21 - 05 - 2015, 04:14 PM | رقم المشاركة : ( 7801 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
صلاة في عيد الصعود
نفتكر ونتامل يا ربنا الحبيب رب المجد يسوع المسيح في مجد قيامتك من بين الاموات وصعودك للسماء بعد اربعين يوما من ذكرى عيد قيامتك املين وطالبين ان تثبت ونرفع انظارنا اليك الى السماء بيتك الازلي الابدي وان نفكر بانتصارك على ابليس وهزمك له بموتك وبقيامتك اذ قد انتصرنا على الخطايا التي مصدرها ابليس عدو الخير واحييت موتنا واقمتنا معك واصعدت الارض نحو السماء بصعودك حيث صالحتنا مع عظمة وقداسة ابيك الله الاب واتممت ارادة ابيك السماوي وخطة خلاصه العظيمة لنا نحن خلائقك جنس بني البشر معلما ايانا ان نتبعك ونقتدي بك وان نفعل قصارى جهودنا في تتميم ارادة الله في حياة كل واحد مناوان نصلي لله الاب ونطلب له باسمك ما نريد تبعا لوصيتك( كل ما تطلبونه من الاب باسمي يكون لكم ما تريدون) تبارك اسمك القدوس الى الابد امين |
||||
21 - 05 - 2015, 04:16 PM | رقم المشاركة : ( 7802 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
صلاة شكر لله لاستجابته صلواتنا
اشكرك يا رب لانك خلقتني من العدم وحولتني نفسا ناطقة على شبهك وصيرتني مسيحيا ومسيحية وفديتني بدم ابنك الوحيد وبررتني من خطاياي وابعدت ونسيت عني ماضي الاثيم وفتحت لي عهدا جديدا عهد نعمتك الدائمة علي ورحمتك الفياضة لي واشكرك لاستجابتك صلاة اخوتي واحبتي الاعزاء الكرام على نية شفائي من امراضي واستجابتك صلواتي انا ووالدتي وابعادك عني مرضي هشاشة العظام وسرطان العظام نهائيا وكل ما تعرضت له من الام كان نتيجة اجهاد جسمي وعضلي وانها ستختفي خلال ايام معدودة واشكرك لانك انعمت علي بكل هذه النعم الالهية التي املكها والتي لا املكها لانك عالم بخيري وبكل ما هو لصالحي وانت ادرى بما يفيدني وما هو يحقق مشيئتك في حياتي واشكرك على هذه البشرى السارة لخلوي من المرضين اللعينين وانا شهدت للطبيب عندما قال لي بانني معافاة شهدت وقلت شكرا ربي يسوع المسيح وشكرا ملكتي القديسة العذراء مريم وقلت له انا اعبد الرب يسوع المسيح وهو لم ولن يتركني فريسة للامراض وهو معي دوما وهو الذي نجاني منها وهو استبدل اعضاءا عليلية باعضاء صحية معافاة وهو خالقي فكيف لا يقدر ومكتوب صلاة الايمان تشفي المريض وان كان قد ارتكب خطيئة تغفر له ومكتوب ايضا من اتفق اثنان باسمي يكون لهم ما يريدون ومكتوب ايضا صلاة البار قادرة في عملها وتمجد الرب يسوع باستجابة صلواتكم الحارة على نية شفائي احبتي وزملائي الاعزاء وصلواتي انا ووالدتي تبارك اسمه القدوس الى ابد الابدين امين |
||||
21 - 05 - 2015, 04:17 PM | رقم المشاركة : ( 7803 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
صلاة تشفعية
يا الهنا حبيبنا رب المجد يسوع انت وحدك معين الايتام والغرباء والوحيدين في هذا العالم انت وحدك اللي تسندهم في يتمهم وغربتهم ووحدتهم انت وحدك اللي ترافقهم في مشوار يومهم العادي تحنن يا رب على الايتام والغرباء والوحيدين وتعطف عليهم واعنهم في وضعهم الصعب وفي ازماتهم وضيقاتهم هؤلاء هم احبتك الاصاغر يا رب هؤلاء تركتهم عوائلهم وتركهم معارفهم واصبحوا وحيدين لكنك يا رب لن تنساهم ابدا هم احبتك واولادك وبناتك ارزقهم يا رب ببركاتك الزمنية والروحية التي هم بامس الحاجة اليها يا رب انت ترافقهم في مرضهم وفي شدتهم انت تنام معهم في سرير مرضهم حتى وهم لم يطلبوا منك ذلك لانك تحبهم ولقد خطبتهم عروسا لك هم جسدك يا رب هم كنيستك يا رب هم شعبك وخاصتك يا رب اعهم سؤل قلوبهم لكي يزداد ايمانهم بك هم يعتبروك قد ظلمتهم حاشاك يا رب ولكن حسب تصورهم الشخصي في ظروفهم الصعبة هذه هم مثل رسولك توما يريدون ان يروا بركاتك الالهية لهم تدخل يا رب في حياتهم واعدهم اليك الى حضنك الدافئ وارزقهم بايمانهم بك وازرع محبتك يا رب في قلوبهم انتزعهم من مصائد ابليس وارجعهم اليك انت القادر على كل شئ ولا يعسر عليك امر استجبنا يا رب وارحما كعظيم رحمتك امين |
||||
21 - 05 - 2015, 04:19 PM | رقم المشاركة : ( 7804 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
انت تعلم يا الهي كم احبك
انت تعلم يا الهي وحدك كم احبك وكم قلبي ماسورا بحبك وكم روحي مغرمة بعشقك وكم نفسي مبهورة بجمالك وروعتك وعظمتك ، انت وحدك تعرف كم من الحب يوجد في قلبي لك بل قلبي ينبض قائلا احبك احبك احبك يا رب فكيف وانا في حال نعمتك المسكوبة والفياضة علي ان اسقط في فخ ابليس وانكر كل ذلك كيف انتصر علي ابليس وجعلني اشعر بالمرارة والغضب والسخط تجاهك وانا نفسي لا اعرف كيف حصل ذلك لي لكنني واثقة من انني تبت وتندمت جدا وطلبت غفرانك الابوي وصفحك لي فاستفقت اليوم وانا متوقعة بعقاب شديد منك واجد نفسي ترنم الترنيمة ( قلبي اسير نعمتك) وتظل ترددها فشكرتك ومجدتك وشهدت على رحمتك الواسعة التي حوطتني بها ورافتك واحسانك الذي كللتني بهما وعاهدتك على السير في خطاك وطلبت منك ان تقودني انت طالبة رضاك عني ووعدتك بخدمتك طوال حياتي اشهد عن حبك العظيم ورحمتك الواسعة التي تسعان كل خاطئ وكل خطيئة لك اعطي كل المجد الى الابد امين |
||||
21 - 05 - 2015, 04:19 PM | رقم المشاركة : ( 7805 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يا رب اجعلنا دوما في بيت ايل اي في بيتك يا الله
يا رب اجعلنا دوما ساكنين في بيت ايل اي في بيتك المقدس ومتواجدين في محضرك القدوس ومتنعمين بروحك القدوس وانعم علينا بالمكوث فيه طيلة ايام غربتنا في خيمتنا الارضية ولا تسمح با نغادره مطلقا وننفصل عنك روحيا بالوقوع في الخطايا وامنحنا مناعة وقوة وترس ضد الخطايا واجعلنا ثابتين على صخرة ايماننا فيك وبيك ومتطلعين للسكنى الدائم في بيت ايل في بيتك القدوس يا الله |
||||
21 - 05 - 2015, 04:21 PM | رقم المشاركة : ( 7806 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تضرع وصلاة للرب يسوع المسيح
انر يا رب الهنا لكي نسمع ونفهم وصاياك الالهية اللذيذة وهب لنا بنعمتك ورحمتك ان نجني منها فائدة المحبة والرجاء وخلاص النفس والجسد فنرتل لك المجد الدائم يا رب الكل الى الابد امين عطرنا يا ربنا والهنا برائحة محبتك الزكية واغسلنا من دنسنا ونتانتنا ايها الراعي الصالح الذي خرج باحثا عنا فوجدنا وهو يسر برجوعنا اغفر يا رب خطايانا التي ارتكبناها بمعرفتنا وبغير معرفتنا ونحن غير مستحقين امين لنتامل في الام المسيح وموته وقيامته لان ابن الله الوحيد اخذ من اجلنا جسدا بشريا مائتا ونفسا عاقلة وخالدة وبشرائعه المحيية ووصاياه اللذيذة نقلنا من الضلال الى معرفة الحق وبعد ان حقق تدبيره لاجلنا اختبر الام الصليب ومات وفي اليوم الثالث قام وصعد الى السماء واعطانا اسراره المحيية الالهية لنتذكر موهبته العظيمة علينا بقلب نقي وايمان صادق ونغفر للاخرين زلاتهم الينا ونطلب الرحمة والغفران من رب الكل وننقي نياتنا من كل حقد وعداء ونصفي نفوسنا ونصفح لزلات اخوتنا |
||||
21 - 05 - 2015, 05:56 PM | رقم المشاركة : ( 7807 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الأنبا باخوميوس أب الشركة قصة اعتناقه المسيحية ورهبنته: كان والده من الصعيد الأعلي عابداً للأصنام. ففي ذات يوم تجند باخوميوس ضمن جنود الملك. فحدث بينما كانوا مسافرين وهم بحال سيئة للغاية أن أتاهم قوم مسيحيون من اسنا بطعام وشراب في المعسكر. فسأل باخوميوس: كيف أمكن لهؤلاء الناس ان يتحننوا علينا وهم لا يعرفوننا قط؟ فقيل له أنهم مسيحيون وانهم يفعلون ذلك من أجل اله السماء. فلما سمع باخوميوس هذا الكلام قرر في نفسه أنه لو أتيحت له فرصة يصير مسيحياً ويخدم المحتاجين، وبتدبير الله غلب الملك أعداءه وأصدر أوامره بتسريح الجنود. فرجع باخوميوس وتعمد. وبعد ثلاث سنين ترهب عند قديس اسمه بلامون. أقامته نظام الشركة: وشرع لوقته في اقامة شركة حتي يساعدوا بعضهم بعضاً ويقوموا باعالة المحتاجين والضعفاء، فاجتمع اليه كثيرون وبنوا أديرة وأتخذوا لهم عيشة مشتركة. وكان القديس يرسل لهم قانون العبادة وشغل اليد والتصرف اللائق ويدبرهم في الجلوس والقيام والسكوت والكلام ويتشدد في ذلك الي أبعد حد. ولقد كان لخدمته العسكرية أثر كبير في حياته اذ تدرب فيها علي الطاعة والعمل اليدوي والحياة المشتركة، وقد تضمن تنظيم حياة الشركة وتدبيره للآباء الرهبان جميع هذه النواحي العملية. وفيما يلي تطبيقات عملية لبعض قوانين الرهبنة التي نظمها القديس: 1- كان مفروضاً علي طالب الرهبنة أن يعرف معني الرهبنة: الرهبنة هي: الصوم بمقدار، والصلاة بمداومة، وعفة الجسد وطهارة القلب وسكوت اللسان وحفظ النظر والتعب بقدر الامكان، والزهد في كل شئ. وكان يقول: جميع آبائنا القديسين، بجوع وعطش وحزن كثير، اكملوا سعيهم ونالوا المواعيد. إن كنت قد نذرت لله بكورية بمحبة واشتياق فاطلبه من كل قلبك وأسلك حسب وصاياه. وحينئذ يجعلك الله أبنا له، ويباركك، ويصير بركتك نهراً، ونهرك بحراً، ويجعلك كبركة نار، وسراجه يضئ عليك، وتمتلئ نوراً من الأشراق الالهي. ويعطيك الاله مجداً مثل مجد القديسين، فتضع ثقلا علي أراكنة الظلمة، وتري قوة الله في يمينك، وتغرق فرعون وجنوده في بحر ملح وتخلص شعبك من عبودية الغرباء، وتورثهم أرض الخيرات التي تفيض لبنا وعسلاً، التي هي كمال سعيك وخروجك من هذا العالم بسلام. آمين. 2- النوم: كان القديس باخوميوس يديم الصلاة بنسك زائد وسهر. واذا أراد ان يرقد، لم يكن يرقد ممتداً، ولا علي مصطبة بل كان يجلس مستنداً الي الحائط. وكان اذا مضي الي موضع خارج الدير مع الأخوة واضطروا الي المبيت كان يأمرهم(يفرض عليهم) أن يحفر كل واحد منهم لنفسه حفرة في الأرض مثل مراقدهم في الدير قائلاً لهم: أنه من الواجب علي الانسان الراهب أن يتعب نفسه في مرقده لكون روح الزني يقفز علي الرجل ليجربه بشدة لاسيما اذا رقد منفرشاً ممتداً براحة. 3 – العمل اليدوي: وهذا ما كان راهب أو رئيس رهبنة ليعفي منه. وعليه فلقد كان أنبا باخوميوس يشاطر رهبانه أعمالهم اليدوية. يخرج معهم الي الحقول لمزاولة الزرع والحصاد ويحمل مؤونته بنفسه أسوة بهم. وقيل انه مضي دفعة، في أمر مع الأخوة وكان ذلك الأمر يحتاج الي أن يحمل كل واحد منهم كمية من الخبز. فقال له احد الشبان: حاشاك أن تحمل شيئاً يا أبانا. هوذا أنا قد حملت كفافي وكفافك. فأجابه القديس: هذا لا يكون أبداً. أن كان قد كتب من اجل الرب أنه يليق به أن يتشبه باخوته في كل شئ، فكيف أميز نفسي أنا الحقير عن اخوتي حتي لا أحمل حملي مثلهم. وهذا هو السبب في أن الأديرة الآخري كائنة بانحلال لأن صغارهم مستعبدون لكبارهم وليس من اللائق أن يكون هذا لأنه مكتوب: من يريد ان يكون كبيراً فيكم فليكن لكم عبداً. 4 – العقاب: واذ كان العقاب ضرورة لا بد منها في حياة الشركة كان يوبخ للهفوات البسيطة. (أ) توبيخه أحد الرهبان علي كلام باطل: قيل انه في أحد الأيام سمع الأب باخوميوس أحد الأخوة يخاطب صبياً قائلاً: الآن هو أوان العنب. فانتهره الأب قائلاً: هوذا أجساد الأنبياء الكذبة قد ماتت ولكن الأرواح التي كانت تحاربهم تطوف بين الناس تلتمس مسكنأً فيهم. وانت الآن لماذا أعطيت الشيطان موضعاً كي يتكلم من فيك. أما سمعت الرسول قائلاً: كلمة رديئة لا يجب ان تخرج من أفواهكم بل لتخرج كل كلمة صالحة لبناء الجماعة لكي تعطي السامع نعمة، ألا تعلم أن الكلمة التي قلتها لا تبني رفيقك بل تهدمه. ولماذا نطقت بها؟ ألم يكتب (نفس بنفس)؟ ألا تعلم أن نفسك تؤخذ عوضاً عن نفسه. فاني الآن أشهد لكم أن كل كلمة بطالة أو استهزاء أو لعب أو مزاح أو جهل هذه كلها زني للنفس. ولكي أبين لكم مقدار غضب الله الذي يكون علي ذلك الانسان الذي يتكلم بالكلام البطال وبكلام الاستهزاء أقول لكم المثل الآتي: دعا رجل غني اناساً الي وليمة لكي يأكلوا ويشربوا ويفرحوا. وفي أثناء الوليمة قام بعض المتكئين يمزحون فكسروا الأواني الموجودة في بيت ذلك الغني. تري ماذا عمل الغني؟ انه غضب عليهم ووبخهم قائلاً: يا عديمي الشكر، لقد دعوتكم لكي تأكلوا وتشربوا فكيف تمزحون وتكسرون الاواني؟ هكذا يغضب الرب علي أولئك الذين دعاهم لدعوته قائلاً لهم: دعوتكم لكي تتوبوا عن خطاياكم وتخلصوا ولكنكم هدمتم نفوسكم ونفوس الذين جمعتهم لي ليخلصوا، بالضحك والكلام الباطل. (ب) توبيخه لتلميذه تادرس لاستسلامه للراحة الجسدية وشكواه من ألم: حدث بينما كان الأخوة يقومون بالحصاد وتادرس يعمل معهم وهو صائم أن شعر بارتفاع حرارة رأسه. ومن بعد انتهاء العمل جلس يستظل، فمر به الأب باخوميوس وقال له بوجع قلب: أتستظل يا تادرس؟ فقام تادرس بسرعة. ولما كان المساء تقدم تادرس اليه وقال: يا أبي أني أشعر بألم في رأسي بسبب ضربة الشمس. فقال له الأب: يا تادرس، إن رجلاً راهباً يسلك في طريق الكمال اذا مكث يعاني مرضاً في جسده عشرين عاماً وهو متألم يجب ألا يشكو لأحد من الناس الا من تلك الأمراض التي لا يمكنه أن يخفيها، وهذه الأخرى أيضاً عليه أن يحتملها علي قدر قوته وألا يعطي نفسه راحة الا في أمر يفوق طاقته، لأنه مكتوب أن الروح مستعدة والجسد ضعيف. هل تظن أن تقطيع الأعضاء والحريق وحده شهادة؟ لا! بل أيضاً تعب النسك والضربات التي من الشياطين والأمراض، فمن يحتمل كل ذلك بشكر فذلك هو الشهيد وألا فما الحاجة لان يكتب بولس الرسول: (اني أموت كل يوم) فانه لم يكن يموت في الظاهر كل يوم بل كان بصبر يحتمل ما يأتي عليه وكذلك رجال الله اليوم اذا كانوا في أمراض ويخفونها عن الناس فانهم يعتبرون شهداء أيضاً. جهاده في الصلاة والسهر: + لقد قيل دائماً عن انبا باخوميوس انه كان يقضي وقتا طويلاً في جهاد الشياطين كمصارع حقيقي مثلما كان يفعل القديس أنطونيوس، ولما كانت شياطين كثيرة تأتيه في الليل فانه طلب من الله أن يخلصه من النوم في الليل كما في النهار، حتي يستمر في الصحو ويتمكن من أن يقهر العدو كما هو مكتوب : (لا أرجع حتي أفنيهم) لأن الايمان بالرب يفني قوتهم، فأعطي الله له هذه النعمة كما طلبها الي فترة . ولما كان الانبا باخوميوس طاهراً فانه كان يري الله غير المنظور كما في مرآه. اتضاعه العجيب: + بينما كان الأنبا باخوميوس يعمل مع رهبانه بفرح وغبطة روحية قام أنبا أثناسيوس الرسولي بزيارة رعوية. ولما دنا من منطقة دندره سمع أصوات ترانيم وتسابيح الرهبان الذين يسكنون تلك الناحية، الذين خرجوا من أديرتهم لاستقباله متهللين. وطلب منه سرابيون أسقف دندره أن يرسم باخوميوس كاهناً لأن سرابيون حاول عبثاً ان يضع اليد عليه. وحين سمع باخوميوس ذلك الكلام أختفي عن الأنظار لانه من فرط اتضاعه كان يعتقد أنه أحط من ان ينال هذه الدرجة الكهنوتية السامية. فجمع البابا أثناسيوس رهبان أنبا باخوميوس وقال لهم: سلموا لي علي أبيكم وقولوا له بلساني لقد هربت من المجد الباطل الذي كثيراً ما يثير الحسد في النفوس. فليمنحك الله سؤل قلبك، وانك مع هربك من المجد الفاني، سعيت وراء المجد الباقي. لذلك أعدك بأنني لن أضع اليد عليك قسراً. وآمل إن أتيح لي المرور من هذا الطريق مرة آخري أن أفرح بلقياك. ولما شعر أنبا باخوميوس بانصراف البابا الاسكندري خرج من مكمنه آمنا مطمئناً. + جاء ضمن سيرة الأب باخوميوس، انه في بعض الأوقات بينما كان باخوميوس مع الأب بلامون، وافاهما راهب قد استولت عليه الخيلاء والاعتداد بالذات. واذ كان الوقت شتاء، فقد كانت قدامهما نار تشتعل. فلما رآها الأخ الضعيف، داخله السبح الباطل وقال لهما: (من منكما له ايمان صادق بالله، فليقف علي هذا الجمر ويقول الصلاة التي علمها السيد لتلاميذه). فلما سمع الشيخ قوله هذا، زجره قائلاً: (ملعون هو ذلك الشيطان النجس، الذي ألقي هذا الضمير الفارغ في قلبك، فكف عن هذا الأمر، لأنه من شيطان العجب). فلم يحفل ذلك الأخ بقول الشيخ، ولكنه قال: (أنا، أنا)، ثم نهض قائماًً ووقف علي ذلك الجمر المتقد كثيرا، وقال الصلاة الانجيلية مهلا، مهلا ثم خرج من النار ولم تضره بشئ، ومضي الي مسكنه بكبرياء قلب. فقال باخوميوس للشيخ: (يعلم الرب، اني عجبت من ذلك الاخ، الذي وقف علي هذا الجمر ولم تحترق قدماه). فقال له الشيخ: (لا تعجب يا ابني من هذا، لأنه بلا شك من فعل الشيطان ولأجل انه لم يذلل قلبه، تسامح الله في ان لا تحترق قدماه، كالمكتوب: ان الله يرسل لذوي الأعوجاج طرقاً معوجة . ولو علمت يا ابني ما ينتهي اليه أمره، لكنت تبكي علي شقاوته). وبعد أيام قليلة، لما رأي الشيطان انه جانح لخداعه، تشكل بصورة امرأة جميلة جداً، متزينة بثياب فاخرة، فجاءت اليه، وقرعت بابه، ففتح لها لوقته، حينئذ أسفرت عن وجهها وقالت له: (أعلم أيها الأب الخيِّر أن علي ديناً لأقوام مقتدرين، وهم يطالبوني، وليس لي ما أوفيهم، واخشي أن يقبضوا علي، ويأخذوني عبدة لهم، لأنهم مسافرون، فاعمل جميلاً، وآوني عندك يوماً واحداً أو يومين حتي يمضوا، فيكون لك من الله جزيل الأجر، ومني أنا المسكينة صالح الذكر). فأما هو فلانغلاق قلبه، لم يحس البلاء الذي دبر له، داخل قلايته، حينئذ لعبت عليه أفكاره، فعول علي معاشرتها ومد يده نحوها ليتم الفعل النجس فلوقته باغته الشيطان وصرعه علي الأرض، فضاع عقله وبقي مسبخاً كالميت نهاراً وليلاً، ثم عاوده رشده فقام، وجاء الي الشيخ بلامون وهو باك، فطرح ذاته بين يديه قائلاً: (أنا هو السبب في هلاكي، وعلة مماتي، لأني لم أصغ الي كلامك، ولذلك حل بي ما حل). وشرح ما حدث له، ثم طلب صلاة، فلما قاما ليصلي باغته الروح النجس، وطفر به طفرة منكرة ومضي مستكبراً مسافة بعيدة، حتي وصل مدينة تدعي بانوس، وبقي فيها ضائع العقل وقتاً وأخيراً زج بنفسه في تنور متقد، حيث أحترق وهلك . + حدث أن تقدم بعض الرهبان الي أنبا باخوميوس يسألونه: (قل لنا يا أبانا ما الذي يمكننا أن نعمله لنحظي بالقدرة علي اجراء الآيات والعجائب؟) أجابهم بابتسامة: (أن شئتم أن تسعوا سعياً روحياً سامياً فلا تطلبوا هذه المقدرة لأنها مشوبة بشئ من الزهو، بل أسمعوا بالحري لتظفروا بالقوة التي تمكنكم من اجراء العجائب الروحية. فان رأيتم عابد وثن وأنرتم أمامه السبيل الذي يقوده الي معرفة الله فقد أحييتم ميتاً، وإذا رددتم أحد المبتدعين فى الدين الى الإيمان الارثوذكسى فتحتم أعين العميان، وإذا جعلتم من البخيل كريماً شفيتم يداً مشلولة، وإذا حولتم الكسول نشيطاً منحتم الشفاء لمقعد مفلوج، وإذا حولتم الغضوب وديعاً أخرجتم شيطاناً، فهل هناك شئ يطمع الانسان أن يناله أعظم من هذا؟ + ولما سمع بسيرة الأب باخوميوس قوم من رهبان هراطقة أرسلوا اليه جماعة لابسين شعراً وقالوا للأخوة: إن كبيرنا مقدونيوس قد أرسلنا الي أبيكم قائلاً: (أن كنت رجل الله حقاً، وما سمعناه عنك صحيحاً، فتعال لنعبر أنا وأنت النهر سائرين بأرجلنا علي سطح الماء، فيعرف كل واحد عملياً من منَّا له دالة ووجاهة عند الله)، فعرف الأخوة الأب بذلك، فانكر عليهم ذلك قائلاً: (لماذا استجزتم سماع هذا الكلام بالجملة؟ أما علمتم أن هذه المسائل بعيدة عن الله، ولا تقبلها سيرتنا؟ لأنه أي ناموس يأمر بهذا ويبعثنا علي القيام به؟). فقال الاخوة: (أيتجاسر هراطيقي بعيد عن الله أن يستدعيك لمثل هذا؟). فأجابهم: (قد يمكن للهراطيقي أن يعبر علي ظهر النهر كعبوره علي أرض يابسة بمظافرة الشيطان إياه، وبسماح من الله حتي لا ينفك كفره، فامضوا وقولوا لهم: هكذا قال عبد الله باخوميوس: إن حرصي أنا، هو هذا: ليس لكي أعبر هذا النهر ماشياً، بل كيف أعبر دينونة الله الرهيبة، وأن أعبر أيضاً هذه الأعمال الشيطانية بقوة الرب). ولما قال هذا الكلام اقتنع الاخوة بألا يفتخروا بأعمالهم، ولا يشتهوا اجتراح الآيات، ولا يجربوا الله البتة حسبما كتب: (لا تجرب الرب الهك). إفرازه: ذكر بعض الآباء، انه كان أخ من الاخوة يتنسك كثيراً ليس من أجل الله. فلما رآه أبونا القديس باخوميوس وعلم أمره، قال له علي انفراد: تعلم يا أخي ان الرب يقول اني نزلت من السماء ليس لأعمل مشيئتي لكن مشيئة الآب الذي أرسلني. فاسمع مني ما أريد أن أقوله لك لأني أري أن الشيطان قد حسدك ويريد أن يهلك تعبك فاذا علمت أن الأخوة يريدون أن يأكلوا اذهب معهم وكل قليلاً دون شبعك لأجل تدبير الجسد، وهذا الشئ ما يمنعك عن عبادة الله. وإذا فرغت صلاة الاخوة لا تصل وحدك كثيراً حتي تغلب الشيطان وتهلك شيطان العجب والافتخار لانه قد اشتملك. فلما سمع هذا الكلام قبله من ذلك الوقت فقط، ثم انه رجع الي ضلالته قائلاً في نفسه: ان كنت لا تصوم ولا تصلي ولا تتنسك فانا أباشر هذه الأعمال التي تخلصني. ثم بدأ يصلي أيضاً. فلما سمع القديس بذلك، دعا تلميذه تادرس وقال له: إني حزين كثيراً من أجل فلان. امض فانظر أي شئ يعمل. فلما ذهب اليه وجده يصلي بدوام فرجع الي عند الشيخ وأخبره بذلك فقال له القديس: أرجع اليه وامنعه من الصلاة، وإذا منعته حينئذ يتبين لك الشيطان الذي استولي عليه. وإذا رأيت ذلك امسكه أنت الي أن أجئ أنا. فانطلق تادرس وصنع كذلك. فلما منعه من الصلاة صرخ علي تادرس قائلاً: يا منافق أنت تمنعني ان لا أصلي. ثم تناول عوداً عظيماً وقصد أن يضرب به تادرس علي رأسه فانتهره باسم الرب وللحين ترك العود، وقال لتادرس ذلك المجنون: أتريد أن تعلم ان الذين يصلون بلذة من فعلنا يضلون. فسمع ذلك وبدأ المريض يصلي تسبحة موسي الأولي، فلما سمع ذلك تادرس تعجب وفزع قائلاً: كم من اليقظه والانتباه تلزم الانسان حتي يتخلص من تجارب الشيطان! وان أبونا باخوميوس اتي وأخذ الأخ المطغي الي الكنيسة وجمع الاخوة وامرهم ان يصلوا معه ويطلبوا من الله ان يرحم ذلك الأخ. وان الله الرحيم شفاه وخلصه من الشيطان النجس وعاد الأخ فيما بعد بكل طاعة واجتهاد واتضاع خاضعاً للقديس، مطيعاً أوامره الحسنة. + في بعض الأحيان ظهر الشيطان للأب باخوميوس في صورة السيد المسيح يتجلى، وقال له (افرح يا باخوميوس لاني جئت لافتقادك) ففكر في نفسه قائلاً: (من شأن المناظر الالهية انها من لذة بهجتها وحلاوة نعيمها تسبي خيال مستحقيها اليها ولا يبقي لهم فكر آخر، ولكن أفكاري الآن تروي فنونا وألواناً) فلما وجده الشيطان مفكراً في هذا، أبعد عنه الأفكار، فقال الأب في نفسه: (إني كنت أفكر أفكاراً والآن فلا وجود لها)، وإذ قال ذلك في نفسه قام الي الشيطان وهو باسط يده كمن يريد أن يمسكه وفي الحال صار كدخان وتلاشي. رعايته: ومما يؤثر عن العناية البالغة التي كان يبديها أبو الشركة برهبانه انه كان يجلس كل مساء معهم بعد صلاة الغروب ليستمع الي أسئلتهم ويجيب عنها. نياحته: في سنة 348م تفشي في مصر وباء الطاعون وبلغ أديرة الصحاري. فكان الآنبا باخوميوس في هذا الظرف يطوف بين المصابين بهذا الداء. وبينما كان أبو الشركة يحضر شعائر القداس الالهي ليلة عيد الصعود المجيد أحس بعوارض ذلك المرض الخبيث في جسمه. وبعد انتهاء الخدمة دع تلاميذه واخذ يوصيهم بالمحافظة علي قوانين الشركة الروحية والعمل بها. وما أن فرغ من وصيته لهم حتي أسلم روحه الطاهرة. بركة صلاته تكون معنا. – مزمور 18: 37. – وردت في سيرة الأب باخوميوس أن هذه الفترة استمرت أربعين يوماً . – مزمور 18: 26 – نحن نلمس روح التوبة من هذا الشاب في قصته ولا يمكن لانسان ان يجزم بأنه هلك أبدياً اذا كان قد ألقي بنفسه في النار بدون وعي. – ما نعرفه أن قداس عيد الصعود يقام صباحاً، لكن هذا ما ورد في المخطوطة. |
||||
21 - 05 - 2015, 06:00 PM | رقم المشاركة : ( 7808 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
دانـيـال النبى وُلِدَ دانيال عام 619 ق.م في اليهودية وقد يكون وُلِدَ في أورشليم نفسها، من سبط يهوذا (دا 1: 6) من أبويْن يهودييْن تقييْن، ظهرت تقواهما في الاهتمام برعايته في طفولته، فنشأ يحب اللَّه ويتمسك بوصاياه، مهما كانت صعوبة الظروف المحيطة به، والتي كانت تحاول إبعاده عن اللَّه، كما سنرى أثناء حياته في السبي. معنى اسمه “اللَّه قاضي” وهذا ظهر في قضاء اللَّه على شعبه بالتأديب في السبي البابلي، ثم قضائه لهم بإرجاعهم من السبي بعد سبعين عاماً؛ لتوبتهم ورجوعهم إليه. وكان دانيال صوتاً قوياً للَّه يعلن الحق وقضاءه بكل شجاعة أمام الكل، حتى أمام أعظم وأقوى رجل في العالم وقتذاك، وهو نبوخذنصر ملك بابل. كان دانيال من النسل الملكي، أو على الأقل من أشراف وعظماء اليهود (دا 1 : 3)، لأن نبوخذنصر عندما هجم على اليهودية وأخذ آنية بيت الرب في السنة الثالثة لملك يهوياقيم، أخذ أول فوج من المسبيين إلى بابل. وكانوا من أفضل الشباب والرجال الموجودين في اليهودية، فيذكر الكتاب المقدس أنهم كانوا حسان المنظر ومملوئين من الحكمة والذكاء، فيستطيعوا أن يقفوا أمام ملك بابل ويخدمونه، أي متميزين في فهمهم وقدرتهم على الكلام والتعبير وتحمُّل المسئولية والقدرة على إدارة الأمور، بالإضافة إلى حُسن المنظر (دا 1 : 4). كان الجو المحيط بدانيال في طفولته جواً روحانياً، إذ كان يُوشِيَّا الملك الصالح يحكم مملكة يهوذا، الذي وجد نسخة من الشريعة في الهيكل، بينما كان يقوم بترميمه. وقدّم توبة هو وشعبه وعمل عيد الفصح وقام بإصلاحات روحية كثيرة، فتمتّع دانيال بهذا الجو الروحي المُشجِّع، ولعله تأثر بالأنبياء السابقين له مثل إشعياء وإرميا وعاموس وهوشع وميخا. عندما بلغ دانيال العاشرة من عمره قُتِلَ يُوشِيَّا الملك في معركة مجدو على يد نخو ملك مصر وملك ابنه يهوآحاز الشرير، الذي حكم لمدة ثلاثة أشهر وملك بعده يهوياقيم أخوه الذي سار في الشر. فتضايق دانيال لانتشار العبادات الوثنية أيام يهوياقيم، بعد أن كانت مملكة يهوذا قد تخلّصت منها على يد يُوشِيَّا. فجعلته هذه الظروف الصعبة يتمسك باللَّه وشريعته، ولعلّ أمه كانت عاملاً مساعداً قوياً في هذا الأمر، كما كانت أم موسى عاملاً هاماً في تربية موسى وتمسّكه بالإيمان. لمَّا بلغ دانيال الثالثة عشرة من عمره كان قد تملّك نبوخذنصر الملك العظيم على مملكة بابل، فهاجم بلاداً كثيرة، منها مملكة يهوذا وأخذ بعض آنية بيت الرب من هيكله في أورشليم وسبى الفوج الأول من اليهود وهم أفضل الشباب ومنهم دانيال مع بعض أشراف اليهود ونقلهم إلى بابل. وهناك تم فحصهم، فأُختير دانيال بواسطة “أشفنز” رئيس الخصيان؛ ليكون من صفوة الشباب الذين سيُعَدّوا إعداداً خاصاً في مدرسة الحكمة لمدة ثلاث سنوات؛ ليقوموا بعد هذا بخدمة الملك (دا 1: 3-5). كان نبوخذنصر واسع الحكمة، فاهتم بإعداد أفضل الشباب من كل بلاد العالم التي استولى عليها؛ ليرتفع بمستوى إدارة مملكته، ويحقق نجاحات عظيمة، فأسس مدرسة داخلية للحكمة، يقيم فيها الشباب المختار إقامة كاملة لمدة ثلاث سنوات، يتعلمون فيها الحكمة. كانت فكرة هذه المدرسة هى إبعاد الشباب عن قوميتهم؛ بجذب قلوبهم لمحبة بابل العظيمة وتعليمهم اللغة الكلدانية، بل تغيير أسمائهم أيضاً إلى أسماء بابلية، فتسمّى دانيال بلطشاصر وأصل الكلمة في اللغة الكلدانية هو “بلو ـ ليتا ـ شاري ـ أوسر” وتعني “أيها البعل هب حمايتك القوية لرهينة الملك”. لأن المسبيين من النسل الملكي والأشراف كانوا يُعتبروا بمثابة رهائن عند ملك بابل، حتى يكون الملك يهوياقيم ملك يهوذا خاضعاً ومطيعاً لملك بابل. سُبيَ أيضاً مع دانيال من أشراف اليهود، أو النسل الملكي الثلاثة فتية القديسون ودخلوا معه مدرسة الحكمة، فكانوا مساندين ومشجعين لدانيال أثناء غربته في بابل. وأُعطوا أسماء بابلية بدلاً من أسمائهم اليهودية، فكانت أسماءهم اليهودية: حننيا وعزريا وميشائيل (ميصائيل) (دا 1: 11)، فدعوهم: شدرخ وميشخ وعبدنَغو (دا 1 : 7). قابلت دانيال والثلاثة فتية مشكلة عند دخولهم مدرسة الحكمة، إذ أن الملك أمر أن يُقدَّم للتلاميذ أفخر الأطعمة والمشروبات؛ ليزداد جمالهم الجسدي وصحتهم (دا 1: 5). ولكن كانت هذه الأطعمة مُحرَّمة على اليهود. فطلب دانيال من رئيس الخصيان المسئول عن رعايتهم أن يعطيهم أطعمة بسيطة وهى بقول ـ مثل القطاني ـ ولكن رئيس الخصيان تخوَّف من هذا، لئلا يُتهم أنه أخذ طعامهم الشهي من أطايب الملك لنفسه وأعطاهم بدلاً منه طعاماً رخيصاً وهو القطاني، بالإضافة إلى أن هذه الأطعمة الرخيصة ستؤدي إلى هزال أجسامهم، فيتهمه الملك بالإهمال. ولكن دانيال طلب منه أن يجربهم عشرة أيام فقط يأكلون فيها القطاني (دا 1: 12). وبعدها اكتشف أن صحتهم جيدة وأفضل ممن حولهم، فسمح لهم بأكل القطاني طوال الثلاث سنوات. ومن هذا تظهر شجاعة دانيال وتمسكه بالشريعة وطقوسها رغم صغر سنه، الذي لم يكن قد تعدّى السادسة عشر. بعد انتهاء المدرسة كان لابد على كل تلميذ أن يُقابِل الملك مقابلة شخصية ليمتحنه بنفسه. وهنا تظهر نعمة اللَّه، إذ اكتشف الملك تفوق دانيال والثلاثة فتية عشرة أضعاف عن كل التلاميذ المرافقين لهم في الذكاء والحكمة، بل وعن كل حكماء بابل وأعجب بهم جداً وخاصة بدانيال (دا 1: 20). وبعد ذلك، وبالتحديد في السنة الثانية لملك نبوخذنصر وكان عمر دانيال وقتذاك عشرين عاماً تقريباً، حلم نبوخذنصر حلماً أفزعه، فطلب من حكماء بابل كلهم أن يقولوا له الحلم، ثم يفسروه وإلاَّ سيبيدهم، فعجز الكل عن ذلك، فأمر الملك بقتلهم جميعاً. وهنا تقدم دانيال بإيمان وشجاعة فائقة إلى الملك وطلب مهلة؛ حتى يُعلِم الملك بالحلم وتفسيره، ثم ذهب وصلى ـ هو والثلاثة فتية ـ فكشف اللَّه له الحلم وتفسيره. ثم دخل إلى الملك وأعلمه أن ما يطلبه فوق قدرة البشر ولكن اللَّه العالم بكل شيء قد عرّفه الحلم، وذكر له الحلم وتفسيره وهو يختص بالممالك القادمة بعد مملكة بابل. فشعر الملك بقوة اللَّه في دانيال، بل قام وسجد أمام دانيال، لانبهاره بحكمته وأمر له بعطايا كثيرة وملّكه على ولاية بابل وجعله رئيساً لرؤساء المملكة ومُقيماً في القصر الملكي. وبواسطة دانيال جعل الثلاثة فتية مسئولين عن أعمال ولاية بابل عاصمة الإمبراطورية (دا 2). وهكذا نرى كيف مجَّد اللَّه دانيال الشاب المسبي كعبد، فجعل الملك يسجد له ويعظّمه فوق كل الرؤساء. وهذا بالطبع أعطى دانيال إحساساً بمساندة اللَّه له، فإزداد إيمانه وتمسكه بعبادة اللَّه. سمح اللَّه بمشكلة تحدث في بابل في الأيام التي كان فيها دانيال شاباً صغيراً؛ ليظهر نقاوة وشجاعة وحكمة دانيال. كان هناك رجل يهودي عظيم يُسمّى يوياقيم وكان من أغنى وأعظم الرجال اليهود المُقيمين في بابل، وكان في بيته حديقة كبيرة يجتمع فيها اليهود للقضاء وفض المنازعات بينهم. وكان يقوم بالقضاء اثنين من شيوخ إسرائيل العارفين بالشريعة وكانا يتغيران كل سنة. كان ليوياقيم امرأة جميلة جداً تُسمى سوسنة بنت حلقيا، وكان والداها من أتقياء اليهود اهتما بتربيتها تربية روحية، فعرفت شريعة اللَّه وتمسكت بها وكذلك ربت أولادها على ذلك. كان اليهود يجتمعون في كل صباح لفض منازعاتهم، وبعد انصرافهم عند الظهر كانت سوسنة تنزل وتتمشى في حديقتها، فلاحظها هذان الشيخان في إحدى المرات وأُعجب كل منهما بجمالها ولكن لم يكاشف أحدهما الآخر، بل كانا كل يوم يحاولان أن يتأخرا قليلاً ـ بعد انصراف الشعب ـ ليتمتعا برؤيتها، دون أن تشعر وهى تتمشى في أحد جوانب حديقتها. وفي أحد الأيام قرر كل من الشيخين أن يبقى فترة في الحديقة؛ ليتمتع برؤيتها فترة أطول، فتظاهر كل منهما أمام الآخر بالانصراف، ولكن بعد قليل عاد كل منهما، فتقابلا وتعجب كل منهما لرجوع الآخر، فاضطر أن يكشف كل منهما للآخر تعلّقه بجمالها ونيته أن يتمتع برؤيتها فترة طويلة، وفعلاً انتظرا وهما مختبئان وتمتعا برؤيتها، ثم انصرفا بعد أن اتفقا على تحيُّن فرصة للإنفراد بها لمضاجعتها. في أحد أيام القضاء بعد انصراف الشعب، اختفى الشيخان في أحد أركان الحديقة؛ ليتمما قصدهما الشرير بمضاجعة سوسنة. وفي هذا اليوم نزلت سوسنة كعادتها للتمشي في الحديقة وكان يوماً حاراً، فقالت سوسنة لجاريتها، أغلقا الأبواب وأحضرا لي دهن وغسول، أي المواد اللازمة للاستحمام. وبعد أن أغلقت الجاريتان أبواب الحديقة دخلتا إلى القصر لإحضار الدهن. في هذه اللحظة خرج الشيخان من مخبئهما وهجما على سوسنة وطلبا أن يضطجعا معها؛ لأنهما قد تعلقا بحبها وإن لم توافقهما فسيشهدا عليها أنهما رأيا شاباً يفعل الخطية معها. قالت سوسنة إن لم أوافقكما تأمران بموتي وإن وافقتكما أخطئ إلى اللَّه وأستحق الموت، فالأفضل لي ألاَّ أوافقكما وأُرضي اللَّه، حتى لو تعرّضت للموت، ثم صرخت بصوت عظيم؛ فأسرع أحد الشيخان وفتح باب الحديقة. اجتمع أهل البيت والعبيد والجواري، فقال الشيخان لهم إننا قد رأينا شاباً يعانق سوسنة، فأسرعنا لإيقاف الشر ولم نستطع لقوته الإمساك به، فهرب منا. فتعجب الكل مما سمعوا؛ لأن سوسنة كانت تتصف بالطهارة والنقاوة. انعقد مجلس القضاء في اليوم التالي واجتمع الشعب، وأمر الشيخان بإحضار سوسنة وأمرا بكشف البرقع الذي تغطي به وجهها؛ ليتمتعا برؤية جمالها. ثم شهدا زوراً عليها، أنهما وجداها بالأمس تُعانق أحد الشبان في الحديقة وحدهما ويفعلان الإثم وحُكما عليها بالموت. أعلنت سوسنة أنها بريئة من هذا الاتهام وصرخت إلى اللَّه ولكن لم يسمع لها أحد؛ لتوقيرهم للشيخين اللذين شهدا عليها. واقتادوا سوسنة لتنفيذ حكم الموت عليها. وإذ بدأ الموكب يتحرك صرخ شاب ـ هو دانيال النبي ـ وقال أنا بريء من دم هذه المرأة ووبخ الشعب؛ لأنهم قبلوا الحكم عليها دون فحص. وقرر أن هذين الشيخين قد شهدا عليها زوراً. وطلب من الكل العودة إلى مجلس القضاء لفحص الأمر. أعطى اللَّه نعمة لدانيال فخافه الكل حتى الشيخين وعادوا إلى مجلس القضاء، فجلس دانيال وطلب تفريق الشيخين عن بعضهما. وقال للأول أيها الشرير تحت أي شجرة رأيت سوسنة والشاب؟ فقال تحت شجرة الضروة. ثم استبعده وأتى بالشيخ الآخر وقال له: يا من كنت تنظر إلى بنات إسرائيل وكن يخجلن من نظراتك وكلامك وخفن أن يتكلمن معك، قل لي تحت أي شجرة رأيت سوسنة والشاب؟ فقال: تحت شجرة السنديانة. وإذ اختلف الشيخان في شهادتهما ظهر كذبهما وظهرت براءة سوسنة، فهتف الشعب وباركوا اللَّه الذي أظهر براءة هذه المرأة التقية، ثم اقتادا الشيخين للحكم عليهما بالموت، طبقاً للشرعية التي تقضي بنفس الحكم على من يشهد زوراً على غيره (دا 13). وبعد هذا أراد نبوخذنصر إظهار عظمته، فأقام تمثالاً ضخماً من الذهب ارتفاعه ثلاثين متراً وعرضه ثلاثة أمتار، وأمر كل رؤساء مملكته أن يأتوا ويسجدوا للتمثال في احتفال عظيم، عُزِفَتْ فيه الموسيقى بآلات كثيرة. ولم يحضر بالطبع الثلاثة فتية؛ لأنهم لا يسجدون إلاَّ للَّه ولم يحضر أيضاً دانيال. وهنا تقدم بعض الرجال الكلدانيين واشتكوا الثلاثة فتية للملك؛ لأنهم لم يسجدوا للتمثال وأنهم مستحقون أن يُلْقَوا في أتون النار، عقاباً لهم، كما أمر الملك. ويبدو أن مركز دانيال كان أكبر من أن يشتكوا عليه، فخافوا ولم يتكلموا عنه. فغضب الملك واستدعى الثلاثة فتية، الذين أصروا على عدم السجود للتمثال؛ لأنهم يسجدون للَّه وحده. فاعتبر الملك هذا التصرف عصياناً له وأمر بأن يُحمَّى الأتون سبعة أضعاف ما كان مقرراً له ويُربط الثلاثة فتية بحبال، ويمسك بهم أناساً أقوياء ويلقون بهم في أتون النار، ففعلوا هكذا وحضر الملك بنفسه. وأمسك رجال الملك بالثلاثة فتية الموثقين واقتربوا من باب الأتون وألقوهم فيه. ومن شدة النار احترق رجال الملك الجبابرة. أما الثلاثة فتية فإن الحبال التي تربطهم انحلت ورآهم الملك يتمشون داخل الأتون ومعهم شخص رابع شبيه بابن الآلهة، إذ أن اللَّه أحاطهم في الحال بغلاف من هواء بندى، فلم تمسهم نار الأتون. وفرح الثلاثة فتية برؤية اللَّه داخل الأتون وأخذوا يسبحونه. فقالوا له مديح موجود في تسبحة الكنيسة، بدايته: “نتبعك بكل قلوبنا” (دا 3: 41-44)، ثم أنشدوا الهوس الثالث، أي التسبيح الثالث الموجود في كتاب التسبحة (دا 3: 52-90). وحاول رجال الملك تحمية الأتون، حتى ارتفعت النار إلى 24.5 متراً في الهواء وأكلت النار بعض الكلدانيين الذين اقتربوا من الأتون، فتعجب الملك جداً عندما رأى أربعة رجال يتمشون داخل النار، ثم نادى على الثلاثة فتية من النار، فخرجوا إليه. ولاحظ أن النار لم تمس حتى ثيابهم وليس فيها رائحة النار، فأعلن قوة إلههم التي تفوق كل قوة في العالم. وبهذا حوّل اللَّه هذه الضيقة العظيمة إلى وسيلة لتمجيد اسمه وإعلاء شأن أولاده الثلاثة فتية (دا 3). مجّد اللَّه دانيال، إذ أعلن له الأسرار التي لا يعرفها غير اللَّه وأعطاه أيضاً ذكاءً يفوق كل من حوله، فاحترمه الكل حتى الملك، فانتقل من مرتبة العبد إلى رئاسة المملكة، كما نقل اللَّه قديماً يوسف العبد إلى رئاسة مملكة مصر بالحكمة وفهم الأسرار. وقد شهد حزقيال بحكمة دانيال الفائقة وفهمه الأسرار في (حز28: 3). مرّت السنوات ونبوخذنصر يملك على مملكة بابل ويُسيطر على العالم، مُظهِراً حكمته وسلطانه في إدارة المملكة وفي بنائه عاصمته بابل بأسوار عالية مُحصّنة. ووضع فيها مخازن كبيرة للطعام وكان نهر الفرات يمر من تحتها، وبالتالي لا يمكن اقتحامها، أو محاصرتها بحسب المنطق البشري. ولكن نبوخذنصر تكبر بسبب إحساسه بعظمته في أعماله التي عملها ونسب كل المجد لنفسه وليس للَّه، فأراد اللَّه أن يُعرِّفه بضعفه، فحلم حلماً غريباً أزعجه، فأسرع لدانيال ملتجئاً إليه ليفسر له الحلم. وهنا تظهر شجاعة دانيال، الذي قال للملك أنه بسبب تكبرك غضب اللَّه عليك، والشجرة العظيمة التي رأيتها في الحلم والتي تحتمي بها جميع طيور السماء وبهائم الأرض وقد قطعت، هى أنت أيها الملك، الذي ستفقد عقلك ويطردونك من بين الناس سبع سنوات وتعيش مثل الحيوانات؛ حتى تتوب عن كبريائك وعندما تتضع يعيدك اللَّه إلى مملكتك وقد حدث كل هذا مع الملك (دا 4). بعد هذا مات نبوخذنصر العظيم وملك بعده ابنه أويل مردوخ عام 562 ق.م وكان منشغلاً بالفن والعلوم المختلفة، فضعفت المملكة في أيامه ولم يعتمد على دانيال، الذي كان عمره وقتذاك تسعة وخمسين عاماً، فأهمل وجوده وعاش في أحد زوايا القصور الملكية، فكانت فرصة للصلاة وعبادة اللَّه الذي أحبه. وغالباً عاش دانيال بتولاً، إذ لم يُذكر له زوجة وأولاد، فعاش كأحد الرهبان يتمتع بحياة الوحدة والتأمل سنوات كثيرة وكان ذلك لمدة اثنين وعشرين عاماً، حتى أن حزقيال النبي ـ الذي كان معاصراً له وأكبر منه في السن ببضع سنوات ـ شهد أنه من أتقى رجال العهد القديم، الذين اتصفوا بمحبة الصلاة، إذ ذكره مع نوح وأيوب كرجال اللَّه المتميزين بالبر (حز14: 14، 20). في هذه الفترة الهادئة غالباً كانت فرصة أن يعلن اللَّه لدانيال مجموعة من الرؤى ذكرها لنا في (ص7-12)، تُحدِّثنا عن مستقبل الممالك التي تحكم العالم وعلاقتها بشعب اللَّه ومملكة المسيا المنتظر القادمة وكيف يُتمم فداءه على الصليب ويأخذ أولاده في النهاية إلى الملكوت الأبدي. رغم أن دانيال تبوأ مراكز عظيمة في المملكة البابلية، ثم بعد ذلك في مملكة مادي وفارس ـ كما سنذكر ـ لكنه تعرّض لمؤامرات كثيرة، وصلى وأنقذه اللَّه منها. فكان مُعرضاً للموت عدة مرات، كل هذا ساعد دانيال على التعلق باللَّه والتغرب عن العالم، فلم ينزعج عندما أهمله الملوك التاليون لنبوخذنصر، بل كانت فرصة له للصلاة مع الزهد، إذ كان ناسكاً يصوم أياماً كثيرة أثناء عبادته للَّه (دا 8: 27، 10: 3). ومع أنه كان في السبي بعيداً عن أورشليم والهيكل، لكن قلبه كان مُتعلقاً بعبادة اللَّه والمُحرَقة الصباحية والمسائية اليومية وكل ممارسات العبادة، التي كانت تتم في الهيكل الذي دمَّره نبوخذنصر. ملك أويل مردوخ لمدة سنتين ونصف، ثم قتله أحد رؤساء المملكة. وتوالت الاغتيالات وتملك هؤلاء الرجال على عرش بابل، حتى سنة 539 ق.م وفيها ضعفت المملكة البابلية جداً. وفي عام 539 ق.م تملك بيلشاصر ـ الذي كان يُعتَبر ابناً لبنونيدس الملك حفيد نبوخذنصر ـ على بابل. وكان شاباً مستهزءاً، انشغل بالخمر والنساء، فلم يملك إلاَّ شهوراً قليلة لم تصل إلى سنة. وفي نهاية ملكه ـ تمادياً في خلاعته واستباحته ـ طلب أواني بيت الرب؛ ليشرب فيها الخمر مع أحبائه ونسائه، وهنا ظهر غضب اللَّه عليه، إذ ظهرت يد تكتب على الحائط أمام عينيه كلمات غير مفهومة وهى “منا منا تقيل وفرسين” (دا 5: 5-9). فانزعج الملك جداً وطلب كل حكماء بابل ليفسروا له هذه الرؤيا المفزعة. وهنا تقدمت الملكة ـ وهى غالباً إحدى بنات نبوخذنصر ـ وطمأنت الملك بأن هناك رجلاً فهيماً يُدعَى بلطشاسر (دانيال) موجود في المملكة منذ أيام أبيه، أي جده نبوخذنصر، فاستدعاه بسرعة وأتى من مكان خلوته ـ وكان عمره وقتذاك واحد وثمانين عاماً ـ فوعده الملك بهدايا ولكنه لم يهتم بها وأعلمه بمعنى الرؤيا وهو أنه لتجاسره بشرب الخمر في آنية بيت الرب وكل شروره أرسل اللَّه له هذه الرسالة، وهى: أنه وُزِنَ بالموازين فوُجِدَ ناقصاً، وأن مملكته ستُقسَّم وتؤخذ منه، فمن خوف بيلشاصر الملك أعطى دانيال قلادة، تعلن أنه الرجل الثالث في المملكة. وقد تحقق كلام دانيال في هذه الليلة، إذ قُتِلَ بيلشاصر وغزت مملكة مادي وفارس بابل واستولت عليها، وانتهت بهذا الإمبراطورية البابلية وبدأت إمبراطورية مادي وفارس وكان ذلك عام 538 ق.م. حكم كورش على مملكة مادي وفارس كأول ملك للمملكة وكان يساعده حميه الملك داريوس المادي وقد شعرا بمكانة دانيال وذكائه وتاريخه العظيم، فجعلاه من رؤساء المملكة، بل عندما أقاما 120 مرزباناً (رئيساً) جعلا عليهم ثلاثة رؤساء، منهم دانيال، وكان داريوس يود أن يجعله رئيساً وحده على جميع الرؤساء (دا 6: 1-3)؛ لاقتناعه بتميزه، خاصة وأن داريوس تميز بالفهم والإدارة السليمة لبابل، التي ظلت إحدى عواصم المملكة الجديدة؛ مملكة مادي وفارس؛ وداريوس هذا كان صديقاً لدانيال واعترف بقوة إلهه. اغتاظ مرازبة الملك، أي رؤسائه من تميز دانيال ورئاسته لهم، فدبروا خدعة أقنعوا بها الملك، والمقصود الظاهري بها تعظيم الملك كإله، وهى ألاَّ يطلب أحد أية طلبة في المملكة إلاَّ من الملك. ومن لا يصنع هذا يُلقى في جب الأسود؛ لأنهم يعلمون أن دانيال متمسك بعبادة اللَّه والصلاة له (دا 6: 5). ظهرت هنا شجاعة دانيال، الذي ذهب إلى بيته وفتح نوافذه ونظر نحو أورشليم وصلى ثلاث مرات ـ كما تعود كل يوم بحسب عادة اليهود ـ وهى صلاة الساعة الثالثة والسادسة والتاسعة، التي تُقابِل الساعة التاسعة صباحاً والثانية عشرة ظهراً والثالثة بعد الظهر (دا 6: 10). أسرع رؤساء المملكة إلى الملك واشتكوا له دانيال وعرَّفوه أنه لا يستطيع أن يرجع في أوامره؛ لأنه ملك، فحزن داريوس جداً وأجَّل عقاب دانيال حتى المساء، ثم أمر بإلقائه في الجب. وظل الملك حزيناً ولم يأتوا إليه بسراريه وسهر طوال الليل. وفي الصباح الباكر ذهب إلى الجب مع رجاله ونادى على دانيال، فرد عليه من الجب وأعلمه أن إلهه أرسل ملاكه وسد أفواه الأسود، فلم يصبه أذى. فأمر بإصعاد دانيال، ثم إلقاء الرؤساء الذين اشتكوا عليه، هم وأسرهم، فالتهمتهم الأسود فور إلقائهم، وهذا أكد قوة اللَّه التي تحمي دانيال، فالأسود قوية وجائعة ولكنها لم تمس دانيال. وبهذا ازدادت عظمة دانيال في نظر الملك (دا 6: 14-24). إذ كان دانيال صديقاً للملك كورش، فكان يصطحبه في كل مكان، وكان هناك إلهاً في بابل يُسمَّى بال، يُقدم له أطعمة وأشربة كثيرة كل يوم، وكان الملك يذهب إليه ويسجد أمامه، أما دانيال فلم يكن يسجد، فسأله الملك عن سبب عدم سجوده، فقال له: إن بال تمثال لا يأكل ولا يشرب، فقال له الملك: إنه حي ويأكل كل هذه الأطعمة، فنفى دانيال ذلك بشدة. فاغتاظ الملك من كهنة بال وهددهم بالقتل إن ثبت أن بال لا يأكل هذه الأطعمة. ووافق الكهنة؛ لأن عددهم كان سبعين كاهناً هم ونساءهم وأولادهم، وكانوا قد صنعوا مدخلاً خفياً تحت المائدة التي يضعون عليها الأطعمة (دا 14: 1-12). ذهب الملك إلى معبد بال وأخرج الكهنة ووضع بنفسه الأطعمة والأشربة، ثم صرف دانيال كل عبيد الملك ولم يبقَ إلاَّ عبيد قليلون لدانيال، ونثروا رماداً في كل أرضية المعبد، ثم خرجوا وأغلقوا الباب وختموا عليه بختم الملك (دا 14: 13). في الغد ذهب الملك ودانيال إلى المعبد وتأكدوا من سلامة الأختام، ثم فتحوا الباب، فلم يجدوا طعاماً ولا شراباً، فهتف الملك وأراد أن يدخل وهنا أمسكه دانيال وقال له: انظر إلى الأرض، فقال له أرى آثار أقدام رجال ونساء وأطفال، ففهم الملك أن أناساً دخلوا المعبد وأكلوا الطعام فقبض على الكهنة وضيَّق عليهم حتى أروه المدخل الخفي تحت المائدة، الذي يدخلون منه، فأمر بقتلهم وحطم دانيال تمثال بال وكل المعبد (دا 14: 14-21). كان في بابل تنين عظيم يخاف منه الكل ويعبدونه وكان هذا حياً يتحرك، فقال الملك لدانيال إنك لا تستطيع أن تقول أن هذا الإله صنماً لا يأكل ولا يشرب فهو حي، فلماذا لا تسجد له ؟! فقال له دانيال إني لا أسجد إلاَّ للَّه، ثم استأذن الملك أن يسمح له فيقتل التنين. فتعجب الملك من شجاعة دانيال الذي بذكائه طبخ أقراصاً من الزفت والشعر والشحم وألقاها للتنين، وعندما أكلها انشق جوفه ومات. وقال دانيال للشعب هذه معبوداتكم بلا قيمة (دا 14: 22-26). اغتاظ رؤساء الملك واتهموه أنه قد صار يهودياً تابعاً لدانيال وطلبوا منه أن يُسلّم لهم دانيال وإلاّ فإنهم سيقتلون الملك. وهذا يُبيِّن سلطان هؤلاء الرؤساء ولكنه بلا قيمة أمام قوة اللَّه. ألقوا دانيال في جب الأسود مرة أخرى واستبقوه هناك ستة أيام؛ ليضمنوا أن تأكله الأسود الجائعة. وكان في الجب سبعة أسود مُنِعوا عنها الطعام مدة، فلم تمس دانيال كما حدث في الجب الأول. وتعاظم عمل اللَّه مع دانيال، إذ كان حبقوق النبي في اليهودية بجوار أورشليم، وكان قد طبخ طبيخاً وصنع خبزاً؛ ليُقدّمه للحصادين في الحقل. فظهر له ملاك الرب وقال له: احمل طعامك هذا إلى بابل إلى دانيال الذي ألقوه في جب الأسود، فقال حبقوق له إني لا أعلم الطريق إلى بابل. وهنا قال الملاك لحبقوق: امسك طعامك جيداً، ثم حمله وأوصله في الحال إلى الجب، فنادى حبقوق على دانيال، الذي فرح برؤية حبقوق، كما فرح حبقوق برؤية دانيال. وقال حبقوق: خذ الغذاء الذي أرسله لك اللَّه وألقى له بالطعام في الجب، فشكر دانيال اللَّه، الذي يهتم بطعامه، ثم أعاد الملاك حبقوق إلى اليهودية (دا 14: 30-36). ظل دانيال في خلوة مع اللَّه ستة أيام يأكل من الطعام الذي أرسله له اللَّه بيد حبقوق والأسود حوله في هدوء كحيوانات أليفة، وفي اليوم السابع جاء الملك داريوس ونادى على دانيال، فوجده صحيحاً لم تمسه الأسود بأذى، فأعلن الملك أن إله دانيال ليس مثله في الآلهة، ثم أمر بإصعاد دانيال وإلقاء من اشتكوا عليه فافترستهم الأسود فور سقوطهم في الجب، وأمر الملك أن يتَّقي كل الشعب إله دانيال (دا 14: 37-42). تظهر دقة دانيال في كتابة هذا السفر جزءاً باللغة الآرامية ـ التي كانت لغة بلاد مادي وفارس ـ وذلك في أحاديثه مع الملوك ورجالهم، وجزءاً باللغة العبرية في أحاديثه مع اليهود، والجزء الثالث كتبه باللغة اليونانية، التي كانت قد بدأت تنتشر في العالم، تمهيداً لظهور الإمبراطورية اليونانية التي ستأتي بعد مملكة مادي وفارس. وهكذا تظهر في حياة دانيال فضائل كثيرة ميَّزته عن كل من حوله، فظهر إيمانه وتمسكه بعبادة اللَّه حتى نهاية حياته. وكان رجل صلاة متمسكاً بالصلوات في مواعيدها وفي اتجاهها السليم، أي نحو أورشليم، وكذلك كان شجاعاً طوال حياته، حتى بعد أن تجاوز الثمانين من عمره، بالإضافة إلى حكمته وذكائه الفائق. فأعطاه اللَّه مكانة عظيمة ونعمة في أعين كل الملوك وأهمهم نبوخذنصر، وحتى الشاب بيلشاصر المستهتر الخليع خافه وكذلك ملوك مادي وفارس وقَّروه جداً. مما سبق نفهم أن دانيال أصغر من حزقيال بحوالي ثلاث سنوات، وقد تنبأ حزقيال عن السبي والرجوع منه ولكنه استشهد أثناء السبي. أما دانيال فعاصر المملكة البابلية طوال أيامها، ثم بدأ بضعة سنوات مع المملكة الجديدة، مملكة مادي وفارس، فرأى بعينه الرجوع الأول من السبي ـ على يد زربابل ـ قبل وفاته بسنة واحدة، ولم يعد معهم؛ لأنه كان قد تقدم جداً في السن، إذ كان عمره ثلاثة وثمانين عاماً. وهكذا مرّ سبعون عاماً لدانيال في السبي البابلي، فقد تم سبيه وعمره ثلاثة عشر عاماً وعاد الفوج الأول من السبي وعمره ثلاثة وثمانين عاماً. عاش دانيال حتى السنة الثالثة للملك كورش (دا 10: 1)، أو بعد ذلك بقليل وكان قد بلغ من العمر أربعة وثمانين عاماً، ثم رقد ودُفِنَ على رجاء آبائه، منتظراً المسيا الآتي لخلاص العالم والذي تنبأ عنه، بعد أن قدّم مثالاً لحياة عظيمة لأولاد اللَّه، حتى بين الوثنيين، مهما كان سلطانهم. وتعيد له الكنيسة في يوم 32 برمهات (1 أبريل) صلاته تكون معنا آمين. |
||||
21 - 05 - 2015, 06:02 PM | رقم المشاركة : ( 7809 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
حياة حزقيال ولد حزقيال عام 623 ق.م ومعنى اسمه “الله يقوى” وهذا معنى نبوته، فهو يتنبأ عن الله، الذى يقبل توبة شعبه المسبى ويقويهم ويعيدهم من السبى. حينما كان حزقيال طفلاً، كان يجلس على عرش مملكة يهوذا يوشيا الملك الصالح. وعندما بلغ حزقيال الثانية من عمره اكتشف يوشيا نسخة من الشريعة فى الهيكل. ورأى فى طفولته إصلاحات يوشيا الذى أزال عبادة الأوثان ونشر عبادة الله في كل المملكة، فتهلل قلبه بهذه الإصلاحات الروحية. كان حزقيال من نسل كهنوتي، فجده الاكبر هو صادوق رئيس الكهنة أيام داود وسليمان، ووالده كاهن يدُعى بوزي (حز1: 3)، فتعلم من طفولته شريعة الله وأحب الهيكل الذي رآه وتحرك فى ساحاته وأكل من الطعام المخصص للكهنة وأسرهم وغالباً ساعد والده فى بعض الإعمال المعاونة فى الهيكل، مثل إعداد البخور والزيوت. تأثر حزقيال بسير الأنبياء الذين سبقوه، مثل إشعياء وعاموس وهوشع وميخا، فأحب الله ورفض الخطية وعبادة الأوثان. فى طفولته رأى إرميا النبى وأحبه وسمع نبواته ويقول البعض انه كان خادماً له لفترة في أيام شبابه. وعاصر أيضا أنبياء آخرين هم باروخوناحوموعوبديا. كبر حزقيال وصار عمره عشر سنوات وسمع عن سقوط نينوى عاصمة أشور وبداية المملكة البابلية، فتخلصت يهوذا من سيطرة أشور ولكن قامت المملكة البابلية والتى ظهرت قوتها فى السنوات المقبلة من حياة حزقيال. عندما بلغ حزقيال الخمسة عشر من عمره حدث أمر مؤسف وهو قتل يوشيا الملك الصالح فى معركة مجدو بيد نخو ملك مصر وبهذا انتهت الفترة السعيدة في حياة شعب الله التى كان يدعوهم فيها يوشيا لعبادة الله ورفض الأوثان، وكان ذلك عام 608 ق. م. تملك بعد يوشيا ابنه يهوآحاز الذي سار عكس أبيه، فأنغمس فى الشر وعبد الأوثان، فقبض عليه نخو ملك مصر وأخذه أسيراً إلى مصر وملك بدلاً منه أخيه يهوياقيم. سار يهوياقيم في الشر ونشر عبادة الأوثان ولم يرتدع مما حدث لأخيه يهوآحاز، فتعرض لهجمات من ملك بابل. ورأى حزقيال بعينيه اضطهاد يهوياقيملإرميا، فحزن جداً لابتعاد الملك والشعب عن الله وتعلق قلبه بإرميا ونبواته. كان حزقيال حزيناً عندما رأى انحراف الكهنة عن عبادة الله ومقاومتهم لإرميا، فهو أحد شباب نسل الكهنة وسمع عن اختفاء إرميا ومنع الكهنة له من دخول الهيكل ونبوات إرميا التي قرأها باروخ في بيت الرب، وكيف مزق الملك يهوياقيم النبوات وأحرقها، فحزن حزقيال لإصرار قيادات الشعب على الشر وابتعادهم وشعبهم عن الله. عندما بلغ حزقيال الخامسة والعشرين من عمره وكان ذلك عام 598 ق.م قتل نبوخذنصريهوياقيم الملك وتملك بعده ابنه يهوياكين، الذي لم يمكث على العرش إلا ثلاثة شهور وسار في الشر، فقبض عليه نبوخذنصر وأرسله ليُسجن فى بابل وأخذ مع يهوياكين أشراف يهوذا، أي كل الرجال والشباب الذين لهم مواهب وقدرات خاصة ومنهم حزقيال وسباهم إلى بابل، ثم ملك عم يهوياكين مكانه وهو صدقياالملك، آخر من جلس على عرش مملكة يهوذا. تأثر حزقيال جداً لابتعاده عن أورشليم المدينة المقدسة. لأن البابليين كانوا قد نقلوه إلى مدينة تسمى تل أبيب (وهى غير مدينة تل أبيب الموجودة حالياً فى إسرائيل) وهذه المدينة تقع على نهر يسمى نهر خابور وهو أحد فروع نهر الفرات داخل المملكة البابلية (حز 1). وجد حزقيال نفسه بين مجموعة من اليهود المسبيين عند نهر خابور وحولهم يسكن الوثنيون. فاهتم بهدوء أن يرعى شعبه وينبههم إلى أن ما حدث معهم – أي السبى- هو تأديب إلهي لابتعادهم عن الله ونبههم ليبتعدوا عن الآلهة الوثنية المحيطة بهم ويرفعوا عيونهم نحو هيكل الله والمدينة المقدسة ويظلوا متمسكين بشريعة الله. تزوج حزقيال واقتنى بيتا فى السبى فى مدينة تل أبيب (حز 3: 15)، التى تقع شمال بابل وليست بعيدة عنها. وكانت الاتصالات بين المسبيين وأهلهم فى اليهودية مستمرة، أي كانتالرسائل ترسل منهم وإليهم. وأقتنى المسبيون بيوتاً وحقولاً، بل إن صدقيا الملك فى السنة الرابعة من ملكه، أي بعد وصولهم للسبي بأربع سنوات زار بابل. ليقدم فروض الطاعة والولاء لنبوخذنصر واستقبله المسبيون بموكب عظيم. بعد خمس سنوات من السبي بلغ حزقيال من العمر ثلاثين عاما وكان ذلك عام 593 ق.م وبدأت فى هذا الوقت نبوات حزقيال، ورأى الله في مجد عظيم فى هيكله بأورشليم ورأى الطغمات السمائية محيطة به (حز 1: 1)، فكان هذا تشجيعاً إلهيا وتعويضاً له؛ لأنه في هذا السن كان من حقه ممارسة العمل الكهنوتى لو كان فى أورشليم، ولكنه بدأ عمله النبوي فى السبى ورأى الهيكل ومجد الله. فاطمأن قلبه وهذا شجعه على مواصلة دعوة المسبيين معه إلى عبادة الله. ولما صار عمر حزقيال واحد وثلاثين عاماً علم حزقيال (من الله) أن صدقيا تحالف مع ملك مصر وبهذا نقض عهده مع ملك بابل وهذا لا يليق بأولاد الله، أن يرجعوا فى عهودهم، حتى لو كانت مع غير المؤمنين، فأعلن الله نبوة على فم حزقياللصدقيا يوبخه فيها على تراجعه عن عهده مع ملك بابل ويحذره من الخراب الآتى عليه من ملك بابل وتدمير مدينته أورشليم (حز 15:17-18). أنبا الله حزقيال أن زوجته المحبوبة له ستموت بمرض مفاجئ وأمره ألا يندبها؛ ليكون مثالاً لباقى إخوته اليهود، الذين لن يستطيعوا البكاء على أورشليم عند تدميرها ولا يرثونها؛لأن الخراب البابلي سيكون قاسياً جداً. فكان حزقيال بهذا مثالاً عملياً أمام شعبه ليتوبوا ويرجعوا لله حتى يرحمهم (حز 24: 15). تنبأ حزقيال عن تدمير أورشليم وحرق الهيكل فلم يسمعه فقط المسبيون معه، بل وصل أيضاً إلى آذان شعبه في أورشليم عن طريق التجار والمسافرين وبهذا عضد نبوات إرميا الذي كان يتنبأ في أورشليم. كل هذه النبوات كانت تدعو شعب الله للتوبة، حتى لا تخرب أورشليم ولكنهم للأسف لم يسمعوا، فتم تأديب الله للمدينة والهيكل. ورأى حزقيال الله-فى رؤيا أخرى- يفارق هيكله (حز 10) وحدد الزمن واليوم الذي ستخرب فيه أورشليم. وقد تمت نبواته بكل دقة (حز 24: 2، 33: 21). عندما بلغ حزقيال من العمر ستة وثلاثين عاماً أحرق الهيكل وأورشليم، فحزن حزقيال جداً لغضب الله ومفارقته لشعبه، لكنه لم يفقد رجاءه، بل ظلت نبواته تدعو شعبه للتوبة. تشجع حزقيال عندما علم بالمركز الذي ناله دانيال فى بابل هو والثلاثة فتية، فقد كانت بابل قريبة من حزقيال. عاش حزقيال فترات بين الأشواك، مثل نباتات القريس والسلاء (حز20: 6)؛ ليبين عملياً لشعبه أنهم يسكنون بين الأمم التى تعبد الأوثان. فكان النبى مثالاً عملياً للشعب؛ حتى يكون رجاءهم الوحيد هو الله، فيرحمهم ويعيدهم من السبى. تميز حزقيال بالفصاحة وكان يكتب كلامه بالشعر، كما كان صوته جميلاً وجذاباً، حتى يساعد شعبه على قبول كلمة الله ولكنهم للأسف أعجبوا بفصاحته وتركوا عنهم مضمون كلامه، أي دعوتهم للتوبة (حز 33: 31- 33). كان إرميا ينبه شعبه للتوبة ولكنه كان يتميز بالكلام الحنون، إذ أن طبيعة إرميا أنه رقيق للمشاعر، أما حزقيال فقد تميز بالكلام الشديد الصارم؛ لأن نبوته بدأت قبل خراب الهيكل بست سنوات فقط؛ كما أنه كان مسئولاً عن دعوة شعبه المسبي إلى الرجوع لله وليس الانشغال بالمقتنيات في المملكة البابلية، ثم الارتباط بالآلهة الوثنية. فتوبة شعبه كانت الأساس الذي من أجله سيعيدهم الله ثانية إلى بلادهم ويبنى لهم الهيكل من جديد. كان كلام حزقيال في الجزء الأول من نبوته يدعو إلى التوبة بكل الوسائل، ثم بعد الإصحاح الرابع والعشرين نجد كلماته مملوءة رجاء في الرجوع من السبي، بل يحدثهم عن هيكل الرب الذي أستغرق الحديث عنه التسعة إصحاحات الأخيرة من نبوته، فحدثهم عن جمال هيكل العهد الجديد، ثم عظمة أورشليم السماوية، فهذا الهيكل كانت قياساته لا يمكن إتمامها؛ لأنها ترمز إلى أورشليم السماوية، التي لا يمكن التعبير عن مجدها وعظمتها. كان الله يأمر حزقيال أحياناً أن يصمت؛ ليبين أن الشعب رافضاً لكلام الله، فصمت حزقيال كان إعلاناً لعدم استحقاق الشعب أن يسمع (حز 24: 17). إن نبوات حزقيال تحدثنا كثيراً عن تجديد القلب، أي إنسان العهد الجديد، الذي يحيا مع الله بقلب لحمى وليس حجري (حز 36: 26). وتنبأ عن أمنا العذراء، الباب المغلق، الذي يدخله الرب ويخرج منه ويظل مغلقاً (حز 44: 2). وتحدث عن أسرار الكنيسة مثل المعمودية (حز 36: 25)، فقد أطل حزقيال بنظره إلى العهد الجديد بنبواته وهو مازال في العهد القديم. بعد أن استمر حزقيال يتنبأ لمدة اثنين وعشرين عاماً، أي بلغ من العمر اثنين وخمسين عاماً، يدعو فيها شعبه للرجوع إلى الله. فيما كان يوبخ أحد القضاة ليحكم بالحق ولا يخالف شريعة الله اغتاظ وقام عليه وقتله، كما يخبرنا القديس أبيفانيوس أسقف قبرص عن مخطوط قديم وجده، وقد دفن حزقيال في مقبرة جده الكبير سام وابنه وأرفكشاد. استشهد حزقيال بعد أن أعلن صوت الله بقوة للشعب المسبى وللشعب الذي فى أورشليم ولكل العالم، وترك دانيال النبى يكمل رسالة الله لشعبه حتى أعادهم من السبى. فنبوات حزقيال تأتى زمنياً بين نبوات إرميا الذي سبقه ونبوات دانيال الذي تنبأ بعده، فالله لا يترك نفسه بلا شاهد، بل يتتابع الأنبياء ليعلنوا صوت الله فى كل حين. |
||||
21 - 05 - 2015, 06:07 PM | رقم المشاركة : ( 7810 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
سأل الأب إيفاجريوس أنبا مقار : عن طهارة النية . سأل الأب إيفاجريوس أنبا مقار : عن طهارة النية . فقال له انبا مقار : إن طهارة النية تظهر فى حالة إنسان يعطى بإختياره ألف قطعة من الفضة حسب نيته ، و تكون كلها مثل فلس واحد فى عينيه ، ثم إذا أكرهوا نيته بمقدار فلس واحد يصير ذلك أمامه كخسارة ألف قطعة من الذهب بسبب إكراههم لنيته . |
||||