24 - 01 - 2014, 05:13 PM | رقم المشاركة : ( 61 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث
أنواع حروب الفكر ثلاثة أنواع من الناس: ثلاثة أنواع من الناس تتعبهم الأفكار: 1 – النوع الذي من الناس تتعبهم الأفكار. 2 – والذي يعايش الفكر ويستبقيه. 3 – والنوع الخصب في خيالة، الذي يمكنه أن يؤلف أفكارًا وقصصًا. كل هؤلاء، إن كانت أفكارهم تحوم حول خطايا معينة، فلا شك أن الأفكار تستطيع أن تتعبهم جدًا، لأنها لا تجد في داخلهم مقاومة بل ترحيبًا. |
||||
24 - 01 - 2014, 05:14 PM | رقم المشاركة : ( 62 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث
الإنسان الذي يسعى وراء الفكر هذا لا تأتيه الأفكار وتتعبه، إنما هو الذي يتعب الأفكار! هو الذي يفتش عن مصادر الفكر، يسعي ليحصل على مادة للفكر. يرسل حواسه هنا وهناك، بقصد ونية، لكي تحصل له على مادة تغذي فكره، ويفرح بذلك جدًا ويشتهيه. هذا هو النوع المحب للاستطلاع، الذي يبحث عن أخبار الناس وأسرارهم. ويسره أن يتحدث في أمثال هذه الموضوعات، ويزيد على ما يسمع تعليقات واستنتاجات من ذهنه، وبخاصة في كل ما هو سيئ وشرير. وكل هذا يكتنز في ذهنه صورًا تؤذيه روحيًا... وهكذا يقع في نوعين من الخطايا: خطايا اللسان، وخطايا الفكر. وكل منهما يقوي الآخر ويسببه.. إن جلس هذا النوع مع أحد أصدقائه ومعارفه، يبادره على الفور: ماذا عندك من أخبار؟ ماذا حدث لفلان، وماذا حدث من فلان؟ ماذا رأيت وماذا سمعت؟ وما رأيك في كل هذا؟ وماذا تعرف أيضًا؟ ويظل ممسكًا بهذا الصديق، يستخرج كل ما عنده، مثل فلاح يحلب بقرة، ولا يترك ضرعها حتى يخرج كل ما فيه! وبهذا يضر نفسه، ويضر غيره، بما حواه الحديث من أسرار الناس. إنه يهوي معرفة أخبار الناس. وكل شخص يصادفه في الطريق، يحاول أن يصطاده منه خبرًا! وإن جلس إلى مائدة يأكل مع غيره، تجول عيناه ليعرف ما الذي يأكله فلان، وما طريقته في الأكل، وما الذي يحبه، وما الذي لا يستسيغه؟! وهكذا في باقي الأخبار، حتى في صميم الخصوصيات!! والعجيب في مثل هذا أنه: إن كان هناك شيء رديء يتهافت على سمعه. وإن وجد شيء حسن، لا يستقبله بحماس! إنه يجمع الأخبار والأسرار والأفكار. حواسه طائشة، يتعبها" الجولان في الأرض والتمشي فيها" (أي2: 2). وتسأله ما شأنك بهذا؟ أو ما الذي تستفيده؟ فلا تجد جوابًا. إنه مرض. يصبح عادة عند البعض، جزاءًا من طبعه! أتسأل مثل هذا: ما أسباب الفكر عنده؟ إنها عادته في محبة الاستطلاع. كم من أناس أضروا أنفسهم، وأضروا غيرهم بحب الاستطلاع، ومحاولة كشف كل ما هو مستور، وربما بحيل غير لائقة تشتمل على خطايا أخري كثيرة... ولكن لعلك تقول، ماذا أفعل إذا لم أكن أنا مصدر الفكر، وإنما أتاني من آخرين، ونت أنا الضحية؟ أقول لك: إن الفكر الخاطئ، لا يجوز لك أن تسمع عنه، أو تفكر فيه، أو تقرأ عنه، أو تكلم أحدًا في موضوعه. لا تعايشه على الإطلاق. |
||||
24 - 01 - 2014, 05:15 PM | رقم المشاركة : ( 63 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث
لا تُعايِش الفكر فلا أنت تعيش معه، ولا تتركه يعيش فيك. بل اطرده بسرعة. لا تستبقه في ذهنك، ولا حتى في أذنيك. وابعد بكل جهدك عن الأشخاص الذين يسببون لك الفكر. وإن اضطررت إلى الاستماع إليهم، بسبب خارج عن إرادتك، فلا تنصب. واشغل نفسك أثناء الحديث بموضوع آخر. ولا تأخذ معهم ولا تعط أثناء عرضهم لكلام معثر.. وما اضطررت إلى سماعه من كلام خاطئ، لا تعاود التفكير فيه مرة أخري، فإن ذلك يثبته في عقلك الباطن. وأذكر باستمرار المزمور الأول الذي يأمرك بالبعد عن طريق الخطاة ومجالس المستهزئين. إذن لا تعايش الفكر ولا مسبباته.. أبعد عن الشخص الذي يصب في أذنيك أخبارًا تجلب أفكارًا، أو الذي يكون مجرد منظره أو حركاته أو أسلوبه مصدرًا للأفكار.؟ إن داود لما عايش مسببات الفكر سقط ليس في الفكر وحده، بل فيما هو أشد منه وأبشع. وكذلك كان الحال مع شمشون ومع غيرهما ممن كانوا أقوياء... وآخاب الملك ظل الفكر يتعبه من جهة حقل نابوت اليزرعيلي. وإذ استمرت معه الأفكار، واشتعل بخطية السطو على نصيب غيره، وإذ أضافت زوجته إيزابل وقودًا إلى هذا الاشتعال، تطور آخاب من مجرد الفكر، حتى وصل إلى القتل والسلب والظلم. واعرف أنك إن تهاونت في طرد الأفكار فقد تلد أفكارًا أخري، إذ لا يوجد فكر عقيم. قد يلد الفكر فكرًا من نوعه أو نوع آخر. وقد يل انفعالًا، أو شهوة أو مشاعر رديئة عديدة. وقد يلد خطايا كثيرة يصعب حصوها ويصعب طردها. ويصبح الفكر أبًا لعائلة كبيرة. إذن اطرده من أوله، قلب أن ينمو وينتشر في داخلك، وقبل أن يسيطر على إرادتك. واعرف أن طرد الفكر يكون سهلًا في أوله. ولكنه يصبح صعبًا إن استمر. إن الفكر الخاطئ يجس نبضك أولًا ليعرف مدي نقاوة قلبك، ومدي استعدادك الداخلي للتفاوض معه.. فإن رفضت التفاهم معه، يعرف أنك لست من النوع الرخيص السهل الذي يحب الأفكار، فيتركك. وإن حاول أن يستمر يكون ضعيفًا بسبب نقاوتك الداخلية. |
||||
24 - 01 - 2014, 05:17 PM | رقم المشاركة : ( 64 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث
أغلق أبوابك من الأفكار الخاطئة لذلك حذار أن تفتح بابًا للفكر. تفتح الباب له، معناه أنك بدأت تخضع له، وبدأت تحب به وتخون سيدك... بل عليك أن تتذكر ما قيل عن عذراء النشيد: " اختى العروس جنة مغلقة، ينبوع مختوم" (نش4: 12). إنها مغلقة أمام كل فكر شرير يطرق باب الذهن ، وأمام كل شهوة خاطئة تطرق باب القلب... لا تفتح بابها لكل أحد. بل لا تفتح إلا لكل فكر مقدس طاهر.. أما من جهة الأفكار الخاطئة، فإن الملائكة تغني لهذه النفس قائلة: "سبحي الرب يا أورشليم، سبحي إلهك يا صهيون، لأنه قوي مغاليق أبوابك، وبارك بنيك فيك" (مز147: 12، 13). هذه البواب المغلقة هي أبواب النفس الأبية التي لا تفتح لكل طارق من الأفكار العدو. بل هي نفس مخلصة لربها. لذلك بارك بنيها فيها، بنيها المولودين فيها من الروح القدس، أي المشاعر المقدسة. أغلق أبوابك أمام الفكر الخاطئ، لأنه لا يستريح حتى يكمل. الفكر هو مجرد خادم مطيع ترسله الشهوة ليمهد الطريق أمامها. من الصعب أن يبقي الفكر فكرًا، دون أن يتطور إلى ما هو أخطر. الفكر إذن هو مجرد مرحلة في حروب العدو. فاحترس منه جدًا، حتى لا يقودك سهلًا إلى مرحلة أخري لا تدري مدي خطورتها. الفكر يتطور في تنقلاته، من الحواس إلى الذهن، إلى القلب، إلى الإرادة. إذا استبقيت الفكر في أذنيك ولو قليلًا، يزحف إلى عقلك، وهنا قد يتناوله الخيال فيلد منه أبناء عديدين، وينمو الفكر داخلك، حتى يصل إلى قلبك وإلى مشاعرك وعواطفك وغرائزك وشهواتك. وهنا تكون الحرب قد وصلت إلى قمتها... إذن بتداولك مع الفكر، يأخذ سلطانًا عليك، لأنه أصبح داخلك. اجتاز حصونك، وصار داخل المدينة مختلطًا بأهلها!! ما أخطر هذه المرحلة عليك! إنه في هذه الحالة يكون قلبك هو الذي يحاربك، أو تكون لك حربان داخلية وخارجية، والداخلية أصعب. ويكون وصول الفكر إلى قلبك هو أقصي ما يتمناه. وحينئذ يجتمع أولاده حوله ضدك. وأولاده هم شهوات القلب. فإن سقط القلب في يد الفكر، تسقط بالتالي الإرادة بسهولة، إذ يضغط القلب عليها. الإرادة تكون قوية، حينما يكون القلب قويًا، وحينما يكون الفكر في الخارج. ولكن حينما يضعف القلب، تضعف الإرادة تلقائيًا. وإن لم تفتقدها النعمة بقوة من فوق، ما أسهل أن تستسلم وتسقط في خطية عملية. إذن أغلق أبوابك من بادئ الأمر، حتى لا تتطور إلى مراحل خطرة. قال القديس دوروثيئوس: [من السهل أن تقلع عشبه صغيرة، ولكن إن أهملتها حتى تصير سنديانة ضخمة حينئذ يكون من الصعب عليك اقتلاعها]. لذلك اقتلع الأفكار من أول خطوة تخطوها إليك، وما أجمل ما قيل عن ذاك في المزمور: "طوبي لمن يسمك أطفالك، ويدفنهم عند الصخرة" (مز137: 9). أي يسمك الخطايا وهي أطفال، وهي أفكار، قبل أن تنمو، ويدفنها عند الصخرة، والصخر كانت المسيح (1كو10: 4). |
||||
24 - 01 - 2014, 05:17 PM | رقم المشاركة : ( 65 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث
مضار استبقاء الفكر قلنا إن الفكر إذا لم يطرده الإنسان بسرعة، يتقوى عليه، ويصبح داخله ويصل إلى القلب وإلى الإرادة، ويتعب النفس، ويصبح مادة لأفكار أخري ولخطايا أخري... وحتى إن أمكن للإنسان أن ينتصر بعد كفاح مرير، فإن الحرب لابد ستطول. وطول هذه الحرب الروحية ينهك الإنسان، الذي ربما يصبح قريبًا من اليأس والاستسلام، لأنه يكون قد بدأ يشعر بضعفه أمام الفكر. وطول فترة القتال مع الفكر، قد يثبته في العقل الباطن. ويضيف إلي ذاكره الإنسان صورًا ما كان يود أن تضاف إلى ذاكرته، لئلا تصبح في المستقبل مصدرًا لأفكار أخري ولشهوات وأحلام وظنون. وحتى إن انتصر الإنسان أخيرًا، يكون عقله قد اتسخ أثناء القتال. إذ أتيح للفكر أن يصب فيه قتالات وتأثيرات ومشاعر، كما أن الفكر في فترة بقائه يكون قد دغدغ الحواس وترك تأثيره على القلب وعلى الجسد أيضًا. وكمثال للتأثير على الجسد: إنسان ذكره العدو بمشاجرة بينه وبين شخص آخر، فتهاون في طرد الفكر، حتى بدأ يتذكر تفاصيل المشاجرة كلها، في ذلك يجد نفسه قد عاد إلى الغضب، يجد جسده قد سخن، اندفعت الدماء إلى عروقه، واحمرت عيناه، واكفهرت ملامحه، وبدأ يفكر كيف ينتقم لنفسه. انظر إلى داود النبي يحكى ضغطات الأفكار فيقول: " إلى متى يا رب تنساني، إلى الانقضاء؟ حتى متى تحجب وجهك عني إلى متي أردد هذه المشورات في نفسي، وهذه الأوجاع في قلبي النهار كله؟ إلى متى يرتفع عدوي على... أنر عيني لئلا أنام نوم الوفاة، لئلا يقول عدوي قد قويت عليه" (مز12). إذن اهرب من الفكر ولا تسبقيه، فأنت لا تعرف إلى أين يقودك، وإلى أين ينتهي... والهروب أيضًا فيه أتضاع قلب، والاتضاع هو أكبر سلاح لهزيمة الشيطان، أما الذي يعتد بقوته، وبقدرته على قتال الأفكار، فقد تتخلي عنه النعمة قليلًا، حتى إذا ما دخل في الحرب الروحية وعنفها حينئذ لا يدعي القوة مرة أخري، ويعتمد على الله أكثر مما يعتمد على إرادته الخاصة وصمودها وقوتها. لهذا كثيرًا ما يسمح الله بالحروب، لكي يقتني الإنسان الاتضاع. لا شيء يغيظ الشيطان، قدر رفضك للتفاوض معه.. لقد كان تفاوض حواء مع الحية، هو أول خطوة في السقوط، واستطاع الشيطان في حديثه معها، أن يتولي توجيه فكرها وحواسها، وصارت لعبة في يديه وتحت قيادته وتأثيره. إنك بالتفاوض مع الفكر الشرير إنما تدخل نفسك في دائرته. على الأقل يشعر أنه لا مانع لديك من التفاهم معه، وكم من علاقة خاطئة بدأت بالجدل أو بالمقاومة، وانتهت إلى الاستسلام، أما رفض التفاهم مع الفكر، فهو طرد صريح له من بادئ الأمر، وعدم إعطائه فرصة لتجربة تأثيره. أنت قد تدخل الفكر إليك، ثم لا تعرف كيف تخرجه... لذلك فإن رفضه، وعدم معايشته، هو حل سليم لا نقاش فيه. ذلك أن استبقاء الفكر، قد يؤدي إلى سيطرته، وإذا استمر فترة طويلة فقد يؤدى إلى حالة من العبودية. |
||||
24 - 01 - 2014, 05:18 PM | رقم المشاركة : ( 66 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث
العبودية للفكر إذا سيطر الفكر على الإنسان، ليس فقط يقوده، ليس فقط يقوده إلى السقوط، إنما بالأكثر إلى الخضوع الدائم للفكر، والاستبعاد له. إن شعر الفكر انه وصل إلى القلب وإن الإنسان أصبح يريده، لذلك لا مانع من أن يطرقه باستمرار. فيستمر الفكر أيامًا أو أسابيع في ذهن هذا الإنسان المستعبد له.. وفي كل حين يضيف إليه شيئًا جديدًا ويبقي معه باستمرار، يطرد منه كل فكر خير، ينام والفكر في ذهنه، ويصحو والفكر في ذهنه، ويمشي ويعمل والفكر قائم. |
||||
24 - 01 - 2014, 05:21 PM | رقم المشاركة : ( 67 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث
الانتصار على الفكر أول الوسائل، ذلك المثل القائل: الوقاية خير من العلاج.. لا تأخذ باستمرار موقف المدافع، فإنك في دفاعك قد تنتصر حينًا، وتنهزم حينًا آخر. إنما خذ موقف الحصانة الداخلية، بالعمل الروي الإيجابي الذي يحصن قلبك ضد الأفكار. ليكن لك برنامج روحي قوي مستمر من صلوات ومزامير، وقراءات روحية وتأملات، وتراتيل وألحان، واجتماعات روحية، وصداقات روحية، وغذاء روحي دائم يملأ القلب بمشاعر نقية وحينئذ ينطبق عليك قول الرب: " الإنسان الصالح من كنز قلبه الصالح يخرج الصلاح، والإنسان الشرير من كنز قلبه الشرير يخرج الشر" (لو6: 45). إذن قلبك هو منبع الأفكار، إن كانت مشاعره روحية تخرج منه أفكار روحية، وإن أتته أفكار شريرة من الخارج، يرفضها. فلنهتم إذن بالقلب وخزينة الروحي بدلًا من أن نقضي الحياة الروحية صراعًا مع الأفكار. وثق إنك إن كنت مشغولًا باستمرار بفكر روحي نقي، فإن الأفكار الشريرة لن تجد لها مكانًا فيك، ولن تعوزك إطلاقًا إلى القتال معها. لذلك غالبًا ما نجد الأفكار الشريرة تتعب الإنسان في فترات فتوره. وإذن قلبك هو منبع الأفكار، إن كانت مشاعره روحية تخرج منه أفكار روحية، وإن أتته أفكار شريرة من الخارج، يرفضها. فلنهتم إذن بالقلب وخزينة الروحي بدلًا من أن نقضي الحياة الروحية صراعًا مع الأفكار. وثق أنك إن كنت مشغولًا باستمرار بفكر روحي نقي، فإن الأفكار الشريرة لن تجد لها مكانًا فيك، ولن عوزك إطلاقًا إلى القتال معها. لذلك غالبًا ما نجد الأفكار الشريرة تتعب الإنسان في فترات فتوره. وإذ يكون فكرة خاليًا من العمل الروحي، يأتي الشيطان ويعيش فيه. أما إن كان منشغلًا بصلاة، أو قراءة روحية، أو تأمل روحي، فإن الأفكار لا تقدر عليه. ولعلك هنا تسأل: هل الأفكار لا تحارب الإنسان في حالة نشاطه الروحي؟ أقول إنها تحاربه، ولكنها لا تقدر عليه، ولا تتعبه. فالأفكار حاربت القديسين، ولكنها لم تتعبهم ولم تهزمهم، بل قالوا مع القديس بولس: "مستأسرين كل فكر لطاعة المسيح" (2كو10: 5). والانشغال الروحي يطرد الأفكار، بشرط أنه يكون انشغالًا بعمق. فالقراءة السطحية، والصلاة غير العميقة، قد لا تطرد الأفكار، ومن هنا كان البعض يسرح أثناء صلاته، في أي فكر. عيشوا في عمق روحي، تهرب الأفكار منكم، بنعمة الرب.. |
||||
24 - 01 - 2014, 05:23 PM | رقم المشاركة : ( 68 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث
مهاجمة المظاهر الخارجية في العهدين لقد هاجم السيد المسيح محبة المظاهر الخارجية. وذلك في توبيخه الكتبة والفريسيين المرائين،" لأنكم – الكتبة والفريسيون المراؤون – تنقون خارج الكأس والصحفة، وهما من داخل مملآن اختطافا ودعارة". وقال لهم أيضًا: "وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُشْبِهُونَ قُبُورًا مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً، وَهِيَ مِنْ دَاخِل مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ." (إنجيل متى 23: 27). ونفس الوضع كان في العهد القديم. إذ أنه لم يقبل المظاهر الدينية من اليهود، كالاحتفالات بأوائل الشهور والأصوام والصلوات والبخور والذبائح، مع عدم نقاوة القلب..! فقيل في سفر إشعياء: "لماذا لي كثرة ذبائحكم – يقول الرب -... لا تعودوا تأتون بتقدمه باطلة. البخور هو مكرهة لي... رؤس شهوركم وأعيادكم أبغضتها نفسي. صارت على ثقلًا. مللت حملها. فحين تبسطون أيديكم، أستر عيني عنكم. وإن أكثرتم الصلاة، لا أسمع... أيديكم ملآنة دمًا" (إش1: 11 – 15). إن الله يهمه القلب قبل كل شيء، وليس المظاهر الخارجية. ولذلك فإنه قال،" فوق كل تحفظ قلبك، لن منه مخارج الحياة" (أم4: 23) وقال أيضًا: "يا ابني أعطني قلبك، ولتلاحظ عيناك طرقي" (أم23: 26). فالفضائل التي لا تنبع من القلب ومن الحب، مرفوضة من الله.. لأن الله لا يحب المظاهر الخارجية. إنه يريد حقيقة الإنسان من الداخل. يريد مشاعره وعواطفه ومحبته، وليس مجرد عمل خارجي لا قيمة له. الصلاة من قلب نقي، أو من قلب منسحق، هي صلاة مقبولة. أما صلاة الأشرار فمرفوضة. لهذا قبل الله صلاة العشار، ولم يقبل صلاة الفريسي الممزوجة بالكبرياء والافتخار وإدانة الآخرين. كذلك لم يقبل صلوات هؤلاء الذين قال لهم: "أيديكم ملآنة دمًا" (إش1: 15) كما أن الكتاب قال في وضوح: "ذبيحة الأشرار مكرهة للرب" (أم15: 8)" ذبيحة الشرير مكرهة، فكم بالحري حين يقدمها بغش" (أم21: 27). وقال أيضًا: "من يحول أذنه عن سماع الشريعة، فصلاته أيضًا مكرهة" (أم28: 9). لذلك ينبغي التركيز على النقاوة الداخلية، التي هي المصدر الحقيقي لكل نقاوة من الخارج. |
||||
24 - 01 - 2014, 05:26 PM | رقم المشاركة : ( 69 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث
النقاوة الداخلية وليس الخارجية أحيانًا بعض الوعاظ والخدام والمربين، يهتمون كل الاهتمام بالنقاوة الخارجية فقط، ويركزون عليها. فبالنسبة إلى الفتاة مثلًا: يهتمون بمظهرها.. هل تتفق ملابسها وقواعد الحشمة؟ هل هي تسرف في زيتنها؟ ويركزون عظاتهم على هذه السلبيات.. ويتركون الباعث الداخلي الذي يكمن في القلب، وراء عدم الحشمة! والمفروض أن يكون التركيز على الداخل: على محبة الله، ومحبة الفضيلة، ونقاوة القلب. وإذا صار القلب نقيًا من الداخل، وتخلص من المشاعر التي تدفع الفتاة إلى التبرج في زينتها، حينئذ هي نفسها، من تلقاء ذاتها ستتخلى عن كل هذه المظهريات. إن التوبيخ والعنف والضغط، ليست هي الأمور التي تصلح. ربما تقدم مجرد مظهر خارجي. ويبقي القلب في الداخل كما هو، بنفس رغباته وشهواته. وربما يضاف إليه التذمر والكبت والضيق.. أما إذا تنقي القلب ÷ فإنه حينئذ سينفذ كل تلك النصائح برضي واستماع، وبدرجة أرقي من الناحية الروحية. وبالمثل مع الشاب الذي يطيل شعره، ويلبس ملابس غير لائقة به كشاب متدين.. يحتاج أن يعرف ما هي معاني الرجولة؟ وما هي مظاهر قوة الشخصية؟ وكيف يمكنه أن يكتسب احترام الآخرين؟ بالإضافة إلى نقاوة القلب. فإن اقتنع بكل هذا لابد سيترك كل تلك الأخطاء بدون توبيخ، وبدون قهر.. ليس المهم أن ننظف خارج الكأس، بينما الداخل كله نجاسة: إن الإصلاح من الداخل هو أكثر ثباتًا ورسوخًا في النفس: وبه ينصلح الإنسان بطريقة حقيقية، ولا يكون واقعًا في تناقض ما بين داخلة وخارجه. كما أنه لا يكون تحت ضغط، بحيث يتلمس ظروفًا للانفلات من هذا القهر الخارجي!! فلنبحث إذن عن الأسباب الداخلية التي تؤدى إلى الخطأ الخارجي، ونعالجها: خذوا الكذب مثلًا، كظاهرة: الشخص الذي يكذب، هل ستصلحه عظات عن الكذب؟ أو توبيخ له على كذبه؟ أم أن الأعمق تأثيرًا عليه وإصلاحًا له، هو البحث عن الأسباب التي تجعله يكذب: هل هي الخوف من انكشاف شيء؟ أو الرغبة في الحصول على منفعة معينة؟ أو القصد من الكذب هو التباهي؟ أو التخلص من الإحراج؟ أو السبب هو الخجل؟ أم هي قد أصبحت عادة، بحيث يكذب بلا سبب؟ أم هو يكذب بقصد الفكاهة، أو بقصد الإغاظة؟ أو التلذذ بالتهكم على الناس؟!! نبحث عن سبب الكذب، ونعالجه ونقنع صاحبه بعدم جدواه. ونقدم له حلولًا عملية للتخلص من كذبه، أو بدائل لا خطأ فيها.. كالصمت أحيانًا، أو الهرب من الإجابة بطريقة ما، أو الرد على سؤال بسؤال، أو الاعتذار من خطا بدلًا من تغطية بالكذب، وكذلك الاقتناع بخطأ التباهي، وخطأ التهكم على الناس. مع الاقتناع أيضًا بكسب ثقة الناس واحترامهم بأسلوب الصدق. وهكذا نعالج الداخل، فيزول الخطأ الخارجي تلقائيًا، كنتيجة طبيعية.. |
||||
24 - 01 - 2014, 05:37 PM | رقم المشاركة : ( 70 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث
لا نهمل نقاوة الخارج ليس الاهتمام بالداخل، معناه أننا لا نهتم بأعمالنا الخارجية... فالمفروض أن نكون قدوة. كما أن أخطاءنا الخارجية قد تعثر الآخرين. وفي هذا قال السيد الرب: " فليضئ نوركم هكذا قدام الناس، لكي يروا أعمالكم الحسنة، ويمجدوا أباكم الذي في السموات" (مت5: 16) وواضح من هذه الآية أن الغرض هو تمجيد الله، وليس تمجيد الذات. وقيل أيضًا: " معتنين بأمور حسنة قدام جميع الناس" (رو12: 17). لأنه هكذا ينبغي أن يكون أولاد الله. وكما قال القديس يوحنا الحبيب: "كل من هو مولود من الله لا يفعل خطية.. بهذا أولاد ظاهرون.." (1يو3: 9، 10) ومن جهة العثرات، قال السيد الرب: "ويل لذلك الإنسان الذي به تأتي العثرة" (مت18: 7). فالمفروض أن يسلك الإنسان من الخارج سلوكًا حسنًا مع اعتبارين: 1 – أن يكون ذلك لتمجيد الله، وليس لتمجيد ذاته. 2 – إن يكون السلوك الخارجي طبيعيًا، نابعًا من نقاوة القلب الداخلية. وإن كنت لم تصل بعد إلى نقاوة القلب الداخلية، فاغصِب نفسك على ذلك. حقًا أنه من فضلة القلب يتكلم اللسان. فإن كانت مشاعر قلبك لم تنتق بعد من جهة بعض الناس، فليس معني هذا أن تخطئ إليهم بلسانك، لكي يكون لسانك وقلبك في خط واحد! كلا. بل احترس بلسانك حتى لا تخسرهم. ثم بعد ذلك عود قلبك أن يكون مثل لسانك في كلامه الطيب. وهنا يكون التغصب والرغبة في كسب الناس باحترامهم ومحبتهم، من الاعتبارات التي تضاف إلى وجوب السلوك الخارجي الحسن. ولا يعتبر هذا لونًا من الرياء، إنما يكون في هذه الحالات لونًا من ضبط النفس. وضبط النفس من الخارج لازم ومطلوب. ويدخل في نطاق التدريبات الروحية التي يصل بها الإنسان إلى حياة النقاوة. إذن نظف الداخل ليتفق مع الوضع الخارجي السليم. ولا تهبط بالخارج إلى مستوي الداخل، إن كان داخلك غير سليم.. المفروض أن تكون نقيًا من الداخل ومن الخارج، فحاول أن تصل إلى الأمرين معًا. وإن بدأت بأحدهما، أكمل بالآخر أيضًا. واحتراسك الخارجي ممدوح. ولكن لا تكن مكتفيًا به، بل أضف إليه النقاوة الداخلية. وليكن هذا هو تدريبك في كل الفضائل. |
||||
|