![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 74471 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() أنا ترتيوس كاتب هذه الرسالة، أُسلِّم عليكم في الرب ( رو 16: 22 ) يبدو أن ترتيوس فاضت مشاعره وعواطفه تجاه إخوته المؤمنين في رومية وتثقَّل أن يُرسل تحياته الشخصية إليهم «في الرب» الذي مات ليجمع أبناء الله المتفرقين إلى واحد ( يو 11: 51 ، 52)، والذي فيه ـ تبارك اسمه ـ يتَّحِد المؤمنون معًا مهما باعدت بينهم المسافات. ويبدو أن الرسول بولس سُرَّ، مسوقًا من الروح القدس، ألا تنتهي الرسالة دون أن يذكر فضل الرجل الذي أُمليت عليه الرسالة وكتبها، وهكذا نقرأ: «أنا ترتيوس كاتب هذه الرسالة، أُسلِّم عليكم في الرب». |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 74472 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() أنا ترتيوس كاتب هذه الرسالة، أُسلِّم عليكم في الرب ( رو 16: 22 ) الرسول بولس سُرَّ من ترتيوس أيها الأحباء .. مَنْ ذا الذي يحتقر الأمور الصغيرة؟ ليُعطنا الرب نعمة لنُدرك أن قيمة أية خدمة تتوقف على تقدير الله لها، وأن أقل خدمة وأبسط خدمة تستحق منا كل اهتمام وتكريس الفكر والقلب، ما دام الله هو غرضها وهو الذي وضعها على قلوبنا. وباب هذه الخدمة مفتوح أمام كل واحد منا: الصغير والضعيف كالقوي وصاحب المواهب. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 74473 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() بشارة مريم العذراء ![]() رواية بشارة الملاك جبرائيل لمريم العذراء بأنّها ستلد ابنًا وتسميه يسوع نقرأها في إنجيل لوقا. إنّها رواية لحدث يفوق تصوّر الإنسان: فتاة عذراء تلد طفلاً من دون مباشرة رجل. هذا ما لم يحدث في تاريخ البشريّة منذ أن خلق الله آدم الإنسان الأول في بدء الخليقة خلقًا مباشرًا. لذلك دعا بولسُ الرسول يسوعَ آدمَ الجديد. فبتكوين يسوع في أحشاء مريم العذراء بدأت مرحلة جديدة من تاريخ البشريّة. عندما ظهر الملاك لمريم قال لها: "السلام عليك يا ممتلئة نعمة، الربّ معك". فاضطربت مريم لهذا الكلام وتساءلت ما عسى أن يكون هذا السلام. فقال لها الملاك: "لا تخافي، يا مريم، فإنّك قد نلتِ حظوةً عند الله. وها أنت تحبلين وتلدين ابنًا، وتسمّينه يسوع. إنّه سيكون عظيمًا، وابنَ العليّ يُدعى. ويعطيه الربّ الإله عرشَ داود أبيه. ويملك على بيت يعقوب أبد الدهر، ولا يكون لملكه انقضاء". فقالت مريم للملاك: "كيف يكون هذا وأنا لا أعرف رجلاً؟" فأجاب الملاك وقال لها: "هو الروح القدس يحلّ عليكِ وقدرة العليّ تظلّلكِ. لذلك فالمولود منك قدّوسٌ وابنَ العليّ يُدعى" (لوقا 28:1-35). في هذه الرواية أراد الإنجيليّ لوقا في بدء إنجيله أن يُعرّفنا عن شخص يسوع الذي سيتكلّم عنه في الإنجيل كلّه، ويشرح لقبيه "قدّوسًا وابنَ العليّ"، أي ابنَ الله. فالملاك يقول لمريم إنّ الروحَ القدس هو الذي يحلّ عليها، لذلك "المولود منها هو قدّوس". ويُدعى "ابنَ الله"، لأنّه وُلِد من دون مباشرة رجل، فليس له أبٌ من البشر، بل الله هو أبوه. كلّ الناس يأتون من رجل وامرأة، ما عدا يسوع الذي هو وحده "يأتي مباشرة من الله". وهذا ما يبيّنه أيضًا يوحنا في مدخل إنجيله، حيث يعود إلى "البدء"، فيدعو يسوع "الابن الوحيد" لله. واللفظة اليونانيّة الذي يستعملها هنا (monogenis) تعني "الوحيد الذي لا مثيل له". فيسوع هو "الابن الوحيد" لله، لأنّه وحده "الكلمة الذي كان في البدء لدى الله" (يوحنا 1:1)، وقد "صار بشرًا، وسكن بيننا مملوءًا نعمة وحقًّا. وقد رأينا مجدَه، مجد ابنٍ وحيدٍ آتٍ من الآب" (يوحنا 14:1). "ابنُ الله" هذا هو لقب يسوع الأساسيّ الذي به يتميّز عن سائر الأنبياء، الذين كلّمنا بهم الله "مرارًا عديدة وبشتى الطرق"، كما تقول الرسالة إلى العبرانيّين، وتضيف أنّ يسوع هو وحده "الابن الذي جعله الله وارثًا لكلَ شيء، وبه أيضًا أنشأ العالم، الذي هو ضياء مجده وصورة جوهره وضابط كلّ شيء بكلمة قدرته" (عبرانيّين 1:1-3). إنّ بتوليّة مريم في ولادتها يسوع يؤكّدها أيضًا إنجيل متى، حيث يقول الملاك ليوسف خطيب مريم: "يا يوسف ابنَ داود، لا تخفْ أن تأخذَ إليكَ مريم، زوجتكَ، فإنّ المولودَ فيها إنّما هو من الروح القدس. وستلد ابنًا فتسمّيه يسوع لأنّه هو الذي يخلّص شعبه من خطاياهم" (متى 20:1-21). هذه العقيدة هي بدون شكّ عقيدة مريميّة، أي تختصّ بشخص مريم العذراء، وفي هذا هي عقيدة مشتركة بين المسيحيّة والإسلام، إذ ورد ذكرها في القرآن في سورة مريم، حيث تقول مريم للملاك، عندما بشّرها بأنّها ستلد ابنًا: "أنّى يكون لي غلامٌ ولم يَمْسَسْني بشر ولم أكُ بغيًّا"، فيجيبها الملاك: "كذلك قال ربُّكِ هو عليّ هيّنٌ، ولنجعلَه آيةً للناس ورحمةً منّا وكان أمرًا مقضيًّا" (سورة مريم 20-21). لكنّ هذه العقيدة هي قبل ذلك في المسيحيّة عقيدة مسيحانيّة، أي تختصّ بشخص يسوع المسيح. وهذا هو المعنى الأخير لبشارة الملاك لمريم: "إنّ الذي يولَد منها بشكل بتوليّ هو "يسوع المسيح ابن الله المخلّص". الإسلام يكتفي في هذه الرواية بإعلان بتوليّة مريم العذراء في ولادتها يسوع، تلك المعجزة التي بها ظهرت قدرة الله. ولا يستخلص منها، كما تفعل المسيحيّة، أنّ يسوع المسيح هو "ابن الله المخلّص"، وأنّ جميع الناس مدعوّون إلى أن يصيروا أبناء الله من خلال إيمانهم بيسوع ابن الله، "لتكون لهم الحياة باسمه"، كما يقول يوحنا في نهاية إنجيله : "وصنع يسوع أمام التلاميذ آيات أخرى كثيرة لم تُدوَّن في هذا الكتاب. وإنّما دُوِّنت هذه لتؤمنوا بأنّ يسوع هو ابن الله، فتكونَ لكم، إذا آمنتم، الحياةُ باسمه" (يوحنا 30:20-31). هنا يكمن الفرق بين المسيحيّة والإسلام. لكن لا مانع من أن يكون عيد البشارة عيدًا وطنيًّا يجمع المسيحيّين والمسلمين حول مريم العذراء التي ولدت يسوع وهي "لم تعرفْ رجلاً"، كما يقول الإنجيل، أو وهي "لم يَمْسَسْها بَشر"، كما يقول القرآن. ففي كلتا الروايتين، قدرة الله هي التي كوّنت يسوع في أحشاء مريم. وهذا يجعل المسيحيّين والمسلمين يرون في بشارة مريم العذراء طريقًا للإيمان معًا بالقدرة الإلهيّة، التي تستطيع أن تصنع ما لا يستطيع إنسان أن يصنعه، وتجمعهم في وحدة وطنيّة مبنيّة، ليس فقط على أساس وطنيّ، بل أيضًا على أساس دينيّ لا يتزعزع. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 74474 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() رواية بشارة الملاك جبرائيل لمريم العذراء بأنّها ستلد ابنًا وتسميه يسوع نقرأها في إنجيل لوقا. إنّها رواية لحدث يفوق تصوّر الإنسان: فتاة عذراء تلد طفلاً من دون مباشرة رجل. هذا ما لم يحدث في تاريخ البشريّة منذ أن خلق الله آدم الإنسان الأول في بدء الخليقة خلقًا مباشرًا. لذلك دعا بولسُ الرسول يسوعَ آدمَ الجديد. فبتكوين يسوع في أحشاء مريم العذراء بدأت مرحلة جديدة من تاريخ البشريّة. عندما ظهر الملاك لمريم قال لها: "السلام عليك يا ممتلئة نعمة، الربّ معك". فاضطربت مريم لهذا الكلام وتساءلت ما عسى أن يكون هذا السلام. فقال لها الملاك: "لا تخافي، يا مريم، فإنّك قد نلتِ حظوةً عند الله. وها أنت تحبلين وتلدين ابنًا، وتسمّينه يسوع. إنّه سيكون عظيمًا، وابنَ العليّ يُدعى. ويعطيه الربّ الإله عرشَ داود أبيه. ويملك على بيت يعقوب أبد الدهر، ولا يكون لملكه انقضاء". فقالت مريم للملاك: "كيف يكون هذا وأنا لا أعرف رجلاً؟" فأجاب الملاك وقال لها: "هو الروح القدس يحلّ عليكِ وقدرة العليّ تظلّلكِ. لذلك فالمولود منك قدّوسٌ وابنَ العليّ يُدعى" (لوقا 28:1-35). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 74475 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() رواية بشارة الملاك جبرائيل لمريم العذراء أراد الإنجيليّ لوقا في بدء إنجيله أن يُعرّفنا عن شخص يسوع الذي سيتكلّم عنه في الإنجيل كلّه، ويشرح لقبيه "قدّوسًا وابنَ العليّ"، أي ابنَ الله. فالملاك يقول لمريم إنّ الروحَ القدس هو الذي يحلّ عليها، لذلك "المولود منها هو قدّوس". ويُدعى "ابنَ الله"، لأنّه وُلِد من دون مباشرة رجل، فليس له أبٌ من البشر، بل الله هو أبوه. كلّ الناس يأتون من رجل وامرأة، ما عدا يسوع الذي هو وحده "يأتي مباشرة من الله". وهذا ما يبيّنه أيضًا يوحنا في مدخل إنجيله، حيث يعود إلى "البدء"، فيدعو يسوع "الابن الوحيد" لله. واللفظة اليونانيّة الذي يستعملها هنا (monogenis) تعني "الوحيد الذي لا مثيل له". فيسوع هو "الابن الوحيد" لله، لأنّه وحده "الكلمة الذي كان في البدء لدى الله" (يوحنا 1:1)، وقد "صار بشرًا، وسكن بيننا مملوءًا نعمة وحقًّا. وقد رأينا مجدَه، مجد ابنٍ وحيدٍ آتٍ من الآب" (يوحنا 14:1). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 74476 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() "ابنُ الله" هذا هو لقب يسوع الأساسيّ الذي به يتميّز عن سائر الأنبياء، الذين كلّمنا بهم الله "مرارًا عديدة وبشتى الطرق"، كما تقول الرسالة إلى العبرانيّين، وتضيف أنّ يسوع هو وحده "الابن الذي جعله الله وارثًا لكلَ شيء، وبه أيضًا أنشأ العالم، الذي هو ضياء مجده وصورة جوهره وضابط كلّ شيء بكلمة قدرته" (عبرانيّين 1:1-3). إنّ بتوليّة مريم في ولادتها يسوع يؤكّدها أيضًا إنجيل متى، حيث يقول الملاك ليوسف خطيب مريم: "يا يوسف ابنَ داود، لا تخفْ أن تأخذَ إليكَ مريم، زوجتكَ، فإنّ المولودَ فيها إنّما هو من الروح القدس. وستلد ابنًا فتسمّيه يسوع لأنّه هو الذي يخلّص شعبه من خطاياهم" (متى 20:1-21). هذه العقيدة هي بدون شكّ عقيدة مريميّة، أي تختصّ بشخص مريم العذراء، وفي هذا هي عقيدة مشتركة بين المسيحيّة والإسلام، إذ ورد ذكرها في القرآن في سورة مريم، حيث تقول مريم للملاك، عندما بشّرها بأنّها ستلد ابنًا: "أنّى يكون لي غلامٌ ولم يَمْسَسْني بشر ولم أكُ بغيًّا"، فيجيبها الملاك: "كذلك قال ربُّكِ هو عليّ هيّنٌ، ولنجعلَه آيةً للناس ورحمةً منّا وكان أمرًا مقضيًّا" (سورة مريم 20-21). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 74477 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() لكنّ هذه العقيدة هي قبل ذلك في المسيحيّة عقيدة مسيحانيّة، أي تختصّ بشخص يسوع المسيح. وهذا هو المعنى الأخير لبشارة الملاك لمريم: "إنّ الذي يولَد منها بشكل بتوليّ هو "يسوع المسيح ابن الله المخلّص". الإسلام يكتفي في هذه الرواية بإعلان بتوليّة مريم العذراء في ولادتها يسوع، تلك المعجزة التي بها ظهرت قدرة الله. ولا يستخلص منها، كما تفعل المسيحيّة، أنّ يسوع المسيح هو "ابن الله المخلّص"، وأنّ جميع الناس مدعوّون إلى أن يصيروا أبناء الله من خلال إيمانهم بيسوع ابن الله، "لتكون لهم الحياة باسمه"، كما يقول يوحنا في نهاية إنجيله : "وصنع يسوع أمام التلاميذ آيات أخرى كثيرة لم تُدوَّن في هذا الكتاب. وإنّما دُوِّنت هذه لتؤمنوا بأنّ يسوع هو ابن الله، فتكونَ لكم، إذا آمنتم، الحياةُ باسمه" (يوحنا 30:20-31). هنا يكمن الفرق بين المسيحيّة والإسلام. لكن لا مانع من أن يكون عيد البشارة عيدًا وطنيًّا يجمع المسيحيّين والمسلمين حول مريم العذراء التي ولدت يسوع وهي "لم تعرفْ رجلاً"، كما يقول الإنجيل، أو وهي "لم يَمْسَسْها بَشر"، كما يقول القرآن. ففي كلتا الروايتين، قدرة الله هي التي كوّنت يسوع في أحشاء مريم. وهذا يجعل المسيحيّين والمسلمين يرون في بشارة مريم العذراء طريقًا للإيمان معًا بالقدرة الإلهيّة، التي تستطيع أن تصنع ما لا يستطيع إنسان أن يصنعه، وتجمعهم في وحدة وطنيّة مبنيّة، ليس فقط على أساس وطنيّ، بل أيضًا على أساس دينيّ لا يتزعزع. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 74478 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() بشارة مريم العذراء ![]() السلام عليكِ يا مريم، أيّتُها المُمتَلئةُ نعمةً، الرّبُّ معكِ "السلام عليكِ يا مريم، أيّتُها المُمتَلئةُ نعمةً، الرّبُّ معكِ.. لا تخافي! لقد نِلتِ حُظوةً عند الله" (لوقا ظ،: ظ¢ظ¦-ظ£ظ¨) في بشارة الملاك لمريم العذراء، إتَّخذَ الله، بفيضٍ من محبته، مبادرةَ الدخول في شركة إتحاد مع الجنس البشري بشخص مريم البتول المخطوبة ليوسف من الناصرة (متى ظ،: ظ،ظ¨). فكان "سلامُ الملاك لها" تهنئةً بامتلائها من النعمة الإلهية. وقد كشفت الكنيسة هذا الإمتلاء ومعانيه بإعلانها عقيدة الحبل بلا دنس على لسان القديس البابا بيوس التاسع في ظ¨ كانون الأول ظ،ظ¨ظ¥ظ¤. فكانت التهيئة لهذه الشركة بالإعلان العقائدي: "إنّ العذراء مريم الكلّية القداسة، في اللحظة الأولى من الحبل بها في حشا أمها، حُفظتْ معصومة من دنس الخطيئة الأصلية، بنعمةٍ خاصّة وامتيازٍ من الله الكلّي القدرة، إستباقًا لاستحقاقات يسوع المسيح، مخلِّص الجنس البشري" (الدستور الرسولي: Ineffabilis Deus، ظ¨ كانون الأول ظ،ظ¨ظ¥ظ¤). "الحظوة التي وجدتها عند الله" (لوقا ظ،: ظ£ظ*) هي أنّ ابن الله يدخل أحشاء العذراء مريـم جنينًا بقوة الروح القدس، فيصبح اتحادُها الروحيُّ بالله اتحادًا عضويًا. هكذا تصبح مريم لكلّ إنسان مؤمن ولكلّ مؤمنة النموذج والمثال لهذا الإتحاد. إنّ مبادرة الله الأولى بعصمة مريم من خطيئة آدم الأصلية، والثانية بدعوتها لتكونَ أمَّ ابنه المتجسِّد، فعلاً حبّ كبير، ومريم بدورها بادلت الحبّ بالحبّ عندما أجابت الملاك: "أنا أمة الرب، فليكُن لي بحسب قولِكَ" (لوقا ظ،: ظ£ظ¨). فتقبّلت بكلّ قلبها إرادة الله الخلاصية، وكرّست ذاتها بكلّيتها لشخص ابنها ورسالته. أضحت السيدة العذراء، بنعمة الله القدير، شريكة الفداء. ذلك أنّها حافظت على الإتحاد بابنها حتى الصليب، حيث وقفت منتصبة، متألّمة مع ابنها الوحيد آلامًا مبرّحة، مشتركة بذبيحته بقلبٍ والدي، حتى سلّمها مِن على الصليب الأمومة لكلّ إنسان، بل للكنيسة وللبشرية جمعاء بشخص يوحنا الرسول: "يا امرأة هذا ابنُكِ! ويا يوحنّا هذه أمك" (يوحنا ظ،ظ©: ظ¢ظ¦-ظ¢ظ§). هكذا اتّضح سرُّ الألم البشري الذي تُولد منه ثمارٌ جديدة، فيبقى على كلّ واحد منا، كما يقول القديس البابا يوحنا بولس الثاني: "أن يكتب صفحة خاصّة به في إنجيل الألم الخلاصي". من آلام المسيح وموته وُلدت الكنيسة كما تُولد السنبلة من حبّة القمح التي تقع في الأرض وتموت "إنَّ حبّة الحنطة التي تقع في الأرض إن لم تَمُتْ تَبقَ وحدها. وإذا ماتت أخرجت ثَمراً كثيراً" (يوحنا ظ،ظ¢: ظ¢ظ¤). هكذا وُلدتِ الكنيسة عندما جرى دمٌ وماء من صدر يسوع المطعون بالحربة، وهو ميتٌ على الصليب. فكان الماء رمز المعمودية التي بها نولد ونصبح أبناءً لله وأخوةً بعضنا لبعض، والخمر رمز دم المسيح الذي يشير إلى محبته العظمى. ففي ذبيحة القداس يغسل الربُّ يسوع بدمه خطايا التائبين، وفي وليمة جسده ودمه يعطي الحياة للعالم. الكنيسة هي أداة الشركة وعلامتها: فهي من جهة جماعة المؤمنين المتّحدين بالله، ومن جهة ثانية جماعة المتّحدين بعضهم ببعض وبكلّ الناس. إلى هذه الكنيسة ننتمي، لنكون جماعة المحبة. مريم الأمّ البتول ليسوع التاريخي، أصبحت بآلامها على أقدام الصليب، أمّاً بتولاً للمسيح الكلّي الذي هو الكنيسة، وأصبحت صورتها ومثالها. فالكنيسة أمّ وبتول تلدنا بالكلمة والمعمودية أبناءً لله، بالإبن الوحيد وإخوة بعضنا لبعض. الكلّ بفيضٍ من محبة الله لنا بالمسيح، وبجوابِ الحبّ منّا الذي نعيشه مع الله وجميع الناس. البشارة مسيرةُ وعد بالإنتصار على الخطيئة ويُعلِّمنا حدثُ البشارة لمريم "فلمّا تمَّ الزمان، أُرسلُ الله ابنَهُ مَولوداً لإمرأةٍ، مَولوداً في حُكمْمِ الشريعة، ليفتدي الذين هم في حُكْمِ الشريعة" (غلاطية ظ¤: ظ¤-ظ¥) أنّ الله هو سيدُ تاريخ البشر، يسهرُ عليه ويقودُه بحبِّه وحكمته، لكي يكونَ تاريخَ خلاصٍ للبشرية جمعاء. البشارة لمريم تُشكّل فيه نقطة وصول وإنطلاق. أما نقطة الوصول فهي بعد مسيرة الوعد بالإنتصار على الخطيئة والشرّ، طيلة العهدِ القديم. وهو وعدٌ قطعه الله لحواء المرأة الأولى بعد سقطتها وإغواء الحيّة "الشيطان" لها، إذ قال للحيّة: "أجعل عداوة بينكِ وبين المرأة، وبين نسلكِ ونسلها، فهو يسحق رأسكِ، وأنت ترصدين عقبه" (تكوين ظ£: ظ،ظ¥). فتحقَّق الوعدُ بالبشارة لمريم التي هي المرأة الجديدة البريئة من خطيئة آدم وحواء، ومن أي خطيئة شخصية. ونسلها هو يسوع المسيح فادي الإنسان والمفتدون به. والحيّة هي الشيطان "ابو الكذب"، "أنتم أولادُ أَبِيكُم إبليس، تُرِيدُون إتمامَ أَبِيكُم إبليس" (يوحنا ظ¨: ظ¤ظ¤) وكلّ الذين أغواهم وساروا في طريق الخطيئة والشرّ، وينهجون نهجه باعتماد الكذب والتضليل. أما نقطة الإنطلاق فهي العهد المسيحاني الجديد، عهد النعمة والإنتصار على الخطيئة والموت الذي بدأه يسوع المسيح، ابن مريم بالجسد وابن الله منذ الأزل، مذ تَكوَّن في أحشاءِ مريم يوم البشارة. وهكذا دخل الله، بالمسيح وعمل الروح القدس، في قلب الأسرة البشرية وتاريخها، جاعلاً من هذا التاريخ تحقيقاً لتصميمه الخلاصي، بالتعاون مع كلِّ إنسان، ولاسيما الذين أصبحوا بالمعمودية أعضاءً في جسده السرّيِّ الذي هو الكنيسة. إنّ الكنيسة، بعنصرَيها الإلهي والبشري، كما يُسمّيها القديس أغسطينوس "المسيح الكلّي"، مؤتمنة على تحقيقِ تصميمِ الخلاص بواسطة كلِّ واحدٍ من أعضائها، لخيرِ جميع الشعوبِ والأمم، مُدركةً أنّ طريقَها شاقٌ إذ "تسيرُ على حدِّ قول القديس أوغسطينوس: بين اضطهاداتِ العالم وتعزياتِ الله". من كلِّ ذلك أنَّ نُدرِكُ أن حدثَ البشارة لا ينتهي في الماضي، بل يستمرُّ كتحقيقٍ متواصلٍ لتصميم الله الخلاصي، عِبرَ كلِّ إنسان، ولاسيما المسيحيين أعضاءِ جسدِ المسيح. فيتغيَّر فقط الزمانُ والمكانُ والأشخاص. ويبقى على كلِّ إنسان أن يكتشفَ، بالصلاة والتأمّل وإلهامات الروح القدس، دورَه في تصميم الخلاص الذي ينتظرُه اللهُ منه. + المطران كريكور اوغسطينوس كوسا، اسقف الاسكندرية للأرمن الكاثوليك |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 74479 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() السلام عليكِ يا مريم، أيّتُها المُمتَلئةُ نعمةً، الرّبُّ معكِ "السلام عليكِ يا مريم، أيّتُها المُمتَلئةُ نعمةً، الرّبُّ معكِ.. لا تخافي! لقد نِلتِ حُظوةً عند الله" (لوقا ظ،: ظ¢ظ¦-ظ£ظ¨) في بشارة الملاك لمريم العذراء، إتَّخذَ الله، بفيضٍ من محبته، مبادرةَ الدخول في شركة إتحاد مع الجنس البشري بشخص مريم البتول المخطوبة ليوسف من الناصرة (متى ظ،: ظ،ظ¨). فكان "سلامُ الملاك لها" تهنئةً بامتلائها من النعمة الإلهية. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 74480 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() "الحظوة التي وجدتها عند الله" (لوقا ظ،: ظ£ظ*) هي أنّ ابن الله يدخل أحشاء العذراء مريـم جنينًا بقوة الروح القدس، فيصبح اتحادُها الروحيُّ بالله اتحادًا عضويًا. هكذا تصبح مريم لكلّ إنسان مؤمن ولكلّ مؤمنة النموذج والمثال لهذا الإتحاد. إنّ مبادرة الله الأولى بعصمة مريم من خطيئة آدم الأصلية، والثانية بدعوتها لتكونَ أمَّ ابنه المتجسِّد، فعلاً حبّ كبير، ومريم بدورها بادلت الحبّ بالحبّ عندما أجابت الملاك: "أنا أمة الرب، فليكُن لي بحسب قولِكَ" (لوقا ظ،: ظ£ظ¨). فتقبّلت بكلّ قلبها إرادة الله الخلاصية، وكرّست ذاتها بكلّيتها لشخص ابنها ورسالته. |
||||