26 - 01 - 2015, 05:27 PM | رقم المشاركة : ( 7231 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
البر يرفع شأن الأمة
"البر يرفع شأن الأمة وعار الشعوب الخطية." (سفر الأمثال14: 34) يقول الكاتب والمفكر هنري أيرنسايد معلقا على قول الحكيم سليمان في كلمات الوحي المقدس "التاريخ سجلّ لهذه الحقيقة. فالأمم والأفراد يدانون بحسب طرقهم. وما من أمة أفلحت طويلا من تلك الأمم التي تخلت عن سبيل البرّ القومي. وحينما يتجلى الكبرياء والبُطل، بالإضافة إلى الطمع والظلم، فإن ساعة التذلل ليست بعيدة." في كل أمة وفي كل مجتمع وفي كل مؤسسة يوجد من يعمل على أسمى وأعلى المعايير من حيث القيم وتحمّل المسؤولية والمساءلة والانجازات، وذلك بهدف رفع شأن ما ينتمي إليه وتقديم الأفضل لمن يخدمهم. ومن الجانب الآخر وللأسف الشديد نجد من يهتم بما له فقط، بل ويعمل من أجل مصالحه الشخصية، ويتضمن ذلك تشويه سمعة ومركز الأمة (المجتمع أو المؤسسة) التي يعتبر عضوا فيها أو منتميا لها، إن كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر. هذا الانتماء ما هو بالحقيقة إلا ظاهريا أو شكليا فقط، فالانتماء الحقيقي هو ينبوع حبّ فيّاض لرفع شأن ما تنتمي إليه، وذلك من خلال ما تقوله وما تعمله بل أيضا ما تشعر به، فأنت تعبّر من خلال أفكارك وأقوالك وتصرفاتك وأعمالك عن عمق وحقيقة مشاعرك. لذلك نكرّم من يعيش في البرّ ونكرّم من يعمل لرفع شأن ما ينتمي إليه (بيته، بيئته القريبة، بلدته، توجهاته، مذهبه، مؤسسته، جمعيته، مجتمعه )، لأن هذا حقّ ولأن في هذا التوجه حث وتشجيع لهذا النهج. ومن جهة أخرى نعمل على تصويب وجهة من ضلّ وأخطأ الهدف وسلك طريقا معوجة، ننبّه ونحذر، نعاتب ونوبخ، وفي حالة التمادي نضطر لإتخاذ إجراءات واضحة ومحددة، صعبة وأحيانا قاسية، كردود فعل طبيعية لمن لا يحترم ولا يُكرِم ولا يخدم ولا يسلك بالبرّ للمجتمع الذي يحتضنه. إن لم تحتضن مجتمعك (مؤسستك، مسؤوليتك) فلا تتفاجأ إن تخلى عنك يوما أو رفضك وحتى إن تقيأك. إن أكرمت مجتمعك ورفعت شأنه بالبرّ فلا بدّ أن يرفع شأنك ويعليه. وعلى كل الأحوال يوجد أبَ في السماء يرى كل شيء حتى ما في الخفاء ويجازي علانية فلننتبه لحياتنا ولنتأكد ونثق "لأنه ليس خفي لا يظهر ولا مكتوم لا يعلم ويعلن" (لو8: 17). ولنعش في النور كما دعانا الرّب يسوع بقوله "أنتم نور العالم. لا يمكن أن تخفى مدينة موضوعة على جبل. ولا يوقدون سراجا ويضعونه تحت المكيال بل على المنارة فيضيء لجميع الذين في البيت. فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السموات" (مت5: 14 -16). |
||||
26 - 01 - 2015, 05:31 PM | رقم المشاركة : ( 7232 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الحنين الخاطئ
(واللفيف الذي في وسطهم اشتهى شهوة. فعاد بنو اسرائيل أيضًا وبكوا وقالوا: "من يطعمنا لحمًا؟ قد تذكرنا السمك الذي كنا نأكله في مصر مجانًا، والقثاء والبطيخ والكرّاث والبصل والثوم. والان قد يبست أنفسنا. ليس شيء غير أن أعيننا الى هذا المن- سفر العدد 11: 4 – 6). لقد تسائل الملك سليمان سؤال حكيم في جامعة قائلا: "لماذا تقول أن الايام الماضية أفضل من اليوم، لأنه ليس عن حكمة تسأل".. إن قصة شعب الله في مصر، واختبار العبودية القاسي المرير والخضوع لحكم فرعون الطاغية، ما هي إلا صورة تشبه حياتنا قبل أن نعرف الرب ونختبر محبته المُخَلّصَة. نعم، فلقد كُنا تحت نير عبودية الشيطان، الذي لَوّثَ حياتنا بطين الخطية والهوان. إن ابليس سيد قاسي لا يعرف للرحمة مكان. يفترس من يجده بدون شفقة، ويُعذب نفسهُ وجسدهُ وروحه في أساليب متنوعة: خطايا ادمان، عادات سيئة، قيود مختلفة. فيصبح هذا الإنسان الضعيف المسكين في عبودية لهذا الفرعون الظالم. لكن شكرًا للرب من أجل محبته ونعمته التي لا يُعَبّر عنها بالكلام، فقَد ارسل لنا المُنقذ، المُخلص، الذي انتشلنا من طين الحمأة والعبودية، وغسلنا لا بمياه البحر، لكن بدمه الغالي الكريم، دم افتدى كل أثيم! بعد أن قضى الشعب أربع مئة سنة في العبودية في أرض مصر، أتى اليوم الموعود، يوم تحقيق الوعود بخروج الشعب من مصر، وانتهاء الألم والمرار، أخيرًا يطلقون أحرار، وأعينهم نحو أرض كنعان. أحبائي، مهما كانت مدة بقاءنا في أرض العبودية والغربة، فإن الرب يسمع لصراخنا مثلما سمع لصراخ شعبه وأنقذه بذراع ممدودة قديرة، وأغلق البحر على فرعون وجيشه ومركباته. فلقد دبر لخلاصنا مشروعًا عظيمًا كَلّفَهُ حياته! الرب خَلّصنا وضمن لنا مكان في السماء، لكن الطبيعة القديمة تبقى موجودة داخلنا، وتحارب باستمرار الطبيعة الجديدة، الطبيعة الإلهية. ونبقى في صراع، وتَحِنُّ نفوسنا الحنين الخاطئ: 1) الحنين إلى الماضي عندَ خروج الشعب، قابلوا البريّة. ويالَ التحول المفاجئ في حالهم ولغتهم، فعندما لم يجدوا الماء ولا الطعام تّذَمروا كلهم على موسى قائلين: "ليتنا متنا بيد الرب في ارض مصر اذ كنا جالسين عند قدور اللحم نأكل خبزًا للشبع فانكما اخرجتمانا الى هذا القفر لكي تميتا كل هذا الجمهور بالجوع" (خروج 16: 3). يا لشبه حالهم بحالنا اليوم، فبعد أن خَلّصنا الرب وأنقذنا من سلطان الظلمة، نُهَلل فرحين:"حَرّرني يسوع"، ولكن هذا النشيد يتغير عندما نصطدم بأول صعوبة في برية الحياة، ونصيح مثل الشعب: "أينَ أنتَ يا يسوع"؟ ويستغل الشيطان المُخادع الفرصة ليهمس بأذاننا: "ألم تكن حياتك أسهل وأكثر متعة قبل أن تعرف المسيح"؟ "ألا تَحن إلى ماضيك؟ ما رأيك أن ترجع الى الأرض القديمة"؟ نَحِنُّ ونشتاق الى حياتنا القديمة عندما تواجهنا الصعوبات والتحديات في برية حياتنا، وننسى تعاملات الرب وذراعه القديرة التي صنعت معنا معجزات عظيمة. إنَّ حنينًا مثل هذا الى الماضي شديد الخطورة، حيثُ يسمع ابليس تذمرنا وشكوانا، ويحاربنا لنرجع الى الوراء، إلى أرض العبودية ثانية، إنَّ الماضي هو أكبر عدو للإنسان، وهو سلاح فَتّاك يستخدمه ابليس في حربه ضدّه. لكن لنثبت أعيننا على الرب، وعلى رؤية أرض الموعد، صارخين مع بولس: "أنسى ما هو وراء وأمتد إلى ما هو قُدّام" (فيلبي 3: 13). 2) الحنين إلى مَلّذّات الماضي سأرجع واقتبس نفس الآية في النقطة الأولى هنا: "إذ كُنا جالسين عندَ قُدور اللحم نأكل خُبزًا للشبع"؟ ويا للدهشة من كلامهم هذا، فقد نسوا أربعمئة سنة من العبودية بلمح البصر، وكل ما تذكروه وحَنّوا اليه هو قُدور اللحم والخبز؟ لقد نسوا بأي ألم كانوا يأكلونه. عندما تواجهنا العرقلات والإمتحانات في البرية، نتمنى لو أن حياتنا ترجع على ما كانت عليه. تشتاق نفوسنا إلى أرض مصر، صحيح أننا خرجنا منها، لكنها لم تخرج من قلوبنا وأفكارنا. نحن ونشتاق إلى الأمور، العادات، المَلذات الباطلة، الفارغة، الزائلة. حيث كانت الحياة أسهل بدرجات، ولم تكن قد ماتت فينا الذات! عزيزي، مهما قَدّم لك العالم من مغريات وتسهيلات، فكل هذا يفني ويُفَض سريعًا، كله باطل وقبض الريح، لن تشبع منه ولن تستريح، لما لا تُقبل إلى المسيح؟ 3) دينونة الرب القاضي (خروج 21: فأرسل الرب على الشعب الحيَّات المُحرِقة فلدغت الشعب، فمات قومٌ كثيرون من إسرائيل. فأتى الشعب إلى موسى وقالوا له: قد أخطأنا إذ تكلَّمنا على الرب وعليك، فصَلِّ إلى الرب ليرفع عنا الحيَّات. فصلَّى موسى لأجل الشعب. فقال الرب لموسى: اصنع لك حية مُحرِقة وَضَعْها على راية، فكلُّ مَن لُدِغ ونظر إليها يحيا). التَذَمُّر والتَّمرمًر خطية يكرهها الرب، ويَدينها مثل الخطايا الأخرى. التَّذمر من أحب النغمات على أذن الشيطان. فإذا حصل وتمادينا في التذمر والتساؤل، فسنصبح فريسة سهلة لإبليس، ويرفع الرب يده ويحجب بركته عنا. نَعَم، هنالك عواقب وخيمة للإبتعاد عن الرب والتّذمر عليه. إن إلهنا نارٌ آكلة، إنهُ قُدوس ولا يرضى بالخطية، خاصة التذمر، لأنها تشكيك في صلاح الرب وامانته. إذا تَذمرتَ وابتعدت عن الرب، قد يبدو الأمر في بدايته حُلوًا، مُريحًا، لكن نهايته حارقة ومؤلمة. إنَّ الهنا اله المَحبة والغفران، لكنه أيضًا القدوس الدّيان، أنه يُحب الخاطئ ولكنه يكره الخطية، فهي إهانة مباشرة لشخصه البار. لكن شكرًا لأجل نعمته الغنية، فقد طلب الرب من موسى أن يصنع حَيّة نحاسية، وكل من ينظر إليها يحيا. وهذه الحَية ترمز الى ابن الله الذي عُلِّقَ على الصليب، وكل من يظر إليه ويقبل خلاصه، يُشفى من الخطية وتُستَرد حياته. لقد سقطت دينونة الله المرعبة على المسيح، فصار لعنة لنكون نحن بر الله. فنحن بخطايانا وابتعادنا وتذمرنا نستحق هذه الدينونة والقضاء، لكن مجدًا للرب من أجل عمله على الصليب، ومن أجل نعمة السماء! عزيزي الشاب، لربما تشتاق إلى حياة الماضي، وتظنها أسهل من حياة الإيمان. لكن أطلب من الرب اليوم نعمة، فحتمًا سيعطيك، لأنه إله كل نعمة. سيعطيك القوة لتكمل المسير، وسيغيرك ومثله تصير، لتحقق الهدف وتدخل أرض المواعيد، وليكون لحياتك بصمة وتأثير. قرأت مرة حكمة أعجبتني: أن السفن لم تُصنع لتبقى في المرفأ، بل لتبحر في الأعماق. وهكذا فإن للرب خطة وتدبير رائع لحياتك، فلهذا خلقك. فاترك ورائك مرفأ الماضي، ولا تتذمر من شدة العواصف. بل ثق بإلهك الذي ابتدأ فيك العمل الصالح فإنه سيكمله بالتمام. آمين |
||||
26 - 01 - 2015, 05:35 PM | رقم المشاركة : ( 7233 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
إذا سَقَط لا ينطرح
(مُرقس27:14-31) عندما دعا الرب أولاده، فإنهُ دعاهُم الى حياة النصرة والغلبة. وكل إنسان مؤمن فإنَّهُ مولود الولادة الجديدة، وبحسب الطبيعة الجديدة هو لا يُخطئ والشرير لا يَمسّه (1يوحنا 5: 18). لكن لا يغيب عن بالنا بقاء الطبيعة القديمة فينا، حتى وإن قبلنا الخلاص. وهذه الطبيعة في حرب مستمرة مع الطبيعة الجديدة: فالأفكار ليست كاملة، العواطف متقلبة، فاليوم نرى شخصًا بثبات الصخر، وفي اليوم التالي يسقط وقد يكون سقوطه عظيمًا. في قرائتنا من مرقس 14، نرى أن يسوع يُعِد ويجهز تلاميذه لمواجهة العالم بعدَ صعوده إلى السماء، وأنهم سيواجهون ضيقات. لكن عند مشهد الصليب هَربوا كلهم ولم يبقَ الا يوحنا! لقَد هربوا كلهم عند مواجهة أول صعوبة. وكم يُشبه حالنا حال هؤلاء التلاميذ، إذ نبتدأ مسيرتنا مع الرب بحماس ونيران، وسرعان ما تخبو ويبقى الدخان! لكن شكرًا للرب من أجل نعمته ورأفته وحنانه المُتجدد، فتعاملاته تفوق كل وصف وعقل بشري. فرغم سقوطنا وخذلاننا له، إلا أنه يتعامل معنا: 1) بالحُب الكامل: ما أعظَم حُبُّه وما أرَق وأعذب قلبه، فهو رئيس كهنتنا الذي يرثي لضعفاتنا، وقَد جُرِّبَ في كل شيئ مثلنا لكي يقدر أن يعيننا (عبرانيين 2: 18). عندما نسقط نستطيع أن نتوجه إليه، فنجده فاتحًا ذراعيه، يَضمّنا إلى صدره ويُعيد لنا الأمان. الجميع لديهم ضعفات، فهذا القاسم المشترك لكل إنسان مهما كان. وعند وقوعنا في ضعف، يهمس صوتين حولنا: صوت الرب وصوت الشيطان. لكن الإختيار يبقى لنا، لمن سنُصغي؟ الرب يريد أن يرفعنا والشيطان يريد باستمرار أن يوقعنا ويخذلنا ويشعرنا بالذنب، ويبث فينا الشك: "لو عرف المؤمنين حقيقتك... أنتَ لا تنفع أبدًا". لكن صوت الرب يقول :"لا تشمتي بي يا عدوتي، إذا سقطتُ أقوم"(ميخا 7: 8). نعم، هو يعطينا الفرصة تلو الأخرى ولا ييأس منا، بل مراحمه وإحساناته والأمل معهُ متجددين في كل يوم. ولنا في الكتاب المقدس أمثلة كثيرة على محبته ورحمته وقلبه المُتَسّع: عندما أتوا إليه بالمرأة الزانية وأرادوا أن يرجموها، قال لهم: "من كانَ منكم بلا خطية ليرمها أولاً بحجر" (يوحنا 8: 7). لقد كان هو الوحيد الكامل بينهم، وله كل الحق والسلطان بأن يرجمها، لكنه يفاجئنا بموقفه الرائع والمليء بالمحبة، فقد قال لها: "إذهبي بسلام".عندما نسقط، فإن محبة يسوع الشديدة والفائقة تجتذبنا لنرجع إليه، وتصير لنا الثقة بالدخول الى عرش النعمة من جديد. 2) التشجيع بالرجوع إليه: لقد كان يسوع مُتيقنًا بأن تلاميذه سيَشُكّون فيه، لكن بالرغم من ذالك قالَ لهم بأنه سيسبقهم إلى الجليل، أي يريدهم أن يأتوا وراءه. أحبائي، يسوع يريدنا أن نرجع اليه، لأنه هو مصدر حياتنا مثلما القلب هو نبضها، يريدنا أن نرجع بتوبة واعتراف، وهو أمين وعادل وسيغفر لنا (1 يوحنا 1: 9). إنه لا يريدنا ان نهرب ونختبأ مثلما فعل آدم وحوّاء، بل أن نواجه أنفسنا ونرجع إليه. 3) مواجهة خطأنا وفشلنا: يسوع هو المعلم الرائع الوديع القلب، الذي يريدنا أن نتعلم من سقطاتنا وضعفاتنا حتى لا نرجع إليها. وهذا هو مفتاح النضج الروحي. عندما نتعثر ونسقط، فإننا تلقائيًا نوجّه اللوم إلى الظروف، أو الناس، أو حتى الشيطان! فلَقد كان بطرس متحَمّسًا جدًا عندما قال: "وإن شَكَّ الجميع فأنا لا أشُك ". لكنه سقَطَ وأنكرهُ بدل المرة ثلاث! وقد استخدم الرب صياح الديك كإنذار إلهي ليوقظه، فواجهَ خطأهُ وخرج وبكا بكاءً مُرًا. الإعتراف يجب أن يكون مصحوبًا بتوبة حقيقية والإصرار على عدم الرجوع إلى الخطأ. لقَد نظر الرب إلى بطرس نظرة الحنان والتبكيت، فهل نتجاوب مع حنان الرب وتبكيته؟ هل نهرب منه أم نهرب إليه؟ 4)إكتشاف حقيقة طبيعتنا البشرية: عندما قالَت الجارية للجميع: "وهذا كانَ معه"، إبتدأ يلعن ويحلف! لَقَد ظَنَّ بطرس بأنهُ قوي ولن ينكر المسيح، كانت لديه ثقة شديدة بنفسه، كما أنهُ رفضَ فكرة الصليب: "حاشاك يا رب أن تُصلب". الصليب هو رفض الطبيعة القديمة وإنكار الذات. فقد قال يسوع: "إن أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم ويتبعني" (لوقا 23: 9). لكن بطرس لم يصلب طبيعته القديمة، بل كان مُتهورًا، مُتَسَرعًا، يتصرف بالجسد. ونحن كم نأتي للرب بوعود وقرارات ونقول: "أنا يا رب". لكن ما إن نواجه حقيقة أنفسنا نهرب ولا نتمم شيئًا، إذ الحقيقة تكون أننا نتكل على الجسد. لكن شُكرًا للرب، إذ أصبحنا خليقة جديدة، والقيامة والنصرة من مميزات هذه الخليقة. لقد حصلنا على طبيعة إلهية، وهذه الطبيعة تغلب كل جسد وكل خطية. والذي فينا أقوى من الذي علينا، فلَقد صُلبَ ومات، لكنه قام وانتصر ودحرَجَ الحجر. وهو حيٌّ فينا، يقودنا في الإنتصار بعد كل سقوط وانكسار. لهُ المجد إلى دهر الأدهار! |
||||
26 - 01 - 2015, 05:37 PM | رقم المشاركة : ( 7234 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أرسل لنا مطرًا من السماء
"عطشت نفسي إلى الله.." (مزمور 42) "كل الناس مقتولون عَطَشًا، لكن نادرًا من يقول:"عطشت إليك نفسي"، بل يعطشون إلى العالم". (القديس أغسطينوس). تَسَنّت لي فرصة قبل شهر أن أزور منطقة النقب الصحراوية في بلادنا، وفي الطريق بدأ اللون الأخضر يتلاشى تدريجيًا، لتظهر ملامح وتضاريس الصحراء، الرمال على كلا الجنبين، الجِمال تتمشى على هذه الرمال الحارة، ناهيك عن أشعة الشمس الحارقة التي تخترق جلدك لتحول لونه إلى البرونزي، وتسبب لك الجفاف والعطش الشديد. وعند وصولي تقابلت مع عدة أشخاص، وما ان ألقيت التحية وتعرفت عليهم، حتى بدأوا بالتعبير عن مشاعرهم، وتفريغ كل الضغط الذي يقبض صدورهم، لقد كانوا كعطشان يلهث باحثًا عن قطرة ماء تنعش نفسه، كانت نفوسهم جافة بسبب حرارة الظروف القاسية التي مَرّوا فيها. فما كان مني الا أجبت: " الله هو الحل الوحيد وليس سواه "! كيفما تلفتنا اليوم، فإننا نسمع أو نشاهد أخبارًا تحتوي تفاصيل وصور قتل ودمار، حروب ودماء، فقر وإحتياج. عالمنا يحترق وسط لهيب هذه الأشياء، الظروف القاسية سببت للناس التعب والإعياء. وتجد الكل يصرخ:" إننا في عطش "! " نريد ماءً يُحيي نفوسنا، خبرًا طيبًا ينعش قلوبنا ". (مياه باردة لنفسٍ عطشانة الخبر الطيب من أرض بعيدة- أمثال25:2) العالم يُقَدّم ماءً من آباره المختلفة لري النفوس العطشانه، وإبليس يستغل كل شخص ضعيف، تائه في صحراء الحياة، يلهث مُتعبًا، يبحث عن ماء ينعشه، فيهمس له أن يفتش في: 1) بئر الموضة والأزياء: إن للموضة تأثير كبير جدًا، يصل لحَد الإدمان لدى البعض. فنجدهم يتابعون كل صيحة وكل جديد في عالم الأزياء، ويبغون أن يظهروا حسب الموضة الجديدة، ولا يهدأ بالهم حتى يشتروا كل ما هو جديد حتى ولو كلَّفهم ثمنًا باهظًا، أو وقعوا تحت الدَّين. وكل هذا نتيجة لفراغ عميق في القلب، أو بسبب الشعور بصِغَر النفس، ومحاولة نيل القبول والإحسان في عيون الآخرين. لكن دَعوني أقول لكم شيئًا هنا: مهما اشتريتَم وحصلتم على كل ما هو جديد من ملابس أو مجوهرات، فلن يملأ قلبكم ويشبعكم سوى إختبار التجديد الحقيقي، مقابلة مع الإله الحي. 2) بئر المَلَّذات والمُتعة والهَناء: يَسعى بعض الناس، وَخُصوصًا الشباب منهم، للتفتيش في بئر المَلَّذات عن مياهٍ تروي قلوبهم، فنجدهم يغوصون في عالم الإنترنت ليشاهدوا ويسمعوا أمورًا ليملأوا بها بئرهم ،أو يُقبلون على تجربة الدُّخان، الكحول، المُخَدّرات، الجنس... ظانين أن بهذه هي لِذَة ومتعة الحياة والشباب، لكنهم لا يدركون أن عاقبتها في النهاية مُرَّة كالأفسنتين (أمثال4:5). يَعرض لنا إبليس الخطية حُلوة وَعذبة، حتّى يوقعنا في شباكه. وبعد أن نصحو نختبر مَرارَتها وَذُلَّها. لذالكَ أعزائي، اللّذة الحقيقية هي في محبة الرب(مزمور4:37، إرميا16:15). فإذا أردتم التمتع بالحياة، اقتربوا من كلمة الرب، إقرأوها وخبّأوها في قلوبكم، فتختبروا الفرح والأرتواء الحقيقي، وتجري من أحشائكم أنهارُ مياهٍ حَيّة. 3) بئر الغِنى والرَّخاء: هنالِكَ مثعتقَدًا سائِدًا بين البعض: " كُلَّما امتَلَكتَ أكثر، فأنتَ في أمانٍ وقُوّة أكثر ". فَنجدَ البعض يُركز على المال والماديّات، ويَحصون طاقاتهم ومجهودهم في تَحصيل الأموال، وذالك لضمان حياة هادئة مُستقرة. وما إن تبغَتهم أزمة إقتصادية أو ظرفًا صعباً، لِتُزحزح هذه الصخرة التي يستندون عليها، نجدهم يصرخون: "ما العَمل"؟ هؤلاء الأشخاص لا يشبعون، أنانيون، طَمّاعون الى المزيد دائمًا، مثل الغَني المذكور في إنجيل لوقا 12. لكن أرجو أن نتذَكر أنه في يوم سَتُطلَب روحنا منا، فالروح هي الخالدة، لكن المال يَميل، والذَّهب يَذهب، والفِضَّة تُفَض! وليت كلام المسيح يبقى أمام أعيننا: " لا تكنزوا لكم كنوزًا على الأرض " (متى19:6). وفي النهاية أعزائي الشباب أوجه لكم هذا السُّؤال: هل تعبتم من الحَفر في آبار العالم؟ إنها آبار مُشَققة لا تضبط ماء (إرميا 2). ومهما شربتم من مياه العالم، تعطشون أكثر لأنها مياه مُرّة. فلماذا لا تقتربوا اليوم من يسوع؟ إنه ينبوع الحياة، مصدر الحياة. هو من يملأ قلوبكم بمياه حيّة. لِتُغَّنوا مع المُرَنم: " فض في قلبي واملأ حياتي، إذ فراغ العالم رهيب ". نعم، فراغ العالم رهيب، وحرارته مثل اللهيب، فتعالوا إلى يسوع واشربوا من نبعه العجيب! الدّعوة ما زالت مفتوحة، وصدى النداء الإلهي ما زال يَرِنُّ حتى هذا اليوم: " تعالوا إلي ". " ولكن من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا فلَن يعطش إلى الأبد، بل الماء الذي أعطيه يصير فيه ينبوع ماءٍ ينبُع إلى حياة أبدية " (يوحنا 14:4). |
||||
26 - 01 - 2015, 05:47 PM | رقم المشاركة : ( 7235 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ابراهيم إن المصدر الأساسي لتاريخ إبراهيم هو ما جاء في سفر التكوين ( 11 : 26 - 25 : 18 ) ومما يسترعي الانتباه أنه في باقي أسفار العهد القديم يذكر إبراهيم بالاسم أكثر من أربعين مرة، ومرات الإشارة إليه في العهد الجديد تزيد عن السبعين. وكثير من الاكتشافات الأثرية، وبخاصة في القرن الأخير، قد زودتنا بثروة من المعلومات لفهم الخلفيتين الثقافية والتاريخية للعصر الذي عاش فيه إبراهيم. وهناك آرء كثيرة عن أصل اسم إبراهيم واشتقاقه، ولكننا نفهم من الكتاب أن معنى الاسم هو " أب لجمهور " ( تك 17 : 5 ). حياة إبراهيم كانت أور الكلدانيين، والتي يرجح أن موقعها الآن هو تل المكير، على بعد تسعة أميال من الناصرية على نهر الفرات في جنوبي العراق، هي مسقط رأس ابراهيم بن تارح من نسل سام، وقد ارتحل مع تارح أبيه وعائلته مسافة 600 ميل إلى الشمال الغربي من أور، واستقروا في حاران على البلخ أحد روافدنهر الفرات ( تك 11 : 26-32 ). وفي سن الخامسة والسبعين ارتحل إبراهيم وزوجته ساراي وابن أخيه لوط وكل ممتلكاتهـما، تلبية لدعوة الله، إلى أرض كنعان على بعد 400 ميل إلى الجنوب من حــــاران. وتوقفوا في طريقهم، في شكيم وبيت إيل، وأخيراً استقر إبراهيم في النقب أي في الجنوب، ولكن حدث جوع فانحدر جنوباً إلى مصر، وعندما استرعى جمال سارة فرعون، أرسل الله عليه الضربات مما جعله يطلق ابراهيم وساراي. فعاد إبراهيم ولوط بعد ذلك إلى النقب أي الجنوب ( تك 12 : 1 -20 ). ومن ثم انتقلا إلى بيت إيل، وكانت ثروتهما قد ازدادت مما رأيا معه أنه من الأفضـــل أن يفترقا، وترك إبراهيم - في شهامة - الخيار للوط، فاختار لوط الإقامة في وادي الأردن في مدينة سدوم المملوءة بالشر. وعندما استقر إبراهيم في دائرة حبرون، أعطاه الله الوعد بأرض كنعان له ولنسله الذي سوف لا يعد من الكثرة ( تك 13 : 1-18 ). وعندما سبى غزاة الشمال لوطاً وملوك وادي الأردن معه، لحق بهم إبراهيم وحلفاؤة في دان وطاردوهم إلى شمالي دمشق واسترجعواكل الأسرى. وعند عودة إبراهيم، أبى أن يأخذ الغنائم، ولكنه أعطى العشور لملكي صادق الذي كان كاهناً لله العلي وملكاً لشاليم ( تك 14 : 1 - 24 ). ومع أن أليعازر الدمشقي كان الوارث المنتظر، إلا أن إبراهيم تلقى بالإيمان وعد الله بأن يكون له ابن، سيكون نسله كنجوم السماء في الكثرة، وأنهم سيمتلكون أرض كنعان. وبعد تقديم ابراهيم لذبيحة أمره بـــها الله، أنبأه الله بأن نسله سيتغربون في مصر ويستعبدون للمصريين وبعد ذلك ينقذهم الله. وكان عهد الله مع إبراهيم يؤكدله بأنه سيعطى كل أرض الموعد لذريته ( 15 : 1-21 ). وبعد عشر سنوات من إقامته في كنعان دون أن تبدو بادرة على أن يكون له ابن، أشارت عليه سارة - بعد أن نفذ صبرها - بأن يدخل على جاريتها المصرية هاجر، وإذ حبلت هاجر بإسماعيل، صغرت مولاتها في عينيها، وسخرت من عقم ساراي، مما أدى إلى نفيها إلى البرية، حيث ظهر لها ملاك الرب لنجدتها. وبعد عودتها ولدت إسماعيل عندما كان إبراهيم ابن ست وثمانين سنة. ومن الأمور الهامة أن الله ظهر لإبراهيم بعد ذلك بثلاث عشرة سنة، وأيد له الوعد قائلاً له إن أمماً وملوكاً منه يخرجون ويرثون هذه المواعيد الأبدية، وغير اسم أبرام إلى إبراهيم، الذي يعني أنه سيكون أباً لجمهور من الأمم، وأعطاه الختان كعلامة العهد الأبدي، والوعد بمولد إسحق، وتغير اسم ساراي إلى سارة، ومن ذلك الوقت أصبح الختان فريضة في بيت إبراهيم ( 17 : 1 - 27 ). وأقام إبراهيم في حبرون حيث ظهر له الرب مرة أخرى وأيد له الوعد بولادة إسحق. وعندما علم إبراهيم بقضاء الله على سدوم وعمورة توسل من أجل لوط فأنقذه الله مع ابنتيه، واستطاع إبراهيم من سهول ممرا أن يرى الدمار الرهيب الذي أصاب سدوم وعمورة. هرب لوط إلى صوغر حيث ولدت ابنتاه موآب وعمون، سفاحا من أبيهما، ومنهما جاء الموآبيون والعمونيون ( 18 : 1 - 19 : 38 ). ومن هناك انتقل إبراهيم إلى قادش وتغرب في جرار حيث حذر الرب أبيمالك ملك جرار من أن ينجس سارة، بل أمره أن أن يطلب من إبراهيم كنبي أن يصلي من أجله، وقد أجزل أبيمالك العطاء لإبراهيم فاتسعت ثروته ( تك 20 : 1 - 18 ). ولد إسحق الوارث الموعود به من سارة عندما كان إبراهيم ابن مئة سنة، وعلى خلاف العادات السائدة، أمر الله إبراهيم أن يطرد هاجر مع ابنها إسماعيل، الذي كان يسخر من إسحق، وقد فعل إبراهيم ذلك على مضض منه، وقد أنقذ الله هاجر وإسماعيل بمعجزة منه، وسكن إسماعيل في برية فاران، وأعطاها الله الوعد بأن إسماعيل سيصير أمة عظيمة. وبعد ذلك عقد إبراهيم معاهدة مع أبيمالك لكي يضمن حقوقه في بئر سبع كمستقر له ( تك 21 : 1-34 ). وكان امتحاناً قاسياً حاسماً لإبراهيم أن يطلب منه الله أن يقدم ابنه الوحيد إسحق ذبيحة. وفي طاعة كاملة شرع إبراهيم في تنفيذ ذلك الأمر على جبل المريا. وفي اللحظة الأخيرة أرشدة الله إلى الكبش الممسك بقرنية في الغابة ليقدمه فدية عن إسحق. وهناك تأيد الوعد مرة أخرى لإبراهيم. وعندما ماتت سارة اشترى إبراهيم مغارة المكفيلة في حبرون لتكون مقبرة لعائلته ( 22 : 1 - 23 : 20 ). وعندما بلغ إسحق الأربعين من عمره، أرسل إبراهيم عبده أليعازر الدمشقي إلى مدينة ناحور فيما بين النهرين فأخذ رفقة بنت بتوئيل زوجة لإسحق. وقد عين إبراهيم إسحق وارثاً لكل ماله ولوعود العهد، أما باقي أولاد إبراهيم فقد أعطاهم عطايا وصرفهم شرقاً قبل موته. وعندما مات إبراهيم في الخامسة والسبعين بعد المائة دفنه ابناه إسحق وإسماعيل في مغارة المكفيلة ( 24 : 1 - 25 : 18 ). البيئة الجغرافية التي عاش فيها ابراهيم تنقل إبراهيم في المنطقة الممتدة من الخليج العربي إلى الهلال الخصيب إلى وادي النيل في مصر، على أن مقره الرئيسي كان في أرض كنعان، وكان من الشائع في عهده أن ينتقل التجار والمبعوثون السياسيون وغيرهم بين مصر وما بين النهرين. وواضح من كتابات الألف الثانية قبل الميلاد، أن آخرين أيضاً قد أرسلوا لاتخاذ زوجات لهم من أماكن بعيدة كما فعل إبراهيم لابنه إسحق. والاكتشافات الأثرية الحديثة تثبت أن الأماكن تثبت أن الأماكن الجغرافية الواردة أسماؤها في تاريخ إبراهيم، كانت مأهولة بالسكان في ذلك العصر. فقد كانت مدينة أور في وادي الفرات الأسفل مركزاً سكانياً كبيراً، وقد حصلنا على فيض من المعلومات من القبور الملكية التي اكتشفتها البعثات الأثرية التي قادها سير ليونارد وولي تحت إشراف المتحف البريطاني ومتحف جامعة بنسلفانيا، ومع أنه لا دليل فيها على إقامة إبراهيم هناك، إلا أن تاريخ أور يمتد إلى ما قبل إبراهيم بكثير، وكانت لديهم معرفة كبيرة بالكتابة والتعليم، والحسابات الرياضية والسجلات الخاصة بالإعمال والديانة والفن. مما يدل على أن أور كانت إحدى المدن الكبرى الغنية في وادي الدجلة والفرات عندما هاجر منها إبراهيم إلى حاران. ويبدو أن بقعة حبرون على بعد نحو تسعة عشر ميلاً جنوبي أورشليم كانت مكاناً ملائماً لسكنى إبراهيم فيها، ويظهر أن تلك المدينة التي كانت تعرف في عهد الآباء باسم " قرية أربع " قد تأسست في زمن مبكر كما يظهر من اكتشافات البعثة الأمريكيـــــــة ( 1964 ) التي اكتشفت أسواراً من اللبن على أساس من الصخر يعود إلى سنة 3000 ق.م. وكثيراً ما يطلق الكتاب المقدس على هذه اسم " ممراً". وتقع بئر سبع على بعد 48 ميلاً في الجنوب الغربي من أورشليم على منتصف المسافة من البحر المتوسط والطرف الجنوبي للبحر الميت - تقريباً - على حدود " النقب " التي معناها " جاف " أو " يابس "، وتوجد آبار كثيرة هناك مما سهل لإبراهيم ولنسله الإقامة في تلك المنطقة مع قطعانهم ومواشيهم. والطريق المسماة في الكتاب طريق شور كانت تمتد من مرتفعات اليهودية مارة ببئر سبع إلى مصر. وتقع جرار ( 21 : 32 و 34 ) في أرض الفلسطينين. ومع أن تل جامنة على بعد ثمانية أميال جنوبي غزة، إلا أن و.ج. أدامز ( 1922 ) وو. م. فلندرز بيتري ( 1927 ) كانا يعتبرانه موقع جرار القديمة، إلا أن الأبحاث الحديثة التي قام بها أهاروني ترجح أنه تل أبي هريرة الذي يقع على بعد 11 ميلاً جنوبي شرقي غزة. وتدل الآثار الفخارية التي وجدت فيه على أنه كان مأهولاً منذ العصر الحجري مع ازدهار شديد في منتصف العصر البرونزي الذي عاش فيه إبراهيم والآباء. ونرى في سفر التكوين من العلاقات بين إبراهيم وإسحق وأبيمالك ملك جرار مدى اهتمامهم المشترك بآبار بئر سبع. ومع أن الفلسطينيين لم تكن لهم السيادة المطلقة على هذه المنطقة قبل القرن الثاني عشر قبل الميلاد، لكن كانت لهم مراكز تجارية في الجنوب الغربي في فلسطين في عصر الآباء. ولسدوم وعمورة مكانة فريدة في تاريخ إبراهيم، وتسمـــى " مدن الدائرة "شرقي بيت إيل وحبرون في فلسطين. وفي سدوم استقر لوط بعد انفصاله عن إبراهيم. ويرجح و.ف. ألبريت أن هذه المدن كانت في المنطقة الضحلة في الطرف الجنوبي للبحر الميت. وواضح أنه كان سهلاً خصباً يذخر بالقرى حوالي 2000 ق.م. ومن المحتمل أن أطلال سدوم وعمورة قد غمرتها مياة البحر الميت. تحديد التاريخ إن الجمع بين المعلومات التاريخية وبين سفر التكوين يدفعنا إلى تحديد تاريخ إبراهيم في القرن التاسع عشر قبل الميلاد تقريباً، والانخفاض الحاد في عدد السكان الذي حدث في تلك الفترة، يرجعه بعض العلماء إلى الحرب المدمرة المذكورة في الأصحاح الرابع عشر من التكوين. وأسماء هؤلاء الملوك هي أسماء نموذجية للعصر البابلي القديـــــــــــم ( 2000 - 1700 ق.م) وإن كان من المحتمل أن أمرافل شخص آخر غير حمورابي. كما أن التحالف بين أربعة ملوك ضد خمسة (تك 14 ) يطابق تماماً التحالفات السياسية والعسكرية التي كانت في ذلك العصر، إذ بعد ذلك كانت التحالفات تتم بين أعداد أكبر من الملوك. كما أن أسماء إبراهيم وسائر الآباء تشابه الأسماء المذكورة في جداول القرون من التاسع عشر إلى السابع عشر قبل الميلاد. كما أن الإقامة الموسمية في النقب ( الجنوب ) التي نراها في قصة سفر التكوين نجدها أيضاً في الاكتشافات الأثرية عن الفترة مـــــــــــــن 2100 - 1800 ق.م. ولم يكن الوضع كذلك في الألف سنة السابقة أو في الثمانمائة سنة اللاحقة لهذه الفترة. يقول بعض العلماء إن إبراهيم عاش بعد ذلك بعدة قرون، ولكن هذا الافتراض الذي يستخلصونه من بعض جداول الأنساب في الكتاب هو افتراض ضعيف. إن تاريخ عصر إبراهيم يرتبط إرتباطاً مباشراً بتاريخ خروج الشعب القديم من مصر الذي ينحصر في الفترة ما بين 1450 - 1250 ق.م تقريباً. فإذا كان إبراهيم قد عاش قبل الخروج بحوالي 600 سنة، فيكون تاريخ وصوله إلى كنعان هو ما بين 2050 - 1850 ق.م. الاكتشافات الأثرية لقد ألقت الاكتشافات الأثرية الكثير من الضوء على تاريخ إبراهيم كما هو مذكور في التكوين ( 12 - 25 ) فالقوانين والعادات التي كانت سائدة في العالم في العصر الذي عاش فيه إبراهيم قد كشفت لنا عن أسلوب الحياة المذكورة في الكتاب. فالقوانين الكثيرة المتعلقة بالوراثة التي كشفت عنها الحفائر الأثرية في " نوزو" على نهر الدجلة تفسر لنا اهتمام إبراهيم بأن يكون له وارث، فبناء على تلك الشرائع كان يمكن للإنسان أن يتبنى خادماً أو عبداً ويجعله وارثاً شرعياً له إذا لم يكن له ابن، وفي هذه الحالة كان يجب على الابن بالتبني أن يعني بسيده، وأن يقوم بدفنه عند موته ويرث كل ممتلكاته وأن يحافظ على اسم العائلة. فإبراهيم كان يتصرف حسب قوانين عصره في اعتباره أليعازر الدمشقي وارثاً له ( 15 : 2-4 ). وإذا ولد ابن بعد ذلك فإن الابن يلغي كل هذه الإجراءات ويصبح هو الوارث الشرعي. كما كان يمكن وجود وارث عن طريق جارية، فعندما ولدت هاجر جارية سارة إسماعيل، كان من الطبيعي أن يعتبره إبراهيم وارثاً شرعياً له ( أصحاح 16 ) وظل إسماعيل - من وجهة النظر البشرية - مدة ثلاث عشرة سنة هو الوارث الشرعي لإبراهيم، مع أن الله قال لإبراهيم أن أليعازر الدمشقي لن يكون الوارث له بل سيكون له ابن، وعندما بلغ إسماعيل الثالثة عشرة من عمره، أعطى الله الوعد لإبراهيم محدداً بأنه سيكون له ابن من ســــــــــــــــارة ( أصحاح 17 ) وفي ذلك الوقت أعطاه الختان علامة عهد لإبراهيم ونسله. ومع أن الختان كان يمارس عند شعوب كثيرة، ولكنه أصبح لإبراهيم وذريته علامة مميزة في علاقة عهد من الله. تبين قوانين حمورابي أن الجارية أو السرية التي تلد ابناً لسيدها، لاتحل في البيت محل الزوجة العاقر، وفي نفس الوقت ليس للزوجة أن تطرد الجارية وابنها. وعندما سخرت هاجر من سيدتها، عاملتها بقسوة، فهربت إلى برية شور في الطريق إلى مصر، فأمرها الملاك بأن ترجع إلى مولاتها وتخضع تحت يديها، فعادت إلى بيت إبراهيم حيث ولـــــــــدت إسماعيل ( أصحاح 16 ). ولم يكن لإبراهيم الحق - حسب المألوف في ذلك العصر - في أن يطرد هاجر وابنها، ولكنه فعل ذلك بعد أن أمره الله بذلك ( 21 : 12 - 21 ) ومع هذا الأمر وعد الله بأن إسماعيل سيكون أمة عظيمة. كما أن مجموعة قوانين الحثيين تلقي الضوء على موضوع شراء إبراهيم للمقبرة من عفـــــــرون ( أصحاح 23 ). ومع أن مجموعة القوانين الحثية التي اكتشفت في بوغازكوي عاصمة الحثيين في آسيا الصغرى ترجع إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد، إلا أنه من الواضح أنها كانت سائدة عند الحثيين منذ القرن التاسع عشر قبل الميلاد. وتبين هذه القوانين الالتزامات الاقطاعية التي كانت تتبع عند بيع قطعة أرض بكاملها، فكانت تختلف عن تلك التي كانت تتبع عند بيع جزء منها. ومع أن إبراهيم كان يريد شراء المغارة فقط، إلا أن عفرون اشترط بيع الحقل كله، وبذلك نقل جميع المسئوليات والالتزامات الاقطاعية إلى إبراهيم. كما أننا نلاحظ نقل ملكية الشجر وهذا يطابق ماكان يجري في مثل هذه الحالات عند الحثيين ( تك 23 : 17 ). إيمان إبراهيم مع أن إبراهيم جاء من أسرة تعبد الأوثان ( يش 24 : 2 و 14 ) إلا أنه استجاب لدعوة الله له بالذهاب إلى أرض كنعان. وقد أعلن الله نفسه لإبراهيم مرات كثــــيرة، ولكن لا يذكر الكتاب كيفية الإعلان في كل مرة. ويذكر استفانوس ظهور الله لإبراهيم وهو في مابين النهرين، وأمره له بأن يخرج من أرضه ومن عشيرته إلى أرض كنعان ( أع 7 : 2 ). في بعض الحالات تذكر كيفية إعلان الله نفسه لإبراهيم : " ظهر الرب لإبراهيم " ليعطيه الوعد بأرض كنعان له ولنسله ( تك 12 : 7 )، كما ظهر الله في النار التي التهمت الذبيحــــــة ( 15 : 17 ). كما " ظهر الرب لإبراهيم " ليؤكد له الوعد كاملاً ثم " صعد الله عن إبراهيــم " ( 17 : 1 و 22 ). وأبلغ ظهور كان عندما استقبل إبراهيم ثلاثة رجال - كان أحدهم هو الرب نفسه - ( تك 18 : 1 ). وفي أثناء هذه الظهورات كان إبراهيم يخاطب الله وجهاً لوجه، ولذلك كثيراً ما نقرأ عن الله أنه إله إبراهيم. كما أن الرسائل كانت تعلن بواســـــطة " ملاك الرب "، وقد ساوت هاجر بينه وبين " الرب " ( 16 : 1 - 14 )، كما فعل إبراهيم نفس الشيئ (تك 22 : 1-19 ). كانت نتيجة طاعة إبراهيم لله أن نشأت علاقة وثيقة بينة وبين الله، وقد بين إبراهيم إيمانه وثقته في الله بطاعته في الهجرة إلى كنعان والإنفصال عن عشيرته. ومن خلال المذبح الذي كان يقيمه في كل مكان يستقر فيه، كان يشهد بعبادته لله في وسط العالم الوثني، وكانت معرفته بالله تزداد بتتابع إعلانات الله له عن خطة الله لنسل إبراهيم مستقبلاً. ومن مميزات إبراهيم، أنه " آمن بالرب " فحسب له براً ( تك 15 : 6 ). ولإيمان إبراهيم وطاعته وشركته، قويت علاقته بالله حتى دعي " خليل الله " ( يع 2 : 23، إش 41 : 8، 2 أخ 20 : 7 ). كانت الصلاة جزءاً هاماً في علاقة إبراهيم بالله، فقد ارتبطت الصلاة بالذبيحـــــة ( 12 : 8، 13 : 4 ). التي كان يقدمها على المذابح التي أقامها في الأماكن المختلفة في كل كنعان. وبالصلاة عبر إبراهيم عن اهتمامه العملي بمواعيد الله له ( 15 : 4 ). وعندما طلب إبراهيم من الله أن يكون إسماعيل هو النسل الموعود به، استجاب الله طلبته بأن أكد وعده له مرة أخرى بأن الابن الموعود به سيولد له من سارة ( 17 : 19 ). ويظهر سمو إبراهيم في صلاته التوسلية عندما أخبره الله بقضائه على مدن سدوم وعمورة، فحاج إبراهيم الله على أساس أن الله ديان كل الأرض لا بد أن يكون عادلاً، ومع أن مدن الدائرة قد دمرت، إلا أن الله أنقذ الأبرياء القلائل الذين كانوا يعيشون فيها. وفعالية الصلاة تظهر بوضوح في علاقة إبراهيم بأبيمالك، فقد أكد الله لإبيمالك أن حياته تتوقف على صلاة إبراهيم من أجلــــــــه ( 20 : 7 ). والإرشاد الإلهي عن طريق الصلاة يتجلى في اختبار عبد إبراهيــــــم ( أصحاح 24 ). ولا شك أن هذ العبد يعكس موقف إبراهيم من انتظار إرشاد الرب في كل خطوة لاختيار زوجة لإسحق، فقد عبر عن اتكاله على الرب بالصلاة، كما صلى شاكراً الرب الذي أنجح طريقه. كان مفهوم إبراهيم عن الله شاملاً وعملياً، فقد كان الله هو " الإله العلي مالك السموات والأرض " ( 14 : 22 ) أو " الرب إله السماء " ( 24 : 7 )، وكانت قدرة الله المطلقة حقيقة عملية أكيدة في حياة إبراهيم، كما بدت في سيادة الله على نواميس الطبيعة في إعطاء إبراهيم ابناً ( 18 : 13 و 14 ). وعندما تعرضت حياته للخطر على يد فرعون مصر، ظهرت قوة الله في إنقاذ إبراهيم. كما أن علم الله المطلق تجلى في تأكيده الوعدلإبراهيم بابن من سارة قبل أن يولد إسحق بسنين عديدة، فعلى مدى خمس وعشرين سنة من إطاعة إبراهيم لله بالهجرة إلى كنعان، ظل وعد الله بمولد إسحق يزداد وضوحاً أمام إبراهيم، كما عرف الله شر سدوم وعمورة ( 18 : 20 )، كما أن دينونة تلك المدن جعلت إبراهيم ييقن فوق إيقان - أن الله البار العادل لايمكن أن يسمح بأن يستمر هذا الشر إلى ما لا نهاية. ومع أن ذنب الأموريين لم يكن قد كمل في زمن إبراهيم ( 15 : 16 ) إلا أن القضاء على تلك المدن كان قد آن أوانه، ولكن حتى بالنسبة لهذه المدن، سبقت الرحمة الدينونة بالنسبة للوط البار الذي عاش بين هؤلاء الناس بعض الوقت. لا شك أن حياته كانت تعكس بر الله وقداسته، ولكن دعوته للآخرين لم تجد استجابة، وهكذا نجا هو وبيته فقط قبل وقوع دينونة الله. ومحبة الله وعنايته وقصده وإرشاده كانت كلها أموراً واضحة في حياة إبراهيم بصورة دائمــة. وفي الوعد السداسي لإبراهيم عندما دعاه الله ( 12 : 2 و3 ) أدرك إبراهيم أن محبة الله ستغمره بالبركة حتى إن نسله سيكون أمة عظيمة كما ستكون سبب بركة لكل أمم الأرض. وإذ عرف إبراهيم خطة الله وقصده من نحوه، ترك إبراهيم - بكل شهامة - للوط أن يختار ما يشاء عندما كان لابد من أن ينفصلا ( 13 : 8 ). وكذلك رفض قبول المكافأة من ملك سدوم وشهد له بأن إلهه هو " مالك السموات والأرض " ( 14 : 22 ). ثم أن إبراهيم أعطى العشور لملكي صادق كاهن الله العلي ( 14 : 18 - 20 ). كان إبراهيــــــــم يخاف الله ( 22 : 12 )، وكان حبه واحترامه وإجلاله لله أموراً واضحة في موقف الإيمان والطاعة والتسليم القلبي الكامل لله إلى حد تقديم ابنه محرقة. وكان مستوى حياة إبراهيم الأدبي والأخلاقي يعكس حقيقة أنه يعبــد " الله القدير " ( 17 : 1 ) وهكذا شهد الله عنه : " لأني عرفته لكي يوصي بنيه وبيته من بعده أن يحفظوا طريق الرب ليعملوا براً وعدلاً، لكي يأتي الرب لإبراهيم بما تكلم به " ( 18 : 19 ). مكانته لقد شغل إبراهيم مكانة رفيعة وفريدة في كل العالم منذ نحو أربعة آلاف سنة. فعند اليهود هو أبو أمة إسرائيل، كما يعتبره العالم الإسلامي ثاني الأنبياء ويذكر في القرآن 188 مـــرة، كما يعتبر عند المسيحيين من أعظم رجال الإيمان في كل العصور. وكثيراً ما يطلق على الإسرائيليين " نسل إبراهيم "، وفي كل عصور العهد القديم تأكدت حقيقة أن إبراهيم كان الأب الذي منه جاء الشعب المختار ( إش 51 : 2، حز 33 : 24 ) وما أعظم أهمية تلك الحقيقة أن الله اختار إبراهيم ( نح 9 : 7 ) وفداه ( إش 29 : 22 ) وباركه بركة خاصــة ( ميخا 7 : 22 ). والإعلان السماوي الذي أعطاه الله لإبراهيم بالغ الأهمية في تاريخ إسرائيل. فقد أعلن الله نفسه لموسى ولشعب إسرائيل في مصر بأنه " إله إبراهيم " ( خر 2 : 24 - 6 : 8 ). وعليه فبعد خروج إسرائيل من مصر طلب موسى الرحمة على أساس عهد الله لإبراهيـم ( 32 : 13 ). وفي كل سفر التثنية يذكر موسى الشعب بأن الله أحب أباءهم وقطع عهداً معهم وطلب منهم أن يطيعوا حتى يتمم الله لهم العهد الذي أعطاه لإبراهيم ( تث 1 : 8، 6 : 10، 9 : 9 و 27 و 28، 29 : 13، 30 : 20 ). كما أن كنعان التي كانوا على وشك أن يمتلكوها، هي الأرض التي وعد الله بها إبراهيم ( 34 : 4 ). كما ناشد داود إله إبراهيم في صلاته من اجل سليمان ( 1 أخ 29 : 18 )، وكذلك فعل يهوشافاط وهو يدرك أن شعبه هو نسل إبراهيم ( 2 أخ 20 : 7 )، كما يخاطب إيليا في تحديه لكهنة البعل، إله إسرائيل بأنه إله إبراهيم ( 1 مل 18 : 36 ). وفي أيام يهو آحاز تحنن الله على الشعب ورحمهم ونجاهم من يد حزائيل ملك آرام لأجل عهده مع إبراهيم ( 2 مل 13 : 23 ). فالمرنمون في المزامـــــــير ( 47 : 9، 105 : 6 و 9و 42 ) وأشعياء ( 29 : 22، 41 : 8، 51 : 2، 63 : 16 )، وإرميا ( 33 : 26 )، وحزقيال ( 33 : 24 )، ميخا ( 7 : 20 ) جميعهم يذكرون مكانة إبراهيم كأبيهم الذي قطع الله معه عهداً وصنع معه الرحمة بصورة خاصة. كما يذكر إبراهيم في أسفار الأبوكريفا وفي الكتابات المتأخرة كنبي عظيم، أعطاه الله إعلانات عظيمة وثبت معه العهد ( انظر يشوع ابن سيراخ 44 : 20 - 23 وكذلك يوسيــفوس 1 : 7 و 8 ). كما تذكر بعض القصص الأسطورية عن إبراهيم في سفر يهوديت، وكذلك في يوسيفوس. ويقول التلمود إن إبراهيم كان فلكياً أو منجماً من الطبقة الأولى، وقد علم الحكمة لملوك الشرق والغرب. وفي المسيحية أيضاً يحظى إبراهيم بمكانة عالية كبطل من أبطال الإيمان، كما أن يسوع جاء من نسل إبراهيم ( مت 1 : 1 )، كما أنه في تعاليمه وأحاديثه أقر بمكانة اليهود كنسل إبراهيم، ولكنه أكد أيضاً أنه أعظم من إبراهيم ( متى 1 : 1 و 2 و 17، 3 : 9، 8 : 11، 22 : 32، مرقس 12 : 26، لــــو 1 : 55 و 73، 3 : 8 و 23 - 34، 13 : 16 و 28، 16 : 22 - 30، 19 : 9، 20 : 37، يو 8 : 33 - 58 ). كما أن الرسل كثيراً ماذكروا إبراهيم في أقوالهم لليهــــود ( أع 3 : 13 و 25، 7 : 2 - 32، 13 : 26 ) كما ذكر بولس إبراهيم كمثال بارز للتبرير بالإيمان ( رو 4 : 1 - 16 ) وفي رسالته إلى غلاطية يؤكد بولس أن الذين للمسيح هم نسل إبراهيم الذي قبل بالإيمان كل إعلانات ومواعيد الله. كما أن كاتب الرسالة إلى العبرانيين يشير إلى إبراهيم كمن خرج من صلبه الكهنوت اللاوي ( عب 7 : 5 )، ويخص إبراهيم باعتباره رجل الإيمان العظيم في علاقته بالله والمواعيد التي أعطيت له. ومن زمن العهد الجديد ما زال إبراهيم مثالاً للإيمان والطاعة في علاقته بالله. حضن إبراهيم هو عبارة مجازية استخدمها الرب يسوع في مثل لعـــــازر والغني ( لو 16 : 22 و 23 ) في وصف حالة الأمن والسعادة التي أكرم بها لعازر عند موته. وهذه الصورة المجازية مأخوذة عن العادة في الشرق القديم من الاتكاء في الولائم على وسائد، الواحد إلى جانب الآخر، وكانت الصورة التي يجلس عليها المتكئون، هي أن تصل رأس الواحد إلى صدر الجالس بجانبه، وعند الحديث كان الواحد يسند رأسه على صدر الآخر، وكان من دواعي الشرف أن يجلس أحدهم إلى جانب ضيف مرموق، والأكثر أن يجلس بجوار المضيــــــــــــــف ( صاحب الوليمة )، فجلوس شخص بجوار ضيف عظيم أو بجوار المضيف وإسناد رأسه إلى صدره، كان معناه الحظوة والصلة الوثيقة بهذا الشخص ( انظر يو 13 : 25، 21 : 20 ). فلعازر - الذي كان في حياته على الأرض مريضاً يستجدى ما يسد به رمقه، بجانب هذا الرجل الغني الذي كان يعيش عيشة مترفة - نراه ينعم في عالم السعادة في مكان الكرامة العظمى إذ يتكيء في " حضن إبراهيم ". وفي هذه القصة يذكر حضن إبراهيم بالمقابلة مع الهاوية، فما أروعه موطناً لهذا المسكين البـــار، بينما الهاوية هي مكان العذاب للغني الشرير. وكلمة " هاوية " ( " هادز " باليونانية )، في المفهوم اليوناني واليهودي، هي المكان الذي يذهب إليه جميع الأموات، ولكنه ينقسم إلى قسمين أحدهما مكان للسعادة والآخر مكان للعذاب. ولكن هذا غير الموجود هنا، فرغم أن المكانين يبدوان قريبيين، حتى يمكن الرؤية وسمع الكلام، إلا أننا نجد أن الهاوية هي مكان العذاب، علاوة على أن هناك هوة عظيمة قد أثبتت بين الهاوية ( هادز ) وحضن إبراهيم، وأنه لا يمكن عبور هذه الهوة في أي من الاتجاهين، مما يدل على أن كلا منهما قد استقر في مكانه الدائم وليس كمحطة في الطريق في انتظار الدينونة. رؤيا إبراهيم وهو كتاب خارج دائرة الأسفار القانونية، موجود في نسخة سلافية قديمة نقلت عن ترجمة يونانية لمؤلف عبري أو أرامي حيث يظهر ذلك في الأسماء السامية للأصنام. والكتاب نفسه موضوع، يخصص ثلثه الأول ( ثمانية أصحاحات ) للأساطير عن شباب إبراهيم. ولعل هذا الجزء كتب قبل سنة 50 م. أما الرؤيا فتشغل باقي الكتاب، ويبدو من محتوياتها أنها ترجع إلى 100 م. وهذه الرؤيا من قبيل التعليقات اليهودية على الأصحاح الخامس عشر من سفر التكوين، فقد رافق أحد الملائكة واسمه يهوئيل إبراهيم إلى السماء السابعة حيث شاهد الأحداث الماضية كسقوط آدم و حواء ( بسبب خطية الجنــس، وبناء على إغواء عزازيل )، كما شاهد مأساة قايين وهابيل، ورأى أحداثاً مستقبلية مثل خراب الهيكل ومجيئ المسيا. وقد صاحب ذلك وقوع عشر ضربات على الأمم. كما رأى اجتماع شعب إسرائيل في أرض الموعــد، ودينونة الأشرار. والكتاب مزيج من التوحيد والثنائية. وقد باحث إبراهيم الله في مشكلة الشر، ولما سأل إبراهيم الله لماذا يصبر على عزازيل، قال له الله إن الشر يأتي من إرادة الإنسان الحرة. وقد استنتج البعض من التضارب في هذا المفهوم اللاهوتي أن المؤلف قد جمع بين جملة مصادر. ويسمى الشيطان في رؤيا إبراهيم عزازيل، وأنه هو الحية في تك 3. ويظن البعض أن أجزاء من هذه الرؤيا كانت تستخدم عند الغنوسيين وكذلك عند بعض الهراطقة من اليهود في بداية العصر المسيحي. عهد إبراهيم هو مؤلف يهودي ابوكريفي يبين اختبارات إبراهيم عند موته فيقول لنا إن الملاك ميخائيل قد أخبر إبراهيم الشيخ العجوز بأنه يجب أن يموت، ولكن إبراهيم يمتنع عن تسليم روحه، فيأخذه الملاك في مركبة في طبقات الجلد، وعندما يشاهد شر الناس على الأرض، يستمطر الدينونة عليهم. وعندئذ يظهر لإبراهيم - في رؤيا - الطريق الرحب الذي يؤدي إلى الهلاك، والطريق الضيق الذي يؤدي إلى الفردوس، ثم يرى وزن النفوس في الدينونة، وقد نجت نفس بشفاعة إبراهيم وأخيراً - و إبراهيم مازال ممتنعاً عن تسليم نفسه - يأخـــــذه " ملاك الموت " ويأتي به إلى الفردوس. ومازال هذا السفر موجوداً في المخطوطات اليونانية، منها سبع مطولة وثلاث مختصرة. ولعل أقدمها يرجع إلى القرن الثالث عشر، وقد عرف أوريجانوس شيئاً عنه، مما يحتمل معه أن يكون بعضه قد كتب في القرن الأول الميلادي. وتوجد فيه بعض الإضافات ذات الصبغة المسيحية، ولكنه أساساً مؤلف يهودي. ولعل الرأي القائل بأنه كان أصلاً سفراً يهودياً ثم قام أحد المسيحيين بترجمته إلى اليونانيــــة، أقرب إلى الحقيقة، ولو أن البعض يظنونه إسكندري الأصل. وبجانب المخطوطات اليونانية توجد منه مخطوطات بالسلافية ولغة رومانيا، والعربية والحبشية والقبطية، وهناك وجوه للشبه بيه وبين " عهد أيوب " و "رؤيا إبراهيم " ويستقي أفكاره من ينابيع يهودية. ويظهر الملاك ميخائيل كثيراً في الكتاب، ويشغل مكانة سامية تنسب إليه عادة في كتابات اليهود في ذلك العصر. " وملاك الموت " في ذلك المؤلف يحمل سمات غريبة لعلها مصرية أو بابلية أو فارسية. وبناء على ذلك المؤلف توجد ثلاث دينونات، أولها بواسطة هابيل، والثانية بواسطة أسباط إسرائيل الإثنى عشر، والإخيرة بواسطة الله في اليوم الأخير. ولا يظهر المسيا في أي من هذه الدينونات، فالكتاب كله يدور عموماً داخل دائرة الفكر اليهودي. |
||||
26 - 01 - 2015, 05:53 PM | رقم المشاركة : ( 7236 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
دبورة
اسم عبري معناه "نحلة او دبور" . كانت دبورة نبية وقاضية لإسرائيل، وكانت زوجة لفيدوت، وكانت تجلس تحت "نخلة دبورة بين الرامة وبيت إيل في جبل إفرايم. وكان بنو إسرائيل يصعدون إليها للقضاء" (قض 4: 5). وكما حدث مع سائر القضاة، كانت دبورة تقود أمتها في وقت الأزمات، وكان العدو في تلك المرة هو "يايين" ملك حاصور، وقائد جيشه "سيسرا". فدعت دبورة باراق بن أبينوعم من قادش نفتالي، وسلمته الرسالة الإلهية لمقابلة سيسرا عند نهر قيشون. فألح باراق على دبورة لكي تذههب معه، فلبت الدعوة، ولكنها قالت له إن "الرب يبيع سييسرا بيد امرأة" توبيخاً لرجال إسرائيل على تقاعسهم. "وصعد (باراق) ومعه عشرة آلاف رجل (من زبولون ونفتالي) وصعدت دبورة معه. ونشبت المعركة بين باراق وسيسرا عند نهر قيشون، فانهزم سيسرا وسقط كل جيش سيسرا بحد السيف. لم يبق ولا واحد" (قض 4: 16). "وتبع باراق المركبات والجيش إلى حروشة الأمم ... وأما سيسرا فهرب على رجليه إلى خيمة ياعيل امرأة حابر القيني" (قض 16و17) بالقرب من قادش. فخرجت المرأة الشجاعة "ياعيل" لاستقبال سيسرا، "فمال إليها إلى الخيمة وغطته باللحاف"، ولما طلب منها ماء ليشرب، أعطته لبناً عوضاً عن الماء، ولما استغرق في النوم " أخذت ياعيل امرأة حابر وتد الخيمة وجعلت الميتدة في يدها وضربت الوتد في صدغه ... وهو متثقل في النوم ومتعب فمات". وقد أشادت دبورة بهذه القصة في نشيدها الذي ترنمت به. وتعتبر هذه الترنيمة من أقدم الكتابات الأدبية بهذه القصة في نشيدها الذي ترنمت به. وتعتبر هذه الترنيمة من أقدم الكتابات الأديبة العبرية فهي ترجع إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد. وتذكر الترنيمة خروج الرب من سيناء: "يارب بخروجك من سعير بصعودك من صحراء أدوم" (قض 5: 4) ليقاتل سيسرا، لذلك تقول: "من السموات حاربوا. الكواكب من حبكها (أفلاكها) حاربت سيسرا" (قض 5: 20)، فقد كانت الأمة في ورطة قاسية، يهجم عليها ملك جبار، ولم تشأ الأسباط أن تتخلى عن ميولها الانفصالية، فظل بعضها مثل رأوبين وجلعاه ودان واشير بعيدين، كما اختصت جماعة تسميها "ميروز" باللوم لعدم مساندتها للرب: "العنوا ميروز قال ملاك الرب، العنوا ساكنيها لعناً لأنهم لم يأتوا لمعونة الرب، معونة الرب بين الجبابرة" (قض 5: 23). وكان إفرايم ويساكر وبنيامين وماكير وزبولون ممن انضموا إلى باراق: "زبولون شعب أهان نفسه إلى الموت مع نفتالي على روابي الحقل" (قض 5: 18). وتذكر الترنيمة أن المعركة نشبت "في تعنك على مياه مجدو" وأن نهر قيشون جرف جيوش سيسرا (قض 5: 19و21). وتحظى ياعيل امرأة حابر القيني بالمديح الواجب لعملها البطولي (قض 5: 24). وترسم الترنيمة صورة حية لانتظار أم سيسرا عودة ابنها القائد منتصراً (قض 5: 28-30). وتختم الترنيمة بعبارة رائعة: "هكذا يبيد جميع أعدائك يارب. وأحباؤه كخروج الشمس في جبروتها" (قض 5: 31). فهي ترنيمة شكر على أعمال الرب والنصر العظيم الذي صنعه الرب بيد قادة إسرائيل الذين ضحوا بأنفسهم طواعية في سبيل الأمة. وهكذا تحولت الهزيمة واليأس إلى نصر ويقظة روحية. وكانت وراء هذا العمل العظيم امرأة في إسرائيل هي دبورة النبية. |
||||
26 - 01 - 2015, 05:56 PM | رقم المشاركة : ( 7237 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ملكي صادق
ملكي صادق شخصية كتابية غامضة، واسمه معناه : "ملك البر" وأيضاً "ملك السلام" (عب 7: 2). ويذكر ملكي صادق عدة مرات في الكتاب المقدس (تك 14: 18- 20، مز 110: 4، عب 5: 10، 6: 20، 7: 1- 17). أولاً :- في سفر التكوين (14: 18 –20): زحف كدرلعومر ملك عيلام ومعه ثلاثة ملوك آخرون من ملوك بلاد بين النهرين، على البلاد المحيطة بالبحر الميت لإعادة إخضاعهم له. وحدثت الموقعة في عمق السديم، وانهزم حلف سدوم وعمورة، فأخذ كدرلعومر ومن معه جميع أملاك سدوم وعمورة، وأخذوا لوطاً ابن أخي أبرام، وأملاكه ومضوا، فلما سمع أبرام، جر غلمانه المتمرنين، ولدان بيته، ثلاث مئة وثمانية عشر، وتبعهم إلى دان، وهزمهم "واسترجع كل الأملاك واسترجع لوطاً أخاه أيضاً وأملاكه والنساء أيضاً والشعب" (تك 14: 14-16). وعند عودته قابله ملكي صادق، ملك شاليم (أورشليم – انظر مز 76: 2)، وقدم لإبراهيم خبزاً وخمراً – وكان ملكي صادق كاهناً لله العلي – وقال له : "مبارك أبرام من الله العلي، مالك السموات والأرض، ومبارك الله العلي الذي أسلم أعداءك في يدك. فأعطاه (إبراهيم) عشراً من كل شئ". ولا علاقة "لله العلي" الذي كان ملكي صادق كاهناً له، بالإله الوثني "عليون" الذي كان يعبده الكنعانيون، بل هو الله العلي الذي خلق السموات والأرض. وقد كان هذا أمراً بعيداً عن الفكر الوثني (تك 14: 19 و22، مز 7: 17، 47: 2، 57: 2، 78: 56). ويقول ملكي صادق لإبراهيم : مبارك الله العلي الذي أسلم أعداءك في يدك" (تك 14: 20)، ويبدي إبراهيم موافقته على ذلك، بقبول عطاياه، "وأعطاه عشراً من كل شئ"، بينما أبى إبراهيم أن يأخذ شيئاً من ملك سدوم الذي لم يكن يعرف "الله العلي" (تك 14: 21- 24). ويرى البعض أن معرفة ملكي صادق بالله العلي الحقيقي، وصلت إليه في الأجيال القديمة منذ زمن الطوفان، أو أنه – مثل إبراهيم – تخلى عن الوثنية وتحول إلي التوحيد بإعلان مباشر من الله. فمن الواضح في (عب 7: 3) أنه لم يكن وارثاً لهذا الكهنوت عن أحد أسلافه. ثانياً :- في سفر المزامير (110: 4): في المزمور المئة والعاشر، يتكلم داود بروح النبوة عن شخص أعظم منه، يقول عنه "ربي"، ارجع أيضاً إلى مت 22: 43و 44، مرقس 12: 36، لو 20: 42)، وقد اقتبس الرب يسوع هذا الكلام، مطبقاً إياه على نفسه، وذلك لأنه "ابن الله" كما أنه "ابن داود" – حسب الجسد- والكلام في العدد الرابع من المزمور موجه للمسيا: "أنت كاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق"، وتجد إيضاحاً لهذا القول في الرسالة إلى العبرانيين كما سيأتي. ثالثاً :- في الرسالة إلى العبرانيين : (5: 6- 11، 6: 20- 7: 28). إن كهنوت الرب يسوع أسمى من كهنوت هارون، لذلك يقول الوحي عنه : "أنت كاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق " (عب 5: 6) وذلك أولاً : لأن المسيح وملكي صادق هما ملكا البر وملكا السلام (عب 7: 1و2)، وثانياً : أن لكليهما كهنوتاً لا علاقة له بالتوارث العائلي (عب 7: 3)، وثالثاً : إن كهنوتهما دائم إلى الأبد (عب 7: 3). ثم يبين الرسول أن كهنوت ملكي صادق أسمى من الكهنوت اللاوي، فقد كان ملكي صادق أعظم من إبراهيم جد لاوي، لأن ملكي صادق أعطى إبراهيم هدايا، وبارك إبراهيم وأخذ منه العشور (عب 7: 4- 10). ثم يذكر أن كهنوت ملكي صادق أعظم من الكهنوت اللاوي، الذي لم يكن به كمال (عب 7: 11-19). ثم إن كهنوت المسيح، على رتبة ملكي صادق، كان بقسم، وهو ما لم يحدث في الكهنوت اللاوي، (عب 7: 20-22)، وكهنوت المسيح يبقى إلى الأبد (عب 7: 3و 23- 25). والذين يقولون إن ملكي صادق لم يكن سوى أحد ظهورات المسيح قبل التجسد، يبنون ذلك على ما جاء في الرسالة إلى العبرانيين (7: 39 من أنه "بلا أب، بلا أم، بلا نسب، لا بداية أيام له ولا نهاية حياة، بل هو مشبّه بابن الله، هذا يبقى كاهناً إلى الأبد". ولكن يجب فهم هذه العبارة بمعنى أن كهنوته يتميز عن كل كهنوت آخر، وليس أن نسله الكهنوني سيستمر إلى الأبد. لقد كان "ملكي صادق" ملكاً وكاهناً مقاماً من الله، ليكون رمزاً للرب يسوع المسيح. وعبارة " بل هو مشبه بابن الله" دليل واضح على أنه لم يكن هو "ابن الله" (عب 7: 3). وليس ثمة سند كتابي للزعم بأن ملكي صادق كان هو "سام بن نوح" (كما يذكر الترجوم اليهودي، وكما يظن جيروم ولوثر وغيرهم). |
||||
26 - 01 - 2015, 06:02 PM | رقم المشاركة : ( 7238 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
كالب
من كان ابن خمس وثمانين سنه وشعر كانه ابن خمس واربعون؟ اسم عبري بمعني "كلب" وهو اسم : كالب بن يفنة من سبط يهوذا. كان واحداً من الجواسيس الاثني عشر الذين أرسلهم موسى رجل الله من قادش برنيع، في برية فاران، ليستكشفوا أرض كنعان (عد 13 :6)، وبينما أشاع عشرة من الجواسيس "مذمة الأرض" (عد 13 :22)، مما أصاب الشعب بالإحباط عندما سمعوا أن "الشعب الساكن في الأرض معتز والمدن حصينة عظيمة جداً. أيضاً قد رأينا بني عناق هناك" (عد 13 :28). فإن كالب ويشوع شجعا الشعب قائلين: إننا نصعد ونمتلكها لأننا قادرون عليها، "والرب معنا" (عد 13 :30و14 :6-9). ومع أن بني إسرائيل لم يقدروا أن يدخلوا إلى أرض كنعان في ذلك الوقت لعدم الإيمان، وقال الرب: "إن جميع الرجال الذين رأوا مجدي وآياتي... ولم يسمعوا لقولي، لن يروا الأرض التي حلفت لآبائهم، وجميع الذين أهانوني لن يروها، أما عبدي كالب، فمن أجل أنه كانت معه روح أخرى، وقد اتبعني تماماً، أدخله الأرض التي ذهب إليها وزرعه يرثها" (عد 14 :22-24و30). ويقف كالب بطلاً من أبطال الإيمان لأنه اتبع الرب تماماً هو ويشوع بن نون (عد 32 :12، تث 1 :36). وفي نهاية الأربعين السنة من التجوال في البرية تأديباً لهم من الله، دخل كالب ويشوع إلى أرض الموعد، وأصبح على كل سبط أن يمتلك الأرض التي منُحت له بالقرعة ومع أن كالب كان قد أصبح متقدماً في الأيام ، ابن خمس وثمانين سنة، إلا أنه كان مازال رجل الإيمان، متشدداً بالرب، وطلب من يشوع أن يعطيه الجبل وقرية أربع الرجل الأعظم في بني عناق العمالقة الذين أخافوا الجواسيس من قبل (يش 41 :6-15) وكأنه كان يريد أن يثبت للشعب أنه كان في إمكان آبائهم أن يدخلوا إلى الأرض ويمتلكوها منذ أربعين سنة لو أنهم آمنوا واتكلوا على الرب، وطرد كالب من هناك بني عناق الثلاثة (يش 15 :14). وأراد كالب أن يحرض الشباب حوله، فقال لهم: "من يضرب قرية سفر ويأخذها، أعطيه عكسة ابنتي امرأة (يش 15 :16، قض 1 :12)، فأخذها عثنيئيل بن قناز - ابن أخي كالب - فأعطاه عكسة ابنته امرأة (يش 15 :17 -19، قض 1 :13-15) وأصبح عثنئيل أول قاض لإسرائيل لمدة أربعين سنة (قض 3 :9 -11). وليس ثمة تناقض بين قيام كالب بالقضاء على بني عناق في الجبل وحبرون، وبين القول: "وجاء يشوع في ذلك الوقت، وقرض العناقيين من الجبل، من حبرون، فأخذ يشوع كل الأرض حسب كل ما كلم به الرب موسى" (يش 11: 21 -23) إذ إن من الواضح في سفر يشوع أن المقاومة المنظمة أمام بني إسرائيل، قد قضى عليها في المعركتين الحاسمتين في جبعون وحاصور (يش 10،11) وأصبح الأمر بعد ذلك أن يقوم كل سبط بالقضاء على جيوب المقاومة الواقعة في نصيبه، والاستيلاء على المدن مدينة بعد مدينة. وكما يحدث في الحروب الحديثة، فإن الفضل في الانتصار ينسب عادة إلى القائد العام، وقد فشلت غالبية الأسباط - إلى حد بعيد - في امتلاك كل الأرض التي وقعت في نصيب كل سبط لعدم الإيمان، وعدم اتباعهم الرب تماماً (قض 1 :27-36). ولكننا نجد كالب يقف هنا - كما وقف في قادش برنبع - بطلاً من أبطال الإيمان لأنه اتبع الرب تماماً. وهناك مشكلة في تحديد النسب الصحيح لكالب، ففي سفر أخبار الأيام الأول (2 :18) يذكر كالب على أنه ابن حصرون ومن ناحية أخرى يذكر على أنه "كالب بن يفنة القنزي" (عد 32 :12) والقنزيون هم نسل قناز الذي يبدو أنه كان أحد أمراء قبائل أدوم التي كانت تتجول في صحراء سيناء (تك 36 :15) وقد تزوج موسى من إحدى بناتهم (قض 1 :16، 4 :11) وقد جذبت هجرة بني إسرائيل إلى الشمال بعض أولئك الناس فارتبطوا بهم واندمجوا معهم وعبدوا الرب (يهوه) مثلهم، وقد ارتبطت عشيرة كالب بسبط يهوذا، وسرعان ما أخذ كالب مكانة بارزة في السبط، فمع أن رئيس السبط كان "نحشون بن عميناداب" (عد 2 :3). إلا أن كالب هو الذي اختبر ليمثل السبط في الجواسيس الاثني عشر (13 :6)، كما وقع عليه أيضاً الاختيار ليمثل السبط في تقسيم الأرض (عد 34 :19) كما نقرأ أن يشوع "أعطى كالب بن يفنة قسماً في وسط سبط يهوذا" (يش 15 :13) مما يدل على أنه لم يكن أصلاً من هذا السبط. وبعد ذلك بعدة قرون في أيام شاول وداود، يبدو أن نسل كالب كانوا يقيمون في كورة منعزلة من أرض يهوذا، فقد كان "نابال" "كالبياً" أي من نسل كالب (1 صم 25 :3،30 :4). |
||||
27 - 01 - 2015, 03:06 PM | رقم المشاركة : ( 7239 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
«مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ لأَنَّ الأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ.» (أفسس 16:5) عندما نرى العديد من الناس في عالمنا المعاصر يشعرون بالحساسية للعمل، ينبغي على المؤمنين أن يستغلوا جيداً كل لحظة تمرّ، لأن إضاعة الوقت خطية. أصوات عديدة من مختلف العصور تشهد عن أهمية العمل الدؤوب. قال مخلصنا نفسه: «ينبغي أن أعمل أعمال الذي أرسلني ما دام نهار. يأتي ليل حين لا يستطيع أحد أن يعمل.» (يوحنا 4:9) كتب توماس كيمبز يقول، «لا تكن كسولاً أو بلا شغل. أشغل نفسك بالمطالعة أو الكتابة أو الصلاة أو التأمل، كُنْ منشغلاً بعمل مفيد للصالح العام.» عندما سُئل ج. كامبل مورجان عن سر نجاحه في تفسير الكلمة قال: «إعمل بجهد، إعمل وأيضا إعمل.» ينبغي ألا ننسى أن الرب يسوع أتى إلى العالم، وعمل نجاراً. لقد قضى معظم حياته في مشغل في الناصرة. كان بولس صانع خيام. واعتبر ذلك جزءاً من إرساليته. من الخطإ الإعتقاد أن العمل كان نتيجة دخول الخطية. قبل دخول الخطية وُضع آدم في الجنة ليعمل بها ويحفظها (تكوين 15:2). اشتملت اللعنة على العمل والعرق المرافق للعمل (تكوين 19:3). سيكون عمل حتى في السماء لأنه، «عبيده يخدمونه» (رؤيا 22:3). العمل بركة. يجد المرء من خلال العمل اكتفاء وتسديد حاجته للإبداع. العقل والجسم يعملان بشكل أفضل من خلال العمل الدؤوب. عندما ننشغل بعمل ما نتمتع بالحماية من الخطية، لأن «الشيطان يجد بعض الأيدي الكسلى لتعمل السوء». قال توماس واتسون: «الكسل يدفع إبليس ليجرب.» العمل الشريف والدؤوب والأمين ضروري لحياة المؤمن وشهادته. ونتائج أعمالنا تعيش اطول مما نعيشه نحن. وكما قال أحدهم: «كل واحد مديون لنفسه ليزوّدها بعمل مفيد بينما جسده ملقى في القبر». وقال وليم جيمس: «أفضل استخدام للحياة قضاؤها في عمل شيء يدوم أطول من الحياة نفسها.» |
||||
27 - 01 - 2015, 03:43 PM | رقم المشاركة : ( 7240 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يشوع بن نون
وهو الذي خلف موسى كليم الله ، في قيادة بني إسرائيل في عبور نهر الأردن ، ثم في غزو أرض كنعان . وكان اسمه " هوشع ابن نون " من سبط أفرايم ، فدعاه موسى " يشوع " ( عد 13 : 8 و 16 ) . ومعنى " يشوع " " يهوه ( الرب ) خلاص " . وهو نفس الاسم " إيســـوس " ( أى يسوع ) في اليونانية . ويسمى أيضاً " يهوشـــوع " ( 1 أخ 7 : 27 ) . وحيث أنه ترك مصر وهو في نحو الأربعين من عمره ، وكان مؤهلاً لقيادة بني إسرائيل في حربهم ضد عماليق في رفيديم ( خر 17 : 8 - 16 ) ، فمن المحتمل أنه سبق أن تدرب على القتال في جيش فرعون . وعندما كانوا عند جبل سيناء ، كان يشوع يقوم بخدمة موسى رجل الله، وقد رافقه عند صعوده إلى الجبل (خر 24 : 13 ، 32 : 17) . كما كان يشوع يلازم خيمة الشهادة عندما كان موسي يرجع منها إلى المحلة ( خر 33 : 11 ) . وعلاوة على أي اتصال من يشوع بأرض كنعان ، سواء عند مجذئ الكنعانيين إلى مصر للتجارة ، أو احتمال ذهابه إليها مع جيوش فرعون ، فإنه استكشف الأرض كواحد من الجواسيس الاثني عشر الذين أرسلهم موسى من برية فاران لاستكشاف أرض كنعان ( عد 13 : 8 ) ، فقد استكشفوا الأرض من برية صين في الجنوب إلى رحوب في مدخل حماة في الشمال ( على بعد نحو 41 ميلا إلى الشمال الشرقي من بعلبك بين جبال لبنان . وقد عارض يشوع وكالب أقوال الجواسيس العشرة الذين أشاعوا مذمة الأرض وقالوا إن " الشعب الساكن في الأرض معتز والمدن حصينة عظيمة جداً . وأيضاً قد رأينا بني عناق هناك . العمالقة ساكنون في أرض الجنوب ، والحثيون واليبوسيون والأموريون ساكنون في الجبل والكنعانيون ساكنون عند البحر وعلى جانب الأردن " ( عد 13 : 28 و 29 ) ، مما دعا كل الجماعة للتذمر ومحاولة العودة إلى مصر ( عد 14 : 1 - 4 ) . ولكن يشوع وكالب قالا : " نصعد ونمتلكها لأننا قادرون عليها ... الأرض التى مررنا فيها ... جيدة جداً جداً . إن سُرَّ بنا الرب يدخلنا إلى هذه الأرض ويعطينا إياها ارضا تفيض لبناً وعسلاً ، إنما لا تتمردوا على الرب ولا تخافوا من شعب الأرض لأنهم خبزنا . وقد زال عنهم ظلهم ، والرب معنا ، لا تخافوهم " ( عد 14 : 7 - 9 ) . وكانت النتيجة أن الرب قال : " إن جميع الرجال الذين رأوا مجدي وآياتي التي عملتها في مصر وفي البرية ، وجربوني الآن عشر مرات ولم يسمعوا لقولي ، لن يروا الأرض التي حلفت لآبائهم . وجميع الذين أهانوني لا يرونها ... في هذا القفر تسقط جثثكم جميع المعدودين ... من ابن عشرين سنة فصاعداً الذين تذمروا عليَّ ... ماعدا كالب بن يفنة ويشوع بن نون ... فمات الرجال الذين أشاعوا المذمة الرديئة على الأرض بالوبأ أمام الرب . وزما يشوع بن نون وكالب ابن يفنة ، من أولئك الرجال الذين ذهبوا ليتجسسوا الأرض ، فعاشا " ( عد 14 : 22 - 13 ) ، فلم يكن في الذين دخلوا أرض كنعان إنسان من الذين عدهم موسى وهرون الكاهن ... في برية سيناء ، لأن الرب قال لهم إنهم يموتون في البرية ، فلم يبق منهم إنسان إلا كالب بن يفنة ويشوع بن نون ( عد 26 : 64 و 65 ، تث 1 : 34 - 40 ) . وقد أمر الرب موسى قائلا : " خذ يشوع بن نون رجلا فيه روح ، وضع يدك عليه ، وأوقفه قدام ألعازار الكاهن وقدام كل الجماعة ، وأوصه أمام أعينهم . واجعل من هيبتك عليه لكي يسمع له كل جماعة بني إسرائيل . فيقف أمام العازار الكاهن فيسأل له بقضاء الأوريم أمام الرب . حسب قوله يخرجون ، وحسب قوله يدخلون ... ففعل موسى كما أمره الرب ( عد 27 : 18 - 24 ) . وقال موسى ليشوع أمام أعين جميع إسرائيل : تشدد وتشجع لأنك أنت تتدخل مع هذا الشعب الأرض التي أقسم الرب لآبائهم أن يعطيهم إياها ، وأنت تقسمها لهم . والرب سائر أمامك ، وهو يكون معك لا يهملك ولا يتركك . لا تخف ولا ترتعب " ( تث 31 : 7 و 8 ) . وعندما وقف موسى ويشوع في باب خيمة الاجتماع ، " أوصى ( الرب ) يشوع بن نون ، وقال له : " تشدد وتشجع لأنك أنت تدخل ببني إسرائيل الأرض التي أقسمت لهم عنها ، وأنا أيكون معك . ( تث 31 : 14 و 15 و 23 ) . فامتلأ يشوع روح حكمة إذ وضع موسى عليه يديه ، فسمع له بنو إسرائيل وعملوا كما أوصى الرب موسى ( تث 34 : 9) . وبعد موت موسى ، كرر الرب - في نعمته - هذا الوعد ليشوع مشجعاً له وبخاصة قبيل عبورهم نهر الأردن إلى أرض الموعد ( يش 1 : 1 - 9 ) . وقد واجه يشوع ، وهو مازال في شرقي الأردن ، مشكلتين ، أولاهما : عبور نهر الأردن وهو " ممتلئ إلى جميع شطوطة " ، وكيف يتغلب على قوات الكنعانيين في مدنهم الحصينة ، وهل سيقابلونه في عبر الأردن وسيوفهم مشهرة في أيديهم ؟ فأرسل جاسوسين سرّاً لاستكشاف حصون أريحا ( يش 2 : 1 ) . وقد تولى الرب حل المشكلتين ، إذ ملأ قلوب شعب الأرض رعيا ( يش 2 : 9 – 11 ) ، وأوقف مياه نهر الأردن المنحدرة من فوق ، حالما وضع الكهنة حازملون التابوت أرجلهم في مياه النهر ، فعبر جميع الشعب على اليابسة ( يش 3 : 14 - 17 ). وطوعاً لأمر الرب ، تم ختان جميع الذين ولدوا فى البرية ، لأنهم كانوا غلفا إذ لم يختنوهم فى الطريق ( يش 5 : 2 - 9 ) . وقد أبدى يشوع إيمانا عظيماً في الطاعة الدقيقة للخطة التي رسمها له الله للإستيلاء على أريحا ، فأمر الكهنة والشعب أن يدوروا حول المدينة مرة واحدة في اليوم، على مدى ستة أيام ، دون أن يهتفوا أو يُسمعوا صوتهم أو ينطقوا بكلمة ، حتى يقول لهم اهتفوا " وفي اليوم السابع داروا حول المدينة سبع مرات ، " وفي المرة السابعة عندما ضرب الكهنة بالأبواق ، قال يشوع للشعب: اهتفوا لأن الرب قد أعطاكم . المدينة ، فتكون المدينة وكل ما فيها محرماً للرب للرب ( يش 6 : 6 - 16 ) . وقد أطاع الجميع ما أمر به يشوع ماعدا عاخان بن كرمي الذي أخذ "من الحرام ، فحمى غضب الرب على إسرائيل" ( يش 7 : 1 ) ، وكانت النتيجة أن أنهزم إسرائيل أمام عاى، " فمزق يشوع ثيابة ، وسقط على وجهه إلى الأرض أمام تابوت الرب إلى المساء ، هو وشيوخ إسرائيل ، ووضعوا ترابا على رؤوسهم " وسكب يشوع نفسه أمام الرب ، فقال الرب ليشوع : " قم ، لماذا أنت ساقط على وجهك ؟ " وأخبره أن سبب هزيمتهم ، هو انهم أخذوا من الحرام : " في وسطك حرام يا إسرائيل ، فلا تتمكن للثبوت أمام أعدائك حتى تنزعوا الحرام من وسطكم " ( يش 7 : 2 – 13 ) ، وأمر يشوع بأن يُفحص الأمر ، فاكتشف ما عمله عاخان ، " فرجمه جميع إسرائيل بالحجارة وأحرقوهم بالنار … فرجع الرب عن حمو غضبه " ( يش 7 : 16 - 18 ) . وتفاصيل هجومه الثاني على عاي ، تصور لنا التخطيط الدقيق والاستراتيجية البارعة التي استخدمها يشوع في استيلائه على البلاد فقد كان سريعاً وحاسماً في تحركاته ، فلما اجتمع ملوك الأموريين الخمسة لمحاربة جبعون ، واستنجد أهل جبعون بيشوع ، أتى إليهم يشوع بغتة . صعد الليل كله من الجلجال ، فأزعجهم الرب أمام إسرائيل ... وبينما هم هاربون من أمام إسرائيل ... رماهم الرب بحجارة عظيمة من السماء إلى عزيقة ، فماتوا. والذين ماتوا بحجارة البرد ، هم أكثر من الذين قتلهم بنو إسرائيل بالسيف ( يش 10 : 5 - 11 ) . وصلى يشوع للرب أمـــــام عيــون إسرائيل قائـــــــلا : " يا شمس دومي على جبعون ، ويا قمر على وادي أيلون . فدامت الشمس ووقف القمر حتى انتقم الشعب من أعدائه ... ولم يكن مثل ذلك اليوم قبله ولا بعده ، سمع فيه الرب صوت إنسان ( يش 10 : 12 - 14 ) . وبسرعة خاطفة استطاع يشوع الاستيلاء على الحصون الجنوبية الحاكمة ، حصناً بعد حصن ، وهو يعمل على إبادة جيوش الأعداد ، أكثر مما على احتلال المـــــدن ( يش 10 : 28 - 43 ) ، معتمداً فى ذلك على إرشاد الله ومعونته ( يش 10 : 25 و 30 و 32 و 42 ، 11 : 6- 9 و15) ، وعلى المفاجأة والخداع ، وعلى النظام والحماسة في صفوف جيشه ، وتحطيم معنويات العدو ، أكثر مما على تفوقه في السلاح والعدد . وحيث أن جيشه لم يكن مدرباً على عمليات الحصار ، فلم يكن في وسعه أن يظل مقيداً حول مدينة ذات أسوار ، والأرجح أن كثيرين من الكنعانيين هربوا إلى التلال والكهوف ، ليعودوا بعد ذلك لاحتلال قراهم ، ومدنهم ، مثل جبعون وحلفائها ، التي استسلمت فوراً . ولذلك لا يتوقع الأثريون وحدد أدلة قاطعة على تدمير المدن نتيجة لغزوات يشوع ، فيما عدا المدن التي أحرقها ، مثل أريحا وعاي وحاصور. وهكذا أخضع البلاد، وأتاح لكل سبط أن يدخل إلى الأرض التي وقعت من نصيبه ، وإعادة بناء المدن بالتدريج من عصر القضاة إلى عصر الملك داود . كان يشوع يمتلك صفات القائد الأصيل ، فقد أبدى شجاعة عظيمة منذ حربه مع عماليق في رفيديم ، وفي هجومه على استعداد لإطاعة رئيس جند الرب ( كما فى يش 5 : 13 - 6 : 5 ). وكان متواضعاً أورك حاجته الدائمة للإتكال على الرب ، إن كان لم يطلب مشورة الرب فى زمر الجبعونين ( يش 9 : 14 و 15 ) وكان رجلاً شريفاً ، نفذ وعد الجاسوسين لراحاب ، فانقذها هي وأهل بيتها عند سقوط أريحا ( يش 6 : 22 - 25 ) . كما أنه لم يخرق الاتفاق الذي عقده رؤساء إسرائيــل مع الجبعونين ( يش 91 : 81 - 26 ) . وكانت أفضل سجاياه هو خضوعه المطلق لنامــوس الله ، فقد تشبع فكره وقلبه بكلمة الرب ، ولذلك وثق الشعب في قراراته ( ارجع إلى 1 : 12 - 18 ، 11 : 12 و 15 ، 14 : 1 - 5 ) . وفي وسط غزواته الأولى ، بنى مذبحاً للرب في جبل عيبال ، في قلب البلاد ، وأصعد عليه محرقات للرب وذبائح سلامة. ونفذ أمر الرب لعبده موسى، بوقوف نصف الأسباط عند جبل جرزيم ، ونصفهم الآخر عند جبل عيبال ، وقرأوا جميع كلام التوراة ، البركة واللعنة ، حسب كل ما كُتب في سفر التوراة . لم تكن كلمة من كل ما أقر به موسى لم يقرأها يشوع قدام كل جماعة إسرائيل " ( يش 8 : 30 - 35 ) . وفي خطابه الوداعي الأخير ، أوصى الشعب أن يجددوا عهدهم مع الرب ، وأن يتشددوا جدّاً ليحفظوا ويعملوا " كل المكتوب في سفر شريعة موسى " ( يش 23 : 6 ). وظل يشوع قدوة للأمة في تقواه ، حتى بعد موته ، إذ " عبد إسرائيل الرب كل أيام يشوع ، وكل أيام الشيوخ الذين طالت أيامهم بعد يشوع ، والذين عرفوا عمل الرب الذي عمله لإسرائيل " ( يش 24 : 31 ) . ومات يشوع عبد الرب ابن مئة وعشر سنين ، فدفنوه في ملكه في تمنة سارح التي في جبل أفرايم شمالي جبل جاعش ) ( يش 24 : 29 و 30 ) . |
||||