![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 72851 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() كانت صورة العريس معروفة بالنسبة للتقليد اليهودي كدلالة على الخلاص المسيحاني في نهاية الزمان. وفي إجابته للفريسيين شرح يسوع مفهومًا جديدًا للصوم في المسيحية، أن المسيحي هو عروس للمسيح العريس، والمسيح دفع دمه ثمنًا لهذه الخطبة. فطالما هو موجود بالجسد، فالتلاميذ ينعمون بوجود عريسهم معهم، فهم في فرح، والفرح لا يصحُّ معه النوح والتذلل والصوم. أمَّا بعد أن يُرفع العريس، فالعروس سوف تفهم أنه طالما أن عريسها في السماء فهي غريبة على الأرض. فرحنا يقوم كليا على أساس حضور يسوع وغيابه. النفس التي تذوقت حب عريسها لن تكتفي بالصوم بهذا المفهوم، بل ستترك عن طيب قلب كل ملذات العالم، وستبكي وتنوح على خطاياها التي سبَّبت الألم لعريسها، لذلك نسمع في إنجيل متى قول السيد "أَيَسْتَطيعُ أَهْلُ العُرسِ أَن يَحزَنوا ما دامَ العَريسُ بَيْنَهُم؟ " (متى 9: 15). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 72852 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() يكرِّر مرقس ولوقا القول مستبدلين كلمة ينوحوا بكلمة يصوموا. "أَيَستَطيعُ أَهلُ العُرسِ أَن يَصوموا والعَريسُ بَينَهم؟"(مرقس 2: 19، لوقا 5: 34). وهذا ما يذكرنا نبوءة يوئيل " إِرجعوا إِلَيَّ بكُلِّ قُلوبِكم وبِالصَّوم والبُكَاءَ والانتحاب" (يوئيل 2: 12). فالصوم يأخذ آنذاك منحى جديداً. ويعلق البابا القديس يوحنّا بولس الثاني " إنّ زمن الصوم ما هو إلا تذكير لنا بأن العريس رُفِع من بيننا. رُفع وألقي القبض عليه وسُجن وضرب وجُلد بالسياط وكُلِّل بإكليل من الشوك وصُلب" الأب لويس حزبون - فلسطين |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 72853 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() زمن الصوم ما هو إلا تذكير لنا بأن العريس (يسوع) رُفِع من بيننا. فمن جهة أصبح الصوم للمسيحيين "حزن" لأن العريس قد رُفِع بشكلٍ مُؤلم عنهم، ومن جهةٍ أُخرى فعل محبّة وتضامن مع "عريس نفوسنا" الذي حمل "أوجاعنا وأحزاننا". وهكذا استبدل المسيحيون اليوم الذي كان فيه اليهود يصومون في "عيد التكفير" ويذبحون "كبش المحرقة" باليوم الذي فيه ذُبح يسوع حمل الفصح الحقيقي " كَفَّارةٌ لِخَطايانا لا لِخَطايانا وحْدَها بل لِخَطايا العالَمِ أَجمعَ" (1يوحنا 2: 2). الأب لويس حزبون - فلسطين |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 72854 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() لم يلغِ يسوع فكرة الصوم عند تلاميذه، ولكنه أوضح أنه وسيلة ً للوجود معه. ولما كان هو العريس وسط تلاميذه أثناء تجسُّده، فلا حاجة للصوم والعُرس قائم. ولكن، متى ارتفع عنهم بصعوده، سيكون الصوم واجبا عليهم. ولم يُقلل السيد من شأن الصوم، ولا أعلن امتناع تلاميذه عنه مطلقًا، وإنما سحب قلوبهم من الرؤيا الخارجية لأعمال الصوم الظاهرة إلى جوهر الصوم ذاته، وهو التمتع بالعريس السماوي نفسه، إذ يقول: "أَيَستَطيعُ أَهلُ العُرسِ أَن يَصوموا والعَريسُ بَينَهم؟ (مرقس 2: 19). أنه يأتي وقت فيه يمارس التلاميذ والرسل الصوم بحزمٍ، عندما يرتفع عنهم جسديًا ويُرسلهم للكرازة لأجل تمتع كل نفس بعريسهم. الأب لويس حزبون - فلسطين |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 72855 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() ان يسوع هو مَحوَر الصوم، حول وجوده وعدم وجوده. هذا يعني أن الصوم يستمد معناه من يسوع وليس من أي مصدر آخر. بمعنى آخر يمكننا القول بأن المسيح أعطى للصوم معنى جديد وجذري. يقول لنا أنه عندما يكون حاضراً بيننا فلا حاجة لنا للصوم. والكنيسة تقول استناداً للإنجيل، بأن المسيح حيّ بيننا وهو حاضر معنا دائماً. هذا يعني أن المسيحي ليس بحاجة إلى الصيام، بما أن المسيح "العريس" حاضر في حياته وفيه؛ ولكن المشكلة هي من طرفنا، بمعنى أننا نحن بعيدون عن المسيح ونخرجه من حياتنا، وغالباً نعيش كما لو أننا لسنا بحاجة إليه، وبالتالي على المسيحي أن تكون حياته كلها صيام، بمعنى أنها محاولات جادّة لجعل المسيح أكثر حضوراً في حياتنا. الأب لويس حزبون - فلسطين |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 72856 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() ويُعلق القدّيس بطرس خريزولوغُس " هذا النسيج الخام هو قماش الإنجيل الذي يحيكه الآن من صوف حمل الله: اللباس الملكيّ الذي سيُصبغ بالأرجوانِ من دم الآلام. كيف سيقبل المسيح بتوحيد هذا النسيج الخام مع حرفيّة شريعة إسرائيل البالية؟" (عظة عن القدّيس مرقس). الفرق بين أصوام الناموس وفرائض اليهود الحرفية والمظهرية "ثوب عتيق"، أي ثوب قديم، وبين الأصوام الروحية أي "القطعة الجديد، رمز القلب الجديد، ولا يمكن الجمع بينهما حتى لا يصير "الْخُرْقُ أردأَ"، إذ أن القماش الجديد عادة ما ينكمش بعد الغسل، فيشق بدوره القماش القديم ويزيد من تلفه. وما هي الرقعة من القطعة الجديدة إلا الصوم بكونه جزءً من تعاليم السيد المسيح فإنها لا تخيط على ثوب عتيق، وإنما ليتغير الثوب كله بالتجديد الكامل بالروح القدس، وعندئذ نتقبل القطعة الجديدة، أي الصوم بالمفهوم الجديد كجزء لا يتجزأ من العبادة كلها. الأب لويس حزبون - فلسطين |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 72857 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() يرفض يسوع فكرة الترقيع، إذ لا فائدة من ترقيع الثوب القديم، لان الثوب الجديد يخرِّق الثوب القديم إذ يوجد تنافر بين الجديد والقديم وعندما نُمزق ثوبا جديد كي نصلح ثوبا قديما، نتلف لا محالة الاثنين. ولذلك لا يصحّ أن يصوم تلاميذه وهو معهم بنفس الأفكار القديمة الفرِّيسية، بل يريدهم التحول الجذري في الصوم في خط الانجيل. لا يريد يسوع ان يرتبط بمقولات "معلبة" بل يحاول ان يصل الى عمق الانسان. وكانت تلك غلط المعلمين اليهود فيما بعد الذين وجَّه بولس الرسول جدله إليهم " أَمَّا الآن، وقَد عَرَفتُمُ الله، بل عَرَفَكمُ الله، فكَيفَ تَعودونَ مَرَّةً أُخْرى إِلى تِلكَ الأَرْكانِ الضَّعيفةِ الحَقيرة وتُريدونَ أَن تَعودوا عَبيدًا لَها مَرَّةً أُخْرى؟ " (غلاطية 4: 9-10). الأب لويس حزبون - فلسطين |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 72858 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() بعد أن كان الصوم في العهد القديم حرمانًا للجسد، صار في العهد الجديد تحريرًا للنفس وإنعاشًا للقلب في الداخل، فطلب يسوع من تلاميذه ان يصوموا بفكرٍ مسيحيٍ جديدٍ ولائقٍ حين يرتفع العريس عنهم، بعد حلول الروح القدس عليهم وحصلوهم على الطبيعة الجديدة أي الخليقة الجديدة كما جاء في تعليم بولس الرسول " فإِذا كانَ أَحَدٌ في المسيح، فإِنَّه خَلْقٌ جَديد. قد زالتِ الأَشياءُ القَديمة وها قد جاءَت أشياءُ جَديدة" (2 قورنتس 5: 17). ويعلق القديس أمبروسيوس: "ينبغي ألاَّ نخلط بين أعمال الإنسان العتيق وأعمال الإنسان الجديد، فالأول جسدي يفعل أعمال الجسد، أمَّا الإنسان الداخلي الذي يتجدد، فيليق به أن يميز بين الأعمال العتيقة والجديدة، إذ حمل صبغة المسيح، ولاق به أن يتدرب على الاقتداء بذاك الذي وُلد منه من جديد في المعمودية". وبمعنى آخر، ليس الإنجيل ثوبا خلقاً مرقّعا للمسيحيين، بل ثوبا جديداً، نلبسه كل يوم، ليقي نفوسنا من تحدٍّيات العصر وهبوب رياحه المدمِّرة. الأب لويس حزبون - فلسطين |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 72859 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() حوّل السيد المسيح أنظار الفريسيين والكتبة من ممارسة الصوم إلى التغير الكامل الذي يليق بتلاميذه أن ينعموا به، إذ قال " ما مِن أَحَدٍ يَجعَلُ الخَمرَةَ الجَديدَةَ في زِقاقٍ عَتيقة، لِئَلاَّ تَشُقَّ الخَمرُ الزِّقاقَ، فَتتلَفَ الخَمرُ والزِّقاقُ معاً. ولكِن لِلخَمرَةِ الجَديدة زِقاقٌ جَديدة" (مرقس 21-22). يقصد يسوع انه لا يتقبل تلاميذه الصوم في مفهومه الجديد -كخمر جديدة-في زقاق قديم، إنما ليتجدد زقاق حياتهم الداخلية فيتقبلوا الخمر الجديد. ويُعلق القدّيس بطرس خريزولوغُس " هذه الزقاق تُمثّل المسيحيّين. وحده صوم المسيح سوف يطهّر هذه الزقاق من كلّ قذارة بحيث تحفظ طعم الخمرة الجديدة سليمًا. وهكذا يُصبح المسيحي زقاقًا جديدةً جاهزةً لاحتواءِ الخمرة الجديدة، خمرة عرس الابن التي عُصِرت في معصرة الصليب الأب لويس حزبون - فلسطين |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 72860 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() لا يمكن لمن عاش ومارس أصوامه بمظهرية طوال حياته، أن يحتمل أو يفهم متطلبات الصوم الروحي. ويُعلق القديس كيرلس الكبير "كانت قلوب اليهود زقاقًا قديمة لا تسع خمرًا جديدة، أمَّا القلب المسيحي فقد وهبه المسيح بركات روحية فائقة، فتح الباب على مصراعيه للتحلي بمختلف الفضائل السلمية والسجايا العالية". فالعمل لأجل ملكوت يسوع والدخول فيه يتطلّب منطقًا جديدًا. ولا يمكن العمل لأجل الملكوت مع صور قديمة لله البعيد عن الناس، فتلميذ المسيح لا يصوم كفرض عليه، وإنما حبًا في عريسها، وسموًا بالنفس إلى مجال الروح حتى تنتعش وتتخلص من رباط المادة. لقد صار الصوم في المسيحية تحريرًا للنفس من الأرضيات لتلتقي بعريسها في علاقة سرية سواء في الصوم والتقشف والنوح أو في الفرح والتعزية. الأب لويس حزبون - فلسطين |
||||