05 - 06 - 2015, 03:43 PM | رقم المشاركة : ( 7921 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القديس أنبا يوأنس القصير سيرة عطرة سيرة هذا القديس وقد قيل عنه: ” أنه ارتفع كثيرًا في نقاوة قلبه وإتضاعه الحقيقي أفضل من الكل، حتى أنه علق شيهيت كلها على أصبعه “. نشأته : وُلد هذا القديس سنة 339م ببلدة طيبة بالصعيد من عائلة فقيرة، وكان أبواه تقيين جدًا وكان له أخ أكبر، صار فيما بعد راهبًا فاضلاً أيضًا وقد شعر يوحنا بالدعوة السماوية وهو في الثامنة عشر من عمره، فقام لفوره وذهب إلى القديس بموا، ورجا منه أن يتخذه تلميذًا له. وإذ رأى الأنبا بموا حداثة سنّه طلب منه التريّث لعلّه لا يحتمل الجهاد وشقاء الحياة النسكية، ولكن يوأنس أجابه أنه على استعداد لطاعة معلمه في كل ما يأمره به. صلى الأنبا بموا وصام ثلاثة أيام قبل أن يقبله، وبعد هذه الأيام الثلاثة ظهر له ملاك الرب وقال له: ” الرب أرسل إليك هذا الأخ فاقبله، فإن قرنه سيرتفع بمجدٍ، وثمرته تكون بخورًا مقبولاً إلى جميع الأجيال “. فرح الأنبا بموا بهذه الإشارة الإلهية فرحًا عظيمًا ثم صلى وصام ثلاثة أيام أخرى ثم ألبس يوأنس الإسكيم، وكان ذلك في عام 357م. حياته الرهبانية : صومه وصلواته: درب نفسه أن يمسك لسانه وبطنه وقلبه من أجل محبته لله. كان ينقطع عن الطعام أحيانًا لمدة أسبوع، وإذا أكل لا يملأ معدته بالخبز وقد ارتبط صومه بصلواته، فكان دائم الصلاة في مغارة تحت الأرض. أنبا يوأنس والتأمل: كان مشغولاً على الدوام بالتأمل في الله، فلم يكن يفكر في أمرٍ ما في العالم. ففي يوم جاءه الجَمَّال ليحمل عمل يديه ويبيعه، فلما دخل ليحضر السلال كان مشغولاً بالتفكير حتى نسي الجمّال. قرع الجمّال الباب وتكرر الأمر، واضطر في المرة الثالثة أن يدخل قلايته وهو يكرر: ” السلال للجمّال، السلال للجمّال ” حتى لا ينشغل بالتأمل عن الجمَّال. مرة أخرى حدث هذا أيضًا مع أحد الاخوة، إذ قرع الأخ بابه للمرة الثالثة يطلب السلال، أمسك بيد الأخ وأدخله قلايته وقال له: ” خذ ما تريد وأمضِ، فإني مشغول الآن وغير متفرغ لك “. طاعته وتلمذته لمعلمه: وكان يوأنس مطيعًا لمعلمه طاعة تامة يؤدي كل ما يأمره به في رضا وسكون. وقد أراد معلمه ذات يوم أن يمتحنه، فأعطاه عودًا يابسًا وقال له: ” يا يوأنس ازرع هذه الشجرة “، فأخذها منه وزرعها على الفور وظل يسقيها ثلاث سنين. أزهر بعدها هذا العود اليابس، وتحول إلى شجرة باسقة مثمرة. وامتلأ بموا فرحًا بهذه الشجرة، وكان يقطف من ثمرها ويقدمه للاخوة قائلاً: ” ذوقوا وانظروا ما أشهى ثمرة الطاعة “، وقد ظلت تلك الشجرة قائمة بمنطقة دير الأنبا يحنس القمص ببرية شيهيت حتى وقت قريب، قيل أنها كانت موجودة إلى حوالي عام 1921م. حدث أنه كان يسكن أحد المقابر ضبعة ضارية. فسأله الأنبا بموا أن يمضي ويأتي بها، قائلاً له: ” إن أقبلتْ نحوك أربطها وقدها إلى هنا “. مضى الأنبا يوحنا القصير، وكان الوقت مساءً، فلما أقبلت نحوه الضبعة تقدم إليها فهربت منه فسار خلفها قائلاً: ” إن معلمي طلب مني أن أمسكك وأربطك ” فوقفت، وأمسك بها وربطها وأقبل بها إلى الشيخ، فتعجب الأنبا بموا. وإذ خشي عليه من الكبرياء قال له: ” لقد طلبت منك أن تحضر لي ضبعة، فمضيت واحضرت كلبًا “، وللحال امره بإطلاقها. ذات مرة ارسله أنبا بموا إلى البئر ليملأ جرة ماء، وكانت البئر بعيدة وعميقة، فلما وصل إلى البئر لم يجد حبلاً، وإذا كان ممتلئاً بإيمان عظيم قال بصوت عالٍ: أيتها البئر، إن أبي أرسلني وقال لي: املأ هذه الجرة ماءً. فللوقت صعد الماء إلى حافة البئر فملأ الجرة ثم عاد الماء إلى ما كان عليه! وقد قضى يوأنس في خدمة معلمه اثنتي عشرة سنة، وكان يرقد بجواره على الفراش ليستند عليه الشيخ في قيامه ورقاده ولشدة مرضه كان يبصق فكان البصاق يقع على تلميذه يوحنا الذي تعب معه كثيرًا وفي كل هذه المدة لم يسمع منه كلمة شكر ولما حانت ساعة انتقال المعلم جمع الاخوة وأمسك بيدي يوأنس وقال لهم: ” تمسكوا بهذا الأخ فإنه ملاك في جسم إنسان “، ثم التفت إلى يوأنس وقال: ” عِش في المكان الذي غرست فيه شجرة الطاعة “. تواضعه: كان يحسب نفسه أحقر الناس، لكن لا بروح اليأس بل بروح الرجاء في الله الذي يقيم المسكين من المزبلة، هذا التواضع المرتبط بروح التمييز رفع أعماقه ليصير أكثر قربًا من الله ويتمتع بغنى نعمة الله. سأله الأخوة مرة: ” يا أبانا، هل يجب أن نقرأ المزامير كثيرًا ؟ ” فأجابهم: ” إن الراهب لا تفيده القراءات والصلوات ما لم يكن متواضعًا، محبًا للفقراء والمساكين “. بسبب تواضعه قيل: ” إن يوحنا كان يحمل شيهيت كلها بتواضعه، كما يحمل الإنسان نقطة ماء على كفه “. كما قيل أنه بسبب تواضعه اجتذب قلوب الاخوة جميعًا، فأحبوه جدًا وكانوا على استعداد أن يعملوا كل ما يأمر به وبسبب تواضعه اختاره الآباء الشيوخ ليكون مرشدًا للقديس أرسانيوس معلم أولاد الملوك. امتاز بتواضعه الجم فاجتذب قلوب الاخوة جميعًا فأحبوه، وكانوا جميعًا على استعداد أن يعملوا كل ما يأمرهم به. وقد غمره الآب السماوي بفيض من عنايته جزاء له على جهاده المتواصل في سبيل الكمال، فتجلت هذه العناية أمام أحد الرهبان ذات يومٍ، إذ دخل عليه فوجده نائمًا ووجد عددًا من الملائكة يحيطون به ويرفرفون عليه بأجنحتهم. صبره وإحتماله للإهانات: أراد أبوه الروحي أن يختبره فأخرجه وقال له: ” لا أستطيع السكنى معك “، فكان كل يوم يطرده قائلاً له: ” اذهب من هنا “، أما القديس يحنس فكان يصنع مطانية بتواضع قائلاً: ” اغفر لي يا أبي فقد أخطأت “. وظل خارج الباب سبعة أيام وسبع ليالٍ، وفي يوم الأحد خرج أبوه قاصدًا الكنيسة، فرأى الملائكة تضع سبعة أكاليل نورانية فوق رأس الأنبا يحنس القصير، وللوقت أسرع إليه وقبله إليه بمحبةٍ وفرحٍ. التقى به أحد الشيوخ وهو في طريقه إلى الكنيسة فقال له: ” أرجع إلى مكانك يا قصير! ” وطرده، فعاد القديس إلى قلايته دون أن ينطق بكلمة. فتبعه الشيخ ومن معه ليروا ماذا يفعل، وعلى أثر دخوله القلاية فاحت رائحة البخور. وسمعوا من يقول له: “احفظ نفسك يا يوحنا وداوم على التواضع، لتكون خليلاً لابن الله” . تعجب الشيخ ومن معه، ومجدوا الله، وأدخلوا القديس الكنيسة بكرامة عظيمة. وحدث مرة أنه كان جالسًا مع الأخوة أمام الكنيسة وكان كل واحد منهم يكشف له أفكاره، فنظره أحد الشيوخ وقال له: ” يا يوحنا إنك ممتلئ سحرًا “. فقال: ” الأمر هكذا كما تقول يا أبتاه ولكنك بنيت حكمك هذا على ما نظرته في الظاهر، فما عساك كنت تقول لو علمت بالخفاء “. امتاز القديس يوأنس بصبر شبيه بصبر أيوب، إذ كان يتحمل كل ما يلاقيه من صعاب، ويتقبل أسئلة الرهبان ومناقشاتهم بصدر رحب، ولو كان فيها ما يوغر صدره. جاء شيخ يسأله، وكان كلما سأله عن موضوع يعود فينساه فيعاود السؤال. وبعد مدة خجل الشيخ منه ولم يذهب إليه لكي لا يضايقه بتكراره للأسئلة. التقى به القديس فسأله عن سبب انقطاعه، فأخبره عن السبب. عندئذ سأله أن يحضر شمعة ويوقدها ثم طلب منه أن يحضر شموعًا ويوقدها من الشمعة الأولى، بعد ذلك سأله: هل تظن أن الشمعة الأولى قد تأذت من هذه الشموع؟ وهل ضعف نورها؟ أجابه بالنفي، عندئذ قال له: هكذا لن يؤذيني سؤالك؛ وبالحقيقة لا حرج من ذلك، وإن جاءني جميع رهبان شيهيت، لأن تجمعهم حولي يزيدني من تقرّبي من الله. وهكذا استطاع أن يكسب الشيخ بصبره. هروبه من العثرة: خرج يومًا ومعه السلال ليبيعها في الريف فقابله الجمّال وحملها عنه. وفي الطريق سمع الجمّال يغني أغانٍ بذيئة، ورأى الشياطين حوله. لم ينطق بكلمة وإنما ترك السلال مع الجَمَّال وعاد إلى البرية. إنتصاره على الغضب: قال أنبا يوأنس : اني كنت ماضيًا مرة في طريق الأسقيط ومعي (القفف) محمولة على جمل وفجأة أبصرت الجمال وقد تحرك فيه الغضب، فتركت كل ما كان لي وهربت. مرة أخرى كان في الحصاد فأبصر أخًا قد غضب على آخر فهرب وترك الحصاد. مرة أخرى جاء إلى الكنيسة فسمع مجادلة في الكلام بين الأخوة فرجع إلى قلايته ودار حولها ثلاث دورات ثم عاد ودخل فيها، فسألوه لماذا فعلت ذلك ؟ فقال: إن صوت المجادلة كان لا يزال في أذني فقلت أخرجه من أذني قبل أن أدخل قلايتي كي يكون عقلي داخل القلاية نقيًا. محبته لخلاص الآخرين : تبقى توبة بائيسة شهادة حيّة لاهتمام هذا الراهب المنشغل بالتأمل في الإلهيات بخلاص النفوس. شفاء المرضى: نال من الله موهبة شفاء المرضى، فجاء في سيرته الآتي: في أحد الحقول التقى بفلاحٍ مُصاب بالبرص، وطلب منه أن يشفيه فأحضر ماءً وصلى عليه ورسمه باسم الثالوث القدوس، فشُفي الرجل ومجّد الله. التقى يومًا بسيدة عجوز طلبت منه خبزًا لها ولابنها الأعمى، فقدم لها كل ما لديه من خبز. وإذ قدمت إليه ابنها صليّ من أجله ورشم عينيه وللحال أبصر. مرة أخرى جاءته امرأة بها روح نجس كان يعذبها كثيرًا فتحنن عليها، وصلى من أجلها فخرج الروح منها وشُفيت. جاء في ذكصولوجية الأنبا يوأنس القصير: ” صرت ميناء خلاص، أقمت الأموات، وأخرجت الشياطين، وشفيت المرضى أيضًا. استحققت يا سيدي الأب أنبا يوأنس أن تجلس مع الرسل تدين جيلك “. علاقته بالأنبا بيشوي حبيب مخلصنا الصالح: القديس يحنس القصير هو الأخ الروحي للقديس أنبا بيشوي كوكب البرية، وقد تتلمذ كلاهما على يدي القديس الأنبا بموا القمص بشيهيت وبعد نياحة الأنبا بموا عاش يوأنس القصير مع الأنبا بيشوي بضع سنوات، ثم لاحظ يوأنس أن الأنبا بيشوي يميل إلى حياة العزلة فقال له: ” أرى أنك مشتاق إلى حياة العزلة مثلي، فهيّا نصلي معًا طالبين من الله الهداية “. فوقف كلاهما يصليان الليل كله، ولما حلّ الصباح ظهر لهما ملاك الرب وقال: “يا يوأنس ابقَ حيث أنت، أما أنت يا بيشوي فارحل من هنا وأقم في قلاية على مقربة من دير الأنبا مقاريوس الكبير حيث يباركك الرب ويوافيك باخوة كثيرين يسكنون معك “. فأطاع كلاهما الأمر، وبعد ذلك تجمع عدد وفير من الاخوة حول كل منهما واتخذوه لهم أبًا. سيامته قسًا ومعرفتة للخفايا: وفي إحدى زيارات البابا ثيؤفيلس البابا الثالث والعشرين لأديرة وادي النطرون سام يوأنس القصير قسًا، وعندما وضع البابا يده على رأس يوأنس سمع الحاضرون صوتًا من السماء يقول: ” أكسيوس ( مستحق ) “. وقد ميز الله قديسه يوحنا بمعرفة الخفايا فعندما كان يقدس الأسرار كان يعرف من يستحق التناول ومن لا يستحق ولهذا فإن كثيرون تابوا ورجعوا لله بكل قلوبهم. نياحته : لما أراد الله أن يريحه من متاعب هذه الحياة ظهر له القديسون الأنبا أنطونيوس والأنبا مقاريوس الكبير والأنبا باخوم وأعلموه بأنه سيرحل من هذا العلم الفاني، وفي اليوم التالي لهذه الرؤيا رأى تلميذه روحه الطاهرة صاعدة إلى العلاء تحيط به زمرة من ملائكة السماء. وقد تنيّح عام 409م تقريبًا، بالغًا السبعين من عمره. تمت معجزات كثيرة بعد نياحته مباشرة، منها أن أبوين طرحا ولدهما المفلوج على القديس فعوُفي وجرى وهو يمجّد الله. وقيل أن شابًا به روح نجس صرخ أثناء جنازته وقال: ” يا قصير، أتزعجني وتطردني من بيتي؟ ” ثم جرى وعانق الجسد، ثم سقط على الأرض وقام معافى. نُقل جسده إلى جبل القلزم بجوار السويس، ثم أعاده الرهبان إلى دير أبي مقار؛ ثم إلى ديره حتى تخرب فأعيد إلى دير القديس مقاريوس، ولا يزال محفوظًا مع أجساد الثلاثة مقارات القديسين. جاء في السنكسار الأثيوبي أن الأنبا مرقس خليفة الأنبا يوحنا الرابع أراد أن يكسو الجسد بأكفانٍ من حريرٍ، فما أن خلع عنه كفن الليف حتى حدثت زلزلة في الكنيسة وسقط بعض الرهبان والزوار، فأعاد البابا إليه كفنه الليف كما كان. تحتفل الكنيسة بعيد نياحته في 20 بابه، وتذكار وصول جسده إلى شيهيت في 29 مسرى. أقوال مأثورة للقديس أنبا يوأنس القصير: 1. لا يوجد شيء أنتن من الإنسان الخاطئ، فالحيوانات حفظت رتبتها، والإنسان الذي خُلق على صورة الله ومثاله لم يحفظ طقسه. 2. لا يُسر الشيطان بشيء مثل الإنسان الذي لا يكشف أفكاره ويعريها أمام أبيه. 3.إذا أراد ملك أن يأخذ مدينة الأعداء، فقبل كل شيء يقطع عنهم الشراب والطعام وبذلك يذلون فيخضعون له، هكذا آلام الجسد إذا ضيّق الإنسان على نفسه بالجوع والعطش تضعف وتتذلل له. 4. كن حزينًا على الذين هلكوا، كن رحيمًا على الذين طغوا، كن متألمًا مع المتألمين، مصليًا من أجل المخطئين. 5. التواضع ومخافة الرب هما أعظم جميع الفضائل. 6. الزم القراءة أفضل من كل عملٍ، لأنه ربما دار العقل في الصلاة، أما القراءة فإنها تجمعه. كلمة أخيرة: تكشف لنا سيرة هذا العظيم بين آباء البرية بوضوح عن الخط الروحي لحياة الراهب الذي يترك العالم لا كرهًا فيه بل عشقًا في الله. فقد انسحب قلب أبينا إلى السماويات وانشغل بالإلهيات. وفي هذا كله لم يكف عن العمل اليدوي لكي يقدم بالحب ما أمكنه للاخوة المحتاجين. ومع سموّه الروحي الفائق كان متواضعًا ومطيعًا. هكذا ارتبط قلبه بالله واهب الحب والتواضع والطاعة. أطلب من الرب عنا أيها القديس المجاهد ليغفر لنا خطايانا. |
||||
05 - 06 - 2015, 03:45 PM | رقم المشاركة : ( 7922 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القديس بيصاريون الكبير لقد كانت حياته كأحد طيور السماء أو حيوان البرية، يقضي حياته بلا اضطراب أو هّم. لم يكن يشغله اهتمام بسكنٍ يقطنه، ولا أمكن لشهوة أن تسيطر على نفسه. لم ينشغل بطعام ولا بناء مساكن ولا حتى بتداول كتب، إنما كان بالكلية حرًا من كل آلام الجسد، يقتات بالرجاء في الأمور العتيدة، محاطًا بقوة الإيمان. كان يعيش بصبرٍ كسجينٍ يقُاد إلى أي موضع، محتملاً البرد والعري على الدوام، ومستدفئًا بنور الشمس، عائشًا بدون سقف، متجولاً في البراري كالكواكب. تغرّبه: وُلد من أبوين مسيحيين، وقد أحب الحياة الملائكية منذ صباه فشعر بتغربه عن العالم، وبقي هذا الشعور ملازمًا له كل أيام غربته. انطلق أولاً إلى الأنبا أنطونيوس الكبير حيث مكث زمانًا تحت تدبيره، ثم جاء إلى القديس مقاريوس يتتلمذ على يديه، وأخيرًا هام في البرية كطائرٍ غريبٍ لا يملك شيئًا ولا يستقر في موضع، منتظرًا راحته الأبدية. عاش هذا الأب المصري في القرن الرابع؛ شبهه المعجبون به بموسى ويشوع وإيليا ويوحنا المعمدان. قيل عنه إنه كان أحيانًا يعيش مع وحوش البرية المفترسة. كثيرًا ما كان يُسّر بالتجول في البرية كما في بحر. وإذا حدث أن جاء إلى موضع يعيش فيه رهبان حياة الشركة، يجلس خارج الأبواب يبكي وينوح كمن انكسرت به السفينة وألقته على الشاطئ. فإن خرج إليه أحد الإخوة ووجده جالسًا كأفقر متسولٍ في العالم كان يقترب منه ويقول له بشفقة: ” لماذا تبكي يا إنسان؟ إن كنت في عوز إلى شئ فإننا قدر المستطاع نقدمه لك، فقط أدخل واشترك في مائدتنا وتعزى “. عندئذ يجيب: ” لا أستطيع العيش تحت سقف مادمت لا أجد غنى بيتي ( يقصد به الفردوس المفقود ) “، ليضيف أنه قد فقد غنى كثيرًا بطرق متنوعة. ” لأني سقطت بين لصوص ( يقصد بهم الشياطين )، وانكسرت بي السفينة، فسقطت من شرفي وصرت مهانًا بعد أن كنت ممجدًا “. إذ يتأثر الأخ بهذه الكلمات يعود إليه حاملاً كسرة خبز، ويعطيه إياها، قائلاً: ” خذ هذه يا أبي، لعل الله يرد لك الباقي كما قلت: البيت والكرامة والغنى الذي تحدثت عنه “، أما هو فكان يحزن بالأكثر، ويتنهد في أعماقه، قائلاً: ” لا أستطيع أن أقول إن كنت سأجد ما قد فقدته وما أبحث عنه، لكنني سأبقى في حزن أكثر كل يوم محتملاً خطر الموت، ولا أجد راحة لمصائبي العظمى. فإنه يليق بي أن أبقى متجولاً على الدوام حتى أتمم الطريق “. دعوته للحكمة: مع بساطته العجيبة، كان يدعو إلى الحكمة ليصير المؤمن كالشاروب والساروف مملوء أعينًا، ففي لحظات رحيله كانت وصيته الوداعية: ” يليق بالراهب أن يكون كالشاروب والساروف، كله أعين “. عدم الاهتمام بالغد: قال أبا دولاس ( شاول ) تلميذ أبا بيصاريون: [ كنا نسير ذات يوم على شاطئ بحيرة، فعطشت وقلت للأبا بيصاريون: ” أنا عطشان جدًا يا أبي “. فلما صلى قال لي ” اشرب من ماء البحيرة “. فصار ماء البحيرة عذبًا فشربت. ثم جعلت بعض الماء في وعائي الجلدي خشية العطش بعد حين. فما رآني الشيخ أفعل هذا، قال لي: ” لماذا ملأت وعاءك ماءً ؟ ” فقلت لي: ” أغفر لي يا أبتي، لأني فعلت هذا خوفًا من الظمأ بعد حين “. قال الشيخ: ” الله هنا، الله في كل مكان! ” ] جهاده: قال أبا بيصاريون: ” وقفت أربعين ليلة ولم أنم “. كما قال: ” خلال أربعين سنة لم أنم على جنبي بل كنت أنم وأنا جالس أو وأنا واقف “. اهتمامه بخلاص النفوس: ارتبط اسم القديس بيصاريون بالقديسة تاييس التي دعت نفسها للدنس والخطية فدمرت معها نفوسًا كثيرة. ذهب إليها وتحدث معها حتى جمعت كل غناها في وسط سوق المدينة وأحرقته أمام الجميع، ودخلت أحد أديرة النساء لتعيش حبيسة، وتنال في عيني الرب كرامة عظيمة خلال نعمته الفائقة. تظهر محبته للخطاة وترفقه بهم مما جاء عنه أن شخصًا ارتكب خطأ في الكنيسة فطرده الكاهن منها، فقام الأب بيصاريون وخرج من الكنيسة وهو يقول: ” إن كنت قد حكمت على هذا الرجل الذي ارتكب معصية واحدة أنه لا يستحق أن يعبد الله، فكم بالأولى بالنسبة لي أنا الذي ارتكب خطايا كثيرة ؟! ” ومن أقواله: ” ويل لذاك الذي فيه ما هو في الخارج أكثر من الذي فيه ما هو في الداخل ( بمعنى الويل للذي ينظر إلى خطايا أخيه الخارجية ولا يتطلع إلى خطاياه هو الداخلية ) “. عجائب الله معه: قال تلميذه :إذ كان في طريقه بلغ إلى نهر Chrysoroon ، ولم يكن يوجد ما يعبر به، فبسط يديه وصلى وعبر إلى الشاطئ الأخير. أما أنا فدُهشت، وصنعت له مطانية، قائلاً: ” عندما كنت تعبر فوق النهر إلى أي حدٍّ كانت رجلاك يا أبتِ تشعران بالماء الذي تحتك! ” قال: ” كنت أشعر بالماء عند كعبي، أما بقية قدمي فكان تحتها يابسًا “. دفعة أخر ى كنا في رحلة إلى أحد الحكماء العظماء، وكادت الشمس تغيب. صلى الشيخ، قائلاً: ” أرجوك يا سيدي أن تجعل الشمس تدوم في مكانها حتى أمضي إلى عبدك “، وهذا ما حدث فعلاً. أتيت إليه مرة في قلايته لأخاطبه، فرأيته واقفًا يصلي باسطًا يديه نحو السماء، ومكث واقفًا أربعة أيام وأربع ليالٍ، ثم دعاني وقال لي: ” تعال يا ابني “. فخرجنا وسرنا في طريقنا، وإذ عطشت قلت له: “يا أبتِ، أنا عطشان “، فانفصل عني نحو رمية حجر وصلى، ثم عاد إليّ ومعه في عبائته ماء من الهواء فشربت، ومضينا في طريقنا إلى ليكيوس ( أسيوط ) إلى الأنبا يوحنا. وبعدما سلم أحدهما على الآخر، صلى وجلس وخاطبه بخصوص رؤيا رآها. فقال أنبا بيصاريون: ” من قبل الرب خرج أمر أن تزول جميع معابد الأصنام “، وقد حدث ذلك تمامًا إذ استؤصلت جميعًا في ذلك الوقت. كان لرجل في مصر ابن مفلوج، حمله على كتفيه إلى الأنبا بيصاريون وتركه عند باب قلايته يبكي وارتحل إلى موضع بعيد. إذ سمع الشيخ صوت بكاء الصبي ونظره، قال له: ” من أنت؟ وما الذي جاء بك إلى هنا؟ ” أجاب الصبي: ” أبي أحضرني ومضى وهاأنذا أبكي”. قال له الشيخ: ” قم، اجرِ وراءه وألحق به”، وفي الحال شُفي الصبي ومضى إلى أبيه الذي أخذه ورحل. مرة أخرى جاء إلى الكنيسة رجل به شيطان، وأُقيمت من أجله صلاة في الكنيسة، لكن الشيطان لم يخرج إذ كان من الصعب إخراجه. فقال الكهنة: ” ماذا نعمل بهذا الشيطان؟ لا يقدر أحد أن يخرجه إلا أبا بيصاريون، ولكننا إن سألناه أن يخرجه لن يأتي حتى إلى الكنيسة، إذن سنفعل هذا دون علمه، لأن أبا بيصاريون يأتي إلى الكنيسة عند الصباح قبل الجميع، نضع المريض في طريقه، وعندما يدخل نقف للصلاة، ونقول له: ” انهض الأخ يا أبانا “. وهكذا فعلوا. فعندما جاء أبا بيصاريون إلى الكنيسة في الصباح، وقف الإخوة جميعهم للصلاة، وقالوا له: ” انهض الأخ يا أبانا “. فقال له الشيخ: ” قم وأخرج “، وللحال خرج منه الشيطان وشفي. أقوال مأثورة للقديس بيصاريون: • سأل أخ يقيم مع إخوة أبا بيصاريون: “ماذا أفعل؟” أجابه الشيخ”: ” احفظ السكو ن، وأحسب نفسك كلا شئ! ” • ليكن لك اهتمام عظيم أيها الراهب ألا ترتكب خطية حتى لا تهين الله الساكن فيك وتطرده من نفسك! تعتز الكنيسة في الشرق والغرب بهذا الأب العجيب القديس بيصاريون Bessarion ، فتحتفل الكنيسة القبطية بعيد نياحته في 25 مسرى، بينما يعيد له الغرب في 17 يونيو. |
||||
05 - 06 - 2015, 03:50 PM | رقم المشاركة : ( 7923 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الأنبا إيسيذورس قس الإسقيط فضائل وتعاليم 1- تواضعه: + قيل عنه: إذا أوعزت إليه الأفكار بأنه إنسان عظيم كان يجيبها قائلاً: (ألعلي مثل أنبا أنطونيوس أو أصبحت مثل أنبا بموا؟) . وإذا كان يقول ذلك يستريح فكره. واذا قالت له الشياطين: (انك ستمضي الي العذاب بعد كل هذه الأتعاب) فكان يجيبهم: (إذا مضيت الي العذاب فسوف تكونون تحتي لان لصا ورث الملكوت بكلمة، ويهوذا أيضاً الذي قام بأعمال عظيمة مع الرسل خسر جهاده كله في ليلة واحدة وهبط من السماء الي الهاوية. فلا يفتخرن من يدبر نفسه باستقامة، لأن جميع الذين وثقوا بذواتهم سقطوا مع شياطين الشره، فاقمع إذن رغبتك قائلاً: انتظر قليلاً، فلك ما يكفيك، وكل باعتدال وببطء، لأن الذي يأكل بسرعة يشبه من يريد أن يأكل كثيراً) + قال أنبا أيسيذورس: (لما كنت فتي، وكنت مقيماً في قلاية، لم يكن لي قدرة علي الخدمة.. خدمة الصلاة والتسبيح .. وكانت هناك خدمة من أجلي ليلاً ونهاراً) 2- طول أناته: + قيل أن كل من كان عنده أخ صغير النفس أو شتاماً أو عليلاً ويطرده من عنده، كان القس أيسيذورس يأخذه الي عنده ويطيل روحه عليه ويخلص نفسه. + قيل أنه كان لدي أنبا أيسيذورس قس الإسقيط أخ ضعيف العقل وكان شتاماً، وأراد انبا أيسيذورس أن يطرده من مسكنه، وعندما وصل ذاك الأخ الي باب الدير، قال الشيخ مرة أخري: احضروه ووبخه قائلاً: (أيها الأخ، اهدأ، لئلا تثير غضب الله بقلة فهمك وعدم صبرك) وهكذا بطول أناته هدأ أنبا ايسيذورس ذاك الأخ. + سأله الأخوة مرة قائلين: لماذا تفزع منك الشياطين؟ فقال لهم: (لأني منذ أن صرت راهباً حتي الآن لم أدع الغضب يجوز حلقي الي فوق) . + وقال أيضاً: ها أن لي أربعين سنة، كنت اذا أحسست بعقلي بالخطية خلالها لا أخضع لها قط حتي ولا للغضب. + وقال أيضاً: ان لي عشرين سنة وأنا مداوم علي محاربة فكر واحد حتي أري جميع الناس بعقل واحد. 3- محبته للوحدة: توجه أنبا ايسيذورس مرة الي البابا ثيئوفيلس بطريرك الاسكندرية ولما رجع سأله الأخوة عن حال مدينة الاسكندرية فقال لهم: اني لم أبصر فيها انسانا الا البطريرك وحده. فتعجبوا وقالوا له: أتريد أن تقول أن مدينة الاسكندرية خالية من الناس؟قال: كلا. لكني لم أسمح لعقلي أن يفكر في رؤية أي انسان. 4 – تجلده في القلاية: + قيل عنه: اتفق أن دعاه أحد الأخوة الي تناول الطعام فرفض الشيخ قائلاً: أن آدم بالطعام خدع فصار خارج الفردوس بأكلة واحدة. فقال له الأخ: أبهذا المقدار تخشي الخروج خارج القلاية؟ قال له الشيخ: وكيف لا أخشي يا ولدي والشيطان يزأر مثل سبع ملتمساً من يبتلعه. + وكان اذا مضي اليه انسان فانه يدخل القلاية الداخلية ويكلمه من داخل الباب. فقال له الأخوة: لماذا تفعل هكذا؟فقال لهم: إن الوحوش إذا أبصرت من يخيفها هربت الي جحورها ونجت. 5 – اجهاده لنفسه: + قال أنبا بيمين: أن أنبا ايسيذورس كان يضفر في كل ليلة حزمة خوص فسأله الاخوة قائلين: أيها الأب أرح نفسك لأنك قد شخت؟فأجابهم: لو أحرقوا ايسيذورس بالنار وذروا رماده في الهواء، فلن يكون لي أفضل لأن ابن الله من أجلي نزل الي الأرض. + وقال أيضاً: في احدي المناسبات قال أنبا ايسيذورس قس الكنيسة للشعب: (يا اخوتي، لا يليق أن تنتقلوا من موضع بسبب التعب، أما من جهتي فاني أحزم أمري وأمضي حيث يوجد التعب، والجهاد يصبح للنفس لذة. + وقال أنبا ايسيذورس: ها ان لي أربعين سنة، لم أستند عل شئ ولم أرقد . + وقال أيضاً: ها أن لي أربعين ليلة. وأنا واقف لم أرقد . |
||||
05 - 06 - 2015, 04:00 PM | رقم المشاركة : ( 7924 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القديس مقاريوس الكبير خروجه الي البرية هروبه من القسيسية: جاء عن القديس مقاريوس الكبير أنه قال: اني في حال شبابي كنت جالساً في قلاية في مصر فأمسكوني وجعلوني قساً لضيعة (قرية). واذا لم أوثر أن أتقلد هذه الرتبة هربت الي مكان آخر. حيث كان يأتيني رجل علماني تقي وكان يخدمني ويبيع عمل يدي. تجربته الأولي: في يوم من الأيام حدث أن بتولا في ذلك المكان سقطت في زني وحملت، فلما أشهرت سئلت عمن فعل معها هذا الفعل فقالت: المتوحد. . ؟! وسرعان ما خرجوا علي وأخذوني باستهزاء مريع الي القرية وعلقوا في عنقي قدورا قذرة جدا وآذان جرار مسودة مكسورة. وشهروا بي في كل شارع من شوارع القرية وهم يضربوني قائلين: ان هذا الراهب افسد عفة ابنتنا البتول، أخزوه، وهكذا ضربوني ضرباً مبرحاً قربت بسببه الي الموت الي أن جاءني أحد الشيوخ فقال لهم: الي متي هذه الأهانة، أما يكفيه كل ذلك خجلاً فكانوا يشتمونه قائلين: ها هو المتوحد الذي شهدت له بالفضل، انظر ماذا فعل، وأخيراً قال والدها: لن نطلقه حتي يأتينا بضامن أنه يتعهد بالقيام باطعامها ويدفع نفقة لولادتها الي أن يتربي الطفل. فدعوت الأخ الأمين الذي كان يخدمني وقلت له: “اصنع محبة وأضمني”. فضمنني ذلك الرجل وأطلقوني بعد ذلك فمضيت الي قلايتي وقد كدت أن أموت. ولما دخلت قلايتي أخذت أقول لنفسي: “كد يا مقارة فها قد صارت لك أمرأة. الآن يا مقارة قد وجدت لك أمرأة وبنون. فينبغي لك أن تعمل ليلاً ونهاراً لقوتك وقوتهم” وهكذا كنت أعمل دائماً قففا وأدفعها الي ذلك الرجل الذي كان يخدمني فيبيعها ويدفع للمرأة. حتي اذا ولدت تنفق علي ولدها. ولما حان وقت ولادة الشقية مكثت أياماً كثيرة وهي معذبة وما استطاعت ان تلد. فقالوا لها: “ماهو هذا؟. . . ماهو ذنبك فها أنت بعد قليل تموتين؟” فقالت: “كل ما أصابني كان بسبب أني قد ظلمت المتوحد وأتهمته وهو برئ لأنه ما فعل بي شئ قط. لكن فلان الشاب هو الذي تحايل علي وفعل بي هذا”. فجاء الي خادمي مسروراً وقال لي: ان تلك البتول ما استطاعت أن تلد حتي اعترفت قائلة: “ان المتوحد لا ذنب له في هذا الأمر مطلقاً. وقد كنت كاذبة في اتهامي له”. وها أهل القرية كلهم عازمون علي الحضور اليك ويسألونك الصفح والغفران. فلما سمعت أنا هذا الكلام من خادمي أسرعت هارباً للأسقيط وهذا هو السبب الذي لأجله جئت الي جبل النطرون. أب الرهبان: قيل عن الأنبا مقاريوس أنه بني لنفسه قلايه غرب الملاحات وسكن فيها. وصار يضفر الخوص ويعيش من عمل يديه ويعبد الله كنحو قوته. . فلما سمع به أناس حضروا إليه وسكنوا معه. فكان لهم أبا مرشداً. وكثر الذين يحضرون اليه فكان يلبسهم الزي ويرشدهم الي طريق العبادة. فلما كبر عددهم بنوا لهم كنيسة هي الآن موضع البراموس. فلما ضاق بهم المكان ولم تعد الكنيسة تسعهم تحول الأب من ذلك المكان وبني كنيسة آخري. فضائله: 1- فاعلية صلاته: انطلق الأب مقاريوس مرة من الأسقيط حاملاً زنابيل فأعيي من شدة التعب ووضع الزنابيل علي الأرض وصلي قائلاً: يارب. أنت تعلم أنه ما بقي في قوة. واذا به يجد نفسه علي شاطئ النهر. 2 – وداعته وتواضعه: + أتي الأب مقاريوس يوماً من الأسقيط الي نيرس[1] فقال له الشيوخ: قل كلمة للأخوة أيها الأب. فأجابهم قائلاً: أنا لم أصر بعد راهباً. لكني رأيت رهباناً. . فقد كنت يوماً جالساً في الأسقيط في القلاية واذا أفكار تأتيني قائلة: اذهب الي البرية الداخلية وتأمل فيما تراه هناك. ومكثت مقاتلاً لهذا الفكر خمس سنوات ظاناً أنه من الشيطان. لكني لما وجدت الفكر ثابتاً مضيت الي البرية فصادفت هناك بحيرة ماء وفي وسطها جزيرة بها وحوش برية وقد جاءت الي الماء لتشرب وشاهدت بينهما رجلين مجردين (عاريين) فجزعت منهما لأني ظننت أنهما روحان. لكنهما لما رأياني خائفاً جزعا خاطباني قائلين: لاتجزع فاننا بشريان مثلك. . فقلت لهما. من انتما؟. . ومن أين أنتما؟. . وكيف جئتما الي هذه البرية؟. . فقالا لي: “كنا في كنونيون[2] وقد اتفقنا علي ترك العالم فخرجنا الي ها هنا. ولنا منذ مجيئنا الي هنا أربعين سنة”. وقد كان أحدهما مصرياً والآخر نوبياً فسألتهما: كيف أصير راهباً فقالا لي: ان لم يزهد الانسان في كل أمور العالم فلن يستطيع أن يصير راهباً. فقلت لهما: اني ضعيف فما أستطيع أن أكون مثلكما. فقالا لي. أن لم تستطع أن تكون مثلنا فاجلس في قلايتك وابك علي خطاياك. فسألتهما: أما تبردان أن صار شتاء. واذا صار حر أما يحترق جسداكما؟. . . فأجاباني: أن الله قد دبر لنا الا نجد في الشتاء برداً ولا يضرناً في زمن الحصاد حر[3]، وأخيراً قال القديس للأخوة: (لذلك قلت لكم اني لم أصر بعد راهباً؟. . بل رأيت رهباناً. . فاغفروا لي). وأورد بلاديوس تفسيراً جاء فيه: قال الأخوة: ماذا قصد الراهبان في قولهما لأنبا مقاريوس: “ان لم تقدر ان تكون راهباً مثلنا، اجلس في قلايتك وابك علي خطاياك”. أجاب شيخ: لأنهما عرفا ان الراهب بالحقيقة هو الرجل الذي استطاع ان يكون منعزلاً بجسده، مقيماً في حياة التأمل والسكون، عمالا بالروح والجسد، متضعاً، باكياً كل يوم علي خطاياه، قاطعاً من نفسه كل ذكريات الشهوة، والأفكار المقلقة، متأملاً في الله، وفي كيف يحيا باستقامة، وذلك مثلما قال الطوباي أوغريس: “ان الراهب المنفرد عن العالم هو من قطع من نفسه كل حركات الشهوة وثبت في الرب بكل أفكار روحه”. + قيل أنه في أحدي المرات كان أبا مقاريوس عابراً في الطريق حاملاً خوصاً عندما قابله الشيطان وأراد أن يقطعه بمنجل كان ممسك به في يده. ولكنه لم يستطع أن يفعل هذا، وقال له: “يا مقاريوس. انك تطرحني علي الأرض بقوة عظيمة، وأنا لا أستطيع ان أغلبك. ولكن انظر، هوذا كل عمل تعمله أنت، أستطيع أنا أيضاً أن أعمله. أنت تصوم، وأنا لا أكل أبداً. أنت تسهر، وأنا لا أنام مطلقاً. ولكن هناك شيئاً واحداً به تغلبني” حينئذ قال له مقاريوس: “وما هو هذا؟” فقال الشيطان: “أنه تواضعك. لأنه من أجل هذا لا أقدر عليك”. فبسط القديس مقاريوس يديه للصلاة، وحينئذ أختفي الشيطان. + وورد أيضاً أنه في مرة أمسك الشيطان سكيناً، ووقف علي أبا مقاريوس مريداً ان يقطع رجله. ولما لم يقدر أن يفعل هذا من أجل تواضع الشيخ أجاب وقال له: “كل شئ تملكه، نملكه نحن أيضاً. ولكنه بالتواضع فقط تتفوق علينا، وبه وحده تغلبنا”. + قيل عن أبا مقاريوس[4] أنه عندما كان يقترب إليه الأخوة في خوف، كما الي شيخ عظيم وقديس. لم يكن يجيبهم بكلمة. وعندما كان أخ يقول له في استهزاء: “أيها الأب، لو كنت جملاً، أما كنت تسرق النطرون وتبيعه، وأما كان الجمال يضربك؟” فانه كان يرد عليه[5]. وأن كان أحد يكلمه بغضب أو بكلمات مثل هذه، فانه كان يجيب علي كل سؤال يوجه اليه. + وقال بلاديوس: أن مقاريوس الطوباوي كان يتصرف مع جميع الأخوة بدون أي ظن سئ. وقد سأله بعض الناس: “لماذا تتصرف هكذا؟” فأجابهم: “أنظروا، انني ابتهلت الي الرب مدة اثنتي عشرة سنة من أجل هذا الأمر أن يمنحني هذه الموهبة، فهل تنصحوني بأن أتخلي عنها؟!” لو أن انساناً اقترف اثما تحت بصر انسان معصوم من الخطية فليعف ذلك المعصوم نفسه وحده من الاشتراك في حمل قصاص من سقط. ومن أمثلة تواضعه أيضاً استرشاده بمن هو أصغر منه وذلك كما ورد في القصة التالية: + قال أبا مقاريوس: ضجرت وقتا وأنا في القلاية، فخرجت الي البرية وعزمت علي أن أسأل أي شخص أقابله من أجل المنفعة. واذا بي أقابل صبيا يرعي بقرا، فقلت له: “ماذا أفعل أيها الولد فاني جائع؟” فقال لي: كل. فقلت أكلت، ولكني جائع أيضا. فقال لي: كل دفعة ثانية. فقلت له: اني قد أكلت دفعات كثيرة ولازلت جائعاً. فقال الصبي: “لست أشك في أنك حمار يا راهب، لأنك تحب أن تأكل دائماً”. فانصرفت منتفعاً ولم أرد له جواباً. 3 – محبته للوحدة: +. . واذ كان يتضايق لأن عدداً كبيراً من الناس كانوا يأتون ليتباركوا منه، لذلك دبر الخطة التالية: حفر سرداباً في قلايته. . ووضع فيها مخبأ ذا طول مناسب، يمتد من قلايته الي بعد نصف ميل. وعند نهايته حفر مغارة صغيرة. وعندما كانت تأتي اليه جموع كثيرة من الناس فتعكر وحدته، كان يترك قلايته سراً، ويمر عابراً في السرداب دون أن يراه أحد، ويختبئ في المغارة حيث لا يقدر أحد أن يجده. وقد أعتاد أن يفعل هذا كلما كان يرغب في الهروب من المجد الباطل الذي يأتي من الناس. وقد قال لنا واحد من تلاميذه الغيورين انه في تركه القلاية الي المغارة، كان يتلو [6]24ربعا (استيخن)، وفي رجوعه 24 أخري. وحينما كان يذهب من قلايته الي الكنيسة، كان يصلي 24 صلاة في عبوره الي هناك، و24 أخري في رجوعه. + دفعة سأل الاخوة شيخا قائلين: اعتادوا أن يقولوا أنه كان من عادة أبا مقاريوس أن يفر الي قلايته اذا سرحت الكنيسة. والأخوة قالوا: أن به شيطاناً، لكنه يعمل عمل الرب. فمن هم الذين قالوا ان به شيطاناً؟. . وماهو عمل الرب الذي اعتاد أن يعمله؟. . . قال الشيخ: كان المتهاونون يقولون ان به شيطاناً، فعندما يري ابليس ان رهبان الدير يعيشون في حياة روحية مباركة فان الشياطين تحرك الأخوة المتهاونين أن يثيروا حرباً ضدهم بالاهانة والانتهار، والاغتياب، والافتراء، والمحاكمات التي يسببونها لهم. أما عمل الرب الذي كان يعمله أبا مقاريوس بفراره الي قلايته فكان: صلاة مصحوبة ببكاء ودموع طبقاً لما حث به أبا أشعيا قائلاُ”عندما ينصرف الجمع أو عندما تقوم عن الغذاء، لا تجلس لتتحدث مع أي انسان، لا في أمور العالم ولا في أمور روحية بل امض الي قلايتك وابك علي خطاياك”. كما قال القديس مقاريوس الكبير للأخوة الذين كانوا معه: فروا يا أخوة. فقال الاخوة: أيها الأب. كيف نهرب أكثر من مجيئنا الي البرية؟. فوضع يده علي فمه وقال: من هذا فروا[7]. وفي الحال فر كل واحد الي قلايته وصمت. + اعتاد أبا مقاريوس أن يقول للأخوة بخصوص برية الاسقيط “عندما ترون قلالي قد اتجهت نحو الغابة[8] اعرفوا أن النهاية قريبة. وعندما ترون الأشجار قد غرست الي جوار الأبواب، اعلموا أن النهاية علي الأبواب وعندما ترون شباناً يسكنون في الاسقيط، احملوا أمتعتكم وارحلوا”. 4 – تقشفه وزهده: + قيل عن الأب مقاريوس: أنه كان قد جعل لنفسه قانوناً وهو أنه اذا قدم له الأخوة نبيذاً كان لايمتنع عن شربه[9]. لكنه عوض كل قدح نبيذ يشربه كان يصوم عن شرب الماء يوماً. فأما الاخوة فلكي ينيحوه كانوا يعطونه. وهو لا يمتنع بدوره أمعاناً في تعذيب ذاته. أما تلميذه فلمعرفته بأمر معلمه طلب من الأخوة من أجل الرب الا يعطوا الشيخ نبيذاً لأنه يعذب ذاته بالعطش. فلما علموا بالأمر امتنعوا عن أعطائه نبيذاً منذ ذاك الوقت. + قال بعض الآباء لأبا مقاريوس المصري: “أن جسدك قد جف سواء أكلت أو صمت”. فقال لهم الشيخ”أن قطعة الخشب التي احترقت وأكلتها النيران، تفني تماماً، وهكذا أيضاً قلب الانسان يتطهر بخوف الله، وبذلك تفني الشهوات من الجسد وتجف عظامه”. + وقيل أيضاً أن انساناً أتاه بعنقود مبكر، فلما رأه سبح الله. وأمر أن يرسلوه الي أخ كان عليلاً، فلما رأه الأخ فرح، وهم أن يأخذ منه حبة واحدة ليأكلها لكنه أقمع شهوته، ولم يأخذ شيئاً وقال: “خذوه لفلان الأخ لأنه مريض أكثر مني”. فلما أخذوا العنقود اليه رآه وفرح، ولكنه أقمع شهوته، ولم يأخذ منه شيئاً، وهكذا طافوا به علي جماعة الأخوة فكان كل من أخذوه اليه يعتقد أن غيره لم يره بعد، وهكذا لم يأخذوا منه شيئاً، وبعد أن انتهوا من مطافهم علي أخوة كثيرون أنفذوه الي الأب فلما وجد أنه لم تضع منه حبة واحدة، سبح الله من أجل قناعة الأخوة وزهدهم. + وكان القديس يقول: “كما ان بستاناً واحداً يستقى من ينبوع واحد، تنمو فيه أثمار مختلف مذاقها وألوانها، كذلك الرهبان فأنهم يشربون من عين واحدة، وروح واحد ساكن فيهم لكن ثمرهم مختلف، فكل واحد منهم يأتي بثمرة علي قدر الفيض المعطي له من الله”. + قيل أن انساناً دوقس (أميراً) حضر من القسطنطينية ومعه صدقة للزيارة، فزار قلالي الأخوة طالباً من يقبل منه شيئاً، فلم يجد أحداً يأخذ منه لا كثيراً ولا قليلاً. وكان اذا قابل أحدهم أجابه بأن لديه ما يكفيه وأنه مصل من أجله كمثل من أخذ منه تماماً. فصار ذلك الدوقس متعجباً ثم أنه أحضر ذلك المال الي القديس مقاريوس وسجد بين يديه قائلاً: “لأجل محبة المسيح أقبل مني هذا القليل من المال برسم الآباء”. فقال له القديس: “نحن من نعمة الله مكتفون، وليس لنا احتياج الي هذا، لأن كلا من الأخوة يعمل بأكثر من حاجته” فحزن ذلك المحتشم جداً وقال: “ياأبتاه من جهة الله لا تخيب تعبي واقبل مني هذا القليل الذي أحضرته”. فقال له الشيخ: “امض يا ولدي وأعطه للاخوة”. فقال له: “لقد طفت به عليهم جميعاً، فلم يأخذوا منه شيئاً، كما أن بعضهم لم ينظر اليه البتة”. فلما سمع الشيخ فرح وقال له: “ارجع يا ابني بمالك الي العالم وأهله، لأننا نحن أناس أموات”. فلم يقبل المحتشم ذلك. فقال له القديس: “اصبر قليلاً”. ثم أخذ المال وأفرغه علي باب الدير وأمر بأن يضرب الناقوس، فحضر سائر الأخوة وكان عددهم 2400، ثم وقف الأب وقال: “يا أخوة من أجل السيد المسيح، ان كان أحدكم محتاجاً الي شئ فليأخذه بمحبة من هذا المال”، فعبر جميعهم ولم يأخذ أحد منه شيئاً. فلما رأي الدوقس منه ذلك صار باهتاً متعجباً متفكراً، ثم ألقي بنفسه بين يدي الأب وقال: “من أجل الله رهبني” فقال له القديس: “انك انسان كبير ذو نعمة وجاه ومركز، وشقاء الرهبنة كثير، وتعبها مرير، فجرب ذاتك ثم خبرني). فقال: “وبماذا تأمرني أن أفعل من جهة هذا المال؟” فقال له: “عمر به موضعاً بالأديرة” ففعل، وبعد قليل ترهب. +وقيل أنه بينما كان أنبا مقاريوس سائراً في البرية وجد بقعة جميلة مثل فردوس الله وبها ينابيع ماء ونخيل كثير وأشجار من أنواع مختلفة ذات ثمار. ولما أخبر الأخوة بذلك الحوا عليه أن يقودهم للإقامة في ذلك المكان، فرد مع الشيوخ عليهم قائلاً: ان وجدتم اللذة والراحة في ذلك المكان، واذا عشتم هناك بلا متاعب ومضايقات فكيف تتوقعون الراحة واللذة من الله، أما نحن فيليق بنا أن نحتمل الآلآم لكي نتمتع بالسرور في الحياة الأبدية. ولما قال هذا سكت الاخوة ولم يرحلوا. 5- اجهاده لنفسه: + حدث مرة أن مضي أبا مقاريوس الي القديس أنطونيوس في الجبل وقرع بابه فقال أبا أنطونيوس: “من الطارق؟” فقال: “انا مقاريوس أيها الأب”فتركه أبا أنطونيوس ودخل ولم يفتح له الباب. لكنه لما رأي صبره فتح له أخيراً و خرج معه وقال له: “منذ زمان وأنا مشتاق أن أراك”. وأراحه لأنه كان مجهداً من آثر تعب شديد. ولما حان المساء بل أنطونيوس قليلاً من الخوص لنفسه فقال له مقاريوس: أتسمح أن أبل لنفسي أنا أيضاً قليلاً من الخوص؟ فقال له: بل. فأصلح حزمة كبيرة وبلها وجلسا يتكلمان عن خلاص النفس وكانت الضفيرة تنحدر من الطاقة فرأي أبا أنطونيوس باكراً أن مقاريوس قد ضفر كثيراً جداً. فقال: “ان قوة كبيرة تخرج من هاتين اليدين”. 6 – حكمته: + قيل أن أبا مقاريوس المصري ذهب في أحدي المرات من الأسقيط الي جبل نتريا. ولما اقترب من مكان معين قال لتلميذه: “تقدمني قليلا ً” ولما فعل التلميذ هذا، قابله كاهن وثني كان يجري حاملاً بعض الخشب، وكان الوقت حوالي الظهر. فصرخ نحوه الاخ قائلاً: “يا خادم الشيطان، الي أين أنت تجري؟” فاستدار الكاهن وانهال عليه بضربات شديدة، وتركه ولم يبق فيه سوي قليل نفس. ثم حمل ما معه من خشب وسار في طريقه. ولما ابتعد قليلاً، قابله الطوباوي مقاريوس في الطريق وقال له: “فلتصحبك المعونة يا رجل النشاط” فاندهش الكاهن وأقبل نحوه وقال “اي شئ جميل رأيته في حتي حييتني هكذا؟” فقال الشيخ: “أني أري أنك تكد وتتعب وان كنت لا تدري لماذا” فأجاب الكاهن ” وأنا اذ تأثرت بتحيتك عرفت انك تنتمي الي الاله العظيم ولكن هناك راهباً شريراً صادفني قبلك ولعنني، فضربته ضرب الموت”. فعرف الشيخ أنه تلميذه. أما الكاهن فأمسك بقدمي مقاريوس الطوباوي وقال له: “لن أدعك تمضي حتي تجعلني راهباً”، واذ سارا معاً وصلا الي المكان الذي كان فيه الأخ مطروحاً، وحملاه وأتيا به الي كنيسة الجبل. ولكن الأخوة عندما رأوا الكاهن الوثني مع المغبوط مقاريوس تعجبوا كيف تحول عن الشر الذي كان فيه. وأخذه أبا مقاريوس وجعله راهباً، وعن طريقه صار كثير من الوثنيين مسيحيين. وكان مقاريوس الطوباوي يقول: “ان الكلمات الشريرة والمتكبرة تحول الناس الأخيار الي أشرار. ولكن الكلام الطيب المتواضع يحول الأشرار أخياراً”. + كان أبا مقاريوس يسكن وحده في البرية، وكان تحته برية أخري حيث يسكن كثيرون. وفي أحد الأيام كان الشيخ يرقب الطريق، فرأي الشيطان سائراً فيه علي هيئة رجل مسافر وقد أقبل اليه، وكان مرتدياً جلباباً كله ثقوب، وكانت أنواع مختلفة من الفاكهة معلقة فيها فقال له الشيخ مقاريوس” الي أين انت ذاهب؟” فأجاب[10]: “انا ماض لأزور الاخوة لأذكرهم بعملهم” فقال له الشيخ: “لأي غرض هذه الفاكهة المعلقة عليك؟” فأجاب: “أني أحملها للاخوة كطعام”. فسأله الشيخ: “كل هذه؟” فأجاب الشيطان: “نعم. حتي ان لم ترق لأحد الاخوة واحدة أعطيته غيرها، وان لم تعجبه هذه أعطيته تلك. ولابد أن واحدة أوأخري من هذه ستروقه بالتأكيد”. واذ قال الشيطان هذا، سار في طريقه. فظل الشيخ يرقب الطريق حتي أقبل الشيطان راجعاً. فلما رآه قال له: “هل وفقت؟” فأجاب الشيطان:”من أين لى أن أحصل على معونة ؟!” فسأله الشيخ : “لأى غرض؟” أجابه الشيطان:” الكل قد تركوني وثاروا علي. وليس واحد منهم يسمح لنفسه أن يخضع لاغرائي” فسأله الشيخ: “ألم يبق لك ولا صديق واحد هناك؟” فقال له الشيطان: “نعم، لي أخ واحد. ولكنه واحد فقط هذا الذي يخضع لي، علي الرغم من أنه حينما يراني يحول وجهه عني كما لو كنت خصماً له”. فسأله الشيخ: “وما هو اسم هذا الأخ؟” فقال الشيطان: “ثيئوبمبتس theopemptus” واذ قال هذا رحل وسار في طريقه. حينئذ قام الشيخ ونزل الي البرية السفلي. فلما سمع الأخوة بمجيئه أقبلوا للقائه بسعف النخل. وجهز كل راهب مسكنه ظانا أنه قد يأتي اليه. ولكن الشيخ سأل فقط عن الأخ الذي يدعي ثيئوبمبتس واستقبله بفرح. وبينما كان الأخوة يتحدثون مع بعضهم البعض قال له الشيخ: “هل عندك شئ تقوله يا أخي؟وكيف هي أحوالك؟” فقال له ثيئوبمبتس: “في الوقت الحاضر الأمور حسنة معي” وذلك لأنه خجل ان يتكلم. فقال له الشيخ: “هوذا أنا قد عشت في نسك شديد مدي سنين طويلة، وصرت مكرماً من كل أحد. وعلي الرغم من هذا، ومع أنني رجل شيخ، الا أن شيطان الزني يتعبني” فأجابه ثيئوبمبتس “صدقني يا أبي، أنه يتعبني أنا أيضاً”. واستمر الشيخ يوجد سبباً للكلام – كما لو كان متعباً من أفكار كثيرة0الي أن قاد الأخ أخيراً الي أن يعترف بالأمر. وبعد ذلك قال: “الي متي تصوم؟” فأجاب الأخ: “الي الساعة التاسعة” فقال له الشيخ: “صم حتي العشاء واستمر علي ذلك. أتل فصولاً من الأناجيل ومن الأسفار الأخري. واذا صعدت فكرة الي ذهنك، لاتجعل عقلك ينظر الي أسفل، بل فليكن فوق دائماً. والرب يعينك”. وهكذا اذ جعل الأخ يكشف أفكاره، واذ شجعه، عاد ثانية الي بريته. وسار في سبيله وكان يرقب الطريق كعادته. ورأي الشيطان ثانية، فقال له: “الي أين أنت ذاهب ؟” فأجاب وقال له: “أنا ذاهب لأذكر الاخوة بعملهم”. ولما رحل ورجع ثانية، قال له القديس: “كيف حال الأخوة؟” فأجاب الشيطان: “انهم في حالة رديئة” فسأله الشيخ كيف؟ فأجاب الشيطان” كلهم مثل حيوانات متوحشة. كلهم متمردون. وأسوأ ما في الأمر أنه حتي الأخ الواحد الذي كان مطيعاً لي قد انقلب هو الآخر، لأي سبب لست اعلم! ولم يعد يخضع لأغرائي بأي حال. وصارأكثرهم نفوراً مني. ولذلك قد أقسمت أني لن أذهب الي ذلك المكان، الا بعد مدة طويلة علي الأقل”. 7 – محبته: + قال بلاديوس: ذهب أبا مقاريوس في أحدي المرات ليزور راهباً، فوجده مريضاً. فسأله ان كان يحتاج الي شئ ليأكل اذ لم يكن له شئ في قلايته. فقال له الراهب: “أريد خبزاً طرياً (أو فطيراً)”. فلما سمع الرجل العجيب هذا الطلب، سار الي الاسكندرية– ولم يحسب الرحلة اليها متعبة علي الرغم من أن المدينة كانت تبعد عنهم 60ميلاً – وأحضر طلب المريض. وقد فعل هذا بنفسه ولم يكلف أحداً آخر بأن يحضره. وبهذا أوضح الشيخ مقدار الاهتمام الذي يشعر به نحو الرهبان. 8 – عدم ادانته للآخرين: + ومن أبرز صفاته أن كان صفوحاً متسامحاً ولا يدين أحداً عملاً بالوصية القائلة: “لا تدينوا لكى لا تدانوا – مت 7: 1″. “أيها الأخوة أن انسبق أحد فأخذ في زلة ما فأصلحوا انتم الروحانين مثل هذا بروح الوداعة. ناظراً الي نفسك لئلا تجرب انت ايضاً– غلا1: 8″. وبذلك اقتاد كثيرين الي حياة الشركة العميقة مع الله. والدليل علي صدق هذه الحقيقة ما يلي: + قيل عن القديس مقاريوس انه كان في بعض القلالي أخ صدر منه أمر شنيع وسمع به الأب مقاريوس، ولم يرد أن يبكته. . فلما علم الأخوة بذلك لم يستطيعوا صبراً، فما زالوا يراقبون الأخ الي أن دخلت المرأة الي عنده، فأوقفوا بعض الأخوة لمراقبته، وجاءوا الي القديس مقاريوس: فلما أعلموه قال: “يا أخوة لا تصدقوا هذا الأمر، وحاشا لأخينا المبارك من ذلك” فقالوا: “يا أبانا، اسمح وتعال لتبصر بعينيك حتي يمكنك ان تصدق كلامنا”. فقام القديس وجاء معهم الي قلاية هذا الأخ كما لو كان قادماً ليسلم عليه وأمر الأخوة أن يبتعدوا عنه قليلاً. فما أن علم الأخ بقدوم الأب حتي تحير في نفسه. وأخذته رعدة وأخذ المرأة ووضعها تحت ماجور كبير عنده، فلما دخل الأب جلس علي الماجور، وأمر الإخوة بالدخول، فلما دخلوا وفتشوا القلاية لم يجدوا أحداً ولم يمكنهم أن يوقفوا القديس من علي الماجور، ثم تحدثوا مع الأخ وأمرهم بالانصراف. فلما خرجوا أمسك القديس بيد الأخ وقال: “يا أخي، علي نفسك أحكم قبل أن يحكموا عليك، لأن الحكم لله”. ثم ودعه وتركه، وفيما هو خارج، اذ بصوت أتاه قائلاً: “طوباك يا مقاريوس الروحاني، يا من تشبهت بخالقك، تستر العيوب مثله”. ثم أن الأخ رجع الي نفسه وصار راهباً حكيماً مجاهداً وبطلاً شجاعاً. + اعتادوا أن يقولوا قصة عن أبا مقاريوس الكبير أنه صار متشبهاً بالرب، لأنه كما ان الله يستر علي العالم، هكذا فعل أبا مقاريوس أيضاً وستر علي الأخطاء التي رآها، كأنه لم يرها، والتي سمعها كأنه لم يسمعها. ففي احدي المرات أتت امرأة الي أبا مقاريوس لتشفي من شيطان. ووصل أخ من دير كان في مصر أيضاً، وخرج الشيخ بالليل، فرأي الأخ يرتكب الخطية مع المرأة. ولكنه لم يوبخه وقال: “ان كان الله الذي خلقه يراه ويطيل أناته، لأنه أن كان يشاء، كان يستطيع أن يفنيه، فمن أكون أنا حتي أوبخه؟!” + ومرة طلب منه أخ[11] أن يقول له كلمة، فقال له: “لا تصنع بأحد شراً، ولاتدن أحد، احفظ هذين وأنت تخلص”. هروب: + قيل ان القديس مقاريوس دخل مرة الي مدينة مصر ليعظ فيها. فلما حضر البيعة حضرت اليه جموع كثيرة ومنهم امرأة ظلت تزاحم حتي وصلت أمامه وجلست ثم بدأت تنظر اليه كثيراً. فالتفت اليها وانتهرها قائلاً: اكسري عينيك أيتها المرأة. لم تنظرين الي هكذا؟! فقالت المرأة: لم لا تستح مني أيها الأب، وكيف علمت أنني أنظر اليك لأني أنا أعمل الواجب وأنت تعمل غير الواجب فقال لها: فسري لي هذا الكلام. فقالت: نعم انك خلقت من الأرض وواجب عليك أن تنظر اليها دائماً لأنها هي أمك أما أنا فقد خلقت منك وواجب علي ان أنظر اليك[12]. فلما سمع القديس منها ذلك ترك الموضع وخرج هارباً ولم يتمم وعظه. ——————————————————————————– [1] – أو جبل نيتريا حسب رواية بلاديوس. [2] – كنونيون كلمة يونانية يقصد بها ديراً ويغلب أن تعني هنا ديراً علي النظام الباخومي = حياة الشركة [3] – حسب رواية بلاديوس: فسألاني أيضا قائلين: (ماهي أخبار العالم ؟. . هل مياه النهر مازالت تأتي كالعادة ؟. وهل العالم بخير ؟. . )فأجبتهما : (نعم ). . . [4]- بالرغم مما في هذا الكلام مما يشبه المزاح وهو ما لا نجده في أقوال القديسين الا أننا أوردناه كما أورده بلاديوس نظراً لما ثبته في حياة القديس مقاريوس من البساطة وعدم الكلفة. [5] – صفة عجيبة في أنبا مقار أنه ما كان يتضايق من أحد ولا يخرج من صمته، ولكن أن وجد متضايقاً كان يسرع الي الرد عليه لراحته. [6] – يتضح من هذا الكلام أنهم لم يكونوا يتلون المزامير تلاوة بل كانت شعراً وتلحيناً ويتلونها بالتبادل. [7] – وردت في بلاديوس: أنه وضع يده علي فمه وقال: ( فروا هكذا )(أي الصمت) [8] – لعله يقصد: (اتجهت نحو الريف ) أي قربت من العالم [9] – لم يرد في بستان الرهبان ذكر لأدوية كانت تقدم للمحتاجين من الآباء. الا أنه يبدو ان النبيذ كان يقدم للشيوخ والمرضي كدواء وحيد. وكأني بالاخوة هنا يقدمون للمعلم مقاريوس النبيذ أيام شيخوخته وشدة ضعفه كدواء ولالحاحهم عليه كان يقبل القليل، وفي الخفاء، يمتنع عن الماء تعويضاً عن قبوله القدح. [10] – ليس معني هذا أن أبا مقاريوس كان يصدق الشياطين أو أنه كان يلتقي منهم أخباراً. أنها قصة فريدة تبين كيف أن الله أخضع الشياطين للأباء ولأبا مقاريوس حتي اطلق هذا بما هو ضد مصلحته، مثلما انطق بلعام بالبركة(عدد23: 7-24 ). [11] – هذا الأخ هو أبا بفنوتيوس تلميذ أبا مقاريوس وذلك كما جاء في رواية بلاديوس. [12] – نفس الكلام ذكر أنه قيل للقديس مار افرأم السرياني. |
||||
05 - 06 - 2015, 04:04 PM | رقم المشاركة : ( 7925 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القديس الأنبا أنطونيوس كوكب البرية وأب الرهبان من أهل الصعيد من جنس الأقباط، وسيرته عجيبة طويلة اذا استوفيناها شرحاَ.. وإنما نذكر اليسير من فضائله: انه لما توفي والده دخل إليه وتأمل وبعد تفكير عميق قال: تبارك اسم الله: أليست هذه الجثة كاملة ولم يتغير منها شئ البتة سوي توقف هذا النفس الضعيف. فأين هي همتك وعزيمتك وأمرك وسطوتك العظيمة وجمعك للمال. أني آري الجميع قد بطل وتركته.. فيا لهذه الحسرة العظيمة والخسارة الجسيمة. ثم نظر إلي والده الميت وقال: أن كنت قد خرجت أنت بغير اختيارك فلا أعجبن من ذلك، بل أعجب أنا من نفسي أن عملت كعملك. اعتزاله العالم: ثم أنه بهذه الفكرة الواحدة الصغيرة ترك والده بغير دفن[1]. كما ترك كل ما خلفه له من مال وأملاك وحشم، وخرج هائما علي وجهه قائلاً: ها أنا أخرج من الدنيا طائعاً كيلا يخرجوني مثل أبي كارهاً. توغله في الصحراء: لم يزل سائراً حتى وصل إلي شاطئ النهر حيث وجد هناك جميزة كبيرة فسكن هناك، ولازم النسك العظيم والصوم الطويل. وكان بالقرب من هذا الموضع قوم من العرب، فاتفق يوم من الأيام أن أمرآة من العرب نزلت مع جواريها إلي النهر لتغسل رجليها ورفعت ثيابها وجواريها كذلك، فلما رأي القديس أنطونيوس ذلك حول نظره عنهن وقتاً ما ظناً منه أنهن يمضين. لكنهن بدأن في الاستحمام في النهر! فما كان من القديس إلا أن قال لها: يا أمرآة: أما تستحين مني وأنا رجل راهب؟ أما هي فأجابت قائلة له: أصمت يا إنسان. من أين لك أن تدعو نفسك راهباً؟ لو كنت راهباً لسكنت البرية الداخلية لأن هذا المكان لا يصلح لسكنى الرهبان[2]. فلما سمع أنطونيوس هذا الكلام لم يرد عليها جواباً. وكثر تعجبه لأنه لم يكن في ذلك الوقت قد شهد راهبا ولا عرف الاسم[3]. فقال في نفسه ليس هذا الكلام. من هذه المرأة، لكنه صوت ملاك الرب يوبخني. وللوقت ترك الموضع وهرب إلي البرية الداخلية وأقام بها متوحداً. لأنه ما كان في هذا الموضع أحد غيره في ذلك الوقت. وكان سكناه في قرية قديمة كائنة في جبل العربة، صلاته تكون معنا أمين. ملاك يسلمه الزى: وكان يوماً جالساً في قلايته، فأتت عليه بغتة روح صغر نفس وملل وحيرة عظيمة، وضاق صدره فبدأ يشكو إلي الله ويقول: يارب أني أحب أن أخلص، ولكن الأفكار لا تتركني فماذا أصنع؟ وقام من موضعه وإنتقل إلي مكان آخر وجلس. وإذا برجل جالس أمامه، عليه رداء طويل متوشح بزنار صليب مثال الأسكيم، وعلي رأسه (كوكلس) قلنسوة شبه الخوذه. وكان جالساً يضفر الخوص وإذ بذلك الرجل يتوقف عن عمله ويقف ليصلي، وبعد ذلك يجلس يضفر الخوص.ثم قام مرة ثانية ليصلي ثم جلس ليشتغل في ضفر الخوص وهكذا.. أما ذلك الرجل فقد كان ملاك الله الذي أرسل لعزاء القديس وتقويته إذ قال لأنطونيوس (أعمل هكذا وأنت تستريح). من ذلك الوقت اتخذ أنطونيوس لنفسه ذلك الزى الذي هو شكل الرهبنة وصار يصلي ثم يشتغل في ضفر الخوص: وبذلك لم يعد الملل يضايقه بشده. فاستراح بقوة الرب يسوع المسيح له المجد. صلاته: 1 – القديس بولا البسيط (تلميذ الأنبا أنطونيوس) أقام القديس أنطونيوس بالبرية الداخلية فوق مدينة أطفيح بديار مصر مدة ثلاثة أيام. وبني له قلاية صغيرة وهو قريب من وادي العربة. وكان في ذلك الوقت رجل علماني، شيخ كبير، يقال له بولا أعني بولس. وكان ساكناً في مدينة أطفيح. واتفق أن ماتت زوجته وتزوج امرأة صبية. وكان له خيرات وأموال كثيرة كان قد ورثها. فدخل يوماُ من الأيام إلي بيته، فوجد أحد خدامه علي السير مع زوجته فقال لزوجته مبارك لك فيه أيتها المرأة، ومبارك له فيك، إذ اخترتيه دوني. ثم أخذ بردته[4] عليه، ومضي هائماً علي وجهه في البرية الداخلية. وبقي محتاراً تائهاً زماناً طويلاً إلي أن اتفق أنه وقف علي قلاية القديس أنطونيوس، فقرع باب القلاية. فلما رآه القديس عجب منه غاية العجب، لأنه لم يكن بعد قد رأي إنساناً بهذه الصفة، فسلم علي القديس وسجد له علي الأرض بين يديه فأقامه القديس وعزاه وفرح به غاية الفرح. ثم جلس عند القديس أربعين يوماً ملازماً الزهد الكامل والوحدة الصعبة. فلما كمل له أربعون يوما ً، قال له القديس: يا بولس اذهب حافة الجبل وتوحد، وذق طعم الوحدة. فمضي بولس كما أمره وعمل له مثل مربط شاة. وفي غصون ذلك احضورا إلي القديس أنطونيوس رجلاً اعتراه روح من الجن. فلما نظره القديس عجب منه، ثم قال للذي أحضره: اذهب به إلي القديس بولس ليشفيه لأني عاجز عنه. وهذه هي أول تجاربه. فعملوا كما أمرهم القديس و أحضروه بين يدي القديس بولس. وقالوا له معلمك الأب أنطونيوس يأمرك أن تخرج هذا الشيطان من هذا الإنسان. وكان القديس بولس ساذجاً. فلوقته أخذ الرجل المريض وخرج إلي خارج الجبل وكان الحر شديداً، وكانت الشمس مثل وهج النار العظيم. فقال: يا شيطان استحلفك كما أمرني معلمي أنطونيوس أنت تخرج. واذ بدأ العدو الشيطان يتكلم علي لسان الإنسان المريض ويضحك ويشتم ويقول: من هو أنت ومن هو معلمك أنطونيوس المختال الكذاب. فقال له بولس: أنا أقول لك أيها الشيطان انك تخرج من هذا الإنسان وان لم تخرج أنا أعذب نفسي. ثم طلع القديس بولا علي حجر كان يتقد كأنه جمر نار وأخذ حجراً آخر علي رأسه[5] وقال: باسم الرب يسوع المسيح، وباسم صلوات معلمي مار أنطونيوس العظيم أني سأظل هكذا إلي أن أموت ولابد أن أعمل طاعة معلمي، وتخرج أيها الشيطان كما أمر معلمي. وبقي هكذا واقفاً والعرق يتصبب منه كأنه مطر ونبع (نزف) الدم من فمه وأنفه والناس حوله مندهشون. فلما رأي الشيطان ذلك صرخ بأعلى صوته وقال: العفو العفو! والهروب الهروب من شيخ يقسم علي الله بزكاوة قلبه. حقاً لقد أحرقتني بساطتك. ثم خرج من ذلك الانسان. وصرخ الشيطان أيضاً قائلاً: يا بولا لا تحسب أني خرجت من أجل دمك وخروجه (أي نزف دمه)، ولكن أحرقتني صلاة أنطونيوس وهو غائب. ولما سمع الحاضرون تعجبوا. بركة صلواتهم تحفظنا آمين. 2- قصة شفاء ابن ملك الإفرنج اخبروا عن القديس أنطونيوس أن ملك الافرنج كان له ولد، وكان وارثاً للملك بعده، فلحقه جنون وصرع، فجمع كل علماء بلاده فلم يقدر واحد أن يعينه أو يشفيه. ثم اتصل به خبر القديس أنطونيوس الصعيدي، فأرسل اليه رسله بهدايا جليلة، ولما وصلوا اليه لم يشأ أن يقبل شيئاً من الهدايا أو يفرح بالسمعة، وكان يكلمهم بترجمان. وقال لتلميذه: بماذا تشير علي يا ابني؟ هل أذهب أم أبقي؟ قال له: يا أبي ان جلست أنت أنطونيوس، وان ذهبت فأنت انطونه[6]. وكان التلميذ يحبه ولا يشتهي أن يفارقه. فقال له القديس: وأنا أريد أن أكون أنطونه. وفي تلك الليلة عمل صلاة في الدير وسار إلي بلاد الافرنج[7] وحملته سحابة بقوة الرب يسوع المسيح. ودخل إلي مدينة الملك وجلس علي باب دار الوزير كمثل راهب غريب. ولما عبر وزير الملك وكان الليل قد حل، أمره الوزير بالدخول إلي منزله. وبينما هم علي المائدة واذا بخنزيرة في بيت الوزير كان لها صغار عمياء وأحدها أعرج أحضرتهما وألقتهما بين يدي القديس الذي خاطب الوزير قائلاً: لئلا تظن أن الملك فقط يريد شفاء ابنه! ثم صلب علي أولاد الخنزيرة، وبصق علي أعين العمياء منها وأبراها، فدهش القوم جداً وصاروا كأنهم أموات، ووصل الخبر الي الملك فأحضروه للوقت وأبرأ ابنه وقال: أيها الملك بلغني أنك أرسلت الي أنطونه المصري وانفقت مالك وأتعبت رسلك ولأجل هذا أنفذني الله اليك. ثم ودعه وانصرف الي ديره. وفي اليوم الثاني تقابل معه رسل الملك وطلبوا منه الذهاب معهم لشفاء ابن الملك. فقال لهم اسبقوني وأنا أحضر خلفكم. فرجعوا واثقين بكلامه، وقاسوا في عودتهم شدائد كثيرة من تعب البحر وهول السفر وعند وصولهم سمعوا بشفاء ابن الملك وأن قديساً آخر قد أبراه. وهكذا قصد القديس أنطونيوس أن ينفي عن نفسه الفخر والعظمة. ولكن السيد المسيح لم يشأ أن يخفي فضائله وتحققت أخباره في بلاد الأفرنج. فتعجب الرسل جداً كيف حضر القديس من بلاده الي بلادهم في ليلة واحدة وتكلم بلسانهم. وفي اليوم الثاني كان عندهم. فمجدوا الله كثيرا.ً من سيرة حياته الرهبانية وقوانين نسكه (أ) شركته مع السمائيين: جاء بعض الأخوة يسألونه في سفر اللاويين فاتجه الشيخ علي الفور إلي الصحراء. أما أنبا آمون الذي كان يعرف عادته فتبعه سراً. وعندما وصل الشيخ الي مسافة بعيدة رفع صوته قائلاً (اللهم ارسل الي موسي يفسر لي معني هذه الآية). وفي الحال سمع صوت يتحدث اليه. قال أنبا آمون أنه سمع الصوت لكنه لم يفهم قوة الكلام. (ب) الكشف الروحي: + لما حضر أنبا ايلاريون من سورية الي جبل أنبا أنطونيوس قال له أنبا أنطونيوس: (هل حضرت أيها النجم المنير المشرق في الصباح؟). أجابه أنبا ايلاريون: (سلام لك يا عامود النور حامي الخليقة) + كانت طلعته مضيئة بنور الروح القدس تنم عن نعمة عظيمة وعجيبة. كان متميزاً في رصانة أخلاقه وطهارة نفسه وكان يستطيع أن يري ما يحدث علي مسافة بعيدة. فقد حدث مرة بينما كان القديس جالساً علي الجبل أنه تطلع الي فوق فرأي في الهواء روح المبارك آمون راهب نيتريا محمولة الي السماء بأيدي ملائكة وكان هنالك فرح عظيم. وكانت المسافة بين نيتريا الي الجبل الذي كان فيه أنطونيوس نحو سفر ثلاثة عشر يوما ً. ولما رأي رفقاء أنطونيوس أنه منذهل سألوه ليعرفوا السبب فأعلمهم أن آمون مات توا فسجلوا يوم الوفاة. ولما وصل الأخوة من نيتريا بعد ثلاثين يوماً سألوهم فعلموا أن آمون قد رقد في اليوم والساعة التي رأي فيها الشيخ روحه محمولة الي فوق. فتعجب هؤلاء وغيرهم من طهارة نفس أنطونيوس وكيف أنه علم في الحال ما حدث علي مسافة سفر ثلاثة عشر يوماً وأنه رأي الروح صاعدة. (جـ) افرازه: + قيل ان شيوخاً كانوا قاصدين الذهاب الي أنبا أنطونيوس، فضلوا الطريق، واذا انقطع رجاؤهم، جلسوا في الطريق من شدة التعب، واذا بشاب يخرج اليهم من صدر البرية، واتفق وقتئذ أن كانت هناك حمير وحش ترعي، فأشار اليهما الشاب بيده، فأقبلت نحوه، فأمرها قائلاً: (احملوا هؤلاء الي حيث يقيم أنطونيوس). فأطاعت حمير الوحش أمره، فلما وصلوا، أخبروا أنطونيوس بكل ما كان، أما هو فقال لهم: (هذا الراهب يشبه مركباً مملوءاً من خير، لكني لست أعلم، ان كان يصل إلي الميناء أم لا؟). وبعد زمان بينما كان القديس أنطونيوس جالساً في الصحراء مع الاخوة وقع فجـأة في دهشة، فرأوه يبكي وينتحب، يركع ويصلي وينتف شعره فقال له تلاميذه: (ماذا حدث أيها الأب) فقال لهم الشيخ: (عامود عظيم للكنيسة قد سقط في هذه الساعة، أعني ذلك الشاب الذي أطاعته حمير الوحش قد سقط من قانون حياته) وأرسل الشيخ اثنين من تلاميذه اليه. فلما رأي تلاميذ أنطونيوس بكي وناح وأهال تراباً علي رأسه وسقط أمامهم قائلاً: (اذهبوا قولوا لأنبا أنطونيوس أن يطلب الي الله، كي يمهلني عشرة أيام لعلي أتوب). لكنه قبل أن يتم خمسة أيام توفي ولم يمكث طويلاً ليقدم توبة عن خطيته[8]. + قال الأنبا أنطونيوس (إني أبصرت مصابيح من نار محيطة بالرهبان، وجماعة من الملائكة بأيديهم سيوف ملتهبة يحرسونهم، وسمعت صوت الله القدوس يقول: (لا تتركوهم ما داموا مستقيمي الطريقة)، فلما أبصرت هذا، تنهدت وقلت: (ويلك يا أنطونيوس، ان كان هذا العون محيطاً بالرهبان، والشياطين تقوي عليهم!) فجاءني صوت الرب قائلاً: (إن الشياطين لا تقوي علي أحد، لأني من حين تجسدت، سحقت قوتهم عن البشريين، ولكن كل إنسان يميل الي الشهوات ويتهاون بخلاصه، فشهوته هي التي تصرعه وتجعله يقع) فصحت قائلاًطوبي لجنس الناس وبخاصة الرهبان، لأن لنا سيداً هكذا رحيماً ومحباً للبشر). + ودفعة جاء شيخ كبير في زيارة للأنبا أنطونيوس في البرية وهو راكب حمار وحش، فلما رآه الشيخ قال (هذا سفر عظيم، ولكني لست أعلم أن كان يصل الي النهاية أم لا). (د) يوجد نظير له: أعلن الرب لأنبا أنطونيوس أنه في المدينة الفلانية يوجد رجل يماثله، وهو طبيب يعمل ويوزع كل ما يحصل عليه علي الفقراء والمحتاجين، ويقدم للرب تماجيد مع الملائكة ثلاث مرات يومياً. (هـ) يوجد من يفوقه أيضاً: بينما كان القديس يصلي في قلايته سمع صوتاً يقول: (يا أنطونيوس. انك لم تبلغ بعد ما بلغه خياط بمدينة الاسكندرية) فقام القديس عاجلاً وأخذ عصاه الجريد بيده ووصل الي الخياط. فلما نظر الخياط الشيخ ارتعد. سأله القديس: (ما هو عملك وتدبيرك؟) أجابه الخياط: (إنني لا أظن أنني أعمل شيئاً من الصلاح غير أني أنهض مبكراً وقبل أن أبداً عمل يدي أشكر الله وأباركه. وأجعل خطاياي امام عيني وأقول: (إن كل الناس الذين في المدينة سيذهبون الي ملكوت السموات لأعمالهم الصالحة أما أنا فسأرث العقوبة الأبدية لخطاياي). وأكرر هذا الكلام عينه في المساء قبل أن أنام. لما سمع منه القديس هذا الكلام قال له: حقاً كالرجل الذي يشتغل في الذهب ويصنع أشياء جميلة ونقية في هدوء وسلام هكذا أنت أيضاً فبواسطة أفكارك الطاهرة سترث ملكوت الله بينما أنا الذي قضيت حياتي بعيداً عن الناس منعزلاً في الصحراء لم أبلغ بعد ما بلغته أنت. (و): ترديد اسم يسوع: قال: ان جلست في خزانتك قم بعمل يديك.. ولا تخل اسم الرب يسوع، بل أمسكه بعقلك ورتل به بلسانك وفي قلبك وقل: ياربي يسوع المسيح ارحمني. ياربي يسوع المسيح أعني. وقل له أيضاً.. أنا أسبحك ياربي يسوع المسيح من هو أنطونيوس؟: + قال أحد الاخوة: أرانا أنبا صيصوي مغارة الأنبا أنطونيوس حيث كان يسكن: (هوذا في مغارة أسد يعيش ذئب)[9]. ——————————————————————————– [1] – في سيرة أنطونيوس بقلم أثناسيوس الرسولى جاء أن القديس أنطونيوس ترك العالم بعد وفاة والده بستة أشهر. [2] – كلمة موناخوس (راهب) معناها الأصلي (متوحد) ويبدو أن دهشة أنطونيوس من رد المرأة جاءت من فهمها مدلول اللفظ أنه يعني عابداً منعزلاً، فاعتبر ردها توجيها له من الله، فتوغل في الصحراء. [3] – لاشك أنه كان هناك متعبدون ينعزلون. ولكن الرهبنة بأوضاعها التي تحددت بعد ذلك لم تكن معروفة. [4] – عباءته. [5] – القصة في بساطة أسلوبها وردت هكذا ولكن ما عمله بولس البسيط هذا هو الصلاة بتذلل أمام الله. [6] – أي لا يتغير فيك شئ سوي نطق الناس لاسمك. [7] – وردت هذه الكلمة في المخطوطات (الانكبرد) [8] – ليس المقصود أن يقدم الإنسان عملاً يكسب له رضي الله. لأنه لا يوجد عمل يقدمه الإنسان يستطيع أن يكفر عن خطيته، إذ لا يكفر عن الخطية سوي دم المسيح ولابد من الندم الكامل وترك الخطية. ولسنا نعلم هل ترك هذا الشاب خطيته أم لا؟ فللرب وحده أن يقبل توبة إنسان حتى في النزع الأخير، كما مع اللص اليمين. والمهلة التي طلبها هذا الأخ هي للانسحاق والسلوك في التوبة وكان الإخوة، يرجو أن يروه سالكاً في التوبة يعمل أعمالاً صالحة تليق بها، ليطمئنوا عليه. [9] – لعل المغارة كانت فارغة، فقصد أنبا صيصوي أنها مأوي للوحوش الضارية، بعد أن كانت لأنطونيوس الأسد في الفضيلة. |
||||
05 - 06 - 2015, 04:11 PM | رقم المشاركة : ( 7926 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القديس العظيم افا فينى ( ابو فانا ) المتوحد عاش القديس ابو فانا فى مابين النصف الأخير من القرن الرابع و أوائل القرن الخامس الميلادى (355 – 415 ) م ، ولد فى ممفيس من أبوين تقيين غنيين فى النعمة و الثروة ، فنشأ فى حياة القداسة و صلابة الإيمان و دفء الحياة المسيحية مما كان له أعظم الأثر فى حياته المبكرة فمنذ طفولته إستقى من الكتب المقدسة و تعاليم الكنيسة فتعلم القديس حياة الصوم و الصلاة و العطف على الفقراء حيث كان والديه يصنعان صدقات كثيرة ، فأحب الرب الهه منذ طفولته، ولما بلغ سن الشباب كانت ميوله نحو الصلاة و التسبيح و القراءات الروحية فعاش حياة الطهارة و أحبها ، فكان بالحقيقة إناء نقيا مقدسا لسكنى الروح القدس. و مع نموه فى النعمة و القامة يوما بعد يوم تزايدت أشواقه و محبته لطريق الرهبنة ، و مع إزدهار الحياة الرهبانية فى الصعيد انطلق ليتتلمذ للرهبان و المتوحدين ، وكان شديدا فى نسكه و تقشفه فكان يدرب نفسه أن يقتنى كل فضيلة يسمع عنها أو يراها من الأباء الرهبان. لم يأخذ رتبة كهنوتية حسب النظام الباخومى ، و لكنه صار أبا لبطاركة إذ تخرج من الدير اثنين من الآباء البطاركة هما : البابا ثيؤدوسيوس الـ79 ، و البابا متاؤس الأول الـ 87 ، و قد تكاثر أولاده جدا فكان لا يفتر عن تعليمهم و إرشادهم ، و أعطاه الله موهبة شفاء المرضى ، بل و إقامة موتى ، و كذلك منحه الله الشفافية الروحية ، و صارت حياته بركة . ثم توحد بمغارة فى الجبل الغربى من قصر هور ، و قد أنبع ىالله عين ماء عذب عند مدخل المغارة، وتزايد جهاده الروحى حيث أضنى جسده بالصوم الكثير الذى كان يطوى الأيام فيه يومين يومين ، و كان دائم الوقوف للصلاة حتى تورمت رجليه ، و لصق جسده بعظمه من شدة النسك فصار مثل خشبة محروقة ، و كان كلما غلبه النعاس ينام وهو متكئا بصدره على جدار أقامه خصيصا لذلك أو يجلس على الأرض و يستند إلى الحائط أو يضع رأسه على درجة و ظل هكذا 18 عاما حتى يوم نياحته يوم السبت 4 مارس لعام 415 م الموافق 25 أمشير لعام 131 ش ، و دفن بديره الموجود بالجبل الغربى لقصر هور ـ ملوى . بركة صلواته تشملنا آمين |
||||
05 - 06 - 2015, 04:15 PM | رقم المشاركة : ( 7927 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القديس مار إسحق هو ناسك عظيم من محبي الوحدة والسكون، ترهب هو أخوه حسب الجسد في أحد أديرة طور سينا ونال الاثنان شهرة كبيرة ثم أتجه كل منهما اتجاهاً خاصاً فاختار مار إسحق حياة السكون الكامل بينما صار أخوه رئيساً للدير. ووصلت محبة الوحدة بمار إسحق أنه عاتب أخاه عتاباً شديداً في رسالة مشهورة له عندما طلب منه أن يزور الرهبان في الدير وشرح مارإسحق الأضرار التي تصيبه من مجرد النزول إلي الدير….. والعجيب في كل ذلك أن هذا المتوحد علي الرغم من محبته الكاملة لحياة السكون صار أسقفاً لنينوي. لسنا ندري ما هي الظروف التي لابست هذا الأمر، ولكن التاريخ يسجل لنا انه لما وجد أن الأسقفية تحرمه من حياة السكون ترك الأسقفية ومضي. وفي هروبه لم يرجع إلي مغارته الأولي وإنما ذهب إلي برية شيهيت واستقر فيها سنوات وقد وضع مؤلفاً ضخماً من أربعة كتب عن طقس الوحدة يعتبر من أروع الكتب في هذا الموضوع وانتفع فيه بآراء كبار الآباء في هذا المجال كالقديس مقاريوس الكبير ومار أغريس والقديس يوحنا التبايسي وغيرهم. |
||||
05 - 06 - 2015, 04:17 PM | رقم المشاركة : ( 7928 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الأنبا زكريا سيرته وتعاليمه كيف صار شبه الملائكةطهارة الحقيقية) رهبنته: كان لرجل اسمه قاريون ولد صغير اسمه زكريا، هذا أتي الي الأسقيط وترهب به ومعه ابنه. وقد ربي ابنه هناك وعلمه بما ينبغي. وكان الصبي جميل الخلقة، وحسن الصورة جداً. فلما شب حدث بسببه تذمر بين الرهبان،فلما سمع الوالد بذلك قال لابنه: يا زكريا هيا بنا نمضي من هاهنا لأن الآباء قد تذمروا بسبك، فأجاب الصبي أباه قائلاً: يا أبي ان الكل هاهنا يعرفون أني ابنك ولكن ان مضينا الي مكان آخر، فلن يقولوا اني ابنك، فقال الوالد: هيا بنا يا ابني نمضي الآن فان الآباء يتذمرون بسببنا. وفعلاً قاما ومضيا الي الصعيد، وأقاما في قلاية، فحدث سجس كذلك، فقام الاثنان ومضيا الي الاسقيط ثانية، فلما أقاما أياما عاد السجس عينه في أمر الصبي. لما رأي زكريا ذلك مضي الي غدير ماء معدني (كبريتي) وخلع ملابسه وغطس في ذلك الماء حتي أنفه،وأقام غاطساًً عدة ساعات منفخاً، فتشوه وتغيرت ملامحه، فلما لبس ثيابه وجاء الي والده لم يتعرف عليه الا بصعوبة. حدث أن مضي بعد ذلك الي الكنيسة ليتناول الأسرار فعرفه القس ايسيذورس، وعندما رآه هكذا تعجب مما فعله وقال: أن زكريا الصبي جاء في الأحد الماضي وتقرب علي أنه انسان. اما الآن فقد صار شبه ملاك. المرشد الروحي: ودفعة عندما كان أنبا زكريا ساكناً في الأسقيط ظهرت له رؤية من الله. فنهض وجاء الي أبيه، أنبا قاريون، وكان الشيخ كاملاً، ولم يأل جهداً في أن يفاخر بهذه الأمور بل نهض وضربه قائلاًهذه الرؤية من الشياطين). وعندما فكر في الأمر طويلاً قام ومضي ليلاً الي أنبا بيمين، وأعلمه بالأمر، وكيف كانت أفكاره تلتهب في قلبه. فعلم الشيخ أن الأمر هو من الله، وقال له (أمض الي ذاك الشيخ. وافعل كل ما يوصيك به). ولما مضي الي ذاك الشيخ، وقبل أن يخاطبه بشئ، قال له الشيخان الرؤية من الله، ولكن أمض وأخضع الي أبيك). فضائله اتزان عقله وسكونه: قال أنبا قايون: اني بذلت أتعاباً كثيرة بجسدي لكني لم أصل الي رتبة ابني زكريا في اتزان العقل والسكون تعاليمه ما هو الراهب الحقيقي: سأل الأب مقاريوس الكبيرة مرة زكريا وهو مازال في حداثة سنه قائلاً: قل لي: (يا زكريا ماهو الراهب الحقيقي؟) قال له زكريا: يا أبي أتسألني أنا؟! قال له الشيخ: نعم يا ابني زكريا، فان نفسي متيقنة بالروح الذي فيك، ان شيئاً ينقصني يلزم أن أسألك عنه. فقال له الشابأن الراهب هو ذلك الانسان الذي يرذل نفسه ويجهد ذاته في كل الأمور). كيف يخلص الراهب: قيل: أتي أنبا موسي مرة ليستقي ماء فوجد أنبا زكريا علي البئر يصلي وكان ممتلئاً من روح الله. فقال له: ياأبتاه قل لي ماذا أصنع لأخلص. فما أن سمع الحديث حتي أنطرح بوجهه عند رجليه وقال له: ياأبي لا تسألني أنا. قال أنبا موسي:صدقني يا ابني زكريا أني أبصرت روح الله حالاً عليك ولذلك وجدت نفسي مسوقاً من نعمة الله أن أسألك فتناول زكريا قلنسوته ووضعها عند رجليه وداسها،ثم رفعها ووضعها فوق رأسه وقال: ان لم يصر الراهب هكذا منسحقاً فلن يخلص. السكوت: لما حضرت أنبا زكريا الوفاة سأله أنبا موسي قائلاً: أي الفضائل أعظم يا ابني. فأجابه علي ماأراه يا أبتاه، ليس شئ أفضل من السكوت. فقال له:حقاً يا ابني بالصواب تكلمت. نياحته: وفي وقت خروج روحه كان أنبا ايسيذورس القس جالساً فنظر الي السماء وقال: أخرج يا ابني زكريا فان أبواب ملكوت السموات قد فتحت لك. |
||||
05 - 06 - 2015, 04:20 PM | رقم المشاركة : ( 7929 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الأنبا أغاثون سيرته الرهبانية: كان أغاثون القديس حكيما في معرفته حريصاً على إتمام الوصيا، بسيطا فى جسمه وكفئا فى كل الأمور في عمل اليدين وفي طعامه وفي ملبسه. حكمته: قيل عن القديس الكبير أنبا أغاثون: ان أناساً مضوا اليه لما سمعوا بعظم افرازه وكثرة دعته. فأرادوا أن يجربوه فقالوا له: أأنت هو أغاثون الذي نسمع عنك أنك متعظم؟ فقال: نعم الأمر هو كذلك كما تقولون. فقالوا له: أأنت أغاثون المهذار المحتال؟ قال لهم: نعم أنا هو. قالوا له: أأنت أغاثون المهرطق؟ فأجاب: حاشا وكلا: أني لست مهرطقاً فسألوه قائلين: لماذا احتملت جميع ما قلنا لك ولم تحتمل هذه الكلمة؟ فأجابهم قائلاً: ان جميع ما تكلمتم به علي قد اعتبرته لنفسي ربحاً ومنفعة الا الهرطقة لأنها بُعد عن الله. وانا لا أشاء البُعد عنه. فلما سمعوا عجبوا من افرازه ومضوا منتفعين. + اعتاد أنبا يوسف أن يقول: لما كنا جالسين مع أنبا بيمين ذكر أنبا أغاثون فقلنا لهأنه رجل حديث السن، فلماذا تدعوه أبا؟) قال أنبا بيمينان فمه هو الذي جعله يدعي أبا) + قال الشيوخ الذين كانوا في مصر لأنبا ايليا ان أغاثون كان رجلاً عظيماً فقال لهم الشيخ: (من جهة حداثته، كان رجلاً عظيماً في جيله، لقد رأيت في الاسقيط شيخاً استطاع أن يحجز الشمس عن مسلكها في السماء مثل يشوع بن نون: (ولما سمعوا هذا تعجبوا ومجدوا الله). صمته: أخبروا عن الأنبا أغاثون: انه وضع في فمه حجرا ثلاث سنين حتي أتقن السكوت. محبته: + قال: اني مارقدت قط وأنا حاقد علي انسان ولاتركت انسانا يرقد وهو حاقد علي حسب طاقتي.(أف26:4)، (رو8:12). + وقال أيضاً: إن أنا ربحت أخي فقد قربت قربانا. + قال أنبا يوسف: أن أخا جاء الي أنبا أغاثون فوجد معه مسلة خياطة (أبرة كبيرة) فأعجب الأخ بها لأنها جيدة. فما كان من الشيخ الا أنه لم يتركه يمضي الا بها. + مضي الأب أغاثون مرة ليبيع عمل يديه فوجد انساناً غريباً مطروحاً عليلاً وليس له من يهتم به. فحمله وأجر له بيتاً وأقام معه يخدمه ويعمل بيديه ويدفع أجرة المسكن وينفق علي العليل مدة أربعة أشهر حتي شفي. وبعد ذلك أنطلق الي البرية وكان يقول: كنت أشاء لو جدت رجلاً مجذوماً يأخذ جسدي ويعطيني جسده. + حدث مرة أن مضي الي المدينة ليبيع عمل يديه فوجد انساناً مجذوماً علي الطريق فقال له المجذوم: الي أين تذهب؟ قال له: الي المدينة. فقال له المجذوم: أصنع معي رحمة وخذني معك. فحمله واتي به الي المدينة. ثم قال له المجذوم. خذني الي حيث تبيع عمل يديك. فأخذه. ولما باع عمل يديه سأله المجذوم: بكم بعت؟ فقال: بكذا وكذا. فقال له المجذوم: اشتر لي شبكة. فاشتري له. ومضي وباع ثم عاد وقال له المجذوم: خذ لي كذا وكذا من الأطعمة فأخذ له. ولما أراد المضي الي قلايته قال له المجذوم: خذني الي الموضع الذي وجدتني فيه أولا. فحمله ورده اليه. فقال له الرجل: (مبارك أنت من الرب الهنا الذي خلق السماء والأرض). فرفع أنبا أغاثون عينه فلم يراه لأنه كان ملاك الرب أرسل اليه ليجربه. شعوره بالغربة وبعده عن الأخوة المنحلين: + قال ان كان أحد يحبني وأنا أحبه للغاية. وعلمت انه قد لحقتني نقيصة بسبب محبته فاني أقطعه مني وانقطع منه بالكلية. + وقيل عنه أيضاً: انه مكث زماناً يبني مع تلاميذه قلاية فلما تمت وجلسوا فيها ظهر له في الأسبوع الأول أمر ضايقه، فقال لتلاميذه: هيا بنا ننصرف من هنا، فانزعجوا جداً قائلين: حيث أنك كنت عازماً علي الانصراف فلماذا تعبنا في بناء القلاية؟ ألا يصبح من حق الناس الآن أن يشكوا قائلين: ان هؤلاء القوم لا ثبات لهم؟ فلما رآهم صغيري النفوس هكذا، قال لهم: ان شك قليلون منهم فكثيرون سوف ينتفعون ويقولون: (طوبي لأولئك الذين من أجل الرب انتقلوا واختبروا كل شيئ). فمن أراد منكم أن يتبعني فليجئ لأني قد اعتزمت نهائياً علي الانصراف فما كان منهم الا أن طرحوا أنفسهم علي الأرض طالبين اليه أن يأذن لهم بالمسير معه. بساطته: + قيل عنه أنه لما كان ينتقل، ما كان يرافقه أحد سوي الجريدة التي كان يشق بها الخوص لاغير – ولما كان يعبر النهر كان يمسك المجداف بنفسه. واذا رافق أخا كان يهيئ بنفسه المائدة لأنه كان مملوءاً حلاوة ومحبة ونشاطاً. تدقيقه في حياته (نقاوته): قيل عنه أنه اذا تصرف في أمر وأخذ فكره يلومه كان يخاطب نفسه قائلاً: يا أغاثون، لا تغفل أنت هكذا مرة أخري.. وبذلك كان يسكن قلبه. وقال أيضاً: ان الراهب هو ذلك الانسان الذي لا يدع ضميره يلومه في أمر من الأمور. أمانته: + أتاه أخ مرة يريد السكني معه وقد أحضر معه قليلاً من النطرون وجده في الطريق أثناء مجيئه. فلما رآه الشيخ قال له: من أين لك هذا النطرون؟ قال له الأخ: قد وجدته في الطريق وأنا سائر. فأجابه الشيخ قائلاً: ان كنت تشاء السكني مع أغاثون أمض الي حيث وجدته هناك وضعه. + وحدث مرة بينما كان سائراً مع تلاميذه أن وجد أحدهم جلبابا أخضر في الطريق. فقال له: يامعلم: هل تأذن لي أن آخذه؟ فنظر اليه الشيخ متأملاً وقال: هل تركته؟ فقالا: لا. فقال له الشيخ: وكيف تأخذ شيئاً ليس لك؟ قناعته: قيل عن الأنبا أغاثون والأنبا آمون: أنهما لما كانا يبيعان عمل أيديهما كانا يقولان الثمن مرة واحدة. وما كان يعطي لهما يأخذانه بسكوت، كذلك اذا احتاجا لشئ يشتريانه كانا يقدمان المطلوب منهما بسكوت ولا يتكلمان. عدم الأدانة: + كان من عادة أنبا أغاثون اذا رأى أمراً أو عملاً وأراد فكره أن يدين هذا العمل او يحكم عليه أن يخاطب نفسه قائلاً: (لا تفعل أنت هذا الأمر) وبهذه الطريقة كان يهدئ قلبه ويحفظ السكوت. + مرض دفعة أنبا أغاثون وأحد الشيوخ واذ كان كلاهما يرقدان في القلاية، كان أخ يقرأ لهما سفر التكوين، ولما وصل الي الموضع الذي قال فيه يعقوب لأولاده: “يوسف مفقود، وشمعون مفقود، وبنيامين تأخذونه..لكي تنزلوا شيبتي بحزن الي الهاوية” (تك 42: 36-38) أجاب الشيخ قائلاً: “أواه يا يعقوب. ألم يكفيك العشرة أولاد؟” قال أنبا أغاثون:”احفظ السكون أيها الشيخ، اذا كان الرب قد دعاه باراً، فمن ذا الذي يدينه؟”. تحفظه الي النهاية: هذا القديس كان متحفظاً جداً اذ كان يقول: “بغير تحفظ كثير لا يقدر أحد أن يصل الي الفضيلة”. وقيل عنه أنه لما كان عتيداً أن ينطلق الي الرب مكث ثلاثة أيام وعيناه مفتوحتان ولا يتحرك. فأقامه الأخوة وقالوا له: يا أبانا أنبا أغاثون: أين أنت؟! فقال: انا واقف أمام عرش القضاء الالهي! فقالوا له: أتفزع أنت أيضاً؟! فأجابهم قائلاً: “علي قدر طاقتي حفظت وصايا الله. ألا أنني انسان. من أين أعلم ان كان عملي أرضي الله؟” فقالوا له: ألست واثق بأن عملك مرضي عند الله؟ فقال الشيخ: “لن أثق دون أن ألقي الله لأن حكم الناس شئ وحكم الله شئ آخر”. فطلبوا منه أن يكلمهم كلمة تنفعهم. فقال لهم: اصنعوا محبة. ولا تكلموني لأني مشغول في هذه الساعة. وللوقت تنيح. فأبصروا وجهه كمن يقبل حبيبه. |
||||
06 - 06 - 2015, 12:46 PM | رقم المشاركة : ( 7930 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
اليقظة الروحية أية مشكلة طارئة مفاجئة تقابلك، ستفرغ لها وقتا" للتصرف فيها ، مع أنك ما كنت تعمل لها حسابا" ، وما كانت تخطر على بالك،وبالخصوص في هذه الأيام، ذلك لشعورك بأهمية الأمر،كذلك إن شعرنا بأهمية خلاصنا ،وأهمية علاقتنا بالله،لابد من تنظيم الوقت والتوازن حتى لا يطغي العالم على روحياتنا. المهم أن تقتنع بأهمية العمل الروحي .وحينئذ ستجد وقتا". و تتكلم ولو قليلا" مع الله..... الذي ينتظرك ولا تتركه إلى أخر القائمة...؟ كان داود النبي ملك وقائد وقاضي ، أستطاع أن يجد وقتا" طويلا" ودسما" للمزمار وللقيثارة وللتسبيح والترتيل . وكان القديس العظيم الأنبا أبرام يقرأ الكتاب المقدس بأكمله مرة كل 40يوم رغم مشاغله الكثيرة كأسقف . أن اعتبرت نفسي إنسانا" صالحا"فأين أنا من هذا وذاك . |
||||