![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 69351 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() القديس مار أنطونيوس كان أنطونيوس، قد دُعي أوَّل النـُّسَّاك وأبا الرُّهبان، فهذا لا يعني ويجب ألّا يُفهَم أنـَّه لم يكن من نسَّاك قبله. فقد حقـَّق العلماء المؤرِّخون أنَّ الحياة النـُّسكيَّة كانت قبل المسيح وبعده، وأنَّ مصر كانت مهد الحياة النـُّسكيَّة بإجماع المؤرِّخين قبل أنطونيوس. وكان لكلّ من هؤلاء النـُّسَّاك صومعة أو كوخ يُحيون فيه اللـَّيالي والأيَّام في التأمُّلات الطـَّويلة والتـَّراتيل الرُّوحيَّة، مواظبين على إماتة الجسد بالسَّهر والوقوف الطـَّويل، وإماتة الحنجرة بالصَّوم والعطش. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 69352 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() القديس مار أنطونيوس لم يزل خلف هؤلاء النـُّسَّاك يأخذ عن السَّلف هذه الطـَّريقة إلى أيَّام القدِّيس أنطونيوس الذي جمع شملهم ونظـَّم أحوالهم ووضع لهم القوانين وألبسهم الإسكيم الملائكيّ الذي تسلـَّمه من الرَّبّ. فلـُقـِّبوا رُهبانـًا ولـُقـِّب بأبي الرُّهبان لا بل إنَّ أنطونيوس أكثر بكثير كما قال عنه أحدهم: "هذا الـنـَّاسك الرَّجل الذي رأى السَّماء والجحيم، الذي حكم الكنيسة من أعالي الصُّخور. هذا القدِّيس ثبَّت إيمان الشُّهداء أيَّام المحاكمات القاسية. هذا المعلـِّم الذي سقطت أمامه قوَّة حجَّة الهراطقة". |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 69353 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() القديس مار أنطونيوس إنَّ القدِّيس أتناسيوس وهو أحد تلاميذ أنطونيوس، كان له الفضل الكبير في نشر سيرة هذا القدِّيس، من مولده، حياته إلى مماته وسائر الأحداث التي عاشها أنطونيوس، وعلى سبيل المثال، تذكر هذه الحادثة: أثناء مسيرته في البرِّيَّة، وصل إلى شاطئ نهر. وفي يوم، نزلت امرأة من العرب تستحمّ هي وجواريها في النـَّهر. لمَّا رآها حوَّل نظره عنها، ظنـًّا أنـَّها ستترك النـَّهر، ولكن بقيت فيه، فقال لها القدِّيس أنطونيوس: لما تستحمِّين هنا وأنا رجل راهب. أجابته: يا إنسان لو كنت راهبًا لسكنتَ البرِّيَّة الدَّاخليَّة لأنَّ هذا المكان لا يصلح مسكن الرُّهبان. قال القدِّيس: "ليس هذا من المرأة بل ملاك الرَّبّ يوبِّخني". |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 69354 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() القديس مار أنطونيوس أنطونيوس والقدِّيس پولا لم تكن النـِّعم والمواهب الفائقة الطـَّبيعة لتحمي أنطونيوس من تجربة المجد الباطل، فراح يحارب هذه التـَّجربة الخطيرة على النـَّفس بكلّ ما أُوتيَ من شجاعة وثبات. وفكـَّر بإلهام إلهي أن يفتـِّش متوغـِّلاً في البرِّيَّة عن ناسك يفوقه فضلاً وفضيلة يسترشده. وبعد مسيرة يومين، رأى باب كهف ٍ فيه ناسك، فقرع بابه وسأل أن يفتح له. فبعد تردُّد كثير وجدال طويل، فتح له الـنـَّاسك، فوجد أنطونيوس أمامه شيخًا جليلاً مهيبًا، يطفح وجهه بالـنـُّور الإلهيّ والحبور. هو القدِّيس پولا أفضل السَّائحين. فمَن هو هذا القدِّيس؟ وُلِد پولا في مدينة "طِيبَة" في الصَّعيد الأسفل سنة 229. وكان والداه تقيَّين غنيَّين، قد توفـِّيا وله من العمر خمس عشرة سنة. درس مبادئ الدِّين والأخلاق على والديه وتعلـَّم القراءة والكتابة في مدرسة بلدته "الطـِّيبَة". فصار عالمًا بآداب اللـُّغتين اليونانيَّة والمصريَّة، وغنيًّا بفضائل التـَّقوى المسيحيَّة والوداعة والحشمة وخوف الله التي أخذها عن والديه. ولمَّا أثار داسيوس الملك سنة 249 إضطهادًا شديدًا على المسيحيِّين، وعلِمَ پولا بهذه المناسبة أنَّ صهره زوج شقيقته يريد أن يسلـِّمَه ليستوليّ على ثروته، شقَّ عليه ذلك وكره الدُّنيا. فتركها وهرب إلى البرِّيَّة سنة 250، وله من العمر عشرون سنة. وسكن مغارة بقربها عين ماء، يشرب منها، ونخلة يستظلّ بظلـِّها ويقتات من أثمارها ويكتسي من أوراقها. وقضى ثلاثـًا وعشرين سنة يأكل من أثمار النـَّخلة، عائشًا بالصَّلاة والتأمُّل والتـَّقشُّفات الشَّاقـَّة، مستغرقـًا بالله، إلى أن صار الله يرسل له كلّ يوم بنصف رغيف بفم غراب كما كان يفعل مع إيليَّا النـَّبيّ. ولمَّا زاره القدِّيس أنطونيوس، ابتسم كلٌّ للآخر وتبادلا السَّلام. ولم يكن بينهما سابق معرفة. وبعد أن تعارفا وتحدَّثا طويلاً، مجَّدا الله سويَّة وصلـَّيا. وفي النـِّهاية، وقد حان وقت الطـَّعام، الوجبة الوحيدة في اليوم، جاء الغراب هذه المرَّة وفي فمه رغيف كامل. فسُرَّ پولا وقال لأنطونيوس:"أُنظر يا أخي وتأمَّل عناية الله. منذ سنوات عديدة وهو يرسل لي من فيض جوده نصف رغيف. أمَّا اليوم، لأجلك يا أبانا، قد ضاعف يسوع طعام عبده. فاندهش أنطونيوس جدًّا وتأكـَّد أنَّ پولا يفوقه فضيلة وقداسة. وقد اعتراه الخجل ممَّا خامره من روح الكبرياء. وبعد أن شكرَ الـنـَّاسكان العناية الإلهيَّة لاعتنائها بهما، جلسا على حافـَّة الينبوع للأكل. وشرع كلٌّ منهما يكلـِّف الآخر بكسر الرَّغيف. فكان پولا يحجم عن ذلك قائلاً: "أنت ضيفي، فعليَّ أن أُكرم وفادتك وأحفظ حقوق الضِّيافة". وأخذ أنطونيوس بدوره يقول: "أنت ابي، فقد تقدَّمتني في العمر والزُّهد". ولبثا على هذا النـِّزاع الإحتراميّ المتبادل وقـتـًا غير قليل. أخيرًا، إتـَّفقا على أن يُمسِك كلٌّ منهما بطرف الرَّغيف وكلٌّ يستولي على قسمه. ففعلا ذلك وأخذا يتناولان طعامهما القشف بكلّ لذَّة وشهيَّة وهما يتحادثان عن المواهب والنـِّعم التي نالاها من الله مدَّة حياتهما الطـَّويلة. وبعد وجبة الطـَّعام والأحاديث الرُّوحيَّة قاما للصَّلاة مجدَّدًا ومكثا حتى الصَّباح. فقال القدِّيس پولا إلى ضيفه: "قد أعلمني الرَّبّ منذ زمن بعيد أنـَّك قد نسكت نسكـًا صادقـًا واستوطنتَ البراري. ووعدني أن أراك قبل موتي. وها قد دنا أجَلي والعناية الإلهيَّة لم تأتِ بك إليَّ أيُّها الأخ الحبيب إلاَّ ولكي تدفن هذا الجسد الشَّقيّ وتردّ التـُّراب إلى التـُّراب. فاذهب حالاً إلى صومعتك وأحضِر الـثـَّوب الذي وَهبك إيَّاه القدِّيس أتناسيوس وعُدّ بسرعة وكفـِّن به جسدي". فدُهِش أنطونيوس لأنـَّه تأكـَّد أنَّ الله وحده أوحى لپولا بهبة أتناسيوس. فقام القدِّيس أنطونيوس لساعته وعانق پولا مودِّعًا بكلّ وَجْد واحترام، آخذًا بركته وعاد إلى صومعته. ولمَّا كان أنطونيوس في الطـَّريق عائدًا بالـثـَّوب، رأى نفس القدِّيس پولا صاعدًة إلى السَّماء تحيط بها الملائكة والرُّسل. فرغمًا عن هذا المشهد المفرح، لم يتمالك أنطونيوس نفسه وذرف الدُّموع متذكـِّرًا الخسارة الرُّوحيَّة التي لحقت به بوفاة معلـِّمه، لأنـَّه كان يأمل ربحًا روحيًّا جزيلاً من معاشرته. ولمَّا وصل أنطونيوس إلى المغارة والحزن يملأ قلبه، رأى القدِّيس پولا ميتـًا مبسوط اليدين ووجهه يطفح حبورًا ويتلألأ نورًا. فجثا بقربه يصلـِّي. ثمَّ اهتمَّ بدفنه. فكفـَّنه بثوب القدِّيس أثناسيوس وأخرجه من المغارة. ولمَّا لم يكن من وسائل لحفر القبر، فإذا بأسدَين قد أرسلهما الله. وبعد أن اقتربا من جسد القدِّيس پولا وأظهرا احترامهما له، حفرَا الأرض بأظافرهما حفرة كافية. فدفن أنطونيوس جسد پولا مصلـِّيًا باكيًا. ثمَّ عاد إلى صومعته. وكانت وفاة القدِّيس پولا سنة 342 بعمر يناهز 113 سنة؛ وكان قد قضى منها في البرِّيَّة نحو 93 سنة في عبادة الله وتمجيده وممارسة التـَّقشُّفات والإماتات الضَّيقة بكلّ أنواعها. وقد احتفظ القدِّيس أنطونيوس باعتناء بثوب القدِّيس پولا المنسوج من ورق النـَّخل مدَّة حياته كلـِّها. ولم يلبسه إلاَّ في الأعياد الاحتفاليَّة كعيد الفصح والعنصرة، ذكرًا للقدِّيس العظيم پولا. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 69355 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() القديس مار أنطونيوس أنطونيوس والمجرِّب عُرِفَ مار أنطونيوس بصراعه الكبير مع الشَّياطين التي جرَّبته بكافـَّة أنواع المغريات، كالطـَّعام والمال والجنس والمجد الباطل والكبرياء والعودة إلى الماضي والخوف من المستقبل... كان أنطونيوس مثالاً للجهاد والتـَّقوى والفضيلة والإماتات الشَّاقـَّة، يلقي في قلوب العباد رجاءً وطيدًا بالنـَّصر، رغم كلّ أسباب الضُّعف والتـَّجارب. لهذا السَّبب أحبَّه الـنـَّاس وأبغضه عدوّ الخير- الشَّيطان، الذي أفرغ كنانة جهده يحاربه ليلاً نهارًا ليُثبط عزمه. إلاَّ أنَّ أنطونيوس فما كان لينخدع فيتراجع عن عزمه ويتخاذل. بل بالعكس لقد أطال في الصَّلاة وبالغ في التـَّقشُّفات والإماتات والأسهار والأصوام والتأمُّلات الرُّوحيَّة، متذكـِّرًا كلمة الرَّسول بولس: "إلبسوا سلاح الله لتستطيعوا مقاومة مكايد إبليس، فإنَّ محاربتكم ليست مع لحم ودم بل ضدَّ الرِّئاسات والسَّلاطين ووُلاة العالم،عالم الظـُّلمة والأرواح الشِّرِّيرة في السَّماويَّات". ( أفسس 6/ 11- 12) لمَا رأى الشَّيطان فشل مساعيه الشّرِّيرة، صوَّب إلى أنطونيوس سهام الأفكار السَّمجة والصُّور الخلاعيَّة، وأضرم نار الشَّهوة في قلبه. أمَّا القدِّيس فكان يصدُّها بترس الإيمان ويطفئها بالأصوام والصَّلوات، متذكـِّرًا كلمة الإنجيل: "إنَّ هذا الرُّوح لا يُطرَد إلاَّ بالصَّوم والصَّلاة". (مرقس9/ 28، متى 17/ 20) وفوق كلّ ذلك، كان يطردها بدافع المحبَّة لله وإشارة الصَّليب. فما كانت هذه التـَّجارب إلاَّ لتزيد نفسه نقاوة وبهاءً، طهارة وبؤسًا. ولمَّا رأى المجرِّب أنـَّه لم يظفر بأنطونيوس عن طريق الأفكار الدَّنسة والأشباح السَّمجة المخُيفة، عاد يحاربه برذيلة الكبرياء قائلاً: "لقد أغوَيتُ كثيرين من الـنـَّاس ومن الشَّباب والشَّابَّات، أمَّا أنتَ فظفرتَ بي على مثال القدِّيسين الذين غلبوني". فلمَّا سمع أنطونيوس هذا الكلام المغري، إنتبه للخديعة فشكر الله وقال للشَّيطان: "لستُ أنا الذي ظفرتُ بك، بل نعمة الله السَّاكنة فيَّ". "الرَّبّ نصيري ومصيري، فما أحراني بازدراء أعدائي". فما إن تلا أنطونيوس هذه الآية من المزامير حتى توارى الشَّبح الأسود الخبيث يتعثـّر بأذياله. فازداد أنطونيوس فرحًا وقوَّة وشجاعة، محقـِّقـًا بذلك آية الرَّسول بولس: "إنَّ الذين يحبُّون الله تؤول جميع الأشياء إلى خيرهم". ( رومية 8/ 28) بعد هذا الإنتصار، لم ينم أنطونيوس على حرير ناعم بل ضاعف جهاده وإماتاته وصلواته، يقمع جسده، لأنـَّه كان عالمًا أنَّ عدوَّه، بدوره، لا ينام. بل يعدّ العدَّة لهجوم أقوى وأعنف، متذكـِّرًا كلمة القدِّيس بطرس في رسالته الأُولى: "إنَّ إبليس خصمكم، كالأسد الزَّائر، يرود حواليكم، في طلب فريسة له. فدافِعوا راسخين في الإيمان، عالمين أنَّ إخوتكم المنتشرين في العالم يعانون الآلام نفسها". عِيلَ صبر الشَّيطان وخاف أن تصبح هذه البراري عامرة بالمؤمنين والمقتدين بالقدِّيس. فاستدعى عددًا كبيرًا من أعوانه وتراموا على القدِّيس يسومونه لطمًا شديدًا ويوسعونه عذابًا أليمًا حتى أمسى جسده مجرَّحًا مهشَّمًا وتركوه مضرجًا بدمائه بين حيٍّ وميت. قال القدِّيس يصف هذه المعركة العنيفة: "أنـَّه تألـَّم آلاماً تفوق كلّ تصوُّر البشر". لم يَخُر عزمه. بل كان يهتف من حين ٍ إلى آخر بأعلى صوته مخاطبًا إبليس وجنوده: "ها أنا أنطونيوس لم أزل هنا، لا أخشى النـِّزال معكم، إبتلوني بما استطعتم من عذاب، فلا أحد يقدر أن يفصلني عن محبَّة المسيح". وكان يرتـِّل، بغبطة المنتصر، هذه الآية من المزمور: "وإن اصطفَّ عليَّ عسكر فلا يخاف قلبي لأنـَّك معي، وإن قام عليَّ قتال ففي ذلك ثقتي" (26/ 33). وعندما شعر إبليس باستخفاف أنطونيوس به وبقوَّاته، احتدم غيظـًا وخاطب أعوانه قائلاً: "أُنظروا كيف أنَّ هذا الشَّابّ قد هزئ بكلّ حَيَلنا ونجا من شباكنا غير مُبال ٍ بنا، حتى بلغت به الجسارة والوقاحة إلى أن يستدعيَنا للنـِّزال مرَّة أُخرى. فهبُّوا بنا نحمل عليه ببأس أشدّ". فضجُّوا ضجَّة عظيمة إرتجَّت لها جوار المغارة وجدرانها ودخلوا إليه بأعداد كبيرة يتظاهرون بأشكال حيوانات مفترسة مريعة وأشباه شتـَّى من أُنس وجنس. وأنطونيوس ثابت رغم شدَّة آلامه، لا يخاف عدوًّا جبانـًا، إشارة صليب تطرده ولفظ إسم يسوع يدحره، ولا يهاب الموت في سبيل مَن مات لأجله ومَن ملأ قلبه وامتلك عليه كل كيانه. رأى يسوع أنَّ خادمه الأمين جاهد جهاد الأبطال في معركة التـَّجارب، فجاء إلى نصرته. وإذا بنور سماويّ ساطع من أعلى المغارة قد نزل واستقرَّ على القدِّيس. فخُزِيَ الشَّيطان وهرب مولولاً. فعرف القدِّيس أنَّ يسوع قد أتى إلى نصرته، فصرخ من أعماق قلبه: "ربِّي وإلهي؛ أين كنتَ؛ لماذا لم تأتِ لتساعدني وتضمِّد جراحي؟". فسمع صوتـًا يقول له: "لقد كنتُ هنا يا أنطونيوس حاضرًا أنظر إلى نهاية جهادك. قد حاربتَ ببسالة وانتصرتَ على عدوِّك. فإنـِّي أعضدك بعوني دائمًا وأُذيع اسمك في المسكونة كلـِّها". وهذا ما صار بالحقيقة، لأنَّ اسم أنطونيوس قد انتشر في الدُّنيا وعجائبه ملأت الكنيسة والعالم. لقد تعزَّى أنطونيوس لدى سماعه هذه الكلمات الحلوة من فم المسيح؛ وراح قلبه يخفق فرحًا وحبورًا. فنسيَ كلّ آلامه وأوجاعه والتأمت جراحه وازدادت قواه حميَّة وخرَّ على ركبتيه ساجدًا شاكرًا الله على نعمة الثـَّبات ونعمة الانتصار في معركة التـَّجارب الصَّعبة والمصيريَّة. فنشُط َ إلى الصَّلاة بأكثر حرارة وتقوى وبأكثر إيمان ومحبَّة وثبات؛ كأنـِّي به، كلـَّما ازدادت عليه التـَّجارب والمصاعب، أطال في الصَّلاة وازداد شجاعة ومحبَّة، ثباتـًا وقداسة. جرَّب الشِّرِّير أنطونيوس، مثلما جرَّب الشَّعب العبرانيّ ويسوع نفسه. يقول الأب سيداروس: "يظلّ شخص يسوع المثال الأعلى والنـَّموذج الأسمى لمواجهة الشِّرِّير". إنَّ يسوع المسيح القائم من الموت، غلب الشِّرِّير الذي كان يتظاهر بالغلبة، لذلك استطاع أن يقول: "ولكن ثقوا، إنـِّي قد غلبتُ العالم" (يو16/ 33). "إنَّ سيِّد هذا العالم آتٍ وليس له يد عليَّ" (يو14/ 30). "أليوم دينونة هذا العالم، اليوم يُطرَد سيِّد هذا العالم إلى الخارج. وأنا، إذا رُفِعتُ من الأرض جذبتُ إليَّ الـنـَّاس أجمعين" (يو12/ 31- 32). إنَّ يسوع المسيح قد جُرِّبَ في البرِّيَّة، التي أصبحت رمزًا إلى المعركة بين الشِّرِّير والإنسان، وأصبحت موضعًا رمزيًّا لسُكنى الشِّرِّير. لذلك ذهب أنطونيوس إلى البرِّيَّة، فكأنَّ به يذهب لمواجهته في عقر داره. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 69356 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() إنَّ يسوع المسيح القائم من الموت، غلب الشِّرِّير الذي كان يتظاهر بالغلبة، لذلك استطاع أن يقول: "ولكن ثقوا، إنـِّي قد غلبتُ العالم" (يو16/ 33). "إنَّ سيِّد هذا العالم آتٍ وليس له يد عليَّ" (يو14/ 30). "أليوم دينونة هذا العالم، اليوم يُطرَد سيِّد هذا العالم إلى الخارج. وأنا، إذا رُفِعتُ من الأرض جذبتُ إليَّ الـنـَّاس أجمعين" (يو12/ 31- 32). إنَّ يسوع المسيح قد جُرِّبَ في البرِّيَّة، التي أصبحت رمزًا إلى المعركة بين الشِّرِّير والإنسان، وأصبحت موضعًا رمزيًّا لسُكنى الشِّرِّير. لذلك ذهب أنطونيوس إلى البرِّيَّة، فكأنَّ به يذهب لمواجهته في عقر داره. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 69357 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() القديس مار أنطونيوس أنطونيوس والعلم لم يتعلـَّم أنطونيوس في كتاب المدرسة، بل كان كتابه الدَّائم الطـَّبيعة. ولمَّا كان يرى بسليم فطرته، أنَّ حياته لتسلم من خطر إذا تعلـَّم قراءة الكتب التي يُدَسّ فيها كثير من الأباطيل، آثر أن يكون أُمِّيًّا يعرف أن يحبّ الله ويتحدَّث معه بسذاجة الطـِّفل، مكتفيًا بلغة المسيح وعلمه، على أن يكون فيلسوفـًا، قال: "تعلـَّم الإنسان كثيرًا أو لم يتعلـَّم شيئًا، عمَّر طويلاً أو قصيرًا، لا فرق في ذلك، المهمّ هو أن يهتمّ الإنسان بأن يُرضي الله ويبلغ الغاية الأخيرة ويرث الملكوت السَّماويّ". على أنَّ الله أعاضه عمَّا فاته من العلم البشريّ بذكاء فطري وبنعمة العلم والفهم بمجرَّد السَّماع والنـَّظر والتأمُّل في الطـَّبيعة وأسرارها، ما فاق به علماء عصره. ومن أقواله الحلوة: "العالم عند الذين لا يرَونَ فيه إلاَّ الله كتاب كبير يجعلهم سريعًا علماء في علم القدِّيسين". |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 69358 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() القديس مار أنطونيوس قال القدِّيس أُغوسطينوس: "إنَّ أنطونيوس الرَّاهب المصريّ الذي كان رجلاً قدِّيسًا كاملاً، قد تعلـَّم عن ظهر قلب كلّ الكتب المقدَّسة لمجرَّد سماعه الآخرين يقرأونها، وقد فهم كنه معانيها بالتأمُّل والإفتكار فهمًا مليًّا". وأخبر عنه معاصره القدِّيس أتناسيوس، قال: "سأله فيلسوف ذات يوم إذا كان يستولي عليه الضَّجر لعدم السَّلوى التي يُدركها الآخرون بمطالعة الكتب؟" فأجابه القدِّيس:" إنَّ لي بالطـَّبيعة خير كتاب". واستهزأ به مرَّة أُخرى لجهله العلوم. فسأله أنطونيوس ببساطة: "هل العلوم أوجدت العقل أم هو أوجدها؟" فأجاب الفيلسوف: "إنَّ العقل أوجدها". فقال القدِّيس: "إذًا يكفيني العقل؛ فما حاجتي إلى العلم". وتابع قائلاً: "يخوض اليونان غمار البحار سعيًا وراء العلوم، ناشدين في نواح ٍ شاسعة غريبة أساتذة يتخرَّجون عليهم في طلب المعارف الباطلة. أمَّا نحن، فلا حاجة لنا أن نذهب إلى أماكن بعيدة لأنَّ ملكوت الله في كلّ مكان وفي داخلنا". نعم، إنَّ عصرنا لا يتقبَّل بسهولة هذا المنطق. ولكن للقدِّيسين منطق آخر أسمى وأرفع يفوق منطق البشر. إنَّ تلاميذ المسيح كانوا أُمِّيِّين؛ فأفحموا بعلم الله فلاسفة الدُّنيا وعلماءها. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 69359 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() القديس مار أنطونيوس أنطونيوس وتلاميذه المسيح كان يعلـِّم بالأمثال وبالمثل قبل الكلام. هكذا أنطونيوس تتلمذ له عدد كبير من محبِّي الخلوة والصَّمت. فأخذ يدرِّب خطاهم الفتيَّة في طريق الكمال الإنجيليّ ويفرغ في قلوبهم وعقولهم وذاكرتهم ما جمعه هو من قلب الله في قلبه وعقله وذاكرته، نزولاً عند رغباتهم، قال: "تقترحون عليَّ اقتراح الأبناء على أبيهم أن اُرشدكم في ما تعملون أو ما به ترتابون، فأُجيب: "إنَّ التـَّجارب الطـَّويلة علـَّمتني" . فلا أحد منكم يتضجَّر، بل فليثبت في عزمه قائلاً: "الآنَ ابتدأت، متأمِّلاً أنَّ حياة الإنسان قصيرة جدًّا وليست شيئًا إزاء الأبديَّة". لذلك، فالقدِّيس أنطونيوس يُدعى بكلّ حقّ منشئ الحياة الرُّهبانيَّة الجماعيَّة وأوَّل واضعِي القوانين الرُّهبانيَّة. قال القدِّيس أيرونيموس: "إنَّ القدِّيس أنطونيوس هو رئيس السِّيرة النـُّسكيَّة الرُّهبانيَّة وأوَّل مَن جمع عددًا من النـُّسَّاك ليرتـِّلوا تسابيح الرَّبّ معًا بأصوات الفرح والتـَّهليل". ومن أهم ما علـَّمه لتلاميذه: |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 69360 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() القديس مار أنطونيوس أهمِّيَّة الكتاب المقدَّس قال: "الكتاب المقدَّس هو نور هادٍ وكاف ٍ لينير عقلنا ويقدِّس نفوسنا ويسدِّد خطايانا نحو البرّ والقداسة والسّعادة. وهو غذاء للنـَّفس وينبوع تجري منه مياه النـِّعمة للحياة الأبديَّة. كيف لا وهو كلام الله الذي قال أنا الطـَّريق والحقّ والحياة؛ وأنا الرَّاعي الصَّالح؛ تزول الدُّنيا وحرف واحد من الـنـَّاموس لا يزول". لهذا السَّبب كان الإقبال كبيرًا على مطالعة الكتاب المقدَّس الذي صار سمير النـُّسَّاك في البراري والمغذي والمعزِّي في القفار والطـَّبيب في الأوجاع وعربون السَّعادة في المجد الآتي. كم نحن اليوم بحاجة إلى مطالعة الكتاب المقدَّس لأنَّ لنا به الهداية ونموّ الحياة الرُّوحيَّة. |
||||