|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
20 - 11 - 2022, 11:07 AM | رقم المشاركة : ( 61 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
قداسة البابا شنوده الثالث الصراحة: كيف؟ ومع من؟ وما حدودها؟ سألني أحد الشبان ذات مرة قائلًا: "إنني إنسان صريح. لا أعرف النفاق ولا الرياء ولا المجاملة. ولا أقول غير الصدق في صراحة كاملة. ولكنني -للأسف الشديد- ساءت علاقتي مع الذين أصارحهم برأيي فيهم أو في تصرفاتهم. فيتعبون، ويسببون لي متاعب... - فماذا أفعل. بماذا تنصحني؟ هل من الخطأ أن أتكلم بصراحة؟" ولما كان موضوع الصراحة يهم الجميع، كما يهم صاحب هذا السؤال، لذلك يسرني أن أناقشه معه ومعكم في هذا المقال... الصراحة ليست خطأ، بل قد تكون فضيلة أحيان. إنما المهم هو في أسلوبها، ومع من تكون، وكيف تكون؟ والذي يتعب من صراحتك، إنما يتعب من الأسلوب الذي تتكلم به أثناء صراحتك معه. هل هو أسلوب لائق أم غير لائق؟ هل هو أسلوب جارح أو أسلوب قاسٍ؟ وهل يشمل اتهامًا أو توبيخًا؟ وهل هذا الاتهام فيه لون من الظلم، لأنه يعتمد على معلومات غير سليمة قد وصلت إليك؟ وهل أنت تتكلم بروح المحبة أم بروح الهجوم والهدم؟ وهل أنت في صراحتك تتدخل في ما لا يعنيك، وتتجرأ على ما هو ليس من اختصاصك؟ كذلك – في صراحتك – راع الأسلوب الذي تتكلم به مع شخص أكبر منك سنًا أو مقامًا أو مركزًا. لاشك أن الصراحة معه تختلف عن صراحتك مع شخص في نفس سنك ومركزك. وتختلف عن صراحتك مع صديق توجد بينك وبينه دالة. وتسمح هذه الدالة أن تستخدم معه ألفاظًا لا تستطيع أن تستخدمها مع شخص كبير... إنك تستطيع مثلًا أن تقول في صراحتك مع صديق "أنت غلطان". ولكنك ربما لا تستطيع أن تقول هذه العبارة لوالدك أو عمك أو أي شخص له مهابة في نظرك. إنما تستخدم تعبيرًا آخر يكون فيه لون من الأدب والاستحياء.. لذلك فإن الصراحة يلزمها أدب المخاطبة: فعليك في صراحتك أن تكون حريصًا على انتقاء الألفاظ. بحيث تستخدم ألفاظًا تصل بها إلى هدفك، دون أن تهين من تكلمه أو تجرحه أو تسئ إليه، لأن هذا غير لائق ولا يأتي بنتيجة سليمة... فهناك أشخاص -في صراحتهم- يستخدمون ألفاظًا مثل رجم الطوب. ويحاولون أن يخفوا هذا الخطأ تحت اسم الصراحة! ويكون العيب ليس في صراحتهم، وإنما في عدم حرصهم على أدب التخاطب، وفي عدم اللياقة.. كذلك ينبغي أن تكون الصراحة في حكمة، وبهدف روحي سليم.. فهل الهدف من صراحتك هو التوبيخ والإهانة ومجرد النقد؟ أم الهدف هو تبليغ رسالة معينة؟ أم الهدف هو العتاب والتصالح؟ فإن كان الهدف سليمًا، تكون الوسيلة الموصلة إليه سليمة أيضًا وتأتى بنتيجة طيبة... أقول هذا، لأن البعض يظنون أن هدف الصراحة هو توبيخ المخطئ أو من يظنون أنه مخطئ. حسب قول أحدهم مفتخرًا بصراحته: "أنا إنسان صريح. أقول للأعور: "أنت أعور" في عينه. فهل يا أخي إن قلت هذا للأعور، تكون قد كسبته أم خسرته؟! وهل في معايرتك له بأنه أعور، تكون صراحتك سببًا في إرجاع البصر إلى عينه العوراء؟! أم هي صراحة لمجرد التجريح والإهانة والإيذاء؟! وبلا فائدة تجنيها منها... مثل هذا الإنسان (الصريح) يرى في الصراحة إثباتًا لجرأته!! يرى نفسه شجاعًا في تطاوله على غيره! إذن فلو كانت صراحته مجرد مجال لإثبات الذات لا تكون حينئذ فضيلة، بل خطية... إنه يتجرأ في الهجوم على الكبار. وكلما ازداد قدر الذي يهاجمه، ازدادت ثقته بنفسه، واعتبر صراحته دفاعًا عن الحق، أو ما يتصور أنه حق! والمشكلة أن مثل هذا الشخص يتطور من الموضوعية إلى النواحي الشخصية! ولا يحترس في استخدام الألفاظ، حتى يصل إلى ما يعتبر سبًا وقذفًا!! ويظن أن هذا كله هو لون من حرية التعبير! غير أن حرية التعبير لن تكون حرية في التحقير أو في التشهير!! هنا ونشير إلى نوع من الصراحة، هو الصراحة الظالمة. كأن يتكلم إنسان في (صراحة)، دون دراسة وافية لما يقوله، وإنما اعتمادًا على بعض شائعات أو أقاويل لا نصيب له من الصحة. فيوجّه اتهامات قاسية تجرح المشاعر، يقولها بدون تحقق، وبغير مبالاة لنفسية من يتهمه ظلمًا. ويدعى أن الدافع له هو الصراحة. ولكنها صراحة ظالمة.. والبعض قد يُدخل الصراحة في موضوع العتاب: والعتاب يكون مقبولًا ونافعًا، إن كان الهدف منه هو التصالح وتنقية الأجواء، وإن كان في محبة ومودة. كأن يبدأ بذكر محاسن الصديق ومواقفه الطيبة، قبل أن يتعرض لنقطة العتاب. بهذا يكون أسلوبه مقبولًا ويصل به إلى نتيجة طيبة... غير أن البعض -باسم الصراحة وعدم المجاملة- يعاتب في عنف، وبألفاظ جارحة. وكأنما ينتقم لنفسه أثناء العتاب، ويحط من شأن صديقه. فلا يقبل ذلك منه، ويرد عليه بالمثل، ويشتعل الموقف. وينتهي هذا (العتاب الصريح) بتوسيع الهوة بينهما. وكما قال الشاعر: ودَعْ العتاب فربّ شرٍّ كان أوله العتاب. أما عن الصراحة التي تصدر من كبير إلى صغير: فينبغي أن تسودها روح الحنو، والرغبة في إفادته وليست السيطرة عليه. وهكذا تكون في محبة وإقناع، وفي نصح وتعليم. ولا تكون مجرد أحكام تصدر بتوبيخ وتعنيف، باسم الصراحة! إن الصراحة عمومًا، من المفروض أن تمتزج بالأدب واللياقة، سواء من كبير إلى صغير، أو من صغير إلى كبير... حقًا، إن هناك فرقًا بين الصراحة وسلاطة اللسان! |
||||
20 - 11 - 2022, 11:11 AM | رقم المشاركة : ( 62 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
قداسة البابا شنوده الثالث أهمّ ما في الأمور نهايتها دائمًا يبحث الناس عن النهاية، ويهتمون بها: وذلك في كل نواحي الحياة: تروى قصة أو تشاهد رواية، وكل ما يهمك ويهم غيرك، هو كيف انتهت القصة أو الرواية؟ وقد توجد قضية أو خلاف بين زوجين، أو حادث في الطريق... المهم هو كيف انتهى؟... وقد يشرح لك الراوي تفاصيل ما حدث. ولكنك تسأل في لهفة: والنهاية؟.. نفس الوضع في أية مباراة، أو أية منافسة، أو أية حرب بين دولتين، أو أي حوار أو تفاوض... السؤال المهم هو: وماذا كانت النهاية أو النتيجة؟.. نفس الوضع نقوله بالنسبة إلى العصاميين، والمعوقين... العصاميون بدأوا حياتهم في ظروف صعبة ما كانت تبشر بشيء من المستقبل السعيد. ولكن بالجهاد والصبر والاحتمال، قد تمكنوا من اجتياز الصعاب التي صادفتهم. وكانت النهاية طيبة جدًا، حصدوا فيها ثمار جهادهم... ويشبه هذا، من بدأت حياتهم بإعاقة بشرية مثل فقد البصر. مثلًا: فقد كانت بداية هؤلاء متعبة. ولكن كانت النهاية طيبة. نقول هذا عن طه حسين الذي صار وزير التعليم في مصر، وعميد الأدب العربي، ورئيس جامعة الإسكندرية. وهكذا نذكر أيضًا أبا العلاء المعرى الذي صار من أعظم شعراء اللغة العربية. ونذكر مع هذين الأديبين الكبيرين القديس ديديموس الضرير الذي على الرغم من كفّ بصره، اخترع طريقة للكتابة على البارز قبل العلامة برايل بحوالي 15 قرنًا، وصار من أعظم علماء المسيحية.. وهنا نقول إن المهم في حياة هؤلاء وأمثالهم، كانت النهاية التي انتهوا إليها، وليس نقطة البدء. مثال آخر هو الذين كابدوا ضيقات كثيرة وشديدة في حياتهم. ولكن المهم في حياتهم كان هو الانفراج الذين لاقوه في النهاية... + نذكر من بين هؤلاء يوسف الصديق الذي عامله إخوته بحسد وعنف، حتى بيع كعبد. وعلى الرغم من إخلاصه وعفته، اُتهم اتهامًا باطلًا وظالمًا من امرأة سيده، وقاسى كثيرًا. لكنه في النهاية خرج من السجن ليكون أعظم وزراء مصر، والثاني في المملكة... + نذكر مثالًا آخر هو أيوب الصديق وما قاساه في مرضه. وكيف صبر في آلامه، حتى يُضرب به المثل في الصبر. وكيف عافاه الله في النهاية، وصارت نهاية عمره أفضل من بدايته... + كل هذا يفتح بابًا للرجاء أمام الذين تصادفهم ضيقات أو أمراض. فربما تكون نهاية الضيقة هي الفرج، ونهاية المرض هي الشفاء. لهذا، ففي كل طريق يسلك فيه الإنسان، عليه أن يسأل نفسه في دقة وصراحة: ماذا ستكون نهاية هذا الطريق؟ + مثال ذلك: فتاة تحب شابًا ولا أمل في أن ينتهي مثل هذا الحب بالزواج! ومع ذلك تتعلق به، ولا تضع أمامها نهاية هذا التعلق! وقد تخطئ معه، دون أن تفكر ما تنتهي إليه الخطيئة، أي الضياع!! + أو زوج يختلف مع زوجته، ويحتدم الاختلاف بينهما ويستمر بلا صلح، دون أن يفكر أحد منهما: ماذا ستكون نهاية هذا الخلاف، ونتائجه عليهما وعلى أولادهما؟ إنهما ينشغلان بالخلاف فقط، ولا يفكران ماذا تكون النهاية! بينما الخطورة في النهاية... + كذلك شاب يبدأ التدخين - ولو بسيجارة واحدة، مجاراةً لزملائه، أو رغبةً في أن يجرب طعم التدخين! مثل هذا، عليه أن يفكر جيدًا ما نتيجة هذه التجربة؟! وبنفس الطريقة كل ممارسة يمكن أن تنتهي إلى عادة. كثيرون يأتون إلينا في مشاكل مالية، نذكر منها: + شخص في حاجة إلى قرض مالي. وفي مقابل ذلك يوقّع على شيك بدون رصيد، أو يوقّع على إيصال أمانة. وأسوأ من هذين من يوقّع شيكًا على بياض!! يمكن أن يكتب عليه الذي يستلمه أي مبلغ خيالي!! فأين كان عقل كل شخص من هؤلاء حينما وقّع على ورقة أو شيك، يمكن أن تنتهي به إلى السجن؟! ولكنه -للأسف الشديد- أسلوب من لا يفكر في النهاية! + أو شخص آخر يدخل في مشروع اقتصادي أو استثماري لم يدرسه، فتكون النهاية إفلاسه أو استدانته، وقد وضع فيه كل ماله! أو أنه يشارك في المشروع شخصًا يضع فيه كل ثقته، فتكون هذه المشاركة سببًا في ضياعه! ثم يشكو لأنه لم يفكر في النهاية... أيضًا كل خطأ يرتكبه الإنسان، عليه أن ينظر إلى النهاية، أي إلى نتائج هذا الخطأ وردود فعله... فلا يظن أنه فعل وانتهى الأمر. إنما ليسأل نفسه: وماذا بعد؟ فمثلًا: كل غضب يشتعل في داخله، ويظهر في ألفاظه ومعاملاته، فليسأل نفسه ماذا تكون ردود فعله عند الطرف الآخر؟ سواء بالنسبة إلى نفسيته ووقع ذلك الغضب عليها، أو بماذا سيرد؟ فالأمر لم ينته بعد. وربما تكون له نهاية لا نعرف إلى أي حد! وهكذا يكون التفكير من جهة كل إساءة من نحو الآخرين.. هنا ونتناول بالتحليل المعركة بين الحق والباطل: كثيرًا ما ينجح الباطل أولًا، لأن له وسائل وحيلًا أكثر من الحق! فالباطل يستطيع أن يكذب ويخدع، ويلجأ إلى التزوير والإدعاء والنفاق... بينما لا يستطيع الحق أن يلجأ إلى شيء من هذا كله... فإن نجح الباطل بوسائله الملتوية، فلا تيأس... ليس المنتهى بعد... غالبًا ما ينكشف بالوقت، وتبطل كل مؤامرته... ثم ما يلبث الحق أن ينتصر، ولكن في النهاية، بعد حين. قدّم القديس اوغسطينوس مثالًا لذلك فقال: عند إيقاد نارٍ من خشب، تبقى النار من تحت، ويرتفع الدخان إلى فوق، ويظل يرتفع وتتسع رقعته، ولكنه في كل ذلك يتبدد، بينما تبقى النار محتفظة بذاتها. وهكذا يكون الأمر بين الحق والباطل (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات)، في كيف تكون نهاية كل منهما... والمهم في النهاية. هنا ونتأمل حياة كل إنسان ونهايته قد يبدأ إنسان حياته بالخطية، ثم يتوب ويرجع إلى الله، ويحيا في حياة الفضيلة وينمو فيها. ويلاقى الموت وهو إنسان بار. هذا أفضل بلا شك من إنسان آخر بدأ حياته بارًا، ثم انحرف فأخطأ واستمر في الخطيئة حتى موته. المهم في نهاية كل منهما... بالمثل أيضًا شخصان: أحدهما فشل في مبدأ حياته، فأخذ درسًا من فشله وأصلح مسيرته فنجح أخيرًا. بينما الشخص الآخر كان في بادئ الأمر ناجحًا، وأصابه غرور من نجاحه، فتهاون كثيرًا ثم انتهى إلى الفشل. والمهم هو نهاية كلٍ منهما... |
||||
20 - 11 - 2022, 11:12 AM | رقم المشاركة : ( 63 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
قداسة البابا شنوده الثالث الكمال، والممكن كلنا مطالبون بالكمال. غير أن الكمال المطلق هو لله وحده. أما نحن، فأقصى من نصل إليه هو الكمال النسبي، نسبةً لمقدراتنا، وما يمنحه لنا الله من نعمة... وهذا الكمال المطلوب منا هو الممكن، أي ما يمكننا عمله... أو ما يمكننا الوصول إليه دون أي تقصير من جانبنا... طفل صغير في بداية التعليم، يدرّسونه الجمع والطرح في علم الحساب. فينجح في الامتحان ويحصل على الدرجة النهائية. نقول إنه وصل إلى درجة الكمال في الرياضة (الحساب) طبقًا لمستواه. على الرغم من أن مستواه يُعتبر لا شيء، إذا ما قورن بالمستويات العليا في الرياضيات. ولكنه حصل على الكمال النسبي، نسبة إلى سنه، وإلى مستوى تعليمه. وليس هو مطالبًا بأكثر من هذا... المفروض طبعًا أن نعيش في سلام مع جميع الناس. ولكن يحدث أحيانًا أن زوجة لا تستطيع إطلاقًا أن تعيش في سلام مع حماتها في بيت واحد، لاختلاف الطباع أو اصطدام الآراء. فبدلًا من أن يتكرر الشجار كل يوم، من الأفضل أن تنفصلا، كل منهما في بيت. ولا يكون هذا خصامًا، إنما إبعادًا للقش عن النار... وتستمر العلاقة في سلام. ولكنه السلام النسبي أو الممكن. ينبغي اذن أن ننظر إلى إمكانيات كل شخص. ولا نطالبه بما هو فوق طاقته. والناس يتنوعون في مستوياتهم حتى الروحية منها.. فهناك مثلًا الشخص المبتدئ، وهو غير المختبر الناضج. وكلاهما غير الإنسان الروحي صاحب المواهب التي منحه الله إياها. والناس يختلفون أيضًا من جهة السن: فما يستطيعه الشاب غير ما يقدر عليه الشيخ، غير ما يستطيعه الطفل... ونرى من جهة الصحة والمرض أن ما يقدر عليه المريض غير ما يقدر عليه القوى في صحته. والكمال الممكن لكل هذه النوعيات من الناس، يختلف طبعًا من شخص إلى آخر... كل واحد منهم على قدر طاقته... لذلك يجب على المرشدين والمعلمين والوعاظ، ألا يطلبوا من الناس ما هو فوق طاقتهم من جهة الوصايا والتعليم... ونفس الكلام نقوله للآباء والأمهات، وكل الذين يعملون في مجال التربية وفي مراكز الشباب. بل وفي مجالات التنمية أيضًا... أعطوهم إذن الممكن الذي يقدرون عليه. وليس النافع هو كثرة الوصايا، بل ما يقدر السامع أن ينفذه منها. لهذا، كان السيد المسيح يوبخ المعلمين من الكتبة والفريسيين قائلًا "إنهم يحزمون أحمالًا ثقيلة، ويضعونها على أكتاف الناس وهم لا يقدرون أن يحركوها بأصابعهم"... والمستويات العليا يصل إليها الناس خطوة خطوة، ربما بتدريج طويل أو قصير، حسب إمكانياتهم... والله -تبارك اسمه- سوف يحاسب الناس، حسب إمكانياتهم وطاقاتهم. حسب الممكن، وليس حسب المطلق... كل منهم حسب مستوى عقله وفهمه، وما ورثه من طباع، وما يتعرض له من ضغوط خارجية لا تقوى عليها إرادته. نقول هذا من معرفته بعدل الله وأيضًا رحمته. وكلاهما يقرنان الوصية بالمقدرة. والله لا يطالب إنسانًا بوصية هي فوق قدرته أو فوق معرفته... ومن هنا أيضًا تدرجت وصايا الله للناس. فما أمرهم به في عصر الوثنية وعبادة الأصنام وتعدد الآلهة، كان من الطبيعي أن يرتفع في عصور المعرفة والنعمة وعبادة الإله الواحد... على أنه يجب أن نذكر ملاحظة هامة عن الممكن وهى: لا يصح إطلاقًا أن يتحول الممكن إلى لون من التسيب! فلا تقصّر في تنفيذ الوصية، وتغطى تقصيرك بالأعذار، وبأنه لم يكن في إمكانك غير ذلك!! كلا، بل ليكن لك ضمير صالح أمام الله وأمام نفسك، في صدق وتدقيق. لئلا تصل إلى تدليل النفس في هروبها من الوصية أو في استهتارها! مثال ذلك: إن كانت هناك إعفاءات من الصوم في حالات معينة للمرضى والعجائز والحبالى والمرضعات. فلا تتخذ مثل هذا التصريح سببًا للتسيب، إن كانت الصحة تحتمل... ملاحظة أخرى: وهى إن كانت إمكانيات شخص لا تستطيع الآن: فمن واجبات الإنسان الصالح أن يقوّى إمكانياتها ويزيده. وهناك تدريبات عملية كثيرة يستطيع أن يسلك فيها الشخص لكي يقوى قدرته، ويكتسب إمكانيات جديدة. وما كان غير مستطاع له بالأمس، يصبح اليوم ممكنًا. وهكذا فالأعذار التي كانت تغطى عجزه من قبل، لم يعد لها وجود الآن. وفى حدود الإمكان، يسلك الإنسان بأسلوب التدرج. فإن كنت لا تحب الخير (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات) الآن، اغصب نفسك عليه. وبالتوالي سيأتي وقت تتعود على عمل الخير، بل تشتاق إلى عمله. ولا يكون بعد عن طريق التغصب، إنما بكل رغبة واقتناع... درّب نفسك على الاحتمال. وما لا تستطيع احتماله اليوم، فإنك بالتدريب سوف تستطيعه فيما بعد. درّب نفسك على العطاء، ولو بالقليل! المهم أن تعطى بأي قدر. ثم تدرج في العطاء: زِدهُ شيئًا فشيئًا. وكلما وجدت ثماره الخيرة، فإنك ستنمو في عطائك، وتزداد في كمالك النسبي. ليكن هدفك باستمرار هو الكمال. ولا تقف عند حد. وهذا الهدف سوف يدفعك إلى النمو في عمل الخير. ولاحظ نفسك. إن كان نموك الروحي قد توقف. فادفعه مرة أخرى بأساليب وطرق شتى. لأنه على قدر ما تصل إلى كمال نسبى هنا على الأرض، سوف تكون مجازاتك في السماء... واطلب معونة من الله القادر على كل شيء، حتى تستطيع بمعونته وعمل نعمته، أن تنتقل من كمال إلى كمال أعلى في كلٍ من المستوى النسبي والممكن... |
||||
20 - 11 - 2022, 11:14 AM | رقم المشاركة : ( 64 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
قداسة البابا شنوده الثالث عَشَر قيادات متنوعة كل إنسان سائر فى طريق الحياة، يرى أن أشياء معينة تدفع مسيرته، وتحدد له كيف يسلك... فما هى هذه الدوافع التى تقوده؟ إنها تختلف من شخص إلى آخر. نذكر من بينها: 1- هناك إنسان يقوده فكره فى التمييز بين الخير والشر يقوده فهمه الخاص. فما يراه حقاً، هو الحق بالنسبة اليه. وما يراه باطلاً، فهو الباطل بالنسبة اليه: وفهم هذا الانسان ليس مضموناً. هل هو ناضج أم متعثر؟ ويقول الحكيم "توجد طريق تظهر للانسان مستقيمة، وعاقبتها طرق الموت". حقاً، ما أصعب أن يركن الانسان إلى فكره ليقوده، وبخاصة لو كان من المبتدئين، وإن كانت الأمور التى أمامه تحتاج إلى عمق فى الفحص، وإلى خبرة... **** 2- هناك إنسان آخر تقوده رغباته وشهواته: فهو يسعى لتحقيقها، ويرى أن له كل الحق فى ذلك. بينما ليس لديه وقت ليفحص هذه الرغبات، وهل هى سليمة أم مخطئة. وإن فكرّ فى ذلك، يجد فكره مؤيداً لرغباته! وكما نقول دائماً "إن الفكر كثيراً ما يكون خادماً مطيعاً لرغبات النفس"! **** 3- إنسان ثالث يقوده مرشد روحى: ومن اللازم أن يكون هذا المرشد خبيراً، وسليم الفكر، غير متحيز لإتجاه معين. وإلا انطبق المثل القائل "أعمى يقود أعمى، كلاهما يسقطان فى حفرة". لأنه إن ضل هذا المرشد، يضل كل من يتبعه... والله – تبارك اسمه – لا يقصد أن الطاعة له تتحول إلى اى إنسان أياً كان، حتى إن كان أحد الوالدين. ذلك لأنه "ينبغى أن يطاع الله أكثر من الناس"... فلا نعصم المرشدين، إنما نُحكمّ الضمير... **** 4- هناك أشخاص آخرون تقودهم الأحلام أو الرؤى: فليست كل الأحلام والرؤى من الله. لذلك ينبغى على كل انسان أن يكون لديه الإفراز الكافى، الذى يدرك به هل الأحلام التى رآها هى من الله، أم من الشيطان، أم من العقل الباطن، أم من أمور مترسبة فى نفسه نتيجة لقراءات أو سماعات أو مناظر أو قصص أو رغبات كامنة فى نفسه، تحولت إلى أحلام؟؟! إن الشيطان، إذا تيقن أن اشخاصاً يؤمنون بالأحلام، ما أسهل عليه أن يقودهم بأحلام مضللة من عنده... **** 5- هناك أشخاص آخرون تقودهم الكتب، ووسائل النشر والإعلام: فالفكر الذى يقرأونه فى كتاب ما، أو فى جريدة أو مجلة مشهورة، ما أسهل عليهم أن يعتنقوا هذا الفكر، وربما يتحمسون له ويرددونه بلا تفكير، وكأنما قد صاروا مجرد صدى لما قرأوه..! على أن الانسان الحكيم لا يضمن كل ما ورد فى كتب، أياً كانت شهرة الكاتب! بل يقرأ بعقل وتمييز، ويحترس من بعض الأفكار الجديدة التى تخالف بعض الثوابت التى تسلمها من قبل. بل يفحص ويسترشد، ويرفض ما يجب رفضه... **** 6- هناك أيضاً من تقوده الدَفعة الأولى The First Push كإنسان أول علاقة له بالحياة الفكرية أو الفلسفية، أقنعوه بالفكر الشيوعى على اعتبار أنه الطريق السليم إلى الاشتراكية الحقة، وحسن توزيع الثروة بمساواة بين الجميع فلا غنى ولا فقير، وبأن الدين هو أفيون الشعوب، لأنه يخدّر الفقراء فى واقعهم البائس فلا يحتجون عليه، بل يقبلونه بالتسليم للارادة الالهية!! لذلك من يتلقى هذا الفكر، يستمر فى الدفعة الأولى التى دفعته.. إنه مثل كرة ألقاها أحدهم من على جبل: ففى الإتجاه الذى ألقاها فيه تظل تتحرك وتتدحرج بدون تفكير..! على مثل هذا الشخص أن يوسّع ذهنه لمناقشة الأفكار الأخرى، ولا يتحمس لفكره الأول، فى رفض لكل ما يقابله من نقد... كذلك كل من كان إنتماؤه الأول إلى هيئة ما، يتحمس لها مهما إنحرفت أو تغير مسارها... **** 7- هناك انسان آخر تقوده عوامل نفسية معينة: كأن يكون فى نفسيته عامل الخوف. فيقود الخوف حياته، ويوصله الخضوع لأية رئاسة والاستسلام لأية سلطة. أو يكون فى نفسيته عنصر المجاملة أو عنصر الإشفاق أو ما شابه هذه المشاعر، فتقوده نفسيته إلى اتجاهات ربما تكون بعيدة تماماً عن الحق! وهكذا تختلف تصرفات الناس حسب نوعية نفسياتهم وقيادتها لهم: ما بين انسان يقوده الهدوء الذى فى طبعه، وآخر يقوده العنف الذى تتميز به نفسيته.. واحد يقوده الطموح، وآخر تقوده القناعة والرضى بما هو فيه، وثالث يقوده الزهد. كل منهم حسب نوعية نفسيته... فإن كان شخص غضوباً، يرى أن الوسيلة المثلى هى أن ينفذ ما يريده بالعنف والشدة. لأن هذه – فى نظره – هى الطريقة الفعالة التى توصل إلى المطلوب بسرعة ونجاح وبنتيجة مضمونة!! ولا شك أن هذا التفكير غير سليم، ولا يتفق مع الحق. ولكنه على أية الحالات، يدل على أن البعض تقودهم نفسياتهم وطباعهم، وليس الفكر أو الحكمة. **** 8- هناك نوع آخر من الناس تقوده المنفعة أو المصلحة الخاصة: يزن كل شئ بمقدار ما ينتجه من نفع خاص به. ويرى أن هذه المنفعة هى الحق بالنسبة اليه. ويقول هذا هو حقى، أو هذا هو الخير بالنسبة لى. ولا يضع أمامه أية مقاييس للحق أو للخير، سوى المنفعة. وطبعا يعنى منفعته الخاصة، وليست المنفعة العامة! مثل هذا الشخص: إن أردت أن تقنعه بأى أمر، فهذا هو المفتاح الذى تدخل به اليه: أعنى ما يعمله من نفع... **** 9- هناك نوع آخر، تقوده التقاليد أو القدوة أو التيار العام: ونذكر فى مقدمة هذا النوع: الأطفال، والمبتدئين، والعامة، ومن هم فى مستوى هؤلاء واؤلئك... فحسب الأمثلة التى أمامهم ينقادون، وحسب روح الجماعة يسيرون بالتيار السائد... هذا النوع يأخذ مبادئه وقيمه من المجتمع الذى يعيش فيه، سواء مجتمع الأسرة أو المدرسة أو العمل، وما فى تلك المجتمعات من تأثيرات وأفكار وتوجيهات... لذلك ننصح بأهمية وجود القدوة الصالحة فى محيط الأسرة. فهى المنبع الأول الذى يتلقى فيه الانسان أولى أمثلته، وفيها القيادات الأولى التى يصادفها... وإلى جوار ذلك ما يجب أن تكون عليه القدوة فى دور التعليم، وفى مراكز الشباب وفى مجال الرياضة... وكذلك كل ما تقدمه الأفلام من توجيهات وإيحاءات ترسخ فى العقول والنفوس، وتقود البعض – عن طريق التقليد – إلى مواقف عملية فى الحياة، متأثرين بما رأوه **** 10- قياة أخرى تعتبرمن أهم القيادات، وهى الضمير على شرط أن يكون ضميراً صالحاً، مؤسساً على الخير المطلق، وما توحى به وصايا الله وتعاليمه. وهذا الضمير يمكن أن يسيطر على كل القيادات الأخرى، بحيث أن تسنده إرادة خيرّة قوية لأنه قيل أحياناً عن الضمير إنه قاضِِ عادل. ولكن الضعف يقف أحياناً فى سبيل تنفيذ أحكامه. ونقصد ضعف الارادة، وليس ضعف الضمير. |
||||
20 - 11 - 2022, 11:17 AM | رقم المشاركة : ( 65 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
قداسة البابا شنوده الثالث حرية الإرادة، وقوة الإرادة أو ضعفها لقد خلق الله الإنسان بإرادة حرة. ولما انحرفت إرادته بحريته نحو الخطأ، وضع له الله ضوابط من وصاياه المقدسة. وكذلك وضع المجتمع ضوابط للإرادة، مؤداها أن الإنسان لا يستخدم حرية إرادته ضد حريات الآخرين أو حقوقهم. كما لا يستخدم حريته ضد القانون والنظام العام. وبقى الإنسان يتمتع بحرية إرادته داخل هذه الضوابط على أنه يستطيع في حريته أن يعطى وصايا الله، وأن يخرج عن الضوابط التي وضعها المجتمع. وبهذا يصبح مذنبًا أو شريرًا، يتعرض لعقوبة الله وعقوبة المجتمع... الخير أمام الإنسان: يريده أو لا يريده... هنا حرية الإرادة. أما أن يفعل الخير أو لا يفعله. فهنا قوة الإرادة أو ضعفها. فما الذي يؤثر على الإرادة، ويجعلها تضعف عن فعل الخير... أول ما يضعف إرادة الإنسان، الشهوة أيًا كان نوعها، سواء كانت شهوة الجسد، أو شهوة السلطة، أو شهوة المال، أو شهوة الانتقام... وما إلى ذلك من الشهوات التي تسيطر على القلب، ثم العقل، ثم الإرادة.. وأمامها تختفي كل القيم، ولا تبقى سوى الشهوة سيدة الموقف... الشهوة تُخضع العقل لها، وتستخدمه لتنفيذ أغراضها، فيبرر لها الهدف، ويبحث لها عن وسائل للتنفيذ. ويجعل العقل يشتعل بالرغبة. وأمام طغيان الشهوة، وخضوع العقل والقلب لها، تصبح الإرادة أيضًا مجرد أداة منفذة لرغبات الشهوة. وهنا تصبح الإرادة ضعيفة لا تستطيع أن تقاوم الشهوة، فلا يقف إلى معونتها عقل ولا ضمير... لذلك على الإنسان الصالح أن يقاوم أية شهوة خاطئة، من بادئ الأمر، قبل أن تقوى وتدخل إلى القلب وتسيطر عليه، وقبل أن يخضع العقل له. وإن كانت الإرادة تضعف أمام الشهوة، فهي تضعف بالأكثر أمام العادات الخاطئة. وتنهار الإرادة الخيرة تمامًا وإن تحولت العادة إلى طبع. فالإنسان -بصفة عامة- ضعيف الإرادة أمام طبعه وأمام عاداته. ولهذا لا تسمح لأخطائك أن تتطور إلى عادات. والمعروف أن العادة تنتج عن عمل إرادي يتكرر. فالخطأ الذي تعمله بإرادتك اليوم، قد تجد نفسك منساقًا إلى عمله بغير إرادتك، إذا طالت المدة عليك في عمله. لذلك لا تسمح لنفسك أن تخضع لعادة معينة يصبح لها سيطرة عليك. قاوم ذلك من بادئ الأمر قبل أن يتأصل... يُضعف الإرادة أيضًا الإغراء الشديد، والقرب منه. لذلك ابعد عما يغريك، وبالتوالي يضعف إرادتك، فلا تستطيع أن تقاوم. إن الهروب من مصادر الخطيئة، والبعد عن مؤثراتها، أمر يُعتبر فضيلة في حد ذاته، لأنه يدل على رفض القلب لتلك الخطيئة.. ومن هذه المصادر الضارة التي ينبغي أن يبعد عنها الإنسان الصالح: الأماكن والأشخاص والمغريات. فإن المعاشرات الردية تفسد الأخلاق الجيدة Evil company corrupts good habits. وليس حقًا أن يدعى إنسان بأنه لا يتأثر! على الأقل كلما تعرض للأسباب، سيتأثر شيئًا فشيئًا، ولو قليلا قليلًا مما يضعف إرادته.. تضعف الإرادة أيضًا أمام الضغوط الخارجية. وهكذا قد يتصرف الإنسان بغير إرادته نتيجة لضغوط تفرض عليه من والديه، أو من رئيسه في العمل، أو من إلحاح ودموع زوجة، أو من سيطرة زوج... وفي كل هذا قد يضعف ولا يملك إرادته. وفي خضوعه أو استسلامه لهذه الضغوط الخارجية، قد يتصرف بعكس ما يريد!! وإن قاوم ورفض، ما أسهل أن يتهموه بالعناد وصلابة الرأي، وعدم التفاهم أو عدم الطاعة...! ويبقي الأمر معلقًا- حسب نوعية شخصيته- هل تنتصر إرادته، أم تنتصر الضغوط الواقعة عليه... من الجائز أن يكون الضغط الخارجي على الإرادة بسبب التيار العام. فلا يستطيع الشخص أن يسبح عكس التيار، وإنما يجعل إرادته تتمشى مع الوضع السائد بقدر إمكانه، في حدود ما يرضاه ضميره... أما المصلحون الاجتماعيون، فقد وقفوا بإرادة قوية وبعقلية مؤثرة ضد أوضاع مجتمعهم، واحتملوا النقد والمقاومة، ونجحوا أخيرًا، وغيّروا أوضاعًا كانت قائمة وراسخة... ولكن ليس الجميع بمثل هذه القوة مما يضعف الإرادة أحيانًا: بعض العوائق القائمة ضدها.. على أن العوائق ليست كلها موانع. وصاحب الإرادة القوية يمكنه أن ينتصر على العوائق، فلا تمنعه من تنفيذ ما يريد.. هكذا فعل العصاميون الذين شقوا طريقهم في الحياة بدون إمكانيات، وكأنهم يحفرون في صخر! وهكذا أيضًا سلك بعض الذين قاسوا من تعويقات جسدية وانتصروا عليها... إن طه حسين مثل رائع في هذا المجال. لأنه وقد فقد بصره، استطاع بقوة إرادته ومثابرته وجهاده، أن يدرس ويتفوق، ويصير زعيم الأدب العربي في عصره، ويصل إلى الأستاذية وإلى رئاسة جامعة الإسكندرية، وإلى منصب وزير التربية والتعليم... بتهوفن -في الموسيقى- كان مثلًا آخر. وغير هذين كثيرون. قد تضعف الإرادة أيضًا بسبب ضعف الشخصية: كأن يكون الشخص غير قادر على البتّ في الأمور، أو أنه يريد ولا يستطيع، أو يكون من النوع المتردد، المتحير بين أن يفعل أو لا يفعل. أو يكون خائفًا من جهة النتائج وردود الفعل. أو يكون متحيرًا في أسلوب التنفيذ، بأية الطرق يكون؟! أو يكون الأمر غير واضح أمامه... كل ذلك يجعل إرادته ضعيفة، مهتزة، غير واثقة من العمل ذاته، ولا من نتائجه...! وعلى مثل هذا الشخص أن يتروى، ويدرس الموضوع جيدًا. ولا يقدم عليه إلا بعد التأكد والثقة التامة. يسأل البعض عن الأحلام التي تشمل بعض الأخطاء، وما موقف الإرادة فيها؟ وهل تعتبر أخطاؤها أعمالًا غير إرادية؟ لا يمكن أن نقول إنها غير إرادية تمامًا. لأن غالبيتها تكون عبارة عن صور أو أخبار أو رغبات، ترسبت في العقل الباطن نتيجة لأعمال إرادية سابقة. فالإرادة قائمة- ليست في موضوع الحلم بالذات- إنما فيما سبقه من أعمال إرادية كانت هي السبب فيه. أما لو كان الخطأ الذي في الحلم غير مقبول تمامًا، وضد الإرادة والرغبة بطريقة، فلابد أن الشخص يستيقظ ولا يكمل حلمه، لأنه لا يحتمله... لذلك يمكن أن نقول عن هذه الأحلام إنه شبه إرادية. فهي ليست إرادية، وليست غير إرادية بحكم مطلق... إن ضعفت إرادة الإنسان، فماذا يفعل لكي يقوى إرادته؟ وأقصد كيف يقوى إرادته في عمل الخير. لأن هناك من يرتكبون الخطيئة بإرادة قوية، ويفعلون الشر بتصميم، وينتصرون في فعله على كل العوائق. هناك تداريب كثيرة لتقوية الإرادة، في مقدمتها تدريب ضبط النفس... ولو أدى الأمر إلى التغصب. لذلك اعمل الخير، ولو بأن تغصب نفسك على ذلك، فسيأتي الوقت الذي تعمل فيه الخير بإرادتك، وبدون تغصب.. وما دامت العادة الخاطئة هي نتيجة عمل إرادي متكرر، إذن بإرادتك اعمل ما هو عكسها أو ضدها، بتكرار حتى يثبت ذلك في طبعك.. ويقوى إرادتك أيضًا: التدين ومخافة الله: ضع في ذهنك باستمرار، أن الله يرى كل ما تفعله، ويسمع كل ما تقوله، ويحاسبك على كل ذلك... حينئذ تدخل مخافة الله في قلبك، وتقوى إرادتك في عمل الخير وفي البعد عن الشر، وتحميك من التردد، وتمنحك نعمة وقوة... |
||||
20 - 11 - 2022, 11:19 AM | رقم المشاركة : ( 66 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
قداسة البابا شنوده الثالث إن حياة الإنسان تقاس أو تقيّم، بمقدار ما يقدّمه من عطاء. لذلك فكل يوم يمّر عليك، دون أن تعطى فيه شيئًا لغيرك، لا تحسب هذا اليوم من أيام حياتك... ومن جهة العطاء، وضع سليمان الحكيم وصيتين ذهبيتين هما: "لا تمنع الخير عن أهله، حين يكون في طاقة يدك أن تفعله" "لا تقل لصاحبك اذهب وعُدْ غدًا فأعطيك، وموجود عندك" الواجب إذن أن تعطى، ولا تؤجل العطاء إلى غدٍ. فإن أنعم الله عليك ببعض الخيرات، فلا تظن أنها كلها لك وحدك! بل الله - فيما يعطيك - إنما يختبرك: هل أنت بدورك سوف تعطى أيضًا؟ أم سوف تملكك الأنانية فتستأثر بكل شيء لذاتك دون غيرك!! إن العطاء هو خروج من محبة الذات إلى محبة (الآخر). والعطاء يحمل فضيلة البذل، وشيئًا من فضيلة التجرد، وبعدًا عن الجمع والتكويم. والذي يتصف بالعطاء، يدل على أن المال ليس هو الذي يملُكه، بل هو الذي يملُك المال وينفقه في خير الآخرين. والعطاء على درجات كثيرة: أولها التدرب على العطاء، ثم النمو فيه. + تدرب أولًا على أن كل ما يصلك من خير، أعطِ منه للغير. وثِق أن ما تعطيه منه، إنما يجعل البركة فيما تبقى، فيزداد... وأيضًا ما تحصل عليه من محبة ودعاء ممن أعطيتهم يكون أكثر بمراحل من العطية ذاتها. وتكسب بذلك أصدقاء يشفعون فيك أمام الله... وهكذا يكون العطاء خيرًا للمُعطي، ولمن يتقبل العطية. ومثال ذلك الأم التي تُعطي من لبنها لرضيعها: يسعد هذا الابن برضاعته، وتستريح الأم أيضًا وتسعد. وبنفس الوضع يسعد المُعطي حينما يرى فرح من يتقبل أيضًا عطاءه، فيفرح بفرحه. إن الشجرة تنتعش حينما يرويها الفلاح. كما ينتعش الفلاح بذلك ويفرح بانتعاش الشجرة... ويتقدم الإنسان في العطاء، فيصل إلى السخاء والكرم: فيعطي بسخاء وليس بتقتير، ولا بحسابٍ دقيق! ليس فقط ما يكفى بالكاد حاجة غيره، وإنما بالأكثر ما يفيض. ويُعطي ليس فقط ما يطلبه الناس، وإنما ما يحتاجون إليه حتى دون أن يطلبوا. كالأب الذي يعطى لابنه ما يحتاجه، ولا ينتظر حتى يطلب... وهكذا الله -تبارك اسمه- يعطينا دون أن نطلب، وفوق ما نطلب... وهو بهذا يقدم لنا درسًا في العطاء وكيف يكون. سواء كان ذلك بالنسبة إلى الأفراد، أو إلى المجتمع جملةً... إلى الذين يعرفون كيف يُعبّرون عن احتياجاتهم، والذين ليست لهم القدرة على ذلك أو الوسيلة... ويرتقي العطاء، فيصل إلى أن يُعطي الإنسان أفضل ما عنده: ليس فقط الأشياء البالية أو المرفوضة منه. فليس في هذا احترام للذي يأخذ. إنما يُعطي الأشياء التي يتشرف بها الآخذ. وإن كان المثل يقول "إن الهدايا على قدر مُهديها"، فهل نقول أيضًا إن العطايا على قدر مُعطيها، مع احترام من تُعطىَ إليه... ومن النبل أيضًا: العطاء من العوز، أي تُعطي ما أنت محتاج إليه! وهنا ننبّه إلى أن فضيلة العطاء، ليست هي فقط للأغنياء القادرين الذين يفيض المال عنهم. إنما يقوم بها أيضًا أهل الخير الذين يدفعون من أعوازهم، وبهذا يُفضّلون غيرهم على أنفسهم. ولا شك أن هؤلاء الذين يعطون رغم عوزهم، يكونون عند الله أكثر أجرًا، كما يكونون عند الناس أكثر تقديرًا... والعطاء الحقيقي هو العطاء بفرح: فلا يُعطي الإنسان نتيجة ضغط واضطرار، أو وهو ساخط ومتذمر، أو خوفًا من انتقاد الناس!! فمن يفعل ذلك، إنما يُعطي من جيبه، وليس من قلبه، ولا ينال من الله أجرًا على ما يُعطيه... أما الذي يُعطي عن حب وإشفاق، ويفرح للخير الذي يقدمه لغيره بعطائه، فهذا هو المقبول أمام الله والناس... قديمًا كان الناس يعطون ما يسمى بالبكور: أي أوائل الأشياء. فيُعطي الشخص أول نتاج زرعه أو غنمه. كما يُعطي أول ثمار شجره. وهكذا يبارك الله كل ما له في حقله. على أن الأمر الآن لم يعد قاصرًا على المجال الزراعي، بل امتد إلى الوظائف والحرف. وأصبحت فضيلة البكور لها اتجاه آخر: فيُمكن للموظف أن يقدّم أول مرتب له وأول علاوة له لعمل الخير. والمدرّس بالإضافة إلى المرتب يقدم ما يأخذه من أول درس خصوصي، وكذلك المحامي من أول أجر على قضية، والطبيب كذلك يدفع لأوجه الخير ما يصل إليه من أول كشف وأول عملية.. وهكذا الباقون... وبهذا يبارك الله دخل كل هؤلاء، لأن أول إيراد لهم لم يكن لأنفسهم، بل كان عطاءً منهم لغيرهم... ومن صفات العطاء أن يكون بمدامة: لأن هناك من يدفع مرة أو مرتين، ثم يسأم ويملّ، ويرفض إذا طُلبَ منه أكثر... أما القلب الواسع فهو لا يملّ من طلبات المحتاجين، بل يُعطيهم مهما طلبوا، برضىّ مقدرًا لإعوازهم... كذلك لا يكون العطاء بكل تحقيق وتدقيق: ولا بإهانة الطالبين، ووصفهم بالكذب والاحتيال. فإن كان البعض يطلب عن غير استحقاق، فليس الكل كذلك. ونحن في عصر، غالبية الناس فيه محتاجون: ليس فقط الذين يُقاسون من البطالة، بل أيضًا أصحاب الدخل المحدود، مهما كانت مرتباتهم. وبخاصة إن وقع أحدهم في مشكلة مالية، تتعلق بمرض أو عملية جراحية، أو تكاليف زواج ابنه، أو احتياج إلى سكن، وما إلى ذلك... هناك نوع آخر من العطاء هو العطاء المعنوي، غير المادي: كمن يُعطي كلمة عزاء لإنسان حزين، أو يُعطي كلمة تشجيع لمن هو يائس أو واقع في صغر النفس، أو يُعطي عبارة حنان لطفل يتيم، أو كلمة منفعة لمن يحتاج إليها، ومثل ذلك من الأمور... كذلك يوصف بالعطاء من قدموا للناس فكرًا نافعًا، أو فنًا مفيدًا، أو علمًا وكان له تأثيره في راحة الناس أو في علاجهم أو في تعمير الأرض. ولا أقصد العلم أو الفن الذي أسئ استخدامه. كل أولئك كان في حياتهم عنصر العطاء، كل في تخصصه. على أن قمة العطاء تتمثل في من يُعطي نفسه لأجل غيره: أي أنه يفدي غيره بذاته... مثال ذلك من يفدي وطنه بحياته، أو يبذل حياته من أجل دينه أو من أجل مبدأ من المبادئ السامية، أو من يقدم حياته لإنقاذ غريق، أو إنقاذ أسرة من الحريق. ولا يوجد حب أعظم من هذا: أن يضع أحد نفسه عن أحبائه... إن الإنسان يبذل نفسه لأجل غيره، يذكّرنا بالشمعة التي تذوب لكي تنير للآخرين، ويذكّرنا أيضًا بحبة البخور التي تحترق تمامًا لكي تُعطي بخوراَ عطراَ للغير... إنها أمثلة واضحة لبذل الذات كاملة.. بقى سؤال هام، وهو: ماذا عن الذين يريدون أن يعطوا وليس لهم؟ إنه عطاء بالنية، والله هو فاحص القلوب، والعارف بقدرة كل شخص أو عدم قدرته. ونحن نُصلّي من أجلهم في الكنيسة ونقول: "أذكر يا رب الذين يريدون أن يقدموا لك وليس لهم. عوّضهم عِوض الفانيات بالباقيات". |
||||
20 - 11 - 2022, 11:20 AM | رقم المشاركة : ( 67 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
قداسة البابا شنوده الثالث طرق متنوعة للتعامل مع المشاكل يندر أن يوجد إنسان لا تقابله مشاكل في حياته، خفيفة أو ثقيلة.. والمشاكل التي تقابل الناس على أنواع كثيرة: إما مشاكل عائلية قد تؤدى إلى الطلاق أحيانًا، أو هي في محيط تربية الأبناء أو العلاقات مع الأقارب. أو هي مشاكل مالية أو اقتصادية من جهة الديون أو حالة السوق والأسعار. وربما تكون المشاكل في العمل بين الرؤساء والمرؤوسين، أو من جهة التعيين أو الترقية. أو مشاكل اجتماعية في محيط الجيران والأصدقاء... أو مشاكل صحية، أو سياسية، وما إلى ذلك.. وتختلف أساليب الناس في معالجة المشاكل، أو في التعامل معها. أو في مدى التأثر بها... وذلك تبعًا لنفسية وعقلية كل إنسان، أو تبعًا لطباعه أو روحانيته أو شفافيته. أو تبعًا لنوعية المشكلة ومدى عمقها أو تصور نتائجها. أو يختلف التعامل مع المشكلة من جهة صاحبها: رجلًا كان أو امرأة، شابًا أو كهل. وهناك أنواع من الناس تحطمهم المشاكل، بينما آخرون ينتصرون عليها. وهناك أساليب خاطئة في مواجهة المشكلة، وأساليب أخرى سليمة. وسنحاول أن نستعرض النوعين، وأنواعًا أخرى بين بين... 1- الهروب من المشكلة: هذا النوع لا يواجه المشكلة بأي حل من الحلول، إنما يهرب منها، أو يؤجل النظر فيها، تاركًا إياها إلى عامل الزمن: ربما بمرور الوقت تتطور أو تتغير أو تزول، أو تتدخل عوامل أخرى لحلها..! مثل هذا الشخص قد يسافر بعيدًا عن مكان المشكلة، ويلجأ إلى تغيير الجو، أو يحوّل المشكلة إلى شخص آخر للتصرف فيها، كما يحدث أحيانًا في المجال العائلي. ولكن الهروب من المشكلة ليس حلًا لها. ربما هو راحة منها بعض الوقت. ثم تعود المشكلة لمواجهة هذا الشخص الذي لم يواجهها... 2- حل المشكلات بالأعصاب!! قد يوجد شخص يواجه المشاكل بالزعيق والصياح، وبالغضب والنرفزة، وبالشتيمة والتهديد والوعيد، وبالصوت العالي الحاد، وبالألفاظ الجارحة. ولا يمكن لشيء من هذا كله أن يحل إشكالًا... إن الأعصاب الهائجة وسيلة منفرة، تدل على قلة الحيلة. كما تدل على الفشل في استخدام الحوار والإقناع. وتدل على محاولة تغطية هذا الفشل بالعنف الظاهري، الذي هو شاهد على العجز الداخلي. أو هي محاولة لتخويف الطرف الآخر أو التخلص منه بهذا الأسلوب. ولكنها ليست طريقة اجتماعية محترمة. ويبقى معها الإشكال كما هو. وقد تجلب الأعصاب الهائجة أمراضًا لصاحبها: مثل ضغط الدم، والسكر، وقرحة المعدة. بالإضافة إلى أمراض أخرى نفسية، وتعقيدات كثيرة في العلاقات الاجتماعية، يحاول إصلاحها فيما بعد، فلا يجد حلًا... 3- النكد والبكاء: إنه أسلوب الطفل الذي يواجه المشكلة بالبكاء. على أن هذا التصرف الطفولي يبقى عند البعض حتى بعد أن يكبروا، وبخاصة عند كثير من النساء! فكثير من الزوجات يواجهن المشاكل بالنكد والبكاء، ويخسرن بذلك أزواجهن... يدخل الرجل بيته، فيجد امرأته مكتئبة تبكى، وربما لسبب تافه، فيحاول حله. ثم يتكرر البكاء لسبب آخر، ولسبب ثالث. ويصبح البكاء خطة ثابتة في مواجهة كل ما لا يوافق هواها، مع تأزم نفسي وشكوى وحزن! مما يجعل الرجل يسأم هذا الوضع، ويهرب من البيت وما فيه من نكد. وتخسر المرأة زوجها..! 4- الضغط والإلحاح: قد تكون مشكلة إنسان هي رغبة يريد تحقيقها، ويجد معارضة لذلك من أب أو أم أو رئيس. فيظل يلح ويضغط بطريقة توصله إلى غرضه أخير. إن الإلحاح قد يوصل إلى موافقة ليست برضى القلب. والعجيب أن صاحب الرغبة يخرج بهذه الموافقة الظاهرية، ولا يهمه قلب من أعطاها وعدم رضاه! 5- العنف... والجريمة: أب لا يطيعه ابنه، فيلجأ إلى حل هذا الإشكال بالعنف، سواء بالضرب أو الزجر. وقد يسلك بنفس الأسلوب مع زوجته. وبذلك يخسر محبة أسرته له وقد يسلك بالعنف كل من هو صاحب سلطان، ولا يصل إلى نتيجة..! والمقتنعون باستخدام العنف قد يحلون مشاكلهم بالجريمة أحيانًا. سارق يراه البعض وهو يسرق، فيقتل من رآه لئلا يكشف أمره... كذلك فتاة قد تحمل سفاحًا، فتقتل جنينها بالإجهاض. وهكذا يغطى هؤلاء الجريمة بجريمة أخرى. ومثلهم من يغطى خطيئته بالغش ، أو بالتزوير، أو بالرشوة، أو بشهادة زور، أو بإلصاق الجريمة بشخص آخر برئ! 6- الحيلة والدهاء: وهذا الأمر يلجأ إليه كثيرون في حل مشاكلهم. والدهاء -كالعنف- قد يوصل إلى نتيجة سريعة تبدو حلًا، وغالبًا ما يكون أسلوبًا شريرًا.. والذين يستخدمون الحيلة لحل مشاكلهم أو أخطائهم، يلجأون إلى الكذب وهو سلاح مشهور غالبية الخطاة يلجأون إليه، وينكرون ما فعلوا. إنسان يرتكب جريمة، فيعمل على إخفاء معالمها، أو إثبات وجوده في مكان آخر في وقت ارتكاب الجريمة! أو يساعده البعض على أنه كان مريضًا يعالج في مستشفى وقتذاك! أو أي أسلوب آخر مشابه... 7- سلاح الخيانة: ما أسهل على خائن -لكي يصل إلى غرضه- أن يغدر بأحبابه أو بأولياء نعمته. أو يخون صديقًا إن رآه منافسًا له، أو ظن أنه بالخيانة يمكنه أن يحل إحدى مشاكله، أو يصل إلى التشفّي. ومع أن الخيانة أوصلت البعض إلى حل بعض مشاكلهم، إلا أنهم فشلوا جميعًا واحتقروا ذواتهم. إن الإنسان ربما يستطيع أن يحتمل احتقار الآخرين له، إلا أنه نادرًا ما يقدر على احتمال احتقاره لنفسه. فحينما تنكشف أمامه حقيقة حقارته، لا يحتمل. 8- العناد وصلابة الرأي: البعض إذا واجهته مشكلة، يصر على رأيه ووجهة نظرة، مهما كانت النتائج سيئة ووخيمة. ويتحول الأمر إلى عناد ويزداد تعقيد. وكل ذلك ناتج عن كبرياء داخلية واعتداد بالذات. والعناد لا يأتي بنتيجة، لأنه محاولة لإرغام الطرف الآخر. فإذا لم يقبل، لابد من التصادم. والعلاج هو العمل على التفاهم، والتنازل عما تثبت عدم صلاحيته. 9- اللجوء إلى العقاقير وأشباهها: يقع إنسان في إشكال ولا يجد له حلًا، فيلجأ إلى العقاقير وأصناف من المسكنات والمهدئات والمنومات. وإذا قل مفعولها، يحاول أن يزيد كميتها. فإن لم تأت بنتيجة، يقع في التعب النفسي أو اليأس. والعقاقير هي اعتراف بالفشل في مواجهة المشكلة، والفشل في احتمالها وفي حلها... وينضم إلى استخدام العقاقير، استخدام التدخين والخمر والمخدرات. وكل تلك الوسائل لا تحل المشكلة، إنما يحاول بها الشخص أن يتوه عن نفسه... هو يهرب من مشكلته، وتظل باقية. 10- والبعض يقابل المشكلة بالاستسلام واللامبالاة، وليحدث ما يحدث!! 11- أما الطريقة المثلى: فهي أن تقابل المشكلة بهدوء وبغير اضطراب. وتبحث عن الحل العملي لها، بكل حكمة. وإن أعوزتك الحكمة، اطلب مشورة الحكماء من ذوى الخبرة... والجأ إلى الله بالصلاة ليوجد لك حلًا، لأن "غير المستطاع عند الناس، هو مستطاع عند الله". وفي كل ذلك "مررّ المشكلة دون أن تمررك"... أي اجعلها تمر، دون أن تسبب مرارة لنفسك. |
||||
20 - 11 - 2022, 11:30 AM | رقم المشاركة : ( 68 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
قداسة البابا شنوده الثالث
المتواضع إنسان وديع، والمتكبر يفقد روح الوداعة الأنسان المتواضع، هو إنسان هادئ وديع يتصرف في كل أمر بهدوء. وهدوء في الفكر والقلب، هدوء في الأعصاب، هدوء في التعامل يحل كل مشكلة في هدوء يملك السلام على قلبه وألفاظه. مريحه لمن يتأملها. ولا تسمح له طبيعته الهادئة أن يزجر ويوبخ ولا أن يحتد ويشتد. إنما في وداعة ولطف، يوجه غيره أذا لزم التوجيه، دون ان يخدش شعور إنسان..أما المتكبر فلا يعرف الهدوء ولا الوداعة، بل يظنها لوناً من الضعف. لذلك فتصرفاته تتميز بالعنف ويرى ان العنف مظهر للقوة.. حتى صوته يكون في الغالب صاخباً أو حاداً. وبينما يمر عليك الانسان الوديع كنسيم رقيق عطر، يمر بك الانسان المتكبر كعاصفة هوجاء تود ان تقتلع كل شئ.. المتواضع طيب القلب، ومتسامح ومسالم. يتحاشى الخصومة مع الناس، ويود ان يحيا مع الكل في سلام. يكون دائماً بشوشاً ومبتسما، لا يعبث في وجه أحد. لا يتهجم ولا يقطّب جبينه. له ابتسامة حلوة محببة إلى الكل، وملامح المتواضع لا يسرع إلى الغضب. وعلى قد إمكانه لا يُغضب أحداً. إنه حليم، واسع الصدر، طويل البال، سهل التفاهم مع الآخرين، يأخذ ويعطى معهم في هدوء. هو ليس سهل الأستثارة، مهما أراد أحد أن يثيره، يتلقى ذلك في موضوعية، بعيداً عن التأثر الشخصى، ولا يحتد، ولا يثار لنفسه. إنما يوضّح الأمور بغير إنفعال، ويكسب الطرف الآخر. ويضع امامه قول سليمان الحكيم" الجواب اللين يصرفه الغضب" أما المتكبر، فهو حساس جداً لكرامته، يثور لأتفه الأسباب، وقد يثور بلا سبب، سوى ظنه السوء في من يتعامل معه، أنه تصرف بأسلوب لا يليق. لذلك فهو سريع التذمر والضجر. أما المتواضع فيندر أن يتذمر أو يتضجر أو يشكو. الإنسان الوديع المتواضع، يتمتع بسلام داخلى، لا ينزعج، ولا يضطرب، ولا يتجسس، مهما كانت الأسباب الخارجية... إنه يذكرّنا بالجنادل السته التي في مجرى النيل – التي سُميت خطاً بالشلالات إنه صخور ثابتة قوية، مهما هاج البحر وارتفعت الأمواج وصدمتها، فلن تتأثر بشئ. بعكس السفن التي تهتز وتضطرب أمام الأمواج، وتميل ذات اليمين وذات اليسار... هكذا الوديع، هو كالصخرة أو الجندل، ثابت لا يتزعزع. كما قال داود النبى في المزمور" إن يحاربنى جيش فلن يخاف قلبى. وإن قام عليَّ قتال ففى هذا انا مطمئن".. إنه الإيمان بالله الذي يحفظ الودعاء، فلا يضطربون. إنما في ثقة يطمئنون إلى معونته الانسان المتواضع سهل التعامل. لا دهاء عنده، ولا مكر, ولا خبث، ولا هو يظهر غير ما يبطن... إنه بسيط. وكلمة (بسيط) هنا لا تعنى السذاجة. كلا، بل تعنى عدم التعقيد. فهو قد يكون حكيماً جداً. ولكنه في حكمته لا يعقد الأمور, ولا يلف ويدور في حديثه، ولا يدبر خططاً ضد أحد. هو صريح ومريح، يمكنك أن تثق به وتطمئن إليه.. بعكس المتكبر الذي لا يكشف خططه أو نواياه، معتقداً أن بقاءه لغزاً غير مفهوم يضفى عليه شيئاً من المهابة والمخافة. وهو لا يتكلم ببساطة مع أحد، خوفاً أن تكون البساطة ضد الوقار! الإنسان الوديع لا يؤذى أحداً، بل يحتمل الذي من المخطئين.. وهو مملوء من الحنان والعطف حتى على أشر الخطاة وإن غضب لسبب قهرى، فإنه لا يحقد. إنما سرعان ما يصفو ويسامح. فإن رأيت انساناً قاسياً في تعامله، إعلم أنه ليس وديعاً... الوديع يحتمل المخطئ إليه، ولا يدع الحقد يدخل إلى قلبه من جهته. ويجعل مبادرة الصلح تأتى منه هو، فتعود المحبة بينهما أما المتكبر فإنه لا يغفر وإن أخطأ اليه أحد، يقول " لابد أن ألقّنه درساً لا ينساه، لكى يعرف أقدار الناس.." المتواضع في طبعه أن يحترم الغير: المتواضع يحترم من هو أكبر منه سناً ومن هو أعلى منه مقاماً ومركزاً، ومن هو أكثر منه علماً وفهماً، ومن هو أكبر منه من جهة القرابة أيضاً. وليس فقط من هم أكبر منه .. بل المتواضع يحترم الصغار أيضاً، ولا يستصغرهم أو يحتقرهم. والمتواضع يحترم أيضاً الرأى المعارض له. بينما المتكبر لا يحتمل أن يعارضه أحد. ومن الجائز أن يسفّه كل رأى ضده ! بعكس المتواضع الذي يقبل الرأى المعارض في هدوء، ويتعامل معه برقة. المتكبر يطلب الاحترام لنفسه فقط أما المتواضع فيحترم الآخرين.. المتكبر يطلب لنفسه احتراماً وكرامة وتوقيراً وتقديراً، وإعجاباً وأطراءً.. يطلب أن يكبر في نظر الناس ويحترم. وفى نفس الوقت يعادى كل شخص لا يمنحه الاحترام المطلوب. أما المتواضع، فلا يسعى وراء الإكرام والاحترام. وإن وصله يستحى من ذلك. ولذلك فهو محبوب ومحترم من الكل دون أن يطلب. بينما المتكبر- ان احترمه الناس ظاهرياً خشية منه- فهم في داخله لا يحترمه . كما قال أحد الأدباء الروحيين. "من سعى وراء الكرامة هربت منه. ومن هرب منها بمعرفة سعت اليه.." المتواضع يستر عيوب الناس، والمتكبر يكشفهم ويستهزئ بهم.. المتواضع لا يجرح أحداً ولا يُحرج أحداً. ولا يقبل ان يُخجل احداً. ولا يسأل احداً عن أسرار من الحرج أن يبوح بها. أما المتكبر فيحب أحياناً أن ينكشف الناس امامه، لكى يعرف ضعفاتهم، ويقارن بينها وبين قوته! فيصغر الناس في عينيه، ويكبر هو في عينى نفسه! فمن جهة عيوب الناس: المتواضع يرى كل شئ وكأنه لم ير شيئاً على الإطلاق وإن عرف، فكأنه لا يعرف. إن كشف الناس، واحرجهم، والتشهير بهم.. كل ذلك يدل على عدم محبة، وعلى قساوة قلب ويزيد ذلك إذا ما وصل إلى التهكم والاستهزاء. والمتواضع بعيد عن كل هذا. المتكبر يحب الغلبة والانتصار، وبخاصة فيما يتعلق بالمعرفة هو يتباهى بمعرفته.. واذا ناقش غيره، يحب ان يهزمه ويُظهر ضعفه، ويفرح بانتصاره عليه. أما المتواضع فيهمه ان يقنع من يحاوره بالحق، دون أن يشعره بالانهزام أمامه. انما يحاول ايصاله إلى الحقيقة. فإن وصل اليها يمتدحه. لا يهزم مناقشيه، بل يكسبهم.. إن بين المتكبر والمتواضع فروقاً في أسلوب وهدف الحوار: المتكبر يفكر في ذاته: كيف ينتصر وأن يحطم محاوره. بعكس المتواضع الذي يهتم بالموضوع، وكيف يتفق مع محاوره. لذلك فالمتكبر ربما يظهر في مناقشاته روح العجب والاعتداد بالذات، وربما يلجأ إلى الحدة والقسوة. ومعه يتحول الحوار إلى شجار. أما المتواضع فهو مؤدب في حوار، ورقيق. ويتخير في نقاشه الألفاظ المهذبة، ويبعد عن كل لفظ جارح او خشن او محرج. المتواضع لا مانع عنده من أن يستشير، وينتفع بمعرفة غيره أما المتكبر فقد يكتفى بمعرفته ولا يرى أنه في حاجة إلى مزيد من المعرفة. هي حالة شخص يكبر في عيني نفسه، ويريد بالأكثر أن يكبر في أعين الناس |
||||
20 - 11 - 2022, 11:32 AM | رقم المشاركة : ( 69 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
قداسة البابا شنوده الثالث كل إنسان في الحياة تقوده أو تحركه مجموعة من القيم والمبادئ، تحدد سلوكه ومعاملاته وحسب القيم التي يؤمن بها كل إنسان ويحترمها ويحافظ عليها تتكون معالم شخصيته وصفاته.. أما الذي ليست له قيم ومبادئ يلتزم بها فانه يعيش في طياشة، كفرع شجرة يميل مع كل ريح..! وكما نتكلم عن الفرد نتكلم أيضًا عن الهيئات والمجتمعات.. ولذلك يوجد في كل مجتمع قوم لهم شهامة نسميهم: حراس المبادئ والقيم. والموضوع الواحد قد تكون له قيمة عند شخص وقد لا تكون له أية قيمة عند شخص آخر.. وحسب تقييم كل منهما لا يكون اهتمامه أو عدم اهتمامه.. ومن هنا قلنا أن القيم هي التي تحدد سلوك الإنسان في الحياة. وسنحاول أن نتناول عددًا من الأمور في الحياة الدينية لكل إنسان أو في حياته الاجتماعية أو الشخصية. ونري مدي تقييمه لكل أمر وتأثير ذلك في سلوكه وفي اهتمامه وتعامله. نأخذ مثالا لذلك: قيمة الراحة أو التعب في حياة شخص: فان آمنت بلزوم الراحة لك كما يؤمن بذلك أيضا مريض القلب مثلا فلابد انك ستعطي جسدك راحته مهما كانت ظروفك، وقد تؤجل بعض مشغولياتك إلى وقت آخر التماسًا لراحة جسدك واقتناعا منك بان الراحة تجدد نشاطك وتبعد عنك الإرهاق المضر، كما يقول المثل 'إن لجسدك عليك حقا'.. كل ذلك لان الراحة قد نالت قيمة معينة في مفاهيمك.. أما إن فقدت الراحة قيمتها في نظرك فسوف لا تعمل لها حسابًا. وهكذا فان إنسانا آخر قد يري أن كل القيمة هي للتعب وليس للراحة كما يقول الشاعر: وإذا كانت النفوس كبارا.. تعبت في مرادها الأجساد. فمثل هذا الشخص يؤمن انه يجب عليه أن يتعب علي قدر طاقته لكي يحقق أهدافه، وينال مكافأته حسب تعبه، هنا وفي الحياة الأبدية أيضًا.. بهذا تفقد الراحة الجسدية قيمتها. ويصبح التعب من القيم التي يؤمن بها هذا الشخص. وهنا نجد خلافا بين من يعطي كل القيمة لمصيره الأبدي في الحياة الأخرى، ومن تكون كل القيمة عنده، هي لمتعته علي هذه الأرض! فان أخذت الأبدية قيمتها السامية عند شخص فانه لا يعمل أي عمل يتعارض مع أبديته ويمس مصيره الأبدي في شيء. أما إن فقد تقييمه للأبدية أو تجاهلها أو تناساها فحينئذ سيتصرف كيفما يشاء بلا ضابط وقد يصل إلى الاستهانة والاستباحة! بنفس المنطق نتكلم عن قيمة كل من الجسد والروح في حياة كل إنسان: غالبية الناس يعطون كل اهتمامهم بأجسادهم، فصحة الجسد لها قيمتها وأيضًا جمال الجسد وزينته وقوته لها قيمة كبري. لذلك يقدمون للجسد كل ما يحتاج من غذاء، ومن دواء، ومن علاج ومن راحة ونشاط واستجمام.. ويهتمون نفس الاهتمام بأجساد أبنائهم وكل من هم تحت رعايتهم.. أما الاهتمام بالروح فيندر أن يأخذ نفس القيمة! لذلك تضعف أرواح الناس إذ لا تجد غذاءها الروحي الكافي، ولا ما تحتاج إليه من تقوية ومن قراءة وتأمل واجتماعات روحية وتداريب روحية ولا ما يلزمها أيضًا من علاج روحي إن فترت حرارتها أو وقعت في خطايا معينة.. هذا التقييم المهم الذي يلزمنا أن نعطيه للروح، هو الذي يحدد سلوكنا اليومي ومدي اهتمامنا بكل تصرف نقوم به وبكل كلمة نلفظها. موضوع القيم يدخل أيضًا فيما نقدمه لعقولنا من الفكر. فنحن في كل يوم تقدم لنا الجرائد والمجلات عشرات من الصفحات ولكننا نقرأ ما له قيمة في نظرنا فهناك من تكون أخبار السياسة لها القيمة الكبرى عنده وقد يهتم غيره بأخبار الرياضة أو أخبار الملاهي أو أخبار الوفيات حسبما يكون الأمر له قيمة عنده، وربما يهتم البعض بالفكاهات والكاريكاتير.. ويقينًا أن هناك مقالات كثيرة لا يلتفت إليها البعض إذ لا تمثل قيمة عندهم وعلي العكس ربما تكون عند بعض القراء قيمة لكاتب بالذات تجذبهم أفكاره.. نفس الوضع بالنسبة إلى الكتب والمؤلفات وبالنسبة إلى البرامج التي تقدمها وسائل الأعلام والروايات التي يمثلها بعض الفنانين.. عنصر القيمة أو التقييم هو الأساس فيما نختاره للعقل من فكر وما ترتاح إليه حواسنا وأحاسيسنا. تأثير القيم أيضًا يدخل في الحياة الاجتماعية كالزواج والصداقة: فمن الذي تختاره الفتاة مثلا وتفضله فيمن يطلب يدها هل تضع أمامها قيمة المنصب والمركز لشريك حياتها؟ أم قيمة المال والثروة لتحيا حياة رفاهية؟ أم تفضل قيمة العقل واللطف والحركة لتحيا حياة سعيدة؟ أم تفضل الرجل القوي الشخصية، كما يقول المثل "قوة المرأة في جاذبيتها، وجاذبية الرجل في قوته". طبعا حسب تقييمها الخاص سوف تختار.. كذلك الرجل أيضًا في انتقائه أيضًا لشريكة حياته إنما يختارها بناء علي قيم معينة يسعد بها تختلف من رجل إلى آخر في نوعية تقييمه نفس الوضع بالنسبة إلى الصداقة، فإنها تتم *علي الأقل لقيمة معينة* نقول 'إن الطيور علي أشكالها تقع'. هنا نقطة مهمة في موضوع القيم وهي: ما قيمة "الآخر" عندك؟ لو ارتفعت قيمته *كإنسان* في نظرك لوجدت نفسك بالضرورة تحترم كل إنسان وتحب كل إنسان، ولا تجرؤ علي جرح شعور إنسان ما. ثم ما تقييمك لمدرسيك ومعلميك؟ هل قيمة المدرس عندك كما قال الشاعر: قف للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا وما هو تقييمك لمعاملة كبار السن؟ هل كل منهم بالنسبة إليك في مرتبة الوالد؟ تحترمه وتوقر سنه أو شيخوخته.وما قيمة مرؤوسيك في نظرك؟ هل تعاملهم بسيطرة كما لو كانوا خدما بل ما تقييمك للخدم أيضا؟ أليسوا هم بشرا مثلك؟! وما تقييمك لمن يختلفون عنك في المذهب، أو من شعب آخر؟ هل هم في نظرك إخوة لك في الإنسانية؟ نقطة أخرى هي تقييم المرأة في المجتمع؟ هل تنظر إليها كأخت أو ابنة أو أم؟ نظرة بريئة تماما بكل عفة ووقار..؟ أم أن المرأة تثير فيك غرائز خاطئة تقودك إلى الشهوة ؟! وان حدث ذلك فهل تقيمه بعيب فيك أم عيب فيها؟ ثم ما تقييم المرأة بالنسبة إلى الوظائف؟ نشكر الله أنها في بلد وصلت فيه المرأة إلى درجة وزير، والي درجة عضو في البرلمان "في الهيئة التشريعية الرقابية". والمرأة تنتظر المزيد أيضًا. هنا وأسأل *من جهة التقييم* لماذا يفرح الناس بإنجابهم للذكر أكثر من إنجابهم للأنثى؟ إن البشرية ما كان يستمر وجودها بدون الإناث. لاشك انه من الأمور المهمة أيضا: مدي تقييمنا للمال: هل نفرح بالمال كمظهر من مظاهر الرفاهية في الحياة وكمصدر لاحترام الناس لنا كما قال الشاعر: إن قل مالي فلا خل يصاحبني إن زاد مالي فكل الناس خلاني أم أن المال في نظرك هو وسيلة لقضاء الشهوات واللهو؟ أم هو الوسيلة للرشوة وشراء الذمم؟ أم هو الطريق الموصل إلى المناصب والدرجات؟ أم قيمة المال عندك انه وسيلة لعمل الخير ولإسعاد الفقراء وذوي الحاجات ولإنشاء المشروعات النافعة للمجتمع؟فكم عدو لأجل المال صادقني وكم صديق لفقد المال عاداني حسب تقييمك للمال واستخدامك له يكون قدرك ووضعك كرجل مال.. إن تقييمك الأمور هو الذي يوجه سبيلها إلى الخير أو الشر، حسب نوعية استخدامها: فمثلا تقييمك لرد فعل الإساءة: هل هو العفو أو الانتقام؟ وتقييم الترقي: هل هو حسب الأقدمية والخبرة أم حسب الاختيار؟ وتقييم العمل: أيهما أفضل: عن طريق الوظيفة أم العمل الخاص؟ وهكذا دواليك. |
||||
20 - 11 - 2022, 11:34 AM | رقم المشاركة : ( 70 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
قداسة البابا شنوده الثالث كل إنسان يحب نفسه، ولا يوجد أحد لا يحب نفسه، وهذا أمر طبيعي، على أن تكون هذه المحبة صادقة ونقية، وبعيدة عن الأنانية. غير أن هناك محبة خاطئة للنفس، لأنه توجد بعض الحروب الروحية التي تسمى حروب الذات، وكذلك عبادة الذات، التي يتمركز الإنسان فيها حول نفسه. ويقول "أريد أن أبني نفسي، أن أحقق ذاتي، أن أرفع ذاتي..". ولا يهمه في كل ذلك أن يفقد نقاوة ذاته، أو أن يعمل على تحطيم غيره في محبته للنفس. وهنا تكون محبته لنفسه محبة خاطئة.. ونود هنا أن نتطرق إلى الوسائل التي بها يحب الشخص نفسه محبة خاطئة. المحبة الجسدانية والمادية: هذه التي فيها شهوة الجسد، وشهوة اللذة والمتعة والرفاهية: لذة الحواس التي تقود إلى الشهوة والخطية، وفرح الإنسان بهذه المتع بحيث يجد في تحقيقها محبة لنفسه.. وقد يجد انه يؤكد محبته لنفسه بالأتساع في الغنى، وكل ما تشتهيه عيناه لا يمنعه عنهما. وهكذا يفتح أمام نفسه أبواب اللهو والعبث والطيش، بكل ما في ذلك من صداقات وعلاقات خاطئة. ويظن انه بذلك يعمل على إشباع نفسه من فرط محبته لها، بينما هو يفسدها!! إن محبة النفس محبة حقيقية، لا تأتى في هذا الطريق الخاطئ، الذي ينام فيه الغير، ويبعد الإنسان عن الله، ويحيا وكأنه مجرد جسد، بلا روح! المحبة الخيالية هي لون خاطئ آخر في إشباع النفس... حيث لا يستطيع الشخص أن يمتع نفسه بطريقة مادية أو واقعية. فيسبح في تصورات إسعادها بمجرد الفكر. ويلذذ نفسه بالفكر وبالخيال! يسعد نفسه بما يسمونه: أحلام اليقظة. فكل ما يريد أن يمتع به نفسه من أمور اللذة والرفاهية، يغمض عينيه ويتخيله! ويؤلف حكايات وقصصًا، عن متع لا وجود لها في عالم الواقع... ويقول لنفسه سأصير وأصير وأعمل وأتمتع. وقد يستمر في هذا الفكر بالساعات وربما بالأيام! ويستيقظ لنفسه فإذا به في فراغ، وقد ضيع وقته..! إن المحرومين عمليًا، قد يعوضون أنفسهم بالفكر .. دون أن يتخذوا أي إجراء عملي بناء يبنون به أنفسهم. وكما يقول المثل العامي "المرأة الجوعانة تحلم بسوق العيش"! مثال ذلك أيضًا تلميذ لم يستذكر دروسه ولم يستعد للامتحان، فيجلس إلى كتبه، ويسرح في أحلام اليقظة انه نجح بتفوق وصار وصار. ويصحو لنفسه وقد أضاع وقته! إن المتعة بالخيال، قد تكون اقوي من المتعة الحسية: لان الخيال مجاله واسع لا يقف عند حد. ويتصور تصورات لا يمكن أن تتحقق في الواقع . ويكون سعيدًا بذلك سعادة وهمية.. وكثير من المجانين يقعون في مثل هذا الخيال الذي يشبعون به أنفسهم . ويجدون به أنفسهم في مناصب ودرجات وألقاب.. والفرق بينهم وبين العقلاء أنهم يصدقون ما يتخيلونه. ويصيبهم نوع من المرض يسمى البارانويا Paranoia، وحكاياته كثيرة... إنه خيال يظن به هذا النوع من الناس أنهم يجدون أنفسهم بالإشباع الفكري والمتعة الخيالية بالأوهام. بينما يضرون أنفسهم بإبعادها عن الجهد العملي الذي يفيدها. المعارضة والصراع هناك لون آخر ممن يحبون أنفسهم محبة خاطئة، يظنون أنهم يبنون أنفسهم عن طريق معارضة الكبار والصراع معهم . وهؤلاء يظهرون على الساحة وكأنهم شعلة من النار، في التفكير والحركة والعراك: وإذ لا يقدرون على العمل البناء، يظنون أنهم يجدون أنفسهم بهدم الذين يبنون! فهم يعملون على هدم وتحطيم غيرهم أن استطاعوا. ويحسبون بذلك أنهم قد صاروا أبطالا!! لا يسرهم شيء مما يعمله العاملون، فينتقدون كل شيء. ويبحثون عن أخطاء لتكون مجالًا لعملهم في النقد والنقض والتشهير. وكأنهم يعرفون ما لا يعرفه غيرهم. وفي نفس الوقت الذي يسعون فيه لتحطيم كل بناء بناه غيرهم، لا يبنون هم شيئا!! وإذ يفتخر الشخص منهم بأنه مقاتل Fighter، يجد أخيرًا انه عاش في فراغ، ولم يكتب له التاريخ أي عمل إيجابي يستحق التسجيل ... مثال هؤلاء التلميذ المشاكس في الفصل الدراسي. الذي يشعر انه قد وجد ذاته في معاكسة المدرسين! ويظن ذلك جرأة منه وشجاعة وبطولة يبنى بها نفسه التي يحبها . بينما يكون قد فقد مستواه العلمي، وفقد بذلك مستقبله. ولا تنفعه تلك البطولة الزائفة ! ومثال آخر: ذلك الذي يقول أن عنده الجرأة أن "يقول للأعور انه اعور في عينه" ويفقد بذلك المحبة وحسن المعاملة والسمعة الحسنة. وأسوأ منه أولئك الذين يفقأون عيون المبصرين، ثم يعيرونهم بما فعلوه بهم! نوع آخر من الذين يحبون أنفسهم محبة خاطئة هم: التائهون عن أنفسهم! كإنسان كثير الحركة، ربما في أنشطة بلا عمق، وينسى خلالها روحياته وبناء نفسه! يرى أننا نعيش في عصر التكنولوجيا، فيجب عليه أن يكون إنسانًا تكنولوجيًا: يسير مثل الآلة: حركة دائما بلا توقف... يعمل في كل مجال، ولا يقف لحظة ليفكر في أبديته، أو ليحاسب ذاته أين قلبه الآن؟ وما درجة روحياته، وما هي علاقته بالله ؟ وهل لديه وقت للصلاة والتأمل؟ وماذا اعد لأبديته؟! وفى هذه المحبة الخاطئة لنفسه، التي قد نسيها في خضم مشغولياته العديدة كان عليه أن يقيم توازنًا بين أنشطته وأبديته، وان يذكر قول السيد المسيح: "وماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه". الحرية حسب هواها: قد يحب الإنسان نفسه، فيرى أن تسلك نفسه حسب هواها، دون رقيب، ودون ضابط . ولا يقبل أن يتدخل احد في شئونه، فلا نصح من صديق، ولا نقد من معارض. ولا سلطة من أب أو مشرف أو رئيس! بل يفعل ما يشاء بلا قيد . حتى القيم والمبادئ والتقاليد، يسره أن يتخلص منها!! بعض من هؤلاء، يسمون أنفسهم الليبراليين "أي المتحررين" بينما الحرية الحقيقية هي أن يتحرر الإنسان في الداخل من الخطايا والشهوات المنحرفة.. وأكثر من هذا الوجوديون، الذين يريدون التمتع بالوجود، عن طريق التخلص من الله ووصاياه بشعار "من الخير أن الله لا يوجد، لكي اوجد أنا"!! كل هؤلاء بمحبة أنفسهم لحرية خاطئة منحرفة، إنما يهلكون أنفسهم .. أمر آخر في المحبة الخاطئة للنفس هو : الإعجاب بالنفس: كأن يكون الإنسان بارًا في عيني نفسه، أو حكيما في عيني نفسه !! ويدخل ذلك في عبادة النفس . ولا مانع. عند هذا الشخص. أن يكون الكل مخطئين، وهو وحده الذي على صواب. وهذا النوع يبرر ذاته في كل خطأ. وان شرح له احد أخطاءه، لا يقبل ذلك، ويستمر على ما هو فيه. ويرفض كل توجيه. وإذا عوقب على خطأ، يملأ الدنيا صراخًا انه مظلوم! ولا ينظر إلى الذنب الذي ارتكبه، إنما يصف من عاقبه بالقسوة! ويظن أن دفاعه عن نفسه محبة لها، بينما هو يثبتها في أخطائها. مثل هذا ترتبك مقاييسه الروحية والأدبية والعقلية . ويضيع نفسه. والعجيب انه . على الرغم من أخطائه يمدح نفسه . ويحب أن يمدحه الغير. وان مدحوا سواه يستاء كما لو كان هو الأحق من غيره بكل مديح ! على أن كثيرًا من الذين يقعون في الإعجاب بالنفس، يكون الله قد منحهم بعض المواهب. لكنهم استخدموا المواهب في الإضرار بأنفسهم، وفي الغرور. ومثلهم أيضًا من قد اضروا أنفسهم بما نالوه من مركز أو شهرة. فلكي يتعالوا في الرفعة، وقعوا في الخيلاء، أو أصبحوا ينظرون من فوق إلى من هم دونهم في الوظيفة أو في المال!! |
||||
|