12 - 03 - 2014, 04:15 PM | رقم المشاركة : ( 61 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
وصايا الكمال لشريعة العهد الجديد بعد أن تكلم السيد المسيح عن أهمية الناموس والأنبياء في التمهيد للعهد الجديد، بحيث يكمل كل شيء ورد في العهد القديم بالعهد الجديد. وعن أهمية حفظ جميع الوصايا بالفعل والقول. وتخطى بر الكتبة والفريسيين بقبول بر الله في المسيح يسوع.. بدأ -له المجد- ينطق بوصايا الكمال التي لشريعة العهد الجديد. جاءت الموعظة على الجبل مثل خطاب العرش، من صاحب كرسي التعليم الأعظم المذخّر فيه كل كنوز الحكمة والمعرفة والعلم. وجاءت الموعظة على الجبل لتشهد لروعة وسمو صاحب الرسالة وواضع شريعة الكمال. ولا يفوتنا أن نلاحظ قوله المتكرر "وأما أنا فأقول لكم". لأنه هو صاحب الشريعة ومعطيها. |
||||
12 - 03 - 2014, 04:15 PM | رقم المشاركة : ( 62 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
لا تقتل قال السيد المسيح: "قد سمعتم أنه قيل للقدماء لا تقتل. ومن قتل يكون مستوجب الحكم. وأما أنا فأقول لكم إن كل من يغضب على أخيه باطلًا يكون مستوجب الحكم. ومن قال لأخيه رقا يكون مستوجب المجمع. ومن قال يا أحمق يكون مستوجب نار جهنم" (مت5: 21، 22). لم يعد القتل في شريعة الكمال هو القتل المادي المحسوس فقط، بل امتد إلى القتل الأدبي والمعنوي. وكذلك القتل الجزئي. وقد شرح قداسة البابا شنودة الثالث -أطال الرب حياة قداسته- ذلك بالتفصيل حينما تكلم عن وصية لا تقتل في تفسيره للوصايا العشر. وجاء شرح قداسة البابا بصورة عميقة جدًا في مفهوم الوصايا وأبعادها كقول المرنم: "لكل تمام رأيت منتهى أما وصاياك فواسعة جدًا" (مز118: 96). يقول الكتاب في العهد الجديد "كل من يبغض أخاه فهو قاتل نفس" (1يو3: 15). البغضة والكراهية لا تتفق مع نقاوة القلب "والقداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب" (عب12: 14). والبغضة تقود إلى الغضب، أما المحبة فتقود إلى الوئام. لذلك قال السيد المسيح: "من يغضب على أخيه باطلًا يكون مستوجب الحكم". هناك غضب مقدس لازم وضروري في مواجهة الشرور داخل الكنيسة. له وقته ولا ينبغي أن يستخدم لغير ضرورة حقيقية وبالدرجة التي تتناسب مع ذنب المخطئ. لكي يشعر بخطئه إن لم ينفع معه النصح الهادئ. وهذا النوع من الغضب قد يكون بالتوبيخ الممتزج بالمحبة، أو بالتأديب المباشر أو غير المباشر. وله أساليبه التي تتوشح بالحكمة والوداعة والتصرف الحسن. ليس عن الغضب المقدس تكلّم السيد المسيح، بل عن الغضب الباطل أي الذي ليس من صاحب سلطان، أو ليس له ما يبرره، وليس بهدف وأسلوب صالح مقدس. الغضب الباطل بأساليبه المتنوعة، هو نوع من القتل الجزئي أو الأدبي أو المعنوي. ويزداد الأمر سوءًا إن اقترن هذا الغضب بالتجريح أو الشتيمة،لأن القتل الأدبي والمعنوي في هذه الحالة يكون أشد تأثيرًا في نفسية المغضوب عليه. قد يستغل الإنسان سلطته أو قدرته أو سطوته، ويهاجم الآخرين موجهًا إليهم الإهانات. وهو بهذا يكون مستوجبًا للحكم أو المجمع أو قد يصل الأمر إلى نار جهنم التي يكون مستحقًا لها إذا قال لأخيه "يا أحمق". لم يسمح السيد المسيح بأن يهان الإنسان المخلوق على صورة الله ومثاله. وارتفع بقيمة الإنسان جدًا. وأوضح أن كل ما هو ضد المحبة فهو ضد الله لأن "الله محبة"، ولذلك فإن مجرد كلمة "رقا"التي تدل على عدم الاحترام ولم ترقَ إلى مستوى الشتيمة فقد نهى عنها السيد المسيح وقال: "من قال لأخيه رقا يكون مستوجب المجمع" (مت5: 22). العلاج من الجذور جاء السيد المسيح ليعالج الخطية من جذورها. من الداخل. فالقتل هو النتيجة النهائية للغضب والسخط والمشاحنات والكراهية. لذلك لا يكفى أن يمتنع الإنسان عن القتل المنظور، ولكن ينبغي أن يسلك في المحبة، ويبتعد عن القتل غير المنظور. لا يكفى حتى أن يبتعد عن العنف الخارجي، بل ينبغي أن يبتعد عن العنف الداخلى مثل الغيظ المكتوم والحقد والرغبة في الانتقام أو التشفي. إن الوصية الأولى والعظمى عند الله هي محبة الله من كل القلب، والوصية الثانية مثلها محبة القريب كالنفس. وقال السيد المسيح بهذا يكمل الناموس والأنبياء. كانت وصايا اللوح الأول من لوحيّ الوصايا العشر هي وصايا محبة الله. وكانت وصايا اللوح الثاني هي وصايا محبة القريب. المجموعة الأولى عددها أربعة لأنها تشير إلى عرش الله يحمله الأربعة أحياء غير المتجسدين. وتشير إلى الصليب بأذرعه الأربعة باعتباره العرش. والمجموعة الثانية عددها ستة لأنها تشير إلى كمال العمل، وإلى أن السيد المسيح قد صلب في اليوم السادس وفي الساعة السادسة ليظهر لنا كيف تكون المحبة. وحينما نسلك في محبة الله الذي افتدانا، ونتشبه به ونحب القريب، بهذا تكمل المحبة. فبإجماع الوصايا الأربع مع الوصايا الست يكمل العدد عشرة، أي نصل إلى الكمال العددي الذي يشير إلى كمال الوصية. |
||||
12 - 03 - 2014, 04:17 PM | رقم المشاركة : ( 63 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
إن قدمت قربانك إلى المذبح بعد أن تحدّث السيد المسيح عن لزوم البعد عن الغضب الباطل أو إهانة الآخرين، أكمل حديثه الخالد قائلًا: "فإن قدّمت قربانك إلى المذبح، وهناك تذكّرت أن لأخيك شيئًا عليك. فاترك هناك قربانك قدام المذبح، واذهب أولًا اصطلح مع أخيك. وحينئذ تعال وقدّم قربانك" (مت5: 23، 24). قبل أن يصلّى الكاهن القداس الإلهي يبدأ أولًا بصلاة الصلح. ليذكّرنا بأن السلام الكامل والمحبة والقبلة الطاهرة الرسولية هي أساس هام في تقديم ذبيحة الشكر لله والتمتع ببركات الخلاص. والكنيسة تدعونا دائما إلى المصالحة. فخدمة الكنيسة هي خدمة المصالحة: المصالحة بين الإنسان والله، والمصالحة بين الإنسان وأخيه الإنسان. لكي تكمُل المحبة حسب الوصية المقدسة. المحبة هي أساس الفضيلة كما شرحنا سابقًا فإن محبة الله ومحبة القريب تكملان إحداهما الأخرى وبهذا يكمل الناموس والأنبياء. وفى حديث السيد المسيح في الموعظة على الجبل عن القربان المقبول أمام الله، يعود ليؤكّد أهمية أن تتكامل المحبة للقريب مع المحبة لله. عن هذا تكلّم القديس يوحنا الرسول فقال: "إن قال أحد إني أحب الله، وأبغض أخاه فهو كاذب. لأن من لا يحب أخاه الذي أبصره، كيف يقدر أن يحب الله الذي لم يبصره؟!" (1يو4: 20). الله لا يحب العبادة التي يخدع الإنسان فيها نفسه، فيظن أنه يقدّم قربانًا لله، بينما هو يجرح وصية المحبة للقريب. إنها في نظره عبادة شكلية أو عبادة غير مقبولة. فالله لا يقبل رشوة على حساب ظلم البشر المخلوقين على صورة الله ومثاله. لهذا دعانا السيد المسيح أن نصطلح مع إخوتنا ليصير قرباننا مقبولًا أمام الله. وقد وبّخ الرب شعب إسرائيل توبيخًا شديدًا على فم نبيه إشعياء لأنهم يقدّمون العبادة والقرابين لله بينما هو يرى المظالم والشرور التي يرتكبونها في حق إخوتهم من البشر. وقد تبدو كلمات الرب كأنها قاسية، ولكنها في الحقيقة لتوبيخهم لعلهم يرجعون عن شرورهم التي تزعج قلب الله المحب القدوس. توبيخات الرب لشعب إسرائيل "لماذا لي كثرة ذبائحكم يقول الرب. اتخمت من محرقات كباش وشحم مسمّنات. وبدم عجول وخرفان وتيوس ما أُسر. حينما تأتون لتظهروا أمامي من طلب هذا من أيديكم أن تدوسوا دوري؟! لا تعودوا تأتون بتقدمة باطلة. البخور هو مكرهة لي. رأس الشهر والسبت ونداء المحفل" (إش1: 11-13). وقد أوضح الرب السبب في أنه لم يسر بذبائحهم ومحرقاتهم. وكيف صار بخورهم مكرهة له وأصوامهم لم يعد يطيقها، وأبغض أعيادهم فقال: "لست أطيق الإثم والاعتكاف. رؤوس شهوركم وأعيادكم بغضتها نفسي. صارت علىّ ثقلًا، مللت حملها. فحين تبسطون أيديكم أستر عيني عنكم. وإن كثَّرتم الصلوة لا أسمع. أيديكم ملآنة دمًا. اغتسلوا تنقّوا اعزلوا شر أفعالكم من أمام عيني. كُفُّوا عن فعل الشر. تعلّموا فعل الخير" (إش1: 13-17). وشرح الرب أمثلة من المظالم التي كره تقدماتهم وعبادتهم بسببها داعيًا إياهم إلى إصلاح مواقفهم بشأنها فقال: "اطلبوا الحق، انصفوا المظلوم، اقضوا لليتيم، حاموا عن الأرملة. هلمَّ نتحاجج يقول الرب،إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج. إن كانت حمراء كالدودى تصير كالصوف. إن شئتم وسمعتم تأكلون خير الأرض. وإن أبيتم وتمرّدتم تؤكلون بالسيف لأن فم الرب تكلّم" (إش1: 17-20). ولكن شعب إسرائيل تمادى في خطاياه حتى أنهم صلبوا البار القدوس الذي تجسّد من العذراء لأجل خلاص العالم. وجّهوا إليه سهام كراهيتهم لأنه وبّخهم على خطاياهم مثلما وبّخهم من قبل على فم إشعياء النبي. وقد ذكر الرب مرثاة على مدينة أورشليم التي صار القتل فيها شيئًا عاديًا، حتى انتهى الأمر إلى صلب السيد المسيح نفسه. فقال بفم إشعياء النبي: "كيف صارت القرية الأمينة زانية؟!! ملآنة حقًا، كان العدل يبيت فيها. وأما الآن فالقاتلون" (إش1: 21). حقًا قال معلمنا بولس الرسول: "وأما غاية الوصية فهي المحبة من قلب طاهر وضمير صالح وإيمان بلا رياء" (1تى1: 5). العبادة المقبولة قال الرب عن الصوم كجزء من العبادة: "أليس هذا صومًا أختاره: حَلّ قيود الشر. فك عقد النير وإطلاق المسحوقين أحرارًا وقطع كل نير. أليس أن تُكسر للجائع خبزك، وأن تُدخل المساكين التائهين إلى بيتك. إذا رأيت عريانًا أن تكسوه وأن لا تتغاضى عن لحمك. حينئذ ينفجر مثل الصبح نورك.. حينئذ تدعو فيُجيب الرب. تستغيث فيقول هأنذا" (إش 58: 6-9). الصوم يصير مقبولًا حينما يقترن بأعمال الرحمة والمحبة والتوبة. وهكذا أيضًا كل ذبيحة وتقدمة وقربان يصير مقبولًا حينما تراعي وصية المحبة. |
||||
12 - 03 - 2014, 04:19 PM | رقم المشاركة : ( 64 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
كن مراضيًا لخصمك بعدما أكدّ السيد المسيح أهمية الالتزام بوصية المحبة ليكون القربان مقبولًا أمام الله، قال: "كن مراضيًا لخصمك سريعًا ما دمت معه في الطريق. لئلا يسلمك الخصم إلى القاضي، ويسلمك القاضي إلى الشرطي فتلقى في السجن. الحق أقول لك لا تخرج من هناك حتى توفى الفلس الأخير" (مت5: 25، 26). من الممكن أن تفسرّ عبارة "كن مراضيًا لخصمك" على أساس أن الإنسان يجب أن يذهب ويصطلح مع أخيه إن تذكر أن لأخيه شيئًا عليه، لأن قربانه وعلاقته مع الله بصفة عامة لا يمكن أن تكون مقبولة إلا إذا أصلح ما أخطأ به أولًا مثلما فعل زكا الذي كان رئيسًا للعشارين، وحينما دخل السيد المسيح بيته وقلبه وحياته، وقف وقال: "ها أنا يا رب أعطى نصف أموالى للمساكين، وإن كنت قد وشيت بأحدٍ أرد أربعة أضعاف" (لو19: 8). وهنا قال السيد المسيح: "اليوم حصل خلاص لهذا البيت إذ هو أيضًا ابن إبراهيم" (لو19: 9). أي أن علاقة زكابالسيد المسيح قد ارتبطت بإصلاحه لما أخطأ به في حق الآخرين ورد ما لهم عنده في صورة أربعة أضعاف ما ظلمهم فيه من قبل. ولكن يمكننا أن نفسّر عبارة "كن مراضيًا لخصمك"بصورة أوسع من مفهوم أن الخصم هو الأخ الذي نخطئ في حقه، إلى مفهوم أن الخصم هو ضمير الإنسان المنقاد بروح الله أي الضمير الذي يقوم الروح القدس بتوجيهه في الاتجاه السليم. فالضمير يختصم الإنسان حينما يخطئ، ويشعر أن قلبه يضربه، وأفكاره تخاصمه، بمعنى أن ضميره يوبخه حينما يخطئ بأية صورة: سواء في حق الله أو في حق القريب. عن هذا المعنى قال القديس يوحنا الرسول في رسالته الأولى: "يا أولادي لا نحب بالكلام ولا باللسان، بل بالعمل والحق. وبهذا نعرف أننا من الحق ونسكّن قلوبنا قدامه. لأنه إن لامتنا قلوبنا فالله أعظم من قلوبنا ويعلم كل شيء" (1يو3: 18، 19). فالقديس يوحنا يقصد أننا إن لم ننفذ وصايا المحبة مثل الرحمة بإخوة الرب المحتاجين أو أي جانب من جوانب المحبة لله والقريب فإن قلوبنا سوف تلومنا. ولا نستطيع أن نشعر بسلام قلبي أمام الله. وحينما تلومنا قلوبنا أي ضمائرنا فإن الله يعلم ذلك وهو الفاحص القلوب والكلى ولا يختفي عنه شيء. وسوف يحاسب الله الإنسان عن كل عناد مع ضميره أو مع صوت الروح القدس في داخله إن كان ضميره ليس قادرًا أن يشعر وأن يفهم الحق أو الصواب. وقد أوضح القديس بولس هذه الحقيقة بقوله: "الذين يظهرون عمل الناموس مكتوبًا في قلوبهم شاهدًا أيضًا ضميرهم وأفكارهم فيما بينها مشتكية أو محتجة. في اليوم الذي فيه يدين الله سرائر الناس حسب إنجيلي بيسوع المسيح" (رو2: 15، 16). والإنسان حينما لا يلومه قلبه -إذ يسلك بإرشاد الروح القدس- تصير له دالة أمام الله. فيستجيب الله لطلباته وتُقبل قرابينه. كقول المرنم: "لتستقم صلاتي كالبخور قدامك. ليكن رفع يديّ كذبيحة مسائية" (مز140: 2). وقد أكد القديس يوحنا الرسول أهمية أن يشعر الإنسان بسلام قلبه إزاء تصرفاته في ضوء مشورة الروح القدس الذي ينقى قلبه وضميره من الشوائب والتأثيرات الخارجية، وفي هذه الحالة تصير صلاته مقبولة أمام الله فقال: "أيها الأحباء إن لم تلمنا قلوبنا فلنا ثقة من نحو الله، ومهما سألنا ننال منه لأننا نحفظ وصاياه ونعمل الأعمال المرضية أمامه. وهذه هي وصيته أن نؤمن باسم ابنه يسوع المسيح ونحب بعضنا بعضًا كما أعطانا وصية. ومن يحفظ وصاياه يثبت فيه وهو فيه وبهذا نعرف أنه يثبت فينا من الروح الذي أعطانا" (1يو3: 21-24). إن الروح القدس يقودنا إلى الإيمان بالمسيح بقبول محبة الله المعلنة في الصليب وإلى محبة القريب. أي إلى حفظ وصايا محبة الله ومحبة القريب التي بها يكمل الناموس والأنبياء. ما بين الروح القدس والضمير الضمير بالطبع ليس هو الروح القدس. بل كما شرح قداسة البابا شنودة الثالث- أطال الرب حياته- فإن الضمير هو المحكمة التي تحاكم الإنسان وتحاسبه على تصرفاته. وهو جزء من طبيعة الإنسان.. وضعه الله في الإنسان ليراجع الإنسان ويحاسبه كما ذكرنا.. ولكن الضمير كمحكمة يستلم قواعد أو قوانين يسلك بمقتضاها. فإذا استلم قوانين غير سليمة، فإن أحكامه في ضوء هذه القواعد والقوانين لا تكون سليمة بناءً على ذلك. ولهذا فإن الضمير من الممكن أن يخطئ في أحكامه، كما أنه يتأثر بالعوامل التربوية والتأثيرات الخارجية. أما الروح القدس فإنه يرشد إلى جميع الحق (انظر يو16: 13). والروح القدس لا يمكن أن يخطئ. وهو يمكنه أن يصحح للضمير ما استلمه من قواعد بعيدة عن الحق الإلهي. لهذا قال السيد المسيح لشاول الطرسوسي قبل أن يصير بولس الرسول: "شاول شاول لماذا تضطهدني.. صعب عليك أن ترفس مناخس" (أع9: 4، 5). كان شاول الطرسوسي يضطهد الكنيسة بجهل. ولهذا تدخل الله ليصحح له ولضميره ما كان يعتقد أنه صواب وهو خطأ وهو اضطهاد تلاميذ الرب يسوع المسيح. وقد استجاب بولس لنداء السيد المسيح ولم يرفس مناخس ضميره الذي استنار بالنعمة الإلهية. من الجانب الآخر نرى بيلاطس البنطي وهو يحاكم السيد المسيح إذ لم يجد فيه علة واحدة للموت وعلم أن رؤساء اليهود قد أسلموه حسدًا.. وأثناء المحاكمة أرسلت إليه امرأته تقول: "إياك وذلك البار لأني تألمت اليوم كثيرًا في حلم من أجله" (مت27: 19). جاء إليه الإنذار أن يقتل البار وهو حاكم بإطلاقه، ولكنه خالف ضميره بعد الإنذار وحكم عليه بالموت صلبًا إرضاءً لليهود، وخوفًا على منصبه ولن يجديه على الإطلاق أن أحضر ماءً وغسل يديه أمام الجميع قائلًا: "إني برئ من دم هذا البار" (مت27: 25). كانت خطية اليهود أعظم من بيلاطس. ولكن بيلاطس لم يتبرر بغسل يديه لأنه لم يحكم بالحق والصواب. وإذ رفض الحق الأصغر لم يحدثه السيد المسيح عن الحق الأعظم حينما تساءل قائلًا: "ما هو الحق" (يو18: 38). كان الحق ماثلًا أمامه في شخص السيد المسيح ولكنه لم يتمكن من قبوله لأن قلبه كان مائلًا بعيدًا عن الحق. لهذا قال السيد المسيح "كل من هو من الحق يسمع صوتي" (يو18: 37). القاضي والشرطي والسجن القاضي هو الله ديان الجميع، والشرطي هو أحد الملائكة أجناد العلى، والسجن هو موضع الدينونة للأشرار. وطالما أن الإنسان لم يصطلح مع الله قبل الدينونة بالتوبة فلن يستطيع أن يوفى الدين الذي عليه. وسيقع في دينونة أبدية كما قال السيد المسيح عن الذين عن اليسار "اذهبوا عنى يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته.. فيمضى هؤلاء إلى عذاب أبدى، والأبرار إلى حياة أبدية" (مت25: 41، 46). إن دم المسيح هو الذي يفى ديون الإنسان الروحية. وبدون التوبة والاغتسال بدم المسيح فإنه لن يوفى الفلس الأخير، بل يقع في دينونة أبدية، كقول السيد المسيح: "إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون" (لو13: 3). |
||||
12 - 03 - 2014, 04:21 PM | رقم المشاركة : ( 65 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
قيل للقدماء لا تزن، وأما أنا أقول لكم.. أوضح السيد المسيح أنه جاء ليصل بالوصية إلى كمالها فقال: "قد سمعتم أنه قيل للقدماء لا تزن، وأما أنا أقول لكم إن كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه" (مت5: 27، 28). التحرر من الخطيةعالج السيد المسيح الخطية من جذورها. لأن خطية الزنا لا تبدأ بممارسة فعل الزنا، بل تبدأ بنظرة الاشتهاء أو بقبول أي حاسة من حواس الإنسان لما يثير الشهوة مثل حاسة اللمس أو الشم أو السمع.. وهكذا. لذلك قال القديس يعقوب الرسول: "كل واحد يجرب إذا انجذب وانخدع من شهوته. ثم الشهوة إذا حبلت تلد خطية، والخطية إذا كملت تنتج موتًا" (يع1: 14، 15). فالمرحلة الأولى هي انجذاب الإنسان نحو الشهوة، والمرحلة الثانية هي استقرار الشهوة ونموها في فكر وقلب الإنسان، والمرحلة الثالثة هي ممارسة الخطية بالفعل بكل ما يمكن أن ينتج عنها من نتائج مدمرة قد يصعب إصلاحها. اعتبر السيد المسيح أن قبول الشهوة الجنسية في داخل القلب هو نوع من أنواع الزنا وكسر للوصية.. فالإنسان لكي يصل إلى حياة القداسة، لا يكفيه أن يمتنع عن فعل الخطية، بل ينبغي أن يكره الخطية من عمق قلبه لسبب محبته القوية لله، وشدة التصاقه به. وقال السيد المسيح: "سراج الجسد هو العين. فإن كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيرًا. وإن كانت عينك شريرة فجسدك كله يكون مظلمًا" (مت6: 22، 23)،الحواس هي الأبواب التي تدخل منها الشهوات إلى القلب. لذلك حذّر السيد المسيح من عدم الاحتراس في حفظ الحواس طاهرة ونقية. كما أن القلب من الداخل ينبغي أن يقاوم كل تأثير قادم من خارج الحواس، مما قد يؤثر في كيان الإنسان إن تجاوب مع هذا التأثير. خطورة خطية الزنا حذّر الكتاب المقدس من خطية الزنا في مواضع كثيرة موضحًا أنها تدخل إلى الكيان الجسدي للإنسان وتدمره. فقال معلمنا بولس الرسول: "اهربوا من الزنا. كل خطية يفعلها الإنسان هي خارجة عن الجسد، لكن الذي يزنى يخطئ إلى جسده. أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم الذي لكم من الله وأنكم لستم لأنفسكم" (1كو6: 18، 19). والقديس بولس بهذا يضع كل الخطايا في جانب، وخطية الزنا في جانب آخر باعتبار أن الخطايا الأخرى التي يفعلها الإنسان هي خارجة عن الجسد. أما الذي يزنى يخطئ إلى جسده، ويهين الأعضاء التي تقدست بدم المسيح وصارت ملكًا له. ولهذا قال: "ألستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء المسيح. أفآخذ أعضاء المسيح وأجعلها أعضاء زانية. حاشا. أم لستم تعلمون أن من التصق بزانية هو جسد واحد. لأنه يقول يكون الاثنان جسدًا واحدًا. وأما من التصق بالرب فهو روح واحد" (1كو6: 15-17). ولعل كلام معلمنا بولس الرسول يوضح الفرق بين الزنا في الفكر والزنا بالفعل. فلا ينبغي أن يقول شاب أنني طالما نظرت بشهوة نحو امرأة فيمكنني أن أفعل الشر معها لأن الخطية واحدة في كلتا الحالتين..!! ولكن ليس الأمر هكذا. الشهوة في القلب نحو امرأة هي خطية زنا كما قال السيد المسيح. أما الذي يمارس الفعل فيقع في متاعب كثيرة وقد يصعب عليه الخروج منها. فخطية الفعل لها نتائجها الخطيرة داخل كيان الإنسان. وتحتاج إلى جهادات كثيرة للتخلص من آثارها. كذلك قد تنتج عنها أمور أخرى تؤثر على سمعة الإنسان وأوضاعه الاجتماعية. مثل الطلاق بالنسبة للمتزوجين واحتمالات الإنجاب لغير المتزوجين.. وهكذا. هذا إلى جوار ما يمكن أن يصيب جسد الإنسان من أمراض فتاكة أو قاتلة.. فيا لها من خطية مدمِّرة لحياة الإنسان. ومقاومة هذه الخطية يحتاج إلى سهر واتضاع وانسحاق قلب. فالكتاب يقول عن هذه الخطية المريعة أنها "طرحت كثيرين جرحى وكل قتلاها أقوياء. طرق الهاوية بيتها، هابطة إلى خدور الموت" (أم7: 26، 27). لهذا يحذّر قداسة البابا شنودة الثالث كل إنسان لكي يتضع في قلبه ويحترس من هذه الخطية بأن يردد في قلبه هذه العبارة قائلًا لنفسه [أنا لست أقوى من شمشون، ولا أطهر من داود، ولا أحكم من سليمان] فكل هؤلاء أسقطتهم خطية الزنا أو أغوتهم الشهوة نحو النساء بالرغم من قوة شمشون وطهارة داود وحكمة سليمان. وقد ورد في سفر الأمثال تحذيرات قوية من خطية الزنا نورد منها ما يلي: "يا ابني أصغ إلى حكمتي. أمل أذنك إلى فهمي. لحفظ التدابير ولتحفظ شفتاك معرفة. لأن شفتي المرأة الأجنبية تقطران عسلًا وحنكها أنعم من الزيت. لكن عاقبتها مُرة كالأسفنتين. حادة كسيف ذي حدين. قدماها تنحدران إلى الموت، خطواتها تتمسك بالهاوية. لئلا تتأمل طريق الحياة. تمايلت خطواتها ولا تشعر" (أم5: 1-6). "رأيت بين الجهال لاحظت بين البنين غلامًا عديم الفهم. عابرًا في الشارع عند زاويتها وصاعدًا في طريق بيتها.. وإذا بامرأة استقبلته في زى زانية وخبيثة القلب.. فأمسكته وقبلته. أوقحت وجهها وقالت له.. بالديباج فرشت سريري.. عطرت فراشي بمر وعود وقرفة. هلم نرتو وداً إلى الصباح، نتلذذ بالحب.. أغوته بكثرة فنونها بملث شفتيها طوحته. ذهب وراءها لوقته كثور يذهب إلى الذبح أو كالغبي إلى قيد القصاص. حتى يشق سهم كبده. كطير يسرع إلى الفخ ولا يدرى أنه لنفسه" (أم7: 7-23). الهروب من الخطية كما هرب يوسف الصديق من امرأة سيده فوطيفار. هكذا قال معلمنا بولس الرسول: "اهربوا من الزنا" (1كو6: 18). وقال لتلميذه تيموثاوس: "أما الشهوات الشبابية فاهرب منها" (2تى2: 22). هذه الخطية أفضل وسيلة لمحاربتها هو الهروب منها بدءًا من إغلاق جفون العين بسرعة عن أي منظر يقود إلى الشهوة. مع صلاة القلب السرية (يا ربى يسوع المسيح خلّصني) التي يرددها الإنسان فيجد النجاة.. |
||||
12 - 03 - 2014, 04:24 PM | رقم المشاركة : ( 66 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
سمو وصايا العهد الجديد ليست القداسة فقط هي في الامتناع عن ممارسة الشر بصورة يراها الناس أو يلمسونها.. بل هي الامتناع عن اشتهاء الشر أو التفكير فيه. بمعنى أن النقاوة الحقيقية تنبع من قلب الإنسان وتنعكس على أفعاله المنظورة. كما أن القداسة تمتد إلى ما هو أبعد من مجرد الامتناع عن ممارسة الخطية بالفعل أو بالفكر.. لأن القداسة تستدعى كراهية الخطية بالانطلاق إلى الجانب الإيجابي في التمتع بمحبة البر، أي بمحبة الله التي تطرد من القلب محبة الخطية. فالإنسان سيعيش في صراع مستمر مع رغبة الخطية وجاذبيتها، طالما هو لم يمتلئ من محبة الله التي تطهر القلب، وتصل به إلى النقاوة الحقيقية في كره الخطية والتحرر من سلطانها، والتمتع بحرية الحياة الحقيقية في المسيح. وبما أن الإنسان قد امتلأ قلبه من محبة الله، فإنه يستطيع أن يضبط الجسد بمؤازرة النعمة، وأن يحتقر الشهوات الدنسة، وأن يضحى في سبيل ذلك بكل ما يتعارض مع الحياة الطاهرة النقية. |
||||
12 - 03 - 2014, 04:24 PM | رقم المشاركة : ( 67 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
اقلعها وألقها عنك بعد أن نبّه السيد المسيح إلى أهمية طهارة العين وبعدها عن الاشتهاء الذي يدنس القلب وكل كيان الإنسان، بدأ يضع فاصلًا بين النور والظلمة فقال: "فإن كانت عينك اليمنى تعثرك فاقلعها وألقها عنك. لأنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يلقى جسدك كله في جهنم. وإن كانت يدك اليمنى تعثرك فاقطعها وألقها عنك. لأنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يلقى جسدك كله في جهنم" (مت5: 29، 30). كلام السيد المسيح يدل على أنه لا تساهل مع الخطية.. فالذي يحب الله لا يتساهل مع الخطأ مهما كانت التضحيات المطلوبة. هناك من الشهداء من فضّلوا الموت على أن يفقدوا عفتهم، ومن القديسين والقديسات من فقدوا أعضاءً من جسدهم ليحفظوا طهارته. إحدى القديسات كانت جميلة العينين جدًا، فولع أحد الشباب بمحبتها وصار يحوم حولها. فسألته: ما الذي أولع قلبك هكذا؟ فقال لها: عيناك سحرتاني. وكانت جالسة تعمل بمغزل. فأخذته لتوها وأخرجت إحدى عينيها وطرحتها أمام ذلك الشاب المفتون بجمالها وقالت له: هذه عيناى التي سحرتك فخذها إن كنت تريد. فأصيب الشاب بصدمة عارمة وصار يبكى نادمًا مانعًا إياها من أن تقلع عينها الأخرى بسببه. وخرج منه شيطان الزنا ولم يعد يفكر في هذه القديسة بالشر مرة أخرى.. هذه القديسة تعطينا مثلًا عن قوة تنفيذ الوصية وتأثيرها على قهر حروب الشياطين. إن كان الإنسان يجد عثرة في إحدى المجلات الخليعة فبدلًا من أن يقلع عينه أليس من الأفضل أن يمزق هذه المجلة ويلقيها عنه؟! إن كان الشاب يجد عثرة في صداقته مع زميل أو زميلة في الدراسة، فبدلًا من أن يقلع عينه أو يقطع يده أليس من الأفضل أن يقطع علاقته بهذا الزميل أو هذه الزميلة؟! إن كان الإنسان يجد عثرة في ذهابه إلى أحد الأماكن. فبدلًا من أن يقطع رجله ويلقيها عنه، أليس من الأفضل أن يقطع رجله عن الذهاب إلى هذا المكان المعثر.. أي أن يمنع نفسه قطعيًا من الذهاب إلى هناك! إن الوصية تتطلب من الإنسان حزمًا في تطبيقها لأن الرسول بولس يقول: "لم تقاوموا بعد حتى الدم مجاهدين ضد الخطية" (عب12: 4)،فبما أن الإنسان مطالب بالجهاد حتى الدم ليحفظ طهارته، أليس الأجدر به أن يمتنع عن كل ما يمكن أن يعثره بدلًا من تقطيع الأعضاء منعًا للعثرات. إن الوصية في قوتها وحزمها تعلن أنه لا حلول وسط بين النور والظلمة، وأنه لا توجد شركة للبر مع الإثم.. وأن القداسة هي الاختيار الوحيد لطريق الملكوت. فلا يتعلل الإنسان بعلل في الخطايا مع الناس فاعلي الإثم، بل يسلك في طريق الاستقامة ناظرًا إلى رئيس الإيمان ومكمله. لأنه ليس أحد وهو يضع يده على المحراث وينظر إلى الوراء يصلح لملكوت الله. لا تفاوض ولا مهادنة مع الخطية، بل الموقف حازم وشجاع، مع تضحيات تستخف بالجسد ورغباته، وبالعالم الحاضر وضغوطه وتأثيراته. وأمامنا قصة يوسف الصديق الذي أحكمت الخطية حلقاتها حوله من كل جانب، وكان الجو مهيأ والظروف ضاغطة من قِبل امرأة سيده فوطيفار. ولكنه ترك لها ثوبه الذي أمسكت به، وهرب بكل إصرار قائلًا: "كيف أصنع هذه الشر العظيم وأخطئ إلى الله" (تك39: 9). |
||||
12 - 03 - 2014, 04:26 PM | رقم المشاركة : ( 68 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
كتاب الطلاق بعد الحديث عن العفة في نظرة الرجل نحو المرأة، والبعد عن الشهوة التي تدنس الحواس، بدأ السيد المسيح يتكلم عن شريعة الزواج في المسيحية "وقيل من طلق امرأته فليعطها كتاب طلاق. وأما أنا فأقول لكم إن من طلق امرأته إلا لعلة الزنى يجعلها تزني، ومن يتزوج مطلقة فإنه يزنى" (مت5: 31، 32). يبدو أن شريعة العهد القديم قد أوصت الرجل أن يمنح زوجته كتاب طلاق إذا أراد أن يطلقها، لكي يثبت بدليل قاطع أنه قد طلقها، وأصبح من حقها أن تتزوج بغيره بعد مدة مناسبة. وذلك لئلا يعود فيدعى أنه لم يطلقها ويتهمها بالزنى مع رجلها الجديد ويضعها تحت حكم الشريعة الموسوية التي تعاقب بالقتل من كانت متزوجة وأخطأت بالزنى مع رجل آخر. كذلك فإن كتاب الطلاق كان يمنع حدوث مشاكل بشأن نسب الأطفال الذين يولدون منها عندما يصعب إثبات موعد انفصال زوجته عنه. ولكن كتاب الطلاق يحدد التاريخ. ومن جهة أخرى فإن الكتابة تستغرق جهدًا ووقتًا أكثر من الكلام، كما يحتاج إلى شهود يوقعون عليه. وكل ذلك يعطى للزوج فرصة لمراجعة نفسه قبل أن يدخل الطلاق في حيز التنفيذ. كان من حق الرجل أن يعيد امرأته بعد تطليقها بعقد زواج جديد طالما أنها لم تتزوج برجل آخر. وقد منعت الشريعة الموسوية بحزم أن يستعيد الرجل زوجته إذا تزوجت برجل آخر ثم طلقها هذا الزوج الجديد أو مات، وقال الرب في ذلك: "إذا أخذ رجل امرأة وتزوج بها، فإن لم تجد نعمة في عينيه لأنه وجد فيها عيب شيء وكتب لها كتاب طلاق ودفعه إلى يدها وأطلقها من بيته. ومتى خرجت من بيته ذهبت وصارت لرجل آخر. فإن أبغضها الرجل الأخير وكتب لها كتاب طلاق ودفعه إلى يدها، وأطلقها من بيته أو إذا مات الرجل الأخير الذي اتخذها له زوجة. لا يقدر زوجها الأول الذي طلقها أن يعود يأخذها لتصير له زوجة بعد أن تنجست. لأن ذلك رجس لدى الرب. فلا تجلب خطية على الأرض التي يعطيك الرب إلهك نصيبًا" (تث24: 1-4). كان قصد الرب في ذلك أنه لا يجوز أن يعطى الرجل زوجته لرجل آخر عن طريق تطليقها، ثم يعود ويأخذها مرة أخرى لتصير له زوجة. إما أن يحفظ زوجته لنفسه قبل أن يطلقها أو قبل أن يأخذها رجل آخر لنفسه، وإما أن يفقدها إلى الأبد كزوجة، لأنه لم يكن أمينًا عليها في حفظها من الارتباط بأزواج آخرين ولم تعد تحل له. الرب في علاقته بالبشر قيل عنه: "إن كنا غير أمناء فهو يبقى أمينًا لن يقدر أن ينكر نفسه" (2تى2: 13). إنه "يريد أن الجميع يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون" (1تى2: 4). وقال: "من يقبل إلىّ لا أُخرجه خارجًا" (يو6: 37) و"الذين أعطيتني حفظتهم ولم يهلك منهم أحد إلا ابن الهلاك ليتم الكتاب" (يو17: 12). أي أن الرب لا يفرط في شعبه طالما أن شعبه متمسك به. من أجل قساوة قلوبكم سألوا السيد المسيح "لماذا أوصى موسى أن يعطى كتاب طلاق فتطلق"؟! (مت19: 7). فأجابهم قائلًا: "إن موسى من أجل قساوة قلوبكم أذن لكم أن تطلقوا نساءكم. ولكن من البدء لم يكن هكذا. وأقول لكم إن من طلق امرأته إلا بسبب الزنا وتزوج بأخرى يزنى. والذي يتزوج بمطلقة يزنى" (مت19: 8، 9). حينما شرح السيد المسيح سبب منع الطلاق إلا لعلة الزنى في شريعة العهد الجديد تكلم عن قصد الله في تكوين الأسرة في بداية الخليقة. وقال عن الطلاق الذي سمح به موسى "من البدء لم يكن هكذا" بل شرح باستفاضة أكثر حينما سأله الفريسيون: "هل يحل للرجل أن يطلق امرأته لكل سبب؟ فأجاب وقال لهم: أما قرأتم أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكرًا وأنثى؟ وقال: من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسدًا واحدًا. إذًا ليسا بعد اثنين بل جسد واحد. فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان" (مت19: 3-6). لقد تزايدت القساوة في قلب الإنسان حتى أن الرب سمح للرجل أن يطلق امرأته خوفًا عليها من شدة قسوة الرجل الذي ربما يصل به الأمر أن يقتلها إذا كرهها كراهية شديدة.. أو ربما تقتل هي نفسها تخلصًا من قساوة رجلها.. أو قد تتعرض للغواية من رجل آخر يمنحها الحب والحنان في مقابل القسوة التي يعاملها بها زوجها. كل ذلك في إطار الحياة تحت الناموس الموسوي في العهد القديم. وبدون النعمة الفائقة التي ينالها المؤمنون بالمسيح في العهد الجديد، والتي تجعل الإنسان قادرًا على التحمل حتى إلى الاستشهاد من أجل محبته للفادي الذي اشتراه بدمه ومنحه سلطانًا لحياة البنوة، ومعونة من الروح القدس الساكن فيه. سمات العهد القديم بدأت العداوة في العهد القديم بين الإنسان وأخيه الإنسان بمجرد السقوط في الخطية - حين فسدت الطبيعة البشرية في آدم وحواء. نرى الله يبحث عن الإنسان -والإنسان يهرب خائفًا من وجه الرب الذي أحبه- والسبب في ذلك هو العداوة التي نشأت بين الإنسان الذي سقط والله القدوس الرافض للشر والخطية.. "وسمعا صوت الرب الإله ماشيًا في الجنة عند هبوب ريح النهار. فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة. فنادى الرب الإله آدم وقال له: أين أنت؟. فقال: سمعت صوتك في الجنة فخشيت لأني عريان فاختبأت. فقال: من أعلمك أنك عريان؟ هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك أن لا تأكل منها؟ فقال آدم: المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الشجرة فأكلت. فقال الرب الإله للمرأة: ما هذا الذي فعلتِ؟ فقالت المرأة: الحية غرّتني فأكلت" (تك3: 8-13). هنا نرى بداية التباعد بين الرجل وزوجته.. إنه يضع اللوم عليها محاولًا أن يتهرب من مسئوليته كزوج وكقائد للأسرة. أين المحبة الزوجية التي تبذل وتعطى؟. أين صورة المسيح -آدم الجديد- الذي حمل خطايا الكنيسة ودفع ثمنها واضعًا نفسه عنها؟ "أنا أضع نفسي عن الخراف" (يو10: 15). من هنا نرى التباين بين الصورة في الحياة العائلية بين آدم الأول وآدم الثاني. وتزايدت العدواة بين الإنسان وأخيه الإنسان وقام قايين على أخيه البار هابيل وقتله، ولماذا قتله؟ لأن أعماله كانت شريرة وأعمال أخيه كانت بارة. وحتى مع عدم وجود القتل الواضح. وُجدت الكراهية أو وُجدت الأنانية ومحبة الذات في حياة البشر،وانتشرت المنازعات والخصومات والمظالم. ودخلت هذه الأمور داخل البيوت. فلم يعد هناك سلامًا دائمًا بين الإنسان وأخيه الإنسان. لم يكن من الممكن أن يلزم الله الناس بشريعة العهد الجديد ويطالبهم بمحبة الأعداء وبالتنازل عن الحق الشخصي إرضاءً للغير وكسبًا لمحبتهم.. وهى الوصايا التي تميز بها العهد الجديد عن العهد القديم. وهو يسود عليك قال الرب لحواء بعد أن أغوت رجلها للأكل من الشجرة: "إلى رجلك يكون اشتياقكوهو يسود عليك" (تك3: 16). اتسم العهد القديم بسيادة الرجل على المرأة بصورة جعلت المساواة بينهما ضربًا من الخيال. فهو الذي يخطب المرأة وهو الذي يطلّقها. ويمكن أن يتزوج بنساء أخريات عليها. أي لا تكون هي وحدها زوجة. كان ذلك كله رمزًا وإشارة لحالة البشرية التي سقطت تحت حكم الدينونة لسبب الخطية، وأصبحت تحت القصاص، وتحت لعنة الناموس. وحينما كانت الأمة اليهودية تتزايد في خطاياها، كان الرب يقول للشعب: "حاكموا أمكم" (هو2: 2)، "أين كتاب طلاق أمكم التي طلقتها" (إش50: 1). لم يكن العهد القديم عهدًا ثابتًا، لأن العهد كان يُنقض باستمرار من جانب البشر. لذلك قال الله على فم نبيه إرميا: "ها أيام تأتى يقول الرب وأقطع مع بيت إسرائيل ومع بيت يهوذا عهدًا جديدًا. ليس كالعهد الذي قطعته مع آبائهم يوم أمسكتهم بيدهم لأخرجهم من أرض مصر حين نقضوا عهدي فرفضتهم يقول الرب. بل هذا هو العهد الذي أقطعه مع بيت إسرائيل بعد تلك الأيام يقول الرب. أجعل شريعتي في داخلهم، وأكتبها على قلوبهم، وأكون لهم إلهًا وهم يكونون لي شعبًا" (أر31: 31-33). كانت طبيعة العهد القديم هي عهد يحدث فيه طلاق بين الرجل والمرأة، كما بين الله والجماعة. ولكن العهد الجديد قال عنه الرب: "عهدًا جديدًا؛ ليس كالعهد الذي قطعته مع آبائهم.. حين نقضوا عهدي فرفضتهم". هذا العهد الجديد هو عهد لا يُنقض. سمات العهد الجديد في العهد الجديد أظهر الله حبه للبشرية بالفداء العجيب الذي صنعه بذبيحة الابن الوحيد على الصليب. وزالت العداوة القديمة التي سببتها الخطية. صارت الكنيسة عروسًا للمسيح وقد اشتراها بدمه الغالي الثمين. لم تعد علاقة الشعب بالله علاقة العبيد بسيدهم، بل علاقة الأبناء بأبيهم السماوي. وزالت العداوة بين الله والإنسان وبين الإنسان وأخيه الإنسان. وملك الرب بمحبته على قلوب الذين آمنوا بخلاصه ومحبته. ولهذا صارت صورة المسيح والكنيسة هي المثال الذي تُبنى عليه الأسرة المسيحية. وقال معلمنا بولس الرسول: "أيها النساء اخضعن لرجالكن كما للرب. لأن الرجل هو رأس المرأة، كما أن المسيح أيضًا رأس الكنيسة وهو مخلص الجسد، ولكن كما تخضع الكنيسة للمسيح كذلك النساء لرجالهن في كل شيء. أيها الرجال أحبوا نساءكم كما أحب المسيح أيضًا الكنيسة، وأسلم نفسه لأجلها. لكي يقدسها مطهرًا إياها بغسل الماء بالكلمة.. كذلك يجب على الرجال أن يحبوا نساءهم كأجسادهم.. من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسدًا واحدًا. هذا السر عظيم، ولكنني أنا أقول من نحو المسيح والكنيسة، وأما أنتم الأفراد فليحب كل واحد امرأته هكذا كنفسه، وأما المرأة فلتهَب رجلها" (أف5: 22-33). أصبح الرجل مطالبًا بأن يحب زوجته على مثال محبة المسيح للكنيسة، والزوجة تخضع لرجلها مثل خضوع الكنيسة للمسيح. لم تعد هناك قساوة ولا محبة الذات. بل بمعونة الروح القدس الذي يعمل في المؤمنين ويعمل أيضًا في سر الزيجة الكنسي المقدس، أصبح من الممكن أن يضحى الزوج بنفسه من أجل محبته لزوجته على مثال السيد المسيح.. ويضحى براحته.. ويضحى برغباته الشخصية.. ويضحى بمصالحه الذاتية.. كل ذلك حبًا في زوجته وسعيًا لإرضائها وإسعادها ولكن ليس على حساب المبادئ المسيحية والوصايا الإلهية. أما خضوع المرأة لرجلها فليس لأنه يرغب في إذلالها، بل لأن الله يقود الأسرة من خلاله. مثل قيادة الكنيسة مثلًا بواسطة الأب الأسقف في إيبارشيته. أو قيادة حياة الإنسان الروحية بواسطة أب اعترافه. إنها قيادة بتكليف من الله من أجل خير الأسرة وسلامتها وليس لإرضاء نوازع الزوج في حب السيادة والسيطرة. ونظرًا لأن العهد الجديد هو عهد أبدى بين الله والكنيسة. هكذا صار الزواج المسيحي الكنسي عهدًا لا ينفصم مدى الحياة: "فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان" (مت19: 6، مر10: 9). صار من حق المرأة أن تُكرَّم من الرجل وأن تتمتع بكامل حقوقها. ولم يعد من حق الرجل أن يطلقها إلا في حالة الخيانة الزوجية. وللمرأة نفس الحق في أن تطلق رجلها لنفس السبب. وصار من حق المرأة أن يكون لها رجلها الخاص، فليس للرجل أن يتخذ أكثر من زوجة بدليل قول السيد المسيح: "من طلق امرأته إلا بسبب الزنى وتزوج بأخرى يزنى" (مت19: 9). فزنى الرجل هنا سببه أنه تزوج بغير امرأته التي مازالت مرتبطة به طالما لم تخونه مع آخر (انظر كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية لصاحب القداسة البابا شنودة الثالث -أطال الرب حياته). |
||||
12 - 03 - 2014, 04:28 PM | رقم المشاركة : ( 69 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
لا تحلفوا البتة انتقل السيد المسيح من شريعة عدم الطلاق إلا لعلة الزنى في العهد الجديد إلى شريعة عدم القسم في العهد الجديد فقال: "أيضًا سمعتم أنه قيل للقدماء: لا تحنث، بل أوف للرب أقسامك. وأما أنا فأقول لكم: لا تحلفوا البتة لا بالسماء لأنها كرسي الله، ولا بالأرض لأنها موطئ قدميه، ولا بأروشليم لأنها مدينة الملك العظيم. ولا تحلف برأسك، لأنك لا تقدر أن تجعل شعرة واحدة بيضاء أو سوداء، بل ليكن كلامكم نعم نعم، لا لا وما زاد على ذلك فهو من الشرير" (مت5: 33-37). شرح السيد المسيح سبب منع القسم في شريعة العهد الجديد. وهو أن الذي يقسم بشيء ينبغي أن يملك ما يقسم به. مثل أن يقسم إنسان قائلًا: [وحياة عيني] أي أنه يضع عينيه بقسم في مقابل تنفيذ ما قد وعد به أو تأكيد صحة ما يحكيه. وتكون النتيجة أنه لو أراد تنفيذ القسم عليه أن يقلع عينيه إذا لم يفِ بوعده أو إذا ظهر كذبه فيما حكاه. لا أحد يملك عينيه كقول الرسول: "إنكم لستم لأنفسكم، لأنكم قد اشتريتم بثمن فمجدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله" (1كو6: 19، 20). لقد اشترانا السيد المسيح بدمه وصارت أجسادنا وأرواحنا ملكًا له، كمفتداه بثمن كريم.. ليس من حق الإنسان أن يقسم برأسه ولا بعينيه ولا بشعرة واحدة من رأسه، ولا أن يقسم برحمة والده أو والدته التي لا يملكها، ولا بالسماء التي هي كرسي الله ولا بالأرض التي هي موطئ قدميه. الله وحده هو الذي يملك ذاته بالكامل، يملك جوهره ويملك طبيعته، ويملك وجوده إذ لم يوجده أحد مثل المخلوقات التي خلقها الله وقيل عنها "للرب الأرض وملؤها، المسكونة وجميع الساكنين فيها" (مز23: 1). لهذا فعندما أوشك إبراهيم على تقديم ابنه إسحق ذبيحة خاطبه الرب وقال: "بذاتي أقسمت يقول الرب.. إني أباركك مباركةً وأكثر نسلك تكثيرًا" (تك22: 16، 17). عن هذه الواقعة الهائلة قال معلمنا بولس الرسول إن الرب "إذ لم يكن له أعظم يقسم به أقسم بنفسه" (عب6: 13). أعظم شيء في الوجود هو الله نفسه -لذلك أقسم الرب بنفسه أن يبارك إبراهيم هو ونسله لكي يتأكد الوعد بالخلاص بقسم. وبالفعل أوفى الرب وعده وبذل الرب يسوع المسيح نفسه عن الخراف كقوله المبارك "أنا أضع نفسي عن الخراف" (يو10: 15). وقوله أيضًا: "ابن الإنسان لم يأتِ ليُخدم بل ليخدِم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين" (مت20: 28)،حتى الناسوت الذي أخذه السيد المسيح من السيدة العذراء بفعل الروح القدس جاعلًا إياه واحدًا مع لاهوته، هو ملك للسيد المسيح كقول القديس كيرلس الكبير عن الله الكلمة أنه: أخذ طبيعتنا جاعلًا إياها خاصة به "He took our nature and made it His Own" كان من حق السيد الرب يسوع المسيح أن يبذل نفسه فدية عن كثيرين وقال عن نفسه أن له سلطان عليها وقال: "لأني أضع نفسي لآخذها أيضًا. ليس أحد يأخذها منى، بل أضعها أنا من ذاتي. لي سلطان أن أضعها ولى سلطان أن آخذها أيضًا. هذه الوصية قبِلتها من أبى" (يو10: 17، 18). لقد سمح الرب بالقسم في العهد القديم لشعبه ليقسموا باسمه هو وليس باسم الآلهة الأخرى الوثنية. وأوصاهم أن لا ينطقوا باسم الرب إلههم باطلًا. وأن لا يحنثوا في أقسامهم بل يوفوا للرب الأقسام. وكم من أقسام لم يتمكن الإنسان من الوفاء بها ونتج عنها مشاكل كبيرة في علاقته مع الله وفي علاقته مع الناس. وكم من أقسام تسرع أصحابها في القسم بها وندموا عليها ووقعوا في ورطة مثلما أقسم شاول الملك أن يقتل الجندي في جيشه الذي يذوق شيئًا من الطعام قبل المساء حتى يكون قد انتصر على أعدائه. ولم يسمع ابنه يوناثان بهذا القسم وكان الجنود في إعياء شديد. واستطاع يوناثان أن يصنع خلاصًا عظيمًا في ذلك اليوم بمعونة من الرب، وبعدما ارتشف كمية من العسل الأبيض البرى. وأراد شاول أن يقتل يوناثان ابنه فافتداه الشعب وطلبوا أن تُقدم ذبائح للرب لأن يوناثان ابنه لم يكن يعلم بقسم والده. وقَبِل الرب الذبيحة ونجا يوناثان من الموت. إن القسم يضع الإنسان في تورط شديد ولا حاجة إليه على الإطلاق. وحتى القانون المصري في المادة 128 من قانون المرافعات يسمح للإنسان أن يعتذر في المحكمة عن أداء القسم حسبما تكون شريعة دينه. يمكنه فقط أن يعطى وعدًا للقاضي أن يقول الحق. وبهذا ينفذ قول السيد المسيح: "لا تحلفوا البتة". |
||||
12 - 03 - 2014, 04:29 PM | رقم المشاركة : ( 70 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
لا تقاوموا الشر بعد أن منع السيد المسيح القَسَم (الحلف) في العهد الجديد إذ كانت الوصية في القديم "لا تحنث بل أوف للرب أقسامك".. قال لتلاميذه: "سمعتم أنه قيل عين بعين وسن بسن. وأما أنا فأقول لكم لا تقاوموا الشر، بل من لطمك على خدك الأيمن فحوّل له الآخر أيضًا. ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضًا. من سخرك ميلًا واحدًا فاذهب معه اثنين" (مت5: 38-41). أراد السيد المسيح أن يمنع تلاميذه من استخدام العنف. فالذي يزرع الشر والعنف هو إبليس. وكان منهج السيد المسيح أن يقاوم العنف بالمحبة والوداعة. أي أنه انتصر على أعدائه بالوداعة وليس بالعنف. عن تصرف السيد المسيح شخصيًا قال معلمنا بطرس الرسول: "إن المسيح أيضًا تألم لأجلنا تاركًا لنا مثالًا لكي تتبعوا خطواته. الذي لم يفعل خطية ولا وُجد في فمه مكر. الذي إذ شُتم لم يكن يشتم عوضًا، وإذ تألم لم يكن يهدد بل كان يسلّم لمن يقضى بعدل. الذي حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة لكي نموت عن الخطايا فنحيا للبر. الذي بجلدته شفيتم" (1بط2: 21-24). ليس من الصواب أن نقول أن السيد المسيح كان ينبغي أن يحتمل الآلام والظلم لأنه هو المخلّص ونحن ليس علينا أن نتمثل به. بل بالعكس قال القديس بطرس الرسول: "تاركًا لنا مثالًا لكي تتبعوا خطواته". فإلى جوار أن السيد المسيح قد حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة لكي يوفى دين الخطية ويقودنا إلى التوبة والموت عن الخطايا في المعمودية، فإنه من الجانب الآخر يعطينا مثالًا في كيفية احتمال الظلم والعنف الواقع علينا من الآخرين. وقال بطرس الرسول: "لأنه أي مجد هو إن كنتم تُلطمون مخطئين فتصبرون. بل إن كنتم تتألمون عاملين الخير فتصبرون فهذا فضل عند الله. لأنكم لهذا دعيتم" (1بط2: 20، 21). وقال أيضًا: "لأن هذا فضل إن كان أحد من أجل ضمير نحو الله يحتمل أحزانًا متألمًا بالظلم" (2بط2: 19). وفى تسليم أمر الإنسان لله، فإن الله لا ينسى له احتماله وصبره كما قيل عن السيد المسيح "كان يسلّم لمن يقضى بعدل" (1بط2: 23). ومعنى ذلك أن الله الآب قد قَبِل ذبيحة الخلاص التي أكملها ابنه الوحيد الذي تجسد، إلى جوار أنه قد أظهر عدله في القضاء حينما أقامه من الأموات ناقضًا أوجاع الموت،فإن كان المسيح -له المجد- قد مات من أجل خطايا آخرين -البار من أجل الأثمة - إلا أنه أقيم في مجد عظيم من أجل بره الشخصي ومن أجل طاعته الكاملة لله أبيه. وكنائب عن البشرية أرضي قلب الآب السماوي بطاعته الفريدة. كانت القيامة هي أبلغ رد على الظلم الذي وقع على السيد المسيح. هذه القيامة أربكت أعداءه وبددت مؤامراتهم وفضحت افتراءاتهم عليه. "لذلك رفعه الله أيضًا وأعطاه اسمًا فوق كل اسم لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومَن على الأرض ومَن تحت الأرض، ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب" (فى2: 9-11). حينما يطالبنا السيد المسيح أن لا نقاوم الشر فليس معنى ذلك أن الشر هو الذي ينتصر في النهاية، بل لابد أن ينتصر الخير مهما بدا للشر أنه قد انتصر. ولكن المسألة هي أن لا يجرفنا تيار الشر إلى العنف المتبادل فنقع في العنف ونفقد المحبة نحو الآخرين. لهذا قال الكتاب: "لا يغلبنك الشر، بل اغلب الشر بالخير، فإن جاع عدوك فأطعمه، وإن عطش فاسقه. لأنك إن فعلت هذا تجمع جمر نار على رأسه" (رو12: 21، 20). |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
من كتاب مشتهى الأجيال: صعود المسيح |
من كتاب مشتهى الأجيال: من القدس إلى قدس الأقداس |
من كتاب مشتهى الأجيال: التجربة على الجبل |
من كتاب مشتهى الأجيال: مصير العالم يتأرجح |
من كتاب مشتهى الأجيال: يأس المخلص |