التقصير في الصلوات يُطفئ الروح
ومن الأسباب التي تطفئ الروح أيضًا: التقصير في الصلوات.
ما من إنسان وصل إلى الفتور الروحي، إلا ويكون قد بدأ بإهمال لصلواته ومزاميره. فالصلاة تعمق الصلة بالله، وتسبب حرارة في القلب من نحوه. لذلك لا تهمل صلواتك، حتى ولو كانت كلمة واحدة أو عبارة بسيطة.
فقد يحاربك الشيطان بأنه ليس لديك وقت. وهي حرب مكشوفة ومعروفة.
الصلاة لا تحتاج إلى وقت، إنما إلى قلب. تحتاج إلى قلب يشتاق إلى الحديث مع الله، ولو بكلمات قليلة لا تستغرق بعض الثواني. ومحال أن تقول أنك لا تملك هذه الثواني. وثق أنك إن بدأت، ستجد النعمة تعمل فيك لكي تكمل وتجد رغبة في قلبك أن تستمر وتتحول الثواني إلى دقائق.
اهتم بصلوات النهار، وقت الانشغال ووقت الحروب الروحية.
ارفع قلبك إلى الله، ولو عبارة واحدة، مثلما فعل العشار (لو18: 13) ومثلما فعل اللص اليمين (لو23: 42). وستكون عبارة مقبولة، وتأتى بثمر كثير. ولا تظن أن صلاتك لا تكون مقبولة، إلا إذا كانت طويلة! كلا، فهذه حرب أخرى...
إن الله يريدك أن تتذكره، أثناء انشغالك بعملك الدنيوي.
فلا تنساه أثناء العمل، وأثناء الاتصالات والمشغوليات، ولا تكون في غربة عنه أثناء النهار، وقد أبعدتك عنه علاقات كثيرة!! مجرد عبارة "يا رب" تقولها أثناء عملك، وأثناء مشيك في الطريق، وعند تقابلك مع الناس... وهذه العبارة وحدها، إن قلتها من قلبك، ستمنحك حرارة روحية. ولا تستغرق وقتًا... كم بالأكثر لو قلت عبارة أو عبارتين من صلواتك، أو مزمورًا له تأثير معين في قلبك وعواطفك...
أما غربتك عن الله، بإهمالك للصلاة فإنها تطفئ روحك
وإذا لم ينشغل عقلك بالله، سينشغل بأشياء أخرى، لأنه لن يتوقف عن العمل. وهنا تدخل روحياتك في تعقيدات لا ندرى ما نتائجها... فلماذا تترك عقلك في فراغ روحي؟ لم لا تشغله بشيء نافع، ولو يتأمل في آية تحبها، أو بتأمل في فضيلة ما، أو في صفة من صفات الله الجميلة، فهذا الفكر الروحي، يشعل قلبك. بينما الفراغ يؤذيك.
اعلم أن الفراغ الداخلى يعطى فرصة للحروب الخارجية.
فيتعاون الداخل والخارج ضدك... أنصحك أن تحفظ بعض الصلوات، أو بعض القطع من الأجبية، أو بعض آيات من الكتاب، وتردد كل هذا أو شيئًا منه أثناء النهار... وفي وقت الساعة الثالثة أو السادسة، ارفع قلبك ولو بصلاة قصيرة مناسبة، لمجرد ثوان معدودة... وتأمل ماذا ستكون النتيجة.
لا تجلس في الساعة الثالثة ككتلة مجمدة على كرسيك!!
ليس فيها أي حس روحي، أو أية حرارة. تأكد أن الشيطان قد أسس شركة كبيرة منتجة للفريزرات، ليجمد فيها أرواح الناس وقلوبهم، أو على الأقل يبردهم، خوفًا من الحرارة الروحية. فلا تعطه فرصة، وانشغل عنه بعمل روحي داخلي.
هذا هو الفرق بين الراهب العمال والراهب البطال، حسب تعبير البستان.
وليس المقصود بكلمة بطال أنه إنسان رديء. كلا. بل أنه أبطل العمل الروحي داخله...
لا تقتصر إذن في عملك الروحي في كل وقت، لئلا تنطفئ حرارة الروح فيك واعلم أن النار، إن لم تجد وقودًا، فلابد ستنطفئ ولو بعد حين، لذلك:
أضف وقودًا باستمرار إلى النار المقدسة التي وضعها الله في قلبك.
بالصلاة، بالتأمل، بالقراءة الروحية، بالألحان والترانيم والتسبحة، وبالاجتماعات الروحية، بالذكريات المقدسة، بالعمل الداخلى، بالفكر الصالح. وقل لنفسك: أنا إن أهملت إضافة هذا الوقود ستنطفئ حرارتي، وافتر أو ابرد، وأضيع... اعرف بالخبرة ما هي مصادر الحرارة بالنسبة إليك، ولا تبعد عنها مطلقًا. وإن فترت في وقت ما، لا تنتظر على نفسك، بل أشعلها لتلتهب كما كانت ...
أعط روحك غذاءها باستمرار.
في كل يوم، وكل وقت، وبكل ألوان الأغذية الروحية. غذها بكل الوسائط الروحية. واجعل روحك أيضًا تتغذى بالفضيلة وبالحب الإلهي، وبمداومة التفكير في الله وفي الأمور المقدسة. وبمعاشرة القديسين والتأثر بقدرتهم الصالحة. ولا تقل ليس لدى وقت للروحيات... فأنت تعطي وقتًا للتسليات والتفيهات وللحديث مع الأصدقاء ولقراءة الجرائد والحوار حول الأخبار، بل تعط وقتًا ربما لتفاهات عديدة. لماذا تحرم روحك إذن من غذائها؟!