منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12 - 12 - 2013, 03:30 PM   رقم المشاركة : ( 61 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,299,719

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي

الأنوثة والحياة الزوجية
كتاب دعوني أنمو  القمص تادرس يعقوب ملطي
كتاب دعوني أنمو - القمص تادرس يعقوب ملطي


1- إن كان الروح يمثل "الرأس" الذي لا يمكن فصله عن الجسد، هو في عوٍز إلى الجسد كما أن الجسد في عوز إلى الرأس المدبر بروح يتحمل المسئولية والبذل، كما تحتاج على نفس المستوى إلى القلب الذي يحتضن الكل. الزوجة تحتاج إلى رجلها لتثق فيه خلال بذله ذاته لأجلها، تحتاج لا عن عجز أو ضعف إنما لتعاونه فيما هو محتاج إليه، إذ تقدم له "الحب". كأن الاحتياج متنوع ومتكامل ومشترك.

2- كما يُساء فهم الرجولة إذ يصورونها وكأنها "تسلط"، وهكذا أيضًا يٍساء أحيانًا فهم الخضوع بالنسبة للزوجة، فيحسبها البعض إذلالًا ومهانة. لهذا أوضح الرسول بولس أن الخضوع هنا "مجيد" إذ يحمل صورة خضوع الكنيسة للسيد المسيح الذي أسلم نفسه لأجلها كي يحضرها لنفسه كنيسة مجيدة (أف25:5، 26). فالزوجة التي تشعر في رجلها أنه يبذل نفسه لأجلها، ترد له الحب بالحب، وتقابل ثقل مسئولياته بخضوع المحبة.

ما أروع كلمات القديس يوحنا الذهبي الفم في هذا الشأن (8):

("أيتها النساء اخضعن لرجالكن كما يليق في الرب" (كو18:3)... لم يقل "اخضعن من أجل الرب" بل قال: "في الرب"، بقوله هذا يزينهن لا يزين رجالهن.

لم يقل أن يطيعونهم طاعة السادة، ولا طاعة بحسب الطبيعة فقط، وإنما طاعة "في الرب"...

المحبة من اختصاص الرجال، وأما الخضوع فمن اختصاص النساء. فإذا قدّم كل إنسان ما يلتزم به تثبت كل الأمور. فالرجل بحبه للمرأة تصير هي مُحبة له، والمرأة بطاعتها للرجل يصير وديعًا نحوها.

لا تنتفخي لأن الرجل يحبك... لقد جعله الله يحبك لكي تطيعيه في خضوع بسهولة. لا تخافي من خضوعك، لأن الخضوع للمحب ليس فيه صعوبة...).

(لكي لا يحتقر الزوج الزوجة أنظر كيف كرَّمها وضمها إليه بالإتحاد معه...

ولكي لا تتكبر عليه إذ أعطاها له معينة، صنعها من جنبه، مظهرًا أنها جزء من جسده).


3- عندما تحدثنا عن "الجنس" قلنا أن العالم وهو يسير بخطوات نحو تقديم الكثير من الحقوق للمرأة في مجالات كثيرة، إذ بوسائل الإعلان أحيانًا تشوه عالم "المرأة"، فتستخدم جمالها الجسدي وسيلة للدعايا والإعلانات، الأمر الذي يبث في ذهن بعض المراهقين أن المرأة في جوهرها جنس بحت، يحبونها دُمية أو ألألعوبة وجُدت لمتعة الرجل؛ بهذا لا يتطلعون إليها كإنسان لها شخصها الكامل fully human person. يتطلع البعض أيضًا إليها مجرد أداة للإنجاب Children producing machine.

من الجانب الآخر كثير من النساء، خاصة الأمهات - يشوهن صورة الرجل أو الشاب في أذهان بناتهن (9)، إذ يصورن لهن الرجال كأناس لا مطالب لهم سوى الجنس وبطريقة منحرفة، الأمر الذي يجعل بعض الفتيات تنشأن على كراهية الرجل وعدم الثقة فيه حتى بالنسبة للأزواج.

خلال خبرة الطفولة الخاطئة تظن بعض الفتيات أن الرجال بطبعهم فاسدون جسديًا؛ تظن الفتاة أن كل ما يطلبه منها رجلها هو جسدها، فتقدمه لها كعطاء من جانبها أو هبة تمنحها له، الأمر الذي يحطم العلاقات الزوجية.

بعض الأمهات يشوهن جنسهن في نظر بناتهن، فيمتلئن إحساسًا بالنقص ويحزنَّ لأنهن وُلدن إناثًا (10). يليق بالأم أن توضح لبناتها عمليًا أن الأسرة في حاجة إلى الرأس الواحد (الرجل) والقلب الواحد (المرأة)، كل منهما يكمل الآخر، ويحقق وجود الآخر، فالمرأة تصير امرأة بالمعنى الكامل للأنوثة خلال الرجل، لأنها إذ تعطيه لا جسدها فحسب بل نفسها her self، تعطيه كل القلب في الرب، فتحقق لنفسها صدق أنوثتها التي تشبعها في الداخل. بالحب تصير هي نفسها هو، ويصير الاثنان واحدًا، فتحقق كيانها كامرأة. حتى بالنسبة للبتول أو الرهبة، فإنها إذ تختبر الحب الروحي والبذل من أجل عريسها تحقق أنوثتها الروحية وعذوبة الحب الكامل المسكوب في العريس.

ليت الجميع يدرك صنع الله الصالح الذي وهبنا أن نوجد ذكورًا وإناثًا لنحقق الحياة الإنسانية المتكاملة دون انحراف، فإن عدم إدراكنا للرجولة والأنوثة يفسد الحياة الزوجية كما يسبب إنحرافات أخلاقية نتحدث عنها بمشيئة الرب تحت عنوان "الانحرافات الجنسية".
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 12 - 2013, 03:30 PM   رقم المشاركة : ( 62 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,299,719

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي

العفة الإنجيلية والشباب المعاصر

1- هل يمكن للشاب المعاصر أن يحيا عفيفًا حسبما يطالبنا الإنجيل؟ أو بمعنى آخر: هل وصية العفة التي قُدمت في القرن الأول لا تزال تناسب شباب القرن العشرين؟ هل هي وصية تناسب الجميع أم تخص فئة معينة؟
2- ما هي نظرة مسيحنا للطهارة والعفة؟
3- هل يطلب مسيحنا حرمان الشباب من ضروريات الحياة الجسدية؟
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 12 - 2013, 03:31 PM   رقم المشاركة : ( 63 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,299,719

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي

وصية مستحيلة وعذبة

وصية الإنجيل بالعفة تبدو مستحيلة، بينما يراها البعض عذبة وممتعة، فهل هي وصية خاصة بجماعة معينة وليست للجميع؟
منذ سنوات قليلة في جلسة ودّية إذ كان أحد الأساقفة من الشباب يجلس مع بعض المسئولين، تطرق الحديث إلى الأسقف وشروطه، فذهل البعض عندما سمع أن الأسقف يُختار من بين الرهبان وأنه يعيش بتولًا كل أيام حياته... وكان السؤال: هل يمكن لإنسان أن يعيش كل حياته بلا زواج؟
هذا منطق الكثيرين في العصر الحاضر أنه يستحيل على الإنسان أن يعيش دون علاقات جسدية وعاطفية مع الجنس الآخر، فهذه جميعها في نظرهم أمرًا طبيعيًا لا تختلف عن بقية التزامات الجسد مثل الأكل والشرب والنوم والاستحمام... إنها ضرورة من أجلها يوجد الزواج.

كتاب دعوني أنمو  القمص تادرس يعقوب ملطي
أذكر منذ سنوات بعد نهاية اجتماع للشباب في كنيسة الشهيد مارجرجس باسبورتنج جاءني شاب يعترف لأول مرة في حياته، في اعترافه قال: "هل تظن أنه يوجد شاب عفيف بين كل هؤلاء الشباب (وكانوا حوالي 500 شابًا)؟ يستحيل يوجد شاب واحد طاهر! إن أردت تجدهم بعد الاجتماع يقضون الليل في أماكن الدنس...". هكذا كان هؤلاء الشبان في نظره يقومون بدور تمثيلي، يحضرون الاجتماع كما لقوم عادة لتهدئة ضمائرهم، لكنهم يخرجون من الكنيسة ليمارسوا العلاقات الخاطئة كأمر طبيعي حتمي في حياة الإنسان. مرت أسابيع قليلة ثم عاد إليّ الشاب بعينه يعترف، وكان من بين كلماته لي: "إني أتعجب كيف كنت أعيش في الوحل. يُهيأ لي أنه لا يستطيع أحد أن يعيش في العلاقات الجسدية الخاطئة كثيرًا، لأنها "مقرفة"! إنى أظن الآن أنه لا يوجد فعلًا بين هذا الشباب من يلقي بنفسه في هذا الوحل".
من هذه القصة الواقعية التي تتكرر كثيرًا نكتشف أن الإنسان عند سقوطه يرى السقوط أمرًا حتميًا طبيعيًا، ويظن أن الكل يشاركونه هذا الضعف الناجم عن الطبيعة الإنسانية وظروف العصر. وعندما يختبر الإنسان ذاته العفة في عذوبتها يجدها ممتعة ومبهجة للنفس، فيأنف من الدنس ويحسب العفة هي قانون طبيعة الإنسان الحيّ.
لا نعجب إذن إن رأينا تحت ضغط الضعف الإنساني اكثر من مليون فتاة من الصف الثانوي بأمريكا يحملن كل سنة، وكما يقول دكتور دوبسون إن كثيرات منهن اضطررن إلى ترك الدراسة أو فقدن تفوقهن الدراسي والعلمي،وأن تعتبر العلاقات الجنسية قبل الزواج في نظر الغالبية أمرًا حتميًا، حتى أن من لا يمارس هذه العلاقات يُتهم أحيانًا بالشذوذ الجنسي أو العجز الجنسي أو بالطفولة التي بلا خبرة...
تحت مثل هذه الظروف هل يستطيع الإنسان المعاصر -خاصة في البلاد الغريبة- أن يعيش عفيفًا؟
لا يمكننا أن ننكر أن العفة التي يقدمها الإنجيل المقدس تبدو صعبة بل ومستحيلة في نظر الشباب المعاصر، إذ نجد الوصية صريحة: "كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه" (مت28:5)، بينما منطق الكثيرين أنه أمر طبيعي أن يمارس الإنسان العلاقات ذاتها قبل الزواج! هذه الوصية المستحيلة -في نظر الكثيرين- تصير طبيعية بل وعذبة في حياة المؤمن إن أدرك الحقائق التالية:
(أ) مفهوم العفة في المسيحية.
(ب) الله واهب العفة.
(ج) إمكانية الإنسان الجديد.
(د) ارتفاع القلب إلى السماويات.
(ه) الوقاية المستمرة من السقوط.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 12 - 2013, 03:33 PM   رقم المشاركة : ( 64 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,299,719

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي

مفهوم العفة في المسيحية

1- عفة النضوج لا العجز!

يميز القديس أغسطينوس بين عفة الشاب الناضج المجاهد وطهارة الطفل العاجز. فالشاب يجاهد ويصارع من أجل العفة، قد يسقط ليقوم، قد يُجرح في جهاده الروحي لكنه لا ييأس قط؛ فكل جهاد حتى وإن صحبه أحيانًا سقوط فهو علامة نضوج وحيوية وحب.
للأسف كثير من الشباب ييأس عند أول ضعف أو سقوط، حاسبين أن العفة أمر مستحيل؛ خلال اليأس ينهار من سقوط إلى سقوط، ليخسر المعركة الروحية تمامًا.
سبق أن رأينا الغريزة الجنسية كطاقة قوية يثيرها البعض ويلهبها في اتجاه مضاد لعملها. كما يمكنه كبتها إلى حين حتى يفلت الزمام فتحطمه، أما أولاد الله فبالروح القدس يعلون بها ويرتفعون لبنيانهم الروحي. لكن كثيرين يحسبون أن بعملية اعلاء الغريزة للحب بالعمل والبذل الحقيقي بروح الرب لا يعود الإنسان يتعرض لحرب الفكر أو النظر... الحق يا عزيزي أن الروح القدس يهب شبعًا للنفس بكل طاقاتها والجسد بغرائزه حتى يفيض الإنسان على الغير بالحب الطاهر بلا دنس، يود الإنسان أن يموت من أجل جميع اخوته واخواته لا ليشبع غرائزه ولا بقصد البلوغ إلى لذة جسدية، بل بحب بلا حدود بلا تمييز ما استطاع... لكن الروح القدس لا ينزع عن المؤمن الحرب مع الفكر الشرير حتى لا يُحرم من التمتع بالنصرة والغلبة ليصير له إكليل أبدي.
فمن حق الجسد أن يهادم بشهواته، وبامكانية الروح تُمتص هذه الثورة وتستوعب وتُصبغ بالصبغة الجديدة وتُوجَّه لطاقات حب وبذل غير محدودين، فينطلق الشاب بنفس القوة الأولى وبنفس الثورة الأولى في طاقم أعظم وأقوى بصورة جديدة وتتعدى حدود الجسد، تنطلق بكل الكيان الداخلي والخارجي للصلاة والخدمة والدراسة والأمانة في الحياة.

كتاب دعوني أنمو  القمص تادرس يعقوب ملطي
الروح الإلهي يصيّر عينك بسيطة، فيكون جسدك كله نيّرًا، فإن تعرضت العين لمنظر ما لا يسترخي الجسد بطاقاته تائقًا التمرغ في وحل اللذة الجسدية، بل يقوم الروح بالستر على العين فيطلب الإنسان أن يستر الله عليه، وعلى صاحب المنظر ليكونا مقدسين في الرب.
هذه هي عفة النضوج، حيث لا تعود إلى عفة الطفولة الطبيعية التي لا تخطئ جنسيًا بالطبيعة البشرية، بل تتقبل حياة الطفولة البريئة الناضجة خلال عمل الروح القدس المقترن بالصليب، كسكين يبتر فينا ما هو ليس حق أو ليس عفة واهبًا لنا قدرة للحرب والجهاد.
عفة الرجولة الروحية هذه، فيها يحارب المؤمنة بالصليب فلا يجد في الأفكار المهاجمة فرصة للاستكانة بل غنيمة يقتنيها، خلالها يُنقل المؤمن ويرتقي من فصل إلى فصل أعلى، لينال بركات روحية أسمى عندما يصمد في الحرب بأمانة حتى وإن جرح خلالها ببعض الجراحات.
قد تتعرض يا عزيزي لما حدث مع يوسف الشاب، حين قُدمت له الخطية في أخدع صورها... سيدته الآمرة الناهية تجبره وتتوسل إليه وتضغط عليه وهو بلا معين، ليس له أهل ولا كنيسة ولا كتاب مقدس ولا مرشد... لكن الرب الذي يسنده ستر على عينيه فرأى الفرصة سانحة للنصرة والغلبة بالله القدير.
إذن. فالطفل الصغير أو الشاب العاجز جنسيًا لا يعتبر في حياته عفيفًا بالمعنى الصحيح للعفة لمجرد امتناعه عن الممارسة الجنسية إنما عفته هي عفة العجز لا الجهاد. أما الشاب (أو الشابة) الذي يصارع في جهاده ليتقبل حب الله فيه ويتفاعل معه، فإنه وإن سقط، لكن سقوطه ليس دليل نجاسته أو عدم طهارته. فالعفة لا تكمن في مجرد عدم السقوط بل في حب الله وكراهية الخطية وجهاده ضدها حتى الدم.
الصديق يسقط سبع مرات ويقوم... لا عن استهتار أو بلادة، ولكن في حرب وجهاد مع صلوات مستمرة واشتياق للعفة.
فالشاب الذي وهبت له غرائز، يحاربه الإنسان العتيق -شهوات الجسد- وتحاربه مغريات العالم ويصارع مع شيطان الزنا... هذا الشاب المسكين إن تسلح بنعمة الله وجاهد في صلوات واعترافات وتناول من الأسرار المقدسة،... حتى وإن هاجمه الفكر مرة ومرات، وإن سقط، طالما في ألم وحزن وصراخ وتأوهات، بغير استسلام أو يأس، ولا في استهتار أو تراخ... بل في حزم مع نفسه وطلب النعمة يجاهد... مثل هذا الشاب يكلل بإكليل العفة... عفة الجهاد والغلبة لا العجز.
كتاب دعوني أنمو  القمص تادرس يعقوب ملطي
2- العفة... حب وشبع!

يليق بنا أن نميز بين العفة في مفهومها الإيجابي عنها في المفهوم السلبي.
يظن البعض أن العفة مجرد امتناع عن الزنا، أو عدم ممارسة لبعض العادات والممارسات المنحرفة المثيرة للشهوة أو للذة الجنسية أو هي مجرد قمع للعين عن أن تنظر، أو لبقية الحواس كي لا تتفاعل مع أحاسيس عاطفية جنسية؛ أو هي مجرد هروب من أماكن أو أشخاص أو أوضاع مثيرة، أو عدم انشغال الفكر والقلب بالعواطف والأحاسيس والأفكار الخاصة بالجنس. هذه كلها نواحٍ سلبية للعفة، من يقف عندها عبثًا يتخبط في اقتنائها، بل تصير العفة بالنسبة له جبلًا شامخًا لا تعلو عليه رجل إنسان، أو هي حياة من وحي الخيال لا يسلكها ولا يتذوقها إنسان ما.
هذه المفاهيم السلبية حطمت كثيرين في جهادهم، وأفقدتهم تذوق العفة وعذوبتها.
أما العفة من الجانب الإيجابي فهي إمكانية داخلية، هبة الله للإنسان؛ بمعنى أنها التصاق الله بالإنسان، حب وعشق له، ليغتني القلب بالحب، وتمتلئ النفس من دنس نعمته، فيفيض بالحب على الغير ليعطي بفرح دون أن يطلب ما لذاته. العفة ليست كبتًا وإغلاقًا على العواطف والأحاسيس والغرائز، إنما هي شبع وفيض، هي انطلاقة قوية بهذه جميعها في موضعها السليم واتجاهها الحقيقي.
يميز المؤمن بين العفة المسيحية الإيجابية التي هي عملية إيجابية فيها يكون الإنسان حذرًا لكن بلا اشمئزاز من الجنس، أما الكبت فهو عملية سلبية، هروب من الواقع، تسوده مركزية الأنا بطريقة متسترة.
العفة المسيحية ليست شكلًا من التبو Tabou أي من التحريم الخرافي الذي يفقد الإنسان بهجته وسلامه إنما هي انطلاق بالحب المفرح للنفس. العفة هي موقف لا يمس الجانب الجنسي وحده، إنما هو موقف للكيان الإنساني كله، فيه يتجه الإنسان نحو الشركة والعطاء، كما أكد القديس إكليمندس الإسكندري.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 12 - 2013, 03:35 PM   رقم المشاركة : ( 65 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,299,719

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي

الله واهب العفة

كتاب دعوني أنمو  القمص تادرس يعقوب ملطي
عاش أغسطينوس عشرات السنين يتمرغ في الخطية، وكان يظن أن الطهارة أمر مستحيل، لكنه إذ سمع عن القديس أنطونيوس القبطي رجع إلى نفسه وأدرك أن الله قادر أن يهب العفة. لقد وجد في السيد المسيح -كلمة الله- خبزه وماءه (يو35:6)، راعيه وحياته (يو11:10؛ 25:11)، صديقه وعريس نفسه المشبع لكل فراغه الداخلي. انطلق إليه يصارحه بكل ما في قلبه مشتكيًا نفسه لأنه أفسد عطايا الله الصالحة... فمن كلماته:
(إلهي... إن كان بدونك لم يُخلق شيء، فإن بالبعد عنك نصير بالخطية عدمًا (فاسدين)!!
يا لشقاوتي! لقد سادت عليّ الظلمة؛ ومع أنك أنت النور إلا أنني حجبت وجهي عنك!!
يا لشقائي! لقد أصابتني جراحات كثيرة ومع أنك أنت المعزي واهب السلام غير أنني ابتعدت عنك!!
يا لشقائي... لقد انتابتني حماقات جمة، ومع أنك أنت هو الحق، غير أنني لم أطلب المشورة منك!!
يا لشقائي... لقد تعددت طرق ضلالي، ومع أنك أنت هو الطريق، إلا أنني ابتعدت عنك!!
يا لشقائي... فالموت يحطمني بضربات كثيرة، ومع أنك أت الحياة، لكنني لم أكن أبًا معك!!
يا لشقائي... فإنني أسقط في الشر والعدم كثيرًا، ومع أنك أنت هو الكلمة الذي به كان كل شيء إلا أنني انفصلت عنك، يا من بدونك لم يكن لي وجود (2)).
مسكين هو الإنسان، فإن شهوة الجسد تسحبه تحت أي ستار، تستعبده فينسى كرامته ونموه وخلوده من أجل لذة مؤقتة، يعلم تمامًا أنها لا تُشبع أعماقه، تصيره ترابًا (تك19:3)، لذا جاء السيد المسيح السماوي ليجتذبه إليه ويقيمه سماءً، يجعل منه مقدسًا للروح القدس، ويقيم في داخله ملكوت فرحه السماوي.
بلسان البشرية العاجزة يصرخ الرسول بولس: "ويحي أنا الإنسان الشقي" (رو24:7)، إذ يشعر ما للأرضيات والشهوات الجسدية من جاذبية، تستعبد الإنسان فينحني أمامها ممارسًا ما لا يقبله بفكره وعقله. لذا يقول: "لست أفعل ما أريده، بل ما أبغضه فإياه أفعل... أرى ناموسًا آخر في أعضائي يحارب ناموس ذهني ويسبيني إلى ناموس الخطية الكائن في أعضائي" (رو15:7، 24). حقًا إن للشهوة سلطانها، خلالها يرتكب الإنسان ما لا يستريح له فكره، ويأنف من أن يراه أحد أو حتى يذكر العمل في ذهنه! هذا ما دفع مسيحنا أن ينزل إلى عالمنا ويحمل طبيعتنا ليرتفع بنا كما مع تلاميذه بطرس ويعقوب ويوحنا على جبل تابور،هناك ننعم ببهائه ومجده، فيصغر العالم جدًا في أعيننا، وتنفتح قلوبنا بالحب نحو ذاك الذي يسحبنا إلى مجده بروحه القدوس، فنقول مع القديس بطرس: "جيد يا رب أن نكون ههنا" (مر5:9).
نحن لا ننكر ما للشهوة من سلطان لكننا نؤمن بمسيحنا الحيّ واهب السلطان لنعيش بالحقيقة أحرارًا (يو36:8)، يقيمنا ملوكًا وكهنة لله (رؤ6:1)، فيرد لإنسانيتنا كرامتها، ويهب إرادتنا قوته، ويجعل من أرضنا سماءً، فندخل ملكوت فرحه عربونًا للأبدية... بهذا نحيا به مقدسين كما أنه قدوس.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 12 - 2013, 03:36 PM   رقم المشاركة : ( 66 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,299,719

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي

إمكانيات الإنسان الجديدة

في وسط حرّ الظهيرة الشديد دخل عجوز سكير إلى حانة في فندق قديم بإحدى جزر البحر الجنوبي South Sea Islands، وبدأ يسأل رجال الحانة ليشتري كأس خمر،فرفض الجميع. أخيرًا، من باب السخرية، قال له شاب بحّار: "أبيعك كأس خمر أيها العجوز إن عدت إلى المائدة، وانحنيت بيديك وركبتيك على الأرض، ومشيت كالكلب نحو البار، وعويت تطلب أن تشرب (3)". تحت ضغط الرغبة في السكر قبل الشيخ أن يقوم بهذا الدور الهزلي وسط سخرية الحاضرين، فانحط بإنسانيته ليمارس تحركات وصوت حيوان من أجل كأس خمر! لعلها صورة مؤلمة للإنسان متى استعبدته شهوة.
يروي لنا التاريخ عن أنطونيو الجبار الذي نسى كرامته ولم يفكر في عرشه ولا شعبه وانطلق وراء محبوبته كليوباترا الجميلة الهاربة يلاحقها، فلم يستحوز عليها، وفقد كل شيء.
تكررت القصة مع الفنان الشهير فان جوخ الذي تعلق بإحدى فتيات الملاهي، سحرته بجمالها حتى ذاب كيانه في فتنتنها الطاغية، فأسرف في عواطفه وماله حتى قطع إحدى أذنيه ليهديها إليها كطلبها، ثم دخل مستشفى الأمراض العقلية لتنتهي حياته بالانتحار عام 1890 (4).
هذه حالات تبدو مجسمة وفردية لكنها تصور لنا بؤس الإنسان حين تسحبه شهوة الجسد أو تذله محبة الأرضيات، فيفقد كرامته ونموه وأحيانًا حياته.
منذ عشرة سنوات كتب فيليب كيين Philip Keane عن التزايد المستمر في ممارسة العلاقات الجنسية قبل الزواج وخارج حدود الزواج بصورة رهيبة، إذ قال:

كتاب دعوني أنمو  القمص تادرس يعقوب ملطي
(يوجد رأي منتشر بصورة واسعة أن نسبة العلاقات الجنسية قبل الزواج والتي تتعدى الزواج تتزايد بصورة ضخمة في السنوات العشرة الأخيرة أو نحو ذلك. القصص الخاصة بحرم الجامعات وحفلات مقايضة الزوجات الخ... تعزز هذا الرأي. الإحصائيات التي بين أيدينا تظهر أن نسبة العلاقات ما قبل الزواج في الولايات المتحدة ترتفع تدريجيًا خلال هذا القؤن خاصة في السنوات الأخيرة. التغير الكبير في ممارسة العلاقات الجنسية ما قبل الزواج في الولايات المتحدة في هذا القرن شمل النساء، بسبب ارتفاع نسبة الذكور الأمريكان في القرن العشرين في ممارستهم للعلاقات الجنسية قبل الزواج (في أغلب الأبحاث تقدر ما بين 80،90 في المئة). من بين النساء الأمريكيات اللواتي ولدن قبل سنة 1900 لم يمَارس العلاقات قبل الزواج سوى 14% منهن. اللواتي ولدن حوالي سنة 1925 مارس العلاقات حوالي 36%، من بين هؤلاء النساء اللواتي ولدن أثناء الحرب العالمية الثانية يوجد 65% منهن مارسن هذه العلاقات، وقد بلغ الرقم 81% بين الفتيات الصغيرات في السن.
أحد الجوانب التي تلفت النظر أن عدد النساء اللواتي يمارسن العلاقات ما قبل الزواج صار إلى حد ما يماثل ذات عدد الرجال الذين يمارسون ذات الفعل، هذا يعني أن هذه العلاقات الجنسية ما قبل الزواج بدت أكثر قبولًا كأمور شخصية أكثر مما كان عليه الأمر في بداية هذا القرن، عندما كان الرجال يمارسون هذه العلاقات مع عدد أقل من النساء اللواتي يمكنهم الحصول عليهن، غالبًا ما يكن من الداعرات...
أما بالنسبة للعلاقات خارج الزواج فمن الصعوبة تقديم صورة كاملة عنها، لأن الإحصائيات الخاصة بها لا يمكن الحصول عليها بنفس الإمكانية الخاصة بالعلاقات ما قبل الزواج...
بحسب إحصائيات Kinsey هذه العلاقات تصل إلى 50% بين الرجال و26% بين النساء، وقد لاحظ أن بين المتدينين الورعين النسبة أقل بكثير جدًا من ذلك (5)).
هذه الصورة التي قدمت إلينا ربما تدفع الإنسان إلى اليأس، لكن المؤمن يدرك الإمكانيات الجديدة التي أعطيت له ليمارس العفة بفرح ومتعة.
يؤكد لنا السيد المسيح أن من يرتبط بالفكر الجسداني يصير بكل حياته جسدانيًا، أما المولود من الروح، ويرتبط قلبه وفكره بالروحيات فيصير إنسانًا روحيًا (يو6:3)،.إنه يحمل جسدًا لا يختلف عن أجساد بقية البشر، له غرائزه الطبيعية واحتياجاته واشتياقاته، لكنه إذ قبل الولادة الجديدة في مياه المعمودية وتجاوب مع روح الله القدوس الساكن فيه يصير كأنه بكليته روح، فيتناغم الجسد مع النفس، ليتجاوب الإنسان كله مع الرأس يسوع المسيح، يحمل فكر المسيح وأحاسيسه ومشاعره. هذا هو الإنسان الجديد (أف15:2؛ 24:4)، "الذي يتجدد للمعرفة حسب صورة خالقه" (كو10:3)، يتجدد يومًا فيومًا (2كو16:4).
استحالة تنفيذ وصية العفة تنبع عن تجاهلنا للإمكانيات الإلهية الموهوبة لنا. فالرسول بولس الذي كان يصرخ ويئن من جسده المائت (رو24:7) المقاوم بشهواته ضد اشتياقات الروح (غلا17:5)، إذ أدرك العطايا الإلهية، تمتع بالحياة الجديدة المقامة في المسيح، مقدمًا لنا خبرته الواقعية: "أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني" (في13:4).
يميز الرسول بولس بين الإنسان الجسداني، الذي يترك عجلة القيادة في يدي شهوات الجسد لتحرك كل غرائزه وأفكاره حتى نفسه تنحني لها في مذلة واستكانة. والإنسان الطبيعي الذي يبذل كل الجهد للسمو بنفسه لكن طبيعته تغلبه، والإنسان الروحي الذي يختفي بالإيمان في السيد المسيح ليعمل الرب بروحه فيه فيفرح ويتهلل بالغلبة والنصرة.
عزيزي الشاب، ليتك عوض التطلع إلى الخطايا والشهوات بما تحمله من ثقل على النفس، ركِّز نظرك على إمكانيات الله التي وُهبت لك فتمتلئ رجاءً. وكما قال أحد آباء البرية للقديس يوحنا كاسيان بأنه عوض الجلوس بجوار الأماكن النتنة، نتنسَّم رائحة المسيح الذكية (6).
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 12 - 2013, 03:37 PM   رقم المشاركة : ( 67 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,299,719

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي

ارتفاع القلب إلى السماويات

قلنا أن الحياة المسيحية لا تعرف العفة بالمفهوم السلبي، إذ لا تقبل الحرمان والكبت، وإنما تسمو بالإنسان ليطلب السماويات فتعرف النفس الأمور الدنيئة. بمعنى آخر بدلًا من استهلاك طاقتنا في مقاومة الشهوة الشريرة وتحطيم أذرعنا وجهادنا لنتقبل عمل روح الله فينا الذي وحده يقدر أن يرفع الإنسان كما بجناحي حمامة لينطلق من قوة إلى قوة (مز8:84)، ويرتفع من مجد إلى مجد (2كو18:3)، ويتمتع بنعمة فوق نعمة (يو16:1). هكذا تنشغل كل طاقات الإنسان الداخلية بالمجد السماوي الداخلي (مز13:45)، لتنعم بخبرات سماوية جديدة كل يوم تسندها وتقدسها عوض الارتباك بمتاعب الشهوة المحطِّمة للنفس.
لا يكفي أن نرفض حركات الجسد ولا أن تعصى أعضاء جسدنا شهوة الجسد، لكن يليق بالأكثر أن تنطلق النفس إلى اشتياقات سماوية تبتلع كل لذة أرضية جسدانية، وكما يقول القديس أغسطينوس:

كتاب دعوني أنمو  القمص تادرس يعقوب ملطي
+ كيف تموت هذه الحركات إلاّ بعدم موافقة ذهننا له، وعدم خضوع أعضاء جسدنا لها كآلات، وبالأكثر بالتطلع إلى العفة باهتمام شديد، مرتفعين بفكرنا ذاته -الذي تهاجمه حركات الجسد بطريقة معينة- إلى أفكار مبهجة خاصة بالأمور السماوية.
بهذا لا يرتبط البشر بالحركات بل يتحررون منها.
وهذا نبلغه إن كنا نصغي إصغاء "مفيدًا" بمساعدة الرب الذي وهبنا وصيته خلال رسوله القائل "اطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس....."
القديس أغسطينوس (7)
من أجل هذا نجد شبابًا بل ورجالًا وشيوخًا حين يسقطون في شهوة... أن تضايقت نفوسهم جدًا يسقطون في اليأس أو في الضجر الممل، الأمر الذي يزيد من سقوطهم في الشهوة أكثر، وقدر ما يحزنون على سقوطهم لا يتمتعون بالعفة.
هنا يبرز عمل أب الاعتراف وهو الانطلاق بهؤلاء الناس إلى الجانب الإيجابي السماوي: محبة الله والشركة، وأن يطمئن قلوبهم أن لله قادر أن ينزع عنهم الحرب.
يحتاج الساقط من هذا النوع إلى أب مترفق، وأن يحس بأبوة الله فلا يكف عن الصلاة بغير ضجر أو قنوط،وسرعان ما يجد نعمة الله قد ارتفعت به ونقلته إلى الحب الحقيقي.
أما إن سمع تأنيبًا شديدًا وقرأ عن بشاعة الخطية وآثارها وارتجف قلبه منها وعقد العزم على تركها... فإنه سرعان ما ينحط فيها إلى درجات أعمق وأشر وأقسى...
هكذا عاش آباؤنا الأولون حتى النساك والمتوحدين منهم يملأون قلوب الساقطين بالرجاء ويترفقون بهم ويقدمون لهم الجانب الإيجابي أولًا حتى متى امتلأ القلب بحب الله والسماء صار طاهرًا وعفيفًا.
+ عظيم هو ذاك الذي يقهر النار الناشئة عن اللذات الأرضية بواسطة التأمل في مباهج السماء!
+ الإنسان الطاهر هو من يطرد الحب بالحب، ويخمد النار المادية بالنار الروحية.
+ الإنسان الطاهر ليس من يضبط جسده الترابي ليكون بغير دنس بل ذاك الذي يخضع أعضاءه لروحه تمامًا.
القديس يوحنا الدرجي (8)
+ ليكن عظيمًا في قلبك ذلك الحب الذي يوّحدك بالله، لئلا يسبيك الحب الذي علّته فاسدة.
القديس يوحنا سابا (الشيخ الروحاني)
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 12 - 2013, 03:38 PM   رقم المشاركة : ( 68 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,299,719

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي

الوقاية المستمرة من السقوط

ما دمنا نحمل هذا الجسد، فإننا معرضون في أي لحظة لهجوم من حركات الشهوة التي لها هذا الحق دون أن تسيطر علينا اللهم إلاّ بهوانا ورضانا أو لتراخ وتهاون (9)...
ما دمنا في هذه الحياة لا نكون بعد قد بلغنا الكمال. لكن ليس لحركات الشهوة قوة فينا بل تزحف لعلها تخدعنا فنقبلها أو تهول لنا شدة الحرب فنستسلم أو تخدعنا مدعية أننا فقدنا عفتنا لمجرد حربها معنا فنيأس.
وكما يقول القديس أغسطينوس:

كتاب دعوني أنمو  القمص تادرس يعقوب ملطي
(بالرغم من أنه لا يوجد بعد الكمال الذي فيه لا تتصارع العفة مع الرذيلة إنما إلى الآن لا يزال "الجسد يشتهي ضد الروح والروح ضد الجسد" (غلا17:5)، إنما يكفينا ألاّ نوافق الشرور التي نشعر بها.
لأنها بموافقتنا لها يخرج من فم القلب ما يدنس الإنسان. وبرفضنا لها خلال العفة لا يضرنا شر شهوة الجسد التي تحارب شهوة الروح.
+ توجد فينا شهوة شريرة، لكن بعد موافقتنا لها لا نعيش أشرارًا.
توجد فينا شهوة الخطية، وبعدم اطاعتنا لها لا نكمل الشر، لكن وجودها يعني أننا لم نكمل الخير بعد.
والشهوات الشريرة تجد لها موضعًا فينا حيث توجد اللذات غير المشروعة ولكننا لا نكمل هذه الشهوات عندما نقاومها بالذهن خادمين ناموس الله (رو25:7) (10).
في المعمودية صُلبت شهوة الجسد، إذ صُلب إنساننا العتيق وصار لنا الإنسان الجديد الذي بطبعه يحب القداسة التي للمسيح ويسلك فيها طبيعيًا.
وكما يقول الرسول: "إن إنساننا العتيق قد صُلب ليبطل جسد الخطية كي لا نعود نستعبد للخطية" لكن إن خنع الإنسان أو تهاون وقبل حركات الإنسان القديم المصلوب يسقط تحت سلطان شهوة الجسد. لهذا يحذرنا الرسول "احسبوا أنفسكم أمواتًا عن الخطية (أي لا توافقوها)،إذًا لا تلكن الخطية في جسدكم المائت لكي لا تطيعوها في شهواته. ولا تقدموا أعضاءكم آلات إثم للخطية بل قدموا ذواتكم لله كأحياء من الأموات وأعضاءكم آلات بر لله (رو12:6-14).
أيها العزيز. هذا هو إيماننا أننا فعلًا "قد ذُقنا معه بالمعمودية للموت عالمين أن إنساننا العتيق قد صُلب ليبطل جسد الخطية كي لا نعود نُستعبد أيضًا للخطية" (رو6:6).
+ يبجل البعض الخصيان بالطبيعة... لكن أعظم منهم الذين يستشهدون بقطع أفكارههم الشريرة كما بسكين.
القديس يوحنا الدرجي (11)
+ هذا هو عملنا الحالي ما دامت حياتنا تحت النعمة مستترة، وهو ألاّ نُملَّك الخطية أو شهوة الخطية في جسدنا، لكن إن كنا نطيع شهوتها تملك علينا.
لهذا فإن شهوة الخطية فينا لكننا لا نسمح لها أن تملك علينا، ورغبتها موجودة لكن يلزم ألا نطيعها حتى لا تسيطر علينا.
القديس أغسطينوس (12)
_____________________
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 12 - 2013, 03:39 PM   رقم المشاركة : ( 69 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,299,719

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي

العفة للجميع

كتاب دعوني أنمو  القمص تادرس يعقوب ملطي
العفة ليست قاصرة على فئة دون أخرى، وليست خاصة بالمتوحدين أو الرهبان الذين في الدير... بل يشترك فيها المتزوجون الصالحون والشباب المجاهد...
هي حياة مقدمة للجميع يمكن أن يتذوقها الشاب المجاهد في صراعه مع الشهوات فيتلمس يد الله القوية التي تنشله، ويختبرها المتزوج الالح، فيرى ربنا يسوع عريس نفسه الوحيد، ويرى في عروسه ليس مجرد أداة لإشباع شهوة جسدية وقتية بل الإناء الطاهر المقدس، الشريك معه في الاتحاد بجسد الرب المقدس ويختبرها الراهب فيسكر بحياة الحب الإلهي.
  • أولًا: الفكر وتقديسه
  • ثانيًا: تقديس الحواس
  • ثانيًا: الجهاد في تقديس الحواس
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 12 - 2013, 03:41 PM   رقم المشاركة : ( 70 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,299,719

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي

الفكر وتقديسه

أنني أرغب في اقتناء فكر مقدس، لكنني عبثًا أحاول حتى مجرد التخلص من الأفكار الشريرة الدنسة، إذ تتسلل في داخلي أو تنبع من داخلي بغير إرادتي. أحاول التخلص منها فلا أستطيع، بل تسيطر عليّ في أثناء نومي وتراخي جسدي بل وأحيانًا في أثناء عملي ويقظتي... فماذا أفعل؟
1- أول كل شيء، لا تيأس البتة، فالأفكار الدنسة لا بد أن تجد هوى في نفسك طالما أنت ساكن في هذا الجسد. يشتهي الجسد ضد الروح والروح يشتهي ضد الجسد وكلاهما يقاوم أحدهما الآخر (غلا17:5). ولكن إنسان الله الذي عزم أن يسير في طريق المسيح لا يقبل هذه الأفكار ويستسلم لها بل يطردها في الحال ولا يتفاوض معها بالمرة. هذا معنى قول معلمنا بولس الرسول لتلميذه تيموثاؤس "أما الشهوات الشبابية فأهرب منها" (2تي22:2). أسلم الطرق -إذن- هو الهروب. أما إذا استسلمت للفكر ولو إلى دقائق، ففي اليوم التالي تحتاج إلى جهاد أكثر للتخلص من ذات الفكر لأنه كالصيف الثقيل الذي إذا دخل لا يخرج بسهولة. إذا استسلمت للفكر فإنه يومًا بعد آخر يصير له جذور في داخل القلب، وتكون قد سلمته عجلة قيادة نفسك!
متى استسلم الإنسان لفكر ما يعطيه الحق في الظهور مرة ومرات، لأنه يطبع صور منه في اللاشعور يصعب انتزاعها.
ما نقوله عن الفكر نكرره بخصوص الحواس، فكل حاسة تدخل إلى خبرة خاطئة تصير هذه الخبرة رصيدًا في الأعماق، تستخدم من وقت إلى آخر لسقوط الإنسان واستسلامه. هذا ما دفع أحد المراهقين أن يقول في مرارة: (ألا ترى أنك متى بدأت أن تمارس جنسًا مرة تجد نفسك لا تريد التوقف؟ ما تفعله يتزايد أكثر فأكثر فأكثر).
كتاب دعوني أنمو  القمص تادرس يعقوب ملطي
إذن الهروب قوة، خلالها يقطع الإنسان عن نفسه سلسلة خبرات فكرية وحسية قد لا تنتهي، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.ليقل الإنسان في نفسه "لا" في المسيح يسوع، متذكرًا أن الخطية خاطئة جدًا، وأن قتلاها أقوياء.
أذكر في بدء حياتي الكهنوتية أنه جاءني شيخ وقور يعترف بأنه قد زني، فحسبت أنه يتحدث عن فكر عابر حسبه زنا، ولما أصر أنه ارتكب الخطية حسبت أنه سقط في بعض لمسات خاطئة أو ما يشبهها، لكنه أوضح لي أنه ارتكب ذات الفعل. إنتابني في داخلي رعب، متسائلًا أمام نفسي: كيف يسقط شيخ وقور في هذه الخطية؟ وإذ التقيت بالمتنيح القمص ميخائيل إبراهيم، قال لي: "لقد سمح الله لك بهذه الخبرة في بدء حياتك الكهنوتية لسببين: الأول: لتدرك ضعف الإنسان -مهما كان سنه- لذا يجب الترفق بهم، خاصة الشباب. والثاني: لكي تكون حذرًا مع نفسك، فإننا ما دمنا في الجسد، مهما كانت خبرتنا السابقة في طهارة أو كان عمرنا أو عملنا (ككاهن) يجب ألا نأتمن الجسد.
مرة أخرى أراد الله أن يعلمني درسًا عن الهروب، فقد جاءتني فتاة في العشرينيات تعترف بمرارة أنها ارتكبت الخطية مع إنسان يبلغ حوالي السبعين من عمره. قالت لي: "لقد أرسلني لكي أعترف لأنه يخجل من مقابلتك. إنه يقول لك: "يُصاب البعض بالحصبة في شيخوختهم". لقد عنى بهذا أنه لم يسقط في الخطية وهو شاب، لكنه خلال الإهمال سقط في شيخوخته.
لنهرب إذن من كل عثرة ما دمنا في الجسد مهما كان مركزنا، أو خبرتنا الماضية، أو عمرنا، حتى لا يتدنس الفكر.
الآن، إن كنت بالفعل قد استسلمت للأفكار الدنسة وقد صار لها سلطان عليك لا تيأس ولكن إحذر من أن تعقّد الأمر بقبولك أفكار أخرى جديدة بإرادتك، أما عن الأفكار المسيطرة، فإنك محتاج أن تقاومها بشجاعة، عالمًا أن الله القدوس يرى تواضعك ويقبلك ويحصي كل تضحية صغيرة تبذلها من أجل أن تحفظ فكرك طاهرًا، "لأن هذه هي إرادة الله قداستكم، أن تمتنعوا عن الزنا" (1تس3:4).
في البداية قد يكون تدريب توقع الموت وانتظار يوم الدينونة المفاجئ مفيدًا لأن الفكر المستهتر قد لا تجذبه المحبة فيردعه الخوف الممزوج بالثقة إلى أن يتذوق المحبة.
كتاب دعوني أنمو  القمص تادرس يعقوب ملطي
2- وقد لا يأتي الفكر شهوانيًا من البداية، بل غالبًا ما يبدأ بصورة مخادعة، كأن يستسلم الإنسان طويلًا لأحلام يقظى تبدو أنها صالحة، فيفكر طويلًا في مستقبله ويضع أمانٍ وأحلام، غالبًا ما تنتهي به إلى الخروج عن الواقع ليحيا في جو من الخيال بمشاعر شهوانية داخلية!
كتاب دعوني أنمو  القمص تادرس يعقوب ملطي
3- من العوامل التي تدفع البعض إلى الأفكار الدنسة هو القلق وعدم الاتكال على الله. لهذا لا عجب إن رأينا كثيرين يشكون من سيطرة الأفكار الدنسة عليهم في فترة ما قبل الامتحانات رغم انشغالهم الكثير بالدراسة، لكن القلق يدفع إلأى الأفكار الدنسة ابتغاء اللذة والهروب من الواقع. لهذا فإن الصلاة من أجل أن يعطيك الرب سلامًا وفرحًا في الداخل واتكالًا عليه، هو علاج قوي ضد مثل هذه الأفكار.
كتاب دعوني أنمو  القمص تادرس يعقوب ملطي
4- يقول المثل العامي: "عقل الكسلان معمل للشيطان" الفكر بطبيعته عامل فينا، يعمل إما للبنيان أو للهدم، إما للخير أو للشر.
راحة الفكر، ليس في توقفه عن العمل، لأن الفكر في وضعه الطبيعي لا يمكن أن يأخذ أجازة عن العمل. إنما في فترة خمول الجسد أو نومه يجتّر الفكر حصيلة ما قدمته له من غذاء في وقت عملك.
الشاب الذي ينهمك كثيرًا في الترف واللهو وجلسات المستهزئين لا يتوقع أن يكون فكره مقدسًا في وقت خمول جسده أو أثناء نومه حيث تضعف إرادته. أما الشاب الذي قدم لنفسه غذًاء روحيًا (لا من الخارج فقطفي صورة ريائية بل من كل قلبه) غالبًا ما يتوقع فكرًا مقدسًا في تلك الفترات.
لهذا فإن القراءة الروحية وحفظ المزامير وترديدها وقراءة سير القديسين وأقوالهم، هذا كله يفيدك إذ تخزن لنفسك ما ينفعك في وقت جوعك.
كتاب دعوني أنمو  القمص تادرس يعقوب ملطي
5- لا تنس أن الألحان الكنسية والترانيم الروحية والتغني بالمزامير هذا كله يدفع بفكرك نحو التقديس والتلامس مع ربنا يسوع المسيح.
ليعطك الرب وضعفي فكرًا طاهرًا مقدسًا ينشغل بربنا يسوع ويحتقر كل الأفكار العتيقة التي مضت.
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
كتاب القديسة مريم في المفهوم الأرثوذكسي - القمص تادرس يعقوب ملطي
كتاب القديس كيرلس الأورشليمي - القمص تادرس يعقوب ملطي
كتاب مصر في تاريخ خلاصنا - القمص تادرس يعقوب ملطي
كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
كتاب الطهارة: أحاديث، أسئلة وإجابات القمص تادرس يعقوب ملطي


الساعة الآن 08:57 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025