![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 68461 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() يُوسُفُ آلامه في أحلى سنوات شبابه المدة طالت والضغوط زادت، لم يجد إجابة من الرب تسعفه وتطمئنه، وصمت السماء كان سببًا في مزيد من حيرته. ساءت به الأحوال وزادت أحزانه، طال انتظاره وخابت توقعاته وآماله. لبس ثياب السجن، وأكل طعام السجن، وعايش المساجين وهو البريء. الشيء الذي خفَّف عنه أنه كان يواجه التجارب بضمير هادئ ومستريح أنه لم يفعل خطية وأنه في المشيئة الإلهية. ظل يخدم المساجين ويخفِّف عنهم رغم أحزانه. كان معه ساقي ملك مصر وخبازه اللذان أذنبا إلى سيدهما ملك مصر، وحلم كلاهما حُلمًا في ليلة واحدة. رآهما مغتمين فسألهما عن السبب. قالا له: «حَلُمْنَا حُلْمًا وَلَيْسَ مَنْ يُعَبِّرُهُ». وبتلقائية تامة قال لهما: «أَ لَيْسَتْ للهِ التَّعَابِيرُ؟ قُصَّا عَلَيَّ». لم يفقد الثقة في الله ولا في الأحلام، مع أن تجربته كانت مفشلة للغاية في هذا الشأن. فسََّر الحلم للساقي وبشَّره بالأخبار السارة أنه بعد ثلاثة أيام سيرفع فرعون رأسه ويرده إلى مقامه ليعطي الكأس في يد فرعون. وبتلقائية، عشم فيه أن يذكره لفرعون ليخرجه من الحبس، ولم يكن هذا أمرًا عسيرًا أو مُكلفًا. لم يذكر شيئًا عن إخوته ولا عن امرأة فوطيفار، بل كل ما قاله أنه سُرق من أرض العبرانيين، وأنه في مصر لم يفعل شيئًا حتى وضعوه في السجن. وعده الساقي بالوفاء لكنه بالأسف لم يفعل، ولم يذكره بل نسيه (تك40). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 68462 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() يُوسُفُ ظن في ضعفه الإنساني، بعد أن مضت عليه إحدى عشرة سنة، أن الرب قد تركه والسيد قد نسيه، فلجأ إلى المعونة البشرية، وكان بالحقيقة مظلومًا ومهجورًا، لكنه تعلم أنه لا نفع يُرجى من عون إنسان، وأنه باطلٌ هو خلاص الإنسان. حَلَّ به الإحباط، وانتُزع كل رجاء في النجاة. لكنه عاد ينتظر المواقيت الإلهية، مُسلِّمًا نفسه بين يدي الرب الحانيتين، واثقًا أن الأمور دائمًا بين يديه. كان يصرخ من الذل، وكانت الإجابة مزيدًا من الذل إلى وقت مجيء كلمته. وحدث من بعد سنتين من الزمان، أي بعد أن صار له ثلاث عشرة سنة في الذل والحرمان، أن الرب أشرف بنفسه على الأحداث وحرَّك الأمور لصالح يوسف، وكان ذلك من خلال حُلم فرعون. والساقي الذي نسيه بعد يومين تذكَّره بعد سنتين. أسرعوا به من السجن ليعتلي العرش، وتبدأ سنوات الرفعة والمجد والإكرام الإلهي على غير توقّع، ويظهر أن الله حقيقة حيّة، وأنه يرى ويجازي، وأنه يعمل الكل حسنًا في وقته، ويجعل كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبونه. وفي النهاية استطاع أن يقول: «اللهَ أَنْسَانِي كُلَّ تَعَبِي وَكُلَّ بَيْتِ أَبِي»، بل إن «اللهَ جَعَلَنِي مُثْمِرًا فِي أَرْضِ مَذَلَّتِي» (تك51:41، 52). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 68463 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() يا سيدتي ووالدة إلهي مريم الطوباوية، أن مسكيناً مقرحاً بالجراح مستكرهاً منظره يتقدم أمام ملكةٍ عظيمة الجلالة. فأنا هو هذا المسكين، وقد أمتثلت أمامكِ أنتِ التي هي ملكة السماوات والأرض، متوسلاً لديكِ بألا تكرهي أن تنظري اليَّ من علو السدّة التي أنتِ جالسةٌ فوقها، بل أرمقيني بعين رأفتكِ أنا العبد الخاطئ الذليل، فأنما الله قد جعلكِ غنيةً لكي تسعفي البائسين، وأقامكِ ملكةً للرحمة ليمكنكِ أن تترأفي على الأشقياء التعيسين، فأنظري إذاً اليَّ، وأشفقي عليَّ، لاحظيني بطرف رأفتكِ، ولا تتركيني ألمَّ تنقليني من حال كوني خاطياً الى حال القداسة. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 68464 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() يا سيدتي أم النور أنا أعلم ذاتي يقيناً أنني لا أستحق شيئاً من ذلك، بل بالأحرى أنني مستأهل لأجل عدم معرفتي جميل المحسن اليَّ، أن أعرى من النعم كلها التي حزتها من الرب بواسطتكِ. ولكن من حيث أنكِ أنتِ هي ملكة الرحمة، فلا تفتشين ولا تطلبين استحقاقاتٍ، بل تفحصين عن الأشقياء المهملين لكي تسعفيهم: فترى من هو أكثر مني احتياجاً وأشد مني شقاوةً* |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 68465 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() أنا أعلم أيتها البتول العالية الشأن، أنكِ بحسب كونكٍ ملكة المخلوقات بأسرها، فأنتِ هي ملكتي أنا أيضاً. الا أنني أريد بنوعٍ أخص وأشد التزاماً أن أكرس ذاتي بجملتي لخدمتكِ وعبادتكِ، لكي تتصرفي بي حسبما تشاءين وتريدين. ومن ثم أتفوه نحوكِ بكلمات القديس بوناونتورا قائلاً: أنني أريد أن أسلم ذاتي لولايتكِ أيتها السيدة لكي تعضديني وتدبري أحوالي كلها، وأن لا تتركيني على هواي: فعينيني أنتِ يا ملكتي وأحفظيني ولا تهمليني على هوى نفسي، أمريني وأستخدميني كما ترومين، بل عاقبيني أيضاً بالتأديب حينما لا أسلك ضمن حدود الطاعة لكِ، لأن القصاصات التي تأتيني من يدكِ هي مفيدةٌ خلاصيةٌ لي في الغاية، فأنا أفضل حال كوني عبداً لكِ، وأعتبره أشرف لي من أن أكون متملكاً على الأرض كلها، أنا لكِ فخلصيني. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 68466 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() أيتها البتول أقبليني خاصتكِ، وبحسب أنني أنا لكِ فأنت أفتكري في أن تخلصيني. فأنا لا أريد بعد الآن أن أكون لذاتي، بل أنني أهبكِ نفسي وأن كنت فيما مضى قد خدمتكِ بئس الخدمة. لأني أهملت الفرص والموضوعات المفيدة التي كان يمكنني أن أكرمكِ بها، فأرغب منذ الآن فصاعداً أن أتحد مع عبيدكِ المتمسكين بحبكِ أشد تمسكاً، والمستحرين في عبادتكِ أكثر حرارةً، بل لا أرتضي بأن أحداً منهم يسبقني في تكريمكِ وحبه لكِ أيتها الأم ملكتي المحبوبة في الغاية. فهكذا أعد وكذلك أرجو أن أتمم وعدي بواسطة معونتكِ آمين* |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 68467 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() في كم ينبغي أن يكون رجاؤنا وطيداً في مريم البتول* * بنوع أفضل، من حيث أنها هي أمنا* أنه ليس من دون أفادةٍ ولا بطريق العرض تدعى مريم البتول من عبيدها بتسمية أمٍ لهم، ويبان كأنهم لا يعرفون أن يستدعوها بتسميةٍ غير هذه، بل ولا يشبعون من تكرارها في أفواههم، وذلك بكل صوابٍ، لأن هذه القديسة الجليلة هي حقاً أمنا لا الطبيعية بل الروحية، أي هي حقيقةً أمٌ لأنفسنا ولسعادتنا الأبدية. فالخطيئة حينما أعدمت أنفسنا نعمة الله قد أعدمتها في الوقت عينه الحياة الروحية. فمن ثم اذ بقيت أنفسنا على هذه الصورة مائتةً بتعاسةٍ عظيمة قد جاء يسوع مخلصنا، وبرأفةٍ وحبٍ عديم الادراك قد أسترد لنا الحياة التي كنا فقدناها. مكتسباً لنا إياهابواسطة موته من أجلنا على خشبة الصليب. حسبما قال هو تعالى نفسه: فأما أنا فأتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل: (يوحنا ص10ع10) على أن يسوع المسيح. كما يبرهن اللاهوتيون، قد جلب علينا خيراتٍ أعظم وأفضل بواسطة سرّ الافتداء الذي صنعه، مما قد جلبت علينا خطيئة آدم من الخسران. وهكذا اذ قد صالحنا تعالى مع الله أبيه. فصار أباً لأنفس الذين هم في شريعة النعمة، بالنوع الذي سبق النبي أشعيا وتنبأ عنه مسمياً إياه أبا العالم الآتي، رئيس السلام: (أشعيا ص9ع6) فان كان يسوع هو أباً لأنفسنا، فمريم هي أمٌّ لها، لأنها اذ أعطتنا يسوع فأعطتنا الحياة الحقيقية. واذ قدمت فيما بعد على جبل الجلجلة ابنها، ابنها الحبيب من أجل خلاصنا. فقد ولدتنا حينئذٍ لحياة النعمة الإلهية* |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 68468 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() ففي زمنين اذاً حسب أقوال الآباء القديسين قد أضحت مريم البتول أماً روحيةً لنا. فالزمن الأول هو حينما أستحقت هي أن تحبل في أحشائها البتولية بإبن الله كما يقول الطوباوي ألبرتوس الكبير وبأكثر أتساعٍ يتكلم عن ذلك القديس برنردينوس السياني بقوله (في الخطبة السادسة المختصة بالبتول القديسة): أن هذه العذراء المجيدة عندما بشرها ملاك الرب بالحبل الإلهي، وهي أعطت رضاها المنتظر من الكلمة الأزلي بأن يصير أبناً لها، فمنذ تلك الساعة قد التمست هي من الله خلاصنا بحبٍ فائق الادراك، وأخذت تجتهد من ذلك الوقت في أمر فدائنا وأستنقاذنا بهذا المقدار، حتى أنها حوتنا في مستودعها نظير أمٍ كلية الانعطاف والحب: ثم أن القديس لوقا الانجيلي يقول في الاصحاح الثاني من بشارته اذ يخبر عن ميلاد مخلصنا، أن مريم قد ولدت أبنها البكر، فهنا يتفلسف حسناً أحد العلماء بقوله، فاذاً أن كان الانجيلي يعلن لنا أن مريم البتول قد ولدت حينئذٍ ابنها البكر، فيلزم أن يفترض أنها قد ولدت بعد ذلك أولاداً آخرين، والا لما كان سُمي يسوع ابنها البكر والحال أنها لقاعدةً من قواعد الايمان هي أن مريم العذراء لم يكن لها ابن آخر بالجسد سوى يسوع. ولم تلد قط جسدياً أبناً آخر غيره، فاذاً يلزمها أن تكون حصلت على أولادٍ آخرين روحيين. وهؤلاء البنون أنما هم نحن أجمعون، وهذا الأمر نفسه قد أعلنه الرب لعبدته القديسة جالترودة التي اذ كانت يوماً تقرأ النص الانجيلي المتقدم ذكره قد حصلت مبهوتةً، لأنها لم تكن تعلم أن توفق هذين الشيئين معاً، وهما أن مريم العذراء لم تكن أُماً سوى ليسوع المسيح فقط، فكيف اذاً هذا الأبن الوحيد أن يدعى أبنها البكر، فالباري تعالى قد تنازل لأن يفسر لها ذلك بأن يسوع هو ابن هذه البتول البكر بحسب الجسد، والبشر هم أولادها الثانين بحسب الروح* |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 68469 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() في العدد الثاني من الاصحاح السابع من سفر النشيد عن مريم العذراء وهي: جوفكِ عرمة حنطة مسيَّجة بالسوسن: فيشرح ذلك القديس أمبروسيوس (في ارشاده عن البتولية) قائلاً: أنه ولئن لم يكن يوجد في جوف مريم البتول الكلي الطهر، الا حبةٌ واحدةٌ فقط من الحنطة وهذه الحبة هي يسوع المسيح، فمع ذلك يقال عن جوفها أنه عرمة حنطة، من حيث أنه في تلك الحبة الوحيدة قد كان يوجد المختارون أجمعون، الذين قد كانت مريم مزمعةً أن تصير هي أُمهم: ومن ثم كتب الأنبا غوليالموس (في العدد13 من الرأس4 على سفر النشيد): أن مريم بميلادها يسوع الذي هو مخلصنا وحياتنا قد ولدتنا كلنا للخلاص وللحياة* |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 68470 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() قد تبننت بنا هذه القديسة وصارت هي فيه أمنا، اذ ولدتنا بالنعمة، فهو حينما قدمت للآب الأزلي عند جبل الجلجلة ابنها الحبيب من أجل خلاصنا بآلامٍ شديدة المراس. ولذلك يبرهن القديس أغوسطينوس (في الرأس6 على البتولية) بأنه اذ كانت هذه الأم الإلهية قد ساعدت حينئذٍ مشتركةً بالعمل بواسطة حبها، لكي يولد المؤمنون لحياة النعمة فقد صارت لأجل ذلك أيضاً أماً روحيةً لنا أجمعين نحن الذين هم أعضاءٌ لرأسنا الذي هو يسوع المسيح، وهذا هو تفسير ما يقال في العدد السادس من الاصحاح الأول من سفر النشيد عن هذه الطوباوية هكذا جعلوني في الكرم حافظةً، وما حفظت كرمي. على أن مريم لأجل خلاص أنفسنا قد أرتضت بأن تقرب حياة إبنها الحبيب ضحيةً بالموت كما يقول عنها غوليالموس: أنها لكي تصنع الخلاص لأنفس كثيرة العدد قد قدمت هي نفسها للموت. |
||||