![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 72831 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() تاريخ الكنيسة القبطية من القرن الـ10 حتى الـ19
1- الكنسية القبطية في نهاية العصر الفاطمي لا ريب أن عصر الدولة الفاطمية في مصر كان عصر هدوء وسلام وسكينة، وبذلك ساد الاستقرار أغلب مؤسسات الدولة. ولم يحدث قط في تاريخ مصر آنذاك أن تغير شكل الحكم بهذه المسالمة، كما أن ظفر الفاطميين بمصر قد حولها تدريجيا من دولة تابعة إلى دولة مستقلة، وبالتالي أوصلها إلى مكانة مرموقة بين مختلف الدول المجاورة. ولما كان موضوعنا هو نهاية هذه الدولة، أو "مصر في القرن الحادي عشر الميلادي" فإن هذا يساير عهد الخليفة الظاهر بن الحاكم بأمر الله. وللعجب أن يأتي المولود على عكس الوالد، فبعد أن ذاقت الكنيسة ومصر كلها الأمرّين على عهد الحاكم بأمر الله، فقد جاء " الظاهر " بخطة تسامح وألفة، مثلما كان على عهد جده "العزيز بالله" مما أفرز إنتاجًا غزيرًا من الفكر والفن، فتبارى العلماء والأدباء في التأليف وتبارى الشعراء في القريض، مما راجت معه سوق العلم والأدب والاستمتاع بالموسيقى والغناء. بل أن الظاهر أعاد بتسامحه الكثير من الحقوق إلى الأقباط ومنح الذين غيروا دينهم في عهد أبيه عنوة أن يرجعوا إلى دينهم الأصلي، وسمح بترميم ما تهدم من كنائس. ولقد عاصر العصر الفاطمي عدد كبيرًا من البطاركة بلغوا اثنا عشر بطريركاً، منهم خمسة بطاركة في فترة دراستنا هذه عاشوا عهد الظاهر وبعده المستنصر، وهو الخليفة الذي عاش أطول فترة من سابقه وعايش معظم هؤلاء البطاركة، وتولى الحكم قاصرا بوصاية أمه السودانية الأصل، وبعد أن بلغ سن الرشد تسلم الحكم من أمه فبدأ سالما عادلا إلا أن وزيرة "بازورى" كان يقلب على المسيحيين حيث كان طامعا في المال وفي السلطة. وقد شغل الكرسي البطريركي في القرن الحادي عشر ونهاية العصر الفاطمي كل من الآباء البطاركة: - الأنبا زخارياس (زكريا) البطريرك الرابع والستون 1004 – 1032 - الأنبا شنودة الثاني البطريرك الخامس والستون 1032- 1046 - الأنبا خرستوذولوس البطريرك السادس والستون 1046 – 1077 - الأنبا كيرلس الثاني البطريرك السابع والستون 1078 – 1092 - الأنبا ميخائيل السنجارى البطريرك الثامن والستون 1092 – 1102 وسيكون تركيزنا أكثر على كل من الأنبا خريستوذولس والأنبا شنودة الثاني كنموذجين متناقضين، مع عدم الإخلال بذكر بقية الآباء. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 72832 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الأعياد والاحتفالات الدينية القبطية في القرن الحادي عشر تميز العصر الفاطمي الذي شغل مساحة كبيرة من القرنين العاشر والحادي عشر بالسلام الذي شجع العلماء على العلم والفنانين على الفن، فظهرت كثير من الفنون وتشجيع القديم منها، كما ألف المؤلفون الكثير من الكتب، واشتهرت مجالس الأدب والعلم وارتفع مستوى التعليم والحضارة. وقد نال الأقباط قسط كبير من هذا الاهتمام، فرممت الكنائس القديمة، وأنشئت كنائس جديدة، وزاد عدد الرهبان، ونشطت الخدمة المسيحية إلى حد ملحوظ. كما ظهر الأقباط في الشوارع والمحافل، بل وأظهروا طقوسهم الدينية علانية في غير خفاء سواء في أعيادهم أو في مواسمهم، وزاد اشتراكهم في الوظائف الإدارية والمالية. وبلغ الأمر أكثر من هذا، إذ شارك الخلفاء الأقباط احتفالاتهم بمواسمهم وأعيادهم بشكل رسمي، وشاركت مالية الدولة في ذلك. وكان من الأعياد الظاهرة آنذاك: عيد البشارة وعيد أحد الشعانين الذي اشتهر باسم عيد الزيتونة وكانوا يخرجون فيه حاملين سعف النخيل ويدورون حول الكنائس ومعهم الورود مترنمين بألحان ذلك اليوم الجميلة، والكهنة والشمامسة بملابسهم. ولم يوقف هذا التقليد إلا الحاكم بأمر الله. وكذلك خميس العهد وكان يسمى خميس العدس أو خميس البيض، فكان المسيحيون يأكلون فيه العدس، وأخواتهم المسلمون يأكلون البيض. ويقول عنه المقريزى "وسُنَّتهم في ذلك أن يملأوا إناء من ماء ويزمون عليه (يقرأون المزامير)، ثم يغسل للتبرك به أرجل سائر النصارى.. وكان في الدولة الفاطمية تضرب في خميس العدس هذا خمسمائة دينار، فشمل ضراريب تفرق في أهل الدولة برسوم مفردة.. ويباع في أسواق القاهرة من البيض المصبوغ عدة ألوان ما يتجاوز حد الكثرة، فيتآمر به العبيد والصبيان والغوغاء، وينتدب لذلك من جهة المحتسب من يردعهم في بعض الأحيان، ويهادى النصارى بعضهم بعضا، ويهدون المسلمين أنواع السمك المتنوع مع العدس المصفى والبيض". |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 72833 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الأعياد والاحتفالات الدينية القبطية في القرن الحادي عشر: سبت النور كان احتفال كبير أن النور يظهر على قبر المسيح بكنيسة القيامة بالقدس فتشعل مصابيح الكنائس كلها "وتقبل النذور والتبرعات من أموال ومأكولات وحلوى وملابس". كما كان المتبرعون يتسابقون على الوفاء للكنيسة وخدامها بما يحتاجونه من ستائر ولفائف وسجاجيد وشموع ودقيق ونبيذ، ويخططون لترميم ما يحتاج في الكنيسة إلى ترميم، وتنحر الذبائح لتوزيعها على الفقراء والعاملين في الكنيسة وتكون البيوت كخلايا النحل ما بين منظف وطاه وخابز وحائك، الكل يتسابقون على النظافة جسما ومكانا استعدادا لليلة العيد الكبير (القيامة). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 72834 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الأعياد والاحتفالات الدينية القبطية في القرن الحادي عشر - حد الحدود وهو أول أحد في الخماسين وفيه يبدأ العمل في تجديد آلات الزراعة والصناعة بعد عطلة (من أسبوع الآلام وأسبوع العيد) ويبدأون العمل في الزارع والحقول، لاسيما وأن الوقت يكون وقت حصاد القمح والفول والحلبة وغيرها، من الحبوب الأساسية في حياة القبطي. كما يبدأ النساج في ترميم نوله وإصلاحه، واستلام الخيوط من الغزالين والصباغين الذين هم كذلك يفتحون مصابغهم وورشهم ومصانعهم بعد هذه العطلة الطويلة وتبدأ الخماسين المقدسة في بهجة العمل والروحانية، فكسب روحي وكسب مادي ومن الأعياد الهامة التي كانت تقع في دائرة اهتمام الدولة مع الأقباط. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 72835 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الأعياد والاحتفالات الدينية القبطية في القرن الحادي عشر - عيد الميلاد دوَّن المقريزى: "ولم يزل بديار مصر من المواسم المشهورة، فكان يفرق فيه أيام الدولة الفاطمية على أرباب الرسوم من الأستاذين المحنكين والأمراء المتطرفين، وسائر الموالى من الكتاب وغيرهم: الحاجات من الحلاوة القاهرية والمثار التي فيها السميذ، وقربان الجلاب، وطمافير الزلابية، والسمك المعروف بالبوري". إلا أنه عاب على الأقباط إدخال بعض الذين أساءوا إلى الذوق العام بالرقص واللعب بالنار وشرب الخمور. "وأدركنا الميلاد بالقاهرة ومصر وسائر أقاليم مصر، موسمًا جليلًا، تُباع فيه الشموع المزهرة بالأصباغ الجميلة والتماثيل البديعة بألوان لا تنحصر، فلا يبقى أحد من الناس أعلاهم وأدناهم حتى يشترى من ذلك لأولاده وأهله، وكانوا يسمونها الفوانيس، ويعلقونها في الأسواق والحوانيت.. شيئا يخرج من الحد في الكثرة والملاحة.. ويتنافس الناس في أثمانها، حتى لقد أدركت شمعة candle عُمِلَت فبلغ مصروفها ألف درهم وخمسمائة درهم فضة، عليها ما يزيد عن سبعين مثقالًا من الذهب". وهكذا يروى الشيخ تقي الدين أحمد بن على المقريزي أنه شاهد مما كان يرى ويرصد، فيقول أيضًا: "وأعرف السؤال في الطرقات أيام هذه المواسم، وهم يسألون الله أن يتصدق عليهم بفانوس، فيشترى لهم من صغار الفوانيس ما يبلغ ثمنه الدرهم وما حوله.. ثم لما اختلَّت أمور مصر، كان من جملة ما ظل من عوايد الترف عمل الفوانيس في الميلاد إلا قليلًا. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 72836 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الأعياد والاحتفالات الدينية القبطية في القرن الحادي عشر: عيد النيروز ربط الأقباط بين النيل وعيد النيروز باعتبار أن النيل مصدر الخير في العام كله، فكانت احتفالاتهم بالنيروز بجوار نهر النيل حيث كانوا يغطسون في مياهه ويتراشقون بمياهه كما كانوا يطوفون بالأسواق، في شكل جماعات من اللاعبين والبائعين والحواة ولاعبي القرود، وكانوا يوقدون النيران على قطع من الخشب على سطح النيل والترع والمجارى المائية وتنشط حركة البيع والشراء من ملابس حريرية وكتابية وهدايا، ومأكولات وحلوى، وكانت أشهر أنواع الفاكهة في عيد النيروز: البطيخ والرمان وعناقيد الموز allwki وأقفاص الثمر القوص، وأقفاص السفرجل sh والهريسة ali[. كما كانوا يأكلون لحم الدجاج والعنان والبقر وكانت تضرب باسمه بعض العملات من الذهب والفضة، وكانت الدولة توزعها على أعيان الأقباط، كما كانت توزع الكساوي (الكسوة، الملابس) على اختلاف أنواعها، حتى ملابس النساء وعصائبهن الملونة، وأرديتهن (جمع مثنى رداء) من الحرير وبعض الحلي. فكانت تهدى هذه كذلك إلى دار الوزارة والشيوخ والأصحاب ورؤساء العشاريات (العشائر). وكانت ليلة النيروز تمضى بين الصلوات في الكنائس والغطس في النيل أو في الأحواض المُلحَقة بالكنائس، وفي الصباح توزَّع هذه الهدايا. وكان هناك موكب النيروز، ويركب فيه أمير القاهرة ومعه جمع غفير من المسئولين ويسمى أمير النيروز وكانت تصدر المراسيم الجديدة والأوامر الجديدة ويجمع الهبات. وكان يجتمع المغنون والمهللون تحت قصر اللؤلؤة، بحيث يشاهدهم الخليفة وهم في ملاهيهم وترتفع الأصوات بالغناء والدعاء والأكف بالتصفيق، وكانت تُشرَب الخمور في الطرقات، مما كان أمرًا مكروهًا وسببًا في إلغاء هذه الاحتفالات فيما بعد، وقصرها على صلوات الكنائس. ومن السلبيات كذلك كثرة الرش بالماء والخمر في الطرقات، وارتكاب الموبقات ممن اختبأوا وسط الاحتفالات الدينية، كأنهم ضمن صفوف الأقباط. منهم الكثير من اللصوص والداعرين والداعرات، مما شوَّه الاحتفال، وجرَّ على المسيحيين الكثير من السخط، وما إن حل عهد الحاكم بأمر الله إلا ومنع جميع هذه الاحتفالات، وجرم من يقوم بها. ونالت الكنيسة بسبب ذلك الكثير من اللوم والمشاكل. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 72837 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الأقباط والحملات الصليبية بدأ الصليبيون غزوهم لبلاد المشرق في عام 1096 إلى 1292 بدعوى استعادة الأملاك المقدسة والبيع من أيدي المسلمين إلى أيدي المسيحيين، وإن كان الهدف سياسيًا، فقد تأسست أربع إمارات صليبية، هي: بيت المقدس وأنطاكية وطرابلس والرها، وقد ساعدهم على الانتصار ما كان من انقسام بين الأتراك السلاجقة السنيين في العراق والفاطميين الشيعيين في مصر فضلا عن الانشقاق بين الإمارات الإسلامية نفسها. وفى الفترة الأولى من الحملات الصليبية على المشرق وهي من 1096-1099 عند تأسيس إمارة القدس (بيت المقدس) كان يحكم مصر الفاطميون، إلا أن السلطة الفعلية كانت في يد الدنداء كما رأينا. وأصبح من الطبيعي في مثل هذه الظروف الشائنة والتي كان يشوبها الصلف والاستهتار، أن يتسرب الشك إلى قلب الحكام المسلمين في علاقة الأقباط بالصليبيين المسيحيين، خصوصًا وأنهم لم يكونوا يعرفون الخلاف بين المسيحيين الأقباط على المذهب الأرثوذكسي وبين الآخرين الكاثوليك، وان الهوة واسعة بينهما. منذ عام 451, الكل أمامهم مسيحيون سواء أقباط أم أجانب أم غيره.. لذلك كان على الحكام المسلمين في مصر أن يراقبوا الأقباط ويزيدوا الضرائب عليهم، وهذا أول ما نال الأقباط من جراء الغزو الصليبي المشئوم فلم ينعم الأقباط بالراحة طوال وجود الحملات الصليبية في الشرق. فالحملات الصليبية التي لم تكن تعرف عن الصليب إلا شكله جعلت المسلمين يعادون كل أتباع الصليب، سواء كانوا من اللاتين أو اليونانيين أو الأقباط، ومن ثم بدأت مرحلة جديدة من مراحل تعذيب الأقباط.. بالإضافة إلى أنه رغم هذا كان الصليبيون ينظرون إلى الأقباط نظرة مَنْ يُخالِفهم في المذهب ويشكون في ولائهم لهم إن هم نجحوا في غزوهم، أي أن الأقباط وقعوا بين حفظين لا دخل لهم فيها. حاول الصليبيون الاستيلاء على مصر في خلافة الأمير بن المستصلي الخليفة الفاطمي (1101 -1130) ولكنهم فشلوا، ولشدة غيظهم من عدم تعاون الأقباط معهم منعوهم من زيارة الأراضي المقدسة. وفى النهاية فإنه مما لا شك فيه أن الحملات الصليبية أنشأت موقفًا صعبًا بالنسبة للأقباط، فقد تحالف الجهل مع التعصب في اتهام الأقباط بمساعدة الصليبيين أو التخابر معهم، بينما كانوا في الحقيقة شديدي الحرص على أن يكونوا محايدين، بل متعاونين في أحيان كثيرة مع المسلمين في مصر، لأنهم عنصران في بلد واحد، أما الصليبين فهم غرباء وغزاه. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 72838 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الكنسية القبطية في ظل الدولة الأيوبية تولى صلاح الدين يوسف كرسي الوزارة 1161 م، وكان مسلمًا متدينًا، إلا أنه ضايق الأقباط كثيراَ، فأمر بطردهم من العمل في دواوين الحكومة وأن يعلقوا أجراسًا في أعناقهم، وأمر بنزع الصلبان الخشب من فوق قباب الكنائس. ولما كان من عادة المسيحيين أن يزفوا الصليب في عيد أحد الشعانين في الشوارع في كل بلدة وكل مدينة منعهم من هذا، وأمرهم بأن تكون أصواتهم منخفضة في الصلوات في الكنائس كان هذا مما حرك بعضًا من المسلمين إلى معاملة المسيحيين معاملة سيئة واغتصبوا بعض الكنائس. ولما تولى صلاح الدين السلطنة سنة 1171، وفي أثناء انشغاله بالحروب الصليبية (حروب الفرنجة) في سوريا أراد ملك النوبة أن ينتهز الفرصة ويستولى على مصر، فوصل أسوان وأسر كثيرًا من المسلمين، فسير صلاح الدين إليه جيشًا حاصر قلعة دير أبريم وفتحها عنوه وخلص الأسرى ونهب المدينة وقتل أكثر سكانها وأسر أسقفًا وطالبه بمال كثير وكان أثناء حروب صلاح الدين في الشام أن أناب عنه وزيره بهاء الدين أحد خصيانه السود، فرأى هذا الخصي أن يرمم أسوار المدينة فساق إليها المصريين مسلمين ومسيحيين معا ليشتغلوا في هذا العمل، فنقم عليه الجميع، وصار الأولاد يمثلونه في الشوارع ويلقبونه باسم قراقوش، ولا يزال هذا الاسم يستعمل للظالم للآن. وقد تعمد هذا الوزير مضايقة الأقباط، فما كان منه إلا أنه رفت كل موظف قبطي من دوائر الحكومة إلا من أسلم، ثم عاد فأرجعهم إلى أعمالهم لما استحالت دوائر العمل في الدواوين على أن تدور، بل أن السلطان نفسه لما تحقق من أمانتهم اتخذ له منهم كاتبا خصوصيًا من عائلة قديمة شريفة تعرف بعائلة شرافي، وكان أبوه من مشاهير رجال الحكومة أيام الماضي، وكان يسمى بأبي العالي، ومنحة صلاح الدين لقب الشرف والرئاسة وسماه بالشيخ الرئيس صفى الدولة بن أبي العالي، وكان محبوبا، وظل في خدمته إلى أن مات. وكان الأرمن الذين هاجروا من مصر قد تركوا كنيسة لهم بالفسطاط، أنعم بها صلاح الدين على فقيه دمشقي يسمى بهاء الدين فطلبها صفى الدولة هذا لتكون للأقباط فأعطاها لهم صلاح الدين، ولما تحقق صلاح الدين من إخلاص الأقباط وهبهم أعظم مكان وهو دير السلطان. بانتصارات صلاح الدين المتكررة على الصليبيين وتعاون الأقباط معه في صنع هذا النصر مثل عيسى الغواصي الذي كان يغوص بالقرب من سفن الصليبيين ويتعرف على أخبارهم ويبلغها إليه مما كان سببا مهما في النصر عليهم وسقوط مدينة القدس في يد صلاح الدين في عام 1187. تغيرت نفسية الأمويين وأصبحوا أكثر تسامحًا مع الأقباط ومنحهم دير السلطان هذا وهو مكان قريب وملاحق للأراضي المقدسة بالقدس، وهذا الدير هو الدير الوحيد الذي لا يحمل اسم أحد القديسين كما هو معروف عن الأديرة القبطية. كما أعاد صلاح الدين الكثير من الأقباط إلى وظائفهم العليا في الدولة، كما استرد أقباط آخرون أموالهم وممتلكاتهم التي كانوا قد فقدوها بطريقة أو بأخرى. وهذا يدفعنا إلى التساؤل: كيف عامل صلاح الدين الأقباط بسوء أول الأمر، أهي داعية من دواعي الأمن، أم دسيسة من مريض نفسي دسّها عليهم عنده وتبين بعدها الرشد من الغِيّ؟! فهناك موقف له أن نور الدين صاحب صلب ودمشق كتب يومًا إلى الخليفة العباس يقول له: "إن المسلمين حكموا خمسمائة عام ولم يسيئوا للنصارى، أما الآن وقد انصرفت هذه الأعوام، يجب ألا يبقى هؤلاء النصارى في الإمبراطورية الإسلامية، ومن لا يُسْلِم منهم يُقْتَل".. لكن الخليفة كان مسلمًا تقيًا عارفًا بدينه فكتب يقول له: "إنك لا تفهم تمامًا أقوال النبي من أن الله أعلى لا يأمرنا أن تقتل من لم يرتكب سوءًا". وهناك موقف آخر لصلاح الدين مع نصارى القدس بعد أن فتحها ووجود أسرى.. فكان عليهم إن أرادوا فَكّ هذا الأَسْر أن يدفعوا الجزية الحربية، أما النصارى من أهل القدس الذين ليسوا من الفرنجة فقد طلبوا من صلاح الدين أن يمكنهم من الإقامة في مساكنهم على أن يدفعوا الجزية فأجابهم إلى طلبهم.. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 72839 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() أشهر الشخصيات القبطية في العصر الأيوبي امتد حكم الأيوبيين في مصر 1171 – 1250، وكانت فترة ثرية بالأحداث سواء على الساحة السياسية، من جراء وجود الأيوبيين في مصر وتوليهم الحكم، أو ورود الحملات الصليبية التي دفع القبط ثمنها ولم يكن لهم فيها جريرة. إلا أنه يلاحظ أنه رغم ما تعرضوا له من ضغوط نبغ منهم الكثيرون في شعاب مختلفة من العلوم سواء الدينية أو الثقافية ومن أهمهم: - الشيخ الرئيس صفى الدولة ابن أبي العالي المعروف بابن شرافي كاتب سر صلاح الدين الأيوبي، وقد بقى في خدمته حتى مات، وكان محبوبا عن السلطان. - الشيخ نشئ الدولة أبو الفتوح المعروف بابن الميقاط، وكان رئيسا لديوان الجيوش في عهد الملك العادل، وقد لعب دورا هاما في رسامة البابا كيرلس الثالث. - الأسعد بن صدقة كاتب دار التفاح وزعيم الفريق الذي قاوم رسامة الراهب داود بن لقلق بطريركًا. - الشيخ أبو سعيد بن أندونهة، كان مستوفيًا بالديوان الخاص العادلي في عهد الملك العادل. - الشيخ الثقة جبريل وكان من أكابر الأقباط أيام الأيوبيين واهتم بتجديد الكنائس التي تخربت. - الشيخ شرف الرئاسة ابن هيلان كاتب الجيش. - الشيخ الأسعد أبو الفرج صليب بن ميخائيل، وكان صاحب ديوان الملك الصالح. - الشيخ السديد أبو الفضايل المعروف بابن ستمائة، كان كاتب الأمير على بن أحمد الكردي، وكان أمينًا على خزائنه وأمواله، وقد جدد عمارة دير أبو سيفين بمصر القديمة وجعلها مقرًا للبطريركية. - الشيخ ابن أمين الملك ابن المهذب أبو سعيد يوحنا الإسكندراني، وكان كاتبًا مجيدًا وشاعرًا عظيمًا. - الشيخ المكين أبو البركات المعروف بابن كنامية. - أمين الدولة ابن المصوف، كان أمينًا على أموال الحكومة في أيام السلطان صلاح الدين. - الشيخ أبو المكارم بن حنا والضيخ صنيعة الملك أبو الفرج بن الوزير والشيخ علم السعداء أبو اليمين والشيخ أبو الفرج وجميعهم من عائلة أبو اليمين بن زبنور الذي برز في عهد الدولة الفاطمية. - الشيخ الصفي بطرس مهنا. - الأسعد صليب بن ميخائيل ويعرف بابن الإيقومانس، كان عالمًا فاضلًا، فلما أحرق الوزير شأور مصر القديمة ، قام هو بتجديد دير مار مينا، وأنشأ مدرسة ومنتدى علمى هناك. - أبو سعيد بن الزيات أحد أثرياء الأقباط، والشيخ يحيى بن هبة الله ويلقب بصنيعة الخلافة، والشيخ مصطفى الملك بن أبو يوسف، والشيخ علم الرئاسة ابن الصفر والشيخ فخر السعد بن زيتون. - الشيخ أبو المكاري، وكان كاتبًا، ولما توفيت زوجته استقال من خدمة الديوان وترهب بأحد الأديرة ثم رسم أسقفًا. - بطرس بن الثعبان الراهب، ويلقب بالشيخ السني، وهو أستاذ أولاد العسال كان كاتبًا ثم ترهب وبقى بدير المعلقة بمصر القديمة إلى أن مات في شيخوخة كبيرة، ويبدو أنه زوج أولاده ثم ترمل بعد وفاة زوجته، لأنه والد بطرس أبو شاكر ابن الراهب. هذه كوكبه من الشخصيات القبطية الهامة في تلك الفترة، ونذكر بالتفصيل كوكبة أخرى مثل: أولاد العسال، الشيخ المؤتمن شمس الرياسة أبو البركات الشهيد بابن كبر قسيس، ابن كتاب قيصر، الأنبا بولس البوشي، الأنبا يوساب أسقف فوه، جرجس ابن العميد، بطرس ابو شاكر بن الراهب، القس بطرس السدمنتي، سمعان بن كليل، الأنبا ميخائيل الإتربي، يوحنا بن زكريا ابن سباع، أنبا يوحنا نعمة الله أسقف البرلس، معاني أبو المكارم بن بركات. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 72840 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الملك الناصر قلاوون 1299 م كانت مصر خلال القرن الرابع عشر تحت حكم المماليك، وقد توالى عليها خلاله ثلاثة منهم هم: الملك الناصر بن قلاوون، والملك الصالح، والملك المنصور. عندما تولى الملك تفشت في مصر عدة أمراض فتكت بالإنسان والحيوان، فأوعز أحد القضاة المسلمين إليه بأن هذه الأوبئة بسبب وجود المسيحيين في البلاد، وكان هذا القاضي ابنًا لأحد المسيحيين وأسلم، وكان يكره المسيحيين، ففرض على كل فرد من الأقباط دينارًا سنويًا زيادة على الجزية التي كانوا يدفعونها، بالإضافة إلى ما كان يُجبى من كل من المسلمين والأقباط (زكاة الدولة)، زائد نفقات الاحتفال بوفاء النيل وغير ذلك... واشتد الاضطهاد تباعًا حتى عاد بقوة وأمر الأقباط بلبس العمائم الزرق وشد الزنانير على أوساطهم ومنعهم من ركوب الخيل.. وقد اختلفت الآراء حول ما أصاب الأقباط، فمنهم من قال أنه بفضل هذا القاضي ومنهم من قال أنه بسبب تكبر بعضهم وركوبهم الخيول المطهمة (الجميلة) وإذلال المسلمين، ومنهم من يقول أنه نتيجة تذمرهم وشكاياتهم من الظلم الذي وقع بهم، وهذا ما دفعهم إلى العناد ولبس العمائم البيض وتأنقوا في لباسهم وظهر بعض الموظفين منهم في الشوارع وهم راكبون الخيول فاشتد النكير عليهم من المسلمين. وقد رأى أحد زوار القاهرة من مسلمي المغرب هذا المنظر فاستنكره وذهب ليشكو حال المسلمين وذلهم إزاء الأقباط راكبي الخيول فانقلبت الدائرة عليهم ورفدوا من وظائفهم واستهزأ الرعاع بهم في الشوارع وجعلوا يلقونهم بالحجارة وتحطمت الكثير من الكنائس. كما كان النصارى يحتفلون في شبرا الخيمة (الخيام) بعيد وفاء النيل الذي سموه عيد الشهيد لأنهم كانوا يجتمعون في منطقة شبرا الخيمة الآن على شاطئ النيل بجوار كنيسة كانت هناك ويضربون خيامهم لعدة أيام حيث يلقون بصندوق يحوى إصبع أحد الشهداء في النيل كي يزيد فيضانه (ولذلك سميت شبرا الخيام ثم شبرا الخيمة). وفي هذه الأيام مُنِعوا من إقامة هذا العيد اعتبارًا من عام 1302. وحدت أنه لما خلع الملك الناصر وتولى بعده بيبرس الجاشكير ولقب بالملك المظفر ثم قام بيبرس وقتله واسترد عرشه، وفي هذه الحالة ثاب إلى رشده وأحسَّ بأن ما حل به هو من ظلمة للأقباط، فعاد ليجمعهم من ظلم المماليك ويقصي الجهلة من المسلمين، إلا أن تغير موقف الملك الناصر إلى صف الأقباط لم يرق بعض المتعصبين من المسلمين فجعلوا يتصيدون لهم الأخطاء وكي يوقعوا بهم، وحدث أنه لما أراد الملك الناصر أن ينشئ ميدانا فسيحا فيما يعرف الآن بالناصرية، وكانت تشغل المكان كنيسة كبيرة جميلة البناء ومتينة فأشار عليه بعض المتعصبين بهدمها، أما هو فلم يوافقهم أول الأمر ثم أمر بأن يُحْفَر حولها حتى تسقط وحدها، إلا أنه لمتانة مبانيها لم تسقط، فاغتاظوا وفكروا في أمر آخر، فلجأوا إلى استصدار أمر بهدم بعض الكنائس لبناء عمارات بأنقاضها تعطى البلد رونقًا جميلًا، فهدموا الكثير من الكنائس والأديرة في القاهرة. وامتدت يد الهدم إلى كنائس حارة زويلة والموسكي وبابليون، وذهبوا يهدمون فيها، فسار إليهم السلطان بنفسه ليهدئ الأحوال ويمنعهم من مواصلة هذه الأعمال وأمر بفرقة من الجند للتعرض لهم وإنقاذ مَنْ بقى من الأقباط الذين كانوا محاصرين في قصر الشمع. بل أسرع هو بنفسه إليهم ومعه أربعة من الأمراء ولم يقو عليهم. حتى أنهم كانوا يقاومونه بإلقاء الحجارة عليه، وفي النهاية هجم عليهم هجمة شديدة ففروا من أمامه هاربين. ويصف المقريزى هذه الأيام بالصعوبة وأن كثيرًا من الكنائس هدم فيقول "خرب من الكنائس كنيسة نجرائب التتر من خلقة الجبل وكنيسة الزهري في الموضع الذي فيه الآن بركة الناصرية وكنيسة الحمراء وكنيسة السبع شعايات وكنيسة بحارة الروم وكنيسة بالنبدقانيين وكنيستان بحارة زويلة وكنيسة نجراته البنور وكنيسة بالفندق وأربع كنائس بتفر الإسكندرية وكنيستان بدمنهور الوحش وأربع كنائس بالغربية وثلاث كنائس بالشرقية وست كنائس بالهنساوية وبأسيوط ومنفلوط وثية الخطيب (المنيا حاليًا) ثمان كنائس، وخرب من الديارات شيء كثير". وقد رد بعض الأقباط على هذا العنف بإحراق بعض الأماكن في القاهرة إلا أنه قبض عليهم واعدموا، واستمرت المظاهرات واستعمال العنف والإرهاب فتره طويلة وأعادوا الأقباط إلى لبس الزي الخاص بهم في أزمان الاضطهاد. ولم يخف اضطهاد الأقباط إلا عندما أرسل ملك الحبشة بعد أن وصله خبر ما جرى للأقباط إنذار للملك في مصر بأنه إن لم يوقف هذا التيار فإنه سيحل بمسلمي الحبشة ما يحل بالأقباط في مصر. من أشهر الأقباط حينها: كان من أشهر الشخصيات القبطية الأنبا رويس الملقب بأبي فريج ولد في إحدى قرى الغربية، وترك موطنه في سن العشرين وتوجه إلى صعيد مصر وعاش ناسكًا زاهدًا فأحبه الناس ثم عاد إلى القاهرة حيث قبض عليه مع من كان يقبض عليهم، وألقي في السجن إلى أن أطلق سراحه بتدخل الأب البطريرك، فطاف يعلم ويصلي حتى تنيح بسلام في عام 1397. وأودع جسده بدير الخندق المعروف الآن بدير الأنبا رويس بالعباسية. |
||||