![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 71151 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() الإنسان لم يفقد كينونته أو طبيعته البشرية، من جراء الخطية. ما تزال لديه نفس وجسد، وعقل وإرادة، وعواطف واهتمامات من أنواعٍ شتى. غير أن جميع هذه الهبات مع كونها صالحة في ذاتها ونازلة من عند أبي الأنوار، باتت الآن تُستعمل كأسلحة ضد الله موضوعة في خدمة الإثم. وعليه، فالخطية ليست مجرد نقص أو حاجة، ولا هي أيضاً فقدان الإنسان لما كان يمتلكه أصلاً. فليس هذا أشبه بوضعِ من كان غنياً ثم افتقر، أو من مُني بخسارةٍ فادحة ثم كان عليه أن يواصل العيش بأقل كثيراً مما كان له. بل إن الخطية أكثر من ذلك بكثير. إنها حرمان الإنسان ما كان يجب أن يمتلكه ليكون إنساناً بكل معنى الكلمة؛ وهي في الوقت نفسه إدخالُ نقصٍ أو تشويه لا يليق بالإنسان. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 71152 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() أثبت العلم المعاصر أن المرض ليس مادة خاصة مستقلة بذاتها، بل هو بالأحرى عيشٌ في ظروف مغايرة بحيث أن قوانين الحياة تبقى في الواقع هي إياها كما في الجسم السليم، إلا أن أعضاء المريض الحية ووظائفها يعتريها اختلالٌ في نشاطها السوي. حتى الجسد الميت لا يتوقف فيه العمل غير أن النشاط الذي يبدأ عندئذٍ يكون من نوعٍ هدام يؤول إلى الانحلال. بهذا المعنى عينه، ليست الخطية مادة في ذاتها بل هي بالأحرى ذلك الاختلال اللاحق بجميع ما أعطى الله الإنسان من مواهب وقدرات، على نحوٍ يجعلها تعمل في اتجاهٍ آخر، لا نحو الله بل بعيداً عنه في خطٍّ معاكس. فإن العقل والإرادة، والاهتمامات والعواطف والمشاعر، والقدرات النفسية والبدنية من نوعٍ أو آخر هذه كلها كانت فيما مضى آلات بر، لكنها الآن استحالت آلات إثم، وذلك بفعل الخطية الخفي. فلم تكن صورة الله التي نالها الإنسان عند خلقه، مادةً مستقلة، إلا أنها كانت مع ذلك مناسبة تماماً لطبيعته بحيث إنه عندما فقدها صار مشوهاً وناقصاً كلياً. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 71153 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() لو قُدِّر لأحد أن يرى الإنسان على حقيقته، داخلاً وخارجاً، لاكتشف فيه ملامح تشبه الشيطان أكثر مما تماثل الله (يوحنا 8: 44). فقد حل المرض والموت الروحيان محل الصحَّة الروحية. ولكن هذه الأخيرة لا تقل عن سابقيها قدراً من حيث كونها عنصراً مكوَّناً من عناصر الإنسان الكيانية. حتى أن الكتاب، عندما يشدّد على الطبيعة الأدبية للخطية، يؤكد بذلك أيضاً إمكان افتداء الإنسان. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 71154 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() ليست الخطية شيئاً ينتمي إلى جوهر العالم بل هي بالأحرى شيءٌ أدخله الإنسان إلى العالم. لذلك السبب يمكن أيضاً إزالتها من العالم بقوة النعمة الإلهية التي هي أقوى من كل مخلوق. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 71155 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() لم تبق أول خطية ارتكبها الإنسان وحدها طويلاً. فهي لم تكن ذلك النوع من الفعل الذي يستطيع الإنسان بعد فعله أن ينفض يده منه ويزيل آثاره. إذ لم يعد في استطاعة الإنسان بعد هذه الخطية أن يواصل مسيرته وكأن شيئاً لم يكن. ففي اللحظة التي سمح الإنسان فيها للخطية بأن تُقيم في فكره ومخيلته، وفي رغبته وإرادته، في تلك اللحظة بالذات حدث فيه تغيُّر هائل. وذلك واضح جلياً من حقيقة كون آدم وحواء، بعد السقوط مباشرة، حاولا الاختباء من وجه الله والتستُّر أحدهما من الآخر، وقد انفتحت أعينهما كليهما فعلما أنما عُريانان (تكوين 3: 7). ففجأةً، في لحظة واحدة، وقف أحدهما مقابل الآخر في علاقة جديدة مختلفة. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 71156 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() آدم وحواء، بعد السقوط مباشرة إذ رأى أحدهما الآخر كما لم يره قطٌّ من قبل. فلم يتجاسرا ولم يتمكنا، بكل حرية وبلا أي تحفظ، أن ينظرا بعضهما في عيني بعض. لقد شعرا، في قرارة النفس بأنهما مذنبان وغير طاهرين، فخاطا أوراق تين وصنعا لأنفسهما ما يستران به عُريَهما أحدهما أمام الآخر. ورغم كل شيء، تشارك أحدهما مع الآخر في الوضع نفسه وشعرا أنهما واحد إزاء الخوف المشترك وضرورة الاختباء من وجه الله في وسط شجر الجنة. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 71157 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() آدم وحواء، بعد السقوط مباشرة قد وفرت أوراق التين ستراً جزئياً لعورة أحدهما عن الآخر، ولخزيهما بعضهما أمام بعض، غير أنها ما كانت وافيةً لمواجهة وجه الله، ولذلك هربا واختبأا في أعماق أشجار الجنة الغبياء. فإن الخزي والخوف استوليا عليهما، لأنهما ضيعا صورة الله وشعرا أنهما مذنبان وغير طاهرين أمام وجهه. وهذه هي دائماً عاقبة الخطيئة |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 71158 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() أمام الله ونفوسنا وإخواننا البشر، نفقد العفوية والحرية الروحيتين الداخليتين، لكونهما حقيقتين واقعتين لا يشبعهما في قلوبنا إلا الشعور بعدم الذنب. على أن هول الخطية الأولى يتوضح بأكثر جلاءً أيضاً في حقيقة كون آثارها تنتقل من أول زوجين بشريين إلى جميع البشر دون استثناء فقد اتُّخذت الخطوة الأولى في الاتجاه المغلوط وإذا جميع المتحدرين من آدم وحواء يسيرون خلفهما في الطريق عينه. وعمومية الخطية واقع يفرض ذاته على إدراك كل إنسان. فهي حقيقة واقعية راسخة على نحو لا يقبل الجدل، يؤيِّدها أيضاً دليل الاختبار وليس فقط تعليم الكلمة الإلهية المقدسة. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 71159 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() لن يكون أمراً عسيراً البتة أن نجمع الشهادات الدالة على الخطية من كل مكان وزمان. فأبسطُ الناس وأكثرُهم ثقافة يتفقون جميعاً في هذا الأمر حتى ليقال إنه لا يولد أحدٌ من دون خطية. ولكلٍ ضعفاته ونقائصه. ومن عِلَل الإنسان الفاني غباوة الفكر، ويقصد بذلك لا حتمية الخطأ وحسب بل محبة الخطأ أيضاً. ولا أحد حر الضمير. والضمير يجعلنا جميعاً خونة. وأثقل حملٍ يتعين على البشر أن يحملوه هو عبء الذنب على هذا النحو تطرق مسامعنا أقوالٌ وأقوال من كل جهةٍ في تاريخ البشرية. حتى أولئك الذين ينطلقون من مبدأ أساسي عندهم، هو أن الإنسان خيِّرٌ بالطبيعة، يُضطرون في نهاية استقصائهم لأن يعترفوا بأن بذور جميع الخطايا والأفعال الرديئة مخبوءة في قلب كل إنسان. وكم من الفلاسفة قد دوَّنوا الإشتكاء من كون جميع البشر أشرارً بالطبيعة. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 71160 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() يؤيد الكتاب المقدس هذا الحكم الذي أصدرته البشرية على نفسها. فبع أن يورد في الفصل الثالث من التكوين خبر السقوط، يبين في الفصول اللاحقة كيف انتشرت الخطية وازدادت في الجنس البشري حتى بلغت في آخر المر ذروة باتت معها دينونة الطوفان ضرورة لا مفر منها. فبخصوص جيل البشر السابق للطوفان يقول الكتاب إن شر البشر قد تعاظم جداً على الأرض، وإن كل تصور من أفكار قلب الإنسان كان شريراً كلَّ يوم، وإن كل بشر قد أفسد طريقه على الأرض، وقد رأى الله الأرض فإذا هي قد فسدت (تكوين 5: 6، 11 و 12). غير أن الطوفان العظيم لا يأتي بأي تغيير في قلب الإنسان. فبعد الطوفان أيضاً يقول الله عن البشرية الجديدة العتيدة أن تتحدّر من أسرة نوح إن تصور قلب الإنسان شريرٌ منذ حداثته (تك 8: 21). |
||||