![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 71161 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() يلتقي جميع قديسي العهد القديم على الإدلاء بما يؤيد هذه الشهادة الإلهية. فأيوب يشكو قائلاً إنه ما من أحدٍ يستطيع أن يُخرج الطاهر من النجس (أي 14: 4). وسليمان يعترف في صلاته عند تدشين الهيكل بأنه ليس إنسانُ لا يُخطئ (1 ملوك 8: 46). وفي (المزمورين 14 و53) نقرأ أن الرب، إذ أشرف من السماء على بني البشر لينظر هل من فاهم طالبِ الله، لم يجد شيئاً إلا الفساد والإثم. فالكلُّ قد زاغوا معاً، فسدوا؛ ليس من يعمل صلاحاً، ليس ولا واحد. لا أحد يقوي على الوقوف أمام وجه الرب، لأنه لن يتبرر قُدامه أيُّ حي (مز 143: 2). ومن يقول: إني زكيت قلبي، تطهرت من خطيتي؟ (أمثال 20: 9). وبعبارة موجزة، لا إنسان صديق في الأرض يعمل صلاحاً ولا يُخطئ (جامعة 7: 20). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 71162 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() لا إنسان صديق في الأرض يعمل صلاحاً ولا يُخطئ (جامعة 7: 20). هذه الأقوال كلُّها عامة وشاملة بحيث لا تُفسح المجال لأي استثناء. وهي لا تصدر من أفواه الأشرار والفجار الذين لا يكونون في الغالب مهمتين بخطاياهم أو خطايا سواهم، بل إنها صادرةٌ من قلوب الأتقياء الذين تعلَّموا أن ينظروا إلى أنفسهم باعتبارهم خطاةً أمام وجه الله. وهؤلاء لا يُصدرون هذا الحكم على الآخرين وحدهم بالدرجة الأولى، أو بعبارة أخرى على الذين يعيشون في الخطية العلنية كالوثنيين المنفصلين عن معرفة الله؛ بل إنهم في الواقع يبدأون بأنفسهم وبشعيهم. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 71163 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() الكتاب المقدس لا يصور لنا القديسين كأناسٍ عاشوا على الأرض في كمال القداسة، بل بالأحرى كخطاةٍ ارتكبوا أحياناً معاصي خطيرة. وبكل تحديد، إن القديسين هم الذين يشعرون بذنبهم على أهول ما يكون ويتقدمون أمام وجه الرب معترفين بالذنب بكل تواضع، وإن كانوا يظلون واثقين من عدالة قضيتهم. حتى إنهم عندما يقفون ليشهدوا على الشعب ويبكتوه على ارتداده وخيانته، ينتهون إلى شمل أنفسهم مع الشعب كواحدٍ منهم، ويجهرون بالاعتراف العام: نضطجع في خزينا ويغطينا خجلنا، لأننا إلى الرب أخطأنا، نحن وآباؤنا، منذ صبانا إلى هذا اليوم، ولم نسمع لصوت الرب إلهنا. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 71164 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() لا يدع العهد الجديد أيضاً أيَّ ظلٍ للشك في حالة الخطية التي يتردى في هوتها الجنس البشري كله. فالكرازة بالإنجيل تنبني بكاملها على هذه الحقيقة البديهية. فلما نادى يوحنا المعمدان باقتراب ملكوت الله، طلب من الناس أن يتوبوا ويتعمدوا، لأن الختان والذبائح وحفظ الناموس لم يتأتى لها أن تمنح شعب اسرائيل البر مع أنهم بحاجة إليه لدخول ملكوت الله. وهكذا خرج إليه أهل أورشليم وكل اليهودية، واعتمدوا على يده في الأردن معترفين بخطاياهم (متى 3: 5 و 6). وكذلك أظهر المسيح نفسه كارزاً بمثل هذه الكرازة المختصة بملكوت الله، هو يشهد بنفسه أيضاً أنه لا يفتح الطريق إلى الملكوت إلى الرجوعُ إلى الله بإيمانٍ وتوبة. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 71165 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() بالحقيقة أن المسيح يقول في (متى 9: 12 و13) إن الأصحاء لا يحتاجون إلى طبيب، وإنه ما جاء ليدعو إلى التوبة الأبرار بل الخطاة إلا أن سياق الكلام يبين أن المسيح - إذ قال كلما قاله هنا - كان يفكر في الفريسيين وفي برِّهم الذاتي حين تجهموا لما رأوه يُجالس العشارين والخطاة. فلقد تعالوا على هؤلاء جداً ولعب برأسهم التبجُّح ببرِّهم ولم يستشعروا حاجتهم إلى محبة المسيح الباحثة عن المحتاجين إليها. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 71166 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() في الآية الثالثة عشرة يقول المسيح صراحةً وما يُفهم منه أن الفريسيين، لو فهموا أن الله في شريعته لم يُرِد الذبائح الخارجية بل الرحمة الروحية الداخلية، لكانوا وصلوا إلى الاقتناع بأنهم هم أيضاً - شأنهم شأن العشارين والخطاة -مذنبون ونجسون ومحتاجون إلى التوبة باسمه الكريم. وهو نفسه في تلك الأثناء يقصر خدمته على خراف بيت اسرائيل الضالة (مت 15: 24)، غير أنه بعد قيامته يكلف تلاميذه وكالة الانطلاق إلى العالم أجمع والكرازة بالإنجيل للخليقة كلها، لأن الخلاص هو لجميع البشر الذين يركنون إلى الإيمان باسمه (مرقس 16: 15 و16). ومما يوافق هذا أن الرسول بولس يبدأ رسالته إلى مؤمني مدينة رومية بعرضٍ شامل للحجج التي تُبين أن العالم كُلَّه مذنبٌ أمام الله وأنه بالتالي لن يتبرر جسدٌ ما بأعمال الناموس (رو 3: 19 و 20). فليس الوثنيون فقط لم يعرفوا الله ولم يمجِّدوه (رو 1: 8 - 32). بل أيضاً اليهود المفاخرون بامتيازاتهم ولكنهم في الواقع يُذنبون بالخطايا عينها هُم جميعاً تحت حُكم الخطية (رو 3: 9؛ 11: 32؛ غلاطية 3: 22). ولا بُدَّ أن يكون ذلك لكي يستدَّ كلُّ فمٍ وتتعظم نعمة الله وحدها في خلاص الجميع. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 71167 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() الواقع أن هذا الإثم الشامل هو على نحو جوهري أساس الكرازة بالإنجيل في العهد الجديد، بحيث يصبح لكلمة "العالم" مضمونٌ بغيض جداً. فإذا نظرنا إلى العالم في حد ذاته وإلى كلِّ ما فيه نجد بالطبع أن الله هو خالق هذا وذاك؛ غير أن العالم صار من جراء الخطية فاسداً جداً بحيث إنه يقوم الآن في مواجهة الله كقوةٍ معادية. فهو لا يعرف الكلمة الذي له يدين بوجوده (يوحنا 1: 10). وهو بكامله موضوع في الشرير (1 يوحنا 5: 19)، وخاضعٌ للشيطان كرئيس له (يو 14: 30؛ 16: 11)، وهو زائلٌ بكل ما فيه من شهوة ومرغوبية (1 يو 2: 16). وكل من يُحبُّ العالم يبين أن محبة الآب ليست فيه (1 يو 2: 15)، ومن أراد أن يكون محباً للعالم فقد صار عدواً لله (يعقوب 4: 4). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 71168 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() من أراد أن يكون محباً للعالم فقد صار عدواً لله (يعقوب 4: 4). ومن شأن هذه الحالة الرهيبة التي توجد فيها البشر والعالم بالطبيعة أن تثير الأسئلة حول مصدرها وسببها: من أين جاءت، لا الخطية الأولى وحدها بل حالة الإثم الشاملة؟ وما مصدر الذنب والفساد اللذين يشملان الجنس البشري كلَّه واللذين يخضع لهما كلُّ إنسانٍ منذ ولادته، ما عدا المسيح طبعاً؟ أبين الخطية الأولى التي ارتُكبت في الفردوس وطوفان الإثم الذي غمر العالم مذ ذاك أيةُ علاقة؟ وإن كان نعم، فما طبيعة هذه العلاقة؟ هنالك من يقفون مع بيلاجيوس في إنكاره الكلي لمثل هذه العلاقة. فبحسب ما يقولون إن كل فعلٍ آثم هو عملٌ قائمٌ بذاته ولا يُدخل أي تغيير على الطبيعة البشرية، ويمكن بالتالي أن يعقبه في اللحظة التالية فعلٌ صالح على نحو استثنائي. وبعدما تعدى آدم وصية الله، ظل في طبيعته الداخلية، أي في نزوعه وإرادته، مثلما كان كلياً. وهكذا أيضاً جميع الأولاد الذين يتحدرون من هذين الزوجين البشريين الأولين يولدون بطبيعة حيادية وبريئة من الذنب،كتلك التي كانت لآدم أصلاً. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 71169 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() يمضي أتباع إن كل فعلٍ آثم هو عملٌ قائمٌ بذاته فيقولون إنه ليس ثمة ما يسمى طبيعةً فاسدة أو نزعة خاطئة أو عادة آثمة، لأن الخليقة كُلَّها بَرَّأها الله وهي تبقى جيدة. إذ ليس هنالك إلا أفعالٌ رديئة، وهذه لا تشكل سلسلة متصلة غير منفصلة، بل هي على حالٍ تتيح لها أن تتبادل الأدوار كلَّ حين مع الأعمال الصالحة، وهي مرتبطة بالشخص نفسه بطريقةٍ لا تُجاوز البتة الاختيار الحر المتوقف كلياً على الإرادة. أما الأثر الوحيد الذي ينتقل من الأفعال الأثيمة أو الأعمال الرديئة إلى الشخص نفسه أو إلى الآخرين الذين في جواره، فهو أثر القدوة السيئة فقط. فما إن نفعل عملاً ردياً مرةً، حتى نصير نزاعين إلى فعله ثانيةً، ولا أرجح أن يقتدي الآخرون بنا، والإثم الشامل الذي يتردى فيه الجنس البشري كلُّه يجب أن يُفسَّر بهذه الطريقة. أي بطريقة المحاكاة. فليس من شيءٍ يُدعى الخطية الموروثة. إذ أن كل إنسان يولد بريئاً، ولكن القدوة السيئة التي يقدمها للناس عموماً هي ذات تأثير سيئ في المعاصرين والحُفَداء على السواء. وإذ تحدوا الجميع العادةُ والعُرف، يسلكون جميعاً في الطريق الأثيم عينه، مع أنه ليس مستحيلاً ولا مستبعداً أن يقوم هُنا أو هناك فردٌ ما فيؤكد ذاته في وجه قوة العرف ويشقُّ طريقه وحيداً ويعيش بقداسةٍ على الأرض. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 71170 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() بيد أن هذه المحاولة في تفسير فساد البشرية لا تناقض كلمة الله المقدسة في كل ناحية وحسب، بل إنها أيضاً سطحية وغير وافية حتى لا يكاد أحدٌ يدعمها كلياً ولو بصورة نظرية. ثم إن لها ما يُناقضها في الحقائق الواقعة التي تشهدها اختباراتنا الخاصة وحيواتنا الشخصية. فجميعنا نعلم من اختبارنا أن فعلاً رديئاً ما ليس خارجياً بالنسبة إلينا وكأنه رداءٌ مُتَّسخ يمكن خلعه وطرحه جانباً، بل إنه بالأولى مرتبطٌ بطبيعتنا الداخلية وهو يخلِّف فيها آثاراً لا تُمحى. فبعد كل عمل خاطئ، لا نعود مثلما كُنَّا قبله. إذ إن الخطية تجعلُنا مذنبين ونجسين، وتسلبنا سلام الذهن والقلب، ويعقبها الندم وتبكيت الضمير، وهي تمكننا في الميل إلى الشر، بل في الانحراف إليه، وتُدخِلنا إلى حالة لا نقوى فيها، آخِرَ المر، على بذل المقاومة لسلطان الخطية، بل نستسلم حتى لأخفِّ التجارب. |
||||