منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 26 - 06 - 2014, 02:22 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,257,123

ميلاديات


مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي


لم يكن ميلاد المسيح مجرّد حدث عظيم تناقلته البشريّة في مؤلفاتها التاريخيّة وسطرته أقلام المسيحيين في كتاباتهم التقويّة. ولم يكن مقدم المسيح هو إعلان عن مولد ملك يحمل الرفاهيّة لشعوب ترزح تحت سطوة الفقر والفاقة والمرض والشقاء. ولكنه كان الحدث الذي أدخل الفرح من جديد للكيان البشري المنهار من قسوة العبوديّة تحت سلطان الموت وإمرة الشيطان وأصفاد الخطيئة؛ فالشعب الجالس في الظلمة أبصر نورًا عظيمًا وتناقل الفضاء أصوات الملائكة بالفرح العظيم الذي لامس الأرض البشريّة الجدبة، وأصبحت الحياة -بعد مولد المسيح- هي احتفالية إنسانيّة / إلهيّة، بالتصالح الذي تمّ بتجسد الابن الوحيد، مخلِّص العالم. وهو ما دعا القديس كليمندس ليقول في كتابه المتفرقات (Strom. vii, 49) بأنّ: [كلّ هذه الحياة بمثابة احتفاليّة مقدّسةΑπας δὲ ὁ βὶος πανὴγυρις ἁγὶα]. إنّها احتفالية بالنور الذي بدَّد غياهب الظلمة والحق الذي حرَّر الوعي الإنساني من ضبابية الباطل وزيف المسلمات البشريّة. من هنا كان الفرح المسيحي هو التعبير الصادق عن الوعي بما تمّ بتجسُّد المسيح.

إنّ ميلاد المسيح هو الحدث الذي رفع أعين البشريّة نحو الملكوت الغائب عن واقع البشر، وهو الذي دفعهم لتبني أعين اسخاطولوجيّة ترصد ببصيرة ممسوحة بالروح، ما لا تره عين، لأن قياسها تحرَّر من مركزيّة المادة والزمن، وأصبحت تشخص في الأبديّة كما لو كانت موطن سكناها الآني. لذا فإن هذا الميلاد قد قسَّم التاريخ إلى حقبتين؛ قبل الميلاد وبعد الميلاد، الحقبة الأولى هي حقبة الرموز والتساؤلات والحيرة، بينما الحقبة الثانية هي حقبة المعاينة والملامسة والسكنى الدائمة لله في الإنسان وللإنسان في ملكوت الله.
رد مع اقتباس
قديم 26 - 06 - 2014, 02:24 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,257,123

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي

ميلاديات -2

مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي
كان اختيار الرب يسوع مكان الميلاد وطريقة الميلاد ورفقة الميلاد مبادئ أراد أن يرسيها؛
فالحياة الجديدة لن تنسكب في الأواني المُذهّبة
ولن تتفتّح أزهارها تحت أضواء مصطنعة
ولن تُحقّق توقعات البشر بألوهة القوّة وتسامي الملوكيّة؛
فالمزود مبدأ
يبدأ في التثبُّت منذ الآن فصاعدًا كأحد أعمدة الإيمان الجديد.
لذا فإنّ مَنْ لم يستطِع اكتشاف المسيح ملكًا في قماط الطفولة في بيت لحم،
يصعب عليه الاعتراف بربوبيّته عند الصليب
  رد مع اقتباس
قديم 26 - 06 - 2014, 02:24 PM   رقم المشاركة : ( 3 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,257,123

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي

وقفة على أعتاب 2012
مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي

تمرّ السنون على قاطرة الأيام لتقرّبنا من يوم اللّقاء الأبدي يوم نجلس على مائدة الحمل، نتمتع بدفء معرفته، ومتعة الشخوص إلى وجهة، ورفقة أحبائه، ورفرفة روحه القدوس.
ها سنة جديدة تطلّ علينا، تبدأ في الخروج من شرنقة التاريخ لتسجل وجودنا في الحياة لعام آخر لعله يصير عام تلاقٍ مع المخلِّص.
مضى عام يحمل الكثير من الذكريات الأليمة، معبّأ برائحة الدماء، نقش في وجداننا مشاهد امتزج فيها حلم الحريّة بقساوة الإنسان؛ أيهما الإنسان فيهما؟؟ أهو الحالم بغدٍ أفضل، أم المقاوم للغد الأفضل؟؟ لا ندري. ولكن ندري شيئًا واحدًا أنه لكي يصير الإنسان حقيقةً إنسانًا عليه أن يلجأ إلى أصله ويبني جسور من الصلة بصورته الأولى، وما صورتنا إلاّ الربّ يسوع الذي جاء من أجلك ومن أجلي ليجمّل صورتنا التي شوهتها الخطيئة وقبّحها العالم الخاضع لسلطان الظلمة وصولجانها.
ليت العام الجديد يتحوَّل إلى وقتٍ مقبول نلتقي فيه رئيس الحياة ومليكها، نعبر معه وفيه وبه من الظلمة إلى النور، نصير وعاءً يسكب فيه من مجد قدرته حتى نستطيع أن نعلنه كلّ يوم أمام العالم كنور حقيقي يشرق للضالين وغير العارفين بسر الحياة وبسر الخلود في المسيح يسوع.
ليت طلبتنا تكون: معك لا نريد شيئًا على الأرض ومن أجلك نُمات كلّ النهار لكي تحيا أنت في قلوب لم تعرفك ولم يشرق عليها شمس برّك ولم تنعم بمعاينة وجهك الأبرع جمالاً من كلّ البشر.
إن وجدنا المسيح وأعدنا له مكانته كمركز لحياتنا أمكننا أن نبشر بموت الربّ ونعترف ونخبر ونشهد لقيامته فيعود كمركز للعالم عوضًا عن مركزيّة الشيطان الذي يدور حوله الملايين ليل نهار في أمل واهم من لحظة سعادة!!!
عام جديد.. رجاء جديد.. حياة جديدة.. إشراقة جديدة.. خبرة جديدة..
فالمسيح يجعل الكلّ جديدًا ويترك الأشياء العتيقة للشيخوخة والفناء وهو قائم يدعو: التفتوا إليّ واخلصوا. التفاته إلى المسيح قادرة أن تجعلنا من أتباع السيّد ومن بني النور والقيامة..
هلاّ قبلنا الدعوة في العام الجديد..
  رد مع اقتباس
قديم 26 - 06 - 2014, 02:25 PM   رقم المشاركة : ( 4 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,257,123

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي

رسالة إلى الله
مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي

إلى السيّد الأوحد المالك أبد الدهور على خليقة الوجود والمُعْلَن لنا بقوة البهاء الأزلي في وجه يسوع الكلمة بالروح الإلهي..
أمّا بعد،،
بعد الكثير من التفكير والمراجعة وجدت أنه يجب أن أقر أمامك بما يلي وذلك لشعوري بالحاجة إليك:
اعترف أمامك بعامي المنقضي الذي قضيته في تيه الحيرة بين قيام وتعثُّر، بين معاينة وعمى، بين اجتهاد وكسل، بين سير واستلقاء، بين خضوع وتمرُّد، بين تبعيّة وعودة إلى الوراء.. تلك كانت خطيئتي..
اعترف أني انشغلت عنك بما يقال عنك، دخلت في جدالات وحوارات وسجالات حوّلتك إلى فكرة ونظريّة، فأهنتك بتشييئك وأنت الذي كرمتني بتأنُّسك.. تلك كانت خطيئتي..
اعترف أني أبكمت صوت الروح في قلبي كثيرًا وهربت من ملاحقته بل وأغلقت عليه وتركته وسرت دونما روح في الكثير من الأيام والليالي وهناك بحثت عن سعادة فلم أجد إلا مرارة الوحدة وتبعات النشوة المؤلمة.. تلك كانت خطيئتي..
اعترف أني لم أقابل كلمتك بخضوع روحي بل أخضعت كلمتك لفكري وتحدثت عن ذاتي تحت ستار ثيابك لأنال مجدًّا عوضًا عنك وأُرفع على المنابر بدلاً منك.. تلك كانت خطيئتي..
اعترف أني أحببت العالم في الكثير من الأوقات وقد داعب قلبي ومشاعري بريقه.. أحببته.. أردت أن أضعه بجانبك في القلب، فإذ بك ترحل تاركًا قلبي للعالم الذي ظلّ يبرق ولكنه لا يهب حياة. أردت أن أسترجعك وأنا متشبّث به فلم تقبل، فصرخت وأنا أحتضنه فلم يصعد إليك صراخي، وحينما أنهكني العالم والصراخ، تركته وإذ بي أجدك بقربي تنير عالمي، ولكني انتصبت من جديد لأعاود الكرّة، أريدك مع العالم، تلك هي خطيئتي..
اعترف أني لم أروّض جسدي ولم أهذب إرادتي بعمل نعمتك، فكان سقوطي أكثر من قيامي، وكثيرًا ما صدّقت أنه ليس من فائدة.. فإرادتي الخائرة تملك مصيري.. كانت تلك خطيئتي..
اعترف أني كنت أعلّم بلهيب الروح وأنا في برودة الفتور أبني منزلي، وكنت أتعجب حينما أرى لهيبك يمسّ قلوب وأرواح وحيوات الكثيرين، فأراك عظيمًا وأراني ضئيلاً، وبينما كنت أطلب لهب الروح لم أهيئ له مذبحًا.. تلك كانت خطيئتي..
اعترف بأني كثيرًا ما كنت أتحرّك بقواي ومواهبي وملكاتي وقدراتي، والتي كانت تحقّق قدرًا من النجاح الظاهر، بينما في الداخل، في الخفاء، كنت أعاين الوهن والشيب يدبّ في أوصال نفسي. لم أكن أداة في يدك كلّ الوقت.. تلك كانت خطيئتي..
اعترف بأني أخفقت في الإعلان عنك كنور للأمم وملح للأرض.. انشغلت بذاتي عوضًا عن إعلانك.. خفت من الحديث عنك، وكلما هممت بالحديث كان الخوف يمسك فمي ويكبّل لساني فإذ بالصمت يتسيّدني، بل وقد علمّت بأنّ صمتي هو حكمة!!! تلك كانت خطيئتي..
اعترف بأني كنت أميل لفرق وأشخاص على حساب آخرين، أدخلت التحزُّب إلى جسدك، وكنت أبرّر مواقفي بأني أصرخ بالحق، وصوت الحقّ مني براء.. صرخت بحقّ ليس فيه محبّة ففارقني إله المحبّة ولم أجد في النهاية سوى كلمات.. تلك كانت خطيئتي..
اعترف بتحجّري في مواقفي وقناعاتي وعدم قدرتي على الحوار مع آخرين.. جلست ونسجت من عالمي محورًا تدور أنت فيه!! فأقصيت الكثيرين وأدنت الكثيرين وأغلقت طاقات النور عن كثيرين لا لشيء إلاّ لأن تلك هي خبرتي.. تلك كانت خطيئتي..
وبعد كلّ هذا.. أتراك تقبل أن تجدد عهد نعمتك مع آنية كثيرًا ما تحوّلت عن نعمتك؟؟
انتظر الجواب في أقرب فرصة.. فالليل قد تناهى وتقارب النهار.. فلا تؤخّر ردّك فأنا في الانتظار..
_____
إن كنت تشاركني رسالتي.. ابعث بها لله في صلاتك وشارك آخرين..
  رد مع اقتباس
قديم 26 - 06 - 2014, 02:26 PM   رقم المشاركة : ( 5 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,257,123

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي

وطني!!!!
مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي

ها الشيطان يتراقص بين الأشلاء..
يعبث بحمرة الدماء..
يلطخ طهر الحياة بحفيف سمّه فيسري الموت.. ولا عزاء
إلى متى يرتفع صوت القباحة ويرفل في ثوب خبثٍ
ومن خلف قناع لطفه يأتي الشقاء..
تآمروا على وطنٍ ظنناه وليدًا فوجدناه مشوّهًا كسيحًا، فراش مهده بلون الدماء
وطني عصفورٌ.. غرّد من فوق أشجار الحضارة وقت لم يكن في العالم صوت ولا شموخ إنسانيّة ولا إباء
وطني جريح.. جراحه من نصل خنجر سحق في قلب حالمٍ حلم البقاء
وطني أنينٌ.. أنّاته صرخات أمٍ بحثت بين جثث الظلمة عن ابن الضياء
وطني دامعٌ.. عبراته صياح ليل: كفى، من لي بفجرٍ وشمس الشفاء
وطني فريسة.. أعداؤه جهل وفقر ودين لا يعرف من الحياة إلاّ الحياء
وطني أين أنت فأنا في اشتياقٍ.. وما بلسم الشوق إلاّ العناق..
  رد مع اقتباس
قديم 26 - 06 - 2014, 02:27 PM   رقم المشاركة : ( 6 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,257,123

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي

إلى أين تنظر
مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي

تتحدّث في الكثير من الأحيان عن يأسك وحزنك من إمكانيّة التغيُّر لأنك دائمًا تنظر إلى ثوبك فقط ذاك الذي لا يبقى نظيفًا، فهناك عدو واقف على الدوام يلقي بالأقذار عليه حتى لا تصدّق أن طهارة الثوب ممكنة.
دعني أهمس في أذنك أنّ الإشكاليّة الأساسيّة ليست في الثوب ولكن في وجهة النظر. إن كنت ناظرًا إلى ثوبك فقط ستصاب بالإحباط على الدوام، ولكن إن نظرت لإمكانيات المسيح المسخّرة لك للانتصار، وإن نظرت إلى الملائكة والقديسين المتأهبون لعونك وسندك، وإن نظرت للعابرين إلى حضن يسوع المتّسع، من كلّ الأمم والقبائل واللّغات، بل ومن مدن الخطيئة والمجون والعصيان، وقتها ستدرك أنّ النصرة أقرب إليك ممّا تتصوّر، وستتشجّع في الحرب وتسير على الدرب غير عابئ بما يلقيه العدو لأنك تعاين التطهُّر أثناء المسيرة نفسها.
دورك أن تسير ولا تتوقّف قط مهما كان الثوب ملطّخ بالأخطاء والخطايا، فالسير يعني أنك لست قانعًا بتلك الحالة وأن وجهتك هي وجه المسيح المشرق بالحبّ والغفران والذي يمد يده لك ليمسح ثوبك في حنوٍ أبوي لا يمل ولا ييأس ولا يستنكف من هول القذارة على ثياب عرسك.
إنه يهبك كل يوم حياة لتُجدِّد مسيرتك إليه وبه وفيه، وهو يُجدِّد معك عهد الحب والمعونة والتطهير من كلّ ما يلصق بك أثناء المسير.
ألا تسمع النداء الذي يصدح في القداس الإلهي عن جسد/دم الربّ يسوع: “يعطى لمغفرة الخطايا”. إنّ جسد الربّ ودمه مقدّمان على المذبح لك أنت، لمحو خطيئتك أنت مهما كانت، ومن ثمّ الثبات فيه، فقط إن رأى منك اقترابًا بشوق الحنين إلى بيت الآب. لا تتجاوز هذا النداء وادخل لتنال الحياة والثبات لتخرج وتشهد لذاك الذي يجدِّد معك العهد كلّ يوم بل وكلّ لحظة في الحياة.
كان القديس أنطونيوس يتساءل على الدوام: ماذا يمكن أن أقدم لله عوض كل إحساناته؟؟ وكانت تقدمته هي الحبّ في صورة صوم من أجل انطلاق الروح، أو صلاة من أجل لقاء الروح، أو ركوع من أجل السجود بالروح. كان يقدّم حبًّا عاملاً لا حبًّا كلاميًّا ونظريًّا. كلمات القديس بولس كانت ترن في أذنه التي قال فيها: « فأطلب إليكم أيها الأخوة برأفة الله أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حيّة مقدّسة مرضيّة عند الله عبادتكم العقليّة » (رو12: 1) فلا أقل من ذبيحة تقدّم على مذبح الحبّ كل يوم وإن كانت لا ترقى للذبيحة التي قدمت من أجلك لكيما تنال فيه بر الله. نعم قدّم المسيح ذبيحة تكفيك على الدوام ولكنها تنتظر القبول الفاعل، عليك أن تُقدّم تعبير قبولك وحبّك. إن قدّمت الفتات أهنت ذبيحته الكاملة، وإن قدّمت الكلّ كان هذا إعلانًا أنك تؤمن بفدائه وبأن الحياة معه أسمى من كلّ حياة. تقدمة جسدك (كما ورد في الآية السابقة) تعني كلّ ما فيك؛ قلبك وفكرك ومشاعرك وأفكارك وآمالك وطموحاتك وحاضرك ومستقبلك وإمكانياتك ومواهبك وكلماتك وعلاقتك.. كلّ شيء تضعه في يديه، بهذا يمكن للذبيحة أن تصير مقدّسة لأنّ الروح القدس وقتها سيأتي كنارٍ ويصعد ذبيحتك، المستندة على ذبيحة المسيح، رائحة سرور ورضَى ومسرّة أمام الآب. حينئذٍ يمكنك أن تُقدّم له العبادة العاقلة وتخدمه بالروح طوال أيام حياتك، لأنّ فيه صارت لك الحياة، ولسانك يتهلّل: لي الحياة هي المسيح.. لي الحياة هي المسيح.. ما أجملها حياة لأنّها دائمة إلى الأبد.
أنت هو الحياة
وإن طلبت حياة من عالمٍ لا يعطي حياة
تهت بعيدًا عن النبع الوحيد القادر أن يروي ظمأى من مياه الحياة
ويشبع جوعي من خبز الحياة..
  رد مع اقتباس
قديم 26 - 06 - 2014, 02:29 PM   رقم المشاركة : ( 7 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,257,123

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي

ليتورجيتنا وإبداعات الإيمان -1
مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي

قليلاً ما نتحدّث حول الجمال اللّيتورجي في كنيستنا السكندريّة الثقافة، المرقسيّة التسليم، القبطيّة التاريخ، الأرثوذكسيّة الإيمان. كثيرًا ما نختزله في نغمةٍ! إلاّ أنّ الجمال اللّيتورجي يتعدّى نغمة تهتز لها النفس طربًا إلى معنى مُرتّل يُغيّر النفس لتلتقي المسيح في حضرة سمائيّة تشعر بألفة معها كما لعائلة بيت الله كما يكتب القديس بولس. أن نكون معًا في الحضور الإلهي هذا هو المعنى الأصيل للّيتورجيّة. وحينما نجتمع بقلب واحد وعلى إيمانٍ واحد بل متطلّعين إلى الرجاء الواحد، يأتي الله الذي يتناغم حضوره مع الوحدانيّة. فالله لا يُقدِّس التشرذم الإيماني ولا يُبارِك على الانقسام الجماعي بحضوره الفاعل؛ إنّه إله الوحدانيّة التي يتناغم فيها أقانيم الثالوث في حبِّ.
نجتمع معًا ولا يملك علينا سوى شوق التغيُّر إلى تلك الصورة عينها صورة يسوع محبوب النفس الذي بإمكانه وحده أن يُجمِّل كلّ قبحٍ رسمه العالم والشرير على صورتنا الأصليّة الإلهيّة.
نجتمع معًا في تضرُّع أن يسكب علينا الروح الواحد فنتّحد في الحبّ لنخرج للعالم في وحدانيّة الحب نكرز لهم بجمالٍ لا يمكن استحضاره من بيوت التجميل؛ هو جمال الروح الوديعة الهادئة الصافية المحدِّقة في شوقٍ إلى العلاء تتنسّم رائحة المسيح الذكيّة التي يجلبها الروح القدس وتعيد انتاجها في العالم حيّة بشهادة الفضيلة.
في عالمٍ لم يَعُد فيه من إمكانيّة توحُّد ولو حول مائدة عائليّة، تدعونا الكنيسة لنتّحد معًا في خبز التسبيح الذي يرفعنا فوق العالم الحاضر ويثبِّت وجوهنا إلى أورشليم العليا أمّنا جميعًا. وبينما نتغذّى معًا على خبز التسبيح الذي يتحوَّل إلى شهد العسل في القلوب التائبة والمنكسرة تحت أقدام المُخلِّص، يقدِّم الله لنا أثمن ما في الوجود، يقدِّم ذاته، ليرفعنا فوق الوجود المادّي. يقدِّم ذاته في كسرةٍ من خبزٍ ورشفةٍ من كأسٍ، تحمل سرّ الحياة، وتُغيّر الحياة. خبز التسبيح اللّيتورجي لا ينفصل عن خبز الحياة المأكول في شوق الحبّ.
ليتورجيتنا يستشعرها القلب المترّجي الله في توبة. كلّ كبرياء وذاتية تأنف من الحضور للاجتماع اللّيتورجي جملةً إذ يضع الإنسان أمام حالة من السكينة الضاغطة على قلب الإنسان المعاصر والذي يفرّ بكلّ ما يملك من تلك القوة ليتجنّب تلك السكينة المؤلمة. نعم السكينة مؤلمة لأنّها فاضحة لخواء الإنسان. هي أشبه بتوقُّف المُخدِّر لمريض جراحه متقيّحة، يغيب الألم مع المخدِّر ولكن توقُّف المخدِّر يجعل من أنينه صدّاحًا حتى إلى عنان السماء.
السكينة اللّيتورجيّة ليست نتاج نغمات خارجيّة بقدر ما هي سكينة حضور روح الله الوديع للروح الإنسانيّة والذي يجعلها تنصت لصوت الله الشافي العذب الذي يأتي كما من نسيمٍ رطب على وجهٍ لفحته شمس الظهيرة.
كلّ صخبٍ ليس من اللّيتورجيّة القبطيّة في شيء؛ فإن جاز لنا أن نشير إلى ميزة رئيسة للّيتورجيّة القبطيّة عن الكثير من ليتورجيات الكنائس الأخرى، نجد أنّ الخشوع الصوتي واللّحني الذي يستحضر اتّضاع الإنسان أمام الله لينال منه ملء قوّته فيخرج من الصلاة اللّيتورجيّة مسيحيًّا فتيًّا بالمسيح لا بذاته.
إلاّ إننا كثيرًا ما نتوقّف عند اللّحن اللّيتورجي وجماله لأنّ الصوت بطبيعته تستقبله إحدى الحواس الأكثر تأثيرًا في النفس؛ حاسّة السمع. بيد أنّه علينا بنفس القدر أن نكتشف الجمال اللّيتورجي في النصّ وما به من مدلولالات ومعانٍ وجمالات ترفع النفس إلى مواجهة الحبّ مع الله الثالوث. هذا يتطلّب فقط أن يكون الإنسان في حالة احتياج لله شاعرًا بهشاشته ويكون في الوقت عينه غير مكتفٍ بذاته.
المعاني تؤسِّس للإيمان وهو ما يجب أن ننتبه له إذ أن إيماننا يتشكّل من المعاني التي تذخر بها عبادتنا اللّيتورجيّة أو عبادتنا الشخصيّة التي أوصت بها الكنيسة من نسيج الإنجيل وليس من موضع آخر. التغرُّب عن المعنى يؤدِّي إلى اغتراب عن الإيمان الذي يُميِّز حسّ الجماعة الكنسيّة من نحو الله. ليتنا نتوقّف عند المعاني اللّيتورجيّة بالكثير من التأمُّل والتمعُّن والفهم ولكن الأهم بالكثير من الصلاة؛ فالصلاة هي التي تبقينا في حالة الاتضاع والذي يكرِّس الاتّصال بيننا وبين الله لننال البصيرة وننعم بدفء النور.
هبنا أيها الآب السماوي اتضاع الحبّ
لننال من ملء قوّتك التي ترفعنا فوق أركان العالم الزائل
إلى أعمدة عرشك الإلهي فوق الزمني
لك المجد مع الابن الحبيب والروح المحيي.
أمين.
  رد مع اقتباس
قديم 26 - 06 - 2014, 02:35 PM   رقم المشاركة : ( 8 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,257,123

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي

قام لنقوم..
مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي

«بقوَّة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الربِّ يسوع»
(أع 4: 33)
هكذا دوَّن لنا سفر الأعمال فحوى الرسالة الكرازيّة التي انطلقت من أروقة أورشليم اليهوديّة لتزلزل المسكونة كلّها. القيامة هي لُغة إيماننا المسيحي بل ومنطقه، فهي معنيّة بحياتنا وكرازتنا. فالعالم لم يكن ليؤمن بإله مصلوب دونما قيامة، إنّها برهان فاعليّة الصليب. من جهةٍ أخرى، بدون القيامة نفقد قيامتنا الذاتيّة من انطراح الموت وسقطة الفناء والفساد الذي ألمّ بنا جرَّاء الخطيئة. نحن لا نؤمن بقيامة المسيح كإعجاب وانبهار بحدثٍ بطولي أشبه بمشاهد الدراما الأسطوريّة التي ينتصر في نهايتها البطل؛ كما حدث مع رومولوس الذي أسَّس مدينة روما وملك عليها (مدينة الله للقديس أغسطينوس: مجلّد3، كتاب 22، 6) فضُمَّ إلى مجمع الآلهة الرومانيّة، ولا كديونيسيوس بن زفس الذي قيل إنّه صعد إلى السماء بعد أنْ قُطِّع إربًا إربًا (الدفاع الأوّل عن المسيحيين للقديس يوستينوس، 54). إيماننا بالقيامة هو تلامسنا مع القيامة. فنحن لسنا مشاهدو الحدث ولكننا أطرافه؛ فجسد المسيح القائم من القبر حُمِلَت فيه الطبيعة البشريّة جُملةً، ليقوم بها، بقوة لاهوته، مُقدِّمًا إياها للآب، كطبيعة قائمة. لذا، فإنّ احتفالنا بالقيامة هو في واقعه احتفال بنجاتنا من الفخ الذي نُصب ليتصيَّدنا للهاوية.
المسيح قام، هذه نصف الحقيقة؛ إنه قام، لنقوم فيه، هذا هو النصف الآخر. وانطلاقًا من قيامة المسيح تستمد توبتنا شعلتها على الدوام دونما توقُّف. إنْ لم يكن المسيح قد قام فباطلة توبتنا وباطل سعينا للتحرُّر. هنا يلتقي اللاّهوت بالحياة. فالرجاء المسيحي والممارسة النسكيّة والسرائريّة تُبنى على وعي لاهوتي بحدث القيامة، الذي لولاه لما أمكننا معاودة التواصل مع الآب بعد خطايانا وآثامنا. المسيح قائمٌ كقوَّة تدفع الخائر على طريق الحياة الجديدة وتهب الرجاء لطرحَى الخطيئة. المسيح قائمٌ بنورٍ لا يخبو، كما هو منذ دحرجة القبر، ليُشجِّعنا على دحرجة حجارة قبورنا الذاتيّة.
إنْ كان الموت هو الفعل المُحرِّر فإنّ القيامة هي الحركة الأولى نحو العالم الجديد، إنّها الانتقال من المعرفة الإيمانيّة إلى المشاهدة والمعاينة. وانطلاقًا من المشاهدة التي رصدها لنا الإنجيليون بُني الإيمان المسيحي. وكأننا أمام ثلاث مراحل؛ بدأَت بالمعرفة الإيمانيّة الاستباقيّة (النبويّة)، حتّى كانت القيامة، والتي منها انطلق الإيمان، لا كرؤية استباقيّة، ولكن كرؤية مُحقَّقة في الزمان الحاضر، كعربون لملكوت الله.
ولكن، الإيمان المُستنِد على ضوء القيامة كان ولا يزال مُضطَّهدًا مُتألِّمًا مرفوضًا ممّن تمركزوا حول الجسد الفاسد والفاني. ويكتب القديس أغسطينوس في مؤلَّفه “مدينة الله” (مجلّد3، كتاب 22، 7) حول العَلاقة بين الإيمان القيامي واضطهاده وبين انتشاره وقبوله، فيقول: “وهكذا، وبالرغم من الاضطهادات العنيفة والرهيبة، فقد أصبحت قيامة المسيح بالجسد ودخوله المجد الأبدي.. موضوعَ إيمانٍ عميق ورسالةً جريئةً وبذارًا كُتب له أنْ يُخصب ويُكثِّر، في كلّ الأرضِ، دم الشهداء؛ لأنّ ما حكَى عنه الأنبياء، في العهد القديم، شهدت له المعجزات، حتّى ظهرت الحقيقة عينها، مناقضة للعادة، أكثر ممّا هي مناقضة للعقل، فاعتنق الكون، بإيمانٍ، ما كان يضطهده، بغضبٍ”.
  رد مع اقتباس
قديم 26 - 06 - 2014, 02:36 PM   رقم المشاركة : ( 9 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,257,123

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي

صلاة يسوع
مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي

يا ربّي يسوع المسيح ابن الله الحي ارحمني أنا الخاطئ
الحديث عن اسم يسوع هو حديث يملأه الشوق بل ويسكب في القلب نورًا فيّاضًا يجعل من الحديث لمسة من الصلاة.
فاسم يسوع هو الاسم الحلو الذي نقل إلينا التعبير عن العلاقة الجديدة بيننا وبين الله. انطلاقتنا نحو الله على وقع خفقات القلب المتجدِّد بالحبّ الإلهي تبدأ من نقطة في الزمن تمّ بها الخلاص بل ومن خلال تلك اللحظة انفتحت نافذة على الأفق الزمني لتأخذ المسيحي إلى مدار من النور الإلهي الذي يشعّ على القلب سكينة وسلام وتصالح وتناغم مع كلّ الكون والخليقة.
منذ إعلان الملاك للفتاة العذراء مريم أنّها ستلد ابنًا ويدعى اسمه يسوع، بتعيين من الله، إذ يخلِّص شعبه (أي كلّ من يقبله) من خطاياهم، وبدأت البشريّة في خبرة جديدة، إمكانيّة جديدة أصبحت حاضرة فيمن يقبل يسوع إلهًا، إمكانيّة البدء في الحياة الأبديّة! نعم فالحياة الأبديّة التي كانت طموحًا أبعد من خيال البشريّة أصبحت واقعًا وحقيقة في وجه يسوع. عبّر يوحنا عنها بالمشاهدة والسمع اللّمس للحياة الأبديّة المشخصنة في يسوع.
كانت الحياة الأخرى في الأدبيات الدينيّة القديمة حالة يكتنفها الغموض، مكان آخر دون ماهيّة واضحة. في مَقْدِم يسوع إلى عالمنا عرفنا أن الحياة الأبديّة هي شخص، الأبديّة مشخصنة، كما أعلن لنا أنّ الحق ليس مجموعة من الأفكار وليس نسقًا معرفيًّا ولا استدلالات عقليّة، الحقّ شخص؛ “أنا هو الحقّ”. معرفة الحقّ إذًا هي إقامة علاقة مع المسيح، لا طريق آخر.
والحقّ ينسكب من قلب تلك العلاقة، في لحظات استعلان للروح المُتطهِّرة بالحبِّ الذي يجعلها تركع في الحضور الإلهي مُقرِّةً بوهنها الشديد وملتمسةً القيامة.
كلّ روح تتلمّس القيام راكعة بسكيب قلبي تؤهَّل لكلمات المسيح: “لك أقول قم”. القيامة ليست إلاّ لمن يجتاز الموت وهكذا قيامتنا الروحيّة التي هي أثمن طلبة نلتمسها ليل نهار، لن تأت لمن أقام ذاته بالعالم، المائت عن العالم في لحظة صلاة وحده من يمكنه أن يستمع لصوتٍ كما لرعدٍ مدوٍ يدعو المائتين إلى قيامة الحياة.
الاسم له قيمة كبرى في الحياة إذ يدلّ على ماهيّة الإنسان، أو هكذا كان في العالم القديم. اسم يسوع يعادل بالنسبة لنا قوّة وفعل خلاصه. مناجاة الاسم هو استحضار لدفقة الخلاص من الصليب إلى قلوبنا. بدون الخلاص ليست لنا حياة فينا. وبدون يسوع لا يمكننا أن ننجو من العالم الحاضر الشرير.
اسم يسوع ينقل لنا صورته الإلهيّة، إذ نتغيّر إلى تلك الصورة عينها من مجدٍ إلى مجدٍ. فالنطق باسم يسوع لمن حفظ وصاياه طيلة النهار، يحوّل بشريتنا المائتة إلى صورة البهاء والحسن الأبدي، إذ أنّ الصورة الإلهيّة هي وعي وحريّة، نتقبّل من المسيح حريّة حقيقيّة وليست زائفة كالتي يعكف العالم أن يلقينا بين أذرعها الملوّثة.
حريّة العالم تنقل لنا صورة العالم وتجعل من قسمات الروح بها نسمة من العالم المائت، فتصير روح الإنسان شاحبة مشوّشة مضطربة قلقة حائرة، هذا هو العالم وتلك صورته، فالعالم لا يملك إلاّ بحر من قلق لينقله للنفس الإنسانيّة.
ولكن حينما يتحوّل المسيحي نحو الله مناجيَّا اسم يسوع يأتي الروح ليُجمِّل الروح القلقة وينزع عنها القلق ويهدهدها بلطفٍ فائق ويلقي على مسامعها كلمات الخلاص بحسٍ هادئٍ يُسكِّن النفس ويسكنها، ثم يبدأ في سكب دفقات من السلام في الروح الإنسانيّة، وقتها يتعرَّف الإنسان على خديعة القناع العالمي ويدرك أن هناك أصلاً آخر غير الذي اعتاده، هذا الأصل هو التعبير الأمثل عن إنسانيّته بل هو المخرج الوحيد لمأزقه الوجودي، ففيه يُحقّق إنسانيّته المفقودة، ويرى كما في مرآة إمكانيّات هائلة تبرز في لحظات ملء الروح وفيضه.
يا ربّي يسوع المسيح ابن الله الحي ارحمني أنا الخاطئ
  رد مع اقتباس
قديم 26 - 06 - 2014, 02:37 PM   رقم المشاركة : ( 10 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,257,123

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي

ليتورجيتنا وإبداعات الإيمان -2
مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي

طلبة البار تقتدر كثيرًا في فعلها، تلك كلمات القديس يعقوب في رسالته (5: 16)، وهي حقيقة اختبرتها الكنيسة بعمق عبر العصور والأجيال. فكلّ من تبرّر بدماء المخلِّص وقدّم حياته ذبيحة له متجرّدة من الذات، صار من الأبرار الذين لهم دالة عنده.
إنّهم يسيرون حول عرشه كأبناء في بيت أبيهم، كلّ ما يسألونه في الصلاة ينالونه. إن كانت تلك الطلبة التي رفعها الربّ يسوع من أجل أولئك الذين يحيون على الأرض، إن كانت صلاتهم بإيمان تحقِّق لهم ما يطلبونه فكم وكم تكون فاعليّة الصلاة هناك بقرب العرش ومن أولئك الذين اكتسوا بالتمام برداء البرّ الذي لا تقربه شوائب الخطيئة بعد.
طلبة البار قادرة فلا تحارب وحدك، لا تتّكل على قواك وطلباتك وحدك مهما كانت صادقة وفاعلة وقويّة، استخدم كلّ وسائل ووسائط النصرة لكيما تتحرّك بقوّة نحو إكليل الغلبة. تحصّن بأولئك الذين تعكس نفوسهم مجد الخلاص وقد صار الله مُمّجدًا فيهم.
لك سحابة من الشهود فلما لا تستظل بها من لفحات الظهيرة، لماذا تحيا في صراع الشكوك مع أنّ نظرة خاطفة لسحابة الشهود تزيل الشكوك من جذورها وتحُرِّر أرضك من زوانها لتبذر بذار الملكوت.
لا تستبدل نداءك ليسوع بندائك لآخر ولكن دعِّم نداءك له بندائك لمحبيه وللقريبين منه. ليتك تشعر بمفهوم العائلة السماويّة ولا تدخل في بدليات يسوع أم آخر. فكلّ صلاة من أبنائه هي قوّة لصلاتك المرفوعة للربّ يسوع، فلا ترسل صلاة خافتة بل دعّمها بتضرُعات محفل ينتظر أن يرفع صلاتك كبخور أمام العرش.
شارك الجموع المصليّة في اللّيتورجيا تضرُّعها من أجل صلوات وشفاعات خاصّة تقدّمها والدة الإله البتول مريم عن كلّ من يسألها. هي لا ترفض طلبة الخاطئ بل ترفعها إلى ابنها الحبيب متوسّلة من أجل شفائك. هي أمٌ أحشاؤها مليئة بالرحمة والحبّ والحنان، لا تحتمل ألم متوسِّل إلى الابن الحبيب إلّا ودعمته بحنو الأمومة.
إذ ليس لنا دالّة ولا حّجة ولا معذرة من أجل كثرة خطايانا.
نحن بك نتوسّل إلى الذي وُلد منك يا والدة الإله العذراء
لأنّ كثيرة هي شفاعتك ومقبولة عند مخلِّصنا
أيّتها الأم الطاهرة
لا ترفضي الخطاة من شفاعتك عند الذي ولد منك لأنّه رحومٌ وقادرٌ على خلاصنا
(قطعة 3 / صلاة الساعة السادسة)
كلّما زاد عدّد المصلين لأجلك في وجعك، من السمائيين، كلّما كنت أقرب إلى الصحّة. احشد الجمع السمائي؛ نادِ ربوات الملائكة ورؤساء الملائكة والشهداء والمعترفين والرسل والمبشرين والإنجيليين وآباء البريّة، اطلب منهم صلاة عنك وعن وجعك. اطلب أن تشاركهم مائدة الحمل في أورشليم العليا في ذلك الموضع الذي هرب منه الحزن والكآبة والتنهّد في نور القديسين. ادفع أشواقك إلى فوق في الهيتنيّات (في القدّاس الإلهي) لأنّها فترة لحشد متضرّعين عنك.
تذكّر أولئك الذين دلّوا المفلوج على فراشٍ من ثقبٍ أمام يسوع، وكان شفاؤه من أجل إيمان أولئك المخلصين الذي وثقوا أنه مجرّد النزول أمام يسوع يعادل الشفاء. صدّق أنّهم قادرون أن يضعوك أمام يسوع حتى يتحرّكوا من أجلك. إن رفض المفلوج ما كان يفعله أصدقاؤه ما كان له بملاقاة الربّ يسوع وما كان له بالشفاء. حمّلهم بالصلاة أمام العرش حتى يحملونك أمام العرش..
تذكَّر أنّه مجرّد ذكر اسم أحد الذين غلبوا العالم وانتصروا في معركة الوجود الأرضي ونالوا الإكليل السمائي هو أمر مرعب للشياطين لأنّهم ذكرى فشل للشيطان وانفلات من قبضته لذا فإنّ تذكار القديسين هو إعلان أنّ النصرة للمسيح وأنه غلب العالم في أولئك الذين تبعوه إلى النهاية وأنّ خدعة الشيطان بأنه لا أمل في الإصلاح هي ادّعاء تقوِّضه حياة القديسين. شارك في نطق أسماء القديسين في الهيتنيات والذوكصولوجيّات والمجمع حتى تعلن أنّك تنتمي لهؤلاء المنتصرين وأنّهم عائلتك الجديدة وسندك الأكيد أمام عرش النعمة.
خاطب بقلبك وبصوتك بل وبعينيك أيقونات القدّيسين، اسبح في المجد والأفراح الأبديّة معهم وقل لهم أريد أن أشفى وليس لي أحد يلقيني في البركة. دعهم ينادون يسوع من أجلك. كلّما صدق قلبك في نداء جموع السمائيين كلّما ارتفعت التضرّعات بقوّة عنك.. ليأت يسوع وتشفى.
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
نحتفي بك،، أبونا الراهب سارافيم البرموسي
- قام لنقوم.. مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي
العبث بالعقول ( أبونا الراهب سارافيم البرموسي )
اللاّوعي والإدانة (أبونا الراهب سارافيم البرموسي)
ميلاديات أبونا الراهب سارافيم البرموسي


الساعة الآن 07:20 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024