منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13 - 03 - 2022, 11:51 AM   رقم المشاركة : ( 70631 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,302,116

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




مهما كانت حقيقة الأمر، فإن سقوط الملائكة قد سبق سقوط الإنسان.

ورُغم كل شيء، لم يصل الإنسان إلى تعدي وصية الله من تلقاء ذاته فقط، بل حُرِّض عليه.
فإذ خدعت الحيةُ حواءَ وأغوتها، وقعت في التعدي (2 كورنثوس 11: 3، 1 تي 2: 14).
وعلينا بكل يقين ألا نعتبر هذه الحية كأنها ظهورٌ رمزي بل إنها حية بالفعل، إذ نقرأ صراحةً أن هذه الحية كانت أحيل - أو أدهى - جميع حيوانات البرية (تكوين 3: 1؛ متى 10: 16).
ولكن على مثل هذه الدرجة من اليقينية أيضاً، يأتينا الإعلان الإلهي فيما بعد بفكرة أن قوة شيطانية استخدمت الحية لتخدع الإنسان وتُغويه. إذ نقرأ في مواضيع كثيرة في العهد القديم أن الشيطان هو المشتكي على الإنسان والمجرب له (أيوب 1: 1؛ 1 أخبار الأيام 21: 1؛ زكريا 3).

غير أن قوة الظلام الرهيبة تُعلن أول مرة عندما أشرق على العالم أولاً النور السماوي في المسيح.
فعندئذٍ تبدى للعيان أن ثمة عالماً خاطئاً آخر غير العالم الذي هو هنا على الأرض. فإن هنالك عالمَ شرٍّ روحياً خُدامُه المطيعون شياطين لا يكاد عددها يُحصر، وأرواحُ شريرة نجسة، رئيسُها ورأسُها هو الشيطان (راجع متى 12: 45).
هذا الشيطان تُطلق عليه أسماء شتى فهو ليس فقط الشيطان، أي الخصم؛ بل أيضاً إبليس، أي المجدّف؛ والشرير (متى 16: 13؛ 13: 19)، والعدو (متى 13: 39؛ لو 10: 19)، والمشتكي (رؤيا 12: 10)، والمجرِّب (متى 4: 3)، وبليعال، أي الدناءة أو التفاهة (2 كورنثوس 6: 15)، وبعلزبزل أو بعل زبوب، وهو الاسم الذي أُطلق أصلاً على إله الذباب الذي عُبد في عقرون (2 ملوك 1: 2؛ متى 10: 25)، ورئيس الشياطين (متى 9: 34)، ورئيس سلطان الهواء (أفسس 2: 2)، ورئيس هذا العالم (يوحنا 12: 31)، وإله هذا الدهر (2 كورنثوس 4: 4)، والتنين العظيم والحية القديمة (رؤيا 12: 9).
 
قديم 13 - 03 - 2022, 11:53 AM   رقم المشاركة : ( 70632 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,302,116

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




مملكة الظلام هذه لم تكن موجودة منذ بدء الخليقة، بل برزت إلى الوجود بسقوط الشيطان وملائكته.
فإن بطرس يقول عموماً إن ملائكةً أخطأوا فعاقبهم الله بالتالي (2 بطرس 2: 4)؛ ولكن يهوذا - في الآية السادسة من رسالته - يشير بأكثر تحديد إلى طبيعة خطيَّتهم يُعلن أنهم لم يحفظوا رياستهم بل تركوا مسكنهم في السماء. فهم لم يقنعوا بالوضع الذي وضعهم الله فيه، واشتهوا ما هو أرفع منه.

هذا التمرُّد حصل عند البدء، لأن إبليس من البدء يُخطئ (1 يو 3: 8)، وكان منذ البدء يهدف إلى إفساد الإنسان. ويقول الرب يسوع صراحةً إن الشيطان كان منذ البدء قتّالاً للناس ولم يثبت في الحق لأنه كذاب (يو 8: 44).
 
قديم 13 - 03 - 2022, 11:56 AM   رقم المشاركة : ( 70633 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,302,116

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




من هذا الشيطان جاءت تجربة الإنسان عن طريق انتهاز الوصية التي أعطاها الله للإنسان بألا يأكل من شجرة معرفة الخير والشر. ويشهد الرسول يعقوب أن الله منزَّه عن التجربة، وأنه لا يجرِّب أحداً بالشر. وبالطبع ليس معنى هذا أن الله لا يجرِّب إنساناً، أو يمتحنه. فالكتاب يتحدث غالباً عن حالات يفعل الله ذلك بعينه، سواءٌ في حالات كحالة كلٍ من إبراهيم وموسى وأيوب والمسيح بذاته، أو مباشرةً في حالة الإنسان الأول أي آدم. ولكن عندما يقع أحد في التجربة، فإنه يلجأ حالاً إلى إلقاء تهمة سقوطه على الله ويقول إن الله جرَّبه، أي امتحنه بقصد إسقاطه، أو أجازه في اختبارٍ لا بُد له أن يُخفق فيه.
 
قديم 13 - 03 - 2022, 12:03 PM   رقم المشاركة : ( 70634 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,302,116

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




نرى أن آدم بعد السقوط نسب هذه التهمة إلى الله.وتلك هي النزعة الخفية في قلب إنسان الآن. لذلك يضطلع يعقوب بمواجهة هذه النزعة فيقول على نحوٍ حازم وجازم إن الله نفسَه فوق مستوى التجربة وأنه لا يًجرب أحداً البتة. إنه لا يًجرب أحداً بقصد أن يجعله يسقط، وهو لا يُجيز أحداً في امتحان لا تكون له طاقةٌ لاحتماله (1 كو 10: 13). فالوصية الاختبارية المعطاة لآدم كان المقصود بها أن تجعل طاعة آدم معلنة، ولم تكن بحالٍ من الأحوال، تفوق طاقته أو قدراته. وبمنطق البشر، كان في وسع الإنسان أن يحفظ تلك الوصية بكل يُسر، لأنها كانت خفيفة، ولا تُقارن في ثقلها البتة بكل ما أعطي آدم وسُمِح له به.
 
قديم 13 - 03 - 2022, 12:05 PM   رقم المشاركة : ( 70635 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,302,116

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




ما يقصده الله دائماً للخير يؤوله الشيطان دائماً للشر. فهو يُسئ استعمال الوصية الاختبارية ويُحيلها إلى تجربةً، يهجم بها بخدعة على طاقة الإنسان الأول، قاصداً بها كما هو واضح أن يحمل الإنسان على السقوط. فأولاً، يصور الشيطان الوصية الإلهية كأنها ثقلٌ اعتباطي نافل أو تحديد لا أساس له لحرية الإنسان. وهكذا يزرع في قلب حواء بذرة الشك في الوصية من حيث مصدرها الإلهي وعدالتها. وثانياً، يطور ذلك الشك إلى عدم إيمان معتمداً على فكرة كون الله قد أعطى الإنسان هذه الوصية لئلا يصير الإنسان مثله عارفاً الخير والشر. وعدم الإيمان هذا يثير بدوره المخيِّلة فيجعل التعدي يظهر، لا بوصفه السبيل إلى الموت، بل طريقاً إلى الحياة الأبدية وإلى المساواة بالله. ومن ثم يفعل التخيُّل فعله في ميل الإنسان وسعيه، بحيث تبدأ الشجرة المحرمة تكتسي حُلَّةً أخرى: فإذا هي شهية للنظر ومرغِّبة للقلب. وإذ حبلت الشهوة على هذا النحو عطّلت الإرادة ثم ولدت الخطية. وهكذا أخذت حواء من ثمر الشجرة وأكلت فعلاً، وأعطت رجُلَها أيضاً معها فأكل هو الآخر (تك 3: 1 – 6).
 
قديم 13 - 03 - 2022, 12:06 PM   رقم المشاركة : ( 70636 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,302,116

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




في سبر أغوار النفس البشرية، تروي كلمة الله خبر السقوط وأصل الخطية. وعلى هذه الشاكلة أيضاً ما تزال الخطية تنفذ إلى حيز الوجود. فإنها تبدأ بإظلام الذهن، وتستمر بتهييج المخيِّلة، وتُثير الشهوة في القلب، وتبلغ ذروتها بفعلٍ من الإرادة. وحقيقة الأمر، إن بين نشوء الخطية الأولى وعمل سائر الخطايا من بعدها فرقاً كبيراً. فالخطايا الأخرى تنطلق من طبيعةٍ خاطئة في الإنسان وتستغلُّ وجود هذه الطبيعة. ولم تكن مثل هذه الطبيعة موجودة في آدم وحواء، لأنهما خُلِقا على صورة الله. ولكننا نفعل حسناً إذا تذكرنا أنهما، رغم كل كمالهما، خُلِقا على حالٍ تحتمل سقوطهما، وأيضاً أن الخطية، بسببٍ من طبيعتها، تُحيط بها دائماً صفتا اللا تعقل والاختيار. فإذا أخطأ أحد، يحاول دائماً أن يعذر نفسه أو يبررها، لكنه لا ينجح البتة في ذلك؛ إذ لا يوجد أبداً أي أساس معقول أو منطقي للخطية. فوجود الخطية كان في كلِّ حين وسيبقى تعدياً وخرقاً للأصل وبينما يحاول البعض في أيامنا أن يؤكدوا أن الشر يصل إلى فعلته الخاطئة بفعل الظروف أو بدافع نزعته الطبيعية، فإن مثل هذه الحتمية الداخلية أو الخارجية خاضعةٌ دائماً في ضمير المرء لتنازع طاغ. فلا يعقل أن تُعزى الخطية - لا منطقياً ولا نفسياً - إلى ميلٍ أو فعلٍ له أيُّ داعٍ لأن يوجد أو أيُّ حق بذلك.
 
قديم 13 - 03 - 2022, 12:07 PM   رقم المشاركة : ( 70637 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,302,116

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




أول خطية ارتُكبت، أي خطية الإنسان الأولى في الجنة. وعلى الرغم من وجود ظروف تحاول تخفيف الأمر في أيامنا هذه، إلا أن هذه الظروف لا تسوغ الخطية وإن كانت تحد بالفعل من معيار الذنب. ولكن في خطية الزوجين البشريين الأولين لم يكن حتى ظرفٌ واحدٌ يمكن أن نحتجَّ بأنه عاملٌ مخفف للجرم. بل إن كلَّ ما يُمكن اعتباره قرائن لحدث السقوط يضخم في الواقع مد الجرم لا يخففه - نعني بذلك: الإعلان الخاص الذي به بُلِّغ آدم حواء الوصية الاختبارية؛ وكونَ مضمون هذه الوصية هو ما هو بحيث لم يكن يقتضي إلا القليل من نكران الذات؛ وخطورة العقوبة الناتجة عن مخالفة الوصية؛ وهول العواقب، وقداسة طبيعة الإنسان الأول.
وبينما نستطيع أن نُلقي بعض الضوء على إمكانية السقوط، يبقى الانتقال إلى حدوثه الفعلي محفوظاً بالظلام. فالكتاب المقدس لا يتضمن ولو تلميحاً واحداً يعيننا على فهم هذا الانتقال. وبذلك يجعل الكتاب الخطية تبرز غير مخفَّفة، في طبيعتها الخاطئة جداً. فهنالك فعلاً شيءٌ هو الخطية، إلا أنه غير شرعي. فطالما كانت وتظلُّ وستبقى إلى الأبد، في نزاعٍ مع شريعة الله ومع شهادة ضميرنا.
 
قديم 13 - 03 - 2022, 12:07 PM   رقم المشاركة : ( 70638 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,302,116

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




إن خبر السقوط في (تكوين 3)، إذ يربط بين هذين الطرفين، أعني - من جهة - تقديم عرض نفسي لنشوء الخطية (وهي شيءٌ يشعر بحقيقته كلٌّ منا كل لحظة في حياته) ثم – من جهة أخرى – إظهار الخطية بصورة مذهلة في طبيعتها غير المعقولة التي لا يُلتَمَس لها العذر، ليسمو كثيراً جداً فوق كل رواية تتناول أصل الخطية من بين ما تأتّى للحكمة البشرية أن تطلع به عبر العصور. ثمَّ إن وجود الخطية والشقاء هو، رغم كل شيء، أمرٌ نعرفه لا من الكتاب المقدس وحسب بل تنادي لنا به كلَّ يومٍ وكلَّ لحظة خليقةٌ تئنُّ بكاملها. فالعالم كلُّه يندرج تحت لافتة السقوط. حتى لو كان العالم من حولنا لا يُعلن ذلك، إذاً لذكرنا به من لحظة إلى لحظة صوت الضمير الذي يتهمنا كل حين، كما يذكرنا به بؤس القلب الذي يُنبينا عن شقاء لا يوصف.
 
قديم 13 - 03 - 2022, 12:08 PM   رقم المشاركة : ( 70639 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,302,116

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




ما كان ليتعب بني البشر، في كل مكان وزمان، السؤال: لماذا الشر؟ لماذا شر الخطية وشر الشقاء؟ ذلك هو السؤال الذي شغل فكر البشر وجثم على قلوبهم وعقولهم ساعةً بعد ساعة، أكثر مما شغلهم السؤال المتعلق بأصل الإنسان أيضاً. ولكنْ، لنقارنِ الآن بالجوابِ البسيط الذي يقدمه الكتاب المقدس عن هذا السؤال، الحلول التي ارتأتها له الحكمةُ البشرية.
وبطبيعة الحال، ليست هذه الحلول متشابهةً بحالٍ من الأحوال. غير أنها رغم ذلك تنمُّ عن علاقة ما، وبالنظر إلى هذا الواقع يمكن تحديد هذه الحلول. فالحلُّ الذي يُطرح أكثر من غيره هو ذاك الذي يزعم أن الخطية ليست ساكنةً في الإنسان ولا هي تخرج منه، بل إنها تلتصق به من الخارج. والواقع أن هذه الفكرة تذهب إلى أنَّ الإنسان صالح بطبيعته وقلبه غير فاسد، والشر يكمن في الظروف، أي في البيئة، في المجتمع الذي يولد فيه الإنسان ويُنشَّأ. فإذا أزَلْنا هذه الظروف، بأن نُدخِل مثلاً توزيع الثروات بالتكافؤ على جميع الناس، يصير الإنسان صالحاً بصورة طبيعية، إذ لا يعود ثمة أيُّ سببٍ يدعوه لأن يفعل الشر.
 
قديم 13 - 03 - 2022, 12:10 PM   رقم المشاركة : ( 70640 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,302,116

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




الفكرة الخاصة بأصل الخطية وجوهرها طالما كان لها دائماً مؤيدين كثيرون، لأن الإنسان نزَّاعٌ في كل حين إلى إنحاء ذنبه على الظروف. على أنها وجهة نظر لقيت إكراماً خاصاً لما انفتحت الأعينُ، منذ القرن الثامن عشر، على الفساد السياسي والاجتماعي، وامتُدِح قلْبُ المجتمع والدولة رأساً على عقب بصورة جذرية باعتباره ترياقاً لجميع الأدواء. ولكن في موضوع صلاح الإنسان بالطبيعة هذا، عاد القرن التاسع عشر فأدخل قدراً معيناً من إزالة الوهم. أما حالياً فليس قليلاً بأيِّ حال عددُ الذين يعدُّون طبيعة الإنسان شريرة جذرياً وييأسون من إصلاحه.
وهكذا راج من جديد ذلك التفسير الآخر الذي يبحث عن أصل الخطية في طبيعة الإنسان الحسية. فالإنسان له نفس، لكن له جسداً أيضاً، وهو روحٌ لكنه جسدٌ أيضاً. والجسد ذاته له دائماً نزعاتٌ وميول أثيمة، متمثلة تقريباً في الشهوات الدنسة والهواء المنحطة، وبذلك يقوم - من حيث الطبيعة - ضداً للروح بمفاهيمها وأفكارها ومُثُلها. ونظراً لأن الإنسان عندما يولد يستمر سنين طويلة عائشاً نوعاً من الحياة نباتياً وحيوانياً، ويظل ولداً يعيش على أساس الصور المحسوسة، فغنيٌ عن البيان أن الجسد يكون هو العنصر المسيطر طيلة سنين كثيرة فيُبقي الروح خاضعة له. ولا تنعتق الروح - بحسب وجهة النظر هذه - من سلطة الجسد إلا تدريجياً. ولكن التطور من الجسدانية إلى الروحانية. وإن كان تدريجياً إلى آخر حد، يستمر بالفعل في البشرية وفي الإنسان الفرد.
بطريقةٍ أو بأخرى شبيهة بما تقدم، تحدّث الفلاسفة والمفكرون مراراً وتكراراً عن أصل الخطيئة. إلا أنهم في الزمن الحديث الأقرب إلينا عهداً تلقوا دعماً قوياً من النظرية القائلة بأن الإنسان في ذاته تحدَّد من الحيوان وأنه في قلبه ما زال حيواناً بالفعل.
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 04:01 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025