![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 71731 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() نرى تصويراً للابنين الأكبر والأصغر في مثل «الفريسي والعشار»، فالفريسي يقول: «اَللّظ°هُمَّ أَنَا أَشْكُرُكَ أَنِّي لَسْتُ مِثْلَ بَاقِي ظ±لنَّاسِ... وَلاَ مِثْلَ هظ°ذَا ظ±لْعَشَّارِ» (لوقا 18: 11)، والعشار لا يشاء أن يرفع عينيه نحو السماء بل قرع على صدره قائلاً: «ظ±للّظ°هُمَّ ظ±رْحَمْنِي أَنَا ظ±لْخَاطِئَ» (لوقا 18: 13)، فنزل إلى بيته مُبرَّراً. عندما رجع الابن الأكبر من عمله في الحقل، وعرف أن أخاه الضال قد عاد، كان يجب أن يقول: «ما أسعدني لأن أبي فرح بعد أن انزاح عن قلبه حِمل همِّه الثقيل، ولأن أخي الذي كان ضالاً متعَباً اطمأن واستراح». لكنه كان أنانياً ومنفصلاً عن مشاعر أبيه بسبب طباعه المتكبِّرة ومحبته لنفسه دون الآخرين. كان أخوه الأصغر يأكل خرنوب العالم أما هو فكان يأكل خرنوب عقله الثائر على مشاعر أبيه، وهو يظن أنه صالح بار، في غير حاجة إلى طبيب مع أنه المريض الحقيقي، فأقام حواجز نفسية بينه وبين أبيه. وربما كان بكبريائه وتعنُّته سبب ضلال أخيه الأصغر. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 71732 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() فتعالوا نتأمل أخطاءه الأبن الأكبر لنحترس منها: كراهيته لأخيه: البيت هو المكان الذي نعيش فيه على طبيعتنا، ونطمئن فيه لبعضنا، فإذا فرح أحد أفراده فرح الجميع، وإذا تألم أحدهم تألم الكل، لأنهم عائلة واحدة. ولكن الابن الأكبر لم يكن يملك هذه المشاعر العائلية الطيبة. ومع أنه عاش في البيت إلا أن قلبه كان خارج البيت. وعندما سمح الأب بسفر الابن الأصغر ومعه نصيبه من المال تضايق الأكبر من أبيه ومن أخيه، ولكنه كتم غيظه لأن أباه صاحب الكلمة الأخيرة. وعندما رجع أخوه زاد غضبه لأنه ظن أنه رجع ليقاسمه في ما بقي من ميراث. ولا بد أنه تساءل: لماذا يقبل أبي من لا يستحق القبول؟ لماذا يرحِّب بمَن بدَّد ماله بعيش مسرف ولوَّث سمعة الأسرة؟ لم يفرح الابن الأكبر بعودة الضال، بل تحدث عنه باحتقار. لم يقل «أخي» بل قال: «ابنك هذا»! لأنه لا يحبه ولا يشفق عليه، ولم يقدِّر آلام أبيه أثناء غيبة أخيه، ولا قدَّر الثمن الذي دفعه أخوه في بُعده عن بيت أبيه من شقاءٍ وحرمان وندم. ولكنه ضخَّم خطايا أخيه وقال إنه «أكل معيشتك مع الزواني» مع أن المثل لم يذكر للابن الضال هذه الخطية. وقال: ذبحت «له» العجل المسمَّن، ولم يقل: ذبحت «لنا». كان الابن الأكبر مثل قايين الذي أبغض أخاه هابيل وقتله (تكوين 4: 8)، لا بسبب ضيقٍ اقتصادي، فقد كانت الأرض متَّسعة أمامهما، لكنه قتله بسبب شرِّ قلبه.. وتصرَّف الابن الأكبر مثل عيسو الذي (لأنه البكر) كان يجب أن يكون كاهن العائلة. وكان نصيبه المضاعف من الميراث بمثابة مكافأة له لأنه قائد الأسرة الروحي، والمحافظ على كتبها المقدسة، والمسؤول عن العبادة فيها (تكوين 25: 27-34 و27: 41). ولكنه احتقر مسؤوليته الدينية، فأخذ يعقوب (أب الأسباط) منه امتيازه. فحقد عيسو على أخيه وعزم أن يقتله بعد موت إسحاق أبيهما.. وكان الابن الأكبر مثل إخوة يوسف الذين باعوه عبداً في مصر، لأن أباه كان يميِّزه عنهم (تكوين 37: 18-24). عدم احترامه لأبيه: لم يفهم الابن الأكبر مشاعر أبيه، ولم يقدر أبداً أن يدرك مقدار حزنه على ضلال ابنه الأصغر. ونسي أن رجوع الضال هو رغبة قلب أبيه واستجابةٌ لصلواته الكثيرة.. ولم يفهم حياة أبيه الإيمانية، فقد كان قلب الأب عامراً بالإيمان والرجاء والمحبة: الإيمان في ابنه الأكبر الذي يعيش معه، وفي عودة ابنه الضال.. والرجاء في حياة أفضل بعد لمّ شمل العائلة، فيكون الغد المشرق قادماً.. والمحبة للابنين الأكبر والأصغر، القريب والبعيد. لكن لم يكن في قلب الابن الأكبر إيمان ولا رجاء ولا محبة! كان يحيا وسط البَرَكة دون أن تمسَّ البركةُ قلبه!.. ولم يفهم امتياز العمل مع أبيه ولا تمتُّعه بالرعاية والأمان في القرب منه، فقال له: «هَا أَنَا أَخْدِمُكَ سِنِينَ هظ°ذَا عَدَدُهَا» فاعتبر العمل المفرح في حقول أبيه خدمة عبودية وعبئاً ثقيلاً، وكان الواجب أن يدرك أنه يعمل لخيره ولخير العائلة كلها. صحيحٌ أنه كان يعمل باجتهاد، وكان في الحقل عندما عاد أخوه، لكنه أدّى العمل بتذمر، ولم يكن فرحاناً به. إنه يذكِّرنا بالعمال الذين كانوا يقطعون الأحجار في الجبل، فسألهم شخصٌ عمّا يعملون، فقال أحدهم: أكسر حجارة. وقال الثاني: أعول أولادي. وقال ثالث: نبني كنيسة. والإجابات الثلاث صحيحة، ولكن روح صاحب كل إجابة تكشف عن نظرته للحياة. فالأول كان يعمل بتذمُّر، ولا بد أن مشاعره النفسية تركت أثرها على صحته. وكانت دوافع الثاني إنسانية، لأنه يرى عمله خدمةً لأسرة يحبها. أما الثالث فقد رأى إلى جوار العمل وإعالة الأسرة علاقةً مفرحة مع الله، فهو يبني كنيسة، ويقدم خدمة للرب. وكان الابن الأكبر يفكر كالعامل الأول بدليل قوله لأبيه: «هَا أَنَا أَخْدِمُكَ سِنِينَ هظ°ذَا عَدَدُهَا». ولعل قمة التعبير عن عدم احترامه لأبيه أنه «غَضِبَ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَدْخُل» البيت احتجاجاً على تصرفات أبيه، فخرج أبوه إليه، وشرح له ما حدث، ولكنه استمر خارج البيت. إحساسه الزائد بصلاحه: قارن نفسه بأخيه الضال فوجد أنه أفضل منه لأنه لم يخطئ، فقال لأبيه: «قَطُّ لَمْ أَتَجَاوَزْ وَصِيَّتَكَ». واعتبر أنه أفضل حكماً على الأمور من أبيه الذي قبل أن يقسم معيشته بين ولديه في حياته، ونسي أن كل «مَنْ يَرْفَعْ نَفْسَهُ يَتَّضِعْ، وَمَنْ يَضَعْ نَفْسَهُ يَرْتَفِعْ» (متى 23: 12). إحساسه بأنه مظلوم: اعتقد أنه لم ينل المكافأة الواجبة، فقال لأبيه: «جَدْياً لَمْ تُعْطِنِي قَطُّ لأَفْرَحَ مَعَ أَصْدِقَائِي». ولا بد أن أباه صُدم وفزع من إجابته، فقال له: «يَا بُنَيَّ أَنْتَ مَعِي فِي كُلِّ حِينٍ، وَكُلُّ مَا لِي فَهُوَ لَك». ثم عاتبه عتاب الحب، وحاول أن يفتح بصيرته لمباهج يومهم بعودة أخيه، وهي أفراحٌ كان يجب أن تغسل كل شكوى وضغينة.. وإحساس الابن الأكبر بالظلم ورثاء الذات إحساسٌ طفولي أناني، لأنه أراد أن يكون وحده مركز الاهتمام، فنسي أن يشكر أباه، وتناسى أن كل ما عنده هو من فضل أبيه عليه. خطيته غير معلَنَة: كان الجميع يحترمونه، ويقارنون بينه وبين أخيه الأصغر العاق، فيزيدون احتراماً له. ولكن خطاياه كانت داخلية نفسية مختفية، حتى جاء وقت تفجير مشاعره المكبوتة وإعلانها. لقد عاشت خطيته في قلبه بالرغم من أنه يعيش في بيت أبيه. وينتهي المثل به خارج البيت غاضباً، بينما أخوه داخل البيت فرحاً.. ولم يطرده أحدٌ، لكنه طرد نفسه بإرادته، بعد أن حجبت كراهيته لأخيه وعدم احترامه لأبيه باب السعادة عن عينيه. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 71733 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() كراهيته لأخيه: البيت هو المكان الذي نعيش فيه على طبيعتنا، ونطمئن فيه لبعضنا، فإذا فرح أحد أفراده فرح الجميع، وإذا تألم أحدهم تألم الكل، لأنهم عائلة واحدة. ولكن الابن الأكبر لم يكن يملك هذه المشاعر العائلية الطيبة. ومع أنه عاش في البيت إلا أن قلبه كان خارج البيت. وعندما سمح الأب بسفر الابن الأصغر ومعه نصيبه من المال تضايق الأكبر من أبيه ومن أخيه، ولكنه كتم غيظه لأن أباه صاحب الكلمة الأخيرة. وعندما رجع أخوه زاد غضبه لأنه ظن أنه رجع ليقاسمه في ما بقي من ميراث. ولا بد أنه تساءل: لماذا يقبل أبي من لا يستحق القبول؟ لماذا يرحِّب بمَن بدَّد ماله بعيش مسرف ولوَّث سمعة الأسرة؟ |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 71734 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() لم يفرح الابن الأكبر بعودة الضال، بل تحدث عنه باحتقار. لم يقل «أخي» بل قال: «ابنك هذا»! لأنه لا يحبه ولا يشفق عليه، ولم يقدِّر آلام أبيه أثناء غيبة أخيه، ولا قدَّر الثمن الذي دفعه أخوه في بُعده عن بيت أبيه من شقاءٍ وحرمان وندم. ولكنه ضخَّم خطايا أخيه وقال إنه «أكل معيشتك مع الزواني» مع أن المثل لم يذكر للابن الضال هذه الخطية. وقال: ذبحت «له» العجل المسمَّن، ولم يقل: ذبحت «لنا». |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 71735 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() كان الابن الأكبر مثل قايين الذي أبغض أخاه هابيل وقتله (تكوين 4: 8)، لا بسبب ضيقٍ اقتصادي، فقد كانت الأرض متَّسعة أمامهما، لكنه قتله بسبب شرِّ قلبه.. وتصرَّف الابن الأكبر مثل عيسو الذي (لأنه البكر) كان يجب أن يكون كاهن العائلة. وكان نصيبه المضاعف من الميراث بمثابة مكافأة له لأنه قائد الأسرة الروحي، والمحافظ على كتبها المقدسة، والمسؤول عن العبادة فيها (تكوين 25: 27-34 و27: 41). ولكنه احتقر مسؤوليته الدينية، فأخذ يعقوب (أب الأسباط) منه امتيازه. فحقد عيسو على أخيه وعزم أن يقتله بعد موت إسحاق أبيهما.. وكان الابن الأكبر مثل إخوة يوسف الذين باعوه عبداً في مصر، لأن أباه كان يميِّزه عنهم (تكوين 37: 18-24). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 71736 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() الابن الأكبر وعدم احترامه لأبيه لم يفهم الابن الأكبر مشاعر أبيه، ولم يقدر أبداً أن يدرك مقدار حزنه على ضلال ابنه الأصغر. ونسي أن رجوع الضال هو رغبة قلب أبيه واستجابةٌ لصلواته الكثيرة.. ولم يفهم حياة أبيه الإيمانية، فقد كان قلب الأب عامراً بالإيمان والرجاء والمحبة: الإيمان في ابنه الأكبر الذي يعيش معه، وفي عودة ابنه الضال.. والرجاء في حياة أفضل بعد لمّ شمل العائلة، فيكون الغد المشرق قادماً.. والمحبة للابنين الأكبر والأصغر، القريب والبعيد. لكن لم يكن في قلب الابن الأكبر إيمان ولا رجاء ولا محبة! كان يحيا وسط البَرَكة دون أن تمسَّ البركةُ قلبه!.. ولم يفهم امتياز العمل مع أبيه ولا تمتُّعه بالرعاية والأمان في القرب منه، فقال له: «هَا أَنَا أَخْدِمُكَ سِنِينَ هظ°ذَا عَدَدُهَا» فاعتبر العمل المفرح في حقول أبيه خدمة عبودية وعبئاً ثقيلاً، وكان الواجب أن يدرك أنه يعمل لخيره ولخير العائلة كلها. صحيحٌ أنه كان يعمل باجتهاد، وكان في الحقل عندما عاد أخوه، لكنه أدّى العمل بتذمر، ولم يكن فرحاناً به. إنه يذكِّرنا بالعمال الذين كانوا يقطعون الأحجار في الجبل، فسألهم شخصٌ عمّا يعملون، فقال أحدهم: أكسر حجارة. وقال الثاني: أعول أولادي. وقال ثالث: نبني كنيسة. والإجابات الثلاث صحيحة، ولكن روح صاحب كل إجابة تكشف عن نظرته للحياة. فالأول كان يعمل بتذمُّر، ولا بد أن مشاعره النفسية تركت أثرها على صحته. وكانت دوافع الثاني إنسانية، لأنه يرى عمله خدمةً لأسرة يحبها. أما الثالث فقد رأى إلى جوار العمل وإعالة الأسرة علاقةً مفرحة مع الله، فهو يبني كنيسة، ويقدم خدمة للرب. وكان الابن الأكبر يفكر كالعامل الأول بدليل قوله لأبيه: «هَا أَنَا أَخْدِمُكَ سِنِينَ هظ°ذَا عَدَدُهَا». ولعل قمة التعبير عن عدم احترامه لأبيه أنه «غَضِبَ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَدْخُل» البيت احتجاجاً على تصرفات أبيه، فخرج أبوه إليه، وشرح له ما حدث، ولكنه استمر خارج البيت. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 71737 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() الابن الأكبر وإحساسه الزائد بصلاحه قارن نفسه بأخيه الضال فوجد أنه أفضل منه لأنه لم يخطئ، فقال لأبيه: «قَطُّ لَمْ أَتَجَاوَزْ وَصِيَّتَكَ». واعتبر أنه أفضل حكماً على الأمور من أبيه الذي قبل أن يقسم معيشته بين ولديه في حياته، ونسي أن كل «مَنْ يَرْفَعْ نَفْسَهُ يَتَّضِعْ، وَمَنْ يَضَعْ نَفْسَهُ يَرْتَفِعْ» (متى 23: 12). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 71738 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() الابن الأكبر وإحساسه بأنه مظلوم اعتقد أنه لم ينل المكافأة الواجبة، فقال لأبيه: «جَدْياً لَمْ تُعْطِنِي قَطُّ لأَفْرَحَ مَعَ أَصْدِقَائِي». ولا بد أن أباه صُدم وفزع من إجابته، فقال له: «يَا بُنَيَّ أَنْتَ مَعِي فِي كُلِّ حِينٍ، وَكُلُّ مَا لِي فَهُوَ لَك». ثم عاتبه عتاب الحب، وحاول أن يفتح بصيرته لمباهج يومهم بعودة أخيه، وهي أفراحٌ كان يجب أن تغسل كل شكوى وضغينة.. وإحساس الابن الأكبر بالظلم ورثاء الذات إحساسٌ طفولي أناني، لأنه أراد أن يكون وحده مركز الاهتمام، فنسي أن يشكر أباه، وتناسى أن كل ما عنده هو من فضل أبيه عليه. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 71739 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() الابن الأكبر وخطيته غير معلَنَة كان الجميع يحترمونه، ويقارنون بينه وبين أخيه الأصغر العاق، فيزيدون احتراماً له. ولكن خطاياه كانت داخلية نفسية مختفية، حتى جاء وقت تفجير مشاعره المكبوتة وإعلانها. لقد عاشت خطيته في قلبه بالرغم من أنه يعيش في بيت أبيه. وينتهي المثل به خارج البيت غاضباً، بينما أخوه داخل البيت فرحاً.. ولم يطرده أحدٌ، لكنه طرد نفسه بإرادته، بعد أن حجبت كراهيته لأخيه وعدم احترامه لأبيه باب السعادة عن عينيه. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 71740 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() الأب الشخصية الرئيسية العظمى في هذا المثَل هي شخصية الأب، لأن المثَل يبدأ بالقول: «إنسان» كان له ابنان، فالأداء الأكبر في المثل هو أداء الأب. صحيح أن الابن الضال شخصية رئيسية، لكنه ليس الشخصية الأساسية الرئيسية، فالشخصية الرئيسية هي شخصية الأب الذي حرَّك كل شيء، فهو الذي منح الابن الضال حرية الاختيار، وهو الذي استقبله بالترحيب عندما رجع، وهو الذي احتمل بأسى تصرفات ابنه الأكبر الذي لم يفارقه بجسده ولكنه كان منفصلاً عنه بمشاعره، وبقي يمدُّ له يد المحبة. والحوار الذي دار بين الأب وابنه الأكبر أطول من الحوار الذي دار بينه وبين الابن الذي ضلَّ. وكان حوار الأكبر حوار الاحتجاج والغضب والإحساس بالظلم، ورفض كل توضيح قدَّمه الأب له. أما الحوار مع الابن الضال فكان بالعمل أكثر منه بالكلام، فقد أعطاه الأب نصيبه في الميراث حسبما طلب، ومنحه حرية التصرف. ولما رجع تائباً لم يعاتبه، بل قَبِلَهُ وأغدق عليه عطاءً غير محدود. وفي الحالتين كان حوار الأب مع ابنيه حوار المحبة المتأنية الغافرة المحتمِلة. |
||||