كان يايرس شخص يسير فى طريق مستقيم بقدر استطاعته لكنه فجأة انحرف طريقه إلى كهف مظلم ولم يُرد أن يدخل إلى هذا الكهف وحده.
لقد كان يايرس رئيس المجمع اليهودى...وقد لا يعنى هذا شيئاً بالنسبة لنا..ولكن فى أيام الرب يسوع كان هذا المنصب يعنى الكثير للمجتمع كله..كان المجمع هو مركز الدين والعلم والقيادة السياسية والاجتماعية أيضاً وكان رئيس المجمع هو أعلى مركز دينى وعلمى وسياسى.
كان يايرس يعيش كل هذا..وله حراس خصوصيون ويأخذ مكانه المتميز فى الجلوس وكل ما تتوقعه كان يايرس يعيشه.لكنه كان يطلب شيئاً آخر.بل بالحرى لقد نحّى كل هذه الامتيازات جانباً لكى يمتلك أمراً وحيداً وهو أن تعيش ابنته
لم نر يايرس فى هذه القصة مبصراً وقائداً دينياً واجتماعياً..بل رأيناه أعمى يستعطى هدية وعطية واحدة.لقد سقط عند قدمى يسوع وهو يردد مرات ومرات"ابنتى الصغيرة على آخر نَسَمة ليتك تأتى وتضع يدك عليها لتشفى وتحيا" (مر23:5).
لم يأت ليقايض يسوع فيقول"لو قدمت لى ما أريد سأعتنى بك مدى الحياة وستشملك رعايتى"ولم يتفاوض مع الرب يسوع ليقول"إن كل شباب أورشليم يمكنهم أن يتبعوا خدمتك..فتمم شفاء ابنتى وسأجمعهم حولك".
فى مواقف كثيرة فى الحياة ستجد أن كل ما يمكن تقديمه أو عمله لا يوازى شيئاً مقارنة بما تطلب أن تأخذه.لقد وصل يايرس إلى هذه النقطة.ماذا يمكن للإنسان أن يقدمه فى مقابل حياة ابنته؟مهما قدم هل هناك ما يساوى حياة ابنته لهذا أتى يايرس وسجد عند قدمى يسوع لأن يسوع يعرف المستقبل لكن يايرس أعمى أمام ما سيحدث بعد قليل.فطلب يايرس من يسوع أن يساعده.
والرب يسوع المحب للقلوب الأمينة والمخلصة ذهب ليعطيه ما يطلب والله الذى يعرف ما يعانيه الإنسان من فقدان الابن الوحيد أعطى القوة للابن الوحيد لكى يذهب ويشفى هذه الابنة الوحيدة.
ولكن قبل أن يصل الرب يسوع ويايرس إلى البيت قابلهما بعض الأقارب القادمين من بيت يايرس ليقولوا"ابنتك ماتت.لماذا تتعب المُعَلّم بعد"مر35:5.
وهنا اللحظة الحاسمة فالقصة ذهبت إلى منعطف صعب فتحول فيها الرب يسوع المنقاد إلى بيت يايرس ومن المستمع ليايرس إلى المقنع والمتحدث إلى يايرس.لقد أخذ يسوع زمام المبادرة وقال ليايرس"لا تخف آمن فقط"-ع36.
كم أحب هذه الكلمات التى تنقلنا لكى نرى ما لا يُرى.تجاهل كل ما يقوله المحيطون بك واطردهم خارجاً واغلق أذنك عنهم إذا أردت أن تسير مع يسوع المسيح.
ارفض كل كلمات فشل تقول"لقد تأخر الوقت وضاعت الفرصة"لا تهتم بما يقولون"لقد انتهى كل شىء ولا يوجد أمل"لا تسأل عما يقولون"لقد تباطأت فى الطريق" "أنت لا تصلح لهذا العمل"
قد يبدأ الإيمان عندما تغلق الأذن تماماً..لقد اتجه الرب يسوع فوراً إلى يايرس ليقوده إلى الإيمان الواعى"لا تخف آمن فقط".
دعا الرب يايرس لكى يرى ما لا يُرى."آمن فقط"
تعنى الكثير لا تُحد قدراتك بالمنظور المحدود.لا تسمع لصوت الواقع من حولك.لا تتبع المنطق الطبيعى..ثق أن هناك فى الحياة ما لم تره العيون وما لم تسمع به الأذان"لا تخف آمن فقط".
لقد طلب يسوع من يايرس أن يرى ما لا يرى ونحن يجب أن نختار بين أن نعيش بالحقائق أو نرى بالإيمان وعندما تواجهنا الآلام أو ظروف الحياة لنا أن نختار ماذا نرى...هل المنظور أم غير المنظور؟أن نرى المرض والألم أو نرى يسوع الشافى؟.
لقد اختار يايرس الاختيار الصحيح ووضع إيمانه فى يسوع وبإيمانه أخذ يسوع إلى البيت ودخل إلى حجرة ابنته.
فى بيت يايرس واجه يسوع ويايرس جماعة من المشاركين واضطرب يسوع من أصواتهم إذ كانوا"يبكون ويولولون كثيرا"وهم يعبّرون عن حالة الموت التى حلت فى البيت فدخل وقال لهم:لماذا تضجّون و تبكون؟لم تمت الصبية لكنها نائمة.
كان طلباً واضحاً بعدم البكاء والرب يرى أن هذا الموت ليس موتاً بل نوماً مؤقتاً..إنه طريق مهم للعبور من هذا العالم إلى الحياة الأبدية.فالموت ليس نهاية لمَنْ يؤمن بل هو بداية لأمر جديد.
فنحن نرى الموت كارثة ولكن الرب يسوع يراه حرية وانفكاكاً من الأسر.لكن الجموع ضحكوا عليه..فتذكر أنه عندما تعلن إيمانك ويستهزىء بك مَنْ حولك ثق أنهم استهزأوا بالسيد أيضاً قبلك.
ويا للعجب عما فعله الرب يسوع لقد أخرج كل المشاركين والمعزين من البيت ولم يطلب منهم الخروج ولكنه طردهم من البيت.
ثق فى هذا:
إن الله يعرف أنى وأنت عميان.وأن الحياة بالإيمان تعطى الرؤية الصحيحة للأمور التى لا تسير على ما يرام.أظن أن السبب الذى دفع السيد لإقامة ابنة يايرس ليس لإنقاذها لأنها كانت قد استراحت فى السماء لكنه أقامها ليعلّم يايرس ويعلّمنا أيضاً رؤية الإيمان وسط الألم.فالله يرى ما لا يُرى ولابد أن نثق فيه.