![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 71721 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() الاستقبال اِعتُبِرَ هذا المـَثـَل دُرّةً ثمينةً في الإنجيلِ لأنّهُ يَتحدَّثُ عَن أبٍ رَحومٍ يَستقبِلُ ابنَهُ الخاطِئَ ويَدعو ابنَهُ الأكبَر للدُّخولِ إلى وَليمَةِ الفَرَح. ما خِبرَتُكَ معَ أبيكَ الأرضيّ؟ هل يُجسِّدُ لكَ الحَنان والرحمةَ والمحبّة، أم شبِعتَ منهُ تَسلُّطًا وقساوةً وتأنيبًا؟ وإن خَطِئ إليكَ أحدٌ، هل تَنتظِرُهُ وتُراقِبُ طَريقَ عَودَتهِ، أم تَتركُهُ وشأنَهُ؟ وإذا عادَ نادِمًا، هل تَستَقبِلُهُ مُنتَقِمًا أم تُسامِحُهُ وتَقبَلُ اعتِذارَهُ؟ هل تُعيدُ لهُ المـَكانَةَ الأولى التي كانَت لهُ في قَلبِكَ؟ جُلَّ مَن لا يُخطِئ! إنَّ اللهَ وحدَهُ لا خَطيئَةَ فيه. أمّا الإنسانُ فهوَ مُعرَّضٌ في كُلِّ لَحظَةٍ مِن حياتِهِ للتجربَةِ وللوقوعِ في الخطأ. تَكمُنُ العِبرَةُ في إصلاحِ السيرَةِ والعَودَةِ عنِ الباطِلِ، خاصةً إن كُنّا نَعرِفُ أنّ إلهَنا رَبٌّ شَفوقٌ رَحوم، يَغسِلُ آثامَنا مهما كانَت، كبيرةً أم صغيرة. قد تكونُ مُشكِلتُنا أننا لا نَعي أخطاءَنا، لذلِكَ يُدخِلُنا لِقاؤنا اليومَ في مَعنى الخطيئةِ ونتائِجِها، ويُلقي الضوءَ على سِرِّ التوبَةِ الذي سنَختَبِرُهُ طيلةَ حياتِنا بعدَ العِماد. يومَ العِمادِ لن نَعترِفَ بخطايانا، أمّا بَعدَ العِمادِ فسَيكونُ مِن واجِبِنا طَلَبُ سِرِّ التوبَةِ منَ الكاهِن. علَّ لِقاءَ اليَومِ يوضِحُ لنا رَحمَةَ اللهِ العَظيمةِ لنا، وفداحَةَ الخَطيئة التي نعيشُها فنَتوبَ عَنها. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 71722 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() قراءةُ الإنجيلِ وتفسيرُهُ: مَثَلُ الاِبنِ الضَّال (لو 15: 11-32) 11 وقالَ: كانَ لِرَجُلٍ اِبنان. 12 فقالَ أصغَرُهما لأبيه: يا أبَتِ أعطِني النَّصيبَ الذي يَعودُ علَيَّ مِنَ المال. فقَسَمَ مالَهُ بَينَهما. 13وبَعدَ بِضعَةِ أيَّامٍ جَمَعَ الاِبنُ الأصغَرُ كُلَّ شَيءٍ لَه، وسافَرَ إلى بَلَدٍ بَعيد، فَبدَّدَ مالَهُ هُناكَ في عيشَةِ إسراف. 14 فَلَمَّا أنفَقَ كُلَّ شَيءٍ، أصابَت ذلِكَ البَلَدَ مَجاعَةٌ شَديدة، فأخَذَ يَشْكو العَوَز. 15 ثُمَّ ذَهَبَ فالتَحَقَ بِرَجُلٍ مِن أهلِ ذلكَ البَلَد، فأرسَلَه إلى حُقولِهِ يَرْعى الخَنازير. 16 وكانَ يَشتَهي أن يَملأ بَطنَه مِنَ الخُرنوبِ الذي كانتِ الخَنازيرُ تَأكُلُه، فلا يُعطيهِ أحَد. 17 فرَجَعَ إلى نَفسِه وقال: كم أجيرٍ لأبي يَفضُلُ عنه الخُبْزُ وأنا أهلِكُ هُنا جُوعًا! 18 أقومُ وأمضي إلى أبي فأقولُ لَه: يا أبتِ إنِّي خَطِئتُ إلى السَّماءِ وإلَيكَ. 19 ولَستُ أهْلاً بَعدَ ذلك لأن أُدْعى لَكَ ابنًا، فاجعَلْني كأحَدِ أُجَرائِكَ. 20 فقامَ ومَضى إلى أبيه. وكانَ لم يَزَلْ بَعيدًا إذ رآه أبوه، فتَحَرَّكَت أحْشاؤُه وأسرَعَ فألْقى بِنَفسِه على عُنُقِه وقَبَّلَه طَويلاً. 21 فقالَ لَه الابْنُ: يا أبَتِ، إنِّي خَطِئتُ إلى السَّماءِ وإلَيكَ، ولَستُ أهْلاً بَعدَ ذلِكَ لأن أُدْعى لَكَ ابنًا. 22 فقالَ الأبُ لِخَدَمِه: أسرِعوا فأتوا بِأفخَرِ حُلَّةٍ وألبِسوه، واجعَلوا في إصبَعِه خاتَمًا وفي قَدَمَيه حِذاءً، 23 وأتوا بالعِجْلِ المـُسَمَّن واذبَحوه فنأكُلَ ونَتَنَعَّم، 24لأنَّ ابنِيَ هذا كانَ مَيتًا فعاش، وكانَ ضالاً فوُجِد. فأخذوا يتَنَعَّمون.2. 1- الشرح يُصوِّرُ لنا يسوعُ في هذا المـَثـَل رغبَةَ الابنِ الأصغر في الابتِعادِ والاستِقلالِ عن أبيهِ آخِذًا معَهُ حِصَّتهُ منَ الميراث. أمّا الأبُ، وبالرغمِ مِن مَحبَّتِهِ اللامحدودة ورغبَتِهِ الأبويَّةِ في أن يبقى ابنُهُ في البَيت، فنراهُ يَترُكُ الحُريةَ لهذا الاِبنَ ويَحترمُ قرارَهُ بأن يَكونَ لهُ اختِبارُهُ الخاصّ. انتظَرَهُ حتى عاد؛ قبِلَ توبَتَهُ وأعادَ إليه البُنوَّةَ وفَرِحَ كثيرًا برجوعِهِ. وفي النهايَةِ خرَجَ ليُقنِعَ الأخَ الأكبرَ بالدخولِ والمـُشاركَةِ في الفرح. كلُّها أعمالٌ يُظهِرُ اللهُ مِن خِلالِها رحابَةَ صَدرِهِ بالتعامُلِ معَنا. اِعتَقَدَ الابنُ الأصغرُ أنّهُ سيُحَقِّقُ سعادَتَهُ في العَيشِ على هَواهُ مُنغَمِسًا في الخَطيئَةِ، ولكنَّهُ أدرَكَ أنَّ السعادَةَ التي اِقتناها بالمالِ الزائِلِ لم تَكُن سِوى سعادَةٍ مُزيَّفة أوصَلَتهُ إلى أن يَفقِدَ كرامَتَهُ كابنٍ لله. لقد طلبَ أن يأخُذَ الميراثَ بالرغمِ مِن أنَّ أباهُ كانَ لا يزالُ حَيًّا. اِختارَ أن يَبتعِدَ عن أبيهِ فصارَ في عَوَزهِ نجِسًا يَشتهي أن يَملأ بَطنَهُ مِن طعامِ الخنازير. وعِندَما عادَ إلى نَفسِهِ، وَعى في عُمقِ شقائِهِ وتعاسَتِهِ أنَّهُ قد خَطِئَ، أظهرَ ندامَةً عمليّةً مِن خِلال اقتِراحِهِ بأن يكونَ خادِمًا. فاختِبارُ الحُبِّ الذي سَبَقَ وعاشَهُ في البَيتِ الوالديّ، والتأكُّدُ مِن أنَّ أباهُ أمينٌ في مَحبَّتِهِ، أنضجا قرارَهُ بالعَودَةِ تائِبًا. فقدَ هذا الابنُ صِفةَ البُنوّة، ولكنَّ الأبَ لم يَفقِد صِفةَ الأبوّة. لقد كانَ يَنتظِرُ عَودةَ هذا الابنِ الضَّال لأنَّ حُبَّهُ أقوى من أيِّ نُكرانِ جَميل. لم يَسأل اِبنَهُ العائِدَ عن أسبابِ ذهابِهِ وإيابه؛ ولم يُعاتِبهُ على تَبذير ميراثِهِ، بل اكتفى بأن يَضُمَّهُ إلى صَدرِهِ ويُقبِّلَهُ طويلاً ليَمنَحَهُ الحُبَّ الذي افتَقدَهُ زَمناً طَويلاً. بطَريقَةٍ مُختَصَرة، يَعرِضُ لنا هذا المـَثـَل مَحبَّةَ الآبِ الكَبيرة التي تَغفِرُ خَطيئةَ الإنسانِ عبرَ المـَراحِلِ التالية: 1- الخَطيئَةُ ونتائِجُها: الافتِقارُ للقيَم، الانحِطاطُ الاجتِماعيّ، فِقدانُ الكرامة، العَوَزُ إلى كُلِّ شَيءٍ بسبَبِ خَسارَةِ كُلِّ شَيء. 2- التَّوبَةُ ومُقوِّماتُها: الندامَةُ، الإقرارُ والتَّعويض. 3- الغُفرانُ وثِمارُهُ في الحَياةِ الجديدةِ التي رُمِزَ إليها بأربعَةِ أمور: أ- الثوبُ الفاخِرُ هوَ حالَةُ البرارَةِ مِن خِلالِ استِعادَةِ بَهاءِ صورَةِ اللهِ فينا ب- الخاتمُ هوَ عَهدُ الأُبوَّةِ والبُنوّة، بينَ اللهِ والإنسان، عُربونًا لميراثِ مَلكوتِ السموات. ج- الحِذاءُ هوَ الاتجاهُ الجَديدُ على دَربِ الحَياةِ اليوميَّةِ على خُطا الربِّ يسوع. د- وَليمَةُ العِجلِ المـُسمَّن هيَ المـُشارَكَةُ في وَليمَةِ جَسدِ الربِّ ودَمِهِ في القُدّاس. في هذا المـَثـَل، يَخرُجُ الأبُ مرَّتَين مِنَ البيت. في المرّةِ الأولى لاستِقبالِ ابنهِ الأصغر العائِدِ مِن غُربَتِهِ، وفي المرّةِ الثانية يَخرُجُ ليَتوسَّلَ إلى اِبنهِ الأكبر ليَدخُلَ ويُشارِكَ في الفَرَح وفي العيد. وبالرغمِ مِن اتِّهامِهِ مِن قِبَلِ الابنِ الأكبَر بأنَّهُ كانَ مُجحِفًا بحَقِّ مَن بَقيَ لهُ أمينًا، لم يَتذرَّع الأبُ بالشريعَةِ ليُدافِعَ عن حَقِّهِ الوالِديّ بالتصرُّفِ بمُمتَلكاتِهِ بحُرّيةٍ ما دامَ على قَيدِ الحياة، بل نَزلَ إلى مُستوى تَفكيرِ الابنِ الأكبَر ليُساعِدَهُ على الارتِقاءِ بتَفكيرِهِ إلى مُستوى البُنوّة. وبالرغمِ مِن أنَّ الابنَ الأكبَر لا يتوجَّهُ إلى أبيهِ قائِلاً لهُ «يا أبي»، يقولُ لهُ أبوهُ بِتحَبُّبٍ «يا وَلدي» تعبيرًا عن علاقةٍ حَميمةٍ تَربطُهُ بهِ. وجوابًا على ما يَقولُهُ الابنُ الأكبر: «لمّا جاءَ ابنُكَ هذا»، يقولُ لهُ أبوه: «يَجبُ أن نتنعَّمَ ونفرَحَ لأنَّ أخاكَ هذا كانَ ميّتًا فعاش وضائِعًا فوُجِد». فالتوبَةُ الأعمَق التي يَنتظِرُها الأبُ ليسَت مِن الأصغر الذي عادَ إلى البَيتِ كي لا يَموتَ جوعًا، بل مِنَ الأكبر غيرِ القادِرِ على تَعرُّف أبيهِ مِن جِهَةٍ وتَعرُّفِ أخيهِ من جِهَةٍ أُخرى. 2. 2- التأوين إن عُدنا إلى إطارِ هذا المـَثـَل في بِدايَةِ الفَصل 15 مِن إنجيلِ لوقا لوَجدنا أنَّ يسوعَ يَتحدَّثُ عن مَثلِ الخَروفِ الضَّال خارِجَ الحَظيرة في البَريّةِ (15: 1-7)، ويَتحدَّثُ عن دِرهَمٍ أضاعَتهُ اِمرأةٌ داخِلَ البَيت (15: 8-10). فمَثَلُ الأبِ المـُّحِب (15: 11-32) يتحدَّثُ عن وَلدَين ضاعا: الأصغر في الخارِجِ والأكبر في الداخِل. فأينما كانَ ضياعُنا، في الخارجِ أم في الداخِل، نحنُ مَدعوونَ لمـُلاقاةِ حُبِّ اللهِ الرحومِ الذي يَنتظِرُنا. قد نرى في الابنِ الأصغر صورَةَ الخاطِئينَ والبَعيدينَ وجُباةِ الضرائِب وكُلِّ التائِبينَ الوَثنيين البَعيدينَ عَن شريعَةِ الله. ونرى في الابنِ الأكبر وَجهَ المـُتديّنينَ اليَهود الفرّيسيين وكُلَّ الذين يَدَّعونَ الانتِماءَ إلى الربِّ وإلى قَضيَّتِهِ بينما هُم في غُربةٍ رَهيبةٍ عَن جَوهَرِها وروحِها. فإن كُنّا أخطأنا كثيرًا في حياتِنا وإن اعتَقدنا أننا مُعتَدِلونَ في سُلوكِنا، يَتوجَّهُ هذا الإنجيلُ إلينا ويَدعونا إلى التوبة. العِنادُ لا يُفيدُنا. الندامَةُ تَجلِبُ لنا الخلاصَ وتُفرِّحُ قلبَ الله. يجبُ ألاّ نَغضَبَ ممّا نَعتَبرُهُ اجحافًا بحَقِّنا. بل عَلينا دائِمًا بالتروّي والتساؤلِ إن كُنّا مُخطئين. نحنُ لسنا ديّانينَ للآخرين بل أخوَةٌ لهُم ومعَهُم سائِرونَ على دَربِ التوبةِ الدائِمة نحوَ الحُبِّ اللامَحدود. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 71723 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() الضال 1 - خطوات سقوطه: ضجر من العيشة مع أبيه: بدأ الضلال فكراً في عقله، فكانت أول كلمة قالها وسجَّلها لنا الوحي: «أعطِني». لم يفكر في انزعاج أبيه لو أنه هجر البيت، ولا اهتمَّ بأن يعرف إرادة أبيه، بل انحصر كل فكره في أن الحياة في بيت أبيه هي مصدر ضجره وضيقه. فكان ضلاله في أنانيته سابقاً لضلاله في الكورة البعيدة، وكان اتجاهه الفكري السلبي أساس تصرُّفه المنحرف.. لقد تنكَّر لمكانه الطبيعي وبيته وماضيه وأبيه ونفسه وإيمانه، وأراد أن يبتعد عن بيت أبيه بقدر ما يستطيع، لأنه ظنَّ أن هذا يحرِّره، ويجعله شخصاً آخر أسعد حالاً. ولكن عندما يغترب الإنسان عن أبيه وعن نفسه كما يجب أن تكون، يفقد الأمان، لأن الله خلقنا بهدف معيَّن، فإذا لم نحقِّقه ضاع منّا معنى حياتنا. ظنَّ أنه يقدر أن يستقل عن أبيه: رسم الفكر الخاطئ للابن الأصغر أوهاماً زائفة، منها أنه يقدر أن يعيش سعيداً بعيداً عن أبيه، فطلب نصيبه من الميراث بدون أن يكون له الحق في طلبه، لأن أباه ما زال على قيد الحياة. وكان خطؤه أنه اعتبر أباه مصدراً للماديات، يأخذ منه، ولم يعتبره شخصاً ينتمي إليه ويحبه. وكان يمكن أن الأب يرفض طلب ابنه ويخيِّره بين البقاء في البيت أو الخروج منه خالي اليدين، ولكن الأب في محبته أراد أن يعلّمه درساً مكلفاً لكنه أساسي، فالدروس التي نتعلمها بدون ثمن سرعان ما تُنسى، أما الدروس التي تكلفنا كثيراً فتبقى في أعماقنا. وأراد الأب لابنه أن يتعلم بالطريق الصعب. ثم أنه لو أجبره على البقاء لحرمه من إنسانيته، ولكانت نتيجة الإجبار تأجيل انفجار ثورة الابن. لهذا منح الأب الحكيم ابنه حرية الاختيار. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 71724 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() الضال من الغريب أن الابن الضال يحيا بكل ما يمنحه الله له من خيرات، وفي وقت الحاجة يدعوه: «أَبَانَا ظ±لَّذِي فِي ظ±لسَّمَاوَاتِ... خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا ظ±لْيَوْمَ» (متى 6: 9، 11)، لأنه يعلم أننا «بِهِ نَحْيَا وَنَتَحَرَّكُ وَنُوجَدُ» (أعمال 17: 28)، ويعرف قول المسيح: «بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئاً» (يوحنا 15: 5).. ولكنه يريد أن يستقلَّ عنه، ويردِّد قول فرعون: «مَنْ هُوَ ظ±لرَّبُّ حَتَّى أَسْمَعَ لِقَوْلِهِ ؟.. لاَ أَعْرِفُ ظ±لرَّبَّ» (خروج 5: 2). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 71725 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() الضال الابن الضال يستخدم مال أبيه استخداماً سيئاً: بحسب الشريعة الموسوية كان للوالد سلطان كامل على ممتلكاته، فكان يمكن أن يسند إدارتها لأولاده، لكنه لم يكن يملِّكها لهم. ولكن بطل قصتنا كان حكيماً، فأعطى ابنه نصيبه من المال، وترك له حرية التصرف، وسمح له بالبقاء في بيته لفترة باع أثناءها ما أعطاه له. بعدها حمل مال أبيه، الذي اعتبره ماله، وسافر إلى بلد بعيد، فتجمَّع حوله أصدقاء السوء، وأخذوا يتملقونه ويسهِّلون له طرق الغواية، فبذَّر ماله بإسراف حتى انتهى، فانفضَّ أصدقاؤه عنه. ولم يجد إلا واحداً منهم سمح له أن يرعى خنازيره. وواضحٌ أنه غير متديِّن، لأنه كان يخالف شريعة موسى التي أمرت بعدم أكل لحم الخنزير (لاويين 11: 7 وتثنية 14: 8). وصل إلى نهاية سيئة: نهاية الاغتراب عن الله خراب ودمار، وهذا ما انتهى إليه أمر الابن الضال. ففي نهاية المطاف أخذ يتأمل ما وصل إليه: إنه وحيد، رث الثياب، جائع، تفوح منه رائحة الخنازير! وبعد وقت اكتشف أن الخنازير كانت أفضل منه حالاً، لأنها كانت تأكل الخرنوب الذي لا يجده هو ليأكله! لقد انتقل من الغنى إلى الفقر، ومن الكرامة إلى الهوان، ونال الشوك من قدميه، وضاعت منه صورة أبيه، وشعر بالخجل من نفسه. لكن المؤسف أنه تمادى في الطريق الخاطئ، ولم يفكر في تصحيح مساره، ولسان حاله ما قاله رُديارد كبلنج في قصيدته «الابن الضال»: أبي ينصحني عابساً، وأخي ينظر إليَّ باحتقار. أمي تستجوبني، حتى رغبتُ أن ألعن الكل وأهرب!. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 71726 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() الضال اكتشاف مؤلم: اكتشف خطأ التحلُّل من قيود أبيه: صار الابن الضال سجين اختياره وأسير ذاته، بلا عائلة ولا أصدقاء. وقد وصف أبوه حالته بأنه «ميت وضال» فالضلال موت روحي بالانفصال عن الله، وأبدي بالنهاية المرعبة في جهنم. كان الابن الضال قد تساءل: لماذا أسير على قضيبين، هما وصاية أبي ونصائحه، يحدّان حريتي؟.. ولكنه اكتشف بعد أن خرج عنهما أنه اصطدم بالذل والجوع والضياع، فإنه «تَكْثُرُ أَوْجَاعُهُمُ ظ±لَّذِينَ أَسْرَعُوا وَرَاءَ آخَرَ» (مزمور 16: 4).. لم يدرك هذا الابن أن القضيبين نعمة، وأن الحرية المنظمة هي الاستقلال والأمان، فاستيقظ ليرى أنه يحتاج إلى قوانين أبيه وحمايته. وقادته حاجته إلى تساؤل آخر: لماذا أبقى حيث أنا وعبيد أبي أفضل حالاً منّي؟.. وكان فُقدان أمله في إصلاح حاله بداية العمل الإلهي في قلبه. اكتشف قِصر لذة الخطية: نعم في الخطية لذة، والذي ينكر هذا يخدع نفسه، لكنها لذة مؤقتة، فالخطية كالماء المالح الذي يزيد شاربه عطشاً. وبعد السكرة تجيء العبرة، وبعد أكل الحصرم تضرس الأسنان، وبعد شُرب الكأس تحمرّ العينان! |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 71727 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() الضال نهوض الروح: نهض فكره: كأنه كان سكراناً فأفاق، أو تائهاً فعثرت قدماه على بداية الطريق الصحيح. إنه يذكِّرنا بالملك نبوخذنصر الذي ضلَّ ضلالاً بعيداً، ومدح نفسه واغترَّ، وقال عن عاصمته: «أَلَيْسَتْ هَذِهِ بَابِلَ ظ±لْعَظِيمَةَ ظ±لَّتِي بَنَيْتُهَا لِبَيْتِ ظ±لْمُلْكِ بِقُوَّةِ ظ±قْتِدَارِي وَلِجَلاَلِ مَجْدِي!» فطار عقله وأخذ يأكل العشب كالثيران، إلى أن عاد إلى نفسه، فعادت إليه نفسُه، ورفع عينيه إلى السماء، فرجع إليه عقله، وسبَّح وحمد الله الحي إلى أبد الآبدين، صاحب السلطان الأبدي، فعاد إلى جلال مملكته ومجده وبهائه، وطلبه مشيروه وعظماؤه (دانيال 4: 28-37). نهض فكر الابن الضال، فقال: «أَقُومُ وَأَذْهَبُ إِلَى أَبِي وَأَقُولُ لَهُ: يَا أَبِي أَخْطَأْتُ إِلَى ظ±لسَّمَاءِ». وهذه بداية الاعتراف الصحيح، لأن إصلاح علاقتنا بالله يسبق إصلاح علاقاتنا بالناس، فكان كمال الاعتراف قوله: «يَا أَبِي أَخْطَأْتُ إِلَى ظ±لسَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ، وَلَسْتُ مُسْتَحِقّاً بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ظ±بْناً. اِجْعَلْنِي كَأَحَدِ أَجْرَاك». كانت خمس طبقات من الناس تعيش في البيت العبري، أولها الأبوان، ثم الأبناء، ثم العبيد الذين يشترونهم بالمال ويقيمون في البيت، ثم الخدَم الذين يجيئون يومياً للمساعدة، ثم الأجرى الذين يجلسون في السوق ينتظرون أن يستأجرهم من لا يهمُّه حتى أن يعرف أسماءهم. وفكَّر الابن الضال أنه لا يستحق أن يكون ابناً لأنه أضاع كل امتيازات بنويته، وهو لا يصلح أن يكون عبداً لأن صحته تدمَّرت، وهو لا يظن أنهم سيقبلونه خادماً فيرون وجهه في البيت كل يوم بعدما ارتكب في حقِّهم كل حماقة. فلم يبقَ له إلا استجداء عمل الأجير، وكأنه يقول لأبيه: إن قبلتني كأحد أجراك، سأبقى بعيداً حتى تستدعيني عندما تحتاج إلى عملي. وسأبقى بعيداً حتى لا أحرجك. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 71728 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() الضال نهضت عزيمته: كان جالساً في التراب عندما نهض فكره بعد أن جاءه الخاطر الصالح بالرجوع إلى أبيه، فنهضت عزيمته وأطاع، وترك الخنازير التي ترمز إلى الخطايا وأصدقاء السوء، فهي تتمرغ في الوحل وتأكل الفضلات. ولم يفكر في بُعد المسافة التي تفصله عن بيت أبيه، ولم يقف في سبيل عودته عائق!.. وما أن وصل إلى بداية الشارع الذي يقع فيه بيت أبيه حتى رآه أبوه قبل أن يرى هو أباه. وكانت دهشته شديدة، لأنه انتظر الرفض فلقي الترحيب، وكان يتوقَّع الإهانة فوجد الخاتم علامة الرضى والإكرام، وأُلبِس الحذاء علامة البنويَّة (كان العبيد حفاةً). وكان يظن أن نصيبه سيكون العمل الشاق فوجد الوليمة. ثم كانت مكافأة التوبة أنه صار ضيف الشرف.. لقد أظلمت حياته وتكدَّر بيت أبيه بسبب عصيانه، ولكن غفران الأب أنهى الظلام، فضاءت أرجاء البيت بأنوار الحفل المبهج. فما أجمل الرجوع إلى الآب لأنه الرجوع إلى الأصل. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 71729 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() الضال بدأ الابن الضال ثائراً، وقادته ثورته إلى الحسابات الخاطئة والضياع، فبدأ يحتاج ويجوع. وقاده الجوع والحاجة إلى تذكُّر امتيازات بيت أبيه، فتاب ورجع وفرح، وهكذا شُفيت جروح الخطية وسمومها. أما ندوب الجروح وآثار السموم فلا تُمحى كلها، فالمال الذي أُنفق لن يعود، والوقت الضائع في الكورة البعيدة لن يُسترجَع، وستبقى ذكريات خيانة الأصدقاء وصُحبة الخنازير وطعم الخرنوب عالقة في ذاكرة التائب الراجع. دعونا نرجع إلى الله تائبين إن لم نكن قد فعلنا هذا. ليس أبوك غاضباً عليك، بل هو حزينٌ لبُعدك. لا تخف من الرفض. ارجع إليه تلقَ القبول، وتسمعه يقول: «أَخْرِجُوا ظ±لْحُلَّةَ ظ±لأُولَى وَأَلْبِسُوهُ، وَظ±جْعَلُوا خَاتَماً فِي يَدِهِ، وَحِذَاءً فِي رِجْلَيْهِ، وَقَدِّمُوا ظ±لْعِجْلَ ظ±لْمُسَمَّنَ وَظ±ذْبَحُوهُ فَنَأْكُلَ وَنَفْرَحَ، لأَنَّ ظ±بْنِي هظ°ذَا كَانَ مَيِّتاً فَعَاشَ، وَكَانَ ضَالاّ ًفَوُجِدَ». |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 71730 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() الابن الأكبر قصد المسيح بالابن الأصغر العشارين والخطاة الذين هم خارج الهيكل، وقصد بالأكبر الفريسيين والكتبة الذين هم حسب الظاهر داخل الهيكل، لكن قلوبهم خارجه. والفريقان متشابهان في أنهما محرومان من العلاقة الشخصية برب الهيكل. وكلاهما خاطئ، ولو أن أحدهما كالابن الأصغر تتقدَّمه خطيته رافعةً أعلامها، والآخر تتبعه خطيته ولا تكاد تُرى. كان الابن الأكبر ضالاً داخل البيت، بينما ضلَّ أخوه الأصغر خارج البيت. وكل الذين يعبدون الرب كواجب ويؤدّون واجباتهم الدينية كفروض يشبهون الابن الأكبر، الذي كان يمتلك كل ما لأبيه، ولكنه لم يكن فرحاناً. وكم كنا نتمنى لو أن هذا المثل انتهى برجوع الابن الأصغر، والجميع يحتفلون بعودته بمن فيهم الابن الأكبر. ولكن المثل ينتهي بالابن الأكبر خارج البيت غاضباً على أبيه وأخيه. |
||||