04 - 03 - 2015, 06:10 PM | رقم المشاركة : ( 7531 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ما المراد باشتراك الصفات ؟ المراد به أن لشخص المسيح الواحد صفات الطبيعتين حتي أن كل ما يمكن أن يقال في كل منهما يمكن أن يقال فيه لا أن لكل من الطبيعتين صفات الأخرى فيصح أن يوصف المسيح بكل ما يصدق علي ناسوته وعلي لاهوته كما يصح أن يوصف الإنسان بكل ما يصدق علي نفسه وعلي جسده مثال ذلك قولنا أن الإنسان خالد وغير خالد ومخلوق من التراب وابن الله وعلي هذا النسق يمكننا أن نقول أن المسيح محدود وغير محدود وأنه يجهل أموراً ويعلم كل شئ وأنه دون الله ومساو له وأنه منذ الأزل وولد في وقت معلوم. وعلي هذا المبدأ أي أن ما يصدق علي كل من طبيعتي الشخص يصدق عليه يجب تفسير آيات كثيرة من الكتاب المقدس وقد قسمنا هذه الآيات إلي أربعة أصناف وهي : 1 – ما كان المحمول فيه علي كل الشخص ومثاله كون المسيح فادينا وربنا وملكنا ونبينا وكاهننا وراعينا الخ فإن هذه الأقوال تصدق عليه بالنظر إلي كل شخصه لا باعتبار كونه إلهاً فقط أو مجرد إنسان. 2 – ما كان الموضوع فيه الشخص والمحمول لا يصدق إلا علي اللاهوت. ومثاله قول مخلصنا قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن وقوله أيضاً بالمجد الذي كان لي عندك قبل تأسيس العالم وما شاكله كثير. فإن المسيح استعمل ضمير المتكلم في هذه الأقوال باعتبار كونه شخصاً غير أن المحمول لا يصدق إلا علي اللاهوت. 3 – ما كان الموضوع فيه هو الشخص المحمول لا يصدق إلا علي الطبيعة البشرية. مثاله قول يسوع أنا عطشان ونفسي حزينة حتى الموت وقول البشير بكي يسوع وكذلك جميع الآيات التي مضمونها أن مخلصنا كان يمشي ويأكل وينام ويري ويلمس ويسمع صوته الخ. 4 – ما دخل تحت الصنف الأول من هذه الأصناف ولكن يمتاز عنه في كون الموضوع مما يختص بالطبيعة الإلهية والمحمول لا يصدق علي نفس الطبيعة الإلهية بل علي الطبيعتين الإلهية والإنسانية معاً في حال الاقتران. ومثاله قول الرسول فحينئذ الابن نفسه أيضاً سيخضع للذي أخضع له الكل (1 كو 15 : 28) فالموضوع هنا هو الابن باعتبار كونه إلهاً وإنساناً معاً والإشارة إلي تسليمه الملك الذي تقلده كوسيط بين الله والإنسان لأجل إجراء عمل الفداء. ومثال آخر هو قول المخلص الآب أعظم مني فهذا لا يصح علي الطبيعة الإلهية بل يصح علي الإله والإنسان معاً أي علي المسيح باعتبار كونه وسيطاً. فيتبين مما تقدم أن الكتبة الأطهار نسبوا إلي مخلصنا صفات الناسوت وصفات اللاهوت بدون نظر إلي الاسم الذي سموه به وذلك باعتبار كونه شخصاً واحداً فسموه الرب والابن ونسبوا إليه ما يصدق عليه فقط باعتبار كونه إلهاً وإنساناً معاً. |
||||
04 - 03 - 2015, 06:11 PM | رقم المشاركة : ( 7532 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ما المراد بالقول أن جميع أعمال المسيح سواء كانت بشرية أم إلهية هي أعمال شخص واحد ؟ المراد بذلك أن أعمال المسيح بعضها إلهي محض كالعجائب وبعضها بشري محض كالأكل والشرب والنوم وبعضها إلهي وبشري وهو ما يشترك في عمله الطبيعتان كعمل الفداء ولا يخفي أن جميع تلك الأعمال هي أعمال المسيح أي أعمال شخص واحد وأن أعمال المسيح هي أعمال شخص إلهي وإن اختصت بطبيعته البشرية ولذلك يجوز أن نعتبر طاعة المسيح وآلامه وإن كانت ليست طاعة وآلام الطبيعة الإلهية إنها طاعة وآلام شخص إلهي. فإن نفس الإنسان لا يمكن أن تجرح ولا أن تحرق ولكن متي أصاب الجسد شئ من ذلك نسبناه إلي الإنسان كله وعلي هذا المبدأ نقول أن طاعة المسيح بر الله وأن دم المسيح دم إلهي ومن ذلك نتج الاستحقاق غير المحدود وفاعلية عمله. وهو منصوص عليه في الكتاب المقدس كما قال الرسول لأنه لا يمكن أن دم ثيران وتيوس يرفع خطايا (عب 10 : 4). ولكن بما أن للمسيح روحاً أزلياً كمل المقدسين إلي الأبد بتقديم نفسه مرة واحدة. وهذا هو الأمر الأخص الذي أطنب الرسول بإثباته في رسالته إلي العبرانيين والسبب الذي قدمه لعدم اقتضاء تكرير ذبيحة المسيح هو أن فاعليتها أعظم من فاعلية ذبائح النظام القديم إلي غير نهاية. وهو قد طبع علي قلوب المؤمنين في جميع القرون حتي أن كلاً منهم يقول من كل قلبه يا يسوع إلهي دمك فقط يقدر أن يكفر عن الخطية. وربما سمي شخص المسيح بإحدى طبيعتيه ونسب إليه من الأعمال ما هو خاص بالطبيعة الأخرى وذلك كما تقدم في الكلام علي صفاته. فإنه في الكلام علي تسليمه نفسه للموت سمي الله وابن الله ورب المجد. وسمي أيضاً الإنسان وابن الإنسان ونسب إليه من الأعمال ما هو خاص بسلطانه الإلهي فقط ومن ذلك القول أن ابن الإنسان هو الذي يغفر الخطايا ورب السبت ويقيم الأموات ويرسل ملائكته ليجمع مختاريه. وسبق أن أعمال الإنسان مقسومة إلي ثلاثة أنواع وهي عقلية محضة كالفكر وجسدية محضة كالاغتذاء والهضم ومختلطة من عقلية وجسدية كالتكلم والكتابة وما أشبهها وهي كلها تنسب إلي شخص واحد فكذلك أعمال المسيح الإلهية والبشرية والمختلطة تنسب بجملتها إلي ذات واحدة. |
||||
04 - 03 - 2015, 06:12 PM | رقم المشاركة : ( 7533 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ما المراد بقولنا أن شخص يسوع المسيح موضوع السجود الديني ؟ المراد بالسجود في هذه الجملة تقديم الإكرام الديني بناء علي وجود صفات إلهية في المسجود له وهو الأساس الوحيد لذلك السجود وبالنتيجة ناسوت المسيح ليس هو أساس السجود بل لاهوته علي أن المعبود هو شخص اتحد فيه اللاهوت بالناسوت. |
||||
04 - 03 - 2015, 06:12 PM | رقم المشاركة : ( 7534 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ما المراد بقولنا أن المسيح يقدر أن يشعر مع شعبه ؟ هو قول الرسول أن المسيح هو رئيس كهنة رحيم وأمين وبالنتيجة أنه نفس المخلص الذي نحتاج إليه. فإنه باعتبار كونه الله والكلمة الأزلي لا يمكنه أن يكون ولا يعمل حسب ما تقتضي احتياجاتنا فكيف يمكنه ذلك لو كان إنساناً فقط مهما كان حكيماً ومقدساً ومحسناً فالذي نحتاج إليه نبتغيه إنما هو مخلص يكون إلهاً وإنساناً معاً. فينبغي أن يكون إلهاً ليقدر أن يكون دائماً حاضراً في كل مكان وقادراً علي كل شئ وغير محدود في وسائطه ليخلص ويبارك وينبغي أن يكون إنساناً ليمكنه أن يحس بضعفاتنا ويتجرب مثلنا ويخضع للناموس الذي تعديناه ويحتمل القصاص الذي استوجبناه. وأما المسيح ففيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً وقد وجد في الهيئة كإنسان لكي يمكننا الوصول إليه والامتلاء من ملئه. ولذلك نحن كاملون فيه لا يعوزنا شئ بعد. |
||||
04 - 03 - 2015, 06:13 PM | رقم المشاركة : ( 7535 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ما المراد بالقول أن الكلمة المتجسد هو مصدر الحياة ؟ إن الكتاب المقدس يعلمنا أن الكلمة هو الحياة الأبدية وأن له الحياة في نفسه وهو مصدر الحياة الجسدية والعقلية والروحية. وأيضاً أن تجسده هو الكيفية المختارة لإيصال بركات الحياة الروحية إلي بني البشر. ولذلك هو المخلص الوحيد ومصدر الحياة الوحيد لنا ونحن نصير شركاء هذه الحياة بالاتحاد به وهذا الاتحاد يتم بواسطة سكن الروح القدس فينا وبواسطة الإيمان به. وهو يصير للمؤمنين بأنه الله ظهر في الجسد حياة أبدية لأنه ليس هم الذين يحيون بل المسيح يحيا فيهم. (غل 2 : 20) |
||||
04 - 03 - 2015, 06:14 PM | رقم المشاركة : ( 7536 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ما المراد بقولنا أن طبيعة المسيح البشرية ارتفعت بالتجسد ؟ كما أن الجسد البشري بسبب اتحاده الجوهري بالنفس الناطقة رفع بما لا يقاس فوق كل مخلوق مادي في الكون كذلك ناسوت المسيح بسبب اتحاده بطبيعته الإلهية رفع بدون قياس في المقام والقدر ولا سيما السلطان علي جميع الخلائق العاقلة. |
||||
04 - 03 - 2015, 06:17 PM | رقم المشاركة : ( 7537 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المسيح في القرآن
أعاظم الرسل ، في القرآن ، هم إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد . وليس في القرآن لواحد منهم صورة تداني صورة المسيح في القرآن. غذ يتميز المسيح ، في القرآن ، عن العالمين باسمه وصفته في التعريف الجامع المانع ، الشامل الكامل ، الذي يعطيه القرآن للمسيح ، يميزه باسم مزدوج لا يطلقه على أحد من العالمين والمرسلين " إنما المسيح عيسى ، ابن مريم ، رسول الله ، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه " ( النساء : 170 ). فهو " كلمة الله " و روح الله" . والقرآن يصف المسيح ، عيسى ، ابن مريم ، بأنه " آية " الله في العالمين مع أمه " وجعلناها وابنها آية للعالمين" ( الأنبياء : 91 ) ؛ " وجعلنا ابن مريم وأمه آية" ( المؤمنون : 51) . إنه آية الله في أحواله وأعماله وأقواله ، كما أنه وحده انفرد على العالمين والمرسلين بتأييد روح القدس له في جميع أحواله وأعماله وأقواله لذلك وإن استعمل القرآن " آية للناس" أو " آية للعالمين " بحق عزير ( البقرة : 529) وبحق فرعون الغارق الناجي ببدنه ( يونس : 92 ) ، وبحق قوم نوح ( الفرقان : 37 ) وبحق نوح نفسه ( العنكبوت : 29 ) فهو إنما يأخذ من ظرف في حياتهم آية ، أي عبرة ، للذكرى والتاريخ . بينما القرآن يجعل المسيح نفسه في سيرته كلها وفي شخصيته كلها " آية للعالمين " ؛ ويظهر القرآن المعنى المقصود ، بالميزة الثانية التي انفرد بها على العالمين والمرسلين " وأيدناه بروح القدس" ، فسره الجلالان " لا يفارقه ساعة" . فلا نجعل من المشاكلة اللفظية ، مقالبلة شخصية. فباسمه وصفته ينفرد المسيح ، ويستعلي في القرآن ، على العالمين وعلى المرسلين أجمعين |
||||
04 - 03 - 2015, 06:19 PM | رقم المشاركة : ( 7538 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
سيرة المسيح في القرآن الأسماء الحسنى للمسيح في القرآن نسب المسيح المعجز في القرآن الميلاد الإعجازي للمسيح في القرآن حداثة المسيح في القرآن رسالة المسيح في القرآن موت المسيح وصلبه في القرآن المجئ الثاني للمسيح في القرآن دور المسيح في يوم الدين ، بحسب القرآن الأسماء الحسنى للمسيح في القرآن يرد اسم المسيح في القرآن مراراً وتكراراً ، على أشكال وهي باسم " عيسى " وحدهفي ( 2 : 136 ؛ 3 : 52 و 55 و 59 و 84 ؛ 4 : 162 ؛ 5 : 49 و 81 ؛ 6 : 85 ؛ 33 : 7 ؛ 42 : 13 ؛ 43 : 63 ) أي اثنتي عشرة مرة باسم " المسيح " وحده في ( 4 : 171 ؛ 5 : 75 ؛ 9 : 31 ) أي ثلاث مرات باسم "ابن مريم" وحده في ( 23 : 51 ؛ 43 : 57 ) أي مرتين باسم " عيسى ابن مريم " فقط في ( 2 : 87 و 253 ؛ 5 : 113 و 115 و 117 و 119 ؛ 19 : 34 ؛ 57 : 27 ؛ 61 : 6 و 14 ) أي عشر مرات باسم " المسيح ابن مريم" فقط في ( 5 : 19 مرتين و 75 و 78 ؛ 9 : 32 9 أي خمس مرات باسم " المسيح ، عيسى ، ابن مريم "- وهو الاسم الكامل - في ( 3 : 45 ؛ 4 : 156 و 170) أي ثلاث مرات باسم " كلمة الله "يرد صفة ولقباً في قوله :" إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته" ( النساء : 170) ؛ وعلماً في قوله :" يبشرك بيحيى مصدقاً بكلمة من الله " ( آل عمران: 39 ) ، وفي آيتين نختلف في قراءتهما :" وصدقت بكلمة ربها " أي مريم ( التحريم : 12 ) ؛ " يؤمن ( النبي الأمي ) بالله وكلمته " ( الأعراف : 157 ) ؛ وعلى الصفة والعلمية معاً في قوله :" إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم " ( آل عمران : 45 ) وفي قوله على الترادف :" ذلك عيسى ابن مريم ، قول الحق، ال1ي فيه يمترون" ( مريم : 34) وهكذا يرد خبر المسيح في ست عشرة سورة ، من بينها ثلاث من السور الكبار اتخذت اسمها من سيرته : مريم و آل عمران و المائدة . بينما إبراهيم لا تحمل اسمه إلا سورة واحدة ؛ ومحمد لا تحمل إلا سورة واحدة اسمه ، مع سورة أخرى على الترادف : طه . كما تحمل سورة اسم نوح ولقمان وهود ويونس. فالقرآن يميز المسيح بالأسماء والألقاب على سائر الأنبياء والرسل من أين جاء القرآن بصيغة الاسم " عيسى"؟ نسب المسيح المعجز في القرآن المسيح ، بذاته ، هو خاتمة الذرية المصطفاة على العالمين . ونجد أن القرآن يفتتح قصص المسيح بقوله :" إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ، ذرية بعضها من بعض " ( آل عمران : 33 ) . وقد فسر ذلك البيضاوي :" إن الله اصطفاهم بالرسالة والخصائص الروحانية والجسمانية ، ولذلك قووا على ما لم يقو عليه غيرهم ن لما أوجب طاعة الرسل ؛ وبين أنها الجالبة لمحبة الله . وعقب ذلك ببيان مناقبهم تحريضاً عليها . وبه يستدل على فضلهم على الملائكة ... وآل عمران موسى وهارون ابنا عمران بن يصهر بن قاهث ن بن لاوي ، بن يعقوب ، وعيسى ، وأمه مريم بنت عمران ، بن ماثان ، بن اسعاذا ، بن ابيود ، بن يورن ، بن زربايل ، بن سالثان ، بن يوحنا ، بن اوشا ، بن أموزن ، بن مشكي ، بن حارفار ، بن آحاد ، بن يوتام ، بن عزريا ، بن يورام ، بن ساقط ، بن ايشا ، بن راحبعيم ، بن سليمان ، بن داود ، بن ايشا ، بن عريد ، بن سلمون ، بن ياعر ، بن يخشون ، بن عميار ، بن رام ، بن خضروم ، بن فارض ، بن يهوذا ، بن يعقوب عليه السلام . وكان بين العمرانين ألف وثمانمائة سنة" فالمسيح عيسى ابن مريم هو ثمرة وختام الذرية المصطفاة على العالمين أولاً بأمه:" إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين " ( آل عمران : 42 ) ؛ ثم بذاته لأنه ختامها ، ومسك الختام " ولقد آتينا موسى الكتاب ، وقفينا من بعده بالرسل ، وآتينا عيسى البينات وأيدناه بروح القدس" ( البقرة : 87)، " يكلم الناس في المهد ، وكهلاً ، ومن الصالحين " ( آل عمران : 46). فكأن الله ، في نظر القرآن ، ما فضل بني إسرائيل على العالمين :" يا بني إسرائيل اذكروا نعمتى التي أنعمت عليكم ، وأني فضلتكم على العالمين " ( البقرة : 47 و 122 ) قابل ( الأعراف : 139 ، الإسراء : 70 ، الجاثية : 15 ) إلا بسبب المسيح ، ولأجله ، لأنهم بعد المسيح صاروا " شر البرية " ( البينة : 6 ) . فقبل المسيح فضل الله بني إسرائيل على العالمين ؛ وفي بني إسرائيل فضل آل عمران ، ومريم بنت عمران ، على المفضلين في العالمين . فالمسيح في نسبه ، ذروة الفضل في العالمين ، بنص القرآن القاطع . فهو آية الله في خلقه ، بنسبة المعجز الميلاد الإعجازي للمسيح في القرآن وهنا نورد النصوص القرآنية فيه ، ونكتفي بذكر اسم السورة وبداية الآيات ورقم انتهائها سورة مريم : 15 - 32 سورة آل عمران : 45 - 48 سورة الأنبياء : 91 سورة التحريم : 12 تلك هي النصوص القرآنية في البشرى بعيسى ومولده . ويترتب عليها مسائل ومشاكل ، نقتصر منها على ما تيسر المسألة الأولى كان الحبل بالمسيح معجزة ، أي بغير أبٍ . وإجماع النصوص ، وبإجماع المفسرين المسلمين يدفع تخرصات البعض الذين زعموا أن جبريل قام مقام الأب في مولد المسيح ، إستناداً إلى بعض المفسرين المسلمين . وقد استند هذا البعض إلى قوله :" لأهب لك " ( مريم : 18) ، وفاتهم قراءة " ليهب لك " ، والقرائن القريبة والبعيدة ، إذ أن الملاك نفسه يفسر قوله :" قال : كذلك ! قال ربك هو على هين ولنجعله آية للناس" ( مريم : 20 ) . فسره الجلالان :" قال : كذلك أي الأمر ، كذلك من خلق غلام منك من غير أبٍ" . وما حمل هؤلاء البعض على الشطط هو قول القرآن :" فنفخنا فيها من روحنا " ( الأنبياء : 91 ) ، " فنفخنا فيه من روحنا " ( التحريم : 12 ) ، كما فسره الجلالان " فنفخ جبريل في جيب درعها فأحست بالحمل في بطنها مصوراً" ( مريم : 20 ) ؛ والبيضاوي :" فحملته بأن نفخ في درعها فدخلت النفخة في جوفها" وفات هؤلاء وأولئك صريح آية آل عمران :" قالت : أنى يكون لي ولد ، ولم يمسسن بشر؟ قال ( هو ) كذلك : الله يخلق ما يشاء ، إذا قضى أمراً فإنما يقول له : كن ! فيكون " ( آل عمران : 47) . فالمسيح كون في مريم بأمر خلاق من دون واسطة على الإطلاق ، حتى نفخه جبريل في درع مريم ! ويؤيد قوله في آية النساء " وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه" ( النساء : 170) وهكذا تنسجم كل القرائن القرآنية ، وتتضح عقيدة القرآن في الحبل المعجز بالمسيح ن بدون واسطة مخلوق على الإطلاق . ومعجزة تكوين المسيح تشبه معجزة تكوين آدم :" ان مثل عيسى عند الله كمثل آدم ، خلقه من تراب ، ثم قال له : كن ! فيكون" ( آل عمران : 59) . إذ أنه في الحالين بلا واسطة المسألة الثانية" مدة الحمل"ظاهر القرآن يجعل الحمل والولادة متلاحقين كأنه لا زمن بينهما :" فحملته فانتبذت به مكاناً قصياً، فأجاءها المخاض " ( مريم : 21 - 22 ) . فقا المفسرين :" والحمل والتصوير والولادة في ساعة!" ( الجلالان) ؛ " وكانت مدة جملها سبعة أشهر ، وقيل سنة ، وقيل ثمانية ، ولم يعش مولود وُضع لثمانية غيره ، وقيل ساعة" ( البيضاوي) . وقال غيرهم : ثلاث ساعات ولا حاجة لكل هذه التخرصات ؛ فأسلوب الإيجاز في القرآن يختصر القصص ، فتذوب فيه الأوقات والمسافات . فالأصح أن نقول : إن القرآن لا يذكر مدة الحمل . وبحسب ظاهره ، فمدة الحمل القصير معجزة أخرى المسألة الثالثة : ولادة المسيح هل كانت طبيعية أم معجزة مثل الحمل ؟ ، والمفسرين المسلمون الذين يجعلون من ابن عباس "ترجمان القرآن" " الحمل والتصوير والولادة في ساعة " يجعلون الولادة معجزة مثل الحمل. فنجد البيضاوي يقول :" كما حملته نبذته " ( مريم ) أي بمعجزة ، فظلت مريم بتولاً في الحمل كما يظن بعضهم أن الولادة كانت طبيعية لقوله :" فأجاءها المخاض " ( مريم : 22 ) . يفسره الجلالان :" وجع الولادة" ، وتفسير البيضاوي أصح :" المخاض مصدر مخضت المرأة ، إذا تحرك الولد في بطنها للخروج " فليس في أصل اللغة معنى وجع الولادة في المخاض ، لكنه العرف والعادة ، ونحن في مولد المسيح مع عالم المعجزة :" كما حملته نبذته" . والقرائن تدل على أن مريم لم تقاس وجع الولادة ؛ فهي حال الولادة " تهز بجذع النخلة " ( مريم : 24 ) ؛ وتأكل وتشرب وتقر عينا ( مريم : 25 ) ؛ وللحال أتت به قومها تحمله ( مريم : 26 ). فكلها إشارات إلى حال لا تدل على وجع الولادة وفي الحديث عن عدم صراخ المسيح الوليد عند ولادته :" ما من مولود يولد إلا والشيطان يمسه حين يولد ، فيستهل ( صارخاً ) من مسه ، إلا مريم وابنها" دليل على أن المسيح في مولده لم يقاس مع أمه ألم المخاض ، ولا وجع الولادة المسألة الرابعة : نطق المسيح منذ مولدهفي سورة مريم :" قالوا : كيف نكلم من كان في المهد صبياً؟ قال : اني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً" ( مريم : 28 - 29 ) ، وفي آل عمران :" يكلم الناس في المهد وكهلاً " ( آل عمران : 46 ) . وقد فسره البيضاوي :" إني عبد الله ، أنطقه الله به ... وقيل أكمل الله عقله واستنبأه طفلاً" ( مريم : 29 ) . نطق المسيح في المهد بنص القرآن القاطع ، وولادته نبياً صريحة أيضاً ، بنص القرآن القاطع ( آل عمران : 46 ) . وفي هذا يقول البيضاوي :" يكلمهم حال كونه طفلاً ، وكهلاً ، كلام الأنبياء ، من غير تفاوت " ( آل عمران : 46 ) . فنبؤة المسيح في المهد ، مثل نبؤته في كهولته ورسالته . معجزتان انفرد بهما على الرسل المسألة الرابعة : " مثل عيسى كمثل آدم " ، كان مسيحيو نجران يجعلون من مولد المسيح المعجز دليلاً على لاهوته وبنوته لله ، فأجابهم القرآن :" إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ، خلقه من تراب ، ثم قال له : كن! فيكون" ( آل عمران : 59 )وهنا نجد مقارنة القرآن ، في الرد عليهم ، الغريب بالأغرب : المسيح ولد بدون أب ، وآدم كان بدون أب ولا أم ! فكما أن مولد آدم لا يجعله إلهاً ، كذلك مولد المسيح لا يجعله ابن الله . هذا منطق القرآن ومنطوقه فالقرآن لا ينكر فضل المسيح على المرسلين ، بمولده المعجز الذي انفرد به على العالمين ، إنما ينكر لاهوت المسيح . لذلك نستغرب قول الذين لا يرون للمسيح فضلاً على المرسلين أجمعين بمولده المعجز ، ونستغرب استشهادهم بهذه الآية . فإن خلق آدم بدون أب ولا أم ليس معجزة ، إذ المعجزة خرق للعادة ، فخلق آدم بدء لناموس الطبيعة البشرية ، ولا خرق فيه لهذا الناموس ؛ أما مولد المسيح من أم بلا أب ، فهو خرق للعادة وهو المعجزة عينها . وبما أن الله قد خص المسيح بمعجزة مولده من دون المرسلين أجمعين ، فقد فضله عليهم أجمعين . لا ينكر القرآن ذلك ، بل يستنكر البرهنة به على بنوته ولاهوته فختم قصص مولد المسيح المعجز باستجماع المعجزات التي تمت فيه تمثل جبريل ، رئيس الملائكة ، لمريم بشراً سوياً وكلمها شفاهاً عياناً ( مريم : 16 ) 1 بشرها " بغلام زكي " أي " طاهر من الذنوب " ( البيضاوي) منذ الحبل ( مريم : 16 ) 2 يتم الحمل بالمسيح بمعجزة إلهية ، بدون واسطة مخلوق 3 مدة الحمل بالمسيح معجزة ، بإجماع المفسرين المسلمين 4 كيفية الولادة معجزة أيضاً " كما حملته نبذته" ( البيضاوي) 5 " فناداها من تحتها ألا تحزني " (مريم : 13 ) - من المنادي ؟ " جبريل كان يقبل الولد" ( البيضاوي ) . فالمسيح وحده في العالمين ، قام جبريل مقام القابلة في مولده . أو كان المولد الوحيد الذي حضره جبريل 6 معجزة النخلة :" وهزي إليك بجذع النخلة تُساقط عليك رطباً جنياً"( مريم : 25). " روي أنها كانت نخلة يابسة ، لا رأس لها ولا ثمر ، وكان الوقت شتاء ، فهزتها ، فجعل الله تعالى لها رأساً وخوصاً ورطباً"( البيضاوي) 7 معجزة النهر السري :" قد جعل ربك تحتك سرياً". قال الجلالان:"ناداها جبريل وكان أسفل منها : ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا ، أي نهر ماء كان قد انفقطع". وقال ازمخشري:" لم تقع التسلية بهما من حيث أنهما طعام وشراب ، ولكن من حيث أنهما معجزتان تريان الناس أنهما من أهل العصمة" 8 نطق المسيح منذ مولده ن ولم يحصل ذلك لأحد من العالمين 9 نبؤة المسيح منذ مولده 0 مريم : 30 ؛ آل عمران : 46 ) . وحده ولد نبياً 10 هذه النبؤة تقتضي كمال العقل في المهد :" أكمل الله عقله واستبأه طفلاً"( البيضاوي) 11 ينال كمال الوحي والتنزيل منذ مولده:" ويعلمه الكتاب والحكمة ، والتوراة والإنجيل"( آل عمران : 48) . و " يكلم الناس في المهد وكهلاً" على حدٍ سواء 12 معجزة التكليف بالفرائض الدينية وهو طفل " وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً" ( مريم : 30) يقولها المسيح في المهد 13 معجزة القداسة والعصمة منذ مولده :" وجعلني مباركاً أينما كنت "( مريم : 30 ) فهو وحده " المبارك" في كل زمان ومكان 14 معجزة نبؤته بموته وبعثه ، حين مولده :" والسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا"( مريم : 32). 15 فهل جري شئ من ذلك لأحد من العالمين ، وأكابر المرسلين مثل إبراهيم وموسى ومحمد؟ حقاً لقد انفرد المسيح بمولده ، وبمعجزات مولده على العالمين وعلى المرسلين أجمعين .. فالمسيح وحده آية الله الكبرى في مولده حداثة المسيح في القرآن رواها القرآن في آية :" وجعلنا ابن مريم وأمه آية! وآويناهما إلى ربوة ذات قرار معين ؛ يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً ، إني بما تعملون عليم" ( المؤمنون : 51 - 52 ). فسرها البيضاوي :" ربوة: أرض بيت المقدس ، فإنها مرتفعة أو دمشق أو رملة فلسطين أو مصر ، فإن قراها على الربى" . ولماذا لا نقول مع الإنجيل : تلك الربوة الغناء هي الناصرة؟ ، فهي " ذات قرار ومعين " . القرار يعني أنها ذات ثمار وزروع ، فإن ساكنيها يستقرون فيها لأجلها . ومعين : ظاهر جار ... وصف ماؤها بذلك لأنه الجامع لأسباب التنزه وطيب المكان" " يا أيها الرسل : خطاب لجميع الأنبياء ... أو حكاية لعيسى وأمه عند ايوائهما للربوة ، ليقتديا بالرسل في تناول ما رزقا . وقيل : النداء له ، ولفظ الجمع للتعظيم" . " كلوا من الطيبات : إن إباحة الطيبات للأنبياء شرع قديم ! ... والطيبات ما يُستلذ من المباحات . وقيل : الحلال الصافي القوام ، فالحلال ما لا يُعصي الله فيه ، والصافي ما لا يُنسي الله فيه ، والقوام ما يُمساك النفس بحفظ العقل". إذاً ، فهي حداثة معجزة في السكينة والطمائنينة ، وفي طيبات الحياة . وفيها صدى لخياة المسيح في الناصرة ، ولقول الإنجيل :"وجاء ابن الإنسان يأكل ويشرب" ( لوقا 7 : 34 ) . فالمسيح آية أيضاً في حداثته على " ربوة ذات قرار ومعين " . رسالة المسيح في القرآن المسيح وحده من دون المرسلين أجمعين ولد نبياً ، نطق في المهد وقال :" إني عبد الله ، آتاني الكتاب وجعلني نبياً " ( مريم : 29 ) . تنبأ في المهد ، وكهلاً ( آل عمران : 46 ) ، وهذه ميزة أخرى انفرد بها على المرسلين . وقد استجمع الله فيه الوحي كله :" ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل " ( آل عمران : 48 )، وهذه أيضاً ميزة انفرد بها على الرسل أجمعين وكانت رسالته بالكلمة والقدوة والمعجزة ؛ فرسالته صورة لسيرته ؛ وسيرته مثال لرسالته ؛ وهو في كليهما معجزة :" ورسولاً إلى بني إسرائيل : إني جئتكم بآية من ربكم " ( آل عمران : 49 ) . وفي هذا الإجماع ميزة خاصة به على المرسلين. كما ميزه الله ، وفضله على العالمين والمرسلين أجمعين بتأييد روح القدس له في سيرته ورسالته :" وأيدناه بروح القدس " ( البقرة : 87 و 53 ؛ المائدة : 113 ) فكانت رسالة المسيح معجزة الرسالات . فالمسيح آية الله في رسله للمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع : رسالة المسيح في القرآن موت المسيح وصلبه في القرآن كما دخل المسيح بمعجزة لا مثيل لها في تاريخ المرسلين ، خرج من العالم بمعجزة لا مثيل لها في تاريخ الرسل والعالمين : إنه رُفع حياً إلى السماء ونصوص القرآن في آخرة المسيح ، كلها صريحة في هذا المعنى ؛ إنما الخلاف قائم بينهما في تعارض آ ( النساء : 156 ) مع آيات ( مريم : 33 ؛ آل عمران : 55 ؛ المائدة : 120) . فالمسيح منذ مولده يتنبأ عن آخرته :" والسلام على يوم ولدت ! ويوم أموت ! ويوم أُبعث حيا!" ( مريم : 33 ) . فالمسيح وحده دون المرسلين أجمعين عرف مصيره منذ مولده . وهو وحده ، دون العالمين والمرسلين ، حي خالد في السماء عند الله ، بينما هم أجمعون ينتظرون يوم يبعثون! .. فآخرة المسيح أيضاً معجزة ، بل معجزة المعجزات . فالمسيح برفعه حياً إلى السماء آية الله في المرسلين والعالمين للمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع : موت المسيح وصلبه في القرآن المجئ الثاني للمسيح في القرآن وهذه أيضاً ميزة أخرى ينفرد بها المسيح على العالمين والمرسلين أجمعين :" وإنه لعلم للساعة " ( الزخرف " 61 ) ؛ أي " شرط من أشراطها ... أو علامة لها " ( الزمخشري ) . سيرجع المسيح إلى الدنيا ، ورجوعه علامة على قيام الساعة . فعلم الساعة من خصائص الله :" تبارك الله الذي له ملك السماوات والأرض وما بينهما ، وعنده علم الساعة ، وإليه تُرجعون " ( الزخرف : 85 ) ؛ والمسيح عنده علم الساعة وهو علم لها رجوع المسيح قبل يوم الدين عقيدة قرآنية ، توسع في الحديث النبوي . وهذا الدور الفريد للمسيح في العالمين يجعله آية المرسلين آجمعين ، وخاتمهم دور المسيح في يوم الدين ، بحسب القرآن لا يعترف القرآن بالشفاعة في يوم الدين إلا لمن ارتضى من الملائكة ، وللمسيح وحده دون العالمين والمرسلين أجمعين الشفاعة في يوم الدين لله وحده : " لله الشفاعة جميعاً " ( الزمر : 44 ) ، " يومئذ لا تنفع الشفاعة " ( طه : 109 ) ؛ " ولا تنفع الشفاعة عندع " ( سبأ : 23 ). ففي يوم الدين : " لا يقبل منها شفاعة " ( البقرة : 48 ) ؛ " ولا تنفعها شفاعة " ( البقرة : 123 ) ، " يوم لا بيع ولا خلة ولا شفاعة " ( البقرة : 254 ) . فيوم الدين " لا تملك نفس لنفس شيئاً ، والأمر يومئذ لله " ( الانفطار : 7 ) وبحسب القرآن لا يسمح الله بشفاعة إلا للملائكة المقربين ، ضمن حدود وقيود:" وكم من ملاك في السماوات لا تغني شفاعاتهم شيئاً ، إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى " ( النجم : 26 ) ، " يوم يقوم الروح والملائكة صفا ، لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا " ( النبأ : 37 ) ، " ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ، وهم من خشية مشفقون" ( الأنبياء : 26 )؛ " الذين يحملون العرش ، ومن حوله ، يسبحون بحمد ربهم ، ويؤمنون به ، ويستغفرون للذين آمنوا : وسعت كل شئ رحمةً وعلماً ، فاغفر للذين تابوا وقهم عذاب الجحيم" ( غافر : 7 ). فالذين يجملون العرش ، ومن حوله من الملائكة ، لهم وحدهم السماح بالشفاعة لمن يرضى: وهم الملائكة المقربون . فوحدهم لهم شفاعة مشروطة ويستند أهل السنة والجماعة إلى ثلاث آيات ليثبتوا الشفاعة لمحمد في يوم الدينوهي ( الإسراء : 79) ، والآية تعني القمام المحمود في الدنيا بنصرة الله له . وهبها تعني المقام المحود في الآخرة ، فلا شئ يوحي فيها بالشفاعة 1 ( الضحى : 1 - 5). القرائن كلها تدل على أن الآخرة المذكورة هي الآخرة في سيرة محمد ودعوته ، لا الآخرة في يوم الدين . وهب أنها تعني الآخرة في يوم الدين ن فعطاء الله للنبي فيرضى لا يقتضي حكماً بالشفاعة لأن صريح القرآن ينفيها عن الحلق ، إلا الملائكة المقربي 2 ( التحريم : 8) فالنبي ومن معه يستغفرون لأنفسهم في يوم الدين حتى يُتم الله لهم نوره فيعبرون الصراط المستقيم إلى الجنة ؛ فكيف يشفعون بالآخرين؟ 3 ولجؤ القوم إلى هذه الآيات المتشابهات لإثبات الشفاعة لمحمد في يوم الدين ، دليل على أن محكم القرآن وصريحه لا يقول بشفاعة لمحمد في يوم الدين :" أفمن حق عليه كلمة العذاب ، افأنت تنقذ من في النار ؟" ( الزمر : 19 ).. وبعد القرآن ، لا عبرة بما جاء في الحديث فهل يقول القرآن بالشفاعة للمسيح؟ في البشارة بالمسيح تقول الملائكة :" يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه ، اسمه المسيح ، عيسى ، ابن مريم : وجيهاً في الدنيا والآخرة ، ومن المقربين " ( آل عمران : 45 ). أي " ذا جاه عند الله في الدنيا بالنبوة ، وفي الآخرة بالشفاعة والدرجات العلا ! " هكذا فسره جميع المفسرين من الزمخشري إلى البيضاوي إلى الرازي إلى الحلالين . ولنا في الآية قرينة على صحة التفسير ، من جعل المسيح " من المقربين" أي الملائكة الذين يحفون بعرش الله ، " ويستغفرون لمن في الأرض" . وفي محاكمة الرسل يوم الدين يسوجب الله عيسى في عبادة الناس وتأليهه ، فينكر بأدب جم نسبتها له ، ويقول :" إن تعذبهم فإنهم عبادك ، وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم " ( المائدة : 113 - 121). هذا مثال حي من القرآن على شفاعة المسيح في يوم الدين . ولا نرى في القرآن أحداً من الملائكة ولا من الرسل يقف هذا الموقف الاستغفاري الاستشفاعي إلا المسيح وحده. فالمسيح الشفيع في يوم الدين آية للعالمين والمرسلين تلك هي سيرة السيد المسيح في القرآن ، لا تدانيها سيرة من سير الأنبياء ولا سيرة نبي القرآن. فقد استجمع الله في سيرة مسيحه . سيرة الأنبياء ، تقوم على دعوتهم ولا تتخطاها إلى ما قبلها وما بعدها في الزمن إلى يوم الدين . افلمسيح وحده ، في نظر القرآن ، كانت سيرته معجزة في مولده من الذرية المصطفاة على العالمين ، وفي رفعه حياً إلى السماء ، وفي رجوعه لليوم الآخر علماً للساعة ، وفي دورة في الدين . وحده يتخطى دوره ورسالته في زمانها . وحده استجمع الله في سيرته عظيم معجزاته ، حتى كانت سيرته " آية للعالمين " من دون المرسلين أجمعين |
||||
04 - 03 - 2015, 06:27 PM | رقم المشاركة : ( 7539 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
موت المسيح وصلبه في القرآن
نصل الآن إلى نقطة حساسة من شهادة القرآن للإنجيل والمسيح ، موضوعها نهاية المسيح على الأرض؟ إن الإنجيل المقدس يُكرس ثُلث صفحاته ليسرد تفاصيل صلب المسيح بيد اليهود ، في أيام بيلاطس البنطي من قبل روما على اليهودية ، تأييداً منه لرسالته وتعاليمه اللذين لم ينكرهما أمام الموت المحتوم . لقد زكى شهادته بتضحية حياته ، والشهادة المطبوعة بخاتم الدم لا تُنقض . فيخبرنا الإنجيل أن السيد المسيح قد أُقف وحُكم وتألم وصلب ومات على الصليب ، ثم قام من القبر في اليوم الثالث ، وصعد إلى السماء حياً . والإنجيل كله ، بل والدين المسيحي كله مبني على فداء البشرية من خطاياها باموت المسيح الفدائي . فهل يمكن أو يعقل أن يزور كتاب برمته تفديه الملايين من الناس بالمهج والأرواح ، وهؤلاء الملايين قد اختلفوا في عقائدهم المستمدة منه ، وفي فهم بعض آياته الخطيرة ، ولكن لم يختلفوا في نص الكتاب الذي ائتمنوا عليه وكانوا عليه شهداء. والنصارى انتشروا في كل زمان ومكان ، وافترقوا فرقاً وجماعات مدة 600 سنة قبل ظهور القرآن ، وراحوا يبشرون في كل موضع بحقيقة موت المسيح التاريخية على الصليب . فكيف يمكن أن تُكذب شعوب برمتها ، اتفقت جميعاً ، مع اختلافها في غير أمر ، على هذه الشهادة لحدث جللٍ محسوس مشاهد منقول بالتواتر ؟ والقرآن ينقل لنا أيضاً شهادة شعب اليهود تحت كل سماء، وتبجحهم بكفرهم وقولهم : "إنا قتلنا المسيح، عيسي ابن مريم"(نساء: 15)، شعب بكامله يشهد لحادث خطير محسوس قاموا بتمثيله، ونقلوا خبره بالتواتر حيث رحلوا وحلوا، ونأتي فنكذب شهادتهم ونكذب عيونهم وأيديهم وآذانهم وألسنتهم ؟ وذلك بعد 600 سنة من جريان الحوادث وتواتر الشهادة، التي لم يرتفع صوت من النصاري أو اليهود أو الوثنيين ينقضها أو يطعن فيها ؟ !! وقد شعر العلماء المسلمون بهذا الإشكال الضخم يوجه إلي مقالة من أنكر موت المسيح من المسلمين. ونقل العلامة الرازي : "الإشكال الخامس : إن النصاري علي كثرتهم في مشارق الأرض ومغاربها وشدة محبتهم للمسيح وغلوهم في أمرهم أخبروا أنهم شاهدوه مقتولاً مصلوباً فلو أنكرنا ذلك كان طعناً في ما نبت بالتواتر، والطعن في التواتر يوجب الطعن في نبوة محمد وعيسي وسائر الأنبياء". إذن موت المسيح حقيقة تاريخية رددت الشعوب المختلفة والأجيال المتعاقبة صداها مدة 600 سنة قبل القرآن. فهل في القرآن صدي لهذه الحقيقة التاريخية، أم أنه ينفي، كما يزعمون، قتل المسيح وموته؟ والمتأمل في موقف القرآن ، إذا تمتع بروح الباحث المدقق ، سيجد أن موقف القرآن العام من هذا الموضوع لرائع ! فهو يشهد أنه كما دخل المسيح العالم بمعجزة فريدة خرج منه بمعجزة فريدة لا مثيل لها في تاريخ البشرية، وتاريخ الأنبياء والمرسلين. فعيسي ابن مريم - مات أم لم يمت - قد ارتفع حياً إلي السماء حيث لم يزل حياً عند الله إلي قيام الساعة : "إذ قال الله، ياعيسي ابن مريم إني متوفيك ورافعك إلي وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلي يوم القيامة" (آل عمران 55). ونقول إن معجزة ارتفاع المسيح إلي السماء حياً في آخر حياته علي الأرض - دون أن يذوق طعم الموت شأن كل بشر وكل نبي ورسول - أغرب وأعظم في جانبه من موته وقيامته وصعوده: في هذه المقالة مجد جديد للمسيح لم يحلم به بشر أو نبي ألا وهو استثناؤه من فريضة الموت العامة التي لا يستثني منها أحد !! فبدل معجزة واحدة لآخرة المسيح يجدون معجزتين : استثناءه من الموت، وارتفاعه حياً إلي الله. أولاً : شهادة القرآن بموت المسيح 1 - النصوص التي تذكر آخرة المسيح بحسب تاريخ نزولها 1) سورة مريم : "والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حياً" (33). 2) سورة البقرة : "ولقد آتينا موسي الكتاب وقفينا من بعده بالرسل وآتينا عيسي ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس : أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوي أنفسكم استكبرتم : ففريقاً كذبتم وفريقاً تقتلون" (87) (قد يكون فيه تلميح لموت المسيح). 3) سورة آل عمران : "قالوا إن الله عهد إلينا ألا نؤمن لرسول حتي يأتينا بقربان تأكله النار. قل قد جاءكم رسلي قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين" (183). (قد يكون فيه تلميح لموت المسيح). وأيضاً : "إذ قال الله : ياعيسي ابن مريم إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلي يوم القيامة" (55). 4) سورة النساء : "وقولهم (اليهود) : إنا قتلنا المسيح عيسي ابن مريم، رسول الله ! - وما قتلوه ! وما صلبوه ! ولكن شبه لهم. وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه. ما لهم به من علم إلا اتباع الظن. وما قتلوه يقيناً، بل رفعه الله إليه وكان عزيزاً حكيماً" (156). (هذا النص هو سبب كل جدل). وأيضاً : "وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته، و يوم القيامة يكون عليهم شهيداً" (157). 5) سورة المائدة : "وإذ قال الله: ياعيسي ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ؟ - قال، سبحانك، ما يكون لي أن أقول ما ليس بحق: إن كنت قلته فقد علمته، تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك، إنك أنت علام الغيوب. ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن أعبدوا الله ربي وربكم. وكنت عليهم شهيداً مادمت فيهم = فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم، وأنت علي كل شئ شهيد" (116 - 120 ). (وهذا النص هو آخر ما نزل في آخرة السيد المسيح). 2 - بعض من التحليل نري من جميع هذه النصوص المذكورة أنها تؤكد تصريحاً أو تلميحاً "وفاة المسيح، ماخلا الآية 157 من سورة النساء "فيظهر" أنها تنفي القتل والصلب، وتخلق بذلك المتناقضات بين التاريخ العام الذي تدعمه شهادة النصاري واليهود والرومان والتاريخ الخاص الذي تبدؤه هذه الآية الوحيدة، وبين الإنجيل المبني جميعه علي حادث الصلب الفدائي وبين القرآن الذي يحصرون معطياته، بدون مبرر، في هذه الآية، وأخيراً بين سورة النساء وسائر السور التي قبلها (آل عمران، مريم) والتي بعدها (المائدة). وإزاء هذه المشكلة المستعصية يذهب المفسرون مذاهب متباينة متناقضة : 1) القائلون بالمجاز : يجنح أكثر المتأخرين من المسلمين علي قصر رواية القرآن عن آخرة المسيح علي سورة النساء، وعلي تفسير كل ما تبقي من سائر السور علي ضوئها. وقد يجمع هؤلاء القوم علي أخذ "الوفاة" المذكورة في آل عمران 55 والمائدة 120 بالمعني المجازي أي وفاة النوم استناداً إلي قوله "وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه" (إنعام 60) وقوله: "الله يتوفي الأنفس حين موتها، والتي لم تمت في منامها: فيمسك التي قضي عليها الموت ويرسل الأخري إلي أجل مسمي، إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" (زمر 42). ولكن هؤلاء القوم نسوا إن القرآن يأخذ "الوفاة" بالمعني الحقيقي أي الموت خمساً وعشرين مرة. ولم ترد بالمعني المجازي إلا في الموضعين المذكورين بسبب قرينة لفظية تحملهما علي المجاز "يتوفاكم بالليل" (إنعام 60) و"يتوفي الأنفس في منامها" (زمر 42). وبدون قرينة لفظية أو معنوية تقيد المعني يجب حمل اللفظ علي معناه الحقيقي الوضعي البديهي. والقرآن ذاته يشعر بأن المعني الحقيقي "للوفاة" هو الموت "الله يتوفي الأنفس حين موتها" لذلك لما أخذ "الوفاة" علي المجاز اضطر إلي تبيان ذلك بقرينة لفظية فأضاف "الله يتوفي الأنفس حين موتها، والتي م تمت، في منامها". وفي النصوص كلها التي تذكر "وفاة" المسيح لا توجد أدني قرينة لفظية أو معنوية تحمل معني الوفاة علي المجاز بل بالعكس فالقرائن المعنوية واللفظية تتطلب وفاة الموت. 2) القائلون بالاستيفاء : وهناك فئة تفسر معني "الوفاة" لغة "بالاستيفاء" من استوفي الشئ وتوفي الشئ أي أخذه كاملاً. فقوله "إني متوفيك معناه مستوفي أجلك المسمي". وهذا ما ذهب إليه الزمخشري والبيضاوي، لتستقيم نصوص القرآن وتنسجم في شأن آخرة المسيح. وفات هؤلاء القوم أن الكلام مركب من ألفاظ تستكمل معانيها في تركيبها وإن احتملت لغة ومفردة معاني عديدة. فالوفاة قد تعني "الاستيفاء" بحد ذاتها ولكن في تركيب الكلام المفيد لا تعني في لغة العرب ولغة القرآن كله إلا الموت، ما لم تخرج بها قرينة لفظية أو معنوية عن هذا المعني. وقد اختصر الرازي تفاسير المفسرين بقوله : "ياعيسي إني متوفيك (آل عمران 55) ونظيره قوله : "إني متوفيك" (مائدة 120) : اختلف أهل التأويل في هاتين الآيتين علي طريقين (أحدهما) إجراء الآية علي ظاهرها من غير تقديم ولا تأخير، (والثاني) فرض التقديم والتأخير. أما الطريق الأول فبيانه من وجوه : 1) إني متمم عمرك إلي أجلك، 2) متوفيك أي مميتك وهو مروي عن ابن عباس قال مع وهب توفي ثلاث ساعات ثم رفع، ومن محمد بن اسحاق توفي سبع ساعات ثم أحياه الله ورفعه إليه، 3) قال الربيع بن أنس أنه تعالي توفاه حين رفعه إلي السماء، 4) يحمل الألفاظ علي ظاهرها من موت ورفع ولكن كيف ومتي فلا يذكره، 5) متوفيك عن شهواتك، 6) التوفي هو أخذ الشئ وافياً أي كاملاً أي أخذه بجسده وروحه، 7) متوفيك أي أجعلك كالمتوفي في نظرهم برفعك، 8) التوفي هو القبض، يقال توفي واستوفي، وهو رفعه، 9) أن يقدر حذف المضاف أي متوفي عملك. والطريق الثاني لابد من تقديم وتأخير في آية آل عمران، قالوا ولا تفيد الترتيب، فيقدم الرفع وتؤخر الوفاة وتحمل علي ظاهرها بالموت. وأعلم أن الوجوه التي قدمنا تغني عن التزام مخالفة الظاهر". وهكذا ما أخذ "الوفاة" بمعني "الاستيفاء" إلا قول من عشرة أقوال. وأكثر الأقوال تقتضي حمل اللفظ علي ظاهره بمعني الموت. 3) الآخذون بمبدأ النسخ : تشاهد حيرة المفسرين لاستنباط تفسير منسجم بين النساء من جهة وآل عمران والمائدة من جهة أخري. وهذه الحيرة وهذا الارتباك شاهد علي وجود أشكال لم يسلكوا بعد إلي حله السبيل السوي. وظن قوم آخرون أن لهم مخرجاً في مقالة الناسخ والمنسوخ فقالوا : إن ما جاء في سورة النساء ينسخ ما ورد في آل عمران ومريم. وعليه ظل الرآي العام الإسلامي علي أن المسيح لم يمت. ولكن فات هؤلاء القوم أن النسخ - إن قبل كمبدأ في تفسير كلام الله - لا يقع إلا في الأحكام من أمر أو نهي، ولا يجوز البتة أن يسند إلي الأخبار : فالخبر أمر جري علي وجه معين لا تقدر قدرة أن تجعله لم يكن، "وكان أمر الله مفعولاً". فبعد أن شهد في مريم وآل عمران أن المسيح سيموت ومات فلا يجوز أن يكذب هذا الخبر بقوله في النساء : "وما قتلوه وما صلبوه ! ... وما قتلوه يقيناً بل رفعه الله إليه" ! أي أنه لم يمت بأي حال من الأحوال. وهب وقوع النسخ في هذا الخبر بعينه، فالمعروف بديهياً أن النسخ يتناول ما قبله، ولايقع فعله علي ما بعده. وهب أن الآية 156 من النساء قد نسخت وفسرت ما قبلها من سورة مريم وآل عمران، فكيف تنسخ ما بعدها من سورة المائدة التي لم تكن بعد قد نزلت، ولما نزلت لم يرد شئ بعدها عن آخرة المسيح ؟ فما النسخ هنا كما تري سوي المسخ بعينه ! 4) أسطورة الشبه : وهتاك أسطورة غريبة يتناقلها القوم، ويسف بعض المفسرين إلي الأخذ بها، ألا وهي قصة " الشبه" ، ومضمونها أنه لما مكر اليهود بالمسيح ليقتلوه مكر الله بهم، فألقي شبه عيسي علي غيره فأخذ هذا الغير المسكين وقتل بدل المسيح فيما المسيح عيسي ابن مريم يرفع حياً إلي السماء (نساء 157) وكان الله خير الماكرين (آل عمران 54). فهذا التعبير "شبه لهم" من هذه الآية "وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم" (نساء 156) أصل الرواية التي أخرجوها. وقد أثارت جدلاً طويلاً عقيماً وانقسم القول حول الموضوع فرقاً : هل قتل أحد بدل المسيح أم لا ؟ وعند من قالوا بمقتول بدل المسيح هي ألقي علي المقتول شبه عيسي أم لا؟ وهل يجوز إلقاء شبه إنسان علي إنسان آخر؟ وبعد أن يسرد الرازي برصانته المعهودة روايات الشبه الملقي يختم بقوله : "وهذه الوجوه متعارضة متدافعة، والله أعلم بحقائق الأمور". ثم يورد الرازي اشكالات ستة لا مرد لها علي فساد نظرية "الشبه" الذائعة بين عامة المسلمين : "فكيفما كان ففي إلقاء شبه عيسي علي الغير إشكالات : (الأول) إنه إن جاز أن يقال أن الله تعالي يلقي شبه إنسان علي إنسان آخر فهذا يفتح باب السفسطة ويفضي أيضاً إلي القدح في التواتر: ففتح هذا الباب أوله سفسطة وآخره إبطال النبوءات بالكلية. (الثاني) إن الله أيده بروح القدس جبريل، فهل عجز هنا عن تأييده ؟ وهو نفسه كان قادراً علي إحياء الموتي فهل عجز عن حماية نفسه؟ (الثالث) إن الله تعالي كان قادراً علي تخليصه برفعه إلي السماء فما الفائدة في إلقاء شبهه علي غيره، وهل فيه إلا إلقاء مسكين في القتل من غير فائدة إليه؟ (الرابع) بإلقاء الشبه علي غيره اعتقدوا أن هذا الغير عيسي مع أنه ما كان عيسي، فهذا كان إلقاء لهم في الجهل والتلبيس، وهذا لا يليق بحكمة الله. (الخامس) إن النصاري علي كثرتهم في مشارق الأرض ومغاربها وشدة محبتهم للمسيح وغلوهم في أمره أخبروا أنهم شاهدوه مقتولاً مصلوباً، فلو أنكرنا ذلك كان طعناً فيما ثبت بالتواتر والطعن في التواتر يوجب الطعن في نبوة محمد وعيسي وسائر الأنبياء. (السادس) ألا يقدر المشبوه به أن يدافع عن نفسه أنه ليس بعيسي، والمتواتر أنه فعل. ولو ذكر ذلك لاشتهر عند الخلق هذا المعني. فلما لم يوجد شئ من ذلك علمنا أن الأمر ليس علي ما ذكرتم". لذلك يجب رفض خرافة "الشبه" الشائعة بين المسلمين إلي حيث لا رجعة. ورفضها لا يغير من موقف القرآن، ومقالة النساء، شيئاً. 5) القائلون بالأرجاف: بقي قول من قال : "لم يقتل أحد، ولكن أرجف بقتله فشاع بين الناس" وإليه يميل الرازي. قال البيضاوي أيضاً : "وشبه مسند إلي الجار والمجرور "لهم" كأنه قيل : ولكن وقع لهم التشبيه بين عيسي والمقتول، أو وقع لهم التشبيه في الأمر علي قول من قال لم يقتل أحد ولكن أرجف بقتله فشاع بين الناس". نقول لا تجوز فدية علي شعوب مختلفة مدة مئات السنين !. ولا شئ ينقض تعليل الزمخشري وتفسيره لقوله "شبه لهم" : "شبه مسند إلي ماذا؟ إن جعلته مسنداً إلي المسيح فالمسيح مشبه به، وليس بمشبه. وإن أسندته إلي المقتول، فالمقتول لم يجر له ذكر ! - قلت هو مسند إلي الجار والمجرور (لهم) كقولك خيل إليهم". وهكذا فليس من ضرورة لغوية لأسطورة الشبه والتشبيه. ومعني التعبير بسيط له أمثاله في العربية : " شبه لهم" أي "خيل إليهم" (الزمخشري) أو "وقع لهم التشبيه في الأمر" (البيضاوي) أو اشتبه الأمر عليهم. فأسطورة "الشبه" ومقالة المقتول بدل المسيح، باطلة لغوياً ومنطقياً وتاريخياً فيجب طرح هذه السخافة نهائياً. 6) استنتاجات وتطبيقات : وبناء علي ما تقدم نقول : أولاً : إن التعارض في آي القرآن عن آخرة المسيح موجود لا سبيل إلي إنكاره إذا أصر القوم علي فهم الآية 156 من سورة النساء حسب "ظاهرها" الذي ينكر موت المسيح وقتله وصلبه. إن صراحة وشدة نفي القتل والصلب والموت في سورة النساء حمل القوم علي "تدبر" معني الوفاة في آل عمران والمائدة علي غير معناها الحقيقي. وهي محاولة فاشلة كما رأيت. فقبل سورة النساء يعلن القرآن مرتين تصريحاً ومرتين تلميحاً بموت المسيح وقتله. 1) ففي سورة مريم المكية يتنبأ المسيح في مهده عن حياته وآخرته بقوله "والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حياً"(33) قال قوم لا يذكر القرآن هنا موت المسيح الوهمي الذي حصل عند مجيئه الأول بل موته الحقيقي الذي سيتم عند مجيئه الثاني قبل قيام الساعة. لاشك أن القرآن يعني موت المسيح الحقيقي وبعثه الحقيقي كما يعني مولده الحقيقي الذي يقص خبره. ولاشك أن القرآن يعني موته الحقيقي الذي ختم به حياته بعد ظهوره الأول علي الأرض كما عني ذلك عن يحيي بن زكريا الذي ختم ذكره بالكلام ذاته "وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حياً" : فكما مات يحيي مات عيسي : فالمشهور أن هذا السلام يصف حادثاً تاريخياً مماثلاُ، وموتاً حقيقياً لا مجاز فيه ليحيي كما للمسيح. ولا تنس أن كلام عيسي عن نفسه في مهده (29) نبوة منه عن آخرته، مدعومة بمعجزة نطقه الخارقة : فإذا كان المسيح لم يمت كانت نبوته كاذبة، وشهادته لنفسه بهاتين المعجزة والنبوة كاذبة ! ومعجزة نطقه في مهده زوراً وبهتاناً ! وحاشي ! وإذا حملنا تحقيق النبوة إلي آخر العالم، ضاع مغزاها علي أهل زمانه والأجيال المتعاقبة إذ لا يدري أحد متي تتحقق. فعندنا في سورة مريم شهادة صريحة لا ريب فيها علي حقيقة موت المسيح وانبعاثه في شكل نبوة ترتكز علي معجزة. وقول من قال: الموت لا يعني القتل، أو هو الموت الآجل لا العاجل، حذلقة فارغة ينقضها سياق الحديث في السورة كلها. 2) في سورة آل عمران المدنية يسرد قصص آل عمران مطولاً ويختمه بهذا التصريح عن آخرة المسيح لما مكر اليهود به ليقتلوه (54) : "إذ قال الله ياعيسي إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلي يوم القيامة" (55). هذا أيضاً إقرار لا ريب فيه عن حقيقة وفاة المسيح وانبعاثه ورفعه إلي السماء. وتفسير الوفاة هنا بمعني النوم كما يريد البعض - أي رفعه الله إليه في سنة الكري - تفسير سخيف لا قرينة لفظية أو معنوية تدل عليه. وجمهور المفسرين علي أن القرآن يعني وفاة الموت كما يتضح جلياً من سورة المائدة (117) حيث الوفاة ترد معارضة للحياة. قال الرازي : "روي عن ابن عباس ومحمد بن اسحاق أنهما قالا : متوفيك أي مميتك ثم أقامه الله ورفعه إلي السماء. وقال وهب توفي ثلاث ساعات ثم رفع إلي السماء. وقال محمد بن اسحاق توفي سبع ساعات ثم أحياه الله ورفعه". وختم البيضاوي بقوله : "وقيل أماته الله سبع ساعات ثم رفعه إلي السماء وإليه ذهبت النصاري". لا يوجد مفسر واحد في الإسلام وغيره يستطيع أن يجزم بأن الوفاة هنا لا تعني أيضاً الموت، قال البيضاوي : "التوفي أخذ الشئ وافياً والموت نوع منه". وسياق الحديث (54 - 56) يؤيد ذلك: مكر اليهود بالمسيح وقتلوه، فمكر الله بهم فتوفاه ورفعه إليه، وهكذا "كان الله خير الماكرين". 3) وهناك في سورة البقرة تلميح يتضمن معناه الكامل قتل المسيح: "ولقد آتينا موسي الكتاب وقفينا من بعده بالرسل، وآتينا ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس: أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوي أنفسكم استكبرتم؟ ففريقاً كذبتم ! وفريقاً تقتلون !" (87). ويذكر المفسرون من الفريق المقتول زكريا ويحيي، لا عيسي. مع أن القرآن لا يذكرهما هنا بل يسمي صراحة موسي وعيسي، ويشمل بينهما باقي الرسل بكلمة عابرة، أفلا يقع التكذيب علي موسي والقتل علي عيسي؟ 4) وتلميح آخر في آل عمران أوضح : "قالوا إن الله عهد إلينا ألا نؤمن لرسول حتي تأتينا بقربان تأكله النارز قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قلتلتموهم إن كنتم صادقين؟" (183) - من هو الرسول الذي جاء بالقربان "الذي قلتم" وقتلوه؟ راجع قصص القرآن كله عن الأنبياء جميعاً، فلا تري غير عيسي ابن مريم وحده قد أنزل علي تلاميذه قرباناً أو مائدة من السماء (مائدة 111 - 115). فهو إذن رسول القربان الذي قتلوه (120). وبعد سورة النساء التي ظاهرها ينفي موت المسيح وقتله يعود القرآن في آخر حياة النبي العربي يشهد بحقيقة موت المسيح في سورة المائدة التي بعدها لا ينزل شئ عن آخرة المسيح : "وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم = فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت علي كل شئ شهيد" (120). هذا النص هو الصخرة التي تتحطم عليها جميع محاولات الذين ينكرون شهادة القرآن بموت المسيح. فالوفاة هنا تعني الموت والموت دون سواه، ونعني الموت الحقيقي لأنها ترد معاكسة للحياة: "ما دمت فيهم = فلما توفيتني". فهي شهادة صريحة وما من شك فيها. ويريد القرآن موت المسيح في ختام رسالته، لا موته في آخر العالم قبل قيام الساعة، لأن الله يستجوبه عن عبادته بعد رسالته : "أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله" (119) فينكر المسيح أن رسالته تضمنت شيئاً من ذلك (119 - 120) ويقول شهدت لهم بالتوحيد مادمت فيهم فلما توفيتني صرت أنت الرقيب عليهم (120) فالوفاة عقبت رسالته في الحال. وموت المسيح عند قيام الساعة لا يترك مجالاً لأحد كي يعبده إلهاً من دون الله. وهذه الشهادة علي لسان المسيح نفسه لا مرد لها لأنها من يوم الدين حيث ينفع الصادقين صدقهم (122). وهي شهادة نهائية لا ينسخها شئ ولا يفسرها شئ لأنها آخر شئ ورد في القرآن عن آخرة المسيح. وهكذا فقد تبين لنا بوضوح أن القرآن قبل سورة النساء في مكة والمدينة، وبعد سورة النساء، في آخر القرآن (سورة المائدة) يشهد دون التباس البتة بحقيقة موت المسيح في ختام رسالته. فإذا تمسكنا بظاهر الآية 156 من النساء "وما قتلوه وما صلبوه" بمعني إنكار موت المسيح وقتله، نجد أنفسنا أمام تناقض صريح فاضح. ثانياً : إن الطريق التي سلكوا إلي إزالة هذا التناقض الظاهر ليست بالطريق السوي: إنهم يفسرون الكل بالبعض ! يريدون أن يفهموا كل آي القرآن عن آخرة المسيح علي ضوء آية واحدة (نساء 156). لا تؤخذ نظرية أو عقيدة في كتاب منزل أو غير منزل من نص واحد، بل من مجموع النصوص الواردة في المعني ذاته. وعندنا في القرآن أربعة أو ستة نصوص عن آخرة المسيح، تشهد جميعاً إلا واحداً بموت المسيح وقتله، فهل من العقل والمنطق أن نهمل الكل لنتمسك بجزء واحد ؟! أنخلق بهذا الموقف الشاذ تناقضاً في القرآن بين سوره، وبين الإنجيل والقرآن، وبين تفسيرهم المخطئ والتاريخ العام عند النصاري واليهود والأمميين ؟ وقد قال القرآن عن نفسه : "أفلا يتدبرون القرآن ؟ ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً" (نساء 82). إن الطريق السوي هي في فهم آية النساء الوحيدة علي أضواء جميع آيات القرآن عن حقيقة موت المسيح وقتله. فالمنطق يقتضي فهم البعض علي نور الكل. والطريق السوي هي عكس التي سلكوا. لقد "تدبرنا" الآية 156 من سورة النساء علي أنوار ما قبلها وما بعدها فوجدناها لا تتعارض معها. وسياق الكلام في النص المشبوه يؤكد ما نحن ذاهبون إليه، فالقرآن يسفه اليهود علي زعمين: "كفرهم وقولهم علي مريم بهتاناً عظيماً ! وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسي ابن مريم". قال البيضاوي: "وإنما ذمهم الله تعالي بما دل عليه الكلام من جرأتهم علي الله وقصدهم قتل نبيه المؤيد بالمعجزات القاهرة، وتبجحهم به، لا بقولهم هذا علي حسب حسبانهم". إنه يسفههم علي تبجحهم الفارغ، لا علي حقيقة القتل والصلب والموت لأن مكر الله بهم بإحياء المسيح ورفعه حياً إلي السماء كان أشد من مكرهم بنبيه. فقتلهم إياه ليس بالقتل الذي يتوهمون وصلبهم إياه ليس بالصلب الذي يظنون إذ مالبث إن انبعث حياً للحال وصعد إلي السماء حيث رفعه الله إليه. نقل الرازي : "أجعلك كالمتوفي في نظرهم برفعك إلي". ظنوا أنهم قضوا علي المسيح عيسي ابن مريم رسول الله قضاء مبرماً ولاشوا ذكره إلي الأبد، فلا حاجة إذن لأن يذكره النبي العربي لهم. ولكنهم قد خاب ظنهم فما قتلوه نهائياً وما قضوا عليه قضاء مبرماً أي "وما قتلوه يقيناً إذ أحياه الله في الحال ورفعه إليه وكان الله عزيزاً حكيماً، ومن ثم فلابد لهم من الإيمان به. ومجموع التعابير في الآية يؤيدان تبجحهم بالقضاء نهائياً علي المسيح : غرور 1) شبه لهم وخيل إليهم أنهم قضوا عليه قضاء نهائياً : فما قتلوه ذلك القتل وما صلبوه ذلك الصلب، ولكن شبه لهم، واشتبه الأمر عليهم. 2) وهم أيضاً مختلفون فيما بينهم علي زعمهم ذاك وفي شك من قولهم : "وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه". 3) تبجحهم الفارغ من باب الظن لا من باب العلم اليقين : "ما لهم به من علم إلا اتباع الظن". 4) أجل "ما قتلوه يقيناً" أي نهائياً وما قضوا عليه إلي الأبد كما يفتخرون، بل رفعه الله إليه حيث لم يزل حياً عند الله. 5) فالذي قتلوه وصلبوه ثم هو قام منبعثاً حياً ورفعه الله إليه كان كأنه لم يقتل ولم يصلب، وكان الله عزيزاً حكيماً، قادراً علي إجراء هذه المعجزة. والآية 157 التي تؤكد موت المسيح صراحة توجب علينا فهم الآية 156 كما رأيت. يقول : "وإن من اهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته". يوجد غموض في الضمائر. ولكن سياق الحديث كله من 154 - 157 يدل علي أن المقصود بها جميعاً عيسي ابن مريم : لابد لكل كتابي أن يؤمن بالمسيح قبل موته. فآمنوا بالمسيح يايهود، ولا تتبجحوا بقتله : فلا مندوحة لكم عن الإيمان به. فاستنتج أنه إذا كان ظاهر القول ينفي قتل المسيح وصلبه فإن باطنه يؤكده. وهكذا تنسجم جميع تصريحات القرآن عن آخرة المسيح، أما إذا أصر القوم علي موقفهم بأن الآية 156 من النساء تنفي قتل المسيح وصلبه، فإن التناقض بينها وبين سور مريم وآل عمران والمائدة قائم لا يزول علي الإطلاق. وعلي كل حال إن كان ثمت تطور أو تعارض فقد استقر رأي القرآن وانتهي بصراحة المائدة : فإنه لا اشكال علي شهادة القرآن بعد تصريح سورة المائدة : "وكنت عليهم شهيداً مادمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم". (120) ثانياً : صعود المسيح إلي السماء "بل رفعه الله إليه" (نساء 158) مهما يكن من مسألة موت المسيح التاريخية في القرآن فالقرآن الكريم يشهد بأن آخرة المسيح علي الأرض ختمت بمعجزة كما بدأت بمعجزة. فسواء مات المسيح وقام أم لم يمت بل ظل حياً إلي الأبد، فهذا لا يقلل من قيمة شهادة القرآن للإنجيل والمسيح ؛ فالمسيح حي "رفعه الله إليه" (نساء 158) ولا يزال حياً عند الله. وتلك ميزة انفرد بها المسيح علي جميع البشر وعلي جميع الأنبياء والمرسلين. فعيسي ابن مريم آية في مولده للعالمين، وهو آية أعظم في آخرته ؛ وهاتان المعجزتان الفريدتان هما أفضل شهادة شهد بها الله لولي أو نبي أو رسول أو مخلوق أياً كان. والقول بأن المسيح لم يمت أو لم يذق طعم الذل الأكبر كسائر البشر المحكوم عليهم بالموت لا يستثني منهم أحد، قول أعظم من الاعتراف بموته وقيامته لم فطنوا : إنه ينقل عيسي ابن مريم من صف البشر المائتين إلي صف غير البشر الخالدين. "ورفع المسيح حياً إلي الله" عقيدة راسخة في القرآن، يؤكدها في مكة والمدينة ثلاث مرات : في سورة مريم : "والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حياً" (33) يتنبأ منذ ميلاده عن بعثه حياً، ويخاطبه الله مؤكداً رفعه إليه : "يا عيسي ابن مريم إني متوفيك ورافعك إلي" (آل عمران 55)، وقد ينكر قتله ولكن يشدد علي التأكيد رفعه : "وما قتلوه يقيناً ! بل رفعه الله إليه" !(نساء 158) : ما قتلوه نهائياً كما فعلوا بغيره من الأنبياء، لأن الله رفعه حالاً إليه فكأنه لم يقتل، وكأنه لم تسر عليه سنة الموت، فهو أقوي من الموت ! هل قال القرآن مثل هذا عن بشر ؟ هل نسب مثل هذا إلي نبي أو رسول ؟ هل أشار القرآن إلي أن محمداً، "خاتم النبيين"، قد نال شيئاً من هذا ؟ فالقرآن والحديث والتاريخ العام تشهد جميعاً بأن محمد قد مات كسائر الأنبياء، وحواه قبر في المدينة المنورة : "فما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، أفئن مات أو قتل انقلبتم علي أعقابكم ؟" (آل عمران 144). ويقول القرآن عن مصير "خاتم النبيين" : "عسي أن يبعثك ربك مقاماً محموداً" : فالقرآن إذن يؤكد أن المسيح صعد في الحال حياً إلي السماء فيما ينتظر محمد أن يبعث مع سائر الناس يوم يبعثون، ويؤكد أنه "عسي" أن يبعث محمد "مقاماً محموداً"، بينما يجزم ثلاث مرات أن "الله رفع عيسي إليه" وهو عنده حي إلي الأبد "ومن المقربين". قال الرازي : "رفع عيسي عليه السلام إلي السماء ثابت بهذه الآية. ونظير هذه الآية قوله في آل عمران "رافعك إلي" ودل ذلك علي أن رفعه إليه أعظم في باب الثواب من الجنة ومن كل ما فيها من اللذات الجسمانية. وهذه الآية تفتح عليك باب معرفة السعادات الروحانية". ثم ما معني قوله "عسي"؟ ... وما مدي اليقين في هذا التمني ؟... وهكذا يشهد القرآن أن واحداً لا غير بين البشر، دون الأنبياء والمرسلين بلا استثناء، كان أقوي من الموت، فلم يكن له عليه من سلطان : ألا وهو عيسي ابن مريم. بهذه المعجزة الفريدة جعل القرآن المسيح نهائياً، فوق البشر أجمعين لا يستثني أحداً من الأنبياء والمرسلين. فكان عيسي ابن مريم في آخرته كما كان في مولده آية للعالمين. |
||||
05 - 03 - 2015, 09:47 AM | رقم المشاركة : ( 7540 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يعقوب يصارع الله فَبَقِيَ يَعْقُوبُ وَحْدَهُ، وَصَارَعَهُ إِنْسَانٌ حَتَّى طُلُوعِ الْفَجْرِ. وَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ، ضَرَبَ حُقَّ فَخْذِهِ، فَانْخَلَعَ حُقُّ فَخْذِ يَعْقُوبَ فِي مُصَارَعَتِهِ مَعَهُ. وَقَالَ: «أَطْلِقْنِي، لأَنَّهُ قَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ». فَقَالَ: «لاَ أُطْلِقُكَ إِنْ لَمْ تُبَارِكْنِي». فَقَالَ لَهُ: «مَا اسْمُكَ؟» فَقَالَ: «يَعْقُوبُ». فَقَالَ: «لاَ يُدْعَى اسْمُكَ فِي مَا بَعْدُ يَعْقُوبَ بَلْ إِسْرَائِيلَ، لأَنَّكَ جَاهَدْتَ مَعَ اللهِ وَالنَّاسِ وَقَدَرْتَ». --- عجيب ان نري انسان يصارع الله ولا يقدر عليه الله بل وينغلب منه ايضا. عجيب ان نري الله يقول لانسان "اطلقني" وكأنه مأسور في أغلال حديدية. عجيب ان نري البركة تنتزع وتغتصب في ليلة واحدة تتغير فيها هوية الانسان ويأخذ من الله أسم جديد. ** الصراع هو اختبار حقيقة نفسك امام الله خلال الصلاة والتعلق به كمخلص والتمسك الشديد به كمصدر وحيد للحياة وماء ارتواء. ** محبة الانسان الصادقة لله هي السلاسل التي تأسر الله، فهي سبب تجسده وقبوله الالام، وهذه المحبة تغلب الله كل وقت وفي اي وقت. ** خلع حق فخذ يعقوب هو موت انساننا العتيق، وبداية الحياة الجديدة بقوة الله وفي معيته الدائمة التي هي ظل الأبدية. ** تغيير الاسم هو تغيير للهوية، فبدلا من ان يسير الانسان حسب مشيئته ورأيه بعقل ارضي مادي، يبدأ يبحث عن ارادة الله والمشيئة السماوية التي اصبحت جزء من هويته الجديدة. ** البركة هي نعمة الامتلاء بالروح القدس والحياة في القداسة ومعرفة الحق في الانسان الجديد الذي وهب لنا. |
||||