في لحظة، وعمل الإنسان. إن الله يقدر أن يغفر لك في لحظة. ولكنك لكي تصل إلى استحقاق هذه المغفرة قد تحتاج إلى جهاد طويل ووقت. ومع ذلك قد غفر الله أحيانا، ثم عاقب بعدها. ولعل من ابرز الأمثلة على ذلك قصة ذلك العبد المديون الذي ترك له السيد عشرة آلاف وزنة. ثم تقابل هذا مع رفيق له مديون بمائة دينار فأمسكه وألقاه في السجن. فما الذي حدث لهذا العبد المديون الذي ترك له سيده كل الدين؟ يقول الكتاب: (فدعاه حينئذ سيده وقال له: أيها العبد الشرير، كل ذلك الدين تركته لك، لأنك طلبت إلى. أفما كان ينبغي أنك أنت أيضًا ترحم العبد رفيقتك، كما رحمتك أنا؟! وغضب سيده وسلمه إلى المعذبين، حتى يوفى كل ما كان عليه.. فهكذا أبى السماوي يفعل بكم، إن لم تتركوا من قلوبكم كل واحد لأخيه زلاته) (مت 18: 24-35). وأخيرًا هناك لحظة مجيدة قد تساوى حياة.. مثل لحظة وقوف موسى وإيليا مع المسيح على جبل التجلي، ومثل لحظات من رؤيا يوحنا الحبيب التي رأى فيها عرش الله والقوات السمائية، ومثل اللحظة التي رأى فيها يعقوب أبو الآباء سلمًا بين السماء والأرض والملائكة صاعدة ونازلة عليه، ومثل لحظة وقوف موسى أمام العليقة، أو أمام البحر المنشق إلى نصفين.. كلها لحظات مجيدة، ولكنها ليست لحظات خلاص. أخيرًا لا نأخذ كل جملة وردت فيها عبارة (لحظة) لكي تكون دليلًا على (الخلاص في لحظة) !! إن كل عبارة لها معناها واستخدامها، الذي قد لا يكون له علاقة على الإطلاق بموضوع الخلاص. كل كلمة في الموضوعات اللاهوتية تحتاج إلى عمق في فهمها، لأن لفظة قد تختلف تمامًا تمامًا عن لفظة أخرى. ومن له أذنان للسمع فليسمع (لو 14: 35). |
||||
|